You are on page 1of 19

‫ص‪ ١٥‬الى ص‪٧١‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مفهوم الرعاية االجتماعية وخصائصها‬


‫• مفهوم الرعاية االجتماعية والعالقة بينها وبني الخدمة االجتماعية‬
‫• نماذج الرعاية االجتماعية »كمفهوم جديد لتفسير مفهوم الرعاية االجتماعية«‬
‫• فلسفة الرعاية االجتماعية‬
‫• إطار تصوري مقترح للرعاية االجتماعية‬
‫• أهداف الرعاية االجتماعية ووظائفها‬
‫• املنظمات العاملية ودورها في الرعاية االجتماعية‬
‫________________________________________________________________________________‬
‫أوال‪ :‬مفهوم الرعاية االجتماعية‬
‫على الرغم من االتفاق على قدم الرعاية االجتماعية منذ وجد اإلنسان إال أن هذا االتفاق لم يواكبه اتفاق على تحديد‬
‫مفهوم الرعاية االجتماعية شكالً ومضمونا ً ويرجع ذلك إلى حداثة العهد بالدراسة العلمية للرعاية االجتماعية إلى جانب‬
‫تعدد املجاالت التطبيقية لها واختالف مضمونها باختالف املجتمعات التي نشأت فيها وتأثرها بفلسفة وأيديولوجية تلك‬
‫املجتمعات والتي على أساسها تختلف البرامج واألساليب والفئات التي تخدمها وفقا ً الختالف األسس النظرية التي‬
‫تعتمد عليها الرعاية االجتماعية وأخيرا ً صعوبة وضع مفهوم محدد للظواهر االجتماعية التي تنصب عليها تلك الرعاية ملا‬
‫تتسم به تلك الظواهر من طبيعة مركبة وديناميكية‪.‬‬
‫وفيما يلي سنحاول توضیح املفهوم اللغوي للرعاية االجتماعية ثم مفهوم الرعاية االجتماعية قديما‬
‫فاملفهوم الحديث لها من خالل عرض تعاريف الرعاية االجتماعية باملفهوم اللغوي الرعاية االجتماعية؟‬
‫‪ -١‬املفهوم اللغوي للرعاية االجتماعية‪:‬‬
‫يشير املفهوم اللغوي للرعاية كما جاء في لسان العرب أنه مشتق من )رعی( )راع(‪ ،‬وأن الراعي مصدر رعى الكأل ونموه‪،‬‬
‫ويقال رعى األمير رعيته أي ساسها وتدبر شئونها ورعي األمر أي حفظه‪.‬‬
‫ولذا فإن مصطلح الرعاية لغويا ً مشتق من رعی يرعی أو بمعنى الحفظ أو الكفالة أو املسئولة االجتماعية ويقال كل راع‬
‫مسئول عن رعيته بمعنى الواجب االجتماعي والسلطة في تدبير األمر‪.‬‬
‫‪ -٢‬مفهوم الرعاية االجتماعية قديما ً‪:‬‬
‫ارتبط مفهوم الرعاية االجتماعية قديما ً على أساس ما يقوم به اإلنسان ملساعدة أخيه اإلنسان في وقت الشدة والتي‬
‫عجزت قدراته الشخصية عن مواجهة احتياجاته مثل رعاية فئات املسنني واليتامى واألرامل‪.‬‬
‫أي أنها ارتبطت بنوع من اإلحسان من القادرين لغير القادرين دون أن تكون منظمة أو مسئولية للمجتمع ومنها أوجه‬
‫ومظاهر الرعاية االجتماعية املتضمنة نظم اإلحسان في الحضارات القديمة وهي مرحلة اإلحسان غیر املنظم واملساعدات‬
‫التلقائية والتي قامت على أساس الوازع الديني والنزعة الفطرية التلقائية للمساعدة وفعل الخير من األفراد لبعضهم‬
‫البعض‪.‬‬
‫ولقد ظل هذا الشكل من الرعاية سائدا ً لفترة طويلة وتباينت مظاهر الرعاية قوة وضعفا من مجتمع آلخر واقتصر األمر‬
‫غالبا ً في كل منها على إشباع الحاجات األساسية وامللموسة والتي غالبا ما كانت تأخذ شكل املعونات العينية واملادية‬
‫كاملأكل وامللبس من القادرين إلى املحتاجني ولكنها في كل األحوال كانت تتسم بعدم التنظيم وعدم الكفاية بالرغم مما‬
‫فيها من مظهر العون واملساعدة‪.‬‬
‫ومما يميز ذلك اللون من الرعاية عدم تدخل الدولة في تنظيمه وغلبة الوازع الديني أو اإلنساني لتدعيم ذلك اللون من‬
‫الرعاية وذلك لتحقيق التضامن االجتماعي وتوفير الترابط والتوافق واالنسجام بني سكان املجتمع‪.‬‬
‫‪ -٣‬مفهوم الرعاية االجتماعية حديثا ً‪:‬‬
‫بعد أن بدأت الدول الحديثة تهتم بتوفير الحقوق األساسية للمواطنني‪ ،‬وإقرار وثيقة حقوق اإلنسان عام ‪ 1948‬وما‬
‫أوضحته تلك الوثيقة في املادة )‪ (۲۲‬من أحقية كل فرد في املجتمع في الضمان االجتماعي والحصول على حاجته‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي ال غنى عنها لكرامته‪ ،‬وفي املادة )‪ (۲۳‬من أن لكل فرد الحق في أن يعيش في‬
‫مستوى يكفل له وألسرته الصحة والرفاهية وله الحق في الضمان في حالة مرضه وعجزه وترمله وشيخوخته وفي الحاالت‬
‫التي يفقد فيها وسائل معيشته ألسباب خارجة عن إرادته‪.‬‬
‫ومن هنا تغير مفهوم الرعاية االجتماعية خاصة بعد أن عقدت املؤتمرات املحلية والدولية والعاملية لتأكيد حقوق املواطنني‬
‫في كافة املجتمعات بحيث أصبحت الرعاية االجتماعية حقا من الحقوق األساسية التي يكفلها أي مجتمع ملواطنيه‪.‬‬
‫ولقد عرفت هيئة األمم املتحدة الرعاية االجتماعية‪ ،‬بأنها نسق منظم للخدمات االجتماعية واملؤسسات ينشأ ملساعدة‬
‫األفراد والجماعات لتحقيق مستويات مالئمة للمعيشة والصحة‪ ،‬وهي تستهدف العالقات الشخصية واالجتماعية التي‬
‫تسمح لألفراد بتنمية أقصى قدراتهم وتحقيق تقدمهم حتى يتوافقوا مع حاجات املجتمع‪ .‬ويتضح من هذا التعريف‬
‫الحقائق اآلتية‪ :‬هي‪:‬‬
‫‪ -١‬أن خدمات الرعاية االجتماعية تعتمد على التخطيط العلمي‪.‬‬
‫‪ -٢‬تهدف الرعاية االجتماعية إلى تحقيق مستوى أفضل ملعيشة األفراد والجماعات واملجتمعات‪.‬‬
‫‪ -٣‬تساعد برامج الرعاية االجتماعية على توفير الفرص لتنمية قدرات الفرد وإمكانياته‪.‬‬
‫ومن هنا ظهرت عدة تعاريف حديثة للرعاية االجتماعية ومنها‪:‬‬
‫التعريف األول‪ :‬تعريف ) فريد الندر (‪:‬‬
‫الرعاية االجتماعية نسق منظم من الخدمات واألجهزة التي يتم إعدادها ملساعدة األفراد والجماعات على تحقيق‬
‫مستويات مناسبة للصحة واملعيشة ولتدعيم العالقات الشخصية واالجتماعية بما يمكنهم من تنمية قدراتهم وتحسني‬
‫مستوى حياتهم بما يتمشى مع احتياجاتهم ومجتمعاتهم‪.‬‬
‫التعريف الثاني‪ :‬تعريف ) ليندمان (‪:‬‬
‫هي مجموعة من الخدمات والبرامج التي تقدمها الدولة نحو فئات معينة من األفراد أو الجماعات ممن يحتاجون إلى‬
‫ضروریات الحياة األساسية أو يحتاجون إلى الحماية سواء كانوا أفرادا ً أو أسراً‪ ،‬وخاصة من يشكل سلوكهم تهديدا ً‬
‫لرفاهية املجتمع‪.‬‬
‫التعريف الثالث‪ :‬تعريف ) عبد املنعم شوقی (‪:‬‬
‫هي تنظيم يهدف إلى مساعدة اإلنسان على مقابلة احتياجاته الذاتية واالجتماعية‪ ،‬ويقوم هذا التنظيم على أساس تقديم‬
‫الرعاية عن طريق الهيئات واملؤسسات الحكومية واألهلية‪.‬‬
‫التعريف الرابع‪ :‬تعريف ) أحمد كمال أحمد (‪:‬‬
‫هي هذا الكل من الجهود والخدمات والبرامج املنظمة الحكومية واألهلية والدولية والتي تساعد هؤالء الذين عجزوا عن‬
‫إشباع حاجاتهم الضرورية للنمو والتفاعل اإليجابي معا ً في نطاق النظم االجتماعية القائمة لتحقيق أقصى تكيف ممكن‬
‫مع البيئة االجتماعية‪.‬‬
‫التعريف الخامس‪ :‬تعريف ) روبرت موريس (‪:‬‬
‫هي كافة الجهود التي تقدمها املؤسسات الحكومية وغير الحكومية لتخفيف حدة الفقر أو األلم عن الناس املحتاجني‬
‫للمساعدة أو غير القادرين على إشباع حاجاتهم األساسية بجهودهم الذاتية أو بمساعدة أسرهم‪.‬‬
‫التعريف السادس‪ :‬تعريف )محمد خيري محمد(‪:‬‬
‫هي عبارة عن وظيفة للتنظيم االجتماعي واالقتصادي للمجتمع وتعني الوظيفة هنا تقديم الخدمات املختلفة لألفراد‬
‫والجماعات مثل‪ :‬الخدمات التعليمية والطبية والعمرانية واالجتماعية‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫التعريف السابع‪ :‬تعريف )محمود حسن(‪:‬‬
‫هي مجموعة الجهود التي تبذلها الحكومة والهيئات واملؤسسات الخاصة لكي يتمكن الفرد من التكيف اإليجابي مع البيئة‬
‫التي يعيش فيها تكيفا ً ُيهيء له قسطا ً من الراحة الجسمية والنفسية ويتحقق ذلك عن طريق استخدام األساليب والوسائل‬
‫التي صمم من أجل تمكني األفراد والجماعات واملجتمعات من مقابلة حاجاتهم وحل مشكالتهم‪.‬‬
‫ولكن ما أوجه التشابه بني الرعاية االجتماعية والخدمة االجتماعية؟ وبمعنى آخر ما العالقة بني الرعاية االجتماعية‬
‫والخدمة االجتماعية‬
‫العالقة بني الرعاية االجتماعية والخدمة االجتماعية‪:‬‬
‫إن الرعاية االجتماعية‪ ،‬شأنها في ذلك شأن األنظمة األخرى في املجتمع‪ ،‬قد تطورت بتطور املجتمعات والعصور‪.‬‬
‫على أن من أبرز االتجاهات التي تبلورت من خالل هذا التطور هو االتجاه نحو األخذ باألساليب العلمية في التصدي‬
‫ملشاكل الناس‪ ،‬في التعرف على هذه املشاكل وإيجاد الحلول لها‪ ،‬وكان هذا هو األساس في نشأة الخدمة االجتماعية‪.‬‬
‫وهكذا ساهمت التطورات التي مرت بها الرعاية االجتماعية في نشأة مهنة إنسانية حديثة تأخذ باألساليب العلمية في‬
‫عالج مشاكل الناس في املجتمع‪ ،‬على أن تقتصر ممارسة هذه املهنة على املتخصصني فيها والذين تلقوا من الدراسات‬
‫النظرية والتدريبات العملية ما يؤهلهم لهذا العمل‪.‬‬
‫وهكذا تصبح العالقة وثيقة للغاية بني الرعاية االجتماعية والخدمة االجتماعية‪.‬‬
‫إن الخدمة االجتماعية تاريخيا ً قد نشأت من خالل التطورات التي مرت بها الرعاية االجتماعية‪ ،‬وظلت الخدمة االجتماعية‬
‫مرتبطة بالرعاية االجتماعية على اعتبار أنها املهنة التي تستطيع أن تقود الرعاية االجتماعية نحو تحقيق أهدافها‪.‬‬
‫حقيقة إن الرعاية االجتماعية بطبيعتها مجال مفتوح لكثير من األنشطة والخدمات‪ ،‬كل يساهم من زاوية خاصة‪،‬‬
‫ولكن الخدمة االجتماعية هي املهنة األساسية التي تلعب الدور القيادي في هذا املجال‪.‬‬
‫ولعل الصلة بني الخدمة االجتماعية كمهنة وبني الرعاية االجتماعية کمجال تطبيقي لها تشبه إلى حد كبير الصلة بني‬
‫مهنة الطب وبني الرعاية الصحية‪ ،‬فإذا كانت مهنة الطب هي املهنة األساسية ذات الدور القيادي في املجال الصحي‪،‬‬
‫فإن ذلك ال يمنع من أن مجال الصحة واملرض مجال عريض يتسع لكثير من األنشطة والخدمات حيث تساهم فيه مهن‬
‫وتخصصات أخرى إلى جانب مهنة الطب‪ .‬ولعل نظرة إلى املستشفى الحديث والعاملني به يؤكد هذا االتجاه‪ ،‬كما أن‬
‫النظرة إلى مؤسسة حديثة الرعاية االجتماعية تكشف عن أن األخصائي االجتماعي عادة يعمل كعضو في فريق يضم‬
‫عددا ً من املتخصصني في فروع مختلفة وفقا لطبيعة املؤسسة وأغراضها‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدم يمكن القول بأن الرعاية االجتماعية نظام اجتماعي قديم‪ ،‬أما الخدمة االجتماعية فمهنة‬
‫إنسانية حديثة ال يرجع ظهورها إلى أبعد من أوائل القرن العشرين‪ .‬وإذا كانت الخدمة االجتماعية قد نشأت‬
‫ونمت في إطار املجتمع الغربي‪ ،‬إال أن الدراسة الجادة تكشف عن أصولها وجذورها في التراث اإلسالمي‪ ،‬وقد انتشرت‬
‫الخدمة االجتماعية في كثير من دول العالم ومنها الدول العربية‪ ،‬األمر الذي كان البد وأن يؤدي إلى أن تتأثر ممارسة‬
‫الخدمة االجتماعية‪ ،‬بل وتتأثر أساليب التدريب عليها بثقافة كل مجتمع‪ ،‬ونظمه االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ودرجة نموه‬
‫السياسي‪ ،‬وتطلعات األفراد والجماعات فيه‪ .‬هذه االختالفات اإلقليمية ال تؤثر بطبيعة الحال على جوهر الخدمة‬
‫االجتماعية وما يتضمنه من واملبادئ األساسية باعتبار أن الخدمة االجتماعية تدورل حول محور واحد وهو اإلنسان‪،‬‬
‫وتستهدف مساعدة اإلنسان على تجاوز كل مايحول دون الرفاهية االجتماعية‪ .‬ولقد ارتبطت الخدمة االجتماعية‬
‫نشأتها باإلنسان بحيث أصبح اإلنسان هو الغاية من كل نشاط مهني الخدمة االجتماعية‪.‬‬
‫جملة القول أن الخدمة االجتماعية إذا كانت قد نشأت من خالل التطورات التي مرت بها الرعاية االجتماعية واتجاهاتها‬
‫نحو األخذ باالساليب العلمية في عالج مشاكل الناس‪ ،‬فإن الرعاية االجتماعية قد أصبحت املجال العريض الذي تطبق‬
‫في الخدمة االجتماعية‪ .‬وعليه يمكن تلخيص االتجاهات األساسية في تطور الرعاية االجتماعية وما‬
‫لعبته هذه التطورات من دور في نشأة الخدمة االجتماعية وفي تأصيل العالقات بينهما على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬اتجاه الرعاية االجتماعية في تناولها ملشاكل الناس‪ ،‬وفي منعها لهذه املشاكل أو التخفيف من آثارها في حياة الناس‬
‫إذا لم يكن من سبيل ملنعها‪ ،‬اتجاهها من االجتهادات الشخصية والنوايا الحسنة إلى األخذ باألساليب العلمية في دراسة‬
‫املشاكل وتشخيصها ووضع خطط العالج‪ ،‬وذلك هو جوهر الخدمة االجتماعية في الواقع‪.‬‬
‫فالخدمة االجتماعية كمهنة إنسانية حديثة تقوم على أساس مزدوج من املعارف واألساليب العلمية من ناحية‪ ،‬ومن‬
‫املهارات في وضع هذه املعارف واألساليب موضع التطبيق ملساعدة الناس أفرادا ً أو جماعات أو مجتمعات على مشاكل‬
‫حياتهم الفردية والجمعية في إطار من القيم اإلنسانية واملهنية‪.‬‬
‫‪ -۲‬اتجاه العمل في مجال الرعاية االجتماعية من التطوع إلى التخصص‪ ،‬أو التحول من العمل التطوعي أساسا ً إلى‬
‫العمل املهني إذ لم يعد العمل االجتماعي مجاالً للهواية أو للتطوع يقبل عليه الناس نتيجة لدوافع إنسانية أو نوايا حسنة‪،‬‬
‫ولكنه أصبح عمال مهنيا ً يتطلب التخصص الذي يقوم على الدراسات العلمية النظرية والتطبيقية‪ ،‬وذلك هو األصل في‬
‫نشأة الخدمة االجتماعية‪ .‬ليس معنى ذلك أن نشأة هذه املهنية سيؤدي إلى القضاء على الدوافع اإلنسانية التي تدفع‬
‫الناس إلى البر باآلخرين أو يقضي على التطوع للخدمة االجتماعية‪ ،‬ولكن التطورات االجتماعية التي لحقت باملجتمع‬
‫اإلنساني لم تعد تسمح بترك املشاكل اإلنسانية املعقدة وخاصة في املجتمعات الحضرية الحديثة إلى الدوافع‬
‫اإلنسانية وحدها أو إلى العمل التطوعي وحده‪.‬‬
‫‪ -٣‬التحول التدريجي في مسؤولية الرعاية االجتماعية من القطاع األهلي إلى القطاع الرسمي أو من املؤسسات األهلية‬
‫إلى الدولة بأجهزتها الحديثة‪ .‬إذ أصبحت الدولة مسؤولة بالدرجة األولى عن رعاية املواطنني‪ ،‬وتأمينهم في حاضرهم‬
‫ومستقبلهم‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى النمو املطرد في برامج ومؤسسات و خدمات الرعاية االجتماعية التي تقدمها الدولة في‬
‫املجتمع املعاصر‪ ،‬ومن هنا ظهرت الحاجة إلى فئة متخصصة في العمل االجتماعي الذي يقوم على تطبيق مناهج‬
‫الخدمة االجتماعية ومبادئها وأساليبها‪ .‬ومن هنا ظهر حرص الدولة في املجتمعات املعاصرة على إنشاء الكليات واملعاهد‬
‫واألقسام العلمية التي تدرب األخصائيني االجتماعيني الالزمني لقيادة العمل االجتماعي في الوزارات واملؤسسات العاملة‬
‫في مجال الرعاية االجتماعية على أساس الدراسات النظرية والتدريبات العملية وفقا ً املستويات متعارف عليها دوليا ً إلى‬
‫حد كبير‪.‬‬
‫والواقع أن الخدمة االجتماعية الحديثة تعتبر استجابة ملشاكل اجتماعية واحتياجات إنسانية قديمة قدم املجتمع اإلنساني‬
‫مثل مشاكل الفقر واملرض والشيخوخة والترمل والتيتم والخالفات الزوجية والعجز وعدم التكيف واالنحرافات السلوكية‬
‫والجريمة‪ ،‬هذه وغيرها مشاكل صاحبت املجتمع اإلنساني منذ فجر التاريخ‪ ،‬ولم يقف املجتمع حيالها جامدا ً بل استخدم‬
‫كثيرا ً من األساليب واملناهج ملقابلتها ومقاومتها وعالج ما يترتب عليها من آثار في حياة الناس‪ ،‬غير أن الخدمة‬
‫االجتماعية تختلف من وجوه أساسية عن تلك املناهج واألساليب التي استخدمت قديما ً مما يتطلب تعريفا ً أكثر تفصيالً‬
‫للخدمة االجتماعية للتعرف على ما استحدثته من مناهج وأساليب في مجال الرعاية االجتماعية‪.‬‬
‫إن الخدمة االجتماعية كمهنة إنسانية معاصرة تعد ظاهرة حديثة العهد بالنشأة والتكوين‪ ،‬ولكن ذلك ال يمنع من أن جذور‬
‫هذه املهنة أو بوادرها األولى تمتد في املجتمع اإلنساني إلى املاضي البعيد حيث كانت الدوافع الدينية واإلنسانية‪ ،‬وما‬
‫زالت‪ ،‬تلعب دورا كبيرا في تقديم املساعدات للضعفاء والعجزة واملحتاجني من أفراد املجتمع‪ .‬ولكن هناك اختالفات‬
‫جوهرية بني الخدمة االجتماعية الحديثة وبني بوادرها األولى أو صورها القديمة‪ .‬فقد تطورت الخدمة االجتماعية تطورا‬
‫كبيرة في الحقبة األخيرة‪ ،‬وحققت تقدما ملحوظا في نشاطها املهني‪ ،‬بحيث أصبحت تقوم على أساس علمي في تقديم‬
‫املساعدات لذوي الحاجات من األفراد والجماعات بدال من قيامها فقط على دوافع اإلحسان وحب الخير‪ ،‬وهي الصورة‬
‫التقليدية‪ .‬كما نشأت فئة جديدة من املتخصصني الذين يتلقون من الدراسات النظرية والتدريبات العملية ما يؤهلهم للقيام‬
‫بمتطلبات النشاط املهني في الخدمة االجتماعية‪.‬‬
‫والخدمة االجتماعية بمفهومها املعاصر تهدف إلى مساعدة األفراد والجماعات واملجتمعات على تحقيق أكبر قدر ممكن‬
‫من الرفاهية الجسمية والعقلية واملادية واالجتماعية‪ .‬وفي سبيل تحقيق هذا الغرض استحدثت الخدمة االجتماعية مناهج‬
‫خاصة تختلف في كثير من جوانبها عن املناهج التي تستخدمها بعض املهن األخرى في املجتمع‪ ،‬وعلى األخص تلك‬
‫املهن ذات االتصال بنشاط الخدمة االجتماعية مثل‪ :‬الطب أو املحاماة أو التعليم‪ .‬ومن هذه الناحية يمكن القول بأن‬
‫مناهج الخدمة االجتماعية تتميز بالنظرة الشاملة بمعنى أنها تضع في االعتبار كل العوامل االجتماعية واالقتصادية‬
‫والسيكولوجية والصحية وغيرها من العوامل التي تتفاعل مع بعضها البعض لتؤثر بشكل أو بآخر على حياة الفرد‬
‫واألسرة والجماعة واملجتمع‪ ،‬بينما توجه املهن األخرى نشاطها إلى عامل معني بالذات من هذه العوامل‪ .‬فإذا كانت‬
‫الخدمة االجتماعية تتفق مع كثير من املهن في املجتمع من ناحية املجال العريض الذي تعمل فيه وهو مجال الرعاية‬
‫االجتماعية بمعناها الشامل‪ ،‬فإن املناهج التي تستخدمها تعتبر مناهج خاصة بها نشأت وتطورت بنشأة الخدمة‬
‫االجتماعية وتطورها‪ ،‬وأصبح لها طابع خاص‪.‬‬
‫ومن خالل التطورات التي مرت بها الرعاية االجتماعية يمكن أن نميز بني مفهومني أساسيني هما‪:‬‬
‫‪ -١‬الرعاية االجتماعية كوظيفة مؤقتة‪:‬‬
‫وهنا يتدخل املجتمع من خالل بعض الجهود الحكومية أو األهلية ملساعدة املحتاجني بتوفير الحد األدنى الالزم ملعيشتها‬
‫ومن ثم تقتصر الرعاية االجتماعية في هذه الحالة على بعض الفئات املحتاجة من املجتمع كالفقراء والعجزة واملسنني‬
‫وغيرهم ممن ال يستطيعون کسب العيش واالعتماد على أنفسهم في توفير ما يلزمها والواقع أن بعض البرامج التقليدية‬
‫في الرعاية االجتماعية متأثرة بهذا االتجاه مثل املالجئ واإلصالحيات وبرامج املساعدات املادية ‪.‬‬
‫‪ -٢‬الرعاية االجتماعية كوظيفة دائمة أو إنمائية‪:‬‬
‫هذا الفهم للرعاية االجتماعية يتجاوز حدود مساعدة املحتاجني أن كل املواطنني في املجتمع الصناعي الحديث يحتاجون‬
‫إلى خدمات اجتماعية مختلفة لتنمية قدراتهم على أداء أدوارهم اإلنتاجية والوصول إلى مستوى معيشي مناسب‪.‬‬
‫ولعل من املفاهيم الحديثة التي تعبر عن التحوالت التي طرأت على الرعاية االجتماعية في املجتمع املعاصر النماذج‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫دولة الرعاية‪:‬‬
‫ويشير هذا املفهوم إلى مسؤولية الحكومة نحو ضمان الحد األدنى من الدخل والصحة واإلسكان والتعليم لكل مواطن‬
‫باعتبار أن ذلك حق للمواطن على الدولة‪ ،‬هذا املفهوم الذي يسميه البعض دولة الرفاهية يقوم على أساس التفسير‬
‫االجتماعي للمشاكل التي يصادفها الناس في إشباع احتياجاتهم األعلى تفسير أخالقي‪ ،‬كما يقوم على املسؤولية‬
‫الجماعية عن املشاكل العامة‪ .‬وحق املواطنني في الخدمات األساسية الالزمة لتحقيق الرفاهية لهم والكفيلة بتحقيق األداء‬
‫الفعال للمجتمع في نفس الوقت‪ ،‬ومن ثم فإن املساواة وتكافؤ الفرص للناس جميعا تحظى باألولوية في تدخل الحكومية‬
‫على حماية امللكية‪ ،‬وتعتبر التأمينات االجتماعية مثاالً لذلك‪.‬‬
‫على أن التطور لم يقف عند هذا الحد‪ ،‬وإنما كان االتجاه نحو تحسني الحياة ذاتها واإلثراء املستمر لهذه الحياة األمر‬
‫الذي ساعد على نشأة مفهوم جديد هو مجتمع الرعاية‪.‬‬
‫مجتمع الرعاية‪:‬‬
‫ويطلق عليه البعض مجتمع الرفاهية‪ ،‬وقد انبثق هذا املفهوم من التطلع نحو توفير اإلمكانات الالزمة لنمو كل فرد في‬
‫املجتمع‪.‬‬
‫وبناء عليه يصبح اإلنسان هو محور الحياة‪.‬‬
‫وبناء على ماسبق يمكن تلخيص التحوالت األساسية التي طرأت على الرعاية االجتماعية في النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -١‬اتجاه وتحول مفهوم الرعاية االجتماعية من الوظيفة املؤقتة إلم الوظيفة اإلنمائية أو الثابتة‪.‬‬
‫‪ -۲‬تحول هذا املفهوم من النظر إلى الرعاية االجتماعية كنوع من تقديم الصدقة واإلحسان إلى حق املواطنني في الرعاية‬
‫االقتصادية واالجتماعية والسياسية و كفالة الدولة لهم‪.‬‬
‫‪ -٣‬التحول من أن يحصل املواطنني على الحد األدنى من أوجه الرعاية االجتماعية إلى تحقيق أقصى حد ممكن من‬
‫الرعاية ألبناء املجتمع‪.‬‬
‫‪ -٤‬االتجاه من اإلصالح الفردي وحل مشاكل األفراد إلى اإلصالح االجتماعي والنظر إلى املشاكل في إطار سياجها‬
‫االجتماعي نتيجة لخلل في البناء االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -٥‬التحول من خصوصية الرعاية االجتماعية لفئات محدودة من الفقراء واملحتاجني إلى عمومية الرعاية للمواطنني‪.‬‬
‫‪ -٦‬التحول من القطاع األهلي إلى القطاع الحكومي‪ ،‬حيث أصبحت الدولة مسؤولة بالدرجة األولى عن رعاية املواطنني‬
‫وتأمني حاضرهم ومستقبلهم‪.‬‬
‫‪ - ٧‬التحول من اقتصار الرعاية على الفقراء إلى دولة الرعاية التي تهدف توفير أقصى حد ممكن من رعاية املواطنني في‬
‫محاولة منها لتلبية حاجياتهم املتجددة ومساعدتهم في مواجهة مشكالتهم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نماذج الرعاية االجتماعية )كمفهوم جديد لتفسير مفهوم الرعاية االجتماعية (‬
‫قدم كل من هارولد ولينسكي وتشارلز ليبو ‪ Harold Wilensk& Charles N.L‬تعريفا ً للرعاية االجتماعية باعتبارها‬
‫كل "األجهزة والتنظيمات والبرامج ذات التنظيم الرسمي التي تهدف إلى تحسني الظروف االقتصادية‬
‫واالجتماعية والصحية لجميع أفراد املجتمع أو جزء منهم"‪.‬‬
‫ولقد قدم كل من هارولد ویلنسكي وتشارلز ليبو محاولة جديدة التفسير مفهوم الرعاية االجتماعية خصوصا في الواليات‬
‫املتحدة وذلك اتجاهني رئيسني‪ :‬االتجاه العالجي ‪ Residual‬واالتجاه املؤسسي ‪.Institutional‬‬
‫فاالتجاه العالجي يبدأ عندما تعجز األنساق الطبيعية عن القيام بأدوارها ووظائفها في إشباع حاجات األفراد واملقصود‬
‫هنا باألنساق الطبيعية النظام األسري واالقتصادي‪ ،‬أما االتجاه الثاني )املؤسسي( فهو عكس االتجاه األول ال يقدم في‬
‫‪.‬حالة الكوارث أو العجز‪ ،‬وإنما ينظر للرعاية االجتماعية باعتبارها وظائف أساسية وطبيعية للمجتمع الصناعي الحديث‬
‫‪:‬وفيما يلي توضيحا ً لألساس الذي يقوم عليه كل منهما والخصائص املميزة لهما‪ :‬النموذج األول‬
‫• النموذج األول‪ :‬النموذج العالجي في الرعاية االجتماعية‪:‬‬
‫على الرغم من أن الرعاية االجتماعية املعاصرة قد جاءت وليدة تطورات هائلة وتغيرات اقتصادية واجتماعية عرفتها‬
‫املجتمعات اإلنسانية بحيث صارت مختلفة عن نماذج اإلحسان وأساليبه التي سادت من قبل إال أن نموذج الرعاية‬
‫االختيارية العالجية يعد األصل في كل نظم الرعاية املعاصرة فلقد ظهر لتحقيق وظيفة في املجتمع ألنه بمثابة نجدة‬
‫أو إسعاف سریع يتدخل في حالة الكوارث واألزمات التي تنشأ في ظروف ومواقف وألسباب متعددة تجعل الفرد في‬
‫النهاية عاجزا ً عن إشباع حاجاته وحل مشكالته‪ ،‬فهو وسيلة وأداة لتمأل فراغ ينشأ عن العجز والحرمان كي ال يظل الفرد‬
‫واقعا ً تحت تأثيرهما فتزداد حدة معاناته هو ومن معه ويتعرض للخلل أو التدمير في عالقاته مع غيره ومع املجتمع‬
‫بصفة عامة نتيجة للقصور في أدائه االجتماعي ألدواره وما يتوقع منه‪.‬‬
‫امي وهذا يعني أن خدمات الرعاية االجتماعية وفق هذا النموذج تقدم فقط عندما تعجز النظم األساسية في املجتمع عن‬
‫إشباع حاجات الفرد وخصوصا عندما تعجز األسرة ونظام السوق وبقية النظم االجتماعية األخرى عن الوفاء بوسائل‬
‫إشباع الحاجات لذلك الفرد‪ ،‬وبمعنى آخر لن تعمل وسائل وأدوات الرعاية االجتماعية بفاعلية إال عندما تعجز كل‬
‫اآلليات االجتماعية األخرى التي يمكن أن تقدم للفرد وسائل إشباع حاجاته عن إشباع تلك الحاجات اللي‬
‫وباختصار فإن املفهوم العالجي للرعاية االجتماعية يرى أن مؤسسات الرعاية االجتماعية ال ينبغي أن‬
‫تنشأ وأن تقوم بدورها في املجتمع إال في حالة فشل وعجز األبنية الطبيعية )النظام األسري‪ ،‬النظام‬
‫االقتصادي( في القيام بوظائفها في توفير إشباع الحاجات اإلنسانية‪.‬‬
‫وبذلك يقع النموذج العالجي ) املؤقت االختياري( في إطار فكرة اإلحسان واملساعدة التطوعية االختيارية املوجهة بدوافع‬
‫الخير لنجدة املحتاجني من التعساء الذين شاءت أقدارهم أن يعيشوا في موقف العجز والحرمان والحاجة‪.‬‬
‫وحاجة هذه الفئات لتلك املساعدة هذه ليست حقا ً مشروعا ً لهم تجاه اآلخرين بل هبة وصدقة يتبرع بها القادرون‪ ،‬وعلى‬
‫غير القادرين أن يقبلوها كما هي بدون شروط‪.‬‬
‫وبذلك تتحدد للرعاية االجتماعية وفقا لهذا النموذج صفات وخصائص مميزة‪ :‬فهي أوالً مؤقتة قصيرة املدى تبدأ‬
‫بوجود العجز أو الحاجة وتنتهي بتقديم املساعدة العاجلة إلى الفقير واملحتاج‪ ،‬ومن ناحية ثانية فهي‬
‫عالجية مشروطة بشرط ألا تقدم إال ملستحقيها من الذين وقعوا فعالً تحت طائلة مشكالت الفقر والعوز‬
‫والحرمان‪ ،‬وبالتالي البد من التأكد من استحقاق املحتاج للمساعدة بثبوت عجزه الفعلي عن الحصول‬
‫على املنافع التي أصبح من املؤكد ضرورة توفيرها‪.‬‬
‫ويترتب على ما سبق أن الرعاية واملساعدة ستتوقف تلقائيا عندما يصبح املتلقي فرد أو جماعة أو أسرة قادرة على أن‬
‫يتعامل مع حاجاته بإمكاناته وقدراته الذاتية‪.‬‬
‫ومن أهم خصائص الرعاية االجتماعية في النموذج العالجي‪:‬‬
‫‪ -١‬أنها خدمات ذات صبغة عالجية تستهدف عالج مواقف طارئة أو املساهمة في تكييف األفراد أو الجماعة مع الظروف‬
‫القائمة‪.‬‬
‫‪ -٢‬أنها خدمات طارئة وليست ضمن البناء االجتماعي الطبيعي في املجتمع فهي ال تقدم إال عند الحاجة إليها عندما‬
‫تظهر ظروف طارئة في املجتمع تستدعي تقديمها كعجز في األسرة أو النظام األقتصادي‪.‬‬
‫‪ -٣‬أنها تقدم إلى فئات خاصة من املجتمع ‪ -‬وليس لكل املواطنني بل تقدم للذين يعانون من عجز ما وخاصة فئات املعوقني‬
‫بمختلف أنواع اإلعاقة‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -٤‬غالبا ما تقدم عن طريق السلطات املحلية وتمول محليا لذا فهي قد تختلف من منطقة محلية إلى أخرى داخل نفس‬
‫املجتمع الواحد طبقا ً لظروف وإمكانيات كل منطقة‪.‬‬
‫‪ -٥‬يغلب على خدماتها الطابع املادي حيث تعني في املقام األول بتقديم مختلف املساعدات املالية واالقتصادية التي تعني‬
‫املحتاج على مواجهة ظروفه الطارئة‪.‬‬
‫• النموذج الثاني‪ :‬النموذج املؤسسي في الرعاية االجتماعية‪:‬‬
‫تنطلق األفكار األساسية للنموذج من قيمة أو مبدأ يرى أن الرعاية االجتماعية ببرامجها وأنشطتها حق ووظيفة شرعية في‬
‫املجتمع الحديث‪ ،‬أما من حيث الحق فإنها حق للمواطن حيث يجب أن يوفر املجتمع لكل فرد فيه اإلمكانات والوسائل التي‬
‫تمكنه من إشباع حاجاته األساسية أو على األقل تأمني فرص الحصول على املوارد التي تمكنه من إشباع تلك الحاجات‪،‬‬
‫وفي ظل ذلك تصبح الرعاية االجتماعية وما يترتب عليها من منافع حقا ً مشروعا ً ينتفي معه صفة اإلحسان أو الهبة أو‬
‫الصدقة التي يقدمها املتبرع اختياريا ً كما يؤكد النموذج العالجي‪.‬‬
‫وباختصار فإن النموذج املؤسسي يؤكد على أن خدمات الرعاية االجتماعية مسألة ضرورية وطبيعية يقوم بها املجتمع‬
‫ملساعدة األفراد والجماعات لتحسني الوظائف االجتماعية لهم وبذلك تعتبر جزءا ً من البناء الطبيعي للمجتمع‪ .‬وبهذا‬
‫املفهوم الواسع تعتبر كل األشياء التي تشكل حاجات اإلنسان البد على الرعاية االجتماعية في ظل هذا املفهوم‬
‫يجب إشباعها بجانب املساهمة في حل املشكالت االجتماعية وتحسني األحوال االجتماعية لألفراد والجماعات‬
‫واملجتمعات‪.‬‬
‫ومعنى هذا أنه ال توجد ثمة وصمة يخشى منها الفرد في طلب الحصول على منافع الرعاية االجتماعية بل هي حق لهذا‬
‫الفرد يكفلها له‪.‬‬
‫ولقد ترتب على ازدهار فكرة النموذج املؤسسي في الرعاية االجتماعية تزايد الدعوة لتدخل الدولة وتحملها ملسئولية توفير‬
‫خدمات الرعاية االجتماعية للمواطنني وهو ما يعرف باسم "دولة الرعاية االجتماعية " والتي وجدت تطبيقا ً واسع‬
‫النطاق في املجتمعات الصناعية الرأسمالية في غرب أوروبا والواليات املتحدة األمريكية منذ بداية العقد الرابع من‬
‫القرن العشرين‪.‬‬
‫ومن أهم خصائص الرعاية االجتماعية في النموذج املؤسسي‪:‬‬
‫‪ -١‬أنها خدمات دائمة تشكل جزءا ً أساسيا ً من البناء االجتماعي للمجتمع وليست خدمات تقدم في حالة طارئة لسد عجز‬
‫ما‪.‬‬
‫‪ -٢‬أنها تقدم لكل الفئات في املجتمع وليست لفئة خاصة أو ألفراد معينني فهي تمتد لتشمل كل األفراد والجماعات‬
‫واملجتمعات من خالل أنماطها املتعددة التي تقدم لكل فئة وفقا الحتياجاتهم‪.‬‬
‫‪ -٣‬الرعاية االجتماعية وظيفة طبيعية يمارسها املجتمع ملساعدة األفراد والجماعات واملجتمعات على تحسني الوظيفة‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -٤‬تستهدف خدمات الرعاية االجتماعية تحقيق أهداف وقائية وإنمائية بجانب األهداف العالجية‪.‬‬
‫كما يالحظ أن هناك تحوالت أساسية طرأت على الرعاية االجتماعية حديثا ً يمكن تحديدها في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -۱‬تحول مفهوم الرعاية االجتماعية من الوظيفة االحتياطية أو املؤقتة إلى الوظيفة الثابتة أو اإلنمائية أي من النموذج‬
‫العالجي إلى النموذج املؤسسي في أغلب املجتمعات‪.‬‬
‫‪ -٢‬التحول في مفهوم الرعاية االجتماعية كمجرد صدقة إلى اعتبارها حق من الحقوق األساسية التي يكفلها املجتمع‬
‫للمواطن‪.‬‬
‫‪ -٣‬التحول من الحد األدنى للرعاية إلى الحد األعلى لها‪ ،‬فبدالً من االقتصار على توفير الحد األدنى من املوارد والخدمات‬
‫للفئات املحتاجة فإن املجتمعات تسعى لتوفير أقصى حد ممكن من الرعاية للمواطنني في املجتمع‪.‬‬
‫‪ -٤‬التحول من إصالح الفرد إلى اإلصالح االجتماعي فبدالً من النظر إلى املشاكل باعتبار أن سببها قصور األفراد‬
‫تحول النظر إلى هذه املشاكل في إطارها االجتماعي‪ ،‬ومن ثم يتجه اإلصالح إلى املجتمع اكثر من الفرد‪.‬‬
‫‪ -٥‬التحول من التخصيص إلى التعميم‪ ،‬أي بدالً من اقتصار الرعاية االجتماعية على خدمات محددة لفئات معينة من‬
‫الفقراء واملحتاجني أصبحت الرعاية االجتماعية تلبي االحتياجات العامة للمواطنني جميعا‪.‬‬
‫‪ -٦‬التحول من مسئولية القطاع األهلي عن توفير الرعاية إلى القطاع الحكومي أي مسئولية الدولة بأجهزتها الحديثة‪،‬‬
‫حيث أصبحت الدولة مسئولة بالدرجة األولى عن رعاية املواطنني وتأمينهم في حاضرهم ومستقبلهم مع عدم إهمال‬
‫مسئولية القطاع األهلى في هذا الصدد‪.‬‬
‫‪ -٧‬التحول من رعاية الفقراء إلى دولة الرعاية التي تعمل على إشباع االحتياجات املادية واالجتماعية لكل املواطنني في‬
‫املجتمع بهدف تحقيق الرفاهية للمجتمع ككل‪.‬‬
‫وأخيرا يمكن تعريف الرعاية االجتماعية بأنها مجموعة الجهود والبرامج والخدمات التي تقوم بها‬
‫املؤسسات الحكومية واألهلية والدولية‪ ،‬والتي تهدف إلى مساعدة األفراد والجماعات والنظم االجتماعية‬
‫على القيام بوظائفهم وإشباع حاجاتهم الضرورية للنمو والتفاعل اإليجابي مع مجتمعهم وذلك في‬
‫ضوء واقع وموارد وثقافة املجتمع‪ ،‬مع مراعاة العدالة واملساواة االجتماعية‪.‬‬
‫خصائص الرعاية االجتماعية في املجتمع املعاصر‬
‫ً‬
‫من خالل التعاريف السابقة والنماذج الحديثة للرعاية االجتماعية والتحوالت األساسية التي طرأت عليها حديثا يمكننا أن‬
‫نحدد مجموعة من السمات والخصائص التي تميز الرعاية االجتماعية في املجتمع املعاصر فيما يلي‬
‫ومنها‪:‬‬
‫• الخاصية األولى‪ :‬الرعاية االجتماعية خدمات منظمة‪:‬‬
‫وهذا يعني أن هذه الرعاية تخضع للتنظيم الرسمي فنجد أن برامجها أصبحت تقدم من خالل تنظیمات اجتماعية ينشئها‬
‫املجتمع کاستجابة ملقابلة احتياجاته املختلفة‪.‬‬
‫وهذه التنظيمات لها بناؤها ولها وظائفها كما أن لها نظام يشتمل على مجموعة من القواعد واألحكام التي تنظم هذه‬
‫الخدمات وفق حدود بني القائم باملساعدة وطالب الخدمة‪ ،‬وفي هذا ضمان الستمرارية هذه الخدمات وإتاحة الفرصة‬
‫لجميع األفراد الذين ينطبق عليهم شروط الحصول على هذه الخدمات للحصول عليها دون أن يؤثر على ذلك عالقات‬
‫القرابة أو الصداقة التي كانت تميز نظام اإلحسان الفردي أو خدمات الرعاية املتبادلة‪.‬‬
‫فعلى الرغم من أن اإلحسان الفردي ساهم في التخفيف من حدة املشكالت االجتماعية وخاصة مشكلة الفقر إال أنه‬
‫ال يخضع للتنظيم‪ ،‬كما إن فكرة املساعدات املتبادلة التي تقوم على العالقات األسرية أو الصداقة التدخل في نطاق‬
‫مفهوم الرعاية االجتماعية املعاصرة‪ ،‬ألن هذه املساعدة تتأثر بالروابط الشخصية‪.‬‬
‫ويمكن القول بأن الرعاية االجتماعية حديثا ً تتضمن كافة الجهود التي تبذل لتوفير الخدمات والبرامج إلشباع احتياجات‬
‫اإلنسان بكافة صورها‪ .‬وبذلك فإن الرعاية االجتماعية تشمل مجهودات توفير برامج وخدمات ليشبع اإلنسان حاجاته‬
‫املتنوعة‪ ،‬كما تشمل أيضا ً نظم هذا اإلشباع وتنظيماته‪ ،‬واملنظمات أو املؤسسات التي تقوم بتوفير تلك الخدمات‪ ،‬وتشمل‬
‫أيضا التشريعات التي تكفل تحقيق هذه الخدمات کتشريعات العمل والطفولة واألسرة والتأمني االجتماعي‪.‬‬
‫وعلى ذلك يمكن اعتبار الرعاية االجتماعية خدمات منظمة ومسألة طبيعية ووظيفة مشروعة البد وأن تمارس في كافة‬
‫املجتمعات الحديثة بهدف مساعدة األفراد على إشباع كافة الحاجات التي تتطلبها الحياة التحقيق التكيف االجتماعي‪.‬‬
‫• الخاصية الثانية‪ :‬الرعاية االجتماعية قيمة أخالقية‪:‬‬
‫فهي قيمة أخالقية مجردة استمدت وجودها من القيم الروحية واالنسانية التي قامت على أساس مساعدة اإلنسان ألخيه‬
‫اإلنسان‪ ،‬ولذا فهي ضرورة اجتماعية وظاهرة اجتماعية من خلق الوجود االجتماعي ذاته‪ ،‬تنشأ حتما في أي مجتمع‬
‫إنساني ومن التفاعل الحتمي بني أفراده ‪.‬‬
‫وهذا يعني أن الفكرة األساسية للرعاية االجتماعية هي األساس األخالقي املثالي الذي يؤكد على قيم الحرية والعدالة‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫الخاصية الثالثة‪ :‬الرعاية االجتماعية مسئولية اجتماعية يكفلها املجتمع‪:‬‬
‫وهذا يعني أن مسئولية الرعاية االجتماعية تقع ضمن مسئوليات املجتمع ككل في كل شكل من أشكال التنظيمات سواء‬
‫كانت هذه التنظيمات حكومية أو تنظیمات اجتماعية أهلية‪ ،‬وإن كانت هذه التنظيمات الحكومية واألهلية تكمل كل منهما‬
‫اآلخر لتحقيق أهداف الرعاية االجتماعية وتوفيرها لسكان املجتمع‪.‬‬
‫وهذا يؤكد مدى إدراك املجتمع ملسئولياته تجاه إشباع احتياجات أفراده و مواجهة املشكالت التي تعترضهم كمسئولية‬
‫أساسية لهذا املجتمع‪.‬‬
‫• الخاصية الرابعة‪ :‬الرعاية االجتماعية تتميز بالشمول والتكامل‪:‬‬
‫وتعتمد هذه الخاصية على أساس النظرة إلى الحاجات اإلنسانية‪ ،‬فالحاجات اإلنسانية متعددة ومتنوعة ومترابطة‪ ،‬ولذلك‬
‫فإن مقابلة البعض منها وإغفال البعض اآلخر يشكل قصورة في برامج الرعاية االجتماعية ألنه يترتب عليه ظهور العديد‬
‫من املشكالت‪.‬‬
‫لذلك فإن برامج الرعاية االجتماعية تتعدد وتتنوع أيضا‪ ،‬حتى يمكن مقابلة احتياجات اإلنسان املتعددة واملتنوعة‪.‬‬
‫كما أن الشمول يعني أن برامج الرعاية االجتماعية ال تقتصر على فئة دون أخرى وإال عجزت عن تحقيق أهدافها‪ ،‬فرعاية‬
‫األطفال دون أسرهم مهما كانت قوة البرامج والخدمات التي تقدم لهؤالء األطفال تصبح عديمة الجدوى إذا ظلت أسرهم‬
‫دون رعاية‪ ،‬لذا فإن برامج الرعاية االجتماعية تقدم لكافة فئات السكان في املجتمع كما تمتد لتشمل كافة املناطق‬
‫الجغرافية فيه‪.‬‬
‫الخاصية الخامسة‪ :‬الرعاية االجتماعية تستبعد دوافع والكسب املادي‪:‬‬
‫إن صور وبرامج الرعاية االجتماعية تستهدف تحقيق إشباع الحاجات اإلنسانية مما يؤدي إلى تنمية واستثمار املوارد‬
‫البشرية فهي شكل من أشكال االستثمار‪ ،‬وبالرغم من ذلك فإنها بمثابة حق من حقوق األفراد يحصلون عليها دون مقابل‬
‫مادي من املجتمع الذي يعيشون فيه‪.‬‬
‫وال يعني ذلك أن برامج الرعاية االجتماعية خدمات استهالكية فقط وإنما تعتبر ذات مردود اجتماعي واقتصادي‪ ،‬ذلك ألن‬
‫صور وبرامج الرعاية االجتماعية تستهدف تحقيق إشباع الحاجات اإلنسانية واإلقالل من حدة املشكالت مما يترتب عليه‬
‫تنمية املوارد البشرية ولذا فهي شكل من أشكال االستثمار بعيد املدى والذي نالحظ نتائجه في تحسني األحوال املعيشية‬
‫ومواجهة الخلل واألمراض االجتماعية‪.‬‬
‫وبذلك فأننا نستبعد من أوجه الرعاية االجتماعية تلك الخدمات والسلع التي تنتج من املشروعات االقتصادية ويتم تبادلها‬
‫أو شرائها عن طريق األفراد ذلك أن خدمات الرعاية االجتماعية تقدم للمواطنني غير القادرين بدون مقابل أو بمقابل رمزي‬
‫أو بتكلفتها الحقيقية‪.‬‬
‫الخاصية السادسة‪ :‬الرعاية االجتماعية تهتم بالحاجات اإلنسانية املباشرة‪:‬‬
‫تعتبر الرعاية االجتماعية في املجتمعات املعاصرة من الحقوق األساسية فهي حق من حقوق اإلنسان التي تتمثل في‬
‫مجموعة املشروعات والبرامج والخدمات االجتماعية املباشرة التي تهتم بإشباع االحتياجات اإلنسانية مهما تعددت تلك‬
‫االحتياجات سواء كانت حاجات جسمية أو نفسية أو عقلية أو اجتماعية أو ترويحية ‪ ....‬الخ‪.‬‬
‫وبذلك يجب أن نوضح الفرق بني الرعاية االجتماعية والرعاية العامة‪ ،‬فالخدمات التي تهتم أساسا باملطالب الضرورية‬
‫الالزمة للمجتمع والتي يكون لها تأثير غير مباشر على األفراد کخدمات الدفاع واألمن وتوفير املياه الصالحة للشرب‬
‫نجد أنها خدمات تعبر عن اهتمامات عامة في املجتمع كله فهي صورة من صور الرعاية العامة بينما توفير مسكن‬
‫للحدث املشرد وتوفير وجبة غذائية للجائع وبعض املشروعات والبرامج الترويحية لألطفال أو الشباب وغيرهم ويمكن أن‬
‫تدخل ضمن برامج الرعاية االجتماعية‪.‬‬
‫• الخاصية السابعة‪ :‬الرعاية االجتماعية ذات أهداف عالجية ووقائية وإنمائية‪:‬‬
‫تعتبر خدمات الرعاية االجتماعية خدمات مقصودة تختلف عن تلك الخدمات أو املساعدات املتبادلة بني أفراد األسرة أو‬
‫األصدقاء أو األقارب في املجتمع‪ ،‬وبذلك فهي تهدف إلى تحقيق أهداف عالجية و ووقائية وإنمائية‪.‬‬
‫والرعاية االجتماعية في مواجهتها ملعالجة املشكالت االجتماعية التي توجد في املجتمع تتسم باالتجاه العالجي‪ ،‬وفي‬
‫مواجهتها ملقابلة االحتياجات اإلنسانية من خالل برامج تهدف إلى وقاية األفراد من الوقوع في املشكالت فهي تتسم‬
‫باالتجاه الوقائي كما أنها تسعى لتحقيق أهداف إنمائية من خالل تنمية قدرات األفراد وحسن استثمارها‪.‬‬
‫وبالرغم من أن برامج الرعاية االجتماعية قد تختلف من مجتمع إلى آخر إال أنها يجب أن تركز دائما ً وتسعى إلى تحقيق‬
‫األهداف الوقائية واإلنشائية باإلضافة إلى االهتمام بالجوانب العالجية األخرى‪ ،‬وهذا هو االتجاه املعاصر الحديث للراية‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫• الخاصية الثامنة‪ :‬الرعاية االجتماعية تعني بالعوامل الطبيعية والبيئية‪:‬‬
‫فالرعاية االجتماعية في املجتمع املعاصر تهتم بالعوامل الطبيعية والبيئية وتقويمها وبذل املجهوادت املركزة إلخضاعها‬
‫لخدمة اإلنسان واستغالل املوارد املناسبة والكافية ملساعدة أكبر عدد من املواطنني‪ ،‬وبذلك أصبحت الرعاية االجتماعية‬
‫جزءا ً هاما ً في حياة اإلنسان‪.‬‬
‫• الخاصية التاسعة‪ :‬الرعاية االجتماعية املعاصرة تتميز بانها أصبحت حقا ً من حقوق اإلنسان‪:‬‬
‫وهذا يعني أن الرعاية االجتماعية لم تعد منحة أو هبة تقدمها الحكومات ألفرادها أو الهيئات التي يسيطر عليها في الغالب‬
‫األغنياء ولكنها أصبحت حقا ً لجميع املواطنني يمكنهم الحصول عليها ولهم الحق في املطالبة بتوفير برامجها خاصة بعد أن‬
‫أقرت املواثيق العاملية أحقية املواطنني في أي مجتمع من املجتمعات في الحصول على خدمات الرعاية االجتماعية كحق‬
‫للمواطنني كما أقرته أيضا الدساتير واملواثيق في كل دول العالم‪.‬‬
‫• الخاصية العاشرة‪ :‬يمارس الرعاية االجتماعية متخصصون مهنيون في كافة مجاالت الخدمات‬
‫املختلفة‪:‬‬
‫تتعدد خدمات الرعاية االجتماعية التي يكفلها املجتمع ولذا تتعدد التخصصات التي تشارك في تقديمها كالطبيب البشري‬
‫والنفسي واألخصائي االجتماعي واملدرب واملدرس واملوجه‪ ..‬الخ‪ ،‬يعاونهم في ذلك أجهزة إدارية وفنية للمعاونة في توصيل‬
‫خدماتهم إلى مستحقيها مع الوضع في‬
‫االعتبار التكامل والتنسيق بني جهود تلك التخصصات لتحقيق رعاية متكاملة للمواطنني‪.‬‬
‫أھﺪاف اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ووظﺎﺋﻔﮭﺎ‪:‬‬
‫إن اﻟﮭﺪف اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ أي ﻣﺠﺘﻤﻊ ھﻮ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﺼﺤﯿﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻟﺘﺮوﯾﺤﯿﺔ ‪ ...‬اﻟﺦ‬
‫ﻟﻜﻞ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل أھﺪاف ﻋﻼﺟﯿﺔ ووﻗﺎﺋﯿﺔ وإﻧﺸﺎﺋﯿﺔ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺤﺪﯾﺪھﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ؛‬
‫أ ‪ -‬اﻷھﺪاف اﻟﻌﻼﺟﯿﺔ‪:‬‬
‫وﺗﮭﺪف إﻟﻰ ﻋﻼج اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﮭﺎ ﺳﻜﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻣﻌﺮﻓﺔ أﺳﺒﺎﺑﮭﺎ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إزاﻟﺔ ﺗﻠﻚ اﻷﺳﺒﺎب أو اﻟﺘﺨﻔﯿﻒ ﻣﻦ‬
‫ﺣﺪﺗﮭﺎ وﺗﺘﺠﮫ ﻏﺎﻟﺒﺎ ً إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺌﺎت اﻟﻤﺤﺮوﻣﺔ واﻟﺘﻲ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﮭﺎﻣﺸﯿﺔ ﻛﺎﻷطﻔﺎل اﻟﻤﮭﻤﻠﯿﻦ وﻛﺒﺎر اﻟﺴﻦ‪ ...‬اﻟﺦ‪.‬‬
‫وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل‪:‬‬
‫‪ -١‬اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻔﺌﺎت اﻷﻛﺜﺮ اﺣﺘﯿﺎﺟﺎ و ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻄﻲ اﻟﻤﺸﮑﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﮭﮭﺎ وﺗﺨﻔﯿﻒ اﻟﻌﻘﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮل دون ﻣﻮاﺟﮭﺘﮭﺎ‬
‫إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺪﺑﯿﺮ اﻟﻤﻮارد اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺸﻜﻼت‪.‬‬
‫‪ -٢‬اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻗﺪرات اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻮاﺟﮭﮫ ﻣﻦ ﻣﺸﮑﻼت وإﺛﺮاء ﻗﺪراﺗﮫ ﻟﻠﺘﺼﺪي ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻤﺸﻜﻼت وزﯾﺎدة وﻋﯿﮫ ﻹدراك ﻧﻘﺎط‬
‫اﻟﻘﻮة ﻟﺪﯾﮫ ﺑﻤﺎ ﯾﻨﻤﻲ ﻗﺪرﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﮭﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺸﻜﻼت ﺣﺎﻟﯿﺎ ً وﻣﺴﺘﻘﺒﻼً‪.‬‬
‫‪ -٣‬اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺴﺮﯾﻊ ﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ اﻷزﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﮭﺎ ﺳﻜﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻟﺘﺪﺧﻞ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﻄﺎرﺋﺔ‪.‬‬
‫ب‪ -‬اﻷھﺪاف اﻟﻮﻗﺎﺋﯿﺔ‪:‬‬
‫وﺗﺘﻀﻤﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ واﻟﺠﮭﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺬل ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎطﻖ اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ واﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ﻟﻤﻌﻮﻗﺎت اﻷداء اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻸﻓﺮاد واﻷﺳﺮ‬
‫واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت أو ﻣﻨﻊ ظﮭﻮرھﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼً أو اﻟﺘﻘﻠﯿﻞ ﻣﻨﮭﺎ إﻟﻰ أدﻧﻰ ﺣﺪ ﻣﻤﻜﻦ وﺗﺘﺠﮫ ﻧﺤﻮ اﻟﻔﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺴﻠﺒﻲ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻐﯿﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﯾﻤﺮ ﺑﮫ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ أي أﻧﮭﺎ ﺗﺴﺘﺒﻖ ﺣﺪوث ﺗﺪاﻋﯿﺎت ﺳﻠﺒﯿﺔ وﺗﻌﺪ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﮭﺎ ﺳﻠﻔﺎ ً وﻟﯿﺲ‬
‫ﺑﻌﺪ وﻗﻮﻋﮭﺎ‪ .‬وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل‪:‬‬
‫‪ -١‬اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﺄھﯿﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻤﮭﻨﻲ ﻷﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة‪.‬‬
‫‪ -٢‬إﻋﺪاد اﻷﻓﺮاد ﻟﯿﺸﺎرﻛﻮا ﻓﻲ إﺷﺒﺎع اﺣﺘﯿﺎﺟﺎﺗﮭﻢ وﻣﻮاﺟﮭﺔ ﻣﺸﻜﻼﺗﮭﻢ وأن ﺗﻘﻮم اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة أﻓﺮاد‬
‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺴﺎب ﻣﮭﺎرات ﺗﻌﻠﯿﻤﯿﺔ أو ﺣﺮﻓﯿﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﺗﻘﯿﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮع ﻓﻲ اﻟﻤﺸﮑﻼت‪.‬‬
‫‪ -٣‬اﻟﺘﻨﺴﯿﻖ واﻟﺘﻌﺎون ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ اﻟﺘﺄھﯿﻠﯿﺔ ﻟﻀﻤﺎن اﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﺨﺪﻣﺎت ﻟﻠﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ‬
‫إﺷﺒﺎع اﻻﺣﺘﯿﺎﺟﺎت وﻣﻨﻊ ظﮭﻮر اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﻋﺪم إﺷﺒﺎع اﻻﺣﺘﯿﺎﺟﺎت‪.‬‬
‫‪ -٤‬اﻟﻤﺴﺎھﻤﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﺜﻤﺎر وﻗﺖ اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ وﻣﺴﺎﻋﺪﺗﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ اﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﻤﻮارد اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ أو اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ إﺗﺎﺣﺘﮭﺎ ﻹﺷﺒﺎع اﺣﺘﯿﺎﺟﺎﺗﮭﻢ‬
‫وﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻈﺮوف ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻼﺋﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﮭﮭﻢ‪.‬‬
‫‪ -٥‬ﺗﻨﻤﯿﺔ اﻟﺮوح اﻹﻧﺘﺎﺟﯿﺔ واﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺬات وإﻛﺴﺎب اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ اﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻹﯾﺠﺎﺑﯿﺔ ووﻗﺎﯾﺔ اﻷﻓﺮاد ﻣﻦ اﻻﻧﺤﺮاف إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ‬
‫دﻋﻢ إﺣﺴﺎﺳﮭﻢ ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎء واﺳﺘﺜﻤﺎر طﺎﻗﺎﺗﮭﻢ وﺗﻨﻤﯿﺘﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﻻﺑﺘﻜﺎر ﻟﺘﻤﺜﻞ ﻋﺎﺋﺪاً ﻋﻠﯿﮭﻢ وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬
‫ج‪ -‬اﻷھﺪاف اﻹﻧﺸﺎﺋﯿﺔ‪:‬‬
‫ﺑﮭﺪف اﻟﻤﺴﺎھﻤﺔ ﻓﻲ إﯾﺠﺎد رأي ﻋﺎم ﻟﺘﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ وﺗﻘﻠﯿﻞ اﻟﻔﺎﻗﺪ اﻟﻤﺎدي واﻟﺒﺸﺮي ﻓﻲ ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وﺗﻘﻮم ﺑﺪور داﻓﻊ‬
‫اﻟﺘﻌﺎون واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ واﻟﺘﻜﯿﻒ ﻣﻊ اﻟﺘﻐﯿﺮات اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺠﮫ ﺗﻠﻚ اﻷھﺪاف ﻧﺤﻮ اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ‬
‫واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻟﺮﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮاھﺎ ﻟﺪى اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ‪.‬‬
‫وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل‪:‬‬
‫‪ -١‬اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻮﺿﻊ ﺳﯿﺎﺳﺎت ﺗﺤﺪ ﻣﻦ ﺗﻌﺮض اﻷطﻔﺎل اﻟﺼﻐﺎر ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﺨﻄﺮة وﻣﺮاﻋﺎة ﺗﻨﻔﯿﺬ ھﺬه اﻟﺘﺸﺮﯾﻌﺎت واﻟﺴﯿﺎﺳﺎت ﺑﺪﻗﺔ‪.‬‬
‫‪ -٢‬ﺗﻮﻋﯿﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄھﻤﯿﺔ ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة‪ ....‬ﺳﻮاء ﺑﺎﻟﺘﺒﺮع اﻟﻤﺎدي أو ﺑﺎﻟﻤﺠﮭﻮد اﻟﺘﻄﻮﻋﻲ وﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ‬
‫أھﻠﯿﺔ أوﺣﻜﻮﻣﯿﺔ‪.‬‬
‫‪ -٣‬زﯾﺎدة اﻷداء اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻓﺎﻋﻠﯿﺔ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ إﺿﻔﺎء اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وﺗﺪﻋﯿﻢ ﺧﺪﻣﺎﺗﮭﺎ‪.‬‬
‫‪ -٤‬اﻹﺳﮭﺎم ﻓﻲ ﺻﯿﺎﻏﺔ وﺗﻨﻤﯿﺔ ﺳﯿﺎﺳﺔ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺗﮭﺎ اﻟﻤﺘﻌﺪدة واﺳﺘﺤﺪاث اﻟﺘﺸﺮﯾﻌﺎت اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﺬﻟﻚ‬
‫واﻟﻤﺴﺎھﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﯿﯿﻢ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻟﻠﺴﯿﺎﺳﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﻟﺴﺪ اﻟﺜﻐﺮات اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ واﺳﺘﺤﺪاث اﻟﺒﺪاﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﺮ رﻋﺎﯾﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‬
‫ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻸﻓﺮاد‪.‬‬
‫وﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﺤﺪد أھﺪاف اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻮﻓﺮه ﻣﻦ ﺧﺪﻣﺎت ﻷﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﻦ‪:‬‬
‫‪ -١‬إﯾﺠﺎد ﻣﺄوى ﻟﻸطﻔﺎل اﻟﯿﺘﺎﻣﯽ‪.‬‬
‫‪ -٢‬ﺗﺄھﯿﻞ اﻟﻤﺪﻣﻨﯿﻦ ﻟﻠﻜﺤﻮل واﻟﻤﺨﺪرات‪. .‬‬
‫‪-٣‬ﻋﻼج اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ ﻣﺸﮑﻼت اﻧﻔﻌﺎﻟﯿﺔ‪.‬‬
‫‪ -٤‬ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺘﺄھﯿﻞ اﻟﻤﮭﻨﻲ ﻟﻠﻤﻌﻮﻗﯿﻦ ﺟﺴﻤﯿﺎ ً وﻋﻘﻠﯿﺎ‪ً.‬‬
‫‪ -٥‬ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﺤﺎﺟﺎت اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ ﻟﻠﻔﻘﺮاء‪.‬‬
‫‪ -٦‬ﺗﺄھﯿﻞ اﻷﺣﺪاث اﻟﺠﺎﻧﺤﯿﻦ واﻟﻤﺠﺮﻣﯿﻦ اﻟﻜﺒﺎر‪.‬‬
‫‪ -٧‬إﻧﮭﺎء اﻟﺘﻤﯿﯿﺰ واﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس‪.‬‬
‫‪ -٨‬ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷﻣﮭﺎت اﻟﻌﺎﻣﻼت ﺑﺘﻘﺪﯾﻢ ﺧﺪﻣﺎت رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ‪.‬‬
‫‪ -٩‬إرﺷﺎد اﻷﻓﺮاد واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ذوى اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ أو اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‪.‬‬
‫‪ -١٠‬ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﺮوﯾﺤﯿﺔ‪ ،‬وﺷﻐﻞ أوﻗﺎت اﻟﻔﺮاغ ﻟﻜﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻣﻦ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﻋﻤﺎر‪.‬‬
‫‪ -١١‬ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﺨﺪﻣﺎت ﻟﻸﺳﺮ اﻟﻤﻨﻜﻮﺑﺔ ﺑﻜﻮارث طﺒﯿﻌﯿﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺰﻻزل واﻟﺤﺮاﺋﻖ واﻷﻋﺎﺻﯿﺮ‪.‬‬
‫‪ -١٢‬ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺘﺪرﯾﺐ اﻟﻤﮭﻨﻲ وﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻐﯿﺮ اﻟﻤﺪرﺑﯿﻦ واﻟﻌﺎطﻠﯿﻦ‪.‬‬
‫وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺤﺘﺎﺟﮭﺎ ﻛﻞ اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬
‫واﻻن ﻣﺎذا ﻋﻦ وظﺎﺋﻒ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وﻣﺠﺎﻻﺗﮭﺎ؟‬
‫وظﺎﺋﻒ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪:‬‬
‫ﺣﺪد )ﺟﻮن روﻣﻨﻲ ﺷﻦ( ﺛﻼث وظﺎﺋﻒ اﻟﻨﺴﻖ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ أي ﻣﺠﺘﻤﻊ ھﻲ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬
‫‪ -١‬اﻹﻣﺪاد اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ‪: Social Provision‬‬
‫ﻣﺜﻞ‪ :‬ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﻤﺎدﯾﺔ واﻟﻤﺎﻟﯿﺔ ﻟﻠﻔﻘﺮاء واﻟﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ وذوي اﻹﻋﺎﻗﺎت واﻟﻤﺴﺎﺟﯿﻦ واﻟﻤﺮﺿﻰ واﻟﻤﺴﻨﯿﻦ واﻟﻌﺎطﻠﯿﻦ‪،...‬‬
‫وﻓﻘﺎ ً ﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﻀﻤﺎن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ أو ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺠﻤﻌﯿﺎت اﻷھﻠﯿﺔ اﻟﺘﻄﻮﻋﯿﺔ‪ .‬أﯾﻀﺎ ً ﯾﺸﻤﻞ اﻹﻣﺪاد اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﺄﻣﯿﻨﺎت‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻤﺠﺎل اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻌﻤﺎل‪.‬‬
‫‪ -٢‬اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ‪: Social Services‬‬
‫وھﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﮭﻮد واﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﮭﺪف إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷﻓﺮاد واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻓﻖ اﻹﯾﺠﺎﺑﻲ وأداء اﻟﻮظﺎﺋﻒ‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﻜﻔﺎءة وﻓﻌﺎﻟﯿﺔ‪ ،‬وذﻟﻚ ﯾﺘﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺪة ﻣﺴﺎرات ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ‪:‬‬
‫أ( ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺘﻨﺸﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ‪ ،Socialization‬وﺗﻜﻮن ﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻨﺸﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻣﺜﻞ‪) :‬اﻷﺳﺮة واﻟﻤﺪرﺳﺔ واﻟﻤﺴﺠﺪ‬
‫واﻹﻋﻼم اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮي‪ (...‬ﻓﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺪورھﺎ‪ .‬وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ھﺬه اﻟﺨﺪﻣﺎت ﻧﺬﮐﺮ‪ :‬ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﻮﻋﯿﺔ وﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻮاﻟﺪﯾﻦ‪ ،‬ﺗﺨﻄﯿﻂ اﻷﺳﺮة‪ ،‬ﻧﻈﺎم‬
‫اﻷﺳﺮ اﻟﺒﺪﯾﻠﺔ‪...‬‬
‫ب( ﺧﺪﻣﺎت اﻟﻀﺒﻂ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ‪ ،Social Control‬وذﻟﻚ ﻟﺴﻠﻮك ﺑﻌﺾ اﻟﻔﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﻤﺜﻞ ﺳﻠﻮﻛﮭﻢ ﺗﮭﺪﯾﺪاً ﻷﻣﻦ وﺳﻼﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬
‫وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ھﺬه اﻟﺨﺪﻣﺎت ﻧﺬﻛﺮ‪ :‬اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻤﻮﺟﮭﺔ ﻟﻔﺌﺎت اﻷﺣﺪاث واﻟﻤﺴﺠﻮﻧﯿﻦ واﻟﻤﺪﻣﻨﯿﻦ وأطﻔﺎل اﻟﺸﻮارع وﺟﻤﺎﻋﺎت اﻷﻗﻠﯿﺔ‪...‬‬
‫ج( ﺧﺪﻣﺎت إﻧﻤﺎﺋﯿﺔ ‪ ،Developmental Services‬وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﻓﯿﺮ اﻟﻤﻮارد واﻟﻔﺮص واﻟﺨﺒﺮات ﻟﺘﻨﻤﯿﺔ ﻗﺪرات وﻣﻮارد‬
‫وﻣﮭﺎرات اﻟﻨﺎس‪ .‬وﻣﻦ أﻣﺜﻠﺔ ھﺬه اﻟﺨﺪﻣﺎت‪ :‬ﺑﺮاﻣﺞ ﺷﻐﻞ أوﻗﺎت اﻟﻔﺮاغ ﻟﺪى اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ واﻟﻄﻼب ﻓﻲ اﻟﻤﺪارس واﻟﺠﺎﻣﻌﺎت وﻓﻲ ﻧﻮادي‬
‫وﻣﺮاﻛﺰ اﻟﺸﺒﺎب‪ ،‬ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﺪرﯾﺐ اﻟﻤﮭﻨﻲ ﻟﻠﺸﺒﺎب واﻟﻤﺮأة واﻟﻌﺎطﻠﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻌﻠﻤﻮا ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺮف وﯾﺸﺘﻐﻠﻮن ﺑﮭﺎ‪ ،‬ﺑﺮاﻣﺞ ﻣﺤﻮ اﻷﻣﯿﺔ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ واﻟﻮظﯿﻔﯿﺔ ‪ .‬اﻟﺦ‬
‫‪ -٣‬اﻟﻌﻤﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ‪:Social Action‬‬
‫وﯾﻘﺼﺪ ﺑﮫ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻟﻌﻼﻗﺎت واﻟﻘﻮى ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺣﻘﻮق اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻀﻌﯿﻔﺔ أو اﻟﻤﮭﻀﻮم ﺣﻘﻮﻗﮭﺎ أو اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﺼﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻤﯿﺰات ‪ Disadvantaged Groups‬إذ أن ھﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻷﻧﮭﻢ ﻏﯿﺮ ﻣﺆﺛﺮﯾﻦ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺮاﻛﺰ ﺻﻨﻊ اﻟﻘﺮار‪ .‬وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻤﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﯾﺘﻢ ﺗﻨﻈﯿﻢ ھﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻀﻐﻮط ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻨﻈﻢ ﺣﺘﻰ ﯾﺼﺒﺤﻮا‬
‫ﻣﺆﺛﺮﯾﻦ وﯾﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻗﮭﻢ‪.‬‬
‫وأﺧﯿﺮا ﯾﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ أن وظﺎﺋﻒ ﻧﺴﻖ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻟﮭﺎ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﻌﯿﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻹﻣﺪاد اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ذا طﺎﺑﻊ اﻗﺘﺼﺎدي‪ ،‬واﻟﺨﺪﻣﺎت‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ذات طﺎﺑﻊ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬واﻟﻌﻤﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ذا طﺎﺑﻊ ﺳﯿﺎﺳﻲ‪ .‬أﯾﻀﺎ اﻹﻣﺪاد اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﯾﮭﺘﻢ ﺑﻀﻤﺎن اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻞ‬
‫ﻟﻠﻨﺎس ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺼﺒﺤﻮا ﺗﺤﺖ ﺧﻂ اﻟﻔﻘﺮ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﺘﺴﺘﮭﺪف إﺣﺪاث اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺎس ‪،People Change‬‬
‫ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﻌﻤﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﯿﮭﺪف إﻟﻰ إﺣﺪاث اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﻈﻢ ‪.System Change‬‬
‫ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪:‬‬
‫ظﮭﺮت ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﺧﻼل ﻓﺘﺮات اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ أﺷﻜﺎل ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪ ،‬اﺧﺘﻠﻔﺖ ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﺰﻣﺎن‬
‫واﻟﻤﻜﺎن واﺣﺘﯿﺎﺟﺎت اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮاﺣﻞ واﻷﻣﺎﻛﻦ وھﻨﺎك أﺷﻜﺎﻻً ‪ Forms‬وﻣﺠﺎﻻت ‪Fields‬‬
‫ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺗﻜﺎد ﺗﻜﻮن ﻣﺘﺸﺎﺑﮭﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وإن اﺧﺘﻠﻔﺖ ﻣﺴﻤﯿﺎﺗﮭﺎ‪ ،‬ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪:‬‬
‫‪ -١‬ﻣﺠﺎل رﻋﺎﯾﺔ اﻷﺳﺮة ‪Family Welfare‬‬
‫‪ -٢‬ﻣﺠﺎل رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ‪Child Welfare‬‬
‫‪ -٣‬ﻣﺠﺎل رﻋﺎﯾﺔ اﻟﺸﺒﺎب ‪Youth Welfare‬‬
‫‪ - ٤‬ﻣﺠﺎل رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻤﺴﻨﯿﻦ ‪Aged welfare‬‬
‫‪ - ٥‬ﻣﺠﺎل رﻋﺎﯾﺔ اﻷﺣﺪاث ‪Juveniles Welfare‬‬
‫‪ -٦‬ﻣﺠﺎل رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻤﺴﺠﻮﻧﯿﻦ ‪Prisoners Welfare‬‬
‫‪ -٧‬ﻣﺠﺎل رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻤﻌﻮﻗﯿﻦ ‪Handicapped Welfare‬‬
‫‪ -٨‬ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ‪Social Develpment‬‬
‫اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ ودورھﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪:‬‬
‫ﺷﮭﺪ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ وﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ﺗﺤﻮﻻت واﺿﺤﺔ ﺣﯿﺚ ﺗﺤﻮل اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺘﻨﻔﯿﺬ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻮﯾﺎت اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ )ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ( إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﯾﺎت اﻹﻗﻠﯿﻤﯿﺔ أو اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ‪ .‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﻨﻈﺮة‬
‫إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﻤﻮ واﻻزدھﺎر وظﮭﺮت ﻋﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ ﺗﻮﻓﯿﺮ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪.‬‬
‫وإذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻘﻮﻣﻲ ﺗﮭﺘﻢ ﺑﺘﻜﺎﻓﺆ اﻟﻔﺮص وﺗﻘﺮب اﻟﻔﻮارق ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻮاﺣﺪ أو‬
‫اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮاﺣﺪة‪ ،‬ﻓﺈن أﻋﻈﻢ اﻟﺘﺤﺪﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﮭﮭﺎ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ اﻟﺪوﻟﯿﺔ ھﻮ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﺗﺨﺎذ اﻟﺘﺪاﺑﯿﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎھﻢ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﯾﺐ اﻟﻔﻮارق‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﺪول اﻟﻐﻨﯿﺔ ﻣﻨﮭﺎ واﻟﻔﻘﯿﺮة‪.‬‬
‫وھﻜﺬا أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﻲ ﺿﺮورة ﺗﺤﺘﻤﮭﺎ ظﺮوف وﺗﺤﺪﯾﺎت اﻟﻌﺼﺮ‪ ،‬ﺣﯿﺚ ﻋﻦ طﺮﯾﻘﮭﺎ ﯾﺘﻢ ﺗﺒﺎدل‬
‫اﻟﻤﻌﺎرف واﻟﺨﺒﺮات ﺑﯿﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬وأﯾﻀﺎ اﻟﺘﻌﺎون ﺑﯿﻦ ھﺬه اﻟﺪول ﺑﻤﺎ ﯾﺤﻘﻖ اﻷﻣﻦ واﻟﺮﻓﺎھﯿﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‬
‫ﻟﻠﺠﻨﺲ اﻟﺒﺸﺮي ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﮑﺎن‪.‬‬
‫وﺗﻌﺘﺒﺮ ھﯿﺌﺔ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻣﻦ أھﻢ اﻟﮭﯿﺌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺪوﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﮭﺎ‬
‫ﺑﻤﺎ ﯾﺴﺎھﻢ ﻓﻲ رﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻌﯿﺸﺔ اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ واﻻرﺗﻘﺎء ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺼﺤﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺦ‪..‬‬
‫وﻣﻦ أھﻢ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺘﻲ اﻧﺒﺜﻘﺖ ﻋﻦ ھﯿﺌﺔ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺗﮭﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪- :‬‬
‫‪ -١‬اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻸﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة‪:‬‬
‫ﯾﺘﻜﻮن اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ أرﺑﻌﺔ وﺧﻤﺴﯿﻦ ﻋﻀﻮ ﺗﻨﺘﺨﺒﮭﻢ اﻟﺠﻤﻌﯿﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة‪ ،‬وﯾﻌﻘﺪ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺗﮫ ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺎم اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻷول ﺑﻤﺪﯾﻨﺔ ﻧﯿﻮﯾﻮرك ﺑﺎﻟﻮﻻﯾﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة واﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﻤﺪﯾﻨﺔ ﺟﻨﯿﻒ ﺑﺴﻮﯾﺴﺮا‪.‬‬
‫وﯾﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺛﻼث ﻟﺠﺎن ھﻲ‪ :‬اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﻨﺴﯿﻖ واﻟﺒﺮاﻣﺞ‪.‬‬
‫واھﻢ اﻟﻤﺴﺆﻟﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﻤﺎرﺳﮭﺎ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪:‬‬
‫‪ -١‬إﺟﺮاء اﻟﺪراﺳﺎت وﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﺘﻮﺻﯿﺎت ﻓﻲ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺪوﻟﯿﺔ واﻷﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ واﻟﺼﺤﯿﺔ وﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﮭﺬه اﻟﺸﺌﻮن‪.‬‬
‫‪ -٢‬اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺸﺌﻮن اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻌﻤﺎل ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﺪﯾﻢ ﻣﺴﺎﻋﺪات ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺪول اﻷﻋﻀﺎء ﺧﺎﺻﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻨﻈﯿﻢ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ‪،‬‬
‫وﺗﻨﻈﯿﻢ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وﺗﻘﺪﯾﻢ ﻣﺴﺘﻮى ﻋﺎدل ﻣﻦ اﻷﺟﻮر وﺣﻤﺎﯾﺔ اﻟﻌﻤﺎل ﻣﻦ اﻷﻣﺮاض اﻟﻤﮭﻨﯿﺔ وإﺻﺎﺑﺎت اﻟﻌﻤﻞ‬
‫وﺣﻤﺎﯾﺔ اﻷﺣﺪاث واﻟﻨﺴﺎء وﺿﻤﺎن ﻣﻌﯿﺸﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة ﻟﻠﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺘﻲ اﻟﻌﺠﺰ واﻟﺸﯿﺨﻮﺧﺔ‪.‬‬
‫‪ -٢‬ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪوﻟﯿﺔ‪:‬‬
‫أﻧﺸﺌﺖ ﻋﺎم ‪١٩١٩‬م وﺗﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﺘﺸﺮﯾﻌﺎت اﻟﻌﻤﺎﻟﯿﺔ واﻟﺘﻘﺪم اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﺗﮭﺘﻢ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺑﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫‪ -١‬ﻣﺴﺎﻋﺪة ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﺪول اﻷﻋﻀﺎء ﻓﻲ ﺗﺨﻄﯿﻂ وﺗﻨﻔﯿﺬ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﻤﺘﻌﺪدة واﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻷﻣﻮﻣﺔ واﻟﻄﻔﻮﻟﺔ واﻟﺸﺒﺎب‪.‬‬
‫‪ -٢‬ﺗﺪرﯾﺐ اﻟﻜﻮادر اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺠﺎﻻت ﻣﻦ اﻷطﺒﺎء واﻟﻤﺴﺎﻋﺪﯾﻦ واﻷﺧﺼﺎﺋﯿﯿﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﯿﻦ ﻟﺰﯾﺎدة ﻛﻔﺎءﺗﮭﻢ ﻓﻲ أداء ﻣﮭﺎﻣﮭﻢ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺧﺪﻣﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻸطﻔﺎل اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻠﻜﻮارث ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻤﻮاﺟﺔ اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﮭﮭﻢ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ‪:‬‬
‫وﻣﻘﺮھﺎ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺟﻨﯿﻒ‪ ،‬وﻟﮭﺎ ﻣﻜﺎﺗﺐ إﻗﻠﯿﻤﯿﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ‪ :‬آﺳﯿﺎ‪ ،‬أﻓﺮﯾﻘﯿﺎ‪ ،‬اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ‪ ،‬أﻣﺮﯾﻜﺎ‪ ،‬أورﺑﺎ‪ ،‬وﺗﺘﻜﻮن ھﺬه اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻌﯿﺔ‬
‫ﻋﻤﻮﻣﯿﺔ )أﻋﻀﺎء اﻟﺪول اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ( ﺗﻨﺘﺨﺐ ﻣﺠﻠﺲ إدارة ﻣﻜﻮن ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﻀﻮاً ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﺮ اﻟﻌﺎم‬
‫ﻟﻠﻤﻨﻈﻤﺔ‪.‬‬
‫وﺗﻘﻮم ھﺬه اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺑﺎﻵﺗﻲ‪:‬‬
‫‪ -١‬اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺼﺤﻲ ﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬أي اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻜﻤﺎل اﻟﺼﺤﻲ واﻟﻌﻘﻠﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻟﯿﺲ ﻣﺠﺮد ﻏﯿﺎب‬
‫اﻟﻤﺮض أو اﻟﻌﺠﺰ‪.‬‬
‫‪ -٢‬اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺒﺮاﻣﺞ وﺧﺪﻣﺎت ﺻﺤﯿﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺘﺤﺴﯿﻦ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﯿﺔ وﺣﻤﻼت اﻟﺘﻮﻋﯿﺔ ﺿﺪ اﻷﻣﺮاض واﻷوﺑﺌﺔ‪.‬‬
‫‪ -٤‬ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﻠﺘﺮﺑﯿﺔ واﻟﻌﻠﻮم واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ )ﻟﯿﻮﻧﺴﻜﻮ(‪:‬‬
‫أﻧﺸﺌﺖ ﻋﺎم ‪١٩٤٥‬م ﺑﮭﺪف اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﯿﺔ أوﺟﮫ اﻟﺘﻌﺎون ﺑﯿﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﯿﺔ واﻟﺘﻌﻠﯿﻢ واﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ‪.‬‬
‫وﻣﻘﺮھﺎ ﺑﺎرﯾﺲ‪ ،‬وﺗﻨﺘﺨﺐ اﻟﺠﻤﻌﯿﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ ﻣﺠﻠﺲ اﻹدارة وھﻮ ﯾﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ ﻋﺸﺮﻋﻀﻮاً ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺪﯾﺮ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻤﻨﻈﻤﺔ‪.‬‬
‫وﺗﮭﺪف اﻟﯿﻮﻧﺴﻜﻮ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ إﻟﻰ‪:‬‬
‫‪ -١‬ﺟﻤﻊ وﺗﺤﻠﯿﻞ وﻧﺸﺮ اﻟﻤﻌﺎرف ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ واﻟﻌﻠﻮم واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪.‬‬
‫‪ -٢‬اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺪوﻟﻲ وﻧﺸﺮ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﺴﺘﻮﯾﺎت‪.‬‬
‫‪ -٣‬ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻷﻣﯿﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ‪.‬‬
‫‪ -٤‬إﺟﺮاء ﺑﺤﺚ واﻟﺪراﺳﺎت ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت ﺗﻨﻤﯿﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ واﻟﺘﺨﻄﯿﻂ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‪.‬‬
‫‪ -٥‬ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﺘﻘﺎرب ﺑﯿﻦ ﺷﻌﻮب اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻦ طﺮﯾﻖ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺨﺎﺻﺔ وﻣﺆﺗﻤﺮات اﻟﺸﺒﺎب وﻣﻌﺴﻜﺮات اﻷطﻔﺎل‪.‬‬
‫‪ -٦‬اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻛﯿﺪ ﻣﺒﺪأ ﺗﻜﺎﻓﺆ اﻟﻔﺮص ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﺑﯿﻦ ﺷﻌﻮب اﻟﻌﺎﻟﻢ‪.‬‬
‫‪ -٥‬ﺻﻨﺪوق اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻐﻮث اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ )اﻟﯿﻮﻧﯿﺴﯿﻒ(‪:‬‬
‫أﻧﺸﺊ ھﺬا اﻟﺼﻨﺪوق ﻋﺎم ‪١٩٤٦‬م وﯾﺘﻢ ﺗﻤﻮﯾﻠﮫ ﻣﻦ طﺮق ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻨﮭﺎ اﻹﻋﺎﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﮭﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﻛﺬﻟﻚ‬
‫اﻟﺘﺒﺮﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻢ ﺟﻤﻌﮭﺎ ﻟﻘﯿﺎم اﻟﺼﻨﺪوق ﺑﻤﮭﺎﻣﮫ‪.‬‬
‫وﻣﻘﺮ اﻟﺼﻨﺪوق ھﻮ ﻣﺒﻨﻲ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪه ﻧﻔﺴﮫ ﺑﻤﺪﯾﻨﺔ ﻧﯿﻮﯾﻮرك وﯾﺪﯾﺮ اﻟﺼﻨﺪوق ﻣﺠﻠﺲ ﺗﻨﻔﯿﺬي ﯾﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺛﻼﺛﯿﻦ ﻋﻀﻮاً‪.‬‬
‫وأھﻢ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﻘﻮم ﺑﮭﺎ‪:‬‬
‫‪-١‬اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻛﯿﺪ اﺣﺘﺮام ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن وﺣﺮﯾﺘﮫ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﺠﻨﺲ أو اﻟﻨﻮع أو اﻟﻌﻘﯿﺪة أو اﻟﻠﻐﺔ‪.‬‬
‫‪ -٢‬ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺧﺪﻣﺎت ﻟﻠﻄﻔﻮﻟﺔ ﻟﺘﻮﻓﯿﺮ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﮭﻢ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ‪.‬‬
‫وﻣﻦ اﻟﻠﺠﺎن اﻟﺘﻲ ﯾﻀﻤﮭﺎ ھﺬا اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وھﻲ ﺗﺨﺘﺺ ﺑﻤﺸﺎﻛﻞ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ‪.‬‬
‫ص‪ ٧٧‬اﻟﻰ ص‪٩٦‬‬
‫اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ‬
‫• اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ‬
‫• اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻋﻨﺪ اﻹﻏﺮﯾﻖ‬
‫• اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺮوﻣﺎن‬
‫________________________________________________________________________________‬
‫أوﻻً‪ :‬اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‪:‬‬
‫إن اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ ﺳﺒﻘﺖ ﺣﻀﺎرات اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ وﺟﻮدھﺎ‪ ،‬وﺳﺎﻋﺪت اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺼﺮي اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻓﻲ أن ﯾﻔﻜﺮ ﻓﻲ‬
‫ﺣﯿﺎﺗﮫ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وﻋﻼﻗﺘﮫ ﺑﺎﻵﺧﺮﯾﻦ ﻻﻋﺘﻘﺎده ﻓﻲ أن ھﻨﺎك ﺣﯿﺎة ﺛﺎﻧﯿﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮت ﺳﻮف ﯾﺤﺎﺳﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﮫ ﻣﻦ‬
‫ﺣﺴﻨﺎت أو ﺳﯿﺌﺎت وﻗﺪ اﻧﻌﻜﺲ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺣﯿﺚ ﺗﮭﯿﺄ اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﻨﻤﻮھﺎ وﻛﺎن ذﻟﻚ ﺳﺒﺒﺎ ً ﻓﻲ ظﮭﻮر‬
‫اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ ﻣﻨﺬ آﻻف اﻟﺴﻨﯿﻦ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﻌﺪة دواﻓﻊ طﺒﯿﻌﯿﺔ ودﯾﻨﯿﺔ وﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وإدارﯾﺔ وﺳﯿﺎﺳﯿﺔ‬
‫ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻓﻲ ﻋﺪﯾﺪ ﻣﻦ ﻣﻈﺎھﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ‪.‬‬
‫وﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ ﺳﻨﻌﺮض ﻟﻠﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪة ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ ودواﻓﻊ وﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﯿﮭﺎ‪-:‬‬
‫‪ -١‬اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪة ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺮ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﻓﺘﺮات ﺗﺎرﯾﺨﮭﺎ ﺗﻌﯿﺶ ﺗﺤﺖ ﺣﮑﻢ ﻓﺮﻋﻮن وﯾﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ رﻋﺎﯾﺎه إﻟﻰ أﻧﮫ إﻟﮫ ﺳﻠﯿﻞ اﻵﻟﮭﺔ – ﺗﺼﻮر ﺧﺎطﺊ ‪-‬‬
‫وﻛﺎن ﻟﻠﻔﺮﻋﻮن اﻟﺴﻠﻄﺎن اﻷﻋﻈﻢ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺜﻮرة ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻤﺮوق ﻋﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﺣﯿﺚ ﻛﺎن ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺪﯾﻦ ﻋﻈﯿﻤﺎ ً واﺣﺘﻞ رﺟﺎل اﻟﺪﯾﻦ‬
‫ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻋﻈﯿﻤﺔ‪.‬‬
‫وﻟﻘﺪ ﺳﺎدت ﻣﺼﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ طﺒﻘﯿﺔ ﺟﺎﻣﺪة ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻓﻲ وﺟﻮد ﻓﺌﺘﯿﻦ رﺋﯿﺴﯿﺘﯿﻦ ھﻤﺎ‪-:‬‬
‫‪ -١‬ﻓﺌﺔ ﺣﺎﻛﻤﺔ ﻣﺘﺴﻠﻄﺔ ﯾﻤﺜﻠﮭﺎ اﻟﺤﻜﺎم واﻟﻜﮭﻨﺔ‪.‬‬
‫‪ -٢‬ﻓﺌﺔ ﻣﺤﻜﻮﻣﺔ وﻣﺴﺘﻐﻠﺔ ﯾﻤﺜﻠﮭﺎ اﻟﻔﻼﺣﻮن واﻟﺠﻨﻮد واﻟﻌﻤﻠﻞ‪.‬‬
‫وﺳﺎھﻤﺖ اﻟﺪﯾﺎﻧﺎت اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﺄﻛﯿﺪ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻤﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻜﺎن ﻟﻔﺮﻋﻮن ﻣﻠﻜﯿﺔ ﻏﺎﻟﺒﯿﺔ اﻷراﺿﻲ اﻟﺰراﻋﯿﺔ وﻛﺎن ﯾﮭﺐ ﺑﻌﺾ‬
‫وﻣﻮظﻔﯿﮫ ﺑﻌﺾ اﻷراﺿﻲ ﻻﺳﺘﻐﻼﻟﮭﺎ وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻌﻨﯽ اﻧﺘﻘﺎل ﻣﻠﻜﯿﺘﮭﺎ ﻟﮭﻢ‪ ،‬وﻛﺎن إﻧﺘﺎج اﻷرض ﯾﻮدع ﻓﻲ ﺻﻮاﻣﻊ ﻓﺮﻋﻮن ﯾﮭﺐ‬
‫ﺑﻌﻀﮫ ﻟﺮﺟﺎل اﻟﺒﻼط وﺣﻜﺎم اﻷﻗﺎﻟﯿﻢ‪.‬‬
‫‪ -٢‬اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ أوﺟﺒﺖ ظﮭﻮر اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪:‬‬
‫ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﻌﺪد اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ اﻟﺘﻲ أوﺟﺒﺖ ظﮭﻮر اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷول‪ :‬اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻟﻘﺪ أدت ﺧﺼﻮﺑﺔ أرض وادي اﻟﻨﯿﻞ إﻟﻰ ﺗﻮاﺟﺪ اﻟﺰراﻋﺔ واﻻﺳﺘﻘﺮار ﺣﻮل ھﺬا اﻟﻮادي ﻣﻤﺎ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺄة اﻟﺪوﻟﺔ واﺳﺘﻤﺮارﯾﺘﮭﺎ‬
‫وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ إﺣﺪاث اﻟﻨﻤﻮ وازدھﺎر اﻟﺤﯿﺎة اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻛﺜﯿﺮة ﻛﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﻨﺴﻮب اﻟﻤﯿﺎه‬
‫ﻓﻲ اﻟﻨﯿﻞ واﻧﺘﺸﺎر اﻟﻘﺤﻂ ﻣﻤﺎ أدى ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺿﺮورة اﻟﺘﻌﺎون ﺑﯿﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻮادي ﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ ﻟﮭﺬا اﻻﻧﺨﻔﺎض‪ .‬ﻓﻔﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﻤﻠﻚ‬
‫»ﻧﻮﺳﺮ« ﻣﺜﻼ اﻧﺨﻔﺾ اﻟﻨﮭﺮ ﻓﺄﺻﺪر ﻛﺘﺎﺑﺎ ً إﻟﻰ ﻣﻮظﻔﯿﮫ ﻗﺎل ﻓﯿﮫ‪» :‬اﻟﺤﺒﻮب ﻗﻠﯿﻠﺔ واﻟﺨﻀﺮوات ﺷﺤﯿﺤﺔ وﻟﯿﺲ ھﻨﺎك ﻣﺎ ﯾﺄﻛﻠﮫ اﻟﻨﺎس أو‬
‫اﻟﺤﯿﻮان ﺣﺘﻰ ﻏﺪى ﻛﻞ اﻣﺮئ ﯾﮭﺎﺟﻢ أﺧﺎه« ﺛﻢ ﺣﺚ اﻟﻤﻠﻚ ﻣﻮظﻔﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﻋﻼج اﻟﺤﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻔﯿﻀﺎن ﻓﻲ أﺣﯿﺎن أﺧﺮى ﻣﻤﺎ أوﺟﺐ ﺿﺮورة ﺗﻮاﻓﺮ ﺟﮭﻮد وﺗﻌﺎون اﻟﺴﻜﺎن ﻟﺪرء ﺧﻄﺮ اﻟﻔﯿﻀﺎن ﻋﻦ‬
‫اﻟﻘﺮى اﻟﺘﻲ ﯾﻌﯿﺸﻮن ﻓﯿﮭﺎ وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﮭﻮد ﺑﺪاﯾﺔ ﻟﻤﻈﺎھﺮ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻜﺎن‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ‪:‬‬
‫اﻋﺘﻘﺪ ﻗﺪﻣﺎء اﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻷﺑﺪﯾﺔ واﻟﺒﻌﺚ واﻟﺤﺴﺎب ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻤﺎت ﻟﺬا ﻓﻘﺪ ﺣﺜﺖ اﻟﺪﯾﺎﻧﺎت اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ اﻟﺨﯿﺮ‬
‫واﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﺸﺮ وﻣﻌﺎوﻧﺔ اﻵﺧﺮﯾﻦ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﺸﺪة‪ ،‬وﻟﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺗﻘﺪم ﺑﺪاﻓﻊ ﻣﻦ ﺣﺐ اﻟﺘﻘﺮب‬
‫إﻟﻰ اﻵﻟﮭﺔ وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻔﻘﺮاء واﻟﻤﺮﺿﻰ واﻟﺸﯿﻮخ واﻷراﻣﻞ واﻷﯾﺘﺎم‪ ...‬اﻟﺦ‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺔ‪:‬‬
‫اﺗﺴﻤﺖ اﻷدوات اﻟﺰراﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯾﺴﺘﺨﺪﻣﮭﺎ اﻟﻔﻼح اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻲ ﺑﺎﻟﺒﺪاﺋﯿﺔ واﻟﺒﺴﺎطﺔ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻠﮫ ﯾﺘﺠﮫ ﻧﺤﻮ اﻻﺗﺴﺎع اﻷﻓﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﺸﺎط‬
‫اﻟﺰراﻋﻲ ﻟﻜﻲ ﯾﺘﻮاﻓﺮ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻜﺎﻓﻲ ﻣﻦ اﻟﺰراﻋﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻹﺷﺒﺎع ﺣﺎﺟﯿﺎﺗﮫ اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ اﻟﻐﺬاﺋﯿﺔ‪.‬‬
‫ھﺬا ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻋﺪم اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﯿﻒ ﻣﻊ اﻟﻈﺮوف اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ وﺗﺄﺛﯿﺮھﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض اﻟﺰراﻋﯿﺔ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ إﻧﺘﺎﺟﯿﺔ اﻟﻤﺤﺼﻮل ﻛﻞ ھﺬه‬
‫اﻟﻌﻮاﻣﻞ أوﺟﺒﺖ ﺿﺮورة ﺗﻜﺎﺗﻒ وﺗﻌﺎون ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻜﺎن ﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﺑﻌﻀﮭﻢ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﻤﺎ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﻋﻼﻗﺎت إﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺮوح‬
‫اﻟﺘﻌﺎون واﻹﺧﺎء ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻮﺟﮫ ﻟﻠﻮﺟﮫ واﺣﺘﯿﺎج ﻛﻞ ﻣﻨﮭﻢ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻵﺧﺮﯾﻦ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﯿﺎت اﻟﺰراﻋﺔ وﺟﻤﻊ اﻟﻤﺤﺼﻮل ‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪:‬‬
‫اﺗﺴﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺼﺮي اﻟﻘﺪﯾﻢ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮار واﻹﻗﺎﻣﺔ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﺗﺠﻤﻊ ﻣﺤﺪودة وھﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﺰراﻋﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺘﻲ اﻟﻨﯿﻞ‬
‫ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ ﺗﻮﻓﺮ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻷوﻟﯿﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻤﺎ أﻧﺸﺄ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺎﻓﻞ واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻣﺤﺪودة ﻓﻲ‬
‫ﻧﻄﺎق اﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻗﻠﺔ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن وﺗﻘﺎرﺑﮭﻢ واﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻤﺤﺘﺎج ﻓﻲ ﻧﻄﺎق ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ :‬اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻟﺠﺄت اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺑﻌﺾ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وﻣﻈﺎھﺮ اﻹﺣﺴﺎن إﻟﻰ طﺒﻘﺔ اﻟﻔﻼﺣﯿﻦ واﻟﺠﻨﻮد‬
‫واﻟﻌﻤﺎل ﻟﺘﻠﻄﻒ ﻣﻦ ﺷﻌﻮر اﻟﻜﺎدﺣﯿﻦ ﺑﺎﻟﻈﻠﻢ وﺿﻤﺎﻧﺎ ً ﻟﻌﺪم ﺛﻮرﺗﮭﻢ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻧﺘﯿﺠﺔ إﺣﺴﺎﺳﮭﻢ ﺑﺎﻟﻈﻠﻢ واﻻﺳﺘﻐﻼل‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺴﺎدس‪ :‬اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻹدارﯾﺔ‪:‬‬
‫اﺗﺴﻤﺖ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﺑﺘﻮﻓﺮ ﻧﻈﺎم إدارة ﯾﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ وﯾﻨﺘﮭﻲ ﺑﺎﻟﻤﺤﻜﻮم‪ .‬وھﻨﺎك اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر ﻋﻠﻰ اﻵﺛﺎر‬
‫اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﻮﺿﺢ ذﻟﻚ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬أﻧﮫ ﻛﺎن ﻣﻦ ﺻﻤﯿﻢ ﻋﻤﻞ اﻟﻮزﯾﺮ أو ﺣﺎﻛﻢ اﻹﻗﻠﯿﻢ أن ﯾﺬھﺐ إﻟﻰ ﻣﻘﺮ ﻋﻤﻠﮫ ﻛﻞ‬
‫ﺻﺒﺎح ﯾﺘﺮﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﯿﮫ وﺣﻮﻟﮫ أﻋﻮاﻧﮫ ﺛﻢ ﯾﺘﻮاﻓﺪ ﻋﻠﯿﮫ أﺻﺤﺎب اﻟﻤﻈﺎﻟﻢ واﻟﺸﻜﺎﯾﺎت ﻓﯿﻔﺼﻞ ﻓﯿﮭﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺤﻠﻲ ﺟﯿﺪه ﺑﺼﻮرة إﻟﮫ‬
‫اﻟﻌﺪل »ﻣﺎﻋﺖ« ﻟﯿﺘﺬﻛﺮ اﻟﺤﻖ داﺋﻤﺎً‪ ،‬وﯾﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﻗﺎﻟﮫ »اﻟﺤﺎﻛﻢ« وﻣﻨﮫ‪:‬‬
‫»أﻗﻢ اﻟﻌﺪل ﻟﺘﻮطﯿﺪ ﻣﻜﺎﻧﺘﻚ ﻓﻮق اﻷرض‪ .‬وواﺳﻰ اﻟﺤﺰﯾﻦ وﻻ ﻻ ﺗﻨﺒﺬن اﻷرﻣﻠﺔ وﻻ ﺗﺤﺮﻣﻦ رﺟﻼ ﻣﻦ ﻣﯿﺮاث واﻟﺪه‪ ،‬وﻻ ﺗﻜﻦ ﻓﻈﺎ ﻷن‬
‫اﻟﺸﻔﻘﺔ ﻣﺤﺒﻮﺑﺔ«‬
‫‪ -٣‬ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ‪:‬‬
‫ﯾﻈﮭﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻵﺛﺎر اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ واﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ واﻟﺮﺳﻮم اﻟﻤﻨﻘﻮﺷﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺪران ﻣﻌﺎﺑﺪ ﻗﺪﻣﺎء اﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ وﻗﺒﻮرھﻢ أن‬
‫ھﻨﺎك ﻛﺜﯿﺮاً ﻣﻦ ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ وﻣﻦ أھﻤﮭﺎ‪:‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻔﻘﺮاء واﻟﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ‪:‬‬
‫ﺗﺪل اﻟﻨﻘﻮش واﻟﻜﺘﺎﺑﺎت ﻓﻮق ﺟﺪران اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ واﻷھﺮاﻣﺎت ﻋﻠﻰ اھﺘﻤﺎم اﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺑﺮﻋﺎﯾﺔ اﻟﻔﻘﺮاء واﻟﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ ‪.‬‬
‫ﻓﯿﻘﻮل اﻣﻨﻤﺤﺖ اﻷول »ﻟﻘﺪ أﻋﻄﯿﺖ اﻟﺨﺒﺰ ﻟﻠﻔﻘﯿﺮ‪ ..‬وﻋﻠﻤﺖ اﻟﯿﺘﯿﻢ«‪.‬‬
‫وﺟﺎء ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺔ وﺟﺪت ﺑﻤﻘﺒﺮة أﻣﻨﻤﺤﺖ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺗﻘﻮل »ﻗﺪ أﻋﻄﯿﺖ اﻟﺨﺒﺰ ﻟﻠﺠﺎﺋﻊ‪ ،‬وﺳﻤﺤﺖ ﻟﻤﻦ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﻋﺒﻮر اﻟﻨﯿﻞ أن ﯾﺴﺘﻌﻤﻞ‬
‫ﻗﺎرﺑﻲ‪ ،‬وﻛﻨﺖ أﺑﺎ ﻟﻠﯿﺘﯿﻢ‪ ،‬وزوﺟﺎ ﻟﻸرﻣﻠﺔ‪ ،‬وواﻗﯿﺎ ﻟﻤﻦ ﯾﻌﺎﻧﻲ اﻟﻔﻘﺮ«‪.‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ اﻟﺠﻨﻮد‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اھﺘﻢ اﻟﻤﺼﺮﯾﻮن اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺑﺮﻋﺎﯾﺔ اﻟﺠﻨﻮد ﺻﺤﯿﺎ وﻏﺬاﺋﯿﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻹﻗﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻮھﺐ ﻟﮭﻢ اﻷراﺿﻲ ﻓﻲ ﻗﺮى ﻗﺮﯾﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎطﻖ‬
‫اﻟﻌﺴﻜﺮﯾﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ أن ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ﺗﻤﺎم اﻷھﺒﺔ ﻟﻠﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻛﻠﻤﺎ دﻋﺖ اﻟﻀﺮورة وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم ﻗﺪرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﻮاﺟﺐ‬
‫اﻟﻌﺴﻜﺮي ﯾﺮﺛﮭﺎ اﺑﻨﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺪرﺗﮫ وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺪم ﻗﺪرة اﻻﺑﻦ أو ﻋﺪم وﺟﻮده ﺗﻌﻮد اﻷرض ﻟﻤﻠﻜﯿﺔ ﻓﺮﻋﻮن‪.‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻌﻤﺎل‪:‬‬
‫وﻟﻘﺪ اھﺘﻢ اﻟﺼﺮﯾﻮن اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺑﺮﻋﺎﯾﺔ اﻟﻌﻤﺎل ﺑﺘﻮﻓﯿﺮ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﻤﺴﻜﻦ ﻟﮭﻢ‪ ،‬وﻟﻘﺪ وﺟﺪت ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻋﻠﻰ ﺟﺪران ﻣﻌﺒﺪ رﻣﺴﯿﺲ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫ﯾﺨﺎطﺐ ﻓﯿﮭﺎ ﻋﻤﺎﻟﮫ ﻓﯿﻘﻮل »أﻧﺘﻢ أﯾﮭﺎ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻄﯿﺒﻮن ﯾﺎ ﻣﻦ ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻮن اﻟﺘﻌﺐ‪ ،‬وﯾﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﻓﻮن ﺑﻮاﺟﺒﺎﺗﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﮫ اﻷﻛﻤﻞ اﻷﻏﺬﯾﺔ‬
‫أﻣﺎﻣﻜﻢ وﻓﯿﺮة واﻟﻄﻌﺎم ﺣﻮﻟﻜﻢ وﻟﻘﺪ ﻛﻔﯿﺖ ﺣﻮاﺋﺠﻜﻢ وأﻧﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﯿﮭﺎ«‪.‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻤﺴﻨﯿﻦ‪:‬‬
‫اﻧﺸﺄ اﻟﻔﺮاﻋﻨﺔ ﻣﻼﺟﺊ ﻟﻠﺸﯿﻮخ واﻟﻌﺠﺰة‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ھﻨﺎك اھﺘﻤﺎم ﺑﻤﻮظﻔﻲ اﻟﺒﻼط اﻟﺬﯾﻦ ﺑﻠﻐﻮا ﺳﻦ اﻟﺸﯿﺨﻮﺧﺔ وأﺻﺒﺤﻮا ﻏﯿﺮ ﻗﺎدرﯾﻦ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻌﻤﻞ ﺣﯿﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻠﺘﺤﻘﻮن ﺑﻌﻤﻞ ﯾﺘﻨﺎﺳﺐ وﺳﻨﮭﻢ أو ﻋﺠﺰھﻢ أو ﯾﻨﻔﻖ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺣﺘﻰ وﻓﺎﺗﮭﻢ‪ ..‬وﻛﺎن اﻟﺸﯿﻮخ اﻟﻌﺎدﯾﯿﻦ ﯾﻌﯿﺸﻮن ﻓﻲ رﻋﺎﯾﺔ‬
‫أﺳﺮھﻢ أو ﻓﻲ ﻣﻼﺟﺊ رﻋﺎﯾﺔ اﻟﺸﯿﻮخ‪.‬‬
‫• اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻟﻄﺒﯿﺔ ﻟﻠﻤﺮﺿﯽ‪:‬‬
‫ً‬
‫ﺣﯿﺚ وﺟﺪت اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﻣﺪارس اﻟﻄﺒﯿﺔ وﻗﺪ أﺷﺎر »ھﯿﺮودوت« إﻟﻰ أن ﻓﻦ اﻟﺸﻔﺎء ﻓﻲ ﻣﺼﺮ اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ ﻛﺎن ﻣﻘﺴﻤﺎ إﻟﻰ أﻗﺴﺎم وﻛﺎن‬
‫ﻛﻞ طﺒﯿﺐ ﯾﮭﺘﻢ ﺑﻘﺴﻢ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﮭﺬا طﺒﯿﺐ ﻟﻠﻌﯿﻮن وآﺧﺮ ﻟﻠﺮأس وﺛﺎﻟﺚ ﻟﻸﺳﻨﺎن‪ ...‬اﻟﺦ‪ ،‬وﻛﺎن اﻟﺸﻌﺐ ﯾﻌﺎﻟﺞ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ أو ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ أﺷﺒﮫ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﺸﻔﯿﺎت ﺣﺎﻟﯿﺎ ً‪.‬‬
‫واﺷﺘﻤﻠﺖ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻟﻄﺒﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻮﻗﺎﺋﯿﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻌﻼﺟﯿﺔ ﻓﻘﺪ ﺷﺮﻋﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺼﺤﯿﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻣﻨﮭﺎ‪ :‬اﻟﺼﻮم ﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن‪ ،‬ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻜﺒﺖ ﻟﺪى اﻟﻤﺮاھﻘﯿﻦ ﺑﺎﻟﺘﺒﻜﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺰواج‪ ،‬ﺗﺤﺮﯾﻢ ﺗﻨﺎول ﺑﻌﺾ اﻷطﻌﻤﺔ واﻟﻠﺤﻮم‪.‬‬
‫• اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ‪:‬‬
‫و اھﺘﻢ اﻟﻤﺼﺮﯾﻮن اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺑﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺮﯾﺎﺿﺔ واﻹﺣﺼﺎء وﻋﻠﻮم اﻟﮭﻨﺪﺳﺔ وﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠﻚ وﻋﻠﻢ اﻷﺣﯿﺎء واﻟﻄﺐ واﻟﺘﺸﺮﯾﺢ وﺗﺤﻨﯿﻂ اﻟﺠﺜﺚ‬
‫وﻋﻼج ﺑﻌﺾ اﻷﻣﺮاض ﺑﺎﻷﻋﺸﺎب واﻟﺤﻔﺮ واﻟﻨﻘﺶ واﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻰ واﻟﻐﻨﺎء ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﯾﺘﻢ ﻓﻲ ﻣﺪارس ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺑﺪ ﺗﺴﻤﻰ " ﺑﯿﺖ اﻟﺤﯿﺎة "‬
‫ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﯾﺘﻠﻘﻮن ﺑﮭﺎ ﺗﻌﻠﯿﻤﺎ اﺑﺘﺪاﺋﯿﺎ ً‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﻛﺎن ھﻨﺎك ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻌﻠﯿﻤﯿﺔ ﻣﺘﻌﺪدة وﻛﺎن ﯾﺴﻤﺢ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ ﺑﺪﺧﻮل اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ﻣﻘﺼﻮرة ﻋﻠﻰ‬
‫أﺑﻨﺎء اﻷﺷﺮاف وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻢ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺑﺪ اﻟﻤﺪن اﻟﻜﺒﯿﺮة‪.‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ اﻟﺸﺒﺎب‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫و ﻛﺎن اﻟﻤﺼﺮﯾﻮن اﻟﻘﺪﻣﺎء ﯾﺒﺪوت اھﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺒﯿﺮا ﺑﺘﻨﺸﺌﺔ اﻟﺸﺒﺎب وﻛﺎن ﮐﺒﺎر وزراﺋﮭﻢ وﺣﮑﻤﺎﺋﮭﻢ ﯾﻜﺘﺒﻮن اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ ﻟﻠﺸﺒﺎب وﻗﺪ ﺳﺠﻞ‬
‫اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻋﺪة ﻧﺼﺎﺋﺢ ﻟﻠﺸﺒﺎب ﯾﻠﻘﻮﻧﮭﺎ ﻟﯿﻌﻤﻠﻮا ﺑﮭﺎ‪ ..‬ﻓﮭﺬا اﻟﺤﻜﯿﻢ »أﻧﻲ« ﯾﻨﺼﺢ اﺑﻨﮫ »ﺧﻨﺴﺤﺘﺐ« ﻓﯿﻘﻮل‪» :‬اﺗﺨﺬ ﻟﻨﻔﺴﻚ زوﺟﺔ وأﻧﺖ ﻻ‬
‫ﺗﺰال ﺷﺎﺑﺎ‪ ،‬وﻻ ﺗﺄﻛﻠﻦ اﻟﺨﺒﺰ إذا ﻛﺎن ھﻨﺎك آﺧﺮ ﯾﺘﺄﻟﻢ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﮫ دون أن ﺗﻤﺪ ﯾﺪك إﻟﯿﮫ ﺑﺎﻟﺨﺒﺰ«‪..‬‬
‫وﺗﻌﻄﯿﻨﺎ ﻧﺼﺎﺋﺢ »أﻣﻨﺤﻮﺑﻲ« اﻟﻘﯿﻢ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪرس ﻟﻠﺸﺒﺎب ﻣﺜﻞ‪:‬‬
‫»أﺣﺬر أن ﺗﺴﻠﺐ ﻓﻘﯿﺮاً ﺑﺎﺋﺴﺎً‪ ،‬وأن ﺗﻜﻮن ﺷﺠﺎﻋﺎ ً أﻣﺎم رﺟﻞ ﻣﮭﯿﺾ اﻟﺠﻨﺎح‪ ،‬وﻻ ﺗﻤﺪن ﯾﺪك ﻟﺘﻤﺲ رﺟﻼً ﻣﺴﻨﺎً‪ ،‬وﻻ ﺗﺴﺨﺮن ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ‬
‫رﺟﻞ ھﺮم‪ ،‬وﻻ ﺗﺠﻌﻠﻦ ﻧﻔﺴﻚ رﺳﻮﻻً ﻓﻲ ﻣﮭﻤﺔ ﺿﺎرة‪ ،‬وﻻ ﺗﺪﻓﻌﻦ ﺑﻘﻠﺒﻚ وراء اﻟﺜﺮاء‪ ،‬وﻻ ﺗﺠﮭﺪن ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺰﯾﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺪ‬
‫ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺟﺘﻚ اﻷن اﻟﺜﺮوة ﻟﻮ أﺗﺖ ﻟﻚ ﻋﻦ طﺮﯾﻖ اﻟﺴﺮﻗﺔ ﻻ ﺗﻤﻜﺚ ﻣﻌﻚ ﺳﻮاد اﻟﻠﯿﻞ«‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﺮﻋﻮن ﯾﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻗﺼﺮه أطﻔﺎﻻً ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻌﺐ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮭﻢ »أطﻔﺎل ﺑﯿﺖ ﻓﺮﻋﻮن« ﯾﻌﻠﻤﮭﻢ اﻟﺮﯾﺎﺿﺔ ورﻣﻲ اﻟﺴﮭﺎم واﻟﻘﺘﺎل‬
‫ﺛﻢ ﯾﺼﺒﺤﻮن ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺿﺒﺎط ﻣﯿﺪان ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻜﺒﺮون‪ ،‬وﻛﺎن ﯾﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﻤﻌﺒﺪ ﻣﺪارس ﯾﺘﻌﻠﻢ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺮﺳﻢ واﻟﺤﻔﺮ وﻧﺤﺖ اﻟﺘﻤﺎﺛﯿﻞ ﻛﻤﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺑﮫ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﻄﻮطﺎت وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺎم ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺑﺪ ﻣﺴﺮﺣﯿﺎت دﯾﻨﯿﺔ وأﺧﻼﻗﯿﺔ ﻟﺘﻮﺟﯿﮫ اﻟﺸﺒﺎب‪.‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ اﻷﺳﺮة‪:‬‬
‫ﻟﻢ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﻔﺮﻋﻮﻧﯿﺔ ﻋﻠﻰ رﻋﺎﯾﺔ اﻷﻣﻮﻣﺔ واﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ اﻣﺘﺪت ھﺬه اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ إﻟﻰ اﻷﺳﺮة ﻛﻜﻞ‪ ،‬ﺣﯿﺚ‬
‫ﻛﺎن ﻗﺪﻣﺎء اﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻨﺎس اﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻷﺳﺮة وﺗﻜﻮﯾﻨﮭﺎ وﺗﻮطﯿﺪ ﻋﻼﻗﺘﮭﺎ ورواﺑﻄﮭﺎ‪ ،‬وﺗﺪل اﻵﺛﺎر اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻸﺳﺮة ﻣﻦ‬
‫ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻋﻠﯿﺎ وﻣﺮﮐﺰ ﻣﻤﺘﺎز وﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﺮب اﻷﺳﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺒﺔ واﻻﺣﺘﺮام ﻷﻧﮫ اﻟﻤﺴﺌﻮل ﻋﻦ ﺗﻮﻓﯿﺮ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﻐﺬاء واﻟﻜﺴﺎء ﻟﻸﺳﺮة‬
‫وأوﺻﻰ اﻟﺤﻜﻤﺎء ﺑﺎﻟﺰواج واﻋﺘﺒﺎره ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﮭﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻘﻮم ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺼﻠﺢ ﻗﺎل ﺑﺘﺎح‪» :‬أن اﻟﺤﺐ ھﻮ أﺳﺎس اﻟﻌﻼﻗﺔ‬
‫اﻟﺰوﺟﯿﺔ«‪ .‬وأوﺻﻰ اﺑﻨﮫ ﺑﻘﻮﻟﮫ »إذا ﻛﻨﺖ رﺟﻼً ﺣﻜﯿﻤﺎ ً ﻓﺎﺗﺨﺬ ﻟﻨﻔﺴﻚ أﺳﺮة واﺣﺐ زوﺟﺘﻚ«‪.‬‬
‫• اﻟﺘﺮوﯾﺢ وﺷﻐﻞ أوﻗﺎت اﻟﻔﺮاغ‪:‬‬
‫اھﺘﻢ اﻟﻔﺮاﻋﻨﺔ ﺑﺄوﻗﺎت اﻟﻔﺮاغ وﻛﯿﻔﯿﺔ ﺷﻐﻞ ھﺬا اﻟﻮﻗﺖ وﺗﺸﯿﺮاﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﻤﺘﻌﺪدة ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺑﺪ إﻟﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﺸﯿﺮ إﻟﻰ ﺗﻌﺪد اﻷﻟﻌﺎب ﻣﺜﻞ‬
‫اﻟﮭﻮﻛﻲ‪ ،‬ﻛﺮة اﻟﻤﻀﺮب‪ ،‬وﻛﺮة اﻟﺼﻮﻟﺠﺎن ) اﻟﺒﻮﻟﻮ( وﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎن ھﻨﺎك اھﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻔﺮوﺳﯿﺔ واﻟﺴﺒﺎﺣﺔ واﻟﺼﯿﺪ واﻟﺮﻣﺎﯾﺔ‪ .‬ھﺬا ﺑﺠﺎﻧﺐ‬
‫اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻐﻨﺎء واﻟﺮﻗﺺ واﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻰ وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﻔﻼت واﻟﻤﮭﺮﺟﺎﻧﺎت اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺸﺎرك ﻓﯿﮭﺎ ﻛﻞ أﻓﺮاد اﻟﺸﻌﺐ ﮐﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺸﻐﻞ‬
‫واﺳﺘﺜﻤﺎر وﻗﺖ اﻟﻔﺮاغ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻧﯿﺎ ً‪ :‬اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻋﻨﺪ اﻹﻏﺮﯾﻖ‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‪:‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺪن اﻹﻏﺮﯾﻘﯿﺔ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﺎطﻖ ﺟﺒﻠﯿﺔ اﺷﺘﮭﺮت ﺑﻘﻠﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﺣﯿﺚ ﻻ ﺗﺘﺤﻤﻞ زﯾﺎدة ﻓﻲ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻨﮭﻢ‬
‫ﯾﻀﻄﺮ ﻟﻠﮭﺠﺮة ﺧﺎرج ﺑﻼدھﻢ واﺗﺨﺎذ اﻟﺤﺮب وﺳﯿﻠﺔ ﻟﻜﺴﺐ اﻟﺮزق واﺣﺘﺮاف اﻟﻘﺮﺻﻨﺔ وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ھﻨﺎك ﺳﯿﺎﺳﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻟﺘﺤﺴﯿﻦ‬
‫أﺣﻮال أﻓﺮاد اﻟﺸﻌﺐ وﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﯾﻘﻮم داﺋﻤﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻜﺮم واﻟﺴﺨﺎء أو ﻋﻠﻰ إﻋﺎﻧﺎت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺄزم اﻟﺤﺎﻟﺔ وﯾﺴﻮد اﻟﺴﺨﻂ واﻟﺜﻮرة‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻈﻠﻮﻣﯿﻦ‪.‬‬
‫وﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ ﻋﺮﺿﺎ ﻟﻠﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻏﺮﯾﻘﻲ ودواﻓﻊ وﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﯿﮫ‪:‬‬
‫‪ -١‬اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻏﺮﯾﻘﻲ‪:‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻤﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻏﺮﯾﻘﻲ ھﻮ اﻟﺒﻘﺎء ﻟﻸﺻﻠﺢ و ظﮭﺮت طﺒﻘﯿﺔ ﺟﺎﻣﺪة أﻋﻼھﺎ طﺒﻘﺔ اﻟﻨﺒﻼء اﻟﺬﯾﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﻤﻠﻜﻮن اﻷراﺿﻲ ﻛﻤﺎ‬
‫ﻛﺎن ﺑﯿﺪھﻢ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺸﻌﺎﺋﺮ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ وإدارة أﻋﻤﺎل اﻟﺪوﻟﺔ ﺛﻢ طﺒﻘﺔ اﻟﻔﻼﺣﯿﻦ وطﺒﻘﺔ اﻟﻌﻤﺎل وﻛﺎن ﻟﻜﻞ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ وﻓﻠﺴﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭﺎ ﻓﻘﺪ‬
‫ﻛﺎن اﻟﺸﻌﺐ ﻓﻲ "أﺳﺒﺮطﺔ" ﻣﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ‪- :‬‬
‫)أ( اﻷﻗﻠﯿﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ‪.‬‬
‫)ب( اﻷﻏﻠﺒﯿﺔ اﻟﻤﺤﻜﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻓﻲ أﺛﯿﻨﺎ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺸﻌﺐ ﻣﻘﺴﻢ إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿﻦ‪:‬‬
‫)أ( ﻗﺴﻢ ﻟﮫ اﻟﺤﻖ ﻛﻤﻮاطﻦ‪.‬‬
‫)ب( ﻗﺴﻢ ﻟﯿﺲ ﻟﮫ ﺣﻘﻮق اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ وﯾﻨﻘﺴﻢ ﺑﺪوره إﻟﻰ ﻋﺒﯿﺪ وﻋﻤﺎل‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ھﻨﺎك ﻗﺎﻧﻮن ظﺎﻟﻢ ھﻮ " ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺪﯾﻮن " اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺸﻜﻮ ﻣﻨﮫ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻔﻼﺣﻮن ﯾﻘﺘﺮﺿﻮن ﻣﻦ اﻷﻏﻨﯿﺎء ﻣﺎ ﯾﺤﺘﺎﺟﻮن‬
‫إﻟﯿﮫ ﻣﻦ ﻣﺎل ﺑﺄرﺑﺎح ﻓﺎدﺣﺔ‪ .‬وﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮض ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺮھﻨﻮن ﻣﺎ ﯾﻤﻠﻜﻮن ﻣﻦ أرض ﻟﻀﻤﺎن اﻟﺴﺪاد وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺼﺒﺢ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻔﻼح‬
‫ﮐﻤﺮﻛﺰ اﻷﺟﯿﺮ اﻟﺬي ﯾﻘﻮم ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻗﻄﻌﺔ أرض ﻛﺎن ﻓﻲ ﯾﻮم ﻣﺎﻟﻜﺎ ً ﻟﮭﺎ‪.‬‬
‫‪ -٢‬اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ أوﺟﺒﺖ ظﮭﻮر اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻏﺮﯾﻘﻲ‪:‬‬
‫ﻗﺎم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻏﺮﯾﻘﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺣﻜﻢ اﻟﻨﺒﻼء وﺗﻤﻠﻜﮭﻢ اﻷراﺿﻲ دون ﺳﺎﺋﺮ أﻓﺮاد اﻟﺸﻌﺐ وﻛﺎن ﻣﺠﺘﻤﻌﺎ ً ﻋﺒﻮدﯾﺎ ً ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﯿﮫ ﻛﻞ‬
‫اﻟﺤﻘﻮق ﻟﻸﺣﺮار وﻻ ﻛﺮاﻣﺔ أو ﺣﻘﻮق ﻟﻠﻐﺎﻟﺒﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ‪.‬‬
‫وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ظﮭﺮت اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﺣﺘﻤﯿﺔ ﻟﻌﺪة ﻋﻮاﻣﻞ ھﻲ‪:‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷول‪ :‬ﻋﻮاﻣﻞ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺨﻮف طﺒﻘﺔ اﻟﺤﻜﺎم واﻟﻨﺒﻼء ﻣﻦ ﺛﻮرة ﻏﺎﻟﺒﯿﺔ أﻓﺮاد اﻟﺸﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺣﯿﻦ واﻟﻌﻤﺎل واﻟﻌﺒﯿﺪ وﺗﻤﺮدھﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮا‬
‫ﯾﻘﺪﻣﻮن ﻟﮭﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺪﻣﺎت ﻟﻠﺘﺨﻔﯿﻒ ﻣﻦ ﺳﺨﻄﮭﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ واﻣﺘﺼﺎص ﻏﻀﺒﮭﻢ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻈﻠﻢ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻼء‬
‫اﻟﺬﯾﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺤﻜﻤﻮن وﻓﻖ أھﻮاﺋﮭﻢ‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪:‬ﻋﻮاﻣﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﻈﮭﻮر أﺳﺮ ﻣﻔﻜﻜﺔ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻣﻮت ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺤﺎرﺑﯿﻦ ووﺟﻮد ﻧﺴﺎء ھﺆﻻء اﻟﻤﺤﺎرﺑﯿﻦ وأوﻻدھﻢ ﻓﻘﺪ ﻗﺪﻣﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات ﻟﮭﺆﻻء‬
‫اﻟﻨﺴﺎء ﺣﻔﺎظﺎ ً ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺎﺳﻚ ﺑﻌﺾ أﺳﺮ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻋﻮاﻣﻞ اﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ‪:‬‬
‫ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺰﯾﺎدة ﺣﺪة اﻟﻔﻘﺮ ﺑﯿﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻏﺮﯾﻘﻲ ﻓﻘﺪ ظﮭﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺪن ﻣﺎ ﻋﺮف "ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﻌﺎﻣﺔ " ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺪن‬
‫ﺗﻌﯿﺪ ﺗﻮزﯾﻊ اﻷرض ﻟﺘﺨﻔﯿﻒ ﺣﺪة اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺘﻘﺮﯾﺐ ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺒﻘﺎت‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬ﻋﻮاﻣﻞ إﻧﺴﺎﻧﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻓﻘﺪ ظﮭﺮت ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻵراء اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﺿﺮورة ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ ﻟﻠﻔﻘﺮاء واﻷﺳﺮى واﻟﻌﺒﯿﺪ وﻣﻨﮭﺎ آراء " أﻓﻼطﻮن وأرﺳﻄﻮ"‬
‫ﺑﻤﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻌﺒﯿﺪ ﺑﺎﻟﺮﻓﻖ واﻟﺮﺣﻤﺔ وإن ﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﺪﻋﻮى ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﺻﺪى إﻻ ﻓﻲ أﺿﯿﻖ اﻟﺤﺪود‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ :‬ﻋﻮاﻣﻞ ﺗﺸﺮﯾﻌﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻻﻧﺘﺸﺎر ﻗﺎﻧﻮن "اﻟﺪﯾﻮن واﻟﺮھﻮن " أن ظﮭﺮت ﻋﺪة ﺗﺸﺮﯾﻌﺎت ﻣﺜﻞ " اﻟﻤﺸﺮوع اﻹﻏﺮﯾﻘﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﺈﻟﻐﺎء اﻟﺮھﻮن " ﻋﺎم‬
‫‪٥٩٤‬م واﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺸﺮوع رھﻦ اﻹﻧﺴﺎن وﻧﺎدي ﺑﻔﺮض اﻟﻀﺮاﺋﺐ اﻟﺘﺼﺎﻋﺪﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻨﯿﺎء ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻔﻘﺮاء وذﻟﻚ ﺑﮭﺪف‬
‫اﻟﺘﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻐﻠﻮ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻌﺒﯿﺪ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻨﺒﻼء ورﻓﻊ اﻟﻈﻠﻢ ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺑﻌﺾ‬
‫واﻟﻤﺴﺎﻋﺪات ﻟﻤﻦ ﻟﺪﯾﮭﻢ دﯾﻮن ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﮭﻢ ﻋﻠﻰ أداﺋﮭﺎ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻋﻨﺪ اﻹﻏﺮﯾﻖ‪:‬‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻔﺸﻲ اﻟﻈﻠﻢ واﻻﺳﺘﺒﺪاد ﻣﻦ اﻷﺣﺮار واﻟﻨﺒﻼء ﻟﺒﺎﻗﻲ اﻟﺸﻌﺐ إﻻ أﻧﮫ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺤﺪﯾﺪ ﺑﻌﺾ ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪم ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ‪- :‬‬
‫• اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات اﻟﻌﺎﻣﺔ‪:‬‬
‫ﻧﺘﯿﺠﺔ اﻟﺸﻌﻮر اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﺤﺎﺟﺔ اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ ﻓﻘﺪ اھﺘﻤﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺘﻘﺪﯾﻢ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﻮاطﻨﯿﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت‬
‫اﻟﻜﻮارث واﻟﻤﺠﺎﻋﺎت واﻟﻔﯿﻀﺎﻧﺎت واﻟﺰﻻزل ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺾ اﻷﻏﻨﯿﺎء ﯾﮭﺐ ﺟﺰءاً ﻣﻦ أﻣﻮاﻟﮫ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻت اﻟﺴﻨﻮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻘﺪم ﻓﯿﮭﺎ‬
‫اﻟﻄﻌﺎم واﻟﺸﺮاب ﻷﻓﺮاد اﻟﺸﻌﺐ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﻘﺪم اﻟﻮﺟﺒﺎت اﻟﻐﺬاﺋﯿﺔ ﻟﻠﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن أﺻﺤﺎب اﻟﻤﮭﻦ‬
‫ﯾﻨﺘﻈﻤﻮن ﻓﻲ طﻮاﺋﻒ أو ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣﮭﻨﯿﺔ ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات ﻷﻋﻀﺎﺋﮭﺎ‪.‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ اﻟﺠﻨﻮد وأﺳﺮھﻢ‪:‬‬
‫ﺣﯿﺚ ﻛﺎن اھﺘﻤﺎم اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺘﻨﻈﯿﻢ ﺑﺮاﻣﺞ ﻣﺴﺎﻋﺪات ﻷﺳﺮ اﻟﻤﺤﺎرﺑﯿﻦ واﻟﺠﻨﻮد وﻋﺎﺋﻼﺗﮭﻢ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﺤﺮوب وﻏﯿﺎب ھﺆﻻء اﻟﺠﻨﻮد‬
‫أو اﻷﺳﺮى ﻋﻦ أﺳﺮھﻢ‪.‬‬
‫•رﻋﺎﯾﺔ اﻷطﻔﺎل واﻟﺸﺒﺎب‪:‬‬
‫اﺷﺘﻤﻞ ﺗﺸﺮﯾﻊ ) ﻟﻮﮐﻮرﺟﻮس ( اﻻﺳﺒﺮطﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎم ﻟﺘﺮﺑﯿﺔ اﻷطﻔﺎل ﻣﻨﺬ وﻻدﺗﮭﻢ إﻟﻰ أن ﯾﺼﯿﺮوا ﺟﻨﻮدا ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﺣﯿﺚ ﻛﺎن اﻟﻄﻔﻞ‬
‫اﻟﺴﻠﯿﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺒﻠﻎ ﺳﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﯾﺆﺧﺬ ﻣﻦ واﻟﺪﯾﮫ وﯾﻮﺿﻊ ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﻌﺪة ﻷﻣﺜﺎﻟﮫ وﯾﺘﻢ ﺗﺪرﯾﺒﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺮي واﻟﻘﻔﺰ واﻟﻤﺼﺎرﻋﺔ‬
‫واﻟﺘﻤﺮﯾﻨﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﯾﺔ‪ ،‬وﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﯾﻨﺸﺄ ھﺆﻻء اﻷﻓﺮاد أﻗﻮﯾﺎء ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺗﮭﺘﻢ ﺑﺈﻋﺪاد اﻟﺸﺒﺎب ﺧﺎﺻﺔ اﻷﻗﻮﯾﺎء ﻣﻨﮭﻢ ﻟﯿﻌﮭﺪ‬
‫إﻟﯿﮭﻢ ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﺸﺮطﻲ وﯾﺘﻢ إﻋﺪادھﻢ إﻟﻰ أن ﯾﺼﺒﺤﻮا أھﻼ ﻟﻠﺤﻘﻮق اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ‪.‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ اﻷﺳﺮة‪:‬‬
‫ﻛﺎن اﻟﺰواج ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻨﺴﯿﻦ ﻓﻲ ﺳﻦ ﻣﻌﯿﻨﺔ وإن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻈﺮة إﻟﻰ اﻷﺳﺮة ﻛﺂﻟﺔ ﻹﻧﺘﺎج اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺄﺧﺬھﻢ اﻟﺪوﻟﺔ وﺗﻌﺪھﻢ ﺟﻨﻮدا ﻟﮭﺎ‪،‬‬
‫وﻛﺎﻧﺖ اﻷﺳﺮة ﻛﻤﺎ أوﺿﺢ "أﻓﻼطﻮن " ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻟﺰوج واﻟﺰوﺟﺔ وﺗﻜﻮن ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ رأس اﻷﺳﺮة واﻟﻤﺮأة ﺗﻠﯿﮫ‬
‫ووظﯿﻔﺘﮭﺎ ﺗﺮﺑﯿﺔ اﻷطﻔﺎل واﻟﻌﻨﺎﯾﺔ ﺑﺸﺌﻮن اﻟﻤﻨﺰل‪.‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻔﻘﺮاء‪:‬‬
‫وﺟﺪت دور ﻹﯾﻮاء اﻟﻔﻘﺮاء ﺳﻤﯿﺖ" ﺑﺎﻟﻤﻨﺎزل اﻟﺘﻲ ﻻ أﺑﻮاب ﻟﮭﺎ " ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻹﻏﺮﯾﻘﻲ ﯾﻘﻮم ﺑﺘﻌﻠﯿﻢ أﺑﻨﺎء اﻟﻔﻘﺮاء ﺧﺎﺻﺔ أﯾﺘﺎم‬
‫اﻟﺤﺮب وﺗﻮزﯾﻊ اﻟﻐﻼل ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﺮاء ﺑﺪاﻓﻊ ﺳﯿﺎﺳﻲ أو ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﻄﻮارئ واﻟﻜﻮارث‪.‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ ﺻﺤﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺘﻄﻮر واﻧﺘﺸﺎر اﻟﻄﺐ ﻓﻲ اﻟﯿﻮﻧﺎن اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻓﻘﺪ ﺗﻢ ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻟﺼﺤﯿﺔ ﻟﻔﺌﺎت اﻟﺸﻌﺐ ﻋﻦ طﺮﯾﻖ اﻟﻜﮭﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ ﺳﻮاء ﻋﻦ‬
‫طﺮﯾﻖ اﻷﻋﺸﺎب أو ﻋﻼج اﻷﻣﺮاض اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺸﺮت ﻟﺴﻮء اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻟﻈﺮوف اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وظﮭﺮ ﻣﺎ ﻋﺮف‬
‫" ﺑﺎﻟﻄﺐ اﻷﺑﻘﺮاطﻲ" واﻟﺬي اھﺘﻢ ﺑﺎﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻮﻗﺎﺋﯿﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻨﺎﯾﺔ ﺑﺎﻷﺻﺤﺎء ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻌﻼﺟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪم‬
‫ﻟﻠﻤﺮﺿﻰ ﺑﺪون ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﯿﺎن‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺜﺎ ً‪ :‬اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺮوﻣﺎن‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ أﻏﻠﺐ أرض روﻣﺎ ﺟﺪب وﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﺎﻟﻤﻮطﻦ اﻟﺬي ﯾﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﯿﮫ وﻛﺎﻧﺖ أھﻢ اﻟﻤﻈﺎﻟﻢ اﻟﺘﻲ ﯾﺸﻜﻮ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﺸﻌﺐ ھﻲ اﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وﻓﻲ اﻟﺰواج واﻟﻮظﯿﻔﺔ ﺑﯿﻨﮭﻢ وﺑﯿﻦ اﻷﺷﺮاف‬
‫وﻣﻊ ﻗﺴﻮة اﻟﺤﯿﺎة إﻻ أﻧﮫ ﻗﺪ ظﮭﺮت ﺑﻌﺾ ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺸﻌﺐ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ طﺒﻘﺔ اﻷﺷﺮاف‪.‬‬

‫وﻓﯿﻤﺎ ﯾﻠﻲ ﻋﺮﺿﺎ ﻟﻠﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪة ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﺮوﻣﺎن ودواﻓﻊ وﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﯿﺔ ﻓﯿﮫ‪- :‬‬
‫‪ -١‬اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪة ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﺮوﻣﺎن‪:‬‬
‫ﻛﺎن ﺳﻜﺎن " روﻣﺎ " ﯾﻨﻘﺴﻤﻮن ﻗﺴﻤﯿﻦ ھﻤﺎ‪:‬‬
‫اﻟﻘﺴﻢ اﻷول‪ :‬ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻷﺷﺮاف‪ :‬وﻛﺎﻧﻮا ﯾﺴﻜﻨﻮن ﻓﻮق اﻟﺘﻼل‬
‫اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ :‬وھﻢ اﺗﺒﺎع ﻣﻠﺤﻘﻮن ﺑﺎﻷﺷﺮاف ﻻ ﺣﻘﻮق ﻟﮭﻢ وﻻﻛﯿﺎن‪.‬‬
‫وﻛﺎﻧﺖ طﺒﻘﺔ اﻷﺷﺮاف ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻮظﺎﺋﻒ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷراﺿﻲ اﻟﺰراﻋﯿﺔ ﻣﻘﺴﻤﺔ إﻟﻰ ﻣﻘﺎطﻌﺎت ﻛﺒﯿﺮة ﯾﻤﻠﻜﮭﺎ اﻷﻏﻨﯿﺎء‪ .‬وھﺆﻻء ﻛﺎﻧﻮا‬
‫ﯾﺴﺘﺨﺪﻣﻮن اﻟﻌﺒﯿﺪ ﻓﻲ ﻓﻼﺣﺘﮭﺎ‪ ،‬ﯾﻌﻤﻠﻮن ﺑﮭﺎ وھﻢ ﻣﻜﺒﻠﻮن ﺑﺎﻟﺴﻼﺳﻞ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻷﺷﺮاف‬
‫ﯾﻨﺘﮭﺰون ﺣﺪوث اﻟﻜﻮارث ﻟﻠﺘﻨﻜﯿﻞ ﺑﺎﻟﻌﺎﻣﺔ وإﻣﻼء إرادﺗﮭﻢ ﻋﻠﯿﮭﻢ وإذﻻﻟﮭﻢ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺤﺎﺟﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪة‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺤﻜﺎم واﻷﻏﻨﯿﺎء‬
‫ﯾﺴﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﺎﻟﻮﺣﻮش وھﻲ ﺗﻨﮭﺶ اﻵدﻣﯿﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﯿﺪ ﻓﻲ ﻣﺪرﺟﺎت اﻟﻠﮭﻮ‪ ،‬وﻛﺎﻧﻮا ﯾﺘﻔﻨﻨﻮن ﻓﻲ ﺗﻨﻮﯾﻊ ھﺬه اﻟﻤﻼھﻲ وﯾﻄﯿﻠﻮن ﻋﺬاب‬
‫اﻟﺒﺆﺳﺎء ﻗﺒﻞ أن ﯾﻨﻘﺾ ﻋﻠﯿﮭﻢ اﻟﻮﺣﻮش ﻻﻓﺘﺮاﺳﮭﻢ‪.‬‬
‫وﻛﺜﯿﺮا ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻨﺸﺄ اﻟﻨﺰاع ﺑﯿﻦ اﻷﺷﺮاف وطﺒﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻓﻲ أول اﻷﻣﺮ ﻛﺎﻧﺖ طﺒﻘﺔ اﻷﺷﺮاف ﻟﮭﺎ اﻟﻜﻔﺔ اﻟﺮاﺟﺤﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﺳﺘﻤﺮ اﻟﻜﻔﺎح‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺒﻘﺘﯿﻦ ﻣﻦ اﺟﻞ اﻟﻤﺴﺎواة ﺑﯿﻨﮭﻢ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﺰواج واﻟﻮظﯿﻔﺔ واﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺪﯾﻮن اﻟﺬي ﯾﺒﯿﺢ ﻟﻠﺪاﺋﻦ‬
‫أن ﯾﺴﺘﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ اﻟﻤﺪﯾﻦ واﻟﺰج ﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ إﻟﻰ أن ﯾﻮﻓﻲ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ دﯾﻮن‪.‬‬
‫‪ -٢‬اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ أوﺟﺒﺖ ظﮭﻮر اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪:‬‬
‫ظﮭﺮت ﺑﻌﺾ أوﺟﮫ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻛﻔﺎح ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺸﻌﺐ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺣﻘﻮﻗﮭﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ واﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺰواج واﻟﻮظﯿﻔﺔ ﺑﯿﻦ اﻷﺷﺮاف واﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺪﯾﻮن‪.‬‬
‫وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ ظﮭﺮت ﺑﻌﺾ أوﺟﮫ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﻌﺪة ﻋﻮاﻣﻞ ھﻲ‪:‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷول‪ :‬ﻋﻮاﻣﻞ إﻧﺴﺎﻧﯿﺔ‪:‬‬
‫ﺣﯿﺚ ﻛﺎن ھﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻷﻏﻨﯿﺎء اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﻄﻔﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﺮاء وﯾﻨﺎدون ﺑﺎﻟﺨﯿﺮ وﺣﻤﺎﯾﺔ ﺿﻌﻒ اﻹﻧﺴﺎن وﻋﺠﺰه ﻓﯿﻘﺪﻣﻮن ﻟﮭﻢ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ‬
‫ﺑﺪاﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﺸﻔﻘﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬ﻋﻮاﻣﻞ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻛﺎن اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪات اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺑﻌﺾ اﻷﻏﻨﯿﺎء ﻟﻠﻔﻘﺮاء ھﻮ ﻋﺎﻣﻞ ﺳﯿﺎﺳﻲ وذﻟﻚ ﻟﺤﻤﺎﯾﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ ﺷﺮور اﻟﻔﻘﺮاء‬
‫وﻟﯿﺲ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ أو ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻟﻔﺌﺎت اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺎﺟﺰة ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﻌﺘﺒﺮ ھﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻔﻘﯿﺮة ﻣﺼﺪرا‬
‫ﻟﻠﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﯾﻌﯿﺸﻮن ﻓﯿﮫ‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﻋﻮاﻣﻞ دﯾﻨﯿﺔ‪:‬‬
‫ﯾﻌﺘﺒﺮ اﻟﺪﯾﻦ أﺣﺪ اﻟﻤﺆﺛﺮات اﻟﮭﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺣﯿﺚ ظﮭﺮت ﺑﻌﺾ أوﺟﮫ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﻈﺎھﺮة اﻟﺘﻘﺮب إﻟﻰ اﻵﻟﮭﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﺮاﺑﯿﻦ اﻟﺘﻲ ﻣﺜﻠﺖ أﺣﺪ ﺻﻮر اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ ﻋﻦ طﺮﯾﻖ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻜﮭﻨﺔ أو ﻋﻦ طﺮﯾﻖ اﻟﻮﻻﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪﻣﮭﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺗﻨﻈﯿﻢ‬
‫اﻟﻤﺂدب اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻓﻲ اﻷﻋﯿﺎد اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﯿﺚ ارﺗﻜﺰ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿﺔ ﻋﻠﻰ أرﺑﻊ ﺟﻤﺎﻋﺎت ھﻲ‪ :‬ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﻜﮭﻨﺔ‪،‬‬
‫ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻌﺮاﺑﯿﻦ‪ ،‬ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ‪ ،‬ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻟﻤﺂدب اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺮاﺑﻊ‪ :‬ﻋﻮاﻣﻞ ﺗﺸﺮﯾﻌﯿﺔ‪:‬‬
‫ﺣﯿﺚ ظﮭﺮت ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻲ ﺑﻤﻘﺘﻀﺎھﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿﺔ ﺗﻮزع اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﺮاء واﻟﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷواﻣﺮ‬
‫ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ أن أي أﺳﺮة ﻻ ﺗﺨﺰن ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ ﻣﺎ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﮭﻼك ﻟﻤﺪة ﺷﮭﺮ وﯾﻮزع اﻟﻔﺎﺋﺾ ﻟﺪﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﺋﻌﯿﻦ واﻟﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ‪،‬‬
‫وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﺨﻔﺾ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﺪﯾﻮن اﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﺳﺪاد دﯾﻮﻧﮭﻢ‪.‬‬
‫‪ -٣‬ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺮوﻣﺎن‪:‬‬
‫ﺗﺒﻠﻮرت اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﺮوﻣﺎن ﻓﻲ ﻋﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻈﺎھﺮ ﻣﻨﮭﺎ‪- :‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻔﻘﺮاء‪:‬‬
‫ﻛﺎن اﻷﺛﺮﯾﺎء ﻣﻦ ﻏﯿﺮ اﻟﻨﺒﻼء ﯾﻮزﻋﻮن اﻟﻘﻤﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﺮاء ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺸﺘﺪ اﻟﻘﻤﺢ ﺑﺪون ﻣﻘﺎﺑﻞ أو ﺑﺄﺳﻌﺎر زھﯿﺪة ﺑﺪاﻓﻊ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﻌﻄﻒ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﺮاء اﻟﺠﺎﺋﻌﯿﻦ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺘﻮزﯾﻊ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﺮاء ﻛﻤﺎ ﻗﺎم ﺑﻌﺾ اﻷﻏﻨﯿﺎء ﺑﺘﻘﺪﯾﻢ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﻐﺬاء واﻟﻜﺴﺎء واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‬
‫واﻟﺘﻌﻠﯿﻢ وﻗﺎﻣﺖ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ ﺑﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﻤﺂدب واﻟﻮﻻﺋﻢ ﻓﻲ اﻷﻋﯿﺎد اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ‪.‬‬
‫• رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻤﻨﻜﻮﺑﯿﻦ‪:‬‬
‫ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿﺔ ﺑﺈﻏﺎﺛﺔ ﻟﻸﺳﺮ اﻟﻤﻨﻜﻮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺬھﺐ أﻓﺮادھﻢ ﺿﺤﯿﺔ اﻟﻤﺠﺎﻋﺎت اﻟﻘﺎﺗﻠﺔ واﻟﺤﺮوب وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﺸﻮھﯿﻦ واﻟﻌﺎﺟﺰﯾﻦ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺮﻗﯿﻖ واﻷﺳﺮى وذﻟﻚ ﺣﻤﺎﯾﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻣﻦ ﺷﺮورھﻢ‪.‬‬
‫• اﻟﺮﻋﺎﯾﺔ اﻟﻄﺒﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺪم ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﺑﺪ ﻟﻠﻤﺮﺿﻰ ﺑﺪون ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻤﺮﺿﻰ ﻏﯿﺮ اﻟﻘﺎدرﯾﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﺎﻟﯿﻒ اﻟﻌﻼج‪.‬‬
‫رﻋﺎﯾﺔ اﻷﺳﺮة‪:‬‬
‫ﻟﻘﺪ أﻓﺮزت اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻣﻮاﺛﯿﻖ ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔ أطﻠﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ "اﻷﻟﻮاح اﻟﻤﻌﺪﻧﯿﺔ " ﺷﻤﻠﺖ ﺷﺌﻮن اﻷﺳﺮة وﻧﺒﺬت اﻟﻄﺒﻘﯿﺔ ﻋﻨﺪ‬
‫رﻋﺎﯾﺔ اﻷﺳﺮة ﻟﺘﻜﻮﯾﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺳﺤﻖ اﻷﻋﺪاء ﻛﻤﺎ أﻓﺮزت ﻣﺎﯾﻌﺮف "ﺑﺎﻟﻌﻮاطﻒ اﻟﺨﺎﺻﺔ " ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة ﺑﻌﯿﺪة ﻋﻦ‬
‫اﻟﻘﻮاﻟﺐ اﻟﻨﻤﻄﯿﺔ ﻟﻠﺰواج‪ ،‬وﻛﺎن رب اﻷﺳﺮة ﯾﺘﻮﻟﻰ ﺟﻤﯿﻊ أﻋﻤﺎل اﻟﺰراﻋﺔ وﯾﻔﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎزﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﻓﻲ اﻷﺳﺮة وﯾﺘﺮك اﻷﻋﻤﺎل‬
‫اﻟﻤﻨﺰﻟﯿﺔ ﻟﻠﺰوﺟﺔ وﻛﺎن اﻟﺪور اﻟﻘﯿﺎدي داﺧﻞ أﺳﺮﺗﮫ ﯾﻔﺮض ﻋﻠﯿﮫ اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺘﺮﺑﯿﺔ اﻷﺑﻨﺎء وﺗﺜﻘﯿﻔﮭﻢ ﻓﻜﺮﯾﺎ ً إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﯿﺔ‬
‫اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻘﻮﯾﺔ اﻹرادة وإﺣﯿﺎء ﻓﻜﺮة اﻟﻮاﺟﺐ ﻧﺤﻮ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿﺔ‪.‬‬
‫• اﻟﺘﺮوﯾﺢ وﺷﻐﻞ أوﻗﺎت اﻟﻔﺮاغ‪:‬‬
‫اھﺘﻢ اﻟﺮوﻣﺎن ﺑﺎﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻰ وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﻔﻼت اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ واﻟﻤﺼﺎرﻋﺔ ووﺳﺎﺋﻞ ﻟﮭﻮ اﻷطﻔﺎل واﻟﺸﺒﺎب واﻷﻟﻌﺎب اﻟﺮﯾﺎﺿﯿﺔ واﻟﺘﻲ اﺳﺘﮭﺪﻓﺖ‬
‫اﻟﺘﺮوﯾﺢ وﺷﻐﻞ وﻗﺖ اﻟﻔﺮاغ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ وﺗﻨﻤﯿﺔ أﺟﺴﺎم اﻟﺸﺒﺎب ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ أﺧﺮى‪.‬‬

You might also like