You are on page 1of 7

‫المحاضرة‪ :‬الثانية‪ :‬المدخل البنائي في تفسير المنظمات‬

‫أوال‪ :‬المدخل البنائي‪:‬‬

‫يستعين هذا المدخل في دراسته لتسيير الموارد البشرية ‪،‬بالتصورات النظرية النسقية في‬

‫علم االجتماع فهو يعكس الجانب التطبيقي لهذه النظرية في ميدان العمل و التسيير ‪ ،‬حيث‬

‫ي رى أص حاب ه ذه االتج اه ب ان التنظيم ات تتخ ذ لنفس ها بن اء تنظيمي ا يتواف ق م ع أه دافها‬

‫وذال ك من حيث األقس ام و الوح دات و الف روع و ت رتيب الس لطة و مس تويات المس ؤولية و‬

‫نظام االتصال ‪،‬و هذا باإلضافة إلى البناءات األخرى ذات الطابع العمالي مثل الجماعات‬

‫الرس مية في التنظيم و فروعه ا الممثل ة في تس يير األعم ال دون إغف ال البن اءات غ ير‬

‫يير و التنظيم ‪.‬‬ ‫مية في التس‬ ‫الرس‬

‫و تأسيسا على ذالك فان السلوك الفردي و الجماعي في نطاق التسيير يمكن أن يفسر في‬

‫ض وء طابع ه البن ائي ال ذي ي ترك أث اره واض حة على س لوكات األف راد و تص رفاتهم ‪ ،‬و‬

‫لذالك يميل أصحاب هذا االتجاه إلى الكشف عن أسباب الظواهر االجتماعية التنظيمية في‬

‫الن واحي البنائي ة للتنظيم و تس ييرها في ض وء مق والت نظري ة النس ق االجتم اعي ‪،‬و ذال ك‬

‫مثل التغيب عن العمل و دوران العمل و عمليات التكيف و االندماج و الصراع و غيرها‬

‫من العملي ات االجتماعي ة و ه ذا وف ق االف تراض القائ ل ب ان "ب ان األبني ة التنظيمي ة أو‬

‫االحتياجات السيكولوجية لألعضاء تحدد السلوك "‬


‫ينظر هذا المدخل ‪ -‬في ضوء نظرية األبنية أو النسق – إلى أن التنظيمات بصفتها أبنية‬

‫اجتماعي ة تتك ون من أبني ة فرعي ة ‪،‬و هي ب دورها تعت بر عنص را بنائي ا في بن اء اجتم اعي‬

‫اش مل ‪ ،‬بمع نى أخ ر أن تس يير الم وارد البش رية هي ض من ه ذه األبني ة و ال تق وم األبني ة‬

‫االجتماعية بدونها و بالتالي التنظيمات إلى جانب تكونها من عدة انساق فرعية ضمن نسق‬

‫اجتماعي اكبر و اشمل لي هو المجتمع ‪ .‬و هذه النظرة تقوم على عدة مسلمات من بينها ‪:‬‬

‫" بان التنظيمات تتكون من مجموعة من األجزاء التي تعتمد على بعضها البعض ‪ ،‬و ان‬

‫التنظيمات لها احتياجات من اجل البقاء ‪ ،‬و أن التنظيمات كأنساق تتصرف و تؤدي أفعاال‬

‫"‪3.‬‬

‫فبالنسبة العتماد هذه األبنية الفرعية على بعضها البعض فذالك يعني ا ناي تأثير يصيب‬

‫ج زء من أج زاء التنظيم ‪،‬ف ان ذال ك الت أثير ينتق ل إلى أج زاء أخ رى ‪،‬و ه ذا على مس توى‬

‫الداخلي و الخارجي مع األنساق األخرى في المجتمع األكبر‪.‬و حاجات النسق هنا تحقيق‬

‫تمرار‪.‬‬ ‫اء واالس‬ ‫ه البق‬ ‫من لنفس‬ ‫ة ليض‬ ‫داف المؤسس‬ ‫أه‬

‫وغ ير بعي د عن ه ذا الم دخل نج د الم دخل اإلداري ال وظيفي ‪ ،‬ال ذي ينطل ق أنص اره من‬

‫إيم انهم أن المنظم ات على اختالفه ا شخص ية مؤسس ة تميزه ا عن شخص يات اإلف راد و‬

‫الجماعة و إن هناك مبادئ عامة تحكمها يمكن االسترشاد بها إلدارتها و تنظيمها و ضمان‬

‫كفاءتها و تحسين أدائها ‪ .‬و قد ساهمت جهود المعنيين بهذا المدخل اإلداري الوظيفي في‬

‫تعميق مفهوم الوظيفة اإلدارية و العملية اإلدارية و عناصر اإلدارة و نشاطاتها ‪،‬و كيفية‬
‫تقس يم األعم ال و توزي ع الص الحيات و المه ام و تنظيم االتص االت و ح ددت مع اني‬

‫الصالحية و المسؤولية وكيفية رسم الخرائط و الهياكل التنظيمية و إعادة تنظيم المؤسسات‬

‫راف المناسب ‪1.‬‬ ‫اق اإلش‬ ‫ة و نط‬ ‫س الرقاب‬ ‫و أس‬

‫أن اغلب الكتابات التنظيمية المطروحة ضمن هذا المدخل اإلداري الوظيفي تعد تقليدية من‬

‫وجهة نظر السلوكيين ‪ ،‬لكونها انطلقت من التعامل مع المنظمات و المعرفة التنظيمية فيه‬

‫ة بحتة ‪.‬‬ ‫ة إداري‬ ‫هي معرف‬

‫و هكذا فقد عالج المدخل المدخل البنائي للتنظيمات في ضوء أربعة تصورات هي ‪----:‬‬

‫‪ -‬التنظيمات ابنية اجتماعية توافقية‬

‫‪ -‬التنظيمات انساق اجتماعية‬

‫‪ -‬ظواهر االغتراب و الصراع في التنظيمات‬

‫‪ -‬ظواهر القوة و الصراع في التنظيمات‬

‫فالتص ور األول ال ذي ي رى التنظيم ات و م ا تحمل ه من م وارد بش رية و مادي ة عب ارة عن‬

‫أبنية اجتماعية توافقية فهو من تطوير أعمال "فيليب سيزلينك " الذي يرى التنظيمات من‬

‫اجل تحقيق أهدافها و مواردها المادية و اإلنسانية و الفنية ‪،‬مما يجعل األفراد يقاومون كل‬

‫محاولة تعاملهم كوسائل و هم يتفاعلون كجماعات و يعملون على تحقيق أهدافهم ‪ ،‬و حل‬

‫مش اكلهم ‪ ،‬فيظه ر نتيج ة الى ذال ك البن اء غ ير الرس مي ض روريا و جوهري ا في النس ق‬

‫الرس مي ‪ ،‬و من ثم يفس ر الس لوك ض من تس يير الم وارد البش رية باعتب اره اس تجابة له ذه‬
‫الحاجات و التكيف مع ما تدخله من ميكانيزمات الدفاع عن تحوالت بنائية على التنظيم ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للتصور الثاني الذي يرى التنظيمات على انها انساق اجتماعية ‪،‬فهو من تطوير‬

‫أعمال ) تلكوت بارسونز ( و الذي نظر إلى التنظيمات على انها انساق اجتماعية طبيعة و‬

‫اعتبره ا مج اال ممت ازا الختب ار نظريت ه العام ة في النس ق االجتم اعي‪ ،‬ف ان أراد ان يطب ق‬

‫المشكالت األربع التي تواجه األنساق بصفة عامة على التنظيمات بصفتها انساق اجتماعية‬

‫كالت في ‪:‬‬ ‫ذه المش‬ ‫له‬ ‫و تتمث‬

‫التكيف و االنجاز ‪ ،‬األهداف و التكامل و الكمون ) ضبط التوتر ( و ان جميع المشكالت‬

‫ال تي تواج ه التنظيم ات تنحص ر في ه ذه المش كالت و يجب معالجته ا لض مان الت وازن‬

‫الداخلي لتسيير الموارد البشرية و تنظيمها و فهم العالقات و السلوكيات الفردية والجمعية‪.‬‬

‫أما التصور الثالث الذي يرى التنظيم و تسيير الموارد البشرية على أنها مجال أو حيز من‬

‫االغ تراب و الص راع فه و من تط وير أعم ال ) امت اي اتزي وني ( ال ذي ي رى االغ تراب و‬

‫الصراع بامران ال يخلو منها التنظيمات في نمط تسيير الموارد البشرية بل مرغوب فيهم ا‬

‫في بعض األحيان ‪ ،‬يعني النظر الى المنظمات على أنها وحدات اجتماعية متباينة معق دة و‬

‫كبيرة تتفاعل داخلها جماعات متباينة و كثيرة ‪ ،‬فالصراع حسب ايتزيوني أمر مؤكد في‬

‫التسيير للموارد البشرية‪ ،‬إضافة إلى غربة العامل في عمله بسبب رتابة العمل و خضوعه‬

‫اله عن إنتاجه ‪1.‬‬ ‫ان و انفص‬ ‫ان و المك‬ ‫ل من حيث الزم‬ ‫ة العم‬ ‫لتنظيم عملي‬

‫أم ا بالنس بة للتص ور الراب ع ال ذي ي رى ب ان تس يير الم وارد البش رية تنط وي على الق وة و‬
‫الص راع فه و من تط وير أعم ال ) ألفين جول دنر (ال ذي يعتق د ب ان التنظيم ات ليس ت دوم ا‬

‫منسجمة‪ ،‬فالتنظيم غير الرسمي الذي يشير إلى أنماط من المعتقدات و العواطف و بصفة‬

‫أدق ف ان العالق ات االجتماعي ة بين أف راد التنظيم تش تمل على عالق ات الم ودة و العاطف ة ‪،‬‬

‫كمم ا أنه ا تس تلزم على بعض ص ور الع داوة و الص راع‪ 2.‬و هك ذا ف التنظيم نس قا عن من‬

‫الق وى المتص ارعة بس بب تع ارض بين مص الح جماع ات العم ل على المس توى ال داخلي و‬

‫توى المجتمعي الكلي ‪.‬‬ ‫ات على المس‬ ‫جماع‬

‫‪ -‬المدخل السلوكي‪:‬‬

‫ينطل ق ه ذا الم دخل من فك رة أن تس يير الم وارد البش رية و تنظيم األعم ال عب ارة عن بيئ ة‬

‫تؤثر في سلوكيات األفراد و عالقاتهم ‪ ،‬و من ثم يمكن دراستها و فهمها في ضوء البيئة‬

‫الداخلية للتنظيم ‪ ،‬المتمثلة في الجو او المناخ التنظيمي السائد فيه الذي يعيش فيه األفراد‬

‫ويتف اعلون م ع عناص ره المختلف ة ‪ ،‬من أف راد و جماع ات و ق وانين و إج راءات منظم ة و‬

‫ر التالية ‪:‬‬ ‫ا من العناص‬ ‫ا و غيره‬ ‫ات و تكنولوجي‬ ‫ابطة للعالق‬ ‫ض‬

‫‪ ++++++++++++++++++++++++++++-0‬العنص‪++++++++++++++++++++++++++++‬ر البش‪++++++++++++++++++++++++++++‬ري )األف‪++++++++++++++++++++++++++++‬راد و الجماع‪++++++++++++++++++++++++++++‬ات (‬

‫‪ -‬العنص ‪++‬ر التش ‪++‬ريعي الق ‪++‬انوني‪ +‬المنظم للعالق ‪++‬ات ‪ -‬العنص ‪++‬ر التكنول ‪++‬وجي الف ‪++‬ني للعمل ‪.‬‬

‫‪ -‬الظ‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬روف الفيزيقي‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬ة للعمل‪.‬‬

‫و قد ركز هذا المدخل كذالك لدراسته تسيير الموارد البشرية و في نطاق التنظيم على عدة‬

‫اد ‪:‬‬ ‫أبع‬


‫‪ -‬أس‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬اليب القي‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬ادة‬

‫‪ -‬المش‪++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬اركة ‪.‬‬

‫‪ ++-3‬الخص‪++‬ائص األساس‪++‬ية الشخص‪++‬ية‪ +‬اإلنس‪++‬انية‪ +‬في مقاب‪++‬ل خص‪++‬ائص التنظيم الرس‪++‬مي ‪.‬‬

‫‪ +++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++-4‬العم‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬ل مقاب‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬ل الح‪+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++‬وافز ‪1‬‬

‫إن جمي ع ه ذه األبع اد التنظيمي ة تش كل بيئ ة التنظيم ال تي تتح دد في ض وئها االتجاه ات و‬

‫ال دوافع ل دى األعض اء في موق ف العم ل ‪ ،‬و تح دد س لوكا تهم و تص رفاتهم في نط اق‬

‫التنظيم‪.‬‬

‫فالنس بة ألس اليب القي ادة ‪،‬و في ض وء نت ائج البح وث ال تي أج ريت في ه ذا المي دان يش ير )‬

‫ماكر يجور ( الى أن القيادة داخل التنظيم هي عبارة عن العالقة بين خصائص آو سمات‬

‫القائ د و و اتجاه ات و حاج ات اإلتب اع و خص ائص التنظيم و الوس ط االجتم اعي و‬

‫االقتصادي و السياسي الذي توجد فيه ‪ ،‬حيث أكد ان هناك عالقة بين اعتماد متبادل بين‬

‫رؤوس ‪.‬‬ ‫رئيس و الم‬ ‫ال‬

‫أما لبعد المشاركة ‪ ،‬يعني المشاركة في تحديد األهداف و اتخاذ القرارات تمثل اهم أسس‬

‫ادة التنظيمية‪.‬‬ ‫القي‬

‫أما بالنسبة للخصائص األساسية للشخصية لإلنسانية في مقابل خصائص التنظيم الرسمية‬

‫فق د ح اول )ارج ريس ( آن يط ور ه ذا البع د في دراس ة الس لوك اإلنس اني في التنظيم من‬

‫خالل ترك يزه على التفاع ل بين األف راد و التنظيم الرس مي ) أي التفاع ل و الرب ط بين‬
‫الخصائص اإلنسانية للفرد العامل و الخصائص الرسمية للتنظيم ‪.‬و هذا التفاعل يتأثر كل‬

‫واحد منهما بخصائص األخر‪.‬و من ثم هذا التفاعل و فهم العالقات بين التنظيم الرسمي و‬

‫خص ائص الف رد العام ل ‪،‬يس اعد التنظيم غ ير الرس مي في التقلي ل من األس باب األساس ية‬

‫للصراع و اإلحباط التنظيمي للموارد البشرية‪ .‬أما للبعد األخير للعمل مقابل الحوافز ‪ ،‬هو‬

‫تط وير لألبح اث و لمجموع ة من العلم اء في التنظيم و تس يير الم وارد البش رية ‪ ،‬ال ذين‬

‫ساهمو ا بشكل جيد في الحوافز المادية ‪1 .‬لكن اهملو الجانب اإلنساني المعنوي و الحافز‬

‫المعنوي الذي من شانه ان يؤدي إلى تحقيق أهداف الشخصية للعامل و الوالء لمؤسسة و‬

‫اة المؤسسة‪.‬‬ ‫تمرارا حي‬ ‫ة و اس‬ ‫ق اإلنتاجي‬ ‫تحقي‬

You might also like