You are on page 1of 50

‫تحفة الطالب‬

‫بشرح تحرير تنقيح اللباب‬

‫للشيخ أبي يحيى زكريا بن محمد األنصاري الشافعي‬


‫المتوفى سنة ‪925‬هـ‬

‫شركة دار المشاريع‬


‫للطباعة والنشر والتوزيع ش‪.‬م‪.‬م‬

‫ملتزم الطبع‬
‫دار المشاريع للطباعة والنشر والتوزيع‬
‫الطبعة األولى‬
‫‪1425‬هـ‪2005/‬ر‬
‫ترجمة الشيخ زكريا األنصاري [‪]1‬‬

‫هو الشيخ زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا األنصاري السنيكيـ ثم القاهري األزهري الشافعي‪ُ .‬ولد سنة‬
‫ست وعشرين وثمانمائةـ [‪ ]2‬بسنكية من الشرقية ونشأ بها وحفظ القرءانـ وعمدة األحكام وبعض‬
‫تحول إلى القاهرة سنة إحدى وأربعين فقطن في جامع األزهر وكمل حفظ المختصر‬
‫مختصر التبريزيـ ثم ّ‬
‫ثم حفظ المنهاج الفرعيـ واأللفية النحوية والشاطبية والرائيةـ وبعض المنهاج األصلي ونحو النصف من‬
‫وجد فيه وكان ممن‬
‫يسيرا ثم رجع إلى بلده وداوم االشتغال ّ‬
‫ألفية الحديث ومن التسهيل وأقام بالقاهرةـ ً‬
‫أخذ عنه القاياتيـ والعلم البلقينيـ والشرف السبكي والشموس الوفائي والحجازي والبدرشي والشهاب ابن‬
‫المجدي والبدر النسابة والزينـ البوشنجي والحافظ ابن حجر والزين رضوان في ءاخرين وحضر دروس‬
‫الشرف المناوي وأخذ عن الكافيجي وابن الهمام ومن ال ُيحصى كثرة‪ ،‬ورجع إلى القاهرة فلم ينفك عن‬
‫االشتغال واألشغال مع الطريقة الجميلةـ والتواضع وحسن العشرة واألدب والعفة واالنجماع عن أبناء‬
‫الدنيا مع التقللـ وشرف النفس ومزيد العقل وسعة الباطن واالحتمال‪ ،‬والمداراة وأذن له غير واحد من‬
‫شيوخه في اإلفتاء واالقراء منهم شيخ اإلسالم ابن حجر وتصدى للتدريس في حياة شيوخه‪ ،‬وانتفع به‬
‫كثيرا من‬ ‫ِ‬
‫الفضالء طبقة بعد طبقة‪ ،‬وشرح عدة كتب وألف ما ال يحصى كثرة‪ ،‬وقُص َد بالفتاوى وزاحم ً‬
‫شيوخه‪ ،‬وولي تدريس عدة مدارس إلى أن رقي إلى منصب قضاء القضاةـ بعد امتناع كثير وذلك في رجب‬
‫سنة ست وثمانين‪،‬ـ واستمر‬

‫[‪ ]1‬مصادر ترجمته‪ :‬معجم المؤلفين [‪ ،]4/182‬الكواكب السائرة للغزي [‪ ،]207-1/196‬شذرات‬


‫الذهب البن العماد [‪ ،]136-8/132‬النور السافر للعيدروسي‪ ،125 -120 :‬البدر الطالع للشوكاني [‬
‫‪ ،]253-2/252‬نظم العقيان‪:‬ـ ‪ ،113‬كشف الظنون لحاجي خليفة‪ ،‬وإ يضاح المكنون للبغدادي‪ ،‬فهرس‬
‫الفهارس للكتانيـ [‪.]345-1/343‬‬
‫تقريبا سنة ‪824‬هـ‪ ،‬وفي الكواكب السائرة ولد سنة ‪ ،823‬وفي رواية سنة‬
‫ً‬ ‫[‪ ]2‬في نظم العقيان ولد‬
‫‪824‬هـ‪.‬‬
‫كف بصره‪ ،‬فعزل بالعمى ولم يزل مالزم التدريس‬
‫قاضيا مدة والية األشرف قاتيباي ثم بعد ذلك إلى أن ّ‬
‫ً‬
‫واإلفتاء‪،‬ـ والتصنيف وانتفع به خالئق ال يحصون منهم ابن حجر الهيتمي‪.‬‬

‫ودفن بالقرافة بالقرب من‬


‫وتوفي يوم الجمعة رابع ذي الحجة بالقاهرةـ سنة خمس وعشرين وتسعمائة ُ‬
‫اإلمام الشافعي رضي اهلل عنه وجزم في الكواكب بوفاته في السنة التي بعدها‪ .‬وقيل عاش مائة وثالث‬
‫سنين‪.‬‬

‫بسم اهلل الرحمنـ الرحيم‬

‫تنقيح اللباب*‬
‫ِ‬ ‫ِـ‬
‫لتحرير‬ ‫تفضل الوهاب* الم ِ‬
‫رشد‬ ‫الحمد ِ‬
‫هلل الم ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بسم اهلل الرحمنـ الرحيم‬

‫قال سيدنا وموالنا قاضي قضاة األنام شيخ مشايخ اإلسالم ملك العلماء األعالم سيبويه زمانه فريد عصره‬
‫وأوانه زين الملة والدين لسانـ المتكلمينـ حجة المناظرين محي سنة سيد المرسلينـ أبو يحيى زكريا‬
‫األنصاري الشافعي رحمه اهلل تعالى ونفعنا والمسلمينـ ببركته‪.‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم الحمد هلل الذي فقه في دينه من اصطفاه من األنام وهدى من ارتضاه لفهم ما‬
‫شرعه من األحكام‪ ،‬أحمده على جميع نعمائه وأشكره على تزايد ءاالئه‪ .‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال‬
‫محمدا عبده ورسوله سيد األنام وبعد‪ :‬فهذا شرح على‬
‫ً‬ ‫شريك له الملكـ العالم‪ .‬وأشهد أن سيدنا ونبينا‬
‫مختصري المسمى بتحريرـ تنقيح اللباب في الفقه على مذهب اإلمام المجتهد الشافعي رضي اهلل تعالى‬
‫عنه يحل ألفاظهـ ويبين مراد ويحقق مسائله ويحرر دالئله وسميته "تحفة الطالبـ بشرح تنقيح اللبابـ"‬
‫وسببا للفوز بجنات النعيم [بسم اهلل الرحمنـ الرحيم] أي‬
‫ً‬ ‫خالصاـ لوجهه الكريم‬
‫ً‬ ‫واهلل الكريم أسأل أن يجعله‬
‫أؤلف واالسم مشتق من السمو وهو العلو واهلل علم للذات الواجب الوجود والرحمن الرحيم صفتانـ‬
‫الحمد] هو لغة الثناءـ باللسانـ على الجميل االختياري على جهة التبجيل‬‫مشبعتان بنيتا للمبالغة من رحم [ ُ‬
‫ِـ‬
‫لتحرير تنقيح اللباب] ولغيره‬ ‫ِ‬
‫المرشد‬ ‫المتفضل] عليناـ بنعمه [الوهاب] لها [‬
‫وال يكون حقيقة إال [هلل ُ‬
‫جمعا بين االبتداءينـ االبتداء الحقيقي واالبتداء اإلضافي واقتداء بالكتابـ‬
‫وابتدأت بالبسملة ثم بالحمدلةـ ً‬
‫العزيز وعمالً بخبر‪" :‬كل أمر ذي بال ال يبدأ فيه ببسم اهلل الرحمن الرحيم فهو أقطع" [‪ ]1‬وفي رواية‪:‬‬

‫[‪ ]1‬رواه الحافظ عبد القادر الرهاوي في "األربعين"‪.‬‬


‫ِ‬
‫الفقه‬ ‫مختصر في‬ ‫وبعد فهذا‬
‫ُ‬ ‫رام*‬ ‫السادة ِ‬
‫الك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ءاله وصح ِب ِه‬
‫األنام* وعلى ِ‬ ‫ِ‬
‫أشرف ِ‬ ‫والسالم على‬ ‫والصالةُ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫بتنقيح‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلمام أبي ُزرع َة العراقي المسمى‬ ‫مختصر‬ ‫اختصرت ِ‬
‫فيه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫مذهب اإلمام الشافعي رضي اهلل عنه‬ ‫على‬
‫َ‬
‫فوائد‬
‫َ‬ ‫وضممت ِ‬
‫إليه‬ ‫ُ‬ ‫اللُّ ِ‬
‫باب‪،‬ـ‬

‫"بالحمد هلل" [‪ ]1‬رواه أبو داود وغيره وحسنه ابن الصالح وغيره‪ ،‬وقد بسطت الكالم في غير هذا الكتاب‬
‫على الحمد والمدح والشكر والنسبة بينهما [والصالةُ] وهي من اهلل رحمة ومن المالئكة استغفار ومن‬
‫ِ‬
‫أشرف األنام] أي الخلق‬ ‫والسالم] بمعنى التسليم [على] سيدنا محمد نبيناـ [‬ ‫اآلدميين تضرع ودعاء [‬
‫ُ‬
‫[وعلى ءاله] وهو مؤمنو بني هاشم وبني المطلبـ [وصحبه] هو عند سيبويه اسم جمع لصاحب بمعنى‬
‫ِ‬
‫السادة الكرام] صفتانـ لمن ذكر [وبعد]‬ ‫الصحابيـ وهو من اجتمع مؤم ًنا بنبيناـ محمد صلى اهلل عليه وسلم [‬
‫غالبا لتضمنـ أما‬
‫يؤتى بها لالنتقال من أسلوب إلى ءاخر وأصلها أما بعد بدليل لزوم الفاءـ في حيزها ً‬
‫معنى الشرط واألصل مهما يكن من شئ بعد البسملةـ والحمدلة والصالة والسالم على من ذكر [فهذا]‬
‫المؤلَّف الحاضر ذه ًنا [مختصر] من االختصارـ وهو تقليل اللفظـ وتكثير المعنى [في الفقه] هو لغة الفهم‬
‫واصطالحا العلم باألحكام الشرعيةـ العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية [على مذهب اإلمام] المجتهد أبي‬
‫ً‬
‫مجازا‬
‫عبد اهلل محمد بن إدريس [الشافعي رضي اهلل عنه] أي على ما ذهب إليه من األحكام في المسائل ً‬
‫اختصرت فيه مختصر اإلمام أبي زرعة العراقي] رحمه اهلل تعالى [المسمى بتنقيح‬
‫ُ‬ ‫عن مكان الذهاب [‬
‫اللباب] أي تنقيته [وضممت إليه فوائد] جمع فائدة وهي كل مصلحة تترتبـ على فعل فهي من حيث إنها‬

‫[‪ ]1‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب األدب‪ :‬باب الهدي في الكالم‪ ،‬والنسائيـ في السننـ الكبرى‪ :‬كتاب‬
‫عمل اليوم والليلة‪ :‬باب ما يستحبـ من الكالم عند الحاجة‪،‬ـ وابن ماجه في سننه‪ :‬كتاب النكاح‪:‬ـ باب خطبة‬
‫الحاجة‪ ،‬وغيرهم‪ .‬وهذه الرواية حسنها النووي وابن الصالحـ كما في "اتحاف السادة المتقين"ـ [‪]3/466‬‬
‫للزبيدي‪.‬‬
‫وما لتَيسير ِه على‬ ‫عتمد ِ‬
‫وأبدلت غير الم ِ‬ ‫ِ‬
‫عنه ِب ٌّد َر ً‬
‫منه الخالف وما ُ‬
‫وحذفت ُ‬
‫ُ‬ ‫به‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫األلباب‪:‬‬ ‫سُّر بها ذوو‬
‫ُي َ‬
‫طالب الترجيح‪.‬‬ ‫ُـ‬ ‫"تحرير التنقيح" متضرعا إلى اهلل تعالى أن ينتفع ِ‬
‫به‬ ‫ُـ‬ ‫وسميته‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫الطالب‪:‬ـ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬

‫نتيجة له تسمى فائدة ومن حيث إنها طرف له تسمى غاية ومن حيث إنها مطلوبة للفاعل بإقدامه على‬
‫غرضاـ ومن حيث إنها باعثةـ له بذلك تسمى على غائية [ ُيسر بها ذوو األلباب] جمع لب‬
‫ً‬ ‫الفعل تسمى‬
‫وحذفت منه الخالف وما عنه بد] أي غنى بغيره‬
‫ُ‬ ‫وأبدلت غير المعتمد به] أي بالمعتمد [‬
‫ُ‬ ‫وهو العقل [‬
‫متضرعا إلى اهلل تعالى] أي‬
‫ً‬ ‫طلبا [لتيسيره على الطالبـ] للفقهـ [وسميته "تحريرـ التنقيح"‬
‫روما] أي ً‬
‫[ ً‬
‫متعرضا له بالسؤال بمبالغته [أن ينتفع به طالب الترجيحـ] في المسائل‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬‬

‫كتاب الطهار ِة‬


‫ُ‬
‫طهر ما يسمى ماء بال ٍ‬
‫قيد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الم َ ّ ُ ُ ّ‬
‫فالماء ُ‬
‫ُ‬ ‫وتراب ودابغٌ وتخل ٌل‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ماء‬
‫هر ٌ‬‫ط ُ‬
‫الم َ‬
‫ُ‬

‫كتاب الطهارة‬

‫واصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫وكتابا‪،‬ـ‬
‫ً‬ ‫كتبا وكتابة‬ ‫هو لغة‪ :‬الضم والجمع‪ ،‬يقال‪ :‬تكتبت بنو ٍ‬
‫فالن إذا اجتمعوا‪ ،‬ويقال‪ :‬كتبت ً‬
‫غالبا‪ .‬والطهارة لغة‪ :‬النظافة‬ ‫ٍ‬
‫وفصول ومسائل ً‬ ‫اسم لجملة مختصة من العلم مشتملة على أبواب‬
‫وشرعا‪:‬ـ رفع حدث وإ زالة نجس أو ما في معناهما وعلى صورتهما كالتيممـ‬
‫ً‬ ‫والخلوص من األدناس‪،‬‬
‫طهر] من مائع وجامد وغيرهما أربعة [ماء] في حدث وخبث‬ ‫[الم ُ‬
‫واألغسال المسنونة وتجديد الوضوء ُ‬
‫وغيرهما كتجديد الوضوء [وتراب] في تيمم وغسالت نحو كلب [ودابغ] في جلد نجس بالموت [وتخلل]‬
‫في خمر ٍ‬
‫ألدلة تأتي‪،‬ـ وذكر التخللـ من زيادتي‪،‬ـ وفي معناه انقالبـ دم الظبيةـ مس ًكا‪ ،‬وال ينافي ذلك حصر‬
‫الجمهور المطهر في الماء ألن ذلك مفروض في رفع الحدث وإ زالة الخبثـ بشرطهما الستفادة جواز‬
‫مطهرا بل هو مخفف‬
‫ً‬ ‫الصلواتـ ونحوها وما هنا فيما هو أعم من ذلك‪ .‬وأما الحجر في االستنجاء فليس‬
‫ماء بال قيد] وإ ن رشح من بخار الماء المغلي أو قيد لموافقة الواقع كماء البحر‬
‫المطهر ما يسمى ً‬
‫[فالماء ُ‬
‫كثيرا بطاهر مجاور كعود أو خليط ال غنى للماء عنه كطحلب أو بتراب‬
‫يسيرا بالطاهرـ اآلتي وكذا ً‬
‫أو تغير ً‬
‫وملح ماء طرحا فيه على القول بأن المتغيرـ بشئ من األربعة مطلق‪ ،‬وأما على القول بأنه غير مطلق مع‬
‫جواز الطهر به تسهيالً على العباد فهو مستثنى من غير المطلق‪ ،‬وقد أوضحت ذلك في شرح األصل‬
‫شيئا لقوله‬
‫كثيرا بالطاهر اآلتي فال يطهر ً‬
‫مقيدا كماء الورد وما تغير ً‬
‫بخالف الخل ونحوه وما يذكره إال ً‬
‫طهورا}‬ ‫ماء‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫من السماء ً‬
‫تعالى ممت ًنا بالماء {وأنزلناـ َ‬
‫عنه ِغنى‪،‬‬ ‫ِ‬
‫للماء ُ‬ ‫بطاهر ٍ‬
‫خليط‬ ‫ٍ‬ ‫كثيرا‬
‫يتنجس‪،‬ـ أو تغي ََّر ً‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬
‫فرض ولم‬ ‫وغيرهُ طاهر‪ :‬وهو ما استُ ِ‬
‫عم َل قليالً في‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫والقلتان خمسمائةِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تغير به‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫القلتين‪ ،‬أو َ‬ ‫دون‬
‫وهو َ‬‫نجس َ‬‫اتصل به ٌ‬
‫َ‬ ‫وهو ما‬
‫ونجس‪َ :‬‬ ‫ٌ‬ ‫خرج من طاهر‪،‬‬‫أو استُ َ‬
‫تقريبا‪.‬‬
‫ً‬ ‫بغدادي‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫رطل‬

‫طيبا} [سورة النساء‪/‬ـ‪ ]43‬واألمر للوجوب‬ ‫صعيدا ً‬


‫ً‬ ‫ماء فتيمموا‬
‫تجدوا ً‬‫[سورة الفرقان‪ ]48/‬وقوله‪{ :‬فلم ِ‬
‫ْ‬
‫والماء ينصرف إلى المطلق لتبادره إلى الفهم فلو طهر غيره من المائعاتـ لفات االمتنان ولما وجب التيمم‬
‫طاهر] فقط [وهو] ثالثة [ما‬
‫لفقده [وغيره] أي وغير الماء المطهر من مطلق الماء شيئان ألنه إما [ ٌ‬
‫عمل] حالة كونه [قليالً في فرض] من رفع حدث أو إزالة خبث [ولم يتنجس] هو أولى من قوله إذا لم‬
‫استُ َ‬
‫ترابا‬
‫كثيرا بطاهر خليط] هو من زيادتي [للماءـ عنه غنى] وليس ً‬
‫تغيرا [ ً‬
‫يتغير بالنجاسة [أو] ما [تغير] ً‬
‫وملح ماء طرحا فيه كزعفران [أو] ما [استُخرج من طاهر] كماء ورد [و] إما [نجس وهو] شيئان [ما‬
‫نجس] منجس يقي ًناـ [وهو دون القلتين أو] ما [تغير به] أي بالنجس المتصل به ولو قلتين فأكثر‬
‫اتصل به ٌ‬
‫ترابا وملح ماء طرحا‬
‫بخالف ما إذا بلغهما ولم يتغير بنجس أصالً وال بطاهر خليط للماء عنه غنى وليس ً‬
‫كثيرا فإنه مطهر كما علم [والقلتان خمسمائة رطل] بكسر الراء أفصح من فتحها [بغدادي‬
‫تغيرا ً‬
‫فيه ً‬
‫تقريباـ] فال ينجس باتصال نجس لخبر‪" :‬إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا" رواه ابن حبانـ وغيره [‪]1‬‬
‫ً‬
‫وصححوه‪ ،‬وفي رواية‪" :‬فإنه ال ينجس" [‪ ]2‬وهو المراد بقوله‪:‬‬

‫[‪ ]1‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما ينجس من الماء‪ ،‬والترمذي في سننه‪ :‬كتاب‬
‫الطهارة‪ :‬باب الذي بعد باب‪:‬ـ ما جاء أن الماء ال ينجسه شئ‪ ،‬والنسائي في سننه‪ :‬كتاب المياه‪:‬ـ باب‬
‫التوقيت في الماء‪،‬ـ وأحمد في مسنده [‪ ،]2/12‬والحاكم في المستدرك [‪ ،]1/133‬والبيهقي في سننه [‬
‫‪.]261-1/260‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما ينجس من الماء‪،‬ـ وابن ماجه في سننه‪ :‬كتاب‬
‫الطهارة‪ :‬باب مقدار الماء الذي ال ينجس‪ ،‬والبيهقي في سننه [‪.]1/262‬‬
‫ٍ‬
‫فرض‬ ‫عمل في‬
‫وهو ما استُ َ‬
‫طاهر‪َ :‬‬‫ٌ‬ ‫بشئ‪ ،‬وغيرهُ إما‬ ‫ط ٍ‬ ‫ٍ‬
‫فرض ولم يختل ْـ‬ ‫ستعمل في‬
‫ْ‬ ‫ط ّهر ما لم ُي‬
‫الم َ‬
‫والتراب ُ‬
‫ُ‬
‫الفضالتِ‬
‫ـ‬ ‫نجس‪ .‬والدابغُ ما َي ِ‬
‫نزعُـ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ط به ٌ‬ ‫ونجس‪ :‬وهو ما اختل َ‬
‫ٌ‬ ‫بطاهر‪،‬‬ ‫ط‬
‫أو اختل َ‬

‫"لم يحمل خبثًاـ" أي يدفع النجس وال يقبله وفي رواية‪" :‬إذا بلغ الماء قلتين بقالل هجر" [‪ ]1‬والواحدة منها‬
‫قدرها الشافعي أخ ًذا من ابن جريج [‪ ]2‬الرائي لها بقربتين ونصف من قرب الحجاز‪ ،‬وواحدتها ال تزيد‬
‫غالباـ على مائة رطل بغدادي‪ ،‬وهجر بفتح الهاء والجيم‪ :‬قرية بقرب المدينة النبوية‪،‬ـ وإ نما كانت‬
‫ً‬
‫تقريبا ألن رد القلة إلى القرب وحمل الشئ على النصف‪،‬ـ والقربة على مائة رطل تقريب ال‬
‫ً‬ ‫الخمسمائة‬
‫تحديد فيغتفر في الخمسمائة رطل نقص رطلين على األشهر في "الروضة"‪ ،‬وقيل‪ :‬نقص ثالثة‪ ،‬وقيل‬
‫نقص رطلينـ على األشهر في "الروضة"‪ ،‬وقيل‪ :‬نقص ثالثة‪،‬ـ وقيل نقص قدر ال يظهر بنقصه تفاوت في‬
‫التغييرـ بقدر معين من األشياءـ المغيرة‪ ،‬وبه جزم الرافعي وصححه النووي في تحقيقه‪.‬‬

‫"فرع"‪ :‬غير الماء من المائعات ينجس بمالقاة النجس وإ ن بلغ قالالً‪ ،‬وفارق الماء بأنه ال يشق حفظه من‬
‫والتراب‬
‫ُ‬ ‫النجس وإ ن كثر بخالف كثير الماء‪ ،‬وقد ذكرت في شرح األصل فوائد من أرادها فليراجعه [‬
‫طيباـ} [سورة‬
‫صعيدا ً‬
‫ً‬ ‫فتيمموا‬
‫المطهر ما] أي تراب [لم يستعمل في فرض ولم يختلطـ بشئ] لقوله تعالى‪َ { :‬‬
‫ُ‬
‫طاهرا [وغيره] أي وغير المطهر من التراب [إما طاهر] فقط [وهو ما] أي تراب‬
‫ً‬ ‫ترابا‬
‫المائدة‪ ]6/‬أي ً‬
‫[استعمل في فرض أو] ما [اختلط بطاهر] كدقيق‪ ،‬نعم لو اختلط بمائع كخل ثم جف فهو مطهر [و] إما‬
‫نجس] ق ّل الترابـ أو كثر [والدابغ ما] أي شئ [ينزع الفضالت] أي‬
‫[نجس وهو ما] أي تراب [اختلط به ٌ‬
‫فضالت الجلد وعفونته بحيث لو نقع في الماء بعد اندباغه لم يعد إليه النتنـ والفساد كقرظ‬

‫[‪ ]1‬أخرجه البيهقي في سننه [‪.]1/263‬‬


‫[‪ ]2‬انظر "السننـ الكبرى" للبيهقيـ‪.‬‬
‫وضوء وغس ٌل‬
‫ٌ‬ ‫والطهارات‬
‫ُ‬ ‫عين نجسةٌ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الخمر خالً بال َع ْين لن يقع فيها ٌ‬ ‫انقالب‬
‫ُـ‬ ‫نجسا‪ .‬والتخل ُل‬
‫ولو ً‬ ‫ْ‬
‫ٍ‬
‫نجس‪.‬‬ ‫وتيمم وإ زال ُة‬
‫ٌ‬

‫باب الوضوء‬

‫نجسا] كذرق طير‪ ،‬فيحمل قولهم‪" :‬النجس ال يطهر"‬


‫وشب‪ ،‬وشب بالمثلثةـ والموحدة [ولو] كان الدابغ [ ً‬
‫على أنه ال يرفع وال يزيل فال ينافي أنه يحيل‪ ،‬إذ الدبغ إحالة ال إزالة‪،‬ـ فيحصل بالنجس المحصل‬
‫لمقصوده‪ .‬واألصل فيما ذكر خبر مسلم [‪" :]1‬إذا دبغ اإلهاب فقد طهر"‪ .‬وخبر أبي داود [‪ ]2‬وغيره‬
‫بإنساد حسن أنه صلى اهلل عليه وسلم قال في شاة ميمونة‪" :‬لو أخذتم إهابها" قالوا‪ :‬إنها ميتة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"يطهرها الماء والقزظ"‪ ،‬وقيس به ما في معناه [والتخلل] المطهر [انقالبـ الخمر خالً بال] مصاحبة‬
‫[عين] وقعت فيها وإ ن نقلت من شمس إلى ظل أو عكسه لمفهوم خبر مسلم [‪ ]3‬سئل رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ :‬أتتخذ الخمر خالً؟ قال‪" :‬ال"‪ ،‬هذا إن [لم يقع فيها] أي في الخمر [عين نجسة] فإن‬
‫مطهرا‪ .‬وقد‬
‫ً‬ ‫صحب تخللها عين وإ ن لم تؤثر فيه أو وقع فيها عين نجسة وإ ن نزعت قبل التخلل لم يكن‬
‫بسطت الكالم على ذلك في "شرح المنهج" وغيره [والطهارات] الحاصلةـ بالمطهراتـ األربعة أربع‬
‫[وضوء وغس ٌل وتيمم وإ زالة نجس] بالمعنى الشامل لإلحالة‪ ،‬وقد شرعت في بيانها بهذا الترتيبـ‬
‫فقلت‪.‬‬

‫باب الوضوء‬

‫مفتتحا بنية‪،‬ـ وهو المراد هنا‪،‬‬


‫ً‬ ‫هو بضم الواو‪ :‬الفعل‪ ،‬وهو استعمال الماء في أعضاء مخصوصة‬
‫وبفتحها ما يتوضأ به‪ ،‬وقيل بفتحها فيهما‪.‬‬
‫[‪ ]1‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الحيض‪:‬ـ باب طهارة جلود الميتة بالدباغ‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب اللباس‪ :‬بابـ في أهب الميتة‪ ،‬والنسائيـ في سننه‪ :‬كتاب الفََرع‬
‫والعتيدة‪ :‬بابـ ما ُيدبغ به جلود الميتة‪ ،‬وأحمد في مسنده [‪ ،]6/334‬والبيهقي في سننه [‪.]20-1/19‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب األشربة‪ :‬باب تحريم تخليل الخمر‪.‬‬

‫نوما أو َوطأً‬ ‫ِ‬


‫إرادة ُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬
‫الجنب أكالً أو ً‬ ‫وعند‬
‫َ‬ ‫واجب‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫بعد صالة‪ ،‬و ُغس ٌل‬
‫لتجديد َ‬ ‫وسن ٌة‬
‫المحدث‪ُ ،‬‬
‫فرض على ُ‬
‫ٌ‬ ‫هو‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫غضب‪،‬ـ‬ ‫وعند‬ ‫نوما‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫َ‬ ‫المحدث ً‬
‫أو ُ‬

‫ِ‬
‫الصالة} [سورة المائدة‪ ]6/‬وخبر مسلم [‬ ‫الذين ءامنوا إذا قُمتُم إلى‬
‫َ‬ ‫واألصل فيه قبل اإلجماعـ ءاية {يا أيُّها‬
‫هو] أي الوضوء‬ ‫‪" :]1‬ال يقبل اهلل صالة بغير طهور" وموجبه الحدث مع القيام إلى الصالة أو نحوها [ َ‬
‫ِ‬
‫الصالة} أي محدثين [وسنة لتجديد] أي تجديده [بعد]‬ ‫فرض على المحدث] آلية‪{ :‬إذا قُ ْمتُم إلى‬
‫قسمان‪ٌ [ :‬‬
‫كل [صالة] ولو مكمالً بالتيممـ لنحو جراحة لخبر اإلمام أحمد [‪ ]2‬بإسناد حسن‪" :‬لوال أن أشق على أمتي‬
‫ألمرتهم" أي أمر إيجابـ "عند كل صالة بوضوء ومع كل وضوء بسواك" فإن لم تؤد باألول صالة كره‬
‫وضوءا كامالً وقيل يؤخر غسل قدميه‪ ،‬وذلك لخبر الصحيحين [‪]3‬‬
‫ً‬ ‫التجديد [وغس ٌل واجب] فيتوضأ قبله‬
‫عن عائشة رضي اهلل تعالى عنها‪:‬ـ "أنه صلى اهلل عليه وسلم توضأ في غسله من الجنابة وضوءه للصالة"ـ‬
‫زاد البخاري [‪ ]4‬في رواية‪" :‬غير غسل رجليه ثم غسلهما بعد الغسل" قال في المجموع‪ :‬قال أصحابناـ‬
‫وسواء قدم الوضوء كله أو بعضه أو أخره أو فعله في أثناءـ الغسل فهو محصل لسنة الغسل لكن األفضل‬
‫نوما]‬
‫نوما أو وطأً أو] إرادة [المحدث ً‬
‫الجنب أكالً أو ً‬
‫وعند إرادة ُ‬
‫تقديمه فالخالف إنما هو في األفضل [ َ‬
‫لالتباع في األولين ولألمر به في اآلخرين‪،‬ـ رواه الشيخين في األخير‪ ،‬ومسلم [‪ ]5‬في البقيةـ [وعند‬
‫غضب] لورود‬
‫[‪ ]1‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب وجوب الطهارة للصالة‪.‬‬
‫وحسن إسناده الحافظ المنذري في "الترغيبـ" [‪.]1/123‬‬
‫ّ‬ ‫[‪ ]2‬أخرجه أحمد في مسنده [‪،]2/259‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب الوضوء قبل الغسل‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪ :‬كتاب‬
‫الحيض‪ :‬باب صفة غسل الجنابة‪.‬‬
‫[‪ ]4‬انظر تخريج البخاري في المصدر السابق‪.‬‬
‫[‪ ]5‬انظر "صحيح مسلم"‪ :‬كتاب الحيض‪ :‬باب جواز نوم الجنب واستحبابـ الوضوء له وغسل الفرج إذا‬
‫أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يجامع‪.‬‬

‫يبة‪ ،‬ومس ٍ‬
‫ميت‪ ،‬ولغيرها‪.‬‬ ‫و َغ ٍ‬
‫ّ‬

‫مع المرفقين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫واليدين َ‬ ‫الوجه‪،‬‬ ‫وفروضه‪ :‬الني ُة‪،‬ـ وغس ُل‬
‫ُ‬

‫األمر [‪ ]1‬به [و] من [غيبة] وكل كالم قبيح‪ ،‬والغرض منه تكفير الخطاياـ كما ثبت في األخبار [و] من‬
‫[مس ميت] ومن حمله لخبر‪" :‬من غسل ميتًا فليغتسل ومن حمله فليتوضأـ" رواه الترمذي [‪ ]2‬وحسنه‪،‬‬
‫وقيس بالحمل المس [ولغيرها] من زيادتي كقراءة قرءان أو حديث وروايته ودرس علم ودخول مسجد‬
‫وأذان وإ قامة وخطبة لغير جمعة وزيارة قبر النبيـ صلى اهلل عليه وسلم وزيارة سائر القبور‪،‬ـ وذكرت في‬
‫وفروض ُه] أي أركانه ستة [النية] كأن ينوي رفع الحدث أو التطهر عنه أو‬
‫ُ‬ ‫شرح األصل زيادة على ذلك [‬
‫الطهارة للصالة أو استباحتها لخبر الصحيحين [‪" :]3‬إنما األعمال بالنياتـ وإ نما لكل امرئ ما نوى"‪،‬‬
‫ويجب قرنها بأول غسل جزء من الوجه‪ ،‬ويسن قرنها بأول السنن المتقدمة على غسل الوجه ليثابـ‬
‫عليها فإن عزبت قبل غسل الوجه لم يصح نعم إن انغسل مع المضمضة أو االستنشاق جزء من الوجه‬
‫بنية الوجه صح وكذا بغير نيته على الصحيح وعلى هذا يجب إعادة الجزء مع الوجه‪ ،‬ذكره في الروضة‬
‫[وغس ُل الوجه] لآلية السابقة وهو ما بين منابتـ شعر رأسه وتحت منتهى لحييه طوالً وما بين أذنيه‬
‫عرضا ويجب غسل شعره إال باطنـ كثيف الخارج عنه وباطن كثيف لحية الرجل وعارضيهـ وإ ن لم يخرجاـ‬
‫ً‬
‫عنه [و] غسل [اليدينـ] من الكفين والذراعينـ [مع المرفقين] بكسر الميم وفتح الفاءـ أفصح من العكس‬
‫لآلية‬
‫[‪ ]1‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب األدب‪ :‬باب ما يقال عند الغضب‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه الترمذي في سننه‪ :‬كتاب الجنائز‪:‬ـ باب ما جاء في الغسل من غسل الميت وأخرجه غيره‪.‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب بدء الوحي‪ :‬بابـ كيف كان بدء الوحي إلى رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪ :‬كتاب اإلمارة‪ :‬باب قوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إنما األعمال بالنية"ـ وأنه‬
‫يدخل فيه الغزو وغيره من األعمال‪.‬‬

‫والترتيب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫مع ال َكعبين‪،‬‬
‫ين َ‬ ‫ِ‬
‫الرأس‪ ،‬وغس ُل الرجلَ ِ‬ ‫ِ‬
‫بعض‬ ‫ومس ُح‬
‫ْ‬

‫الء‬ ‫وسن ُن ُه‪ِ :‬‬


‫الو ُ‬

‫ولالتباع‪ ،‬رواه مسلم [‪ .]1‬ويجب غسل ما عليهما من شعر وغيره‪ ،‬فإن قطع بعض محل الفرضـ وجب‬
‫ومسح بعض الرأس]‬
‫ُ‬ ‫غسل ما بقي‪ ،‬أو من المرفق‪ ،‬فرأس عظم العضد أو فوقه ندب غسل باقي عضده [‬
‫حده بأن ال يخرج عنه بالمد لآلية‪،‬ـ وفي رواية مسلم [‪ ]2‬أنه صلى اهلل عليه وسلم‬
‫من بشر أو شعر في ّ‬
‫توضأ فمسح بناصيتهـ وعلى عمامته فدل ذلك على االكتفاء بمسح البعض ألنه المفهوم من المسح عند‬
‫االطالق ولم يقل أحد بوجوب خصوص الناصيةـ [وغس ُل الرجلينـ مع الكعبين] من كل رجل‪ ،‬وهما العظمانـ‬
‫الناتئانـ من الجانبينـ عند مفصل الساق والقدم وذلك لما مر في غسل اليدين‪ ،‬والمراد بأن ذلك فرض إذا‬
‫لم يمسح على الخفين أو أن الغسل أصل والمسح بدل [والترتيبـ] في أفعاله كما ذكر لخبر النسائي [‪]3‬‬
‫بإسناد صحيح أنه صلى اهلل عليه وسلم قال في حجته‪" :‬ابدءوا بما بدأ اهلل به" والعبرة بعموم اللفظـ ال‬
‫فرضا كان أو سنة [الوالء]‬
‫ً‬ ‫سهوا لم يصح له إال ما رتب [وسننه]‬
‫بخصوص السبب‪ ،‬فلو تركه ولو ً‬
‫خروجا من خالف من أوجبه بأن يغسل العضو الثانيـ قبل أن يجف األول مع اعتدال الهواء والزمانـ‬
‫ً‬
‫والمزاج وإ ذا ثلث فالعبرة باألخيرة ويقدر الممسوح مغسوالً‪ ،‬وإ نما لم يجب الوالء لظاهرـ اآلية ولما صح‬
‫[‪ ]4‬عن ابن عمر رضي اهلل عنهما أنه توضأ في السوق إال رجليه ثم دعي لجنازة فدخل المسجد ثم مسح‬
‫على خفيه بعدما جف وضوؤه وصلى‪ ،‬وأما خبر أبو داود [‪" :]5‬أنه صلى اهلل عليه وسلم رأى‬

‫[‪ ]1‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب استحبابـ إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء‪ ،‬ولفظه‪:‬‬
‫"ثم عند يده اليمنى حتى أشرع في العضد"‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب المسح على الناصبةـ والعمامة‪.‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه النسائيـ في سننه‪ :‬كتاب المناسك‪ :‬بابـ القول بعد ركعتي الفجر‪.‬‬
‫[‪ ]4‬أخرجه البيهقي في سننه عن مالكـ بن أنس [‪ ]848‬وقال‪" :‬هذا صحيح عن ابن عمر" اهـ‪.‬‬
‫[‪ ]5‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب تفريق الوضوء‪.‬‬

‫ِـ‬
‫بثالث ُغ َرف‪،‬‬ ‫وجمعهما‬
‫ُ‬ ‫لم ٍ‬
‫فطر‬ ‫والمبالغ ُـة فيهما ُ‬
‫واالستنشاق‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫والمضمضةُ‪،‬‬

‫وال تزول الكراهة إال بغسلهما ثالثًاـ للخبر السابق وخرج بالقليل الكثيرـ فال يكره غمسهما فيه [والمضمضة‬
‫واالستنشاق] لالتباعـ رواه الشيخان [‪ ]1‬وأما خبر [‪" :]2‬تمضمضوا واستنشقوا" فضعيف ولو صح حمل‬
‫على الندب‪.‬ـ وأقلهما إيصال الماء إلى الفم واألنف وال يشترط إدارته ومجه من الفم ونثره من األنف وال‬
‫لمفطر] لألمر بها في خبر الدوالبي [‪ ]3‬بأن يبلغ الماء في‬
‫والمبالغة فيهما ُ‬
‫جذبه بالنفسـ إلى الخيشوم [ ُ‬
‫المضمضة أقصى الحنكـ ووجهي األسنان واللثاث ويسن إمرار األصبع عليهما ومج الماء‪،‬ـ وفي‬
‫االستنشاق أن يصعد الماء بالنفسـ إلى الخيشوم‪ ،‬وخرج بالمفطر الصائم ولو متنفالً فال تسن له المبالغة‬
‫فيهما بل تكره [وجمعهما بثالثـ غرف] يتمضمض ثم يستنشق من كل منهما لالتباع رواه الشيخانـ [‪.]4‬‬
‫وهذا أفضل من الجمع بينهما بغرفة يتمضمض منها ثالثًا ثم يستنشق منها ثالثًا أو يتمضمض منها ثم‬
‫يستنشق مرة ثم كذلك ثانيةـ وثالثة وأفضل من الفصل بينهما بست غرف يتمضمض بثالثـ ثم يستنشق‬
‫بثالث أو بغرفتين يتمضمض باألولى ثالثًاـ ثم يستنشق باألخرى ثالثًا وإ ن كانت السنة تتأدى‬
‫[‪ ]1‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب المضمضة في الوضوء‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪:‬‬
‫كتاب الطهارة‪ :‬باب في وضوء النبيـ صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وانظر "المجموع" [‪.]1/352‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه الدارقطني في سننه [‪ :]1/99‬كتابـ الطهارة‪ :‬باب ما روي من قول النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪" :‬األذنان من الرأس"‪،‬ـ وقال‪" :‬الربيع بن بدر متروك الحديث" اهـ‪ ،‬وفي [‪ ]1/102‬وقال‪" :‬عمرو بن‬
‫الحصينـ وابن عالئة ضعيفان"ـ اهـ‪ ،‬وانظر "المجموع" [‪ 1/363‬و‪.]365‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه أبو بشر الدوالبي في جزء جمعه من أحاديث سفيانـ الثوري‪ ،‬وصحح سنده الحافظ ابن‬
‫القطان‪،‬ـ انظر "نصب الراية" [‪ ]1/16‬للزيلعي‪ ،‬و"تلخيص الحبيرـ" [‪ ،]1/81‬ولفظه‪" :‬وبالغ في المضمضة‬
‫صائما"‪.‬‬
‫ً‬ ‫واالستنشاق إال أن تكون‬
‫[‪ ]4‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب مسح الرأس مرة‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪ :‬كتاب‬
‫الطهارة‪ :‬بابـ في وضوء النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫ماخ ِ‬
‫يه‪ ،‬وتخلي ُل‬ ‫ص َ‬‫تيه في ِ‬
‫بماء جديد‪ ،‬وإ دخا ُل مس ّبح ِ‬
‫واألذنين ظاهرا وباط ًنا ٍ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرأس‬ ‫ومسح ك ّل‬ ‫ثار‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫واالست ْن ُ‬
‫ِ‬
‫الوجه‪،‬‬ ‫وخارج عن‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وعارض‬ ‫من ٍ‬
‫لحية‬ ‫ٍ‬
‫كثيف ْ‬ ‫ٍ‬
‫شعر‬

‫بالجميع [واالستنثار] لخبر مسلم [‪" :]1‬ما منكم من أحد يتمضمض ثم يستنشق فيستنثر إال خرت خطايا‬
‫وجهه [وخياشيمه] [‪ "]2‬ويحصل ذلك بأن يخرج بعد االستنشاق ما في أنفه من ماء وأذى ويسن ذلك‬
‫بأصبعه اليسرى [ومسح كل الرأس] لإلتباع رواه الشيخانـ [‪ ،]3‬والسنة في كيفية مسحه أن يضع يديه‬
‫على مقدمه ويلصق مسبحته باألخرى وإ بهاميه على صدغيه ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما إلى المبدإ‬
‫إن كان له شعر ينقلب وإ ال فليقتصرـ على الذهاب فإن لم يرد نزع ما على رأسه من عمامة أو غيرها‬
‫مسح ما يجب من الرأس وتمم على ما عليه [و] مسح [األذنين ظاهرا وباط ًنا ٍ‬
‫بماء جديد] ال ببلل الرأس‬ ‫ً‬
‫صماخيه] ثم‬
‫َ‬ ‫لإلتباع رواه البيهقي [‪ ]4‬والحاكم [‪ ]5‬وصححاه [وإ دخال ُمسبحتيه] بكسر الموحدة [في‬
‫استظهارا‪،‬ـ‬
‫ً‬ ‫يديرهما على المعاطف ويمر إبهاميه على ظهورهما ثم يلصق كفيه وهما مبلولتانـ باألذنين‬
‫وذكرت في شرح األصل زيادة على ذلك [وتخليل شعر كثيف من لحية وعارض] وإ ن لم يخرجا عن الوجه‬
‫[وخارج عن الوجه] لإلتباع في اللحية‪،‬ـ رواه الترمذي [‪ ]6‬وصححه‪ .‬ويقاس بها غيرها بأن يدخل‬
‫أصابعه من أسفل اللحيةـ مثالً بعد تفريقهاـ وذكر العارضـ‬

‫[‪ ]1‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب صالة المسافرين‪:‬ـ باب إسالم عمرو بن عبسة‪.‬‬
‫[‪ ]2‬في األصل [ص‪" :]9/‬وخياشيمه"‪،‬ـ وما أثبتناه من "صحيح مسلم"‪.‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب مسح الرأس مرة‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪ :‬كتاب‬
‫الطهارة‪ :‬باب في وضوء النبيـ صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫[‪ ]4‬أخرجه البيهقي في سننه [‪.]1/65‬‬
‫[‪ ]5‬أخرجه الحاكم من "المستدرك" [‪ ]151-1/150‬وصححه الحاكم ووافقه الذهبي على تصحيحه‪.‬‬
‫[‪ ]6‬أخرجه الترمذي في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء في تخليل اللحية‪ ،‬وصححه‪.‬‬

‫والتيام ُن إال في الكفَ ِـ‬


‫ين أو َل‬ ‫والتثليث‪،‬‬ ‫اليسرى‪،‬ـ والتثني ُة‪،‬ـ‬ ‫ِـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليد ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بخنصر يده ُ‬ ‫والرجلين‬ ‫بالتشبيك‬ ‫ين‬ ‫وأصابع َ‬
‫ِ‬
‫لغير نحو أقطع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الرأس ِ‬ ‫وجانبي‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫واألذنين‬ ‫الوضو ِء َ‬
‫والخدَّين‬

‫والخارج من زيادتي [و] تخليل [أصابعـ اليدين بالتشبيك و] أصابعـ [الرجلينـ] من أسفلهما [بخنصر يده‬
‫خاتما بخنصرـ اليسرى‪ ،‬واالصل في ذلك خبر لقيط بن صبرة "أسبغ‬
‫مبتدئا بخنصرـ رجله اليمنى ً‬
‫ً‬ ‫اليسرى]‬
‫الوضوء وخلل بين األصابع"ـ رواه الترمذي [‪ ]1‬وغيره وصححوه‪ ،‬وقولي بالتشبيك من زيادتي [والتثنية‬
‫والتثليث] لخبر مسلم [‪ :]2‬أنه صلى اهلل عليه وسلم توضأ ثالثًاـ ثالثًا‪،‬ـ وروى البخاري [‪ :]3‬أنه توضأ‬
‫مرة مرة‪ ،‬وتوضأ مرتين مرتين‪،‬ـ واألفضل التثليثـ في الغسل والمسح والتخليل والدلك والذكر والتسمية‬
‫[والتيامنـ] في أعضاء الوضوء وكذا في كل ما هو من باب التكريمـ كغسل ولبس ثوب ونعل وخف‬
‫وسراويل ودخول مسجد‪ ،‬واليسارـ لضد ذلك كامتخاط واستنجاء وخروج من مسجد ألنه صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪" :‬كان يحب التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله" رواه الشيخان [‪ ،]4‬وروى أبو داود‬
‫[‪ ]5‬بإسناد صحيح عن عائشة قالت كانت يد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه‬
‫وكانتـ اليسرى لخالئه وما كان من أذى [إال في الكفينـ أول الوضوء والخدين واألذنين وجانبي الرأس‬
‫معا ألنه أهون‪ ،‬أما نحو األقطع كمن خلق بيد واحدة فيسن له التيامن مطلقًا‬
‫لغير نحو أقطع] فيطهران ً‬
‫وحيث يسن التيامن يكره التياسر‪،‬ـ وذكر جانبيـ الرأس ونحوه من زيادتي‬

‫[‪ ]1‬أخرجه الترمذي في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء في تخليل األصابع‪ ،‬وصححه‪ ،‬وأبو داود في‬
‫سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب في االستنثار‪،‬ـ وصححه النوور في المجموع [‪.]1/352‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب فضل الوضوء والصالة عنه‪.‬‬
‫[‪ ]3‬انظر "صحيح البخاري"‪:‬ـ كتاب الوضوء‪ :‬باب الوضوء مرض مرة‪ ،‬وباب الوضوء مرتين مرتين‪.‬‬
‫[‪ ]4‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب التيمنـ في الوضوء والغسل‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪:‬‬
‫كتاب الطهارة‪ :‬باب التيمنـ في الطهور وغيره‪.‬‬
‫[‪ ]5‬اخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب كراهية مس الذكر بإيمين في االستبراء‪.‬‬

‫ِ‬
‫يمينه والضيق عن يسار ِه‪،‬‬ ‫الواسع عن‬ ‫ِ‬
‫اإلناء‬
‫ِ‬ ‫رشاش‪ ،‬ووضعُ‬
‫ٌ‬ ‫يناله‬
‫والجلوس بمح ّل ال ُ‬
‫ُ‬ ‫والتوجه للقبلة‪،‬ـ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِـ‬
‫ِ‬
‫اليدين‬ ‫الوجه بأعالهُ وفي‬ ‫عين عن يسار ِه‪َ ،‬‬
‫والبداءةُ في غسل‬ ‫الم ُ‬
‫فيقف ُ‬
‫ُ‬ ‫االستعانة إال ٍ‬
‫لعذر‬ ‫وتر ُك‬
‫ِ‬ ‫الرأس بم ِ‬
‫قدمه‪ ،‬وتر ُك َّ‬
‫الن ِـ‬
‫والتنشيف بال حاجة‪،‬‬ ‫فض‬ ‫ِ ُ‬ ‫باألصابع وفي‬
‫ِ‬ ‫ِـ‬
‫والرجلين‬

‫[والتوجه للقبلة] في وضوئه ألنها أشرف الجهاتـ فإن اشتبهت عليه فالقياسـ ندب التحري [والجلوس‬
‫بمحل ال ينالهـ] فيه [رشاش] من الماء [ووضع اإلناء الواسع عن يمينه] ليسهل االغتراف منه [و]‬
‫وضع [الضيق] كاإلبريق [عن يساره] ليسهل أخذ الماء منه في يمينه [وترك االستعانة] في الصبـ‬
‫عليه ألنها ترفه ال يليق بالمتعبد فهي خالف األولى أما االستعانة في غسل األعضاء فمكروهة وفي‬
‫إحضار الماء ال بأس بها وال يقال إنها خالف األولى لثبوتهاـ عنه صلى اهلل عليه وسلم في مواطن كثيرة‬
‫[إال لعذر] فال بأس [‪ ]1‬باالستعانة مطلقًا بل قد تجب ولو بأجرة المثل الفاضلةـ عن قضاء دينه وعن‬
‫كفاية ممونه يومه وليلته وسائر ما يبقى له في الحج فإن لم يجد صلى وأعاد‪ ،‬وتعبيري بالعذر أعم من‬
‫ندبا [عن يساره] ألنه أعون وأمكن‬
‫المعين] ً‬
‫تعبيره بالضرورة‪ ،‬وإ ذا استعان بمن يصب عليه [فيقف ُ‬
‫وأحسن في األدب [والبداءة في غسل الوجه بأعاله] لإلتباع وألنه أشرف ألنه محل السجود [وفي‬
‫اليدين والرجلين باألصابع] ال بالمرفق والكعب وإ ن صب عليه غيره وتعبيري في اليدين باألصابع أولى‬
‫من تعبيره فيهما بالكفينـ [وفي الرأس بمقدمه] وتقدم بيانـ كيفية مسحه [وترك النفض] للماء ألن‬
‫النفض كالتبري من العبادة [و] ترك [التنشيف] [‪ ]2‬من بلل الماء ألنه أثر عبادة [بال حاجة] من‬
‫زيادتي فإن كان ثم حاجة كبرد والتصاق نجس فال‬

‫[‪ ]1‬فال كراهة‪.‬‬


‫مكروها‪.‬‬
‫ً‬ ‫[‪ ]2‬قال بعضهم النفضـ والتنشيف ليس‬

‫اللهم اجعلني‬
‫ورسوله ّ‬
‫ُ‬ ‫عبدهُ‬
‫محمدا ُ‬
‫ً‬ ‫وأشهد أن‬
‫ُ‬ ‫له‬
‫شريك ُ‬
‫َ‬ ‫أشهد أن ال إله إال اهلل وحدهُ ال‬
‫ُ‬ ‫ءاخرهُ‬
‫َ‬ ‫يقول‬
‫وأن َ‬
‫وأتوب‬
‫ُ‬ ‫أستغفر َك‬
‫ُ‬ ‫أنت‬
‫أشهد أن ال إله إال َ‬
‫ُ‬ ‫اللهم وبحمد َك‬
‫َّ‬ ‫بحانك‬
‫َ‬ ‫س‬‫المتطهرينـ ُ‬
‫من ُ‬‫من التوابين واجعلني َ‬
‫إليك‪،‬ـ وغيرها‪.‬‬

‫اإلسراف‪ ،‬والزيادةُ على‬


‫ُ‬ ‫ومكروهاته‪:‬‬
‫ُ‬
‫محمدا‬
‫ً‬ ‫وأشهد أن‬
‫ُ‬ ‫له‬
‫شريك ُ‬
‫َ‬ ‫يسن تركه [وأن يقول ءاخره] أي الوضوء [أشهد أن ال إله إال اهلل وحدهُ ال‬
‫أشهد أن ال إله‬
‫ُ‬ ‫وبحمدك‬
‫َ‬ ‫اللهم‬
‫َّ‬ ‫بحانك‬
‫َ‬ ‫س‬‫المتطهرينـ ُ‬
‫من ُ‬‫اللهم اجعلني من التوابين واجعلني َ‬
‫ورسوله ّ‬
‫ُ‬ ‫عبدهُ‬
‫ُ‬
‫وأتوب إليك] لخبر مسلم [‪" :]1‬من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال أشهد أن ال إله إال اهلل"‬
‫ُ‬ ‫أستغفر َك‬
‫ُ‬ ‫أنت‬
‫إال َ‬
‫إلى قوله‪" :‬ورسوله"‪ :‬فتحت له أبواب الجنة الثمانيةـ يدخل من أيها شاء" وزاد الترمذي [‪ ]2‬عليه ما بعده‬
‫إلى "المتطهرينـ" وروى الحاكم الباقي وصححه وهو من زيادتي‪ ،‬وكذا قولي [وغيرها] أي غير‬
‫المذكورات كإتيانه بالذكر المذكور متوجه القبلةـ كما في حالة الوضوء وكالسواك والنية من أول سنن‬
‫الوضوء كما مر والجمع فيها بين القلب واللسان والدلك وإ طالة الغرة والتحجيل وغسل َّ‬
‫الن َزعتين مع‬
‫الوجه وموضع التحذيف والصدغ‪.‬‬

‫اإلسراف] في الماء ولو بشط نهر لخبر أبي داود [‪ ]3‬بإسناد صحيح عن عبد اهلل بن مغفل‬
‫ُ‬ ‫[ومكروهاته‬
‫قال‪ :‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪" :‬أنه سيكون في هذه األمة قوم يعتدون في الطهور‬
‫والدعاء" [والزيادة على‬

‫[‪ ]1‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب الذكر المستحبـ عقب الوضوء‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه الترمذي في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب فيما يقال بعد الوضوء‪ ،‬وانظر "المجموع" [‪.]1/456‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب اإلسراف في الماء وصححه الحافظ في "التلخيص"ـ [‬
‫‪.]1/141‬‬

‫والنقص عنها وغيرها‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الثالث‪،‬ـ‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫الوقت في ُوضو ٍء دائم‬ ‫ِ‬
‫والحائل‪ ،‬ودخو ُل‬ ‫المنافي‪،‬ـ‬ ‫ِ‬
‫وعد ُم ُ‬
‫والتمييز‪،‬ـ َ‬
‫ُ‬ ‫واإلسالم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الماء ُمطلقًا‪،‬ـ‬ ‫وشرطُ ُه‪َ :‬ك ْو ُن‬
‫الحدث‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫والنقص عنها] لخبر أبي داود [‪ ]1‬وغيره وهو صحيح‪" :‬أنه صلى اهلل عليه وسلم توضأ ثالثًاـ ثالثًا‬
‫ُ‬ ‫الثالثـ‬
‫ثم قال‪" :‬هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم"‪ ،‬وذكر كراهة النقص من زيادتي‪،‬‬
‫وكراهته من حيث االقتصارـ على الغسلة الثانية فال ينافي كونها سنة في ذاتها [وغيرها] من زيادتي‬
‫كثيرا بال عذر كالغسل ال غسل الرأس فال‬
‫كاالستياكـ للصائمـ بعد الزوال والوضوء للجنب في ماء راكد ولو ً‬
‫يكره ألنه األصل إذ به تحصل النظافة بخالف غسل الخف يكره ألنه يعيبه بال فائدة [وشرطه كون الماء‬
‫مطلقًا] عند المتوضئ فال يصح الوضوء بمستعمل [واإلسالم] فال يصح من كافر ألنه عبادة وليس هو من‬
‫أهلها [والتمييز] فال يصح وضوء غير المميز كطفل ومجنون لذلك [وعدم المنافي] من نحو حيض ومس‬
‫ذكر حال الوضوء ألنه إذا طرأ على الوضوء أبطله فال يصح مع وجوده‪ ،‬فتعبيري بذلك أعم من اقتصاره‬
‫على عدم الحيضـ والنفاس [و] عدم [الحائل] بين الماء والمغسول أو الممسوح كشمع وعين حبر [‪]2‬‬
‫وحناء [‪ ]3‬بخالف أثرهما [ودخول الوقت في وضوء دائم الحدث] كمستحاضة فلو توضأ قبل دخوله لم‬
‫يصح ألنه طهارة ضرورة وال ضرورة قبل الوقت [وغيرها] من زيادتي كمعرفة كيفية الوضوء كنظيره‬
‫في الصالة‪،‬ـ ودوام النية فلو قطعها في أثناءـ الوضوء احتاج في بقية األعضاء إلى نية جديدة‪.‬‬

‫[‪ ]1‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب الوضوء ثالثًا ثالثًاـ والنسائي في سننه‪ :‬كتاب‬
‫وجود الحافظ إسناده في‬
‫الطهارة‪ :‬باب االعتداء في الوضوء وصححه النووي في المجموع [‪ّ ،]1/431‬‬
‫الفتح [‪.]1/233‬‬
‫جامدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫حبرا‬
‫[‪ ]2‬إذا كان ً‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫جامدا أما أثر الحبرـ والحناء ً‬
‫ً‬ ‫[‪ ]3‬إن كان عينه‬

‫بابـ األحداث‬

‫سدٌّ‪،‬‬ ‫مع ٍ‬
‫تحت ِ‬ ‫فرج أو ٍ‬ ‫غير َم ِن ّي ِه ْ‬
‫خروج ِ‬
‫والفرج ُم ْن َ‬
‫ُ‬ ‫دة‬ ‫ثقب َ‬ ‫من ٍ‬ ‫ُ‬ ‫هي‬
‫َ‬
‫بابـ االحداث‬

‫وشرعا‪ :‬يطلق‬
‫ً‬ ‫غالبا وهو لغة‪ :‬الشئ الحادث‪،‬ـ‬
‫هي جمع حدث والمراد به عند اإلطالق كما هنا األصغر ً‬
‫على أمر اعتباري يقوم باألعضاء يمنع من صحة الصالة حيث ال مرخص وعلى األسبابـ التي ينتهي بها‬
‫الطهر وعلى المنع المترتب على ذلك‪ ،‬والمراد هنا الثاني‪،‬ـ وتعبير األصل بأسباب الحدث يقتضي تفسير‬
‫الحدث بغير الثانيـ إال أن تجعل اإلضافة بيانيةـ [هي] أربعة [خروج غير ِ‬
‫منيه] الموجب للغسل أي‬
‫نادرا كدم انفصل‬
‫معتادا كبول أو ً‬
‫ً‬ ‫رطبا‬
‫نجسا جافًا أو ً‬
‫طاهرا أو ً‬
‫ً‬ ‫ريحا‬
‫المتوضئ الحي الواضح عي ًناـ كان أو ً‬
‫أح ٌد ِمنكم َ‬
‫من‬ ‫جاء َ‬
‫دبرا كان أو قبالً [أو] من [ثقب تحت َمعدة والفرج منسد] آلية‪ْ { :‬أو َ‬
‫أوال [من فرج] ً‬
‫ِ‬
‫الغائط} [سورة النساء‪/‬ـ‪ ]43‬ولقيام الثقبـ المذكور مقام المنسد‪ ،‬والغائط المكانـ المطمئن من األرض‬
‫تقضى فيه الحاجةـ سمي باسمه الخارج للمجاورة‪،‬ـ وخرج بالثقب المذكور خروج شئ من ثقب فوق‬
‫المعدة أو فيها أو محاذيها ولو مع انسداد الفرج أو تحتها مع انفتاحه فال نقض به ألنه في األخيرة ال‬
‫ضرورة إلى مخرجه وفيما عداها بالقيءـ أشبه إذ ما تحيله الطبيعة تلقيه إلى أسفل وهذا في االنسداد‬
‫العارض أما الخلقي فينقض معه الخارجـ من الثقبـ مطلقًا‪[ ،‬والمنسد] [‪ ]1‬حينئذ كعضو زائد من الخنثى ال‬
‫وضوء بمسه وال غسل بإيالجه وال باإليالج فيه قاله الماوردي [‪ ،]2‬والمعدة مستقر الطعام‬

‫[‪ ]1‬في األصل [ص‪" :]13/‬والمسند" والصواب ما أثبتناه كما هو واضح من سياق الكالم‪ ،‬وكذا ورد على‬
‫الصواب في "أسنى المطالب"ـ [‪ ]1/54‬للمؤلف‪.‬‬
‫[‪ ]2‬الحاوي الكبير [‪.]1/214‬‬
‫قطع ِه‬
‫فرج ءادمي أو مح ّل ِ‬
‫ّ َ‬ ‫ومس ِ‬
‫ُّ‬ ‫مقع َدهُ‪،‬‬
‫بنوم ُم َم ّكن َ‬ ‫وغلب ٌة على ٍ‬
‫عقل ال ٍ‬

‫من المكانـ المتخسف تحت الصدر إلى السرة والمراد بها هنا السرة‪ .‬أما منيه الموجب للغسل فال نقض‬
‫به كأن أمنى بمجرد نظره ألنه أوجب أعظم األمرين بخصوصه فال يوجب أدونهما بعمومه‪ ،‬ودخل في غير‬
‫منيه المذكور مني غيره ومنيه غير الموجب للغسل بأن استدخله ثم خرج فينقضان فتعبيري بمنيه وإ ن‬
‫احتيج لتقييده بما مر أولى من تعبيره بالمني‪ ،‬وتعبيري بفرج أولى من تعبيره بأحد السبيلينـ إذ لإلنسانـ‬
‫ثالثة سبل اثنان للقبل وواحد للدبر وألنه قد يكون له أكثر من ذلك كما لو خلق له ذكران عامالنـ [وغلبة‬
‫على عقل] بجنون أو إغماء أو نوم أو غيرها لخبر أبي داود [‪ ]1‬وغيره‪" :‬العينانـ وكاء السه فمن نام‬
‫فليتوضأ" وغير النوم مما ذكر أبلغ منه في الذهول الذي هو مظنة لخروج شئ من الدبر كما أشعر بها‬
‫الخبر إذ السه الدبر ووكاؤه حفاظه عن أن يخرج منه شئ ال يشعر به‪ ،‬والعينان كناية عن اليقظة‪ ،‬وخرج‬
‫بالغلبةـ على العقل أي التمييزـ النعاس وحديث النفس وأوائل نشوة السكر فال نقض بها‪ ،‬ومن عالمات‬
‫النعاس سماع كالم الحاضرينـ وإ ن لم يفهمه [ال] الغلبةـ عليه [بنوم ممكن مقعده] أي ألييهـ من مقره من‬
‫ضاماـ ظهره وساقيه بعمامة أو غيرها فال نقض لخبر مسلم [‪ ]2‬عن أنس‬
‫محتبيا أي ً‬
‫ً‬ ‫أرض أو غيرهاـ ولو‬
‫رضي اهلل عنه‪" :‬كان أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ينامون ثم يصلون وال يتوضؤن"‪ ،‬حمل‬
‫جمعا بين األخبارـ وألنه حينئذ أمن من خروج شئ من دبره‪ ،‬وال عبرة باحتمالـ خروج‬
‫على نوم الممكن ً‬
‫ريح من قبله لندرته‪ ،‬وال تمكين لمن نام على قفاه ملصقًاـ مقعده بمقره‪[ ،‬ومس فرج ءادمي أو محل‬
‫صغيرا أو‬
‫ً‬ ‫قطعه] ولو‬

‫[‪ ]1‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب في الوضوء من النوم‪ ،‬وابن ماجه في سننه‪ :‬كتاب‬
‫الطهارة وسننها‪ :‬باب الوضوء في النوم‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الحيض‪:‬ـ باب الدليل على أن نوم الجالس ال ينقض الوضوء‪.‬‬
‫بشرتَي ٍ‬
‫ذكر وأنثى‬ ‫ِ‬
‫كف‪ ،‬وتالقي َ ْ‬
‫ببطن ّ‬

‫سليما أو أشل متصالً أو منفصالً [ببطن‬


‫ً‬ ‫دبرا‬
‫سهوا قبالً كان الفرج أو ً‬
‫عمدا أو ً‬
‫ميتًا من نفسه أو غيره ً‬
‫كف] ولو شالء لخبر‪" :‬من مس فرجه فليتوضأـ" رواه الترمذي [‪ ]1‬وصححه‪ ،‬ومس فرج غيره أفحش من‬
‫مس فرجه لهتكه حرمة غيره وألنه أشهى له‪ ،‬ومحل القطع وهو من زيادتي في معنى الفرج ألنه أصله‬
‫وخرج باآلدمي مس فرج البهيمة فال نقض به إذ ال حرمة لها في وجوب ستره وتحريم النظر إليه وال‬
‫تعبد عليها‪،‬ـ وببطن الكف غيره كرؤوس األصابع وما بينها واختص الحكم ببطنهاـ وهو الراحة مع بطون‬
‫األصابع ألن التلذذ إنما يكون به ولخبر ابن حبان [‪ ]2‬في صحيحه‪" :‬إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه‬
‫وليس بينهما ستر وال حجاب فليتوضأ" ِإذ اإلفضاء باليد لغة فيتقيد به إطالق المس في بقية األخبار‪،‬ـ‬
‫والمراد بفرج المرأة الناقض ملتقى شفريها على المنفذ وبالدبر ملتقى منفذه‪ ،‬وببطن الكف ما يستتر عند‬
‫وممسوحا‬
‫ً‬ ‫خصيا‬
‫ً‬ ‫بشرتَي ذكر وأنثى] ولو‬
‫وضع إحدى الراحتين على األخرى مع تحامل يسير [وتالقي َ‬
‫النساء} [سورة‬
‫َـ‬ ‫ستُ ُم‬
‫الم ْ‬
‫سهوا بشهوة أو دونها بعضو سليم أو أشل آلية‪ْ { :‬أو َ‬
‫عمدا كان التالقي أو ً‬
‫ً‬
‫النساء‪/‬ـ‪ ]43‬أي لمستم كما قرئ به ال جامعتم ألنه خالف الظاهر‪ ،‬واللمس الجس باليدـ وبغيرها أو الجس‬
‫باليد وألحق غيرهاـ بها وعليه الشافعي‪ ،‬والمعنى في النقض به أنه مظنة التلذذ المثيرـ للشهوة وسواء في‬
‫ذلك الالمس والملموس كما أفهمه التعبيرـ بالتالقي الشتراكهما في لذة اللمس كالمشتركين في لذة الجماع‪،‬‬
‫والبشرة ظاهر الجلد وفي معناه اللحم كلحم األسنانـ وخرج بها الحائلـ ولو رقيقًا والشعر والسن‬

‫[‪ ]1‬أخرجه الترمذي في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب الوضوء من مس الذكر‪ ،‬وصححه‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه ابن حبان في صحيحه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب نواقض الوضوء‪ ،‬انظر "اإلحسانـ بترتيبـ صحيح‬
‫ابن حبان" [‪ ،]1/222‬و"المجموع" [‪ ]2/35‬للنووي‪.‬‬
‫بر ال َم ٍ‬
‫حرم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بك ٍ‬

‫ِ‬
‫الغسل‬ ‫باب‬
‫ُ‬

‫دخول ح ٍ‬ ‫مني ِه أو‬


‫فرجا‪،‬‬ ‫شفة أو ِ‬
‫قدرها ً‬ ‫ِ َ‬ ‫بخروج ّ‬
‫ِ‬ ‫ُمو ِج ُب ُه جناب ٌة‬

‫والظفر إذ ال يلتذ بلمسها وبذكر وأنثى الذكران واألنثيانـ والخنثيان والخنثى والذكر أو األنثى والعضو‬
‫حد الشهوة وإ ن انتفت لهرم أو نحوه [‪]1‬‬
‫المبانـ النتفاء مظنة الشهوة [بكبر] أي مع كبرهما بأن بلغا ّ‬
‫اكتفاء بمظنتها بخالف التالقي مع الصغر الذي ال شهوة معه فال ينقض النتفاءـ مظنتها‪ِ ،‬‬
‫وذكر كبر الذكر‬
‫من زيادتي [ال] تالقي بشرتي ذكر وأنثى [محرم] له بنسب أو رضاعـ أو مصاهرة فال نقض بذلك‪.‬‬

‫باب الغسل‬

‫هو بفتح الغين أفصح وأشهر من ضمها مصدر غسل وبمعنى االغتسال وبكسرها اسم لما يغتسل به من‬
‫سدر ونحوه وبالضم اسم للماءـ الذي يغتسل به وهو بالمعنيينـ األولين لغة سيالن الماء على الشئ‬
‫وشرعا سيالنه على جميع البدن بنية كما سيأتيـ‪:‬‬
‫ً‬

‫[موجبه] ستة [جنابة] وتحصل [بخروج منيه] أوالً [‪ ]2‬من طريقه المعتاد أو من تحت صلب الرجل‬
‫وترائب المرأة والمعتاد منسد لخبر الصحيحينـ [‪ ]3‬في ذلك‪ ،‬وخرج بمنيه مني غيره وبأوال منيه الخارج‬
‫دبرا ولو‬
‫فرجا] قبالً أو ً‬
‫ثانياـ بأن استدخله ثم خرج فال غسل بهما [أو دخول حشفة أو قدرها] من فاقدها [ ً‬
‫ً‬
‫من ميت أو بهيمة‪ ،‬وتعبيري بما ذكر أولى‬
‫[‪ ]1‬كالمرض‪.‬‬
‫[‪ ]2‬انظر أسنى المطالب [‪.]1/65‬‬
‫[‪ ]3‬هو قول النبي صلى اهلل عليه وسلم ألم سلمة‪" :‬نعم‪ ،‬إذا رأت الماء"‪ ،‬أخرجه البخاري في صحيحه‪:‬‬
‫كتاب الغسل‪ :‬باب إذا احتلمت المرأة‪ ،‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الحيض‪:‬ـ باب وجوب الغسل على‬
‫المرأة بخروج المني منها‪.‬‬

‫وتعميم ِ‬
‫البدن‬ ‫وفرض ُه‪ :‬النيةُ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫واشتبه‪،‬‬ ‫بد ٍن أو ِ‬
‫بعضه‬ ‫ٍ‬
‫والدة‪ ،‬ونجاس ُة َ‬ ‫ونحو‬ ‫ونفاس‪،‬‬ ‫وحيض‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وموت‪،‬‬
‫ٌ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫بالماء‪.‬‬

‫والتثليث‪ ،‬والتخلي ُل‪،‬ـ‬


‫ُ‬ ‫والوضوء‪ ،‬والتثني ُة‪،‬ـ‬
‫ُ‬ ‫ننه‪ :‬التسميةُ‪ ،‬وغس ُل األذى‪،‬‬
‫وس ُ‬‫ُ‬

‫وحيض] آلية‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫وموت] لمسلم غير شهيد لما سيأتيـ في الجنائز [‬
‫ٌ‬ ‫من قوله إنزال مني أو التقاء الختانينـ [‬
‫ونحو‬
‫ونفاس] ألنه دم حيض مجتمع [ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫حيض} [سورة البقرة‪/‬ـ‪ ]222‬أي الحيض [‬ ‫الم ِ‬ ‫النساء في َ‬
‫َ‬ ‫{فاعتَ ِزلواـ‬
‫والدة] من إلقاء علقة أو مضغة ولو بال بلل ألن الولد ونحوه مني منعقد‪ ،‬ويعتبر في الموجب من هذه‬
‫تنزيهاـ‬
‫ً‬ ‫الثالثة وخروج المني االنقطاعـ والقيام إلى الصالة أو نحوها [ونجاسة بدن أو بعضه واشتبه] عليه‬
‫موجبا للغسل بل إلزالة‬
‫ً‬ ‫عنها ولتصح صالته وتبعت في ذكر هذا األصل ولم يذكره األكثر ألنه ليس‬
‫النجاسة حتى لو كشط جلده حصل الفرضـ [وفرضه] أي ركنه شيئان [النيةـ] لما مر في الوضوء كأن‬
‫ينوي رفع الجنابةـ أو الحيض أو النفاسـ أو غسل الميت أو غسل الواجب لكنها ال تجب في الغسل من‬
‫الموت والنجاسةـ ألن القصد منه النظافة وهي ال تتوقف على نية [وتعميم] ظاهر [البدن] حتى ما تحت‬
‫القلفة من األقلف والشعر ولو كثيفًا [بالماء] ويتسامح بباطن العقد التي على الشعراتـ ويجب نقض‬
‫الضفائر إن لم يصل الماء إلى باطنهاـ إال بالنقض‪.‬‬

‫[وسننه‪ :‬التسمية] أوله كما في الوضوء [وغسل األذى] كمخاط ونجس [والوضوء] وتقدم بيانه مع دليله‬
‫في بابه‪،‬ـ قال الرافعي وال يحتاجـ إلى إفراد هذا الوضوء بنية بناء على اندراجه في الغسل‪ ،‬قال في‬
‫"الروضة"‪ :‬قلت المختارـ أنه إن تجردت جنابتهـ عن الحدث نوى بوضوئه سنة الغسل وإ ن اجتمعا نوى به‬
‫رفع الحدث األصغر [والتثنية والتثليثـ] وهو أفضل كما في الوضوء فيغسل ويدلك رأسه ثالثًا بعد تخليله‬
‫في كل مرة ثم شقه األيمن ثالثًا ثم األيسر ثالثًاـ [والتخليل] للشعر واألصابع بالماء قبل إفاضته‬

‫والستر‪،‬ـ وجع ُل‬ ‫رشاش‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫يناله‬ ‫ِ‬
‫للقبلة‪،‬ـ وكو ُن ُه بمح ّل ال ُ‬ ‫وتوج ٌه‬ ‫بالشق األيمن وبأعلى ِ‬
‫بدنه‪ ،‬والدل ُك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والبداءةُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫يمينه‪،‬‬ ‫عين عن‬
‫الم ُ‬ ‫والضيق عن يسار ِه‪ ،‬وتر ُك االستعانةـ إال لعذر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيكون ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يمينه‬ ‫الواسع عن‬
‫ِ‬ ‫اإلناء‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ءاخرهُ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫والشهادتان‬

‫مكروهات الوضوء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ومكروهاتُ ُه‬

‫ٍ‬
‫حائض لنحو إحرام‪،‬‬ ‫يصح غس ُل نحو‬
‫ُّ‬ ‫وشروطُ ُه شروطُ الوضوء‪ .‬لكن‬

‫ليكون أبعد عن اإلسراف في الماء [والبداءةُ بالشق األيمن] لما مر في الوضوء [و] البداءة [بأعلىـ بدنه]‬
‫خروجا من‬
‫ً‬ ‫لألخبارـ الصحيحة وألنه أبعد عن اإلسراف في الماء [والدلك] لما تصل إليه يده من بدنه‬
‫خالف من أوجبه وألنه أنقى للبدن [وتوجه للقبلةـ وكونه بمحل ال يناله] فيه [رشاش] كما في الوضوء‬
‫[والستر] في الخلوة محافظة على ستر العورة‪ ،‬أما بحضرة الناس أي الذين يحرم عليهم نظر عورة‬
‫المغتسل ولم يغضوا أبصارهم عن النظر إليها فيجب الستر [وجعل اإلناء الواسع عن يمينه والضيق عن‬
‫يساره وترك االستعانةـ إال لعذر] لما مر في الوضوء‪ ،‬وإ ذا استعانـ بمن يصب عليه [فيكون المعين عن‬
‫يمينه] بخالف ما مر في الوضوء [والشهادتانـ] المتقدمتان مع ما معهما في الوضوء [ءاخره] أي ءاخر‬
‫الغسل [وغيرها] من زيادتي كالمضمضةـ واالستنشاق بل يكره تركهما وترك الوضوء كما ذكره في‬
‫المجموع مع زيادة ذكرتها في شرح األصل‪.‬‬
‫[ومكروهاتها مكروهات الوضوء] وتقدم بيانهاـ في بابه‪،‬ـ وتعبيري بذلك أعم من اقتصاره على اإلسراف‬
‫والزيادة‪.‬‬

‫[وشروطه شروط الوضوء] وتقدم بيانها في بابه وتعبيري بما ذكر أعم مما عبر به‪[ ،‬لكن يصح غسل‬
‫نحو حائض] كنفساء [لنحو إحرام] بنسك من حج أو عمرة كدخول مكة ألن المقصود منه منع الرائحةـ‬
‫الكريهة‬

‫لتحل لمسلم‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫ومجنونة من نحو حيض َّ‬ ‫ٍ‬
‫كتابية‬ ‫وغس ُل‬

‫ُّ‬ ‫ِ‬
‫ومس ُه‬
‫وسجود‪ ،‬وقراءةُ قرءان بقصدها‪،‬ـ ُّ‬
‫ٌ‬ ‫ور ْي ِن ُ‬
‫فيصلي الفرض‪.‬‬ ‫ويحر ُم بالجنابة‪:‬ـ صالةٌ إال لفاقد الط ُه َ‬
‫ُ‬
‫وحملُ ُه‬

‫ٍ‬
‫ومجنونة من نحو حيض] كنفاس [لتحل‬ ‫لالجتماع‪ ،‬ونحو الثانية من زيادتي [و] يصح [غس ُل كتابيةـ‬
‫لمسلم] من زوج أو سيد أي لوطئه وإ ن انتفى اإلسالم والتمييز للضرورة‪،‬ـ وقد تكلمت على وجوب النيةـ‬
‫مع زيادة في شرح األصل وغيره‪.‬‬

‫[ويحرم بالجنابة صالة] ولو نفالً لإلجماع ولخبر الصحيحين [‪" :]1‬ال يقبل اهلل صالة أحدكم إذا أحدث حتى‬
‫الطهورين فيصلي الفرض] دون النفل‬
‫َ‬ ‫يتوضأ" إذ مقتضاه حرمتها بالحدثـ األصغر فباألكبر أولى [إال لفاقد‬
‫لحرمة الوقت ويقضي إذا قدر على أحدهما وإ نما يقضي بالتيممـ في محل يسقط به الفرض وإ ال فال قضاء‬
‫إذ ال فائدة فيه [وسجود] لتالوة وشكر ألنه في معنى الصالة [وقراءة قرءان] ولو بعض ءاية لخبر‬
‫الترمذي [‪ ]2‬وقال حسن صحيح عن علي قال‪ :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقضي حاجته فيقرأ‬
‫القرءان ولم يكن يحجبه وربما قال يحجزه عن القراءة شئ ليس الجنابة‪،‬ـ [بقصدها] أي القراءة فإن لم‬
‫يقصدها لم تحرم ألنه إنما يسمى قرءا ًنا بالقصد ومحله إذا كان مما يوجد نظمه في غير القرءانـ كقوله‬
‫هلل وإ نا ِ‬
‫إليه راجعون} [سورة البقرة‪ ،]156/‬وإ ال فيحرم مطلقًا‪ ،‬نعم يجوز لفاقد‬ ‫عند المصيبةـ‪َّ { :‬إنا ِ‬
‫الطهورين قراءة الفاتحة في الصالة بل تجب كما صححه النووي [ومسه وحمله] أي القرءانـ بمس وحمل‬
‫ما هو فيه من‬

‫[‪ ]1‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب ال تقبل صالة بغير طهور‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪:‬‬
‫كتاب الطهارة‪ :‬باب وجوب الطهارة للصالةـ‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه الترمذي في سننه بنحوه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء في الرجل يقرأ القرءان على كل حال‬
‫جنبا‪،‬ـ وصحيحه‪ ،‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب في الجنبـ يقرأ القرءان‪،‬ـ‬
‫ما لم يكن ً‬
‫والنسائي في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب حجب الجنبـ من قراءة القرءان‪.‬‬

‫ٍ‬
‫بمسجد ال ُعبوره‪.‬‬ ‫بث مسلم‬
‫وطواف‪ ،‬ولُ ُ‬
‫ٌ‬ ‫متاع‪ ،‬و ُخطب ُة ُجمعة‪،‬‬
‫إال في ٍ‬

‫جمعة‪ ،‬واستسقاء‪ ،‬و ُك ٍ‬


‫سوف لحاضريها‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫واألغسا ُل المسنون ُة‪:‬ـ غس ُل‬

‫ط َّهرون} [سورة الواقعة‪ ]79/‬هو‬


‫الم َ‬
‫يمس ُه إال ُ‬
‫مصحف وغيره مما كتب هو فيه للدراسة قال تعالى‪{ :‬ال ُّ‬
‫خبر بمعنى النهي والحمل أبلغ من المس‪ ،‬والمطهر بمعنى المتطهر [إال] إذا كان [في متاع] فيحل حمله‬
‫تبعا له ألنه المقصود فلو قصده ولو مع المتاعـ حرم ويحرم مس خريطة وصندوق فيهما مصحف‬
‫معه ً‬
‫تبعا له‪ ،‬وتعبيري بمتاع أولى من تعبيره بأمتعة‪،‬ـ وخرج بمسه وحمله كتابتهـ الخاليةـ عنهما‬
‫ومس جلده ً‬
‫وقلب ورقة بعود والنظر فيه ومس وحمل التوراة واإلنجيل وما نسخت تالوته فيحل [وخطبة جمعة] ألنها‬
‫في معنى الصالة وخرج بزيادة جمعة خطبة غيرها فال تحرم [وطواف] ولو نفالً لخبر‪" :‬الطواف بالبيتـ‬
‫بمنزلة الصالة إال أن اهلل تعالى قد أحل فيه المنطق‪ ،‬فمن نطق فال ينطق إال بخير" رواه الحاكم [‪]1‬‬
‫وصححه على شرط مسلم [ولبث مسلم بمسجد ال عبوره] قال تعالى‪{ :‬ال تَقربوا الصالة} [سورة النساء‪/‬ـ‬
‫نبا إال عابري سبيل حتى تغتسلوا} نعم‬
‫تقولون وال ُج ً‬
‫َ‬ ‫سكارى حتى تَعلموا ما‬
‫‪ ]43‬أي موضعها {وأنتُم ُ‬
‫يجوز لبثه فيه لضرورة كأن نام فيه فاحتلم وتعذر خروجه لخوف من عسس ونحوه لكن يلزمه التيمم‪،‬ـ‬
‫وخرج بالمسجد الرباطـ ونحوه وهو ظاهر وبالمسلم الكافر فال يمنع من ذلك لعدم اعتقاده حرمته وذكرت‬
‫في شرح األصل فوائد‪.‬‬

‫[واألغسال المسنونة غسل جمعة واستسقاء وكسوف لحاضريها] أي‬

‫[‪ ]1‬أخرجه الحاكم في المستدرك [‪ ]2/267‬وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه‪.‬‬

‫غسل ٍ‬
‫ميت‪،‬‬ ‫حد ٍث أكبر‪ْ ،‬‬
‫ومن ِ‬ ‫كافر ٍ‬
‫خال عن َ‬ ‫ِ‬
‫وإلسالم ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وعيد‪،‬‬

‫لمريدي حضورها الجتماعـ الناس لها وفي الصحيحين [‪ ]1‬خبر‪" :‬إذا جاء أحدكم الجمعة" أي أراد مجيئها‬
‫"فليغتسل" وصرفه عن الوجوب خبر الترمذي [‪ ]2‬وحسنه‪" :‬من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن‬
‫اغتسل فالغسل أفضل" وقوله‪" :‬فبها" أي فبالسنةـ أخذ "ونعمت" الخصلةـ والغسل معها أفضل‪ ،‬وغسل‬
‫الجمعة ءاكذ األغسال المسنونة‪ ،‬وخرج بحاضريها وهو من زيادتي في األخيرتينـ من لم يرد حضورها‬
‫فال يسن له الغسل بخالف غسل العيد ال يختص بحاضريها كما يأتي ألنه يراد للزينةـ وكلهم من أهلها‬
‫وغسل الثالثة المذكورة لقطع الرائحةـ الكريهة عن الجماعة فاختص بحاضريهاـ [و] غسل [عيد] لكل أحد‬
‫لما مر ءانفًا [و] الغسل [إلسالم كافر خال عن حدث أكبر] ألنه صلى اهلل عليه وسلم أمر به قيس بن‬
‫عاصم لما أسلم‪ ،‬رواه الترمذي [‪ ]3‬وحسنه وابن حبان وصححه وحملوه على الندب ألنه قد أسلم خلق‬
‫كثير ولم يؤمروا بالغسل وألن اإلسالم ترك معصية فلم يجب معه غسل كالتوبة من سائر المعاصيـ أما إذا‬
‫لم يخل عن ذلك كأن أجنب ولو في الكفر فيجب عليه الغسل وإ ن اغتسل في الكفر‪،‬ـ وقولي‪ :‬خال إلخ أعم‬
‫مسلما لخبر‪" :‬من غسل ميتًا فليغتسل" رواه‬
‫ً‬ ‫من قوله لم يجنب في الكفر [و] الغسل [من غسل ميت] ولو‬
‫الترمذي [‪ ]4‬وحسنه وابن حبانـ [‪ ]5‬وصححه‪ ،‬وصرفه عن الوجوب خبر الحاكم [‪ ]6‬وصححه على‬

‫[‪ ]1‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الجمعة‪ :‬بابـ فضل الغسل يوم الجمعة‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪:‬‬
‫كتاب أول الجمعة‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه الترمذي في سننه‪ :‬كتاب الصالة‪:‬ـ باب ما جاء في الوضوء يوم الجمعة‪.‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه الترمذي في سننه‪ :‬كتاب الصالة‪:‬ـ باب ما ذكر في االغتسال عندما يسلم الرجل‪ ،‬وحسنه‪ ،‬وأبو‬
‫داود في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل‪.‬‬
‫[‪ ]4‬أخرجه الترمذي في سننه‪ :‬كتاب الجنائز‪:‬ـ باب ما جاء في الغسل من غسل الميت‪،‬ـ وحسنه‪.‬‬
‫[‪ ]5‬أخرجه ابن حبان في صحيحه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب نواقض الوضوء‪ ،‬انظر اإلحسانـ بترتيبـ صحيح‬
‫ابن حبان [‪.]2/239‬‬
‫[‪ ]6‬أخرجه الحاكم في المستدرك [‪ ]1/386‬وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه‪.‬‬

‫ِ‬
‫طواف ُركن‪.‬‬ ‫وغيرها ال‬ ‫وتغير ٍ‬
‫بدن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫التيمم‬ ‫باب‬
‫ُ‬

‫يكف ِه ُ‬
‫ماؤهُ‪،‬‬ ‫هر ِه إذا لم ِ‬
‫ْ‬ ‫وبين طُ ِ‬
‫بينه َ‬
‫غبار ويجمعُ ُ‬
‫له ٌ‬
‫ولو ٍ‬
‫برمل ُ‬ ‫ٍ‬
‫بتراب ْ‬ ‫يختص‬
‫ُّ‬

‫والحائض والنفساءـ [وتغير بدن] إزالة للرائحة الكريهة [وغيرها] من زيادتي كالغسل لحضور كل مجمع‬
‫من الناسـ ولالعتكاف ولدخول المدينة المشرفة [ال] غسل [طواف ركن] أو وداع وإ ن جزم األصل بسنيتهـ‬
‫في األول والنووي في منسكه الكبير بسنيتهـ فيهما‪.‬‬

‫باب التيمم‬

‫وشرعا‪ :‬مسح الوجه‬ ‫منه تُ ِ‬


‫نفقون} [سورة البقرة‪/‬ـ‪]267‬‬ ‫الخبيث ُ‬
‫َـ‬ ‫تي َّمموا‬
‫ً‬ ‫هو لغة‪ :‬القصد ومنه {وال َ‬
‫واليدين بتراب طهور بنية‪ ،‬واألصل فيه قبل اإلجماع ءاية‪{ :‬وإ ن ُكنتم مرضى أو على ٍ‬
‫سفر} [سورة‬
‫طهورا" وغيره من األخبارـ اآلتية‬
‫ً‬ ‫مسجدا وتربتها‬
‫ً‬ ‫النساء‪/‬ـ‪ ]43‬وخبر مسلم [‪" :]1‬جعلت لناـ األرض كلها‬
‫[يختص] التيمم [بترابـ ولو برمل له غبارـ] فال يصح بغيره كجص وكحل ونورة لما مر‪ ،‬والصعيد في‬
‫اآلية مفسر بالترابـ الطاهر وهو يفهم اعتبارـ الغبار‪،‬ـ قال الشافعي‪ :‬الصعيد ال يقع إال على تراب له غبار‪،‬‬
‫غالباـ فيكفي التيمم برمل له غبارـ إذا لم يلصق بالعضو بخالف ما ال غبار له أو له غبارـ لكنه يلصق‬
‫أي ً‬
‫بالعضو [ويجمع بينه] أي بين التيمم [وبين طهره] بالماء [إذا لم يكفه ماؤه] لطهره من وضوء أو غسل‬
‫والمراد بالماء الصالح للغسل فما يصلح للمسح فقط كثلج أو برد ال يقدر على إذابته ال يجب استعمال في‬
‫الرأس على المذهب كما أوضحته في شرح‬

‫[‪ ]1‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬أول كتاب المساجد ومواضع الصالة‪.‬‬

‫ِ‬
‫الماء‬ ‫عاد فيها الصالةُ‪:‬ـ فَ ْق ُد‬ ‫أسباب تسع ٌة منها تُ ُ‬ ‫وله‬ ‫ِ‬
‫الماء‪ُ .‬‬ ‫ِ‬
‫استعمال‬ ‫يخاف معها من‬
‫ُ‬ ‫بعضو ِه عل ٌة‬
‫ِ‬ ‫كان‬
‫ْأو َ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫بأعضاء‬ ‫هر‪ ،‬وكو ُن ُه‬‫غير طُ ٍ‬
‫الساتر على ِ‬
‫ِـ‬ ‫ِِ‬ ‫بمح ّل يغلب ِ‬
‫وجودهُ‪ ،‬ونسيا ُن ُه‪ ،‬وإ ضاللُ ُه في رحله‪ ،‬ووضعُ‬
‫ُ‬ ‫فيه‬ ‫ُ‬
‫معفو عنه‪.‬‬
‫بغير ٍّ‬ ‫بدن ِ‬‫وتنجس ٍ‬ ‫صيان بسفر‪،‬‬
‫وع ٌـ‬ ‫ِ‬
‫قبل الوقت‪ ،‬وشدةُ ْبر ٍد‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وكون التيمم َ‬ ‫ُ‬ ‫التيمم‪،‬‬
‫ُ‬

‫األصل‪ ،‬ويعتبر فيما ذكر تأخيره التيمم عن استعمال الماء [أو] إذا [كان بعضوه علة يخاف معها من‬
‫استعمال الماء] على نفسه أو عضوه أو منفعته وال يعتبر في هذا تأخيرـ التيمم في الغسل وال في الوضوء‬
‫بالنسبةـ لعضو العلة‪،‬ـ وتعبيري بالطهرـ وبالعلة أعم من تعبيره بالوضوء وبالجرح [وله] أي التيمم‬
‫[أسباب] أحد وعشرون وهي في الحقيقةـ أسباب للعجز عن استعمال الماء والعجز عن ذلك هو سبب‬
‫سفرا لغلبة وجوده‬
‫حصرا كان أو ً‬
‫ً‬ ‫التيمم [تسعة منها تُعاد فيها الصالة‪ :‬فقد الماء بمحل يغلب فيه وجوده]‬
‫فيه [ونسيانه] أي الماء [وإ ضالله في رحله] فيهما لوجود الماء معه ونسبته في إهماله حتى نسيه أو‬
‫أضله إلى تقصيرـ بخالف ما لو أدرج في رحله ماء ولم يشعر به أو أض ّل رحله الذي فيه الماء في رحال‬
‫أعم من قوله ووضع الجبيرة [على غير طهر] بخالف وضعه‬
‫[ووضع الساتر] من جبيرة أو لصوق فهو ّ‬
‫على طهر كما في الخف بجامع وجوب المسح بالماء على كل منهما [وكونه] أي الساتر [بأعضاء التيمم]‬
‫جميعا [وكون التيمم] للصالةـ [قبل الوقت] أي وقتها وإ ن ظن‬
‫ً‬ ‫وإ ن وضعه على طهر لنقص البدل والمبدل‬
‫دخوله لفوات الشرط [وشدة البرد] وإ ن خيف من االستعمال فيها تلف نفس أو غيرها لندرة فقد ما يسخن‬
‫به الماء [وعصيانـ بسفر] كإباق ألن عدم وجوب اإلعادة رخصة فال تناط بالمعصية [وتنجس بدن بغير‬
‫معفو عنه] كدم كثير وإ ن عجز عن إزالته لفقد‬
‫الماء أو لخوف ضرر ألنه نادر ال يدوم بخالف ما يعفى عنه كدم قليل نعم إن كان على محل‬

‫األصابع‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫من‬ ‫واليد ِ‬
‫ين َ‬ ‫َ‬ ‫أعالهُ‬

‫المسح‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وتكرير‬ ‫ِ‬
‫التراب‪،‬‬ ‫تكثير‬ ‫ومكروه ُه‪:‬‬
‫ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مخلوط ِ‬ ‫ِـ‬ ‫ين مع ِ‬ ‫ِ‬
‫زعفران‪،‬‬ ‫بنحو‬ ‫وغير‬
‫َ‬ ‫هورا‬
‫ط ً‬ ‫التراب َ‬ ‫وكون‬
‫ُ‬ ‫المرفَقَين‪،‬‬ ‫لليد ِـ َ‬
‫للوجه‪ ،‬وضرب ٌة َ‬ ‫وشروطُ ُه‪ :‬ضرب ٌة‬
‫ٍ‬
‫مريض‪ ،‬و‬ ‫تيمم‬ ‫ِ‬
‫الماء إال في ِ‬ ‫وطلب‬
‫ُ‬
‫بين مسح الوجه واليدين‬
‫أعالهُ واليدين من األصابعـ] كما في الوضوء [وغيرها] من زيادتي كالمواالة َ‬
‫وتفريق أصابعه في كل ضربة وتخليلهاـ إن فرق في الضربتينـ أو في الثانية فقط وإ ال وجب‪.‬‬

‫[ومكروهه‪ :‬تكثير الترابـ وتكرير المسح] لكل عضو لمخالفة األخبارـ الدالة على عدم ذلك‪.‬‬

‫[وشروطه] خمسة عشر [ضربة للوجه وضربة لليدينـ مع المرفقين] كما رواه كذلك الحاكم [‪ ]1‬وهو‬
‫موقوف على ابن عمر وال بد من الضربتين وإ ن أمكن التيمم بضربة بخرقة أو نحوها والمراد بالضرب‬
‫طاهرا غير مستعمل‪ ،‬والمستعمل منه ما بقي بعضوه أو تناثرـ منه‪،‬‬‫ً‬ ‫طهورا] بأن يكون‬
‫ً‬ ‫النقل [وكون التراب‬
‫ولو رفع إحدى يديه عن األخرى قبل استيعابهاـ ثم أراد أن يعيدها لالستيعاب جاز في األصح ألن‬
‫المستعمل هو الباقي بالممسوحة‪ ،‬أما الباقي بالماسحةـ ففي حكم الترابـ الذي يضرب عليه اليد مرتين فال‬
‫يكون مستعمالً بالنسبةـ للممسوحة [و] كونه [غير مخلوط بنحو زعفرانـ] من المخالطات وإ ن قل لمنعه‬

‫فلم ت ِجدوا ً‬
‫ماء فتيمموا}‬ ‫وصول التراب لكثافته إلى العضو [وطلب الماء] ولو بمأذونه لقوله تعالى‪ْ { :‬‬
‫[سورة النساء‪ ]43/‬وال يقال لم يجد إال بعد الطلب‪،‬ـ وألن التيمم طهارة ضرورة وال ضرورة مع إمكانها‬
‫بالماء [إال في تيمم مريض] فال يجب فيه طلب ألن تيممه لمرضه إال لفقد الماء‪ ،‬وفي معناه الخائف من‬
‫برد ونحوه [و]‬

‫[‪ ]1‬أخرجه الحاكم في "المستدرك" [‪.]1/175‬‬

‫نحو‬ ‫حيض ِ‬
‫لتح َّل لمسلم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الع ِ‬ ‫متيقّ ِن ِ‬
‫والتمييز إال َ‬
‫ُـ‬ ‫نحو‬ ‫تيممت ْ‬
‫ْ‬ ‫كتابية‬ ‫واإلسالم إال في‬
‫ُ‬ ‫ذر‪،‬‬ ‫ووجود ُ‬
‫ُ‬ ‫الفقد‪،‬‬ ‫ُ‬
‫حائل‪ ،‬وتقدم إزالةِ‬ ‫ٍ‬
‫حيض إال في تيمم لنحو إحرام‪ ،‬وعدم ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وعدم ِ‬
‫نحو‬ ‫ذلك َّ‬
‫لتحل لمسلم‪،‬ـ‬ ‫ٍ‬
‫مجنونة ُي َم َم ْت من َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عن ِ‬
‫يديه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫النجاسة ْ‬
‫شرعا كحيلولة سبع فال يجب فيه طلب إذ ال فائدة فيه وإ ن‬
‫ً‬ ‫حسا أو‬
‫في تيمم [متيقن الفقد] أي فقد الماء ً‬
‫توهمه طلبه مما توهمه فيه من رحله ورفقته ويستوعبهم بالطلبـ إال أن يضيق وقت الصالة ثم نظر‬
‫حواليه إن كان بمستو من األرض وإ ال تردد إن لم يخف على نفس‪ ،‬أو عضو‪ ،‬أو مال وإ ن قل‪ ،‬أو‬
‫اختصاص‪،‬ـ أو انقطاع عن رفقة‪ ،‬أو خروج وقت إلى حد يلحقه فيه غوث رفقته مع تشاغلهم بأشغالهم‬
‫وتفاوضهم في أقوالهم‪ ،‬فإن لم يجد تيمم فلو علم ماء يصله المسافر لحاجته كاحتطاب وهو فوق حد‬
‫الغوث السابق وجب قصده إال إن خاف على ما مر غير اختصاصـ ومال يجب بذله في تحصيل الماء ثم ًنا‬
‫أو أجرة [ووجود العذر] من علة أو فقد ماء [واإلسالم] لما مر في الوضوء [إال في كتابية تيممت من‬
‫نحو حيض لتحل لمسلم] من زوج أو سيد للضرورة [والتمييز] لما مر في الوضوء [إال] في [نحو‬
‫مجنونة يممت من ذلك] أي من نحو حيض [لتحل لمسلم] للضرورة‪،‬ـ ونحو من زيادتي [وعدم نحو حيض‬
‫إال في تيمم لنحو إحرام] مما ال تختص سنية الغسل له بالظاهر كما بينته في بابه [وعدم حائل] بين‬
‫الترابـ والممسوح لما مر في الوضوء [وتقدم إزالة النجاسةـ عن بدنه] ولو عن غير أعضاءـ التيمم من‬
‫فرج وغيره بخالفه في الوضوء ألن الوضوء لرفع الحدث وهو يحصل مع عدم تقدم ذلك والتيمم إلباحة‬
‫الصالة التابعـ لها غيرهاـ وال إباحة مع ذلك فأشبه التيمم قبل الوقت‪ ،‬وقولي‪" :‬عن بدنه" أعم من اقتصاره‬
‫على محل االستنجاء‬
‫نحو‬ ‫حيض ِ‬
‫لتح َّل لمسلم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الع ِ‬ ‫متيقّ ِن ِ‬
‫والتمييز إال َ‬
‫ُـ‬ ‫نحو‬ ‫تيممت ْ‬
‫ْ‬ ‫كتابية‬ ‫واإلسالم إال في‬
‫ُ‬ ‫ذر‪،‬‬ ‫ووجود ُ‬
‫ُ‬ ‫الفقد‪،‬‬ ‫ُ‬
‫حائل‪ ،‬وتقدم إزالةِ‬
‫إحرام‪ ،‬وعدم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وعدم نحو حيض إال في تيمم لنحو‬ ‫َّ‬
‫ذلك لتحل لمسلم‪،‬ـ‬ ‫ٍ‬
‫مجنونة ُي َم َم ْت من َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عن ِ‬
‫يديه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫النجاسة ْ‬

‫شرعا كحيلولة سبع فال يجب فيه طلب إذ ال فائدة فيه وإ ن‬


‫ً‬ ‫حسا أو‬
‫في تيمم [متيقن الفقد] أي فقد الماء ً‬
‫توهمه طلبه مما توهمه فيه من رحله ورفقته ويستوعبهم بالطلبـ إال أن يضيق وقت الصالة ثم نظر‬
‫حواليه إن كان بمستو من األرض وإ ال تردد إن لم يخف على نفس‪ ،‬أو عضو‪ ،‬أو مال وإ ن قل‪ ،‬أو‬
‫اختصاص‪،‬ـ أو انقطاع عن رفقة‪ ،‬أو خروج وقت إلى حد يلحقه فيه غوث رفقته مع تشاغلهم بأشغالهم‬
‫وتفاوضهم في أقوالهم‪ ،‬فإن لم يجد تيمم فلو علم ماء يصله المسافر لحاجته كاحتطاب وهو فوق حد‬
‫الغوث السابق وجب قصده إال إن خاف على ما مر غير اختصاصـ ومال يجب بذله في تحصيل الماء ثم ًنا‬
‫أو أجرة [ووجود العذر] من علة أو فقد ماء [واإلسالم] لما مر في الوضوء [إال في كتابية تيممت من‬
‫نحو حيض لتحل لمسلم] من زوج أو سيد للضرورة [والتمييز] لما مر في الوضوء [إال] في [نحو‬
‫مجنونة يممت من ذلك] أي من نحو حيض [لتحل لمسلم] للضرورة‪،‬ـ ونحو من زيادتي [وعدم نحو حيض‬
‫إال في تيمم لنحو إحرام] مما ال تختص سنية الغسل له بالظاهر كما بينته في بابه [وعدم حائل] بين‬
‫الترابـ والممسوح لما مر في الوضوء [وتقدم إزالة النجاسةـ عن بدنه] ولو عن غير أعضاءـ التيمم من‬
‫فرج وغيره بخالفه في الوضوء ألن الوضوء لرفع الحدث وهو يحصل مع عدم تقدم ذلك والتيمم إلباحة‬
‫الصالة التابعـ لها غيرهاـ وال إباحة مع ذلك فأشبه التيمم قبل الوقت‪ ،‬وقولي‪" :‬عن بدنه" أعم من اقتصاره‬
‫على محل االستنجاء‬
‫نحو‬ ‫حيض ِ‬
‫لتح َّل لمسلم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الع ِ‬ ‫متيقّ ِن ِ‬
‫والتمييز إال َ‬
‫ُـ‬ ‫نحو‬ ‫تيممت ْ‬
‫ْ‬ ‫كتابية‬ ‫واإلسالم إال في‬
‫ُ‬ ‫ذر‪،‬‬ ‫ووجود ُ‬
‫ُ‬ ‫الفقد‪،‬‬ ‫ُ‬
‫حائل‪ ،‬وتقدم إزالةِ‬
‫إحرام‪ ،‬وعدم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وعدم نحو حيض إال في تيمم لنحو‬ ‫َّ‬
‫ذلك لتحل لمسلم‪،‬ـ‬ ‫ٍ‬
‫مجنونة ُي َم َم ْت من َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عن ِ‬
‫يديه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫النجاسة ْ‬

‫شرعا كحيلولة سبع فال يجب فيه طلب إذ ال فائدة فيه وإ ن‬


‫ً‬ ‫حسا أو‬
‫في تيمم [متيقن الفقد] أي فقد الماء ً‬
‫توهمه طلبه مما توهمه فيه من رحله ورفقته ويستوعبهم بالطلبـ إال أن يضيق وقت الصالة ثم نظر‬
‫حواليه إن كان بمستو من األرض وإ ال تردد إن لم يخف على نفس‪ ،‬أو عضو‪ ،‬أو مال وإ ن قل‪ ،‬أو‬
‫اختصاص‪،‬ـ أو انقطاع عن رفقة‪ ،‬أو خروج وقت إلى حد يلحقه فيه غوث رفقته مع تشاغلهم بأشغالهم‬
‫وتفاوضهم في أقوالهم‪ ،‬فإن لم يجد تيمم فلو علم ماء يصله المسافر لحاجته كاحتطاب وهو فوق حد‬
‫الغوث السابق وجب قصده إال إن خاف على ما مر غير اختصاصـ ومال يجب بذله في تحصيل الماء ثم ًنا‬
‫أو أجرة [ووجود العذر] من علة أو فقد ماء [واإلسالم] لما مر في الوضوء [إال في كتابية تيممت من‬
‫نحو حيض لتحل لمسلم] من زوج أو سيد للضرورة [والتمييز] لما مر في الوضوء [إال] في [نحو‬
‫مجنونة يممت من ذلك] أي من نحو حيض [لتحل لمسلم] للضرورة‪،‬ـ ونحو من زيادتي [وعدم نحو حيض‬
‫إال في تيمم لنحو إحرام] مما ال تختص سنية الغسل له بالظاهر كما بينته في بابه [وعدم حائل] بين‬
‫الترابـ والممسوح لما مر في الوضوء [وتقدم إزالة النجاسةـ عن بدنه] ولو عن غير أعضاءـ التيمم من‬
‫فرج وغيره بخالفه في الوضوء ألن الوضوء لرفع الحدث وهو يحصل مع عدم تقدم ذلك والتيمم إلباحة‬
‫الصالة التابعـ لها غيرهاـ وال إباحة مع ذلك فأشبه التيمم قبل الوقت‪ ،‬وقولي‪" :‬عن بدنه" أعم من اقتصاره‬
‫على محل االستنجاء‬
‫التراب ِ‬
‫فيه‪.‬‬ ‫ِـ‬ ‫ِ‬
‫الماء‪،‬ـ ونق ُل‬ ‫وطلب‬ ‫ِ‬
‫الوقت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وبدخول‬ ‫ِ‬
‫بالقبلة‪،‬ـ‬ ‫والعلم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ٍ‬
‫صالة في‬ ‫حائل إال في‬ ‫وزوال ٍ‬
‫علة بال ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ثمن ِه‪،‬‬
‫وتوه ِم ِه‪ ،‬وقدر ٍة على ِ‬
‫ُ‬ ‫وبرؤية ٍ‬
‫ماء‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وردة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بحدث‪،‬‬ ‫التيمم‬ ‫ويبط ُل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫التوهم‪.‬‬ ‫بعد ِ‬
‫غير‬ ‫ٍ‬
‫صالة مقصور ٍة َ‬ ‫وهو في‬ ‫ِ‬
‫األربع األخيرة‪ ،‬وبإقامة] أو نيتها َ‬
‫ِ‬

‫والعلم بالقبلة و] العلم [بدخول الوقت] ولو باالجتهاد فيهما [وطلب الماء ونقل‬
‫ُ‬ ‫والعضو الذي يريد مسحه [‬
‫الترابـ فيه] أي في الوقت فيهما‪ ،‬وهذه األربعة من زيادتي وقد تفهم األخيرة مما مر أوائل الباب‪.‬‬

‫[ويبطل التيمم بحدث] وقد مر بيانه في بابه [وردة] هذا من زيادتي [وبرؤية ماء] أي بالعلمـ بوجوده وإ ن‬
‫سراباـ أو جماعة جوز أن معهم ماء بال حائل فيهما يحول‬
‫ً‬ ‫ضاق الوقت عن الوضوء [وتوهمه] كأن رأى‬
‫عن استعمالهـ من سبع وعطش أو نحوهما ألنه لم يشرع في المقصود فأشبه ما لو رءاه في أثناء التيمم‬
‫فإن كان ثم حائل وعلمه قبل الرؤية والتوهم أو معهما لم يبطل تيممه [وقدرة على ثمنه] بال حائل بأن ال‬
‫يحتاج إليه لمؤونة أو لدين ويمكنه الشراء [وزوال علة] مبيحة للتيممـ [بال حائل] يحول عن استعماله‪،‬‬
‫فقولي‪" :‬بال حائل" قيد في المسائل األربع األخيرة وهو من زيادتي في الثالثة األخيرة‪ ،‬وخرج بزوال العلة‬
‫توهم زوالها فلو توهم برء جرحه فرءاه لم يبرأ لم يبطل تيممه إذ ال يجب طلب البرء والبحث عنه‬
‫بتوهمه بخالف الماء [إال في صالة في األربع األخيرة] فال يبطل التيمم بشئ منها في غير الثانية حيث‬
‫كانت الصالة تسقط به وفيها مطلقًا لتلبسه بالمقصود كما لو وجد المكفر الرقبة بعد شروعه في الصوم‬
‫قطعا‪.‬‬
‫نعم يندب قطع الصالة في غير الثانية ليستأنفهاـ بوضوء في األصح‪ ،‬فإن ضاق الوقت حرم قطعها ً‬
‫أما إذا كانت الصالة ال تسقط به فيبطل تيممه بذلك فتبطل الصالة وال وجه إلتمامها [وبإقامة أو نيتها وهو‬
‫تغليبا لحكم اإلقامة أو نيتها‬
‫في صالة مقصورة بعد غير التوهم] فيبطل تيممه ً‬
‫وأنه‬
‫خف‪ُ ،‬‬‫الشعر وإ ن َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫منابت‬ ‫التراب ِ‬
‫فيه إلى‬ ‫ِ‬ ‫يجب إيصا ُل‬
‫وأنه ال ُ‬
‫الحدث‪ُ ،‬‬
‫َ‬ ‫أنه ال يرفعُ‬
‫خالف الوضوء في ُ‬‫وي ُ‬ ‫ُ‬
‫تيمم لغير ِه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عيني إذا َ‬
‫ٌّ‬ ‫فرض‬
‫ٌ‬ ‫فرضان‪،‬ـ وأنه ال ُيصلى به‬ ‫ال ُيجمعُ به‬

‫المقتضية كل منهما اإلتمام فأشبه ما لو نوى االتمام بجامع أنه أحدث بكل منهما ما لم يستحبه ألن اإلتمام‬
‫كافتتاح صالة أخرى‪ ،‬وقولي‪" :‬أو نيتها" إلخ من زيادتي [ويخالف] التيمم [الوضوء] زيادة على ما مر‬
‫يجب إيصال التراب فيه إلى‬
‫[في أنه ال يرفع الحدث] بمعناه األول السابق في باب األحداث [و] في [أنه ال ُ‬
‫صبيا‬
‫منابت الشعر وإ ن خف] لعسر ذلك بخالف الماء كما مر [و] في [أنه ال ُيجمع به] وإ ن كان المتيمم ً‬
‫فرضا وما شاء من النوافل‬
‫[فرضان] كصالتينـ أو طوافين ألنه طهارة ضرورة بخالف الوضوء ويجمع به ً‬
‫ألنها ال تنحصرـ فخفف فيها ومثلها تمكين المرأة حليلهاـ وصالة الجنازة وتعينها عارض [و] في [أنه ال‬
‫يصلى به فرض عيني إذا تيمم لغيره] بأن تيمم لنافلةـ أو للصالة مطلقًا أو لصالة جنازة‪ ،‬والتقييد بالعيني‬
‫من زيادتي وقولي‪" :‬لغيره" أعم من قوله لنافلة‪،‬ـ لكن لو تيممت المرأة لتمكين حليلهاـ لم تستبح به غيره‪.‬‬
‫ِـ‬
‫النجاسة وإ زالتها‬ ‫باب‬
‫ُ‬

‫تغير‪،‬‬
‫رح َ‬ ‫وماء قُ ٍ‬
‫ُ‬ ‫وخنزير‪،‬ـ وفرعُ ك ّل ومنيُّها‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وكلب‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وروث‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫وودي‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫ومذي‪،‬‬
‫ٌّ‬ ‫هي‪ :‬بو ٌل‪،‬‬
‫َ‬

‫[بابـ] بيانـ [النجاسة وإ زالتهاـ]‬

‫وشرعا بالحد‪ :‬مستقذر يمنع صحة الصالة حيث ال مرخص‪ ،‬وبالعد‪[ :‬بول] لألمر‬
‫ً‬ ‫[هي] لغة‪ :‬ما يستقذر‪،‬‬
‫بصب الماء عليه في خبر الصحيحينـ [‪ ]1‬في قصة األعرابي الذي بال في المسجد [ومذي] بمعجمة لألمر‬
‫غالبا‬
‫بغسل الذكر منه في خبرهما [‪ ]2‬في قصة علي رضي اهلل تعالى عنه‪ ،‬وهو ماء أبيض رقيق يخرج ً‬
‫عند ثوران الشهوة بال شهوة قوية [وودي] بمهملة كالبول‪ ،‬وهو ماء أبيض كدر ثخين يخرج إما عقبه‬
‫حيت استمسكت الطبيعة أو عند حمل شئ ثقيل [وروث] من غائط أو غيره ولو لسمك كالبول [وكلب] ولو‬
‫معلما لخبر [‪" :]3‬طهور إناء أحدكم" اآلتي [وخنزير] ألنه أسوأ حاالً من الكلبـ إذ ال يحل اقتناؤه بحال‬
‫ً‬
‫وتغليبا للنجسـ [ومنيها] أي‬
‫ً‬ ‫تبعا لهما‬
‫وألنه يندب قتله من غير ضرر فيه [وفرع كل] منهما مع غيره ً‬
‫تبعا ألصله بخالف مني غيرهاـ لذلك‪ ،‬ولخبر الشيخين [‪ ]4‬عن عائشة رضي اهلل عنها‪:‬ـ‬
‫مني كل منها ً‬
‫"كانت تحك المني من ثوب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ثم يصلي فيه" [وماء قُرح] أي جرح [تغير]‬
‫ريحه ألنه‬

‫[‪ ]1‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب ترك النبيـ صلى اهلل عليه وسلم والناس األعرابي‬
‫حتى فرغ من بوله في المسجد‪ ،‬وباب صب الماء على البول في المسجد‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪ :‬كتاب‬
‫الطهارة‪ :‬باب وجوب غسل البول وغيره من النجاساتـ إذا حصلت في المسجد وأن األرض تطهر بالماء‬
‫من غير حاجة إلى حفرها‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الغسل‪ :‬باب غسل المذي والوضوء منه‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪:‬‬
‫كتاب الحيض‪ :‬باب المذي‪.‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب حكم ولوغ الكلب‪.‬‬
‫[‪ ]4‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب غسل المني وفركه‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪ :‬كتاب‬
‫الطهارة‪ :‬باب حكم المني‪.‬‬

‫غير ءادمي‪ ،‬وميت ُة ِ‬


‫غير ءادمي‬ ‫دة‪ِ ،‬‬‫مع ٍ‬
‫وصديد‪ ،‬و ِمَّرةٌ‪ ،‬ومس ِكر مائع‪ ،‬وما يخرج من ِ‬
‫ّ‬ ‫ولبن ما ال ُيؤك ُل ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ْ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ودم‬
‫وجراد‪ٌ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫وسم ٌك‬

‫دم مستحيل فإن لم يتغير فطاهر كالعرق خالفًا للرافعي [وصديد] وهو ماء رقيق يخالطهـ دم كالدم وفي‬
‫وزجرا عنه‬
‫ً‬ ‫ظاـ‬
‫معناه القيح [ومرة] وهي ما في المرارة كالقيء [ومسكر مائع] من خمر وغيره تغلي ً‬
‫كالكلب وخرج بالمائع الحشيشة والبنج ونحوهما من الجامداتـ المسكرة فإنها مع تحريمها طاهرة وال ترد‬
‫نظرا ألصلهما [وما يخرج من معدة] كقيئ ولو بال تغير كالروث‪،‬ـ نعم‬
‫الخمرة المنعقدة والحشيشة المذابة ً‬
‫متصلبا فمتنجس ال نجس‪ .‬أما الخارجـ من الصدر أو الحلق وهي النخامة ويقال‬
‫ً‬ ‫إن كان الخارج حبًّا‬
‫النخاعةـ والنازل من الدماغ وهو البلغم فطاهرانـ كالمخاط [ولبن ما ال يؤكل غير ءادمي] كلبن األتان ألنه‬
‫صاـ‬ ‫ِ‬
‫مستحيل في الباطنـ كالدم أما لبن ما يؤكل ولبن اآلدمي فطاهران‪ .‬أما األول فلقوله تعالى‪{ :‬لب ًناـ خال ً‬
‫ءادم} [سورة اإلسراء‪/‬‬ ‫كرمنا بني َ‬ ‫ولقد َّ‬
‫سائ ًغا للشاربين} [سورة النحل‪ .]66/‬وأما الثانيـ فلقوله تعالى‪ْ { :‬‬
‫نجسا وال فرق فيه بين األنثى والذكر الحي والميت [وميتة غير‬
‫‪ ]70‬وال يليق بتكريمه أن يكون منشؤه ً‬
‫والدم} [سورة‬
‫ُ‬ ‫عليكم الميت ُة‬
‫ُ‬ ‫ءادمي وسمك وجراد] لحرمة تناولهاـ من غير ضرر قال تعالى‪ُ { :‬حِّر َم ْت‬
‫ءادم}‬
‫كرمنا بني َ‬‫المائدة‪ ،]3/‬أما ميتة اآلدمي وتالييهـ فطاهرة لحل تناول األخيرينـ ولقوله تعالى‪{ :‬ولقد َّ‬
‫[سورة اإلسراء‪/‬ـ‪ ]70‬في األول‪ ،‬وقضية تكريمهم [‪ ]1‬أن ال يحكم بنجاستهم بالموتـ وسواء المسلمون‬
‫س} [سورة التوبة‪/‬ـ‪ ]28‬فالمراد به نجاسة االعتقاد أو‬
‫كون َن َج ٌ‬
‫شر َ‬‫الم ِ‬
‫والكفار‪ .‬وأما قوله تعالى‪{ :‬إنما ُ‬
‫اجتنابهم كالنجس ال نجاسة األبدان [ودم]‬

‫مكرمون أو لهم‬
‫[‪ ]1‬ليس المراد بقوله تعالى‪{ :‬ولقد كرمنا بني ءادم} [سورة اإلسراء‪ ]70/‬أن الكفارـ ّ‬
‫شر‬
‫{إن َّ‬
‫يحب الكافرين} [سورة ءال عمران‪ ،]32/‬وقوله‪َّ :‬‬
‫{فإن اهللَ ال ُّ‬
‫كرامة عند اهلل‪ ،‬بدليل قوله تعالى‪َّ :‬‬
‫الذين كفروا} [سورة األنفال‪ ،]55/‬فتنبه‪.‬‬
‫َ‬ ‫عند ِ‬
‫اهلل‬ ‫ِ‬
‫الدواب َ‬
‫ريح‪ ،‬ولو‬ ‫عس َر من ٍ‬
‫لون أو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إال ك ِب ًدا وطُحاالً‪ ،‬وإ زالتُهاـ ولو ِم ْن ُخ ّ‬
‫بحيث تزو ُل صفاتُها إال ما ُ‬
‫ُ‬ ‫بغسل‬ ‫ف‬
‫دواب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تنجس مائع َّ‬
‫بد ٍ‬
‫هن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تطهيرهُ‪ ،‬وال يح ُّل االنتفاعُـ به إال في استصباح‪،‬ـ أو طلي َ‬
‫نحو‬ ‫ُ‬ ‫تعذ َر‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬

‫كبدا وطحاالً] فطاهرانـ لما صح عن ابن عمر رضي اهلل عنهما موقوفًا‪" :‬أحلت لناـ‬
‫لما مر من تحريمه [إال ً‬
‫ميتتانـ ودمان السمك والجراد والكبد والطحال" [‪ ]1‬وهو كما قال البيهقي [‪ ]2‬وغيره في حكم المرفوع‪،‬‬
‫وما زيد على المذكورات من نحو الجرة وماء المتنفط ودخان النجاسةـ هو في معناها [وإ زالتها] أي‬
‫النجاسة [ولو من خف] واجبة [بغسل] في غير بعض ما يأتي كبول صبي [بحيث تزول صفاتها] من طعم‬
‫ولون وريح [إال ما عسر] زواله [من لون أو ريح] فال تجب إزالتها بل يطهر محله بخالف ما لو اجتمعا‬
‫غالبا [ولو تنجس مائع‬
‫لقوة داللتهما على بقاء عين النجاسةـ وما لو بقي الطعم لذلك ولسهولة إزالته ً‬
‫جامدا فألقوها‬
‫ً‬ ‫تعذر تطهيره] ألنه صلى اهلل عليه وسلم سئل عن الفأرة تموت في السمن‪ ،‬فقال‪" :‬إن كان‬
‫مائعا فال تقربوه" [‪ ،]3‬وفي رواية "فأريقوه" [‪ ]4‬فلو أمكن تطهيره لم يقل فيه ذلك‬
‫وما حولها وإ ن كان ً‬
‫لما فيه من إضاعةـ المال [وال يحل االنتفاعـ به] أي بالمانعـ المتنجس كسائر النجاساتـ الرطبة [إال في‬
‫استصباحـ أو طبي نحو دواب] كسفن [بدهن] متنجس أو نجس من غير كلب فيجوز مع الكراهة ألنه صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‬

‫[‪ ]1‬أخرجه ابن ماجه في سننه‪ :‬كتاب األطعمة‪ :‬باب الكبد والطحال‪ ،‬وأحمد في مسنده [‪،]2/57‬‬
‫والبيهقي في سننه [‪ ]1/254‬وصحح سنده‪.‬‬
‫[‪ ]2‬السننـ الكبرى [‪.]1/254‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب األطعمة‪ :‬باب في الفأرة تقع في السمن‪،‬ـ والترمذي في سننه‪ :‬كتاب‬
‫األطعمة‪ :‬باب ما جاء في الفأرة تموت في السمن‪،‬ـ والنسائي في سننه‪ :‬كتاب الفزعـ والغيرة‪ .‬باب الفأرة‬
‫تقع في السمن‪.‬‬
‫[‪ ]4‬قال الحافظ في "التلخيص"ـ [‪" :]3/1‬ذكر الخطابيـ أنها جاءت في بعض األخبارـ ولم يسندها" اهـ‪.‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫متنجساـ‪.‬‬
‫ً‬ ‫نجسا‪ ،‬ويبقى‬ ‫لد ن ِجس بالموت ُ‬
‫يطه ُر باندباغ ـه ولو ً‬ ‫إن تفتَّ َت‪ِ ،‬‬
‫وج ُ‬ ‫كالمائع ْ‬
‫ِ‬ ‫والزئبق‬
‫ُ‬

‫غير ُمحترم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫قالع َ‬
‫طاهر ٍ‬ ‫بجامد‬ ‫بمسح ثالثًا‬
‫ٍ‬ ‫بالماء‪،‬ـ أو‬ ‫بغسل‬ ‫نجس‬ ‫االستنجاء من‬
‫ُ‬ ‫ويجب‬
‫ُ‬

‫سئل عن الفأرة تقع في السمن الذائب‪،‬ـ فقال‪" :‬استصبحوا به" [‪ ]1‬أو قال‪" :‬انتفعوا به" رواه الطحاوي‬
‫ووثق روايته‪ ،‬ويستثنى المساجد ويجوز سقي الدواب الماء المتنجس وتخمير الطين ونحوه به‪ ،‬و‪" :‬نحو"‬
‫من زيادتي [والزئبق] بالهمزة وبكسر الزاي مع فتح الباءـ وكسرها [كالمائعـ] في أنه إذا تنجس تعذر‬
‫تطهيره [إن تفتت] ألنه كالدهن فإن لم يتفتت أمكن تطهيره [وجلد] ولو من غير مأكول [نجس بالموتـ‬
‫نجسا] كذرق طير لخبر مسلم [‪" :]2‬إذا دبغ‬‫ظاهرا وباط ًنا [باندباغه] بما ينزع فضوله [ولو ً‬
‫ً‬ ‫يطهر]‬
‫اإلهاب" أي الجلد "فقد طهر" وخرج بالجلد الشعر ونحوه لعدم تأثرهماـ باالندباغـ وبتنجسه بالموت جلد‬
‫متنجسا] فيجب غسله بالماء‬
‫ً‬ ‫الكلب ونحوه وباندباغه بما ذكر تشميسه وتمليحه [ويبقى] بعد اندباغه [‬
‫لتنجسه بالدابغـ النجس أو المتنجس‪ ،‬وتعبيري باالندباغـ أولى من تعبيره بالدبغ إذ ال يشترط الفعل‪.‬‬

‫[ويجب االستنجاء من نجس] ملوث خارج من الفرج [بغسل بالماء] على األصل [أو بمسح ثالثًاـ بجامد‬
‫طاهر قالع غير محترم] كجلد اندبغ ألنه صلى اهلل عليه وسلم جوزه حيث فعله كما رواه البخاري وأمر به‬
‫بقوله فيما رواه الشافعي [‪" :]3‬وليستنج بثالثـ أحجار"‪ ،‬ونهى [‪ ]4‬رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن‬
‫االستنجاء بأقل من ثالثة أحجار‪ ،‬وقيس بالحجرـ غيره مما في معناه‪ ،‬وخرج بالجامد المائعـ غير الماء‬
‫وبالطاهرـ النجس والمتنجس كبعر وطاهر‬
‫مرفوعا وموقوفًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫[‪ ]1‬أخرجه البيهقي في سننه [‪ ]9/354‬عن ابن عمر‬
‫[‪ ]2‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الحيض‪:‬ـ باب طهارة جلود الميتة بالدباغ‪.‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه الشافعي في كتابه "األم" [‪.]1/15‬‬
‫[‪ ]4‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب االستطابة‪.‬‬

‫تنجس ْـت‬ ‫ٍ‬


‫أرض‬ ‫ض ٌح‪ ،‬وفي‬ ‫غير ٍ‬
‫لبن َن ْ‬ ‫تنجس ِ‬ ‫ما لم ُي ِ‬
‫َ‬ ‫صبي لم ُيطعم َ‬
‫ّ‬ ‫ببول‬ ‫َ‬ ‫جاو ْز صفح ًة وحشفةَ‪ ،‬ويكفي فيما‬
‫يعمها ولو مرةً‬ ‫صب ٍ‬
‫ماء ُّ‬ ‫بول ُّ‬‫بنحو ٍ‬
‫ِ‬

‫متنجس وبالقالع غيره كالقصبـ األملس وبغير محترم المحترم كالمطعوم فال يجزئ االستنجاء بشئ منها‬
‫ويعصى به في المحترم [ما لم يجاوز] الخارجـ [صفحة] في الغائطـ وهي ما ينضم من األليين عند القيام‬
‫[وحشفة] في البول وهي ما فوق الختان وإ ن انتشر الخارجـ فوق العادة ألنه يتعذر ضبطه فنيط الحكم‬
‫بالصفحةـ والحشفة وال بد أن ال ينتقل الخارجـ عن محله وأن ال يجف وأن ال يطرأ عليه أجنبي وأن ال‬
‫يتقطع وإ ن لم يجاوز ذلك فإن تقطع تعين الماء في المتقطع وأجزأ الجامد في غيره [ويكفي فيما تنجس‬
‫ببول صبي لم يطعم غير لبن] للتغذي في الحولينـ [نضح] بأن يغمر بالماء بال سيالن بخالف بول الصبيةـ‬
‫والخنثى ال بد فيه من الغسل على األصح‪ ،‬ويحصل بالسيالنـ مع الغمر‪ ،‬واألصل في ذلك خبر الصحيحين [‬
‫‪ ]1‬وخبر ابن خزيمة [‪ ]2‬والحاكم [‪ ]3‬بذلك‪،‬ـ وفرق بينهما بأن االئتالف بحمل الصبي أكثر فخفف في‬
‫بوله وبأنه أرق من بول غيره فال يلصق بالمحل لصوق بول غيره وال يمنع االكتفاء بالنضح تحنيك‬
‫الصبي بتمر ونحوه وال تناوله السفوف ونحوه لإلصالح وظاهر أنه ال بد مع النضح من إزالة الصفات‬
‫على ما مر‪ ،‬وشمل كالمهم لبن اآلدمي وغيره وهو متجه كما في "المهمات" وظاهر أنه ال فرق بين‬
‫النجس وغيره وهو ظاهر وقد ذكرت هنا فوائد في شرح األصل [و] يكفي [في أرض تنجست بنحو بول]‬
‫كخمر [صب ماء يعمها ولو مرة] وإ ن كانت األرض صلبة أو‬
‫[‪ ]1‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الوضوء‪ :‬باب بول الصبيان‪،‬ـ ومسلم في صحيحه‪ :‬كتاب‬
‫الطهارة‪ :‬باب حكم بول الطفل الرضيعـ وكيفية غسله‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه ابن خزيمة في صحيحه‪ :‬جماع أبواب تطهير الثياب‪ :‬باب غسل بول الصبيةـ من الثوب‪.‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه الحاكم في المستدرك [‪ ]169-1/115‬وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه‪.‬‬

‫ط ٍ‬
‫هور‬ ‫ٍـ‬
‫بتراب َ‬ ‫إحداه َّن‬ ‫سبعا‬ ‫نحو ٍ‬
‫َّس من ِ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫غسله ً‬
‫ُ‬ ‫كلب‬ ‫ويجب في جامد تنج َ‬
‫ُ‬

‫لم يقلع ترابهاـ لخبر الصحيحينـ [‪ ]1‬أنه صلى اهلل عليه وسلم أمر في بول األعرابي في المسجد بصب‬
‫ذنوب من ماء ولم يأمر بقلع التراب‪ ،‬وظاهر أن االرض إذا لم تتشرب ما تنجست به ال بد من إزالة عينه‬
‫رطبا فال بد من رفعه وغسل المحل‬
‫قبل صب الماء عليهاـ كما لو كان في إناء فإن تنجست بجامد بأن كان ً‬
‫سبعا إحداهن بتراب طهور] لخبر مسلم [‪:]2‬‬
‫بالماء [ويجب في جامد تنجس] بشئ [من نحو كلب غسله ً‬
‫"طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أوالهن بالترابـ" وفي رواية [‪ ]3‬له‪ِ " :‬‬
‫وعفروه‬
‫الثامنة بالترابـ" بأن يصحب السابعةـ كما في رواية أبي داود [‪" ]4‬السابعةـ بالتراب" وهي معارضة لرواية‬
‫"أوالهن" في محل الترابـ فاكتفى بوجوده في واحدة من السبع كما في رواية الدارقطني [‪" ]5‬إحداهن‬
‫بالبطحاء" على أن الظاهر أنه ال تعارض بين الروايتين بل محمولتانـ على الشك من الراوي كما دل عليه‬
‫رواية الترمذي [‪" ]6‬أخراهن" أو قال‪" :‬أوالهن" وبالجملةـ ال نقيد بهما رواية "إحداهن" لضعف داللتهما‬
‫بالتعارض أو بالشك وقيس بالكلبـ الخنزيرـ والفرع وبولوغه غيره كبوله وعرقه وال يكفي ذر التراب على‬
‫المحل من غير أن يتبعه بماء وال مزجه بغير ماء وال مزج غير تراب طهور كأشنان وتراب نجس أو‬
‫مستعمل‪ ،‬والواجب من الترابـ ما يكدر الماس ويصل بواسطته إلى جميع المحل‪ ،‬ويستثنى األرض‬
‫الترابيةـ فال تحتاج إلى تتريب إذ ال معنى لتتريب التراب‪،‬ـ‬
‫[‪ ]1‬تقدم تخريجه في باب النجاسةـ وإ زالتها‪.‬‬
‫[‪ ]2‬و[‪ ]3‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب حكم ولوغ الكلب‪.‬‬
‫[‪ ]4‬أخرجه أبو داود في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب الوضوء بسؤر الكلبـ‪.‬‬
‫[‪ ]5‬أخرجه الدارقطني في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ولوغ الكلبـ في اإلناء‪،‬ـ وضعفه بقوله‪" :‬الجارود هو‬
‫ابن أبي يزيد متروك" اهـ‪ ،‬وكذا في التلخيصـ [‪ ]1/40‬للحافظ‪.‬‬
‫[‪ ]6‬أخرجه الترمذي في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب ما جاء في سؤر الكلبـ‪.‬‬

‫طه ُر‬ ‫ويعفى عن دم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ش ُ ِ‬


‫والماء القلي ُـل إنما َي ُ‬
‫ُ‬ ‫نحو براغيث‪،‬ـ‬ ‫من الغسالت‪،‬ـ ُ‬
‫بقي َ‬
‫منه بعدد ما َ‬ ‫ش َر َ‬
‫تر ْ‬
‫ويغس ُل ما َ‬
‫بنفسه أو ٍ‬
‫بماء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بزوال تغيُّر ِه‬ ‫والكثير‬ ‫بكثر ِت ِه‬
‫ُ‬

‫ِ‬
‫الخفين‬ ‫مسح‬
‫ُ‬ ‫باب‬

‫رح‪،‬ـ‬
‫الج ِ‬ ‫ِ‬
‫والتيمم‪ ،‬وعلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫حات ٌّ‬
‫سائر َ‬ ‫االستنجاء‪،‬‬ ‫مسح‬
‫ُ‬ ‫ست‪:‬‬ ‫المس ُ‬
‫َ‬

‫ولو لم تزل عين النجاسة إال بست غسالت مثالً حسبت واحدة‪ ،‬والتقييد بالجامد والطهور من زيادتي‬
‫[ويغسل ما ترشرش منه] أي من الماء الذي غسل به ما تنجس بشئ من نحو كلب [بعدد ما بقي من‬
‫الغسالت] ويجب التتريبـ إن كان لم يتربـ بناء على األصح أن لكل مرة حكم المحل بعد الغسل بها ألنها‬
‫بعض البلل الباقي على المحل وخرج بما بقي من الغسالتـ المترشرش من السابعة فال يجب غسله بناء‬
‫على األصح السابق [ويعفى عن دم نحو براغيث] مما ال نفس له سائلةـ كالقمل والبق وإ ن كثر لمشقة‬
‫االحتراز عنه كدم البثرات أما دم الدماميل والقروح ومحل الفصد والحجامة فصحح في "التحقيق" وغيره‬
‫أيضاـ‬
‫أنه كدم األجنبي فيعفى عن قليله فقط‪ ،‬وقضية كالم‪" :‬المنهاج" و"الروضة" أنه يعفى عن كثيره ً‬
‫[والماء القليلـ] بأن لم يبلغ قلتين إذا تنجس [إنما يطهر بكثرته] بأن بلغهما وال تغير به [والكثير] إذا‬
‫تنجس بتغيره كما مر إنما يطهر [بزوال تغيره] بقيد زدته بقولي [بنفسه أو بماء] زيد عليه أو نقص منه‬
‫ظاهرا بجامد كجص وتراب للشك في أن التغيرـ زال أو استتر‪.‬‬
‫ً‬ ‫كثيرا بخالف زواله‬
‫وكان الباقي ً‬

‫باب مسح الخفين‬

‫[المسحات] الواقعة في الطهر [ست مسح] الفرج في [االستنجاء] بالحجرـ ونحوه [و] مسح الوجه‬
‫واليدين في [التيمم] بالتراب [و] المسح بالماء [على سائر الجرح] من جبيرة أو لصوق فهذا أعم من‬
‫تعبيره‬

‫سفر ٍ‬
‫قصر ثالث َة‬ ‫لم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫واألذنين‪،‬ـ وال ُخ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سافر َ‬ ‫يجوز في الوضوء ُ‬
‫ُ‬ ‫الحدث‪ ،‬وإ نما‬
‫َ‬ ‫وهو يرفَعُ‬
‫فين‪َ .‬‬ ‫الرأس‪،‬ـ‬ ‫ومسح‬
‫ُ‬
‫ودائم‬
‫ُ‬ ‫حد ٍث َ‬
‫بعد لُ ٍ‬
‫بس‪،‬‬ ‫المسح من َ‬
‫ِ‬ ‫هن ولغير ِه يوما وليل ًة‪،‬ـ وابتداء م ِ‬
‫دة‬ ‫ُ ُ‬ ‫ً‬
‫أيام ِ‬
‫بليال َّ‬ ‫ٍ‬

‫بالجبيرة [ومسح الرأس و] مسح [األذنين و] مسح [الخفينـ] بالماء في الوضوء في الثالثة‪ ،‬واألصل في‬
‫األخير مع ما يأتي خبر الصحيحينـ [‪ ]1‬عن جرير البجلي قال رأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫يمسح على الخفينـ [وهو] أي المسح عليهماـ [يرفع الحدث] عن الرجلينـ كمسح الرأس يرفعه عن الرأس‬
‫وألنه يجوز أن يجمع به فرائض‪ ،‬ولو لم يرفعه المتنع ذلك كما في التيمم [وإ نما يجوز] المسح على‬
‫الخفين [في الوضوء] بدالً عن غسل الرجلين [لمسافر] بقيد زدته بقولي [سفر قصر ثالثة أيام بلياليهنـ‬
‫يوما وليلة] لخبر ابن خزيمة [‪]2‬‬
‫ولغيره] من مقيم‪ ،‬وعليه اقتصر األصل‪ ،‬ومسافر سفر غير قصر [ ً‬
‫يوما‬
‫وحبان [‪ ]3‬في صحيحهما‪" :‬أنه صلى اهلل عليه وسلم أرخص للمسافرـ ثالثة أيام ولياليهنـ وللمقيم ً‬
‫وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما"‪ ،‬وألحق بالمقيم المسافر سفر غير قصر‪ ،‬والمراد بلياليهنـ‬
‫ثالث ليال متصلة بهن سواء أسبق اليوم األول ليلته أم ال‪ ،‬ولو أحدث في أثناء الليل أو النهارـ اعتبر قدر‬
‫الماضي منه من الليلةـ الرابعة أو اليوم الرابع‪ ،‬وخرج بزيادتيـ في الوضوء إزالة النجاسة والغسل ولو‬
‫مندوبا فال مسح فيهما ألنهما ال يتكرران تكرر الوضوء [وابتداء مدة المسح من] ءاخر [حدث] بقيد زدته‬
‫ً‬
‫بقولي [بعد لبس] للخف ألن وقت المسح يدخل بذلك فاعتبرت مدته منه ويستبيح فيها ما شاء من‬
‫الصلواتـ [و] لكن [دائم‬

‫[‪ ]1‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ :‬كتاب الصالة‪:‬ـ باب الصالة في الخفاف‪ ،‬ومسلم في صحيحه‪ :‬كتاب‬
‫الطهارة‪ :‬باب المسح على الخفينـ‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه ابن خزيمة في صحيحه‪ :‬جماع أبواب المسح على الخفين‪ :‬باب ذكر الخبرـ المفسر لأللفاظـ‬
‫المجملة التي ذكرتها‪.‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه ابن حبان في صحيحه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب المسح على الخفين وغيرهما‪،‬ـ انظر "اإلحسان‬
‫بترتيبـ صحيح ابن حبان"ـ [‪.]2/309‬‬

‫س لم ُيتَ ّم ْم‬ ‫ُّ‬ ‫ِـ‬ ‫لفقد ٍ‬


‫الحدث ومتيمم ال ِ‬
‫ِ‬
‫سافر أو َع َك َ‬
‫ثم َ‬ ‫حضرا َّ‬
‫ً‬ ‫مسح‬
‫َ‬ ‫بقي طُهرهما‪ ،‬فإن‬
‫يمسحان لما َيحل لو َ‬ ‫ماء‬ ‫ُ ٌ‬
‫مدةَ ٍ‬
‫سفر‪.‬‬

‫ف المحاذي ِ‬
‫للقدم‪.‬‬ ‫مسح بظاهر أعلى ال ُخ ّ ُ‬
‫ٍ‬ ‫وفرض ُه‪ُ :‬مسمى‬
‫ُ‬

‫طا‪.‬‬
‫الخف ُخطو ً‬
‫ّ‬ ‫مسح‬
‫ُ‬ ‫وسننه‪:‬‬
‫ُ‬

‫ف‪.‬‬
‫تكرارهُ وغس ُل ال ُخ ّ‬
‫ُ‬ ‫ومكروه ُه‪:‬‬
‫ُ‬
‫الحدث] كمستحاضة [ومتيمم ال لفقد ماء] كمرض وجرح إنما [يمسحانـ لما يحل] لهما من الصلوات [لو‬
‫بقي طهرهما] الذي لبسا عليه الخف وذلك فرض ونوافل أو نوافل فقط‪ ،‬فلو كان حدثهما بعد فعلهما‬
‫الفرض لم يمسحا إال للنوافل إذ مسحهما مرتب على طهرهما وهو ال يفيد أكثر من ذلك‪ ،‬فلو أراد كل‬
‫فرضا ءاخر وجب نزع الخف والطهر الكامل ألنه محدث بالنسبةـ إلى ما زاد على فرض‬
‫منهما أن يفعل ً‬
‫ونوافل فكأنه لبس على حدث حقيقة فإن طهره ال يرفع الحدث فإن زال عذره فال مسح‪ ،‬أما المتيمم لفقد‬
‫شيئا إذا وجد الماء ألن طهره لضرورة فيزول بزوالها [فإن مسح] البس الخفين ولو‬
‫الماء فال يمسح ً‬
‫تغليباـ للحضر‬
‫سفرا ثم أقام [لم ُيتمم مدة سفر] ً‬
‫حضرا ثم سافر] سفر قصر [أو عكس] أي مسح ً‬
‫أحدهما [ ً‬
‫ألصالتهـ فيقتصر في األول على مدة الحضر وكذا في الثاني إن أقام قبل مدته وإ ال وجب النزع‪ ،‬فتعبيري‬
‫حضرا وإ ن تلبس بالمدة‬
‫ً‬ ‫بذلك أعم من قوله أتم مسح مقيم‪ ،‬وعلم من اعتبارـ المسح أنه ال عبرة بالحدث‬
‫حضرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وال بمضي وقت الصالة‬

‫[وفرضه] أي المسح [مسمى مسح بظاهر أعلى الخف المحاذي للقدم]‪.‬‬

‫طا] واألولى في كيفيته أن يضع يده اليسرى تحت العقب واليمنى على ظهر‬
‫[وسننه مسح الخف خطو ً‬
‫مفرجا بين أصابع يديه‪.‬‬
‫ً‬ ‫األصابع ثم يمر اليمنى إلى ءاخر ساقه‪ ،‬واليسرى إلى أطراف األصابع من تحت‬

‫[ومكروهه تكرارهُ وغسل الخف] وقولي وفرضه إلخ من زيادتي‪.‬‬

‫فقد ِه‪ ،‬وكو ُن ُه طاهرا‪،‬ـ وساترا ِ‬


‫للقدم‪،‬‬ ‫تيمم ال ِل ِ‬ ‫كمال طُهر ِه‪ ،‬و َكو ُن طُه ِر ِه ٍ‬
‫بماء‪ ،‬أو ُّ‬ ‫ف على ِ‬ ‫س ُخ ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وشروطُ ُه لُ ْب ُ‬
‫يمنع الماء‪،‬ـ‬ ‫تردد ِ‬
‫وأن َ‬ ‫فيه ولو ُم َحَّر ًما‪ْ ،‬‬ ‫مكن ٌ‬ ‫وي ُ‬
‫ُ‬

‫[وشروطه] أي جواز المسح سبعة أشياء أحدها [لبس خف على كمال طهره] من الحدثينـ لخبر [ابني] [‬
‫‪ ]1‬خزيمة وحبان [‪ ]2‬السابق فلو لبسه قبل غسل رجليه وغسلهما فيه لم يجز المسح إال أن ينزعهما من‬
‫محل القدم ثم يدخلهما فيه ولو أدخل أحدهما بعد غسلها ثم غسل األخرى وأدخلها لم يجز المسح إال أن‬
‫ينزع األولى كذلك ثم يدخلها [و] ثانيهاـ [كون طهره بماء أو تيمم] وإ ن تمحض [ال لفقده] أي الماء بل‬
‫لمرض أو نحوه بخالف المتيمم لفقد الماء ال يمسح كما مر بل إذا وجد الماء لزمه الوضوء وغسل‬
‫طاهرا] فال يكفي نجس وال متنجس إذ ال تصح الصالة‬
‫ً‬ ‫الرجلينـ لما مر [و] ثالثهاـ وهو من زيادتي [كونه‬
‫فيه التي هي المقصود األصليـ من المسح وما عداها من مس مصحف ونحوه كالتابع لها نعم لو كان‬
‫ساتراـ‬
‫بالخف نجاسة معفو عنها مسح منه ما ال نجاسة عليه‪ ،‬ذكره في "المجموع" [و] رابعها كونه [ ً‬
‫للقدم] بكعبيه من أسفله وجوانبه فلو تخرق الخف ضر ولو تخرقت البطانةـ أو الظهارة أو هما بال تحاذ‬
‫والباقي صفيق لم يضر وإ ال ضر [و] خامسها كونه [يمكن تردد فيه] لمسافر لحاجتهـ عند الحط والترحال‬
‫مقعدا بخالف ما لم يكن كذلك لثقله أو تحديد رأسه أو ضعفه‬
‫وغيرهما مما جرت به العادة ولو كان البسه ً‬
‫أو إفراط سعته أو ضيقه أو نحوهما إذ ال حاجة لمثل ذلك وال فائدة في إدامته نعم إن كان الضيق يتسع‬
‫محرما] كمغصوب ومسروق فإنه يكفي كالتيممـ بتراب‬
‫ً‬ ‫بالمشي فيه عن قرب كفى [ولو] كان الخف [‬
‫مغصوب أو نحوه [و] سادسها وهو من زيادتي [أن يمنع الماء] أي نفوذه من غير محل الخرز‬

‫[‪ ]1‬في المطبوع [ص‪" :]31/‬ابن" وما أتيناهـ هو الصواب‪،‬ـ وانظر عند تخريج حديثهما السابق‪.‬‬
‫[‪ ]2‬سبق تخريجه في هذا الباب‪.‬‬

‫وجب النزعُ فيهما ويبدو شئٌ مما‬


‫َ‬ ‫ٍـ‬
‫بجنابة وإ ْن‬ ‫انتقاض ِه‬
‫ِ‬ ‫الغسل في‬
‫َ‬ ‫فارق‬
‫وي ُ‬ ‫تحته ُخ ٌّ ِ‬
‫ف صال ٌح‪.‬ـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫يكون‬
‫َ‬ ‫وأن ال‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫االستيعاب وغيرها‪.‬‬ ‫به وفي ِ‬
‫عدم‬ ‫ستر ِ‬
‫َ‬

‫إلى الرجل لو صب عليه فما ال يمنع ال يجزي ألنه خالف الغالب من الخفاف المنصرف إليها نصوص‬
‫المسح [و] سابعها [أن ال يكون تحته خف صالح] للمسح عليه فإن كان لم يكف مسح األعلى ألن‬
‫الرخصة وردت في الخف لعموم الحاجةـ إليه واألعلى ليس كذلك نعم إن وصل بلل مسحه إلى األسفل بأن‬
‫وصل إليه من محل الخرزـ كفى إن لم يقصد بالمسح األعلى وحده كما يكفي مسح األسفل وخرج بالصالح‬
‫غيره فهو كاللفافة ال يضر [ويفارق] مسح الخف [الغسل] أي غسل الرجلين في الوضوء‪ ،‬زيادة على ما‬
‫مر [في انتقاضه بجنابةـ] لضعفه بخالف غسلهما فيه [وإ ن وجب] بها [النزع] أي نزع الخف [فيهما]‬
‫خالفًا لما في األصل من عدم وجوبه في الغسل لخبر الترمذي [‪ ]1‬وصححه عن صفوان‪" :‬أمرنا رسول‬
‫سفرا أن ال ننزعـ خفافنا ثالثة أيام ولياليهنـ إال من جنابة لكن‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم إذا كنا مسافرين أو ً‬
‫من غائطـ وبول ونوم" واألمر فيه لإلباحة لمجيئه في النسائي [‪ ]2‬بلفظ‪" :‬أرخص لنا" [و] في انتقاضه‬
‫[ببدو] أي ظهور [شئ مما ستر] من القدم أو الخرق الذي تحت الخف [به] أي بالخف بخالف غسل‬
‫الرجلينـ وتعبيري بشئ مما ستر أعم من تعبيره المسح للخف إذ لم يرد فيه استيعاب وألنه قد يتلفهـ بل‬
‫طا كما مر بخالف الغسل فإنه يجب استيعابه [و] في [غيرها] من زيادتي كفساد الخف‬
‫يندب مسحه خطو ً‬
‫وانقضاء مدة مسحه‪.‬‬

‫[‪ ]1‬أخرجه الترمذي في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب المسح على الخفين للمسافرـ والمقيم وصححه‪.‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه النسائيـ في سننه‪ :‬كتاب الطهارة‪ :‬باب التوقيت في المسح على الخفين للمسافرـ‪.‬‬

You might also like