You are on page 1of 14

‫مؤسسة قضاء األحداث‬

‫وفق قانون المسطرة الجنائية الجديد‬

‫مقدمة ‪ :‬ال يختل ف اثن ان ح ول األهمية ال تي أص بحت الطفولة تحظى بها في كل‬
‫أصقاع العالم‪ ،‬إن على المستوى السياسي أو االجتماعي أ والتشريعي‪ ،‬ولم يتخلف المغرب‬
‫عن مواكبة ركب االهتم ام به ذه الش ريحة من المجتمع ع بر تفعيل دور المجتمع الم دني في‬
‫هذا الباب وتحديث الترسانة القانونية المنظمة لحقوق هذه الفئة ‪.‬‬
‫وي دخل ق انون المس طرة الجنائية في خضم ه ذا التح ديث‪ ،‬حيث إن ه ذا األخ ير لم‬
‫يتوقف فقط عند توفير الحماية لألحداث الجانحين و تقويم سلوكهم بقصد إعادة إدم اجهم في‬
‫المجتم ع‪ ،‬بل م دد هذه الحماية إلى األطف ال ض حايا الج رائم أو ال ذين يعيش ون وض عية‬
‫صعبة ‪.‬‬
‫وقد س لك الق انون الجديد في معالجة قض ايا األح داث مب ادئ التك ريم ال تي أقرتها‬
‫الش ريعة اإلس المية للطفل ت ارة‪ ،‬وأحك ام االتفاقي ات والص كوك الدولية ال تي ص ادق عليها‬
‫المغرب تارة أخرى ‪.‬‬
‫فرفع سن الرشد الجن ائي إلى ‪ 18‬س نة شمس ية كاملة انس جاما مع الم ادة األولى من‬
‫اتفاقية حق وق الطف ل‪ ،‬وأح دث نظ ام قاضي األح داث ل دى المحكمة االبتدائية باإلض افة إلى‬
‫المستشار المكلف برعاية األحداث ل دى محكمة االس تئناف‪ ،‬كما أوكل إلى الغرفة المختصة‬
‫بمحاكمة الجنح والجنايات لدى المحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف مهام البت في قضايا‬
‫األح داث المحالة علي ه‪ ،‬ومن قبل قاضي أو مستشار األح داث‪ ،‬على أن ي ترأس تلك الغرف‬
‫مستشار مكلف باألحداث ‪.‬‬
‫كما أوكل ل رئيس النيابة العامة تعيين قاضي النيابة ال ذي يض طلع بحضور جلس ات‬
‫األحداث‪ ،‬وأنشأ ضابطة قضائية خاصة باألحداث ‪.‬‬
‫و في ب اب العقوبة منع كليا اعتقا ل األح داث ال ذين يقل عم رهم عن ‪ 12‬س نة‪ ،‬وأقر‬
‫و س مح‬ ‫إلزامية البحث االجتم اعي في الجنح ما لم يتع ارض ذلك مع مص لحة الح دث‪،‬‬
‫بالطعن باالستئناف في قرارات غرفة الجنايات لألحداث أسوة بالرشداء ‪.‬‬
‫وس نحاول من خالل ه ذه الدراسة اس تعراض مؤسسة قض اء األح داث من جميع‬
‫جوانبها ع بر الترك يز على الجديد ال ذي ج اء به ق انون المس طرة الجنائية من حيث قض اء‬
‫‪2‬‬

‫الموض وع أو قض اء النيابة العامة بمختلف درجاته وط رق الطعن ال تي نص عليه ا‪ ،‬ثم‬


‫العقوب ات ال تي تط ال األح داث الج انحين‪ ،‬وأخ يرا حماية األطف ال ض حايا جناي ات أو جنح‬
‫أو الموجودين في وضعية صعبة‪ ،‬مبرزين مدى التزام المغرب بالصكوك الدولية لحقوق‬
‫اإلنسان عامة وحقوق الطفل خاصة كلما اقتضى األمر ذلك ‪.‬‬
‫و سنتناول هذه النقط عبر المبحثين اآلتيين ‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مستجدات قضاء األحداث في ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬حماية األطفال ضحايا جرائم أو الموجدين في وضعية صعبة‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬مستجدات قضاء األحداث في ضوء قانون المسطرة الجنائية‬


‫‪1‬‬
‫رفع المشرع المغربي في المادة ‪ 458‬من ق‪.‬م‪.‬ج سن الرشد الجنائي إلى ‪ 18‬س نة‬
‫وذا‬ ‫ميالدية كاملة واعت بر الح دث ال ذي يبلغ ‪ 12‬س نة فأقل ع ديم المس ؤولية الجنائية‬
‫مسؤولية ناقصة ما بين ‪ 12‬و ‪ 18‬سنة لعدم اكتمال التمييز لديه‪ ،‬وقد انسجم المغرب بذلك‬
‫مع التزاماته الحقوقية ال واردة باالتفاقي ة الدولية لحق وق الطفل ‪ .‬وإ ذا وقع خالف ح ول سن‬
‫الح دث نصت الم ادة ‪ 459‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه يتعين اعتب ار سن الج انح ي وم ارتك اب‬
‫الجريمة مع إعط اء المحكمة ص الحية اللج وء إلى أهل الخ برة لتق دير سن الح دث‪ ،‬بعد أن‬
‫تأمر بإجراء فحص طبي ولها إن اقتضى الحال إصدار حكم بعدم االختصاص ‪.‬‬
‫و انس جاما مع قواعد بيكين خاصة الم ادة ‪ 10‬منها والمتعلقة بالقواعد النموذجية‬
‫إلدارة قض اء األح داث والمعتم دة من قبل الجمعية العامة لألمم المتح دة بت اريخ ‪ 29‬نون بر‬
‫‪ 1985‬بمقتضى قرارها رقم ‪ 40/33‬نصت الم ادة ‪ 460‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬على ال تزام ض ابط‬
‫الش رطة القض ائية ب أن يحتفظ بالح دث المنس وب إليه الج رم في مك ان مخصص لألح داث‬
‫لم دة ال يمكن أن تتج اوز الم دة المح ددة للحراسة النظري ة‪ ،‬ويجب في كل األح وال إش عار‬
‫ولي الحدث أو المقدم أو الوصي عليه أو كافله أو حاضنه أو الشخص أو المؤسسة المعهود‬
‫إليها برعايته باإلجراء المتخذ ‪.‬‬
‫وصونا لحقوق األحداث الجانحين نصت المادة ‪ 461‬بأن على النيابة العامة إذا لم‬
‫تكن الجريمة المرتكبة تقتضي التحقيق إحالة الح دث على قاضي األح داث أو المستش ار‬
‫‪1‬‬
‫) أنشئت عدالة األحداث في نهاية القرن التاسع عشر وتطورت إلى ما وصلت إليه اليوم مرورا بأول مؤتمر حول األطفال ببروكسيل سنة‬
‫‪ 1913‬وبإعالن جنيف الذي تبنته عصبة األمم سنة ‪ 1924‬واإلعالن العالمي لحقوق الطفل سنة ‪ 1959‬وغيرها من الجهود الجبارة التي بذلها‬
‫المجتمع الدولي والتي توجت بمصادقة الجمعية العامة لألمم المتحدة على اتفاقية حقوق الطفل في ‪ 20‬دجنبر ‪. 1989‬‬
‫‪3‬‬

‫المكلف باألح داث مع إلزامية فصل متابعة الح دث عن غ يره من المس اهمين أو المش اركين‬
‫‪2‬‬
‫الرشداء ‪.‬‬
‫وس محت الم ادة ‪ 41‬من ق‪.‬م‪.‬ج ل ولي الح دث بإمكانية طلب ص لح مع الض حية من‬
‫خالل التزامه بج بر الض رر ال ذي ألحقه الح دث ب ه‪ ،‬وي ترتب عن ذلك وقف ال دعوى‬
‫العمومية مع إمكانية تحريك المتابعة من جديد من ل دن النيابة العامة في حالة ع دم تنفيذ‬
‫االلتزام المتفق عليه أو ظهور عناصر جديدة تقتضي تحريك المتابعة ‪.‬‬
‫وقد أخذ المش رع في ذلك بالتوص يات ال تي ما ف تئت الن دوات واألي ام الدراس ية‬
‫المنعقدة بخصوص قضايا الطفولة الجانحة سواء من طرف وزارة العدل أو وزارة الشبيبة‬
‫والرياضة أو منظمة اليونيسيف‪ 3‬تنظمها في عدة مناسبات ‪.‬‬
‫و انس جاما مع مب ادئ األمم المتح دة التوجيهية لمنع جن وح األح داث المعتم دة‬
‫والمنش ورة بق رار الجمعية العامة رقم ‪ 45/133‬الم ؤرخ في دجن بر ‪ 1990‬المعروفة‬
‫بمب ادئ الري اض التوجيهية نص ق انون المس طرة الجنائية الجديد على إمكانية إيق اف س ير‬
‫ال دعوى العمومية قبل ص دور حكم نه ائي في ج وهر القض ية إذا س حبت الش كاية أو تن ازل‬
‫المتضرر أو اقتضت المصلحة ذلك بطلب من النيابة العامة مع إمكانية استئناف النظر فيها‬
‫بطلب من هذه األخيرة ما لم تكن قد سقطت بالتقادم أو لسبب آخر‪.‬‬
‫أما من حيث هيئ ات التحقيق و هيئ ات الحكم الخاصة باألح داث فيمكن الق ول إن‬
‫المادة ‪ 458‬من ق‪.‬م‪.‬ج و ما يليها قد أخذت بنظام جد متطور لقضاء األحداث حرصا من‬
‫المش رع على مواكبة االتفاقي ات الدولية الص ادرة بش أن الطفولة بص فة عامة ‪ 4‬وس وف‬
‫نحاول رصد الجديد على مستوى المحاكم االبتدائية أوال ثم على مستوى محاكم االستئناف‬
‫ثانيا ‪.‬‬
‫أ – على مستوى المحاكم االبتدائية ‪:‬‬
‫‪ ‬قاضي األحداث لدى المحاكم االبتدائية ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫) الحظ اتفاقية قواعد األمم المتحدة النموذجية الدنيا إلدارة شؤون قضاء األحداث قواعد بيكين‪ .‬وقارن مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة‬
‫السجناء والتي اعتمدها مؤتمر األمم المتحدة األول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الذي انعقد بجنيف سنة ‪ 1955‬وقارن أيضا مع قواعد األمم‬
‫المتحدة بشأن حماية األحداث المجردين من حريتهم اعتمدتها الجمعية العامة بقرارها رقم ‪ 45/113‬المؤرخ في دجنبر ‪. 1990‬‬
‫‪ ) 3‬الحظ بهذا الخصوص التقرير الختامي لليوم الدراسي المنعقد في ‪ 31‬يناير ‪ 2002‬من طرف وزارة العدل حول جنوح األحداث وقارن مع‬
‫التقرير الختامي لأليام الدراسية المنعقدة في ‪ 12-11-10‬ماي ‪ 2001‬بعنوان عدالة األحداث حصيلة وآفاق المنعقدة من طرف مديرية الشؤون‬
‫الجنائية والعفو بوزارة العدل ‪.‬‬
‫‪ ) 4‬راجع أحمد التهامي ‪ :‬مدى مالئمة مشروع قانون المسطرة الجنائية مع المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫تنص الم ادة ‪ 464‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬على أنه " يعين قاضي أو أك ثر من بين قض اة‬
‫المحكمة االبتدائية للقي ام بمه ام قاضي األح داث لم دة ثالث س نوات قابلة للتجديد بم وجب‬
‫قرار لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس المحكمة االبتدائية‪ ،‬وبذلك يكون المشرع قد‬
‫ع اد إلى اإلج راء ال ذي ك ان معم وال به قبل ص دور الظه ير المتعلق ب اإلجراءات االنتقالية‬
‫باستثناء الجانب المتعلق بتحديد المدة‪ ،‬حيث كان قاضي األحداث يعين بقرار لوزير العدل‬
‫‪5‬‬
‫لكن بدون تحديد مدة معينة ‪.‬‬
‫ويختص قاضي األح داث ل دى المحكمة االبتدائية ب النظر في قض ايا المخالف ات‬
‫والجنح المنس وبة إلى الح دث الب الغ من العمر ما بين ‪ 12‬و‪ 18‬س نة وال تي يحيلها عليها‬
‫وكيل الملك ل دى نفس المحكمة وال ذي يملك وح ده س لطة تحريك ال دعوى العمومية في حق‬
‫الح دث‪ ،‬مع مالحظة أنه أص بح من غ ير الممكن في ظل ق انون المس طرة الجنائية الجديد‬
‫إمكانية تحريك ه ذه ال دعوى من ط رف المط الب ب الحق الم دني عكس ما ك ان عليه األمر‬
‫‪6‬‬
‫في القانون القديم‬
‫وبعد إحالة الحدث الذي لم يبلغ ‪ 12‬سنة عليه ليس أمام قاضي األحداث إال تسليمه‬
‫لوليه أو حاض نه أو المق دم عليه أو كافله أو وص يه أو الش خص أو المؤسسة المعه ود إليها‬
‫برعايت ه‪ ،‬وب ذلك يك ون المش رع قد س اير ما تنص عليه أغلب الق وانين في ه ذا الص دد‪،‬‬
‫‪7‬‬
‫باإلضافة إلى انسجامه مع ما قرره من انعدام المسؤولية الجنائية للحدث في هذه السن ‪.‬‬
‫وإ ذا ارتأى وكيل الملك أن الجنحة المرتكبة من طرف الحدث تقتضي إجراء تحقيق‬
‫في النازلة‪ ،‬فإنه يحيلها على قاضي األحداث الذي يطبق المقتضيات المنصوص عليها في‬
‫القسم الثالث من الكتاب األول المتعلق بالتحقيق اإلعدادي‪ ،‬مع مراعاة القواعد المنصوص‬
‫‪8‬‬
‫عليها في الكتاب الثالث من قانون المسطرة الجنائية ‪.‬‬

‫‪ ) 5‬راجع الفصل ‪ 521‬من قانون المسطرة الجنائية القديم‪.‬‬


‫‪ ) 6‬قارن بين الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 547‬من ق‪.‬م‪.‬ج القديم والفقرة األخيرة من المادة ‪ 463‬من قانون المسطرة الجنائية الجديد‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫) تنص ديباجة قواعد األمم المتحدة بشأن حماية األحداث المجردين من حريتهم لديسمبر ‪ 1990‬أنه " ينبغي أن يساند نظام قضاء األحداث‪،‬‬
‫حقوق األحداث وسالمتهم‪ ،‬ويعزز خيرهم المادي واستقرارهم العقلي‪ .‬وينبغي عدم اللجوء إلى السجن إال كمالذ أخير "‪.‬‬
‫وقد عرفت هذه القواعد الحدث بأنه " كل شخص دون الثامنة عشرة من العمر ويحدد القانون السن التي ينبغي دونها عدم السماح بتجريد الطفل‬
‫من حريته أو الطفلة من حريتها "‪.‬‬
‫‪ ) 8‬يالحظ أن الكتاب الثالث الخاص بالقواعد الخاصة باألحداث (‪ 517-458‬ق‪.‬م‪.‬ج) لم تناقش إطالقا من طرف لجنة العدل والتشريع لمجلس‬
‫المستشارين‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫وإ ذا ك انت الجنحة ال تس تدعي إج راء التحقيق ف إن وكيل الملك يحيل القض ية على‬
‫قاضي األح داث قصد تط بيق مقتض يات الم واد ‪ 468‬و‪ 470‬إلى ‪ 472‬عند االقتض اء‬
‫وإ حالة الحدث على غرفة األحداث لدى المحكمة االبتدائية التي أصبحت تحل محل محكمة‬
‫األح داث ال تي ك ان معم وال بها في ظل ق انون المس طرة الجنائية الق ديم قبل ص دور ظه ير‬
‫اإلجراءات االنتقالية ‪.‬‬
‫والج دير بال ذكر أنه إذا ك انت العقوبة المقررة للجنح ة‪ ،‬تع ادل أو تقل عن س نتين‬
‫حبسا فإن قاضي األحداث يبت في القضية وفقا للمسطرة المقررة في المواد من ‪ 475‬إلى‬
‫‪ 481‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬الجدي د‪ ،‬وفي ه ذه الحالة تش كل الهيئة تحت طائلة البطالن من قاضي‬
‫األح داث بحض ور ممثل النيابة العامة وبمس اعدة ك اتب الض بط ‪ -‬وه ذه التش كيلة هي ال تي‬
‫ك ان يطلق عليها من قبل غرفة المش ورة ‪ 9 -‬وله أن يص در مؤقتا أم را يخضع بمقتض اه‬
‫الح دث إلى واحد أو أك ثر من ت دابير الحراسة المنص وص عليها في الفصل ‪ 468‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج ويمكن إن اقتضى الح ال ذلك أن تباشر ه ذه الت دابير تحت ظل نظ ام الحرية‬
‫المحروسة ‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 471‬من ق‪.‬م‪.‬ج على إجراء لم يكن معموال به من قبل‪10‬يتمثل‬
‫في تخويل قاضي األح داث إمكانية إس ناد أمر البحث االجتم اعي إلى اإلدارة المكلفة‬
‫بع دما ك ان‬ ‫‪11‬‬
‫بالمص الح االجتماعية أو إلى الجمعي ات أو األش خاص الم ؤهلين له ذه الغاية‬
‫البحث االجتم اعي يخ ول للباحثة االجتماعية أو إلى من دوب الحرية المحروسة س واء ك ان‬
‫‪12‬‬
‫دائما أو مؤقتا ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫) قارن بين الفقرة الرابعة من المادة ‪ 467‬من ق‪.‬م‪.‬ج الجديد والفقرة األولى من الفصل ‪ 533‬من ق‪.‬م‪.‬ج القديم والفصل ‪ 16‬من ظهير‬
‫اإلجراءات االنتقالية‪.‬‬
‫‪ ) 10‬تقابل المادة ‪ 470‬من قانون المسطرة الجنائية الجديد الفصل ‪ 528‬من ق‪.‬م‪.‬ج القديم مع فارق وحيد هو رفع الحد األعلى للسن من ‪ 16‬إلى‬
‫‪ 18‬سنة‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫) راجع قواعد األمم المتحدة النموذجية الدنيا للتدابير غير اإلحتجازية –قواعد طوكيو‪ -‬والتي جاء فيها " متى تيسرت إمكانية االستعانة‬
‫بتق ارير تتض من تحقيق ات اجتماعية ج از للهيئة القض ائية أن تس تعين بتقرير يع ده موظف أو جه از مختص ومف وض " وينبغي أن يتض من ه ذا‬
‫التقرير معلومات عن الخلفية االجتماعية للجاني تتصل بنمطه الشخصي في اإلجرام‪ ،‬وينبغي أن يتسم التقرير بالواقعية والموضوعية وأن تكون‬
‫اآلراء المعبر عنها فيه واضحة التحديد "‪.‬‬
‫‪ ) 12‬يكون مندوبو الحرية المحروسة أطرا متخرجة من المعهد الملكي لتكوين أطر وزارة الشبيبة والرياضة شعبة حماية الطفولة‪ .‬ويالحظ على‬
‫ه ذا المعهد أنه رغم الخص اص الكب ير ال ذي تعرفه مراكز حماية الطفولة من األطر الزال المتخرج ون منه منذ س نة ‪ 1996‬إلى اآلن لم يعرف وا‬
‫منفذا لسوق العمل ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫كما تضمنت المادة ‪ 473‬أيضا إجراء جديدا‪ ،‬وهو إعطاء قاضي األحداث إمكانية‬
‫تأجيل البت في حق الحدث إلى أن يصدر الحكم في حق الرشداء ما لم يتعارض ذلك مع‬
‫مصلحة الحدث بطبيعة الحال‪ ،‬وذلك عندما يكون هذا األخير متابعا من أجل نفس األفعال‬
‫وفي نفس القضية مع متهمين رشداء‪ ،‬ويتم فصل قضية الحدث عن قضية الرشداء تطبيقا‬
‫‪.13‬لنص المادة ‪ 461‬من ق‪.‬م‪.‬ج الجديد‬
‫غرفة األحداث لدى المحكمة االبتدائية ‪- 2 :‬‬
‫تماثل غرفة األحداث لدى المحكمة االبتدائية في تشكيلتها ما كانت عليه محكمة‬
‫األحداث لدى المحاكم اإلقليمية سابقا‪ 14،‬وإ ذا تبين لغرفة األحداث أن األفعال تكتسي صبغة‬
‫جنائية فإنها تصدر حكما بعدم االختصاص‪ ،‬و تتألف الغرفة من رئيس وقاضيين ونائب‬
‫‪ .‬لوكيل الملك وكاتب للضبط‬
‫و يالحظ أن المادة ‪ 479‬من ق‪.‬م‪.‬ج قد حلت معضلة كانت تثير نقاشا كبيرا‬
‫تتجلى في ما يطبق باألسبقية إذا قررت الغرفة الجنحية عقوبة حبسية إضافية لتدابير‬
‫الحماية‪ ،‬حيث نصت صراحة على أن العقوبة السالبة للحرية تنفذ باألسبقية باستثناء حالة‬
‫‪ .‬عالج الحدث التي ال يمكن أن تقطع بأي وجه من الوجوه‬
‫ب ‪ -‬على مستوى محاكم االستئناف ‪:‬‬
‫‪ -1‬المستشار المكلف باألحداث ‪:‬‬
‫يعين المستشار المكلف باألحداث و يعفى من مهامه بنفس الطريقة المنصوص‬
‫عليها في الظهير الشريف المتعلق باإلجراءات االنتقالية‪15،‬وعندما تكتسي األفعال المرتكبة‬
‫من طرف الحدث طابعا جنائيا فإن المستشار المذكور بعد قيامه ببحث اجتماعي لتحديد‬
‫التدابير المتعين اتخاذها لحماية الحدث ( المادة ‪ ) 471‬يقوم بإجراء تحقيق في القضية‬
‫طبقا للمسطرة الواردة في القسم الثالث من الكتاب األول المتعلق بالتحقيق اإلعدادي وله‬

‫‪13‬‬
‫) نفس المقتضى أخذت به الفقرة ‪ 29‬من قواعد األمم المتحدة بشأن حماية األحداث المجردين من حريتهم عند تنفيذ العقوبة السالبة للحرية‬
‫حين نصت على ض رورة الفصل بين الب الغين وال نزالء الب الغين ما لم يكون وا أف رادا من ذات األس رة "‪ .‬ونفس المب دأ أعاله نصت عليه – قواعد‬
‫بيكين – بشأن القواعد الدنيا النموذجية إلدارة شؤون قضاء األحداث ‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫) تردد في قانون المسطرة الجنائية مصطلح غرفة في العديد من األحيان‪ ،‬فهناك غرفة األحداث لدى المحكمة االبتدائية وهناك على صعيد‬
‫محكمة االس تئناف الغرفة الجنحية لألح داث وغرفة الجنح االس تئنافية لألح داث وغرفة الجناي ات لألح داث‪ ،‬األمر ال ذي قد يح دث بعض اللبس‬
‫بخصوص الجهة القضائية المعنية ‪.‬‬
‫‪ ) 15‬قارن بين الفصل ‪ 19‬من قانون اإلجراءات االنتقالية والمادة ‪ 482‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬حيث يالحظ أن المشرع لم يحدد مدة معينة‬
‫في الفصل ‪.19‬‬
‫‪7‬‬

‫أن يتخذ أثناء البحث في حق الحدث ما يراه مناسبا من التدابير الجنائية المنصوص عليها‬
‫‪ .‬في المادتين ‪ 468‬و ‪ 478‬من ق‪.‬م‪.‬ج كما له أن يصدر أمرا باعتقاله مؤقتا‬
‫‪ -2‬الغرفة الجنحية لألحداث لدى محكمة االستئناف ‪:‬‬
‫تعد هذه الغرفة من مستجدات قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬وتماثل في تشكيلتها هيئة‬
‫غرفة األحداث لدى المحكمة االبتدائية مع فارق وحيد هو تغيير تسمية القاضي باسم‬
‫المستشار‪ ،‬ويطبق على عقد جلساتها وعلى قراراتها ما يطبق أمام غرف ة األحداث من‬
‫إجراءات مع مراعاة المقتضيات الخاصة بالغرفة الجنحية لدى محكمة االستئناف ‪.‬‬
‫‪-‬غرفة الجنح االستئنافية لألحداث ‪3 :‬‬
‫تختص هذه الغرفة بالنظر في استئناف األحكام الصادرة عن غرفة األحداث لدى‬
‫المحكمة االبتدائية أو عن قاضي األحداث‪ ،‬وهذه الغرفة ال تعتبر من مستحدثات قانون‬
‫‪16‬‬
‫المسطرة الجنائية الجديد‪ ،‬حيث إن لها وجودا ضمن الهيئات التي كانت تعمل سابقا‬
‫وتتألف هذه الغرفة استنادا للمادة ‪ 489‬من ق‪.‬م‪.‬ج تحت طائلة البطالن من مستشار‬
‫لألحداث بصفته رئيسا ومن مستشارين اثنين وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة‬
‫وبمساعدة كاتب للضبط‪ ،‬وتختص بالنظر في استئناف األحكام الصادرة عن غرفة‬
‫األحداث لدى المحكمة االبتدائية أو عن قاضي األحداث وفقا للفقرة الرابعة من المادة ‪470‬‬
‫‪ ،‬وتطبق على عقد الجلسات وعلى مقررات غرفة الجنح االستئنافية لألحداث مقتضيات‬
‫الفرع الخامس من الباب األول من القسم الرابع من الكتاب الثاني مع مراعاة أحكام المواد‬
‫‪ .‬من ‪ 480‬إلى ‪ 482‬و ‪ 492‬من هذا القانون‬
‫غرفة الجنايات لألحداث ‪- 4 :‬‬
‫تتألف غرفة الجنايات على مستوى محكمة االستئناف تحت طائلة البطالن من‬
‫رئيس و من أربعة مستشارين‪ ،‬و تعقد جلساتها بحضور النيابة العامة‪ ،‬وتعد هذه الغرفة‬
‫أيضا من مستجدات قانون المسطرة الجنائية الحالي‪ ،‬وتختص بالنظر في الجنايات والجنح‬
‫المرتبطة بها المنسوبة لألحداث‪ ،‬وإ ذا تبين للغرفة أن األفعال منسوبة إلى الحدث فإنها تبت‬
‫طبقا للمقتضيات المقررة في المواد ‪ 473‬و‪ 476‬ومن ‪ 481‬إلى ‪ ،483‬ويمكنها عالوة‬
‫على ذلك أن تصدر في حقه تدبيرا أو أكثر من تدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها‬

‫‪ ) 16‬الحظ الفصل ‪ 23‬من ظهير اإلجراءات االنتقالية الصادر في ‪ 28‬شتنبر ‪. 1974‬‬


‫‪8‬‬

‫في المادة ‪ ،481‬كما يمكنها أن تكمل هذه التدابير أو تعوضها بالنسبة لألحداث الذين‬
‫يتجاوز سنهم ‪ 12‬سنة بعقوبة من العقوبات المنصوص عليها في المادة ‪ 482‬أعاله‪ ،‬غير‬
‫أنه إذا كانت العقوبة األصلية المقررة للجريمة هي اإلعدام أو السجن المؤبد أو السجن‬
‫لمدة ثالثين سنة فإن الغرفة تستبدلها بعقوبة تتراوح بين عشر سنوات وخمس عشرة سنة‬
‫‪ .‬سجنا‬ ‫‪17‬‬

‫ويمكن الطعن باالستئناف في قرارات غرفة الجنايات الصادرة في حق األحداث‬


‫أمام غرفة الجنايات االستئنافية لألحداث‪ ،‬وتتكون غرفة الجنايات االستئنافية من مستشار‬
‫لألحداث رئيسا ومن أربعة مستشارين وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة‬
‫وبمساعدة كاتب للضبط‪ ،‬ونص الفصل ‪ 495‬ق‪.‬م‪.‬ج حسب الكيفيات العادية في المقررات‬
‫النهائية الصادرة في حق األحداث عن غرفة الجنح االستئنافية لألحداث والغرفة الجنحية‬
‫لألحداث لدى محكمة االستئناف وغرفة الجنايات لألحداث‪ ،‬وال يوقف الطعن بالنقض تنفيذ‬
‫‪.‬تدابير الحماية أو التهذيب المحكوم بها بمقتضى المادة ‪ 493‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫وتكريسا لحماية خصوصية األحداث المتابعين وسرية اإلجراءات والمناقشات‬
‫المتعلقة بهم منع القانون الجديد نشر أي بيان عن جلسات الهيئات القضائية الخاصة بالنظر‬
‫‪ .18‬في قضايا األحداث بأية وسيلة كانت‬

‫ج‪ -‬الحرية المحروســـة ‪:‬‬


‫نظمت المواد من ‪ 496‬إلى ‪ 500‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬قواعد الحرية المحروسة‪ ،‬ويهدف‬
‫هذا اإلجراء إلى وضع الحدث تحت اإلشراف والتتبع التربوي لمندوب‪ 19‬تكون مهمته‬

‫‪17‬‬
‫) إن توجه المشرع المغربي في باب عقوبة اإلعدام أعاله ينسجم مع التزامه بقواعد األمم المتحدة النموذجية الدنيا إلدارة شؤون قضاء‬
‫األح داث – المعروفة بقواعد بيكين المؤرخة في نون بر ‪ – 1985‬وال تي ورد في القاع دة ‪ 17‬منها " ال يحكم بعقوبة اإلع دام على أية جريمة‬
‫يرتكبها األحداث‪ ،‬وانسجاما أيضا مع المادة ‪ 5‬و‪ 6‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫) جاء في المادة ‪ 466‬ق‪.‬م‪.‬ج أن مخالفة مقتضيات النشر تعاقب بغرامة تتراوح ما بين ‪ 10.000‬و‪ 50.000‬درهم وفي حالة العودة إلى‬
‫نفس الجريمة داخل أجل سنة ابتداء من أول حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به يمكن الحكم بالحبس لمدة تتراوح بين شهرين وسنتين‪ ،‬ويمكن‬
‫األمر بمنع أو توقيف وسيلة النش ر‪ .‬وقد س ار المش رع المغ ربي من خالل ه ذه الم ادة األخيرة إلى مالئمة تش ريعه مع القاع دة ‪ 8‬من قواعد بيكين‬
‫والتي جاء فيها ‪ :‬يحترم حق الحدث في حماية خصوصياته في جميع المراحل تفاديا ألي ضرر قد يناله من جراء دعاية ال لزوم لها‪ ،‬وال يجوز‬
‫من حيث المبدأ نشر أية معلومة يمكن أن تؤدي إلى التعرف على هوية المجرم الحدث " وكذلك قواعد طوكيو التي جاء في القاعدة الثالثة منها ‪:‬‬
‫"تحاط سجالت الجاني الشخصية بالسرية التامة وال تكشف ألطراف ثالثة" ‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫) ميز المشرع المغربي في المادة ‪ 499‬من ق‪.‬م‪.‬ج بين مندوبين دائمين يعينون بمقرر إداري تصدره وزارة الشبيبة والرياضة ويتقاضون‬
‫أجرة عن أعمالهم وبين مندوبين متطوعين اشترط فيهم المشرع بلوغ سن ‪ 25‬سنة وال يتقاضون أجرة ونتساءل عن مدى مصداقية العمل الذي‬
‫يقوم به المندوب المتطوع إذا لم يكن بأجرة ‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫تجنيب الحدث كل عود إلى الجريمة واقتراح كل تدبير مفيد إلعادة تربيته إلى حين بلوغه‬
‫‪ 18‬سنة‪ ،‬وتناط بالمندوبين كذلك مراقبة الظروف المادية والمعنوية التي يعيش فيها‬
‫‪ .‬الحدث وحالته الصحية وظروف تربيته وعمله وعالقاته وحسن استعماله لهواياته‬
‫وترفع تقارير في هذا الصدد من لدن المندوبين كل ثالثة أشهر إلى الهيئة‬
‫القضائية التي عينتهم تتضمن مالحظاتهم واقتراحاتهم والصعوبات التي تعترض عملهم‪،‬‬
‫وتكريسا لحق الحدث وعائلته في اإلخبار نصت المادة ‪ 500‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه يتعين‬
‫على الهيئة التي تقرر نظام الحرية المحروسة‪ 20‬إخطار الحدث وأبويه أو كافله أومن يتولى‬
‫أمره بطبيعة هذا التدبير وموضوعه وااللتزامات التي يستوجبها كإخطار المندوب بتغيب‬
‫الحدث أو تغيير محل إقامته أو وفاته أو مرضه إضافة إلى تسهيل عمل المندوب ومد يد‬
‫المساعدة الضرورية إليه‪ ،‬وفي حالة مخالفة االلتزامات السالفة الذكر يحكم على هؤالء‬
‫‪ .‬األشخاص بغرامة مدنية تتراوح ما بين ‪ 200‬و‪ 1200‬درهم‬

‫د‪ -‬تنفيذ األحــــكام ‪:‬‬


‫إن المالحظة البارزة بخصوص تنفيذ األحكام الصادرة في حق األحداث هو‬
‫أو‬ ‫الطابع المرن الذي تميزت به مؤسسة تنفيذ العقوبة سواء منها السالبة للحرية‬
‫المرتبطة بالتدابير الوقائية والتهذيبية‪ ،‬حيث إن المصلحة الفضلى للحدث تعتبر مشكاة‬
‫المشرع التي يسير على هديها في إطار‪ 21‬المحافظة على كرامة الحدث‪ 22‬والتشبث‬
‫بااللتزامات الدولية للمملكة في هذا الباب؛ وهكذا نص في المادة ‪ 505‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬على‬
‫أن األحكام الصادرة عن الهيئات المختصة باألحداث تسجل بسجل خاص يمسكه كاتب‬
‫الضبط وال يكون في متناول الجميع‪ ،‬ونص على عدم تضمين المقررات المحتوية على‬
‫‪ ) 20‬نصت على هذا التدبير جملة من الصكوك الدولية‪ ،‬راجع بهذا الخصوص القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ثم قواعد طوكيو وعلى‬
‫الخص وص مب ادئ األمم المتح دة التوجيهية لمنع جن وح األح داث المعروفة بمب ادئ الري اض التوجيهية وال تي اعتم دتها الجمعية العامة بق رار‬
‫‪ 45/113‬المؤرخ في دجنبر ‪. 1990‬‬
‫‪ ) 21‬راجع بهذا الخصوص دليل األحداث نزالء المؤسسات اإلصالحية الذي أنجزته مديرية إدارة السجون وإ عادة اإلدماج التابعة لوزارة العدل‬
‫المغربي ة‪ ،‬وق ارن مع الم ادة ‪ 58‬من ق انون رقم ‪ 98/23‬الخ اص بتنظيم وتس يير المؤسس ات الس جنية ال ذي نص ص راحة على ع دم تط بيق نظ ام‬
‫عقاب العزلة على األحداث ‪.‬‬
‫"‬ ‫‪ ) 22‬جاء في الباب المتعلق بالسجالت بالقاعدة ‪ 19‬من قواعد األمم المتحدة بشأن حماية األحداث المجردين من حريتهم لسنة ‪1990‬‬
‫توضع كل التقارير بما في ذلك السجالت القانونية والسجالت الطبية وسجالت اإلجراءات التأديبية وكل الوثائق األخرى المتصلة بشكل العالج‬
‫ومحتواه وتفاصيله في ملف انفرادي سري‪ ،‬وال يتاح اإلطالع عليه إال لألشخاص المأذونين ويصنف بشكل يجعله سهل الفهم ‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫تدابير الحماية أو التهذيب إال بالبطاقة رقم ‪ 2‬دون غيرها‪ ،‬ويمكن بعد انصرام ثالث‬
‫سنوات والتأكد من إصالح سلوك الحدث أن يتقدم تلقائيا أو بناء على طلب النيابة العامة‬
‫أو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يشرف على شؤون الحدث بطلب إلغاء البطاقة رقم‬
‫‪ 1 .‬التي تنص على التدبير المتخذ في حق هذا األخير‬
‫وتسهيال على الحدث سلك المشرع المغربي مسلكا جديدا يقرب القضاء من‬
‫الحدث فمكنه من تقديم طلب إلغاء البطاقة رقم ‪1‬بنوع من اليسر‪ ،‬حيث أعطى الصالحية‬
‫للبت في هذا الطلب إلى كل من القاضي الذي أجرى المتابعة األولى‪ ،‬أو القاضي الذي‬
‫يوجد في دائرته الموطن الحالي للحدث‪ ،‬أو القاضي الذي كانت والدة الحدث بدائرته‬
‫وجعل مقرر القاضي بالرفض قابال للطعن أمام الغرفة الجنحية لألحداث لدى محكمة‬
‫االستئناف داخل أجل عشرة أيام وأخيرا أعفى المشرع أسرة الحدث المعوزة من أداء‬
‫‪ .‬مصاريف الرعاية واإليداع‬
‫بعد هذا الفصل الذي قاربنا فيه قضاء األحداث ننتقل إلى طرق الحماية التي‬
‫‪ .‬خصها المشرع للحدث ضحية جريمة أو الموجود في وضعية صعبة‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬األحداث ضحايا جرائم والموجودين في وضعية صعب‬


‫إن المغرب الذي يعرف في الوقت الراهن تحوالت عميقة في إطار تعزيز دولة‬
‫الحق والقانون أولى لقضية حقوق الطفل اهتماما خاصا ومتزايدا مبنيا على أسس حضارية‬
‫وعلى مبادئ اإلسالم التي كانت تؤكد دوما على ضرورة حماية الطفل‪ ،‬وقد قام المشرع‬
‫المغربي بترجمة هذا االهتمام على أرض الواقع بوضع قوانين تنظم العالقات داخل‬
‫المجتمع من أجل رعاية الطفل باعتباره يحتاج إلى رعاية وعناية تضمنان له العيش‬
‫الكريم‪ ،‬وسيرا على نهج هذا العرف النافذ عمد المشرع المغربي من خالل قانون المسطرة‬
‫الجنائية الجديد إلى تخصيص القسمين السادس والسابع من الكتاب الثالث لفئة خاصة من‬
‫‪ .‬الطفولة تتمثل في الطفل ضحية جناية أو جنحة ثم للطفل الموجود في وضعية صعبة‬

‫‪ :‬أوال ‪ :‬األطفال ضحايا جنايات أو جنح‬


‫تكريسا من المشرع المغربي للحماية التي أولى بها الحدث في ظل القانون‬
‫الجنائي إذ عاقب على حرمانه من العناية والعالج أو تعريضه لالستغالل واإلهمال المادي‬
‫‪11‬‬

‫والمعنوي‪ 23‬وتحريضه على ممارسة أفعال غير مشروعة‪ ،‬فإنه عمل في قانون المسطرة‬
‫الجنائية الجديد في المادتين ‪ 510‬و‪ 511‬منه على إحاطة الحدث ضحية جنايات أو جنح‬
‫‪ .24‬بضمانات إجرائية هامة‬
‫وهكذا نصت المادة ‪ 510‬على أنه في حال ارتكاب جناية أو جنحة في حق‬
‫الحدث دون ‪ 18‬سنة فلقاض التحقيق أو المستشار المكلف باألحداث إما استنادا لملتمسات‬
‫النيابة العامة وإ ما تلقائيا‪ ،‬بعد أخذ رأي النيابة العامة‪ ،‬إصدار أمر قضائي بإيداع الحدث‬
‫المجني عليه لدى شخص جدير بالثقة أو بمؤسسة خصوصية أو بجمعية من الجمعيات‬
‫ذات المنفعة العامة المؤهلة لهذه الغاية‪ ،‬أو بتسليمه لمصلحة أو مؤسسة عمومية مكلفة‬
‫برعاية الطفولة إلى أن يصدر حكم نهائي في موضوع الجناية أو الجنحة التي تعرض لها‬
‫‪.‬‬
‫كما يمكن للنيابة العامة أو لقاض األحداث أو المستشار المكلف باألحداث أن يأمر‬
‫بعرض الحدث على خبرة طبية نفسية أو عقلية لتحديد نوع وأهمية األضرار الالحقة به‬
‫‪ .25‬وبيان ما إذا كان يحتاج إلى عالج مالئم لحالته حاال واستقباال‬
‫وفي حالة صدور حكم من أجل جناية أو جنحة ارتكبت ضد حدث فالمادة ‪511‬‬
‫الموازية للفصل ‪ 567‬من قانون المسطرة الجنائية المنسوخ أعطت لقاضي األحداث أو‬
‫المستشار المكلف باألحداث بناء على إحالة النيابة العامة صالحية اتخاذ ما يراه مناسبا من‬
‫تدابير لحماية الحدث‪ 26‬مع حفظ لحق في استئناف هذا القرار من طرف كل من النيابة‬

‫‪ ) 23‬تعتبر جريمة االستغالل الجنسي من أكثر الجرائم التي تتعرض لها الطفولة في العالم والتي تحاول األمم المتحدة جاهدة محاربتها ‪ .‬وتتجسد‬
‫جريمة االستغالل الجنسي لألطفال في كون الموضوع تحيط به السرية والصمت‪ ،‬وهذا ما يفسر غياب وجود دراسات وطنية دقيقة‪ ،‬كما تشكل‬
‫ظ اهرة اإلفالت من العق اب بين ال ذين يق ترفون التع ديات الجنس ية ظ اهرة ص ارخة ت دل على ازدراء جلي لحق وق األطف ال األساس ية ‪ .‬ف إذا ما‬
‫تجاوزنا الجريمة والعقاب‪ ،‬فإننا ال نجد في معظم البلدان وبسبب انعدام الوسائل المادية واإلنسانية المالئمة آليات للرعاية وإلعادة التأهيل التي قد‬
‫تمكن األطفال الضحايا من استعادة الثقة بأنفسهم ومن استرجاع كرامتهم المفقودة ‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫) تكمن أسباب نزول مقتضيات المادتين ‪ 510‬و‪ 511‬من ق‪.‬م‪.‬ج في االنتقادات الموجهة من طرف المجتمع المدني المهتم بالطفولة أمام‬
‫ازدي اد ظ اهرة االس تغالل الجنسي وغي اب ق وانين واض حة وجلية ق ادرة على مواجهة المش كل وعلى ص ده إض افة إلى المش اكل المس طرية ال تي‬
‫تعوق معاقبة الجناة أو تفعيل المقتضيات القائمة بالسرعة الالزمة ‪ .‬وقد ح اول المش رع من خالل الفص لين الس ابقين إحاطة الطفل ضحية جنائية‬
‫أو جنحة بضمانات مسطرية هامة ‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫) الحظ في هذا الصدد التقرير العام للملتقى العربي اإلفريقي لمواجهة االستغالل الجنسي لألطفال المنعقد بالرباط في ‪ 26-24‬أكتوبر ‪/‬‬
‫تشرين األول ‪. 2001‬‬
‫‪ ) 26‬نصت المادة ‪ 4‬من البروتوكول االختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع األطفال واستغالل األطفال في البغاء وفي المواد اإلباحية‬
‫على أنه تتخذ كل دولة طرف ما تراه ضروريا من التدابير إلقامة واليتها القضائية على الجرائم المشار إليها في هذا البروتوكول ‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫العامة والحدث أو أبويه أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو حاضنه أو كافله أو المكلف‬
‫‪ .‬برعايته خالل عشرة أيام من صدوره أمام الغرفة الجنحية لألحداث بمحكمة االستئناف‬
‫ثانيا ‪ :‬حماية األطفال الموجودين في وضعية صعبة‬
‫‪ .27‬يعتبر موضوع حماية األطفال الموجودين في وضعية صعبة من المستجدات التي أرساها هذا الباب‬
‫والجدير بالذكر أن المشرع المغربي لم يتطرق إال لحالة الحدث القاصر المعرض‬
‫لمخاطر االنحراف بسبب سلوكه هو ومن يخالطه مع فرضية انتمائه إلى أسرة متماسكة‬
‫تتوفر فيها كل الشروط الضرورية للقيام بالتزاماتها تجاهه من رعاية وتربية‪ ،‬مع أن‬
‫‪ .‬مفهوم األحداث في خطر أو المعرضين لمخاطر يشمل وضعيات أخرى غير هذه‬
‫وهكذا تناولت المواد من ‪ 512‬إلى ‪ 517‬من ق‪.‬م‪.‬ج الحماية المنشودة لألطفال‬
‫الموجودين في وضعية صعبة فأعطى بمقتضى المادة ‪ 512‬لقاضي األحداث لدى المحكمة‬
‫االبتدائية إمكانية أن يتخذ لفائدة الحدث الموجود في وضعية صعبة بناء على ملتمس النيابة‬
‫‪ .28‬العامة أي تدبير يراه كفيال بحماية الحدث‬
‫وعرفت المادة ‪ 513‬الحدث في وضعية صعبة بأنه الحدث البالغ من العمر ‪16‬‬
‫سنة إذا كانت سالمته البدنية أو الذهنية أو النفسية أو األخالقية أو تربيته معرضة للخطر‬
‫من جراء اختالطه بأشخاص منحرفين أو معرضين لالنحراف أو معروفين بسوء سيرتهم‬
‫أو المعنوي الذي‬ ‫أو من ذوي السوابق في اإلجرام أو تمرد على الشخص الذاتي‬
‫يتكفل برعايته أو عدم توفره على مكان صالح يستقر فيه أو اعتاد الفرار من المؤسسة التي‬
‫‪ .‬يتابع بها دراسته‬
‫وتقضي المادة ‪ 514‬بأن قاضي األحداث إذا كانت حالة الحدث الصحية أو‬
‫النفسانية أو سلوكه العام تستوجب فحصا عميقا يأمر بإيداعه مؤقتا لمدة ال تتجاوز ثالثة‬
‫‪ . 29‬أشهر بمركز مقبول مؤهل لهذه الغاية‬
‫ويعهد طبقا لما تقضي به المادة ‪ 515‬إلى أحد مندوبي الحرية المحروسة بتتبع‬
‫حالة الحدث وظروف تنفيذ التدابير وفقا للكيفيات المنصوص عليها في المواد من ‪446‬‬
‫إلى ‪ . 550‬ويمكن لقاضي األحداث حسب المادة ‪ 516‬أن يأمر في كل وقت بإلغاء‬
‫‪ ) 27‬راجع مرسوم ‪ 1959‬الفرنسي الذي تناول تنظيم حقوق هذه الشريحة من األطفال ‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫) راجع‪ .‬عبد الرحمان مصلح الشرادي ‪ :‬انحراف األحداث في التشريع المغربي والقانون المقارن مطبعة األمنية –الطبعة األولى‪ -‬الرباط‬
‫‪. 2002‬‬
‫‪ ) 29‬ينسجم هذا اإلجراء مع مقتضيات المادة ‪ 3‬من اتفاقية حقوق الطفل ‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫التدابير أو تغييرها إذا اقتضت مصلحة الحدث ذلك‪ ،‬وذلك إما تلقائيا أو بناء على طلب‬
‫وكيل الملك أو الحدث أو الشخص الذي يتولى رعايته‪30‬مع أخذ رأي وكيل الملك إذا لم يكن‬
‫‪ .‬هو الذي تقدم بالطلب‬
‫و أخيرا فإن مفعول التدابير المأمور بها ينتهي بانتهاء المدة التي حددها أمر‬
‫قاضي األحداث‪ ،‬وينتهي في كل األحوال ببلوغ الحدث سن ‪ 16‬سنة ميالدية مع إمكانية‬
‫تمديد مفعول التدابير المأمور بها إلى حين بلوغ الحدث سن الرشد الجنائي‪ ،‬وذلك بقرار‬
‫معلل من القاضي في بعض األحوال االستثنائية إذا اقتضت مصلحة الحدث ذلك مع‬
‫‪.‬مراعاة مقتضيات الفقرتين ‪ 2‬و‪ 3‬من المادة ‪ 516‬ق‪.‬م‪.‬ج‬

‫‪ :‬خالصة‬
‫يعتبر العمل الجبار الذي قام به المشرع في باب مؤسسة قضاء األحداث طفرة‬
‫حقوقية وإ نسانية في مجال الطفولة عامة والطفولة الجانحة خاصة‪ ،‬ويمكن القول إن هذه‬
‫المقتضيات الجديدة المنظمة لألحداث في قانون المسطرة الجنائية الجديد أصبحت تجاري‬
‫توصيات المؤتمرات العالمية وقواعد المواثيق واالتفاقيات واإلعالنات الدولية التي تهتم‬
‫‪ .‬بحقوق الطفل‬
‫إال أنه من خالل رصد المواد المتعلقة بهذه الشريحة االجتماعية نجد أن تنظيم‬
‫الرعاية بشؤونها ليس بالمسؤولية الحكر على جهاز القضاء‪ ،‬بل هناك فاعلون اجتماعيون‬
‫وسياسيون آخرون تناط بهم مهمة اعتبار وضعية وظروف هذه الفئة ويتعلق األمر بوزارة‬
‫الشبيبة والرياضة والتعليم والتشغيل وبالمجتمع المدني ممثال في الجمعيات والمنظمات‬
‫‪ .‬المهتمة بالطفولة‬
‫فمن الواجب إذن أن تتكاثف جهود الجميع حتى يتم تفعيل مضمون قانون‬
‫المسطرة الجنائية الجديد في باب األحداث والوقوف على اآلمال المعقودة والنتائج‬
‫‪ ./.‬المنشودة من التغيير التشريعي الجوهري في هذا الباب‬

‫‪30‬‬
‫) راجع علي الحوات‪ ،‬عبد السالم الدويبي‪ ،‬أحمد ظافر مسلم في رعاية الطفل المحروم – معهد اإلنماء العربي الطبعة األولى‪ -‬القاهرة‬
‫‪ 1989‬وقارن مع الشرقاوي الغزواني نور الدين في أبحاث وتعاليق على ضوء تشريعات خاصة‪ ،‬قانون األطفال المهملين‪ ،‬مطبعة بابل الرباط‬
‫‪ 1995‬ص ‪ 5‬وق ارن أيضا مع جعفر عبد األم ير الياس ين في أثر التفكك الع ائلي في جن وح األح داث‪ ،‬الطبعة األولى ع الم المعرفة ب يروت‬
‫‪. 1981‬‬
14

You might also like