Professional Documents
Culture Documents
41
41
مقدمة :ال يختل ف اثن ان ح ول األهمية ال تي أص بحت الطفولة تحظى بها في كل
أصقاع العالم ،إن على المستوى السياسي أو االجتماعي أ والتشريعي ،ولم يتخلف المغرب
عن مواكبة ركب االهتم ام به ذه الش ريحة من المجتمع ع بر تفعيل دور المجتمع الم دني في
هذا الباب وتحديث الترسانة القانونية المنظمة لحقوق هذه الفئة .
وي دخل ق انون المس طرة الجنائية في خضم ه ذا التح ديث ،حيث إن ه ذا األخ ير لم
يتوقف فقط عند توفير الحماية لألحداث الجانحين و تقويم سلوكهم بقصد إعادة إدم اجهم في
المجتم ع ،بل م دد هذه الحماية إلى األطف ال ض حايا الج رائم أو ال ذين يعيش ون وض عية
صعبة .
وقد س لك الق انون الجديد في معالجة قض ايا األح داث مب ادئ التك ريم ال تي أقرتها
الش ريعة اإلس المية للطفل ت ارة ،وأحك ام االتفاقي ات والص كوك الدولية ال تي ص ادق عليها
المغرب تارة أخرى .
فرفع سن الرشد الجن ائي إلى 18س نة شمس ية كاملة انس جاما مع الم ادة األولى من
اتفاقية حق وق الطف ل ،وأح دث نظ ام قاضي األح داث ل دى المحكمة االبتدائية باإلض افة إلى
المستشار المكلف برعاية األحداث ل دى محكمة االس تئناف ،كما أوكل إلى الغرفة المختصة
بمحاكمة الجنح والجنايات لدى المحاكم االبتدائية ومحاكم االستئناف مهام البت في قضايا
األح داث المحالة علي ه ،ومن قبل قاضي أو مستشار األح داث ،على أن ي ترأس تلك الغرف
مستشار مكلف باألحداث .
كما أوكل ل رئيس النيابة العامة تعيين قاضي النيابة ال ذي يض طلع بحضور جلس ات
األحداث ،وأنشأ ضابطة قضائية خاصة باألحداث .
و في ب اب العقوبة منع كليا اعتقا ل األح داث ال ذين يقل عم رهم عن 12س نة ،وأقر
و س مح إلزامية البحث االجتم اعي في الجنح ما لم يتع ارض ذلك مع مص لحة الح دث،
بالطعن باالستئناف في قرارات غرفة الجنايات لألحداث أسوة بالرشداء .
وس نحاول من خالل ه ذه الدراسة اس تعراض مؤسسة قض اء األح داث من جميع
جوانبها ع بر الترك يز على الجديد ال ذي ج اء به ق انون المس طرة الجنائية من حيث قض اء
2
المكلف باألح داث مع إلزامية فصل متابعة الح دث عن غ يره من المس اهمين أو المش اركين
2
الرشداء .
وس محت الم ادة 41من ق.م.ج ل ولي الح دث بإمكانية طلب ص لح مع الض حية من
خالل التزامه بج بر الض رر ال ذي ألحقه الح دث ب ه ،وي ترتب عن ذلك وقف ال دعوى
العمومية مع إمكانية تحريك المتابعة من جديد من ل دن النيابة العامة في حالة ع دم تنفيذ
االلتزام المتفق عليه أو ظهور عناصر جديدة تقتضي تحريك المتابعة .
وقد أخذ المش رع في ذلك بالتوص يات ال تي ما ف تئت الن دوات واألي ام الدراس ية
المنعقدة بخصوص قضايا الطفولة الجانحة سواء من طرف وزارة العدل أو وزارة الشبيبة
والرياضة أو منظمة اليونيسيف 3تنظمها في عدة مناسبات .
و انس جاما مع مب ادئ األمم المتح دة التوجيهية لمنع جن وح األح داث المعتم دة
والمنش ورة بق رار الجمعية العامة رقم 45/133الم ؤرخ في دجن بر 1990المعروفة
بمب ادئ الري اض التوجيهية نص ق انون المس طرة الجنائية الجديد على إمكانية إيق اف س ير
ال دعوى العمومية قبل ص دور حكم نه ائي في ج وهر القض ية إذا س حبت الش كاية أو تن ازل
المتضرر أو اقتضت المصلحة ذلك بطلب من النيابة العامة مع إمكانية استئناف النظر فيها
بطلب من هذه األخيرة ما لم تكن قد سقطت بالتقادم أو لسبب آخر.
أما من حيث هيئ ات التحقيق و هيئ ات الحكم الخاصة باألح داث فيمكن الق ول إن
المادة 458من ق.م.ج و ما يليها قد أخذت بنظام جد متطور لقضاء األحداث حرصا من
المش رع على مواكبة االتفاقي ات الدولية الص ادرة بش أن الطفولة بص فة عامة 4وس وف
نحاول رصد الجديد على مستوى المحاكم االبتدائية أوال ثم على مستوى محاكم االستئناف
ثانيا .
أ – على مستوى المحاكم االبتدائية :
قاضي األحداث لدى المحاكم االبتدائية :
2
) الحظ اتفاقية قواعد األمم المتحدة النموذجية الدنيا إلدارة شؤون قضاء األحداث قواعد بيكين .وقارن مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة
السجناء والتي اعتمدها مؤتمر األمم المتحدة األول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الذي انعقد بجنيف سنة 1955وقارن أيضا مع قواعد األمم
المتحدة بشأن حماية األحداث المجردين من حريتهم اعتمدتها الجمعية العامة بقرارها رقم 45/113المؤرخ في دجنبر . 1990
) 3الحظ بهذا الخصوص التقرير الختامي لليوم الدراسي المنعقد في 31يناير 2002من طرف وزارة العدل حول جنوح األحداث وقارن مع
التقرير الختامي لأليام الدراسية المنعقدة في 12-11-10ماي 2001بعنوان عدالة األحداث حصيلة وآفاق المنعقدة من طرف مديرية الشؤون
الجنائية والعفو بوزارة العدل .
) 4راجع أحمد التهامي :مدى مالئمة مشروع قانون المسطرة الجنائية مع المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان.
4
تنص الم ادة 464من ق.م.ج .على أنه " يعين قاضي أو أك ثر من بين قض اة
المحكمة االبتدائية للقي ام بمه ام قاضي األح داث لم دة ثالث س نوات قابلة للتجديد بم وجب
قرار لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس المحكمة االبتدائية ،وبذلك يكون المشرع قد
ع اد إلى اإلج راء ال ذي ك ان معم وال به قبل ص دور الظه ير المتعلق ب اإلجراءات االنتقالية
باستثناء الجانب المتعلق بتحديد المدة ،حيث كان قاضي األحداث يعين بقرار لوزير العدل
5
لكن بدون تحديد مدة معينة .
ويختص قاضي األح داث ل دى المحكمة االبتدائية ب النظر في قض ايا المخالف ات
والجنح المنس وبة إلى الح دث الب الغ من العمر ما بين 12و 18س نة وال تي يحيلها عليها
وكيل الملك ل دى نفس المحكمة وال ذي يملك وح ده س لطة تحريك ال دعوى العمومية في حق
الح دث ،مع مالحظة أنه أص بح من غ ير الممكن في ظل ق انون المس طرة الجنائية الجديد
إمكانية تحريك ه ذه ال دعوى من ط رف المط الب ب الحق الم دني عكس ما ك ان عليه األمر
6
في القانون القديم
وبعد إحالة الحدث الذي لم يبلغ 12سنة عليه ليس أمام قاضي األحداث إال تسليمه
لوليه أو حاض نه أو المق دم عليه أو كافله أو وص يه أو الش خص أو المؤسسة المعه ود إليها
برعايت ه ،وب ذلك يك ون المش رع قد س اير ما تنص عليه أغلب الق وانين في ه ذا الص دد،
7
باإلضافة إلى انسجامه مع ما قرره من انعدام المسؤولية الجنائية للحدث في هذه السن .
وإ ذا ارتأى وكيل الملك أن الجنحة المرتكبة من طرف الحدث تقتضي إجراء تحقيق
في النازلة ،فإنه يحيلها على قاضي األحداث الذي يطبق المقتضيات المنصوص عليها في
القسم الثالث من الكتاب األول المتعلق بالتحقيق اإلعدادي ،مع مراعاة القواعد المنصوص
8
عليها في الكتاب الثالث من قانون المسطرة الجنائية .
وإ ذا ك انت الجنحة ال تس تدعي إج راء التحقيق ف إن وكيل الملك يحيل القض ية على
قاضي األح داث قصد تط بيق مقتض يات الم واد 468و 470إلى 472عند االقتض اء
وإ حالة الحدث على غرفة األحداث لدى المحكمة االبتدائية التي أصبحت تحل محل محكمة
األح داث ال تي ك ان معم وال بها في ظل ق انون المس طرة الجنائية الق ديم قبل ص دور ظه ير
اإلجراءات االنتقالية .
والج دير بال ذكر أنه إذا ك انت العقوبة المقررة للجنح ة ،تع ادل أو تقل عن س نتين
حبسا فإن قاضي األحداث يبت في القضية وفقا للمسطرة المقررة في المواد من 475إلى
481ق.م.ج .الجدي د ،وفي ه ذه الحالة تش كل الهيئة تحت طائلة البطالن من قاضي
األح داث بحض ور ممثل النيابة العامة وبمس اعدة ك اتب الض بط -وه ذه التش كيلة هي ال تي
ك ان يطلق عليها من قبل غرفة المش ورة 9 -وله أن يص در مؤقتا أم را يخضع بمقتض اه
الح دث إلى واحد أو أك ثر من ت دابير الحراسة المنص وص عليها في الفصل 468من
ق.م.ج ويمكن إن اقتضى الح ال ذلك أن تباشر ه ذه الت دابير تحت ظل نظ ام الحرية
المحروسة .
وقد نصت المادة 471من ق.م.ج على إجراء لم يكن معموال به من قبل10يتمثل
في تخويل قاضي األح داث إمكانية إس ناد أمر البحث االجتم اعي إلى اإلدارة المكلفة
بع دما ك ان 11
بالمص الح االجتماعية أو إلى الجمعي ات أو األش خاص الم ؤهلين له ذه الغاية
البحث االجتم اعي يخ ول للباحثة االجتماعية أو إلى من دوب الحرية المحروسة س واء ك ان
12
دائما أو مؤقتا .
9
) قارن بين الفقرة الرابعة من المادة 467من ق.م.ج الجديد والفقرة األولى من الفصل 533من ق.م.ج القديم والفصل 16من ظهير
اإلجراءات االنتقالية.
) 10تقابل المادة 470من قانون المسطرة الجنائية الجديد الفصل 528من ق.م.ج القديم مع فارق وحيد هو رفع الحد األعلى للسن من 16إلى
18سنة.
11
) راجع قواعد األمم المتحدة النموذجية الدنيا للتدابير غير اإلحتجازية –قواعد طوكيو -والتي جاء فيها " متى تيسرت إمكانية االستعانة
بتق ارير تتض من تحقيق ات اجتماعية ج از للهيئة القض ائية أن تس تعين بتقرير يع ده موظف أو جه از مختص ومف وض " وينبغي أن يتض من ه ذا
التقرير معلومات عن الخلفية االجتماعية للجاني تتصل بنمطه الشخصي في اإلجرام ،وينبغي أن يتسم التقرير بالواقعية والموضوعية وأن تكون
اآلراء المعبر عنها فيه واضحة التحديد ".
) 12يكون مندوبو الحرية المحروسة أطرا متخرجة من المعهد الملكي لتكوين أطر وزارة الشبيبة والرياضة شعبة حماية الطفولة .ويالحظ على
ه ذا المعهد أنه رغم الخص اص الكب ير ال ذي تعرفه مراكز حماية الطفولة من األطر الزال المتخرج ون منه منذ س نة 1996إلى اآلن لم يعرف وا
منفذا لسوق العمل .
6
كما تضمنت المادة 473أيضا إجراء جديدا ،وهو إعطاء قاضي األحداث إمكانية
تأجيل البت في حق الحدث إلى أن يصدر الحكم في حق الرشداء ما لم يتعارض ذلك مع
مصلحة الحدث بطبيعة الحال ،وذلك عندما يكون هذا األخير متابعا من أجل نفس األفعال
وفي نفس القضية مع متهمين رشداء ،ويتم فصل قضية الحدث عن قضية الرشداء تطبيقا
.13لنص المادة 461من ق.م.ج الجديد
غرفة األحداث لدى المحكمة االبتدائية - 2 :
تماثل غرفة األحداث لدى المحكمة االبتدائية في تشكيلتها ما كانت عليه محكمة
األحداث لدى المحاكم اإلقليمية سابقا 14،وإ ذا تبين لغرفة األحداث أن األفعال تكتسي صبغة
جنائية فإنها تصدر حكما بعدم االختصاص ،و تتألف الغرفة من رئيس وقاضيين ونائب
.لوكيل الملك وكاتب للضبط
و يالحظ أن المادة 479من ق.م.ج قد حلت معضلة كانت تثير نقاشا كبيرا
تتجلى في ما يطبق باألسبقية إذا قررت الغرفة الجنحية عقوبة حبسية إضافية لتدابير
الحماية ،حيث نصت صراحة على أن العقوبة السالبة للحرية تنفذ باألسبقية باستثناء حالة
.عالج الحدث التي ال يمكن أن تقطع بأي وجه من الوجوه
ب -على مستوى محاكم االستئناف :
-1المستشار المكلف باألحداث :
يعين المستشار المكلف باألحداث و يعفى من مهامه بنفس الطريقة المنصوص
عليها في الظهير الشريف المتعلق باإلجراءات االنتقالية15،وعندما تكتسي األفعال المرتكبة
من طرف الحدث طابعا جنائيا فإن المستشار المذكور بعد قيامه ببحث اجتماعي لتحديد
التدابير المتعين اتخاذها لحماية الحدث ( المادة ) 471يقوم بإجراء تحقيق في القضية
طبقا للمسطرة الواردة في القسم الثالث من الكتاب األول المتعلق بالتحقيق اإلعدادي وله
13
) نفس المقتضى أخذت به الفقرة 29من قواعد األمم المتحدة بشأن حماية األحداث المجردين من حريتهم عند تنفيذ العقوبة السالبة للحرية
حين نصت على ض رورة الفصل بين الب الغين وال نزالء الب الغين ما لم يكون وا أف رادا من ذات األس رة " .ونفس المب دأ أعاله نصت عليه – قواعد
بيكين – بشأن القواعد الدنيا النموذجية إلدارة شؤون قضاء األحداث .
14
) تردد في قانون المسطرة الجنائية مصطلح غرفة في العديد من األحيان ،فهناك غرفة األحداث لدى المحكمة االبتدائية وهناك على صعيد
محكمة االس تئناف الغرفة الجنحية لألح داث وغرفة الجنح االس تئنافية لألح داث وغرفة الجناي ات لألح داث ،األمر ال ذي قد يح دث بعض اللبس
بخصوص الجهة القضائية المعنية .
) 15قارن بين الفصل 19من قانون اإلجراءات االنتقالية والمادة 482من قانون المسطرة الجنائية ،حيث يالحظ أن المشرع لم يحدد مدة معينة
في الفصل .19
7
أن يتخذ أثناء البحث في حق الحدث ما يراه مناسبا من التدابير الجنائية المنصوص عليها
.في المادتين 468و 478من ق.م.ج كما له أن يصدر أمرا باعتقاله مؤقتا
-2الغرفة الجنحية لألحداث لدى محكمة االستئناف :
تعد هذه الغرفة من مستجدات قانون المسطرة الجنائية ،وتماثل في تشكيلتها هيئة
غرفة األحداث لدى المحكمة االبتدائية مع فارق وحيد هو تغيير تسمية القاضي باسم
المستشار ،ويطبق على عقد جلساتها وعلى قراراتها ما يطبق أمام غرف ة األحداث من
إجراءات مع مراعاة المقتضيات الخاصة بالغرفة الجنحية لدى محكمة االستئناف .
-غرفة الجنح االستئنافية لألحداث 3 :
تختص هذه الغرفة بالنظر في استئناف األحكام الصادرة عن غرفة األحداث لدى
المحكمة االبتدائية أو عن قاضي األحداث ،وهذه الغرفة ال تعتبر من مستحدثات قانون
16
المسطرة الجنائية الجديد ،حيث إن لها وجودا ضمن الهيئات التي كانت تعمل سابقا
وتتألف هذه الغرفة استنادا للمادة 489من ق.م.ج تحت طائلة البطالن من مستشار
لألحداث بصفته رئيسا ومن مستشارين اثنين وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة
وبمساعدة كاتب للضبط ،وتختص بالنظر في استئناف األحكام الصادرة عن غرفة
األحداث لدى المحكمة االبتدائية أو عن قاضي األحداث وفقا للفقرة الرابعة من المادة 470
،وتطبق على عقد الجلسات وعلى مقررات غرفة الجنح االستئنافية لألحداث مقتضيات
الفرع الخامس من الباب األول من القسم الرابع من الكتاب الثاني مع مراعاة أحكام المواد
.من 480إلى 482و 492من هذا القانون
غرفة الجنايات لألحداث - 4 :
تتألف غرفة الجنايات على مستوى محكمة االستئناف تحت طائلة البطالن من
رئيس و من أربعة مستشارين ،و تعقد جلساتها بحضور النيابة العامة ،وتعد هذه الغرفة
أيضا من مستجدات قانون المسطرة الجنائية الحالي ،وتختص بالنظر في الجنايات والجنح
المرتبطة بها المنسوبة لألحداث ،وإ ذا تبين للغرفة أن األفعال منسوبة إلى الحدث فإنها تبت
طبقا للمقتضيات المقررة في المواد 473و 476ومن 481إلى ،483ويمكنها عالوة
على ذلك أن تصدر في حقه تدبيرا أو أكثر من تدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها
في المادة ،481كما يمكنها أن تكمل هذه التدابير أو تعوضها بالنسبة لألحداث الذين
يتجاوز سنهم 12سنة بعقوبة من العقوبات المنصوص عليها في المادة 482أعاله ،غير
أنه إذا كانت العقوبة األصلية المقررة للجريمة هي اإلعدام أو السجن المؤبد أو السجن
لمدة ثالثين سنة فإن الغرفة تستبدلها بعقوبة تتراوح بين عشر سنوات وخمس عشرة سنة
.سجنا 17
17
) إن توجه المشرع المغربي في باب عقوبة اإلعدام أعاله ينسجم مع التزامه بقواعد األمم المتحدة النموذجية الدنيا إلدارة شؤون قضاء
األح داث – المعروفة بقواعد بيكين المؤرخة في نون بر – 1985وال تي ورد في القاع دة 17منها " ال يحكم بعقوبة اإلع دام على أية جريمة
يرتكبها األحداث ،وانسجاما أيضا مع المادة 5و 6من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .
18
) جاء في المادة 466ق.م.ج أن مخالفة مقتضيات النشر تعاقب بغرامة تتراوح ما بين 10.000و 50.000درهم وفي حالة العودة إلى
نفس الجريمة داخل أجل سنة ابتداء من أول حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به يمكن الحكم بالحبس لمدة تتراوح بين شهرين وسنتين ،ويمكن
األمر بمنع أو توقيف وسيلة النش ر .وقد س ار المش رع المغ ربي من خالل ه ذه الم ادة األخيرة إلى مالئمة تش ريعه مع القاع دة 8من قواعد بيكين
والتي جاء فيها :يحترم حق الحدث في حماية خصوصياته في جميع المراحل تفاديا ألي ضرر قد يناله من جراء دعاية ال لزوم لها ،وال يجوز
من حيث المبدأ نشر أية معلومة يمكن أن تؤدي إلى التعرف على هوية المجرم الحدث " وكذلك قواعد طوكيو التي جاء في القاعدة الثالثة منها :
"تحاط سجالت الجاني الشخصية بالسرية التامة وال تكشف ألطراف ثالثة" .
19
) ميز المشرع المغربي في المادة 499من ق.م.ج بين مندوبين دائمين يعينون بمقرر إداري تصدره وزارة الشبيبة والرياضة ويتقاضون
أجرة عن أعمالهم وبين مندوبين متطوعين اشترط فيهم المشرع بلوغ سن 25سنة وال يتقاضون أجرة ونتساءل عن مدى مصداقية العمل الذي
يقوم به المندوب المتطوع إذا لم يكن بأجرة .
9
تجنيب الحدث كل عود إلى الجريمة واقتراح كل تدبير مفيد إلعادة تربيته إلى حين بلوغه
18سنة ،وتناط بالمندوبين كذلك مراقبة الظروف المادية والمعنوية التي يعيش فيها
.الحدث وحالته الصحية وظروف تربيته وعمله وعالقاته وحسن استعماله لهواياته
وترفع تقارير في هذا الصدد من لدن المندوبين كل ثالثة أشهر إلى الهيئة
القضائية التي عينتهم تتضمن مالحظاتهم واقتراحاتهم والصعوبات التي تعترض عملهم،
وتكريسا لحق الحدث وعائلته في اإلخبار نصت المادة 500من ق.م.ج على أنه يتعين
على الهيئة التي تقرر نظام الحرية المحروسة 20إخطار الحدث وأبويه أو كافله أومن يتولى
أمره بطبيعة هذا التدبير وموضوعه وااللتزامات التي يستوجبها كإخطار المندوب بتغيب
الحدث أو تغيير محل إقامته أو وفاته أو مرضه إضافة إلى تسهيل عمل المندوب ومد يد
المساعدة الضرورية إليه ،وفي حالة مخالفة االلتزامات السالفة الذكر يحكم على هؤالء
.األشخاص بغرامة مدنية تتراوح ما بين 200و 1200درهم
تدابير الحماية أو التهذيب إال بالبطاقة رقم 2دون غيرها ،ويمكن بعد انصرام ثالث
سنوات والتأكد من إصالح سلوك الحدث أن يتقدم تلقائيا أو بناء على طلب النيابة العامة
أو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يشرف على شؤون الحدث بطلب إلغاء البطاقة رقم
1 .التي تنص على التدبير المتخذ في حق هذا األخير
وتسهيال على الحدث سلك المشرع المغربي مسلكا جديدا يقرب القضاء من
الحدث فمكنه من تقديم طلب إلغاء البطاقة رقم 1بنوع من اليسر ،حيث أعطى الصالحية
للبت في هذا الطلب إلى كل من القاضي الذي أجرى المتابعة األولى ،أو القاضي الذي
يوجد في دائرته الموطن الحالي للحدث ،أو القاضي الذي كانت والدة الحدث بدائرته
وجعل مقرر القاضي بالرفض قابال للطعن أمام الغرفة الجنحية لألحداث لدى محكمة
االستئناف داخل أجل عشرة أيام وأخيرا أعفى المشرع أسرة الحدث المعوزة من أداء
.مصاريف الرعاية واإليداع
بعد هذا الفصل الذي قاربنا فيه قضاء األحداث ننتقل إلى طرق الحماية التي
.خصها المشرع للحدث ضحية جريمة أو الموجود في وضعية صعبة
والمعنوي 23وتحريضه على ممارسة أفعال غير مشروعة ،فإنه عمل في قانون المسطرة
الجنائية الجديد في المادتين 510و 511منه على إحاطة الحدث ضحية جنايات أو جنح
.24بضمانات إجرائية هامة
وهكذا نصت المادة 510على أنه في حال ارتكاب جناية أو جنحة في حق
الحدث دون 18سنة فلقاض التحقيق أو المستشار المكلف باألحداث إما استنادا لملتمسات
النيابة العامة وإ ما تلقائيا ،بعد أخذ رأي النيابة العامة ،إصدار أمر قضائي بإيداع الحدث
المجني عليه لدى شخص جدير بالثقة أو بمؤسسة خصوصية أو بجمعية من الجمعيات
ذات المنفعة العامة المؤهلة لهذه الغاية ،أو بتسليمه لمصلحة أو مؤسسة عمومية مكلفة
برعاية الطفولة إلى أن يصدر حكم نهائي في موضوع الجناية أو الجنحة التي تعرض لها
.
كما يمكن للنيابة العامة أو لقاض األحداث أو المستشار المكلف باألحداث أن يأمر
بعرض الحدث على خبرة طبية نفسية أو عقلية لتحديد نوع وأهمية األضرار الالحقة به
.25وبيان ما إذا كان يحتاج إلى عالج مالئم لحالته حاال واستقباال
وفي حالة صدور حكم من أجل جناية أو جنحة ارتكبت ضد حدث فالمادة 511
الموازية للفصل 567من قانون المسطرة الجنائية المنسوخ أعطت لقاضي األحداث أو
المستشار المكلف باألحداث بناء على إحالة النيابة العامة صالحية اتخاذ ما يراه مناسبا من
تدابير لحماية الحدث 26مع حفظ لحق في استئناف هذا القرار من طرف كل من النيابة
) 23تعتبر جريمة االستغالل الجنسي من أكثر الجرائم التي تتعرض لها الطفولة في العالم والتي تحاول األمم المتحدة جاهدة محاربتها .وتتجسد
جريمة االستغالل الجنسي لألطفال في كون الموضوع تحيط به السرية والصمت ،وهذا ما يفسر غياب وجود دراسات وطنية دقيقة ،كما تشكل
ظ اهرة اإلفالت من العق اب بين ال ذين يق ترفون التع ديات الجنس ية ظ اهرة ص ارخة ت دل على ازدراء جلي لحق وق األطف ال األساس ية .ف إذا ما
تجاوزنا الجريمة والعقاب ،فإننا ال نجد في معظم البلدان وبسبب انعدام الوسائل المادية واإلنسانية المالئمة آليات للرعاية وإلعادة التأهيل التي قد
تمكن األطفال الضحايا من استعادة الثقة بأنفسهم ومن استرجاع كرامتهم المفقودة .
24
) تكمن أسباب نزول مقتضيات المادتين 510و 511من ق.م.ج في االنتقادات الموجهة من طرف المجتمع المدني المهتم بالطفولة أمام
ازدي اد ظ اهرة االس تغالل الجنسي وغي اب ق وانين واض حة وجلية ق ادرة على مواجهة المش كل وعلى ص ده إض افة إلى المش اكل المس طرية ال تي
تعوق معاقبة الجناة أو تفعيل المقتضيات القائمة بالسرعة الالزمة .وقد ح اول المش رع من خالل الفص لين الس ابقين إحاطة الطفل ضحية جنائية
أو جنحة بضمانات مسطرية هامة .
25
) الحظ في هذا الصدد التقرير العام للملتقى العربي اإلفريقي لمواجهة االستغالل الجنسي لألطفال المنعقد بالرباط في 26-24أكتوبر /
تشرين األول . 2001
) 26نصت المادة 4من البروتوكول االختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع األطفال واستغالل األطفال في البغاء وفي المواد اإلباحية
على أنه تتخذ كل دولة طرف ما تراه ضروريا من التدابير إلقامة واليتها القضائية على الجرائم المشار إليها في هذا البروتوكول .
12
العامة والحدث أو أبويه أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو حاضنه أو كافله أو المكلف
.برعايته خالل عشرة أيام من صدوره أمام الغرفة الجنحية لألحداث بمحكمة االستئناف
ثانيا :حماية األطفال الموجودين في وضعية صعبة
.27يعتبر موضوع حماية األطفال الموجودين في وضعية صعبة من المستجدات التي أرساها هذا الباب
والجدير بالذكر أن المشرع المغربي لم يتطرق إال لحالة الحدث القاصر المعرض
لمخاطر االنحراف بسبب سلوكه هو ومن يخالطه مع فرضية انتمائه إلى أسرة متماسكة
تتوفر فيها كل الشروط الضرورية للقيام بالتزاماتها تجاهه من رعاية وتربية ،مع أن
.مفهوم األحداث في خطر أو المعرضين لمخاطر يشمل وضعيات أخرى غير هذه
وهكذا تناولت المواد من 512إلى 517من ق.م.ج الحماية المنشودة لألطفال
الموجودين في وضعية صعبة فأعطى بمقتضى المادة 512لقاضي األحداث لدى المحكمة
االبتدائية إمكانية أن يتخذ لفائدة الحدث الموجود في وضعية صعبة بناء على ملتمس النيابة
.28العامة أي تدبير يراه كفيال بحماية الحدث
وعرفت المادة 513الحدث في وضعية صعبة بأنه الحدث البالغ من العمر 16
سنة إذا كانت سالمته البدنية أو الذهنية أو النفسية أو األخالقية أو تربيته معرضة للخطر
من جراء اختالطه بأشخاص منحرفين أو معرضين لالنحراف أو معروفين بسوء سيرتهم
أو المعنوي الذي أو من ذوي السوابق في اإلجرام أو تمرد على الشخص الذاتي
يتكفل برعايته أو عدم توفره على مكان صالح يستقر فيه أو اعتاد الفرار من المؤسسة التي
.يتابع بها دراسته
وتقضي المادة 514بأن قاضي األحداث إذا كانت حالة الحدث الصحية أو
النفسانية أو سلوكه العام تستوجب فحصا عميقا يأمر بإيداعه مؤقتا لمدة ال تتجاوز ثالثة
. 29أشهر بمركز مقبول مؤهل لهذه الغاية
ويعهد طبقا لما تقضي به المادة 515إلى أحد مندوبي الحرية المحروسة بتتبع
حالة الحدث وظروف تنفيذ التدابير وفقا للكيفيات المنصوص عليها في المواد من 446
إلى . 550ويمكن لقاضي األحداث حسب المادة 516أن يأمر في كل وقت بإلغاء
) 27راجع مرسوم 1959الفرنسي الذي تناول تنظيم حقوق هذه الشريحة من األطفال .
28
) راجع .عبد الرحمان مصلح الشرادي :انحراف األحداث في التشريع المغربي والقانون المقارن مطبعة األمنية –الطبعة األولى -الرباط
. 2002
) 29ينسجم هذا اإلجراء مع مقتضيات المادة 3من اتفاقية حقوق الطفل .
13
التدابير أو تغييرها إذا اقتضت مصلحة الحدث ذلك ،وذلك إما تلقائيا أو بناء على طلب
وكيل الملك أو الحدث أو الشخص الذي يتولى رعايته30مع أخذ رأي وكيل الملك إذا لم يكن
.هو الذي تقدم بالطلب
و أخيرا فإن مفعول التدابير المأمور بها ينتهي بانتهاء المدة التي حددها أمر
قاضي األحداث ،وينتهي في كل األحوال ببلوغ الحدث سن 16سنة ميالدية مع إمكانية
تمديد مفعول التدابير المأمور بها إلى حين بلوغ الحدث سن الرشد الجنائي ،وذلك بقرار
معلل من القاضي في بعض األحوال االستثنائية إذا اقتضت مصلحة الحدث ذلك مع
.مراعاة مقتضيات الفقرتين 2و 3من المادة 516ق.م.ج
:خالصة
يعتبر العمل الجبار الذي قام به المشرع في باب مؤسسة قضاء األحداث طفرة
حقوقية وإ نسانية في مجال الطفولة عامة والطفولة الجانحة خاصة ،ويمكن القول إن هذه
المقتضيات الجديدة المنظمة لألحداث في قانون المسطرة الجنائية الجديد أصبحت تجاري
توصيات المؤتمرات العالمية وقواعد المواثيق واالتفاقيات واإلعالنات الدولية التي تهتم
.بحقوق الطفل
إال أنه من خالل رصد المواد المتعلقة بهذه الشريحة االجتماعية نجد أن تنظيم
الرعاية بشؤونها ليس بالمسؤولية الحكر على جهاز القضاء ،بل هناك فاعلون اجتماعيون
وسياسيون آخرون تناط بهم مهمة اعتبار وضعية وظروف هذه الفئة ويتعلق األمر بوزارة
الشبيبة والرياضة والتعليم والتشغيل وبالمجتمع المدني ممثال في الجمعيات والمنظمات
.المهتمة بالطفولة
فمن الواجب إذن أن تتكاثف جهود الجميع حتى يتم تفعيل مضمون قانون
المسطرة الجنائية الجديد في باب األحداث والوقوف على اآلمال المعقودة والنتائج
./.المنشودة من التغيير التشريعي الجوهري في هذا الباب
30
) راجع علي الحوات ،عبد السالم الدويبي ،أحمد ظافر مسلم في رعاية الطفل المحروم – معهد اإلنماء العربي الطبعة األولى -القاهرة
1989وقارن مع الشرقاوي الغزواني نور الدين في أبحاث وتعاليق على ضوء تشريعات خاصة ،قانون األطفال المهملين ،مطبعة بابل الرباط
1995ص 5وق ارن أيضا مع جعفر عبد األم ير الياس ين في أثر التفكك الع ائلي في جن وح األح داث ،الطبعة األولى ع الم المعرفة ب يروت
. 1981
14