Professional Documents
Culture Documents
Izz Bin ss2
Izz Bin ss2
المماليك
تتار
عاش العز بن عبد السالم في الربع األخير من القرن السادس الهجري ،وأكثر من النصف األول من القرن السابع-577(
660هـ) ،وعاصر الدولة األيوبية والدولة المملوكية في الشام ومصر .وتعد هذه الفترة الزمنية من أشد العصور في التاريخ
اإلسالمي اضطرابا ً وقلقاً؛ إذ كانت سلطة الخالفة العباسية والدول القائمة تحت نفوذها في ارتفاع وانخفاض مطلقين،
والناس يتنقّلون بين االستقالل واالحتالل ،والوحدة واالنفصال؛ ففي القرن الخامس الهجري اتجه الصليبيون إلى ديار
اإلسالم ،فاحتلوا أجزاء كثيرة من العالم اإلسالمي ،حتى سقط بيت المقدس في أيديهم سنة492 هـ .ثم جاء عهد عماد الدين
زنكي أمير الموصل الذي تصدى للصليبيين ،وبدأ بتوحيد صفوف المسلمين ،ثم خلفه ابنه نور الدين محمود الذي اتسم عهده
بالصالح واالهتمام بالعلم ،فسعى لتوحيد البالد اإلسالمية وجمع صفوفها ضد أعداء اإلسالم ،حتى توفي سنة569 هـ.
فخلفه صالح الدين األيوبي الذي كان نائبا ً عنه في حكم مصر ،فأسس الدولة األيوبية ،وبدأ في اإلصالح السياسي والعلمي
واالجتماعي والعسكري ،وسعى إلى توحيد الشام ومصر ،ثم اتجه إلى محاربة الصليبيين ،فاستطاع أن يسترد بيت المقدس
سنة583 هـ ،وتابع تحرير فلسطين وسائر بالد الشام من الصليبيين حتى توفي سنة589 هـ]4[.
بعد وفاة صالح الدين األيوبي وقعت الفُرقة بين حكام اإلمارات والمدن من أبناء صالح الدين وإخوته ،فانقسمت الدولة
األيوبية إلى دُويالت يتآمر حكامها على بعض ،ويحارب بعضهم اآلخر ،فاشتد ضعفهم ،وهزلت صورتهم وكيانهم أمام
الصليبيين من الغرب ،والتتار من الشرق ،ووصل بهم األمر إلى أن يتحالف بعضهم مع الصليبيين ويستعينوا بهم على
إخوتهم أو أبناء إخوتهم ،ويُسلِّموهم البالد والقالع والحصون .واستمر األمر كذلك حتى انتهت الدولة األيوبية ،وبدأت دولة
المماليك ،وتولى قطز اإلمارة سنة657 هـ ،واتجه لمالقاة التتار القادمين من الشرق ،وقد أسقطوا الخالفة العباسية
في بغداد سنة656 هـ ،ودخلوا الشام واتجهوا نحو مصر ،فتلقاهم قطز بعين جالوت بفلسطين وانتصر عليهم ،وقُتل أثناء
عودته إلى مصر ،فتولى الظاهر بيبرس السلطة مكانه ،وبقي في الحكم حتى نهاية ُ
ع ْمر العز بن عبد السالم]4[.
الحالة العلميةعدل
المدرسة الصالحية بالقاهرة
.تميز العهد األيوبي والمملوكي بكثرة بناء المدارس واالهتمام بالعلم
أثّ رت الحالة السياسية والكوارث الداخلية والخارجية التي حلت بالبالد اإلسالمية في القرون الثالثة (الخامس والسادس
والسابع) على الحركة العلمية والنهضة الثقافية ،سلبا ً وإيجاباً ،فمن جهة :ركدت الحركة العلمية ،وقصرت الهمم ،وجمد
االجتهاد وساد التقليد .وكان للفساد االجتماعي واالنحالل الخلقي بين الناس أث ٌر على العلم والعلماء الذين آثر كثير منهم
اعتزال المجتمع ،واالنقطاع إلى العلم والعبادة ،واالبتعاد عن الحكام واألمراء ،بينما كان فريق آخر يقف في وجه
االنحراف ،ويسعى إلى تقويم السلوك وإصالح المجتمع ،ويقوم باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ويتصدى لتصرفات
الحكام واألمراء .وشهد القرن السابع الهجري أعظم النكبات التي حلت بالثروة العلمية والتراث اإلسالمي الضخم ،فقُتل عدد
كبير من العلماء ،و ُح رقت الكتب والمكتبتات ،وهاجر كثير من العلماء من بالدهم إلى مكان آخر ،يأمنون فيه على دينهم
وعلمهم ،ويمارسون نشاطهم ودروسهم ،ويركنون فيه إلى البحث والتأليف .أضف إلى ذلك الفتن المذهبية التي كانت تعمل
عملها في الداخل ،فالصراع شديد بين الباطنية وأهل السنة ،وبين أهل السنة مع بعضهم البعض ،وبين المسلمين وأهل
الذمة]5[.
وفي هذا العصر نفسه ،ظهرت نهضة علمية كبيرة في الشام ومصر واألندلس ،وأقبل كثير من الحكام واألمراء على العلم
وتشجيع العلماء وبناء المساجد ،والتنافس في بناء المدارس الشهيرة التي كانت بمثابة جامعات ،كالمستنصرية التي بنيت
في بغداد سنة 631هـ ،والكاملية بالقاهرة (621هـ) ،والصالحية بمصر (639هـ) ،والظاهرية بدمشق (661هـ)،
والمنصورية بالقاهرة (679هـ) ،وامتاز العهد األيوبي في مصر والشام باالهتمام الشديد بالمدارس والعلماء وتدريس الفقه
والحديث ،وبناء المعاهد لكل ذلك]5[.
ولَ َم َع في هذا القرن عدد من العلماء الذين جمعوا بين مختلف العلوم والفنون في مختلف البالد ،ومنهم :فخر الدين
الرازي( المتوفى عام 606هـ) والمبارك بن األثير الجزري المحدث اللغوي (606هـ) وموفق الدين بن قدامة الحنبلي(
620هـ) والتبريزي األصولي (621هـ) وأبو القاسم الرافعي القزويني الفقيه الشافعي (623هـ) وعز الدين علي بن األثير
الجزري المؤرخ األديب (630هـ) وسيف الدين اآلمدي األصولي (631هـ) وشهاب الدين عمر السهروردي الواعظ
المتصوف ،الذي حضر إلى دمشق والتقى العز بن عبد السالم (632هـ) ومحيي الدين بن عربي المتصوف (638هـ) وابن
أبي الدم الحموي القاضي الفقيه (642هـ) وابن الصالح المحدث (643هـ) والحافظ ابن النجار المؤرخ (643هـ) وابن
الحاجب األصولي النحوي الفقيه المالكي (646هـ) ومجد الدين بن تيمية الفقيه (652هـ) والحافظ عبد العظيم المنذري(
656هـ) والعز بن عبد السالم (660هـ) وابن مالك النحوي (672هـ) ومحيي الدين يحيى بن شرف النووي المحدث الفقيه (
676هـ) وابن خلِّكان المؤرخ (684هـ) والقاضي البيضاوي األصولي المفسر (685هـ) وعبد الرحمن الفزاري الفقيه
المعروف بالفركاح690( هـ)]5[.