You are on page 1of 14

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫حث اجملاهدين األخيار‬


‫على حفظ األسرار وكتمان األخبار‬

‫تأليف؛ أبو عمر عبد الرب‬


‫رئيس اللجنة اإلعالمية‬

‫من إصدارات اجلماعة السلفية للدعوة والقتال‬


‫دار السنة؛ املنطقة الثانية‬
‫اجلزائر‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬

‫* * *‬
‫‪http://www.tawhed.ws‬‬
‫‪http://www.almaqdese.com‬‬
‫‪http://www.alsunnah.info‬‬
‫‪http://www.abu-qatada.com‬‬
‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫احلمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله وصحبه‪.‬‬

‫وأما بعد‪:‬‬

‫فهذا موضوع حول فضيلة من أمسى الفضائل وخصلة من أكرم اخلصال وخلة من‬
‫خالل املروءة والنبل احلميدة‪ ،‬وآية من آي الشرف والعقل ومسة من مسات اجملد والرشد‪ ،‬تلك‬
‫هي صيانة السر واملبالغة يف كتمانه واحلرص أن ميس‪.‬‬

‫وحسبك دليال على منزلة هذه اخلصلة يف قلوب الناس قاطبة؛ إمجاعهم على امتداح‬
‫صاحبها‪ ،‬ووزهنم عقل الرجل وشرفه ومهته ومروءته مبيزان حفظ السر ودفنه له‪.‬‬

‫ومما ال ريب فيه أن الناس على حفظ األموال أقدر منهم على حفظ األسرار وأمن‪،‬‬
‫فليس كل أمني على املال حفيظا على السر‪ ،‬ولذلك يبلغ املرء من اجلهد والنصب يف ختري‬
‫من يستودعه مكنون سره‪ ،‬ما ال يبلغ معشاره فيمن يستودعه نفيس ماله‪ ،‬وخياف على سره‬
‫أن يذاع أكثر مما خياف على ماله من الضياع‪ ،‬ألن املال غاد ورائح‪ ،‬وأما السر فقد يكون يف‬
‫إفشائه إزهاق روح! أو انتهاك عرض!‬

‫وملا رأيت أنه قد تفشى يف اجملاهدين عادة عدم كتمان األسرار العامة واخلاصة‪،‬‬
‫وأصبح احلديث عنها عند القريب والبعيد أمرا غري مستنكر‪ ،‬وما نتج عن ذلك من تأذي‬
‫اجملاهدين وأهاليهم وما حيصل للذين يأوون وينصرون‪.‬‬

‫دون أن نغفل مصاحل اجلهاد والدين‪ ،‬فكم من مهمة تعطل حتقيقها وذهبت أدراج‬
‫الرياح بسبب بسيط أال وهو؛ انتشار خربها بشكل مريع فظيع ‪ ،‬وكم من إخوة جماهدين‬
‫تأذوا بسبب فشو سر ما تنقلوا ألجل القيام به‪.‬‬

‫وقد يتساءل معي أخي اجملاهد الفاضل؛‬

‫ما السبب يف ذلك يا ترى؟ وما عالجه يا أخي؟‬

‫واإلجابة على ذلك ال ميكن حبال أن يتم إال بعد املتابعة والدراسة والبحث‪ ،‬وما‬
‫ميكنين نقله من إجابة حول هذا السؤال من خالل هذه األسطر‪ ،‬هو اإلشارة ابتداء إىل‬
‫اآلداب الشرعية يف التعامل مع السر وما ينبغي لنا أن نتحلى به‪ ،‬ومن ذلك أحببت أن أقدم‬

‫( ‪)1‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫هذه النّقول حول موضوع األسرار وكيفية التعامل معها ومسؤولية اجملاهد اجتاه ذلك‪ ،‬من‬
‫حفظها وعدم إفشائها‪ ،‬سواء كانت أسرارا مسعها أو أسرارا ائتمن عليها‪.‬‬

‫{و إِ َذا َجاءَ ُه ْم أ َْمٌر ِم َن‬


‫وليعلم أيضا أنه ليس كل ما يعرف يقال‪ ،‬يقول هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫ف أَذَاعُوا بِِه}‪ ،‬وقوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬كفى باملرء إمثا أن حيدث بكل ما‬ ‫األَم ِن أَو اخلو ِ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬
‫مسع)‪.‬‬

‫وفقنا هللا إىل ما فيه اخلري الصالح‪.‬‬

‫( ‪)2‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫تعريفات‬
‫الكتمان‪ :‬هو ضبط النفس ضد دوافع التعبري عما يعرف‪ ،‬وذلك ال يتم إال‬
‫بالصرب‪.1‬‬

‫السر‪ :‬هو كل ما تكتمه وختفيه يف نفسك وال تطلع عليه أحدا لدفع ضرر أو جللب‬
‫مصلحة‪ ،‬أو ختص به من تثق به دون سواه ‪.2‬‬

‫السر‪ :‬هو ما يكتمه اإلنسان يف صدره‪ ،‬ومجعه أسرار‪ ،‬والسريرة مثله‪ ،‬ومجعها سرائر‬
‫‪.3‬‬

‫كتمان السر‪ :‬هو أن يضبط الكالم من اإلنسان عن إظهار ما يضمره مما يضر به‬
‫إظهاره وإبداؤه قبل وقته ‪.4‬‬

‫كتمان السر‪ :‬هو الصرب عن إظهار ما ال حيسن إظهاره من الكالم ‪.5‬‬

‫‪ - 1‬األخالق اإلسالمية ج‪ 2‬ص‪.358‬‬


‫‪ - 2‬املنهاج ج‪ 2‬ص‪.48‬‬
‫‪ - 3‬األخالق يف اإلسالم ص‪.201‬‬
‫‪ - 4‬فضل هللا الصمد ص ‪.48‬‬
‫‪ - 5‬عدة الصابرين وذخرية الشاكرين البن القيم ص‪.17‬‬

‫( ‪)3‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫السر يف القرآن الكرمي‬


‫جاءت يف كتاب هللا عز وجل آيات حتث على حفظ السر‪ ،‬وآيات كثرية حتكي عن‬
‫أناس حفظوا أسرارهم فكانت هلم جناة‪ ،‬مما يدل على ما حلفظ األسرار من فوائد عظيمة‪،‬‬
‫فضال عن اآليات الكثرية اليت تأمر اإلنسان بعدم اإلكثار من الكالم‪ ،‬وتبني أن اإلنسان‬
‫حماسب على كل كلمة يقوهلا‪ ،‬إن خريا فخري وإن شرا فشر‪.‬‬

‫و إليك أخي اجملاهد الفاضل بعض اآليات اآلمرة حبفظ وكتمان األسرار ‪:‬‬
‫يقول هللا تعاىل آمرا حبفظ العهد‪{ :‬و أَوفُوا بِ ِ‬
‫الع ْهد إِ َّن َ‬
‫الع ْه َد َكا َن َم ْس ُؤوالً}‪ ،‬والسر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫عهد‪ ،‬عهد إليك صاحبه حبفظه‪ ،‬فيجب عليك الوفاء بالعهد بكتمان سره‪.‬‬

‫وجاء يف موضع آخر من كتاب هللا العتاب على من أفشى سرا‪ ،‬وذلك يف قصة‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم مع بعض أزواجه‪ ،‬اليت نزل بسببها صدر سورة التحرمي‪ ،‬قال هللا‬
‫ف‬‫َت بِِه وأَظْ َهَرهُ هللاَ ُُ َعلَْي ِه َعَّر َ‬ ‫تعاىل‪{ :‬و إِ ْذ أَسَّر النَِّيب إِىل ب ع ِ ِ ِ ِ‬
‫ض أ َْزَواجه َحديثاً فلَ َّما نَبَأ ْ‬ ‫ُّ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ض َع ْن بَ ْعض‪ ...‬اآليات}‪ ،‬لقد عاتب هللا عز وجل املرأة اليت أفشت سر النيب‬ ‫ضهُ وأ َْعَر َ‬
‫بَ ْع َ‬
‫صلى هللا عليه وسلم وهددها هي واليت اتفقت معها وأفشت هلا السر بالطالق إال أن يتوبا‬
‫إىل هللا تعاىل‪.‬‬

‫" وإذ أسر النيب إىل بعض أزواجه " يعين حفصة رضي هللا عنها‪ " ،‬حديثا " حديث‬
‫حترمي مارية أو حترمي العسل‪ ،‬وقيل حديث إمامة الشيخني‪ " ،‬فلما نبأت به " أفشته إىل‬
‫عائشة رضي هللا عنها‪ " ،‬وأظهره هللا عليه " وأطلع النيب صلى هللا عليه وسلم على إفشائها‬
‫احلديث على لسان جربئيل عليه السالم‪ " ،‬عرف بعضه " بتشديد الراء يف قراءة أي أعلم‬
‫حفصة ببعض احلديث وأخربها ببعض ما كان منها‪ " ،‬وأعرض عن بعض " أي مل يعرفها‬
‫إياه ومل خيربها به تكرما‪ ،‬قال سفيان‪ :‬ما زال التغافل من فعل الكرام‪ ،‬واملعىن أن النيب صلى‬
‫هللا عليه وسلم أخرب حفصة ببعض ما أخربت به عائشة وهو حترمي مارية أو حترمي العسل‬
‫وأعرض عن بعض‪ " ،‬فلما نبأها به " أي أخرب النيب صلى هللا عليه وسلم حفصة مبا أفشت‬
‫من السر‪ " ،‬وأظهره هللا عليه " قالت حفصة للنيب صلى هللا عليه وسلم " من أنبأك هذا "‬
‫أي من أخربك بأين أفشيت السر‪ " ،‬قال نبأين العليم " بالسرائر " اخلبري " بالضمائر‪ " ،‬إن‬
‫تتوبا إىل هللا " خطاب حلفصة وعائشة‪.‬‬

‫( ‪)4‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫أما القصص الواردة يف كتاب هللا تعاىل يف ذكر أناس حفظوا أسرارهم‪ ،‬فكانت‬
‫سببا لسعادهتم أو جناح أعماهلم فهي كثرية نذكر منها‪:‬‬

‫كتمان يوسف عليه السالم عندما رأى رؤيًا؛ قال هللا تعاىل مبينا ما أمر به يعقوب‬
‫ك َكْي ًدا إِ َّن‬ ‫ك فَيَ ِك ُ‬
‫يدوا لَ َ‬ ‫اك َعلَى إِ ْخ َوتِ َ‬
‫ص ُرْؤيَ َ‬
‫ص ْ‬
‫ين الَ تَ ْق ُ‬
‫{قال يَا بُ ََّ‬
‫ابنه يوسف عليه السالم‪َ :‬‬
‫ني} ‪.6‬‬ ‫الشَّيطَا َن لِ ِإلنْس ِ‬
‫ان َع ُد ٌّو ُمبِ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫كتمان لوط عليه السالم خرب املالئكة عن قومه وامرأته؛ فقال تعاىل‪{ : :‬قالُوا‬
‫ك بِِقطْع ِمن اللَّيل ُِ والَ ي ْلتَ ِف ِ‬ ‫صلُوا إِلَيك فَأَس ِر ِ‬ ‫ك لَن ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ياُلو ُ ِ‬
‫َح ٌد‬
‫ت مْن ُك ْم أ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫بأهل َ‬
‫َْ ْ ْ‬ ‫ط إناَّ ُر ُس ُل َربّ َ َ‬ ‫َ‬
‫الصْب ُح} ‪.7‬‬ ‫َصابَ ُه ْم إِ َّن َم ْو ِع َد ُه ُم ُّ‬‫أ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫يب‬ ‫ك إِنَّه م ِ‬
‫إِ ْ َ َ َ ُ ُ ُ َ َ َ‬
‫ص‬ ‫ت‬‫َ‬‫أ‬
‫ر‬ ‫ام‬ ‫َّ‬
‫ال‬

‫الكتمان عن قوم مرمي عليها السالم؛ لقوله تعاىل‪{ :‬فَ ُكلِي وا ْشَرِِب وقَ ِّري َعْي نًا فَِإ َّما‬
‫ص ْوًما فَلَ ْن أُ َكلِّ َم اليَ ْوَم إِنْ ِسيًّا} ‪.8‬‬ ‫تَريِن ِمن البش ِر أَحدا فَ ُق ِوِل إِِين نَ َذر ِ‬
‫ت ل َّلر ْمحَ ِن َ‬
‫ّ ُْ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ ً‬
‫كتمان اخلضر عليه السالم على موسى عليه السالم بسبب عمله؛ ويف هذا‬
‫صِربُ َعلَى َما َملْ ُِحت ْط‬ ‫ف تَ ْ‬ ‫صْب ًرا َوَكْي َ‬
‫َّك لَن تَستَ ِط ِ‬
‫يع َمع َي َ‬
‫ال إن َ ْ ْ َ‬
‫مغزى عظيم‪ ،‬قال هللا تعاىل‪{ :‬قَ َ ِ‬
‫ال فَِإ ْن اتَّبَ ْعتَِين فَالَ تَ ْسئَ ْل ِين‬
‫ك أ َْمًرا * قَ َ‬‫صي لَ َ‬‫اَّلل صابِرا والَ أ َْع ِ‬ ‫بِِه ُخْب را * قَ َ ِ ِ ِ‬
‫ال َستَج ُدين إ ْن َشاءَ َُّ َ‪ً 9‬‬ ‫ً‬
‫ك ِمْنهُ ِذ ْكًرا} ‪.‬‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ث‬ ‫عن شيء ح ََّّت أُح ِ‬
‫د‬
‫َْ َ ْ َ ْ َ َ‬
‫و هناك آيات كثرية عدة يف هذا الباب‪ ،‬اكتفينا بنقل ما سبق منها‪.‬‬

‫وللفائدة فقد وردت مادة سر يف القرآن الكرمي حواِل اثنني وثالثني مرة‪ ،‬يف صور‬
‫خمتلفة‪.‬‬

‫‪ - 6‬اآلية ‪ 5‬يوسف‪.‬‬
‫‪ - 7‬اآلية؛ ‪ 81‬هود‪.‬‬
‫‪ - 8‬اآلية؛ ‪ 26‬مرمي‪.‬‬
‫‪ - 9‬اآليات من سورة الكهف‪.‬‬

‫( ‪)5‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫السر يف السنة‬

‫جاءت أحاديث عن النيب صلى هللا عليه وسلم حيث فيها املسلمني على الكتمان‬
‫وحيذر فيها من إفشاء السر‪ ،‬إليك طرفا منها‪:‬‬

‫قال الرسول صلى هللا عليه وسلم‪( :‬استعينوا على إجناح احلوائج بالكتمان‪ ،‬فإن كل‬
‫ذي نعمة حمسود) ‪.10‬‬

‫وعن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما‪( :‬إذا حدث الرجل باحلديث مث التفت فهي‬
‫أمانة) ‪.11‬‬

‫إذا ما دام أن السر أمانة فيجب حفظه وعدم إفشائه وإال كان فيمن يضيع هذه‬
‫األمانة صفة من صفات املنافقني‪ ،‬فعن أِب هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫سلم‪ ،‬قال‪( :‬آية املنافق ثالث‪ :‬إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان)‪ ،‬وقال‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم‪( :‬اجملالس باألمانة) ‪.12‬‬

‫وما جاء يف فتح الباري ‪:13‬‬

‫قوله باب حفظ السر‪ :‬أي ترك إفشائه‪.‬‬

‫قوله معتمر بن سليمان‪ :‬هو التيمي‪.‬‬

‫قوله أسر إىل النيب صلى هللا عليه وسلم سرا‪ :‬يف رواية ثابت عن أنس عند مسلم يف‬
‫أثناء حديث " فبعثين يف حاجة‪ ،‬فأبطأت على أمي‪ ،‬فلما جئت قالت ما حبسك "‪ ،‬وألمحد‬
‫وابن سعد من طريق محيد عن أنس " فأرسلين يف رسالة‪ ،‬فقالت أم سليم ما حبسك "‪ ،‬قوله‬
‫" فما أخربت به أحدا بعده‪ ،‬ولقد سألتين أم سليم "‪ ،‬يف رواية ثابت " فقالت ما حاجته؟‬
‫قلت ّإهنا سر‪ ،‬قالت ال خترب بسر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أحدا "‪ ،‬ويف رواية محيد عن‬

‫‪ - 10‬رواه البيهقي يف شعب اإلميان وصححه األلباين رمحه هللا يف صحيح اجلامع ‪.943‬‬
‫‪ - 11‬رواه أمحد وأبو داود والرتمذي وحسنه األلباين رمحه هللا يف صحيح سنن الرتمذي‪.‬‬
‫‪ - 12‬حسنه األلباين رمحه هللا يف صحيح اجلامع رقم ‪.6678‬‬
‫‪ - 13‬ج‪ 11‬ص ‪ ،82‬قرص مضغوط‪.‬‬

‫( ‪)6‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫أنس‪ " :‬فقالت احفظ سر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "‪ ،‬ويف رواية ثابت‪ " :‬وهللا لو‬
‫حدثت به أحدا حلدثتك يا ثابت "‪.‬‬

‫قال بعض العلماء‪ :‬كأن هذا السر كان خيتص بنساء النيب صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫وإال فلو كان من العلم ما وسع أنسا كتمانه‪.‬‬

‫وقال بن بطال‪ :‬الذي عليه أهل العلم‪ ،‬أن السر ال يباح به إذا كان على صاحبه‬
‫منه مضرة‪ ،‬وأكثرهم يقول انه إذا مات ال يلزم من كتمانه ما كان يلزم يف حياته‪ ،‬إال أن‬
‫يكون عليه فيه غضاضة‪ ،‬قلت‪ :‬الذي يظهر انقسام ذلك بعد املوت إىل ما يباح وقد‬
‫يستحب ذكره ولو كرهه صاحب السر‪ ،‬كأن يكون فيه تزكية له من كرامة أو منقبة أو حنو‬
‫ذلك‪ ،‬وإىل ما يكره مطلقا وقد حيرم‪ ،‬وهو الذي أشار إليه بن بطال‪ ،‬وقد جيب كأن يكون‬
‫فيه ما جيب ذكره كحق عليه كان يعذر برتك القيام به‪ ،‬فريجى بعده إذا ذكر ملن يقوم به عنه‬
‫ان يفعل ذلك‪ ،‬فال حيل ألحد أن يفشي على صاحبه ما يكره‪ .‬اه‬

‫( ‪)7‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫الرسول صلى هللا عليه وسلم‬


‫يريب أصحابه على حفظ االسرار‬
‫وهذا مقام يطول فيه احلديث عنه‪ ،‬فإن الدروس العملية يف الكتمان اليت يستطيع‬
‫املسلمون عموما واجملاهدون خصوصا أن يتعلموها من الرسول القائد صلى هللا عليه وسلم‬
‫أكثر من أن تعد وحتصى‪.‬‬

‫وسأقتصر حبول هللا على مناذج قليلة من الدروس العملية املستنبطة من غزوات النيب‬
‫صلى هللا عليه وسلم وسراياه حَّت يعرف اجملاهدون حفظهم هللا كيف كان النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم يعتمد أقصى درجات الكتمان يف أعماله العسكرية‪ ،‬فقد يكون يف ذلك عربة ملن‬
‫أراد االعتبار‪:‬‬

‫عرف الرسول عليه الصالة والسالم أمهية حفظ السر فكتمه يف معظم حروبه‪ ،‬حَّت‬
‫عن ألصق الناس به‪ ،‬ومل يصرح ألحد بقصده إال يف غزوة تبوك لبعد الشقة وثقل املؤونة‬
‫الداعيان لإلستعداد ولصعوبة إيصال األخبار إىل أهل تبوك‪.‬‬

‫قبل غزوة اخلندق اليت عبأ فيها املشركون عشرة آالف مقاتل عدى اليهود ملهامجة‬
‫املدينة‪ ،‬كان النيب عليه الصالة والسالم على علم بنوايا أعدائه من خالل رجال استخباراته‬
‫يف مكة والقبائل العربية‪ ،‬حفر املسلمون خندقا حول املدينة‪ ،‬فكان مفاجأة للمشركني حَّت‬
‫قالوا‪ :‬وهللا إن هذه ملكيدة ما كانت العرب تكيدها‪.‬‬

‫هذه الوقعة ال تدل على جناح استخبارات النيب صلى هللا عليه وسلم اليت عرفته‬
‫بنوايا أعدائه مبكرا فحسب‪ ،‬وإمنا تدل على حفظ السر الذي كان النيب عليه الصالة‬
‫والسالم حيرص عليه‪ ،‬ويعلم أصحابه حبفظه‪ ،‬وعلى الرغم من أن حفر اخلندق استغرق حواِل‬
‫عشرين يوما يف املتوسط إذ كانت كافية جدا لكفار قريش واليهود لكشفه واإلعالن عنه‪.‬‬

‫ولقد عمل الرسول عليه الصالة والسالم مببدا السرية يف العام الثاين من اهلجرة‪ ،‬ملا‬
‫خرج بأصحابه ودىن من بدر أمر أصحابه أن يقطعوا األجراس من أعناق اإلبل حَّت ال يعلم‬
‫هبم أحد‪.‬‬

‫( ‪)8‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫إن الرسالة اليت كتبها حاطب بن أِب بلتعة إىل قريش خبرب الفتح لدليل على عناية‬
‫الرسول عليه الصالة والسالم بكتمان األسرار فلما علم بالرسالة أرسل من اسرتدها من‬
‫حاملتها وأحضر إليه حاطبا ليحاسبه‪ ،‬فاعتذر له مؤكدا إسالمه فعفا عنه‪.‬‬

‫كما بعث النيب صلى هللا صلى هللا عليه وسلم سرية من املهاجرين قوامها اثنا عشر‬
‫رجال بقيادة عبد هللا بن جحش األسدي رضي هللا عنه للقيام بواجبات استطالعية‪،‬‬
‫وتوجهت تلك السرية حنو هدفها يف رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مهاجر رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم ومع قائدها رسالة (مكتومة) أمره الرسول صلى هللا عليه وسلم أال‬
‫يفتحها إال بعد يومني من مسريه فإذا فتحها وفهم ما فيها مضى يف تنفيذها غري مستكره‬
‫أحدا من أفراد قوته على مرافقته‪.‬‬

‫و كان مضمون تلك الرسالة (املكتومة) " إذا نظرت يف كتاِب هذا فامض حَّت تنزل‬
‫حنلة ‪ -‬مكان بني مكة والطائف ‪ -‬فرتصد هبا قريشا وتعلم من أخبارها "‪ ،‬وبعد يومني من‬
‫مسرية عبد هللا بن جحش عن قاعدة املسلمني باملدينة املنورة‪ ،‬فض تلك الرسالة (املكتومة)‬
‫وأطلع رجاله على كتاب النيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وأخربهم بأن النيب صلى هللا عليه وسلم‬
‫هناه ان يستكره أحدا منهم على مرافقته‪ ،‬فلم يتخلف رجل من رجاله‪ ،‬وسارعوا إىل تنفيذها‬
‫مسعا وطاعة ‪.14‬‬

‫‪ - 14‬وهذا الذي يسعى إليه االخوة املسؤولون يف اجلماعة السلفية للدعوة والقتال إىل ترسيخه وتقريره يف‬
‫نفوس االخوة اجملاهدين ‪ -‬حيفظهم هللا ‪ -‬وأن نتعاون مجيعا يف إخفاء أسرار جهادنا عن أعدائنا‪ ،‬وأن ال‬
‫نتحرج يف عدم اإلجابة عن أسئلة متعلقة بأسرار سواءا كانت أسرارا مسعناها أو ائتمنا عليها أو مهاما‬
‫كلفنا هبا‪ ،‬حَّت ولو كان السائل من أقرب الناس إلينا‪ ،‬ومما الحظته من حالنا هو العكس! كيف ذلك؟‬
‫إذا سألنا أحدا أسئلة تعلقت بأسرار‪ ،‬وتعامل املسؤول ‪ -‬أي الذي ُسئل ‪ -‬مع ذلك بعدم اإلجابة وعمل‬
‫باآلداب الشرعية‪ ،‬شنعنا عليه‪ ،‬واهتمناه بالتكلف وإخفاء ما هو معلوم ‪ -‬حسب زعمنا ‪ -‬واألصل عدم‬
‫اإلجابة والبوح بشيء من ذلك ولو كان األمر مذاعا معلوما‪ ،‬فهي أمانة وال يهمين إن كان األمر شائعا أو‬
‫غري شائع! فال تزر وازرة وزر أخرى‪.‬‬
‫كما أنصح نفسي وإخواين اجملاهدين األفاضل باالبتعاد عن مواطن إشاعة األسرار وذلك بكثرة األسئلة‬
‫واالستفسار عن أمور ال هتمهم‪ ،‬وإحراج بعضهم البعض‪ ،‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬من‬
‫حسن إسالم املرء تركه ما ال يعنيه " وإذ ذكرت هذا الكالم‪ ،‬فنحن ال نتهم أحدا بالعمالة واجلوسسة‬
‫والشبهة! وحري بكل جماهد أراد حتقيق السلفية علما وعمال‪ ،‬منهجا وسلوكا ‪ -‬ورمبا كان جاهال لبعض‬
‫آداب األسرار والكتمان ‪ -‬أن يضيف إىل رصيده العلمي بعضا مما نقلناه يف هذه الوريقات‪ ،‬واملراجع‬
‫حبمد هللا متوفرة وطلب العلم متيسر فمن أراد االستزادة فليعزم وليتوكل وهللا املستعان وعليه التكالن‪ ،‬ولو‬
‫اخلري الفاضل هو على اجلوانب العسكرية احلربية‪ ،‬ومقامنا هنا هو مقام تذكري‬‫أن تركيزنا حَّت يعلم اجملاهد ّ‬

‫( ‪)9‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫وهنا إشارة أو مالحظة‪ ،‬وددت ذكرها مع هذا الدرس النبوي من عبق سرية رسولنا‬
‫حممد صلى هللا عليه وسلم؛ هل يسري تنفيذ أعمالنا العسكرية خصوصا ومهامنا اجلهادية‬
‫عموما على وفق ما مت مع عبد هللا بن جحش األسدي رضي هللا عنه؟ نرتك البحث عن‬
‫اإلجابة لإلخوة اجملاهدين!‬

‫لقد ابتكر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أسلوب الرسائل املكتومة للمحافظة على‬
‫الكتمان الشديد‪ ،‬وحلرمان أعداء املسلمني من احلصول على املعلومات اليت تفيدهم عن‬
‫حتركات املسلمني‪ ،‬وبذلك أخفى نياته عن العدو والصديق‪ ،‬لقد سبق املسلمون غريهم يف‬
‫ابتكار هذا األسلوب الدقيق للكتمان‪ ،‬قبل أن يفطن إليه األملان ويستعملونه يف احلرب‬
‫العاملية الثانية (‪.)1945 - 1939‬‬

‫ويف قصة غزو الصحابة لبين أسد درس آخر يف الكتمان حيث أمرهم بالسري ليال‬
‫واالستخفاء هنارا وسلوك طريق غري مطروقة‪ ،‬حَّت ال يطلع أحد على أخبارهم ونياهتم‪،‬‬
‫فباغتوا بذلك بين أسد يف وقت ال يتوقعونه‪ ،‬وغنموا منهم الغنائم الكثرية‪.‬‬

‫والطريقة نفسها استخدمها الرسول صلى هللا عليه وسلم يف غزوة دومة اجلندل‪ ،‬ممّا‬
‫جعل النصر حليف املسلمني‪.‬‬

‫وكذلك يف غزوة األحزاب كتم النيب صلى هللا عليه وسلم إسالم نعيم بن مسعود‬
‫وأمره بكتمه وقال له‪ :‬إمنا أنت رجل واحد‪ ،‬فخذل عنا ما استطعت‪ ،‬فإن احلرب خدعة‪،‬‬
‫فعمل نعيم رضي هللا عنه على تفريق كلمة األحزاب وزوال الثقة بينهم‪.‬‬

‫ومن كتمانه صلى هللا عليه وسلم أنه إذا أراد غزوة ورى بغريها‪ ،‬ففي غزوة بين حليان‬
‫أظهر أنه يريد الشام مث اجته جنوبا حَّت يباغتهم‪ ...‬مث أقام رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫باملدينة ذا احلجة واحملرم وصفرا وشهري ربيع‪ ،‬وخرج يف مجادى األوىل على رأس ستة أشهر‬
‫من فتح بين قريظة إىل بين حليان يطلب بأصحاب الرجيع‪ :‬خبيب بن عدي وأصحابه رضي‬
‫هللا عنهم‪ ،‬وأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوم غرة‪ ،‬فخرج من املدينة فسلك على غراب‬
‫‪ -‬جبل بناحية املدينة ‪ -‬على طريقه إىل الشام مث على حميص مث على البرتاء مث صفق ‪-‬‬
‫عدل وانصرف ‪ -‬ذات اليسار‪ ،‬فخرج على بني ‪ -‬واد قرب املدينة ‪ -‬مث على صخريات‬

‫جربناه وعشناه وخضناه!‪ ،‬فننصح االخوة بااللتزام باآلداب والضوابط الشرعية املتعلقة‬‫ونصح وتوجيه مبا ّ‬
‫باألسرار‪ ،‬فبها نقطع الطريق على أعدائنا يف احلصول على أسرارنا‪ ...‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫(‪)10‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫اليمام‪ ،‬مث استقام به الطريق على احملجة من طريق مكة‪ ...‬حَّت نزل على غران وهي منازل‬
‫بين حليان‪.‬‬

‫ويف فتح مكة املكرمة كانت السرية كبرية جدا‪ ،‬حَّت أن زوج النيب صلى هللا عليه‬
‫وسلم عائشة الصديقة وأبوها الصديق رضي هللا عنهما‪ ،‬مل يعلما أين ومن يقصد حَّت‬
‫أخربمها مع الناس مجيعا‪ ،‬عند بدء املسري مما جعل اجليش يداهم قريشا قبل أن تعد له أي‬
‫عدة‪.‬‬

‫ويف قصة إفشاء أِب لبابة لسر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عندما ذهب أبو لبابة‬
‫إىل بين قريظة لينزلوا على حكم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ومعاقبته لنفسه بيان مدى‬
‫ين ءَ َامنُوا‬ ‫َّ ِ‬
‫إحساس أحد الصحابة بأمهية حفظ السر وإمث إفشائه ‪15،‬قال هللا تعاىل‪{ :‬يا أَيُّ َها الذ َ‬
‫وختُونُوا أ ََمانَاتِ ُك ْم وأَنْتُ ْم تَ ْعلَ ُمو َن} ‪.‬‬
‫ول َ‬
‫الر ُس َ‬
‫اَّللَ و َّ‬
‫الَ َختُونُوا َّ‬

‫قال عبد هللا بن أِب قتادة والزهري‪ :‬أنزلت يف أِب لبابة بن عبد املنذر حني بعثه‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إىل بين قريظة لينزلوا على حكم رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم فاستشاروه يف ذلك فأشار عليهم بذلك وأشار بيده إىل حلقه أي إنه الذبح مث فطن‬
‫أبو لبابة ورأى أنه قد خان هللا ورسوله فحلف ال يذوق ذواقا حَّت ميوت أو يتوب هللا عليه‬
‫وانطلق إىل مسج د املدينة فربط نفسه يف سارية منه فمكث كذلك تسعة أيام حَّت كان خير‬
‫مغشيا عليه من اجلهد أنزل هللا توبته على رسوله فجاء الناس يبشرونه بتوبة هللا عليه وأرادوا‬
‫أن حيلوه من السارية فحلف ال حيله منها إال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بيده فحله فقال‬
‫يا رسول هللا إين كنت نذرت أن أخنلع من ماِل صدقة فقال جيزيك ‪.16‬‬

‫هذا طرف يسري من أخباره صلى هللا عيه وسلم‪ ،‬وإال فالدروس العملية من حياته‬
‫صلى هللا عليه وسلم كثرية واليت تبني أمهية حفظ السر وخطورة إفشائه‪.‬‬

‫أما خلفاء الرسول عليه الصالة والسالم؛ ملئت وصاياهم إىل قادهتم بنصائح‬
‫كثرية حتض على كتمان السر ومعرفة األسرار عن األعداء‪ ،‬وأمهها وصية أِب بكر رضي هللا‬
‫عنه ليزيد بن أِب سفيان حني أرسله إىل الشام‪ ،‬ووصيته إىل خالد بن الوليد يف قتال أهل‬
‫الردة‪ ،‬وصية عمر بن اخلطاب لسعد بن أِب وقاص رضي هللا عنهما‪.‬‬

‫‪ - 15‬اآلية ‪ 27‬األنفال‪.‬‬
‫‪ - 16‬والقصة كاملة يف تفسري بن كثري ج‪ 3‬ص ‪.333‬‬

‫(‪)11‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫خامتة‬
‫أخي اجملاهد‪:‬‬

‫الواجب عليك أن حترتس ما استطعت يف كتمان سرك يف حربك‪ ،‬فإن يف ذلك‬


‫بإذن هللا إمضاء تدبريك‪ ،‬وقطع مكيدة من يكيدك‪.‬‬

‫واكفف لسانك عن فلتة كل منطق‪ ،‬ينكشف به ما تضمر من أمرك أو ختفيه من‬


‫سرك‪.‬‬

‫واعلم أنه قد يستدل بلحن املنطق على حصون السر ومكنون الضمري‪ ،‬والتستهن‬
‫سر مصون قد أذاعوه واطلعوا‬
‫فرب ّ‬
‫بأعجمي لعجمته‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫سرك بصغري لصغره وال‬
‫يف إظهار ّ‬
‫عليه‪.‬‬

‫قال ابن املبارك رمحه هللا‪ " :‬تعاهد لسانك إ ّن اللّسان سريع إىل املرء يف قتله وهذا‬
‫اللسان يرد الفؤاد يدل الرجال على عقله "‪.‬‬

‫ولقد قيل‪ :‬قلوب األبرار قبور األسرار‪.‬‬

‫وكتمان األسرار قد تطابق على األمر به امللل‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬قلب األمحق يف فيه ولسان العاقل يف قلبه‪.‬‬

‫قيل لبعضهم‪ :‬كيف أنت يف كتم السر؟ قال‪ :‬أسرته‪ ...‬وأسرت أين أسرت!‬

‫أخي اجملاهد‪:‬‬

‫الواجب عليك أن حتافظ على أسرار مجاعتك وأعمالك وذلك بعدم البوح بشيء‬
‫منها وال جيوز‬

‫(‪)12‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫حث اجملاهدين األخيار على حفظ األسرار‬

‫ين أ َْولِيَآءَ ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫إعطاء الكافرين أسرار املؤمنني‪ ،‬يقول تعاىل‪{ :‬ال ِ ِ ِ‬
‫‪ َ17‬يَتَخذ املُْؤمنُو َن ال َكاف ِر َ‬
‫س ِم َن هللاَ ِيف َش ْيء} ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ك فَلَْي َ‬
‫ومن يَ ْف َع ْل َذل َ‬
‫ني َ‬
‫ُدون املُْؤمن َ‬
‫كما قال أحد احلكماء‪ :‬كفى باملرء خيانة أن يكون أمينا للخونة‪.‬‬

‫وكانت احلكماء تقول‪ :‬سرك من دمك‪.‬‬

‫والعرب تقول‪ :‬من ارتاد لسره موضعا فقد أذاعه‪.‬‬

‫وأختم مبقولة اللواء الركن حممود شيت خطاب حول الكتمان‪ ،‬حيث يقول‪( :‬إن‬
‫كتمان النيب صلى هللا عليه وسلم نياته حَّت عن أقرب الناس إليه وكتمان وقت حركته وتعداد‬
‫جيشه وتنظيمه وتسليحه‪ ،‬هو الذي أدى الفتح القريب)‪.18‬‬

‫إذا كتمان األسرار من أكرب أسباب انتصار اجليش وإفشاء أسراره من أكرب هزائمه‪.‬‬

‫وهللا أعلم‬
‫يدا‬
‫حممد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثريا مز ً‬
‫وصلّى هللا على سيّدنا ّ‬

‫منرب التوحيد واجلهاد‬

‫* * *‬
‫‪http://www.tawhed.ws‬‬
‫‪http://www.almaqdese.com‬‬
‫‪http://www.alsunnah.info‬‬
‫‪http://www.abu-qatada.com‬‬

‫‪ - 17‬آل عمران ‪.28‬‬


‫‪ - 18‬من كتاب دروس يف الكتمان‪.‬‬

‫(‪)13‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬

You might also like