Professional Documents
Culture Documents
البرفيسور محمد الذويب
البرفيسور محمد الذويب
إلى السفارة األمريكية بليبيا ،تعليقا على تقديمها التهنئة ألمازيغ ليبي ا بمناس بة “الس نة األمازيغي ة” ،أحببت أن
اعيد نشرها للفائدة،
وجاء في الرسالة:
“من مواطن ليبي إلى السفارة األميريكية بطرابلس – ليبيا
يهديكم المواطن اللي بي ص احب ه ذه الص فحة المتواض عة ال تي تحم ل اس مه وص فته أح ر التحيّ ات ،ويتمنّى
للشعب األميركي بمكوناته المختلفة عاما ً شمسيا ً سعيداً ويأمل أن يك ون ه ذا الع ام وم ا بع ده خالي ا ً من الت آمر
على بالده.
أ ّما بعد …
ُ
طالعت بصفحتكم على الفيس بوك تهنئة ألشقائنا األمازيغ في ليبيا بما يُس ّمى السنة األمازيغي ة وإن ني فإنني قد
إذ أُح ّي جميع الليبيين بمكوناتهم المختلفة في بداية الس نة الشمس ية بحس ابها اليولي اني الق ديم (ال ذي يُس ّمى في
بعض من اطق ليبي ا الم ؤ َّخر أو الغيالني والتس مية األخ يرة تحري ف لليولي اني ) أو الجريج وري الح ديث ق د
وجدت نفسي مضط ّراً لكتابة هذا المنشور بعد أن أل ّح بعض األص دقاء على معرف ة الحقيق ة وفق ُ
دت األم ل أن ُ
رأيت أن ه يخ الف في ش كله الع رف الدبلوماس ي وفي ُ تتج ّشم ( حكومتا ) بالدي مشقّة الرد على هكذا تصرّف
مضمونه الحقائق العلمية ألنبّهكم وأنبّه بني وطني إلى ما يلي :
أوال :الرأي اإلداري.
– لم يسبق ألية حكومة ليبي ة خالل العه ود الماض ية بمختل ف مراحله ا و توجهاته ا أن جعلت ي وم 12ين اير
ضمن جدول األعياد الوطنية أو الدينية أو حتى الشعبية األمر ال ذي يجعلن ا نس تغرب أن تتبنّى س فارتكم عي داً
ُمستحدثا ً ال يستند واضعوه إلى أي سن ٍد علمي تاريخي أو ت أريخي في س ابقة لم تفعله ا مؤسس ات حك ومتكم –
على حد علمنا -منذ إبرام أول معاهدة صداقة بين بلدينا عام 1796م .و آمل أن تهتم (حكومتا) ليبيا إذا وص لها
هذا المنشور بالرد على هكذا تصرّف بالوسائل الدبلوماسية.
ثانياً :الرأي العلمي.
– كان اسم ليبيا في العصور القديمة يدل على األرض الممت دة من الني ل ش رقا ً ح تى المحي ط األطلس ي غرب ا ً
السيما لدى الجغرافيين اإلغريق ال ذين ّ
قس موا الع الم إلى ثالث ق ارات ( ليبي ا ،آس يا ،أورب ا ) ،ثم اس تعمل
الروم ان بع دهم اس م أفريقي ا لوص ف الق ارة المس ّماة ق ديما ً ليبي ا وأطل ق جمي ع المؤرخ ون و الجغرافي ون
فص لت بعض المص ادر الفرعوني ة و اليوناني ة و الكالسيكيون اسم (الليبيين) على جميع س كان ه ذه الق ارة و ّ
الحقا ً الالتينية في ذكر أسماء القبائل أو األقوام التي س كنت المنطق ة في العص ور المتتالي ة و ك ان ه يرودوت
أول من فعل ذلك بوضوح إذ ذكر أسماء أكثر من عشرين قبيلة من بينها ( Μαξυεςماكس يس ،و وردت في
بعض المص ادر م ازيس و م ازيغ و قرأه ا المح دثون أم ازيغ) و ك رّر ذل ك كتّ اب العه د الروم اني و منهم
سترابون و بليني األكبر و بطليموس و لقد سرد األخير أسماء أكثر من ستين قبيلة و ح ّدد أم اكن س كنها على
الخريطة التي وضعها خالل القرن الثاني الميالدي و هي أقدم خرائط جغرافيّة للمنطقة ( تج دون نس خة منه ا
على ميك روفيلم في مكتب ة جامع ة بنس لفانيا تحت رقم )Ambros. D.527و اتفقت جمـيع المص ادر ال تي
ذكرناها أو لم نذكرها على أن (مازيس أو مازيكيس Μαζικεςلدى بطليموس (التي قرأها المحدثون أمازيغ)
واحدة من القبائل الليبية و هذا ما يراه أغلب المؤرخون.
– استعمل اإلغريق تسمية (بربر) منذ القدم لوصف األجانب انطالقا ً من عبارتهم المشهورة :كل من ه و ليس
هيللينيا ً (يونانياً) فهو بربري ( ) Πας μην Ελληνας Βαρβαροςو استعمل الرومان الحقا ً التسمية ذاتها
لوصف جميع القبائل الليبية القديمة ال تي ك انت ته اجم المس تعمرات الروماني ة في ش مال أفريقي ا و اس تعملت
صفة بربري و ليبي في بعض الخرائط القديمة لوصف الجزء الغربي من البحر المتوسط أيض ا ً ُ
فس ّمي البح ر
البربري أو البحر الليبي .
– كان و مازال سكان الشمال األفريقي كيانا ً متوافقا ً لديهم من عوامل الوحدة و الوئام أكثر مما لديهم من بذور
الخالف و الخصام بالرغم مما حاولت فرنسا فعله عندما أحيّت استعمال تسمية (البربر) لوص ف س كان بعض
األقاليم المغاربية بعد احتاللهم الجزائر و المغ رب و ت ونس نتيج ة للمقاوم ة الشرس ة ال تي أظهره ا مواط ني
المنطقة كافة و لقد حاولت سلطة االحتالل ضرب مقومات و عوامل وحدة هذه المقاوم ة المتمثل ة في ال دين و
الثقافة ،إذ اهتمت ب البحث في ت اريخ و آث ار الروم ان لتأكي د الش رعية التاريخي ة لالس تعمار و ش رعت فيم ا
وص فته بـ (علم البربري ات) كون ه يتص ل بالهوي ة و لق د وض ع أس اس الدراس ات األولى في ه ذا المج ال
عسكريون مثل Daumasو Caretteو Carthyأو الذين ك انت خلفي اتهم عس كرية مث ل Berbryggerو
Devoultو توسّع نشاطهم بعد تأسيس المجلة األفريقية 1856م .مم ا أعطى أبع اداً أخ رى في هوي ة الش مال
األفريقي لم تكن موجودة قب ل مجيء االس تعمار الس يما أن األبح اث ق د خلطت بين المعرف ة و اإلي ديولولجيا
عندما سعت سلطة االحتالل من خالل هذه المجلة و مطبوعات أخرى كانت تص در في فرنس ا و مس تعمراتها
في ذلك الوقت إلى التأسيس للمسألة العرقية و عزل من أسمتهم (بربر) عن أخ وانهم الع رب و نس ف العالق ة
الوطيدة بينهما و ا ّدعت حينها أنها تعيد االعتبار للسكان األصليين بينم ا ك انت في الحقيق ة تح اول م د جس ور
المصالحة مع المستعمر و العناصر التي تقبله من الطرفين .
– تبنّى روّاد هذه الدراسات اإليديولوجية أراء تتعل ق بأص ول ه ذه القبيل ة/القبائ ل اعتم اداً على معلوم ات من
األساطير اإلغريقية أو بعض رويات المؤرخين اإلغريق و الروم ان ال تي لم ت رق إلى الص حة أو التأكي د في
محاولة من هذه المدرسة االستعمارية عزل هذه القبائل عن محيطها فقال بعض هم باألص ل الهن دو-أوروبي أو
من بقايا سكان أطلنتيس أو البلطيق أو أنهم ينحدرون من رج ال ط رواديين أو من أص ل مي دي (فارس ي ) أو
من شمال بالد الغال مما يجعلهم أقرب لألورب يين منهم للع رب و ح اول بعض الساس ة دفعهم لمع اداة الع رب
الذين وصفتهم المدرسة االستعمارية الفرنسية بأنهم محتلّين وصلوا مع الفتح االسالمي و تجاهل مناصرو هذه
المدرسة روايات كثير من المؤرخين التي تشير إلى أصول هؤالء السكان الشرقية و الكنعانية كون هذا الرأي
سيعني فشل رأي سلطة االستعمار.
– بعد عقود عديدة اكتشف مؤسس و الدراس ات (البربري ة) في ب اريس و الرب اط و ن ابولي الرس الة و الش حنة
السلبية ال تي يحمله ا اس تعمال لفظ ة( برب ر) فلج أ رعاته ا إلى اس تعمال تس مية بديل ة و لم يج دوا أفض ل من
( أمازيغ) التي كانت في األصل كما أش رنا أعاله ت دل على اح دى القبائ ل الليبي ة ال تي س كنت ش مال أفريقي ا
السيما أنها تحمل شحنة إيجابية إذ تعني لدى الطوارق الشريف و المشهور و لدى األمازيغ الحر و الشريف و
لم تستعمل التس مية لإلش ارة إلى ه ؤالء الس كان في الدراس ات البربري ة خالل المائ ة ع ام األولى من الحقب ة
االستعمارية سوى مرات محدودة ال تتجاوز أصابع الي د الواح دة مقاب ل مئ ات الم رات من اس تعمال تس ميات
( بربر ،تبو ،مزاب ،قبايل) و منذ الربع األخير من القرن العشرين تبنّت مراكز الدراسات البربري ة تس مية
( أمازيغ ) بدال من بربر و بحث روادها في لغة مكتوبة و لم يجدوا سوى لهج ة الط وارق بهجائيته ا المس ّماة
( تيفيناغ) التي حافظ عليها أصحابها في أعماق الصحراء فلجأ إليها الدارسون و حاولوا تعميمه ا بع د تع ديلها
و تناسى هؤالء أصولها و عالقتها مع اللغات الشرقية السيما الكنعانية ( الفينيقية) .
– لم يعرف علماء اآلثار و المختصون في التاريخ القديم في العالم أجمع تقويما ً يس ّمى التق ويم األم ازيغي و لم
يخبرنا أي مصدر أثري أو أدبي قديم من المصادر الفرعونية أو اليونانية أو الالتينية عن هذا التقويم المزع وم
و لم ي ذكر أي مرج ع من مراج ع الت أريخ ل دى الش عوب القديم ة المش هورة مث ل Bichermanأن الليب يين
القدامى أو من أسمتهم المدرسة االستعمارية الفرنسية بربر ثم أسمتهم أمازيغ قد استعملوا تقويما ً خاص ا ً بهم و
لم يعرف الباحثون هذا االفتراء العلمي قبل ابتداعه 1980م .و ربما يجهل واض عوه أنهم ق د اس تعملوا التق ويم
اليولي اني الق ديم ال ذي م ازال مس تعمال في الكنيس ة األرثودكس ية ( القبطي ة) و ك ان س كان البادي ة في ليبي ا
يستعملون هذا التقويم في حساب فصول السنة الشمسية ،و هكذا يصبح يوم 12يناير ابتداعا ً حديثا ً ال نج د ل ه
جذوراً في التاريخ القديم للمنطقة أو لس ّكانها بمكوناتهم القبلية التي ذكرتها المصادر التاريخية القديمة .
أوضحت لكم و لبني وطني األعزاء بجميع مكوناتهم رأيا ً أرى صحته و يقبل الخطأ كونه انسانيا ً و أبديُ – لقد
استعدادي لمناظرة المختصين الذين يرون غير ذلك و يق ّدمون دليالً أثري ا ً أو تاريخي ا ً واح داً على وج ود ه ذا
النوع من التأريخ.
– إلى حين تفضلكم أو تفضل علماء اآلثار و التاريخ القديم في بالدكم و العالم الدليل على صحة الزعم بوجود
التقويم الزمني محل النظ ر س تكون أي ام الس نة الشمس ية كله ا أعي اداً لجمي ع الليب يين إذا تخلص وا من التبعي ة
واالستعمار الجديد”.
Mohamed Edweb