You are on page 1of 7

‫وجه استاذنا البرفيسور محمد الذويب استاذ االثار والتاريخ القديم جامعة ط رابلس‪ ،‬من ذ بض ع س نوات رس الة‬

‫إلى السفارة األمريكية بليبيا‪ ،‬تعليقا على تقديمها التهنئة ألمازيغ ليبي ا بمناس بة “الس نة األمازيغي ة”‪ ،‬أحببت أن‬
‫اعيد نشرها للفائدة‪،‬‬
‫وجاء في الرسالة‪:‬‬
‫“من مواطن ليبي إلى السفارة األميريكية بطرابلس – ليبيا‬
‫يهديكم المواطن اللي بي ص احب ه ذه الص فحة المتواض عة ال تي تحم ل اس مه وص فته أح ر التحيّ ات‪ ،‬ويتمنّى‬
‫للشعب األميركي بمكوناته المختلفة عاما ً شمسيا ً سعيداً ويأمل أن يك ون ه ذا الع ام وم ا بع ده خالي ا ً من الت آمر‬
‫على بالده‪.‬‬
‫أ ّما بعد …‬
‫ُ‬
‫طالعت بصفحتكم على الفيس بوك تهنئة ألشقائنا األمازيغ في ليبيا بما يُس ّمى السنة األمازيغي ة وإن ني‬ ‫فإنني قد‬
‫إذ أُح ّي جميع الليبيين بمكوناتهم المختلفة في بداية الس نة الشمس ية بحس ابها اليولي اني الق ديم (ال ذي يُس ّمى في‬
‫بعض من اطق ليبي ا الم ؤ َّخر أو الغيالني والتس مية األخ يرة تحري ف لليولي اني ) أو الجريج وري الح ديث ق د‬
‫وجدت نفسي مضط ّراً لكتابة هذا المنشور بعد أن أل ّح بعض األص دقاء على معرف ة الحقيق ة وفق ُ‬
‫دت األم ل أن‬ ‫ُ‬
‫رأيت أن ه يخ الف في ش كله الع رف الدبلوماس ي وفي‬ ‫ُ‬ ‫تتج ّشم ( حكومتا ) بالدي مشقّة الرد على هكذا تصرّف‬
‫مضمونه الحقائق العلمية ألنبّهكم وأنبّه بني وطني إلى ما يلي ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الرأي اإلداري‪.‬‬
‫– لم يسبق ألية حكومة ليبي ة خالل العه ود الماض ية بمختل ف مراحله ا و توجهاته ا أن جعلت ي وم ‪ 12‬ين اير‬
‫ضمن جدول األعياد الوطنية أو الدينية أو حتى الشعبية األمر ال ذي يجعلن ا نس تغرب أن تتبنّى س فارتكم عي داً‬
‫ُمستحدثا ً ال يستند واضعوه إلى أي سن ٍد علمي تاريخي أو ت أريخي في س ابقة لم تفعله ا مؤسس ات حك ومتكم –‬
‫على حد علمنا‪ -‬منذ إبرام أول معاهدة صداقة بين بلدينا عام ‪1796‬م‪ .‬و آمل أن تهتم (حكومتا) ليبيا إذا وص لها‬
‫هذا المنشور بالرد على هكذا تصرّف بالوسائل الدبلوماسية‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬الرأي العلمي‪.‬‬
‫– كان اسم ليبيا في العصور القديمة يدل على األرض الممت دة من الني ل ش رقا ً ح تى المحي ط األطلس ي غرب ا ً‬
‫السيما لدى الجغرافيين اإلغريق ال ذين ّ‬
‫قس موا الع الم إلى ثالث ق ارات ( ليبي ا ‪ ،‬آس يا ‪ ،‬أورب ا ) ‪ ،‬ثم اس تعمل‬
‫الروم ان بع دهم اس م أفريقي ا لوص ف الق ارة المس ّماة ق ديما ً ليبي ا وأطل ق جمي ع المؤرخ ون و الجغرافي ون‬
‫فص لت بعض المص ادر الفرعوني ة و اليوناني ة و‬ ‫الكالسيكيون اسم (الليبيين) على جميع س كان ه ذه الق ارة و ّ‬
‫الحقا ً الالتينية في ذكر أسماء القبائل أو األقوام التي س كنت المنطق ة في العص ور المتتالي ة و ك ان ه يرودوت‬
‫أول من فعل ذلك بوضوح إذ ذكر أسماء أكثر من عشرين قبيلة من بينها ‪( Μαξυες‬ماكس يس ‪ ،‬و وردت في‬
‫بعض المص ادر م ازيس و م ازيغ و قرأه ا المح دثون أم ازيغ) و ك رّر ذل ك كتّ اب العه د الروم اني و منهم‬
‫سترابون و بليني األكبر و بطليموس و لقد سرد األخير أسماء أكثر من ستين قبيلة و ح ّدد أم اكن س كنها على‬
‫الخريطة التي وضعها خالل القرن الثاني الميالدي و هي أقدم خرائط جغرافيّة للمنطقة ( تج دون نس خة منه ا‬
‫على ميك روفيلم في مكتب ة جامع ة بنس لفانيا تحت رقم ‪ )Ambros. D.527‬و اتفقت جمـيع المص ادر ال تي‬
‫ذكرناها أو لم نذكرها على أن (مازيس أو مازيكيس ‪ Μαζικες‬لدى بطليموس (التي قرأها المحدثون أمازيغ)‬
‫واحدة من القبائل الليبية و هذا ما يراه أغلب المؤرخون‪.‬‬
‫– استعمل اإلغريق تسمية (بربر) منذ القدم لوصف األجانب انطالقا ً من عبارتهم المشهورة‪ :‬كل من ه و ليس‬
‫هيللينيا ً (يونانياً) فهو بربري ( ‪ ) Πας μην Ελληνας Βαρβαρος‬و استعمل الرومان الحقا ً التسمية ذاتها‬
‫لوصف جميع القبائل الليبية القديمة ال تي ك انت ته اجم المس تعمرات الروماني ة في ش مال أفريقي ا و اس تعملت‬
‫صفة بربري و ليبي في بعض الخرائط القديمة لوصف الجزء الغربي من البحر المتوسط أيض ا ً ُ‬
‫فس ّمي البح ر‬
‫البربري أو البحر الليبي ‪.‬‬
‫– كان و مازال سكان الشمال األفريقي كيانا ً متوافقا ً لديهم من عوامل الوحدة و الوئام أكثر مما لديهم من بذور‬
‫الخالف و الخصام بالرغم مما حاولت فرنسا فعله عندما أحيّت استعمال تسمية (البربر) لوص ف س كان بعض‬
‫األقاليم المغاربية بعد احتاللهم الجزائر و المغ رب و ت ونس نتيج ة للمقاوم ة الشرس ة ال تي أظهره ا مواط ني‬
‫المنطقة كافة و لقد حاولت سلطة االحتالل ضرب مقومات و عوامل وحدة هذه المقاوم ة المتمثل ة في ال دين و‬
‫الثقافة ‪ ،‬إذ اهتمت ب البحث في ت اريخ و آث ار الروم ان لتأكي د الش رعية التاريخي ة لالس تعمار و ش رعت فيم ا‬
‫وص فته بـ (علم البربري ات) كون ه يتص ل بالهوي ة و لق د وض ع أس اس الدراس ات األولى في ه ذا المج ال‬
‫عسكريون مثل ‪ Daumas‬و ‪ Carette‬و ‪ Carthy‬أو الذين ك انت خلفي اتهم عس كرية مث ل ‪ Berbrygger‬و‬
‫‪ Devoult‬و توسّع نشاطهم بعد تأسيس المجلة األفريقية ‪1856‬م‪ .‬مم ا أعطى أبع اداً أخ رى في هوي ة الش مال‬
‫األفريقي لم تكن موجودة قب ل مجيء االس تعمار الس يما أن األبح اث ق د خلطت بين المعرف ة و اإلي ديولولجيا‬
‫عندما سعت سلطة االحتالل من خالل هذه المجلة و مطبوعات أخرى كانت تص در في فرنس ا و مس تعمراتها‬
‫في ذلك الوقت إلى التأسيس للمسألة العرقية و عزل من أسمتهم (بربر) عن أخ وانهم الع رب و نس ف العالق ة‬
‫الوطيدة بينهما و ا ّدعت حينها أنها تعيد االعتبار للسكان األصليين بينم ا ك انت في الحقيق ة تح اول م د جس ور‬
‫المصالحة مع المستعمر و العناصر التي تقبله من الطرفين ‪.‬‬
‫– تبنّى روّاد هذه الدراسات اإليديولوجية أراء تتعل ق بأص ول ه ذه القبيل ة‪/‬القبائ ل اعتم اداً على معلوم ات من‬
‫األساطير اإلغريقية أو بعض رويات المؤرخين اإلغريق و الروم ان ال تي لم ت رق إلى الص حة أو التأكي د في‬
‫محاولة من هذه المدرسة االستعمارية عزل هذه القبائل عن محيطها فقال بعض هم باألص ل الهن دو‪-‬أوروبي أو‬
‫من بقايا سكان أطلنتيس أو البلطيق أو أنهم ينحدرون من رج ال ط رواديين أو من أص ل مي دي (فارس ي ) أو‬
‫من شمال بالد الغال مما يجعلهم أقرب لألورب يين منهم للع رب و ح اول بعض الساس ة دفعهم لمع اداة الع رب‬
‫الذين وصفتهم المدرسة االستعمارية الفرنسية بأنهم محتلّين وصلوا مع الفتح االسالمي و تجاهل مناصرو هذه‬
‫المدرسة روايات كثير من المؤرخين التي تشير إلى أصول هؤالء السكان الشرقية و الكنعانية كون هذا الرأي‬
‫سيعني فشل رأي سلطة االستعمار‪.‬‬
‫– بعد عقود عديدة اكتشف مؤسس و الدراس ات (البربري ة) في ب اريس و الرب اط و ن ابولي الرس الة و الش حنة‬
‫السلبية ال تي يحمله ا اس تعمال لفظ ة( برب ر) فلج أ رعاته ا إلى اس تعمال تس مية بديل ة و لم يج دوا أفض ل من‬
‫( أمازيغ) التي كانت في األصل كما أش رنا أعاله ت دل على اح دى القبائ ل الليبي ة ال تي س كنت ش مال أفريقي ا‬
‫السيما أنها تحمل شحنة إيجابية إذ تعني لدى الطوارق الشريف و المشهور و لدى األمازيغ الحر و الشريف و‬
‫لم تستعمل التس مية لإلش ارة إلى ه ؤالء الس كان في الدراس ات البربري ة خالل المائ ة ع ام األولى من الحقب ة‬
‫االستعمارية سوى مرات محدودة ال تتجاوز أصابع الي د الواح دة مقاب ل مئ ات الم رات من اس تعمال تس ميات‬
‫( بربر ‪ ،‬تبو ‪ ،‬مزاب ‪ ،‬قبايل) و منذ الربع األخير من القرن العشرين تبنّت مراكز الدراسات البربري ة تس مية‬
‫( أمازيغ ) بدال من بربر و بحث روادها في لغة مكتوبة و لم يجدوا سوى لهج ة الط وارق بهجائيته ا المس ّماة‬
‫( تيفيناغ) التي حافظ عليها أصحابها في أعماق الصحراء فلجأ إليها الدارسون و حاولوا تعميمه ا بع د تع ديلها‬
‫و تناسى هؤالء أصولها و عالقتها مع اللغات الشرقية السيما الكنعانية ( الفينيقية) ‪.‬‬
‫– لم يعرف علماء اآلثار و المختصون في التاريخ القديم في العالم أجمع تقويما ً يس ّمى التق ويم األم ازيغي و لم‬
‫يخبرنا أي مصدر أثري أو أدبي قديم من المصادر الفرعونية أو اليونانية أو الالتينية عن هذا التقويم المزع وم‬
‫و لم ي ذكر أي مرج ع من مراج ع الت أريخ ل دى الش عوب القديم ة المش هورة مث ل ‪ Bicherman‬أن الليب يين‬
‫القدامى أو من أسمتهم المدرسة االستعمارية الفرنسية بربر ثم أسمتهم أمازيغ قد استعملوا تقويما ً خاص ا ً بهم و‬
‫لم يعرف الباحثون هذا االفتراء العلمي قبل ابتداعه ‪1980‬م‪ .‬و ربما يجهل واض عوه أنهم ق د اس تعملوا التق ويم‬
‫اليولي اني الق ديم ال ذي م ازال مس تعمال في الكنيس ة األرثودكس ية ( القبطي ة) و ك ان س كان البادي ة في ليبي ا‬
‫يستعملون هذا التقويم في حساب فصول السنة الشمسية ‪ ،‬و هكذا يصبح يوم ‪ 12‬يناير ابتداعا ً حديثا ً ال نج د ل ه‬
‫جذوراً في التاريخ القديم للمنطقة أو لس ّكانها بمكوناتهم القبلية التي ذكرتها المصادر التاريخية القديمة ‪.‬‬
‫أوضحت لكم و لبني وطني األعزاء بجميع مكوناتهم رأيا ً أرى صحته و يقبل الخطأ كونه انسانيا ً و أبدي‬‫ُ‬ ‫– لقد‬
‫استعدادي لمناظرة المختصين الذين يرون غير ذلك و يق ّدمون دليالً أثري ا ً أو تاريخي ا ً واح داً على وج ود ه ذا‬
‫النوع من التأريخ‪.‬‬
‫– إلى حين تفضلكم أو تفضل علماء اآلثار و التاريخ القديم في بالدكم و العالم الدليل على صحة الزعم بوجود‬
‫التقويم الزمني محل النظ ر س تكون أي ام الس نة الشمس ية كله ا أعي اداً لجمي ع الليب يين إذا تخلص وا من التبعي ة‬
‫واالستعمار الجديد‪”.‬‬
‫‪Mohamed Edweb‬‬

‫األمازيغية في الميزان‪ ،‬ردا على سفاسف االمور‬


‫األمازيغية في الميزان‪ ،‬ردا على سفاسف االمور*‬
‫ابراهيم الطاهري‬
‫تك ون الكتاب ة فعال تأسيس يا عن دما تس هم في بن اء االنس ان‪ ،‬لكنه ا تتح ول إلى مج رد تآك ل ذاتي أو اس تجابة‬
‫شرطية‪ ،‬عندما تطفئ جذوة الفكر وتكتفي ب التعبير عن انفع االت‪ .‬وعن دما يتعل ق االم ر بقض ية كاألمازيغي ة‪،‬‬
‫فإننا نك ون أم ام موض وع ال يتعل ق بجزئي ات ماض وية أو س لوكات متناهي ة‪ ،‬وإنم ا ام ام موض وع مجتمعي‬
‫وكثير من المس ؤولية والح ذر‪ ،‬وم ا يش عر الم رء باألس ى‬
‫ٍ‬ ‫متكامل‪ ،‬ومسألة تستدعي منا مزيد يقضة واهتمام‪،‬‬
‫واالسف أن يقرأ هنا وهناك أراء وانطباعات تعيد الى االذهان صورة العلقلية الهجائية القديمة عقلي ة النق ائض‬
‫ة‪،‬‬ ‫القبلي‬
‫كتب أحد “األساتذة” واصفا نفسه بالمتخصص في التاريخ والحضارة‪ ،‬مقاال يحمل عن وان (حق ائق ق د تص دم‬
‫بعض األمازيغ‪ ) ،‬ضمن مقاله ذاك بعض اإلشارات التي قال إنها نتاج تخصصه في علم التاريخ والحض ارة‪،‬‬
‫مدعيا ومتحديا في الوقت نفسه أن ال وجود لشئ اسمه األمازيغية وما يتعلق بها من متعلقات من قبيل الحرف‪،‬‬
‫ويم‪ ،‬الخ‬ ‫رف‪ ،‬والتق‬ ‫ادة والع‬ ‫والع‬
‫وجدير بالذكر أن صاحبنا تح دى في مقال ه‪ ،‬والتح دي بطبيع ة الح ال ال ت ؤطره العلمي ة وليس ل ه أي مب دأ أو‬
‫ميثاق من داخل النس ق الت داولي المع رفي‪ ،‬اللهم إن ك ان غ رض اس تأذنا المتخص ص ه و الص راع‪ ،‬وإثب ات‬
‫ادعاءاته بمنطق فكرة القوة ال بقوة الفكرة‪ ،‬والتماهي في الجدال والسجال الغير المنتج للمعنى‪،‬‬
‫قبل الغوص في تفاصيل ما تضمنه مق ال متخصص نا‪ ،‬ل دي بعض المالحظ ات الش كلية والمفاهيمي ة ال تي من‬
‫خاللها سنبين تهافت صاحبنا على الموضوع‪ ،‬وعلى علم التاريخ أيضا‬
‫‪ 1‬لما استهل االستاذ مقاله بكونه متخصصا وخريج شعبة الت اريخ والحض ارة‪ ،‬ك ان ذل ك ادع اء من ه وإيهام ا‬
‫للقارئ بكون ما سيلي ذلك االدعاء هو عين الحقيقة والصواب‪ ،‬ناس يا أن دارس ي الت اريخ يتع املون أوالً قب ل‬
‫التع ّمق في المواد التاريخية واألسس البحثية في علم التاريخ مع داللة مصطلح التاريخ لتكوين المفهوم الش امل‬
‫عن ذلك العلم ومداه الدراسي‪ ،‬ويستحضرون كذلك معطى الش ك واالحتم ال‪ ،‬و نس بية األفك ار‪ ،‬والت اريخ في‬
‫اللغة هو ال وقت وال زمن‪ ،‬علم الت اريخ أح د أك ثر العل وم اإلنس انية أهمي ة‪ ،‬وارتباط ا ً بكاف ة العل وم األخ رى‪،‬‬
‫وينب ني‪ ،‬على قواع د المع ارف ال تي وض عها اه ل االختص اص‪ .‬على اعتب ار أن علم الت اريخ تع ددت من ابع‬
‫استمداده لتشمل جميع المعارف األخرى من علم االثار واالنتروبولوجية وغيرها وال تقتصر على ما كان لدى‬
‫مؤرخي االسالم الذين اعتمدوا منهج العنعنة واالس ناد في اثب ات الرواي ة التاريخي ة‪ ،‬مم ا يع ني أن االس تاذ لم‬
‫يعلم بعد وهو “المتخصص” بما تثبت الرواية التاريخي ة‪ ،‬بحيث اقتص ر في تحدي ه على االتي ان بواثيق ة ك ذا‪.‬‬
‫يعني‬
‫‪ 2‬االستاذ المحترم لم يفرق في موضوعه بين االسماء التي أطلقها االمازيغ على أنفسهم واألسماء التي أطلقه ا‬
‫عليهم االجانب مما يعني أن بضاعته مزجاة ولم يطلعه على أدنى شيء حيال محاضرات تاريخ شمال إفريقي ا‬
‫القديم وهي المادة التي تدرس في كل الجامعات المغربية في السنة الثانية إجازة‪ ،‬أو ربما لم يستوفي هذه المادة‬
‫بع ُد‬
‫‪ 3‬في عنوان الموضوع يقول صاحبنا” حقائق ق د تص دم بعض االم ازيغ” وفي ثناي ا موض وعه ينك ر وج ود‬
‫شيء اسمه امازيغ وأنما هو اسم استحدث‪ … ،‬كيف يمكن يا صديقنا الباحث أن تنفي وجود شيء وتعم ل ب ه‪،‬‬
‫اليس هذا منطق التهافت بأم عينيه‪ ،‬أن تنكر شيء وتعمل به وتوظفه‪ ،‬أم أن الغاية هو نفي الفكرة وليس العم ل‬
‫بها‪ ،‬إن كان زعمك صحيحا فكن أنت أول من يطبقه ويعمل به‪،‬‬
‫‪ 4‬في مسألة المصادر واسناد الكالم لم يذكر ص احبنا ول و مص در واح د في موض وعه أو وث ق كالم ه ال ذي‬
‫غلبت عليه العموميات التي ال يؤمن بها البحث العلمي الرصين والمحكم من قبيل” ال يوج د‪ ،‬أتح دى الوج ود‬
‫…‪ .‬الخ” كأنه سبر أغوار كل ما دون وكتب وما نقش حي ال ت اريخ ش مال أفريقي ا‪ ،‬ك ل م ا ذك ره عب ارة عن‬
‫عن اوين للكتب وأس ماء لبعض الم ؤرخين ح تى ي وهم الق ارء الغ ير المض طلع أن م ا يقول ه م ؤطر بمراج ع‬
‫ومصادر‪ ،‬وعلى عكس ما فعله صديقنا المتخصص سأحاول أن أثق كالمي وذكر المراجع ال تي اعتم دنها في‬
‫صياغة هذا المقال عسى هللا ان يكف بأس صديقنا ليعود إلى جادة الص واب وأن يك ف عن اله ذيان والتراش ق‬
‫باأللفاظ والمصطلحات‪،‬‬
‫أوال إنكار وجود السنة األمازيغية‪:‬‬
‫يقول صديقنا مجردا كالمه من أي إسناد أو مرجع‪ :‬ال وجود لشيء اسمه “السنة األمازيغية”‪ ،‬على األق ل قب ل‬
‫‪ 1970‬على أبع د تق دير‪ ،‬ب ل هي الس نة الفالحي ة أو الس نة األعجمي ة… والعجم غ ير ال بربر في الع رف‬
‫واالستعمال‪.‬‬
‫أوال من الناحية البنائية واللغوية وفي كل القواميس والمعاجم‪ ،‬اتفقت على لفظة العجم تطلق على غير العرب”‬
‫أنظر‪ :‬لسان العرب والق اموس المحي ط” أو لربم ا أراد الب احث أن ي دخل األم ازيغ من الع رب ال ذين ع ربهم‬
‫اإلسالم‪ ،‬كما يزعم الكثيرين ممن على شاكلته‪،‬‬
‫التقويم األمازيغي الح الي يع د من أق د التقويم ات في الع الم؛ فه و من أح د األش كال المتبقي ة لتق ويم اليولي اني‬
‫الروماني الذي استعمل في أوروبا قبل إدخال التقويم الجريجوري الذي ما يزال قي د االس تعمال ل دى الكن ائس‬
‫الشرقية” (‪ )1‬أول يوم من شهر “ينار” (وهو بداية السنة عند األمازيغ) يتوافق مع ي وم ‪ 12‬ين اير من التق ويم‬
‫الجريجوري‪ ،‬والذي يتزامن مع اإلزاحة التي تراكمت خالل الق رون بين الت واريخ الفلكي ة والتق ويم اليولي اني‬
‫وهذا اليوم يس ّمى بـ “إيض ناير” أي ليلة رأس الس نة الجدي دة‪ .‬ول و تك رم ص ديقنا المتخص ص وت رجم كلم ة‬
‫إيض ن إناير لتضح له جلي ا أنه ا تع ني ليل ة رأس الس نة‪ ،‬ومعل وم ان ه ذه الكلم ة باللس ان االم ازيغي‪ ،‬وليس‬
‫“باللسان الفالحي” مما يعني منطقيا وعقال أن هذا التقويم لألصحاب ذلك اللسان‪،‬‬
‫هناك نماذج شبه موحدة ألسماء التقويم األمازيغي‪ ،‬المتعارف عليها في تونس والجزائر والمغرب‪ ،‬وليبيا مم ا‬
‫يعني وقوع االتفاق واالجماع الكلي على هذا التقويم‪ ،‬وصديقنا ي درك جي دا مع نى أن يق ع االجم اع في مس ألة‬
‫معين ة‪ ،‬ثم إن ارتب اط الس نة األمازيغي ة بالس نة الفالحي ة ي دخل أوال من بين المترادف ات وال مش احاة في‬
‫االصطالح‪ ،‬ثم إن الج امع بين المترادف ات م ا ه و جم ع بين ال دال والم دلول‪،‬وه و وص ف لموص وف مق در‬
‫اليظهر‪،‬وقد اكتفى بالوصف لغالب االستعمال واالختصار(‪ ،)2‬فمعروف عند القاصي والداني ان ه ذا ال وقت‬
‫من كل سنة يصادف بداية الموسم الفالحي‪ ،‬لدى سكان شمال إيفريقيا وقد كتب المخت ار السوس ي عن ه ذا في‬
‫كتابه المعس ول واردا ك ل الطق وس واالحتف االت ال تي يبش ارها االم ازيغ أه ل إلي غ في ” ايض ن وس كاس”‬
‫احتفاال بالسنة الجديدة‪ ،‬وقد احتفظت لنا كتب النوازل الفقهية بالكثير من األحداث ال تي بث فيه ا الفقه اء حي ال‬
‫ر(‪)3‬‬ ‫ذا األم‬ ‫ه‬
‫ثم إن سلمنا جدال انها سنة فالحية وليست سنة أمازيغية‪ ،‬فهل الفالحة ي ا ت رى فع ل ق ائم بدات ه ام ال ب د ل ه من‬
‫فاعل‪ ،‬فمن هم أولئك الذين يمارسون الفالحة في هذا الوطن ياترى؟ ولماذا ال تسمى بالسنة الفالحية في مك ان‬
‫ومجال آخر غير هده الرقعة من إفريقيا‪ ،‬ثم إنه ال علم لي بسبب ذك ر ‪ 1970‬اللهم إن ك ان المل ك شيش ونغ ق د‬
‫اعتال عرش الفراعنة في هذا التاريخ‪ ،‬فليُنرنا صديقنا المتخصص جزاه هللا خيرا‪ ،‬ثم إن بداي ة أي تق ويم كي ف‬
‫ما كان البد وأن يستند إلى حدث معين كما ح دث في بداي ة التق ويم الهج ري ال ذي ب دأ زمن الخليف ة عم ر ابن‬
‫الخطاب‪ ،‬وهو حدث اجتهادي ال توقيفي‪)4( ،‬‬
‫ثانيا إنكار وجود شيء اسمه االمازيغ‪:‬‬
‫يذكر صاحبنا أن لفظة االمازيغ ما هي االبدعة من الرسل‪ ،‬وان هذه التسمية ال وجود لها في كل كتب الت اريخ‬
‫دون تميز‪،‬وهنا وقع في شراك عدم االختصاص وقد بدت عورت ه المعرفي ة وجهل ه الت ام بم ا يكتب‪ ،‬بحيث لم‬
‫يفرق بين األسماء التي أطلقها االجانب على األمازيغية واالسماء التي أطلقها االمازيغ على أنفس هم‪ ،‬ول و أن ه‬
‫تكرم وتفضل على ذك ر أص ل وم دلول كلم ة ” أم ازيغ” لنتفى الخالف ولرف ع الح رج واللبس‪ ،‬ولكن منط ق‬
‫التدليس ادى به إلى محاولة حجب شمس الحقيقية بغربال الوهم والسراب‪ ،‬ثم إن المش كلة المنهجي ة ال تي وق ع‬
‫فيها الصديق المتخصص انه يقرأ التاريخ الشمال االفريقي بالنظرة التي كتب بها العرب ما قبل دخول االسالم‬
‫‪ ،‬االمازيغ أو الليبيون هي التسمية التي أطلقها االمازيغ على انفسهم‪ ،‬ول و اطل ع ص احبنا على كت اب الم ؤرخ‬
‫االغ ريقي الملقب ب أب الت اريخ ه يرودوت ق ‪ 5‬قب ل الميالد‪ ،‬لوج د ض الته‪ ،‬ولوق ف على المع نى الم راد من‬
‫الليبيين‪ ،‬واما ابن خلدون فيذكر في كتابه العبر يقال‪ :‬إن أفريقش بن قيس بن صيفي من ملوك التبابعة لما غ زا‬
‫المغرب وإفريقية‪ ،‬وقتل الملك جرجيس‪ ،‬وبنى المدن واألمصار‪ ،‬وباسمه زعموا سميت إفريقي ة لم ا رأى ه ذا‬
‫الجيل من األعاجم وسمع رطانتهم ووعى اختالفها وتنوّعها تعجب من ذل ك‪ ،‬وق ال‪ :‬م ا أك ثر برب رتكم فس موا‬
‫بالبربر‪ .‬والبربرة بلسان العرب هي اختالط األصوات غير المفهومة‪ ،‬ومنه يقال بربر األسد إذا زأر بأصوات‬
‫غير مفهومة‪ )5(.‬مما يعني أن اسم بربر ما هو إال اسم أطلقه االجانب ال ذين تواف دوا على ش مال أفريقي ا على‬
‫السكان األصليين‪ ،‬وليس اسما أصليا الزما لهم‪،‬‬
‫األمازيغ أو إيمازيغن‪ ،‬هي كلمة يرجع أصلها إما إلى مفرد كلم ة “أم ازيغ” ال تي تع ني الرج ل الح ر في لغ ة‬
‫الطوارق األمازيغية القديمة في مقابل “أسوقي” على األس ود منهم أو العب د‪ .‬ووفق ا للحس ن بن محم د ال وزان‬
‫والمشهور ب ليون األفريقي وصاحب كت اب وص ف إفريقي ا‪ ،‬تختل ف اللهج ات ذات األص ول األمازيغي ة في‬
‫نطق هذا اللفظ ” أمازيغ” فهو عند ط وارق م الي “أيموه اغ” بقلب ال زاي ه اء‪ ،‬وعن د ط وارق منح نى نه ر‬
‫النيجر الغربي “إيموشاغ”‪ ،‬أما في أغاديس بالنيجر فينطقونه “إيماجيغن”‪ ،‬والمقصود بجميع هذه التصحيفات‬
‫إنما هو “إيموزاغ” أو “إيمازيغن(‪.)6‬‬
‫ثالثا إنكار وجود حرف التيفيناغ‬
‫يستطرد صاحبنا في ادعاءاته ويق ول ب أن الح روف االمازيغي ة ق د أنش ات إنش اء’؟ وع اد ليق ول ب أن معتم د‬
‫منشؤها اعتمد على ” خربشات ورموز” عند الطوراق في تناقض مفضوح‪ ،‬م ع اس تهالل كالم ه والحق ه‪ ،‬إذ‬
‫كيف يمكن ادعاء إنشاءها وابتداعها ما دام أن له ا أص ل وس ند عن د الط وارق‪ ،‬ومتخصص نا س يعلم جي دا ان‬
‫الكتابة واالشكال التواصلية قديما ماهي اال نقوش ورسومات ورموز‪ ،‬وحتى القران الكريم نفسه في بدء االمر‬
‫كان قد كتب في الرقاع وجريد النخل واالحجار وجلود الحيوانات‪ ،‬زيادة على انه لم يكتب منقطا‪ ،‬ه ل س نقول‬
‫أن العربية أيضا أنشيت إنشاء بمنطق القياس الجلي‪ ،‬إن تيفيناغ (والتي تعرف أيض ا بالكتاب ة الليبي ة القديم ة )‬
‫واحدة من أقدم األبجديات التي عرفها التاريخ‪ ،‬حتى قيل أنها عاصرت الكتاب ة األولى ال تي ع رفت في منطق ة‬
‫سومر ببالد الرافدين (‪ ، )7‬ويرجع تاريخها إلى ثالثة آالف س نة قب ل الميالد ا كم ا تش هد على ذل ك الكتاب ات‬
‫والنقوش الموجودة في الصحراء الكبرى كما يذهب إلى ذلك الباحث الحجي آمي(‪ .)8‬وتيفيناغ مما ال شك في ه‬
‫سابقة لألبجدية الفينيقية بقرون كما أثبتت الدراسات األثرية الحديثة‪ ،‬األمر الذي ينفي بما ال ي دع مج اال للش ك‬
‫االفتراض الذي تبناه متخصصنا من أن تيفيناغ ذات أصل في نيقي‪ ،‬وتتمث ل ه ذه الدراس ات باكتش اف ص خرة‬
‫موحدة بين الجزائر والمغرب‪ ،‬في نهاية جبال األطلس تتضمن رسم جداري لرجل موشم بتيفيناغ وعثر بقربه‬
‫على رمح برونزي‪ ،‬مع العلم أن ظهور البرونز يعود إلى حوالي ‪ 1500‬ق‪.‬م بينم ا األبجدي ة الفينيقي ة ظه رت‬
‫حوالي ‪ 1200‬ق‪.‬م‪ ،‬أي أن ظهور الكتابة الفينيقية متأخر بقرون عن آثار التيفيناغ التي عثر عليها‪ ،‬ولذلك ف إن‬
‫تيفين اغ هي نت اج محلي لألم ازيغ في ش مال إفريقي ا‪ )9(،‬ومع نى تيفين اغ “اكتش افنا” باللغ ة األمازيغي ة‪.‬‬
‫ويقول محمد العثماني في كتابه الواح جزولة دراسة في أعراف قبائل سوس ‪ :‬وللغة البربرية ح روف خاص ة‬
‫بها ولحروفها تلك أشكال نشبه كثيرا االوضاع الكونية والكائنات الطبيعية‪ ،‬يسمونها تيفين اغ ومعن اه الح روف‬
‫المنزلة ولها ضوابط تسمى” تيدباكين” ومعناها الدليل على العم ل والتوس ع‪ ،‬وهم به ا يكتب ون بحري ة تام ة‪(،‬‬
‫‪)10‬ومعروف أن امحمد العثماني كتب دراس ته تل ك قب ل عق ود من إنش اء المعه د الملكي للثقاف ة االمازيغي ة‪،‬‬
‫فليعلم باحثنا المتخصص ان كالمنا كله كالم مؤصل وفي جعبتنا الكث ير من االم ور وال براهين ال تي يمكن أن‬
‫يعزز بها النقاش حي ال ه ذا الموض وع‪ ،‬وأتم نى ص ادقا أن يتحلى بالش جاعة الفكري ة الالزم ة وه و من أه ل‬
‫االختصاص كما يزعم‪ ،‬أن يكتب مقاال عن مزاعم ه ويؤص ل له ا بعي دا عن النع رات االيديولوجي ة واالفك ار‬
‫المسبقة‪ ،‬وبعيدا عن تأويالت ظهير ‪ 16‬ماي الذي قرأه صديقنا بأعين من زوروا تاريخ المغرب ونسجوه على‬
‫منوالهم ومقاصهم‪،‬‬
‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫(‪ )1‬كتاب المختصر الكبير الروس ج‪ 1‬ص ‪159‬‬
‫(‪ )2‬مقدمة كتاب الحوض لمحمد أوعلي أوزال ج‪ 1‬ص ‪11‬‬
‫(‪ )3‬انظر كتاب المجموعة الفقهية في الفتاوى السوسية للمختار السوسي‪.‬‬
‫(‪ )4‬كتاب تاريخ الطبري ج ‪ 2‬أحداث السنة الثانية ص ‪212‬‬
‫(‪ )5‬كتاب العبر لعبد الرحمن ابن خلدون ج ‪ 1‬ص ‪89‬‬
‫(‪ )6‬كتاب وصف إيفريقيا لحسن بن محمد الوزان ص ‪465‬‬
‫(‪ )7‬كتاب قواعد الكتابة والنحو للغة الميزابية‪ ،‬لبراهيم وبكير عبدالسالم‪ :‬جـ ‪ ،1‬ص ‪،8‬‬
‫(‪ )8‬الحجي آمي‪ :‬ملخص عن تاريخ الصحراء‬
‫(‪ )9‬كتاب تاريخ الحضارة المغربية ألبي فارس الفشتالي ج ‪ 2‬ص ‪ 15‬وما تالها‬
‫(‪ )10‬ألواح جازولة دراسة في أعراف قبائل سوس لمحمد العثماني ص ‪،46‬‬

You might also like