You are on page 1of 27

1

‫أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‬


‫علَى الَّذِي َن ِمن قَ ْب ِل ُك ْم لَعَلَّ ُك ْم تَتَّقُو َن * أَيَّا ًما‬
‫ب َ‬ ‫علَ ْي ُك ُم ِ‬
‫الصيَا ُم َك َما كُتِ َ‬ ‫ب َ‬ ‫{يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ُكتِ َ‬
‫(‪)1‬‬
‫سفَر فَ ِعدَّة ِم ْن أَيَّام أُخ ََر‪} ...‬‬
‫علَى َ‬ ‫ضا أ َ ْو َ‬
‫َّم ْعدُودَات ۚ فَ َمن كَانَ ِمن ُكم َّم ِري ً‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬


‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم‬
‫بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬وبمناسبة قرب رمضان يحسن أن نتحدث قليلً عن قوله تبارك وتعالى‪{ :‬يَا أَيُّ َها‬
‫(‪)2‬‬
‫علَى الَّذِي َن ِمن قَ ْب ِل ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَتَّقُونَ }‬ ‫علَ ْي ُك ُم ِ‬
‫الص َيا ُم َك َما ُكتِ َ‬
‫ب َ‬ ‫ب َ‬‫الَّذِينَ آ َمنُوا ُكتِ َ‬
‫فهذه اآلية صدرها هللا عز وجل بهذا النداء { َيا أَيُّ َها الَّذِي َن آ َمنُوا}‪ ،‬وبوصف اإليمان؛ ألن‬
‫وصف اإليمان يحمل اإلنسان على القيام باألمر واجتناب النهي‪ ،‬وهو وصف ال شك محمود‬
‫محبوب إلى الخلق‪ ،‬كل إنسان يحب أن يوصف باإليمان‪ ،‬وكل إنسان يود أن يتمم هللا‬
‫إيمانه‪ ،‬فإذا نادى هللا تعالى بهذا الوصف المحمود والمحبوب كان ادعى للقبول‪ ،‬وقد قال ابن‬
‫مسعود رضي هللا عنه فيما يروى عنه‪( :‬إذا سمعت هللا يقول‪{ :‬يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا} فارعها‬
‫(‪)3‬‬
‫شر تُنهى عنه)‬ ‫خير تؤمر به‪ ،‬وإما ُ‬ ‫سمعك‪ ،‬فإما ُ‬
‫الصيَا ُم}‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫ع َل ْي ُك ُم ِ‬
‫ب َ‬‫والذي في جلستنا هذه هو خير يؤمر به {يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا ُكتِ َ‬
‫فُرض‪.‬‬
‫والفارض له‪ :‬هو هللا عز وجل‪ ،‬فرضه على عباده‪ ،‬وقد جاءت السنة بأنه أحد أركان‬
‫اإلسلم الخمسة‪.‬‬
‫علَى الَّذِينَ ِمن قَ ْب ِل ُك ْم} إشارة إلى فائدتين‪:‬‬ ‫وفي قوله‪َ { :‬ك َما ُكتِ َ‬
‫ب َ‬
‫• الفائدة األولى‪ :‬تسلية هذه األمة حتى ال يقول قائل لماذا أُلزمنا نحن بترك شهواتنا من‬
‫مطعوم ومشروب ومنكوح دون غيرنا من األمم‪ ،‬فيكون في هذا نوع تسلية لهذه‬
‫األمة‪ ،‬وأنها لم تُلزم بما لم تُلزم به األمم قبلها‪.‬‬

‫____________________________________________‬
‫(‪ )١‬سورة البقرة اآليتان (‪.) ١٨٤ - ١٨٣‬‬
‫(‪ )٢‬سورة البقرة اآلية (‪.)١٨٣‬‬
‫اَّلل يقولُ‪ :‬يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا‬
‫ي‪ .‬فقالَ‪ :‬إذا سمِ عتَ َّ َ‬ ‫ً‬
‫رجل أتى عبدَ َّ ِ‬
‫اَّلل بنَ مسعود فقالَ‪ :‬اع َهد إل َّ‬ ‫(‪ )٣‬تفسير ابن كثيرولفظه (أنَّ‬
‫شر ين َهى عنهُ‪).‬‬
‫يأمر بِ ِه أو ٌّ‬
‫ُ‬ ‫فأرعِها سمعَكَ ‪ ،‬فإنَّهُ خير‬

‫‪2‬‬
‫• والفائدة الثانية‪ :‬بيان استكمال هذه األمة للفضائل التي سبقت لألمم من قبلها‪ ،‬ولهذا‬
‫مثل بحاله مع إخوانه‬‫كان النبي عليه الصلة والسلم خاتم األنبياء‪ ،‬وقد ضرب ً‬
‫عمر‪ ،‬فكان الناس يطوفون به ويقولون‪ :‬ما أحسن هذا القصر‬ ‫المرسلين بقصر مشيد ُ‬
‫إال موضع لبنة فيه! وكان النبي عليه الصلة والسلم هو الذي حل أو سد موضع‬
‫هذه اللبنة‪ ،‬وبه تم البناء‪ ،‬فتمت الشرائع ‪-‬والحمد هلل‪ -‬بهذه الشريعة اإلسلمية‪ ،‬ثم بين‬
‫هللا عز وجل الحكمة من فرضه فقال‪{ :‬لَ َعلَّ ُك ْم تَتَّقُونَ }‪ ،‬لم يقل‪ :‬لعلكم تجوعون أو‬
‫تعطشون أو يشق عليكم مجانبة األهل بل قال‪{ :‬لَ َعلَّ ُك ْم تَتَّقُونَ } هذه الحكمة من فرض‬
‫(‪)1‬‬
‫الصوم‪ .‬ولهذا جاء في الحديث‪" :‬رب صائم حظه من صيامه الجوع والظمأ"‬
‫فما هي التقوى؟‬
‫التقوى‪ :‬عبارة عن اتخاذ وقاية من عذاب هللا‪ ،‬وال وقاية من عذاب هللا إال بامتثال أوامره‬
‫واجتناب نواهيه‪ ،‬ولهذا نقول‪ :‬التقوى فعل ما أمر هللا به‪ ،‬وترك ما نهى عنه‪.‬‬
‫وهذا أجم ُع تعريف للتقوى‪ ،‬وقد بين الرسول عليه الصلة والسلم شيئًا من ذلك في‬
‫قوله‪َ " :‬من لم يَدَ ْع قول ُّ‬
‫الزور والعم َل به والجهلَ‪ ،‬فليس هللِ حاجة أن َيدَ َ‬
‫ع طعامه‬
‫(‪)2‬‬
‫وشرابه"‬
‫أي‪ :‬الذي ال يترك هذه األشياء فإن هللا سبحانه وتعالى ال يريد منه أن يدع الطعام‬
‫والشر اب؛ ألن هذا قد يكون فيه تعذيب للنفس وهللا تعالى يقول‪َّ { :‬ما يَ ْفعَ ُل َّ ُ‬
‫اَّلل بِعَذَابِ ُك ْم إِن‬
‫ش َك ْرت ُ ْم َوآ َمنت ُ ْم‪ )3(}...‬لكنه يريد عز وجل منا أن ندع قول الزور‪ ،‬والعمل به‪ ،‬والجهل‪،‬‬ ‫َ‬
‫هذه هي الحكمة من الصوم‪.‬‬
‫فلينظر اإلنسان في نفسه‪ :‬هل هو قام بهذه الحكمة وهذه الغاية الحميدة؟ أو أنه صار‬
‫صيامه مجرد إمساك عن األكل والشرب والنكاح؟!‬
‫ثم بين هللا عز وجل أن هذا الصيام ليس أشهرا ً وال سني ًنا ولكنه أيام معدودات‪ ،‬فهو قليل‬
‫(‪)4‬‬
‫سفَر فَ ِعدَّة ِم ْن أَيَّام أُخ ََر‪} ..‬‬ ‫ضا أ َ ْو َ‬
‫علَى َ‬ ‫العدد‪ ،‬ثم هو قليل المشقة {‪..‬فَ َمن َكانَ ِمن ُكم ِ‬
‫مري ً‬
‫إذا ليس فيه كثرة‪ ،‬وليس فيه مشقة؛ ألنه إذا كان المسافر يفطر‪ ،‬والمريض الذي يشق‬
‫عليه الصوم يفطر إذا ً ال مشقة‪ ،‬وال كثرة عدد فهو يسير وهلل الحمد‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه ابن ماجه‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وابن خزيمة في "صحيحه" والحاكم وقال‪ :‬صحيح على شرط البخاري‪ .‬ولفظه (قال النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪" :‬رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش‪ ،‬ورب قائم حظه من قيامه السهر"‪).‬‬
‫(‪)2‬أخرجه البخاري ‪.)١٨٠٤( ،)٥٧١٠( ٢٢٥١ /٥‬‬

‫(‪ )3‬سورة النساء آية (‪.)١٤٧‬‬

‫(‪ )٤‬سورة البقرة آية (‪.)١٨٤‬‬

‫‪3‬‬
‫ع َخي ًْرا فَ ُه َو َخيْر لَّهُ ۚ َوأَن ت َ ُ‬
‫صو ُموا‬ ‫ط َعا ُم ِم ْس ِكين ۖ فَ َمن ت َ َ‬
‫ط َّو َ‬ ‫علَى الذِينَ يُ ِطيقُونَهُ فِدْ َية َ‬ ‫{‪َ ..‬و َ‬
‫(‪)1‬‬
‫َخيْر لَّ ُك ْم‪} ...‬‬
‫علَى الَّذِينَ ي ُِطيقُونَهُ}‪ -‬أي‪ :‬يقدرون عليه‪ -‬فدية طعام مسكين‪ ،‬يعني من ال يريد الصوم‬
‫‪َ {-‬و َ‬
‫فإنه يُطعم عن كل يوم مسكينًا وهذا تيسير‪ ،‬يعني تصوم إن شئت‪ ،‬أو تطعم عن كل يوم‬
‫مسكينًا ولو كنت تطيقه‪.‬‬
‫خيرا وأطعم‬ ‫ً‬ ‫ع َخي ًْرا} فمن تطوع‬ ‫ط َعا ُم ِم ْس ِكين ۖ َف َمن ت َ َ‬
‫ط َّو َ‬ ‫ع َلى َّالذِينَ ي ُِطي ُقونَهُ فِ ْد َية َ‬ ‫{ َو َ‬
‫صو ُموا َخيْر لَّ ُك ْم} فيُخير اإلنسان بين أن يصوم أو يُطعم ولو‬ ‫المسكين {فَ ُه َو َخيْر لَّهُ}‪َ { ،‬وأَن ت َ ُ‬
‫كان قادرا ً‪ ،‬وهذه من نعمة هللا تعالى وتيسيره لكن هل هذا بقي؟‬
‫ضانَ الَّذِي أ ُ ِ‬
‫نز َل فِي ِه ْالقُ ْرآنُ‬ ‫ش ْه ُر َر َم َ‬ ‫ال‪ ،‬لم يبقَ هذا الحكم‪ ،‬نسخه ما بعده وهو قوله تعالى‪َ { :‬‬
‫ضا‬‫ص ْمهُ ۖ َو َمن َكانَ َم ِري ً‬ ‫ش ْه َر َف ْل َي ُ‬
‫ش ِهد َ ِمن ُك ُم ال َّ‬ ‫اس َو َبيِنَات ِمنَ ْال ُهدَى َو ْال ُف ْر َق ِ‬
‫ان ۚ َف َمن َ‬ ‫ى ِلل َّن ِ‬‫ُهد ً‬
‫(‪)2‬‬
‫سفَر فَ ِعدَّة ِم ْن أَيَّام أُخ ََر‪} ...‬‬ ‫علَى َ‬ ‫أ َ ْو َ‬
‫فأوجب هللا الصوم‪ ،‬ونسخ اإلطعام‪ ،‬لكن لما كان أول فرض في الصيام قد يشق على الناس‬
‫فر ِغبوا في الصوم‪ ،‬و ُخ ِيروا بينه وبين اإلطعام‪ ،‬ثم لما استقر الفرض في‬
‫أن يصوموا هكذا ُ‬
‫نفوسهم‪ ،‬وقرت به أعينهم أوجب هللا عليهم الصيام‪ ،‬ولهذا ال يجوز لإلنسان أن يطعم مع‬
‫مستمرا فهذا يطعم‬
‫ً‬ ‫قدرته على الصوم‪ ،‬ثم إذا كان عاجزا ً عن الصوم فإما أن يكون‪ :‬عجزه‬
‫عن كل يوم مسكينا ً‪ ،‬وإما أن يكون عجزه طارئًا يرجو زواله ‪-‬كالمريض المرض العادي‪-‬‬
‫فهذا ينتظر حتى يشفى ثم يصوم‪.‬‬
‫سفَر فَ ِعدَّة ِم ْن أَيَّام أُخ ََر ۗ ي ُِريدُ َّ ُ‬
‫اَّلل ِب ُك ُم ْاليُس َْر َو َال ي ُِريدُ ِب ُك ُم‬ ‫علَى َ‬‫ضا أ َ ْو َ‬ ‫{‪َ ...‬و َمن َكانَ َم ِري ً‬
‫علَى َما َهدَا ُك ْم‪.} ...‬‬ ‫ْال ُعس َْر َو ِلت ُ ْك ِملُوا ْال ِعدَّة َ َو ِلت ُ َك ِب ُروا َّ َ‬
‫اَّلل َ‬
‫س َفر فَ ِعدَّة ِم ْن أَيَّام‬ ‫ضا أ َ ْو َ‬
‫ع َلى َ‬ ‫اَّلل ِب ُك ُم ْاليُس َْر} هذا كالتعليل لقوله‪َ { :‬و َمن َكانَ َم ِري ً‬
‫{‪..‬ي ُِريدُ َّ ُ‬
‫أ ُخ ََر} أي‪ :‬إنما رخص لكم في الفطر في حال السفر وفي حال المرض ألنه عز وجل يريد‬
‫بعباده اليسر‪ ،‬وال يريد بهم العسر‪ ،‬ولهذا جاءت الشريعة اإلسلمية بكل يسر وهلل الحمد‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫حتى قال النبي عليه الصلة والسلم فيما صح عنه‪" :‬إن الدين يسر"‬
‫وهذه جملة حصرية بمعنى‪ :‬أن الدين كله يسر ما فيه مشقة‪ ،‬لو تأملت أوامر الشريعة‬
‫لوجدتها كلها سهلة يسيرة‪ ،‬ثم إذا صار على اإلنسان مشقة في شيء منها فإنها تنقسم إلى‬
‫قسمين‪ :‬إما أن تسقط‪ ،‬وإما أن ينتقل إلى بدل‪ .‬كيف تتسقط؟ نعم‪ ،‬إما أن تسقط أو ينتقل إلى‬
‫بدل‪.‬‬
‫(‪)1‬سورة البقرة (‪.)184‬‬
‫(‪ )2‬سورة البقرة (‪.)185‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه البخاري‪ .‬من حديث أبي هريرة رضي هللا عنه ولفظه (أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪( :‬إن الدين‬
‫يسر‪ ،‬ولن يشاد أحد الدين إال غلبه‪ ،‬فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة))‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ففي الوضوء‪ :‬إذا تعذر استعمال الماء فإنه يتيمم فإن لم يجد ما يتيمم به سقط عنه‪ ،‬هذا‬
‫مثال للشيء الذي يسقط إلى بدل وإلى غير بدل‪ ،‬وهذا تيسير ‪-‬وهلل الحمد‪ -‬الدين كله يسر‪،‬‬
‫ولهذا يجب على طالب العلم أن ينظر إلى هذه الزاوية أكثر مما ينظر إلى زاوية التعسير‬
‫اَّلل ِب ُك ُم ْاليُس َْر َو َال ي ُِريد ُ ِبكُ ُم ْالعُس َْر}‬
‫على الخلق؛ ألن ربهم الذي خلقهم هو الذي قال‪{ :‬يُريُد َّ ُ‬
‫وكثير من الناس اآلن نجدهم يعاملون الناس بما هو أعسر وأشق‪ ،‬وهذا إن جاءت به‬
‫ت به الشريعة فإنه‬ ‫الشريعة فل بأس وليس بالشاق إال في تصور بعض الناس‪ ،‬وأما إذا لم تأ ِ‬
‫ال حجة لك عند هللا يوم القيامة إذا قال لك‪ :‬لماذا عسَّرت على عبادي وأنا ميسر لهم؟‬
‫ولهذا يجب أن ننظر إلى هذا نظرة فاحصة‪ ،‬وأن ال نلزم الناس بما لم يلزمهم هللا به‪ ،‬وأن ال‬
‫نُحرم عليهم ما لم يُحرمه هللا عليهم‪ ،‬حتى وإن فُرض أننا عندهم قدوة‪ ،‬وأنهم يطيعوننا فإننا‬
‫في الواقع بينهم وبين هللا‪ ،‬وسوف يسألنا هللا عز وجل‪.‬‬
‫علَى َما هَدَا ُك ْم}‪.‬‬ ‫{ َو ِلت ُ ْك ِم ُلوا ْال ِعدَّة َ} أي‪ :‬عدة رمضان‪َ { ،‬و ِلت ُ َك ِب ُروا َّ َ‬
‫اَّلل َ‬
‫لتكملوا العدة‪ ،‬الفائدة من هذه الجملة‪ :‬أن ال نتسرع باإلفطار‪ ،‬فمثلً‪ :‬لو شهد شاهد واحد في‬
‫دخول شهر شوال ليلة ثلثين من رمضان فإننا ال نقبل قوله حتى يأتي بشاهد آخر يشهد‬
‫علَى َما‬ ‫بأنه رأى هلل شهر شوال‪ ،‬حينئذ نأخذ قوله‪ ،‬ونكون قد أكملنا العدة { َو ِلتُكَ ِب ُروا َّ َ‬
‫اَّلل َ‬
‫َهدَا ُك ْم} وهذا في آخر األيام إذا غابت الشمس ليلة عيد الفطر فإنه يُشرع للناس أن يكبروا‬
‫هللا عز وجل على ماهداهم‪ ،‬ألن هدايته لهم نعمة كبيرة يستحق عليها الشكر { َولَ َعلَّ ُك ْم‬
‫ت َ ْش ُك ُرونَ }‪.‬‬
‫نسأل هللا سبحانه أن يتمم لنا ولكم لنا صيام رمضان وقيامه على أحسن وجه‪ ،‬وأن نقوم‬
‫بذلك إيمانًا واحتسابًا‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫س‪ :‬فضيلة الشيخ أرجو أن تتكلم عن المفطرات في نهار رمضان ولو على وجه العموم؟‬
‫ج‪ :‬مفطرات الصائم في رمضان وغير رمضان ذكر هللا في القرآن ثلثة منها‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫اَّلل لَ ُك ْم ۚ َو ُكلُوا َوا ْش َربُوا‪}...‬‬ ‫{‪...‬فَ ْاآلنَ بَا ِش ُروه َُّن َوا ْبتَغُوا َما َكت َ‬
‫َب َّ ُ‬
‫هذه ثلثة‪:‬‬
‫‪ -‬الجماع‪ ،‬واألكل‪ ،‬والشرب‪.‬‬
‫ضارا؛‬
‫ً‬ ‫وظاهر اآلية الكريمة أنه ال فرق بين أن يكون األكل والشرب نافعًا أو غير نافع أو‬
‫ألن المأكول والمشروب إما نافع أو ضار‪ ،‬أو ال نافع وال ضار‪ ،‬وكلها مفطرة فلو بلع‬
‫اإلنسان خرزة سبحة فإنه يفطر بهذا ولو كانت ال تنفعه‪ ،‬ولو شرب دخانًا فإنه يفطر ولو‬
‫ضارا‪ ،‬ولو أكل تمرة فإنه يفطر ألنها نافعة‪ ،‬وكذلك يقال في الشرب‪.‬‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫وجاء في السنة‪:‬‬
‫‪ -‬بالقيء‪ ،‬إذا تقيأ اإلنسان فإنه يفطر‪ ،‬فإن غلبه القيء فإنه ال يفطر‪.‬‬
‫وجاءت السنة‪:‬‬
‫‪ -‬بالحجامة‪ ،‬إذا احتجم اإلنسان وهو صائم وخرج دم فإنه مفطر‪ ،‬هذه خمسة من المفطرات‪.‬‬
‫ألحق العلماء بهذا ما كان في معنى األكل والشرب مثل‪:‬‬
‫‪ -‬اإلبر المغذية‪ :‬وليست المغذية هي التي ينشط بها الجسم أو يبرأ بها الجسم من مرضه‪،‬‬
‫المغذية‪ :‬هي التي تغني عن األكل والشرب‪ ،‬وعلى هذا فجميع اإلبر التي ال تغني عن األكل‬
‫والشرب ال تفطر سواء كانت‪ :‬من الوريد أو من الفخذ أو من أي مكان‪.‬‬
‫ض ا‪:‬‬
‫كذلك أي ً‬
‫‪ -‬إنزال المني بشهوة‪ ،‬يفطر الصائم ويؤخذ من قوله صلى هللا عليه وسلم في الحديث‬
‫(‪)2‬‬
‫القدسي عن هللا عز وجل‪( :‬يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي)‬
‫والمني من الشهوة ال شك‪ ،‬لقول الرسول عليه الصلة والسلم‪( :‬وفي بضع أحدكم صدقة‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان‬
‫(‪)3‬‬
‫عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلل كان له أجر)‬
‫______________________________________________________‬
‫(‪ )1‬سورة البقرة آية (‪.)١٨٧‬‬
‫(‪ )2‬أخرجه البخاري‪.‬‬
‫اَّللُ عليه وسلَّ َم‪ :‬يا َرسو َل هللاِ‪،‬‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫اَّللُ عليه وسلَّ َم قالوا للنبي ِ َ‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫ب النبي ِ َ‬ ‫ص َحا ِ‬ ‫سا مِ ن أَ ْ‬ ‫أن نَا ً‬ ‫(‪)3‬أخرجه مسلم في صحيحه ولفظه ( َّ‬
‫اَّللُ لَكُ ْم ما‬
‫ليس ق ْد َجعَ َل َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صدَّقونَ بفُضُو ِل أ ْم َوا ِل ِه ْم‪ ،‬قا َل‪ :‬أ َو َ‬ ‫ُ‬ ‫صو ُم‪َ ،‬ويَتَ َ‬ ‫صو ُمونَ كما نَ ُ‬ ‫صلِي‪َ ،‬ويَ ُ‬ ‫صلُّونَ كما نُ َ‬ ‫ور‪ ،‬يُ َ‬ ‫ور باأل ُ ُج ِ‬ ‫َب أَ ْه ُل الدُّث ُ ِ‬ ‫ذَه َ‬
‫صدَقَة‪َ ،‬ونَ ْهي عن‬ ‫صدَقَةً‪َ ،‬وأَ ْمر بال َمعروفِ َ‬ ‫صدَقَةً‪َ ،‬وكُ ِل تَ ْهلِيلَة َ‬ ‫صدَقَةً‪َ ،‬وكُ ِل تَحْ مِ يدَة َ‬ ‫يرة َ‬‫صدَقَةً‪َ ،‬وكُ ِل تَ ْكبِ َ‬ ‫إن بكُ ِل تَ ْسبِي َحة َ‬ ‫صدَّقُونَ ؟ َّ‬ ‫تَ َّ‬
‫ض َع َها في‬ ‫َ َ‬ ‫و‬ ‫لو‬ ‫م‬‫ُ‬
‫َ ْ‬‫ت‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫ر‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬‫ل‬‫َ‬ ‫قا‬ ‫؟‬ ‫ر‬ ‫جْ‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫ه‬‫َ‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫له‬ ‫كونُ‬‫ي‬
‫َ‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫َا‬ ‫ن‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫أتي‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫هللا‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫سو‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫يا‬ ‫‪:‬‬‫قالوا‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ص‬
‫ِ َ ْ َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫د‬‫ِ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ْع‬‫ض‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫وفي‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫د‬
‫َ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫َر‬ ‫ُم ْنك‬
‫الح َل ِل كانَ له أَجْ ر‪) .‬‬ ‫َ‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ض‬
‫َ َ ََ‬ ‫و‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ذلكَ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫؟‬ ‫ر‬ ‫ْ‬
‫ز‬ ‫و‬
‫َ ِ‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫ِي‬ ‫ف‬ ‫عليه‬ ‫كانَ‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ام‬ ‫َح َر‬

‫‪6‬‬
‫والذي يوضع هو المني‪ ،‬يضعه الرجل في رحم المرأة‪ ،‬ولهذا عدل الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم عن قوله‪( :‬أرأيتم لو أتى) ما قال‪ :‬ويأتي أحدكم شهوته‪ ،‬فعدل عن ذلك إلى الوضع‪،‬‬
‫وعلى هذا فنزول المني بشهوة مفطر للصائم‪.‬‬
‫وأما تقبيل المرأة ‪-‬ولو بشهوة‪ -‬أو المذي ‪-‬ولو عمدًا‪ -‬فإنه ال يفطر الصائم‪ ،‬ألن ذلك لم يثبت‬
‫عن النبي عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫واألصل‪ :‬أن الصوم صحيح حتى يثبت بطريق شرعي أنه فاسد‪.‬‬
‫ولهذا لو قال لنا قائل‪ :‬هذا الشيء يفطر‪ ،‬ماذا نقول له؟‬
‫نقول هات الدليل‪ ،‬وإال لكان كل واحد ال يروق له الشيء يقول هذا مفطر‪.‬‬
‫ضا المفطرات الثمانية عامة‪ ،‬أما خروج دم الحيض والنفاس فهذا خاص‬ ‫وهذه أي ً‬
‫بالمرأة‪ ،‬إذا خرج منها دم الحيض ولو قبل الغروب بدقيقة فإنها تفطر أو النفاس‪ ،‬وأما إذا‬
‫خرج دم الحيض بعد الغروب ولو بلحظة فإنها ال تفطر ‪. .‬‬

‫وهذه المفطرات أيضا ال تفطر إال بشروط ثلثة‪:‬‬


‫الشرط األول‪ :‬العلم‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬الذكر‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬االختيار‪.‬‬
‫‪ -‬األول‪ :‬ضد العلم الجهل‪ ،‬فلو أكل اإلنسان يظن أن الفجر لم يطلع ثم تبين له أنه طالع فل‬
‫يفطر وصيامه صحيح؛ ألنه ما علم أن الفجر طالع‪ ،‬ولو كانت السماء غي ًما وغلب على‬
‫ظنه أن الشمس غربت وأكل وشرب ثم تبين أنها لم تغرب فصيامه صحيح؛ ألنه ليس‬
‫بعالم‪ ،‬ما علم أن النهار قد بقي‪ ،،‬وكذلك إذا كان ناسيًا فإنه ال يفطر والنسيان ضد ماذا؟‬
‫‪ -‬الثاني‪ :‬الذكر‪ ،‬ضده النسيان فلو أكل أو شرب ناسيًا فصومه صحيح لحديث أبي هريرة‬
‫رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم‬
‫(‪)1‬‬
‫صومه فإنما أطعمه هللا وسقاه"‬
‫الثالث‪ :‬أن يكون مريدًا‪ ،‬يعني مريدًا لما فعل فإن كان مكرهًا كما لو أكره الرجل زوجته‬
‫على الجماع وجامعها وهي صائمة فإن صومها صحيح‪.‬‬
‫‪ -‬ال يفطر البخور ولكن ال تستنشقه‪.‬‬

‫(‪)1‬متفق عليه‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ هل كان النبي عليه الصالة والسالم يأمر الصحابة بترائي‬
‫الهالل لشهر رمضان؟ وهل يشرع لنا أن نخرج لرؤيته؟ ومتى يكون ذلك؟‬
‫ج‪ :‬أما في عهد النبي عليه الصلة والسلم فالناس يتراءونه كما في حديث ابن عمر رضي‬
‫هللا عنه قال‪( :‬تراءى الناس الهلل فأخبرت النبي صلى هللا عليه وسلم أني رأيته فصامه‬
‫(‪)1‬‬
‫وأمر الناس بصيامه)‬
‫لكن كان ابن عمر رضي هللا عنه يبعث من ينظر إلى الهلل‪ ،‬وهذا يدل على أن ترائي‬
‫الهلل من األمور التي كان السلف يفعلونها وقد أقر النبي صلى هللا عليه وسلم الصحابة‬
‫على ترائي الهلل‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول فضيلة الشيخ ذكر النبي صلى هللا عليه وسلم في الحديث الذي أشرتم إليه "أنه‬
‫(‪)2‬‬
‫من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"‬
‫فما المراد بهذه الذنوب التي تغفر؟ هل الصغائر والكبائر؟ وهل من توضيح ‪-‬وفقك هللا‪-‬‬
‫كثيرا من الناس ربما يجهل معنى‬
‫ً‬ ‫آلخر الحديث‪ ،‬وهو قوله‪" :‬إيمانًا واحتسابًا"؟ فإن‬
‫اإليمان واالحتساب‪.‬‬
‫ج‪ :‬أما الفقرة األولى من السؤال وهو‪ :‬هل المغفرة هنا تشمل جميع الذنوب؟‬
‫نقول‪ :‬إن أحسن ما يفسر به كلم النبي صلى هللا عليه وسلم هو كلم النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وقد قال النبي عليه الصلة والسلم‪( :‬الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة‬
‫(‪)3‬‬
‫ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)‬
‫فدل ذلك على أن الصيام ال يُكفر الكبائر؛ ألن الكبائر ال بد فيها من توبة خاصة‪ ،‬وإذا كانت‬
‫الصلة ‪-‬وهي أعظم من الصوم‪ -‬ال تكفر إال إذا اجتنبت الكبائر فالصوم من باب أولى‪.‬‬
‫وأما معنى قوله‪" :‬إيمانًا واحتسابًا"‬
‫فإن معنى قوله‪( :‬إيمانًا) أي‪ :‬إيمانًا بفرضية هللا تعالى لهذا الصوم وبأنه كتبه على عباده‪.‬‬
‫انتظارا للثواب المرتب عليه يعني‪ :‬أنه يفعله ويحتسب به‬
‫ً‬ ‫وأما قوله‪( :‬احتسابًا) فالمعنى‪:‬‬
‫على هللا كأنه يريد العوض من هللا عز وجل‪ ،‬وأكثرنا ‪-‬نسأل هللا أن يعاملنا بالعفو‪ -‬نغفل‬
‫عن هذا األمر‪ ،‬يعني نغفل عن كوننا نصوم لنؤدي هذه الفريضة‪ ،‬وعن كوننا نصوم لننال‬
‫األجر والثواب‪ ،‬أكث ر ما يقع في قلوبنا عند الصوم أننا نصوم لنسقط الفريضة هذا أكثر ما‬
‫يقع عندنا‪.‬‬
‫_____________________________________________________‬
‫(‪ )1‬أخرجه أبوداوود في صحيحه وصححه األلباني‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه مسلم‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أخرجه الشيخان‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫س‪ :‬يقول السائل‪ :‬فضيلة الشيخ جاء في اإلعالن حال السلف في رمضان‪ ،،‬وحال الخلف‬
‫اليوم لعلك ال تطلع على ما يطلع عليه الشباب‪ ،‬فإن الكثير من الشباب قد نصب شباك‬
‫الطائرة (كرة الطائرة) الستقبال شهر رمضان‪ ،‬والبعض اآلخر قد أعد دشوشه للسهر مع‬
‫أصحابه في األحواش وغيره‪ ،‬وكذلك ال يخفى عليك حال النساء‪ ،‬وحال البيوت في‬
‫المسلسالت التي إلى قريب السحر تُشغل الناس وتُفسد عليهم عبادتهم فما توجيهك ‪-‬وفقك‬
‫هللا‪ -‬وما المقارنة بين حال الخلف والسلف؟‬
‫ج‪ :‬قال بعض الوعاظ‪ :‬يا هذا بين حالك وحالهم كما بين وقتك وأوقاتهم‪ ،‬ومعلوم أن بيننا‬
‫وبين وقت السلف كم قرنا؟‬
‫أربعة عشر قر ًنا أو قل ثلثة عشر قرنًا‪ ،،‬فالمسافة طويلة وبعيدة لكن‪-‬والحمد هلل‪ -‬يوجد‬
‫اآلن شباب طيب ينظر إلى حال السلف من قُرب‪ ،‬ويتتبع خطواتهم‪ ،‬ويقوم بما يلزمه أو‬
‫يستطيع من توجيه الناس‪.‬‬
‫ونصيحتي لهؤالء اإلخوة أن يتقوا هللا عز وجل في أنفسهم وأن ينتهزوا هذه الفرصة‬
‫العظيمة ‪-‬فرصة موسم الخيرات‪ ،‬شهر رمضان‪ -‬حتى يكونوا كرسول هللا صلى هللا عليه و‬
‫سلم وأصحابه‪ ،‬وأما ما يرى من هذه الدشوش أو من غيرها من األمور المنكرة فإن‬
‫الواجب كفه وغض البصر عنه‪ ،‬ولعل شهر رمضان يكون مأدبة للخير‪ ،‬ويكون حماية عن‬
‫مثل ألن المدخن لن يشرب في النهار وإذا‬ ‫الشر‪ ،‬ربما يكون سببًا لإلقلع عن التدخين ً‬
‫تصبَّر في الليل حتى يطلع الفجر وبقي على ذلك ثلثين ليلة أو تسع وعشرين ليلة فإنه‬
‫ضا إذا أقبل على الطاعات وترك‬ ‫سوف يُقلع عن التدخين بإذن هللا عز وجل‪ ،‬وكذلك أي ً‬
‫المحرمات فإنه سيكون هذا مأدبة خير له‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫س‪ :‬يقول فضيلة الشيخ‪ :‬أمر كثر التنبيه عليه‪ ،‬ولكن ال ندري هل يتغافل الناس أو‬
‫يتجاهلون؟ وهو أن بعض الناس يتسحر إلى أذان الفجر‪ ،‬ثم يضع أمامه ما ًء حتى يقوم‬
‫آخر مؤذن باألذان ثم يشرب هذا الماء والمؤذن يؤذن عامدا ً متعمداً‪ ،‬فهل صيامه صحيح؟‬
‫وما رأيك في هذا التساهل؟‬
‫ج‪ :‬الواقع أن الجواب على هذا السؤال ينبني على أذان المؤذنين‪ ،‬هل المؤذنون يؤذنون‬
‫على طلوع الفجر؟! بمعنى أنهم يقولون‪ :‬نحن نشاهد الفجر؟‬
‫الجواب‪ :‬ال‪ ،‬لكنه على حسب التوقيت‪.‬‬
‫ومع هذا نقول‪ :‬ال تتهاون‪ ،‬متى أذن المؤذن فأمسك‪.‬‬
‫والفرق بين أول مؤذن وآخر مؤذن ال يتجاوز عشر دقائق‪ ،‬وهل يضرك إذا أضفت إلى‬
‫يومك عشر دقائق؟! فكونك تتعمد أن تؤخر السحور إلى هذه المدة ثم إذا بدأ المؤذنون‬
‫ذهبت تتسحر لتنتظر آخر واحد منهم!‬
‫كثيرا‪ ،‬فعليك باالحتياط‪،‬‬
‫ً‬ ‫ضا يتأخر‬
‫أخشى أن يكون في هذا تهاون؛ ألن بعض المؤذنين أي ً‬
‫والتوقيت الموجود اآلن حسب ما بلغنا من أهل الخبرة يقولون‪ :‬إنه فيه تقديم خمس دقائق‬
‫لتوقيت الفجر خاصة‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ ذكر النبي صلى هللا عليه وسلم في ترتيب ما يفطر عليه‬
‫الصائم‪ :‬الرطب‪ ،‬ثم التمر‪ ،‬ثم الماء‪.‬‬
‫فهل يعتبر ما يكون من تمرنا في (الفريزرات) رطبا ً أو تمراً؟ أو أن الرطب هو الجديد؟‬
‫ثم أمر آخر أريد أن تنبه عليه وهو ‪-‬وفقك هللا‪ -‬أن بعض الناس يكثر من الطعام قبل‬
‫صالة العشاء والتراويح ثم يعجز عن صالة التراويح بسبب ملئه لبطنه فأرجو منك‬
‫التنبيه‪ ،‬وفقك هللا‪...‬‬
‫ج‪ :‬أما األول فنقول‪ :‬إن الرطب رطب سواء كان جديدا ً وأكل في وقته‪ ،‬أو أنه ُخبئ حتى‬
‫يأتي وقت أكله‪ ،‬فالذي يكون في الفريزر يعتبر من الرطب‪.‬‬
‫وأما قوله‪" :‬إن بعض الناس يمأل بطنه من العشاء ثم يحضر إلى صلة العشاء والتراويح‬
‫وهو عاجز عن حمل بطنه"‬
‫فنقول‪ :‬إن السنة أال يزيد اإلنسان على ثلث للطعام‪ ،‬وثلث للشراب‪ ،‬والثالث للنفس‪ ،‬قال‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه‪ ،‬فإن كان ال محالة‪ :‬فثلث‬
‫لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)(‪ )1‬أعاذنا هللا وإياكم من الشره الذي يمأل البطون‪ ،‬ورزقنا‬
‫وإياكم االقتصار على ما فيه المنفعة والمصلحة‪ ،‬وأحثكم على أال تمألوا بطونكم ملئًا دائماً‪،‬‬
‫أما أحيانا ً فل بأس بذلك؛ ألن أبا هريرة رضي هللا عنه جرى منه مع الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم نحو ذلك (فإن أبا هريرة كان فقيرا ً‪ ،‬وكان أحيانا ً يقوم ويسقط من الجوع‪ ،‬وفي يوم‬
‫من األيام حصل منه ذلك‪ ،‬فخرج الناس من المسجد فقال لبعض الصحابة ما تقول في قوله‬
‫تعالى‪( :‬وذكر آية) يعني يريد أن يخبره عنها‪ ،‬ويقول أبو هريرة أنا ال أريد أن يعلمني‬
‫اآلية‪ ،‬لكن أقول لعله يقول‪ :‬امش معي للبيت‪ ،‬وال حصل‪ ،‬إال النبي عليه الصلة والسلم لما‬
‫__________________________________________________‬
‫(‪ )1‬أخرجه الترمذي (‪ ،)2380‬والنسائي في ((السنن الكبرى)) (‪ ،)6769‬وابن ماجه (‪ ،)3349‬وأحمد (‪)17186‬‬
‫قمن صلبه فإن كان ال محالة فثلث لطعامِ ه وثلث‬
‫ابن آدم أكالت ي ْ‬
‫شرا من بطنِه حسْب ِ‬
‫ولفظ أحمد (ما مأل ابن آدم وعاء ًّ‬
‫لشرا ِبه وثلث لنفسِه)‬

‫‪10‬‬
‫مر به عرف ما في وجهه‪ ،‬ثم طلب منه عليه الصلة والسلم أن يتبعه إلى البيت فجيء‬
‫ع لي من‬‫إلى النبي صلى هللا عليه وسلم بلبن (لبن معروف) قال له ‪-‬أي ألبي هريرة‪" :-‬اد ُ‬
‫في الصفة" ‪-‬الصفة حجرة في المسجد النبوي يأوي إليها الفقراء الذين يهاجرون من مكة‪-‬‬
‫ع لي من في الصفة‪ ،‬وهو وعاء ‪-‬إناء‪ -‬قلت‪ :‬كيف سيشربون هذا وأبقى‬ ‫يقول‪ :‬فلما قال‪ :‬اد ُ‬
‫أنا جائع؟! ولكن يقول‪ :‬قلت ال بد لي من امتثال أمر الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فذهب‬
‫ودعا أهل الصفة‪ ،‬وجاءوا وشربوا كلهم‪ ،‬ثم قال النبي عليه الصلة والسلم‪" :‬اشرب"‬
‫يقول‪ :‬فشربت‪ ،‬واللبن لم ينقص‪ ،‬فشربت‪ ،‬ثم قال‪" :‬اشرب أبا هر"‪ ،‬فشرب‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫"اشرب"‪ ،‬فقلت‪ :‬وهللا يا رسول لم اجد له مساغا ً‪ ،‬أين يذهب؟ ‪-‬يعني امتأل بطنه‪ ،-‬فأقره‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم على ذلك)(‪ .)1‬قال العلماء‪ :‬في هذا دليل على أنه ال بأس أن يمأل‬
‫اإلنسان بطنه أحيانا ً‪ .‬ولكن ال تأخذوا هذا على أن تجعلوا كل عشاء وغداء قصة أبي‬
‫هريرة‪ ،‬ال تعتمدوها‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول فضيلة الشيخ‪ :‬ما حكم من يفطر ويمسك على التقويم دون أن يتأنى؟ وما هو‬
‫الضابط في ذلك؟ وهل سيكون لكم تقويم في هذا العام كما هي األعوام السابقة؟‬
‫ج‪ :‬التمشي على التقويم هو في الحقيقه تمش على الحساب؛ ألن الذي وضع التقويم وضعه‬
‫قبل أن يشاهد الشمس قد غابت‪ ،‬أو الفجر قد طلع في رمضان فهو مبني على الحساب‬
‫تماما ً‪.‬‬
‫فإذا كان األمر الواقع يخالف ما في هذا التقويم فإنه ال يجوز أن يعتمد على ما في التقويم‪،‬‬
‫مثلً لو قال‪ :‬تغرب الشمس الساعة الخامسة والنصف (‪ )٥:٣٠‬ونحن نشاهد الشمس لم‬
‫تغرب‪ ،‬فإنه ال يجوز الفطر‪ ..‬لماذا؟‬
‫ألن هذا التقويم مبني على الحساب وليس مبنيًا على المشاهدة قطعا ً‪ ،‬ليس مبنيًا على‬
‫المشاهدة؛ ألنه لم يشاهد الشمس حين غروبها‪ ،‬وال الفجر حين طلوعه‪.‬‬
‫وأما ما سأله من أنه سيكون لي تقويم؟ فنعم‪ .‬نحن نكتب كل ما أقبل شهر رمضان‪ ،‬نكتب‬
‫تقويما ً نوزعه على من أراده‪ .‬وهو موجود في جمعية تحفيظ القرآن‪.‬‬

‫(‪)1‬أخرجه البخاري في صحيحه ولفظه (أن أبا هريرة كان يقول أهلل الذي ال إله إال هو إن كنت ألعتمد بكبدي على‬
‫األرض من الجوع وإن كنت ألشد الحجر على بطني من الجوع ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه فمر أبو‬
‫بكر فسألته عن آية من كتاب هللا ما سألته إال ليشبعني فمر ولم يفعل ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب هللا ما سألته‬
‫إال ليشبعني فمر فلم يفعل ثم مر بي أبو القاسم صلى هللا عليه وسلم فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي‬
‫ثم قال يا أبا هر قلت لبيك يا رسول هللا قال الحق ومضى فتبعته فدخل فاستأذن فأذن لي فدخل فوجد لبنا في قدح فقال من‬
‫أين هذا اللبن قالوا أهداه لك فالن أو فالنة قال أبا هر قلت لبيك يا رسول هللا قال الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي‬
‫قال وأهل الصفة أضياف اإلسالم ال يأوون إلى أهل وال مال وال على أحد إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها‬
‫شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها فساءني ذلك فقلت وما هذا اللبن في أهل الصفة كنت أحق أنا‬
‫أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها فإذا جاء أمرني فكنت أنا أعطيهم وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ولم يكن من‬
‫طاعة هللا وطاعة رسوله صلى هللا عليه وسلم بد فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت قال‬
‫يا أبا هر قلت لبيك يا رسول هللا قال خذ فأعطهم قال فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي‬
‫القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم وقد روي القوم كلهم فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم فقال أبا هر قلت لبيك يا رسول هللا‬
‫قال بقيت أنا وأنت قلت صدقت يا رسول هللا قال اقعد فاشرب فقعدت فشربت فقال اشرب فشربت فما زال يقول اشرب‬
‫حتى قلت ال والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا قال فأرني فأعطيته القدح فحمد هللا وسمى وشرب الفضلة)‬

‫‪11‬‬
‫س‪ :‬يقول فضيلة الشيخ بعض األهل عندنا كانوا يأكلون بعد أذان الفجر‪ ،‬لما ذكرت لهم ذلك‬
‫قالوا‪ :‬ما فيه شي إلى غير ذلك‪ ،‬فما حكم األمر هنا؟‬
‫ج‪ :‬ما فيه شي! ليش ما فيه شي؟! قل‪ :‬أجل كلوا الضحى وقولوا‪ :‬ما فيه شي!‬
‫كلمة ما فيه شي هذه ليست حجة‪ ،‬لكن نعم لو قالوا‪ :‬ما طلع الفجر‪ ،‬مثل‪ :‬أن يكونوا في البر‬
‫وليس حولهم أنوار‪ ،‬فقالوا‪ :‬لم نشاهد الفجر‪ ،‬ما طلع‪ ،‬ألن بعض الناس اآلن يشككون في‬
‫التقويم الموجود بين أيدي الناس ويقولون‪ :‬إنه متقدم على طلوع الفجر‪ .‬ونحن خرجنا برا ً‬
‫وليس حولنا أنوار ورأينا الفجر تأخر‪ .‬حتى بالغ بعضهم وقال إنه يتأخر ثلث ساعة‪ ،‬لكن‬
‫هذا الظاهر أنه ال يصح‪.‬‬
‫الظاهر أن التقويم الذي بين أيدي الناس اآلن ‪-‬وهو تقويم أم القرى‪ -‬فيه تقديم خمس دقائق‬
‫في الفجر خاصة‪.‬‬
‫فلو أكلت وهو يؤذن فل حرج إال إذا كان المؤذن يحتاط ويتأخر‪ ،‬ألن بعض المؤذنين‬
‫خيرا‪ -‬يحتاطون وال يؤذنون إال بعد خمس دقائق من التوقيت الموجود اآلن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪-‬جزاهم هللا‬
‫وهذه المسألة مسألة خطيرة‪ .‬وبعض جهال المؤذنين يتقدمون في آذان الفجر زعما ً منهم أن‬
‫هذا أحوط للصوم‪ ،‬لكنهم ينسون أنهم يهملون ما هو أشد من الصوم وهو صلة الفجر ألنه‬
‫ربما يصلي أحد قبل الوقت‪ ،‬واإلنسان إذا صلى قبل الوقت ولو بتكبيرة اإلحرام ما صحت‬
‫صلته‪ ،‬ثم هم يقولون‪ :‬نحن نحتاط‪ .‬نقول تحتاطون أكثر مما احتاط هللا للعباد! إن هللا‬
‫ض ِمنَ ْال َخي ِْط األَس َْو ِد ِمنَ ْالفَجْ ِر}(‪ )1‬حتى يتبين الفجر‪،‬‬ ‫يقول‪َ {:‬حتَّى يَتَبَيَّنَ لَ ُك ُم ْال َخ ْي ُ‬
‫ط األ َ ْبيَ ُ‬
‫حتى التعبير ليس يقول حتى يطلع الفجر حتى يتبين ‪ ،‬فأنتم اآلن إذا أذنتم ومنعتم عباد هللا أن‬
‫يأكلوا ويشربوا في هذه اللحظة‪ ،‬معناه أنكم حرمتم الناس ما أباح هللا لهم‪ ،‬فيكون عليهم إثم‬
‫من هذه الناحية أيضا ً‪ ،‬حتى لو فُرض أن الناس تمهلوا ولم يصلوا من حين األذان فعليهم إثم‬
‫من جهة أنهم منعوا عباد هللا ما أحل هللا لهم‪ ،‬فالجهل مشكلة‪ ،‬الجهل داء قاتل‪.‬‬
‫فبعض الناس يكون جاهلً وينظر بعين األعور‪ ،‬األعور يرى من جانب واحد والجانب‬
‫الثاني مهمل‪ ،‬ما يشوف‪ ،‬وهذا غلط‪ ،‬غلط عظيم‪ ،‬ولذلك يجب على طلبة العلم أن ينبهوا‬
‫الناس على هذه المسألة‪ ،‬وخصوصا ً المؤذنين‪ .‬ونقول‪ :‬اتقوا هللا بعباد هللا‪ ،‬كيف تؤذنون قبل‬
‫الفجر‪ ،‬تمنعون عباد هللا ما أحل هللا لهم؟! ربما يكون اإلنسان توه قائم من النوم وعطشان‬
‫ويريد أن يشرب‪ ،‬ولكن لورعه وتقواه لما سمع المؤذن أمسك‪ ،‬والمؤذن يؤذن قبل الفجر‬
‫زع ًما منه أن هذا هو االحتياط‪ ،‬فيحرم هذا الرجل المسكين‪.‬‬
‫واالحتياط ليس أن تتبع األشد‪ ،‬االحتياط الحقيقي هو أن تتبع ما جاءت به الشريعة‪.‬‬

‫(‪)1‬البقرة (‪)187‬‬

‫‪12‬‬
‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ أشرت ‪-‬وفقك هللا‪ -‬إلى الرجل الذي يكره زوجته على الفطر‪ ،‬فما‬
‫الحكم إذا كان الرجل مع زوجته في سفر فأفطر الرجل وصامت المرأة‪ ،‬فهل إذا أمرها‬
‫الرجل هل تطيعه أم ال؟ وهل هناك تحديد للسفر؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت المرأة أوالرجل مسافرين فإن الصوم في حقهما ليس بلزم‪ .‬فيجوز لهما‬
‫الفطر‪ ،‬وعلى هذا فلو طلب الرجل من أهله التمتع وهما مسافران فل حرج عليهما أن يقوما‬
‫بهذا‪ ،‬وإذا طلب الرجل من زوجته وهي صائمة وهو مفطر أن تمكنه من نفسها وجب‬
‫عليها أن تمكنه من نفسها ألن األمر واسع؛ لكن ال ينبغي للزوج أن يفعل ذلك لما في ذلك‬
‫من الغضاضة عليها‪ ،‬وربما يحصل في نفسها كراهة للزوج فيكون في هذا سوء عاقبة‪.‬‬
‫إنما من حيث األصل له أن يقول لزوجته أنها تفعل ذلك‪ ،‬يعني أنه يريد منها ما يريد‬
‫الرجل من امرأته‪.‬‬
‫ثم إنا نقول‪ :‬الزوجة مع زوجها في السفر ال تصوم إال بإذنه؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫قال‪ :‬ال يحل المرأة أن تصوم وزوجها شاهد إال بإذنه‪.‬‬

‫س‪ :‬فضيلة الشيخ نظرت إلى امرأة بشهوة فخرج مني مذي فهل يبطل صومي ويجب‬
‫مأجورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫علي القضاء؟ وهل نظري ذلك آثم عليه؟ أجبني‬
‫ج‪ :‬أما إذا كانت المرأة زوجتك فلست بآثم عليه‪ ،‬حتى لو خرج المذي فإنه ال يفسد‬
‫صومك‪ ،‬أما إذا كانت المرأة غير زوجتك فإنك آثم في ذلك‪ ،‬وصومك ناقص ولكنه ال يفسد‪.‬‬
‫ألن القول الراجح أن المذي ال يفسد الصوم حتى وإن كان من تكرار النظر‪.‬‬
‫ولكني أحذر هذا السائل وغيره من النظر إلى النساء؛ ألن النظر سهم مسموم من سهام‬
‫إبليس فمتى أصيب به اإلنسان ‪-‬والعياذ باهلل‪ -‬فإنه يقتله نسأل هللا السلمة‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ ذكرتم المفطرات فهل البخاخ أو األكسجين الذي يدخل رئة‬
‫المريض يعتبر مفطرا؟‬
‫ج‪ :‬الظاهر أنه ليس بمفطر ألن هذا ال يصل إلى المعدة وال يحصل به من التغذية ما‬
‫يحصل بالطعام والشراب فل فطر فيه؛ لكن ال ينبغي لإلنسان أن يستعمله إال عند الضرورة‬
‫القصوى التي ال بد منها‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ بالنسبة اللتقاء الذكر مع الفرج الموجب للغسل هل ال بد من‬
‫اإليالج؟ وهل تجوز المباشرة من غير التقاء في رمضان؟ وهل يفطر ذلك أم ال يفطر؟‬
‫ج‪ :‬ال يفطر إال الجماع أو اإلنزال‪ ،‬أما إذا لم يكن جماع وإنما هو مس فقط فهذا ال يفطر ما‬
‫لم يكن إنزاال‪ ،‬وكذلك نقول في الغسل؛ ألن التقاء الختانين اليمكن إال بتغييب الحشفة‪ ،‬أما‬
‫بدون تغييب الحشفة فإنه ال يلتقي الختانان؛ ألن موضع ختان الرجل أعلى الحشفة مما يلي‬
‫قصبة الذكر‪ ،‬وعلى هذا فل يمكن التقاء الختانين إال إذا غييب الحشفة‪ .‬أما مجرد الملمسة‬
‫فإن ذلك ال يوجب الغسل وال يفسد الصوم‪ ،‬لكن يجب على اإلنسان أن يحطاط‪ ،‬إذا كان‬
‫يخشى على نفسه من االندفاع حتى يولج‪ ،‬فإنه ال يعرض صومه للخطر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ أخشى أن يكون عند الناس تساهل في قضية مجامعة الرجل‬
‫لزوجته دون اإليالج‪ ،‬فإنه ال يخفى على فضيلتكم كثرة السؤال أنه وقع على زوجته في‬
‫شهر رمضان‪ ،‬فأرجو زيادة التأكيد والتحريص لإلخوة في عدم قرب الرجل المرأته؛ ألن‬
‫عائشة قالت عن النبي صلى هللا عليه وسلم بأنه(أملككم إلربه)‪.‬‬
‫ج‪ :‬ال شك أن هذا جيد‪ ،‬أن اإلنسان الشاب ينبغي له أن يبتعد عما يفسد صومه‪ ،‬وربما يكون‬
‫الشاب ال يملك نفسه أذا باشر زوجته‪ ،‬وإذا كان يخشى على نفسه من ذلك فإنه يجب عليه‬
‫االمتناع كما بيناه آنفا‪.‬‬
‫وقد قال عمر بن أبي سلمة ‪-‬وهو ربيب النبي صلى هللا عليه وعلى آله وسلم‪( -‬يسأل عن‬
‫الصائم يُقَّ ِبل‪ ،‬فقال‪ :‬سل هذه ‪-‬يعني أم سلمة رضي هللا عنها‪ -‬فسألها‪ ،‬فقالت‪ :‬كان النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم يقبل وهو صائم‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول هللا إن هللا قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما‬
‫تأخر‪ ،‬قال‪(:‬إني ألرجو أن أكون أخشاكم هلل ‪-‬أو قال إني أخشاكم هلل‪ -‬وأعلمكم به))(‪.)1‬‬
‫وهذا يدل على أن هذا الفعل ال ينافي خشية هللا‪ ،‬ولكن إذا كان اإلنسان يخشى على نفسه من‬
‫أن يندفع حتى يجامع فإنه يجب عليه في هذه الحال أن يمتنع عن المباشرة‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ ما حكم من أنزل وهو نائم في شهر رمضان هل يكمل صومه أو‬
‫يفطر؟‬
‫ج‪ :‬يكمل صومه؛ ألنه غير مختار‪ ،‬فاإلنسان إذا احتلم وهو صائم ‪-‬ولو أنزل‪ -‬فصومه‬
‫صحيح‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ ذكرتم الدليل على تحريم الحجامة بقوله (أفطر الحاجم‬
‫والمحجوم)(‪ )2‬فما الجواب عن فعل النبي صلى هللا عليه وسلم أنه احتجم ولم يفطر؟‬
‫ج‪ :‬الجواب عن ذلك من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن حديث ابن عباس (احتجم النبي صلى هللا عليه وآله وسلم وهو صائم)‬
‫ضعفه اإلمام أحمد رحمه هللا ووافقه عليه شيخ اإلسلم ابن تيمية‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬أنه يحتمل أن يكون ذلك قبل النهي عن الحجامة‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬أن من القواعد المقررة عند أهل العلم أنه إذا تعارض فعل النبي صلى هللا عليه وعلى‬
‫آله وسلم وقوله؛ فالمقدم قوله‪ ،‬فيكون قوله‪ :‬أفطر الحاجم والمحجوم مقدما على فعله‪.‬‬
‫ربما نزيد راب ًعا‪:‬أن حديث ابن عباس احتجم وهو صائم قد يكون النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫احتجم وهو صائم في السفر‪ ،‬والصائم في السفر يجوز أن يفطر ولو بل ضرورة‪.‬‬
‫ثم أنه ليس في الحديث دليل على أنه قضى أم لم يقض‪ .‬وإن كان السكوت عن القضاء يدل‬
‫على عدم القضاء؛ لكن األوجه الثلثة التي سبقت تدل على أنه ال معارضة بين فعل‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم وقوله‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم بلفظ قريب‪.‬‬


‫(‪ ) 2‬أخرجه أحمد وأبو داوود وابن ماجه والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم في المستدرك على الصحيحين‪.‬‬

‫صائِم)‪.‬‬ ‫صلَّى هللاُ عليه وسلَّ َم احْ ت ََج َم وهو ُم ِ‬


‫حْرم‪ ،‬واحْ ت ََج َم وهو َ‬ ‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في صحيحه ولفظه (أنَّ النب َّ‬
‫ي َ‬

‫‪14‬‬
‫س‪ :‬يقول فضيلة الشيخ ابتليت باالختالط باألجنبيات في رمضان بحكم عملي‪ ،‬فأنا أعمل‬
‫في عمل يكثر فيه االختالط‪ ،‬فما حكم تحدثي مع تلك األجنبيات سواء في رمضان أو غيره‬
‫أمرا معتادًا من تحية أوغيره؟‬ ‫سواء مما كانت تستلزمه طبيعة العمل أو مما كان ً‬
‫ج‪ :‬الواجب على هذا األخ السائل أن يغض بصره عن النظر بكل حال لقوله تعالى‪( :‬قُ ْل‬
‫ار ِه ْم َويَحْ فَظُوا فُ ُرو َج ُه ْم ۚ ذَلِكَ أ َ ْز َكى لَ ُه ْم ۗ إِ َّن َّ َ‬
‫اَّلل َخبِير بِ َما‬ ‫ص ِ‬‫ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ يَغُضُّوا ِم ْن أ َ ْب َ‬
‫(‪)1‬‬
‫صنَ ُعونَ )‬
‫َي ْ‬
‫أما المحادثة‪ ،‬فالمحادثة ال بأس بها إذا كانت طبيعة العمل تقتضيها‪ ،‬وأما الزائدة فل‪ .‬وشرط‬
‫آخر‪ :‬أال تخضع المرأة في القول‪ ،‬فإن خضعت في القول بحيث تلينه حتى تفتن الرجل فهذا‬
‫حرام‪.‬‬
‫كذلك شرط ثالث أال يحس اإلنسان من نفسه أنه يتمتع بهذه المخاطبة‪ ،‬أو أن شهوته تثور‪،‬‬
‫ففي هذه الحال يجب عليه االمتناع‪.‬‬

‫س‪:‬هل المسواك الحار أو الذي فيه نكهة نعناع يفطر؟ وما حكم النخامة إذا بلعها اإلنسان‬
‫سواء كان عامدًا أو غير عامد؟ وماذا يفعل إذا جاءته في الصالة؟‬
‫ج‪ :‬المسواك الذي له طعم سواء طعم نعناع أو ليمون أو غير ذلك إذا ابتلع هذا الطعم عمدًا‬
‫فسد صومه‪ ،‬وأما إذا كان غير عمد فإنه ال يفسد‪ ،‬لكن ينبغي لإلنسان أن يتجنب هذا النوع‬
‫ضا ينبغي أن نسأل األطباء هل هذا المسواك المنعنع أو‬ ‫من المسواك في حال الصوم‪ ،‬ثم أي ً‬
‫الذي وضع فيه الليمون أو غيره هل هو يؤثر على اللثة واألسنان أو ال يؤثر‪ .‬ألني أخشى‬
‫أن يكون له رد فعل‪ ،‬فل بد أن يسأل األطباء قبل أن يستعمله‪ ،‬والبد أن يتجنبه إذا كان له‬
‫طعم وال يمكنه التحرز منه‪.‬‬

‫أما بالنسبة للنخامة فالنخامة إذا كانت من الرأس إلى الصدر فإنه ال ينبغي له أن يحاول‬
‫إخراجها ألنه لو حاول إخراجها ربما يتقيء بل يدعها تذهب‪.‬‬
‫أما إذا وصلت إلى الفم ثم ابتلعها فقد قال بعض العلماء إن صومه يفسد‪.‬‬
‫وقال بعض العلماء إن صومه ال يفسد ألنه لم يدخل إلى جوفه طعاما وال شرابا؛ لكن‬
‫التحرز منها أولى‪ ،‬حتى إن بعض العلماء قال إن بلع النخامة سواء في صيام أو غير‬
‫صيام حرام ألنها مستقذرة‪.‬‬
‫أما إذا أتت اإلنسان ووصلت إلى فمه وهو في الصلة فإنه ال يبتلعها فإن كان معه مناديل‬
‫فليلقها في المناديل‪ ،‬وإن لم يكن معه مناديل فليبصق تحت قدمه أو عن يساره‪ ،‬فإن كان في‬
‫مسجد مفروش فل بد من أن يبصق في منديل أو في طرف ثوبه ويحك بعضه ببعض‪.‬‬
‫وال يمكن أن يبصق على أرض المسجد؛ ألن ذلك يلوث األرض ويوجب تقزز الناس من‬
‫رؤية هذه النخامة على بساط المسجد‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة النور(‪)30‬‬

‫‪15‬‬
‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ أشرت ‪-‬وفقك هللا‪ -‬إلى الرجل الذي يكره زوجته على الفطر‪ ،‬فما‬
‫الحكم إذا كان الرجل مع زوجته في سفر فأفطر الرجل وصامت المرأة‪ ،‬فهل إذا أمرها‬
‫الرجل هل تطيعه أم ال؟ وهل هناك تحديد للسفر؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت المرأة أوالرجل مسافرين فإن الصوم في حقهما ليس بلزم‪ .‬فيجوز لهما‬
‫الفطر‪ ،‬وعلى هذا فلو طلب الرجل من أهله التمتع وهما مسافران فل حرج عليهما أن يقوما‬
‫بهذا‪ ،‬وإذا طلب الرجل من زوجته وهي صائمة وهو مفطر أن تمكنه من نفسها وجب‬
‫عليها أن تمكنه من نفسها ألن األمر واسع؛ لكن ال ينبغي للزوج أن يفعل ذلك لما في ذلك‬
‫من الغضاضة عليها‪ ،‬وربما يحصل في نفسها كراهة للزوج فيكون في هذا سوء عاقبة‪.‬‬
‫إنما من حيث األصل له أن يقول لزوجته أنها تفعل ذلك‪ ،‬يعني أنه يريد منها ما يريد‬
‫الرجل من امرأته‪.‬‬
‫ثم إنا نقول‪ :‬الزوجة مع زوجها في السفر ال تصوم إال بإذنه؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫قال‪ :‬ال يحل المرأة أن تصوم وزوجها شاهد إال بإذنه‪.‬‬

‫س‪ :‬فضيلة الشيخ نظرت إلى امرأة بشهوة فخرج مني مذي فهل يبطل صومي ويجب‬
‫مأجورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫علي القضاء؟ وهل نظري ذلك آثم عليه؟ أجبني‬
‫ج‪ :‬أما إذا كانت المرأة زوجتك فلست بآثم عليه‪ ،‬حتى لو خرج المذي فإنه ال يفسد‬
‫صومك‪ ،‬أما إذا كانت المرأة غير زوجتك فإنك آثم في ذلك‪ ،‬وصومك ناقص ولكنه ال يفسد‪.‬‬
‫ألن القول الراجح أن المذي ال يفسد الصوم حتى وإن كان من تكرار النظر‪.‬‬
‫ولكني أحذر هذا السائل وغيره من النظر إلى النساء؛ ألن النظر سهم مسموم من سهام‬
‫إبليس فمتى أصيب به اإلنسان ‪-‬والعياذ باهلل‪ -‬فإنه يقتله نسأل هللا السلمة‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ ذكرتم المفطرات فهل البخاخ أو األكسجين الذي يدخل رئة‬
‫المريض يعتبر مفطرا؟‬
‫ج‪ :‬الظاهر أنه ليس بمفطر ألن هذا ال يصل إلى المعدة وال يحصل به من التغذية ما‬
‫يحصل بالطعام والشراب فل فطر فيه؛ لكن ال ينبغي لإلنسان أن يستعمله إال عند الضرورة‬
‫القصوى التي ال بد منها‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ بالنسبة اللتقاء الذكر مع الفرج الموجب للغسل هل ال بد من‬
‫اإليالج؟ وهل تجوز المباشرة من غير التقاء في رمضان؟ وهل يفطر ذلك أم ال يفطر؟‬
‫ج‪ :‬ال يفطر إال الجماع أو اإلنزال‪ ،‬أما إذا لم يكن جماع وإنما هو مس فقط فهذا ال يفطر ما‬
‫لم يكن إنزاال‪ ،‬وكذلك نقول في الغسل؛ ألن التقاء الختانين اليمكن إال بتغييب الحشفة‪ ،‬أما‬
‫بدون تغييب الحشفة فإنه ال يلتقي الختانان؛ ألن موضع ختان الرجل أعلى الحشفة مما يلي‬
‫قصبة الذكر‪ ،‬وعلى هذا فل يمكن التقاء الختانين إال إذا غييب الحشفة‪ .‬أما مجرد الملمسة‬
‫فإن ذلك ال يوجب الغسل وال يفسد الصوم‪ ،‬لكن يجب على اإلنسان أن يحطاط‪ ،‬إذا كان‬
‫يخشى على نفسه من االندفاع حتى يولج‪ ،‬فإنه ال يعرض صومه للخطر‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ أخشى أن يكون عند الناس تساهل في قضية مجامعة الرجل‬
‫لزوجته دون اإليالج‪ ،‬فإنه ال يخفى على فضيلتكم كثرة السؤال أنه وقع على زوجته في‬
‫شهر رمضان‪ ،‬فأرجو زيادة التأكيد والتحريص لإلخوة في عدم قرب الرجل المرأته؛ ألن‬
‫عائشة قالت عن النبي صلى هللا عليه وسلم بأنه(أملككم إلربه)‪.‬‬
‫ج‪ :‬ال شك أن هذا جيد‪ ،‬أن اإلنسان الشاب ينبغي له أن يبتعد عما يفسد صومه‪ ،‬وربما يكون‬
‫الشاب ال يملك نفسه أذا باشر زوجته‪ ،‬وإذا كان يخشى على نفسه من ذلك فإنه يجب عليه‬
‫االمتناع كما بيناه آنفا‪.‬‬
‫وقد قال عمر بن أبي سلمة ‪-‬وهو ربيب النبي صلى هللا عليه وعلى آله وسلم‪( -‬يسأل عن‬
‫الصائم يُقَّ ِبل‪ ،‬فقال‪ :‬سل هذه ‪-‬يعني أم سلمة رضي هللا عنها‪ -‬فسألها‪ ،‬فقالت‪ :‬كان النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم يقبل وهو صائم‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول هللا إن هللا قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما‬
‫تأخر‪ ،‬قال‪(:‬إني ألرجو أن أكون أخشاكم هلل ‪-‬أو قال إني أخشاكم هلل‪ -‬وأعلمكم به))(‪.)1‬‬
‫وهذا يدل على أن هذا الفعل ال ينافي خشية هللا‪ ،‬ولكن إذا كان اإلنسان يخشى على نفسه من‬
‫أن يندفع حتى يجامع فإنه يجب عليه في هذه الحال أن يمتنع عن المباشرة‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ ما حكم من أنزل وهو نائم في شهر رمضان هل يكمل صومه أو‬
‫يفطر؟‬
‫ج‪ :‬يكمل صومه؛ ألنه غير مختار‪ ،‬فاإلنسان إذا احتلم وهو صائم ‪-‬ولو أنزل‪ -‬فصومه‬
‫صحيح‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول‪ :‬فضيلة الشيخ ذكرتم الدليل على تحريم الحجامة بقوله (أفطر الحاجم‬
‫والمحجوم)(‪ )2‬فما الجواب عن فعل النبي صلى هللا عليه وسلم أنه احتجم ولم يفطر؟‬
‫ج‪ :‬الجواب عن ذلك من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الوجه األول‪ :‬أن حديث ابن عباس (احتجم النبي صلى هللا عليه وآله وسلم وهو صائم)‬
‫ضعفه اإلمام أحمد رحمه هللا ووافقه عليه شيخ اإلسلم ابن تيمية‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬أنه يحتمل أن يكون ذلك قبل النهي عن الحجامة‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬أن من القواعد المقررة عند أهل العلم أنه إذا تعارض فعل النبي صلى هللا عليه وعلى‬
‫آله وسلم وقوله؛ فالمقدم قوله‪ ،‬فيكون قوله‪ :‬أفطر الحاجم والمحجوم مقدما على فعله‪.‬‬
‫ربما نزيد راب ًعا‪:‬أن حديث ابن عباس احتجم وهو صائم قد يكون النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫احتجم وهو صائم في السفر‪ ،‬والصائم في السفر يجوز أن يفطر ولو بل ضرورة‪.‬‬
‫ثم أنه ليس في الحديث دليل على أنه قضى أم لم يقض‪ .‬وإن كان السكوت عن القضاء يدل‬
‫على عدم القضاء؛ لكن األوجه الثلثة التي سبقت تدل على أنه ال معارضة بين فعل‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم وقوله‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم بلفظ قريب‪.‬‬


‫(‪ ) 2‬أخرجه أحمد وأبو داوود وابن ماجه والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم في المستدرك على الصحيحين‪.‬‬

‫صائِم)‪.‬‬ ‫صلَّى هللاُ عليه وسلَّ َم احْ ت ََج َم وهو ُم ِ‬


‫حْرم‪ ،‬واحْ ت ََج َم وهو َ‬ ‫(‪ )3‬أخرجه البخاري في صحيحه ولفظه (أنَّ النب َّ‬
‫ي َ‬

‫‪17‬‬
‫س‪ :‬يقول فضيلة الشيخ ابتليت باالختالط باألجنبيات في رمضان بحكم عملي‪ ،‬فأنا أعمل‬
‫في عمل يكثر فيه االختالط‪ ،‬فما حكم تحدثي مع تلك األجنبيات سواء في رمضان أو غيره‬
‫أمرا معتادًا من تحية أوغيره؟‬ ‫سواء مما كانت تستلزمه طبيعة العمل أو مما كان ً‬
‫ج‪ :‬الواجب على هذا األخ السائل أن يغض بصره عن النظر بكل حال لقوله تعالى‪( :‬قُ ْل‬
‫ار ِه ْم َويَحْ فَظُوا فُ ُرو َج ُه ْم ۚ ذَلِكَ أ َ ْز َكى لَ ُه ْم ۗ إِ َّن َّ َ‬
‫اَّلل َخبِير بِ َما‬ ‫ص ِ‬‫ِل ْل ُمؤْ ِمنِينَ يَغُضُّوا ِم ْن أ َ ْب َ‬
‫(‪)1‬‬
‫صنَ ُعونَ )‬
‫َي ْ‬
‫أما المحادثة‪ ،‬فالمحادثة ال بأس بها إذا كانت طبيعة العمل تقتضيها‪ ،‬وأما الزائدة فل‪ .‬وشرط‬
‫آخر‪ :‬أال تخضع المرأة في القول‪ ،‬فإن خضعت في القول بحيث تلينه حتى تفتن الرجل فهذا‬
‫حرام‪.‬‬
‫كذلك شرط ثالث أال يحس اإلنسان من نفسه أنه يتمتع بهذه المخاطبة‪ ،‬أو أن شهوته تثور‪،‬‬
‫ففي هذه الحال يجب عليه االمتناع‪.‬‬

‫س‪:‬هل المسواك الحار أو الذي فيه نكهة نعناع يفطر؟ وما حكم النخامة إذا بلعها اإلنسان‬
‫سواء كان عامدًا أو غير عامد؟ وماذا يفعل إذا جاءته في الصالة؟‬
‫ج‪ :‬المسواك الذي له طعم سواء طعم نعناع أو ليمون أو غير ذلك إذا ابتلع هذا الطعم عمدًا‬
‫فسد صومه‪ ،‬وأما إذا كان غير عمد فإنه ال يفسد‪ ،‬لكن ينبغي لإلنسان أن يتجنب هذا النوع‬
‫ضا ينبغي أن نسأل األطباء هل هذا المسواك المنعنع أو‬ ‫من المسواك في حال الصوم‪ ،‬ثم أي ً‬
‫الذي وضع فيه الليمون أو غيره هل هو يؤثر على اللثة واألسنان أو ال يؤثر‪ .‬ألني أخشى‬
‫أن يكون له رد فعل‪ ،‬فل بد أن يسأل األطباء قبل أن يستعمله‪ ،‬والبد أن يتجنبه إذا كان له‬
‫طعم وال يمكنه التحرز منه‪.‬‬

‫أما بالنسبة للنخامة فالنخامة إذا كانت من الرأس إلى الصدر فإنه ال ينبغي له أن يحاول‬
‫إخراجها ألنه لو حاول إخراجها ربما يتقيء بل يدعها تذهب‪.‬‬
‫أما إذا وصلت إلى الفم ثم ابتلعها فقد قال بعض العلماء إن صومه يفسد‪.‬‬
‫وقال بعض العلماء إن صومه ال يفسد ألنه لم يدخل إلى جوفه طعاما وال شرابا؛ لكن‬
‫التحرز منها أولى‪ ،‬حتى إن بعض العلماء قال إن بلع النخامة سواء في صيام أو غير‬
‫صيام حرام ألنها مستقذرة‪.‬‬
‫أما إذا أتت اإلنسان ووصلت إلى فمه وهو في الصلة فإنه ال يبتلعها فإن كان معه مناديل‬
‫فليلقها في المناديل‪ ،‬وإن لم يكن معه مناديل فليبصق تحت قدمه أو عن يساره‪ ،‬فإن كان في‬
‫مسجد مفروش فل بد من أن يبصق في منديل أو في طرف ثوبه ويحك بعضه ببعض‪.‬‬
‫وال يمكن أن يبصق على أرض المسجد؛ ألن ذلك يلوث األرض ويوجب تقزز الناس من‬
‫رؤية هذه النخامة على بساط المسجد‪.‬‬

‫(‪ )1‬سورة النور(‪)30‬‬

‫‪18‬‬
‫س‪ :‬إذا كان المسافر في رمضان نوى أن يفطر ثم صرف النية عن اإلفطار إلى اإلتمام‪:‬‬
‫إما لعدم وجود الطعام‪ ،‬أو أنه صرف نظره عن اإلفطار فهل يكون صومه تا ًما‪ ،‬أم يكون‬
‫قد أفطر بسبب نيته؟‬
‫ج‪ :‬إذا نوى اإلفطار‪ :‬أي نوى قطع الصوم فإنه ينقطع صومه‪ ،‬وال يمكن أن يعود إلى النية‬
‫من جديد‪.‬‬
‫أما إذا قال‪ :‬إن تيسر لي أكل أكلت أو شرب شربت ولم يتيسر فهو على صيامه‪ ،‬على نيته‬
‫األولى‪ ،‬وبينهما فرق؛ ألن األول قطع قطعًا جاز ًما‪ ،‬والثاني لم يقطع النية وإنما ركبها على‬
‫فعل محظور وهو األكل والشرب ولم يفعله‪.‬‬
‫واألحسن لإلنسان في حال السفر أال ينوي قطع الصوم‪ ،‬إال إذا وصل ً‬
‫مثل إلى الطعام أو‬
‫الشراب ورأى أن األيسر له أن يأكل ويشرب فليفعل‪....‬‬

‫س‪ :‬هذا سؤال مضى اإلجابة عليه ولكن فيه أمر عجيب‪ ،‬يقول فضيلة الشيخ‪ :‬من كان‬
‫عليه قضاء ولم يتمكن من أدائه مع ستة شوال فماذا يفعل؟ فلو كان عليه خمسة أيام‬
‫قضا ًء ولم يبق من الوقت اآلن ما يقضي به هذه الخمسة مع ستة شوال‪ ،‬فماذا يفعل؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان تأخيره القضاء إلى أن يبقى بينه وبين انتهاء شوال مقدار ما عليه من القضاء‬
‫لعذر فليصم القضاء ثم ليصم الستة أيام ولو كان في ذي القعدة ألنه أخرها لعذر‪ ،‬وأما إذا‬
‫كان أخرها تهاونًا ال لعذر له فإنه يقضي ما عليه من الصوم ً‬
‫أوال‪ ،‬ويفوته أجر صيام األيام‬
‫الستة ألنه أخرجها عن شوال بدون عذر‪..‬‬
‫والقاعدة أن كل عبادة مؤقته إذا أخرجها اإلنسان عن وقتها لغير عذر فإنها ال تقبل منه‪،‬‬
‫ضا فإنها ال تقبل منه‪ ،‬أي‬
‫بمعنى أنه ال يحصل على الثواب الذي رتب عليه‪ ،‬وإن كانت فر ً‬
‫ال تنفعه عن الفرض‪.‬‬

‫س‪ :‬إذا رجعت من سفر فإني أفطر في أثناء الطريق‪ ،‬لكن إذا نزلت في منزلي فهل أمسك‬
‫أم أكمل فطري؟ وكذلك إذا قدم اإلنسان ً‬
‫مثال إلى مكة ثم رأى أن الفطر أفضل له فهل يفطر‬
‫ويشرب من زمزم أمام الناس أم ماذا يصنع؟‬
‫ج‪ :‬أما اإلنسان المسافر للعمرة إذا وصل إلى مكة وهو صائم فله أن يفطر وال إشكال في‬
‫مفطرا وقدم إلى بلده فهل يلزمه‬
‫ً‬ ‫ذلك ألنه ال زال على سفر‪ ،‬وأما اإلنسان المسافر إذا كان‬
‫اإلمساك؟!‬
‫في ذلك قوالن للعلماء‪:‬‬
‫• منهم من قال يلزمه اإلمساك كما يلزمه القضاء‪.‬‬
‫• ومنهم من قال ال يلزمه اإلمساك ولكن يلزمه القضاء؛ ألنه أفطر هذا اليوم‪ ،‬وهذا‬
‫القول الثاني أصح‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫مفطرا فإنه ال يلزمه أن يمسك ألنه ال يستفيد من هذا اإلمساك‬
‫ً‬ ‫أي أن المسافر إذا قدم بلده‬
‫شيئًا‪.‬‬
‫لو أمسك هل يجزئه عن القضاء؟ ال ‪.‬‬
‫إذن ال فائدة منه‪ ،‬ثم إن هذا اليوم في حق المسافر غير محترم‪ ،‬فإذا كان غير محترم فإنه‬
‫مفطرا فله الفطر في آخر النهار‪ ،‬ولهذا يذكر عن ابن مسعود رضي‬‫ً‬ ‫إذا كان في أول النهار‬
‫هللا عنه أنه قال‪( :‬من أكل أول النهار فليأكل آخر النهار)‪.‬‬

‫س‪ :‬تقول السائلة‪ :‬امرأه فات عليها رمضانان بعد بلوغها ولكن لم تصمهما إال بعد‬
‫الخمسين من عمرها بعد أن سألت فقيل‪ :‬صومي ما فاتك قضا ًء‪ ،‬فقط فهل عليها غير‬
‫القضاء شيء؟‬
‫ج‪ :‬ليس عليها إال القضاء‪ ،‬يعني أنه لو أن الذي عليه صوم رمضان أخره إلى بعد رمضان‬
‫الثاني فليس عليه إال القضاء‪ ،‬لكن إن كان لعذر فل إثم عليه‪ ،‬وإن كان لغير عذر فعليه أن‬
‫يتوب؛ ألنه ال يجوز تأخير قضاء شهر رمضان إلى ما بعد رمضان الثاني إال لعذر‪ ،‬وعلى‬
‫ضا من حالها أنها جاهلة فليس‬
‫هذا فالمرأة هذه ليس عليها شيء إن شاء هللا والذي يظهر أي ً‬
‫عليها حتى اإلثم‪.‬‬

‫س‪ :‬يقول السائل‪ :‬لي والدة مرضت في العام الماضي من رمضان ولم تكمل‬
‫شهر رمضان لمرضها ثم توفاها هللا على فراش المرض‪ ،‬ولم تستطع قضاء ما‬
‫فاتها فماذا عليها؟ وماذا أفعل تجاه صيامها هذا الذي لم تكمله؟ وفقكم هللا‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا كانت هذه المرأة مريضة حين دخل رمضان‪ ،‬ومرضها ميئوس منه فهذه‬
‫ال يصام عنها‪ ،‬وإنما يطعم عن كل يوم مسكين؛ وذلك ألن المريض مرض‬
‫ضا ال يرجى زواله يطعم عنه عن كل يوم مسكين‪.‬‬
‫مر ً‬
‫وكيفية اإلطعام‪ :‬إما أن تحضر إذا مضت العشر األولى عشرة فقراء تعشيهم‪،‬‬
‫وإذا مضت العشرون األخرى أي العشرة الثانية تحضر عشرة مساكين غير‬
‫األولين وتعشيهم‪ ،‬وإذا مضت الثالثة تحضر عشرة غير األولين وتعشيهم حتى‬
‫فقيرا عن ثلثين يو ًما‪ ،‬وإذا لم تفعل هذا فإنك تقسم الصاع بين أربعة‬
‫يكمل ثلثين ً‬
‫عن أربعة أيام وإذا كان هؤالء األربعة في بيت واحد تعطيهم الصاع جميعًا وإذا‬
‫قدر أن هناك ثمانية في بيت واحد تعطيهم صاعين عن ثمانية أيام وهلم جرا‪.‬‬
‫أما إذا كان المرض الذي حل بها في رمضان يرجى زواله ولكنه اشتد بها يو ًما‬
‫بعد يوم حتى توفاها هللا ففي هذه الحال ال يصام عنها‪ ،‬وال يطعم عنها‪ ،‬ألن‬
‫مرضها يرجى زواله‪ ،‬وال يصام عنها ألن الواجب عليها أن تقضي أيا ًما أخر‪،‬‬
‫‪20‬‬
‫ولم تدرك هذه األيام بل قد ماتت‪ ،‬أما لو شفيت من مرضها واستطاعت أن تصوم‬
‫ولكنها رأت أن األيام أمامها طويلة‪ ،‬ثم قدر هللا عليها فماتت فهنا يصام عنها؛‬
‫ألنها استطاعت أن تقضي الصوم ولم تفعل فتدخل في قول الرسول صل هللا عليه‬
‫(‪)١‬‬
‫وسلم‪( :‬من مات وعليه صيام صام عنه وليه)‪.‬‬
‫فصارت المسألة هنا كم حالة لها؟ ثلث حاالت‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬أن يكون المريض ممن ال يرجى برؤه ‪-‬يعني ميؤوس من برء‬
‫مرضه‪ -‬مثل السرطان وغيره فهذا يكون عليه اإلطعام عن كل يوم مسكين‪.‬‬
‫ضا خفيفًا يرجى برؤه ولكن أشتد بها شيئًا‬‫الحالة الثانية‪ :‬أن يكون المرض مر ً‬
‫فشيئًا حتى مات‪ ،‬أشتد بالمريض شيئا فشيئا حتى مات فهذا ال إطعام وال صيام‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬أن يكون المريض بعد أن خرج رمضان شفاه هللا‪ ،‬ولكنه تهاون‬
‫ومضت األيام وهو قادر على الصوم ثم مات قبل أن يصوم فهذا يصام عنه‬
‫يصوم عنه وليه؛ لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من مات وعليه صيام صام‬
‫عنه وليه)‪.‬‬
‫وإذا لم يصم أحدًا من أوليائه فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكين‪.‬‬

‫س‪ :‬أنا شاب قد أفطرت ثالث سنوات متتالية بدون عذر‪ ،‬اللهم إال الجهل‪ ،‬وقرناء السوء‪،‬‬
‫ثم من هللا علي بالتوبة‪ ،‬وأريد أن أكفر عن خطأي هذا فماذا أفعل؟ فأرشدني؛ لكي يطمئن‬
‫خيرا‪ ،‬وهل من كلمة توجهون بها أولياء الشباب وأئمة المساجد في‬ ‫ً‬ ‫قلبي‪ ،‬جزاك هللا‬
‫تحذير الناس وتنبيههم من الفطر بال عذر؟‬
‫ج‪ :‬القول الراجح أن األنسان إذا ترك الصوم عمدا بغير عذر ثم من هللا عليه بالهداية فإنه‬
‫ال يلزمه أن يقضي بل التوبة مع العمل الصالح؛ وذلك ألن الصوم عبادة مقيدة بوقت معين؛‬
‫فإذا أخرجها اإلنسان عن وقتها المعين بل عذر لم تقبل منه لقول النبي صلى هللا عليه‬
‫(‪)٢‬‬ ‫وسلم‪( :‬من عمل ً‬
‫عمل ليس عليه أمرنا فهو عليه رد)‪.‬‬
‫وإذا لم تقبل منه صار إلزامنا إياه بالقضاء ال فائدة منه هذا هو القول الصحيح‪ ،‬وعلى هذا‬
‫فنقول لألخ‪ :‬هنأك هللا تعالى بما م َّن عليك به من التوبة‪ ،‬ونسأل هللا تعالى أن يثبتنا وإياك‬
‫على ذلك وليس عليك قضاء‪ .‬ولكن أكثر من األعمال الصالحة‪.‬‬
‫____________________________________________________________________________________‬

‫(‪)1‬أخرجه البخاري (‪ ،)1952‬ومسلم (‪.)1147‬‬


‫(‪)2‬أخرجه البخاري (‪ )2697‬بنحوه‪ ،‬ومسلم (‪ )1718‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫اَّلل ِإ َل ًها آخ ََر} الذين يدعون مع هللا إل ًها‬ ‫وقد قال هللا تبارك وتعالى‪َ { :‬والَّذِينَ َال َي ْدعُونَ َم َع َّ ِ‬
‫س‬ ‫اَّلل ِإلَ ًها آخ ََر} هم الموحدون { َو َال يَ ْقتُلُو َن النَّ ْف َ‬ ‫آخر يعني المشركين { َوالَّذِي َن َال يَ ْدعُونَ َم َع َّ ِ‬
‫اب َي ْو َم‬ ‫ف لَهُ ْال َعذَ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ق َو َال َي ْزنُونَ ۚ َو َمن َي ْف َع ْل ذَلِكَ َي ْلقَ أَثَا ًما (‪ )68‬يُ َ‬
‫ضا َ‬ ‫اَّلل ِإ َّال ِب ْال َح ِ‬
‫الَّتِي َح َّر َم َّ ُ‬
‫سيِئَاتِ ِه ْم‬ ‫صا ِل ًحا فَأُولَئِكَ يُبَ ِد ُل َّ ُ‬
‫اَّلل َ‬ ‫ع َم ًل َ‬
‫ع ِم َل َ‬ ‫ْال ِقيَا َم ِة َويَ ْخلُ ْد فِي ِه ُم َهانًا (‪ )69‬إِ َّال َمن ت َ‬
‫َاب َوآ َمنَ َو َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ورا َّر ِحي ًما }‬‫غفُ ً‬ ‫سنَات ۗ َو َكا َن َّ ُ‬
‫اَّلل َ‬ ‫َح َ‬
‫أما الكلمة التوجيهية فإن الواجب على أولياء األمور أن يرعوا من استرعاهم هللا عليه‬
‫سكُ ْم َوأ َ ْه ِلي ُك ْم ن ً‬
‫َارا َوقُودُهَا‬ ‫رعاية حسنة؛ ألنهم مسؤولون عنهم {يَا أَيُّ َها الَّذِي َن آ َمنُواْ قُواْ أَنفُ َ‬
‫ُ (‪)2‬‬
‫اس َو ْال ِح َج َ‬
‫ارة}‬ ‫النَّ ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫الر ُج ُل في أ ْه ِل ِه راع وهو َم ْسئُول عن َر ِعيَّتِ ِه)‬
‫وقال النبي صلى هللا عليه وسلم‪َّ ( :‬‬
‫فأنت ال بد أن تعد لهذه المسؤولية جوابًا يوم القيامة يبرئ ذمتك عند هللا‪.‬‬
‫كيف تحرص على حماية مالك وحفظه ومراقبته دون أن تحرص على أوالدك وأهلك؟!‬
‫هذا عكس القضية‪ ،‬الواجب أن تحرص على أوالدك وأهلك أكثر مما تحرص على مالك‪،‬‬
‫فاحرص على أوالدك‪ ،‬وأسأل عن قرنائهم‪ ،‬واحجبهم عن قرناء السوء‪ ،‬فإن المرء على دين‬
‫خليله كما جاء في األثر عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬أن المرء على دين خليله فلينظر‬
‫(‪)4‬‬
‫أحدكم من يخالل)‪.‬‬

‫___________________________________________________________________‬

‫(‪[ )1‬الفرقان ‪]70-68 :‬‬


‫(‪[)2‬التحريم ‪]6 :‬‬
‫وم ْسئُول عن َر ِعيَّتِهِ‪َّ ،‬‬
‫والرجُ ُل في أ ْه ِل ِه‬ ‫فاإلما ُم راع َ‬‫(‪ )3‬أخرجه البخاري (‪ )2558‬ولفظه ( ُكلُّ ُك ْم راع و َم ْسئُول عن َر ِعيَّ ِتهِ‪ِ ،‬‬
‫سيِ ِد ِه راع وهو‬ ‫راع وهو َم ْسئُول عن َر ِعيَّتِهِ‪ ،‬وال َم ْرأَة ُ في بَيْتِ زَ ْو ِجها را ِعيَة وهي َم ْسئُولَة عن َر ِعيَّتِها‪ ،‬والخا ِد ُم في ما ِل َ‬
‫والر ُجلُ‬
‫َّ‬ ‫هللا عليه وسلَّ َم قا َل‪:‬‬
‫صلَّى ُ‬‫ي َ‬ ‫هللا عليه وسلَّ َم‪ ،‬وأَحْ سِبُ النب َّ‬
‫صلَّى ُ‬‫سمِ ْعتُ هَؤُ الءِ مِنَ النبي ِ َ‬ ‫َم ْسئُول عن َر ِعيَّتِهِ‪ ،‬قالَ ‪ :‬فَ َ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫في ما ِل أبِي ِه راع و َم ْسئُول عن َر ِعيَّتِهِ‪ ،‬فَ ُكل ُك ْم راع و ُكل ُك ْم َم ْسئُول عن َر ِعيَّتِ ِه) ‪ ،‬ومسلم (‪.)1829‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه أبو داود (‪ ،)4833‬والترمذي (‪ ،)2378‬وأحمد (‪ )8398‬واللفظ له‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫س‪ :‬فضيلة الشيخ ما حكم إقامة جماعتين في مسجد واحد؟‬
‫صورة ذلك أني أ تيت مسجدكم فوجدت أنكم في صالة التراويح‪ ،‬وجماعة أخرى تصلي‬
‫الفرض فما حكم هذا الفعل؟ وهل أدخل مع اإلمام أو مع جماعة أخرى؟‬
‫والسؤال من وجه آخر‪ ،‬فاتتنا الصالة فكبر اإلمام يصلي بنا قضا ًء‪ ،‬ثم أقيمت صالة‬
‫التراويح فماذا نفعل؟‬
‫ج‪ :‬الذي ينبغي لمن دخل واإلمام يصلي صلة التراويح وهو لم يص ِل صلة العشاء أن‬
‫يدخل مع اإلمام بنية العشاء‪ ،‬فإذا سلم اإلمام قام وأتى بما بقي من صلته‪ ،‬وقد نص اإلمام‬
‫أحمد رحمه هللا على هذا وقال‪":‬يصلي معهم التراويح بنية العشاء"‪ ،‬وهذا خير من إقامة‬
‫جماعة أخرى تصلي والناس يصلون وحدهم‪ ،‬فإذا كان كذلك نقول‪ :‬إذا دخل جماعة واإلمام‬
‫يصلي صلة التراويح فاألفضل لهم أن يدخلوا مع اإلمام بنية العشاء‪.‬‬
‫أما لو شرع اإلنسان في صلة العش اء‪ ،‬أي شرع جماعة في صلة العشاء وفي أثناء الصلة‬
‫كبر اإلمام للتراويح فهنا نقول‪ :‬امضوا في صلتكم ألنكم شرعتم في صلة واجبة فل‬
‫تنصرفوا منها‪.‬‬

‫س‪ :‬هل يفرق بين أن يكون الداخل جماعةً أو فرد؟‬


‫ج‪ :‬ال يفرق ألننا قلنا الجماعة ال ت ِقيم جماعةً والناس يصلون التراويح‪ ،‬يدخلون جميعًا مع‬
‫اإلمام‪ ،‬إذا دخل إنسان لم يص ِل العشاء ووجد هؤالء الجماعة يصلون العشاء واإلمام يصلي‬
‫التراويح يدخل مع اإلمام؛ ألن جماعة اإلمام في الغالب أكثر عددًا من هذه الجماعة وما‬
‫كان أكثر فهو أحب إلى هللا‪.‬‬

‫س‪ :‬فضيلة الشيخ عزمت هذه السنة ‪-‬إن شاء هللا تعالى‪ -‬أن أعتكف في العشر األواخر‬
‫فهل يجوز لي أن آخذ يو ًما إجازة اضطرارية حتى يتسنى لي االعتكاف من أول العشر أم‬
‫ماذا أفعل‪ ،‬وإذا لم أفعل فهل يحسب لي من حين إجازتي العادية‪ ،‬ويكون لي أجر النية‬
‫السابقة؟‬
‫ج‪ :‬ال يجوز لإلنسان أن يأخذ إجازة اضطرارية لفعل شيء مستحب سوا ًء اعتكافًا أو عمرةً‬
‫أو غير ذلك‪ ،‬ألن العمل الوظيفي واجب‪ ،‬والقيام به أفضل من القيام باالعتكاف أوالقيام‬
‫بالعمرة‪ ،‬يعني لو سأل سائل أيهما أفضل أن أبقى في عملي الوظيفي أؤدي الواجب أو‬
‫أخرج إلى العمرة؟‬
‫قلنا بقاؤك في العمل الوظيفي أفضل ألنه قيام بعمل واجب وأما الذهاب إلى العمرة ونحو‬
‫ذلك سنة‪ ،‬وال شك أن الواجب مقدم على السنة‪.‬‬
‫أما إذا كان يقول‪ :‬أنه ربما يكون أول يوم من العشر وقت عمل فنقول له‪ :‬وإن يكن‪ ،‬ال‬
‫يضر ‪،‬تعتكف من اليوم الثاني‪ ،‬وإذا علم هللا من نيتك صدق الطلب وأنك تتمنى أن تكون‬
‫العشر األواخر كلها وقت فراغ فربما ييسر هللا ذلك وتتقدَم اإلجازة‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫س‪ :‬فضيلة الشيخ هل يستفتح اإلمام في صالة التراويح يعني هل يقرأ اإلمام دعاء‬
‫االستفتاح في كل تسليمة أم يكتفي بدعاء استفتاح واحد في الصالة كلها؟‬
‫ج‪ :‬ال شك أن صلة التراويح مثنى مثنى لقول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬صلة الليل‬
‫مثنى مثنى)(‪ ، )١‬وعلى هذا فكل ركعتين منفردتان عن الركعتين السابقتين‪ ،‬أي أنها صلة‬
‫مستقلة‪ ،‬وإذا كانت صلة ً مستقلةً فل بد فيها من االستفتاح‪ ،‬وكيف يمكن أن نقول ال يسن‬
‫نظرا ألن بعض األئمة ‪-‬نسأل هللا لنا ولهم الهداية‪ -‬يحرصون على العجلة‪،‬‬‫االستفتاح؟! لكن ً‬
‫وعلى أن يخرجوامن أول الناس‪ ،‬فتجده ال يستفتح إال في أول تسليمة فقط‪ ،‬وأيضا ً ال يكمل‬
‫سلَّم‪ ،‬ال يا أخي انتظر‪ ،‬صل‬
‫التشهد‪ ،‬أحيانًا إذا وصل إلى أشهد أن محمدًا عبده ورسوله‪َ ،‬‬
‫على النبي‪ ،‬بارك عليه‪ ،‬استعذ باهلل من أربع‪( :‬من عذاب جهنم‪ ،‬ومن عذاب القبر‪ ،‬ومن فتنة‬
‫المحيا والممات‪ ،‬ومن فتنة المسيح الدجال)‪ ،‬وال يمكن أن يزيد الوقت عن ربع أو ثلث‬
‫ساعة‪ ،‬والناس ينبغي أن يغتنموا األوقات فنصيحتي لألئمة أن يأتوا بالصلة على الوجه‬
‫األكمل حتى يحصل لهم األجر ألنفسهم ولمن ورائهم‪.‬‬

‫س‪ :‬أشكل علينا تفسير قول النبي صلى هللا عليه وسلم‪( :‬من قام مع اإلمام حتى ينصرف‬
‫كُتب له قيام ليلة)(‪ ،)2‬ما المقصود بهذا االنصراف هل هو االنتهاء من الصالة أم الخروج‬
‫من المسجد؟‬
‫ج ‪ :‬المراد بانصراف اإلمام االنتهاء من الصلة‪ ،‬يعني من قام مع اإلمام حتى ينصرف من‬
‫صلته‪ ،‬ال إلى أهله‪ ،‬حتى ينصرف من صلته وينتهي فإنه يكتب له قيام ليلة‪.‬‬
‫س‪ :‬ما رأيك فيما يفعله بعض الشباب الذين يذهبون إلى مكة‪ ،‬حيث يصلون مع اإلمام‬
‫الم َخصص في الركعات األولى في الحرم أو في المدينة ويتركون اآلخر‪ ،‬ثم إذا قيل لهم‬
‫لماذا لم تكملوا مع الجميع؟ قالوا‪ :‬إن الزيادة عن إحدى عشرة أو ثالث عشرة إنها بدعة‪،‬‬
‫فما قولك لهم وفقك هللا؟‬
‫ج ‪ :‬إن اإلنسان قد يجتهد ويتحرى الخير ولكن ال يوفق له‪ ،‬فالزيادة على إحدى عشرة أو‬
‫ثلث عشرة ليست بدعة‪ ،‬ألنها جاءت من السلف الصالح الذين هم أحرص منا على اتباع‬
‫سئل عن صلة الليل قال‪( :‬مثنى مثنى‪،‬‬ ‫السنة وألن النبي صلى هللا عليه وعلى آله وسلم لما ُ‬
‫(‪)3‬‬
‫فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما صلى) ‪ ،‬ولم يحددها قال‪( :‬مثنى‬
‫مثنى)‪ ،‬وقال لبعض أصحابه‪( :‬أعنِي على نفسك بكثرة السجود)(‪ ،)4‬فل حد للركعات صل‬
‫ما شئت‪ ،‬لكن من اقتصر على العدد المحدود فهو أفضل أما إذا كان اإلنسان مع اإلمام‬
‫فليص ِل مع اإلمام حتى ينصرف‪ ،‬لكن بعض الناس ‪-‬على السؤال الذي سأله األخ السائل‪-‬‬
‫يقول‪ :‬إني قمت مع اإلمام حتى انصرف‪ ،‬وهو اإلمام األول‪ ،‬فنقول‪ :‬إن اإلمام الثاني نائب‬
‫عن اإلمام األول‪ ،‬ولهذا يعتبرون هذه صلة ً واحدة ً بإمامين‪ ،‬فيكون اإلمام الثاني نائبًا عن‬
‫اإلمام األول‪ ،‬وال يكتب األجر إال لمن بقي حتى ينصرف اإلمام الثاني من صلته‪.‬‬
‫___________________________________________‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم في صحيحه ولفظه (عن ابن عمر أن رجل سأل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن صلة الليل فقال رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم صلة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)‪.‬‬
‫(‪ )3‬سبق تخريجه‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أخرجه أبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه األلباني‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه مسلم ولفظه (عن ربيعة بن كعب األسلمي رضي هللا عنه قال‪ :‬كنت أبيت مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فأتيته‬
‫غير ذلك؟!)‪ ،‬قلت‪ :‬هو ذاك‪ ،‬قال‪( :‬فأعني على نفسك‬ ‫َبوضوئه وحاجته‪ ،‬فقال لي‪( :‬سل) ‪ ،‬فقلت‪ :‬أسألك مرافقتك في الجنة‪ ،‬فقال‪( :‬أَ ْو َ‬
‫بكثرة السجود))‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ً‬
‫كامل‬ ‫س‪ :‬فضيلة الشيخ ما هو األولى لألئمة في رمضان‪ ،‬هل األولى لهم أن يختموا القرآن‬
‫حدرا شديدًا؟ أم يقرؤون ما تيسر منه؟! فإننا نجد بعض األئمة يعجل في‬
‫ً‬ ‫مع َهذِه وحدره‬
‫القراءة ويطيل على جماعته ألجل الختمة فهل له ذلك؟ وهل يجوز له أن يقرأ البعض منه‬
‫وما تيسر؟‬
‫ج‪ :‬األفضل أن يقرأ ما تيسر‪ ،‬وأن يرتل القرآن‪ ،‬وأن يتدبره إذا أمكنه‪ ،‬حتى ينتفع الناس‬
‫ً‬
‫وعمل‪ ،‬وأما ما أشار إليه أن بعض الناس َي ُهذ في القراءة ويعجل من أجل‬ ‫عا‬
‫بالقراءة استما ً‬
‫المحافظة على الختمة فهذا خطأ‪ ،‬وقد قال العلماء‪ :‬إن السرعة التي تستلزم خفاء بعض‬
‫الحروف محرمة؛ ألنه يسقط بها بعض الحروف‪ ،‬وإذا وقع ذلك في الفاتحة صارت الصلة‬
‫ضا يسرع في الركوع‬ ‫باطلة؛ ألنه ال بد له من قراءة الفاتحة تامةً‪ ،‬وبعض األئمة أي ً‬
‫ضا‬
‫والسجود وال يطمئن‪ ،‬حتى إن الذين وراءه ال يتمكنون من متابعته لسرعته وهذا أي ً‬
‫خطأ‪ ،‬واإلمام يجب أن يكون متحريًا لما جاءت به السنة في هذا وغيره‪ ،‬وأن ال يشق على‬
‫ضا أن بعض الناس يطيل الدعاء في القنوت‬ ‫الناس ال بسرعة وال بتطويل‪ ،‬ومن ذلك أي ً‬
‫سا وأربعين دقيقة هذا‬ ‫إطالةً عظيمةً حتى بلغني أن بعض الناس يبقى يدعو في القنوت خم ً‬
‫شاق على الناس‪ ،‬وإذا كان الرسول عليه الصلة والسلم غضب على الرجل الذي يطيل‬
‫صلة الفجر وهي فريضة فما بالك بهذا‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫س‪ :‬هل األفضل أن يقرأ اإلنسان في كتاب هللا تعالى ويختمه مرات عديدة أو أن يحفظ من‬
‫القرآن أجزاء معينة فربما يحفظ في شهر رمضان ثالثة أجزاء كما فعل بعض الناس‬
‫فأيهما أفضل؟‬
‫ج‪ :‬األفضل الحفظ ؛ ألن الحفظ يحصل به األجر‪ ،‬فكلما كرر اإلنسان اآلية حصل له‬
‫سنة ثلثة أجزاء وفي‬‫أجرها‪ ،‬ويزيد على قراءة القرآن أنه سيحفظ‪ ،‬وإذا حفظ في هذه ال َّ‬
‫سنَة األخرى كذلك فإنه يحصل على خير كثير‪.‬‬
‫ال َّ‬

‫س‪ :‬هل األفضل أن أتلو القرآن وحده دون تفسيره أو أتلوه مع التفسير؟‬
‫ج‪ :‬كان الصحابة رضي هللا عنهم ال يتجاوزون عشر آيات من القرآن حتى يتعلموها‬
‫ويتعلموا ما فيها من العلم والعمل‪ ،‬وهذا يدل على أنهم يتفهمون المعنى‪.‬‬
‫ع َمر رضي هللا عنهما في سورة البقرة ثمان سنوات‪ ،‬لماذا بقي ثمان‬ ‫وقد بقي عبد هللا بن ُ‬
‫سنوات؟‬
‫ألنه كان يتفهم المعنى ويتدبره‪ ،‬لكن من الممكن أن تقرأ من المصحف‪ ،‬ثم إذا أشكل عليك‬
‫قي ْدها‪ ،‬ثم ارجع إلى معناها في التفسير بعد انتهاء قراءتك حتى تحافظ على القراءة التي‬
‫آية ِ‬
‫تريد وعلى تفهم المعنى‪.‬‬

‫كثر َن‬
‫س‪ :‬نرجو من فضيلة الشيخ أن يلقي للنساء كلمة‪ ،‬وخاصة الالتي إذا دخل رمضان ْ‬
‫في األسواق وزاح ْم َن الرجال‪ ،‬وصار رمضان كأنه زمن التسوق مع أن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم فضل جلوس المرأة في بيتها على مسجده صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وبعضهن إذا‬
‫دخل رمضان صارت تجمع الكتب التي ت ُعنى بأنواع األطعمة بحيث يضيع الوقت عليها في‬
‫هذه وهذه‪ ،‬الرجاء من فضيلة الشيخ الكلمة التي تصل من خالل اإلخوة الحاضرين ومن‬
‫خالل الحاضرات وعبر الشريط‪.‬‬
‫ج‪ :‬الواجب على المرأة إذا خرجت من بيتها أال تخرج متبرجة بزينة وال متطيبة‪ ،‬واألفضل‬
‫لها أن تبقى في بيتها إال إذا دعت الحاجة أو الضرورة للخروج فإنها تخرج على الوجه‬
‫الذي أشرنا إليه‪ ،‬وهي أال تكون متبرجة بزينة وال متطيبة‪ ،‬ثم إن الواجب على ولي أمرها‬
‫من زوج أو أخ أو أب أو ابن أو عم‪ ،‬الواجب أن يلحظها متى تخرج ومتى ترجع وكيف‬
‫تخرج ومن يخرج معها إلى آخره‪ ،....‬ألنه مسؤول عنها‪ ،‬ثم إ َّن ما أشار إليه السائل في‬
‫موضوع األطعمة وتنويعها هذا من اإلسراف وكيف يصل اإلنسان إلى هذا الحد من‬
‫عا ال يجدون ما يسد جوعهم‪،‬‬ ‫اإلسراف وهو يعلم أن له إخوانًا من المسلمين يتضورون جو ً‬
‫ضا يُ ْقتلون في البوسنة والهرسك وغيرها وهو يبحث عن تنوع‬ ‫وإخوانهم المسلمين أي ً‬
‫األطعمة‪.‬‬
‫يقال أن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه في عام الرمادة لما حصل الجدب في األرض‬
‫والقحط في المطر كان رضي هللا عنه ال يأكل اللحم‪ ،‬وال يأتدم باألدم الجيد؛ ألنه يشعر‬
‫بشعور المسلمين‪ ،‬وكوننا اآلن نصل إلى هذا الحد من السرف والترف وإخواننا المسلمون‬
‫في كل مكان‪ :‬إما جوعى‪ ،‬وإما عندهم فتنة وقتال‪ ،‬أعتقد أن هذا غير الئق‪ ،‬وأنا ال أ ُحرم‬
‫شيئًا أحلَّه هللا لكن أقول‪ :‬ينبغي لإلنسان أن يكون له شعور ومشاعر وينظر لآلخرين‪ ،‬ثم إن‬

‫‪26‬‬
‫شهر رمضان شهر صيام وليس شهر أكل حتى يبحث الناس عن أطيب األكل‪ ،‬يأكلون في‬
‫أول الليل ووسطه وآخره‪ ،‬سبحان هللا!‬
‫أما النساء في رمضان يجب عليهن إذا حضرن إلى المساجد أن يحضرن غير متبرجات‬
‫الحييَة ال مشية الشاب النشيط؛ ألن بعض‬‫ِ‬ ‫بزينة وال متطيبات وأن يمشين مشية المرأة‬
‫النساء إذا كانت في السوق تراها تمشي مشية الشاب‪ ،‬والمرأة ينبغي لها أن تمشي مشية‬
‫الحياء‪ ،‬فالحياء من اإليمان وتكون غير متبرجة بزينة وال متطيبة‪ ،‬وينبغي أن يذهب بها‬
‫وليُّها حتى يقف عند باب المسجد فتدخل ثم إذا خرجت يتلقاها عند باب المسجد ويأخذها‪،‬‬
‫وتعود نفسها‪ ،‬قد تقول أنا إذا‬
‫ِ‬ ‫ألن هذا أحسن وأفضل‪ ،‬وإن بقيت في بيتها فبيتها أفضل لها‬
‫بقيت في البيت أكسل وال أتعبد بالقيام‪ ،‬نقول ع ِودي نفسك‪ ،‬لكن إذا خرجت فلتخرج غير‬
‫متبرجة بزينة وال متطيبة‪ ،‬ونسأل هللا تعالى أن يجعلنا جميعًا ممن يصومون شهر رمضان‬
‫ويقومونه إيمانًا واحتسابا ً حتى يُغفر لنا‪.‬‬

‫س‪ :‬بعض النساء تستعمل الحبوب المانعة للحيض في شهر رمضان وتقول‪ :‬أنها تريد أن‬
‫تصلي مع الناس‪ ،‬وتريد أن تصوم مع الناس‪ ،‬فما نصيحتك وما تطييبك لخواطر تلك‬
‫األخوات؟‬
‫ج‪ :‬نصيحتي للنساء اللتي يستعملن هذه الحبوب من أجل أن تصوم مع الناس‪ ،‬وتقوم مع‬
‫الناس أن ال تستعمل هذه الحبوب ألنه ثبت عندنا أنها حبوب ضارة على الرحم وعلى الدم‬
‫وعلى األجنةأيضا‪ ،‬ربما يحصل لألجنة تشويه في المستقبل‪ ،‬لهذا نحن ننهى عنها‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق في الحيض الذي تمتنع به المرأة عن الصلة والصيام فإننا نقول لها ما قاله‬
‫النبي ‪-‬صلى هللا عليه وعلى آله وسلم‪ -‬لعائشة أم المؤمنين حين دخل عليها في حجة الوداع‬
‫ت‪ ،‬قالت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬هذا شيء كتبه‬ ‫ت؟ أي حض ِ‬ ‫لعلك نفس ِ‬
‫ِ‬ ‫وهي تبكي‪ ،‬فقال لها‪( :‬ما يبكيك؟‬
‫هللا على بنات آدم)(‪.)1‬‬
‫هذا فيه مقنع لكل امرأة أن هذا مما كتبه هللا على النساء‪ ،‬وهو ‪-‬عز وجل‪ -‬أعلم وأحكم‪ ،‬ثم‬
‫إن منع ما تهيأ للخروج من الدم ال شك أنه يضر بالبدن‪ ،‬كما لو أن إنسانًا استعمل حبوبًا‬
‫مثل فإن ذلك يضر بالبدن‪ ،‬كل شيء د ْعهُ على طبيعته فإن هللا‬‫تمنع خروج البول أو الغائط ً‬
‫تعالى أعلم منك وأحكم‪ ،‬وأما ما يتعلق بالصوم فالصوم ‪-‬وهلل الحمد‪ -‬يُقضى‪ ،‬وأما ما يتعلق‬
‫بالصلة فهذا قدر هللا عز وجل ونسأل هللا عز وجل أن يجعلنا ممن رضي بقدره جل وعل‪.‬‬

‫س‪ :‬أرجو من فضيلتكم بسط مسألة حكم صيام يوم الشك بالتفصيل مع ذكر ما تيسر من‬
‫أقوال أهل العلم في ذلك‪ ،‬فإن بعض الناس ربما صامه احتياطا ً‪.‬‬
‫ج‪ :‬ال يجوز لإلنسان أن يصوم يوم الشك لقول النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪( :-‬ال تقدموا‬
‫رمضان بصوم يوم وال يومين)(‪ )2‬وقال عمار بن ياسر رضي هللا عنه‪( :‬من صام اليوم‬
‫الذي يشك فيه الناس فقد عصى أبا القاسم صلى هللا عليه وسلم)(‪ )3‬هذا هو القول الراجح من‬
‫أقوال أهل العلم‪ ،‬وفي المسألة ثمانية أقوال في مذهب اإلمام أحمد رحمه هللا ولكن الشأن كل‬
‫الشأن فيما قام عليه الدليل‪ ،‬ويوم الشك هو يوم الثلثين من شعبان إذا كانت الليلة مغيمة‬
‫بحيث يحول بيننا وبين رؤية الهلل غيم أو قتر أو نحو ذلك‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه مسلم في صحيحه بلفظ قريب‪ )2( .‬أخرجه أبو داوود والترمذي‪ )3( .‬أخرجه الترمذي والنسائي‪.‬‬

‫‪27‬‬

You might also like