You are on page 1of 2

‫خطبة أولى لعيد األضحى‬

‫يكبر تسع مرات ثم يقول ‪:‬‬


‫هللا أكبر هللا أكبر ال إله إال هللا وهللا أكبر هللا أكبر وهلل الحمد ‪ .‬هللا أكبر عدد ما أحرم‬
‫الحجاج من الميقات وعدد ما رفعوا‪ /‬بالتلبية هلل األصوات ‪ ،‬هللا أكبر عدد ما دخل الحجاج مكة‬
‫ونزلوا بتلك الرحبات ‪ ،‬هللا أكبر عدد ما طافوا بالبيت العتيق وعظموا الحرمات ‪ ،‬هللا أكبر عدد ما‬
‫خرجوا إلى منى ووقفوا بعرفات‪ /‬وعدد ما باتوا بمزدلفة وعادوا إلى منى للمبيت ورمي الجمرات ‪،‬‬
‫هللا أكبر عدد ما أراقوا‪ /‬من الدماء وحلقوا من الرؤوس‪ /‬تعظيما لفاطر األرض والسماوات ‪ ،‬هللا‬
‫أكبر هللا أكبر ال إله إال هللا وهللا أكبر هللا أكبر وهلل الحمد ‪.‬‬
‫نحمده على ما من به علينا من مواسم‪ /‬الخيرات وما تفضل به من جزيل العطايا والهبات ‪،‬‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له مسبغ النعم ودافع‪ /‬النقم وفارج‪ /‬الكربات ‪ ،‬وأشهد‪ /‬أن‬
‫محمدا عبده ورسوله أكمل الخلق وأفضل البريات صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم‬
‫بإحسان ما دامت األرض والسماوات وسلم تسليما ‪.‬‬
‫عباد هللا ‪ :‬إن يومكم‪ /‬هذا هو يوم الحج األكبر وهو عيد األضحى والنحر هو يوم الحج األكبر‬
‫؛ ألن الحجاج يؤدون فيه معظم مناسك الحج يرمون الجمرة الكبرى ويذبحون الهدايا ويحلقون‬
‫رؤوسهم ويطوفون بالبيت ويسعون بين الصفا والمروة ‪ ،‬وهو عيد األضحى والنحر‪ /‬ألن الناس‬
‫يضحون فيه وينحرون هداياهم ‪ ،‬وما عمل ابن آدم يوم النحر عمال أحب إلى هللا من إراقة دم ‪ ،‬وان‬
‫للمضحي بكل شعرة حسنة وبكل صوفة حسنة ‪ ،‬وهذه األضاحي سنة أبيكم إبراهيم ونبيكم‪ /‬محمد‬
‫عليهما الصالة والسالم‪ ، /‬وإنها لسنة مؤكدة يكره لمن قدر عليها أن يتركها وإن ذبحها ألفضل من‬
‫الصدقة بثمنها لما فيها من إحياء السنة واألجر العظيم ومحبة هللا لها ‪ .‬فضحوا‪ /‬أيها المسلمون عن‬
‫أنفسكم وعن أهليكم متقربين بذلك إلى ربكم متبعين لسنة نبيكم محمد صلى هللا عليه وسلم حيث ضحى‬
‫عنه وعن أهل بيته ‪ ،‬ومن كان منكم ال يجد األضحية فقد ضحى عنه النبي صلى هللا عليه وسلم جزاه‬
‫هللا عن أمته خيرا ‪ .‬وإذا كان منكم أحد يريد أن يتبرع باألضحية عن والديه فال يحرم نفسه وذريته‬
‫وأهله منها وفضل‪ /‬هللا واسع ‪ ،‬واعلموا أنه ال أصل لما يسميه بعض الناس أضحية الحفرة ‪ ،‬وهي التي‬
‫يضحونها‪ /‬عن الميت أول سنة من موته يخصونه بها وال يدخلون معه أحدا في ثوابها فإن هذا ال‬
‫أصل له في الشرع فاجتنبوه ‪ .‬وتجزي‪ /‬الشاة عن واحد والبدنة والبقرة عن سبعة ‪ ،‬فال يشترك‬
‫شخصان في شاة واحدة وال أكثر من سبعة في بدنة أو بقرة ‪ ،‬ولكن لإلنسان أن يشرك في ثواب‬
‫أضحيته من شاء سواء كانت شاة أم سبع بدنة أم سبع بقرة ‪ .‬واعلموا أن لألضحية شروطا‪ /‬ثالثة‬
‫األول ‪ - :‬أن تبلغ السن المعتبر شرعا وهو خمس سنين في اإلبل وسنتان في البقر وسنة كاملة في‬
‫المعز ونصف سنة في الضأن ‪ .‬الشرط الثاني ‪ - :‬أن تكون سليمة من العيوب التي تمنع اإلجزاء وهي‬
‫أربعة عيوب ‪ :‬العرجاء البين ظلعها وهي ال تعانق الصحيحة في الممشاء ‪ ،‬والمريضة البين مرضها‬
‫وهي التي ظهرت آثار المرض عليها إما في أكلها أو مشيها أو غير ذلك من أحوالها ‪ ،‬ومن المرض‬
‫البين الجرب والعوراء‪ /‬البين عورها بأن تكون عينها العوراء ناتئة أو غائرة ‪ ،‬أما إذا كانت ال تبصر‬
‫بها ولكن عورها غير بين فإنها تجزئ مع الكراهة ‪ ،‬والعيب الرابع العجفاء وهي الهزيلة التي ال مخ‬
‫فيها ‪ ،‬فأما عيب األذن أو القرن فإنه ال يمنع من اإلجزاء ولكنه يكره ‪ ،‬وكذلك الهثماء التي سقطت‬
‫أسنانها أو بعضها فإنها تجزئ ولكنها تكره ‪ ،‬وكلما كانت األضحية أكمل في ذاتها وصفاتها فهي‬
‫أفضل ‪ .‬الشرط الثالث ‪ - :‬من شروط‪ /‬األضحية أن تقع في الوقت المحدد للتضحية شرعا وهو من‬
‫الفراغ من صالة العيد ‪ ،‬واألفضل‪ /‬أن ينتظر‪ /‬حتى يفرغ اإلمام من الخطبتين وينتهي‪ /‬بغروب الشمس‬
‫من اليوم الثالث بعد العيد فأيام الذبح أربعة يوم العيد وثالثة أيام بعده ‪ ،‬وأفضلها‪ /‬يوم العيد والذبح في‬
‫النهار أفضل ويجوز‪ /‬في الليل ‪ .‬ومن كان منكم يحسن الذبح بنفسه فليذبح أضحيته بيده ‪ ،‬ومن كان ال‬
‫يحسن فليحضر ذبحها فإن ذلك أفضل ‪ ،‬فإذا ذبحت عنه وهو غائب فال بأس ويسميها عند الذبح فيقول‬
‫إذا أضجعها للذبح ‪ :‬بسم هللا وهللا أكبر اللهم هذا منك ولك اللهم هذه عن فالن أو فالنة ‪ ،‬هذه هي‬
‫التسمية الواردة ‪ ،‬وأما ما يفعله بعض العوام من مسح ظهرها من وجهها إلى قفاها فال أصل له ‪ ،‬وإذا‬
‫ذبحها ونوى من هي له ولم ينطق باسمه أجزأت النية لقول النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ « :‬إنما‬
‫األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى » ولكن النطق باسم من هي له أفضل اتباعا للسنة ‪.‬‬
‫واعلموا أن للذكاة شروطا منها أن يقول عند الذبح ‪ :‬بسم هللا ‪ ،‬فمن لم يقل باسم هللا على‬
‫الذبيحة فذبيحته ميتة نجسة حرام أكلها لقوله تعالى ‪َ { :‬واَل تَأْ ُكلُوا ِم َّما لَ ْم ي ُْذ َك ِر ا ْس ُم هَّللا ِ }{ َعلَ ْي ِه }‬
‫وقول النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ « :‬ما أنهر الدم وذكر‪ /‬اسم هللا عليه فكل » ومن شروط الذكاة إنهار‬
‫الدم بأن يقطع الحلقوم وهو مجرى النفس والمرئ وهو مجرى الطعام ‪ ،‬ويتمم ذلك بقطع األوداج‬
‫وهي الوردان عرقان غليظان محيطان بالحلقوم يثعب منهما الدم ألن النبي صلى هللا عليه وسلم نهى‬
‫عن الذبيحة التي ال تفري أوداجها‪ ، /‬وجميع الرقبة من أعالها إلى أسفلها موضع للذبح ‪ ،‬لكن األفضل‬
‫نحر اإلبل من أسفل الرقبة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر‪ ، /‬وذبح البقر والغنم من أعلى‬
‫الرقبة أي مما يلي الرأس ولو ذبحها من وسط‪ /‬الرقبة أجزأت ‪ ،‬واذبحوا‪ /‬برفق وحدوا‪ /‬السكين وال‬
‫تحدوها وهي تنظر ‪ ،‬وال تذبحوها‪ /‬وأختها تنظر إليها ‪ ،‬وامروا السكين بقوة وسرعة واضجعوها على‬
‫جنبها األيسر أو األيمن على حسب ما يتيسر‪ /‬لكم ويكون أريح لها ‪ ،‬وال تلووا يدها على عنقها من‬
‫خلفها عند الذبح فإن ذلك تعذيب لها وإيالم بال فائدة لها ‪ ،‬وال تسلخوها أو تكسروا رقبتها‪ /‬قبل أن‬
‫تموت ‪ .‬وكلوا من األضاحي‪ /‬واهدوا وتصدقوا‪ ، /‬وال تعطوا الجزار أجرته منها بل أعطوه أجرته من‬
‫عندكم وأعطوه من األضحية إن شئتم هدية إن كان غنيا أو صدقة إن كان فقيرا ‪ ،‬ومن أهدي إليه‬
‫شيء منها أو تصدق‪ /‬به عليه فهو ملكه يتصرف فيه بما شاء من بيع أو غيره ‪.‬‬
‫أيها الناس ‪ :‬لقد علم الكثير منكم أن من أراد األضحية فإنه ال يأخذ من شعره وظفره وبشرته‬
‫من دخول العشر حتى يضحي لنهي النبي صلى هللا عليه وسلم عنه ‪ ،‬ولكن إذا لم يعزم أحدكم على‬
‫األضحية إال في أثناء العشر وقد أخذ شيئا من ذلك من قبل فال بأس أن يضحي وأضحيته تامة ؛ ألن‬
‫األخذ من ذلك ال ينقص األضحية وال يمنع منها بأي حال من األحوال ‪.‬‬
‫أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم ‪َ { :‬ولِ ُكلِّ أُ َّم ٍة َج َع ْلنَا َم ْن َس ًكا لِيَ ْذ ُكرُوا ا ْس َم هَّللا ِ َعلَى َما َرزَ قَهُْ‪/‬م ِم ْن‬
‫ت قُلُوبُهُْ‪/‬م‬‫بَ ِهي َم ِة اأْل َ ْن َع ِام فَإِلَهُ ُك ْم إِلَهٌ َوا ِح ٌد فَلَهُ أَ ْسلِ ُموا َوبَ ِّش ِر ْال ُم ْخبِتِينَ }{ الَّ ِذينَ إِ َذا ُذ ِك َر هَّللا ُ َو ِجلَ ْ‬
‫صاَل ِة َو ِم َّما َر َز ْقنَاهُ ْم يُ ْنفِقُونَ }{ َو ْالبُ ْدنَ َج َع ْلنَاهَا لَ ُك ْم ِم ْن‬‫صابَهُ ْم َو ْال ُمقِي ِمي ال َّ‬ ‫َوالصَّابِ ِرينَ َعلَى َما أَ َ‬
‫ط ِع ُموا ْالقَانِ َع‬ ‫ت ُجنُوبُهَا‪ /‬فَ ُكلُوا ِم ْنهَا َوأَ ْ‬ ‫اف فَإِ َذا َو َجبَ ْ‬
‫ص َو َّ‬‫َش َعائِ ِر هَّللا ِ لَ ُك ْم فِيهَا َخ ْي ٌر فَ ْاذ ُكرُوا ا ْس َم هَّللا ِ َعلَ ْيهَا َ‬
‫َال هَّللا َ لُحُو ُمهَا َواَل ِد َما ُؤهَا َولَ ِك ْن يَنَالُهُ التَّ ْق َوى‬ ‫َو ْال ُم ْعتَ َّر َك َذلِكَ َس َّخرْ نَاهَا لَ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْش ُكرُونَ }{ لَ ْن يَن َ‬
‫ِم ْن ُك ْم َك َذلِكَ َس َّخ َرهَا لَ ُك ْم لِتُ َكبِّرُوا هَّللا َ َعلَى َما هَدَا ُك ْم َوبَ ِّش ِ‪/‬ر ْال ُمحْ ِسنِينَ } ‪.‬‬
‫أقول قولي هذا وأستغفر هللا لي ولكم ‪ . .‬إلخ ‪.‬‬

You might also like