You are on page 1of 3

‫الخطبة التاسعة نماذج من اآلداب الفاضلة وضدها‬

‫الحمد هلل الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليخرج الناس‬
‫من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد هللا‬
‫الذي له ما في السماوات وما في األرض ‪ ،‬فهدى به من‬
‫الضاللة ‪ ،‬وبصر به من العمى ‪ ،‬وهدى به إلى صراط مستقيم ‪،‬‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده‪ D‬ال شريك له ‪ ،‬شهادة نرجو بها‬
‫النجاة من العذاب األليم والفوز بالنعيم المقيم ‪ ،‬وأشهد أن‬
‫محمدا عبده ورسوله المصطفى الكريم صلى هللا عليه وعلى‬
‫آله وأصحابه ‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما‬
‫‪.‬‬
‫أما بعد أيها الناس ‪ :‬اتقوا هللا تعالى ؛ وتخلقوا بمكارم األخالق‬
‫‪ ،‬وتجنبوا أراذلها ‪ ،‬فإنكم إن فعلتم ذلك هديتم إلى سنة نبيكم ‪،‬‬
‫ونلتم سعادة الدنيا واآلخرة ‪ ،‬أيها المسلمون ‪ :‬لقد جاء اإلسالم‬
‫آمرا ‪ ،‬وداعيا ‪ ،‬ومرغبا في مكارم األخالق ‪ ،‬وناهيا ‪ ،‬ومحذرا‬
‫عن مساويء األخالق ‪ ،‬أال وإن من مكارم األخالق لزوم‬
‫الصدق في األقوال واألفعال ‪ ،‬فإن الصدق يهدي إلى البر ‪،‬‬
‫والبر يهدي إلى الجنة ‪ ،‬وال يزال الرجل يصدق ‪ ،‬ويتحرى‬
‫الصدق حتى يكتب عند هللا صديقا ‪ ،‬ولقد أمر هللا بالصدق ‪،‬‬
‫ين آ َمنُوا اتَّقُوا هَّللا َ‬‫وأثنى على أهله فقال تعالى ‪ { :‬يَاأَيُّ َها الَّ ِذ َ‬
‫ق‬
‫ص َّد َ‬ ‫ْق َو َ‬ ‫الصد ِ‬ ‫ين } وقال ‪َ { :‬والَّ ِذي َجا َء بِ ِّ‬ ‫صا ِدقِ َ‬ ‫َو ُكونُوا َم َع ال َّ‬
‫ون ِع ْن َد َربِّ ِه ْم َذلِ َك َج َزا ُء‬‫ون }{ لَ ُه ْم َما يَشَا ُء َ‬‫بِ ِه أُولَئِ َك ُه ُم ا ْل ُمتَّقُ َ‬
‫ين } ولقد رفع هللا للصادقين ذكرهم‪ D‬في حياتهم ‪ ،‬وبعد‬ ‫ا ْل ُم ْح ِ‬
‫سن ِ َ‬
‫مماتهم ‪ ،‬فكانوا محل ثقة الناس ‪ ،‬وبذكرهم تطيب المجالس ‪،‬‬
‫ويثنى عليهم ‪ .‬أال وإن من مساويء األخالق أن يكون اإلنسان‬
‫كاذبا في قوله وفعله ‪ ،‬فإن الكذب يهدي إلى الفجور ‪ ،‬وإن‬
‫الفجور يهدي إلى النار ‪ ،‬وال يزال الرجل يكذب ‪ ،‬ويتحرى‬
‫الكذب حتى يكتب عند هللا كذابا ‪ ،‬ولقد أخبر هللا تعالى في كتابه‬
‫أن الكذب من صفات من ال يؤمنون باهلل فقال تعالى ‪ { :‬إِنَّ َما‬
‫ت هَّللا ِ َوأُولَئِ َك ُه ُم ا ْل َكا ِذبُ َ‬
‫ون }‬ ‫ين اَل يُ ْؤ ِمنُ َ‬
‫ون بِآيَا ِ‬ ‫يَ ْفتَ ِري ا ْل َك ِذ َ‬
‫ب الَّ ِذ َ‬
‫وقد جعل النبي صلى هللا عليه وسلم الكذب من عالمات النفاق‬
‫‪ ،‬فقال ‪ « :‬آية المنافق ثالث إذا حدث كذب ‪ ،‬وإذا وعد أخلف ‪،‬‬
‫وإذا أؤتمن خان » وهللا سبحانه وتعالى بحكمته وضع الكاذبين‬
‫في الموضع الالئق بهم ‪ ،‬فكانوا محال للقدح وعدم الثقة ‪ ،‬وذلك‬
‫جزاء الكاذبين ‪ .‬أال وإن من مكارم األخالق أن يعامل الرجل‬
‫الناس بالنصيحة والمعاملة الحسنة ‪ ،‬يعاملهم بما يجب أن‬
‫يعاملوه به يعاملهم بالصراحة ‪ ،‬فال يخون ‪ ،‬وال يغدر ‪ ،‬وال‬
‫يغش ‪ ،‬فالخيانة والغدر ‪ ،‬والغش أخالق ذميمة يحذر منها‬
‫الدين ‪ ،‬ويستقبحها كل عقل سليم ‪ ،‬وهي من الفساد في األرض‬
‫‪ ،‬وقد أخبر هللا تعالى في كتابه أن هللا ال يهدي كيد الخائنين ‪،‬‬
‫وال يصلح عمل المفسدين ‪ ،‬وأخبر النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫« أن لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به ‪ ،‬ويخزى به بين‬
‫الناس يقال ‪ :‬هذه غدرة فالن ابن فالن » ‪ ،‬وقال صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ « :‬من غشنا فليس منا » ‪ .‬وقال ‪ « :‬ما من عبد‬
‫يسترعيه هللا عز وجل رعية يموت يوم يموت ‪ ،‬وهو غاش‬
‫رعيته ‪ ،‬إال حرم هللا عليه الجنة » ‪ .‬أيها المسلمون ‪ :‬إن من‬
‫المؤسف جدا أن يتخذ بعض المسلمين من هذه األخالق الذميمة‬
‫أخالقا له ‪ ،‬فيهلك نفسه ‪ ،‬ويحط معنويته ‪ ،‬وينقص إيمانه لقد‬
‫كان بعض الناس يتخذ الكذب شطارة ومهارة ‪ ،‬فيقابل هذا‬
‫بوجه ‪ ،‬وهذا بوجه ‪ ،‬وشر الناس ذو الوجهين ثم يفتي نفسه‬
‫بأن الكذب مباح إال ما كان يتضمن أكال للمال ‪ ،‬فيجمع بين‬
‫الكذب على الناس ‪ ،‬والكذب على الشريعة ‪ ،‬وإن من أقبح‬
‫الكذب أن يقرن الكاذب قوله باليمين الكاذبة ‪ ،‬وأقبح من ذلك أن‬
‫يتضمن كذبه أكال للمال بالباطل أيضا ‪ ،‬فيجتمع له ثالث‬
‫مساويء الكذب ‪ ،‬والحلف عليه ‪ ،‬وأكل المال بغير حق ‪ ،‬وفي‬
‫الصحيحين أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ‪ « :‬من حلف‬
‫على يمين يقتطع بها مال امريء مسلم هو فيها فاجر لقي هللا‬
‫وهو عليه غضبان » وهذا ربما يوجد عند البيع والشراء‬
‫والخصومة تجده أنه يحلف أنها سميت كذا وكذا ‪ ،‬وهو يكذب ‪،‬‬
‫ولكن قصده أن يأخذ من أموال الناس زيادة ثمن تجده يحلف‬
‫عند القاضي أن ليس في ذمته لفالن كذا ‪ ،‬وهو كاذب ‪ ،‬ويرى‬
‫بعض الناس أن الغش والخداع حذق وعقل وغنيمة وكسب ‪،‬‬
‫فيفرح إذا غش غيره ‪ ،‬أو خدعه ‪ ،‬ويرى أن ذلك منقبة له‬
‫ورفعة ‪ ،‬والواقع أن الغش سفه ‪ ،‬وغرم ووضيعة وهالك‬
‫وخسارة ‪ ،‬فاتقوا هللا أيها المسلمون ‪ ،‬والزموا األخالق‬
‫الفاضلة ‪ ،‬وتجنبوا األخالق السافلة ‪ ،‬وأطيعوا هللا ورسوله إن‬
‫كنتم مؤمنين ‪ ،‬وفقني هللا وإياكم لمكارم األخالق ومحاسن‬
‫األعمال ‪ ،‬ورزقنا الصدق في األقوال واألعمال ‪ ،‬وجنبنا‬
‫منكرات األخالق واألعمال واألهواء واألدواء إنه جواد كريم ‪.‬‬
‫أقول قولي هذا ‪ . . .‬الخ ‪.‬‬

You might also like