You are on page 1of 5

‫ق عظي ٌم‪ ،‬ومقا ٌم من مقامات العبادة كريم‪ ،‬أم َر هللاُ به‪ ،‬ونهى عن ضدِّه‪ ،‬وأثنَى على أهلِه‪ ،‬ووصفَ

به‬ ‫ُخلُ ٌ‬
‫وأمره‪ .‬وع َد أهلَه بأحسن جزائِه‪ ،‬وجعلَه سببًا للمزيد من فضلِه‪ ،‬وحارسًا‬ ‫ِ‬ ‫خواصَّ خلقِه‪ ،‬وجعلَه غايةَ خلقه‬
‫ق لهم اس ًما من أسمائِه‪ ،‬هم القليلون من عباده‪ ،‬وحسبُكم‬ ‫لنعمه‪ ،‬وحافِظًا آلالئِه‪ .‬أهلُه هم ال ُمنتفِعون بآياته‪ ،‬اشت َّ‬
‫بهذا كلِّه فضالً وشرفًا وعل ‪ًًّS‬وا‪ .‬إنه "مقا ُم الشكر وفض ُل الشاكرين" ‪-‬يا عباد هللا‪ .-‬يقول ‪-‬ع َّز شأنه‪َ ( :-‬وا ْش ُكرُوا‬
‫ق‪...‬‬ ‫هَّلِل ِ إِ ْن ُك ْنتُ ْم إِيَّاهُ تَ ْعبُ ُدونَ ) [البقرة‪ ،]172 :‬فال يعبُده ح َّ‬
‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫الحمد هلل‪ ،‬الحمد هلل الولي الحميد‪ ،‬ذي العرش المجيد‪ ،‬الفعَّال لما يُريد‪ ،‬أحمده ‪-‬سبحانه‪ -‬وأشكرُه وع َد الشاكرين‬
‫بالمزيد‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له شهادةَ اإلخالص والتوحيد‪ ،‬وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا‬
‫عب ُد هللا ورسولُه أفض ُل األنبياء وأشرفُ العبيد‪ ،‬صلَّى هللا وسلَّم وبا َرك عليه‪ ،‬وعلى آله السادة األطهار‪،‬‬
‫بإحسان إلى يوم الوعيد‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وأصحابِه الب َررة األخيار ذوي القول السديد والنهج الرشيد‪ ،‬والتابعين ومن تبِ َعهم‬
‫وسلَّم التسلي َم الكثي َر المزيد‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فأُوصيكم ‪-‬أيها الناس‪ -‬ونفسي بتقوى هللا‪ ،‬فاتقوا هللا ‪-‬رحمكم هللا‪-‬؛ فتقوى هللا عليها ال ُمع َّول‪ ،‬وعليكم بما كان‬
‫سارعوا إلى مغفرة ربِّكم ومرضاته‪ ،‬وأجيبُوا دا ِعي ربِّكم إلى دار كرامتِه‬ ‫عليه السلفُ الصال ُح والصد ُر األول‪ِ ،‬‬
‫وجنَّاته‪.‬‬
‫ْ‬
‫وبسطتَ رزقَنا‪،‬‬ ‫لك الحم ُد ربَّنا باإلسالم‪ ،‬ولك الحم ُد بالقرآن‪ ،‬ولك الحم ُد باألهل والمال وال ُمعافاة‪ .‬كبَ َّ‬
‫ت عد َّونا‪،‬‬
‫وأظهرتَ أمنَنا‪ ،‬وجمعتَ فُرقتَنا‪ ،‬وأحسنتَ ُمعافاتَنا‪ ،‬ومن كل ما سألناك ربَّنا أعطيتَنا‪.‬‬

‫ث‪ ،‬أو سرٍّ أو‬ ‫فلك الحم ُد على ذلك كثيرًا‪ ،‬كما تُن ِع ُم كثي ًرا‪ ،‬لك الحم ُد بكل نعم ٍة أنعمتَ بها علينا في ٍ‬
‫قديم أو حدي ٍ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ت‪ ،‬أو شاه ٍد أو غائ ٍ‬
‫حي أو ميِّ ٍ‬ ‫عالني ٍة‪ ،‬أو خا َّ‬
‫ص ٍة أو عا َّم ٍة‪ ،‬أو ٍّ‬

‫رضيت‪ ،‬ولوج ِهك الدائِم الباقي الحمدُ‪ .‬فالحم ُد هلل رب العالمين‪.‬‬


‫لك الحم ُد حتى ترضى‪ ،‬ولك الحم ُد إذا ِ‬

‫ق عظي ٌم‪ ،‬ومقا ٌم من مقامات العبادة كريم‪ ،‬أم َر هللاُ به‪ ،‬ونهى عن ضدِّه‪ ،‬وأثنَى على أهلِه‪،‬‬ ‫معاشر المسلمين‪ُ :‬خلُ ٌ‬
‫وأمره‪ .‬وع َد أهلَه بأحسن جزائِه‪ ،‬وجعلَه سببًا للمزيد من فضلِه‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ووصفَ به خواصَّ خلقِه‪ ،‬وجعلَه غايةَ خلقه‬
‫وحارسًا لنعمه‪ ،‬وحافِظًا آلالئِه‪.‬‬

‫‪ ‬أهلُه هم ال ُمنتفِعون بآياته‪ ،‬اشت َّ‬


‫ق لهم اس ًما من أسمائِه‪ ،‬هم القليلون من عباده‪ ،‬وحسبُكم بهذا كلِّه فضالً وشرفًا‬
‫وعل ‪ًًّS‬وا‪ .‬إنه "مقا ُم الشكر وفض ُل الشاكرين" ‪-‬يا عباد هللا‪.-‬‬

‫يقول ‪-‬ع َّز شأنه‪َ ( :-‬وا ْش ُكرُوا هَّلِل ِ إِ ْن ُك ْنتُ ْم إِيَّاهُ تَ ْعبُ ُدونَ ) [البقرة‪ ،]172 :‬فال يعبُده ح َّ‬
‫ق عبادته إال الشاكرون‪.‬‬

‫ُون) [البقرة‪ ،]152 :‬ويقول ‪-‬جل وعال‪َ ( :-‬وإِ ْذ تَأ َ َّذنَ َربُّ ُك ْم لَئِ ْن‬
‫ويقول ‪-‬ع َّز شأنه‪َ ( :-‬وا ْش ُكرُوا لِي َواَل تَ ْكفُر ِ‬
‫ي ال َّش ُكو ُر)‬ ‫َشكَرْ تُ ْم أَل َ ِزي َدنَّ ُك ْم َولَئِ ْن َكفَرْ تُ ْم إِ َّن َع َذابِي لَ َش ِدي ٌد) [إبراهيم‪ ،]7 :‬ويقول ‪-‬ع َّز شأنه‪َ ( :-‬وقَلِي ٌل ِم ْن ِعبَا ِد َ‬
‫[سبأ‪.]13 :‬‬

‫راس ٌخ في نفوس الصالحين‪ ،‬تمتلِ ُئ به قلوبُهم‪ ،‬وتلهَ ُج‬


‫عباد هللا‪ :‬الشك ُر أم ٌر مستقرٌّ في سُلوك ال ُمتعبِّدين‪ ،‬ونه ٌج ِ‬
‫جوارحهم‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ألسنتُهم‪ ،‬ويظه ُر على‬‫به ِ‬

‫‪ ‬وأو ُل أنبياء هللا نو ٌح ‪-‬عليه السالم‪ ،-‬وصفَه ربُّه بقوله‪( :‬إِنَّهُ َكانَ َع ْبدًا َش ُكورًا) [اإلسراء‪ ،]3 :‬والخلي ُل إبراهيم‬
‫اط ُم ْستَقِ ٍيم) [النحل‪ ،]121 :‬ويقول‬ ‫صاحب الملَّة الحنيفية قال فيه ربُّه‪َ ( :‬شا ِكرًا أِل َ ْن ُع ِم ِه اجْ تَبَاهُ َوهَدَاهُ إِلَى ِ‬
‫ص َر ٍ‬
‫سليمان ‪-‬عليه السالم‪ -‬وهو ينظ ُر فيما خصَّه به ربُّه من نعمه وس َّخر له من مخلوقاتِه‪َ ( :‬ربِّ أَوْ ِز ْعنِي أَ ْن أَ ْش ُك َر‬
‫ك الصَّالِ ِحينَ )‬ ‫ك فِي ِعبَا ِد َ‬ ‫ضاهُ َوأَ ْد ِخ ْلنِي بِ َرحْ َمتِ َ‬ ‫صالِحًا تَرْ َ‬ ‫ي َوأَ ْن أَ ْع َم َل َ‬ ‫ك الَّتِي أَ ْن َع ْمتَ َعلَ َّي َو َعلَى َوالِ َد َّ‬
‫نِ ْع َمتَ َ‬
‫[النمل‪ ،]19 :‬ويقول‪( :‬هَ َذا ِم ْن فَضْ ِل َربِّي لِيَ ْبلُ َونِي أَأَ ْش ُك ُر أَ ْم أَ ْكفُ ُر َو َم ْن َش َك َر فَإِنَّ َما يَ ْش ُك ُر لِنَ ْف ِس ِه َو َم ْن َكفَ َر فَإِنَّ‬
‫َربِّي َغنِ ٌّي َك ِري ٌم) [النمل‪.]40 :‬‬

‫ص أنبيا ُء هللا ‪-‬عليهم السالم‪ -‬على تذكير أقوا ِمهم بهذا المقام العظيم من مقامات العبودية؛ فها هو‬ ‫حر َ‬ ‫‪ ‬ولقد ِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ق بَ ْسطة فاذكرُوا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫هو ٌد ‪-‬عليه السالم‪ -‬يقول لقومه‪َ ( :‬واذكرُوا إِذ َج َعلك ْم خلفا َء ِم ْن بَ ْع ِد قوْ ِم ن ٍ‬
‫وح َوزَا َدك ْم فِي الخَل ِ‬
‫آاَل َء هَّللا ِ لَ َعلَّ ُك ْم تُ ْفلِحُونَ ) [األعراف‪.]69 :‬‬

‫ويقول صال ٌح ‪-‬عليه السالم‪ -‬وهو يُع ِّد ُد على قو ِمه ما من َحه ربُّهم من مظاهر النِّ َعم والقوة‪َ ( :‬و ْاذ ُكرُوا إِ ْذ َج َعلَ ُك ْم‬
‫ض تَتَّ ِخ ُذونَ ِم ْن ُسهُولِهَا قُصُورًا َوتَ ْن ِحتُونَ ْال ِجبَا َل بُيُوتًا فَ ْاذ ُكرُوا آاَل َء هَّللا ِ َواَل‬
‫ُخلَفَا َء ِم ْن بَ ْع ِد عَا ٍد َوبَ َّوأَ ُك ْم فِي اأْل َرْ ِ‬
‫ض ُم ْف ِس ِدينَ ) [األعراف‪.]74 :‬‬ ‫تَ ْعثَوْ ا فِي اأْل َرْ ِ‬
‫أما نبيُّنا محم ٌد ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬وهو الذي قد غف َر هللا له ما تق َّدم من ذنبِه وما تأ َّخر‪ ،‬فيقو ُم لربِّه من الليل‬
‫حتى تتفطَّر قدماه‪ ،‬ويقول‪" :‬أفال أكونُ عبدًا شكورًا؟!"‪.‬‬

‫اعتراف من العبد بمنَّة هللا عليه‪ ،‬وإقرا ٌر بنع ِمه عليه من خي َري الدنيا واآلخرة في‬
‫ٌ‬ ‫معاشر اإلخوة‪ :‬الشك ُر‬
‫النفس‪ ،‬وفي األهل والمال واألعمال‪ ،‬وفي شأن العبد كلِّه‪.‬‬

‫راض عن ربِّه؛ فالشك ُر حياةُ القلب وحيَّويَّتُه‪ ،‬والشك ُر قي ُد النعم الموجودة‪ ،‬وصي ُد‬
‫ٍ‬ ‫الشك ُر دلي ٌل على أن العب َد‬
‫النعم المفقودة‪.‬‬

‫ق‬
‫الشك ُر دلي ٌل على صفاء النفس‪ ،‬وطهارة القلب‪ ،‬وسالمة الصدر‪ ،‬وكمال العقل؛ بل إن هللا ‪-‬جل وعال‪ -‬خل َ‬
‫ون أُ َّمهَاتِ ُك ْم اَل تَ ْعلَ ُمونَ َش ْيئًا َو َج َع َل لَ ُك ُم‬
‫الناس من أجل أن يش ُكروه‪ ،‬يقول ‪-‬جل وعال‪َ ( :-‬وهَّللا ُ أَ ْخ َر َج ُك ْم ِم ْن بُطُ ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أْل‬
‫صا َر َوا فئِ َدةَ ل َعلك ْم تَشكرُونَ ) [النحل‪.]78 :‬‬ ‫َ‬ ‫أْل‬
‫ال َّس ْم َع َوا ْب َ‬

‫ص ْينَا اإْل ِ ْن َسانَ بِ َوالِ َد ْي ِه َح َملَ ْتهُ أُ ُّمهُ َو ْهنًا َعلَى َو ْه ٍن َوفِ َ‬
‫صالُهُ فِي‬ ‫والشك ُر أو ُل وصيَّ ٍة وصَّى بها اإلنسان‪َ ( :‬و َو َّ‬
‫صي ُر) [لقمان‪.]14 :‬‬ ‫ك إِلَ َّي ْال َم ِ‬
‫عَا َمي ِْن أَ ِن ا ْش ُكرْ لِي َولِ َوالِ َد ْي َ‬

‫وأخب َر ‪-‬ع َّز شأنه‪ -‬أن ِرضاه في ُشكره‪ ،‬فقال‪َ ( :‬وإِ ْن تَ ْش ُكرُوا يَرْ َ‬
‫ضهُ لَ ُك ْم) [الزمر‪.]7 :‬‬

‫كما جعلَه سببًا من أسباب األمن من عذاب هللا‪ ،‬يقول ‪-‬ع َّز شأنه‪َ ( :-‬ما يَ ْف َع ُل هَّللا ُ بِ َع َذابِ ُك ْم إِ ْن َشكَرْ تُ ْم َوآ َم ْنتُ ْم َو َكانَ‬
‫هَّللا ُ َشا ِكرًا َعلِي ًما) [النساء‪.]147 :‬‬

‫ْض‬ ‫ك فَتَنَّا بَ ْع َ‬
‫ضهُ ْم بِبَع ٍ‬ ‫بل لقد خصَّ هللا الشاكرين بمنَّته عليهم من بين سائر عباده‪ ،‬فقال ‪-‬جل وعال‪َ ( :-‬و َك َذلِ َ‬
‫ْس هَّللا ُ بِأ َ ْعلَ َم بِال َّشا ِك ِرينَ ) [األنعام‪.]53 :‬‬
‫لِيَقُولُوا أَهَؤُاَل ِء َم َّن هَّللا ُ َعلَ ْي ِه ْم ِم ْن بَ ْينِنَا أَلَي َ‬

‫أركان ثالثة‪ :‬االعترافُ بالنعم باطنًا مع محبَّة ال ُمن ِعم‪.‬‬


‫ٌ‬ ‫وللشكر‬
‫ِ‬ ‫أيها اإلخوة‪:‬‬

‫والتح ُّد ُ‬
‫ث بها ظاه ًرا مع الثناء على هللا‪.‬‬

‫معاصيه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬وصرفُها في طاعة هللا ومرضاته واجتناب‬

‫‪ ‬ورؤوسُ النعم ثالثة‪ :‬أولُها وأوالها‪ :‬نعمة اإلسالم التي ال تت ُّم نعمةٌ على الحقيقة إال بها‪.‬‬

‫ونعمةُ العافية التي ال تستقي ُم الحياةُ إال بها‪.‬‬


‫ونعمةُ الرِّ ضا التي ال يَطيبُ العيشُ إال بها‪.‬‬

‫شاكر وهو في بالء‪،‬‬


‫ٍ‬ ‫‪ ‬يقول الحسنُ البصريُّ ‪-‬رحمه هللا‪" :-‬الخي ُر الذي ال ش َّر فيه‪ :‬العافية مع الشكر؛ فكم من‬
‫وكم من ُمن َع ٍم عليه وهو غي ُر شا ِكر‪ .‬فإذا سألتُم هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬فاسألُوه الشك َر مع العافية"‪.‬‬

‫‪ ‬وشك ُر هللا ‪-‬أيها الصائمون القائمون‪ -‬واجبٌ في جميع األحوال‪ :‬في الصحة وال َّسقَم‪ ،‬والشباب واله َرم‪ ،‬والفقر‬
‫وال ِغنى‪ ،‬والفراغ وال ّشغل‪ ،‬والسرَّاء والضرَّاء‪ ،‬واليقَظَة والمنام‪ ،‬والسفَر واإلقامة‪ ،‬وفي ال َخلوة واالختالط‪،‬‬
‫قيا ًما وقعودًا وعلى جنوبكم‪.‬‬

‫يعرف نع َم هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬عليه إال في مطعمه ومشربِه فقد ق َّل عل ُمه"‪ .‬ألن نعم هللا‬ ‫‪ ‬يقول أبو الدرداء‪" :‬من لم ِ‬
‫دائمة‪ ،‬وآال َءه ُمتتابِعة‪َ ( ،‬وآتَا ُك ْم ِم ْن ُكلِّ َما َسأ َ ْلتُ ُموهُ َوإِ ْن تَ ُع ُّدوا نِ ْع َمتَ هَّللا ِ اَل تُحْ صُوهَا إِ َّن اإْل ِ ْن َسانَ لَظَلُو ٌم َكفَّا ٌر)‬
‫ض َوأَ ْسبَ َغ َعلَ ْي ُك ْم‬
‫ت َو َما فِي اأْل َرْ ِ‬ ‫[إبراهيم‪ ،]34 :‬وقال ‪-‬ع َّز شأنه‪( :-‬أَلَ ْم تَ َروْ ا أَ َّن هَّللا َ َس َّخ َر لَ ُك ْم َما فِي ال َّس َما َوا ِ‬
‫اطنَةً) [لقمان‪.]20 :‬‬ ‫نِ َع َمهُ َ‬
‫ظا ِه َرةً َوبَ ِ‬

‫صر‪ ،‬اش ُكروا ربَّكم على ما أظه َر من جميل‪،‬‬


‫صى‪ ،‬وميادينَه ال تُح َ‬
‫‪ ‬واعلموا ‪-‬وفقكم هللا‪ -‬أن وسائل الشكر ال تُح َ‬
‫وعلى ما ستَ َر من قبيح‪.‬‬

‫ُ‬
‫أصبحت بين نعمتين ال أدري أيّهما أفضل‪ :‬ذنوبٌ ست َرها هللا‬ ‫‪ ‬قال رج ٌل ألبي تميمة‪ :‬كيف أصبَحتَ ؟! قال‪" :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫‪-‬عز وجل‪ -‬فال يستطي ُع أح ٌد أن يُعيِّ َرني بها‪ ،‬ومو َّدة قذفها هللا في قلو ِ‬
‫ب العباد لم يبلغها عملي"‪.‬‬

‫‪ ‬ويكونُ الشك ُر بالصالة؛ فإن النبي ‪-‬صلى هللا عليه وآله وسلم‪ -‬يُصلِّي من الليل حتى تتفطَّر قدماه‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫"أفال أكون عبدًا شكورًا؟!"‪.‬‬

‫‪ ‬ويكونُ بالصيام؛ فقد صا َم ُمو َسى ‪-‬عليه السالم‪ -‬يوم عاشوراء ُشكرًا هلل؛ إذ نجَّاه وقو َمه من فرعون وقو ِمه‪ ،‬ثم‬
‫صا َمه نبيُّنا محم ٌد ‪-‬صلى هللا عليه وآله وسلم‪ -‬وأم َر بصيا ِمه‪ ،‬وقال لليهود‪" :‬نحن أح ُّ‬
‫ق ب ُمو َسى منكم"‪.‬‬

‫شكر يسجُدها المؤمن إذا جا َءه خي ٌر من ربِّه‪ ،‬أو حدثَت له نعمةٌ من مواله‪ ،‬وقد سج َد‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬كما يكونُ الشك ُر ب َسجدة‬
‫نبيُّكم محم ٌد ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬حين أخب َره جبريل ‪-‬عليه السالم‪ -‬أن هللا يقول‪" :‬من صلَّى عليك صالةً‬
‫واحدةً صلَّى هللا عليه بها عشرًا"‪.‬‬

‫‪ ‬وسج َد أبو بكر ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬لما بلغَه مقت ُل ُمسيلِمة الك َّذاب‪ .‬وسج َد ٌّ‬
‫علي ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬لما بلغَه مقت ُل‬
‫تاب هللا عليه‪.‬‬‫الخارجي ابن الثديَّة‪ .‬وسج َد كعبُ بن مالك لما َ‬
‫ِّ‬

‫ُّلمي‪" :‬الصالةُ شكرٌ‪ ،‬والصيا ُم شكرُ‪ ،‬وكلُّ خير يعمله هلل ‪-‬عز وجل‪ -‬الشكرُ‪ ،‬وأفض ُل‬
‫يقول عبد الرحمن الس ُّ‬
‫الشكر الحم ُد"‪.‬‬

‫‪ ‬وتَعدا ُد النِّعم من الشكر‪ ،‬والتح ُّدث بالنِّعم من الشكر‪ ،‬ومن أثنَى فقد ش َكر‪ ،‬والقناعةُ شكرٌ؛ فكن قانِعًا ت ُكن أشك َر‬
‫ق‪ .‬ومن قصُرت يدُه عن ال ُمكافأة فليُكثِر من الشكر والثناء‪ ،‬ومن ال يش ُكر‬ ‫ق‪ ،‬وال ُمكافأةُ ِعت ٌ‬
‫الناس‪ ،‬والمعروفُ ِر ٌّ‬
‫القليل ال يش ُكر الكثير‪.‬‬

‫الشكر‪ :‬أن ال يزا َل لسانُك رطبًا من ذكر هللا‪ ،‬ومن قال إذا أصب َح وإذا أم َسى‪" :‬اللهم ما أصب َح بي من‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬ومن‬
‫نعم ٍة أو بأح ٍد من خلقِك فمنك وحدك ال شريك لك‪ ،‬فلك الحم ُد ولك الشكرُ‪ .‬فقد أ َّدى شك َر يو ِمه"‪.‬‬

‫‪ ‬وبعد ‪-‬رحمكم هللا‪:-‬‬


‫الكلب‬
‫َ‬ ‫‪ ‬فإن من فضل هللا ورحمته ولُطفه‪ :‬أنه ‪-‬ج َّل في عُاله‪ -‬يشك ُر لعباده‪ ،‬فهو الغفو ُر الشكور؛ فالذي سقَى‬
‫عوزين‪ ،‬وير َح ُم‬ ‫ُحسنُ للمسلمين‪ ،‬ويتفقَّ ُد ال ُمحتاجين‪ ،‬ويتص َّد ُ‬
‫ق على ال ُم ِ‬ ‫شك َر هللا له فغفَ َر له؛ فكيف بمن ي ِ‬
‫ال ُمستض َعفين‪.‬‬

‫‪ ‬والذي أ َّخر ُغصن الشوك عن الطريق ش َكر هللا له فغفَ َر له؛ فكيف بمن يسعى في تيسير أمور الناس وتفريج‬
‫همومهم وتنفيس كروبهم؟!‪ ‬‬

‫ومن لُطفه ‪-‬ع َّز شأنه‪ -‬أن جع َل ُشك َر الناس من ُشكر هللا‪" :‬ال يشك ُر هللا من ال يش ُكر الناس"‪.‬‬

‫‪ ‬ومن لُطفه كذلك‪ :‬أن جع َل من شك َر فإنما يشك ُر لنفسه‪.‬‬

‫‪ ‬أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‪َ ( :‬وآيَةٌ لَهُ ُم اأْل َرْ ضُ ْال َم ْيتَةُ أَحْ يَ ْينَاهَا َوأَ ْخ َرجْ نَا ِم ْنهَا َحًب‪ًّS‬ا فَ ِم ْنهُ يَأْ ُكلُونَ * َو َج َع ْلنَا‬
‫ُون * لِيَأْ ُكلُوا ِم ْن ثَ َم ِر ِه َو َما َع ِملَ ْتهُ أَ ْي ِدي ِه ْم أَفَاَل يَ ْش ُكرُونَ *‬ ‫ب َوفَجَّرْ نَا فِيهَا ِمنَ ْال ُعي ِ‬ ‫يل َوأَ ْعنَا ٍ‬ ‫فِيهَا َجنَّا ٍ‬
‫ت ِم ْن ن َِخ ٍ‬
‫ت اأْل َرْ ضُ َو ِم ْن أَ ْنفُ ِس ِه ْم َو ِم َّما اَل يَ ْعلَ ُمونَ ) [يس‪.]36 -33 :‬‬ ‫ق اأْل َ ْز َوا َج ُكلَّهَا ِم َّما تُ ْنبِ ُ‬
‫ُس ْب َحانَ الَّ ِذي َخلَ َ‬

‫‪ ‬نفعني هللا وإياكم بالقرآن العظيم‪ ،‬وبهدي محم ٍد ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،-‬وأقول قولي هذا‪ ،‬وأستغفر هللا لي‬
‫ب وخطيئ ٍة؛ فاستغفروه‪ ،‬إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫ولكم ولسائر المسلمين من كل ذن ٍ‬

‫‪ ‬الخطبة الثانية‪:‬‬

‫وهب من العلم وفهَّ َمه‪،‬‬


‫َ‬ ‫صى كل شي ٍء وعلِ َمه‪ ،‬وأتقنَ ما صنَع وأحك َمه‪ ،‬أحمده ‪-‬سبحانه‪ -‬على ما‬ ‫‪ ‬الحمد هلل‪ ،‬أح َ‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له شهادةَ من عرفَ الح َّ‬
‫ق والتز َمه‪ ،‬وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ‬
‫هللا ورسولُه صد َع بالحق وأسم َعه‪ ،‬صلَّى هللا وسلَّم وبا َرك عليه‪ ،‬وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأنصار ممن‬
‫ع َّزره ووقَّ َره وكرَّمه‪ ،‬وسلَّم تسلي ًما كثيرًا‪.‬‬

‫ترجع إليهم‪.‬‬ ‫أحسنوا جوا َر نعم هللا؛ فإنها ق َّل ما نفَ َرت عن أهل بي ٍ‬
‫ت فكادَت أن ِ‬ ‫‪ ‬أيها المسلمون‪ِ :‬‬

‫من به على الحرمين الشريفين وأهلِهما من األمن‬ ‫‪ ‬وإن من ُشكر هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬واالعتراف بفضلِه ونعمته‪ :‬ما َّ‬
‫وسعي‬
‫ٍ‬ ‫وطواف‬
‫ٍ‬ ‫واألمان‪ ،‬والخير وال َّرغَد‪ ،‬و ُحسن الرعاية والخدمة‪ ،‬وتقديم كل ما يُيسِّر العبادة من صال ٍة‬
‫وزيار ٍة‪ ،‬وتطهير البيت للطائفين والقائمين والرُّ َّكع السجُود‪ ،‬للعا ِكف والبا ِد‪.‬‬

‫ت تتما َشى مع متطلَّبات الوقت‬ ‫ت وإصالحا ٍ‬‫وتوسعا ٍ‬


‫ِ‬ ‫وبذل ال يقِفُ عند حدٍّ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ت منقطع ِة النظير‪،‬‬ ‫‪ ‬في خدما ٍ‬
‫توظيف ل ُمستج َّدات العصر وتقنيَّاته‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وازدياد ال ُحجَّاج وال ُع َّمار والز َّوار‪ ،‬وحُسن‬

‫‪ ‬ونظ ًرا ألهمية هذه األعمال والمشروعات ومكانتها وس َعتها والحاجة إليها واالحتياطات فيها؛ فإن ذلك يتطلَّب‬
‫قاصدي الحرمين الشريفين في‬
‫تقتضيها المصلحة‪ ،‬والسيَّما مصلحة ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪-‬في بعض األحيان‪ -‬اتخا َذ قرارات‬
‫التيسير عليهم‪ ،‬واالطمئنان على سالمتهم و ُحسن تقديم الخدمة لهم‪.‬‬

‫‪ ‬ومن جُملة القرارات‪ :‬الحاجةُ إلى تخفيف وترتيب وتنظيم أعداد ال ُحجَّاج وال ُمعت ِمرين‪ ،‬والتوعية بالدعوة إلى‬
‫المجيء إلى الحرم الشريف لم َّدة ُمؤقَّتة‪ ،‬وهي فترةُ اكتمال هذه المشروعات العظيمة من أجل سالمة‬ ‫تقليل ِ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫قاصدي المسجد الحرام‪ ،‬ومن أجل إنجاز المشروع وإنهائِه في الوقت ال ُمحدد‪ ،‬وبالصورة ال ُمثلى‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪  ‬وإن األمل كبي ٌر في إدراك ذلك وتفهُّمه‪ ،‬والتعاون من الجميع لمصلحة الجميع إنجا ًزا وسالمةً وأمنًا‪.‬‬

‫‪ ‬بارك هللا في الجهود‪ ،‬وس َّدد ال ُخطى‪ ،‬وأجزل المثوبةَ ل ُوالة أمرنا على حُسن رعايتهم‪ ،‬وجليل خدامتهم‪ ،‬وأدا َم‬
‫علينا أمنَنا وأمانَنا‪ ،‬وحفِظنا من كل مكروه‪.‬‬
‫‪ ‬ومن الشكر ‪-‬يا عباد هللا‪ :-‬نعمةُ التوفيق للطاعة وحُسن العبادة‪ ،‬ونعمةُ بُلوغ هذا الشهر الكريم والتوفيق‬
‫لصيامه وقيامه‪ ،‬وأيُّ حرمان ونُكران أعظم ممن أدرك شه َر رمضان فلم يُغفَر له؟! ومن ح ِ‬
‫ُرم خي َر هذا الشهر‬
‫ق ُشكره وأنتم على أبواب عشره األخيرة‪.‬‬ ‫ُرم‪ .‬اش ُكروا هللا ح َّ‬
‫فقد ح ِ‬
‫‪ ‬تأسَّوا بنبيِّكم محم ٍد ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬؛ فقد كان أجو َد بالخير من الرِّ يح ال ُمر َسلة‪ ،‬وكان أجو َد ما يكون في‬
‫هذه األيام يُوقِظُ أهلَه‪ ،‬ويُحيِي ليلَه‪ ،‬وي ُش ُّد ال ِمئ َز َر‪.‬‬

‫مواسم وأوقات يفوز فيها عا ِملون ويُقصِّ ُر‬


‫ِ‬ ‫‪ ‬لآلخرة أسوا ٌ‬
‫ق يربَح فيها أقوام ويخسر آخرون‪ ،‬وللطاعة‬
‫مخذولون‪.‬‬

‫حاسب نف َسك ‪-‬يا عبد هللا‪ ،-‬وانظر في صحائِف أعمالك‪ :‬برٌّ ونفقة‪،‬‬
‫‪ ‬فأ ُروا هللا ‪-‬رحمكم هللا‪ -‬من أنفسكم خيرًا‪ِ ،‬‬
‫ٌ‬
‫وإحسان وصدقة‪ ،‬ومواساة وإغاثات‪ ،‬وصالة وصيام‪ ،‬وقراءة وقيام‪ ،‬وذك ٌر ودعاء‪.‬‬

‫ويستدر ُ‬
‫ك تقصي َره؛ فالخي ُر في هذه العشر‪ ،‬وفيها‬ ‫ِ‬ ‫ك فيها العب ُد ما فاتَه‪،‬‬
‫‪ ‬أيام هي أفض ُل أيام هذا الشهر‪ ،‬يتدا َر ُ‬
‫ليلةُ القدر ليلةٌ خي ٌر من ألف شهر من أدركها فقد فاز بعظيم الثواب واألجر‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫ُقوي اإليمان‪ ،‬ويُز ِّكي النفوس‪ ،‬ويُقرِّ بُ من هللا ‪-‬جل وعال‪.-‬‬


‫‪ ‬اجتها ٌد ي ِّ‬

‫‪ ‬أال فاتقوا هللا ‪-‬رحمكم هللا‪ ،-‬وتقبَّل هللا منا ومنكم الصيام والقيام‪ ،‬وصالح األعمال والطاعات‪.‬‬

‫‪ ‬قابِلوا إحسانَ ربِّكم باإلحسان‪ ،‬واحفَظوا النِّ َعم بالطاعة وال ِعرفان؛ ففض ُل هللا عظيم‪ ،‬وإنعا ُمه جسيم‪ ،‬وخيرُه‬
‫ك أن ال يش ُكر‬
‫نوال وإن ج َّل‪ .‬ومن لم يكن لقليل المعروف عنده وق ٌع أوش َ‬ ‫ٍ‬ ‫شكر وإن ق َّل ٌ‬
‫ثمن لكل‬ ‫ٍ‬ ‫عميم‪ ،‬وكل‬
‫الكثير‪.‬‬

‫‪ ‬هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة ال ُمهداة‪ ،‬والنعمة ال ُمسداة‪ :‬نبيِّكم محم ٍد رسول هللا؛ فقد أمركم بذلك ربُّكم‪،‬‬
‫صلُّونَ َعلَى النَّبِ ِّي يَا أَيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُوا َ‬
‫صلُّوا َعلَ ْي ِه َو َسلِّ ُموا تَ ْسلِي ًما)‬ ‫قائل عليم‪( :-‬إِ َّن هَّللا َ َو َماَل ئِ َكتَهُ يُ َ‬
‫فقال ‪-‬ع َّز من ٍ‬
‫[األحزاب‪.]56 :‬‬

‫وبارك على عبدك ورسولك نبيِّنا محم ٍد الحبيب ال ُمصطفى‪ ،‬والنبي ال ُمجتبى‪ ،‬وعلى آله‬ ‫ِ‬ ‫اللهم صلِّ وسلِّم‬
‫وارض اللهم عن الخلفاء األربعة الراشدين‪ :‬أبي بكر‪،‬‬
‫َ‬ ‫الطيبين الطاهرين‪ ،‬وعلى أزواجه أمهات المؤمنين‪،‬‬
‫َّ‬
‫بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وعنا معهم‬
‫ٍ‬ ‫وعلي‪ ،‬وعن الصحابة أجمعين‪ ،‬والتابعين ومن تبِ َعهم‬‫ٍّ‬ ‫وعُمر‪ ،‬وعُثمان‪،‬‬
‫بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم األكرمين‪.‬‬

‫اللهم أ ِع َّز اإلسالم والمسلمين‪ ،‬اللهم أ ِع َّز اإلسالم والمسلمين‪ ،‬اللهم أ ِع َّز اإلسالم والمسلمين‪ ،‬وأ ِذ َّل الشرك‬
‫والمشركين‪ ،‬واخ ُذل الطغاة والمالحدة وسائر أعداء الملَّة والدين‪.‬‬

You might also like