You are on page 1of 6

‫الحمد هلل رب العالمين هلل رب العالمين الغفور الشكور العزيز الغفور‪ ،‬سبحانه سبحانه‬

‫جعل عبادة الشكر أعلى العبادات عند حضرته شأنا ً وأرفعهم لديه قدرا‪ ،‬فجعلها عبادة‬
‫وجه إليها عز وجل النبيين والمرسلين فقال‬ ‫‪:‬األنبياء والمرسلين‪َّ ،‬‬
‫ش ُكو ُر" (‪13‬سبأ)"‬ ‫ش ْك ًرا َوقَلِي ٌل ِمنْ ِعبَا ِد َ‬
‫ي ال َّ‬ ‫‪.‬ا ْع َملُوا آَ َل َدا ُوو َد ُ‬
‫نوح عليه وعلى نبينا‬ ‫ٍ‬ ‫وأثنى على النبيين الذين قاموا بهذه العبادة حق القيام‪ ،‬فقال عن‬
‫‪:‬أفضل الصالة وأتم السالم‬
‫ش ُكو ًرا" (‪3‬اإلسراء)"‬ ‫ان َع ْب ًدا َ‬ ‫‪.‬إِنَّهُ َك َ‬
‫‪:‬وقال عن إبراهيم أبي األنبياء عليه وعلى نبينا أفضل الصالة وأتم السالم‬
‫‪.‬شَا ِك ًرا ال ْن ُع ِم ِه" (‪121‬النحل)"‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬طلب من المسلمين أجمعين لزيادة النعم‬
‫وتكثير الخيرات ومزيد الفضل والبركات في جميع األوقات أن يكونوا له دائما ً من‬
‫‪:‬الشاكرين‪ ،‬فقال عز شأنه‬
‫ش َك ْرتُ ْم ال ِزي َدنَّ ُك ْم" (‪7‬الرعد)"‬ ‫‪.‬لَئِنْ َ‬
‫وأشهد أن سيدنا محمداً عبد هللا ورسوله‪ ،‬إمام الشاكرين وسيد العابدين وأول الحامدين‬
‫هلل في الدنيا ويوم الدين‪ ،‬الذي كان يقوم الليل بين يدي مواله حتى تتورم منه األقدام‪،‬‬
‫‪:‬فتقول السيدة عائشة رضي هللا عنها‬
‫‪:‬يا رسول هللا ألم يغفر لك هللا ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول صلى هللا عليه وسلَّم‬
‫‪).‬يا عائشة أفال أكون عبداً شكورا(‬
‫اللهم ص ِّل وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وارزقنا هُداه‪ ،‬ووفقنا للعمل بشرعه واتباع‬
‫سنته في الدنيا‪ ،‬وارزقنا لواء شفاعته وال ُرفقة معه في الجنة أجمعين آمين آمين يا رب‬
‫‪.‬العالمين‬
‫‪:‬أيها األحبة جماعة المؤمنين‬
‫ت وحين‪،‬‬ ‫إن عبادة لشُكر هلل عز وجل هي العبادة الواجبة على المؤمن لربه في كل وق ٍ‬
‫فلو تدبَّر اإلنسان في النعم التي أفاءها عليه مواله‪ ،‬إن كان في نفسه أو كان في ولده أو‬
‫كان في ماله او كان في حياته أو كان فيما عند هللا في الدار اآلخرة لوجد نفسه غارقا ً‬
‫‪:‬بالكلية في نعم رب البرية وال يستطيع عدَّها وال إحصاءها فيُردِّد قول هللا عز وجل فيها‬
‫صو َها" (‪34‬الرعد)"‬ ‫‪َ .‬وإِنْ تَ ُعدُّوا نِ ْع َمةَ هللاِ ال تُ ْح ُ‬
‫لم يقُل هللا عز وجل‪ :‬وإن تعدوا نعم هللا‪ ،‬وإنما قال‪ :‬وإن تعدوا نعمة هللا‪ ،‬ويعني نعمة‬
‫واحدة من نعم هللا يُفيضها علينا ويمتعنا بها‪ ،‬لو أردنا ما فيها من الخير والبر والفضل‬
‫العظيم من هللا العلي الكبير لن نستطع عدَّه ولن نستطع حدَّه‪ ،‬ألنها نعم العلي العظيم‬
‫‪.‬الوهاب الجواد الكريم عز وجل‬
‫هذه النعم تحتاج لكي نحافظ عليها أن نشكر هللا عز وجل عليها‪ ،‬ولكي نستزيد منها أن‬
‫نُسارع دوما ً في شكر هللا عز وجل عليها‪ ،‬ولكي نُثاب في اآلخرة عليها أن نكون في‬
‫‪.‬الدنيا من عباد هللا الشاكرين‬
‫فالشكر على النعم يحافظ عليها‪ ،‬والشكر على النعم يزيد اإلنسان منها‪ ،‬والشكر على‬
‫ليوم ال ريب‬
‫يوم يجمع هللا الناس فيه ٍ‬ ‫النعم يجعل اإلنسان ذا جا ٍه كبير ومنزلة عظيمة في ٍ‬
‫‪.‬فيه‬
‫كيف نشكر هللا عز وجل على نعمه التي ال تُعد؟‬
‫ظنَّ كثي ٌر من الناس أن قوله الحمد هلل يكفي في شكر هللا عز وجل‪ ،‬لكن الشكر في‬
‫‪:‬حقيقته‬
‫‪].‬قو ٌل باللسان‪ ،‬واعترافٌ وإقرا ٌر بالقلب والجنان‪ ،‬وعم ٌل بالجوارح واألركان[‬
‫قر ويعترف أن هللا عز وجل كما قال في قرآنه‬ ‫‪:‬فاللسان يقول الحمد هلل‪ ،‬والقلب يُ ُّ‬
‫هللا" (‪53‬النحل)"‬ ‫‪َ .‬و َما بِ ُك ْم ِمنْ نِ ْع َم ٍة فَ ِم َن ِ‬
‫أن كل النعم التي أسبغ هللا بها على اإلنسان ظاهرةً أو باطنة فإنها فض ٌل من هللا وإكرا ٌم‬
‫من هللا وهبةٌ من هللا وعطا ٌء من هللا جل في عُاله‪ ،‬واإلنسان ما عليه إال أن يقبل هذه‬
‫‪.‬النعم بشكر هللا ليزيده عليها هللا عز وجل‬
‫‪:‬أما حقيقة الشكر العملي فهو الذي قال فيه هللا لداود وأهله‬
‫ش ُكو ُر" (‪13‬سبأ)"‬ ‫ش ْك ًرا َوقَلِي ٌل ِمنْ ِعبَا ِد َ‬
‫ي ال َّ‬ ‫‪.‬ا ْع َملُوا آَ َل َدا ُوو َد ُ‬
‫أن يشكر اإلنسان هللا عز وجل بكل نعمة أنعم بها هللا عز وجل عليه‪ ،‬بأن يتسخدمها في‬
‫‪:‬الطاعات ويمنعها عن المعاصي والذنوب والسيئات وهي‬
‫‪:‬نعمة اللسان‬
‫فنعمة اللسان هي شكر هللا عز وجل على هذه النعمة‪ ،‬وهي أن يستخدمه اإلنسان في‬
‫صالح ينفعه في‬‫ٍ‬ ‫عمل‬
‫ٍ‬ ‫ذكر هللا وفي تالوة كتاب هللا وفي توجيه النُصح لعباد هللا وفي أي‬
‫شيئ يُغضب هللا جل‬ ‫ٍ‬ ‫السب وال الشتم وال اللعن وال أي‬ ‫ِّ‬ ‫دنياه وأُخراه‪ ،‬وال يستخدمه في‬
‫‪.‬في عُاله‬
‫‪:‬نعمة العين‬
‫ونعمة العين أن ينظر بها في نفسه وفي اآلفاق ليرى آثار نعم هللا عليه في نفسه وفي‬
‫‪:‬اآلفاق‬
‫ض" (‪101‬يونس)"‬ ‫االر ِ‬‫ت َو ْ‬ ‫‪.‬قُ ِل ا ْنظُ ُروا َما َذا فِي ال َّ‬
‫س َما َوا ِ‬
‫سس بها أحوال الفقراء والمساكين‪ ،‬لكي يعطف عليهم‬ ‫وينظر بها في كتاب هللا‪ ،‬يتح َّ‬
‫لينال فضل هللا وإكرام هللا‪ ،‬وأن ينظر إلى أحوال العجزة فيعطف عليهم رغبةً في إرضاء‬
‫‪.‬هللا‪ ،‬وأن يحترم األكابر ويرحم األصاغر عمالً بوصية حبيب هللا ومصطفاه‬
‫وال ينظر بها إلى المناظر التي حرمها‪ ،‬فال ينظر بها في عالم البشر إلى ما اليُبحه له‬
‫خالق البشر‪ ،‬فال ينظر بها إلى العورات وال ينظر بها إلى المحرمات وال ينظر بها حتى‬
‫صحف وتجعل اإلنسان بعيداً عن مواله ويستحق‬ ‫سود ال ُ‬‫في عالم النت إلى المناظر التي تُ ِّ‬
‫‪.‬في كل لحظة غضبه عز وجل وال ينال رضاه‬
‫‪:‬نعمة األُذن‬
‫ونعمة األُذن الشكر هلل عز جل عليها أن يستمع بها إلى آيات كتاب هللا أو أحاديث حبيب‬
‫هللا ومصطفاه‪ ،‬أو النُصح من الناصحين‪ ،‬أو الوعظ من األئمة أهل الخشية والمتقين‪ ،‬وال‬
‫يستمع بها إلى الغيبة والنميمة وال قول الزور وال األخبار التي تُثير الشك والريبة‬
‫فرق بين األنام‬ ‫‪.‬وتُ ِّ‬
‫وهكذا نعم هللا في اإلنسان وفي جوارح اإلنسان التي سخرها لنا هللا عز وجل في هذه‬
‫‪.‬الحياة الدنيا‬
‫‪:‬نعمة المال‬
‫أما نعمة المال فشكر هللا عز وجل عليها بأن أجمعه من حالل أحلَّه هللا لي‪ ،‬وال أجمعه‬
‫من حرام‪ ،‬وأن أُنفقه في الطُرق الشرعية التي أباحها كتاب هللا والتي بينها لنا رسول هللا‬
‫صلوات ربي وتسليماته عليه‪ ،‬فليس اإلنسان حراً في إنفاق ماله كما يدَّعي البعض‪،‬‬
‫حر في إنفاق هذا المال ما دام في دائرة كتاب هللا‪ ،‬وما دام في دائرة سنة رسول‬ ‫فأنت ٌّ‬
‫‪.‬هللا‬
‫أما إذا أنفقته على حسب هواك‪ ،‬فإن ذلك قد يُخزيك في دنياك وأُخراك ألن هللا عز وجل‬
‫ش جمعه وأنفقه في الدنيا سؤالين‬ ‫‪:‬يُوقف اإلنسان أمام حضرته‪ ،‬ويسأله عن كل قر ٍ‬
‫‪.‬من أين إكتسبته ـ وفيم أنفقته‬
‫حالل ألنه نعمة‬ ‫ٍ‬ ‫حرام أم في‬
‫ٍ‬ ‫حرام أم من حالل‪ ،‬وفيم أنفقته أي في‬ ‫ٍ‬ ‫من أين اكتسبته أمن‬
‫‪:‬من نعم هللا ال ُعظمى يقول فيها صلى هللا عليه وسلَّم‬
‫‪).‬نعم المال الصالح للرجل الصالح(‬
‫‪:‬نعمة ال ُعمر‬
‫أما أكبر النعم على اإلنسان في حياته فهي عُمره الذي وهبه له هللا في هذه الحياة‪ ،‬وهي‬
‫ونفس يدخل وربما ال يخرج‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫نفس يخرج وربما ال يعود‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أنفاسه التي تتردَّد بين جنبيه‪،‬‬
‫س من هذه األنفاس يُحاسب عليه المرء يوم يلقى رب الناس عز وجل فيم‬ ‫وكل نف ٍ‬
‫أنفقته؟‬
‫تسرك يوم أن تلقى هللا؟ أم في معصية هللا فتكون عليك غما ً وه َّما وكربا ً‬ ‫أفي طاعة ُّ‬
‫‪.‬عظيما ً يوم لقاء هللا عز وجل‬
‫‪:‬هذه النعم كلها تحتاج إلى شكر هللا‬
‫إذا كنت في نعم ٍة فارعهــــــــا‪         ‬فإن المعاصي تُزيل النعم‬
‫وحافظ عليها بشكر اإلله‪         ‬فإن اإلله سريع النقـــــــــــم‬
‫وقد علمنا صلى هللا عليه وسلَّم دعاءاً نبويا ً لطيفا ً نردده صباحا ً ومساءاً‪ ،‬فإذا أديناه‬
‫صباحا ً ومساءاً فقد أدينا ما علينا من الشكر هلل ما دمنا قد حفظنا الجوارح من معاصي‬
‫‪:‬هللا‪ ،‬واستخدمناها في طاعة هللا‪ ،‬قال صلى هللا عليه وسلَّم‬
‫من أصبح فقال‪ :‬اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأح ٍد من خلقك فمنك وحدك ال شريك(‬
‫لك ـ فقد أدَّى شكر ليلته‪ ،‬ومن أمسى فقال‪ :‬اللهم ما أمسى بي من نعم ٍة أو بأح ٍد من‬
‫‪).‬خلقك فمنك وحدك ال شريك لك فقد أدَّى شكر يومه‬
‫‪:‬أو كما قال‬
‫‪).‬أدعوا هللا وأنتم موقنون باإلجابة(‪ ‬‬
‫‪:‬الخطبة الثانية‬
‫الحمد هلل رب العالمين هلل على نعمائه‪ ،‬والشكر هلل عز وجل على جميع خيره النازل لنا‬
‫‪.‬في أرضه وسمائه‬
‫صنا بأعظم نعمة في الوجود في الدنيا‬ ‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬خ َّ‬
‫واآلخرة وهي نعمة اإليمان‪ ،‬ونسأله عز وجل أن يعيننا على شكره عليها وأن يُثبت‬
‫‪.‬اإليمان في قلوبنا حتى يتوافانا مسلمين ويُلحقنا بالصالحين‬
‫وأشهد أن سيدنا محمداً عبد هللا ورسوله‪ ،‬إمام األتقياء وسيد السعداء وصاحب الوجاهة‬
‫‪.‬ال ُعظمى يوم العرض واللقاء‬
‫اللهم ص ِّل وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وارزقنا في الدنيا اتباع هديه وشريعته‪،‬‬
‫واجعلنا في اآلخرة من أهل لواء شفاعته واجعلنا في الجنة أجمعين من أهل جوار‬
‫‪.‬حضرته في جوارك يا أكرم األكرمين‬
‫‪:‬أيها األحبة جماعة المؤمنين‬
‫‪:‬حكى لنا النبي صلى هللا عليه وسلَّم فيم رواه له أمين الوحي جبريل‬
‫كيف سيحاسب هللا الخلق يوم القيامة على نعمة الشكر؟ فقال صلى هللا عليه وسلَّم‬
‫‪:‬ألصحابه‬
‫خرج من عندي اآلن ـ أو في رواية‪ :‬خرج من عندي آنفا ً ـ جبريل فكان فيما أخبرني به(‬
‫أن رجالً أقامه هللا في جزيرة في عرض البحر طولها ثالثين فرسخاً‪ ،‬وعرضها ثالثين‬
‫فرسخاً‪ ،‬وبينها البحر عرضه أربعة آالف فرسخاً‪ ،‬وهيأ هللا له في هذه الجزيرة عين ماء‬
‫يشرب منها ويتوضأ ويغتسل منها‪ ،‬وجعل له فيها شجرة رمان تُخرج له في كل ٍ‬
‫يوم‬
‫رمانه يصوم يومه فإذا حان الغروب أخذها وأفطر عليها وتف َّرغ لعبادة هللا‪ ،‬وطلب من‬
‫هللا عز وجل أن يُطيل عمره فأطال هللا عز وجل عمره حتى عاش خمس مائة عام في‬
‫طاعة هللا عز وجل‪ ،‬وطلب من هللا عز وجل أن يقبضه وهو ساجد‪ ،‬وأن ال يجعل لألرض‬
‫‪.‬سبيالً على أعضائه‪ ،‬أي ال تأكله األرض‬
‫قال لي جبريل‪ :‬فنحن نمر عليه صعوداً وهبوطا ً ونجد له في علم هللا عز وجل أن هللا عز‬
‫‪:‬وجل يقول له يوم القيامة‬
‫أدخلوا عبدي الجنة برحمتي ـ فيقول‪ :‬بل بعملي يا رب ـ فيقول هللا تعالى‪ :‬أدخلوا عبدي(‬
‫الجنة برحمتي ـ فيقول‪ :‬بل بعملي يا رب ـ فيقول هللا تعالى‪ :‬أدخلوا عبدي النار‪ ،‬فتأخذه‬
‫المالئكة تجاه النار فيستغيث باهلل عز وجل ـ فيقول هللا تعالى لهم‪ُ :‬ردُّوه ـ ثم يقول هللا‬
‫‪:‬عز وجل لهم‬
‫من الذي هيأ لك الجزيرة في عرض البحر لتعبدني فيها؟ ومن الذي أخرج لك الماء‬
‫يوم رمانة وهي ال تُثمر إال‬ ‫العذب وسط الماء األُجاج فيها؟ ومن الذي جعل لك في كل ٍ‬
‫مرةً واحدةً في العام؟ ومن الذي ق َّوى أعضاءك على طاعتي؟ ومن الذي قبضك ساجداً‬
‫وحقق طلبك؟ ـ فيقول‪ :‬أنت يا رب ـ فيقول‪ :‬أدخلوا عبدي الجنة برحمتي‪ ،‬ثم يقول‪ :‬نعم‬
‫‪).‬العبد أنتَ في طاعتي‪ ،‬فيقول جبريل‪ :‬يا محمد إنما األشياء برحمة هللا عز وجل‬
‫فال نستطيع أن نعبد هللا إال برحمته‪ ،‬وال نستطيع أن نمتنع عن معضيته إال بحوله‬
‫وقوته‪ ،‬فعلى المؤمن أن يُحسن التوكل على هللا‪ ،‬وأن يُتم اإلعتماد على هللا‪ ،‬وأن يعلم أن‬
‫األمور كلها بتوفيق هللا ورعاية هللا ومعونة هللا‪ ،‬وال ينسب لنفسه فضالً إال إذا نسبه أوالً‬
‫‪.‬إلى مواله‬
‫ق من هللا عز وجل لي‪ ،‬هذا فضل هللا عز‬ ‫فإذا تحدَّث عن توفيق حدث له يقول‪ :‬هذا توفي ٌ‬
‫وجل عل ّي‪ ،‬هذه مننٌ من هللا عز وجل إل َّي‪ ،‬فلو نسبنا األمور إلى هللا ونسبنا الفضل كله‬
‫ت‬
‫هلل‪ ،‬كنا بحمد هللا من عباده الشاكرين الذاكرين الحاضرين مع حضرته في كل وق ٍ‬
‫‪:‬وحين‬
‫اس ٌع َعلِي ٌم" (‪")73‬‬‫ض َل بِيَ ِد هللا يُ ْؤتِي ِه َمنْ يَشَا ُء َوهللا َو ِ‬ ‫قُ ْل إِنَّ ا ْلفَ ْ‬
‫‪:‬فَ ِه َم أصحاب الحبيب هذه الحقيقة اإللهية فكانوا يردِّدون منشدين‬
‫اللهم لوال هللا ما اهتدينا‪     ‬وال تصدقنا وال صلينـــــا‬
‫فأنزلن سكينة علينـــــــــــــــا‪      ‬وثبِّت األقدام إذ القينا‬
‫وأمرنا هللا عز وجل أن نُقر بهذه الحقيقة في كل ركعة من ركعات الصالة عندما نقرأ‬
‫‪:‬الفاتحة ونتوجه بها إلى هللا ونقول كما علمنا هللا‬
‫ستَ ِعينُ " (‪5‬الفاتحة)"‬ ‫‪.‬إِيَّا َك نَ ْعبُ ُد َوإِيَّا َك نَ ْ‬
‫وحسن عبادتك واجعلنا من عبادك األتقياء األنقياء‪،‬‬ ‫اللهم أعنا على ذكرك وشكرك ُ‬
‫‪.‬وارزقنا التقى والهدى والعفاف والغنى‬
‫اللهم بارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وفي قُوتنا ما أحييتنا‪ ،‬وبارك لنا في أوالدنا‬
‫وزوجاتنا وبناتنا‪ ،‬واجعلهم دوما ً من عبادك الطائعين المهديين‪ ،‬واحفظهم من رفقاء‬
‫‪.‬السوء والمنكرين‬
‫اللهم أرنا الحق حقا ً وارزقنا اتباعه‪ ،‬وأرنا الباطل زاهقا ً وهالكا ً وارزقنا اجتنابه‪ ،‬اللهم‬
‫‪.‬وفقنا إلى فعل الخيرات واستباق الصالحات‪ ،‬والمداومة على فعل الطاعات‬
‫اللهم اغفر لنا ولوالدينا‪ ،‬وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات‪ ،‬األحياء منهم‬
‫قريب مجيب الدعوات يا أرحم الرحمين‬ ‫ٌ‬ ‫‪.‬واألموات‪ ،‬إنك سمي ٌع‬
‫اللهم وفق حكامنا وحكام المسلمين للعمل بشريعتك‪ ،‬ولتنفيذ سنة خير أحبتك‪ ،‬وارزقهم‬
‫‪.‬البطانة الصالحة‪ ،‬ووفقهم لما فيه خير العباد والبالد‬
‫اللهم اهلك الكافرين بالكافرين‪ ،‬وأوقع الظالمين في الظالمين وأخرج المسلمين من بينهم‬
‫‪.‬سالمين غانمين‪ ،‬واجعل تخطيط اليهود في نحورهم إلى يوم الدين‬
‫‪:‬عباد هللا اتقوا هللا‪ ‬‬
‫ان َوإِيتَا ِء ِذي ا ْلقُ ْربَى َويَ ْن َهى َع ِن ا ْلفَ ْحشَا ِء َوا ْل ُم ْن َك ِر َوا ْلبَ ْغ ِي"‬ ‫س ِ‬ ‫إِنَّ هللاَ يَأْ ُم ُر بِا ْل َعد ِْل َو ْ‬
‫االح َ‬
‫ون" (‪90‬النحل)‬ ‫‪.‬يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُر َ‬
‫‪.‬أذكروا هللا يذكركم واستغفروه يغفر لكم‪ ،‬واشكروه على نعمكم يزدكم‪ ،‬وأقم الصالة‬
‫*******************************‬
‫خطبة الجمعة‬

You might also like