Professional Documents
Culture Documents
WWWW
WWWW
وزارة العــــدل
الباحث
بناءا على ماجاء بكتاب رئاسة اإلدعاء العام /مديرية الذاتية املرقمة 98ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي
2019/3/24حول تسمييت مشرفا على البحث املوسوم ((رقابة اإلدعاء العـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـام
على تسليم اجملرمني ))
واملقدم من قبل الباحث ((نسيم عمر رمحان ))فقد أشرفت على البحث املذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـور
فوجدته مستوفيا للشروط الشكلية واملوضوعية ،كجزء من متطلبات الرتقيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة وإن
الباحث قد بذل جهدا كبريا يف إعداده و أصبح جاهزا للمناقشة للتفضل بالإلطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـالع.
.
املش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرف
لقد تجســـــــدت المظاهر األولى لتسليم المجرمين عبر المعاهدات التي أبرمها الملـــوك
والحكام القدامى ،لغرض تسليم أعدائهم ،واإلنتقام منهم ،وقد تطورت اإلتفاقيــــات الدولية ،فــي
مادة تسليم المجرمين من خالل القرنين السابع عشر والثامن عشر ،ولم يتبلور التحول في نظـــام
تسليم المجرمين إال من خالل القرن التاسع عشر ،حين شعرت الدول بضرورة وجود تنظيم داخـلي
يهم التسليم على هامش اإلتفاقيات الدولية ،ونذكـر على سبيل المثال ،القانون الفرنسي الصادر عام
1927م .
إن التطور الكبير الذي يعيشه العالم حاليا في مجال الصناعة والتكنولوجيــا ،وفي كافـــــــة
ميادين الحياة اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية ،وبسبب ثورة اإلتصـــــــــاالت ،والمواصــــالت
التي جعلت العالم كقرية صغيرة ،ونتيجة للعــــالقات التي ارتبـطت بها شعوب العالم في الوقـت
الراهن والتي وسعت أمر الجريمة العالمــية ،وأصبحت هـــــــــــــــــــــــــــــــــناك
عصابات دولية منظمة ترتبط بجرائم تهريب المخدرات ،وتزييف العمــلة ،واإلتجـــــار بالنـــساء
واألطفال ،والجرائم اإلرهابية ،وتخريب اإلتصـــــــــاالت والمواصالت الدوليــــــــــة وغـيرها
وأصبح في امكانهم بين عشية وضحاها التنقل من بلد إلى آخر ،وبغـــية عدم إفالت المجرمـــين
من العقاب فكان البد للمجتمع الدولي أن يجد الوســــائل الكفيلة للحد من ظاهرة اإلجرام كـــون
األمن في المجتمع الدولي مسؤولية كـــل الدول وال يقـع على عاتــــــق دولة أو طرف معين بل
هــــي مسؤوليـــــــــــــة تضامنية لغـــرض تحقيق األمــــــن العام الذي يــــــــسود
1
المجتمعات كافة ،وذلك عن طريق عــــــــــدم فسح المجال للمـجرمين من إرتكاب جرائـم في
دولة معينة واللجوء الى دولة أخرى بغية التخلص من جرائمهم ،واإلفالت مـن العـــــــــــقاب،
لذا فإن نظام تسليم المجرمين يعد من أنجــــح الطرق لمكافحة الجريمة وبإعتبار أن العراق هــو
عضو في المجتمع الدولي فـــكان لزاما عليه أن يسير في هذا اإلتجاه بغية تحقيق األمن العالــمي
ويعد طــرفا فعاال في المجتمع الدولي ،لذا فقــــــــــــــــــد كان العراق من الدول السباقة
في إصــــــــدار التشريعات الخاصة بهذه المسألة وعقد اإلتفاقيات والمعـاهدات في هذا المـجال
مع العديد من الدول .
وبناء على ما تقدم آثرنا البحث في موضوع ((رقابة اإلدعاء العام على تسليم المجرمين ))
مما يتوجب بيان أهمية الموضوع ،وهدفه ،وخطته وهذا ما سنتناوله تباعا:
يحتل موضوع تسليم المجرمين أهمـــــية خاصة ،فقد تزايدت أهميته في اآلونة األخيـــــرة
بسبب ظهور نماذج من المجرمين المحتـــــــــرفين وتجاوز إجرامهم حدود البلد الذي يسكنون
فيه ،وإنتشار عصابات متخصــــــــصة لها أفرعها في العالم ،مما يخرج نطاق تعقب مثل هؤالء
المجرمين من النطاق الداخلي في الدولة ،لذا عمـدت الدول إلى تبني نهج حديث لمكافحة اإلجــرام
على الصعيد الدولي من أجل مالحقة ومتابعة تسليـم المجرمين ومحاكمتهم وهنا تكمن أهميـــــة
الموضوع .
إن هدف هذا البحث هو تسليط الضوء علــــى الجـــــــــــهود الداخلية والدوليــــة في
سعيها الـى إيجاد نظام قانوني سليم يعالج مسألة تسليم المجرمين وآليات طلبـــــــــات تسليم
المجرمين مــع التركيز بوجه خاص على التشريع العراقي ورصــــد دور اإلدعاء العام في مراقبة
تسليم المجرمين .
2
سأتناول هذا البحث وفق خطة تتكون من مقدمة وثالثة مباحث وخاتمة تحوي أهم النتائج
والمقترحات وعلى الوجه اآلتي :
المقدمة :
المبحث الثالث :األساس القانوني لرقابة اإلدعاء العام على تسليم المجرمين.
المطلب الثاني :كيفية اصدار قرار التسليم والجهة المختصة بإصداره .
الفرع الثاني :السلطة المختصة في اصدار القرار بالموافقة على التسليم أو رفضه.
الخاتمة .
3
ان محاولة الجاني التخلص من العقوبة والقصاص كان أحد أسباب ايجاد تنظيـــم قانـــوني
يحول دون إفـــــــــــالت المجرم من العقاب ،وألجــــــل ذلك نشط رجال القانــون وسعوا
جاهدين إلى إيجاد التنظيم القانوني السليم الذي يهدف الى محاسبة المجــرم وإنصـــــــــــاف
المظلوم وإعادة حق المجنى عليه ،واذا كان األمر على درجة من البساطة في المجـتمع أو في نطاق
القانون الداخلي في الدولة ،فإن األمر على درجة كبيرة من الصعوبة عنـد هروب الجاني خــــارج
حدود البلد مما إقتضى الى إيجاد تنظيم قانوني فعال يمـــــــكن بواسطته تتبع الجاني ومحاسبته
عما اقترفه من إثم ،حتــــى وان غادر بلده الى دولة أخرى ،من خالل تعاون األسرة الدولية فـي
هذا المجال والخضــوع لألعراف والقوانين التي تقضي (تسليم المجرمين) وهذا التوجه على الرغم
مما تحيط به من صعوبات وما يخلفه من إشكاالت عملية ،وما تعترضه من عقبـات قانونية ،إال أن
هذه المــعوقات لم تحول دون إيجاد تنظيم قانوني خاص (بتسليم المجرمين ) .
ولغرض اإلحاطة بماهية تسليم المجرمين البد من تقسيم هذا المبحث الى مطلبـــــــــــين
نخصص المطلب األول للتعريف بتسليم المجرمين وشروطه ونخصص المطلب الثانــــي للقواعــــد
العامة في تسليم المجرمين .
قيلت عدة تعريفات حول تعريف (تسليم المجرمين) كما أن هناك شــــــروط خاصــــة
يجب أن تتوفر لتسليم المجرمين ،عليه سنتناول هذا المـطلب في فرعـــــــــــــــــــــين:
نخصص الفرع األول لتعريف تسليم المجرمين ونخصص الفرع الثاني لشروط تسلــــيم المجرمين .
4
لغرض اعطاء فكرة واضحة عن تسليم المجرمين البــــــــد من استعراض أهم تعريفات
شراح القانون التي وضعت لتعريف التسليم ،فلم يتفق رجال الفقه القانوني عـلى إعطاء تعريــــف
معين لتسليم المجرمين ،والسبب في ذلك يعــــود إلى الطبيعة القانونيـــة لهذا النظام وهل هـو
واجب قانوني أم واجب أدبي ومدى األخـــــــــــذ به بيـــن الدول والقوة اإللزامـية التي يستند
اليها فهناك عدة تعاريف أوردها شراح الـــانون الجنائي ،فقد عــرف بإنه :عمل تقـــــــــوم
بمقتضاه الدولة التي لجأ إلى أرضها شخص متهم أو محكوم عليه فــــــــــــي جريمـــــــــة
)(.)1 بتسليمه الى الدولة المختصة بمحاكمته أو تنفيذ العقوبة عليه
كما عرفه آخر بأنه(:قيام احدى الدول بتسليم شخص موجـود في اقليمـــها الى دولة أخــرى
تطالب بتسليمه لتحاكمه عن جريمة متهم بها أو لتنفيذ عقوبة عن حكم صـدر عليه مـن احـــدى
محاكمها)(.)2
وهناك من عرفه بأنه (:أحد مظاهر التضامن الدولي لمكافحة الجريمة تقوم بمـــوجبه دولة ما
بتسليم شخص يقيم في إقليمها إلى دولة أخرى تطلبه لتحاكمه عن جريمــــة انتـــهك بها حرمة
محاكمها)(.)3 قوانينها أو لتنفذ فيه حكما صادراً عليه مـــن احدى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1د .جندي عبدالملك ،الموسوعة الجنائية ،مطبعة دار الكتب بالقاهرة ،1932 ،ج ،2ص. 97
( )2د.حميد السعدي ،شرح قانون العقوبات الجديد ،مطبعة المعارف ،بغداد،1970 ،ج ،1ص. 110
( )3د.سعد ابراهيم األعظمي ،موسوعة مصطلحــــــــــات القــــــــانون الجنائي،دار الشؤون الثقافية العامة،
ج ،2ص 338بغداد. 2002 ،
5
من خالل التعريفات المذكورة يبدو أن التعريف األخير كان أكثر دقة وشمــــوال لتـــــحديد
معنى تسليم المجرمين ونفهم مما تقدم من التعريفات الوارد ذكرها بأن تسليـــــــم المجرمـــين
يقوم على ركيزتين أساسيتين هما :
- 1أن يكون هناك طلب من الدولة طالبة التسليم لتقوم بمحاكمته أو لتنفيذ حـــكم أصــــدرته
عليه محاكمها عن جريمة تقع ضمن إختصاص قانونها العــــقابي سواء كانت الجريمة وقعت داخل
إقليمها أم خارجه من دولة أخرى يكون المتهم ،والمحكوم علـيه موجودا داخل أراضيها .
– 2أن تتخذ الدولة األخرى المطلوب منهـــــا التسليم اإلجراءات القانونية الواجبة كالقـــبض أو
التوقيف بحق المطلوب منه تسليمه وفق القـواعد القانونية المنصوص عليها في تشريعها أو فــــي
اإلتفاقيات المعقودة بين الدولتين ثم تقوم من بعـــد ذلك بإصدار القرار الالزم بشأن تسليمه إلى
الدولة التي طلبت تسليمه إذا توافرت الشـروط القانوني .
يتضح مما تقدم انه لكي يكون هناك طلب تسليم وجب أن تكون هناك جريـــــمة مرتكبة
وأن من ارتكبها فر من البلد الذي أرتكبت الجريمة فيه ،وأن تكون هذه الجريمـــــة معاقبــــاً
عليها بمقتضى قانون الدولة طالبة التسليم ،وحيث أن تسليم المجرميــــن هو مظهر من مــظاهر
التعاون الدولي في مكافحة الجريمة يسعى الى عدم افالت مرتكبيـها من العقاب لذلك دعت الحاجة
إلى وضع أسس وشروط تنظم بموجبها قبــــول طلبات التسليم وتلتزم األطراف المتعاقدة فيمـــا
بينها على إحترامها وتطـــــبيقها عند تقديم طلباتها أو عند نظرها في الطلب المقدم اليــــها .
إشترط قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23لسنة 1971المعـــدل في المــادة
(/357أ) أن يكون المطلوب تسليمه :
6
( -)1متهما بإرتكاب جريمة وقعت داخل أرض الدولة طالـبة التســـــليم ،أو خارجهـا وكانت
قوانين الدولة الطالبة وقوانين جمهورية العراق تعاقب عليها بالسجن أو الحبـــس مدة التقل عـن
سنتين أو أية عقوبة أشد.
( -)2أو صادرا عليه حكم من محاكم الدولة طالبة التسليم ،بالحبــــس مدة التقل عـــــــن
ستة أشهر أو أية عقوبة أشد .
اذا تعددت الجرائم المطلوب التسليم عنها ،فإن طلب التسليم يعــد صحــــيحا اذا توافرت
الشروط في إحداها ( ،)1ويجب أن ال تكون الجريمة المـطلوب من أجلـها التســليم قد سقطـــت
بالتقادم ،ولذلك عمدت بعض اإلتفاقيات الدولية على إستثناء بعض الجرائم الدولية الخطيــــرة من
نطاق التقادم مثل األتفاقية الدولية بعـــدم تقادم جرائـــــم حرب ،والجرائم ضـــــــد اإلنسانية
والصادرة عن الجمعية العامة لألمم المتحدة لعام 1968م ،حيث نصـــــت مادتها األولى على أنه :
(
(.)2
أن يكون التجريم مزدوجا ،ومعنى هذا الشرط أن يكون الفعل موضوع اإلستــرداد مجرمـاً أوال :
في قانون الدولتين ،طالبة التسليم والمطلوب منها التسليم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(-)1القاضي نبيل عبدالرحمن حياوي،شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية ،مكتبة النهضة ،الطــبعة األولى ،بغداد،
،1984ص . 129
(-)2قرار الجمعية العامةلألمم المتحدة ذي الرقم ( 2391د )23-والصادر في عام 1968م .
(-)3عبود السراج ،استرداد المجرمين ،بحث منشور في مجلة العلوم القانونية واألقتصادية ،المجلد الثاني ،الموسوعة
العربية ،دمشق سوريا 2006 ،متاح على الموقع األلكتروني
.www.fkir.com
7
أن تكون الجريمة على قدر معين من األهمية ،والمعيار المتــــــبع في أكثر التشريعات ثانيا :
العربية واألجنبية لتحديد أهمية الجريمة وخطورتها تكمـن في نوع العقوبة ومقدارها .
أال تكون الجريمة مما يحظر التسليم فيها قانوناً أو عرفا ،وتحظر أكـثر الدول تسلــــيم ثالثا :
الجاني من أجل بعض الجرائم ،كالجرائم السياسية والجرائم العسكرية .
أن يكون األختصاص القضائي منعقدا للدولة ،طالبة اإلســترداد ،أي بمعنى أن الدولـــــة رابعا :
الطالبة هي صاحبة الحق ،قبل غيرها من الدول في مالحقة الشخص المـطلــوب إستــــــــرداده
ومحاكمته وإنزال العقاب المستحق به وبخالف ذلك فإن طلب اإلسترداد يفـقد مسوغه ومعنــــاه .
أال يكون اإلختصاص القضائي منعقدا للدولة المطلوب منها التسليم ،إذ يحـق للــــدولة خامسا :
المطلوب منها التسليم أن ترفض طلب اإلسترداد إذا كان محاكمها مختـــــصة بالنظر في الجريمة
موضوع التسليم ،إختصاصاً اقليمياً أو عينـــياً أو شخصياً وهذا ما ورد في مسائل اإلختـــصاص
في قانون العقوبات العــــــراقي رقم 111لسنة 1969المعدل في المــــــواد من ( )12-6منه .
أال تكون الدعوى العامة قد سقطت بأحد أسباب السقوط ،كالتـــقادم أو العفو العـــام سادسا:
أو العفو الخاص .
أال يكون قد صدر حكما قضائيا باتا على المتهم بالجريمة المطلوب التــسليم عنها ،لكن سابعا :
يبـقى أمام الدولة طالبة اإلسترداد أن تعدل طلبها وتطلب اإلسترداد لتنفيذ الحـكم الصادر بحــــق
المحــكوم عليه في سجونها .وإن خطة الكومنولث للتسليم عام 1966م حظرت التسليم بالنسـبة
للهاربيــن من جرائم سياسية أو من جرائم تمس العرق أو الديــــــــــن أو الجنسية ،أو اآلراء
السياسـية وأخذت الخطة بمبادىء الخصوصية ( مبدأ تخصـــــــــــيص التسليم ) والتجريـــم
المـــــزدوج ( مبدأ الجريمة المزدوجة ) وأعطت دول الكومنولث حريــــــــــة رفض أو قبول
التســــليم رعايـــاها ،واشترطت لقبول طلبات التسليم أن تكون مدة عقوبة الجريمة المطلــوب
األقل(.)1 من أجلها التسليم ســنة فأكثر على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8
يقتضي لدراسة القواعد العامة لتسليم المجرمين ،أن نتطرق أوالً الى الغـرض من التسليم،
ونتناوله في الفرع األول من هذا المطلب ومن ثم نتناول مصادر أحكــــــام التسليم في الفرع
الثاني .
من المبادىء المسلم بها عالميا في القانون الدولي ،أن سلطة الدولة تنــتهي مـع نهايـــــــة
حدودها السياسية ،وعلى ذلك فاذا أرتكب أحد الجناة جريمة في دولة ما ،ثـــــم تمــــــكن من
الهرب الى دولة أخــــرى ،فأن الدولة األخيرة لن تســـــــتطيع محاكمته عن جريمة لم تقع في
اقليمها والجاني فيها ال يتمتع بجنسيتها ،وفي نفس الوقت لن تمـتد سلطات دولة الجـاني إلى دولة
الملجأ ،لمعاقبة الجاني الهارب اليها مما ال يكون معـــه لدولة الجاني ،سوى طلب المساعـــدة من
إن هذا التسليم يعد شـــكالًهاما وضرورياً من سلطات دولة الملجأ في تسليم الهارب اليها(.)1
أشكال التعاون الدولي المشترك في مجال قمع المجرمين ،بصفة عامة ومجرمي اإلرهاب الدولي بصفة
خاصة ( .)2وتسليم المجرمين إجراء تقبل بمقتضاه دولة تسمى (المطلوبة) بأن تسـلم لدولة أخرى
تسمى (الطالبــة) شخصا موجودا فوق إقليمها الخاصع لسيادتها وذلك لمحاكمتـه أو تنفيذ العقـاب
عليـه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1د -زهير الزبيدي-اإلختصاص الجنائي للدولة ط،1مطبعة المعارف -1980ص21و د-السعيدمصطفى السعيد-االحكام العامةفي قانون
العقوبات-المطبعة العالمية-القاهرة ،ط 1952- 2ص.114
9
ومن أهم المزايا التي يتسم بها مبدأ تسليم المجرمين هي :
()3الحفاظ على روح التضامن بين الدول والحد من إنتشار الجريمـة وأهوالها في ربوع العــالم .
فلو تأملنا هذه المزايا ملياً نجـد أن الغاية من مبدأ التسليم هو لغرض تحقيق التعاون بيــن
الدول في مكافحة الجريمة ،اذ يسمح بمالحقة أي مجرم وعدم تمكنه مناإلفالت من العقوبة ،أياً كان
نوع الجريمة ووضعها ،الشيء الذي سيؤول إلى تكريـس مبدأ عالمـية التجريم والعقاب ،دون النظر
الى جنسية المجرم ،وجنسية الضحيـة ،ومكان إرتكابه ،وهو ما أصطلح على تسميته ب(اإلختـصاص
العالمي) .
إن أساس عقاب المجرم على أرض الدولة التي هرب اليها ،أو وجـــــد فيها ،ال ألنه أضر ببلد
أو بآخر ،ولكن ألنه أضر باإلنسانية جمـــعاء فهو يخضع لإلختصاص القضائي لكـــــل المحاكم .
فالجريمة الدولية هي كل إعتداء يمس سالمة القيم العالمية ،والمصــالح المشتركة لإلنسانـــية
جمعاء ،وبات من الطبيعي أن تتضــــمن جل اإلتفاقيات الدولية ذات الصلة بالمادة الجزائيــــــة
(مبدأ أما التسليم وأما العقاب)( .)1فضال عن إختصاص الدولة الجزائي .
نخلص مما تقدم أن الغرض من تسليم المجرمين ،هو التـعاون الدولي لمكافحــــة الجريمـة،
وتطبيق مبدأ اما التسليم أو المحاكمة ،وتكريس مبدأ عالمية التجريم والعقاب والحد من اســتغالل
السياسي ،وتفعيل مبدأ المعاملة بالمثل عن طريق تطبيق نظام تسليم المجرمين ،وتحقيق العـــدالة
الجنائية الدولية ،وأخيرا عدم إعتماد مبدأ التقادم المسقط في جريمة اإلبادة الجماعية ،والجرائــــم
المرتكبة ضد اإلنسانية .
10
إن نظام تسليم المجرمين هو إجراء يقتضيه تنظيم عالقات الدول من ناحية معـينةعلى الرغم
من كونه من المبادىء المسلم بها عند كافة الدول الحديثة ،فإنه مازال من حـيث أحكامه وقواعده
وآثاره اليجمعه قانون موحد عام ،تقبله الدول جميعا وتلتزم به ،بل هو يخضع بصفة أصليــة إلى ما
تقضي به المعاهدات المعقودة في هذا الشأن بين الـــدول .
وقد عقد العراق معاهدات في هذا الشأن مع دول كثيرة ،كجمهورية مصر العربية والجمـــهورية
العربية السورية والمملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية وتركيـــا وانكلترا والواليــــــات
المتحدة األمريكية وغيرها ،ونظمت الجامعة العربية عـــام 1953إتفاقية لتسليم المجرميــــــن،
ودعت الدول العربية لإلنضمام إليها بالمصـــــــادقة عليها بالقانون رقم 53لسنـــة 1956م .
قد نظمت بعض الدول مسألة تسليم المجرمين بتشريع داخلي سنته لهذا الغــرض وقد سلكت هذا
. العراق()1 الطريق كل من فرنسا وايطاليا وسويسرا وبلجيكا وهولندا وإنكــــلترا وكذلك
عند إنعدام المعاهدات بين الدول ،وإنعدام التشريع الداخلي المـــــنظم لهذه المسألة فعنـد
ذلك نجد كثيراً ما تقبل الدول العمل بنظام التسليم طبقاً لما أستقر عليه العــــرف الدولي ،فـي
هذا الشأن مــــــــع إشتراط المعاملة بالمثل ،بل قد تقبـــل بعض الدول ذلك دون هذا الشرط،
والراجح أن التسليم ال يكون واجبا على الدولة ،إال اذا إرتبطت مع الدولة طالبة التسليم بمعاهـــدة
توجب ذلك (. )2
تختلف الدول في األخذ بقاعدة تسليم المجرمين فـي حالة عدم وجود معاهـــدة ،فالدول األوروبية
وبعض الدول األخرى ،التمانع من التسليم في هذه الحالة على أساس(المعاملة بالمثل)بينما التسمح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1القانون رقم 21لسنة 1923المسمى بقانون اعادة المجرمين – احتوى على األحكام واجبة األتباع بشــــأن
هذه المسألة في العراق .
( )2د.علي حسين خلف ،د.سلطان الشاوي ،المبادىء العامة في قانون العقوبات ،منشورات وزارة التعليم العالي
والبحث العلمي ،جامعة بغداد1982 ،م-ص 122وما بعدها.
11
الدول األنكلوسكسونية وبعض الدول األخرى بالتسليم في حـــالة عدم وجود معاهدة ( ،)1ويقـــوم
أهمها. )2(: نظام تسليم المجرمين ،على عــــدة أسس
– 1دول التلتزم بالتسليم ،اال اذا كان بناء عـلى معاهدات دولية ثنائية او مــشتركة أو عـــلى
أساس المعاملة بالمثل.
– 2اليوجد في القانون الدولي ما يجبر الدول على تسليم مواطنيها ،ولكن يجوز ذلك ،إذا تم هـذا
التسليم برضا وقبول الدولة .
– 3حظر التسليم في الجرائم السياسية ،وهذا المبدأ من أهم المبادىء التي تحــكم نظام تسليم
المجرمين .
– 4حق دولة الملجأ في تسليم الهارب إليها ،للدولة صاحبة الحــــــق في عقابه تأسيساً على
حقها في منع وإبعاد المشتبه فيهم من أراضيها .
تأسيساً على ماتقدم ،فإن جامعة الدول العربية حرصت ومنذ إنشاءها على تعزيز التـــعاون
القانوني والقضائي بين أعضائها في مجال مكافحة الجريمة وتحقيق العــــدالة الجنائية ،وتنـــسيق
سياستها الجنائية ،وقد أرست لهذا الغرض آليات قانونية لتنــظيم هذا التعاون .
كما يجري إعداد مشاريع إتفاقيات عربية جديدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبــــر الوطنية،
وتمويل اإلرهاب وغسيل األموال (.)3
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
()1د.سالم األجلي ،أحكام المسؤولية الجنائية عن الجرائم الدولية في التشريعات الوطنية ،رسالة دكتوراه-جامعة
عين شمس ،مصر ،1997-ص. 436
( )3محمد رضوان ،المستشار القانوني لألمين العام للجامعة العربيـــــــة ،محاضرة القيت في المؤتمر العالمي
لنواب العموم ،قطر. 2002،
12
لذا فإنه على هذا األساس نجد أن مصادر أحكام تسليم المجرمين تنقسم الى أربعة أقسام - :
أوالً :المعاهدات واإلتفاقيات بين الدول ،وهي تنقسم الى ثالثة انواع .
-1اتفاقيات التسليم الثنائية وهي تتم بين دولتين وفقا للشروط والضوابط الموضوعة من قبلهما
- 2إتفاقيات التسليم المتعددة األطراف :وهي إتفاقيات يكون أطرافها عدة دول .
– 3اإلتفاقيات الدولية :وهي إتفاقيات دولية تتضمن أحكامـــــــــــا متصلة بتسليم المجرمين
ثالثاً:العرف الدولي الذي يطبق في حالة عدم وجود إتفاقيات أو قوانين داخليــة .
إن تسليم المجرمين ما زال مثار جدل ونقاش قانوني حاد بين الدول لما يثــيره من إشكاالت
عملية تلقي بظاللها على إجراءات التسليم من الناحية القانونية فقد يعتــرض تســـليم المجرمين
موانع قانونية تحول دون تسليم المجرمين قد تعود إلى طبيعة الجريمة ،أو إلى شخـصية المـطلوب
تسليمه كما أن تسليم المجرمين ينتج آثار قانونـية البد من التصدي لها لغرض إيضاحها وبيانها .
وعليه سنتناول هذا المبحث في مطلبين نخصص المطلب األول لموانع التســـــليم ونخصــص
المطلب الثاني آلثار تسليم المجرمين .
13
لتعلق موانع التسليم في شق منها بطبيعة الجريمة وفي شخصية المطلوب تسليمه في الشــــق
اآلخر ،عليه سنتناول هذا المطلب في فرعين نخصص الفرع األول للجرائم التي ال يجوز التسليم من
أجلها ،ونخصص الفرع الثاني الى األشخاص الذين ال يجوز تسليمهم .
المتعارف عليه وفق المعاهدات أن المجرم الهارب اليسلم ،إذا كانت الجريـــــمة تدخل ضمن
نطاق الجنح والجنايات السياسية ،وخصوصا إذا أثبت المجرم أن الطلــب بتسليمه إنما قدم لغرض
. سياسية()1 محاكمته أو معاقبته عـن جناية أو جنحة ذات صفة
ولغرض اإلحاطة بالجرائم التي ال يجوز التسليم من أجلها ،نجملها على الوجــــــه اآلتي -:
– 1الجرائم السياسية ( ،)2والجرائم العسكريـــــة البحتة ،والسبب يعود في عدم تسلـــــيم
مرتكبي الجرائم السياسية هو إلنها مــن المبادىء التي نصت عليه القوانين الداخلية والدساتير .
-2الجرائم التي ال يكون معاقبا عليها بمقتضى قانون الدولتين ،ويشترط ألجل تسلــيم المجرم أن
يكون ما أقترفه معاقبا عليه في قانوني الدولتين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( )1المادة ( )7من معاهدة استرداد المجرمين بين العراق وبريطانيا لعــــــــــام 1932م .
( )2الجريمة السياسية هي (الجريمة التي ترتكب بباعث سياسي أو تقع على الحقوق السياسية العامة ،أو الفردية،
وفيما عدا ذلك تعد الجريمة عادية) وهذا هو التعريف الذي جاء به قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنة 1969
المعدل في المادة 21منه .
14
– 3الجرائم التي التبلغ درجة معينة من الجسامة ،حــــــــــيث يشترط ألجل تسليم المـجرم
أن تكون الجريمة التي إرتكبها عـلى جانب من الجسامة ،وان درجة الجسامة والخطـــــــــورة
يعينها القانون ،فإن لم تبلغها فال يجوز التسليم فيها .
وقد إستثنى قانون أصــــــــول المحاكمات الجزائية رقم 23لسنة 1971وتعديالته في المادة
()358منه الجرائم التالية من التسليم وهي - :
- 1إذا كانت الجريمة المطلوب التسليم من أجلها جريمة سياسية أو عسكرية ،وفقـــــا للقوانين
العراقية .
– 2إذا كانت الجريمة تجوز المحاكمة عنها أمام المحاكم العراقية رغم وقوعـــها في الخارج .
- 3إذا كان الشخص المطلوب تسليمه رهن التحقيق أو المحاكمة ،داخل العراق ،عــــــــن نفس
الجريمة وكان قد صدر فيها حكم بإدانته أو براءته ،أو قرار باإلفراج عنه مـــن محكمة عراقــية،
أو من قاضي التحقيق ،أو كانت الدعوى الجزائية قد انقضت ،وفــقا ألحــــكام القانون العراقي ،أو
قانون الدولة طالبة التسليم .
وإن تحديد طبيعة الجرائم التي تخضع لنطاق التسليم يعد في غاية األهمية كونــه يحـــدد ما
إذا كان يجوز التسليم أو ال ،فطبيعة تلك الجرائم هي الدعائم التي تقـوم عليها شروط التسلــــيم
بصفة أساسية وتتبع الدول في تحـديد الجرائم التي يجوز التسليم فيها ثالثة أساليب كاآلتــــي-:
- :أسلوب الحصر (نهج القائمة) :ويعتمد هذا األسلوب عـــــلى إدراج مجموعة الجرائــم أوالً
على سبيل الحصر (قتل ،نهب ،سرقة ،غسيل األموال ،اإلرهــــاب ) في قائمة تلحق باإلتفاقيـــة،
لتكون هذه الجرائم دون غيرها من الجرائم األخرى ،هي التـي يتم التسليم من أجلها .
- :أسلوب جسامة الجريمة أو الحد األدنى للعقوبة :ويعد هذا األسلوب ،األكثـر شيوعا في ثانياً
تحديد الجرائم ،التي يجوز التسليم فيها ،وهو يعني أن تحدد الدول فـــي تشريعاتهــا الداخلـية،
أو في المعاهدات الثنائية أو متعددة األطراف الحـــد األدنى للعقوبة المقررة للجرائم التـــي يمكن
التسليم ألجلها ،ويعد التشريع العماني ،من التشريعـات التي اعتمدت هذا األسلوب.
15
:النظام المختلط :وهو من األساليب الشائعة ،أيضـــــــا في تحــــديد الجرائــــم التي ثالثا
يجوز التسليم فيها ،وهو يحقق فائدتين ،من جـــهة يضمن درجة معينة من جسامـــة الجريمــة
المعاقب عليها في البلدين ،ويتم التسليم وفقا لها ومــن جـــــــهة أخرى يضمن خضوع جرائم
محـــددة تمثل خطرا على الدول األطراف للتسليم ،دون النظر لدرجـــــــة جسامتها في العقوبة
المقررة لها .
هناك من يخلط بين مفهومي اإلرهاب والجريمة السياسية ،وهو خـــلط أسهم في تعقيد الكثير
من قضايا تسليم المجرمين على الصعيد الدولي ،فقد حــدث مراراً ،أن طالبت مصر من بعــــض
الدول العربية ،تسليمــــــــها بعض األشخاص ،المتهمين بإرتكــاب جرائم إرهابية ورفضت هذه
الطلبات ،بمقولة أن ما أعتــــــــــــــبرته السلطات المصـرية جرائم إرهابية ،ليست فــــــي
الواقع سوى جرائم سياسيـــة ،والمبدأ هو حـــــــــــظر التسليم عـن الجرائم السياسية ،وفقا
لمـــا نصـــت عليه اإلتفاقـــــــــــيات الدولية ،والتــــــــــشريعات الوطنيـــــــة ،وما
إستقرعليه العرف الدولي ،سرعان ما تغيرت هذه النظرة ،عقب أحداث الحادي عشـر من سبـتمبر،
فالذي كانت تعتبره معظم الدول العربية من قبيل الجرائم السياسيــــة ،التي يمتنع فيهــــــــا
بإرتكابها(.)1 التسليــــم ،أصبحت ترى فيه جرائم إرهابية ،ويجوز بــل يجب تسليم المتهمين
( )1د -سليمان عبدالمنعم :العربي الحائر بيـــــــن العنف والعنف اآلخر ،جريدة األهرام ،العــــــــدد
16
هناك بعض اإلستثناءات لفئة من األشخاص ،بسبب صفة خاصة بهم اليجوز تسليمهم ،فيما إذا
طلبوا من الدولة التي لجئوا إليها ،وهؤآلء األشخاص هم - :
- 1رعايا الدولة المطلوب منها التسليم ،حيث ال يجوز للدولة المطلوب منها التسليم أن تســــلم
رعاياها ،فيما اذا طلب منها تسليمهم ،وهذا المبدأ جرى إتباعه لدى غالبية الدول ،ونصـــت عليها
المعاهدات المبرمة بهذا الصدد ،فضال عــــــن التشريعات الداخلية الخاصة بتسليم المجرميـن .
– 2األجانب الخاضعون بالنسبة للجـــريمة المـطلوب التسليم من أجلها لقضاء الدولة المـــطلوب
منها التسليم ،إذ اليجوز للدولة المطلوب منها التسليم ،أن تسلم من يخضع من األجانب بالنسبــة
(.)1 للجريمة المطلوب التسليم من أجلها لقضائها
– 3المتمتعون باإلعفاء القضائي ،كرؤساء الــــدول والمعتمدون السياسيون ،ومن في حكمهم ،فال
يجوز تسليمهم ،إذا ما أرتكب أحدهم في إقليم دولة ال يخضع لقضائها ،ثم لجأ الى دولــــة أخرى
فطالبته الدولة األولى من الثانية ،ألن محاكمته فيها غير جائزة.
– 4األرقاء الهاربين :اذ اليجوز تسليم الرقــيق الهارب ،سواء كان قــد هرب إسترداداً لحريته،
الرق ،وهو مبـــدأ مــــن أو تخلصاً من المسؤولية عن جريمــــة أرتكبها بوصفه رقيق ،للخالص
تقليـدي تبرره عوامل اإلنســانية والحماية نحو الرقــيق ،أما الجرائـم األخرى العادية ،فيجــــوز
. حريتهم()2 تسليمهم من أجلها ،بشرط أن تضمن لهم
وهـناك من المعارضين لمـبدأ عدم تسليم المواطنين ،فمنذ عام 1880م دعا مجمع القــانون
الدولي المنعقد في أوكسفورد ،دول العالم الى قبول مبدأ تسليم الرعايا مستندا الى أن محاكمــــة
الجاني في مكان الجريمة ،أو في الدولـــــــــــــة التي وقع األعتــــــــــداء علـــــــــى
( )1المعاهدة العراقية المصرية لتسليم المجرمين لعام 1931المادة( )4و (. )7
( )2د.علي حسين خلف و د .سلطان عبدالقادر الشاوي ،المصدر السابق ص . 30
17
أمنها ،أجدى لحسن سير العدالة ،ولمكافحة الجريمة ،وقد أقر هذا اإلتجاه الفقــــه الحديث ،وأكثر
المؤتمرات الدولية ،ومعاهدة القانون الدولي والجزائي ،ولكن مع ذلك ظل األخذ به محددا ،ومـــــن
الدول التي تقبل اليوم بتسليم مواطنيها إنكلترا والواليــات المتحدة األمريكية وإيطاليا ،وتشــترط
(.)1 األولى والثانية أال يتم التسليم إال تطبيقاً ألحكـام إتفاقية دولية
نص دستور دولة اإلمارات العربية المتحدة ،أن تسليم المواطنين والالجئيـــــن السياسيــين
محظور( ،)2وكذلك نجد أن الدستور العراقي الدائم هو اآلخر يـحظر تسليم العراقي إلى الجـــهات
والسلطات األجنبية ،كما أن حق اللجوء السياسي الـى العراق ،نظم بقانون ،وال يجوز تسليم الالجىء
منه(.)3 السياسي الى جهة أجنبية ،أو إعادته قسراً إلى البلد الذي فر
وهناك إتفاقيات أوروبية ،تشكل في مجــــموعها منظومة متكاملة لمكـافحة اإلرهاب سواء ما
يتعلق بتسليم المجرمين أم التعاون األمــــــني والقضائي ،أو تنــــــفيذ األحكام الجزائية ،ونقل
المحكوم عليهم ،ويالحظ أن إتفاقية تسليم المجرمين األوروبية تنـفي عن اإلرهاب الصفة السياسية،
(.)4 وتقبل إمكانية تسليم المواطنين المتهمين الى دولــــة أوروبية أخرى طرف في اإلتفاقية
إن المعاهدات والقوانين لم تتفق على ما إذا كان يجوز تسليم المتهم الذي يتجنس بجنســـية
الدولة الالجىء إليها أو اليجوز تسليمه فإن بعض المعاهدات ال تعتـد بتغير الجنسية الحاصل بعـد
ارتكاب الجريمة ،مثل(معاهدة انكلترا مع البرازيل لعام1872م)و(انكلترا مع فرنســا لعام 1876م)،
مطلقا(. )5 لكن القوانين الجنائية في المانيا وبلجيكا ،تقضي بأن تغيير الجنسية يمنع التسليم
( )2المادة ( )38من دستور األمارات العربية المتحدة ،دبي 1971 ،م .
( )3الفقرة أوال وثانيا من المادة 21من دستور العراق الدائم 2005 /م .
( )5علي ماهر ،القانون الدولي العام ،تسليم المجرمين ،مطبعة األعتماد ،مصر 1923م1924 ،م ،ص. 346
18
وقضت محكمة جنايات كركوك في قرار لـــها جاء فيه ((بتاريخ 2011/9/8ورد إلى هــــذه
المحكمة كتاب مجلس قضاء األعلى /اإلدعـاء العام /شعبة المــــتفرقة المرقم /66س 2011 /في
2011/9/5والذي حصلت بموجبه موافـــــقة الســـــيد رئيس مجلس القضاء األعلى على تسمية
محكمة جنايات كركــــوك للنظر في تسلـيم كل من (ع.أ.د) و (ع.ح.أ) كونهما مطــلوبين من
قبل السلطات القضائية الــتركية عن جريمــة قتل وبسالح حاد ومرفقة ملف اإلسترداد الخـــاص
بالمتهمين الصادر مـــــن الجمهورية التركية /بيه أوغلو /رئاسة النيـابة العامة الجمهورية رقــم
األساس 225/2005في 2011/6/14اسطنبول تركيا /أدنة 2009/6/19المـوجه الى الجهات القضـائية
المختصة في جمهورية العراق والذي يطلب فيـــــه إعادة المتهميـــن كل من (ع.أ) و (ع.ح.أ)
إلى السلطات القضائية المختصة في الجمهورية التركية ولدى التدقيق تبين أن المتهمين المذكورين
قد جرى أخبار عنهما بعد عودتهــما إلى العراق من قبــل مخبر سري وتم القبض عليهما وجرى
التحقيق معهما من قبل محكمة تحقيق كركوك وتبيـن أن المتهم (ع.أ)من مواليد 1984أما المتهم
الثاني (ع.ح.أ) مـن مواليد 1994وكان حدثاً بتاريخ إرتكاب الجريمة وقد تم تفريق أوراق تحقيقية
خاصة به وأحيلت الى محكمة تحقيق األحداث في كركوك وتم إتخاذ اإلجراءات القانونية األصوليـــة
بحق المتهمين وتم تبليغ ممثل الجمهورية التركية للحضور أمام هذه المحـكمة بعد أن عين موعدا
لنظر الملف وفي اليوم المـــعين تشكلت المحكمة برئاسة القاضي (ع ح خ) وعضوية القاضيين كل
من(ي ع ح) و(ا خ ث) وبور المدعي العام القاضي (ط د ع) وحضر ممثل الجمهورية التــــركية
(م م ص) وأحضر المتهمين كل من(ع.أ)و(ع.ح.أ)وحضر وكيالهما المحاميان (ي أ ع)و(ي أ ح)
وبوشر بنظر ملف اإلسـترداد حضورياً وعلناً دونت المحكمة إفادة ممثل الجمـــهورية التركية بعد
أن تلت ملـف اإلســـــترداد الوارد من السلطات القضائية التركية ثم دونت إفادات المتــــهمين
وإستمعت المحــكمة إلى مطالعة السيد المدعي العام وإلى الئحة دفاع وكيال المتهمين ودونـــــت
المحكمة آخر أقوال المتـــهمين وأفهم ختام نظر الملف وأصدرت المحكمة قرارها اآلتي(( :لـدى
التدقيـق والمداولة وجد أن السلطات القضائية التركية طلبــت اعادة المتهمين كل من
(ع.أ.د) و (ع.ح.أ) إلجراء التحقيق معهما عن حادث قـــــتل المجنى عليها (ل.م)
مغربيـة الجنسية وتـــسكن الجمهورية التركية /مدينة إسطنبول حيث وجدت جثتها
مخفية داخل الشقة التي كان يسكنها المتهمين وبعد مغادرتهما الشقة وقد جـــــرى
التحقيق من قبل السلطات القضـائية التركية وصدر أمر القبض على المتهمين وفــــق
المادة 1/81من قانون العقوبات التركي وبعد التحــقيق تبين أن المتهمين قــد غادرا
19
أراضي الجمهورية التركية عائدين الى العراق وبعد عودتهما قــام مخبر سري باإلخبار
عن إرتكابهما جريمة قتـــل في مدينة إسطنبول /الجمهورية التركية وتم القبض على
المتهمين وجرى التحقيق معـهما وقد أنكر المتهم (ع.أ) إرتكابه جريمة قتل المجـنى
عليها (ل.م) (مغربية الجنسية ) فيما أقر أنه يعرفها وعلى عالقة معها وأنـها تتردد
على شقته التي يسكنها وأن لديهـــا نسخة من مفاتيح الشقة وأفاد المــتهم اآلخـــر
(ع.ح.أ) أنه يسكن مع عـــمه المتهم (ع.أ) في شقة داخل مدينة إسطنبول التركـية
وأنه سافر لغرض العـمل وأنه يعــــــرف المجنى عليها وأنـــــها تحضر بأستمرار
الى الشقة وقد ارتبط عمه بعالقة غرامية معها وهناك إتفاق على الزواج اال أن المجنى
عليها كانت تتناول المشروبات المسكرة والحبوب وطلـب منها المتهم (ع.أ) تــــرك
تناول المشـــــروبات والحبوب كشرط للزواج وفي يوم الحادث طلب منه عمه المتهم
(ع.أ) أخـذ أغراضـه والتوجه الى المحل الذي يعمل فيه وأنه سيلحق به وفعالً و بعد
فترة زمنية حوالي الساعة أو أكثر حضر عمه المتهم (ع.أ) وتوجها إلــى الجمهوريـة
العراقية وقد ابلغه عمه بعد دخولهما األراضي العراقية أنه قام بقتل المجنى عليـــــه
(ل.م) المغــربية وأنه لم يشـارك ولم يحضر الحادث ولما تقدم وحيث ثبت للمحكمة
أن المتهمين هما عراقيين الجنسية وأن محل سكناهما الدائم جمـهورية العراق وأنهما
مقيمان في الجمهورية التركية /مدينة إسطنبول لغرض العمل وحيث جرى إخـــــبار
عن الجريمة المرتكبة من قبلهما من قبل السلطات التحقيقية العراقية (محكمة تحقيق
كركوك و محكمة تحقيق أحداث كركوك) وأن التحقيق اليزال مستمر عن حادث قتــل
المتهمين للمجنى عليها (ل م) مغربية الجنسية داخل الشقة التي كـان يسكــــــنها
المتهمين في مدينة إسطنبول /الجمهورية التركية وقد جرى التحقيق وفق أحكام المادة
( )406من قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنة 1969ولما تقدم قررت المحكمة ما
يأتي -:
– 1رد طلب تسليم المتهمين كل من (ع.أ) و (ع.ح.أ) إلى السلطات القضائيـــة في
الجمهورية التركية بناء على ملف اإلسـترداد الوارد برقــم أساس 225/2005فـــــي
20
2011/6/14إستناداً على أحكام المادة 358الفقرات 2و3و 4من قانون أصول المحاكمات
الجزائية العراقي رقم 23لسنة 1971المعدل .
– 2إشعار رئاسة مجلس القضاء األعلى ورئاسة اإلدعاء العـام بقرار المحكمة أعــاله .
-3تعاد األوراق التحقيقية الخاصة بالمتـهم الحدث (ع.ح.أ) إلى محكــــــمة تحقـيق
األحداث في كركوك مع المتهم إلكمال التحقــــــيق معه ثم إتخاذ القـرار المناسب .
– 4تعاد األوراق التحقيقية الخاصة بالمتهم (ع.أ) إلى محكمة تحـقـــيق كركوك مع
المتهم إلكمال التحقيق فيها ومن ثم إتــخاذ القرار المناسب .
صدر القرار باإلتفاق إستناداً الـى أحكام المادة 358الفقرات 2و3و 4والمادة 362
الفقرة ب من قانون أصول المحاكمـات الجزائيــــة حضورياً في . )1( 2012/6/ 10
( – )1قرار رقم/1ملف استرداد 2011/في 2012الصادر من محكمة جنايات كركـوك ،غير منشور .
21
لغرض دراسة آثار التسليم يقتضي أن نتعرض إلى مبدأ تخصــــيص التسليم ثم نتناول مبدأ
الجريمة المــزدوجة ،ولذلك قسمنا هذا المطــــــــلب الى فرعين ،نتناول في الفرع األول ،مبدأ
تخصيص التسليم ،بينمــــا نفرد الفرع الثاني لبيان مبدأ الجريمة المزدوجـــــــــــة .
يتركز تخصيص التسليم على المبدأ القائل بأن التسليم يقتـــــصر على الجريمة الـتي حصل
من أجلها التسليم ،أي اليجوز للدولة التي تسلمت المجرم أن تحاكمه أو تنــفذ فيه عقوبة ،اال عن
الجريمة التي سلم من أجلها ،أما غيرها من الجرائم األخرى التـي إرتكبها قبل تســــــليمه ،ولم
يشملها طلب التسليم فإنه يعد بالنسبة لها و كأنه غائـــبا عن اقليم الدولة التي تسلمته ،وبالتالي
ليس لها أن تحاكمه عنها ،إال بـــــعد إتفاق جديد مع الدولة التي سلمته أو إتــــاحة الفرصة له
بالخروج من أرض الدولة المسلم إليها ،وقد حددت المادة 14من اإلتفاقية المعــــــقودة بين دول
الجامعة العربية هذه المـــدة بثالثين يــــــــوما(.)1
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
( – )1الحكمة من قصر أثر التسليم على الجريمة التي حصل من أجلها هي األحتياط ،لما قد يحدث من التحايل على التسليم
في جريمة مما اليجوز فيها التسليم تحت ستار طلب تسليم عن جريمة أخرى ،وقد أخذ العراق بهذا المبدأ حيـث نصت عليه
المعاهدة العراقية-المصرية في المادة 3بقولها (-:ال يحاكم الشخص الذي تم تسليمه اال عن الجريمة التي قدم طلب التسليـم
من أجلها ،أو عن األفعال التي لها عالقة بتلك الجريمة ،ولم تظهر اال بعد اجراء التسليم ،فاذا حكـم ببراءته عن تلـــــك
التهم فيجب أن اليقبض عليه أو يحاكم عن أية جريمة أخرى ،اال اذا كان قد ارتكب تلك الجريمة بعد التسليم في الدولة التي
سلم اليه ،أو اذا كان قد أتيحت له أو ال فرصة وتسهيالت معقولة ألجل العودة الى القـطر الذي سلمه ،فلم يستفد مـــــنها
والغرض األساسي من مبدأ التخصيص هو الحيلولة دون لجوء الدولة المطالبة الى التحايـــــل واضفاء ظروف معينة مرتبـــطة
بالجريمة المطلوب من أجلها التسليم قد تحـــــــــول دون التسليم اذا عرفتها الدولة المطوب اليها ،نقال عن د-سامي جاد
عبدالرحمن واصل -ارهاب الدولة في اطار القانون الدولي العام -منشأة المعارف األسكندرية ،ص
22
وتضمنت أغلب اإلتفاقيات الدولــــــية الخاصة بتسليم المجرمين ،بعــض اإلستثناءات لمبدأ
التخصيص ،حيث أجازت مالحقة الشخص ،أو معاقبته عن جرائم إرتكبـها قـــــــبل التسليم في
حالتين(.)1
أولهما -:إذا كان هذا الشخص قد أتيحت له حرية و وسيلة الخروج من إقــليم الدولة المــــسلم
إليها ،ولم يغادره خالل ثالثين يوما ،بعد اإلفراج النهائي عنه وعاد إلـــــيه بإختياره .
ثانيهما -:إذا وافقت الدولة التي سلمته على ذلك ،بشرط الحصول على موافقتها ،وفقا لإلجـــراءات
المتبعة في طلبات التسليم .
هذا وقد اختلفت اآلراء حول األثر القانوني لموافقة الشخص المطلوب على محاكمـته عن الجرائم
التي إرتكبها قبل التسليم ولم ترد في طلب التسليم ،حيث ذهـــــب بعضهم الى عــــدم جواز
محاكمته إال عن الجرائم التي سلم من أجلها فقط وموافقـته على خالف ذلك التنتج أي أثر قانوني،
بينما ذهب بعضهم الى أنه متى وافق المتــهم على محاكمته عن كافة الجـرائم المنسوبة اليه ،فإن
تلك الموافقة تنتج أثرها عــلى الفور ،ويجوز للدولة طالبة التسليم ،أن تشرع في محاكمته عن كل
الجرائم التي إرتكبها قبل التسليم بما فيها الجرائم السياسية ،ولكن اإلتجاه الــغالب ذهب الى أن
موافقة الشخص المطلوب على محاكمته عن جرائم غير واردة في طلب التسليم ال تعــــــــــطي
الســــــلطة القضائية في الدولة المسلم لها الحق في محاكمتــــــــــه عن تلك الجرائم إال اذا
حصـــــلت موافقة الدولة التي سلمته ،حيث إستندوا في ذلك الى أن التسليم عقد بين دولتين ال
عالقة له بإرادة الشخص المطلوب ،ومن ثم فليس له وال من حقه تعديل ما إستـــقرت عليه إرادة
(.)2 الدولتين طالبة التسليم والمطلوب إليها التسليم
( )1د.عبدالغني محمود ،تسليم المجرمين على أساس المعاملة بالمثل ،ط ،1دار النهضة العربية ،القاهــــــــرة
1991م ص. 93
( – )2د -ايهاب محمد يوسف – اتفاقيات تسليم المجرمين ودورها في تحقيق التعاون الدولي لمكافحـــة األرهاب
مـع التطبيق على جمهورية مصر العربية – رسالة دكتوراه – مقدمة لكلية الدراسات العليا بأكاديمية الشـــــرطة
– القاهرة – 2003م – ص 74-73
23
إذا كان طلب التسليم عن جرائم متعددة يكون الترجيح بينهما حســـــب ظروف الجريمــــة
وخطورتها ( ،)1ويمكن للدولة المطلوب منها التـــــسليم إذا كان تشريعها يجيز ذلك أن تســمح
بالتسليم المبسط شريطة أن يعلن الشـــــخص المـطلوب تسليمه موافقته ،وتعفى السلطات طالبة
التسليم من القيام باإلجراءات المنصوص عليــــــها في المادة ( )6من اإلتفاقية ( طلب التسليم
. ()2 والوثائق المطلوبة ) بعد الموافقة المكتـــــوبة للشخص المطلوب
نخلص من كل ما تقدم أنه ينتج عن تسليم المجرمين والهاربين ،بعــض اآلثار ومـنها عـدم
جواز معاقبة المجرم المسلم اال عن الجريمة التي سلم من أجلها ،حيث اليجـــوز بأية حــال من
األحوال أن يحاكم المجرم أو الهارب،إال عن الجريمة التي طلب تسليمه من أجلها ،فال يجــوز أن
يالحق أو يحاكم عن جريمة إرتكبها قبل التسليم إذا كانــت ليست الجريمة المـــطلوب تسليمه
من أجلها ،وللدولة الحق في أن تمتنع عن التسليم ،اذا كان األمر خالف ذلك ،وهــــذا مبدأ عام
مقرر دوليا ،نصت عليه كثير من معاهـدات تسليم المجرمين ،ألن عدم التمسك بهذا المبـدأ يؤدي
الى أن تلجأ الدول الى طلب تسليم بعض األفراد عن جرائم عادية لتحاكمهم عن جرائم سياسية ال
)3(. يجوز التسليم فيـها
( )1د غالب علي الداودي ،القانون الدولي الخاص ،الجنسية والمركز القانوني لألجانب وأحكامـــــيها في القانــون
العراقي ،وزارة التعليم العالي والبحث العلمي – 1981م – 1982م ص . 190 – 188
( )2المــــادة ( )9من اتفاقية تسليم المجرمين بين الجزائر والمملكة المتحدة وايرلندا الشمالية .
( )3الهام العاقل – مبدأ عــــدم تسليم المجرمين في الجرائم السياسية ،دراسة مقارنة – رسالة ماجستير مقدمة
لكلية الحقوق جامــــعة القاهرة،ص. 79
24
تشترط العديد من الدول أن يكون الفعل الذي يطالب بالتسليم من أجله يشكل جريمة يعاقب
عليها قانون الدولة الطالبة ،والدولة المطلوب اليها وذلك تطبيقا لقاعدة (ال عقوبة إال بقانون )(. )1
وإذا كان التسليم مطلوباً لتنفيذ حكم صادر على المتهم ،فيشترط أيضـــا ان ال يكون الحكم
نفذ بتمامه .
ويستثني بعض الكتاب الحالة التي يكون فيها الفعل غير ممكن الوقوع فـي الدولة المـــطلوب
منها التسليم بسبب أنظمتها الخاصة ،أو موقعهــــــا الجغرافي ،كأن يكون التسليم مطــلوبا عن
تعد وقع على السكك الحديدية ،ولم يكن هناك نص يعد مثل هذا الفعل معاقبا علـــــيه في البلد
المطلوب منها التسليم وبسبب عدم وجـــود سكة حديدية فيها ،وهذه القاعدة من القواعـــد التي
وضعها المعهد الدولي في إجتماعه بأكسفورد عام 1880م(.)2
وعليه يشترط للتسليم أن يشكل الفعل جريمة في تشريع الدولة طالبة التسليم( ،وهذا الشرط
ال ينطبق فقط على الجريمة التامة ،بل يمتد كذلك إلى الشروع في إرتكاب الجريمة والمشـــــاركة
فيها )(.)3
يتضمن األستغالل الجنسي لألطفال انتهاكات أساسية لحقوق األطفال االنسانية الى الحـــد الذي
الدول()4 ينبغي عنده اسقاط شرط(االزدواجية الجرمية)لســــياقات تسليم المجرمين عند بعــض
.
( )1د -سامي جاد عبدالرحمن واصل ،المصدر السابق ،ص . 343
( )2محمد رياض عبدالمنعم ،مدى سيادة الدولة في المسائل الجنائية ،مجلة المحاماة ،العدد الثالث ،السنة التاسعة
،موقع مدونات مكتوب ،مصر . 1928
( )3اإلرهاب في القانون المغربي ،موقع كلية الحقوق ،جامعة المنصورة ،مصر 2008متاح في شبــــكة االنترنيت .
. 2019/1/22www-f-law-net
( )4المؤتمر العالمي الثاني لمناهضة االستغالل الجنسي التجاري لألطفال ،اليابان. 2001 ،
25
وأساس مـــــــبدأ الجريمة المزدوجة في نظــــام تسليم المجـــــرمين يكمن في القاعدة
القانونيـــة ( ال جريمة وال عقوبة إال بنص ) ،وال عقوبة اال عــــــــلى الفعل الذي يعده القانون،
وقــت إقترافه جريمة ،وال يجـــــوز تطبيق عقـــــــوبة أشد من العــــــقوبة النافذة وقــت
. ()1 إقتراف الجريمة
وتأسيساً على ما تقدم ،نخــــلص الى أن كل شخص يرتكب جريمـــــة في دولة ويهــرب
إلـــى دولة أخرى ،أن تسلمه الدولة التـــي هرب إليها إلى الدولة األخــــــرى التي تطلـــــب
تسلـيمه لمحاكمته عن الجـــريمة التي إرتكبها في إقليمها ،أو لتنفيذ عقـــــــوبة قد صــدرت
بحقه ،ومـــــن بين الشروط التي تتصـــــــل بالفعل المسند الى الشخص المطلوب تسليـمه أن
يكون جريمة في تشريع الدولة طالبـــــة التسليم وفي تشريع الدولة المطلوب إليها التســــليم،
أما إذا كان الفعل ال يكون جريمة في تشريع الدولة المطلوب منها التسليم ،فلـها الحــق أن تمتنع
عن تسليم الشخص المطلوب .
26
المبحث الثالث
ولما كان قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل قد أخـذ بمبدأ توجيه الطـلب كـــــتابة
وبالطرق الدبلوماسية ،وأخذ بمبدأ جواز توجيه الطلب برقيا أو بالبريد ،أو عن طريق الهاتف كما هو
منصوص عليه في المادة ()360منه .لذا فإن إجراءات رئاسة اإلدعاء العام تختلف بإختالف الطريقة
التي يتم تقـديم طلب التسليم بموجبها ،فإن كان الطلب قد قدم برقيا فهي تتلقى الطــلب من أول
كتاب يـصدر عن مكتب الشرطة الدولية أو مكتب الشــرطة الجنائية العربية في بغداد إلى محـكمة
تحقيق الكرخ يبين فيه أن طلبا من دولة معينة قدم لغرض تسـليم متهم معين ،ويطلب فيـــــه
إصدار أمر القبض على المطلوب تسليمه لغرض تعميـمه بغية القبض عليــه حيث تعـــطى صورة
مــن هذا الكتاب الى رئاسة اإلدعاء العام للمباشرة بإجراءاتها ،وبمجرد وصول الكتاب يتم تسجـيل
الطلب الوارد ويعطى رقم للقضية في السجـالت المخصصة ويتم فتح إضبارة خاصة بالطلب ،ثم تقوم
بمتابعة اإلجراءات المتخذة بشأن الطلب حيث يتم تزويدها بكل ما يصدر من مخابـــرات وقرارات
محكمة تحقيق الكرخ ومكتبي الشرطة الدولية أو الـشرطة الجنائية العربية ،فإذا ما إكتـــملت هذه
اإلجراءات والقبض على المتهم أعلمت رئاسة اإلدعاء العام بذلك ،فتقوم بتوجيه كتاب إلـــى وزارة
الخارجية – الدائرة القانونية ،تعلمها فيه بإنه تم إلقاء القبض على المتهم المطـلوب تسليمه لغرض
إعالم الدولة طالبة التسليم بضرورة إرسال ملف التسليم وبسرعة قبل إنتهاءمدة التوقيف المنصوص
عليها في اإلتفاقية المعقودة بين البلدين–اذا كان هناك اتفاقية ،وتعطي صورة من كتابها إلى وزارة
العدل ،ووزارة الداخلية ومحكمة التحقيق ،ونيابة اإلدعاء العـام فيها ،والدوائر المعنيــــة األخرى،
وتزود وزارة الخارجية رئاسة اإلدعاء العام بصورة من كتابها المرسل إلى الدولة طالبة التســــليم
وتبقى تنتظر ورود ملف التسليم ،فإن تأخر وصـوله تبدأ بالتأكيد على وزارة الخارجيــــة لغـرض
التأكيد على الدولة الطالبة ،فان تأخر ورود ملف التسليم وانتـهت المدة المحـــــددة للتوقيف في
اإلتفاقية طلبت من محكمة التحقيق المختصة إخالء سبيل المتهم من التوقيف إلنتهاء المدة المحددة
وعدم ورود ملف التسليم ،أما إذا ورد ملف التسليم إلى وزارة الخارجية ،فتقوم بإيـداعه الى رئاسة
27
اإلدعاء العام حيث يتم تدقيقه من قبل رئاسة اإلدعاء العام – هيئة المتفرقة ،فأن وجدت ان مـلف
التسليم والبيانات المطلوبة المنصوص عـليها في المادة ( )360األصولية ونصوص اإلتفاقية المعقودة
بين البلدين ،وإن الشروط القانونية المنصوص عليها في المادة ( )357األصولية ،وال يوجد مانــــع
قانوني من الـموانع المنصـوص عليها في المادتين ( ) 359 – 358األصولية أحالت الطلب مع مـلف
التسليم الى مجلس القضاء األعلى إلحالته على احدى محاكم الجنايات المختصة ،وأن وجــــدت أن
هناك مانعا قانونيا ال يجوز تسليم المطلوب تسليمه ،أو عدم توفر القانونية في الطـــلب يبين ذلك
في كتابها الى مجلس القضاء األعلى ،وتتابع ذلك الى حين إحالته على المحكمة المختـــصة ،صدور
قرارها بالموافقة على التسليم من عدمه ثم الى حين إستالمه من الدولة الطالبة ،وعنـد ذلك تؤشر
اإلضبارة الخاصة بالمطلوب تسليمه وإتمام عملية التسليم ،وتحفظ ويؤشر في الســــجل الخاص بها
بإنتهاء اإلجراءات فيـها ،أما إذا وجدت أن ملف التسليم فيه نقص في المرفقات والبيانات المطلوبة
أعادته إلى الدولة الطالبة عن طريق وزارة الخارجية إلكمال البيانات المطلوبة وإعادته .
أما في حالة إرسال الطلب مرفقا بملف التسليم عن الطريق الدبلوماسي ،فإن وزارة الخارجية
تحيل الطلب على رئاسة اإلدعاء العام ،فيتم تسجيله في السجل الخاص بالتسليم وتفتح فيه إضبارة
بإسم المطلوب تسليمه ،وتتخذ بشأنه نفس اإلجراءات المتـخذة عند وصول ملف التسليم بعد توجيه
الطلب برقيا .
وان مهمة عضو اإلدعاء العام أمام محكمة التحقيق عند ورود ملف تسليم المطلوب تسـليمه
تنحصر في متابعة األجراءات التحفظية والطعن بقرارات التوقيف وإطـــالق السراح بكفالة في حالة
كونها تخالف المدد المنصوص عليها في المادة ( )109مــــن قانون أصول المحاكمات الجزائية ،أو
نصوص مواد اإلتفاقيات ووفق ظروف كل قضية .
أما عضو اإلدعاء العام أمام محكمة الجنايات التي تنظر بطلب التسليم ،فيقوم بالدور المرسوم
له وفق المادة (/9أوالً وثانياً) والمادة ( )15من قانون اإلدعاء العام ويقوم بتقــــــديم مطالعاته،
وطلباته بشأن الطلب ،ومناقشة المطلوب تسليمه ،وممثل الدولة الطالبة ،وشهود دفاع المتـــهم ان
وجدوا ،وبعد كل ذلك ان وجد الطلب مستوفيا الشروط القانونية المنصوص عليها في قانون أصـول
المحاكمات الجزائية أو اإلتفاقية التي تحكم العالقة بين البلدين ،وعدم وجود مانع قانوني عـــــن
تسليمه طلب إجابة الطلب ،والموافقة على تسليم المطلوب ،وان لم يجده كذلك طلب رفضه ،وبيـان
األسباب التي يستند إليها في ذلك ،عليه سوف نتناول هذا المبحث في مطلبين يتناول المطــــلب
األول كيفية تقديم الطلب وفي المطلب الثاني كيفية إصدار قرار التسليم والجهة المختصة بإصداره .
28
هناك طرق عدة تعارفت عليها الدول في كيـفية تقديم طلب التسليم فمنها من أتبعت الطريق
المباشر بأن يقدم الطلب من الجهات القـضائية في الدولة الطالبة إلى الجـهات القضــائية في الدولة
المطلوب منها التسليم ،وأتبع القسم اآلخر منها تقديم الطلب بواسطة وزارة العدل في الدولــــــة
المطلوب إليها التسليم أما الغالبية العظمى من الدول فقد أتبعت تقديم الطلب بالطرق الدبلوماسـية
وبواسطة وزارة الخارجيـة في البلدين .
أما من حيث الطريقة التي يقدم بها الطلب فقد أتبعت معظم الدول تقديم طلب التســــــليم
تحريرياً مرفقاً به ملف التسليم المطلوب تسليمه ،وأجازت بعــــــض الدول تقـديم الطلب برقياً
وهاتفياً وسنتكلم في هذا المطلب عن :
يبنى على ذلك ان طلب التسليم يجب أن يقدم من الجهات المختصة في الــــدولة الطالبة إلى
مجلس القضاء األعلى فيها لتقدمه الى وزارة خارجيتها لتسلمه بواسطة الممثلية الدبلوماسية الـــى
وزارة الخارجية العراقية لتقوم بدورها تسليمه الى رئاسة اإلدعاء الــعام إلتخاذ اإلجراءات المقتضية
بشأنه ،هذا وقد أوردت المادة ( )360المذكورة إستثناء عــــلى ذلك في حالة اإلستعجال وأجازت
توجيه الطلـب بطريق البرق والهاتف أو بالبريد دون مرفقات ،وهذا اإلستثناء شرع خوفا من هروب
29
المتهم فيما اذا علم بأن معاملة لطلب التسليم تتخذ األجراءات فيها .اال انه يتوقف البت في قبول
طلب التسليم أو رده على ورود ملف التسليم بعد اكمال اجراءاته بواسطة الطــــرق الدبلوماسية .
المرفقـــــــــــــــات -:
ب – جنسيتــــــــــه .
هـ -األوراق المثبتة لجنسيته ان كان من رعايا الدولة طالبة التسليم .
( )2صورة من أمر القبض الصادر بحقه يبين فيه رقم المادة العقابية والقانون العقابي.
( )3النص الحرفي للمادة العقابية وتأييد كونها هي المادة التي تعاقب على الجريمة وقت وقوعها .
( )4صورة من محاضر التحقيق ومحاضر الجلسات وصــورة من قرار الحكم إن كان قد صدر عليه
حكم على أن تتضمن محاضر التحقيق ما يأتي :
أ – ملخص التهمة أو مذكرة تتضمن تأريخ ومكان إرتكـــــــــاب الجريمة وتكييفها القــانوني
30
ب – شهادات المشتكي والشهود مقترنة بتحليفهم اليمين ويعني ذلك أن تكــون مدونة من قاضي
التحقيق أو من له سلطة محقق .
ج – األدلة الثبوتية األخرى التي يستفاد منها في إثبات إرتـــكاب المطــــــلوب تسليمه لجريمة
كصورة السند المزور أو صورة الصك المحرر بدون رصيد والتقرير الــتشريحي لجثة المجــنى عليه
وغيرها مع مالحظة أن األدلة المثبتة كافية لإلحالة وإجراء محاكـمة المتهم عن الجريمة المــطلوب
تسليمه عنها .
( )5يجب أن تكون كل واحدة من هذه البيانات والمستندات مصـدقا عليها بتوقيع قاضي التحقـيق
أو من يقوم مقامه في الدول التي تأخذ بنظام النيابة العامة أو رئيس المحــكمة ان كان قد صــدر
عليه حكم وعلى أن تختم بختم المحكمة الرسمي .
يترتب على نقصان أحدى هذه البيانات أو البعض منها إعادة ملف التسليم إلكمال هذه النواقص
مما يترتب عليه تأخير البت في طلبات تسليم المجرمين .
-:اإلجراءات التحفظية ودور منظمتي الشرطة الدولية (األنتربول) ومكتب الشــرطة الجنائية ثالثاً
العربية في كونهما واسطتي إتصال ومتابعة :
وقبل أن نتكلم في اإلجراءات التحفظية ومن الذي يقــــــوم بها والمحكمة المختصة بإصـدار
القرارات بشأنها البد لنا من الكالم قبل ذلك عن منظمتين دوليتيــــن تقومان بواســـطة اإلتصال
ومتابعة تعقيب هذه اإلجراءات المتخذة بشأن المطــــلوب تسليمهما إلى حــــين إكمال إجراءات
التسليم إلى الدولة طالبة التسليم .
31
بواسطتها إلى الدولة الطالبة ،ويتم العمل بالتنسيق بينها وبين سكرتاريتها بتعـــميم أوامر القبض
على مكاتبها في الدول األعضاء فيها حتى يتم معرفة مكان المطلوب تسليمه والقبض عليه هذا فـي
حالة عـــدم معرفة مكان تواجده ،أما إذا كان معلوماً فيتم اإلتصال مباشرة بين مكــتب الشرطة
الدولية الطالبة بمجرد تلقـيه طلب من جهاتها المختصة ومكتب الشرطة الدوليـة الموجود في البـلد
الذي يتواجد فيه المطلوب تسلـيمه سواء مباشرةً أم عن طريق السكرتارية العامة لهــا على أن ال
يكون الطلب مشموالً بنص المادة( )3من ميثاق المنظمة والتي تنـص على (يمنع منــــــعاً باتاً
على المنــظمة أن تتدخل باألمور الســــياسية أو العسكرية أو الديـــــــــنية أو العنصرية) .
32
بعد أن بينا فيما تقدم دور كل من الشـرطة الدولية ومكتب الشرطة اإلجراءات التحفظية - :
الجنائية العربية ببغداد ،نعود الى اإلجراءات التحفظية الواجب إتخاذها ضد المــطلوب تسليمه فيما
اذا ورد الطلب برقياً أو بالبريد .
أوضح قانون أصول المحاكمات الجزائيـة في المادة ( )364منه بأن لرئيس مجلس القضاء األعلى
أن يطلب إلى السلطات العراقية مراقـــة الشخص المطلوب تسليمه إلى حين ورود الوثائق المطلوبة
كافة حتى تجري إحـــالة األوراق الى المحــــكمة ،وللسلطات العراقية أن تتخذ اإلجراءات الكفيلة
بمراقبة الـشخص أو تعرض األمر على قاضي التحقيق الذي يقع محل الشخص المطلوب في منــطقة
إختصـاصه ليصدر أمـراً بتوقيفه ،وبذلك فإن قانون أصول المحاكمات الجزائية قد أخذ صــــراحة
بجواز القبض المؤقت كإجراء تحفظي يتــخذ ضد المطلوب تسليمه إلى حين ورود ملف تسليمه ولو
أن المادة ذاتها حددت القاضي بمراعاة أحكام المادة ()109األصولية من حيث المدد القانونــــــية
والجرائم التي يجوز التوقيف وهذا ما فيما ذهب رأي إلى القول بأن قانون أصول المحاكمات الجزائية
العراقي لم يأخذ ولم يشر صراحة إلى جواز القبض المؤقت مستنداً الى خلو المادة ( )360األصولية
من اإلشـارة اليه ( ،)1عليــه يمكن القول بأن المادة ( )364األصولية قد أشارت بشكل صـريح إلى
جواز القبض المؤقت وهـذا مع التذكير أن أغلب اإلتفاقيات التي عقدها العراق مـــع الدول األخرى
قد جوزت التوقيف المؤقت وقد حددت هذه اإلتفاقيات أحكام القبض المؤقت ومدته وأسبابه والغـائه
في حالة عدم وصول ملف التسليم خالل المدة المنصوص عليها في اإلتفاقية وإخالء سبيل المطلوب
تسليمه من التوقيف ،ومعظم هذه اإلتفاقيات قد حددت المــدة بشهر واحد ويجوز تمديدها شـهراً
بناءاً على طلب الدولة طالبة التسليم ( ،)2والبعض اآلخر لمدة شهرين ،في حين ان إتفاقـــــــية
الرياض العربية قد نصت في المادة ( )44منها على جواز إعادة توقيف المتهم والقبض عليه مــن
جديد فيما إذا تم إستكمال ملف التسليم وإرساله ( ،)3كما أن للمحكمة سلطة مطلقة في توقـــيف
الشخص المطلوب تسليمه إذا كان قد أخلي سبيله بكفالة متى ما رأت ضرورة لذلك مع مراعـــــاة
أحكام المادة ( )109األصولية حتى تنــــتهي إجراءاتها حسب نص المادة (/362أ) األصولية .
ــــــــــــــــــــــــــ
( )1د .عبداألمير جنيح ،تسليم المجرمين في العراق ،رسالة ماجستير،طبع المؤسسة العراقية للدعاية والطباعة ص.201
( )2المادة ( )42من اإلتفاقية القضائية مع مصر لسنة 1964والمادة( )11من إتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية.
33
املطلب الثاني
كيفية إصدار قرار التسليم واجلهة املختصة بإصداره
وعلى هدي ما تقدم البد من التطرق الى الجهة القضائية المختصة بإصدار القرار بالموافـــــقة على
التسليم أو رده ومدى صالحيات رئيس مجلس القضاء األعلى في المــــوافقة أو رفضه أو في وقف
اإلجراءات المتخذة بشأنه على الوجه اآلتي - :
34
األشـياء المتحصلة من الجريمة أو التي أستعملت في ارتكابها أو التي يمكن إتخاذها دليال عليه مع
عدم اإلخالل بحقوق الغير حسن النية (.)1
إن قرار المحكمة بقبول التســليم ليس قراراً قطعياً وإن كان ال يقبل الطعن فيه تمييزا إال
انه غير قابل للتنفيذ ،على المحكمة إرسال قرارها مع أوراق ملف التسليم إلى رئيس مجلس القضاء
األعلى أن يقرر الموافـقة على تسليم الشخص المطلوب تسليمه أو عدم تسليمه ،ويكون قراره بهذا
الشأن قطعياً وذلك بمقتضى التعديل األخير المرقم 201لسنة 1980للفقرة (د) من المـادة ()362
األصولية كما أنه يجوز التدخل تمييزاً بقرار محكمة الجنايات من قبل محكمة التميـيز استــــناداً
للصالحيات المخولة لها بحكم المادة ( )264األصولية .
الفرع الثاني :السلطة المختصة في إصدار القرار بالموافقة على التسليم أو رفضه :
ان لرئيس مجلس القضاء األعلى بموجب نصوص قانون أصول المحاكمـات الجزائية صالحــيات
بشأن عملية تسليم المجرمين وهي تنقسم الى قسميــــن :
- :الصالحية الممنوحة لرئيس مجلس القضاء األعلى في إتخاذ القرار بالطلب من المحــــكمة أوال
المختصة بوقف اإلجراءات المتخذة بشأن طلب التسليم وفي أي مرحلة كانت عليـها هذه اإلجراءات
قبل صدور قرار المحكمة الفصل بقبـول الطلب أو رده حيث نصت المادة ( )363األصـولية ( لوزير
العدل أن يطلب من المحكمة إيقاف النظر في الطلب وفي هذه الحالة توقف المــــحكمة اإلجراءات
ويخلى سبيل الشخص المطلوب وتعاد األوراق إلى وزارة العدل )وعلى محكمة الجنــــايات في هذه
الحالة أن تصـــــدر قراراً بوقف إجراءات النظر في الطلب ،وإن قرار وقف اإلجراءات يشمل فقط
محكمة الجنايات عند نظرها الطلب وال يشمل محكمة التحقيق ،وذلك ألن نص المادة المذكورة واضح
حيث حدد المحكمة التي تنظر الطلب وهي محكمة الجنايات .كما يجب أن يشتمل قرار وقــــــف
اإلجراءات على إخالء سبيل المطلوب إن كان موقوفا ،والغاء الكفالة إن كان مطلق السراح بكفالة .
( )1نصت المادة (/366أ)األصوليـــــة على ((:على المحكمة عند إصدارها القرار بقبول طلب التسليم أن تفصــل
في تسليم ما يوجد في حيازة الشخص المطلوب من األشياء المتحصلة من الجريمة أو التي أستعملت في إرتكابها أو
التي يمكن إتخاذها دليالً عليه مع عدم اإلخالل بحقوق الغير الحسن النية )).
35
-:أما القسم الثاني من هذه الصالحيات فهي الصالحية المخولة لرئيس مجلس القضاء األعلى ثانيا
بموجب أحكام المادة (/362د) من قانون أصول المحاكمات الجزائيــة المعدلة بموجب أحكام المادة
األولى من القانون رقم 102لسنة ،1980والذي تم بموجــبها منحه الحق في إصدار القرار بالموافقة
على القرار الصادر من محكمة الجنايات ،والقاضي بقبول طلب التسليم حيث كما بينا سابقا أنه بعـد
صدور قرار التسلــيم من محكمة الجنايات ،فإن قرارها هذا اليعــد نهائياً وإن كان اليقبل الطعن
به تمييزاً وإنما عليها إرسال ملف التسليم مع صورة القرار المتخذ بشأنه الى رئاسة مجلس القضاء
األعلى تطبيقا لنص الفقرة (ج) من المادة( )362األصولية لرئيس مجلــس القضاء األعلى بموافقة
وزير الخارجية إصدار قراره النهائي بالموافقة على تســليم المطلوب تسليمه أو عدم تسليمه .وقد
كانت هذه الصالحية ممنوحة لرئيس الجمهورية أو من يخوله قبل تعديل الفقرة (د) من المادة 362
األصولية بالقانون رقم 102لسنة . 1980
يالحظ أن موافقة رئيس مجلس القضاء األعلى متوقفة على موافقة وزير الخارجـيــــة فإن لم
تصدر موافقة وزير الخارجية على التسليم فعند ذلك يصدر رئيس مجلـــــس القضاء األعلى قراره
بعدم الموافقة ورد الطلب .
36
بعد أن وصل البحث إلى نهايته ،وإتضحت فكرته أصبح جلــــياً للقارىء الكريــم إن مسألة
تسليم المطلوبين تحتل أهمية خاصة في المجتمعات المعاصرة بعـــــدما باتت ســـياسة مكافحة
الجرائم واألعمال اإلرهابية تقع على المجتمع الدولي وجهوده المتواصـلة في هذا النـــــطاق ،لذلك
تعددت اإلتفاقيات الثنائية والمتعددة األطراف لمالحقة المجرمين وتوقيفهم وتسليمهم وتمــــهيداً
لمحاكمتهم .
وعلى هدي ما تقدم البد أن ندون في الئحة الخاتمة أهم النتــــائج والمقترحات التي خرج بهـــا
هذا البحث والتي تعد ثمرته وهذا ما سنتناوله في فقرتين تباعاً وعلى الوجه اآلتي:
– 1بذلت الدول المختلفة جهوداً مضنية في سبيل ايجاد سياسة جنـــــائية شـاملة وفعالة علـى
الصعيد الدولي واإلقليمي لغرض مكافحة اإلجرام على الصعــيد الدولي ومالحقــــة الجناة ومتابعة
تسليمهم ومحاكمتهم .
– 2عدم كفاية اإلجراءات الخاصة بتسليم المـــجرمين ووضوحها في مجال طلبــــــات التسليم
والمستندات المتعلقة بها وإستجواب الموقوفين والضمانات المقررة لهم .
– 3أثارت مسألة تسليم المجرمين جدالً قانونياً ونزاعات حول اإلختصاص القضـــائي بين الـدول
في بعض األحيان نتيجة لتضارب النصوص القانونية أو عدم وضوحها ،ويعـــــد مبدأ تمسك الدولة
بسيادتها وعدم تسليـــــــمها لرعاياها أحد أهم العقبــــات التي تعتـــرض إجراءات تســليم
المجرمين .
– 4على الرغم من أن البت في طلب تسليم المجرمين يعود إلى المحكمة أوالً وأخيراً إال أن هذا
ال يعني إغفال الجهود الجبارة التي يضطلع بها اإلدعاء العـــــام في متابعة تسلــــيم المجرمين
إبتداءً من تحريك الطلب وانتهاء بإكمال إجراءات الملف .
37
– 1ان عدم كفاية اإلجراءات الخاصة بتســـليم المجرمين ووضوحها في مجال طلبـــات التسليم
والمستندات المتعلقة بها وإستجواب الموقوفين والضمانات المــقررة لهــــم يعد قصوراً تشريعيا
البد من تالفيه .
– 2ضرورة إيجاد سياسة جنائية شاملة ومتكاملة في سبيل إختــصار آليــــات تسليم المجرمين
وإزالة العقبات الخاصة في هذا المجال ومن أهمها إعتـــماد ( مبدأ مكافحـــــة اإلجرام ) وعدم
تمسك الدولة برفض تسليم رعاياها ،ألن من يرتــــكب الجريمة ولم يراع هيبة دولته غير جديـر
بالحصانة عن المسائلة الجنائية .
– 3التأكيد على عدم إصدار تشريعات داخلية تخالف ما جاء باإلتفاقـــــيات الدولـية واإلقليمية
في مجال تسليم المجرمين وتفعيل اإلتفاقيات بين الدول العربيــة وباألخص إتفـــــاقية الرياض.
- 4توسيع نطاق صالحيات اإلدعاء العام في مجال إسترداد وتسليم المجرمين وذلك اختـــــصارا
للوقت والجهد واإلجراءات بإعتبار اإلدعاء العام هو من يملك الرقابة على مشروعية القوانين .
وختاماً أن ما ورد من آراء في هذا البحث ما هي إال إجتـــــهادات شخصــــية تقبل الخطأ
والصواب فأن أصبنا فبتوفيق من اهلل وفضله وان أخطأنا فمن أنفسنا .
38
( )1جندي عبدالملك ،الموسوعة الجنائية ،مطـــــــــــبعة دار الكتـــب بالقـــــــــاهرة.
( )2د .السعيد مصطفى السعيد ،األحكام العامة في قانون العقوبات ،المطبعة العالمية ،القــــاهرة،
الطبعة الثانية.1952 ،
( )3د .حميد السعدي ،شرح قانون العقوبات الجديد ،مطبــعة المــــعارف ،بغـــــداد. 1970 ،
( )4د .زهير الزبيدي ،اإلختـــــصاص الجنائي للدولة ،مطبــــــــعة المعــــارف ط. 1980 1
( )5د .سامي جاد عبدالرحمن واصل ،إرهاب الدولة في إطار القانون الدولي العام ،الناشــر ،منشأة
المعارف باألسكندرية .
( )6د .سعد ابراهيم األعظمي ،موسوعة مصطلحات القانــــون الجـــــنائي ،دار الشؤون الثقافية
العامة ،ج ،2بغداد. 2002 ،
( )7د .عبدالغني محمود ،تسليم المجرمين على أساس المعامــــلة بالمــــثل ،ط ،1دار النهضة
العربية ،القاهرة العربية ،القاهرة1991 ،م .
( )8د .علي حسين خلف وعبدالقادر الشاوي ،المبادىء العامة في قانون العقــوبات ،منــشورات
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،جامعة بغداد. 1982 ،
( )9علي ماهر ،القانون الدولي ،تسليم المجرمين ،مطــبعة اإلعتمــــــــاد ،مصر . 1924 -1923
( )10د .غالب علي الداودي ،القانون الدولي الخاص ،الجنسية والمركز القـــانوني لالجانــــــب
وأحكامها في القانون العراقي ،وزارة التعليم العالي والبحث العلــــــــــمي . 1982-1981
39
( )11د .منتصر سعيد حمودة ،اإلرهاب الدولي ،ط 1دار الفكر الجامعي ،األسكندرية ،مصر2006 ،م.
( )12القاضي نبيل عبدالرحمن حياوي ،شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية مكتبة النهضة األولى،
بغداد. 1984 ،
ا
( )13الهام العاقل ،مبدأ تسليم المجرمين في الجرائم السياسية ،دراسة مقارنة ،رسالة ماجســتير
مقدمة الى كلية الحقوق ،جامعة القاهرة. 1992 ،
( )14د .ايهاب محمد يوسف ،إتفاقيات تسليم المجرمين ودورها في تحقيــــــق التعاون الـدولي
لمكافحة اإلرهاب مع التطبيق على جمهورية مصر العربية ،رســـــالة دكتوراه مقدمة لكلــــــية
الدراسات العليا بإكاديمية الشرطة ،القاهرة2003 ،م .
( )15د .سالم األجلي ،أحكام المسؤولية الجنائية في التشريعات الوطنـــية ،رسالة دكــــــتوراه
مقدمة الى كلية الحقوق ،جامعة عين شمس ،مصر1997 ،م .
( )16د .عبداألمير جنيح ،تسليم المجرمين في العراق ،رسالة ماجستير ،طبع المؤسسة العراقيــة
للدعاية والطباعة ،بغداد.1977 ،
( )17عبود السراج ،الموسوعة العربية ،إسترداد المجرمين ،بحث منشـــور في مجـــــلة العلوم
القانونية واإلقتصادية ،المجلد الثاني ،دمشق. 2006 ،
( )18محمد رضوان ،المستشار القانوني لألمين العام للجامعة العربية ،محاضرة ألقيت في المؤتمــر
العالمي الثاني لنواب العموم ،قطر 2005 ،م .
( )19محمد رياض عبدالمنعم ،مدى سيادة الدولة في المسائل الجنائية ،مجلة المحاماة ،العـــــدد
الثالث ،السنة التاسعة ،موقع مدونات مكتوب،مصر.1928،
( )20د .سليمان عبدالمنعم ،العربي الحائر بين العنف والعنف اآلخر ،جريدة األهرام ،العــــــدد،
،43218لسنة 2005م.
40
ثالثاً :الدساتير والقوانين :
( )21الدستور المؤقت للجمهورية العراقية. 1970 ،
( )31معاهدة تسليم المجرمين بين العراق والواليات المتحدة األمريكية. 1936 ،
( )34إتفاقية الرياض للتعاون القضائي بين دول الجامعة العربية . 1983-
( )36اتفاقية تسليم المجرمين بين الجزائر والمملكة المتحدة وايرلندا الشمالية.
( )37المؤتمر العالمي الثاني لمناهضة اإلستغالل الجنسي التجاري لألطفال ،اليابان 2001م .
41
( )38خطة الكومنولث لتسليم المجرمين ،لندن1966 ،م.
Ar.jurispedia.org
www-f-law-net
42
الفهرست
المبحث الثالث :األساس القانوني لرقابة األدعاء العام على تسليم المجرمين27 ......
43
المطلب األول :كيفية تقديم الطلب 29 ............................................
34 المطلب الثاني :كيفية اصدار قرار التسليم والجهة المختصة بأصداره ...........
الفرع األول :الجهة القضائية المختصة في اصدار قرار التسليم 34 ..................
الفرع الثاني :السلطة المختصة في اصدار قرار بالموافقة على التسليم أو رفضه 35 ...
44
45
46
47