Professional Documents
Culture Documents
فن الاستماع
فن الاستماع
فن االستماع
في حياتنا ،ومنذ صغرنا نتعلم كيف نتصل مع الناس اآلخرين بالوسائل
المتعددة ،الحديث والكتابة والقراءة ،ويتم التركيز 2على هذه المهارات في
المناهج المدرسية بكثافة ،لكن بقية وسيلة اتصالية لم نعرها أي اهتمام مع
.أنها من أهم الوسائل االتصالية ،أال وهي االستماع
ال بد لكل اإلنسان أن يقضي معظم حياته في هذه الوسائل االتصالية األربعة،
الحديث ،الكتابة ،القراءة ،واالستماع ،ألن ظروف الحياة هي التي تفرض هذا
.الشيء عليه
واالستماع يعد أهم وسيلة اتصالية ،فحتى تفهم الناس من حولك ال بد أن
تستمع لهم ،وتستمع بكل صدق ،ال يكفي فقط أن تستمع وأنت تجهز الرد
عليهم أو تحاول إدارة دفة الحديث ،فهذا ال يسمى استماعاً على اإلطالق،
في كتاب ستيفن كوفي العادات السبع ألكثر الناس إنتاجية ،تحدث الكاتب
عن أب يجد أن عالقته بابنه ليست على ما يرام ،فقال لستيفن :ال أستطيع
.أن أفهم ابني ،فهو ال يريد االستماع إلي أبداً
فرد ستيفن :دعني أرتب ما قلته للتو ،أنت ال تفهم ابنك ألنه ال يريد االستماع
إليك؟
"فرد عليه "هذا صحيح
ستيفن :دعني أجرب مرة أخرى أنت ال تفهم ابنك ألنه -هو -ال يريد االستماع
إليك أنت؟
.فرد عليه بصبر نافذ :هذا ما قلته
ً
.ستيفن :أعتقد أنك كي تفهم شخصا آخر فأنت بحاجة ألن تستمع له
فقال األب :أوه (تعبيراً عن صدمته) ثم جاءت فترة صمت طويلة ،وقال مرة
!أخرى :أوه
إن هذا األب نموذج صغير للكثير 2من الناس ،الذي يرددون في أنفسهم أو
أمامنا :إنني ال أفهمه ،إنه ال يستمع لي! والمفروظ أنك تستمع له ال أن
!يستمع لك
إن عدم معرفتنا بأهمية مهارة االستماع تؤدي بدورها لحدوث الكثير 2من سوء
الفهم ،الذي يؤدي بدوره إلى تضييع األوقات والجهود واألموال والعالقات التي
كنا نتمنا ازدهارها ،ولو لالحظت مثال ً المشاكل الزوجية ،عادة ما تنشء من
قصور في مهارة االستماع خصوصاً عند الزوج ،وإذا كان هذا القصور مشتركاً
بين الزوجين تتأزم العالقة بينهم كثيراً ،ألنهم ال يحسنون االستماع لبعضهم
البعض ،فال يستطيعون 2فهم بعضهم البعض ،الكل يريد الحديث لكي يفهم
!!الطرف اآلخر! لكن ال يريد أحدهم االستماع
إن االستماع ليست مهارة فحسب ،بل هي وصفة أخالقية يجب أن نتعلمها،
إننا نستمع لغيرنا ال ألننا نريد مصلحة منهم لكن لكي نبني عالقات وطيدة
.معهم
تكلمنا في ما سبق عن أهمية االستماع واإلنصات ،وفي هذا الجزء نتحدث
عن األسلوب العملي الذي علينا اتباعه في أثناء االستماع لآلخرين ،ولنتذكر
أننا إذا أردنا فهم اآلخرين فعلينا أوال ً أن نستمع لهم ،ثم سيفهمونا هم إن
.تحدثنا إليهم بوعي حول ما يدور في أنفسهم
استمع استمع استمع! نعم عليك أن تستمع وبإخالص لمن يحدثك1- ،
تستمع له حتى تفهمه ،ال أن تخدعه أو تلقط منه عثرات وزالت من بين ثنايا
.كلماته ،استمع وأنت ترغب في فهمه
ال تجهز الرد في نفسك وأنت تستمع له ،وال تستعجل ردك على من 2-
يحدثك ،وتستطيع حتى تأجيل الرد لمدة معينة حتى تجمع أفكارك وتصيغها
.بشكل جيد ،ومن الخطأ االستعجال في الرد ،ألنه يؤدي بدوره لسوء الفهم
اتجه بجسمك كله لمن يتحدث لك ،فإن لم يكن ،فبوجهك على األقل ،ألن 3-
المتحدث يتضايق ويحس بأنك تهمله إن لم نتظر له أو تتجه له ،وفي حادثة
طريفة تؤكد هذا المعنى ،كان طفل يحدث أباه المشغول في قراءة الجريدة،
!!فذهب الطفل وأمسك رأس أبيه وأداره تجاهه وكلمه
بين للمتحدث أنك تستمع ،أنا أقول بين ال تتظاهر! ألنك إن تظاهرت بأنك 4-
تستمع لمن يحدثك فسيكتشف ذلك إن آجال ً أو عاجالً ،بين له أنك تستمع
لحديثه بأن تقول :نعم ...صحيح أو تهمهم ،أو تومئ برأسك ،المهم بين له
.بالحركات والكلمات أنك تستمع له
ال تقاطع أبداً ،ولو طال الحديث لساعات! وهذه نصيحة مجربة كثيراً ولطالما 5-
حلت مشاكل باالستماع فقط ،لذلك ال تقاطع أبداً واستمع حتى النهاية،
وهذه النصيحة مهمة بين األزواج وبين الوالدين وأبنائهم وبين اإلخوان وبين كل
.الناس
بعد أن ينتهي المتكلم من حديثه لخص كالمه بقولك :أنت تقصد كذا 6-
وكذا ....صحيح؟ فإن أجاب بنعم فتحدث أنت ،وإن أجاب بال فاسأله أن يوضح
.أكثر ،وهذا خير من أن تستعجل الرد فيحدث سوء تفاهم
ال تفسر كالم المتحدث من وجهة نظرك أنت ،بل حاول أن تتقمص 7-
شخصيته وأن تنظر إلى األمور من منظوره هو ال أنت ،وإن طبقت هذه
.النصيحة فستجد أنك سريع التفاهم مع الغير
حاول أن تتوافق مع حالة المتحدث النفسية ،فإن كان غاضباً فال تطلب منه 8-
أن يهدئ من روعه ،بل كن جاداً واستمع له بكل هدوء ،وإن وجدت إنسان
.حزيناً فاسأله ما يحزنه ثم استمع له ألنه يريد الحديث لمن سيستمع له
عندما يتكلم أحدنا عن مشكلة أو أحزان فإنه يعبر عن مشاعر لذلك عليك 9-
أن تلخص كالمه وتعكسها على شكل مشاعر يحس بها هو ،آخذت مثاال ً من
"كتاب ستيفن كوفي "العادات السبع ألكثر الناس إنتاجية
االبن :أبي لقد اكتفيت! المدرسة لصغار العقول فقط
األب :يبدو أنك محبط فعال ً
االبن :أنا كذلك بكل تأكيد
في هذا الحوار الصغير لم يغضب األب ،ولم يأنب ابنه ويتهمه بالكسل
والتقصير ،بل عكس شعور االبن فقط ،وفي الكتاب تكملة للحور على هذا
المنوال حتى وصل االبن إلى قناعة إلى أن الدراسة مهمة وإلى اتخاذ خطوات
.عملية لتحسين مستواه في الدراسة
أنقل لكم بعض المقترحات التي سطرها ستيفن كوفي في كتابه ،وهو
الكتاب الذي اعتمدت عليه في موضوعي هذا ،طبقها خالل أسبوع وانظر إلى
النتائج بعد هذا األسبوع وأخبروني إذا أردتم مشاركتنا في تجاربكم اإليجابية
حيث تسنح لك الفرصة مراقبة أشخاص يتحدثون اغلق أذنيك لبضع دقائق 1-
.وراقب فقط أي انفعاالت والتي قد ال تظهرها الكلمات وحدها
راقب نفسك كلما كنت في حوار مع أي شخص ،واضبط نفسك إن حاولت 2-
أن تقيم أو تفسر حديث الشخص بشكل خاطئ ،واعتذر له واطلب منه أن
يعيد الحوار مرة أخرى ،جربت هذه الطريقة من قبل وكان لها مفعوال ً عجيباً
.على الطرف اآلخر