Professional Documents
Culture Documents
01
01
1
تدارس سورة األنبياء
2
تدارس سورة األنبياء
3
تدارس سورة األنبياء
إن هذه السورة ،سورة األنبياء ،مسيت هبذا اإلسم الشتماهلا على قصص األنبياء فقد
ذكر هللا فيها ستة عشر نبيا من أنبيائه عليهم الصالة والسالم.
وإن قصص االنبياء الذين ذكرهم هللا عزوجل يف هذه السورة ،كان اهلدف منها تسلية النيب
صلى هللا عليه وسلم .فهذه السورة من أوائل السور اليت نزلت يف مكة .وجاءت تسميتها
مبكرا .ففي صحيح البخاري عن عبدهللا ابن مسعود رضي هللا عنه انه قال :سورة بين
إسرائيل أي اإلسراء والكهف ومري وطه واألنبياء هن من العتاق األول وهن من تالدي.
ويقصد ابلعتاق وهو مجع عتيق أي القدي (يف اللغة) أو كل ما يبلغ يف اجلودة يطلق عليه
عتيق .فهذه السورة من السور اليت نزلت أوال مبكة وأهنا من السور اليت أول ما تعلمها
إبن مسعود رضي هللا عنه وأرضاه .
فهذه السورة من السور اليت نزلت أوال مبكة وهذا يدل على أن السورة كانت من أوائل
السور اليت حتدثت عن القضااي املتعلقة ابلزمن املكي من إنكار البعث واثبات النبوة والقرآن
الكري وتثبيت املؤمنني وتصبريهم على ما يلقونه من األذى .وقول ابن مسعود يف احلديث
( وهن من تالدي) التالد أي الشيء اجليد وأنه يقصد رمحه هللا أنه حفظ هذه السورة
من هللا هبا عزوجل عليه .ولو أتملتم أن هذه السورة
حفظا قدميا وهو حيدث هبذه املنة اليت ّ
4
تدارس سورة األنبياء
ِۡ ِ ِ ۡ
يتكرر فيها لفظ الذكر كثريا ،وظهر ذلك يف افتتاح هذه السورة يف قوله َما ََيتي ِهم ّمن ذكر
ِّمن َّرّهبِِم... ،
هذه السورة مكية ابتفاق أهل العلم وقد حكى اإلمجاع على مكيتها غري واحد من أهل
العلم كابن عطية وابن اجلوزي والقرطيب .بيد أن هناك حكي خالف يف آية من آايت هذه
ص َها ِم ْن أَط َْرافِ َها ۚ السورة قيل أهنا مدنية وهي قوله جل وعال :أَفََال يَ َرْو َن أَ ََّّن ََنِِْت ْاأل َْر َ
ض نَن ُق ُ
أَفَ ُه ُم الْغَالِبُو َن .ولعل السبب الذي محل أولئك على القول مبدنية هذه اآلية هو ما جاء
عن بعض املفسرين أن املراد بنقصان األرض أنه ما يفتحه هللا عزوجل لنبيه من أرض
املشركني ،فقالوا أن هذا الفتح مل يكن إال بعد األمر ابجلهاد واجلهاد مل يكن إال يف املدينة
إذا فاآلية مدنية ،لكن هذا القول مردود ألن هذه اآلية وإن كانت من املعاين اليت قيلت
يف تفسري هذه اآلية هذا القول ،لكن قيلت أقوال أخرى تدل على أن هذه اآلية مكية
والصحيح أن السورة برمتها مكية ابالتفاق .
عدد آايت هذه السورة مئة واثنتا عشرة آية يف عد الكوفيني ،وإحدى عشرة آية ومئة يف
ون َِّ
اَّلل َما َال ال أَفَتَ ْعب ُدو َن ِمن ُد ِ
عد الباقني ،وخالفهم كان يف آية قوله جل وعال :قَ َ
ُ
ض ُّرُك ْم يف قصة إبراهيم ،فهذه اآلية عدها الكوفيون ومل يعدها الباقون ، يَن َفعُ ُك ْم َش ْي ئًا َوَال يَ ُ
وهذا سبب اخلالف .
5
تدارس سورة األنبياء
☆حمتوى السورة:
هذه السورة ذكر فيها ستة عشر نيب من أنبياء هللا عليهم الصالة والسالم .وهذا العدد مل
َيت إال يف سورة األنعام ذكر هللا عزوجل مثانية عشر نبيا.
فإن قيل أليس األحرى أبن تسمى سورة األنعام بسورة األنبياء ألن عدد االنبياء فيها أكثر
،قال أهل العلم كان مقصود سورة األنعام احلديث عن األنعام ،لكن هذه السورة املقصد
األساسي فيها هو احلديث عن األنبياء عليهم الصالة والسالم.
☆مقصد السورة:
-١االنذار ابلبعث وحتقيق وقوع البعث وأن وقوعه قريب وهذا ما تلحظونه يف بداية السورة
ۡ ۡ َّاس ِح ۡ ۡ ِ
س ُاهبُم َو ُهم ِيف غَفلَة ُّمعر ُ
ضو َن. ِ يف قوله تعاىل اقرتب للن ِ َ
مث أن هللا أقام احلجة على هذا البعث وأن الناس سيبعثون وسيحاسبون ،وأهنم جمزيون ،
وأقام عليه تلك احلجج ،ومنها خلق السماوات واالرض وخلق املوجودات من ماء ،هذا
من ابب االستدالل على أن اإلنسان خلق لغاية ومل يرتك سدى بل خلق اخللق ليعبدوه
وابأللوهية يفردوه وأن هناك بعث وحساب وجزاء.
-٢التنويه بشان القرآن العظيم ،وقد تكرر كثريا لفظ الذكر ،فجاءت هذه السورة لتنبه
على شأن القرآن العظيم وأنه نعمة من هللا جل وعال على عباده .وكذلك جاءت السورة
ابلتحذير من التكذيب ابلقرآن الكري.
6
تدارس سورة األنبياء
-٣التنويه بشأن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ،فإن الرسول عليه الصالة والسالم هو
املبلغ عن هللا عزوجل وهو الذي جاء ابلقرآن الكري ،مث ذكرت هذه السورة أن الرسول
صلى هللا عليه وسلم رمحة للعاملني .مث نبهت هذن السورة أن هذا الرسول النيب األمي حممد
صلى هللا عليه وسلم ما هو إال كأمثاله من الرسل وما جاء به عليه الصالة والسالم هو مثل
ما جاء به الرسل من قبله وبداية السورة حتكي هذا األمر .وهنا فائدة أن القدح يف القرآن
يستلزم القدح يف النيب صلى هللا عليه وسلم ،فينتصر هللا عزوجل لنبيه صلى هللا عليه
وسلم ولكتابه ،واألمران متالزمان ،فمن قدح ابلقرآن قدح ابلنيب صلى هللا عليه وسلم
ومن قدح ابلنيب قدح ابلقرآن ألن النيب صلى هللا عليه وسلم هو املبلّغ هلذا الكتاب.
-٤تنزيه هللا جل وعال عن الشركاء وعن الولد واالستدالل أبدلة على ألوهية هللا جل وعال
ووحدانيته تبارك امسه وتعاىل جده .
-٥ذكر أخبار االنبياء والرسل عليهم الصالة والسالم وما حصل هلم من االبتالءات يف
سبيل تبليغ هذا الدين وأن هللا عزوجل نصرهم واستجاب دعاؤهم .مث ذكرت هذه السورة
أن هؤالء االنبياء الذين حكا هللا عنهم ما حصل معهم مع أقوامهم وأثىن عليهم أهنم كلهم
جاءوا بدين واحد وهو توحيد هللا عزوجل وكذلك الرسول صلى هللا عليه وسلم مل يكن
بدعا من الرسل.
-٦حتدثت هذه السورة -مبا أن السجال بني األنبياء عليهم الصالة والسالم وبني أقوامهم
الذين مل يؤمنوا -فإنه كان فريق حق وهناك فريق يف الباطل والسجال بني الفريقني ،ف ّبني
7
تدارس سورة األنبياء
هللا عزوجل أن العاقبة تكون يف فسطاط الرسل واألنبياء والصاحلني ،وأن العاقبة تكون هلم
وأن اخلزي والعار واهلالك يكون ألعدائهم .
☆حمور السورة:
إن حمور هذه السورة هو توحيد هللا ،وهذا الذي جاءت به الرسل عليهم الصالة والسالم
وما القاه أولئك الرسل من أعدائهم من األذى .
8
تدارس سورة األنبياء
الورد األول
اآلايت()٥_١
ذكر بعض املفسرين أن املراد ابلناس هنا كفار مكة ألن الرسول عليه الصالة والسالم
بعث فيهم وهذه اآلايت نزلت عليه وهو بني ظهرانيهم ،والقول الثاين قيل هي يف املشركني
خاصة ،والقول الثالث وهو الصواب أن املراد ابلناس هنا مجيع الناس وإن كانت هذه
اآلية املقصود هبا كفار مكة لكن اآلية عامة .
9
تدارس سورة األنبياء
ويبقى السؤال املهم ،كيف اقرتب للناس حساهبم؟؟ قال بعض أهل العلم ،املراد ابإلقرتاب
هنا ،مبا أن هذه االمة ( أمة حممد عليه الصالة والسالم) هي آخر األمم وعليها تقوم
الساعة فحينئذ اقرتب احلساب هلم ابلنسبة ملا قبلهم من األمم .والقول الثاين إن كان
اخلطاب لكفار مكة فاملقصود بقرب احلساب املوت ألن من مات فقد قامت قيامته ،وإذا
س ُاهبُ ۡم ،هذا املعىن جاء يف
َ
َّاس ِ
ح ِ ن لقامت قيامته فإنه جمزي وحماسب .وإن قوله اقرتب لِ
آايت متعددة من كتاب هللا عزوجل غري هذا املوضع ،فقال تعاىل :أتى أمر هللا فال
تستعجلوه ،واقرتاب احلساب يدل على أ ن هناك بعث سيكون فإذا كان هناك حساب
إذا ال بد أن يسبق احلساب بعث ألن الناس قد ماتوا فإن فيه استدالل على اثبات البعث.
س ُاهبُ ۡم ،هنا دليل على أن كل انسان جمزي
َ
ونالحظ هنا يف إضافة الضمري يف قوله ِ
ح
وحماسب لوحده وكل إنسان سيقف بني يدي هللا عزوجل و سريى أعماله ،وأن اإلنسان
إذا قامت قيامته فإنه سيحاسب ،وهلذا قال هللا عزوجل :فمن أوِت كتابه بيمينه فسوف
حياسب حسااب يسريا ،واملقصود ابحلساب العرض أما إذا نوقش اإلنسان احلساب فقد
عذب .
س ُاهبُ ۡم
إن البدء هبذا االسلوب فيه حتذير وإنذار للمخاطبني كذلك إضافة اقرتب لِلن ِ ِ
َّاس ح َ
حساهبم هلم وأهنم سيحاسبون وجمزيون إال ان هناك ستكون أحداث وأهوال عظيمة ينبغي
لإلنسان أن يستعد هلذه األحوال .
10
تدارس سورة األنبياء
ۡ ۡ ۡ
َو ُهم ِيف غَفلَة ُّمعر ُ
ضو َن أي حال كوهنم غافلني يف الدنيا عن اقرتاب احلساب .وهنا فائدة، ِ
وهي بقدر ضعف اإلميان ابليوم اآلخر وتذكر اليوم اآلخر يكون اإلنسان ضعيف يف عمله
الصاحل ،وبقدر تذكر اإلنسان لليوم اآلخر بقدر مسارعته يف العمل الصاحل .ولذلك دائما
َيِت التذكري خصوصا يف أمور الذنوب العظام أو االشياء املهمة يف الدين ،فيقرن هللا عزوجل
اإلميان ابهلل وابليوم اآلخر .فكلما كان اإلنسان قريبا من تذكر الدار اآلخرة ،انتفت عنه
الغفلة وكلما كان بعيد الذكر عن الدار اآلخرة كلما كان غافال .ولذلك جاء هللا ابلثناء
على أنبيائه أبنه اصطفاهم وجعلهم يتذكرون الدار اآلخرة كثريا والشاهد على ذلك ( يف
سورة ص) إَّن أخلصناهم خبالصة ذكرى الدار .
هذا القرآن سحر فلذلك جاء بلفظ الربوبية ليدل على أهنم مربوبون وأن هللا عزوجل هو
ِۡ ِ ِ ۡ
خالقهم وهو الذي نزل القرآن هداية هلم .ويف قوله َما ََيتي ِهم ّمن ذكر ،فقد قال أهل
العلم هذا فيه دليل على فضل القرآن وشرفه وفيه رد هلم على ما قالوه أنه سحر وشعر .
ث ،أي هذا القرآن ما َيتيهم من شيء حديث نزوله ( ألن ما َۡيتِي ِهم ِّمن ِذ ۡكر ِّمن َّرّهبِِم ُّ ۡحم َد ٍ
َ َ
القرآن نزل منجما ومفرقا) إال كان مساعهم له مساع لعب وسخرية فهم ال يتعظون وال
ٍ ۡ ِ ِ ِ ِ ۡ ِ ِِ ُّ ۡ
يتفكرون .ويف قوله َما ََيتيهم ّمن ذكر ّمن َّرّهبم حم َدث ،فيه دليل على أهنم ال ينتفعون
ابلقرآن مع أنه ينزل إليهم مرة بعد مرة ،فنزوله هبذه الطريقة كان األوىل هبم أن ينتفعوا به
وأن يرتدعوا فال يزال القرآن ينزل عليهم هم عنه معرضون .
ۡ ۡ إَِّال ۡ
ٱستَ َمعُوهُ َو ُهم يَل َعبُو َن ،وهنا فائدة أن من أعظم أنواع الغفلة هو الصد عن القرآن
الكري .ولذلك جاءت آايت أخرى تدل على أن االستماع للقرآن الكري فيه هدى ورمحة
،فقد جاء يف سورة النجم :أفمن هذا احلديث تعجبون وتضحكون وال تبكون وأنتم
سامدون ،وهنا دليل على أن عدم االستماع للقرآن هو من أسباب الغفلة ،واألمر الثاين
ۡ ۡ أن االستماع للقرآن يورث الرمحة .إَِّال ۡ
ٱستَ َمعُوهُ َو ُهم يَل َعبُو َن أي حال كوهنم يلعبون .
وقد قدم اللعب على اللهو ،للدليل على أهنم يسخرون ويستهزؤون ابلقرآن الكري وأن
هذا هو املقصد الذي أرادوه هم ،االستهزاء والسخرية .
ۡ ۡ ۡ ۡ
َو ُهم يَل َعبُو َن ،وقد جاء ابلفعل املضارع َو ُهم يَل َعبُو َن ،الن الفعل املضارع يدل على التجدد
واحلدوث ،أي كلما نزلت آايت من القرآن لعبوا وسخروا واستهزؤوا .
12
تدارس سورة األنبياء
ٱلس ۡحر وأَنتمۡ
ِ ِۡ ۡ ۡ ال ِهية ق لُوهب ۡۗۡم وأَسروا ٱلن ۡ
َّجوى ٱلَّ ِذين ظَلَمواْ ه ۡ
ّ َ َ ُ ن
َ وُت أَت َف
َ أ مكُ ل
ُ ثم رش
َ َّ ب َّ
ال ِ
إ ا
ٓ ذ
َ َٰ
ه ل
َ ُ َ َ َ َ ُ ُُ َ َ ُّ ْ َ
ص ُرو َن ()٣ تُ ۡب ِ
ۗۡ
وهبُ ۡم ،أي حال كوهنم قلوهبم الهية ،وهذا يدل على أهنم غارقون يف اللهو والغفلة َال ِهيَة قُ لُ ُ
ولذلك نسب اللهو إىل القلب ،وذلك ألن القلب ملك اجلوارح .
ين ظَلَ ُمواْ ،النجوى مأخوذة من املناجاة وهي االستتار واإلختفاء ذ وأَسروا ٱلن ۡ
َّجوى ٱلَّ ِ
َ َ َ َ ُّ ْ
واملراد هنا اإلسرار واملناجاة ،فكيف أتِت هنا النجوى مبعىن املناجاة اليت هي اإلسرار ،وَيِت
َس ُّرواْ هنا فيها قوالن للمفسرين :وهي أن أسر على اببه قوله وأسروا ؟ قال أهل العلم َوأ َ
أي من ابب اإلسرار ،وأَسروا ٱلن ۡ
َّج َوى ،املراد به املبالغة يف إخفاء ما تناجوا به ،أي يبالغون َ َ ُّ ْ
يف إخفاء ما ادأخفوه .أما القول الثاين ،هو أن الفعل أسر هو من األضداد مبعىن أنه يراد
به السر والعالنية ،فقالوا املقصود به هنا العلن أي وأَسروا ٱلن ۡ
َّج َوى أي أظهروا ما تناجوا َ َ ُّ ْ
به .والذي يظهر وهللا أعلم أن املراد به اإلخفاء ،وهذا يدل على املبالغة يف شدة إخفائهم
،وهنا فائدة أن هؤالء الكافرين يكيدون لدين اإلسالم يف السر والعلن فهم يتداعون يف
العلن والسر يف الكيد هلذا الدين .
ين ظَلَ ُمواْ جاء بقوله ظلموا ،دليل على أن هذا الفعل الذي ارتكبوهذ وأَسروا ٱلن ۡ
َّجوى ٱلَّ ِ
َ َ َ ُّ ْ َ
هو من الظلم وفيه إشارة إىل ما ارتكبوه من الظلم والكيد هلذا الدين وأن فعلهم غري منصف
وغري عادل .
ۡ
شر ِّمث لُ ُك ۡم ،ويقصدون أن حممد صلى هللا عليه وسلم هو بشر مثلكم ،فإذا ۡ
َهل ََٰه َذآ إَِّال بَ َ
كان بشر مثلكم فأىن يكون له أن يكون رسول ،وإذا كان بشر مثلكم فكيف ينزل عليه
13
تدارس سورة األنبياء
القرآن دونكم ،فهم يعرتضون على نبوة النيب صلى هللا عليه وسلم ،مث يستلزم بعد ذلك
اعرتاضهم على نبوة النيب صلى هللا عليه وسلم االعرتاض على القرآن ،فالقدح يف النبوة
قدح يف القرآن والعكس ألن األمران متالزمان .
أَفَتَ ۡأتُو َن ِ
ٱلس ۡحر وأَنتُ ۡم تُ ۡب ِ
ص ُرو َن ،أنظروا هنا إىل قلب احلقائق وهنا من الفوائد املهمة وهي ّ َ َ
قلب احلقائق عند الكفار فانظروا كيف يصفون القرآن ابلسحر ،افتقبلون من حممد ما جاء
به من القرآن وتصدقون به وأنتم تعلمون أنه سحر ،وهذا األمر غري صحيح أصال ،فهم
يف شك من القرآن الكري ....وأَنتُ ۡم تُ ۡب ِ
ص ُرو َن أي وأنتم تدركون أن هذا القرآن الذي جاء َ
به حممد هو سحر ،فهذا عجيب ،ولذلك جاء بلغة االستفهام ،وهذا معناه التعجب
واالستفهام يراد به التوبيخ واإلنكار.
14
تدارس سورة األنبياء
ۡ ۡ ۡ
وقد جاء بقوله يَعلَ ُم ٱل َقو َل ،ألن القول يشمل السر واجلهر وهذا فيه إثبات لعلم هللا عزوجل
وإحاطته بعباده .ولذلك الذين اهتموا القرآن أنه سحر وأسروا النجوى هم الذين كانوا
خيرجون سرا متفرقني يستمعون لقراءة النيب عليه الصالة والسالم هم أنفسهم.
وقد جاء بقوله َرِّّب ،وذلك ألن لفظ الربوبية يدل على االعتناء ابلنيب عليه الصالة والسالم
وأنه ممتثل ألمر هللا عزوجل ومل َيت بشيء من عنده .
ِ ِ ۡ
يم ،هنا السميع ملا حتدثوا به وأسروه ،والعليم ألحواهلم وما كادوه هلذا
يع ٱل َعل ُ
لسم ُ
َو ُه َو ٱ َّ
القرآن.
15
تدارس سورة األنبياء
ِۡ ۡ ۡ ۡ
َِ ِ
فَ ليَأتنَا بايَة َك َمآ أُرس َل ٱأل ََّولُو َن ،فالذي ينظر إليها يظن فعال اهنم يريدون آية لكي يهتدوا
هال جاء حممد آبية مثل ما جاء الرسل قبله ابآلايت ،فأنتم قبل كنتم تكذبون أبن
ويقولون ّ
هناك رسول من البشر فكيف تطلبون اآلية اآلن كما جاء هبا األنبياء من قبله وهم بشر
إذا مل يقصدوا أصال حدوث اآلية لكي يؤمنوا ،فهم أرادوا التعجيز .
واحلمدهلل رب العاملني......
16