You are on page 1of 10

‫تدارس سورة األنبياء‬

‫‪1‬‬
‫تدارس سورة األنبياء‬

‫‪2‬‬
‫تدارس سورة األنبياء‬

‫‪3‬‬
‫تدارس سورة األنبياء‬

‫الورد الثاين‬
‫اآلايت(‪)١٠-٦‬‬

‫وح ٓي‬‫ك إِّاَّل ِّرجاَّل نُّ ِّ‬ ‫مآ ءامن ۡت ق ۡب لَهم ِّمن ق ۡري ٍة أ َۡهلَ ۡك َٰنه ۖٓآ أَف ه ۡم ي ۡؤِّمنون (‪ )٦‬ومآ أ َۡرس ۡلنا ق َۡ‬
‫ل‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬ ‫ََ َ ُ ُ ُ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ََ َ ُ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ٱلذ ۡك ِّر إِّن كنت ۡم َّل ت ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ۡ ِّ ۡۖٓ ۡ َ ۡ‬
‫ام َوَما‬ ‫ع‬ ‫ا‬
‫ط‬
‫َُ َ ََ‬ ‫ٱل‬ ‫ن‬‫و‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َي‬ ‫ا‬
‫َّل‬ ‫دا‬ ‫س‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َٰ‬
‫ن‬
‫ََ َ َ َُ َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫م‬‫و‬ ‫)‬ ‫‪٧‬‬ ‫(‬ ‫ن‬‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫َ‬
‫ُُ َ َ ُ َ‬‫ع‬ ‫ل‬ ‫َه‬‫إلَيهم فَسلُٓواْ أ‬
‫ۡ ۡ ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ َٰ ۡ ۡ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ني (‪ )٩‬لَ َقد‬ ‫ِّ‬
‫شآءُ َوأَهلَكنَا ٱل ُمسرف َ‬ ‫ا‬ ‫َٰ‬
‫ص َدق نَ ُه ُم ٱل َوع َد فَأَجنَي نَ ُهم َوَمن ن َ‬ ‫ين (‪ُ )٨‬ثُا َ‬ ‫َكانُواْ ََٰخلد َ‬
‫ۡ ۚۡ‬ ‫ۡ‬
‫َنزلنَآ إِّل َۡي ُك ۡم كِّ َٰتَبا فِّ ِّيه ِّذك ُرُك ۡم أَفَ ََل تَ ۡع ِّقلُو َن (‪)١٠‬‬
‫أَ‬

‫ِّ‬ ‫ۡ ۡ ِّ ۡ ٍ ۡ ۡ َٰ ۖٓ ۡ ۡ‬
‫َمآ ءَ َامنَت قَب لَ ُهم من قَريَة أَهلَكنَ َهآ أَفَ ُهم يُؤمنُو َن (‪)٦‬‬

‫هنا اآلية متعلقة آبية فليأتنا آبية كما أرسل اَّلولون ‪ ،‬فهؤَّلء طلبوا من النيب صلى هللا عليه‬
‫وسلم أن َيتيهم آبية و برهان ومعجزة على صدقه عليه الصَلة والسَلم وعلى أنه رسول‬
‫من عند هللا عزوجل كما فعل أسَلفه من قبل ‪ ،‬فحينها جاءت هذه اآلية واملقصود بقوله‬
‫ۡ‬
‫َمآ ءَ َامنَت قَ ۡب لَ ُهم أي كفار مكة أي ما آمنت قبل كفار مكة من قرية اقرتح أهلها على‬
‫رسلهم أن َيتوا آبايت ‪ ،‬فلما جاءهتم هذه اآلايت كذبوا هبا فأهلكناهم ‪ ،‬واملقصود بقوله‬
‫ۡ ۡ ۖٓ‬
‫أَهلَك َٰنَ َهآ أي أهلكنا أهلها ‪ ،‬فتلك مساكنهم مل تسكن من بعدهم إَّل قليَل‪ ،‬فقال تعاىل ‪:‬‬
‫فتلك بيوهتم خاوية مبا ظلموا ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫تدارس سورة األنبياء‬

‫ِّمن قَ ۡريٍَة ‪ ،‬وقد جيء بزايدة ِّمن ‪ ،‬للتوكيد أي كل قرية َيتيها رسول يبعث إليها يطلبون منه‬
‫اآلايت ‪،‬وإذا أتتهم اآلايت َّل يؤمنون هبا وقال هللا عزوجل يف سورة األنعام‪ :‬وأقسموا ابهلل‬
‫جهد أمياهنم لئن جاءهتم آية ليؤمنن هبا قل إمنا اآلايت عند هللا وما يشعركم اهنا إذا جاءت‬
‫َّل يؤمنون ‪. ...‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫أَفَ ُه ۡم يُؤِّمنُو َن‪ ،‬قال أهل العلم ‪ ،‬اَّلستفهام يف قوله أَفَ ُه ۡم يُؤِّمنُو َن ‪ ،‬اهلمزة هنا َّلنكار وقوع‬
‫اإلميان واملعىن أفهؤَّلء يؤمنون لو أجيبوا ملا سألوا ‪ ،‬وهللا عزوجل ذكر عنهم يف سورة األنعام‬
‫ۡ‬ ‫ۡ ۡ ۖٓ‬ ‫ۡ‬
‫كما ذكر سابقا ‪ ،‬فقال تعاىل َمآ ءَ َامنَت قَ ۡب لَ ُهم ِّمن قَ ۡريٍَة أَهلَك َٰنَ َهآ أَفَ ُه ۡم يُؤِّمنُو َن وهذا فيه‬
‫الرد على قوله فلياتنا آبية كما أرسل األولون ‪.‬‬

‫ۡ ِّ ۡ‬
‫ٱلذك ِّر إِّن ُكنتُ ۡم ََّل تَ ۡعلَ ُمو َن (‪)٧‬‬
‫ۖٓ‬
‫وح ٓي إِّل َۡي ِّه ۡم فَ ۡسَلُٓواْ أَه َل‬
‫ك إِّاَّل ِّرجاَّل نُّ ِّ‬‫ل‬ ‫ومآ أ َۡرس ۡلنا ق ۡ‬
‫ب‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ََ َ َ َ َ‬
‫هذه اآلية أتت يف الرد على إنكارهم على أنه بشر ‪ ،‬والشاهد هو قوله تعاىل هل هذا إَّل‬
‫بشر مثلكم‪ ،‬فجاءت هذه اآلية رد على هذه الشبهة ‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ك ‪ ،‬أي اي حممد ما أرسلنا من رسول سبقك إَّل رجاَّل أي رجاَّل من البشر‬ ‫َوَمآ أَر َسلنَا قَب لَ َ‬
‫ك إِّاَّل ِّر َجاَّل أبن النبوة‬‫ل‬ ‫َّل من املَلئكة‪ .‬واستنبط بعض أهل العلم يف قوله ومآ أ َۡرس ۡلنا ق ۡ‬
‫ب‬
‫َ‬
‫ََ َ َ َ َ‬
‫والرسالة َّل تكون إَّل يف الرجال وليس يف النساء نبية ‪.‬‬
‫ۡ ِّ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ ِّ ۡ‬
‫يف قوله فَ ۡسَلُٓواْ أَه َل ٱلذكر إن ُكنتُم ََّل تَعلَ ُمو َن‪ ،‬أوَّل قال هللا هلم فَسلُٓواْ أَه َل ٱلذكر‪ ،‬وذلك‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫للتعريض جبهلهم‪ ،‬واألمر الثاين استنبط أهل العلم جواز التقليد ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫تدارس سورة األنبياء‬
‫ۡ ِّ ۡ‬
‫ِّ‬
‫اختلف العلماء رمحهم هللا ابملراد أبَه َل ٱلذكر‪ ،‬القول اَّلول أهنم أهل الكتاب ومسوا أهل‬
‫الذكر ألهنم كانوا يذكرون خرب األنبياء مما مل تعرفه العرب وأنه هناك نيب سيخرج‪ ،‬وهذا‬
‫الشيء َّل تدركه العرب ألهنم أمة أمية فأمرهم هللا عزوجل أن يسألوا أهل الذكر ‪ .‬وقيل‬
‫ۡ ِّ ۡ‬
‫ٱلذك ِّر هم أهل القرآن وهذا القول وأن كان صحيحا ولكنه ليس مرادا يف هذه اآلية ‪،‬‬ ‫أَه َل‬
‫ِّ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ٱلذك ِّر أهنم أهل‬ ‫ألنه كيف يسألون خصومهم فالذي يظهر وهللا أعلم أن املراد ب أَه َل‬
‫الكتاب ‪ .‬ويف هذه اآلية هنا األمر ابلتعلم ويطلب السؤال من أهل العلم وكذلك وجوب‬
‫التعليم على أهل العلم ألهنم إذا ُسئلوا عن مسألة فَل بد وأن يبذلوا اجلواب ‪ ،‬ولذلك أخذ‬
‫هللا عزوجل عليهم امليثاق ‪.‬‬
‫ۡ ِّ ۡ‬
‫ٱلذك ِّر‪ ،‬ألن املشركني هؤَّلء( كفار‬ ‫وهللا مر هؤَّلء اجلهلة من املشركني أن يسألوا أَه َل‬
‫مكة) كانوا يشاورون أهل الكتاب يف أمر النيب صلى هللا عليه وسلم ويثقون يف قوهلم فاهلل‬
‫ۡ ِّ ۡ‬
‫ٱلذك ِّر هؤَّلء‪ ،‬قال سلوهم هل أرسلنا قبل حممد صلى هللا‬ ‫عزوجل أمرهم أن يسألوا أَه َل‬
‫عليه وسلم رجاَّل نوحي إليهم أم كان حممد بدعا من الرسل مل يتقدمه رسول حىت يكون‬
‫إرساله منكرا؟؟وهل كانت الرسل اليت كانت قبل حممد صلى هللا عليه وسلم هي من املَلئكة‬
‫أو من البشر‪.‬‬
‫ۡ ۡ ِّ ۡ‬
‫ٱلذك ِّر‪ ،‬استنبط منها أهل العلم ثبوت خرب الواحد ألن كل واحد‬ ‫ويف قوله تعاىل فَسَلُٓواْ أَه َل‬
‫من املسؤولني خمرب عن ذلك على اإلنفراد ‪ .‬فإذا أراد شخصا أن يستفيت شخصا يسأله‬
‫لوحده أو قد يساله يف مأل ‪ ،‬فهذا املخرب واحد ‪ ،‬فالوثوق بقوله دل على ثبوت خرب الواحد‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫تدارس سورة األنبياء‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ِّ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫قوله تعاىل فَ ۡسَلُٓواْ أَه َل ٱلذكر إن ُكنتُم ََّل تَعلَ ُمو َن‪ ،‬املفعول يف قوله ََّل تَعلَ ُمو َن حمذوف‬
‫ۡ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واجلواب إن كنتم َّل تعلمون أن حممدا عليه الصَلة والسَلم من البشر وأنه رسول قد‬
‫ۡ ِّ ۡ‬
‫ٱلذك ِّر‪.‬‬ ‫خلت من قبله الرسل فَ ۡسَلُٓواْ أَه َل‬

‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬


‫ين (‪)٨‬‬ ‫َٰ‬
‫ام َوَما َكانُواْ َخلد َ‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫سدا َّل ََي ُكلُو َن ٱلط َع َ‬ ‫َٰ‬
‫َوَما َج َعلنَ ُهم َج َ‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ويف قوله َوَما َج َعل َٰنَ ُه ۡم ‪ ،‬الضمري يعود على األنبياء والرسل ‪َ ،‬وَما َج َعل َٰنَ ُه ۡم أي الرسل قبلك‬
‫‪ ،‬وذلك أن هللا سبحانه وتعاىل ملا بني أن النيب صلى هللا عليه وسلم بشرا كغريه من األنبياء‬
‫بني كذلك أنه ما زالت صفات البشرية فيه وأهنم َيكلون الطعام ‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫سدا‪ .‬وقد‬ ‫َٰ‬
‫سدا هنا اجلثة اليت َّل حياة فيها فاهلل تعاىل يقول َوَما َج َعلنَ ُهم َج َ‬
‫واملراد ب َج َ‬
‫سدا مفردا ‪ ،‬وذلك ألن املقصود به إرادة اجلنس ‪ ،‬وقيل أن هناك مضاف حمذوف‬ ‫جيء به َج َ‬
‫أي ما جعلناهم ذوي جسد‪.‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ام‪ ،‬هنا يريد أن يثبت هلم البشرية ‪ ،‬أهنم كغريهم من‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫سدا َّل ََي ُكلُو َن ٱلط َع َ‬ ‫َٰ‬
‫َوَما َج َعلنَ ُهم َج َ‬
‫البشر ‪ ،‬فإذا كانوا حمتاجني للطعام والشراب فهم مربوبون وليسوا أراباب وهم من جنسكم‬
‫أيها البشر وتعرتيهم صفات البشرية إَّل أهنم يوحى إليهم ‪ ،‬وسيأيت يف آخر السورة الدليل‬
‫على هذا املعىن‪ ،‬وهو قوله تعاىل‪ :‬قل إمنا اان بشر مثلكم يوحى إل ‪ ،‬مبعىن أن الفرق هو‬
‫الوحي ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫تدارس سورة األنبياء‬
‫ِّ ِّ‬
‫َوَما َكانُواْ ََٰخلد َ‬
‫ين ‪ ،‬فقد يتبادر إىل الذهن اهنم ما دام اهنم رسل فسيكونوا خملدين ‪ ،‬فجاء‬
‫النفي هنا أبهنم بشر تعرتيهم صفات البشرية وأهنم ميوتون ‪.‬‬

‫ني (‪)٩‬‬‫شآء وأ َۡهلَ ۡكنَا ۡٱلم ۡس ِّرفِّ‬‫ا‬‫ن‬ ‫ن‬ ‫م‬‫و‬ ‫ُثُا صد ۡق َٰنهم ۡٱلو ۡعد فَأَجن ۡي َٰنه ۡ‬
‫م‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ َُ ُ َ َ َ َُ ََ َ ُ َ‬
‫ۡ‬
‫َٰ‬
‫ص َدق نَ ُه ُم ‪ ،‬الضمري هنا يعود إىل األنبياء والرسل‪.‬‬
‫ُثُا َ‬
‫ۡ ۡ‬
‫ٱل َوع َد هو النصر والظفر ‪ ،‬فقد قال هللا عزوجل يف سورة الصافات ‪ :‬ولقد سبقت كلمتنا‬
‫لعبادان املرسلني إهنم هلم املنصورون وإن جندان هلم الغالبون ‪.‬‬
‫ۡ ۡ‬
‫فَأَجنَي َٰنَ ُهم َوَمن نا َ‬
‫شآءُ‪ ،‬أي ينجي هللا تعاىل األنبياء ومن تبعهم من املؤمنني ‪ .‬لكن هنا جاء‬
‫شآءُ لفائدة ‪ ،‬وهي أهنا تدل على سعة رمحة هللا وأيضا التعريض هبؤَّلء الكفار (‬ ‫بقوله َوَمن نا َ‬
‫كفار مكة) يف تكذيبهم لألنبياء ‪ ،‬فإن فعلتم ما فعلت األمم قبلكم فسيأخذكم العقاب ‪.‬‬
‫ني‪ ،‬ومل يقل وهنلك وهذا فيه ترغيب هلم ابلتوبة والرجوع إىل احلق ‪..‬‬ ‫وأ َۡهلَ ۡكنَا ۡٱلم ۡس ِّرفِّ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫واملسرفون َّل شك أهنم الكفار وكل من أسرف يف الكفر فهو داخل يف هذه اآلية ‪.‬‬

‫ۡ ۚۡ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫َنزلنَآ إِّل َۡي ُك ۡم كِّ َٰتَبا فِّ ِّيه ِّذك ُرُك ۡم أَفَ ََل تَ ۡع ِّقلُو َن (‪)١٠‬‬
‫لَ َقد أ َ‬
‫ۡ ۚۡ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫َنزلنَآ إِّل َۡي ُك ۡم كِّ َٰتَبا فِّ ِّيه ِّذك ُرُك ۡم‪ ،‬إن مناسبة هذا اآلية هي أن يف البداية قال هللا تعاىل اقرتب‬‫لَ َقد أ َ‬
‫للناس حساهبم وهم يف غفلة معرضون ☆ ما َيتيهم من ذكر حمدث‪ ،‬نَلحظ لفظ الذكر‬
‫أنه يناسب جَلء الغفلة فلذلك جاء بلفظ الذكر‪ ،‬فهم ملا أنكروا النبوة تلقائيا سينكرون‬

‫‪8‬‬
‫تدارس سورة األنبياء‬
‫ۡ ۡ ِّ ۡ ۡ ِّ ِّ ِّ ِّ ۡ ۡۚۡ‬
‫َنزلنَآ إلَي ُكم ك َٰتَبا فيه ذك ُرُكم‪ ،‬فلقد أراد أن يبني هلم فضل‬
‫القرآن‪ ،‬فاألمران متَلزمان‪ .‬لَ َقد أ َ‬
‫هذا القرآن الذي جيء به هذا الرسول الذي اعرتضوا عليه وأنه بشر ‪ ،‬فانظروا إىل املعحزة‬
‫اليت جاءكم هبا ‪ ،‬فأراد أن يبني فضل القرآن ‪ ،‬واألمر الثاين أليسوا اعرتضوا أبن هذا الرسول‬
‫مل َييت آبية فقالوا فليأتنا آبية كما أرسل األولون‪ ،‬فاجلواب بَل‪ ،‬واآلية اليت أويت هبا النيب‬
‫ۡ ۡ ِّ ۡ ۡ ِّ ِّ ِّ ِّ ۡ ۡۚۡ‬
‫َنزلنَآ إلَي ُكم ك َٰتَبا فيه ذك ُرُكم هنا قسم مقدم‪.‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم هي القرآن ‪ ،‬فقال لَ َقد أ َ‬
‫ۡ‬
‫لَ َقد تفيد التحقيق ونَلحظ جاء بقولهِّ ل َۡي ُك ۡم وعدي الفعل إبىل ‪ ،‬مبعىن أن هذا فيه دليل‬
‫على أنه هذا الكتاب فيه شرفكم وعزكم وهو منزل إليكم هلدايتكم وتوفيقكم‪.‬‬

‫كِّ َٰتَبا‬
‫نكرة‪ ،‬و قال أهل العلم التنكري يف كلمة كتاب للتعظيم ألنه سيأيت بعده كَلم يبىن‬
‫على التنكري‪ ،‬فإنه عَلوة على كونه كتاب هدى وفَلح فهو معجزة للنيب عليه الصَلة‬
‫والسَلم وانتم سألتم آية ‪ ،‬وهذا الكتاب من أعظم اآلايت على صدق ما جاء به النيب‬
‫عليه الصَلة والسَلم ‪ .‬ولذلك حتدى هللا عزوجل العرب بل والبشرية مجعاء أن َيتوا مبثل‬
‫هذا القرآن ‪.‬‬
‫ۡ ۚۡ‬
‫ِّذك ُرُك ۡم ‪ ،‬اختلف املفسرون ابملراد ابلذكر على قولني ‪ ،‬فقد قيل املراد ابلذكر هنا الشرف‬
‫والعز ولذلك يف احلديث الصحيح ‪ ،‬أن النيب صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬إن هللا يرفع هبذا‬
‫الكتاب أقواما ويضع به آخرين ‪ .‬فكل من اتصل ابلقرآن بسبب فإنه ينال العز يف الدنيا‬
‫ۡ ۡ ِّ ۡ ۡ ِّ ِّ ِّ ِّ ۡ ۡۚۡ‬
‫َنزلنَآ إلَي ُكم ك َٰتَبا فيه ذك ُرُكم‪ ،‬أي فيه عزكم وشرفكم ‪.‬‬
‫واآلخرة ‪ .‬فاهلل تعاىل قال لَ َقد أ َ‬
‫أما القول الثاين فقيل املراد ابلذكر هنا هو التذكري واملوعظة فهذا يناسب سياق اآلايت‬
‫ألهنم ملا كانوا يف غفلة سيأيت هذا القرآن ويذكرهم ‪ ،‬وأيضا يف نفس اآلية دليل على القول‬

‫‪9‬‬
‫تدارس سورة األنبياء‬

‫الثاين‪ ،‬فقد قال تعاىل أَفَ ََل تَ ۡع ِّقلُو َن فأمرهم ابلتدبر والعقل ألن هذا يوقظهم من الغفلة‬
‫‪.‬فهذان القوَّلن قد قيَل يف املراد ابلذكر هنا واآلية حتتمل املعنيني ‪ ،‬فاملعنيان متَلزمان‪.‬‬
‫فهذا القرآن الذي فيه شرفكم وعزكم إن تذكرمت مبا فيه من األخبار وامتثلتم ما جاء فيه من‬
‫األوامر وانتهيتم عما جاء فيه من النواهي فهذا سيحصل به عزكم وشرفكم‪ ،‬ولذلك أهل‬
‫القرآن هم أهل العز والفخر والشرف ‪ ،‬فمن وعى القرآن وحفظه فكأمنا أدرجت النبوة بني‬
‫كتفيه إَّل أنه َّل يوحى إليه والذي أعطي القرآن ويرى أن غريه أعطي أفضل منه فقد ازدرى‬
‫نعمة هللا عزوجل عليه ‪ ،‬فهذا القرآن من متسك به وعمل مبا فيه كان من أفضل اخللق فقد‬
‫قال النيب صلى هللا عليه وسلم‪ :‬إن هلل أهلني من الناس ‪ ،.‬قالوا من هم اي رسول هللا ‪ ،‬قال‬
‫أهل القرآن هم أهل هللا وخاصته ‪ ،‬وبقدر متسكك ابلقرآن الكرمي بقدر من ينالك من العزة‬
‫والشرف والفخر ‪.‬‬

‫‪10‬‬

You might also like