Professional Documents
Culture Documents
لغة الأدب الإفريقي
لغة الأدب الإفريقي
ليس باإلمكان مناقشة لغة األدب اإلفريقي مناقشة مجدية خارج سياق تلك القوى االجتماعية ال تي جعلت ه ذه اللغ ة قض ية
تتطلب انتباهنا ،ومشكلة تطالب بحل لها.
من ناحية ،ثم ة االس تعمار في مراحل ه الكولونيالي ة وال نيو-كولونيالي ة ،يوث ق ي د اإلف ريقي على المح راث ليقلب الترب ة،
ويطبق على عينيه غمامتين كي يرى فقط الدرب الذي رسمه له السيد المسلح باإلنجيل والسيف .فاالستعمار ،بتعبير آخر ،مس تمر في
التحكم باالقتصاد ،والسياسة ،وثقافات إفريقيا .لكن من الناحية األخرى ،ثمة النضال المستمر لشعب إفريقيا من أج ل تحري ر اقتص اده
وسياسته وثقافته من الخانق األورو-أمريكي ،كي يدخل عهدا جديدا من التنظيم الذاتي وتقرير المصير الحقيقيين.
إنه لنضال دائب ،هذا الذي يخوضه األفارقة من أجل اإلمساك من جديد ،بمبادراتهم الخالقة في الت اريخ ،من خالل التحكم
الفعلي بكل وسائل تعريف الذات االجتماعية في الزمان والمكان .إن اختيار اللغة ،واالستعمال الذي وضعت فيه اللغ ة ،أم ر مرك زي
في معرفته الشعب ذاته في عالقته ببيئته الطبيعية واالجتماعية ،بل في عالقته بالكون كله.
من هنا ،ظلت اللغة ،في مركز الصراع ،بين القوتين االجتماعيتين المتنافستين في إفريقيا القرن العشرين.
بدأ الصراع قبل مائة ع ام ،حين جلس ت ال دول الرأس مالية األوربي ة ع ام 1884في ب رلين ،وقطعت ق ارة كامل ة متع ددة
الشعوب والثقافات واللغات ،إلى مستعمرات مختلفة.
ويبدو قدرا إلفريقي ا أن يح دد مص يرها دائم ا ،ح ول ط اوالت الم ؤتمر ،في عواص م الع الم الغ ربي .ف إن انحطاطه ا من
مجتمعات تحكم نفسها إلى مستعمرات ،تقرر في برلين ،كما أن انتقالها األخير إلى مستعمرات جديدة مع الحدود ذاتها ق د تم التف اوض
بشأنه حول الطاوالت نفسها في لندن وباريس وبروكسيل وليشبونا .لقد كان التقسيم البرليني ال ذي م ا ي زال قائم ا في إفريقي ا ،تقس يما
اقتصاديا وسياسيا واضحا ،بالرغم من ادعاءات الدبلوماسيين حملة األناجيل ،لكنه كان أيضا تقسيما ثقافيا ،إذ رأت ب رلين ع ام 1884
أن تقسيم إفريقيا على مختلف لغات الدول الكبرى األوروبية .هكذا كان على البل دان اإلفريقي ة ،باعتباره ا مس تعمرات ،ومس تعمرات
جدي دة الي وم ،أن تع رف ذاته ا وتعينه ا في ش روط لغ ات أورب ا" :بل دانا إفريقي ة ،ناطق ة باإلنجليزي ة ،ناطق ة بالفرنس ية أو ناطق ة
بالبرتغالية".1
ومن سوء الحظ ،أن نرى الكتاب الذين كان عليهم أن يرسموا سبل النفاذ في ذلك التطويق اللغوي لقاراتهم ،من سوء الحظ
أن نراهم يعرّفون ،ويع ّرفوا أنفسهم في شروط لغات الفرض االستعماري.
وهم حتى في أقصى مواقفهم راديكالية وإفريقية ،في المشاعر وجالء المش كالت ،ف إنهم يرونه ا حقيق ة مق ررة أن انبع اث
الثقافات اإلفريقية يكمن في لغات أوربا.
نغوجي واثيونغو ،تصفية استعمار العقل ،ص ،21 ،20دار التكوين ،سوريا
" -صارت اللغة األوروبية جد مهمة لألفارقة بحيث عرفوا هوياتهم ،جزئيا ،باالستناد إلى تل ك اللغ ات. 1
وأخذ األفارقة يصف أحدهم اآلخر بصيغة إما أن يكون إفريقيا فرانكفونيا ،أو ناطقا باإلنجليزي ة .والق ارة
نفسها يجري التفكير بها في صيغة دول ناطقة بالفرنسية ،دول ناطقة باإلنجليزية ،دول ناطقة بالعربية".