You are on page 1of 2

‫ال ‪ { :‬يَا أَيُّهَا الرُّ ُس ُل ُكلُوا ِم َن‬ ‫ين ‪ ،‬فَقَ َ‬ ‫بِ َما أَ َم َر بِ ِه ْال ُمرْ َسلِ َ‬ ‫فاتقوا هللاَ

‫فاتقوا هللاَ عبا َد هللاِ ‪.‬‬


‫صالِ ًحا‪، } P‬‬ ‫ت َوا ْع َملُوا َ‬ ‫الطَّيِّبَا ِ‬ ‫َّرت في ِه كثي ٌر ِم َن‬ ‫إن ال َعالَ َم اليو َم ‪َ ،‬عالَ ٌم تَغي ْ‬ ‫مين ؛ َّ‬ ‫معاش َر المسلِ َ‬
‫ت َما َر َز ْقنَا ُك ْم } ‪ ،‬ثُ َّم‬ ‫ين آ َمنُوا ُكلُوا ِم ْن طَيِّبَا ِ‬ ‫َوقَا َل ‪ { :‬يَا أَيُّهَا الَّ ِذ َ‬ ‫ب‬ ‫لت في ِه المفاهي ُم المستقيمةُ ‪َ ،‬عالَ ٌم تَكالَ َ‬ ‫القِيَ ِم الصّحيح ِة ‪ ،‬وتب َّد ْ‬
‫ث أَ ْغبَ َر يَ ُم ُّد يَ َد ْي ِه إِلَى ال َّس َما ِء يَا‬
‫َذ َك َر ال َّرج َُل ي ُِطي ُل ال َّسفَ َر ‪ ،‬أَ ْش َع َ‬ ‫حصال‬
‫ِ‬ ‫المصالح واستِ‬
‫ِ‬ ‫س في َج ْل ِ‬
‫ب‬ ‫في ِه الب َش ُر ‪ ،‬على التنافُ ِ‬
‫ط َع ُمهُ َح َرا ٌم ‪َ ،‬و َم ْش َربُهُ َح َرا ٌم ‪َ ،‬و َم ْلبَ ُسهُ‬ ‫َربِّ يَا َربِّ ؛ َو َم ْ‬ ‫المنافع ‪ ،‬إنَّنَا في َز َم ٍن طَ َغى في ِه طَلَبُ الما ِل وحُبُّ الدنيا ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ك؟! ) رواهُ مسل ٌم ‪.‬‬ ‫ي بِ ْال َح َر ِام ؛ فَأَنَّى يُ ْستَ َجابُ لِ َذلِ َ‬ ‫َح َرا ٌم ‪َ ،‬و ُغ ِذ َ‬ ‫اآلخ َر ِة ‪ ،‬حتى أضا ُعوا‬ ‫عن ِ‬ ‫الناس ِ‬‫ِ‬ ‫ك كثيراً ِم َن‬ ‫ف ذل َ‬ ‫ص َر َ‬ ‫فَ َ‬
‫ع البَرك ِة ‪ ،‬مسلوبُ‬ ‫الحرام منزو ُ‬ ‫إن آ ِك َل‬‫المسلمون ‪َّ ،‬‬
‫َ‬ ‫أيّها‬ ‫وج ِهلُوا أَ ْم َر ِدينِهم ‪،‬‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫ت ‪ ،‬وارْ تَ َكبُوا ال ُم َح َّر َما ِ‪P‬‬ ‫الواجبا ِ‬
‫ِ‬
‫بخير يأتي ِه ‪ ،‬وال يَ ْكفِي ِه كثي ٌر‬ ‫االستقرار والطُ َمأْنِينَ ِة ‪ ،‬ال يَقنَ ُع‬ ‫ون ‪ ،‬و ِم ْن‬ ‫أكبر هَ ِّم ِه ْم ‪ ،‬و َم ْبلَ َغ ِعل ِمهم ‪ ،‬لَهَا يَ ْس َع َ‬ ‫ت الدنيا َ‬ ‫وصار ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫يَجْ نِي ِه ‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم ‪ ( :‬فَ َم ْن يَأ ُخذ َماالً بِ َحقِّ ِه‬ ‫ق‪،‬‬‫ُون ال ّدنيا بِ ُك ِّل طري ٍ‬ ‫ُون ‪ ،‬يَجْ َمع َ‬ ‫ادون ويَتَقَاطَع َ‬ ‫أَجْ لِها ي َع َ‬
‫ار ْك لَهُ فِي ِه ‪َ ،‬و َم ْن يَأْ ُخ ْذ َماالً بِ َغي ِْر َحقِّ ِه ‪ ،‬فَ َمثَلُهُ َك َمثَ ِل الَّ ِذى‬ ‫قول رسو ِل هللاِ ‪ -‬صلى‬ ‫ق ِ‬ ‫سبيل ‪ ،‬مصدا َ‬ ‫ٍ‬ ‫رون منها بأيِّ‬‫ويستكثِ َ‬
‫يُبَ َ‬ ‫ْ‬
‫يَأْ ُك ُل َوالَ يَ ْشبَ ُع ) متفق عليه ‪.‬‬ ‫ان ‪ ،‬الَ يُبَالِى ْال َمرْ ُء‬ ‫اس َز َم ٌ‬ ‫هللا عليه وسلم ‪ ( : -‬لَيَأتِيَ َّن َعلَى النَّ ِ‬
‫بِ َما أَ َخ َذ ْال َما َل ‪ ،‬أَ ِم ْن َحالَ ٍل أَ ْم ِم ْن َح َر ٍام ) رواهُ البخاريُّ ‪.‬‬
‫األموال ِم ْن ِ‬
‫غير ُسبُلِها‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫فالح َذ َر الح َذ َر عباد هللا ‪ِ ،‬م ْن َك ْس ِ‬
‫غير طُ ُرقِها المشرو َع ِة ‪.‬‬ ‫ب ال ُمحرَّمةَ ‪َّ ،‬‬
‫فإن لها‬ ‫المسلمين ؛ احْ َذرُوا المكا ِس َ‬ ‫َ‬ ‫معاش َر‬
‫المباح ِة ‪ ،‬ونَيلِها ِم ْن ِ‬ ‫َ‬
‫عواقب وخيمةً وآثاراً سيّئةً ‪ِ ،‬م ْن ْ‬
‫أخطَ ِرها وأشدِّها أنها سببٌ‬ ‫َ‬
‫ت آ ِكلِيهَا فخ َّربَ ْتهَا ‪ ،‬و َد َّك ْ‬
‫ت‬ ‫المكاسبُ المحرَّمةُ على بيو ِ‬ ‫ِ‬ ‫فلق ْد أت ِ‬
‫ت‬ ‫ّار ‪ ،‬يقو ُل رسولُنا‬ ‫النار ‪ ،‬و ُحلُو ِل‬ ‫ِم ْن أسبا ِ‬
‫ب الجب ِ‬ ‫غض ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫دخول‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫ون جوابُهم ‪ ،‬إذا‬ ‫ُوح ِع ِّز ِه ْم و َمجْ ِدهم فهَ َد َم ْتهَا ‪ ،‬فبما َذا يَ ُك ُ‬‫صر َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‪،‬‬ ‫ت ِم ْن سُحْ ٍ‬ ‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ ( : -‬إِنَّهُ الَ يَرْ بُو لَحْ ٌم نَبَ َ‬
‫ب ‪ ،‬و َسأَلَهُ ْم‬ ‫ي هللاِ ‪َ -‬ج َّل و َعاَل ‪ -‬يو َم الحسا ِ‬ ‫َوقَفُوا َغدًا بَ َ‬
‫ين يَ َد ِ‬ ‫ت النَّا ُر أَ ْولَى بِ ِه ) ‪ ،‬وفي رواي ٍة ‪ ( :‬إِنَّهُ لَ ْن يَ ْد ُخ َل ْال َجنَّةَ‬ ‫إِالَّ َكانَ ِ‬
‫األموال ‪ ،‬بِأَيِّ َوجْ ٍه أَ َخ ُذوهَا ؟ وبِأَيِّ ِدي ٍن ا ْستَبَاحُوها ؟‬ ‫ِ‬ ‫َع ْن هذ ِه‬ ‫حرام ال يَ ِحلُّ َك ْسبُهُ‬‫ٍ‬ ‫مال‬
‫ّحت كلُّ ٍ‬ ‫ت ) ‪ ،‬والس ُ‬ ‫ت ِم ْن سُحْ ٍ‬ ‫لَحْ ٌم نَبَ َ‬
‫عن حرا ِم ِه ‪ ،‬وبطاعتِ ِه ْ‬
‫عن‬ ‫أن يَكفِيَنَا وإياكم بحاللِ ِه ْ‬‫نسأ ُل هللاَ ْ‬ ‫وال أَ ْكلُهُ ‪.‬‬
‫معصيتِ ِه ‪ ،‬وبفضلِ ِه ع ّم ْن ِس َواهُ ‪ ،‬أقو ُل ما سمعتم ‪ ،‬وأستغف ُر هللاَ‬ ‫وض َر ٌر على‬ ‫إن الما َل الحرا َم ‪ ،‬شؤ ٌم على صاحب ِه ‪َ ،‬‬ ‫عبا َد هللاِ ‪ّ ،‬‬
‫العظيم لي ولكم ‪ ،‬فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ‪.‬‬ ‫ب شقائِ ِه َو َر ِّد‬ ‫جا ِم ِع ِه ‪ْ ،‬إذ هو ِم ْن عوا ِم ِل ُخ ْذالنِ ِه ‪ ،‬وأسبا ِ‬
‫دعائِ ِه ؛ يقو ُل َرسُو ُل هَّللا ِ ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ ( : -‬أَيُّهَا‬
‫طيِّبًا ‪َ ،‬وإِ َّن هَّللا َ أَ َم َر ْال ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫ين‬ ‫النَّاسُ ‪ ،‬إِ َّن هَّللا َ طَيِّبٌ الَ يَ ْقبَ ُل إِالَّ َ‬
‫ومن المكاسب المحرمة أيضا ‪ ،‬والتي انتشرت وكثرت في‬ ‫الخطبةالثانية ‪:‬‬
‫هذه األيام ‪ ،‬التهريب واالتجار في وقود الديزل المدعوم من‬ ‫أما بعد عباد هللا ‪ :‬يقول النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ ( : -‬إن‬
‫الدولة‬ ‫لكل أمة فتنة ‪ ،‬وفتنة أمتي المال ) ‪ ،‬فما أكثر من يحمله حب‬
‫حيث أن التهريب واالتجار في الوقود المدعوم من الدولة‬ ‫المال ‪ ،‬على أخذه من الوجوه المحرمة وال يبالي ‪ ،‬وإن هذه‬
‫لصالح المواطنين ‪ ،‬محرم شرعا لقول هللا تعالى ‪:‬‬ ‫المكاسب المحرمة كثيرة ‪ ،‬ومنها ما هو واضح وال يخفى على‬
‫ين آَ َمنُوا أَ ِطيعُوا هَّللا َ َوأَ ِطيعُوا ال َّرسُو َل َوأُولِي اأْل َ ْم ِر‬ ‫{ يَا أَيُّهَا الَّ ِذ َ‬ ‫عموم المسلمين ‪ ،‬ومع ذلك تهاون بشأنها كثير منهم ‪ ،‬وإن هذا‬
‫ِم ْن ُك ْم } ‪ ،‬ولقوله تعالى ‪َ { :‬واَل تَأْ ُكلُوا أَ ْم َوالَ ُك ْم بَ ْينَ ُك ْم‬ ‫التهاون بشأنها ‪ ،‬والتخوض فيها ‪ ،‬منذر بخطر كبير ‪ ،‬بل إن‬
‫ما يجده الناس اليوم ‪ ،‬من تغير األحوال ‪ ،‬وارتفاع األسعار ‪،‬‬
‫اط ِل } ‪ ،‬ولقول رسول هللا ﷺ ‪ (( :‬إن‬ ‫بِ ْالبَ ِ‬
‫دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام )) ‪.‬‬ ‫وضنك العيش ‪ ،‬أقول ليس ببعيد أن يكون بسبب ذنوب العباد ‪،‬‬
‫ال سيما ما يتعلق بشأن األموال ‪ ،‬أخذا بباطل أو منعا ً لحق ‪،‬‬
‫ين آَ َمنُوا اَل تَ ُخونُوا هَّللا َ َوال َّرسُو َل‬ ‫قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّ ِذ َ‬ ‫فقد ثبت عنه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أنه قال ‪ ( :‬ولم ينقصوا ‪،‬‬
‫ون } ‪ ،‬ومن ساعد أو شارك الباعة‬ ‫َوتَ ُخونُوا أَ َمانَاتِ ُك ْم َوأَ ْنتُ ْم تَ ْعلَ ُم َ‬ ‫أي الناس ‪ ،‬المكيال والميزان ‪ ،‬إال أخذوا بالسنين ‪ ،‬أي‬
‫والمهربين ‪ ،‬دخل معهم في اإلثم والعدوان ‪ ،‬لقوله سبحانه ‪:‬‬ ‫القحط ‪ ،‬وشدة المؤونة ‪ ،‬وجور السلطان عليهم ‪ ،‬ولم يمنعوا‬
‫اونُوا َعلَى اإْل ِ ْث ِم َو ْال ُع ْد َوا ِن َواتَّقُوا هَّللا َ إِ َّن هَّللا َ َش ِدي ُد‬ ‫( َواَل تَ َع َ‬ ‫زكاة أموالهم ‪ ،‬إال منعوا القطر من السماء ‪ ،‬ولوال البهائم لم‬
‫ب) ‪.‬‬ ‫ْال ِعقَا ِ‬ ‫يمطروا) ‪.‬‬
‫األعلى ‪ ،‬أن يرفع عن بالدنا البالء والوباء‬
‫ٰ‬ ‫فنسأل هللا العلي‬ ‫ومن المكاسب المحرمة عباد هللا ‪ :‬أكل الربا ‪ ،‬والذي هو من‬
‫والغالء ‪ ،‬كما نرجوه سبحانه أن يولي علينا خيارنا ‪ ،‬وأن‬ ‫أكبر الكبائر ‪ ،‬وله صور عدة ‪ ،‬وقد تفشى كثير منها في‬
‫يكفينا شرارنا ‪...‬‬ ‫بالدنا ‪ ،‬وخاصة في البنوك والمصارف ‪ ،‬وفي أسواق‬
‫العمالت ‪.‬‬
‫ومن المكاسب المحرمة أكل أموال الناس بالباطل وذلك‬
‫بالتعدي على ممتلكاتهم وإرغامهم على البيع أو أخذها بالقوة‬
‫والرسول يقول ‪(( :‬من اقتطع شبرا من األرض ظلما طوقه هللا‬
‫إياه يوم القيامة من سبع أرضين)) رواه مسلم‬

You might also like