You are on page 1of 2

‫(ال يَ ُر ُّد القضا َء إال الدعا ُء‪ ،‬وال يزي ُد في العم ِر إال البِ رُّ )(‪ .

)1‬وروي‬ ‫الخطبة األولى‬


‫هللا ‪ --‬يوم ا ً فق ال‪( :‬ي ا‬
‫ول ِ‬ ‫خلف رس ِ‬ ‫َ‬ ‫س ‪ --‬قال‪ُ :‬‬
‫كنت‬ ‫ابن عبا ٍ‬‫عن ِ‬ ‫أم ا بع د‪ :‬ف إن هللاَ ‪-‬س بحانه‪ -‬يبتلي عب ا َده بم ا يش ا ُء وه و الكب ي ُر‬
‫ك‪ ،‬احف ِظ هللاَ تَ ِج ْدهُ‬ ‫ْ‬
‫يحفظ َ‬ ‫ت‪ :‬احف ِظ هللاَ‬ ‫غال ُم! إني أعلم ك كلم ا ٍ‬ ‫ويخش ى عقابَ ه‬ ‫َ‬ ‫اف هللاَ‬‫المتع الي ‪-‬س بحانَه‪ ،-‬والعب ُد العاق ُل يخ ُ‬
‫أن‬ ‫تعنت فاس ْ‬
‫تعن باهللِ‪ ،‬واعل ْم َّ‬ ‫َ‬ ‫سألت فاس أ ِل هللاَ‪ ،‬وإذا اس‬‫َ‬ ‫ك‪ ،‬إذا‬ ‫تُجاهَ َ‬ ‫بحان هللاِ م ا أعج َز‬ ‫َ‬ ‫رف أن أم َر هللاِ ال يُ ر ّد‪ ،‬وس‬ ‫وانتقا َمه‪ ،‬وه و يع ُ‬
‫اجتمعت على أن ينفع وك بش ي ٍء لم ينفع وك إال بش ي ٍء ق د‬ ‫ْ‬ ‫األمةَ لو‬ ‫العبا َد إذا جا َء أم ُر هللاِ‪ ،‬ثم ال يتُوبُون وال هم ي َّذ َّكـرُون‪.‬‬
‫كتبه هللاُ لك‪ ،‬ولو اجتمعوا على أن يض روك بش ي ٍء لم يض روك إال‬ ‫ق في ال دنيا‬ ‫وف والقل َ‬ ‫رعب والخ َ‬ ‫َ‬ ‫ها هو المرض "كورُونا" يثي ُر ال‬
‫ُ‬
‫الصحف)(‪.)2‬‬ ‫بشي ٍء قد كتبه هللا عليك‪ ،‬رُفعت األقال ُم وجفت‬ ‫كلِّه ا‪ ،‬وكأن ه يق ول للن اس‪ :‬م ع تج بركم ‪-‬أيه ا الن اس‪ -‬وعت ِّوكم‬
‫يحفظكم‪ ،‬احفظ وا هللاَ بحف ِظ أوام ِره‬ ‫ْ‬ ‫أيه ا المس لمون! احفظُ وا هللاَ‬ ‫والتطور أنتم في حقيقتكم ضعفا ُء عاجزون!‬ ‫َ‬ ‫وادِّعائكم الذكا َء‬
‫الحفظ التضيِيعُ؛ فإي اكم أن تض يَّعوا م ا‬ ‫ِ‬ ‫واحترا ِمها وامتثالِها‪ ،‬وض ُّد‬ ‫أعظم‬
‫ِ‬ ‫ودين من‬ ‫ٍ‬ ‫عب ا َد هللا! نحن ‪-‬المس لمون‪َ -‬م َّن هللاُ علين ا بعقي د ٍة‬
‫أُمرتُم بحف ِظه‪ ،‬إياكم أن تضيَّعوا ما أمركم هللاُ ب ِه‪ ،‬إي اكم أن تض يَّعوا‬ ‫والتعقل والر َِّويَّ ِة والتأني‪ ،‬وه ذه آث ا ُر‬ ‫ِ‬ ‫َم َزايَاهُ تربيةُ أهلِه على الثبا ِ‬
‫ت‬
‫ق‪ ،‬إي اكم أن تض يعُوا‬ ‫التوحي َد والص الةَ‪ ،‬إي اكم أن تض يعُوا الحق و َ‬ ‫بالقدر‪ ،‬وآثا ُر التوك ِل على هللاِ‪ ،‬ل ذلك ال ت ؤث ُر في المس لمين‬ ‫ِ‬ ‫اإليمان‬
‫ِ‬
‫نس ا َءكم وأوال َدكم فت تركوهم همالً بال تربي ٍة وال رعاي ٍة وال تغذي ٍة‬ ‫ات وال األرق ا ُم وال‬ ‫ُ‬ ‫اف وال المبالغ‬ ‫ُ‬ ‫ائعات وال اإلرج‬ ‫ُ‬ ‫الش‬
‫ار ُم هللا‬
‫إيماني ٍة ديني ٍة‪ .‬احفظ وا هللاَ بحف ِظ ح دو ِده فال تعت دوها‪ ،‬ومح ِ‬ ‫صيبَنَا إِاَّل َما َكت ََب هَّللا ُ لَنَ ا ُه َو َم ْواَل نَ ا َو َعلَى‬‫اإلحصائيات‪{ ،‬قُ ْل لَنْ يُ ِ‬
‫ُ‬
‫ال‬
‫وال واألعم ِ‬ ‫ح دو ُده‪ ،‬فإي اكم ثم إي اكم والح را َم من العقائ ِد واألق ِ‬ ‫ون}‪ .‬وه ذا ي ورث الص ب َر على قض ا ِء هللاِ‬ ‫هَّللا ِ فَ ْليَتَ َو َّك ِل ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ‬
‫ت‪.‬‬
‫والمالبس والمعامال ِ‬
‫ِ‬ ‫ب واألطعم ِة‬ ‫والمكاس ِ‬ ‫ط ا ًء‬‫الصبر أيه ا الن اس؛ فإن ه ( َم ا أُ ْع ِط َي أَ َح ٌد َع َ‬ ‫َ‬ ‫فالصبر‬
‫َ‬ ‫وأقداره‪،‬‬
‫ِ‬
‫أيها الناس! سلوا هللاَ العافيةَ‪ ،‬وتوجهوا إلي ه بال دعاء‪ .‬ح افظوا على‬ ‫صبْرِ)[ق]‪.‬‬‫َخ ْيرًا َوأَ ْو َس َع ِم َن ال َّ‬
‫الصباح والمسا ِء الم أثور ِة عن نبيِّن ا ‪ ،--‬فق د جع ل هللاُ فيه ا‬ ‫ِ‬ ‫أذكار‬
‫ِ‬ ‫ون! اعتص ُموا باهللِ ربِّكم‪ ،‬وتو َّكلوا عليه‪ ،‬والج ؤوا إلي ه‬ ‫أيها المسل ُم َ‬
‫ائح األطب ا ِء للوقاي ِة من‬ ‫العافي ةَ وقاي ةً وعالج اً‪ ،‬وخ ذوا بنص ِ‬ ‫ص‬
‫ق وإخال ٍ‬ ‫أيدي الض راع ِة بص د ٍ‬ ‫َ‬ ‫ورفعه‪ ،‬وارفعُوا إليه‬ ‫ِ‬ ‫لدفع البال ِء‬‫ِ‬
‫ان‪،‬‬ ‫راض واألوبئ ِة وال تي من أه ِمه ا النظاف ةُ في الب د ِن والمك ِ‬ ‫ِ‬ ‫األم‬ ‫ول هللاِ ‪:--‬‬ ‫ويرضى‪ ،‬فق د ق ال رس َ‬ ‫َ‬ ‫وإلحاح‪ ،‬وتو َّسلُوا إليه بما يحبُّ‬ ‫ٍ‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫أيه ا المس لمون! تراحم وا وتع اونوا وتع اطفوا ( َو ُكونُ وا ِعبَ ا َد هللاِ‬ ‫وت رك مخالط ة الن اس وال تزاحم معهم في األس واق والمناس بات‬
‫إِ ْخ َوانًا)‪ .‬تفقَّدوا فقرا َءكم وإخ وانَكم وأرح ا َمكم وج يرانَكم‪ ،‬واعل ُم وا‬ ‫وغيرها‪ .‬وما هذه األمور التي فُرضت علينا إال للوقاي ة‬ ‫ِ‬ ‫االجتماعية‬
‫والمحن‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ق في الش دائ ِد‬ ‫روف‪ :‬اإلنف ا َ‬ ‫ِ‬ ‫ب البرِّ والمع‬ ‫أعظم أبوا ِ‬
‫ِ‬ ‫أن من‬ ‫ّ‬ ‫من وب اء أقضَّ مض اج َع الع الم‪ ،‬والوقاي ةُ س هلة‪ ،‬واالس تهتار ثمن ه‬
‫ق‬‫ت األس عار‪ .‬ومثلُ ه اإلنف ا ُ‬ ‫ؤن‪ ،‬أو َغلَ ِ‬ ‫ت الم ُ‬ ‫ت األموالُ‪ ،‬أو قَلَّ ِ‬ ‫إذا قَلَّ ِ‬ ‫باهظ‪.‬‬
‫الحال‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وضعف‬
‫ِ‬ ‫مع قل ِة الما ِل‬ ‫اف‪ ،‬وفي‬‫ق واإلرج ِ‬ ‫ائعات مص د ُر القل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ت‪ ،‬فالش‬ ‫واح ذروا الش ائعا ِ‬
‫ال‪ :‬ي ا َرس و َل هَّللا ِ‪ ،‬أَيُّ‬ ‫صلَّى هللاُ عليه وس لَّ َم فَق َ‬ ‫النبي َ‬
‫ِّ‬ ‫َجا َء َر ُج ٌل إلى‬ ‫ث‪َ ( :‬كفَى بِ ْال َمرْ ِء َك ِذبًا أَ ْن يُ َحد َ‬
‫ِّث بِ ُكلِّ َما َس ِم َع)[م]‪.‬‬ ‫الحدي ِ‬
‫ص ِحي ٌح َش ِحي ٌح تَ ْخ َش ى‬ ‫ت َ‬ ‫ق وأَ ْن َ‬ ‫قال‪ :‬أَ ْن تَ َ‬
‫ص َّد َ‬ ‫ص َدقَ ِة أَ ْعظَ ُم أَجْ رًا؟ َ‬‫ال َّ‬ ‫أقول هذا‪ ،‬وأستغفر هللا لي ولكم‪.‬‬
‫ت لِفُاَل ٍن‬ ‫ت الح ُْلقُ و َم‪ ،‬قُ ْل َ‬‫الغنَى‪ ،‬واَل تُ ْم ِه ُل حتَّى إ َذا بَلَ َغ ِ‬ ‫الفَ ْق َر‪ ،‬وتَأْ ُم ُل ِ‬
‫كان لِفُاَل ٍن‪.‬‬
‫َك َذا‪ ،‬ولِفُاَل ٍن َك َذا وق ْد َ‬ ‫الخطبة الثانية‬
‫ون يَرْ َح ُمهُ ُم ال رَّحْ َم ُن)[د]‪ .‬ف تراحموا ي رحمكم هللا‪.‬‬ ‫عباد هللا‪( :‬الرَّا ِح ُم َ‬ ‫الحمد هلل ‪...‬‬
‫وعسى هللا الكريم الجواد الرحيم أن يأتي بالفرج الكامل من األوبئ ة‬ ‫ين آ َمنُوا أَ ِطي ُعوا‬ ‫أما بعد‪ :‬أيها الناس! يقول هللا –تعالى‪{ :-‬يَا أَ ُّي َها الَّ ِذ َ‬
‫واألضرار‪ ،‬ومن الخوارج واألشرار‪ .‬حينئ ٍذ يفرح المؤمنون بنصر‬ ‫سو َل َوأُولِي اأْل َ ْم ِر ِم ْن ُك ْم}‪ .‬وفي الص حيحين َع ِن ا ْب ِن‬ ‫هَّللا َ َوأَ ِطي ُعوا ال َّر ُ‬
‫هللا‪ ،‬ينصر من يشاء‪ ،‬وهو العزيز الرحيم‪.‬‬ ‫ال‪َ ( :‬علَى ْال َمرْ ِء ْال ُم ْسلِ ِم ال َّس ْم ُع َوالطَّا َعةُ‬
‫ُع َم َر‪َ --‬ع ِن النَّبِ ِّي ‪ --‬أَنَّهُ قَ َ‬
‫ْصيَ ٍة‪ ،‬فَاَل َس ْم َع‬‫ْصيَ ٍة‪ ،‬فَإِ ْن أُ ِم َر بِ َمع ِ‬
‫فِي َما أَ َحبَّ َو َك ِرهَ‪ ،‬إِاَّل أَ ْن ي ُْؤ َم َر بِ َمع ِ‬
‫َواَل طَا َعةَ)‪ .‬فأنتم مأمورون ‪-‬أيها الناس‪ -‬بطاع ِة من واَّل هُ هللاُ عليكم‬
‫في غير معصية هللا‪ ،‬وقد أمرتم بما فيه س المتكم وع افيتكم من ه ذا‬
‫الوب اء الفت اك‪ ،‬ف اتقوا هللا ‪-‬أيه ا الن اس‪ !-‬واس تجيبوا لألوام ر‬
‫والتوجيهات والنص ائح الص ادرة من المس ؤولين‪ ،‬وتع اونوا معهم؛‬
‫ففي ذلك صالح العباد والبالد‪ .‬وهللا المستعان‪.‬‬

You might also like