You are on page 1of 2

‫فإن من أعظم منن اهلل علينا ونعمه ‪ ،‬أن يسر لنا إقامة هذه الشعرية العظيمة الغالية املباركة

‪ ،‬كيف ال ‪ ،‬وهي‬
‫عي د املس لمني وف رحهم وس رورهم ‪ ،‬كي ف ال ‪ ،‬وهي صالة املس لمني ووعظهم وت ذكريهم ‪ ،‬كي ف ال ‪ ،‬وهي‬
‫اجتماعهم وألفهم وسرورهم ‪،‬فلله احلمد والفضل واملنة سبحانه ‪،‬فاللهم لك احلمد حىت ترضى ولك احلمد إذا‬
‫رضيت ولك احلمد بعد الرضا ‪.‬‬
‫عباد اهلل من كانت دنياه يف طاعة اهلل ‪ ،‬أبدل اهلل خوفه أمنا ‪ ،‬وجعل قلبه يف راحة وطمأنينة‪ ،‬وأبعد عنه البالء‬
‫والوب اء‪ ،‬ومن ك انت دني اه يف معص ية اهلل ‪ ،‬ال خياف اهلل وال يرج وه‪ ،‬مهه ال دنيا والبحث عنه ا‪ ،‬ال ص الة وال‬
‫زك اة ‪ ،‬وال ذك ر وال ق رآن‪ ،‬يتقلب بني املعاص ي والكف ران‪ ،‬فه ذا يعاقب ه اهلل يف ال دنيا قب ل اآلخ رة ب أنواع من‬
‫العقوبات والبالء‪ ،‬فعلى العبد أن خياف من اهلل ‪ ،‬وأن ال يأمن مكر اهلل فيصيبُه ما أصاب األمم املعذبة قبله‪ ،‬قال‬
‫اه ْم مِب َا‬ ‫الس م ِاء واأْل َر ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫ض َولَك ْن َك َّذبُوا فَأ َ‬
‫َخ ْذنَ ُ‬ ‫َن أ َْه َل الْ ُق َرى َآمنُوا َو َّات َق ْوا لََفتَ ْحنَ ا َعلَْي ِه ْم َبَر َك ات م َن َّ َ َ ْ‬ ‫(ولَ ْو أ َّ‬
‫تعاىل‪َ :‬‬
‫ْسبُو َن (‪ )96‬أَفَأ َِم َن أ َْه ُل الْ ُقَرى أَ ْن يَأْتَِي ُه ْم بَأْ ُسنَا َبيَاتًا َو ُه ْم نَائِ ُمو َن (‪ )97‬أ ََو أ َِم َن أ َْه ُل الْ ُق َرى أَ ْن يَأْتَِي ُه ْم‬ ‫َكانُوا يك ِ‬
‫َ‬
‫اس ُرو َن (‪ .))99‬وقد بنّي نبينا‬ ‫بأْسنَا ضحى وهم ي ْلعبو َن (‪ )98‬أَفَأ َِمنُوا م ْك ر اللَّ ِه فَاَل ي أْمن م ْك ر اللَّ ِه إِاَّل الْ َق وم اخْل ِ‬
‫ُْ َ‬ ‫ََُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ ً َ ُ ْ َ َُ‬
‫‪ ‬أن من عقوبات اهلل تعاىل ملن أضاع أمره انتشار أمراض فيهم مل تكن فيما مضى من سابقيهم‪ ،‬فعن عبد اهلل‬
‫بن عمر رضي اهلل عنهما قال‪ :‬أقبل علينا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقال‪( :‬يا معشر املهاجرين مخس إذا‬
‫ابتليتم هبن وأع وذ باهلل أن ت دركوهن‪ :‬مل تظه ر الفاحش ة يف ق وم ق ط ح ىت يعلن وا هبا إال فش ا فيهم الط اعون‬
‫واألوجاع اليت مل تكن مضت يف أسالفهم الذين مضوا‪ ،‬ومل ينقصوا املكيال وامليزان إال أخذوا بالسنني وشدة‬
‫املئونة وجور السلطان عليهم‪ ،‬ومل مينعوا زكاة أمواهلم إال منعوا القطر من السماء‪ ،‬ولوال البهائم مل ميطروا‪ ،‬ومل‬
‫ينقضوا عهد اهلل وعهد رسوله إال سلط اهلل عليهم عدوا من غريهم فأخذوا بعض ما يف أيديهم‪ ،‬وما مل حتكم‬
‫أئمتهم بكتاب اهلل ويتخريوا مما أنزل اهلل إال جعل اهلل بأسهم بينهم) رواه ابن ماجة وحسنه األلباين‪ .‬فارتكاب‬
‫الفواحش بأنواعها ‪ ،‬من الزنا والتربج والسفور والربا والغناء واخلمور ‪ ،‬وإعالهُن ا واجملاهرة هبا من أسباب فشو‬
‫األمراض وانتشارها‪ ،‬عافانا اهلل وإياكم ووقانا ووقاكم‪ .‬وعلى العبد إذا رأى مصاب قوم أن يدعو مبا ورد عنه‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬فعن عمر و أيب هريرة رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬من‬
‫رأى صاحب بالء فقال‪ :‬احلمد هلل الذي عافاين مما ابتالك به وفضلين على كثري ممن خلق تفضيال‪ ،‬مل يصبه ذلك‬
‫البالء)‪ .‬عباد اهلل‪ :‬إذا علم العبد أن األمر كله بيد اهلل ‪ ،‬وأن هذه العقوبات ‪ ،‬جنود رب األرض والسماوات ‪،‬‬
‫ص ُم ُكم ِّم َن اللَّ ِه إِ ْن‬ ‫وجب علي ه أن يلتجئ إلي ه ويتوك ل علي ه ويس أَله تع اىل العف و والعافي ة‪( ،‬قُ ل من َذا الَّ ِذي يع ِ‬
‫َْ‬ ‫َْ‬
‫أ ََر َاد بِ ُك ْم ُسوءًا أ َْو أ ََر َاد بِ ُك ْم َرمْح َةً)‪ ،‬وأن يكثر العبد من طاعة ربه بأنواع الطاعات من الفرائض والنوافل ومجيع‬

‫‪1‬‬
‫ك‪،‬‬ ‫(اح َف ِظ اللَّهَ حَيْ َفظْ َ‬
‫القربات‪ ،‬فمن حفظ اهلل تعاىل يف طاعته واتباع أمره حفظه اهلل تعاىل يف دنياه وآخرته‪ْ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك(‪ ،‬فإن أصيب بشيء من ذلك فهو بقضاء اهلل وقدره‪ ،‬وكفارة لذنوبه وتكفري لسيئاته ‪،‬‬ ‫اه َ‬ ‫اح َفظ اللَّهَ جَت ْدهُ جُتَ َ‬‫ْ‬
‫ول اللَّ ِه صلى اهلل عليه وسلم‪َ « :‬ع َجبًا أل َْم ِر الْ ُم ْؤ ِم ِن‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ب قَ َال قَ َ‬ ‫ص َهْي ٍ‬
‫فع ْن ُ‬ ‫إذا قابل ذلك بالصرب واالحتساب‪َ ،‬‬
‫إِ َّن أَم ره ُكلَّه خي ر ولَيس َذ َاك أل ٍ ِ ِ‬
‫ص َبَر‬ ‫ض َّراءُ َ‬ ‫َص َابْتهُ َ‬ ‫َص َابْتهُ َس َّراءُ َش َكَر فَ َك ا َن َخْي ًرا لَ هُ َوإِ ْن أ َ‬
‫َح د إِالَّ ل ْل ُم ْؤم ِن إِ ْن أ َ‬
‫َ‬ ‫ْ َ ُ ُ َْ ٌ َ ْ َ‬
‫فَ َكا َن َخْيًرا لَهُ » رواه مسلم‪ .‬أقول ما مسعتم وأستغفر اهلل‬
‫لقد شرع اهلل لعباده حتصينات هلم من البالء واألدواء ‪ ،‬من حافظ عليها حفظه اهلل يف حلّه وترحاله‪،‬‬
‫ومن تساهل فيها وتركها فُتحت عليه أبواب من الشرور وهو ال يشعر‪ ،‬فكم يدفع اهلل عنك من البالء وأنت ال‬
‫تشعر بسبب حمافظتك على هذه التحصينات‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬احملافظة على أذكار الصباح واملساء فهي من أعظم‬
‫أسباب حفظ العبد من الشرور واألمراض والشياطني‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬ما جاء عن عثمان ‪ ‬قال رسول اهلل ‪:‬‬
‫(ما من عبد يقول يف صباح كل يوم و مساء كل ليلة‪ :‬بسم اهلل الذي ال يضر مع امسه شيء يف األرض وال يف‬
‫الس ماء وه و الس ميع العليم‪ ،‬ثالث م رات فيض ره ش يء)‪ .‬وعلي ه أن حياف ظ على دع اء اخلروج من املنزل‪ ،‬فعن‬
‫أنس بن مالك أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪( :‬إذا خرج الرجل من بيته فقال‪ :‬بسم اهلل توكلت على اهلل ال‬
‫حول وال قوة إال باهلل‪ ،‬قال‪ :‬يقال حينئذ‪ :‬هديت وكفيت ووقيت‪ ،‬فتتنحى له الشياطني‪ ،‬فيقول له شيطان آخر‬
‫ووقي ) رواه أبوداود وحسنه األلباين ‪ ،‬فيحافظ العبد على هذه اإلذكار‬ ‫‪ :‬كيف لك برجل قد ُه دي و ُكفي ُ‬
‫وغريه ا مما ثبت عن الن يب ص لى اهلل علي ه وس لم ‪ ،‬م ع األخ ذ باألس باب والت دابري الوقائي ة ال يت أرش د إليه ا والة‬
‫األمور وبينوها‪ ،‬عباد اهلل أكثروا من سؤال اهلل تعاىل العافية يف الدنيا واآلخرة فقد روى الرتمذي يف سننه عن‬
‫العباس بن عبد املطلب رضي اهلل عنه قال‪ُ (( :‬ق ْلت يا رس َ ِ‬
‫ال َس ْل اللَّهَ‬ ‫َسأَلُهُ اللَّهَ َعَّز َو َج َّل ؟ قَ َ‬‫ول اللَّه َعلِّ ْميِن َشْيئًا أ ْ‬ ‫ُ َ َُ‬
‫ول اللَّ ِه‬
‫ال يِل يا َعبَّاس يا َع َّم رس ِ‬ ‫الْعافِيةَ ‪ ،‬فَم َكثْت أَيَّاما مُثَّ ِجْئت َف ُق ْلت يا رس َ ِ‬
‫َسأَلُهُ اللَّهَ ؟ َف َق َ َ ُ َ َ ُ‬ ‫ول اللَّه َعلِّ ْميِن َشْيئًا أ ْ‬ ‫ُ َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ُ ً‬
‫َس ْل اللَّهَ الْ َعافِيَةَ يِف ُّ‬
‫الد ْنيَا َواآْل ِخَر ِة )) ‪.‬‬

‫‪2‬‬

You might also like