You are on page 1of 3

‫وجدت‪ 

‬الغيرة على المحارم‪ ،‬واستنكر االنحراف والشذوذ في‬ ‫أ َّما بع ُد‪ :‬فيا عباد هللا‪ ،‬اتَّقوا هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬وانتبهوا لما ح َّل‬
‫المجتمع‪ ،‬وعمل الجميع باإلصالح والتوجيه ‪ -‬لسادت‬ ‫طاط‬
‫انح ٍ‬ ‫بشبابكم من ُذكور وإناث‪ ،‬وما وصلت إليه حالتهم من ِ‬
‫الفضيلة‪ ،‬وقلَّت الرذيلة‪ ،‬فال بُ َّد من الغيرة والحزم‪ ،‬وقد قيل‪:‬‬ ‫في السلوك واألخالق‪ ،‬خرجت‪ 9‬النساء و ُخصوصًا الشابَّات‬
‫والطرقات إال من رحم هللا‪ ،‬كاسيات‬‫ُّ‬ ‫منهن إلى األسواق‬ ‫َّ‬
‫ين إِلَى النِّ َ‬
‫سا‪ ‬‬ ‫الر َجا َل النَّ ِ‬
‫اظ ِر َ‬ ‫إِنَّ ِّ‬
‫عاريات‪ ،‬كاسيات من نعم هللا‪ ،‬عاريات من الحشمة والفضيلة‬
‫ب تَطُوفُ بِاللُّ ْح َم ِ‬
‫ان‪ ‬‬ ‫ِم ْث ُل ال ِكالَ ِ‬ ‫واألخالق الحميدة‪.‬‬
‫سو ُد‬ ‫صنْ تِ ْل َك األُ ُ‬
‫إِنْ لَ ْم تَ ُ‬ ‫َكثُ َر الحديث عن تعرُّ ض الشبَّان للشابَّات‪ 9،‬وهذا ليس بعيدًا؛‬
‫لُ ُحو َم َها‪ ‬‬ ‫لوجود أسبابه ومغرياته‪ ،‬فقد برزت الشابة‪ ،‬وعرضت نفسها‬
‫أُ ِكلَتْ بِالَ ِع َو ٍ‬
‫ض َوالَ أَ ْث َم ِ‬
‫ان‪ ‬‬ ‫في زيٍّ يحمل إلى التطلُّع إليها والطمع فيها‪ ،‬وفقدت الحصانة‪9،‬‬
‫فإن أُه ِم َل الشباب من الذكور واإلناث على هذه الحال‪ ،‬وتُ ِر َ‬
‫ك‬ ‫ْ‬ ‫وعلى الجانب‪ 9‬اآلخر تفرغ الشبَّان من أعباء الحياة‪ 9،‬وهُيِّئت لهم‬
‫للجميع الحب ُل على الغارب َّ‬ ‫وسائ ُل ال ُوقوع في الرذائل‪ ،‬فظنُّوا َّ‬
‫أن هذا شيء ُو ِجد لهم‬
‫فإن ذلك ُمؤ ِذن بخرابه وانحطاطه‪،‬‬
‫وعقوبة الجميع على السكوت والمداهنة‪ ،‬وعدم الغيرة على‬ ‫ق عليهم إال إشباع الرغبات الحيوانيَّة‪،‬‬ ‫و ُخلِقوا له‪ ،‬وإنه لم يب َ‬
‫المحارم؛ ففي الحديث عن النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪:‬‬ ‫كثير من‬
‫ٍ‬ ‫ونقولها بكل أسف قد فُقِدت الغيرة على المحارم من‬
‫((مثَل القائم في حُدود هللا والواقع فيها كمثَل قوم استهَ ُموا على‬ ‫الناس‪ ،‬وأصبح ال يبالي بما يحصل‪ ،‬وال يهت ُّم بما يقع حتى ولو‬
‫سفين ٍة‪ ،‬فصار بعضهم أعالها وبعضهم أسفلها‪ ،‬وكان الذين في‬ ‫بإخبار المسؤولين عن ذلك‪ ،‬فوقع وحصل الصمت‪ 9‬والتخا ُذل‪،‬‬
‫أسفلها إذا استقَ ْوا من الماء مرُّ وا على َمن فوقَهم فقالوا‪ :‬لو أنَّا‬ ‫وأصبح الحديث بالتالوم وكأنه لم يكن أح ٌد مسؤوالً‪ ،‬وقد قال‬
‫خ َر ْقنا في نصيبنا خرقًا ولم نُؤ ِذ َمن فوقنا؛ ْ‬
‫فإن ت َر ُكوهم وما‬ ‫راع‪ ،‬وكلُّكم‬ ‫رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪(( :-‬كلمكم ٍ‬
‫وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا‬ ‫أرادوا هلكوا جميعًا‪ْ ،‬‬ ‫مسؤو ٌل عن رعيَّته))‪ ،‬وقال‪َ (( :‬من رأى منكم منكرًا فليغيِّره‬
‫فإن لم يستطع فبلسانه‪ْ ،‬‬
‫فإن لم يستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك‬ ‫بيده‪ْ ،‬‬
‫جميعًا))‪ ،‬فانظروا ‪ -‬عبا َد هللا ‪ -‬فائدة قيام المصلحين على‬
‫المف ِسدين الجا ِهلين بنجاة الجميع‪ ،‬ومضرَّة اإلهمال والسكوت‬ ‫أضعف اإليمان))‬
‫بهالك الجميع‪.‬‬ ‫فالكلُّ مسؤو ٌل بح َسبِه‪ ،‬وال بُ َّد من الشعور بالمسؤوليَّة‪ ،‬وال بُ َّد‬
‫من التكاتُف والتآ ُزر وجمع الكلمة‪ ،‬فلو قام كلٌّ منَّا على َمن هو‬
‫مسؤول عنه ولم يمكنه من وسائل ال ُوقوع في الرذيلة‪ ،‬ولو‬
‫ت الجميع‬ ‫ت فيه األخالق‪ ،‬وانتُ ِهكت فيه المحارم‪ ،‬وتسا َك َ‬ ‫وانحطَّ ْ‬ ‫عبا َد هللا‪ :‬لقد ظهر‪ ‬التبرُّ ج والسفور‪ ،‬وقد نهى هللا النسا َء عن‬
‫أن يح َّل بكم ما َح َّل باألمم قبلَكم‪ ،‬وما‬ ‫على ذلك‪ ،‬فانتَبِهوا قبل ْ‬ ‫وأمرهن بلُ ُزوم البيوت‪ ،‬فقال ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪:-‬‬ ‫َّ‬ ‫التبرُّ ج‪،‬‬
‫جاو َر ُكم‪ ،‬فالسعيد َمن ُو ِعظ بغيره‪.‬‬ ‫َح َّل ب َمن َ‬ ‫﴿‪َ  ‬وقَرْ َن فِي بُيُوتِ ُك َّن َواَل تَبَرَّجْ َن تَبَرُّ َج ْال َجا ِهلِيَّ ِة اأْل ُولَى‪﴾ ‬‬
‫ين َكفَرُوا ِم ْن بَنِي إِس َْرائِي َل َعلَى لِ َسا ِن َدا ُوو َد‬ ‫قال هللا‪ ﴿ :‬لُ ِع َن الَّ ِذ َ‬ ‫عبا َد هللا‪ :‬لقد ُش ِغلنا ع َّما ُخلِقنا له‪ ،‬وأهملنا َمن سوف نسأل عنه‪،‬‬
‫ون‪َ  * ‬كانُوا اَل‬
‫ص ْوا َو َكانُوا يَ ْعتَ ُد َ‬‫ك بِ َما َع َ‬ ‫َو ِعي َسى ا ْب ِن َمرْ يَ َم َذلِ َ‬ ‫يخرج الشاب من بيت أهله يمتَ ِطي سيَّارته التي سلَّمها له‬
‫ون‪﴾ ‬‬ ‫س َما َكانُوا يَ ْف َعلُ َ‬ ‫يَتَنَاهَ ْو َن َع ْن ُم ْن َك ٍر فَ َعلُوهُ لَبِ ْئ َ‬ ‫والده‪ ،‬فيغيب عنه طوال الليل و النهار أو أكثرهما فال يسأل‬
‫با َرك هللا لي ولكم في القرآن العظيم‪...‬‬ ‫عنه‪ :‬أين خرج؟ وأين دخل؟ وأين أقام؟ ومع َمن أقام؟‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬ ‫وتخرج المرأة إلى السوق‪ ،‬أو باسم المستشفى‪ُ ،‬متزيِّنة‬
‫حال‪،‬‬
‫متعطرة‪ ،‬تتشرَّف للرجال‪ ،‬تدعو لنفسها بما هي عليه‪ ‬من ٍ‬
‫يت به هذه البالد من وسائل الهدم والدمار‬ ‫أن م َّما ُغ ِز ْ‬
‫اعلَ ُموا َّ‬ ‫راع‪ ،‬فيقع ما‬
‫فيطمع الذئاب والكالب في األغنام المسيَّبة دون ٍ‬
‫إغرا َء المرأة على السفور والتبرُّ ج واالختالط بالرجال‬ ‫يقع دون ُمباال ٍة أو خج ٍل‪ ،‬واألولياء في أعمالهم وتجاراتهم قد‬
‫األجانب منها‪ ،‬وقد أخبر النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أنها‬ ‫ُش ِغلوا عن فلذات أكبادهم ومحارمهم وعوراتهم‪ ،‬فال يسألون‬
‫تركت بعدي‬‫ُ‬ ‫فتنة؛ فقال ‪ -‬صلوات هللا وسال ُمه عليه ‪(( :-‬ما‬ ‫أن يفقد شيئًا من المال‪ 9،‬أو يخشى عليه‬ ‫وال يستنكرون‪ ،‬الله َّم إال ْ‬
‫َّ‬
‫((إن الدنيا‬ ‫فتنةً هي أضرُّ على الرجال من النساء))‪  ،‬وقال‪:‬‬ ‫الضياع‪ ،‬فعند ذلك يستأسد و يبرز الرجال‪ ،‬ويظهر الغضب‪،‬‬
‫وإن هللا مستخلفكم فيها‪ ،‬فينظر كيف تعلمون‪،‬‬ ‫ضرة‪َّ ،‬‬ ‫حلوة َخ ِ‬ ‫وتثور الثائرة‪ ،‬بئس وهللا حال وصلت برجال إلى هذه الحال‪،‬‬
‫فاتَّقوا الدنيا واتَّقوا النساء؛ َّ‬
‫فإن أ َّول فتنة بني إسرائيل كانت في‬ ‫مال وصل باأل َّمة إلى هذه الحال‪.‬‬ ‫بارك هللا في ٍ‬ ‫وال َ‬
‫النساء))‬
‫فيا عبا َد هللا‪ :‬ال بُ َّد من االنتباه وتفقُّد األحوال‪ ،‬دعوا عنكم‬
‫فاحذروا ‪ -‬يا عباد هللا ‪ -‬أعداءكم وأعداء دينكم‪ ،‬حافظوا على‬ ‫اإلهما َل‪ ،‬وإلقا َء اللوم على اآل َخرين وتخلِّيكم عن المسؤوليَّة‬
‫أصاب‬
‫َ‬ ‫صيبكم ما‬ ‫نسائكم‪ ،‬واحفَظُوا محارمكم‪ ،‬اح َذرُوا ْ‬
‫أن يُ ِ‬ ‫وأنتم مسؤولون‪ ،‬مهما قلتُم واعت َذرتُم فلن ينفعكم االعتذار عن‬
‫ت نساؤهم برجالهم‪،‬‬ ‫غيركم م َّمن أضا ُعوا محارمهم‪ ،‬واختلطَ ْ‬ ‫السؤال مع اإلهمال‪ ،‬ولن يَحُول ما شغلكم من مال وأعمال‬
‫دري عن زوجته‬ ‫وانتشرت الرذيلة بينهم‪ ،‬وأصبح الرجل ال يَ ِ‬ ‫دركوا ما فات‪9،‬‬‫دون العُقوبة على إهمالكم لفلذات أكبادكم‪ ،‬فاستَ ِ‬
‫وابنته و َمن له الوالية عليها أين ذهبت؟‪ ‬وب َمن اجتمعت؟ وعلى‬ ‫فإن الوضع خطيرٌ‪ ،‬وعاقبةُ‬ ‫وانتبهوا لحاضركم و ُمستَقبلكم‪َّ ،‬‬
‫فإن في ذلك الهالك والدمار‪ ،‬والعار والنار‪،‬‬‫حال تغيَّبت؟‪َّ  ‬‬
‫ٍ‬ ‫أيِّ‬ ‫ت فيه الرذيلة‪،‬‬‫اإلهمال وخيمةٌ‪ ،‬وال خي َر في أ َّم ٍة ومجتمع فَ َش ْ‬
‫والعقوبات العاجلة في الدنيا واآلخرة‪ ،‬فهبُّوا من رقداتكم‪،‬‬
‫وانتَبِهوا من غفالتكم‪.‬‬

You might also like