You are on page 1of 7

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪.

‬‬

‫فوائ د ال درس األول من درس التجري د ش رح الش يح الح بيب‬


‫الهواري‪.‬‬

‫أحص وا للتجري د ثالث ة عش ر ش رحا‪ ،‬فه و من المت ون ال تي القت‬


‫اهتمام ا بالغ ا عن د العلم اء‪ ،‬وأول من ش رحه ه و العالم ة الحلي‬
‫ويسمى شرحه " كشف المراد في ش رح تجري د االعتق اد " والحلي‬
‫تتلم ذ على ي د الطوس ي‪ ،‬وبالت الي فه و أعلم بمرادات ه فبه ذا تت بين‬
‫أهمية هذا الشرح‪ .‬وشرحه "ش مس ال دين األص فهاني" وه و ش رح‬
‫م زجي ويس مى "تس ديد القواع د" ويس مى أيض ا بالش رح الق ديم‪.‬‬
‫وش رح الش يخ "عالء ال دين القوش جي" ويس مى ش رحه "بالش رح‬
‫الجديد أو الشرح العالئي"‪ ،‬و شرحه" الالهيجي" صهر صدر الدين‬
‫المتألهين وشرحه بشرحين‪" :‬شوارق اإللهام"‪ " ،‬مش ارق اإلله ام"‪،‬‬
‫والشرح الجديد والقديم ك ثرت عليهم ا الحواش ي والتعليق ات‪ ،‬فكتب‬
‫على الشرح الجديد‪" :‬الطبقات الص درية والجاللي ة" وهي من أنفس‬
‫م ا كتب على الش رح الجدي د‪ ،‬وهي للجالل ال دواني وم ير ص در‬
‫الدشتكي‪.‬‬
‫‪،‬الذي يهمنا من الكتاب المقص د األول من األم ور العام ة‪ ،‬والث اني‬
‫الذي في الجواهر واالعراض‪.‬‬
‫هل كتاب التجريد كتاب فلسفي أو كتاب كالمي؟‬
‫في الواقع كتاب التجريد يعبر عن مرحلة تاريخية وصل فيها الكالم‬
‫الفلسفي إلى ذروته‪.‬‬
‫ونعني ب الكالم الفلس في أن ه محاول ة مقارب ة مس ائل ترتب ط بالمب دأ‬
‫والمع اد ب أدوات فلس فية‪ ،‬فنبحث في الفلس فة ألج ل أن ننقح أدوات‬
‫ووسائل االستنباط الكالمي‪ ،‬كأن المسبة بين البحث الفلسفي والبحث‬
‫الكالمي‪ ،‬كالنس بة ال تي بين علم األص ول وعلم الفق ه‪ ،‬فكم ا أن‬
‫األصولي ينقح للفقيه أدوات استنباط الحكم الشرعي الفرعي‪ ،‬فكذلك‬
‫الفيلسوف‪ ،‬فينقح له أدوات االستنباط أدوات الحكم الكالمي‪ .‬ف الكالم‬
‫الفلسفي هو الجمع بين العقالنية والوحياني ة‪ ،‬ومجتماعتن ا الي وم بين‬
‫عقالنية متطرفة تلغي الوحي‪ ،‬وبين وحيانية متطرفة تلغي العقل‪.‬‬
‫المقصد األول في األمور العامة‬
‫األمورالعامة لها استعماالن‪ ،‬استعمال عند المتقدمين واستعمال عن د‬
‫المتأخرين‪.‬‬
‫المتق دمون عن دما يطق ون األم ور العام ة يري دون به ا المع اني‬
‫المعروضة للكلية فيبحثون فيها عن الكلي الطبيعي‪ ،‬فالشيخ ال رئيس‬
‫في إلهي ات الش فاء يبحث تحت عن وان "األم ور العام ة" عن الكلي‬
‫الط بيعي‪ ،‬كاالنس ان والحي وان ه ل ه و موج ود في الخ ارج؟ وإن‬
‫كانت موجودة في الخارح فما ه و نح و وجوده ا ه ل هي موج ودة‬
‫في أفرادها أو منحازا عن أفرادها‪ ،‬إذن المتقدمون يطلق ون األم ور‬
‫العامة ويريدون منها الطبائع الكلية‬
‫المت أخرون يطلق ون األم ور العام ة وال يري دون الموض وع‬
‫المع روض للكلي ة‪ ،‬ب ل يري دون نفس األحك ام والع وارض ال تي‬
‫تعرض للوجود من حيث هو موجود‪.‬‬
‫فاألمور العامة عند المتقدمين في مرتبة الموضوع وعند المتأخرين‬
‫في مرتبة المحمول‪.‬‬
‫واألمور العامة عن د المت أخرين هي أحك ام الوج ود الع ام من حيث‬
‫هو موجود أو عوارض الوجود مثال‪ :‬الوجود من حيث هو موج ود‬
‫ينقسم إلى واجب وممكن‪ ،‬الوجوب واإلمكان من ع وارض الوج ود‬
‫وإذا كان من عوارض الوج ود ف البحث عنهم ا من األم ور العام ة‪،‬‬
‫ونقول كذلك‪ :‬الوجود من حيث هو موجود إم ا ب القوة وإم ا بالفع ل‪،‬‬
‫فالقوة والفع ل من ع وارض الوج ود من حيث ه و موج ود‪ ،‬ف القوة‬
‫والفع ل بحث في األم ور العام ة‪ ،‬وك ذلك عن دما نقس م الوج ود إلى‬
‫واحد وكثير وعلة ومعلول وهلم جرا‪.‬‬
‫نقيد الوج ود بـ «من حيث ه و موج ود» ألن ه قي د اح ترازي وه و‬
‫احتراز عن موضوع الطبيعي والرياضي‪ ،‬ألنه الوجود على أنحاء‪،‬‬
‫ألنه ق د يتقي د بك ون جس ما ف العلم الب احث عن ه ذا الوج ود بكون ه‬
‫جس ما يس مى "الطبيعي ات"‪ ،‬ويتقي د الوج ود من حيث الكم فيس مى‬
‫العلم الباحث عن هذا الوج ود" بالرياض يات "‪ ،‬وق د يطل ق الوج ود‬
‫عن كل قيد ون أتي به ذا القي د «من حيث ه و موج ود» لن دلل على‬
‫إطالقه وتسمى هذه بالحيثية االطالقية‪ ،‬فهذا هو الموضوع الفلسفي‪،‬‬
‫فالوجود المطلق موضوع البحث الفسلفي‪.‬‬

‫المسألة األولى‪.‬‬
‫في تعريف الوجود والعدم‪ ،‬وب دأ بتعريفهم ا ألن تجلي ة الموض وع‬
‫أي (ما ه و الوج ود) من أهم ال رؤوس ال تي ينبغي أن يق ف عن دها‬
‫الطالب‪ ،‬وقلنا إن موضوع هذا العلم هو (الوجود المطلق)‪.‬‬
‫المس ائل أحك ام الموض وع‪ ،‬ولكن نتع رف على الموض وع أوال ثم‬
‫نتعرف على أحكامه‪.‬‬
‫الوجود البديهي وكلما من يريد أن يعرفه وقع في الدور‪.‬‬
‫عرف الوجود بتعريفين‪:‬‬
‫األول للمتكلمين‪ ،‬والثاني للحكماء‪ ،‬وكالهما مشتمل على دور‪.‬‬
‫المتكلمون قالوا هو الثابت العين‪ ،‬أي ما كانت عينه وذات ه ثابت ة في‬
‫الخارج ومتحققة فيه‪ ،‬ويرد علي ه أن الث ابت م رادف للوج ود‪ ،‬فه و‬
‫من قبي ل تعري ف الش يء بنفس ه‪ ،‬وه و فاس د‪ ،‬وال يمكن للش يء أن‬
‫يك ون مجه وال ومعلوم ا‪ .‬نق ول‪ :‬إن التعري ف ب الترادف ليس دورا‬
‫وهذا إشكال على الطوسي والحلي‪.‬‬
‫والحكم اء ق الوا‪ :‬الوج ود ه و ال ذي يمكن أن يخ بر عن ه‪ ،‬وبخالف ه‬
‫الع دم‪ ،‬وه ذا التعري ف ال ش ك أن ه يس تبطن دورا‪ ،‬ولكن بي ان ه ذا‬
‫الدور اختلف الشراح بيان ذلك‪.‬‬
‫فالحلي قال‪ :‬هذا التعريف مش تمل على لفظ ة "ال ذي"‪ ،‬ويش ار به ا‬
‫إلى الموجود‪ ،‬فتوقف تعريف الوجود على ال ذي‪ ،‬وال ذي يش ار به ا‬
‫إلى الوجود فيستلزم الدور‪ ،‬ولقائ ل أن يع ترض على الحلي فيق ول‪،‬‬
‫إن مجرد أن يشار بال ذي إلى الموج ود‪ ،‬فه ذا ق د ال يس تلزم ال دور‬
‫اللهم إال أن يك ون م رادك أن تعري ف "ال ذي" أن تق ول هي كلم ة‬
‫يشار بها إلى الموجود‪ ،‬ويلزم الدور‪.‬‬
‫والدور اآلخر ذكره الجرجاني في حاشيته على التس ديد وه و دور‬
‫دقيق‪.‬‬
‫فقال‪" :‬الوجود هو ال ذي يمكن أن يخ بر عن ه" كأنن ا في ق وة قولن ا‪:‬‬
‫الوجود هو الذي إمكان اإلخبار عنه حاصل له وموجود له كائن له‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫فعندما نقول "زي د ق ائم" فهن ا ثالث ة أنح اء من الوج ود‪ )١(:‬وج ود‬
‫زيد‪ )٢(،‬وجود القيام‪)٣(،‬وجود القيام لزيد‪.‬‬
‫فإن قلت "زيد قائم" هو في قوة قولك زيد القيام ثابت له وزيد القي ام‬
‫حاصل له‪ ،‬وزيد القيام موج ود ل ه‪ ،‬وج ود "زي د" ووج ود "القي ام"‬
‫وجود مستقل‪ ،‬ووجود "القيام لزيد" هذا يعبر عنه ب الوجود الراب ط‪،‬‬
‫ونجده في كل تركيب‪ ،‬ومفاده ثبوت شيء لشيء‪ ،‬والوجود المستقل‬
‫يسمى بالوجود المحمولي ومفاده ثبوت الش يء خارج اً‪ ،‬أم ا وج ود‬
‫القيام لزيد فهذا يعبرون عنه بالوجود الرابط‪.‬‬
‫نأتي لنطبق المقدمة‬
‫عندما نقول " الوجود هو الذي يخبر عنه" كأنه في ق وة قولن ا‪ ،‬ه و‬
‫الذي إمكان اإلخبار موجود له‪ ،‬وإمكان اإلخبار حاصل ل ه وإمك ان‬
‫اإلخبار كائن له‪ ،‬فيتوقف التعريف على الوجود الراب ط‪ ،‬والتعري ف‬
‫تركيب‪ ،‬والتركيب يتوقف على الوجود الرابط‪ ،‬فتوقف الوجود على‬
‫التعري ف وتوق ف التعري ف على الوج ود‪ ،‬وإن ك ان رابط ا‪ ،‬فيل زم‬
‫الدور‪ ،‬وهو دور دقيق ذكره الجرجاني‪.‬‬
‫في الواقع الوجود ال يمكن أن يعرف‪ ،‬وق د ذك ر ه ذه النكت ة الش يخ‬
‫الرئيس في النجاة‪ ،‬فيقول‪ :‬الوجود مبدأ كل قول شارح‪ ،‬الوجود مبدأ‬
‫كل تعريف‪ ،‬فإذا كان كذلك فإن كل تعريف يحتاج إلى الوجود‪ ،‬وإذا‬
‫احتاج الوجود إلى تعريف يلزم الدور‪.‬‬
‫فه و من الب ديهيات أي حاص ل في جمي ع األذه ان‪ ،‬فيرتس م في‬
‫صفحة ذهنه ارتساما أوليا‪ ،‬فال يحتاج إلى تعريف‪ ،‬فإذا كان حاصال‬
‫فتعريفه تحصيل للحاصل وهو ممتنع‪.‬‬
‫ال ذي يمكن أن يق ال إن ال ذي قال ه المتكلم ون والحكم اء من ه ذه‬
‫التع اريف من قبي ل التع اريف اللفظي ة‪ ،‬والتع اريف اللفظي ة ليس ت‬
‫وضيفتها تجلية المعنى‪ ،‬بل تجلي ة اللف ظ أو تجلي ة دالل ة اللف ظ على‬
‫المع نى‪ ،‬ق د يك ون المع نى واض حا ك الوجود‪ ،‬لكن ق د تخفى دالل ة‬
‫اللفظ عليه‪ ،‬فنستبدل لفظا مكان آخر داللته واضحة‪.‬‬
‫قال الماتن‪.‬‬
‫«بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫أما بعد حمد واجب الوجود»‪.‬‬
‫خص الحم د ب واجب الوج ود ألن ه وج وب الوج ود يس لزم جمي ع‬
‫الكم االت‪ ،‬وه ذا يبحث في الكالم‪ ،‬فوج وب الوج ود يس تلزم العلم‬
‫والقدرة والحياة والسمع وهلم جرا‪.‬‬
‫« على نعمائه والصالة على سيد أنبيائه محمد» "محمد" بدل بعض‬
‫من كل «المصطفى وعلى أكرم أحبائ ه ف إني مجيب إلى م ا س ئلت‬
‫من تحري ر مس ائل الكالم وترتيبه ا على أبل غ نظ ام » التحري ر في‬
‫األصل التخليص من الرق‪ ،‬والمراد خلوص المس ائل من الص عوبة‬
‫والتعقيد‪ ،‬كأنه يشبه المسائل بالرقب ة ثم يس ند إليه ا التحري ر‪ ،‬فكأن ه‬
‫يقول‪ :‬هذا المتن يحرر المسائل من التعقيد‪.‬‬
‫«مشيرا إلى غرر عقائد االعتقاد ونكت مسائل االجتهاد مم ا ق ادني‬
‫الدليل إليه وقوي اعتمادي عليه وسميته بتجريد االعتقاد وهللا أس أله‬
‫العصمة والسداد وأن يجعل ه ذخ را لي وم المع اد‪ ،‬ورتبت ه على س تة‬
‫مقاصد‪:‬‬
‫المقصد األول في األمور العام ة وفي ه فص ول والفص ل االول في ه‬
‫مسائل»‬
‫«الفصل األول في الوجود والعدم»‬
‫المسألة األولى «وتحديدهما بالث ابت العين والمنفي العين كم ا علي ه‬
‫المتكلمون‪ ،‬أو ال ذي يمكن أن يخ بر عن ه‪ ،‬ونقيض ه أو بغ ير ذل ك»‬
‫دركا‪،‬‬
‫كما عرفوه بأنه القابل للفعل أو االنفعال‪ ،‬والقابل ألن يكون م ِ‬
‫مدركا « يشتمل على دور ظاهر» هذا خبر لقوله‬ ‫والقابل ألن يكون َ‬
‫«وتحديدهما»‪.‬‬
‫«بل المراد تعريف اللفظ إذ ال شيء أعرف من الوجود»‬
‫هنا اعتذر الطوس ي في تحدي دهم للوج ود فق ال أنهم أرادو تعري ف‬
‫لفظة الوجود‪ ،‬ولم يري دوا تعريف ه تعريف ا حقيقي ا‪ ،‬والتعري ف لفظي‬
‫فيه لفظ أوضح من لفظ آخر في الداللة وال يستفاد منه صورة غ ير‬
‫ما هو معلوم ألنه حاصل‪ ،‬وليس معنى أوضح من معنى‪.‬‬
‫ال مع نى أعم من الوج ود‪ ،‬واألعم أوض ح في ال ذهن من األخص‪،‬‬
‫ألن االعم ج زء من األخص ( واألعم هن ا في التعري ف)‪ ،‬وه و‬
‫واألعم أعرف من األخص ألنه جزؤه‪ ،‬والجزء متق دم في التص ور‬
‫على الكل‪.‬‬
‫وصلى هللا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫دعواتكم للكاتب‪.‬‬

You might also like