Professional Documents
Culture Documents
َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َّ
الفصل اثلال ِث مِن
ار
ردع اْلوَغدِ عن مواَلة ِ ال َكف ِ
ْ ََْ َ ْ ْ َْ ْ َ َّ َ ُّ
والتشب ِه ب ِ ِهم وتهنِئتِ ِهم بِاْلعياد
انلارش
كريس اإلمام اْلشعري للبحوث ونرش الرتاث
مليبار ـ اهلند
َ
منارة أهل السنة ـ إندونيسيا
E -mail: thegiftofindia@gmail.com
2
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َّ
ار
الفصل اثلال ِث مِن ردع اْلوَغ ِد عن مواَلةِ الك ِ
ف
َْ َْ ْ َْ َ َّ َ ُّ
والتشب ِه ب ِ ِه ْم َوتهنِئتِ ِه ْم بِاْلعياد
3
4
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
ْ َ ْ ُ َّ ُ
الفصل اثلال ِث
ار ِف َأ ْع َيادهِمْ،
َ َ ْ ُ َّ ُ ََ ُ ُْ ْ
ِ مشاركة المسلِ ِمني الكف ِ
َّ ْ َ ْ ْ َ َ َ ْ َ
واإلهداءِ وغريِهِمابِاتلهنِئ ِة ِ
وازهايف الْ َق ْول جبَ
َْ ُ ُ ْ
ِ ِ ِ إثبات حِرمتِها وتزي ِ
َْ
تم ِهيد
َ َْْ َ ُ َْ ُ َْ ْ َ ُ
المبحث اْل َّول :اْلعياد َواتلَّه ِان
يق الْ َق ْول ِف َت ْهن َئة الْ ُك َّفار بأَ ْعيَادهِمْ َْ ُ
ق َت :ان
ْ َ ْ َ ُ َّ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ المبحث اثل ِ
َ
ُّ َّ َ َ ْ َّ َ َ ْ ْ َ َّ ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َّ ُ
اب َوالسن ِة َولَك ِم اْلئ ِم ِة ِ ِتك ال ِن م ِك ل ذ يم
ِ ر
ِ َت ة ِل
د أ :ِث المبحث اثلال
َ َ وز ل َ ُه ْم إ ْظ َه ُْ ََ َُ ُ ْ َ ْ َ ُ َّ ُ َ ْ َ ُ َ ِّ ُ ُ
ارهُ ِِف بَِلدِنا !؟ ِ الرابِع :كيف نهنئه ْم ب ِ ِعي ِدهِم ،وَل َي المبحث
َُ َ
َ ْ َ َّ ُ ْ َ ُ َ ِّ ُ ُ َ ْ
َْْ َ ُ َ ُ
المبحث اْلامِسَ :وكيف نهنئه ْم ب ِ ِعي ِده ِْمَ ،ومن هنأه ْم ب ِ ِه يع َّز ُر !؟
ْ َ ْ َ ُ َّ ُ ُ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ َ َ َّ ُّ َ َ ْ َ
الرد عليها المبحث السادِس :شبهات المنح ِرف ِني و
ْ ُ ْ َ
مِسك اْل ِت ِام
5
6
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
ْ َ ْ ُ َّ ُ
الفصل اثلال ِث
ار ِف َأ ْع َيادهِمْ،َ َ ْ ُ َّ ُ ََ ُ ُْ ْ
ِ مشاركة المسلِ ِمني الكف ِ
َّ ْ َ ْ ْ َ َ َ ْ
ريهِماواإلهداءِ وغ ِبِاتلهنِئ ِة ِ
وازهايف الْ َق ْول جبَ
َْ ُ ُ ْ
ِ ِ ِ إثبات حِرمتِها وتزي ِ
َْ
تم ِهيد:
شرت في مقدمة الكتاب إلى األسباب والدواعي التي
أ ُ
أَ ْل َجأَ ْتني إلى تأليفه ،والتصدي لبيان مذهب أهل السنة،
وتزييف ما انتحله المبتدعة المنحرفون ،المفارقون للجماعة،
فيما يخص بهذه المسائل التي أتناولها في ضمن هذه الفصول
الثالثة .وكان من أهم تلك الدوافع ما انتشر بين الملسلمين
اآلن من أنواع المشاركة مع الكفرة في مناسباتهم الدينية،
وتبادل التهاني والتبريكات في أعيادهم الكفرية ،وال يتوقف
بعض من ُينسب إلى
عن ارتكاب هذه المنكرات الشنيعة حتى ُ
جهل بالمسألة،
ٍ العلم والفضل ،وإن كان بعضهم يفعله عن
7
الحق وما استقر عليه علماء
ويكابِر َّ
إال أن هناك من َي َّتبِع هواهُ ،
األمة خلفا عن سلف.
محل ٍ
لبس أهل السنة في ذلك قه ِ
َّ ِ حتى صار ف ُ
وجذب ،والتبس
ٍ وموضع َش ٍد
َ
أخذ ٍ
ورد، ومجال ٍ
َ ٍ
وغموض،
أمره على كثير من العلماء فضال عن الطلبة ،فضال عن
ُ
مؤلفات مستقل ٌة في ترك
ٌ البسطاء العامة .وإن كان قد أُ ِل ْ
فت
مواالة الكفار ،وترك التشبه بهم بصفة عامة ،كما أشرت إلى
بعض ذلك في مقدمة الكتاب ،غير أني لم أجد في تحقيق
َ
مسألة التهنئة بأعياد الكفرة خاصة ـ وهي التي أثاروا حولها
حكمها
َ ويشفيُ ،يبين العقيم ـ كتابا جامعا ُيغني َ هذا الجدل
َ َ
ِ
رجالها ،وبيان األدلة ِ
نصوص في المذاهب األربعة ،ب ِ
ِسرد
وي َف ِند مزاعم المخالفين الباطلة،أئمتهاُ ،
ُ التي استند إليها
َ
مة ،وكلم ُة ِ
العالم ويزيِف شبهاتهم الواهية ،وما هي إال ليل ُغ ٍ
َُ
صبح انفراجها.
ُ
وم ْْل هذا الفراغ، ِ ِ
فكان ال بد من سد هذه الفجوة َ
أهل الباطل في وإسعاف أهل الحق بالحجج التي َت ْد َم ُغ َ
8
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
الدماغ؛ حتى ال تقوم لبدعتهم بعد ذلك قائم ٌة ،وال تكون
ويه َلك
حيى َمن َح َّي عن بينةَ ، بضاع ُة جهلهم رائج ًة ،وحتى ي
َ َ
ِ
والسنة في َمن َه َلك عن بينة ،وحتى يبقى منهج أهل الحق
والم َح ِرفين ،وال يطاله َس َف ُه المبطلين ٍ ِ
مأمن من فتنة الجاهلين ُ
والعابثين !
ْ َ ْ َ ُ ْ َ َّ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َّ َ
المبحث اْلول :اْلعياد واتله ِان:
مما طُبِع عليه اإلنسان أنه يتشوف إلى راحة وعطلة
وس ٍم وترويح ٍ
نفس ،فال بد أن يجتمع مع بني قومه في يوم أو م ِ ِ
َ
وي َح ِدثنامع َّي ٍن لقضاء هذه الرغبة الفطرية عنده وعندهمُ .
َ
أعياد لْلعاجم والوثنيين ،وأعياد
ٌ التاريخ أن لكل قوم عيدا،
ُ
للعرب في الجاهلية ،وأعياد ألهل الكتاب من اليهود
والنصارى( .)1وكان النبي %على ٍ
علم بذلك ،فال جرم شر َع
َ
ألمته ما يخصها دون غيرها من األعياد؛ حتى ال يتشوف
متشوف من األمة إلى أعياد المخالفين في الدين والعقيدة.
ٌ
( )1انظر في ذلك مثال :بلوغ األرب في معرفة أحوال العرب لمحمود شكري
اآللوسي :ج ،1 /ص 344 /فما بعدها.
9
ففي حديث الصــحيحين عن الســيدة عائشــة رضــي ا
عنها « :يا أبا بكر ،إن لكل قوم عيدا ،وهذا عيدنا»( ،)1وفي
اليوم» .قال اإلمام نجم الدين الغزي
ُ رواية« :وإن عيدنا هذا
ــارحا هذا
(ت 1161 :هـــــــــــ) رحمه ا في «حســـن التنبه» شـ ً
إشارة إلى أن لكل قوم ِع ً
يدا ٌ الحديث ما نصه« :ففي الحديث َ
وأعيادنا خاص ٌة
ُ الكتاب خاص ٌة بهم،
ِ أهل
أعياد ِ
يختص بهم ،ف ُ
بنا ،وأن عيد أهل اإلســــــالم محصـــــور في جنس ذلك اليوم،
وهو ما كان عيدا شرعيا»(.)2
ال شــــــــك أن هذا الحديث نص في ِ
الع ِ
يد ،وأنه ال عيد
للمســـلم غير الفطر واألَضـــحى ،وأنهما خاص به ،وأن ســـائر
األعياد خاص بغير المسلمين ،فليس لنا التشبه بهم في شيء
من ذلك .قال ابن تيمية في «اقتضـــــاء الصـــــرا المســـــتقيم»:
( )1صحيح البخاري ( ،)919صحيح مسلم ،كتاب صالة العيدين :ج ،6 /ص/
.)892( ،183
( )2حسن التنبه لما ورد في التشبه للنجم الغزي :ج ،8 /ص .272 /وهناك أعياد
أسبوعية أيضا للمسلمين كما لغيرهم ،وهي الجمعة ،فالمسلمون يتميزون فيها
أيضا عن غيرهم في ذلك.
11
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
11
ِ
خلفائه ،ولو لم يكن قد نهى الناس عن اللعب فيهما ونحوه
مما كانوا يفعلونه ،لكانوا قد بقوا على العادة؛ إذ العادات ال
بم ِ
غير يُزيلها ،ال سيما وطباع النساء والصبيان وكثير تغير إال ُ
من الناس متشوفة إلى اليوم الذي يتخذونه عيدا للبطالة
واللعب ...فلوال قوة المانع من رسول ا %لكانت باقية،
ولو على وجه ضعيف ،فعلم أن المانع القوي منه كان ثابتا،
وكل ما منع منه الرسول منعا قويا كان محرما؛ إذ ال يعني
بالمحرم إال هذا ،وهذا أمر بين ال شبهة فيه؛ فإن مثل ذينك
العيدين ،لو عاد الناس إليهما بنوع مما كان يفعل فيهما ـ إن
رخص فيه ـ كان مراغمة بينه وبين ما نهى عنه ،فهو المطلوب.
والمحذور في أعياد أهل الكتابين التي ُن ِقرهم عليها
أشد من المحذور في أعياد الجاهلية التي ال ُنقرهم عليها؛
فإن األمة قد ُحذروا مشابه َة اليهود والنصارى ،وأُخبروا ْ
أن
المحذور ،بخالف دين الجاهلية ،فإنه
َ وم منهم هذا
سيفعل ق ٌ
ال َي عود إال في آخر الدهر ،عند اخترام أنفس المؤمنين
عموما ،ولو لم يكن أشد منه ،فإنه مثله على ما ال يخفى؛ إذ
12
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
الشر الذي له فاعل موجود ،يخاف على الناس منه أكثر ِمن
شر ال مقتضي له قوي»(.)1
ٍ
َ
قال ابن تيمية أيضا« :وإذا كان الشارع قد َح َسم ماد َة
أن يتدنس المسلم بشيء من أمر أهل األوثان خشي َة ْ ِ
أعياد ِ
ُ
الكفار ،الذين قد يئس الشيطان أن ُي ِقيم ْأمرهم في جزيرة
َ
العرب فالخشية من تدنسه بأوضار الكتابيين الباقين أشد،
أوكد ،كيف وقد تقدم الخبر الصادق بسلوك طائفة
ُ والنهي عنه
من هذه األمة سبيلهم ؟!»(.)2
األعياد من جملة الشرع
َ أيضا في «االقتضاء»« :إن
وقال ً
والمناهج والمناسك ،التي قال ا سبحانه:
[ الحج ،]67 /كالقبلة والصالة والصيام،
فال فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر
المناهج ،فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر.
والموافقة في بعض فروعه :موافقة في بعض ُش َعب الكفرِ ،
( )1اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية :ص . ( 436 - 434 /الرشد).
( )2اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية :ص . ( 444 /الرشد).
13
ْ ُ أخص ما َت َت َم َّ ُِّ ُ
هر ما
ِ أظ ن م
ِ و ،الرشائع به ّي ن م
ِ ه ِ اْلعياد بل
َ ِّ ُ ََ ََ ُ َّ ََ
لكفر،
ِ ا رشائع
ِ خص أ ِف
ِ ة ق واف م فيها ة قفاملواف ، عائر
ِ الش ن م
ِ ا ه ل
َ
عائره»(.)1
ِ ش وأظهر
ِ
وإذا كان هذا الكالم متعلقا باألعياد السنوية فليس
األمر منحصرا في ذلك ،بل العيد األسبوعي كذلك ال بد من
تميزِ المسلمين فيه عن غيرهم .فمن هنا ُج ِعل لنا يوم الجمعة،
خال ًفا لليهود والنصارى أصحاب السبت واألحد .وقد أشار
إليه القرآن الكريم في سورة (الجمعة) ،وكذلك صحت في
ذلك األخبا ُر عن النبي .%
اإلمام البيهقي (ت 458 :هـ) رحمه
ُ أما التهنئة فقد َع َق َد
ا بابا في آخر كتاب العيدين من كتابه «السنن الكبير» الذي
صن َفه في بيان أدلة المسائل التي اشتمل عليها المبسو
َّ
صاحب اإلمام الشافعي من أول الفقه إلى آخره.
ِ للمزني،
ٍ
لبعض يوم العيد: فقال« :باب ما روي في قول الناس بعضهم
14
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
تقبل ا منا ومنك» ،ثم ذكر فيه حديثا ،حكم عليه الحافظ
ابن حجر العسقالني بأن سنده ضعيف( .)1ثم قال البيهقي
حديث مرفوع في كراهية ذلك ،وال
ٌ رحمه ا « :وقد ُروي
ٍ
ألحد من يصح» .فما قاله القمولي رحمه ا من أنه لم َير
َ
أصحاب الشافعية كالما في التهنئة بالعيدين واألعوام
والشهور كما يفعله الناس( )2ليس كذلك.
جزء
ً وقد ألف الحافظ ابن حجر العسقالني رحمه ا
أثارا عن بعض الصحابة والتابعين تفيد
في التهنئة ،أورد فيه ً
نيتها ،ال أسردها هنا خشي َة اإلطالة ،فمن أراد االطالع عليها
ُس َ
فعليه بذلك الجزء وما ُذكر فيه من المصادر العلمية.
واألمر كذلك في المذهب المالكي ،فقد نقل ذلك ابن
رشد في «البيان والتحصيل» عن اإلمام ابن حبيب عن اإلمام
مالك ، )3(وكذلك في المذهب الحنبلي؛ فقد نقل ابن مفلح
( )1انظر السنن الكبير لإلمام البيهقي :ج ،6 /ص ،627 /جزء في التهنئة للحافظ
ابن حجر :ص.31 /
( )2انظر النجم الوهاج في شرح المنهاج لإلمام الدميري :ج ،2 /ص.551 /
( )3انظر البيان والتحصيل البن رشد :ج ،18 /ص.452 /
15
في «الفروع» عن اإلمام أحمد أنه ال بأس به ،وأشار إلى
ِ
موافقة الشافعية له في المسألة(.)1
َ ْ َ ْ ُ َّ َ ْ َ ْ َْ ُ َْ ْ ْ َ ْ َ ُ َّ
ار بِأعيادِهِم:
ِ فك ال ة
ِ ئِ ن هت ِف ل
ِ ِ و قال يققِ َت : ان
المبحث ِ
اثل
كل ٍ
قوم ُي َعد شعارا وعيد ِ
ُ عيدا،
إذا ثبت أن لكل قوم ً
من شعائرهم الخاص بهم ،وإن كان ذلك باطال في الحقيقة،
منذ ما قبل الجاهلية وفي زمان اإلسالم؛ حيث قر َر النبي %
َّ
ألمته العيدين :األضحى والفطر ،وهما خاصان بأمته ،%
وي َع َّدان لو ًنا من ألوان العبادة والتقرب إلى ا ،بإطعام
ُ
وثبت
َ الطعام ،وصلة األرحام ،والصالة واألذكار وغير ذلك،
أنه ال يجوز للمسلم أن يتشبه بالكافر في أمر من أموره
َّ
الخاص ِة بدينه ،إذا ثبت وتبي َن ذلك ثبت بكل وضوح أنه ال
َّ
يجوز للمسلم أبدا أن ُيشارك الكفر َة في أعيادهم الكفرية ،وال
هن َئهم بها ،أو يتشبه بهم في شيء من شعائر أعيادهم هذه؛ أن ي ِ
ُ
ألنها جميعا أمور مختصة بدينهم الباطل.
16
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
17
بل قد بالغ %في أمر أمته بمخالفتهم في كثير من
المباحات ،وصفات الطاعات؛ لئال يكون ذلك ذريع ًة إلى
مواف َق ِتهم في غير ذلك من أمورهمِ ،
ولتكون المخالفة في
رت
كث ْ
ذلك حاجزا ومانعا عن سائر أمورهم؛ فإنه ك َّلما ُ
المخالف ُة بينك وبين أصحاب الجحيم ،كان أبعد لك عن
أعمال أهل الجحيم.
فليس بعد حرصه على أمته ونصحه لهم غاية ـ بأبي هو
وأمي ـ وكل ذلك من فضل ا عليه وعلى الناس ،ولكن أكثر
الناس ال يعلمون !»(.)1
إذا كان هذا هو نهج السف وأهل السنة في هذه
المسألة ،كما يظهر ذلك في مؤلفات أئمة اإلسالم في كل
نشأت اآلن في زماننا طائف ٌة نصبوا خالفا
ْ زمان ومكان ،فقد
في هذه المسألة ،وقد اشتدت الخناقة والخصومة بينهم وبين
اليهود
َ أهل الحق والعلم حول مسألة مشاركة المسلمين
18
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
19
الكفار في أعيادهم بكل صورها
َ إن مشاركة المسلمين
دل على ذلك أيضا عتد بإجماعهمَّ ، حرام بإجماع من ُي َ ٌ
سلف األمة ،وال يجوز ِ وأقوال
ُ الكتاب والسنة
ِ نصوص
لمسلم أن ُي َه ِن َئ كافرا بمناسباته الدينية ،وال أن يشاركه في
لون من ألوان المشاركة أيضا .هذا هوبأي ٍ أعياده الكفريةِ ،
الموروث عن سلف األمة ،والدين المنقول عن األئمة
ُ الفقه
ـ وسنبين ذلك بيانا شافيا إن شاء ا ـ ولم يكن خالف ذلك
محكيا في كتاب من الكتب ،بل كلما ظهرت هذه البدعة في
ِ
الفساق من الناس بسبب ِ
وعادات ِ
الجهلة العوام، عمل
ِ
أهل العلم إلى ردها واستقباحها،
سار َع ُ ِ ِ
جهلهم أو شهوتهم َت َ
وحث ِ
والة أمور المسلمين على اتخاذ الوسائل الالزمة ِ
لردعهم عنها وتنفيرهم منها !
حتى نبتت في هذا العصرِ نابت ٌة منحطَّ ُة الدي ِن والعلم
الم َناع ُة
دين األمة؛ حيث ضعفت َ خالف ِ َ والسلوك ْتز ُعم
عاشرتها معهم، َ وم بالك َفرة
َ ِ
اختالطها الدينية في نفوسها؛ لكثرة
َ ُ
شهودهم المنكرات والبِد ِع ُت ِجيز هذه التهنئ َة ،بل ِ ِ
وكثرة
21
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
22
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
ْ ْ َ َ ُّ َّ َ َ َ ِ ْ َ َّ ْ َ ْ َ ُ َّ ُ َ َّ ُ َ ْ
اب والسن ِة ولَكم اْلئ ِم ِة:
المبحث اثلال ِث :أدِلة َت ِري ِمه مِن الكِت ِ
واالستفادة
ُ وفيما يلي أذكر ما تيسر لي االطالع عليه،
منه ،من نصوص الكتاب والسنة وكالم المفسرين
والمحدثين ،وفقهاء المذاهب األربعة المتبوعين ،مما يدل
رمة هذه المشاركات بالمهاداة والمعايدة والتهنئة، ِ
على ح َ
وهي كثيرة متنوعة بفضل ا تعالى ،كما سنرى.
روى اإلمام أبو عبد ا البخاري (ت 256 :هـ) رحمه
ا في «التاريخ الكبير» عن أمير المؤمنين سيدنا عمر بن
الخطاب « :اجتنبوا أعداء ا في عيدهم»(.)1
روى اإلمام أبو بكر الخطيب البغدادي (ت 463 :هـ)
في «تاريخ بغداد» عن سيدنا عبد ا بن عباس في تفسير قوله
تعالى :
( )1التاريخ الكبير لإلمام البخاري :ج /2القسم ،2ص ،14 /رقم ( ،)1815وانظر
أيضا السنن الكبير للبيهقي :ج ،19 /ص.166 /
23
الش ِ
عانين [ الفرقان« :]72 /قال :أعياد املرشكني ،يعني َّ
وغير ذلك»(.)1
وروى ابن أبي حاتم في تفسيره عن الضحاك« :قال:
عيد املرشكني ،وروي عن أبي العالية وطاوس والربيع بن
أنس والمثنى بن الصالح نحو ذلك»(.)2
قال العالمة الزمخشري (ت 538 :هـ) في تفسير قوله
تعالى :
( )1تاريخ بغداد للخطيب :ج ،13 /ص ،458 /وانظر أيضا حسن التنبه للغزي:
ج ،8 /ص.271 /
( )2تفسير ابن أبي حاتم الرازي :ص.2737 /
( )3الكشاف للزمخشري :ج ،11 /ص( 298 ،297 /نسخة حاشية الطيبي).
24
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
25
ولقول بعضهم إنه مجالس الخنا ،وقول بعضهم إنه ِ
الغناء؛ ُ
ألن عادة السلف في تفسيرهم هكذا :يذكر الرجل نوعا من
المستمع إليه ،أو ِلي َنبِه به على
ِ ِ
لحاجة أنواع المسمى؛
ُ
الجنس»(.)1
وقال في «مجموع فتاواه»« :فإذا كان هذا في شهودها
من غير فعل فكيف باألفعال التي هي من خصائصها»(.)2
ومثله في «االقتضاء»؛ حيث قال« :وإذا كان ا قد َم َدح تر َك
ْ
ٍ
برؤية أو سما ٍع فكيف شهودها الذي هو مجرد الحضورِ
بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل الذي هو عمل الزور،
ال مجرد شهوده»(.)3
في وروى اإلمام البيهقي (ت 458 :هـ) رحمه ا
«شعب اإليمان» عن سيدنا عمر بن الخطاب ،قال :اجتنبوا
أعداء ا :اليهود والنصارى في عيدهم يوم جمعهم؛ فإن
26
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
( )1شعب اإليمان للبيهقي :ج ،12 /ص ،18 /رقم ( ،)8941وانظر أيضا المنهاج
في شعب اإليمان للحليمي :ج ،3 /ص.346 /
( )2شعب اإليمان للبيهقي :ج ،12 /ص ،19 /رقم (.)8941
( )3السنن الكبير للبيهقي :ج ،19 /ص ،167 /رقم ( ،)18896شعب اإليمان له:
ج ،12 /ص.19 /
27
وعن سيدنا عمر بن الخطاب ،قال« :ال َت َع َّلموا
َرطان َة األعاجم( ،)1وال تدخلوا على المشركين في كنائسهم
يوم عيدهم؛ فإن السخط تنزل عليهم»(.)2
وروى عن ابن سيرين ،قال« :أُتي على بهدية النيروز،
ٌ
فقال :ما هذه ؟ قالوا :يا أمير المؤمنين ،هذا يوم النيروز ،قال:
فاصنعوا كل ٍ
يوم فيرزو ،قال أبو أسامةَ :كرِ ه أن يقول نيروز.
قال الشيخ ـ أي البيهقي ـ وفي هذا كالكراهة لتخصيص يوم
بذلك لم يجعله الشرع مخصوصا به»(.)3
فهذه هي نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف ،تفيد
أنه ال يجوز للمسلمين مشاركة الكفار في أعيادهم بكل
حف ٍل وغير ذلك. ٍ
ومهاداة وحضور ْ ٍ
ومعايدة ٍ
تهنئة صورها ،من
الكفار في أعيادهم ،وتهنئتهم
َ وأما تحريم مشاركة المسلمين
ُ
( )1انظر لمعنى «رطانة» اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية . ( 462 :الرشد) .
( )2السنن الكبير للبيهقي :ج ،19 /ص ،166 /رقم (.)18893
( )3السنن الكبير للبيهقي :ج ،19 /ص ،168 /رقم ( ،)18897وانظر أيضا حسن
التنبه للغزي :ج ،8 /ص.419 /
28
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
لهم بها من خالل كالم أئمة المذاهب األربعة فأُ ْر ِج ُئه إلى
مكانه الالئق به؛ حيث َأت َعر ُض الح ًقا لر ِد شبهات المنحرفين.
َ َّ
ت بهما أيضا وقبل ذلك أشير إلى مسلكين واضحين َي ْث ُب ُ
ومنكر َيجب تغييره .وهذان تحريم هذه األشياء ،وأنها معصية
ُ ٌَ ُ
ِ
أعيادهم إظهار المسلكان هما أوال :إنه ال يجوز ألهل الذمة
ُ
تهنئتهم بها !؟
ُ في بالد المسلمين أصال ،فكيف يجوز لنا
الكفار بعيدهم يجب وثانيا :قد نص الفقهاء على أن من َه َّنأَ
َ
تعزيره ،واألصل في التعزير أن يكون في معصية .وإلى
ُ
تفاصيل ذلك ننتقل اآلن:
ُ ُ ْ ََ َُ ُ َُ ْ ْ َ ْ َ ْ َ ُ َّ ُ َ ْ َ ُ َ ِّ ُ ُ ْ
المبحث الرابِع :كيف نهنئهم ب ِ ِعي ِدهِم ،وَل َيوز لهم إِظهاره ِِف
َ َ
بَِلدِنا !؟
تهنئتنا للكفار بعيدهم ،وال يجوز لهم ـ ُ ثم كيف يجوز
أعيادهم في بالد المسلمين
َ أي للكفرة ـ أصال أن ُيظهِ روا
إجماعا ،كما سبقت اإلشارة إليه عندما نقلنا كالم العالمة
ومن «شرو عمر التي اتفقت عليها الصحابة النحاس !؟ ِ
وسائر الفقهاء بعدهم أن أهل الذمة من أهل الكتاب ال
29
أعيادهم في دار اإلسالم ......فإذا كان المسلمون
َ ُيظهِ رون
قد اتفقوا على منعهم من إظهارها فكيف يسوغ للمسلمين
أشد من فعل الكافر لها،
فعل المسلم لها َّ فعلها ،أو ليس ْ
مظهِ را لها !؟»(.)1
ً
قال ابن القيم« :وكما أنهم ال يجوز لهم إظهاره ـ أي
العيد ـ فال يجوز للمسلمين ُمماالتهم عليه ،وال مساعدتهم،
وال الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أه ُله ،وقد
صرح الفقهاء من أتباع األئمة األربعة في كتبهم ،فقال أبو
القاسم هبة ا بن الحسن بن منصور الطبري الفقيه الشافعي:
أعيادهم؛ ألنهم على منكر
َ وال يجوز للمسلمين أن يحضروا
خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير اإلنكار
َ وزورٍ ،وإذا
ُ
المؤ ِثرين له ،فنخشى من نزول
عليهم كانوا كالراضين به ْ
سخط ا على جماعتهم ،في ُعم الجميع ،نعوذ با من سخطه.
َ
( )1اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية :ص( 94 /طبعة الخانجي) ،ص454 /
( .الرشد) .وهذه الفكرة مما سنح لخاطري ،ثم رأيت الشيخ ابن تيمية،
وكذلك ابن القيم واإلمام السيوطي والنحاس صرحوا بذلك في كتبهم ،كما
أشرت إليه سابقا ،فلله الحمد !
31
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
ثم ساق من طريق ابن أبي حاتم :حدثنا األشج ،ثنا عبد
ا بن أبي بك ر عن العالء بن المسيب عن عمرو بن مرة:
والذين ال يشهدون الزور ،قال :ال ُيمالئون أهل الشرك على
شركهم وال يخالطونهم ،ونحوه عن الضحاك»( .)1ثم أطال
ابن القيم في ذلك.
وعبارة اإلمام السيوطي (ت 911 :هـ) في «األمر
باالتباع والنهي عن االبتداع»(« :)2وقد شر َ عليهم عمر بن
َ
أعيادهم في بالد المسلمين ،فإذا
َ الخطاب أن ال ُيظهِ روا
كانوا هم ممنوعين من إظهار أعيادهم في بالدنا فكيف َي َسع
وقلوبهم في إظهارها،
َ المسلم ِف ْع ُلها ! وهذا مما ُي َق ِوي َط َم َعهم
َ
وإنما منعوا من ذلك لما فيه من الفساد ،إما ألنه معصية ،وإما
ألنه شعار الكفر ،والمسلم ممنوع من ذلك كله»(.)3
31
سيدنا عمر بما يتعلق ونص ما ورد في شرو
انين َنا وال باعو َثنا»( .)1وقد
بمسألة العيد هو« :وال ُنخرِ ج َش َع َ
قال الشيخ اإلمام تقي الدين السبكي أيضا ـ مثل قول ابن تيمية
بقول ..عمر وسكوت ِ الذي نقلناه آنفا ـ إنه «قد أخذ العلماء
َ
وشهرة هذه
ُ بقية الصحابة إجماعا»( .)2وقال ابن القيم« :
الشرو تغني عن إسنادها؛ فإن األئمة تلقوها بالقبول،
وذكروها في كتبهم ،واحتجوا بها ،ولم يزل ذكر الشرو
ُ
( )1انظر السنن الكبير لإلمام البيهقي :ج ،91 /ص ،76 /رقم ( ،)95689سراج
الملوك للطرطوشي :ص ،845 /فتاوى اإلمام السبكي :ج ،2 /ص،515 /
أحكام أهل الذمة البن القيم :ص .9981 /و«الشعانين» عيد نصراني يقع يوم
الفصح ،يحتفل فيه بذكرى دخول السيد المسيح بيت األحد السابق لعيد ِ
المقدس ،و«الباعوث» صالة ثاني الفصح عند النصارى ،وهي لفظة سريانية.
انظر «المعجم الوسيط» .قال ابن القيم في «أحكام أهل الذمة» (ص:)9242 /
« أما الباعوث فقد فسره اإلمام أحمد في رواية ابنه صالح ،فقال« :يخرجون
كما نخرج في الفطر واألضحى»».
( )2فتاوى اإلمام السبكي :ج ،2 /ص.391 /
32
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
الخلفاء،
ُ الع َمرية على ألسنتهم وفي كتبهم ،وقد أ ْن َف َذها بعده
ُ
وعملوا بموجبها»(.)1
نص ابن حزم الظاهري (ت 456 :هـ) على ِ
ومن قبلهم َّ
أنهم اتفقوا على حرمة إظهار الكفار أعيادهم ،وأن ي ِ
سمعوا ُ َ
شركهم( ،)2وال يخفى أن إجماعات ابنِ المسلمين شيئا من
حزم من أقوى أنواع اإلجماع؛ قال الشيخ محمد ُعليش
المالكي (ت 1299 :هـ) رحمه ا في «فتح العلي المالك»:
«والشيوخ يقولون :أصح اإلجماعات إجماعاته»( .)3بل قال
ابن حزم في آخر كتابه «مراتب اإلجماع»« :لم يختلفوا في
تكفير من خالفهم فيما قدمنا في هذا الكتاب»( .)4وإن كان ما
قاله هذا مردودا؛ ألن مدار التكفير ليس على إنكار اإلجماع
مطلقا ،بل على إنكار ما علم من الدين بالضرورة(.)5
33
تضافرت على ذلك نصوص ِ
أئمتنا الشافعية أيضا ْ وقد
ُ
ط ِل ٍع
غير الشافعية ،يظهر ذلك لكل م َّ واألصحاب ،وكذلك
ِ
ُ
العمراني (ت 558 :هـ) على آثارهم بال ارتياب؛ يقول اإلمام ِ
ويمنعون من إظهار شرب الخمر ،وأكل
في «البيان»ُ « :
والجهر بالتوراة
َ الخنازير وبيعها ،وضرب الناقوس،
واإلنجيل ،وإظهار عبادة الصليب ،وإظهار أعيادهم ،ورفع
الصوت على موتاهم؛ لما روي :أن نصارى العرب شرطوا
ذلك لعمر على أنفسهم»(.)1
قال اإلمام الشيخ محيي الدين النووي (ت 676 :هـ)،
ومحر ُره ،رحمه ا في «الروضة»:
ِ شيخ المذهب ومحق ُقه
ُ
«ويلزمهم ـ أي أهل الذمة ـ كف اللسان ،واالمتناع من إظهار
المنكرات ،كإسماع المسلمين ِش َ
ركهم ،وقولهم :ثالث ثالثة،
عليهما وسلم، واعتقادهم في المسيح وعزير صلى ا
34
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
قال اإلمام الشيخ نجم الدين ،ابن الرفعة (ت 711 :هـ)
ويمنعون من إظهار المنكر ،أي
رحمه ا في «كفاية النبيه»ُ « :
كالصليب واْلعياد التي لهم إلخ»(.)3
قال اإلمام ابن قاضي شهبة (ت 874 :هـ) رحمه ا في
(ويُ ْم َن ُعِ ...م ْن ِإ ْظ َهارِ
«بداية المحتاج» بعد عبارة «المنهاج» َ
عل ًال لهِ « :لما فيه من المفاسد ِ ٍ
يد) م ِ ٍ ِ
َخ ْمرٍ َوخ ْنزِ يرٍ َو َنا ُقوس َوع ُ
35
عار من َشعائر شوإظهار شعار الكفر»( .)1يعني أن عيدهم ِ
ٌ
كفرهم ،وليس مجرد ثقافة ال عالقة لها بالدين.
وفي «روض الطالب» لإلمام ابن المقري (ت837 :
خ اإلسالم زكريا األنصاري ِ
لسيد المتأخرين ،شي ِ ِ
وشرحه هـ)،
(ويمنعون من إظهار الخمر والناقوس (ت 926 :هـ)ُ « :
والخنزير وأعيادهم وقراءة كتبهم)؛ لما فيه من إظهار شعائر
الكفر»(َ .)2ع َّل َل الحكم بأنه من شعائر كفرهم ،مثل غيره من
َ
خالف
َ أئمة الدين ،فهذا هو الذي فهمه أهل العلم والفهم،
الجهالة والحماقة التي يتفاخر بها أنصاف المتعلمين اآلن.
الم ْن َهج»:
وقال شيخ اإلسالم زكريا أيضا في «شرح َ
إظهار منكرٍ بيننا ،كإسماعهم إيانا قو َلهم :ا
َ من ُعهم
«و َلزِ َمنا ْ
ثالث ثالثة ...وإظهارِ خمرٍ وخنزير وناقوس وعِيد؛ ملِا فيه
من إظهار شعائر الكفر»(.)3
( )1بداية المحتاج في شرح المنهاج البن شهبة :ج ،4 /ص.316 /
( )2أسنى المطالب مع روض الطالب :ج ،4 /ص.222 /
( )3شرح المنهج :ج ،4 /ص.279 /
36
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
37
َ َْ ُ
ِ
الالكم :أنه ال يجوز ألهل الذمة إظهار أعيادهم فذلكة
ِ
وشركهم في بالد المسلمين أصال ورأسا ،بل ُي ْم َنعون من
بتاتا ،هذا ما شر َطه عليهم سيدنا عمر بن الخطاب ،
ذلك ً
بعده ،وهو الذي قرره حكماء وسارت عليه األمة من ِ
امهم في أيام ِع ِزهم واستقامتهم ،كما رأينا من
وح َّك ُ
المسلمين ُ
خالل النصوص والعبارات الكثيرة التي نقلناها سابقا ،وما
تركناه أكثر بكثير مما ذكرناه .فإذا كان إظهار األعياد الك ِ
فرية
ُ
غير جائزٍ لهم فكيف يجوز لنا نحن المسلمين أن نهنئهم به
َ
ونشاركهم فيه ،والتهنئة والمشاركة في األعياد فرع الظهور
والعلم ،وهذا ما ال يمكننا أن نفهمه أو نعقله ،وال أظن أن
المحال وما ال يكون بحال !؟
ُ غيرنا يتصوره ،إال إذا ُت ُص ِور
38
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
ُ َّ ْ َ َ ْ َ َّ َ ُ ْ ُ َ ْ َ ْ َ ُ ْ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ ِّ ُ ُ ْ
المبحث اْلامِس :وكيف نهنئهم ب ِ ِعي ِدهِم ،ومن هنأهم ب ِ ِه يعزر !؟
نفسه للتعزير عند أولياء
العزيز َ
ُ ثم كيف ُي َع ِر ُض المسلم
ُ
األمور ،وهل يليق ذلك بعاقل ،فضال عن فاضل !؟ وقد
تضافرت نصوص ِ
أئمة المذاهب ،سيما السادة الشافعية ،على ْ
ُ
أن َمن َف َعل هذه األشياء َيجب تعزيره ،واألصل في التعزير
أنه يكون في معصية ،وهو دليل على كون الفعل منكرا حراما،
كما سيأتي بيانه بنقل كالم أهل العلم.
نص على التعزير فيه قائل بأنه معصية ال
فكل مذهب َّ
يجوز ارتكابه ،وإن مما نص كذلك المذهب الشافعي ،فقد
افترى على هذا المذهب َمن َن َسب إليه جواز ارتكاب هذه
المنكرات؛ ترويجا لباطله وتزيينا لبدعته.
وأما التعزير فقال اإلمام أبو الحسن الماوردي الشافعي
(ت 451 :هـ) في «األحكام السلطانية»« :التعزير تأديب على
ذنوب لم ُتشرع فيها الحدود»( .)1وقال اإلمام النووي في
«الروضة»« :هو ـ أي التعزير ـ مشروع في كل معصية ليس
39
كفارة ...وسواء تعلقت المعصية بحق ا تعالى
ٌ فيها حد وال
أم بحق آدمي»(.)1
في «كفاية قال ابن الرفعة (ت711 :هـ) رحمه ا
ذنب ليس فيه حد تأديب على ٍ
ٌ النبيه»« :التعزير ..في الشرع
ٍ
لثالثة من كبار أئمة الشافعية، كفارة»( .)2فهذه نصوص
ٌ وال
حد فيها ،مثل تقبيل
ُتصرح بأن التعزير يكون في معصية ال َّ
الرجل امرأة أجنبية ،أو سرقة ما دون ربع دينار ونحو ذلك.
وفي «تنوير القلوب» للشيخ الفقيه الصوفي الكبير
محمد أمين الكردي الشافعي النقشبندي (ت 1332 :هـ)
حد فيها وال
رحمه ا « :والتعزير مشروع في كل معصية ال َّ
كفارة ،كمباشرة أجنبية بغير و ء ...وموافقة الكفار في
أعيادهم وزِ يِهم ونحوهما»(.)3
41
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
41
ثانيهما :قال الماوردي في «األحكام السلطانية»َ :يمنع
اآلخذ والمعطي،
َ ِ
ويؤدب عليه ِ
المحتس ُب من يكتسب باللهو
َ
تناو ُل اللهو المباح.
وظاهره ُ
ُ
ثالثها :نفي المخنث؛ نص عليه الشافعي ،مع أنه ال
معصية فيه إذا لم يتقصده ،وإنما فعل للمصلحة.
ِ
الحاكم َمن رابعها :قال شيخنا اإلمام البلقيني :حب ُس
ْ
مالؤته،
ُ الدين ،ولم َيظهر منه تقصير ولم تثب ْت
ُ بت عليه
َث َ
ُ ٌ
اإلعسار ولم يثبت ما ادعاه ،ال وجه له إال أن يدعي
َ وادعى
أن هذا طريق في الظاهر بين الناس إلى خالص الحقوق،
فيفعل هذا عمال بأن الظاهر المالءة؛ ألن ثبوت الدين بطريق
المعاملة ونحوها يدل على المالءة ،أما حبس من ظهرت
مالءته وم ْط ُله ِ
فل َمعصيته»(.)1
قال اإلمام الشهاب الرملي في «حاشية األسنى»:
«التعزير ُي ْشرع في غير المعصية ،كمن يكتسب باللهو الذي
َ
42
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
( )1حاشية الشهاب الرملي على أسنى المطالب :ج ،4 /ص.979 /
( )2مغني المحتاج للخطيب الشربيني :ج ،4 /ص.912 /
43
تذكرة ألولي
ٌ يحتملها شرح هذا المختصر ،وفيما ذكرته
األلباب»(.)1
ولكن ال يوجد في «مغني المحتاج في شرح المنهاج»
للخطيب رحمه ا سوى هذه المستثنيات الثالثة التي نقلناها،
فال أرى لهذا الذي قاله في «اإلقناع» معنى ،ولعله سهو أو
استثناء آخر في غير هذه المسألة .ويؤيد
ً سبق قلم ،أو أراد به
ما قلته أيضا أن هذه األمور الثالثة هي التي ذكرها أيضا
العراقي في «تحرير الفتاوي» ،كما رأيناها قبل قليل ،مع زياد ِة
خامسا.
ً أمرٍ راب ٍع عليه فقط ،ولم َيزِ د
ولم تكن مسألة التهنئة غائب ًة عن بال الخطيب رحمه
ا ،بل هو أحد الذين صرحوا بوجوب تعزير فاعله في مكان
كتابيه المشهورين« :المغني»
قريب من هذا الموضع في َ
و«اإلقناع» ،فهذا دليل على أنها ليست مما يستثنى من
األصل ،فهي إذا حرام ،والتعزير عليه لسبب كونها معصية بال
شك ،ال ألي سبب آخر.
44
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
45
المتحضرة» شرقا وغربا ـ ليس منكرا إال عندنا، ِ من البالد «
تهنئ ِة َمن يفعل ذلك؛ العتقاده أن ذلك فبالتالي ال حرج في َ
منكرا ،فإذا بلغ الجنون هذا المبلغ، جائز مشروع ليس
ًَ ٌ
الوقاحة إلى هذه الدرجة فعلى الدينا سالم ! َ وصارت
ْ َ ْ َ ُ َّ ُ ُ ْ َ ُ ْ ُ ْ َ َ َ َّ ُّ َ َ ْ َ
المبحث السادِس :شبهات المنح ِرف ِني والرد عليها:
فاآلن بعد أن َعر ْض َنا نصوصا من القرآن والسنة وآثار
َ
السلفُ ،تفيد ِحرم َة مشاركة أعياد المشركين وتهنئتهم بها نأتي
إلى تلك الشبهات التي َت َو َّه َمها أهل األهواء ،وحين نتحدث
عن شبهات أهل الضالل في هذه المسألة ،ومن ثم بيان
بطالنها وسقوطها عن االعتبار ،نجدها تنحصر فيما يلي:
ِ
مختلف فيها، -1إ َّن كالم األئمة في المذاهب األربعة
وليس هناك إجماع على التحريم !
ِ
قصد التشبه أو -2إن القول بتحريمها أيضا ُمقيد بشر
َّ
تعظيم شعار الكفر ،وإن لم يوجد هذا القصد فال
حرمة عند القائلين بالحرمة أيضا !
46
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
47
ذلك غير واحد من األئمة ،منهم اإلمام عبد الملك بن حبيب
المالكي ـ وهو الذي نقله عنه ابن الحاج في «المدخل» ،كما
سنرى الحقا ـ وابن مفلح في «الفروع» ،وابن القيم في
«أحكام أهل الذمة»( ،)1وسيأتي نص عباراتهم الحقا .وهو
كل من المذاهب األربعة ،وال شك أن
الذي نص عليه علماء ٍ
ٍ
حكم فهو بمنزلة اإلجماع اتفقت على
ْ المذاهب األربعة إذا
الذي ال يجوز خالفه ،وين َقض الفتوى ِ
بضده(.)2 َ ُ
كالم فقهاء المذاهب األربعة من كتبهم
َ وفيما يلي أَ ْن ُقل
والمعتمدة ،بما في ذلك كالم ابن الحاج وابن مفلح
َ المتداولة
اعترض على هذا الذي
َ أحدا
وغيرهم .ولم َن َر ً وابن القيم
ُ
نبتت نابت ٌة جاهل ٌة في هذا العصر
نقلوه من اإلجماع ،حتى ْ
االستسالم لشرع ا ،واالنقياد ألمر
ُ المتأخر ،لم ُيعجبها
( )1انظر المدخل البن الحاج :ج ،2 /ص ،48 /أحكام أهل الذمة البن القيم :ج/
،1ص.441 /
( )2انظر مثال تحفة المحتاج للشيخ ابن حجر الهيتمي :ج ،11 /ص.111 /
48
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
بوسائل،
َ التشكيك في هذا اإلجماع
َ فحاولت
ْ رسول ا ،%
49
أوَل :املذهب احلنيف:
قال العالمة اإلمام الحصكفي في «الدر المختار»:
ِ
باسم النيروز والمهرجان ال يجوز) ،أي :الهدايا واإلعطاء «(
ُ
تعظيمه) كما يعظمه َ قص َد
(وإن َ
ْ باسم هذين اليومين حر ٌام،
رجال عب َد المشركون (يكفر) ،قال أبو حفص الكبير :لو أ ًّن
ً َ
ٍ
لمشرك يوم النيروز بيض ًةُ ،يريد أهدى ا خمسين سنة ،ثم َ
ٍ
لمسلم، وحبط عم ُله ،اهـ .ولو أهدى
َ تعظيم اليوم فقد كفر،
َ َ
ولم يرد تعظيم اليوم ،بل جرى على عادة الناس ال يكفر،
وينبغي أن يفعله قبله أو بعده؛ نفيا للشبهة ،ولو شرى فيه ما
َ ً
األكل كالشرب
َ تعظيمه ك َفر ،وإن أراد
َ إن أراد
شترِ ه قبلهْ ،
لم َي َ
َ
والتنعيم ال يكفر»(.)1
وكتب العالمة الشيخ ابن عابدين في حاشيته على هذا
الكالم نقال عن بعض أئمة الحنفية ما نصه« :وهذا بخالف ما
ولده ،فحضر مسلملحلق رأس ِ ِ لو اتخذ مجوسي دعو ًة
ٌ
دعوته ،فأهدى إليه شيئا ال يكفر ،وحكي أن واحدا من َ
51
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
( )1حاشية ابن عابدين على الدر المختار :ج ،5 /ص.661 /
51
فمشاركة المسلمين لهم فيها بجميع صورها حرام ال يجوز،
كما هو واضح من كالم «الدر».
قال ابن القيم « :وفي كتب أصحاب أبي حنيفة :من
أهدى لهم يوم عيدهم بطيخة بقصد تعظيم العيد فقد َك َفر»(.)1
قال الحافظ ابن حجر العسقالني في شرح حديث« :يا
عيدا ،وهذا عيدنا» ،وكذلك قوله :%
أبا بكر ،إن لكل قوم ً
«قدم النبي %المدين َة ،ولهم يومان يلعبون فيهما ،فقال :قد
يوم الفطر واألضحى»، أبدلكم ا تعالى بهما خيرا منهماَ :
الفرح في أعياد
ِ ط منه كراه ُة
واستن ِب َ
الحافظ ما نصهُ « :
ُ قال
المشركين والتشبه بهم ،وبالغ الشيخ أبو حفص الكبير النسفي
من الحنفية ،فقال :من أهدى فيه َبيض ًة إلى مشرك تعظيما
لليوم فقد كفر با تعالى»(.)2
52
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
ْ ْ ْ َ
ثان ًِيا :ال َمذ َه ُب ال َمال ِِِكُّ:
قال اإلمام ابن الحاج المالكي (ت737 :هـ) ،في
«المدخل»َ « :ف ْص ٌل ِفي ِذ ْكر َب ْعض َم َو ِاسم أَ ْهل ا ْلكتاب ..الَّ ِتي
ون أَ َّن َها َم َو ِاسم ُم ْخ َت َّص ٌة ِبأَ ْه ِل اد َها أَ ْك َث ُر ُه ْمَ ،و ُه ْم َي ْع َل ُم َ اع َت َ
ْ
ُ
وهم ِفي ار ُك ُْيهاَ ،و َش َ
ِ ِ
ابَ ،ف َت َش َّب َه َب ْع ُض أَ ْه ِل ا ْل َو ْقت بِهِ ْم ف َ ا ْل ِك َت ِ
يم َها. َتع ِظ ِ
ْ
وصاَ ،و َل ِك َّنك َترى امة ُخ ُص ً
ان ِفي ا ْلع ِ
َ َّ َيا َل ْي َت َذ ِل َك َل ْو َك َ
َ
َب ْع َض َم ْن َي ْن َت ِس ُب إ َلى ا ْل ِع ْل ِم َي ْف َع ُل َذ ِل َك ِفي َبي ِت ِهَ ،ويُ ِعينُ ُهم َع َليه،
ْ ْ ْ
ور َع َلى َم ْن ِع ْن َد ُه ِفي ا ْلبي ِتِ ،م ْن ِ ِ
َو ُي ْع ِج ُب ُه م ْن ُه ْمَ ،و ُي ْدخ ُل الس ُر َ
َْ
الن َف َق ِة َوا ْل ِك ْس َو ِة َع َلى َز ْع ِم ِهَ ،ب ْل َز َاد َكبِيرٍ َو َص ِغيرٍ ،ب َِت ْو ِس َع ِة َّ
اب ِفي َم َو ِاس ِمهِ م، ون َب ْع َض أَ ْه ِل ا ْل ِك َت ِ اد ََب ْع ُض ُه ْم أَ َّن ُه ْم ُي َه ُ
ْ
ون ب َِذ ِل َكاجو َن ُه ِل َم َو ِاس ِمهِ ْمَ ،ف َي ْس َت ِع ُين َ ون إ َل ْيهِ ْم َما َي ْح َت ُ َو ُي ْر ِس ُل َ
اد ِة ُك ْفرِ ِهمَ ،و ُير ِس ُل َب ْع ُض ُهم ا ْل ِخر َفا َنَ ،و َب ْع ُض ُهم ا ْلب ِِطي َخ َع َلى زِ َي َ
ْ ْ ْ ْ ْ
األ ْخ َضرَ ،و َب ْع ُض ُهم ا ْلب َل َح َو َغير َذ ِل َكِ ،م َّما َي ُكو ُن ِفي َو ْق ِتهِ م، ْ َ
ْ َْ ْ َ َ
َو َق ْد َي ْج َم ُع َذ ِل َك أَ ْك َثر ُهم !
ُ ْ
53
الشرِ ِيف»(.)1 لش ْر ِع َّ َو َه َذا ُكل ُه ُم َخ ِال ٌف ِل َّ
ثم قال ابن الحاج بعد ذلكَ « :و ِم ْن ُم ْخ َت َصرِ
وب ِفي الس ُف ِن ا َّل ِتي اس ِم َع ْن الر ُك ِ اضح ِة( :)2س ِئ َل ابن ا ْل َق ِ
ْ ُ ُ
ِ
ا ْل َو َ
ول أل ْعي ِاد ِهمَ ،ف َكرِ ه َذ ِل َك؛ م َخا َف َة ُن ُز ِ
َ َ ارى ِ َ الن َص َ يها َّ ِ
َي ْر َك ُب ف َ
َ ْ
اج َت َم ُعوا َل ُه. ِ ِ ِ ِ
الس ْخط َع َل ْيهِ ْم؛ ل ُك ْفرِ ه ْم ا َّلذي ْ
الن ْصر ِان ِي َّ اس ِم ِل ْل ُم ْس ِل ِم أَ ْن ُي ْه ِد َي إ َلى َق َال و َكرِ ه( )3ابن ا ْل َق ِ
َ َ ْ ُ
َ
يد ِهَ ،و َع ْو ًنا َل ُه َع َلى يم ِع ِ يد ِه م َكا َفأَ ًة َله ،ورآه ِم ْن َتع ِظ ِ
ْ ُ َ َ ُ ُ
ِفي ِع ِ
ِيعوا مص َل َح ِة ُك ْفرِ ِه .أَ َال َترى أَ َّن ُه َال ي ِحل ِل ْلمس ِل ِم َ َ
ين أ ْن َيب ُ ُ ْ َ َ َ ْ
إد ًاماَ ،و َال َ يد ِهمَ ،ال َل ْح ًماَ ،و َال لنصارى َشي ًئا ِمن مص َلح ِة ِع ِ
َ ْ َ ْ َ َ َّ ِل
ْ ْ
َ َّ
ون َع َلى َشي ٍء ِم ْن ِد ِينهِ م؛ ِْلن ون َد َّاب ًةَ ،و َال ُي َعا ُن َ ار َ َث ْو ًباَ ،و َال ُي َع ُ
ْ ْ
ْ ْ َ َ ْ ْ
ِرشك ِِهمَ ،و َع ْو ِنهِ م َع َلى ُك ْفرِ ِهمَ .و َي ْنب ِغي ِ يم ل ِ ذل ِك مِن اتلَّع ِظ
َ ْ ْ
54
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
( )1المدخل البن الحاج :ج ،2 /ص ، 48 ،47 /ونقله بحروفه ابن القيم في
«أحكام أهل الذمة» (ص ،)1249 /وقال في آخره« :هذا لفظه في
«الواضحة»» .ولم يتيسر لي الوقوف على هذا الكالم في القدر المطبوع من
«الواضحة»؛ ألنه ناقص باعتراف محققه.
55
خالف ذلك من نوابت العصر ،وأنها ليست تعظيما للشرك
َ
ط عشواء !
خب َ فقد ركب متن عمياء وخبط
ََ َ ْ
وفي «فتح العلي المالك» للشيخ محمد ُعليش رحمه
ا « :سئل عز الدين بن عبد السالم عن مسلم قال لذمي في
عيده« :عيد مبارك» ،هل يكفر أم ال ؟
فأجاب :إن قاله المسلم لذمي على وجه قصد تعظيم
ِ
وعيدهم فإنه يكفر ،وإن لم يقصد ذلك ،وإنما جرى ِ
دينهم
على لسانه فال يكفر بما قاله من غير قصد ،اهـ ،نقله
ظ من التحريمالحطاب»( .)1وال يخفى ما ُي ْش ِعر به هذا اللف ُ
الفعل ـ متعمدا ال ساهيا ،لكن بال نية َ إذا قاله قاصدا ـ أي
تعظيم عيدهم ،أما بنية تعظيم عيدهم فهذا كفر ،ونفي الكفرِ
ٌ
في مثل هذا السياق ال يعني اإلباحة ،بل تبقى الحرم ُة ،سواء
قصد به التشب َه أم ال .ونظير ذلك قولهم :إن موادة الكافر ال
َ
تكون كفرا إال إذا كانت بوصف الكفر ،أي فتكون حراما إذا
لم تكن بهذه الحيثية.
( )1فتح العلي المالك للشيخ محمد عليش :ج ،2 /ص.311 /
56
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
َ ً ْ َ ْ َ ُ َّ
الشاف ِِيعُّ: اثلا :المذهب
ث ِ
قال اإلمام أبو عبد ا الحليمي الشافعي (ت 413 :هـ)
في «المنهاج في شعب اإليمان»« :وال ينبغي رحمه ا
اره،
للمسلم أن يزور الكافر إذا قدم من سفره إال أن يكون ج َ
وَل أن يهنئه بفصحه حبال ،وَل بانلَّ ُ
ريوز واملهرجان ،وال أن
يتابعهم على تعظيم ما يعظمونه من هذه األوقات»( .)1وقال
أيضا « :وال ينبغي لمسلم أن يقود أباه األعمى إلى الكنيسة أو
البِيعة أو موقد النار»(.)2
ٍ
خالف في رأيته بي َن الحكم بالحرمة دون أن يشير إلى
َ َ َّ
المسألة ،وهو كذلك .واإلمام الحليمي من كبار أئمة الشافعية
المتقدمين ،فبطل قول من تفوه بأن تحريم التهنئة ليس واردا
في كالم متقدمي الشافعية ،بل هو مما ُو ِجد في كتب بعض
المتأخرين فقط ،وكان األولى بمثله أن ال يتكلم في مسائل
الدين والفقه.
57
قال الشيخ اإلمام أحمد بن إبراهيم المعروف بابن
النحاس الحنفي ثم الشافعي (ت 814 :هـ) في كتابه «تنبيه
الغافلين عن أعمال الجاهلين» ما نصه« :واعلم :أن أقبح
البدع وأشنعها( )1موا َف َق ُة المسلمين للنصارى في أعيادهم
بالتشبه بهم في مأكلهم وأفعالهم ،والهدية إليهم ،وقبول ما
َ ُ
هدونه من مأكلهم في أعيادهم .وقد اعىن هذه ابلدعة أهل ُي ُ
بَلد مرص ،وفي ذلك من الوهن في الدين وتكثير سواد
النصارى والتشبه بهم ما ال يخفى؛ وقد قال « :%من َّ
كثر
سواد ٍ
قوم فهو منهم ،ومن تشب َه بقوم فهو منهم».
َّ َ
ُ
وقد تكون المهاداة ِف اْلعياد سببا للتألف بينهم
وبين ما ُيهدون إليه( )2من المسلمين وتربيته للمودة والمحبة،
تعالى: وقد قال ا
( )1وص ُفه له بأنه «أقبح البدع وأشنعها» يدل على أنه حرام ،وليس مجرد مكروه؛
ألن المكروه ال يكون أقبح البدع وأشنعها ،كما ال يخفى ذي بصر.
( )2كذا في الطبعة ،ولعل الصواب« :وبين من ُي ْه ُدون إليهم».
58
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
59
الن َّحاس عن اإلمام ابن الحاج كالمه الذي
ثم نقل ابن َّ
في «المدخل» ،والذي نقلناه قبل هذا ،حتى قال« :وينبغي
للسالطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك ،وهو قول مالك
وغيره ،لم أعلمه ِ
اختلف في ذلك»(.)1
ابن النحاس هنا قد مر على كالم ابن رأيت الشيخ ََ
َّ
ونق ِله لإلجماع ،بل ن َق َله عنه ،ولم ُيعقبه بشيء من
الحاجْ ،
الجهال
لنقل اإلجماع ،ثم يأتي ُ ِ إقرار منه
ٌ اإلنكار ،فهذا
وأنصاف المتعلمين المتع ْل ِمنين من أبناء هذا
ُ المتأسلمون،
الزمان ،يحاولون محاوالت فاشلة للتشكيك في هذا
اإلجماع؛ تزيينا ألهوائهم وترويجا لبدعهم !
ِ
المنكرات بأنها من أقبح البدع ورأيته أيضا َيصف هذه
َ
و أشنعها ،وأنها سبب للتأليف بين قلوب المسلمين والكفار،
وغير ذلك من العلل التي لو انفردت واحدة منها في المحل
لك َف ْت للحكم بالتحريم ،فكيف إذا اجتمعت هي كلها !؟
َ
61
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
61
موافق الكفار في
ُ في «حواشي شرح الروض»ُ « :ي َع َّزر
َّ َ
أعيادهم ..ومن هنأهم بعيد» .
()1
( )1حواشي اإلمام الشهاب الرملي على أسنى المطالب شرح روض الطالب لشيخ
اإلسالم زكريا :ج ،4 /ص.162 /
( )2مغني المحتاج للشربيني :ج ،4 /ص ،194 /وكذلك قال في «اإلقناع» (ج/
،2ص 228 /نسخة المدابغي) أيضا.
62
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
63
بالكفار أم ال ،كما يفعله منحرفو زماننا ! هكذا ينبغي أن يكون
ٍ
خائف في ذلك العالم قائما بأداء أمانة العلم والدين ،غير
َ
لومة الئم ،أو بطشة ظالم !
وقال الغزي أيضا في موضع آخر« :ينبغي للمؤمن أن
ال يحتفل بغير هذه األعياد الثالثة ،وال َي َّت ِخذ غيرها عيدا،
َ
سواء كان ذلك على سبيل االبتداع ،أو على سبيل المشاركة
ألهل الذمة في أعيادهم؛ ألن من تشبه بقوم فهو منهم»(.)1
وفي الحاشية العظيمة لإلمام القليوبي (ت 1169 :هـ) رحمه
الكفار في
َ ا على شرح المحليُ « :ي َع َّزر َمن وافق
أعيادهم»( .)2وقال العالمة الشيخ سليمان الجمل (ت1214 :
ونقل العالمة
َ الكفار في أعيادهم»(.)3
َ وافق
هـ)« :يعزر من َ
الشيخ عبد الحميد الشرواني في «حاشية التحفة» ما قاله
الخطيب في «المغني» الذي نقلناه آنفا ،وكذلك العالم ُة
( )1حسن التنبه لما ورد في التشبه للغزي :ج ،8 /ص.271 /
( )2حاشية القليو بي على شرح الجالل على المنهاج :ج ،4 /ص.215 /
( )3حاشية الجمل على شرح المنهج :ج ،5 /ص.164 /
64
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
( )1انظر حاشية الشرواني على التحفة :ج ،9 /ص ،181 /ترشيح المستفيدين
للسقاف :ص ،388 /إعانة الطالبين :ج ،4 /ص.166 /
( )2تنوير القلوب في معاملة عالم الغيوب :ص.452 /
65
َراب ًعا :ال ْ َم ْذ َه ُب ْ َ
احل ْن َب ِِلُّ: ِ
أما المذهب الحنبلي فال يختلف الحكم فيه عن بقية
ُ
وتصريحاتهم
ُ متوافرة،
ٌ نصوص أئمته
ُ المذاهب المتبوعة ،و
ِ
وشهود متظاهرة ،نصوا فيها على حرمة تهنئتهم باألعياد،
عيدهم ِ
وبيعهم ما فيه إعان ٌة على كفرهم ،والبن تيمية وتلميذه ِ
كالم طويل صريح قاطع في هذا الباب ،في ٌ ابن القيم
كتابيهما« :اقتضاء الصرا المستقيم» لْلول ،و«أحكام أهل َ
قليلة في مواضع من ٍ أشياء غير نقلت منهما الذمة» للثاني،
َ َ ُ
هذا الكتاب ،وفيهما ما لم أنقله مما ال يحصى كثر ًة ،فال أعيد
النقل منهما اآلن.
قال اإلمام ابن مفلح في «الفروع» من كتب الحنابلة
َُ
نقال عن بعض أئمتهمَ « :من َف َعل كالكفار في عيدهم اتفقوا
ُ
واتلعزير َع يشء َع إنكاره ،وأوجبوا عقوب َة من يفعله ،قال:
صريح من هذا اإلمام فيما
ٌ نص وهذا . ()1
دلل َع َتريمه»
66
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
67
تعالى : ألنه إعانة لهم على كفرهم ،وقال
[ المائدة ،]2 /ويحرم (كل ما فيه تخصيص ،كعيدهم
وتمييز لهم ،وهو من التشبه بهم ،والتشبه بهم منهي عنه
إجماعا)؛ للخبر( ،وتجب عقوبة فاعله)»(.)1
ً
فهذه نصوص أكابر علماء المذاهب األربعة ومحققيها،
زماننا؛ كما يحلو ِ
علماء ِ ٍ
جماعة من متشددي وليست خاص ًة ب
للبعض أن ُي َص ِو َر المسأل َة هكذا ،بل ال يقتصر األمر على
اإلجماع
َ المذاهب األربعة ،وقد نقل غير واحد من العلماء
على تحريم تهنئتهم بأعيادهم وتحريم التشبه بهم ،كما رأينا
ذلك في كالم ابن الحاج وابن مفلح وابن القيم والبهوتي
ُ
وغيرهم .ولم يعترض على هذا اإلجماع أحد مطلقا ،ولم
التشكيك في هذا االتفاق إال كل من حاول االنفالت
َ حاول
ْ ُي
من أهل السنة ،وهم يعلمون أنه ال عبرة بكالمهم في محافل
( )1كشاف ِ
القناع للبهوتي :ص.1361 /
68
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
69
َ َ َ ٌّ َّ َ ُك خ ََِلف َج َ
اء ُم ْع َت َ ً َ َ ْ َ ُ ُّ
إَِل خَِلف َُل حظ م َِن انلَّظ ِر َبا وليس
وإذا كان ال يجوز العمل بزالت العلماء فكيف يجوز
اإلفتاء به ،ونشره بين الناس على أنه هو الدين ،وأن غيره غلو
وتطرف وما شابه ذلك من الهذيانات ! وإذا كان ال يجوز
ٌ
ارتكاب هذه العظائم لعوام المسلمين فكيف يتور فيها َمن
ُهم في مقام األسوة والقدوة لهم ـ أو ينبغي أن يكونوا كذلك
على األقل ـ من أهل الشرف والفضل والعلم !
َد ْف ُع ُش ْب َهة َت َت َعلَّ ُق بال ْ َم ْذ َهب ْ َ
احل ْن َب ِِلِّ: ِ ِ
نس ُب فيه صاحبه هذا ،وقد انتشر بين الناس كالم ي ِ
ُ ٌ َ
لإلمام أحمد رواي ًة اختارها ابن تيمية في جواز تهنئة الكفار
الكفرية !
بأعيادهم ُ
وال شك أن هذا غلط ،ومنشأ هذا الغلط هو الفهم
الخاطئ لكالم أئمة المذهب الحنبلي عند ذكر الروايات في
جواز تهنئة الكفار ،وتعزيتهمِ ،
وعيادته ،فقد قال اإلمام
في «اإلنصاف»« :قوله [أي اإلمام المرداوي رحمه ا
الموفق] :وفي تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان ،وأطلقهما
71
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
71
ونحوِ ذلك ،مما ال عالقة له بدينهم ،وليس المقصود التهنئة
بأعيادهم وشعائرهم الدينية الكفرية.
أوال :قال اإلمام مجد الدين
ويدل على ذلك ما يليً :
ابن تيمية (ت 652 :هـ) في «المحرر» « :وفي جواز تهنئتهم،
ويدعى لهم ،إذا أجزناها، وتعزيتهم ،وعيادتهم روايتانُ ،
كثرة الجزية !»(.)1
ُ ويقصد به
بالبقاء وكثرة المال والولدُ ،
وهذا ظاهر في أن المقصود به التهنئ ُة في األمور
الدنيوية ،ويؤكد ذلك قو ُله بعد ذلك« :ويُ ْم َنعون من إظهار
نكرِ ،وضر ِب الناقوس وإظهارِ أعيادهم»(.)2
الم َ
ُ
ْ
ويوضح ذلك أكثر ما قاله ابن القيم في كتابه «أحكام
َ
أهل الذمة»« :فصل في تهنئتهم بزوجة ،أو ولد ،أو قدوم
غائب ،أو عافية ،أو سالمة من مكروه ،ونحو ذلك ،واختلفت
وم َن َعها أخرى،
الرواية في ذلك عن أحمد ،فأباحها مر ًةَ ،
( )1المحرر في الفقه الحنبلي البن تيمية الجد :ج ،2 /ص.185 /
( )2المحرر :ج ،2 /ص.186 /
72
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
73
ونحوه ،فهذا إن َس ِلم قائ ُله من الكفر فهو من المحرمات،
ِثما
إ أعظم ذلك بل ، للصليب بسجوده هنئه ي أن
ْ ِ
بمنزلة وهو
ً ُ
مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس عند ا ،وأشد ً
ْ
وارتكاب الفرج الحرام ونحوِ ه .وكثري ممن َل قد َر لدلين عنده
ُْ َ َ
يقع ِف ذلك ،وَل يدري قبح ما فعل» .
()1
74
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
جاال ٍ
عبارات تؤكد ،بما ال يدع م ً ثال ًثا :أن البن تيمية
للشك فيه ،أن رأيه تحريم المشاركة في أعياد الكفار بأي نوع
ُ
صالح من كلماته
ٍ من أنواع المشاركة ،وقد أَ ْط َل ْع ُتكم على قدرٍ
في مواضع متعددة من هذا الكتاب ،ال يشك الناظر فيه أن
ُ
ابن تيمية قاطع بحرمة مشاركة الكفار في أعيادهم بكل
صورها ،وقائل بحرمة تهنئتهم بها.
انظره مثال وهو يقول في كتابه «اقتضاء الصرا
عت الشبه َة والشهو َة،
فج َم ْ
المستقيم»« :وأما أعياد المشركين َ
وهي باطل؛ إذ ال منفعة فيها في الدين ،وما فيها من اللذة
هودها،
العاجلة فعاقبتها إلى ألم ،فصارت زورا ،وحضورها ُش ُ
قد مدح ترك شهودها( ،)1الذي هو مجرد وإذا كان ا
الحضور برؤية أو سماع فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك،
من العمل الذي هو عمل الزور ،ال مجرد شهوده»(.)2
( )1بقوله[ :الفرقان.]72 /
( )2اقتضاء الصرا المستقيم البن تيمية :ج ،1 /ص.431 /
75
وقال أيضا« :والمحذور في أعياد أهل الكتابين ،التي
ُن ِقر هم عليها أشد من المحذور في أعياد الجاهلية ،التي ال
نقرهم عليها؛ فإن األمة قد حذروا مشابهة اليهود والنصارى،
المحذور ،بخالف دين
َ قوم منهم هذا
وأخبروا أ ْن َس ْيف َعل ٌ
الجاهلية؛ فإنه ال يعود إال في آخر الدهر عند اخترام أنفس
المؤمنين عموما ،ولو لم يكن أشد منه فإنه مثله على ما ال
يخفى؛ إذ الشر الذي له فاعل موجود يخاف على الناس منه
أكثر من شر ال م ِ
قتضي له قوِ ي»(.)1
َ ُ
أيضا في «مجموع الفتاوى»« :ال يحل للمسلمين وقال ً
أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم ،ال من طعام
وال لباس وال اغتسال وال إيقاد نيران ،وَل تبطيل اعدة من
معيشة أو عبادة ،وغير ذلك ،وال يحل فعل وليمة وال اإلهداء
وال البيع بما يستعان به على ذلك ألجل ذلك ،وال تمكين
الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في األعياد ،وال إظهار
زينة .وبالجملة ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من
( )1اقتضاء الصرا المستقيم :ج ،1 /ص ،436 /وانظر منه أيضا.444 :
76
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
77
مرامه ،ولم يقفوا
الهيتمي رحمه ا ،والحق أنهم لم ُيدركوا َ
على مراده ،بل أنى لهم أن يجدوا في كالم هذا اإلمام الذي
كان حربا على أعداء أهل السنة كاف ًة !
نسب إلى الشيخ ابن حجر رحمه ا كيف يصح أن ُي َ
القول الباطل ،وهو الذي ذكر في فتاواه ـ نقال عن ُ هذا
َ
السابقين ـ أن هذا الذي يفعله الناس في زمانه ،وأشار إلى أن
اعتناء بذلك ـ وفي زماننا نحن لم الم ْصريين هم أكثر الناس ِ
ً
ذكره من أقبح البدع ! سوء ! ـ
األمر إال ً يزد ْد
ََ ُ َ
زعم باطل ال يصح فيما يتعلق بما هو والحق أن هذا
ْ ٌ
وشركهم ،فال يحتاج إلى قصد التشبه فيه ،كما ِ خاص بالكفار
بينته بالتفصيل في الفصل الذي مضى .ولم يقل أحد من ُ
اإلجماع على
َ هؤالء األئمة الذين حرموا هذه التنهئة ونقلوا
َّ
وجود القصد :قصد التشبه ،وإال لم يكن ِ ذلك بأنه بِشر ِ
حراما ،بل صرحوا بعكس ذلك؛ قال اإلمام السيوطي (ت:
911هـ) رحمه ا « :والتشبه بالكافرين حرام ،وإن لم يقصد
78
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
79
لس َال ِط ِ
ين أَ ْن َي ْن َه ْوا ِرشك ِِه ْم ،وعو ِنهِ م ع َلى ُك ْفرِ ِهم .وي ْنب ِغي ِ
ل ل ِ ْ
َّ ْ ََ َ َ َْ ْ َ
ِ َْ َ ْ َْ َ َ ً
ين َع ْن َذ ِل َكَ ،و ُه َو َق ْو ُل َم ِال ٍك َو َغيرِ ه ،لم أعلم أحدا ِِ
ا ْل ُم ْسلم َ
ْ
َ َ َََْ
اختلف ِِف ذل ِك اهـ»(.)1
كالم العالمة السيد عبد ا األهدل ِ أش َّد صراح َة وما َ
الشافعي (ت 1271 :هـ) رحمه ا في «السيف البتار»؛ حيث
فالحديث ـ َي ْقصد «من تشبه بقوم إلخ» ـ زاجر عن التشبه
ُ قال« :
ٌ
نصب البيارق وغيره ،من وجوه التشبه ،كهيئة ِ بالكفار ،من
اللباس وامليش واحلراكت والسكنات( ،)2فقد خالف النبي %
هود ،وأمر بمخالفتهم في جميع ما يفعلونه ،وكذلك
الي َ
المجوس والنصارى في شعارهم ولباسهم وأعيادهم
( )1المدخل البن الحاج :ج ،2 /ص ، 48 ،47 /ونقله بحروفه ابن القيم في
«أحكام أهل الذمة» (ص ،)1249 /وقال في آخره« :هذا لفظه في
«الواضحة»» .ولم يتيسر لي الوقوف على هذا الكالم في القدر المطبوع من
«الواضحة»؛ ألنه ناقص باعتراف محققه.
در السيد الحبيب ،وقد صرح بأشياء يزعم المنحرفون في زماننا بأنه ليس ()2
لإلسالم فيها ما يخصه ،من المالبس وغيرها ،وهذا الكالم يكشف عن جهلهم
وينبِئ عن ضاللهم في الفهم.
بالدينُ ،
81
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
( )1السيف البتار للسيد عبد ا األهدل :ص ،96 /أما كالم الشيخ ابن تيمية فقد
نقلناه غير مرة في كتابنا عن كتابه «اقتضاء الصرا المستقيم» ،وهو كالم
مشهور له ،نقله عنه غير واحد من األئمة.
81
القصد ،بل هو بمجرده حرام ،شأنه شأ ُن سائرِ الدالالت
الصريحة التي ال تحتاج إلى النية أو القصد ،إنما الذي يحتاج
إلى ذلك هو الكناية التي تحتمل معنيين .فلذلك لم يقل أحد
منهم باشترا القصد.
و در اإلمامين السيوطي والسيد األهدل وعبارة كل
منهما صريحة جدا في المقصود ،والسيد األهدل من السادة
المتأخرين ،فلم َت ْن َط ِل عليه شبه ُة القصد !
األديان ،وأن
َ وإذا كانت األعياد من أخص ما ُي َميز
التهنئة بها من أظهر شعائرها فكيف ُت َّت َخذ ذلك عرفا من
األعراف ،كما يزعم البعض !؟ وكو ُن كثير من الجهلة في هذا
ٍ
مختص بالكفرِ ، الزمان يشارك الكفر َة في ذلك هل يجعله غير
َ
وقد حدث ذلك في زمان أئمتنا المتقدمين؛ كما اتضح ذلك
من خالل نقوالتهم الكثيرة ،ورأينا ماذا كان موقفهم تجاه
ذلك ،ولم يجعل أحد منهم ذلك من األعراف التي تنصرف
إلى الكفر أو الحرمة بالقصد والنية ،بل كلهم قالوا بالكفر إذا
كان التشبه بحيث وصف الكفر ،أو بالحرمة إذا لم يكن بهذه
82
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
الحيثية ،ولم نر أحدا قال :إن هذه األشياء اآلن صارت من
َ
العادات ،فال تعتبر شعائر الكفر ،كال !!
َ
َ َ َّ
وأما ما تمسكوا به من َكم للشيخ اإلمام ابن حجر
الهيتمي رحمه ا في «الفتاوى الفقهية الكبرى» في اشترا
وجود القصد ِل َت ُكون التهنئ ُة حراما ـ كما زعموا ـ وإال فال تكون
حراما ،فالحقيقة أن الشيخ ابن حجر رحمه ا لم يكن يتكلم
عن التهنئة المحر َمة حين أشار إلى شر القصد في كالمه،
َّ
كالمه باشترا القصد كان في غير التهنئة من األمور التي
ُ بل
ال َتحرم إال بقصد التشبه ،والتي ال تدل على شعار الكفر نصا
ُ
صريحا أو ظاهرا ،كما سنرى ذلك اآلن.
وفي «فتاوى الفقهية الكبرى» له(« :وسئل) رحمه ا
بالق ِس ِي الصغارِ التي ال
تعالى ورضي عنه :هل ي ِحل اللعب ِ
ُ َ
وأكل الموزِ
ُ تنفع وال تقتل صيدا ،بل أُ ِع َّدت للعب الكفارة(،)1
الثياب الملونة
َ الكثير المطبو ِخ بالسكر وإلباس الصبيان
بالصفر ،تبعا العتناء الكفرة بهذه في بعض أعيادهم ،وإعطاء
83
األثواب والمصروف لهم فيه إذا كان بينه وبينهم تعل ٌق ،من
كون أحدهما أجيرا لآلخر ،من قبيل تعظيم النيروز ونحوه؛
يعهم ورفيعهم ،حتى ِ
صغيرهم وكبيرهم ،وض ََ
فإن الكفر َة:
لوكهم يعتنون بهذه القسي الصغار واللعب بها ،وبأكل الموز
ُم َ
اعتناء كثيرا ،وكذا بإلباس الصبيان
ً الكثير المطبوخ بالسكر
الثياب المصفر ،وإعطاء األثواب والمصروف ِلمن يتعلق
صنم وال غيره ،وذلكٍ عبادة
ُ بهم ،وليس لهم في ذلك اليوم
إذا كان القمر في َس ْع ِد الذابح في ُبرج األسد.
ْ
وجماع ٌة من المسلمين إذا رأوا أفعا َلهم يفعلون مث َلهم،
عملهم ،من غير اعتقادفهل يك ُفر أو يأثم المسلم إذا عمل مثل ِ
ُ
تعظيم عيدهم ،وال اقتداء بهم ،أو ال ؟
تبارك وتعالى بعلومه المسلمين ـ فأجاب ـ نفع ا
أصحابنا بأنه ح صر فقد ذلك؛ من ٍ
شيء كفر ِبف ْع ِل بقوله :ال
ُ َّ َْ
وسطه ،أو وضع على رأسه قلنسو َة ِ لو َش َّد الزنار على
المجوس لم يكفر بمجرد ذلك ،اهـ.
ْ
84
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
وصف الكفر كان كفرا ،أما قصد التشبهُ ( )1أي وإن قصد التشبه بهم من حيث
بدون اعتبار وصف الكفر فهو حرام ال كفر .وما بين [ ] أثبته من عندي؛ ألن
ٌ
المعنى ال يصح بدونه ،ولعله سقط من الناسخ أو الطابع.
التفات إلى عيدهم ،كأن يكون من عادته أن يأكل طعاماٍ ( )2بأن لم يكن له أي
عيدهم ،فال بأس أن يأكل هذاوم َعينا في يوم األحد مثال ،فوافق هذا الي ُ م
ُ َّ
الطعام الخاص في هذا اليوم ،وال يضره كون ذلك يوم ِ
عيد الكفار؛ ألنه لم َ
يقصد موافقتهم أصال ورأسا ،ولم يخطر ذلك بباله.
85
المصريون ،وقد قال « :%من تشبه ٍ
بقوم فهو اعتناء بذلك ِ
َّ ْ َ ً
نصرانيا يبيع ٍ ِ
ًّ منهم» .بل قال ابن الحاج« :ال يحل لمسلم أن َ
أدما ،وال ثوبا ،وال شيئا من مصلحة ِ
لحما ،وال ً ً ال ه، عيد ً
معاون ٌة لهم على كفرهم ،وعلى َ شيئا ولو داب ًة؛ إذ هو
ون ًعار َ ُي ُ
منع المسلمين من ذلك»(.)1 ِ
ُوالة األمر ُ
تمس َك هؤالء المنحرفون أيضا بفتوى للشيخوقد َّ
كتاب
ُ يحيى رحمه ا ،وهو أحد الخمسة الذين َضم ِ
فتاو َيهم
َّ
«بغية المسترشدين» المشهور للسيد عبد الرحمن الباعلوي،
التزيِي بزِ ِي الكفار أنه
ونصها« :حاصل ما ذكره العلماء في َ
إما أن يتزيا بزيِهم ميال إلى دينهم ،وقاصدا التشب َه بهم في
شعائر الكفرِ ،أو يمشي معهم إلى متعبداتهم فيكفر بذلك
َّ
فيهما ،وإما أن ال يقصد كذلك ،بل يقصد التشب َه بهم في
ٍ
جائزة معهم فيأثم ،وإما ٍ
معاملة شعائر العيد أو التوصل إلى
أن يتفق له من غير قصد فيكره ،كشد الرداء في الصالة»(.)2
86
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
87
ور َد ِذكرها في فتاواه ،ال في
هذا لمسألة التهنئة أصال ،وال َ
ُ
صورة السؤال وال في صيغة الجواب ،فمن أين يدل على ِ
مدعاهم ،والتهنئة بالعيد أمر خاص بشعار الدين !؟
أشياء
ُ اإلمام الشيخ رحمه ا هي
ُ إنما التي َت َعر َض لها
َّ
داللتها على الكفر صريح ًة أو
ُ ليست مختص ًة بالكفار ،وال ْ
ثياب ُمعي ٍنة وغير ذلك مما
ٍ راجح ًة ،مثل أكل الموز ولبس
َّ
عالقتها بالكفر والكفار؛
ُ يفعله المسلم وغير المسلم ،فما
حتى يكون التشبه في ذلك حراما بال قصد ،فضال عن أن
يكون كفرا !؟
أصحابنا بأنه لو َش َّد الزنار على
ُ وقوله رحمه ا « :صرح
َّ
وسطه ،أو وضع على رأسه قلنسو َة المجوس لم يكفر بمجرد ِ
ْ
ذلك» هو كما قال ،ال يكون في شيء من ذلك كفر أو ِحرم ٌة
ٌ
إال بالقصد؛ ألن هذه األمور ال تدل صريحا أو نصا على
الكفر ،على ما يرى الشافعي ُة ـ وإن كان هناك من يراه كفرا أو
حراما من غير الشافعية ،ولو بال قصد( )1ـ أما إذا َت َز َّيى بِزِ يِهم،
( )1انظر مثال الشرح الكبير لإلمام الدردير :ج ،4 /ص.311 /
88
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
مشى معهم إلى كنائسهم فعند ذلك ارتكب حراما عند ثم َ
التشبه ،بل هو كفر قصد أو الشافعية ِ
أنفسهم ،ولو لم يقصد
ٌ َ
لم يقصد ،صرح به الشيخ ابن حجر نفسه( .)1وذلك ألن هذه
األفعال خاص ًة بالكفر؛ كما
َ علت هذهالهيئة االجتماعية َج ْ
ع َّل ُلوه ،فما هو خاص بالكفر ال يحتاج إلى قصد التشبه فيه،
اإلتيان به عامدا ِ
عال ًما كفر ،والعياذ با ! ِ بل ُمجر ُد
ٌ َّ
ومن هنا قال الشيخ زين الدين المليباري الشافعي (ت:
1128هـ) رحمه ا في «فتح المعين» حين َت َعر َض ألفعال
َّ
وكمشي إلى الكنائس ِبزِ ِيهم ِمن ُز َّنارٍ
ٍ الر َّدة« :
الكفر وأسباب ِ
وغيرِ ه»(.)2
الزي خاصا بالكفار فمذهب الشافعية أنه ال
أما إذا كان ِ
يشتر القصد ليكون التشبه فيه حراما؛ ففي «فتاوى الرملي»:
( )1انظر اإلعالم للشيخ ابن حجر :ص ،247 /واإللمام للرشيدي :ص.184 /
وكمش ٍي إلى
ْ ( )2قال في «إعانة الطالبين» (ج ،4 /ص« :)137 /وأَ ْف َهم قولُه «
َ
كأن َم َشى إلى الكنائس ال بزيهم ،بل الكنائس بزيهم» أنه لو ُف ِقد ُ
أحدهماْ ،
بِزِ ي المسلمين ،أو َتز َّيا بزيِهم من غير مشي إليها ال يكفر ،وهو كذلك».
ومثله في «الترشيح» :ص.377 /
89
ِّ ُ
الت َزيِي ب ِ ِزي الكفار ،هل هو رِ َّد ٌة ،أو ال ،فيحرم ِ
«سئل عن َّ
العامد ِ
العالم ُ بردة ،بل يأثمفقط؟ فأجاب بأن الراجح أنه ليس ٍ
ُ
العامد العالم» ،ولم يقل« :القاصد
ُ ِ
بتحريمه»( .)1رأيته قال« :
للتشبه»؛ ألن السؤال عن «زي الكفار» ،فهو ال يحتاج إلى
قصد التشبه ليكون حراما.
يسمى زي الكفار، ي الز
ِ هذا هل هو دار الم أن م فع ِ
ل
َّ َ ُ
ِ
متعم ٌد عالم بالتحريم، فيكون حراما بمجرد التشبه فيه ،وهو
ٌ
زي الكفار ـ
يس َّم َّ قصد بذلك التشبه أم لم يقصد .أما إذا لم َ
بل الكفار يلبسونه كثيرا فقط ـ فال يحرم إال بقصد التشبه بهم
فيه .وقد سبق كالم متعلق بهذا في الفصل السابق في الكالم
على حناء الرجل وبعده ،فليرجع إليه.
بل الشيخ ابن حجر هو الذي رد على القائلين باشترا
قصد التشبه في مسألة خضاب الر ُجل يده أو رِ جله بالحناء
َّ
حرام ،قصد التشبه أم ال؛
ٌ بأنه ال حاجة إلى ذلك ،بل ذلك
كالمه وكالم العالمة
ألن الحناء مما يختص بالنساء ،وقد نقلنا َ
( )1فتاوى الرملي :ج ،4 /ص.31 /
91
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
( )1انظر نهاية المطلب إلمام الحرمين :ج ،18 /ص .293 /أي كفر عندنا وعند
َ
أحكام الكفار في الدنيا ،ويكون
ُ ا ،كفرا شرعيا وحقيقياَ ،يعني أنه ُيجرى عليه
مخلدا في النار في اآلخرة.
( )2أي الشيخ ابن حجر الهيتمي في «اإلعالم بقواطع اإلسالم» ،انظر اإلعالم:
ص . ( 348 /مصطفى البابي الحلبي).
( )3يعني أن الكفر في الباطن هو الذي َن َظر فيه الشيخ ابن حجر في «اإلعالم»،
َ
أما الكفر الشرعي فواقع ،يعني هو كافر عندنا بال خالف .ولكن النظر المذكور
مندفع ،كما سترى بعد هذا.
ٌ
الشيخ ابن حجر ،انظر التحفة له :ج ،9 /ص ،85 /وجرى الشمس
َ ( )4يعني
الرملي أيضا على ذلك في نهاية المحتاج :ج ،7 /ص.414 /
( )5مثل أن يقول« :ا ثالث ثالثة» ،انظر حاشية الشبراملسي :ج ،7 /ص. 414 /
( )6اإللمام بمسائل اإلعالم للرشيدي :ص.211 /
92
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
93
فإذا كان الحكم بالتكفير ال ُي َلت َفت فيه إلى القصد والنية
إذا كان الفعل أو القول صريحا أو ظاهرا في الكفرَ ،ف ِمن ب ِ
اب
ً
أو َلى الحكم بالتأثيم؛ ألن األول أخطر ،واالحتيا فيه ينبغي
ُ
ِ
لمرتد، أشد وأكثر ،ولذا وجبت عند كثيرين استتاب ُة ا أن يكون َّ
ط ِل ُع.
نظائر في أبواب الفقه ،يعرفها الم َّ دون تارك الصالة ،وله
ُ
ِ
الح َسن المغرب المحق ِق الشيخ أبي عليَ ، ِ ول َعالمة
اليوسي (ت 1112 :هـ) رحمه ا رسالة نفيسة فيما يتعلق
ُ
جم َع فيها خالص َة التحقيق بأسلوب دقيق ،وفيما بهذا البحثَ ،
كالمه في تلك الرسالة؛ تتميما للفائدة:ِ نص َ
يلي أن ُقل َّ
بعض األصحاب أيضا عن قول العلماء: ُ «وسأله
(المراد ال َيدفع اإلير َاد) ،وذلك أن من الناس من يعبر بالكالم
ُ
ِ
الموه ِم واللفظ القاصرِ ،فإذا اعترِ ض عليه قال :مرادي كذا،
الصحيح الظاهر في معناه الواقع
َ اللفظ
َ ومن الناس من ُيجري
َ
وخ َضم ِ
جهله ،ويفسر بغير معناه موقعه ،فيعترضه بسوء فهمه ِ
أو يخرجه من وجهه ،فإذا قيل له :المراد هو كذا ال ما تظن
94
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
( )1يبدو أن الكالم إلى هنا للناسخ ،وليس لليوسي ،كما أشار إليه محقق الرسالة.
95
مهجورة ،وكذا أكل داره ورباعه ،إذا أكل أثمانها ،كما قال
ٌ
الراجز:
َ ْ ُ ْ َ ُ َّ َ ْ َ ُ َ ً َّ َ َ َ ْ َ َ ً َ ً
يأكلن ُك للة أكافا إِن نلا أْحرة عِجافا
فهذا القسم كله ،أعني ما يكون اللفظ فيه نصا في
تصور اعتراض على من أطلقه على معناه الذي
مدلوله ال ُي َّ
هو نص فيه أصال ،فلو جاء جاهل باأللفاظ ومدلوالتها،
فتوهم أن اللفظ موضوع لغير ذلكَّ ووجد اللفظ في معناه،
المعنى ،فاعترض على المعبِر كان اعتراضه ساقطا .فإذا قيل
له :المراد هو كذا ،وهو معناه الصحيح فليس لهذا المعترِ ض
المراد ال َيدفع اإليراد؛ ألن هذا المراد هو الصحيح،
ُ أن يقول:
جهل ،وعدم العلم بالمراد ،وحق هذا
ٍ واإليراد باطل نشأ من
المقام أن يقال فيه :اإليراد ال يصح ما لم ُيفهم المراد ،ولو
إيراد .وبالجملة فالمعترض في هذا
َ أن ال
تبي َن ْ فهم المراد
َّ
المقام جاهل ،حقه السؤال ال االعتراض.
وأما القسم الثاني ،وهو أن يكون اللفظ ظاهرا في
واضح ال
ٌ محت ِمال لغيره احتماال ضعيفا ،فهو أيضا
َ المراد،
96
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
97
وأما القسم الرابع ،وهو أن يكون اللفظ ظاهرا في غير
المراد ،كإطالق اللفظ على معناه المجازي مثال ،فهو أيضا
المحت َم ُل ِ
المتكلم قرين ًة تدل على أن المراد هو ذاك إن نصب
َ
الضعيف ،أو كان المقام يقتضي إيهاما وتعمي ًة ،كما يقع في
ُ
التورية واإللغازات فال اعتراض أيضا؛ لوضوح المراد
بواسطة القرينة في األول ،ووضوح صحة المقصد في الثاني،
فمن اعترض في شيء من هذا كله فاعتراضه ساقط .وإن لم
نصب المتكلم َقرين ًة تدل على المراد ،وال ُق ِصدت التعمي ُة
ي ِ
َ
ُ
فاالعتراض وارد عليه ،وال تنفعه النية ،وال يندفع عنه اإليراد
بقوله :المراد كذا؛ ألن االعتراض إنما هو على اللفظ ،وهو
ال يدل على ما أراد ،وال يوفي له بما قصد؛ لظهوره في غيره.
ومثال ذلك أن يقول القائل :خرجت من بلد كذا،
فلقيت في الطريق أسدا ،يعني رجال شجاعا ،فإذا قيل له :إنك
لم َت ْل َق أسدا أصال ،إنما لقيت فالنا من بني فالن ،فقال:
مرادي باألسد الرجل الشجاع ،ال األسد الحقيقي فال بد أن
يقال له :المراد ال يدفع اإليراد ،أي نيتك وقولك :المراد كذا
98
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
ال يدفع عنه ما ورد على لفظك؛ ألن لفظك يفهم منه المعنى
الباطل الذي ليس بمراد ،وهو األسد الحقيقي ،وليس لك أن
تصحح كالمك بنيتك؛ لعدم ظهورها.
وأما القسم الخامس ،وهو أن يكون اللفظ نصا في غير
المراد ،غير محتمل للمراد أصال؛ للتباين بين موضوعه وما
أريد به ،مع عدم ُم َص ِح ٍح لإلطالق ُي َت َج َّوز ،ال مرسال وال
واقع على ُم ْط ِل ِقه؛ ألنه إطالق
ٌ اعتراض
ٌ استعار ًة فهذا أيضا
لقيت فرسا ،تريد عبدا من غير قصد تشبيه، ُ فاسد ،كقولك:
فهذا ال يقع إال غلطا أو جهال ،بأن يظن أن اللفظ موضوع
لذلك ،أو قصد التعمية ،وليست بمقبولة ههنا؛ إذ ال ُم َس ِوغ
فيها ،إال أن يكون كذبا محتاجا إليه في محله»(.)1
مسك
وغريب جدا بال نهاية ،أن ُي َت َّ
ٌ فعجيب إلى الغاية،
ٌ
بمثل الشيخ اإلمام ابن حجر الهيتمي ،الذي إليه أهل السنة
ينتمي ،في ترويج مثل هذه المنكرات والقبائح ،وهو الذي
بعض أئمتنا
َ رأيت
ُ قال بعد تلك العبارات مباشرة« :ثم
َّ
( )1رسائل العالمة اليوسي :ج ،2 /ص.591 /
99
َ
ذكرته ،فقال :ومن أقب ِح ابلدع ُ المتأخرين َذ َكر ما يوافق ما
ُّ ُ ََ ُ
موافقة املسلمني انلصارى ِف أعيادهم بالتشبه بأكلهم،
ً
اعتناء بذلك وقبول هديتِهم فيه ،وأكرث انلاس واهلدي ِة هلم،
ِ
بقوم فهو منهم» .بل قال ال ِمرصيُّون ،وقد قال « :%من تشبه ٍ
َ ْ َّ
شيئا من مصلحة نصرانيا ً يبيع ٍ ِ
ًّ ابن الحاج« :ال يحل لمسلم أن َ
شيئا ولو داب ًة؛
ون ً عار َ ِ
أدما ،وال ثوبا ،وال يُ ُ
لحما ،وال ًعيده ،ال ً
منع ِ
معاون ٌة لهم على كفرهم ،وعلى ُوالة األمر ُ َ إذ هو
المسلمين من ذلك»(.)1
قراءة خاطفة لهذا الكالم ُي ِفيدنا أن الشيخ ابن ٍ مجرد
ُ
حجر رحمه ا لم َيختلف عن بقية الفقهاء في مسألة التهنئة
وو َص َفها بأنها «من
النكير عليهاَ ، قط ،بل قد رأيناه كيف َش َّدد
َ
اعتناء بها هم المصريون،
ً أقبح الب َِدع» ،وصرح بأن أكثر الناس
اليوم وغير
َ وهل ما يفعله المصريون ـ أقصد المنحرفين منهم ـ
ُ
المصريين ليس إال ذاك الذي كانوا يفعلونه في زمان الشيخ
111
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
111
والحيات في جيوبهم يقطعونها ويأكلونها إذا اجتمعوا،
ويزعمون أن ذلك كرام ٌة لشيخهم الفاسق»(.)1
أرباب هذه الحماقاتَ رأيتهم جميعا كيف َو َّبخوا َ
وش َّنعوا عليهم ،ولم يكشفوا عن وجود قصد التشبه أو عدمه َ
صفإنسان م ْن ٍ
ٍ والتوبيخ إطالقا ! وأي الذم
ُ َ فيهم ،بل أطلقوا َّ
قلت بأدنىأدرك صح َة ما ُ
َ المكابر َةوتر َك ُ تخ َّلى عن التكبر
َ
والجهل والهوى والحماقة ،إذا
ُ التعصب
ُ نظر وتأمل ،ولكنه
سيطر على نفس إنسان فلن ينجح معه الكالم والبرهان:
َّ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ َ ُ ِّ َ َ ُ ْ َ َ ُّ
اويها
إَِل احلماقة أعيت من يد ِ ل ُِك داء د َواء يستطب ب ِ ِه
َ َّ ُّ َ َ ْ َ ُّ ْ َ ُ َّ َ ُ َ َ ُّ ُ ْ ُ ْ َ َ ُّ َّ َ
ان ،والرد عليها: ري الزم ِ
اثلة :تغري احلك ِم ِتلغ ِالشبهة اثل ِ
ِمن الشب ِه الشيطانية التي كثر استناد أهل الضالل إليها
َ
التام ِمن وجود ٍ
سند يؤيِد ِ في نشر بدعتهم ـ بعد ي ْأ ِسهم
ضال َلهم في كتب أئمتنا الفقهية والكالمية ـ أن الزمان قد تغير،
َّ َ
فال بد من تغيير الحكم الشرعي طبقا لذلك ،ولو سلمنا أن
112
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
113
ومع ذلك أجمعت األمة في تلك األزمة على ترك التساهل
في تلك األحكام.
الوازع الديني عندُ أما في زماننا نحن فقد ضعف
الحي ُلنت ِ
وت َم َّك ْ
وغلبت األهواء والشهواتَ ، ْ المسلمين،
َ
والشبهات ،وال يكاد يفرق كثير منهم بين ما هو إيمان ِصر ٌف ُ
ْ ٌ
نن ،وهذا ال ينكره دع بالس ِ
محض ،وا ْل َت َب َس ْت ال ِب ُ
ٌ وما هو كفر
ٌ
األشد؛ ِحفاظا
ِ عاقل .فعلى هذا ينبغي أن يتغير الحكم إلى
ُ
الع َج َز ِة ،فما كان مندوبا في زمان ِ
الض َع َفة وإيمان َ
على دين َّ ِ
السلف يقتضي أن يكون واجبا اآلن ،ومان كان مكروها ينبغي
أن يكون حراما ،والحرام ينقلب كفرا !
تخ ُطر حتى ِب ِ
بال نعم ،هذه الشبهة الشيطانية لم تكن ْ
تغيرت كثيرا عن زمان الهدى في األزمنة المتأخرة ،التي ِ
ْ أئمة ُ
السلف ،بل نجدهم َثب ُتوا و َثب ُتوا على نهج السف تماما في
َّ َ
هذه المسائل ونحوها ،وها هو العالمة السيد عبد الرحمن بن
سليمان مقبول األهدل رحمه ا يقول في فتاواه ما لفظه:
114
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
115
الكفرة والجهل ُة من الملحدين ،وألقوا ذلك
ُ وإنما ألقى ذلك
إلى شياطينهم ليردوهم ،ويزعمون أنهم يريدون بذلك صالح
األمور ،ودفع الفتن والشرور ،فيخرجونهم بذلك عن دينهم،
كما أخرج الشيطان أهل الشرك بعبادة األوثان ،بتخيل صور
أنبيائهم إلخ» .نقله العالمة الحبيب عبد ا األهدل – وهو
اآلخر من المتأخرين -في «السيف البتار» ثم قال« :فإذا كان
ُ
ذلك في األعراف التي ابتدعها أهل اإلسالم فما بالك بأحكام
الكافرين الطغاة !؟»(.)1
اج ِ ِ
الحكم لتغيرِ الزمان» أيضا أدر َ فذهبت شبه ُة «تغير
ْ
الرياح ،و ُق ِطع دابرها !
ُ
فتون بما ُيفتون
ثم إن «شـــــيوخ التجديد واإلصـــــالح» ُي ُ
ممــا يخــالف معتمـ ِ
ـدات المــذاهــب األربعــة نظرا إلى ظروف ُ
الزمان؛ ألن الناس يعيشــــــــون في ظروف غير التي عاشـــــــها
( )1السيف البتار على من يوالي الكفار للحبيب عبد ا بن عبد الباري األهدل:
ص ، 36 /وانظر لهذه الفتوى مجموع الحبيب العالمة الشيخ عبد ا بن
حسين بن طاهر األهدل :ص.236 ،235 /
116
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
رة،
الال إذا اقتضت الضرو ُ
الحرام َح ً
ُ األولون ،فبالتالي ينقلب
كمـا َيزعمون .وكثيرا مـا يعبرون عن هـذه الفتـاوي الشـــــــــاذة
المبتدع بـ«فقه األقليات» أو «فقه الواقع» ! َ والمنهج
ِ
المحض؛ لوجوه ،أوال: ناشئ عن الجهل وهذا الكالم
ٌ
إن القــــاعــــدة الشـــــــرعيــــة القــــائلــــة «إن الضـــــــرورات تبيح
المحظورات» ليســت كلية أو مطلقة؛ ألن الضــرورة إن كانت
ناشــــئة عن طريق الحرام ال تكون ســــببا إلباحة الحرام ،وإال
فإن الضـــرورة التي نشـــأت عن ســـوء اختيار الفرد ،أو طرئَ ْت
َ
سائل غير مشروعة لن تكون حج ًة وال سببا إلباحة التخاذ و َ
المحظورات ،وال مدارا أو مناطا ألحكام الر َخص؛ ألن هذه
فهم في ضــــــــوء القــاعــدة القــائلــة بــأن:
القــاعــدة ينبغي أن ُت َ
«الرخص ال تنا بالمعاصي».
دم ِن خمرٍ أن يقول :إنهـا ضــــــــرورة لي ،فهي فليس لمـ ِ
ُ
رت ِكب ـه بعــد اإلســـــــكــار ِمنإذن حالل بــالنســــــــبــة لي ،ومــا أَ
َ ُ
لست مسؤوال عنه للضرورة ! ُ المنكرات والفواحش َ
117
وال شك أن هناك كثيرا من األمور في الوقت الحاضر،
وب َات ْت ضـــــروري ًة بالنســـــبة لهم ،حتى أخذت ابت ِ
الناس َ
ُ بها ي ل
ُ َ
شــــكل «البلوى العامة» ،وهي ناجمة من ســــوء اختيار الفرد،
ٍ
ـــــــروعة أصــــــــال ،ومن معامالت محرمة ٍ
رغبات غيرِ مشـ ومن ِ
شـــــرعا ،فهي إذن لن تكون حجة ألحكام الرخص ،وال تباح
ألجلها المحظورات .وحيث إن «شـــــــيوخ» هذا الزمان قد
جعلوا تلك الضــرورات مدارات لْلحكام الشــرعية أصــبحت
اجتهاداتهم باطلة تابعة للهوى ،وهي مردودة غير مقبولة.
بل يجب على عالم الدين أن يســــير على ما ســــار عليه
عنان التســــــــاهل
َ ـــــــلف في اإلفتاء والقضــــــــاء ،وال ُيرخي
السـ ُ
والترخ ِص لقوم يبحثون عن المخــــارج للخروج من ربقــــة
التكليف جمل ًة.
ََْْ ُ َ ْ َ ً ََ
َع َم ْن يَ ْر َحمُ ََ َ ََْ ُ ََْ َ ُ َ ًِ
ولقس أحيانا اْحاجروا ولم يك ر
فقَس ل ِّيد ِ
وفي «الفتـــاوى الفقهيـــة الكبرى» لخـــاتمـــة المحققين
اض ِم ْن ُق َضـــ ِاة الشـــيخ أحمد بن حجر الهيتمي« :ســـ ِئ َل عن َق ٍ
َ ْ ُ
اسَ ،و َال َي ْح ُكم َّإال ِبـــا ْل َق ْو ِل النـــ ِ
ينُ ،ي َشــــــــــ ِد ُد َع َلى َّ ِِ
ُ ا ْل ُم ْســــــــلم َ
118
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
يحَ ،و َال ُي َز ِو ُج َم ْن ا ْن َق َط َع َحي ُضـــــــ ُه َّن إ َلى ُب ُلو ِغ ِســـــــ ِن الصـــــــ ِح ِ
َّ
ْ
التي ِســــيرِ َ ،و َق ْد
الت ْخفيف َو َّْ
ِ ِ
ِالناس َم ْســــ َل َك َّ
ا ْلي ْأ ِس ،و َال يســــ ُل ُك ب َّ ِ
َ َْ َ
َق َال « :%ال َّل ُهم َم ْن َو ِلي ِم ْن أَ ْمرِ أُ َّم ِتي َشـــــــي ًئا َف َشـــــــ َّق َع َليهِ م
ْ ْ ْ َ َّ
اشـــــ ُق ْق َع َلي ِهَ ،و َم ْن َو ِلي ِم ْن أَ ْمرِ أُ َّم ِتي َشـــــي ًئا َفر َف َق بِهِ م َف ْار ُف ْق َف ْ
ْ ْ َ َ ْ
ب ِِه»َ ،ر َو ُاه ُم ْس ِلمَ .و َق َال أَ ْي ًضاَ « :ي ِسروا َو َال ُت َع ِسروا» ؟
ُ ُ ٌ
اضي َفأَجاب ر ِحمه ا َّ َتعا َلى ِب َقو ِل ِه :ما ُذ ِكر عن ه َذا ا ْل َق ِ
َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ُ َ
او ِيهَ ،ف َج َز ُاه ا َّ ُ َت َعا َلى َع ْن اســـــ ِن ِهَ ،ال ِم ْن َمســـــ ِ
َ
َّإنما يعد ِمن مح ِ
َ َُ ْ َ َ
الن ِظيرِ ْاآل َنَ ،و َكي َف َوأَ ْك َثر ُق َضـ ِاة يم َّ ِد ِين ِه وأَمان ِت ِه خيرا؛ فإِنه ع ِد
ُ ْ َ َ َ َ ْ ً َ َّ ُ َ ُ
َ
ون
اروا َخ َو َن ًة َم َك َسةَ ً،ال ُي َح ِر ُم َ َه َذا ا ْل َع ْصرِ َو َما َق ْب َل ُه ِبأ ْع َصارٍ َص ُ
ون آ َث ًاماَ ،ب ْل َقب ِائ ُح ُهم أَ ْك َثر ِم ْن أَ ْن ُت ْح َصــــــر، َ َحر ًاماَ ،و َال َي ْج َت ِنب
َ ُ ْ َ ُ َ
األ ْذ َر ِعي َع ْن ُق َض ِاة َز َم ِنهَّ ِ:إن ُهم َوأَ ْظ َهر ِم ْن أَ ْن ُت ْش َهرَ ،ح َّتى َق َال ْ َ
ْ َ ُ
ِاإل ْس َال ِم.
َك َقرِ يبِي ا ْل َع ْه ِد ب ْ ِ
األ ْز ِم َن ِة َف َما َبالُك ِب ُق َضـــــ ِاة ان َه َذا ِفي ُق َضـــــ ِاة ِت ْل َك ْ َ َف ِإ َذا َك َ
الشــــــــ َع ِائرَ ،و َغ َل ب ْت ِف ِيه ا ْل َك ب ِائر، الز َم ِن ،ا َّل ِذي ُع ِط َل ْت ِف ِيه َّ َه َذا َّ
َ ُ َ ُ
ام َه َذا ِ ونَ ،و َك ُث َر ْت ِف ِيه ا ْل ُم ْف ِســـــــ ُد َ الصـــــــ ِال ُح َ و َق َّل ِف ِ
ون ؟ َفق َي ُ َّ يه َ
يص ين م ْذه ب ِِه و ع َدم ا ْل ِت َف ِات ِه إ َلى التر ِخ ِ ِ ِ ٍِ ِ
َّْ ا ْل َقاضــــــــي ح َين ئذ ِب َق َوان ِ َ َ َ َ ُ
119
اح ِه اس بِما َال َت ْقت ِض ِيه َقو ِاع ُد إم ِام ِه ي ُدل ع َلى ص َال ِح ِه و َنج ِ
َ َ َ َ َ َ َ َ َ
لن ِ
ِل َّ
َو َف َال ِح ِه.
يث ُم ْس ـ ِل ٍم الس ـ ِائ ِل َك ْي َف ُيورِ ُد ِفي ِم ْث ِل ِه َح ِد َ يب م ْن َّ
ِ
َو َع ِج ٌ
يثَ ،وإ َِحا َط ِت ِه ا ْل م ْذ ُكور؛ َف ِإ َّن َذ ِل َك ي ُدل ع َلى ع َد ِم َفه ِم ِه ِل ْل ح ِد ِ
َ ْ َ َ َ َ َ
اضــــــيَ ،ب ْل ِم ْث ُل ب َِشــــــي ٍء ِمن مع َناه؛ َفإ َِّنه َلم يرد ب ِِه ِم ْث ُل ه َذا ا ْل َق ِ
َ ُ ْ َُ ْ ْ َْ ُ ْ
ِيح ِف َع ِالهِ م؛ إ ْذ ِ ِ
ين َش ـ َر ْح َنا َش ـ ْي ًئا م ْن َحالهِ ْمَ ،و َب َّي َّنا َقب َ
ِ ِ
ا ْل ُق َض ـاة ا َّلذ َ
ار ِفي ُح ْك ِم ِه َبي َن ُهم ب َِغيرِ ا ْل َح ِق، َ
ِك ْونه َش َّق َع َل ْيهِ ْم أ َّن ُه َج َ
ا ْلمراد ب َ ِ ِ
َُ ُ
ْ ْ ْ
الشــــارِ ُعَ ،وأَ َّما َم ْن ا ْل َت َز َم َم َع ُهم أَ ْمرَّ َو َك َّل َف ُهم ب َِما َلم َي ْأ َذ ْن َل ُه ِف ِيه
ْ َ ْ ْ
اضـــــــ ٌح َال الشـــــــر ِع ،وع َد َل َفهو م ْدعو َله َال ع َلي ِه ،وه َذا أَمر و ِ
َُ َ ُ ُ َ ْ َ َ ْ ٌ َ َّ ْ َ َ
الت ْع ِســـيرِ
الن ْه ُي َع ْن َّ ار َع َل ْي ِهَ .و َم ْع َنى « َي ِســـ ُروا َو َال ُت َع ِســـ ُروا» َّ ُغ َب َ
الشــــــارِ ُعَ ،وأَ َّما َم ْن َع ِم َل ب َِم ْذ َه ِب اس ب َِما َل ْم َي ْأ َذ ْن ِف ِيه َّ الن َِع َلى َّ
اخ ٍل ِفي َذ ِل َكَ ،واَ َّ ُ ُسب َحا َن ُه َو َت َعا َلى أَ ْع َلم»(.)1 إم ِام ِه َفهو َغير د ِ
َُ ُْ َ َ
ُ ْ
هذا الكالم هو بعينه نعيشـــــــه في زماننا اآلن ،فريق من
أهل الس ــــــنة بالتش ــــــدد
فريق ِ
الم َح ِرفين والمنحرفين َيصـــــــف َ
ُ
والتضـــــــييق على النــاس ،ومن هنــا يتســـــــــاهلون في نشـــــــر
( )1الفتاوى الفقهية الكبرى للشيخ ابن حجر :ج ،4 /ص.524 /
111
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
111
ــأس في التخلي عن ذلـــك مواكبـــ ًة مع الواقع،
وال يكون بـ ٌ
ويكون ذلك هو الدين !
وال يعلمون أن اليهود مــا زالوا ال ُي َو ِرثون المرأ َة حتى
اليوم ،ولم َي َّتهمهم علمــاني واحــد بــالعنصــــــــريــة ،ومــا زالــت
ترة حيضها شيطانا ،يجب اليهود أنفسهم يعتبِرون المرأة في َف ِ
َ َ ُ
مت هم بــــالتخلف ـــة ،ولم يتهمهمعز ُلهــــا في غرفــــة مغلقـ ٍ
ٌ َّ
والرجعية.
والقوة
ُ تكم ُن في الهزيمة النفســــية لإلنســــان، المشــــكلة ُ
الحقيقيـ ُة لْلمـة تـأتي من َت َمســــــــ ِكهـا بثوابتهـا ودفـاعهـا عنهـا،
واقعا فاسـ ًــدا ،فر َضـــه غير بنيها ِ ِ ِ ِ
َ وليس من تطوي ِع دينها ل ُيوافق ً
عليها ،وال ِمن َج ْع ِل الواق ِع حاكما على الدين؛ فإن التذرع
بالواقع نزع ٌة ماركســـــــية كفري ٌة تفتك باإلســـــــالم ،وتجعل منه
ـــــــاع .إنما اإلســــــــالم
الظروف واألوضـ ُ ُ ُم َنت ًجا اجتماعيا ولَّ َد ْته
المفروض ،ال ِلي َت َغير هو أو
ُ الواقع
َ وضــــــــع إلهي ،جاء لي َغيِر
َ َّ ُ
نفســـه؛ ألنه كلمة ا ِ يتشـ َّ ِ
ــكل من أجله ،واإلســـالم هو الواقع ُ
األخيرة القائمة إلى قيام الســـــاعة ،ربط بها ســـــعادة البشـــــرية
112
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
114
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
( )1موقف العقل والعلم والعالم :ج ،1 /ص ،133 /ج ،2 /ص.312 /
115
بخراب الباطن،
ِ الخارج
َ وليس المطلوب أن ُنصــــــــلح
مثله ،فضالبالنجس ،والضرر ال ي َزال بضررٍ ِ ِ س الن ِ
ج َّ لَ سو َن ْغ ِ
ُ ُ َ
عما هو أشد منه .وإن أُولى خطوات دعوة الكفار ـ إن أرادوا
نفســـــه إلى اإلســـــالم أوال، ٍ
ذلك ح ًّقا -أن يدعو كل مســـــلم َ
ويصــــــلح حاله وحال قومه ،وإذا تم ذلك فقد قطعنا نصــــــف
توفيق
َ المرحلــة في دعوة غير المســــــــلمين .أمــا إذا حــاولنــا
ِ
ـــــــهوات ِ
لرغبات قوم من الكفرة وشـ أحكام اإلســــــــالم ِط ًبقا
طريق
َ قر َبهم من اإلسالم فهذا ليس هو أن ُن ِ
آخرين؛ من أجل ْ َ
الهدف النهائي ،بل هو يؤدي َ الدعوة في الحقيقة ،وال ي ِ
حقق ِ
َّ ُ
االنحراف في صــفوفهم، َ ويســبِبدين المســلمينُ ، إلى ضــياع ِ
وهذا ما نشــــــاهده اليوم في طول بالدنا وعرضــــــها ،فمن هنا
طلب الم ِ
فقود». الموجود أولى ِمن
ِ قالواِ « :ح ُ
فظ
ِ َ
فالمســلم إذا ارتد عن دينه بســبب هذا الخطاب الديني
أفسد ِمن غيرِ ه؛ ألن
َ وفسد صار
َ المحرف ،والسني إذا ابتدع
َ َّ
المرتد بعد اإلســـــــالم أشـــــــد ِمن الكافر األصـــــــلي ،والمبتدع
َّ
وأغلظ من المبتدع األصلي ! ُ أقبح
حول عن السنة ُ المت ِ
116
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
117
ْ ُ ْ َ
ِمسك اْل ِت ِ
ام
أحمد ا الكريم على التوفيق ِل ِم سك ِ
الختام ،والتيسير ْ َ
ٍ
مجاهد في سبيله - وكل
لبلوغ المرام ،وأسأله – بجاه حبيبه ِ
والنفع به على الدوام ،للخواص والعوام،
َ القبول لهذا العمل
َ
وكل َمن نظر فيه
وأن يجعله ســـببا لنجاتي ونجاة المؤمنين – ِ
يوم القيام.
وس َعى في طبعه ونشره َ -
بقصد االنتفاعَ ،
واعده وأصو ُله ،منحصر ًة في
وقد تم الكتاب ُم ْح َك َم ًة َق ُ
قواطع األدلــة ،على تحريم دت فيهــا
وار ْ ِ
ُ ـــــــول ـهَ ،ت َ
الثالث فصـ ُ
التشــــبه بالكفرة األذلة ،وتضــــافر فيها من اآليات والحجج ما
َ
ِ
وتهنئتهم بـــاألعيـــاد، ردع لْلوغـــاد ،عن مواالة الكفرة فيـــه ٌ
مته معلوم ٌة ِمن ِ ِ ِ
وذكرت في خاللها أ َّن من ُصورِ التشبه ما ح ْر ُ ُ
الــدين بــالضــــــــرورة ،فيكون َج ْح ـ ُدهــا كفرا نــاقال من الملــة،
آثما ،ومنها ما هو حرام باإلجماع، ِ
جحده يكون ً ومرتكبه بال ْ
ُ
ـــــائل هي
حققت في ثنايا أبحاثها مسـ َ ُ ومنها ما هو دون ذلك.
ماسة إلى التحقيق والتنبيه، ٍ كانت بحاجة ْ أُس الدين وأُصو ُله،
118
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
119
باشـر أسـبابا اختياري ًة َتج ِلب المحب َة القلبي َة ِ
والصـل َة الباطني َة، ي ِ
ْ ُ
ِ
المهاداة والمعايدة والعصيان ،مثل
َ والفسوق
َ وت َزي ُِن له الكفر
ُ
َ
أوج ِه المشــــــاركة في األعياد الكفرية ،من ٍ
ـــــتى من ُووجوه شـ َّ
اتفقـ ْت كلمـ ُة أهـل العلم جرم َ ِ ِ
التهـاني بهـا ،وال َ بـاد ُل َّ
أهمهـا َت ُ
ت ذلك توضــــيحا وضــــ ْح ُ
على تحريمها وتأثيم مرتكبها ،وقد َّ
وأنصف. من تأمل ِ
َ ال لبس بعده -بإذن ا -ل ْ
حالة ،أو بدون ٍ ٍ
كراهة في وأوضحت أنه يجوز له – مع
ُ
أعداءه مخالط ًة ظاهري ًة
َ كراهة في حالة أخرى – أن يخالط
ال قلبية باطني ًة ،بل قد تكون هذه المخالطة مطلوبة شــــــــرعا،
وإن كانت المخالطة الظاهرية شـــأنها أن تفتح بابا إلى المودة
حكمها األصــــــــلي الكراه َة .ولكن إذا
ُ القلبية ،فلذلك صــــــــار
ارتفعت الكراه ُة،
ْ حت عليها مصلح ٌة ،مثل تبليغ الدعوة،
ترج ْ
َّ
وليســــــت ملغا ًة ،بدليل أن
ْ شــــــرعا،
ً معتبرة
ٌ وهذه المصــــــلحة
النبي %والســــــلف الصــــــالحين بعده فعلوا ذلك .وما مثال
ـب ي ـ ِ
داوي المرضــــــــى ٍ
برفق، َ ـال طبيـ ٍ ُ
المؤمن في ذلــك إال مثـ ُ
ِ
ويعالجهم ب ُل ْط ٍف.
121
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
121
والم َع ِقمـــات
ُ الوقـــايـــة مـــا يكفيـــه ،من المالبس واألدوات،
ِ
والمحصــــــــنــات وغير ذلــك ،ثم إذا انتهى من العالج ُيراجع
الجراثيم ،فيحاول ََ ـيء ِمن ال َفيروزات أو
نفس ـه :هل أصــابه شـ ٌ َ
ُ
تدار َك الوضــــــــ ِع بما عنده من الوســــــــائل؛ حتى ال يكون هو
ُ
صابا بتلك األمراض التي كان هو بصدد عالجها. اآلخر ُم ً
ُ
وق َي ٍم ومباد َ ـحاب رسـ ٍ
ـالة ِ ـلمين أصـ ِ وال شــك أننا َكمسـ ِ
ُ
ويعيش في بالدنــا َ
ـــــــكن َ
َنرجو أن َيهتــدي إليهــا كــل َمن َيسـ ُ
ــد من هـــذه المنـــة وهـــذه حرم أحـ ٌ ِجوارِ نـــا ،وال ُنحـــب أن ي
ُ َ
المن َحة وتلك النعمة ،ولسنا أحد عن تلك ْ الم ْك ُرمة ،أو ُي َص َّد ٌ
َ
هرب من ميدان المســــؤولية ،بل اإلســــالم ع َّل َمنا بطولةممن َي ُ
قدر
الفداء والتضــــــــحية في نشــــــــر الخير للعالمين .فنحاول َ
تبليغ هذه الرسالة العظيمة النافعة إلى الناس كاف ًة،
َ استطاعتنا
ٍ
ــــروعة مختلفة ،منها المعاشـــــرة مع اآلخرين؛ حتى بطرق مشـ
يكون َم ْظ َهرنــا ُم ْنب ًِئ ـا عن عقيــدتنــا ،وحــا ُلنــا – قبــل مقــالنــا –
ُ
وي َصــــــ ِدقون
آمنا بهُ ،
ُم َح ِر ًكا داعي َة النظر عندهم ،فيؤمنون بما َّ
ـــــــد ْقناه .وهذا هو الذي قد حصــــــــل في كثير من أدوار ما صـ َّ
122
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
123
وت ِ
وقعه في محبة الكفارِ ،ثم التســــــــاهل مع الكفرِالمســــــــلمُ ،
واد َعى بعد
ــع َر أو لم َي ْشـــ ُعرَّ ،
نفســـه ،ثم قبوله والوقوع فيه ،شـ ُ
ـــــــالم أو َلم َي َّد ِع ،وماذا تنفع الدعوى والنفس قد
َ ذلك اإلسـ
َخ َو ْت مما ُي ْحييها ،والعياذ با العظيم.
ــالم
فوصـــيتي لنفســـي وألبناء جنســـي أن َي ْد ُرســـوا اإلسـ َ
جيدا ،كما َد َرســـــه األولون ،ال كما فعله المبطلون مما غيروا
َّ
وســــ َّف ُهوا ســــلف هذه األمة ،ثم بعد
الفتنَ ،
َ المناهج وأحدثوا َ
طب ُقوا هذا اإلســــــــالم في حياتهم ،ومن أهم هذه الدراســــــــة ُي ِ
ِ
العلم الذي َد َرســــــــوه ،بالتدريس نشــــــــر هذا ِ
لتطبيق ُصــــــــ َور ا
ْ ُ
والتأليف ،وإلقاء المحاضـــــــرات وعقد الندوات والحفالت،
فعند ذلك ي ْنص ِلح أَمرنا ،و ُن ِ
صلح غيرنا ،بإذن ربنا.
َ َ َ ُ ُ
وآخر دعوانا أن الحمد رب العالمين ،وصـــــــلى ا
وس َّلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
َ َ
______
124
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
ْ َ َ ُ ْ َ َّ ُ
ارس العامـة
الفهـ ِ
َ َ َْ ْ ُ َْ َ
ج ِع
ف ِه ِرس المصا ِدرِ والمرا ِ
ْ ُ ْ ُ ْ َ ََ
اتف ِـهـ ِرس الـمـحـتـويـ ِ
125
126
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
َْ َ ُ َ َْ َ ُ
جـع
المصـا ِدر والمـرا ِ
.1اإلبهاج في شرح المنهاج (للبيضاوي في األصول) ،اإلمام
تاج الدين ،عبد الوهاب بن الشيخ اإلمام تقي الدين السبكي
(ت 771 :هـ) ،الطبعة األولى 1424هـ 2114 /م ،دار
البحوث ،دبي.
.2أجوبة الحيارى في حكم َق َل ْن ُسوة النصارى ،الشيخ محمد
يش المالكي (ت 1299 :هـ) ،نسخة بن أحمد بن محمد ُع َل ْ
خطية بمكتبة جامعة الملك سعود ،الرياض.
.3أحكام أهل الذمة ،الشيخ محمد بن أبي بكر ،ابن َقيِم
الجوزية (ت 751 :هـ) ،الطبعة األولى 1418هـ1997 /
م ،رمادي للنشر ،الدمام /السعودية.
.4األحكام السلطانية ،اإلمام أبو الحسن ،على بن محمد بن
حبيب الماوردي (ت 451 :هـ) ،تحقيق :أحمد مبارك
البغدادي ،الطبعة األولى 1419هـ 1989 /م ،دار ابن ُق َتيبة،
الكويت.
127
.5إحياء علوم الدين ،اإلمام حجة اإلسالم ،أبو حامد ،محمد
بن محمد الغزالي (ت 515 :هـ) ،الطبعة األولى 1432هـ/
،2111دار المنهاج ،جدة.
.6األربعين في أصول الدين ،حجة اإلسالم ،أبو حامد ،محمد
بن محمد الغزالي (ت 515 :هـ) ،دار القلم ،دمشق /سوريا،
1424هـ 2113 /م.
.7األذكار ،اإلمام أبو زكريا ،يحيى بن شرف النووي (ت:
676هـ) ،الطبعة األولى 1425هـ 2115 /م ،دار المنهاج،
جدة.
.8أسنى المطالب في شرح روض الطالب ،شيخ اإلسالم أبو
يحيى ،زكريا األنصاري (ت 926 :هـ) ،المطبعة الميمنية،
مصر 1313 ،هـ.
.9أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل ،الشيخ اإلمام أحمد بن
حجر الهيتمي (ت 974 :هـ) ،الطبعة األولى 1419هـ/
1998م ،دار الكتب العلمية ،بيروت /لبنان.
128
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
129
وتحقيق :د .عبد النصير أحمد المليباري ،الطبعة األولى
1438هـ 2117 /م ،تراث علماء نوسانتارا ،إندونيسيا.
.15األمر باالتباع والنهي عن االبتداع ،الحافظ اإلمام جالل
الدين ،عبد الرحمن السيوطي (ت 911 :هـ) ،تحقيق:
مشهور حسن سليمان ،الطبعة األولى 1411هـ 1991 /م،
دار ابن القيم ،الدمام /السعودية.
.16بداية المحتاج في شرح المنهاج ،اإلمام الشيخ بدر الدين،
أبو الفضل ،محمد بن أبي بكر األسدي ،ابن قاضي شهبة
(ت 874 :هـ) ،تحقيق :أنور الشيخي ،الطبعة األولى 1432
هـ 2111 /م ،دار المنهاج.
.17البشائر اإليمانية في المبشرات المنامية ،العالمة الشيخ
يوسف بن إسماعيل النبهاني (ت 1351 :هـ) ،مطبعة صبرا،
بيروت /لبنان 1329 ،هـ.
ُ .18ب ْغية المسترشدين في تلخيص فتاوى بعض األئمة من
َ
العلماء المتأخرين ،السيد عبد الرحمن بن محمد باعلوي
(ت 1321 :هـ) ،الطبعة األخيرة 1317هـ 1952 /م،
مصطفى البابي الحلبي ،القاهرة /مصر.
131
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
131
.24تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي ،الحافظ
اإلمام ولي الدين ،أبو زرعة ،أحمد بن عبد الرحيم العراقي
(ت 826 :هـ) ،تحقيق :عبد الرحمن فهمي الزواوي ،الطبعة
األولى 1432هـ 2111 /م ،دار المنهاج ،جدة.
.25التحرير والتنوير في تفسير القرآن ،الشيخ محمد الطاهر بن
عاشور (ت 1393 :هـ) ،الدار التونسية للنشر 1984 ،م.
.26تحفة المحتاج بشرح المنهاج ،الشيخ اإلمام أحمد بن حجر
الهيتمي (ت 974 :هـ) ،المكتبة التجارية الكبرى ،مصر،
1357هـ( ،ومعها حاشيتا ابن قاسم والشرواني).
.27ترشيح المستفيدين حاشية فتح المعين ،العالمة السيد
علوي بن أحمد السقاف (ت 1335 :هـ) ،دار إحياء الكتب
العربية ،عيسى البابي الحلبي ،مصر.
.28التعرف على الذات ،الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان
البوطي (ت 2113 :هـ) ،دار الفكر ،دمشق.
.29تفسير ابن رجب الحنبلي (ت 795 :هـ) ،الطبعة األولى
1422هـ 2111 /م ،دار العاصمة ،الرياض.
132
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
133
.35جامع األصول في أحاديث الرسول ،اإلمام مجد الدين ،أبو
السعادات المبارك بن محمد بن األثير الجزري (ت616 :
هـ) ،تحقيق :عبد القادر األرناؤ 1392 . ،هـ 1972 /م.
.36جزء في التهنئة في األعياد وغيرها ،اإلمام الحافظ أحمد بن
حجر العسقالني (ت 852 :هـ) ،الطبعة األولى 1425هـ/
2114م ،دار البشائر اإلسالمية.
.37حاشية الباجوري ،الشيخ إبراهيم بن محمد بن أحمد (ت:
1276هـ) على شرح ابن قاسم الغزي على متن الغاية،
الطبعة األولى 1437هـ 2116 /م ،دار المنهاج ،جدة.
.38حاشية الباجوري على جوهرة التوحيد ،دار السالم،
القاهرة /مصر 1422 ،هـ 2112 /م.
.39حاشية ابن عابدين – الشيخ محمد أمين بن عمر بن عبد
العزيز عابدين الحنفي الدمشقي (ت 1252 :هـ) – المسماة
رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير األبصار ،المطبعة
العثمانية 1324 ،هـ.
التنبه ِلما ورد في التشبه ،العالمة الشيخ نجم الدين،
ُ .41ح ْسن َ
محمد بن محمد العامري القرشي الغزي الدمشقي الشافعي
134
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
135
.45رسالة المعاونة ،اإلمام الحبيب عبد ا بن علوي الحداد
باعلوي (ت 1132 :هـ) ،الطبعة الثانية 1414هـ1994 /
م ،دار الحاوي.
.46روضة الطالبين ،اإلمام الشيخ أبو زكريا ،يحيى بن شرف
النووي (ت 676 :هـ) ،الطبعة الثالثة 1412هـ1991 /م،
المكتب اإلسالمي ،بيروت /لبنان.
.47روح المعاني (تفسير القرآن) ،العالمة شهاب الدين،
محمود بن عبد ا اآللوسي البغدادي (ت 1271 :هـ)،
الطبعة األولى 1431هـ 2111 /م ،مؤسسة الرسالة،
بيروت /لبنان.
.48سبيل النجاة في الحب في ا والبغض في ا ،الشيخ
يوسف بن إسماعيل النبهاني (ت 1351 :هـ) ،تحقيق :بسام
عبد الوهاب الجابي ،دار ابن حزم ،بدون تاريخ.
.49سراج الملوك ،الشيخ أبو بكر محمد بن الوليد الفهري
الطرطوشي (ت 521 :هـ) ،الطبعة األولى 1414هـ1994 /
م ،الدار المصرية اللبنانية ،القاهرة.
136
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
( )1في نسبة هذا الشرح إلى اإلمام النووي كالم ،وا أعلم بحقيقة الحال.
137
العيد (ت 712 :هـ) ،تحقيق :محمد خلوف العبد ا ،
الطبعة الثانية 1431هـ 2119 /م ،دار النوادر ،دمشق.
.55شرح الرسالة القشيرية (إحكام الداللة على تحرير الرسالة)،
شيخ اإلسالم ،أبو يحيى ،زكريا األنصاري (ت 926 :هـ)،
طبعة مصر 1291 ،هـ.
.56شرح الزرقاني على الموطأ ،اإلمام محمد بن عبد الباقي
الزرقاني المصري ،تحقيق :طه عبد الرءوف سعد ،الطبعة
األولى 1424هـ 2113 /م ،مكتبة الثقافة الدينية ،القاهرة.
.57الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب اإلمام
مالك ،الشيخ أبو البركات ،أحمد بن محمد الدردير (ت:
هـ) ،دار المعارف ،القاهرة /مصر.
.58شرح صحيح مسلم ،اإلمام أبو زكريا ،يحيى بن شرف
النووي (ت 676 :هـ) ،الطبعة األولى 1347هـ 1929 /م،
المطبعة المصرية ،مصر.
.59شرح العقيدة الكبرى (عمدة أهل التوفيق والتسديد في
شرح عقيدة أهل التوحيد) ،اإلمام أبو عبد ا ،محمد بن
138
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
139
المنهج ،شيخ اإلسالم ،أبو يحيى زكريا األنصاري
.64شرح َ
(ت 926 :هـ) ،مصطفى البابي الحلبي ،مصر 1345هـ.
.65شرح المواقف ،العالمة السيد الشريف الجرجاني (ت:
816هـ) ،مطبعة السعادة ،مصر 1325 ،هـ 1917 /م.
.66شعب ا إليمان ،اإلمام الحافظ أبو بكر ،أحمد بن الحسين
البيهقي (ت 458 :هـ) ،الطبعة األولى 1423هـ 2113 /م،
مكتبة الرشد ،الرياض.
.67الشفاء بتعريف حقوق المصطفى ،%القاضي أبو الفضل،
عياض بن موسى اليحصبي (ت 544 :هـ) ،تحقيق :عبده
كوشك ،جائزة دبي ،الطبعة األولى 1434هـ 2113 /م.
.68شن الغارة ،الشيخ اإلمام أحمد بن حجر الهيتمي (ت974 :
هـ) ،مخطوطة بالمكتبة األزهرية ،القاهرة /مصر.
.69صحيح اإلمام البخاري ،الطبعة السلطانية ،عناية محمد
زهير الناصر ،دار طوق النجاة ،بروت /لبنان 1422 ،هـ.
.71صحيح مسلم ،اإلمام مسلم بن الحجاج القشيري
النيسابوري (ت 261 :هـ) ،الطبعة األولى 1347هـ1929 /
م ،المطبعة المصرية ،مصر.
141
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
141
.76فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب اإلمام مالك،
الشيخ محمد بن أحمد بن محمد ُع َلي ْش المالكي (ت:
ْ
1299هـ) ،مطبعة مصطفى محمد ،مصر.
.77الفتح المبين في شرح األربعين ،اإلمام الشيخ شهاب
الدين ،أحمد بن حجر الهيتمي (ت 973 :هـ) ،الطبعة الثانية
1431هـ 2119 /م ،دار المنهاج ،جدة.
.78الفتوحات الربانية في شرح األذكار النواوية ،العالمة الشيخ
محمد بن عالن الصديقي الشافعي المكي (ت 1158 :هـ)،
دار إحياء التراث العربي (مصور عن الطبعة المصرية
القديمة).
.79الفروع ،شمس الدين ،محمد بن مفلح المقدسي (ت763 :
هـ) ،الطبعة األولى 1424هـ 2113 /م ،مؤسسة الرسالة،
بيروت /لبنان.
.81الفروق ،اإلمام شهاب الدين ،أحمد بن إدريس بن عبد
الرحمن الصنهاجي ،الشهير بالقرافي (ت 684 :هـ) ،الطبعة
األولى 1421هـ 2111 /م ،دار السالم ،القاهرة.
142
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
143
الطبعة األولى 1436هـ 2115 /م ،المكتبة اإلسالمية،
القاهرة /مصر.
.87كفاية النبيه في شرح التنبيه ،اإلمام الشيخ نجم الدين ،أبو
العباس ،أحمد بن محمد ابن الرفعة (ت 711 :هـ) ،تحقيق:
د .مجدي باسلوم ،الطبعة األولى 2119م ،دار الكتب
العلمية ،بيروت /لبنان.
.88كليات رسائل النور ،العالمة اإلمام بديع الزمان ،سعيد
النورسي (ت 1379 :هـ) ،ترجمة :إحسان قاسم الصالحي،
الطبعة الرابعة 2334م ،شركة سوزلر ،القاهرة /مصر.
.89الالمذهبي ُة أخطر بدعة ُت ِ
هدد الشريع َة اإلسالمية ،الشيخ
الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي (ت 2113 :هـ)،
مكتبة القارابي ،دمشق /سوريا 1426 ،هـ 2115 /م.
الغ َنيمي
.91اللباب في شرح الكتاب ،العالمة الشيخ عبد الغني ُ
الميداني الدمشقي الحنفي (ت 1298 :هـ) ،تحقيق :د.
َْ
سائد بكداس ،الطبعة الثانية 1435هـ 2114 /م ،دار
البشائر اإلسالمية ،بيروت /لبنان.
144
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
145
.97محاسن الشريعة ،اإلمام أبو بكر ،محمد بن علي بن
إسماعيل ،القفال الكبير (ت 365 :هـ) ،الطبعة األولى
2117م ،دار الكتب العلمية ،بيروت /لبنان.
.98المدخل ،اإلمام أبو عبد ا ،محمد بن محمد بن محمد بن
الحاج العبدري المالكي الفاسي (ت737 :هـ) ،مكتبة
التراث ،القاهرة /مصر.
.99مراتب اإلجماع ،أبو محمد ،على بن أحمد بن حزم
األندلسي الظاهري (ت 456 :هـ) ،الطبعة األولى 1419
هـ 1998 /م ،دار ابن حزم ،بيروت /لبنان.
.111المزهر في علوم اللغة وأنواعها ،اإلمام الحافظ جالل
الدين ،عبد الرحمن السيوطي (ت 911 :هـ) ،عيسى البابي
الحلبي ،القاهرة /مصر.
.111مغني المحتاج في شرح المنهاج ،اإلمام الشيخ شمس
الدين ،محمد الخطيب الشربيني (ت977 :هـ) ،مصطفى
البابي الحلبي ،القاهرة /مصر1377 ،هـ1958 /م.
146
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
147
.117نهاية المحتاج في شرح المنهاج ،اإلمام شمس الدين،
محمد بن اإلمام أحمد الرملي (ت 1114 :هـ) ،مصطفى
البابي الحلبي ،القاهرة /مصر 1389 ،هـ( .ومعه حاشية
العالمة الشبراملسي).
.118نهاية المطلب في دراية المذهب ،إمام الحرمين ،عبد
الملك بن عبد ا الجويني (ت 478 :هـ) ،تحقيق :د .عبد
العظيم الديب ،الطبعة األولى 1428هـ 2117 /م ،دار
المنهاج ،جدة.
148
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
ْ ُ ُْ ْ َََ
ات
ف ِه ِرس المحتوي ِ
المقدمة 7 . ....................... ................................
خالصة الفتنة التي حدثت في القرون األخيرة 11 . ...............
وسيطرته على الساحة 17 . ............
ُ بعض فضائح محمد عبده
السكوت المذموم على هذه المنكرات 22 . .......................
بعض َمن أفرد التأليف في هذه المسائل 28 . ......................
الفصل اْلول :مفهوم الوالء والبراء وأهمية بيانه 39 . .............
تمهيد 41 .......................... ................................
المبحث األول :فضل االنتساب إلى األمة اإلسالمية 44 . ........
كالم اإلمام الغزالي في كتاب األربعين 48 . .......................
أنواع أخر من االنتماءات غير االنتماء إلى اإلسالم 51 . ..........
كالم الشيخ الكوثري عن اعتزاز المسلمين باإلسالم 52 . .........
كالم الشيخ مصطفى صبري حول تكفير المعتز بغير اإلسالم 53 .
ِ
دعاة «األُ ُخوة اإلنسانية» 56 ............. ت
المبحث الثاني :تها ُف ُ
أساس شبهتهم الخلط بين األخوة اللغوية واألخوة الشرعية 57 .
تحقيق معنى األخوة الشرعية 61 .................................
ليس من مواالة الكافر الدعاء له بالهداية 65 .....................
149
هل يجوز غيبة الكافر الذمي 67 ..................................
أحكام دينية أُ َخر ـ غير الوالء والبراء ـ تتعلق باألخوة 71 .........
وأهميته 73 ........
ُ مفهومه
ُ المبحث الثالث :ترك مواالة الكفار؛
كالم الزمخشري في تفسير آية (المجادلة) 73 . ...................
كالم اإلمام الرازي في ترك موالتهم ولو كانوا أمواتا 77 ........
كالم السيد عبد ا األهدل عن ترك المواالة 81 . .................
كالم اإلمام فخر الدين الرازي 82 . ................................
كالم اإلمام الخازن وقطب اإلرشاد عبد ا الحداد 84 . ..........
كالم اإلمام الحبيب عبد ا الحداد 85 . ..........................
كالم اإلمام عبد الوهاب الشعراني 86 . ...........................
السر ِه ْندي في «المكتوبات» 88 . ...... كالم اإلمام الرباني أحمد
َّ ْ
كالم شيخ األزهر الشريف أحمد الدمنهوري 92 . ................
المبحث الرابع :مواالة الكافر تار ًة تكون كفرا 93 ................
ليس كل من نطق بالشهادتين باقيا على اإلسالم 93 . .............
كالم القاضي عياض في «الشفاء» في بيان ذلك 96 . ..............
كالم الشيخ محمد أمين الكردي في ذلك 97 . ....................
كالم الشيخ محمد بن عوض الدمياطي في ذلك 98 . .............
كالم شيخ اإلسالم مصطفى صبري 99 . ..........................
151
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
151
ما قاله ابن عالن في االستغفار له حال الحياة 149 ................
اإلجماع على تحريم االستغفار لمن مات كافرا 152
َ نقل النووي
ُ
كالم الدميري وشيخ اإلسالم وابن حجر والرملي وغيرهم 152 ..
تعقيب الشبراملسي على كالم «النهاية» 154 .....................
تعقيب الفقير على كالم العالمة الشبراملسي 156 .................
كالم مهم للشبراملسي في الرد على ما يفعله المنحرفون 158 ....
مالحظاتي على كالم العالمة القليوبي في حاشية المحلي 161 ...
قول القرافي :إن االستغفار للكافر كفر 162 ......................
ٌ
والدعاء ألجل ذلك 163 ..
ُ هل يجوز تخفيف العذاب عن الكافر،
استطراد في استجابة دعاء الكافر 168 .............................
المبحث التاسع :حكم إقامة المسلم بين الكفار 171 ..............
ب ْاآل َن 177 ................... است ْن َك ِ
ِ
ام ا ْل َع َر ُ
ار ل َما َي ْف َع ُل ُه ا ْل ُح َّك ُ
ٌ
جزِ ير ِة ا ْل َعربِي ِة 181 ................
ورا َع َلى ا ْل َ َلي َس ْ َ
األ ْمر َم ْقص ً
َ َّ َ ُ ُ ْ
كالم الشيخ األكبر محيي الدين بن عربي عن الهجرة 181 ........
تفسير الشيخ ابن حجر لقوله « :%ال تتراءا ناراهما» 182 ........
كالم الشيخ محمد ُع َليش المالكي عن اإلقامة بين الكفرة 185. ...
قول السيد عبد ا بن عبد الباري األهدل 186. ....................
152
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
153
المبحث الثاني :بيان معنى «التشبه» 265 ..........................
بيان ابن حجر معنى «التشبه» وتعقبه وبيان المعنى الصحيح 274 .
ُ
المبحث الثالث :التشبه الكفري والتشبه غير الكفري 281 ........
المبحث الرابع :إخباره %بأن أمته ستتبع األمم السابقة 283 ....
بعض اآلثار الملعونة لهذا التشبه 288 .............................
الكفار في أعيادهم ،بالتهنئة
َ الفصل اثلالث :مشاركة المسلمين
واإلهداء وغيرهما :إثبات حرمتها ،وتزييف القول بجوازها 291 ..
تمهيد 293 .......................... ................................
المبحث األول :األعياد والتهاني 295 .............................
المبحث الثاني :تحقيق القول في تهنئة الكفار بأعيادهم 312 .....
المبحث الثالث :أدلة تحريم ذلك من الكتاب والسنة إلخ 319 ...
المبحث الرابع :كيف ُنهنئهم بعيدهم وال يجوز لهم إظهاره 315 .
ومن هنأهم ُي َع َّزر 325 .
المبحث الخامس :وكيف ُنهنئهم بعيدهمَ ،
المبحث السادس :شبهات المنحرفين والرد عليها 332 ...........
إجماع ،والرد عليها 333 الشبهة األولىِ :
الحرم ُة مخت َل ٌف فيها وال
َ ْ
أوال :المذهب الحنفي 336 ........................................
ثانيا :المذهب المالكي 339 .......................................
154
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
155
156
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
ف َوتَحْقِيقَاتُهُ
َتأْلِيفَاتُ ا ْلمُؤَلِّ ِ
( )9دراسة وتحقيق « شـــــــرح العالمة الخيالي على القصـــــــيدة النونية،
للمولى خضـــــــر بن جالل الدين» – نال عنها درجة التخصـــــــص
(ماجســـــتير) في علم الكالم ،بجامعة األزهر( .طبعة مكتبة وهبة –
القاهرة /مصر2336 ،م).
( )2دراســــة وتحقيق «الرســــالة التســــعينية في األصــــول الدينية» لإلمام
الشـــــــيخ صـــــــفي الدين ،محمد بن عبد الرحيم الهندي ،في علم
الكالم (طبعة دار البصائر /القاهرة /مصر2331 ،م).
( )5دراســــــــة وتحقيق «العوائد الدينية في تلخيص الفوائد المدنية في
بيان من يفتى بقوله من متأخري الســادة الشــافعية» للعالمة الشــيخ
أحمد كويا الشــــــــالياتي المليباري (الطبعة األولى دار البصــــــــائر،
القاهرة /مصر2393 ،هـ ،الثانية ،دار الضياء ،الكويت 2395 ،م).
( )4تأليف «تراجم علماء الشافعية في الديار الهندية» (طبعة دار الفتح،
عمان /األردن2393 ،هـ).
( )8دراســـــــــة وتحقيق «أســـــــمــاء المؤلفين في ديــار مليبــار» للعالمــة
الشالياتي في التاريخ (دار النور ،عمان /األردن عام 2392م).
( )7دراســة وتحقيق «شــرح ميزان الكالم» للشــاه عبد العزيز الدهلوي
الهندي (دار النور ،عمان /األردن عام 2392م).
157
( )6تأليف «تراجم علماء الشافعية في الديار الهندية» ،اإلصدار الثاني،
مع اإلضـــــــــافــات والزيــادات واالســـــــتــدراكــات (دار البصـــــــــائر،
القاهرة/مصر9455 ،هـ2392/م).
( )5دراســـــة وتحقيق «ســـــلم العلوم» في علم المنطق ،لإلمام الشـــــيخ
محــب ا البهــاري الهنــدي الحنفي المــاتريــدي (دار الضـــــــيــاء،
الكويت9455 ،هـ2392 /م).
( )1دراســـــة وتحقيق «شـــــرح بحر العلوم على ســـــلم العلوم» في علم
المنطق ،لبحر العلوم ،عبد العلي بن نظام الدين بن قطب الدين
الســـــهالوي اللكهنوي المدراســـــي الهندي الحنفي الماتريدي (دار
الضياء ،الكويت9455 ،هـ2392/م ،الطبعة الثانية 2396م).
( )93تحقيق ودراسة «األجوبة العجيبة عن األسئلة الغريبة» للشيخ زين
الدين المليباري الصغير (دار الضياء ،الكويت9455 ،هـ2395/م).
( )99تحقيق «عمدة األصـــــــحاب ونزهة األحباب» للشـــــــيخ رمضـــــــان
الشالياتي المليباري (دار النور ،عمان /األردن عام 2392م).
( )92تحقيق «المنهج الواضــح في شــرح إحكام أحكام النكاح» للشــيخ
زين الــدين المليبــاري الصـــــــغير (دار النور ،عمــان /األردن عــام
2392م).
( )95تحقيق « فيض الكريم البــاري في جواب أســـــــئلــة أخينــا الشـــــــيخ
القاضــــي أحمد شــــهاب الدين بن الشــــيخ محيي الدين المليباري»
158
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
159
( )91دراســة وتحقيق« :اإللمام بمســائل اإلعالم» (وهو اإلعالم بقواطع
اإلسالم للشيخ اإلمام أحمد بن حجر الهيتمي رحمه ا ) ،للعالمة
الشـــيخ أحمد بن عبد الرزاق الرشـــيدي (ت9371 :هـــــــــــ) (الطبعة
األولى ،تراث علماء نوسانتارا ،إندونيسيا 9455 ،هـــــــــ 2396 /م،
الثانية ،دار الضياء ،الكويت 9451 ،هـ 2395 /م).
( )23تحقيق ودراســة «مســلك األتقياء ومنهج األصــفياء في شــرح هداية
األذكياء إلى طريق األولياء» ،للشـــــــيخ اإلمام عبد العزيز المعبري
المليباري (دار الضياء ،الكويت 9451 ،هـ 2395 /م).
إسعاف السني األَب ِِي ب ُ
ِح َجج إفالس الفكر الالمذهبي» (لم ُ ( )29تأليف «
يطبع).
( )22تأليف « :مســــــــامرة الليالي المقمرة في المؤاخذة بأعمال القلوب
والمغفرة» ( الطبعة األولى ،تراث علماء نوســـــــانتارا ،إندونيســـــــيا،
9451هـ2396 /م).
( )25تــأليف« :كشـــــــف الحقــائق في بعض مســـــــــائــل اإليمــان والكفر
واللواحق» (لم يطبع).
( )24تــأليف « :فطم المــألوف والنــأي عن المنــذر في األمر بــالمعروف
والنهي عن المنكر»( .كرسي اإلمام أبي الحسن األشعري ،مليبار/
الهند ،الطبعة األولى 9456هـ2397/م).
161
ْ َ ْ ُ َّ ُ ْ ْ ُ ْ َ َ
الفصل اثلال ِث مِن َردع اْل ْوَغد
161
( )55تأليف« :العالمة اإلمام الشيخ زين الدين بن علي حسن األُ َ
ود َّكلي
المليباري ،أستاذ األساتيذ ،بحر العلوم؛ السيرة والمسيرة» (الطبعة
األولى 9451هـــــــــــ 2395 /م ،كرســـي اإلمام األشـــعري ،مليبار،
الهند).
( )54تأليف« :الشيخ عبد ا بن الحاج محمد الفيضي الشيروري؛ همة
ال تقهر وعزيمة ال تلين» (الطبعة األولى 9451هـــــــــــــ 2395 /م،
كرسي اإلمام األشعري ،مليبار ،الهند).
( )58ويعمل حاليا – منذ ما يزيد على ســـــــبع ســـــــنين -على دراســـــــة
وتحقيق كتاب «اإليعاب في شــــرح العباب» للشــــيخ اإلمام أحمد
بن حجر الهيتمي ،أسأل ا التيسير على إتمامه.
( )57وعلى دراســــــــة وتحقيق« :فتح المعين بشـــــــرح قرة العين» لإلمام
الشيخ أحمد زين الدين بن محمد الغزالي المليباري الصغير .وله
غير ذلك من الكتب والمقاالت واألبحاث.
162