Professional Documents
Culture Documents
80 G013
80 G013
ألستجم نفسي
ُّ الدرداء رضي اهلل عنه أنه قالِّ " :إني
وقد ُروي عن أبي ّ
الحق ما ُيملُّها " .
ببعض الباطل مخافة أن أحمل عليها من ّ
وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه أنه قال " :العلم أكثر
كل ٍ
شيء أحسنه " . من أن ُيحصى ،فخذوا من ِّ
إن القلوب ُّ
تمل األبدان ،فابتغوا لها وروي عن َّ
الشعبي أنه قالّ " : ُ
طرائف الحكمة " .
والنيك َّ
تقزز ُّ
والتقشف إذا ُذكر الحر واألير َّ وبعض من ُيظهر النسك
وانقبض .وأكثر من تجده كذلك فإنما هو رج ٌل ليس معه من المعرفة
ُّ
التصنع. والنبل والوقار ،إالَّ بقدر هذا
والكرمُّ ،
حرم:
عباس أنشد في المسجد الحرام وهو ُم ٌ ٍ ولو علم َّ
أن عبد اهلل بن
ق الطَّ ْي ُر ْ
ننك لميسا تصد ِ
إن ُوه َّن يمشين بنا هميسا ْ O...
ُ
الرفث ما كان عند النساء.
الرفث! فقال O:إنما َّ
إن هذا من َّفقيل لهَّ :
علي رضوان اهلل عليه ودخل على بعض أهل البصرة ،ولم يكن
وقول ٍّ
في حسبه بذاك ،فقال O:من في هذه البيوت؟ فقال O:عقائل من عقائل
طق به " .
أير أبيه ينت ْ
العرب O.فقال " :من َيطُ ْل ُ
علي في التَّ ُّنزه ُي َع َّول.
فعلى ٍّ
طلب رضي اهلل عنه " :وأنت يا ابن مقطِّعةوقول حمزة بن عبد الم ّ
البظور ممن يكثِّر علينا! " .
ُ
البظور " . َّ
وحديث مرفوع " :من عذيري من ابن ِّأم سباع مقطعة ُ
ٌ
ولو َّ
تتبعت هذا وشبهه وجدته كثيرا.
وإ نما ُُوضعت هذه األلفاظ ليستعملها أهل اللغة ،ولو كان الرأي أالّ ُيلفظ
معنى ،ولكان في التَّحريم والصَّون للُغة العرب ألو ِل كونها
بها ما كان ّ
ً
أن تُرفع هذه األسماء واأللفاظ منها.
لكل ٍ
مقام مقال " . وقد أصاب َّ
كل الصَّواب Oمن قالِّ " :
رظي تَ ْجَبهه َّ
يتصوف ويتقشف ،علم قول امرأة رفاعة القّ ّ
َّ ممن
ولو كان ّ
تزوجت عبد
عند رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم غير محتشمةّ :إني ّ
الرحمن بن الزبير ،وإ ّنما معه مثل ُهدبة الثَّواب ،وكنت عند رفاعة
فطلَّقني -ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ما يزيد على التبسُّم حتى
قضت كالمها -فقال " :تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ ال ،حتَّى تذوقي
ْ
من ُعسيلته ويذوق من ُعسيلتك " .ورواه ابن المبارك عن معمر عن
ُّ
الزهري عن عروة عن عائشة رضي اهلل عنها لعلم ّأنه على سبيل
والرياء. التَّ ُّ
صنع ِّ
لعمهْ :أن َخ ُر عند الجماع؟ قال :يا وحديث ابن أخي أبي ِّ
الزناد إ ْذ يقول ِّ
بني،
أتنخر أنت؟ قال :يا ّ
ُ عم،
ني إذا خلوت فاصنع ما أحببت O.قال :يا ِّ
ُب َّ
عمك يجامع لظننت ّأنه ال يؤمن باهلل العظيم!.
لو رأيت َّ
المجان.
وهذان من ألفاظ ُ
وروي عن بعض الصَّالحين من التابعين رحمه اهلل ،أنه كان يقول في
ُ
قو ذكري على نكاح ما أحللت Oلي.
اللهم ِّ
دعائهَّ :
الحبابO:
وقال والبة بن ُ
َّ
وميراثية تمشي اختياالً O...من التكريه قاتلة الكالم
ِ
بالغالم ُقصر
أقسها O...إليه ولم أ ِّ
زي الغالم ولم ْ
لها ُّ
وقال ُعكاشة:
مزرر ٍة ...في ّ
زي ذي ٍ
ذكر سيماهُ سيماها مص َّ مطمومة َّ
الش ْعر في قُ ٍ
لهم
غلمان ْ
ٌ عليهم
ْ عز وج ّل " :يطوف
وأكثر من قول الشاعر قول اهلل ّ
دان
مكنون " وقال تبارك وتعالى " :يطوف عليهم وْل ٌٌ
ٌ كأنهم لؤلؤ
موضع من كتابه،
ٍ ٍ
بأكواب وأباريق " .فوصفهم في غير ُمخلَّدون.
وشوق إليهم ْأولياءه.
َّ
ونغمتها أرق،
وريح الجارية أطيب ،وثيابها أعطر ،ومشيتها أحسنْ ،
ف من حيث يحسنوالقلوب إليها أميل .ومتى أردتها من قُ َّد ٍام أو َخْل ٍ
ْ
ويح ّل وجدت ذلك كما قال الشاعر:
كالغصن في ِّ
تثنيها ِ
كالغالم تصلح لل ...أمرين ُ وصيفةٌ
استتمت في ُحسنها :إيها
َّ أكملها اهللُ ثم قال لها O...لما
جارية كأنها دمية في محراب ،قد ْأبدت ٍ ِّ
الحاج إلى قال :ونظر بعض
بالرفث ،فقال O:يا هذه ،تكلَّمين بمثل
ذراع كأنه ُجمارة ،وهي تكلَّ ُم َّ ٍ عن
يحج الجمل ،ألست تراني حاجة ،وإ نما ُّ
حاجة! قالت :لست ّ هذا وأنت َّ
جالسةً وهو يمشي! قال :ويحك ،لم أر مثلك فمن أنت؟ قالت O:أنا من
وصفهن َّ
الشاعر فقال: َّ اللواتي
طبيب
ُ بصير بأدواء ِّ
النساء ٌ فإنني ... فإن تسألوني ِّ
بالنساء ّ ْ
نصيب
ُ هن إذا شاب رأس المرء أو ق ّل ماله O...فليس له في ِّ
ود َّ
عجيب
ُ َّ
عندهن وشرخ َّ
الشباب ُ ردن ثراء المال حيث علمنه O... ُي ْ
قال (صاحب Oالجواري) :فإن الحديث قد جاء عن الرسول صلى اهلل
النساء والطِّيب ،وجعل قَُّرة عيني في الصالة " إلي ِّ
عليه وسلمُ " :حبِّبت َّ
.ولم يأت للغلمان مثل هذه الفضيلة .وقد فُتن بالنساء األنبياء عليهم
ويوسف ،عليهما السالم.
السالم ،منهم داودُ ،
وأحرقهم هشام بن عبد الملك O،وأحرقهم خالد بن عبد اهلل بأمر هشام.
وط لو اغتسل ِّ
بكل قطر ٍة أن الذي يعمل عمل قوم لُ ٍوفي الحديث مجاهد َّ
يزل نجساً. من السَّماء ِّ
وكل قطرة في األرض لم ْ
قال (صاحب Oالجواري) :قد جاء الحديث عن رسول اهلل صلى اهلل عليه
كاثر بكم األمم " . تزوجوا ِّ
فإني ُم ٌ وسلم قالَّ " :
الكيس " .يعني النكاحO.
فالكيس ْ
وجاء عنه " :إذا قضيتُم غزوكم ْ
مسكين رج ٌل ال زوجة له .مسكينةٌ
ٌ وقال النبي صلى اهلل عليه وسلم" :
مسكينةٌ امرأةٌ ال بعل لها " .
ثمرات
ُ تزوجوا والتمسوا الولد؛ َّ
فإنهم وجاء عنه صلى اهلل عليه وسلمّ " :
العقر " .
والع ُجز ُ
القلوب O.وإ ّياكم ُ
وكان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أكثر أهل عصره نساء ،وكذلك
كانت األنبياء عليهم السالم قبله.
ٍ
مسعود في مرضه الذي مات فيه. وقد تزوج ابن
زوجوني ال ألقى اهلل تعالى وأنا عزب.
وقال ُمعاذِّ :
ُجهد نفسي في ِّ
النكاح وروي عن عمر رضي اهلل عنه أنه قال :إني أل ْ
مني نسمةً تسبِّحه.
حتّى ُيخرج اهلل ّ
َّ
فإنهن أطيب أفواهاً ،وأنتق وروي أنه قال :عليكم باألبكار َّ
الشواب؛
أرحاماًO.
قال (صاحب Oالغلمان) :لو نظر كثيِّر وجمي ٌل وعروة ،ومن سميِّت من
نظرائهم ،إلى بعض خدم أهل عصرنا ممن قد اشتُرى بالمال العظيم
قد وقوام ،لنبذوا ٍ
اعتدال ،وجودة ٍّ وحسن
فراهة وشطاطاً ونقاء لونُ ،
وتركوه َّن بمزجر الكالب O.ولكنك
ُ وعزة وع ْفراء من حال ٍ
ق، ُبثينة ّ
والشقاء ونشؤوا ٍ
أجالف ُجفاةُ ،غ ُذوا بالبؤس َّ ٍ
بأعراب احتججت Oعلينا
فيه ،ال يعرفون من رفاعة العيش َّ
ولذات الدنيا شيئاًّ ،إنما يسكنون
القفار ،وينفرون من الناس كنفور الوحش ،ويقتاتون القنافذ والضِّبابO،
الدمنة ونعت المرأة،وينقُفُون الحنظل ،وإ ذا بلغ أحدهم ُجهده بكى على ِّ
ويشبهها بالبقرة والظَّبية ،والمرأة أحسن منهما .نعم حتَّى يشبِّهها
ّ
بالحية ،ويسِّميها شوهاء وجرباء ،مخافة العين عليها بزعمه.
ّ
فأما األدباء والظرفاء فقد قالوا في الغلمان فأحسنوا ،ووصفوهم
ّ
الجد منهم والهزل.
وقدموهم على الجواري ،في ّ
فأجادواّ O،
ِ
غريب غريب الحسن في ٍّ
قد ُ شبيهٌ بالقضيب وبالكثيب ...
ِ
الكثيب غصن O...ونيط بحقوه دعص ٍ براه اهلل بدراً فوق
ِ
القلوب أغن تولَّ ُد َّ
الشهوات منه O...فما تعدوه أهواء ُّ
الضمير من ُّ
الذ ِ
نوب عين ففاتت O...مسلَّمة َّ
وما اكتحلت به ٌ
ونزعت عنه ...ولم أدنس به دنس الم ِ
ريب ْ شغلت به الهوى
ُ
وقال آخر:
ُدمانه
سوالف أ ْ
ُ بظبي له ...
ٍ كلفت
ُ
عبتي بانه ٍ
قضيب على َر ْملة ...على ُش ْ
ٌ
وحشي ٍة ...وألفاظُ إنسانه
ّ له لحظ
وقال أبو نواس:
تطرب إلى ِ
هند ْ ال ِ
تبك ليلى وال
ِ
كالورد واشرب على الورد من حمراء
ْ
ِّ
والخد انحدرت في حْل ِ
ق شاربها ...رأيت حمرتها في العين ْ كأساً إذا
كف لؤلؤ ٍة ممشوقة ِّ
القد فالخمر ياقوتةٌ والكأس لؤلؤةٌ ...من ِّ
تسقيك من عينها سحراً ومن يدها .خمراً فما لك من سكرين من ُب ِّد لي
شيء خصصت Oبه من بينهم وحدي
ٌ نشوتان َّ
وللندمان واحدةٌ O...
وقال أيضاً:
الداء
كانت هي ُ إغراء ...وداوني بالتي ْ
ُ دع عنك لومي َّ
فإن اللوم
اء
سر ُ
حجر مسَّته َّ
صفراء ال تنزل األحزان ساحتها O...لو مسَّها ٌ
ُ
اء
وزن ُ
لوطي ّ
ٌّ حبان:
حر في ذي ذكر ...لها ُم ّكف ذات ٍ من ِّ
ألالء قامت بإبريقها واللَّيل معتكر َّ ...
فظل من وجهها في البيت
ُ ٌ
إغفاء
ُ فأرسلت من فم اإلبريق صافيةً َّ ...
كأنما أخذها بالعين ْ
ذل الزمان لهم O...فما يصيبهم إالَّ بما شاءوا في ٍ
فتية ُز ُه ٍر َّ
وأسماء هند
لمنزلة O...كانت تكون بها ٌٍ لتلك أبكي وال أبكي
ُ
قال صاحب الغلمان.....وقال النظام:
والنظير َّ O... َّ
مير وجل عن وصفك َّ
الض ُ بان بك الشكل َّ ُ
كبير
أمر وال ُ صغير ٍ
ُ ٍ
امتحان ... فليس ُيخطيك في
رس ُم الكرى بين الجفون ُمحي ُل ...عفَّى عليه ُبكاً عليك طوي ُل
ْ
َّ
بينهن قتي ُل أقلعت نظراته ...حتّى َّ
تشحط ْ يا ناظراً ما
أحللت Oمن قلبي هواك محلَّة ...ما حلَّها المشروب والمأكو ُل
وقال أيضاً:
ِ
وصفات ما ألقى من البلوى أفنيت فيك معاني الشكوى ...
قلَّ ُ
بت آفاق الكالم فما O...أبصرتني أغفلت عن معنى
ذم النساء:
ممن َّ
الهزل كقول بعضهم َّ
وإ ذا جئت إلى أصحابْ O
ِ
مصعب هذه الخمر فاشرب O...واسقني يا ابن
لقب َّ
معذ ِب وغنني ... :من ٍ
اسقنيها ِّ
مجن ِب
رب راج َّ
ط ْفلةٌ َّ O...
في َ
طمعت ّ
ْ
أسفرت لي :تنقَّبي
ْ لما رأيتها O...
قلت ّ
ِ
عقرب لست واهلل ُمدخالً O...إصبعي ُج ْح َر
وقال آخر:
ِ
باألرنب بالمرد مطمومةً ...وال أبيع الظّبي
ال أبتغي ُ
ِ
واالعقرب الج ْح َر يدي طائعاً O...أخشى من َّ
الحية ال أُدخل ُ
وقال آخر:
ِ
بعرتين ك أنثى O...عند أيري
ما يساوي ني ُ
دي ٍن بعد ِ
دين ّإنما نيك الجواري ُّ O...
حل ْ
ِ
صيتين الخ
ليس لألير حياةٌ O...غير ريح ُ
وهو الذي يقول:
ِ
الكاتب من كاتباً O...إن اللِّ ِ
واط َّ
سجيةٌ في ُّ
ّ وعلى اللواط فال تلُ ْ
الخصى ما عاش ليس ِ
بتائب ولقد يتُوب من المحارم كلِّها ... ،وعن ُ
الحكمي:
ّ وقال
ك من طمثه ومن ِ
حبله أمُن َ ٍ
أيسر ما فيه من مفاضلة ْ ...
الجد
وهذا قلي ٌل من كثير ما قالوا ،فقد قالت الشعراء في الغالم في ّ
والهزل فأحسنوا ،كما قالت الشعراء في الغزل َّ
والنسيب ،وال يضير
المحسن منهم أقديماً كان أو محدثاً.
وأحسن من
ُ أحسن من البقرة،
ُ الحسن أن الجارية الفائقة ُ
وقد نعلم ّ
ت به. كل ٍ
شيء ُشبِّهَ ْ الظَّبية ،وأحسن من ِّ
دام
الم ْ
فزمان ُ
ُ فإن تولَّى ما العيش إالَّ في جنون ِّ
الصبا ْ ...
الغالم
ْ الشيخ والى بها ...خمساً َّ
تردى برداء ُ كأساً إذا ما
التقشف والتزهيد في اللَّ َّذات تعمد فترك جميع َّ
الشهوات وإ ن كنت إلى ُّ
فأما أن تتلو
حجتناّ O.
فإن أنصفت فأْتنا بمثل ّ
وغيرهن أفضلْ O.
ّ من النساء
علينا القرآن وتأتينا بأحاديث ألَّفتها فهذا منك انقطاع .ومثلنا ومثلك في
وكوفي تفاخرا بعدد أشراف أهل البصرة وأشراف
ٍّ بصري
ٍّ ذلك مثل
للكوفي:
ّ البصري
ّ أهل الكوفة ،فقال
ٍ
رجال بالبصرة في أربع قبائل: هات في أربع قبائل الكوفة مثل أربعة
في تميم الكوفة مثل األحنف ،وفي بكر الكوفة مثل مالك بن مسمع ،وفي
قيس الكوفة مثل قتيبة بن مسلم ،وفي أزد الكوفة مثل المهلبO.
الكوفي :مخنف بن ُسليم من أزد السَّراة ،وهم أشرف من أزد
ّ فقال
ُعمان.
البصري :إنا لم نكن في شرف القبائل وفرق ما بينهما ،فإنما ذكرنا
ّ فقال
المهلب بنفسه ،وما علمت أن أحداً يبلغ من جهله أن يفخر بمخنف بن
وأخمل رجل من ولد المهلّب أشهر في
فيفضله على المهلبْ O.
ّ سليم
الواليات وفي الفرسان وفي الناس من مخنف .والمهلّب رج ٌل ليس له
وحه أكثر وأشهر من أن يجوز
وأيامه وفتُ ُ
نظير يقاومه ،ومناقبه ّ
بالعراق ٌ
مخنف .وما زالوا يقولون " :بصرة المهلّب " .ولو لنا أن نجعله إزاء ْ
لم يكن للمهلّب إالَّ أنه ولد يزيد بن المهلّب كان كافيا .ونحن إذا قلنا:
ليس في قيس الكوفة مثل قتيبة بن مسلم ،قال قائل :فزارة أشرف من
فإنما المعارضة أن تذكر أسماء بن
باهلة .قلنا :ليس هذه معارضة؛ ّ
خارجة ثم تقول ونقول ،فنذكر فتوح قتيبة العظامَّ ،
والشهامة والنفس
األبيةَّ ،
والشجاعة والحزم والرأي ،والوفاء ،وشرف الوالية ،ونذكر
فأما أن نتخطّى أنفسهما إلى قبائلهما كما
ُسودد أسماء ،وجوده ونوالهّ .
تخطَّيت بدن المهلَّب وبدن مخنف إلى ْأز ِد عمان ِ
وأزد السَّراة ،فهذا ليس
من معارضة العلماء.
ونسَّاكها فقلنا O:لنا مثل عامر بن
وز ّهادها ُ
وكذلك إذا ذكرنا ُعّباد البصرة ُ
فعَّباد الكوفة :أ ٌ
ُويس عبد قيس ،وهرم بن َّ
حيان ،وصلة بن أ ْشيم .قلتُ O:
النخعي .وهذا جواب. والربيع بن ُخثيم ،واألسود بن يزيد َّ
القرنيَّ ،
ّ
الدنيا والتمتُّع من ل ّذاتها وصفات محاسنها ،وتذكر
فأما أن تذكر طيب ُّ
ّ
الزهاد والفقهاء ،فقد انقطع الحجاج
ظرفاءها وأربابها ،وتجيئنا بأحاديث ّ
بيننا وبينك.
المزح والهزل ،ثم
وقد قلنا في صدر كتابنا :إن الكالم إذا ُوضع على ْ
تغير معناه وبطل.
الجدّ ،
أخرجته عن ذلك إلى غيره من ّ
شباب من
ٌ وقد ُروي َّ
أن معاوية سأل عمرو بن العاص يوماً -وعنده
ٍ
قريش قريش -فقال له :يا أبا عبد اهلل ،ما الل ّذة؟ فقالُ O:مر شباب
فليقوموا .فلما قاموا قال " :إسقاط المروءة " .
َّبر
لما ُغلب الص ُ
تجاسرت فكاشفةُ ...ك ّ
ينهتك السِّتْ ُر
وما أحسن في مثل O...ك أن ْ
قال (صاحب Oالجواري) :فنحن نترك ما أنكرت علينا ونقول :لو لم يكن
حالل وال حرام ،وال ثواب وال عقاب ،لكان الذي ُيحصِّله المعقول
الحس والوجدان ،داالً على َّ
أن االستمتاع بالجارية أكثر وأطول ويدركه ُّ
مدة؛ ألنه أقل ما يكون التمتُّع بها أربعون عاماً ،وليس تجد في الغالم
ّ
فأرداف
ٌ معنى إالَّ وجدته في الجارية وأضعافه .فإن أردت التفخيذ
ً
وثيرة ،وأعجاز بارزة ال تجدها عند الغالم .وإ ن أردت العناق فالثُّ ُّ
دي
معدوم في الغالم .وإ ن أردت طيب المأتى فناهيك ،وال ٌ النواهد ،وذلك
محاشه حدث هناك من الطَّفاسة
ِّ تجد ذلك عند الغالم .فإن أتوه في
كل عيش ،وينغص َّ
كل ل ّذة. يكدر َّ
والقذر ما ِّ
وفي الجارية من نعمة البشرة ولدونة المفاصل O،ولطافة الكفَّين
ِّ
والتثني وقلّة الحشن وطيب العرق ما ليس والقدمين ،ولين األعطاف،
ٍ
خصال ال تحصى ،كما قال الشاعر: للغالم ،مع
وم ْذ ِر ُ
ف جيد َ لها قسمةٌ من خوط ٍ
بان ومن نقاً ...ومن رشأ األقواز ٌ
وقال آخر:
الروادف
مشت O...ينوء بخصريها ثقا ُل َّ
ْ ٍ
ومجدولة جدل العنان إذا
وقال األحوص:
تخودا
صناع أنعمت أن َّ
ٍ كأنها O...عنان
من المدمجات اللحم َج ْدالً ّ
وأن ُّ
والتلذذ بهمَّ ، وحسن قدودهم ،ونعمة أبشارهم،
الخصيان ُ
ْ وذكرت
شيء ال تعرفه األوائل ،فألجأْتنا إلى نصف ما في الخصيان وإ ن لم
ٌ ذلك
إنما نقول في الجواري والغلمان.
كنا ّ
معنى في كتابنا ،إذ ّ يكن لذلك
ً
والخصي -رحمك اهلل -في الجملة ممثَّل به ،ليس برجل وال امرأة،
ُّ
الصبيان ،وفيه من العيوب
وأخالقه ُمقسَّمة بين أخالق النساء وأخالق ِّ
الخصي
َّ حوراء كان حقيقاً أن ُيزهد فيها منه؛ ألن
التي لو كانت في ْ
حد البضاضة ومالسة الجلد O،وصفاء اللَّون ُّ
والتنقل من ّ سريع ُّ
التبدل
ُّ
والتقبض ورقَّته ،وكثرة الماء وبريقه ،إلى التكسُّر والجمود والكمود،
الخصي َّ
وكأن َّ ألنك ترى ُّ
والتحدب ،وإ لى الهزال وسوء الحالّ O. والتجمد
ُّ
وكأنه
وكأنه ُجمارةّ ، َّ
صينيةّ ، السيوف تلمع في وجهه ،وكأنه مرآةٌ
وكأن في وجناته الورد .فإن مرض قضيب ّ ٍ
فضة قد مسَّه ذهبّ ،
مرضةً ،أو طعن في ِّ
السن ذهب ذهاباً ال يعود. ْ
قويت شهوته،
ْ الخصي إذا قُطع ذلك العضو منه
َّ إن
وقال بعض العلماءّ O:
وكثرت دمعته،
ْ وقويت معدته ،والنت جلدته ،وانجردت شعرته،
ْ
واتَّسعت ف ْقحته ،ويصير كالبغل الذي ليس هو جماراً وال فرساً؛ ّ
ألنه
مذبذب ال إلى هؤالء وال إلى هؤالء.
ٌ ٍ
برجل وال امرأة .فهو ليس
شدة حبِّهم
النكاح مع ّ
ومما ناله من الحسرة واألسف لما فاتهم من ّ
للنساء ،أبغضوا الفحول َّ
أشد من تباغض األعداء ،فأبغضوا الفحول
ُبغض الحاسد لذوي ِّ
النعمة.
ولوال خوف المالل والسآمة على الناظر في هذا الكتاب O،لقْلنا في
االحتجاج Oعليك بما ال يدفعه من كانت به ُمسكة عقلْ ،أو له معرفة.
وفيما ُقلنا ما أقنع وكفى .وباهلل الثِّقة.
ِ
رمسه والشيخ ال يترك أخالقه O...حتى ُيواري في ثرى
ُّ
لمدورة؛ ولو - 2وقال بعض اللوطيينَّ :إنما ُخلق األير للفَ ْقحةّ ،
مدوٌر َّ
كان للحر كان على صيغة الطَّ ْبرزين.
وقال شاعرهم:
- 9قال :علق رج ٌل من أهل المدينة امرأةً فطال عناؤه بها حتّى ظفر
بها ،فصار بها إلى منزل صدي ٍ
ق له ٍّ
مغن ،ثم خرج يشتري ما يحتاج
إليه ،فقالت له :لو َّ
غنيت لي صوتاً إلى وقت مجي صديقك!O.
فأخذ العود َّ
وتغنى:
تسميه أهل
الرهز .كذاك ِّ والقبعَّ :
النخير عند الجماع O.والغربلةَّ : ْ
المدينة.
- 19قال :كان هشام بن عبد الملك يقبض الثِّياب من عظم أيره ،فكتب
إلى عامله على المدينة " :أما بعد فاشتر لي عكاك َّ
النيك " .قال :وكان
مديني ظريف ،فقال له :ويحك ،ما عكاك ِّ
النيك؟ قال: ٌّ كاتب
له ٌ
الن َّخاسين فسألهم عن ذلك .فقالوا :عكاك ِّ
النيك فوجه إلى َّ
الوصائفَّ .
ووجه َّ
بهن إليه. منهن حاجتهّ ،
الوصائف البيض الطوال .فاشتري ّ
فلما ناكها
أير عظيم جداًَّ ، تزوج رج ٌل امرأةً وكان معه ٌ
- 20قالّ :
أدخله كلَّه في حرها ،ولم تكن تقوى عليه امرأة ،فلم تتكلَّم ،فقال لهاُّ :
أي
شيء حالك خرج من خلفك بعد؟ قالت :بأبي أنت وهل أدخلته؟ - ٍ
ٍ
مشوهٌ
سرية ،ورج ٌل في دارها دميم ّ
امرأة جميلة ّ قال:نظر رج ٌل إلى
يأمر وينهيَّ ،
فظن ّأنه عبدها ،فسألها عنه فقالت O:زوجي .قال :يا
تتزوجين مثل هذا؟ فقالت :لو
سبحان اهلل ،مثلك في نعمة اهلل عليك َّ
كشفت عن فخذها فإذا فيه
ْ استدبرك بما يستقبلني به لعظم في عينك .ثم
ضر ،فقالت :هذا خطاؤه فكيف إصابته.
ُبقع ُخ ْ
يتلوه إن شاء اللَّه تعالى كتاب القيان من كالم أبي عثمان عمرو بن ٍ
بحر
الجاحظ أيضاً O،واللَّه الموفق للصواب .والحمد للَّه أوالً وآخراً،
وصلواته على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسالمه.
كتاب القيان
من أبي موسى بن إسحاق بن موسى ،ومحمد بن خالد خذار خذاه ،وعبد
اهلل بن أيوب أبي ُسمير ،ومحمد بن حماد كاتب راشد ،والحسن بن
إبراهيم بن رباح ،وأبي الخيار ،وأبي الرنال O،وخاقان بن حامد ،وعبد
اليزيدي المعروف بمشرطة ،وعلك بن الحسن،
َّ اهلل بن الهيثم بن خالد
كبة ،وإ خوانهم المستمتعين بالنعمة ،والمؤثرين لل ّذة،
ومحمد بن هارون ّ
المتمتعين بالقيان وباإلخوان ،المعدين لوظائف األطعمة وصنوف
األشربة ،والراغبين بأنفسهم عن قبول شيء من الناس ،أصحاب Oالستر
والستارات ،والسرور والمراوءات.
الحس.
إلى أهل الجهالة والجفاء ،وغلظ الطبع ،وفساد ّ
ولم نعلم للغيرة في غير الحرام وجهاً ،ولوال وقوع التحريم لزالت
أحد أولى
فإنه كان يقال :ليس ٌ الغيرة ولزمنا قياس من ُّ
أحق بالنساء؛ َّ
المشام والتُّفَّاح الذي يتهاداه الناس بينهم.
ّ بهن من أحد ،وإ َّنما َّ
هن بمنزلة َّ
وفرق الباقي َّ
منهن على ولذلك اقتصر من له َّ
العدة على الواحدة َّ
منهنَّ ،
المقربين .غير ّأنه لما عزم الفريضة بالفرق بين الحالل والحرام،
ّ
ورخصوه فيما تجاوزه.
الحد المضروب لهمّ ، اقتصر المؤمنون على ِّ
حجاب ،وال كانوا يرضون مع
ٌ فلم يكن بين رجال العرب ونسائها
الخْلسة ،دون أن يجتمعوا على
الفْلتة وال لحظة ُ
سقوط الحجاب بنظرة َ
ويسمى المولع
َّ الحديث والمسامرة ،ويزدوجوا في المناسمة والمثافنة،
الزير ،المشتَّق من الزيارة .وك ّل ذلك بأعين األولياء
بذلك من الرجال ِّ
وحضور األزواج ،ال ينكرون ما ليس بمنكر إذا أمنوا المنكر ،حتّى لقد
حسك في صدر أخي ُبثينة من جميل ما حسك من استعظام المؤانسة،
وخروج العذر عن المخالطة ،وشكا ذلك إلى زوجها َّ
وهزه ما ح ّشمه،
ٍ
لجميل عند إتيانه بثينة ليقتاله ،فلما دنا لحديثه وحديثها سمعاه فكمنا
الرجال Oوالنساء ،فيما يشفي
يقول ممتحناً لها :هل لك فيما يكون بين ِّ
َّ
الحب ويطفئ نائرة الشوق؟ قالت :ال .قال :ولم؟ قالتَّ O:
إن غليل العشق ُ
أما واهلل لو
إذا نكح فسد! فأخرج سيفاً قد كان أخفاه تحت ثوبه ،فقالّ O:
فلما سمعا بذلك وثقا بغيبه وركنا إلى عفافه،
ْأنعمت لي لمألته منك! َّ
وانصرفا عن قتله ،وأباحاه النظر والمحادثة.
هذا .وأنتم تروون أن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه كان أغير
النبي صلى اهلل عليه وسلم قال له " :إني رأيت قصراً في
وأن َّالناسَّ ،
الجنة فسألت O:لمن هذا القصر؟ فقيل :لعمر بن الخطاب .فلم يمنعني من
غار
دخوله إالّ لمعرفتي بغيرتك " .فقال عمر رضي اهلل عنه :وعليك ُي ُ
نبي اهلل!.
يا َّ
وقال الحسن يوماً البن أبي عتيق :هل لك في العقيق؟ فخرجا فعدل
الحسن إلى منزل حفصة فدخل إليها َّ
فتحدثا طويال ثم خرج ،ثم قال البن
أبي عتيق :هل لك في العقيق؟ قال :نعم .فنزل بمنزلة حفصة ودخل،
مرة أخرى :هل لك في العقيق؟ فقال O:يا ابن أ ُِّم ،أال تقول :هل
فقال له َّ
لك في حفصة!!.
وكان الحسن في ذلك العصر أفضل أهل دهره .فلو كان محادثة النساء
إليهن حراماً وعاراً لم يفعله ولم يأذن فيه المنذر بن ُّ
الزبير ،ولم َّ
والنظر َّ
شر به عبد اهلل بن ُّ
الزبير. ُي ْ
ورأى معاوية كاتباً له يكلِّم جاريةً المرأته فاختة بنت قرظة ،في بعض
فزوجها منه ،فدخل
طُرق داره ،ثم خطب ذلك الكاتب تلك الجارية َّ
ِّ
متحشدة في تعبئة عطر لعرس جاريتها ،فقالO: معاوية إلى فاختة وهي
هوني عليك يا ابنة قرظة ،فإني أحسب االبتناء قد كان منذ حين!.
ِّ
فمن ذلك حديث الوصيفة التي اطلَّعت في كتاب عبد الملك بن مروان
الحجاج Oباللَّوم
سره ،فلما فشا ما فيه رجع على ّ
الحجاج Oوكان ُي ُّ
إلى ّ
وتمثَّل:
أن وشاة الرجا O...ل ال يتركون أديماً صحيحاً ألم َتر َّ
نصيح نصيحا
ٍ لكل سرك إالَّ إليك َّ O...
فإن ِّ فش َّفال تُ ِ
فنمت عليه.
ثم نظر فوجد الجارية كانت تقرأ َّ
ومن ذلك حديثه حين نعس فقال للفرزدق وجرير واألخطل :من وصف
ويحسن التمثيل ،فهذه الوصيفة له .فقال ٍ
وبمثل ُيصيب فيه ُ ُنعاساً ٍ
بشعر
الفرزدق:
ٍ
جالميد تركن به وقرا رماه الكرى في الرأس حتَّى َّ
كأنه ...أميم
فقال O:شدختني ويلك يا فرزدق! فقال جرير:
ولم تزل القيان عند الملوك من العرب والعجم على وجه َّ
الدهر .وكانت
تع ُّد الغناء أدباً ُّ
والروم فلسفةً. فارس ُ
ِ
الكرام ت دونه أُذن حن مزهرها إليها َّ O...
وحن ْ إذا ما َّ
كأنهم وما ناموا ِ
نيام وأصغوا نحوه اآلذان حتَّى ّ ...
وقال في سالَّمة:
إن من ِّ
الشعر لحكمةً " . وقد قال النبي عليه السالمَّ " :
حسن،
كالم ،فحسنه ٌ
وقال عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه " :الشعر ٌ
وقبيحه قبيح " .
يضره ذلك،
وال نرى وزن الشعر أزال الكالم عن جهته ،فقد يوجد وال ُّ
وال يزيل منزلته من الحكمة.
فإن الرقيق تجارةٌ من التجارات تقع عليه المساومات والمشاراة وبعد َّ
تأمالً ّبيناً
ويتأماله ُّ
ّ بالثَّمن ،ويحتاج البائع والمبتاع إلى أن يستشفَّا العلق
يجب فيه خيار الرؤية المشترط في جميع البياعات .وإ ن كان ال ُيعرف
عدد وال مساحة؛ فقد ُيعرف بالحسن والقبح. وزن وال ٍبكيل وال ٍمبلغه ٍ
وال يقف على ذلك أيضاً إالّ الثاقب Oفي نظره ،الماهر في بصره ،الطَّ ُّ
ب
وأرق من أن يدركه ُّ
كل من أبصره. ُّ فإن أمر الحسن ُّ
أدق بصناعته؛ ّ
وأنا مبين لك الحسن .هو التمام واالعتدال .ولست أعني بالتمام تجاوز
مقدار االعتدال كالزيادة في طول القامة ،وكدقة الجسم ،أو عظم
الجارحة من الجوارح ،أو سعة العين أو الفم ،مما يتجاوز مثله من
الخلق؛ فإن هذه الزيادة متى كانت فهي نقصان من
الناس المعتدلين في َ
الحسن ،وإ ْن عدت زيادة في الجسم.
والحدود حاصرةٌ ألمور العالم ،ومحيطة بمقاديرها الموقوتة لهاُّ ،
فكل
ٍ
شيء خرج عن ِّ
الحد في ُخلُق ،حتّى في الدين والحكمة الذين هما أفضل
قبيح مذموم.
األمور ،فهو ٌ
وأما االعتدال فهو وزن الشيء ال الكمية ،والكون كون األرض ال
استواؤها.
ثم هذا أيضاً وزن اآلنية وأصناف الفُُرش والو ْشي واللباس ،ووزن
القنوات التي تجري فيها المياه.
الزرع والغرس والتفسُّح في مما ال يمنع الناظر من النظر إلى َّ فال َّ
بد ّ
ويسمى ذلك كلُّه له ِحالًّ ما لم يمد له
ّ خضرته واالستنشاق من روائحه.
حب ٍة من خردل بغير حقِّها فعل ما ال ُّ
يحل، مد يداً إلى مثقال ّ
يداً .فإذا ّ
وأكل ما يحرم عليه.
َّ
ومصافحتهن للسَّالم، َّ
ومفاكهتهن ،ومغازلتهن وكذلك مكالمة القيان
عليهن للتَّقليب والنظر ،حال ٌل ما لم ْ
يشب ذلك ما يحرم. َّ ووضع اليد
وقد استثنى اهلل تبارك وتعالى اللَّمم فقال " O:الذين يجتنبون كبائر اإلثم
ربك واسع المغفرة " .قال عبد اهلل بن مسعود، إن َّ َّ َّ
والفواحش إال اللمم ّ
فإن َّ
تقدم وسئل عن تأويل هذه اآلية فقال O:إذا دنا الرجل من المرأة ْ ُ
فلمم .وقال غيره من الصَّحابة :القبلة واللَّ ْمس .وقال ففاحشة ،وإ ْن َّ
تأخر ٌ
آخرون :اإلتيان فيما دون الفرج.
قلنا :إن األحكام ّإنما على ظاهر األمور ،ولم يكلِّف اهلل العباد الحكم
فيقضى للرجل باإلسالم بما يظهر على الباطن ،والعمل على َّ
النياتُ O،
ادعى يلده األب الذي َّ
ويقضى ّأنه ألبيه ولعلّه لم ْ
منه ولعلّه ملحد فيهُ ،
مشهور باالنتماء إليه .ولو ُكلِّف من
ٌ ط ،إالَّ ّأنه مولود على فراشه،
إليه ق ّ
ٍ
بواحد من هذين المعنيين على الحقيقة لم تقم عليه شهادة. ٍ
لرجل يشهد
ثم
ومن يحضر مجالسنا ال يظهر نسباً مما ينسبونه إليه ،ولو أظهر َّ
أغضينا له عليه لم يلح ْقنا في ذلك إثم.
والحسب َّ
والنسب الذي بلغ به القيان األثمان الرغيبة إنما هو الهوى.
الرقيق لم تجاوز الواحدة َّ
منهن ثمن الرأس ولو اشترى على مثل شرى َّ
ٍ
جارية فبالعشق ولعله كان ينوي في الساذج .فأكثر من بالغ في ثمن
الريبة ،ويجد هذا أسهل سبيالً إلى شفاء غليله ثم َّ
تعذر ذلك عليه أمرها ِّ
فصار إلى الحالل وإ ن لم ينوه ويعرف فضله ،فباع المتاع َّ
وحل العقد
بالعبَِّّية حتى ابتاع الجارية.
وأثقل ظهره ُ
فإنه ال
عليهن؛ ّ
ّ وال يعمل عمالً ينتج خيراً غير إغرائه بالقيان وقيادته
فيهن العشق ،فيعوق عن ذلك ضبط الموالي
ينجم األمر إالّ وغايته ّ
ومراعاة الرقباء َّ
وشدة الحجاب O،فيضطر العاشق إلى الشراء ،ويح ّل به
الفرج O،ويكون الشيطان المدحور.
داء ال يملك دفعه ،كما ال يستطاع دفع عوارض األدواء إالّ والعشق ٌ
بالحمية ،وال يكاد ينتفع بالحمية مع ما تولِّد األغذية وتزيد في الطبائع
باالزدياد في الطُّعم.
الروح ويشتمل
داء يصيب ُّ حد العشق لتعرف َّ
حده :هو ٌ واصف لك َّ
ٌ وأنا
على الجسم بالمجاورة ،كما ينال الروح الضعف في البطش والوهن في
المرء ينهكه .وداء العشق وعمومه في جميع البدن بحسب منزلة القلبO
وأنه
من أعضاء الجسم .وصعوبة دوائه تأتي من قبل اختالف عللهّ ،
يتركب من وجو ٍه شتَّى ،كالحمى التي تعرض َّ
مركبةً من البرد والبلغم.
فمن قصد لعالج أحد الخلطين كان ناقصاً من دائه زائداً في داء الخلط
اآلخر ،وعلى حسب قوة أركانه يكون ثبوته وإ بطاؤه في االنحالل.
ابتداء في
ٌ الحب والهوى ،والمشاكلة واإللف ،وله
ّ فالعشق يتركب من
المصاعدة ،ووقوف على غاية ،وهبوطٌ في التوليد إلى غاية االنحالل
ووقف المالل.
اسم واقع على المعنى الذي رسم به ،ال تفسير له غيره؛ ألنه قد
والحب ٌ
ّ
يحب المؤمن ،وإ ن الرجل
وعز ّ يقال :إن المرء ُّ
يحب اهلل ،وإ ن اهلل ج ّل ّ
ُّ
ويحب على ُّ
ويحب صديقه وبلده وقومه، يحب والده ُّ
يحب ولده ،والولد ّ
الحب ال ُيكتفي
ّ يسمي ذلك عشقاً .فيعلم حينئذ أن اسم
أي جهة يريد وال َّ
به في معنى العشق حتّى تُضاف إليه العلل األُخر إالّ أنه ابتداء العشق،
وربما عدل عنهما.
الحق واالختيارّ ،
ّ فربما وافق ثم يتبعه ُّ
حب الهوى ّ
وهذه سبيل الهوى في األديان والبلدان وسائر األمور .وال يميل صاحبه
حجته واختياره فيما يهوى .ولذلك قيل " :عين الهوى ال تصدق "
عن ّ
ويصم " .يتخذون أديانهم أرباباً ألهوائهم.
ّ حبك الشيء يعميوقيلُّ " :
أن العاشق كثيراً ما يعشق غير ِّ
النهاية في الجمال O،وال الغاية في وذلك َّ
حجته في
الكمال O،وال الموصوف بالبراعة والرشاقة ،ثم إن سئل عن ّ
حجة.
ذلك لم تقم له ّ
يسميان عشقاً ،فيكون ذلك في الولد ُّ
الحب والهوى وال َّ ثم قد يجتمع
والدواب .فلم نر أحداً
ّ والصنف من اللِّباس والفرش
ِّ والصديق والبلد،
حب بلده وال ولده ،وإ ن كان قد
منهم يسقم بدنه وال تتلف روحه من ّ
يصيبه عند الفراق لوعةٌ واحتراق.
وقد رأينا وبلغنا عن كثير ممن تلف وطال ُجهده وضناه بداء العشق.
الحب والهوى المشاكلة ،أعني مشاكلة الطبيعة،
ّO فعلم ّأنه إذا أضيف إلى
َّ
المركب في جميع الفحول َّ
وحب النساء الرجال، حب الرجال Oالنساء
أي ّ
واإلناث من الحيوان ،صار ذلك عشقاً صحيحاً O.وإ ن كان ذلك عشقاً من
يسم عشقاً إذا فارقت ذكر ٍ
لذكر فليس إال مشتقّاً من هذه الشهوة ،وإ الّ لم َّ
الشهوة.
ثم لم نره ليكون مستحكماً عند َّأول لُقياه حتَّى يعقد ذلك اإللف ،وتغرسه
الحبة في األرض حتَّى تستحكم
المواظبة في القلب O،فينبت كما تنبت ّ
وربما صار لها كالجذع السَّحوق والعمود الصُّلبO
وتشتد وتثمرّ ،
الشديد .وربما انعقف فصار فيه بوار األصل .فإذا اشتمل على هذه
العلل صار عشقاً تاماً.
ثم صارت قلّة العيان تزيد فيه وتوقد ناره ،واالنقطاع يسعِّره حتى يذهل
وينهك البدن ،ويشتغل القلب Oعن ِّ
كل نافعة ،ويكون خيال المعشوق
نصب عين العاشق والغالب على فكرته ،والخاطر في ِّ
كل حالة على
قلبه.
َّ
واضمحل على واستمرت األيام نقص على الفرقة،
َّ وإ ذا طال العهد
المطاولة ،وإ ن كانت كلومه وندوبه ال تكاد تعفو آثارها وال ترس
رسومها.
ٍ
مناسبة بينهما في عشق بين اثنين يتساويان فيه إالّ عن
ٌ َّ
وقل ما يكون
والخلُق وفي الظَّرف ،أو في الهوى أو الطِّباع .ولذلك
الخْلق ُ
الشبه في َ َّ
ما نرى الحسن يعشق القبيح ،والقبيح ُّ
يحب الحسن ويختار المختار
فيتوهم الغلط
ّ األقبح على األحسن ،وليس يرى االختيار في غير ذلك
لكنه لتعارف األرواح وازدواج القلوب.
عليهّ ،
ومن اآلفة عشق القيان على كثرة فضائلهن ،وسكون النفوس َّ
إليهن،
هن يجمعن لإلنسان من اللّ َّذات ما ال يجتمع في ٍ
شيء على وجه َّ
وأن َّ
األرض.
لحاسة ٌّ ُّ َّ
بالحواس ،والمأكول والمشروب حظ ّ
ّ إنما تكون
واللذات كلها ّ
الذوق ال يشركها فيه غيرها .فلو أكل اإلنسان المسك الذي هو حظُّ
َّ
األنف وجده بشعاً واستقذره ،إ ْذ كان دماً جامداً .ولو تنسَّم أرواح
األطعمة الطَّيبة كالفواكه وما أشبهها عند انقطاع الشهوة ،أو َّ
ألح َّ
بالنظر
إلى ٍ
شيء من ذلك ،عاد ضرراً .ولو أدنى من سمعه كل طيِّب وطيب لم
يجد له َّ
لذة.
ٍ
مليحة نغماتُها ٍ
وصحيفة تحكي َّ
الضمي ...ر
استبطاتُها
جاءت Oوقد قرح الفؤا ...د لطول ما ْ
فضحكت حين رأيتُها ...وبكيت حين قراتُها
أنكرت O...فتبادرت عبراتُها
ْ عيني رأت ما
أظلوم ،نفسي في يدي O...ك :حياتُها ووفاتُها
ثم تغنت حينئذ:
عظيم
ُ خطر عليك
نعيم ...وصدوده ٌ المحب إلى الحبيب ُ ِّ نظر
تتهنأ بالطعام وجداً به ،وال ُّ
تمل - ثم أخبرته ّأنها ال تنام شوقاً إليه ،وال َّ
إذا غاب ُّ -
الدموع فيه ،وال ذكرتْه إال َّ
تنغصت ،وال هتفت باسمه إالّ
ارتاعتَّ ،
وأنها قد جمعت ِّقنينةً من دموعها من البكاء عليه ،وتنشد عند
موافاة اسمه بيت المجنون:
فلو لم يكن إلبليس شرك يقتل به ،وال علم يدعو إليه ،وال فتنةٌ يستهوي
بها إالّ القيان ،لكفاه.
لهنَّ ،
ولكنه من فرط المدح .وقد جاء في األثر " :خير بذم َّ
وليس هذا ٍّ
نسائكم السَّواحر الخالَّبات. " O
َّ
ترميهن في َّ
عليهن مخارج بيوت الكشاخنة منعهن ِّ
الزنى غلبه َّ ثم إذا
لهن َّ
كل أن غفروا َّ ِّ
بالحب ْ أمهات أوالد من قد بلغ ُحجور ُّ
الزناة .ثم َّ
هن َّ
منهن على ِّ
كل عيب. ذنب ،وأغضوا َّ
َّ
عذرتهن ،وإ ذا انتقلن إلى منازل كن في منزل ٍ
رجل من السُّوقة وإ ذا َّ
الع ْذر .والسبب فيه واحد ،والعلّة سواء.
الملوك زال ُ
نما تكتسب
وكيف تسلم القينة من الفتنة أو يمكنها أن تكون عفيفةً ،وإ ّ
األهواء ،وتتعلَّم األلسن واألخالق بالمنشأ ،وهي تنشأ من لدن مولدها
إلى أوان وفاتها بما ُّ
يصد عن ذكر اهلل من لهو الحديث ،وصنوف اللعب
والمجان ،ومن ال يسمع منه كلمة ٍّ
جد وال َّ واألخانيث O،وبين الخلعاءO
مروة. يرجع منه إلى ٍ
ثقة وال دين وال صيانة َّ ُ
ٍ
صوت فصاعداً ،يكون الصَّوت فيما وتروي الحاذقة منهن أربعة آالف
بين البيتين إلى أربعة أبيات ،عدد ما يدخل في ذلك من ِّ
الشعر إذا
بيت ،ليس فيها ذكر اهلل عن غفلة وال ضرب بعضه ببعض عشرة آالف ٍ
ُ
ترغيب في ثواب؛ Oوإ نما ُبنيت كلُّها على ذكر
ٌ ترهيب من عقاب ،وال
الزنى والقيادة ،والع ْشق والصَّبوةَّ ،
والشوق والغْلمة. ِّ
ثم ال ُّ
تنفك من الدراسة لصناعتها َّ
منكبةً عليها ،تأخذ من المطارحين
مضطرةٌ إلى ذلك
َّ تجميش وإ نشادهم مراودة .وهي
ٌ الذين طرحهم كلُّه
نقصت O،وإ ن لم تستفد
ْ ألنها إن جفتْها تفلَّتت ،وإ ْن أهملتْها
في صناعتها؛ َّ
نقصان أقرب O.وإ َّنما فرق بين أصحابO
ٍ وكل واقف فإلىوقفتُّ .
ْ منها
الصناعات Oوبين من ال ُيحسنها ُّ
التزي ُد فيها ،والمواظبة عليها .فهي لو
أرادت الهُدى لم تعرفه ،ولو بغت الغفلة لم تقدر عليها ،وإ ْن َّثبتت ُح ّجة
ألن فكرهاخاصته؛ ّّ ِّ
المتفكر زالت عنها أبي الهُذيل فيما يجب على
وقلبها ولسانها وبدنها ،مشاغيل بما هي فيه ،وعلى حسب ما اجتمع
عليها من ذلك في نفسها لمن يلي مجالستها عليه وعليها.
بالرغبة كما
أن الناس يقصدونه في رحله َّ منا ّ
ومن فضائل الرجال ّ
ويوصل وال َّ
فيزار وال ُيكلف الزيارةُ ،
ُيقصد بها للخلفاء Oوالعظماءُ ،
ويهدى له وال تُقتضى منه َّ
الهدية ،وتبيت العيون ُيحمل على الصِّلةُ ،
ِّ
متصدعة ،واألماني ساهرةً والعيون ساجمة ،والقلوب واجفة ،واألكباد
وتضمه يده ،مما ليس في جميع ما يباع
ُّ واقفة ،على ما يحويه ملكه
العقد َّ
النفيسة .فمن يبلغ شيئاً من الثمن ويقتنى ،بعد ُ
ويشترى ،ويستفاد ُ
ُ
عون ،مائةُ ألف دينار وعشرون ألف دينار.
حبشية جارية ْ
ّ ما بلغت
ويرسلون إلى بيت مالكها بصنوف الهدايا من األطعمة واألشربة ،فإذا
جاءوا حصلوا على النظر وانصرفوا بالحسرة ،ويجتني موالها ثمرة ما
ويكفي مؤونة جواريه. َّ
غرسوا ويتملى به دونهمُ ،
فالذي يقاسيه الناس من عيلة العيالِّ ،
ويفكرون فيه من كثرة عددهم
يهتم بغالء ٍ
بمعزل :ال ُّ وعظيم مؤونتهم ،وصعوبة خدمتهم ،هو عنه
الدقيق ،وال عوز السَّويق ،وال َّ
عزة الزيت ،وال فساد النبيذ؛ قد ُكفي
حسرته إذا نزر ،والمصيبة فيه إذا حمض ،والفجيعة به إذا انكسر.
ويلقي أبداً ثم يستقرض إذا أعسر وال ُي ُّ
رد ،ويسأل الحوائج فال ُيمنعُ ،
حيا بطرائف األخبار، وي َّ وي َّ
فدى إذا ُدعيُ ، باإلعظامَّ ،
ويكنى إذا نوديُ ،
الربطاء عليه ،ويتبادرون في
ويطلع على مكنون األسرار ،ويتغاير ُّ
ُ
وده ،ويتفاخرون بإيثاره. ُّ
ويتشاحون في ّ ِّبره،