You are on page 1of 25

‫جملة أحباث كلية الرتبية األساسية‪ ،‬اجمللد ‪ ،١١‬العدد ‪٢‬‬

‫منحوتات احليوانات املركبة يف بالد الرافدين ووادي النيل‬


‫(مناذج منتخبة)‬
‫اسراء عبد السالم مصطفى‬
‫قسمﺑﻼﺩاالاثر‬
‫ﺍﻟﺮﺍﻓﺪﻳﻦ ﻭﻭﺍﺩﻯ ﺍﻟﻨﻴﻞ ‪ :‬ﻧﻤﺎﺫﺝ ﻣﻨﺘﺨﺒﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺔ‪/‬ﻓﻰ‬
‫كلية االاثر‬
‫ﻣﻨﺤﻮﺗﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬

‫ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔقبول النشر‪٢١١١/٩/٢١ :‬‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ ﺃﺑﺤﺎﺙ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ‬


‫‪٢١١١‬؛ اتريخ‬ ‫اتريخ تسليم البحث‪/٥/١١ :‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻤﻮﺻﻞ ‪ -‬ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ملخص البحث‪:‬‬
‫ﻣﺼﻄﻔﻰ‪ ،‬ﺍﺳﺮﺍﺀ ﻋﺒﺪﺍﻟﺴﻼﻡ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫البحث مجلة من النتائج وميكن إجياز أمهها ابآليت‪:‬‬ ‫ﻣﺞهذا‬
‫‪ ,11‬ﻉ ‪2‬‬ ‫يتضح لنا بعد من عرض‬
‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪ -:‬املنحواتت اليت صورتﻧﻌﻢمنحواتت احليواانت املركبة واليت عرفت ابلثريان اجملنحـة أو األسود كانت توضع يف‬
‫‪1‬‬
‫املعابد وذلك العتقادهم أبهنا اآلهلـة أو املالك احلارس واليت حتمي املدينة أو القصر‬
‫ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪ :‬املدن والقصور و‬
‫‪2011‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ مداخل‬
‫القدرة‪448‬على طرد األرواح الشريرة‪ .‬ومحاية أرواح الصاحلة فالثريان واألسود الضخمة كانت‬
‫‪- 471‬‬
‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬وسكاهنا من الشرور وهلا‬
‫‪432623‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫حتمـي مـن األعداء املنظورين وغري املنظورين لبالد الرافدين‪ .‬وغالبا ما كانت تتـألف مـن جسـم حيوان ممثل األسد‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫طائر‪ .‬وميكن أن نفسر أهنا مجعت يف مظهرها بني شجاعة وقوة األسد‪ ،‬وثبات‬ ‫وجناحي‬
‫‪EduSearch‬‬
‫إنسان‬ ‫أس‬ ‫ر‬‫و‬ ‫الثور‬ ‫أو‬
‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫الطيور‬ ‫ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ وعلى‬
‫ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ‪،‬‬ ‫النسر‪ ،‬على اجلو‬ ‫سيطرة‬
‫ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ‬ ‫تعكس‬
‫ﺍﻵﺛﺎﺭ‬ ‫األجنحة‬
‫ﺍﻟﻨﺤﺖ ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺘﻤﺎﺛﻴﻞ‪ ،‬اما‬
‫ﺍﻻﺛﺮﻳﺔ ‪،‬‬ ‫ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔـة ‪،‬حيواانت‬
‫ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ او اخلمس‬
‫الثور وثباته‪ ،‬وبـأطراف األربعـة‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕإىل جانـب وذلك‬ ‫ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻋﻮﻧﻴﺔ ‪ ،‬ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺮﺍﻓﺪﻳﻦ ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ‪ ،‬ﻭﺍﺩﻯ ﺍﻟﻨﻴﻞ ‪،‬‬
‫منطقة البطن‬ ‫كلهـا‪ .‬واعتقـدوا مبعرفة احليوان املركب للسباحة لذا زودوه حبراشف السمك يف‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/432623‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫كله فان عقل اإلنسان املدبر واحلكيم كان يسيطر على احل يوان املركب لذاعال رأسه الذ يعلوه ات مقرن هو‬
‫ات اخلاص ابآلهلة‪.‬‬
‫‪ -2‬معظم منحواتت احليواانت املركبة املصرية حنتت لتصوير ملـوكهم مـن الفراعنـة ألن امللوك املصريني عملوا على أتليه‬
‫أنفسهم لذا حظوا بعد موهتم قدسية خاصة‪ ،‬اما متاثيل امللوك كانت تصنع من مواد صلبة كاألحجار الديواريت‬
‫والكرانيت يرجع ذلك إىل أسباب جوهرية أمهها رغبة النحات املصر استخدام األحجار اخلالدة لكي يضمن‬
‫خلود األثـر‪.‬‬
‫ومعظم منحواتت احليواانت املركبة املصرية كانت بوضعية اجللوس‪.‬‬
‫‪ -3‬زينت منحواتت احليواانت املركبة اآلشورية ابلتيجان املقرنة لتدل على األلوهية‪.‬‬
‫‪ -4‬عمل حنات واد النيل على تزيني رأس هذه املنحوتـات بعصـابة او بلبـاس الـراس املصر الفرعوين حبيث يتدىل‬
‫على عنق التمثال وصوال إىل صدره ليقو هذا اجلـزء الضعيف‪ ،‬ويكون للرأس مبثابة الدعائم‪ ،‬كما كانوا ينحتون‬
‫خصالت شعر غزيرة متدليـة على املنكبني يف متاثيلهم ليحققوا نوعا من الزينة عليها‪.‬‬
‫‪ -5‬طريقة النحت اآلشور تعتمد على حنت التمثال أبربعة أرجل أحيانـا او خبمسـة أرجـل لتحقيق الثبات واالستقرار‬
‫واحليوية‪ ،‬بينما عمل النحات املصر على حنته أبربعة أرجل بشكل اعتياد ملنحواتته‪.‬‬
‫صورت منحواتت احليواانت املركبة املصرية كانت اعتقـادا مـن املصريني القدماء حلماية‬ ‫اليت ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ‬‫املنحواتت‬ ‫‪-2019‬ﺩﺍﺭمعظم‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ‬ ‫© ‪6‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬األرواح بعد املوت‪.‬‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ‬

‫‪444‬‬
‫جملة أحباث كلية الرتبية األساسية‪ ،‬اجمللد ‪ ،١١‬العدد ‪٢‬‬

‫منحوتات احليوانات املركبة يف بالد الرافدين ووادي النيل‬


‫(مناذج منتخبة)‬
‫اسراء عبد السالم مصطفى‬
‫كلية االاثر ‪ /‬قسم االاثر‬
‫اتريخ تسليم البحث‪٢١١١/٥/١١ :‬؛ اتريخ قبول النشر‪٢١١١/٩/٢١ :‬‬
‫ملخص البحث‪:‬‬
‫يتضح لنا بعد من عرض هذا البحث مجلة من النتائج وميكن إجياز أمهها ابآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬املنحواتت اليت صورت منحواتت احليواانت املركبة واليت عرفت ابلثريان اجملنحـة أو األسود كانت توضع يف‬
‫مداخل املدن والقصور واملعابد وذلك العتقادهم أبهنا اآلهلـة أو املالك احلارس واليت حتمي املدينة أو القصر‬
‫وسكاهنا من الشرور وهلا القدرة على طرد األرواح الشريرة‪ .‬ومحاية أرواح الصاحلة فالثريان واألسود الضخمة كانت‬
‫حتمـي مـن األعداء املنظورين وغري املنظورين لبالد الرافدين‪ .‬وغالبا ما كانت تتـألف مـن جسـم حيوان ممثل األسد‬
‫أو الثور ورأس إنسان وجناحي طائر‪ .‬وميكن أن نفسر أهنا مجعت يف مظهرها بني شجاعة وقوة األسد‪ ،‬وثبات‬
‫الثور وثباته‪ ،‬وبـأطراف األربعـة او اخلمسـة حيواانت‪ ،‬اما األجنحة تعكس سيطرة النسر على اجلو وعلى الطيور‬
‫كلهـا‪ .‬واعتقـدوا مبعرفة احليوان املركب للسباحة لذا زودوه حبراشف السمك يف منطقة البطن إىل جانـب وذلك‬
‫كله فان عقل اإلنسان املدبر واحلكيم كان يسيطر على احل يوان املركب لذاعال رأسه الذ يعلوه ات مقرن هو‬
‫ات اخلاص ابآلهلة‪.‬‬
‫‪ -2‬معظم منحواتت احليواانت املركبة املصرية حنتت لتصوير ملـوكهم مـن الفراعنـة ألن امللوك املصريني عملوا على أتليه‬
‫أنفسهم لذا حظوا بعد موهتم قدسية خاصة‪ ،‬اما متاثيل امللوك كانت تصنع من مواد صلبة كاألحجار الديواريت‬
‫والكرانيت يرجع ذلك إىل أسباب جوهرية أمهها رغبة النحات املصر استخدام األحجار اخلالدة لكي يضمن‬
‫خلود األثـر‪.‬‬
‫ومعظم منحواتت احليواانت املركبة املصرية كانت بوضعية اجللوس‪.‬‬
‫‪ -3‬زينت منحواتت احليواانت املركبة اآلشورية ابلتيجان املقرنة لتدل على األلوهية‪.‬‬
‫‪ -4‬عمل حنات واد النيل على تزيني رأس هذه املنحوتـات بعصـابة او بلبـاس الـراس املصر الفرعوين حبيث يتدىل‬
‫على عنق التمثال وصوال إىل صدره ليقو هذا اجلـزء الضعيف‪ ،‬ويكون للرأس مبثابة الدعائم‪ ،‬كما كانوا ينحتون‬
‫خصالت شعر غزيرة متدليـة على املنكبني يف متاثيلهم ليحققوا نوعا من الزينة عليها‪.‬‬
‫‪ -5‬طريقة النحت اآلشور تعتمد على حنت التمثال أبربعة أرجل أحيانـا او خبمسـة أرجـل لتحقيق الثبات واالستقرار‬
‫واحليوية‪ ،‬بينما عمل النحات املصر على حنته أبربعة أرجل بشكل اعتياد ملنحواتته‪.‬‬
‫‪ -6‬معظم املنحواتت اليت صورت منحواتت احليواانت املركبة املصرية كانت اعتقـادا مـن املصريني القدماء حلماية‬
‫األرواح بعد املوت‪.‬‬

‫‪444‬‬
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫‪ -7‬مل تظهر على منحواتت احليواانت املركبة املصرية أية حراشـف أو أجنحـة خبـالف املنحواتت املركبة اآلشورية إذ‬
‫جند فيها حراشف األمساك واألجنحة واليت غالبا ما تكـون مزخرفة بزخارف هندسية‪.‬‬
‫‪ -8‬اللحية الكثة اليت كانت موجودة يف التماثيل اآلشورية بينما ضمت التماثيل املصرية فقط الذقون املسرتسلة فقط‪.‬‬
‫‪ -9‬النحاتون اآلشوريون كانوا ينحتون األقراط ألغراض تزينيه أما يف مصر ال وجود هلـذه الفكرة يف منحواتهتم‪.‬‬
‫‪-11‬للمنحواتت اآلشورية املركبة واملصرية وظائف مجالية ومعمارية‪.‬‬
‫‪ -11‬مثة أتثريات عراقية ومصرية متداخلة يف املنحواتت املركبة وقد تبني ذلـك بدراسـة عناصرها الفنية والفكرية‪.‬‬
‫من تتبع النتاجات الفنية املكتشفة من بالد الرافدين وواد النيـل ظهـرت أمهيتهـا التارخيية اليت تساعد يف دعم‬
‫وأتكيد أصالة حضارة بالد الرافدين وواد النيل هبـذه األدلـة اليت ال يرقى الشك اليها وال ميكن الطعن هبا‪.‬‬

‫‪444‬‬
...‫منحواتت احليواانت املركبة يف بالد الرافدين‬

The Statues Compound Mesopotamia and Ancient Egypt


(Selected Samples)
Israa Abdulsalam Mostafa
College of Archeology/ Archeology Dept.
Abstract:
It is clear after the research has shown a set of results and the most important
ones can be summarized as:
1- The statues that represented the compound animals that were known as the
winged bulls or lions that were placed inside the gates of cities, palaces and
temples since the people believed that the gods or guard spirits that protect the
city of the palace or their inhabitants from the evils and that they have the
ability to expel the evil spirits and to protect the good ones. Thus the huge bulls
and lions were protecting from the visible and invisible enemies specially for
the Al-Rafidayn and Assyrian country.
2- The method of the Assyrian sculpture depends on carving the statue with four
legs and sometimes with five legs for achieving the firmness, stability and
vitality, while the Egyptian sculptor was craving ordinarily with four legs for
his sculptures.
3- Most sculptures that represented the Egyptian compound animals were as a
belief by the ancient Egyptians to protect the spirits after death.

454
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫متهيد‬

‫كان ألصالة احلضارة العراقية القدمية وتفوقها يف خمتلف اجملاالت أمهيتها يف إغنـاء احلضارة البشرية‪ ،‬إذ خلفت لنا‬
‫تلك احلضارة اليت ازدهرت عرب عصورها املتتابعـة والتـي متتد جذورها إىل عصور ما قبل التاريخ أاثرا كثرية تزين أروقة أشهر‬
‫متـاحف العـامل فـي الوقت احلاضر‪ .‬فعن طريق التنقيبات اليت أجريت يف مواقع عديدة مت الكشف عن الكثري مـن املعابد‬
‫واألبنية والقصور فضال عن العثور على اآلالف من القطـع الفنيـة الرائعـة متمثلـة متاثيل ادمية وثريان ودمى خرافية جمنحة‬
‫ومسالت ونصب تذكارية خمتلفة األشكال واألحجام ولوحات ومنحواتت ابرزة وجمسمة‪ ،‬وكانت ابدان هذه املنحواتت‬
‫تؤطر األجزاء السفلى مـن جدران القاعات واملمرات وأروقة القصور وحتمل مشاهد خمتلفة‪ ،‬لقد ارتبطت املفاهيم الفنية‬
‫ابملعتقدات الدينية يف العراق القدمي‪ ،‬فمنذ نشوء أوىل احلضارات كان للفكر الـديين تـأثري واضح على النتا الفين إلضفاء‬
‫املالمح التشكيلية الفنية من حيث اهليأة العامـة واملوضـوع واملادة املستخدمة ورمبا كان خوف العراقيني القدماء من املخاطر‬
‫اليت حتـدق هبـم ومنهـا خماطر الطبيعية املتمثلة ابلفيضاانت واالعاصري واحليواانت املفرتسة وغريها دعـتهم إلـى تقديس قوى‬
‫حلمايتهم من تلك املخاطر وجتسيد تلك القوى هبيات متنوعة أدميـة أو حيوانيـة او حيوانية مركبة‪ ،‬ومما جتدر اإلشارة إليه‬
‫أن أوىل النماذ الفنية اجملسـدة هلـذه منحوتـات احليواانت املركبة كانت يف العصر السومر احلديث (‪ 2114-2113‬م‪.‬‬
‫م) إذ تبـدو هيـأة الثريان املركبة ذات رؤوس بشرية على نقوش األختام االسطوانية وأذ ما انتقلنـا الـى بـالد واد النيل اليت‬
‫اشتهرت بتماثيلها الضخمة اىل جانب التماثيل ذات االحجام الطبيعية فـنالحظ عناية الفنان الفائقة ابلتكوين والتشكيل‬
‫الفين أذ أظهر اهتمامـه بدراسـة األعضـاء كاأليـد واألرجل‪ ،‬فضال عن تطور يف طابع حنت التماثيل امللكية فيبدو على‬
‫تعـابري الوجـه ليونـة اخلطوط العامة‪ ،‬مما يعكس عن خربة مرتاكمة فـي صـناعة التماثيـل االدميـة واحليوانيـة واملركبة كما هو‬
‫شأن املنحواتت يف بالد الرافدين‪ ،‬فكانت هناك متاثيل مركبة أدمية حيوانيـة تعرب عن مفاهيم فنية دينية عند املصريني‬
‫القدماء يطلق عليها أبو اهلول أو السفينيكس‪.‬‬
‫إن هذه الدراسة تلقي الضوء على متاثيل أو منحواتت احليواانت املركبـة فـي بـالد الرافدين وواد النيل وأمهية‬
‫هذه املنحواتت يف حياهتم وأتثريها فـي معتقـداهتم وأفكـارهم فضال عن كيفية تنفيذ هذه املنحواتت واملواد اليت استخدمت‬
‫يف حنتها‪.‬‬
‫مل نتطرق يف هذا البحث لعصر معني بل تناولنا مناذ منتخبة هلذه املنحواتت تعود اىل عصور عدة يف اتريخ‬
‫بالد الرافدين وواد النيل‪ ،‬وان هذه املنحواتت التـي تظهـر بـرأس إنسان وجسم ثور أو أسد ترجع أصول تصويرها األوىل‬
‫يف فن بالد الرافدين إىل عصر فجر السالالت واستمرت يف العصور الالحقة خاصة يف الفرتة اآلشورية التـي كثـر‬
‫اسـتخدامها وظهرت أبعداد كثرية مت الكشف عنها خالل اعمال التنقيب‪.‬‬

‫‪454‬‬
‫منحواتت احليواانت املركبة يف بالد الرافدين‪...‬‬

‫تقنية النحت‬
‫بوجـود‬ ‫املعروف أن بالد الرافدين كانت تفتقر إىل األحجـار(‪ ،)1‬وحتديـدا القسـم اجلنـويب منه‪ ،‬حيث امتاز القسم الشـما‬
‫أنواع من احلجارة فيـه(‪ ،)2‬إذ تعـد بـالد آشــور مـن املصـادر املهمـة الـيت متتـاز بوجـود منـاطق صـخرية فيهـا حتتـو علـى حجـر‬
‫(الكلـس والرخـام املرمر) لذا فقـد عمـد اآلشـوريون علـى فـتح مقـالع احلجـارة حلـاجتهم املاسـة إليهـا مت فــتح هــذه املقـالع ومـن‬
‫اشهرها مقالع تقع قرب قرية أسكي املوصل مشال غرب نينوى‪ ،‬والتـي عرفـت ابسم بالطو(*) وإذ اسـتخدم اآلشـوريون هـذه‬
‫األحجــار يف إكســاء جــدران قصــورهم لتزيينهــا ابملشــاهد فضـال عــن إكســاء ســور مدينــة نينــوى (*) واقــاموا فيهــا املنحــواتت‬
‫املتنوعة منها كالثريان اجملنحة ومتاثيل امللوك ومسالهتم(‪.)3‬‬
‫أما النحات يف القسم اجلنويب يف بالد الرافدين فكان يعاين من مشكلة نقص احلجـارة‪ ،‬لذا تطلب توفري تلك‬
‫األحجار له من مناطق بعيدة(‪ ،)4‬خبالف من حنات واد النيل الذ كـان يستطيع أن يدرب جيشا من النحاتني من‬
‫دون أن تقلقه مسألة اهلدر ابحلجارة وذلك ألن أرض واد النيل توجد فيها كميات كبرية من حجر الصوان والديورايت‬
‫والكرانيت فضال عن حجر الكلس(‪ ، )5‬وكانت عملية قطع األحجار الالزمة يف عملية النحت تتم يف املقالع نفسها‪،‬‬
‫فكانـت تبدأ هذه العملية إبزالة األتربة العالقة من على سطح احلجـرة الكبيـرة املـراد تقطيعهـا (أو تكسريها) وبعدها يتم‬
‫إحداث خط من الشقوق يف سطح احلجـرة مـن اخللـف وفـي كـال اجلانبني(‪ ،)6‬وذلك ابستعمال املعاول واألزاميل وبعد‬
‫ذلك يتم إدخال االسافني احلديدية يف تلـك الشقوق اليت أحدثت على سطح احلجر‪ ،‬ومن مث يتم الطرق املتوا علـى‬
‫االسـافني حتـى تنفصل القطعة احلجرية‪ ،‬وبعد ذلك تستعمل املطرقة لتشذيب القطعة احلجرية ابحلجم والشكل املطلوب‪،‬‬
‫ابلضرب عمودي على جوانب القطعة وإزالة األجزاء غري املرغوب منهـا لكـي تصبح القطعة جاهزة(‪.)7‬‬
‫أما يف واد النيل فان كثريا من مهارة الفنان وقدرته كانت تذهب هباء يف التغلب على صالبة أحجـار الكرانيـت‬
‫والديوريت ولعل املصريون أنفسهم قد شعروا بذلك وعلى الرغم مـن ذلك حرصوا على أشـد أنـواع األحجـار صـالبة لنحـت‬

‫(‪ )1‬امحد‪ ،‬سهيلة‪ ،‬الصناعات اليدوية يف بالد اببل وآشور‪ ،‬أطروحة دكتـوراه غيـر منشـورة‪ ،‬جامعـة املوصل‪ ،2111 ،‬ص‪.31‬‬
‫(‪ )2‬سعيد‪ ،‬مؤيد‪ ،‬الفنون والعمارة يف العراق القدمي يف موكب احلضارة‪ ،‬بغداد‪ ،1988 ،‬ص‪.426‬‬
‫(*) عرفت ابسم بلد أو بلط وتقع على الضفة الغربية لنهر دجلة على مسافة ‪51‬كم مشال غـرب املوصـل‪ ،‬للمزيد ينظر‪ :‬أغا‪ ،‬عبد هللا أمني‪ ،‬بلد (أسكي موصل)‪،‬‬
‫اترخيها وآاثرها‪ ،‬موصل ‪.1974‬‬
‫(*) عرفـت ابســم (املدينــة العظيمــة)‪ ،‬يف كتــاب العهــد القــدمي وهــي اثلــث العواصــم اآلشــورية‪ ،‬تقــع علــى اجلانــب الشـرقي مــن هنــر دجلــة قبالــة مدينــة املوصــل القدميــة‪،‬‬
‫للمزيد ينظر‪ :‬سليمان‪ ،‬عامر‪ ،‬العراق يف التـاريخ القدمي‪ ،2 ،‬موجز التاريخ احلضار ‪ ،‬املوصل ‪ ،1993‬ص‪.372 ،371‬‬
‫)‪ (3‬ساكز‪ ،‬هار ‪ ،‬قوة آشور‪ ،‬لندن‪ ،1984 ،‬ترمجة‪ :‬عامر سليمان‪ ،‬بغداد‪ ،1999 ،‬ص‪.259-258‬‬

‫(‪ )4‬كجي‪ ،‬جي‪ ،‬صاحل‪ ،‬اسطيف‪ ،‬الصناعة يف اتريخ واد الرافدين‪ ،‬بغداد‪ ،2112 ،‬ص‪.37-36‬‬
‫(‪ )5‬لويد‪ ،‬سيتون‪ ،‬فن الشرق األدىن القدمي‪ ،‬ترمجة‪ ،‬حممد درويش‪ ،‬بغداد‪ ،1988 ،‬ص‪.111‬‬
‫(‪ )6‬إبراهيم‪ ،‬جنيب ميخائيل‪ ،‬مصر والشرق األدىن القدمي‪ ،‬مصر‪ ،1955 ،‬ص‪.248 ،247‬‬
‫‪)7( Moorrey. P.R.S., Materials and Manufacture in Ancient Mesoporainie,1985, P.56.‬‬
‫وكذلك ينظر‪ :‬هودجر‪ ،‬هنر ‪ ،‬التقنية يف العامل القدمي‪ ،‬ترمجة‪ :‬رندة قانيش‪ ،‬عمان‪ ،1985 ،‬ص‪.97‬‬
‫‪454‬‬
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫التماثيـل خاصــة لعـدة عوامــل أمههــا رغبــة املصــر يف اســتعمال (األحجـار اخلالــدة) لكـي يضــمن خلــود األثـر واالســم أيضـا‪،‬‬
‫بل وشخصـية صاحب التمثال إىل ماال هناية‪ ،‬أما السبب الثاين فهو تقديرهم لأللوان اجلميلـة الـيت تتسـم هبــا هـذه األحجـار‬
‫النفســية وخباصــة بعــد صــقلها واخراجهــا بشــكل النهــائي وممــا يثبــت عنــايتهم هلــا(‪ ،)8‬وعلــى الــرغم مــن أن ذلــك النحــات قــد‬
‫اســتخدم أبســط أنـواع األدوات اثنــاء عملــه‪ ،‬ولكنــه اســتعان بصــربه الــذ ال حــد لــه‪ ،‬إلخـرا أعمالــه الفنيــة بدقــة عاليــة‪ ،‬إذ‬
‫كان االزميل النحاسي مـن اهـم تلك االدوات املثبتـة يف مقـبم مـن اخلشـب ومضـراب خشـبيا أمـا الصـقل فعلـى األكثـر كــان‬
‫يــتم بوســاطة كـرات صـغرية مــن الصـوان مســتعينا علــى ذلــك ابلرمــل واملــاء ويــرجح أهنــم بتعاقــب العصــور توصــلوا إىل حتســني‬
‫أدوات النحــت شــيشا فشــيشا‪ ،‬ألن طـريقتهم الســابقة يف النحــت كانــت منهكــة حتتــا إىل وقــت طويــل‪ ،‬وخاصــة أن األحجــار‬
‫الصلبة كان من الصعب علـى النحـات املصر أن ينحت متثاال ابلشكل املطلوب إال بعـد قطـع األجـزاء غـري املرغـوب منهـا‬
‫وتشكيلها بوساطة (األزاميل) (‪. )9‬‬
‫أما اآلشوريون فأكثر األحجار اليت استخدموها يف صنع التماثيل املركبة اليت عرفـت لديهم ابلالماسو كانت من‬
‫حجر الالميستون‪ ،‬وهو من أكثر األحجار مطاوعة للعمل ويعـرف ايضا حبجر الكلس األبيم‪ ،‬وقد استخدموا هذه‬
‫األحجـار فـي عمـل متاثيـل منحوتـات احليواانت املركبة هبيأة ضخمة (‪ ،)10‬والبد االشارة اىل صفة مهمة فـي التماثيـل‬
‫املصـرية املتمثلة ابلطريقة الفنية الرائعة اليت حنتوا هبا عيوهنا‪ ،‬وهي غالبا ما تكـون منحوتـة مـن احلجر نفسه (‪.)11‬‬
‫منحوتات احليوانات املركبة يف بالد الرافدين ووادي النيل‬
‫إن املنحواتت اآلشورية الضخمة ال يت عثر عليها يف العواصم اآلشورية من أروع ما مت الكشف عنه من مناذ‬
‫املنحواتت يف العراق قاطبة‪ ،‬ويبدو أن اآلشوريني أصبحوا على بينـة من ان اآلهلة احلامية ليس ابلضرورة ظهورها ابهليأة‬
‫البشرية‪ ،‬أو رمبـا اعتقـدوا أن هيـأة منحواتت احليواانت املركبة أسودا كانت أم ثرياان وأبجنحة النسر‪ ،‬هي أشد قوة وأكثر‬
‫مالءمة ملفهوم احلراسة واحلماية لذا أكدوا على اهليأة احليوانية املركبة (‪ ،)12‬يف حني يعتقد البعم من الباحثني أن‬
‫اآلشوريني قد أتثروا يف حنت متاثيل اجملنحة ابحلثيني الذين كـانوا قـد تـأثروا بدورهم بتماثيل (أبو اهلول عند املصريني)‪ ،‬ولكن‬
‫هناك ما يؤكد ابلدور الريـاد للحضـارة العراقية وإهنا مل تتأثر ابألقوام األخرى إذ وجدت هذه األشكال النحتية يف بالد‬
‫الرافـدين منـذ عصور مبكرة من اترخيها فقد عثر على ثور صغري ذ رأس أدمـي يرجـع إلـى العصـر السومر احلديث (وهو‬

‫(‪ )8‬ارمان ادولف‪ ،‬مصر واحلياة املصرية العصور القدمية‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبد املنعم أبو بكر‪( ،‬ب‪ ،‬ط)‪ ،‬ص‪.479‬‬
‫(‪ )9‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.481‬‬
‫(‪ )11‬البيايت‪ ،‬أمنة فاضل‪ ،‬الروح احلامية (الالماسو) يف ضوء النصوص املسـمارية واملشـاهد األثريـة‪ ،‬رسالة ماجستري غري منشورة‪ ،‬بغداد‪ ،2111 ،‬ص‪.44‬‬
‫(‪ )11‬ارمان‪ ،‬أدولف‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.481‬‬
‫(‪ )12‬مورتكات‪ ،‬انطون‪ ،‬الفن يف العراق القدمي‪ ،‬ترمجة عيسى سليمان وسليم طه التكرييت‪ ،‬بغداد‪ ،1975 ،‬ص‪ ، 371‬وكذلك للمزيد ينظر‪ :‬االلفي‪ ،‬أبو صاحل‪،‬‬
‫اتريخ الفن العام‪ ،‬القاهرة‪ ،1965 ،‬ص‪.111‬‬
‫‪454‬‬
‫منحواتت احليواانت املركبة يف بالد الرافدين‪...‬‬

‫حمفوظ اآلن يف متحف اللوفر) (الشكل رقم ‪ ،)1‬كما ظهرت أشـكال منحواتت احليواانت املركبة يف كل املراحل التارخيية‬
‫ابتـداء مـن تنفيـذها علـى األختـام االسطوانية السومرية (‪.)13‬‬

‫الشكل رقم ‪-١-‬‬


‫عن‪ :‬الباشا‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪٢٢‬‬
‫لقد استخدمت هذه األشكال النحتية املركبة بشكل واضح ومميز عند اآلشـوريني فقـد حنتت بعناية كبرية‬
‫وتضمنت بعضها نصوص مسمارية والسيما يف اجلزء احملصور ما بـني األطراف وأسفل بطن احليوان‪ ،‬وقد أتلفت تلك‬
‫هذه الكتاابت اسم امللـك مـع ذكـر بعـم إجنازاته (‪.)14‬‬
‫أما املصريون فقد عنوا أيضا منذ أقدم العصور ابألعمال النحتية‪ ،‬إذ كانت الدمى فـي أول أمرها تعمل من‬
‫الصلصال مث حترق‪ ،‬مث استخدم العا يف متاثيل النساء وهـن عاريـات بقامات طويلة وخصور حنيلة‪ ،‬وقبيل عهد األسرات‬
‫بدأ النحات املصر بصنع التماثيل مـن احلجر واملادة اليت تناسب مع عقيدهتم أتكيد على مسة اخللود من خالل تلك‬
‫التماثيـل‪ ،‬ولـم يكتف الفنان املصر القدمي بعمل متاثيل لإلنسان فحسب بل مشل متاثيال للحيـوان والطيـر وضعها يف‬
‫املعابد واهلياكل وكان النحاتون يصفون متاثيلهم من احلجـر واخلشـب وكـانوا يلونوهنا أحياان لتصبح أكثر حماكاة لألصل‬
‫الطبيعي ويضعون يف العني بلورا صـخري يشـع دائما يف حماكاة لإلضاءة ونور احلياة وكانت هذه التماثيل تعبريا عن صورة‬
‫صادقة ألصحاهبا حيث وصل الفنانون يف وضعها إىل مستوى رفيع من اإلتقان يف حماولة الفنان اجلادة لتحقيق هدفه‬
‫الفين والديين يف آن واحد إىل جانب التعبري عن معاين اخللود والسمو يف أعماله(‪.)15‬‬

‫(‪ )13‬الباشا حسن‪ ،‬اتريخ الفن العراقي القدمي‪ ،1956 ،‬ص‪.92‬‬


‫(‪ )14‬البيايت‪ ،‬أمنة فاضل‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫(‪ )15‬وكانت التماثيل اليت تصنع حماكاة لآلله اآلهلة وامللوك واألمراء وكبار القوم يف أوضاع تقليدية تسـتخدم فيها مواد صلبة‪ ،‬أما متاثيل التابعني فكانت تعا ج دائما‬
‫بطريقة أكثر حتررا ومواد أقل صالبة‪ ،‬للمزيـد ينظر االلفي‪ ،‬أبو صاحل‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪454‬‬
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫مناذج من منحوتات احليوانات املركبة يف بالد الرافدين ووادي النيل‬


‫من النماذ املهمة املكتشفة للمنحواتت املركبة أمنوذ لثور جمنح من خرسباد يعـود إىل قصر سرجون‬
‫اآلشور (*) (الشكل ‪ )2‬متيزت هذه املنحوتة ابستدارة الرأس إىل اجلانـب حيث حيدد هذا الوضع املكان الذ يوضع فيه‬
‫هذا املخلوق حسب اعتقـادهم‪ ،‬ويبـدو رأس الثور بوجه أدمي وأبقراط طويلة‪ ،‬ويزينه التا املقرن الذ يتكون مـن ثالثـة‬
‫أزوا مـن القرون اليت تعد رمزا لأللوهية‪ ،‬ومما يالحظ على زينة التا الريش الذ يعطي هلذا التـا طوال فضال عن تزيينه‬
‫بصف من أزهار البيبون املعروفة لدى اآلشوريني‪ ،‬إذ ما قارن هـذه الزينة مع زينة رأس الثور اجملنح املكتشف يف منرود‬
‫(كلخو)(*) يظهر األخر برأس منـدمج أدمي مع القرون يف التا وهذه املنحوتة تعود إىل عهد آشور انصر ابل الثاين(*)‬

‫من مدينـة منرود(‪ )16‬ومما مييز هذه املنحوتة هو اضافة زخرفة احلراشف (حراشف السمك) اىل بطـن الثور‪ ،‬ويف واد النيل‬
‫اشتهر مـن بـني هـذه املنحوتـات متثـال أبـو اهلـول (الشـكل ‪ ) 2‬الذ يتميز جبسم اسد بطن ورأس إنسان انهم يف حماولة‬
‫من الفنان للجمع يف انسـجام عجيب ال يكاد الرائي يشعر به أنه أمام كائن مفتعل غريب‪ .‬و(أبو اهلول) يبلغ الطـول‬
‫‪57‬م‪،‬‬
‫وارتفاعه ‪21‬م‪ ،‬وعرض الوجه مخسة أمتار‪ ،‬أمـا األذان فتبلـغ ‪1.37‬م‪ ،‬واألنـف ‪1.7‬م والفم‪2.32‬م وميثل رأس (أبو اهلول)‬
‫وجه امللك خفرع من األسـرة امللكيـة الرابعـة فـي (‪ 2551-2576‬ق‪.‬م) (‪ .)17‬إذ عمل النحات املصر على تزين جسم‬
‫املنحوتة بطراز اللبـاس الفرعوين وحنت الرأس على هيأه رأس الفرعون (خفرع) تزينه شارات امللـك والتـي هـي عبارة عن‬
‫عصابة رأس خمططة عريضة كانت تصنع من قمـاش مقـوى لتغطـي الـرأس ومؤخرته‪ ،‬وأفعى حارسة تنهم على اجلانبني‬
‫وحلية دقيقة مستعارة ترمز إىل التحاء امللوك القدماء (‪ . )18‬لقد حاول الفنان يف هذه املنحوتة أن يعرب عن الفراعنة مبثالية‪،‬‬
‫ومجع قـيم سـوء التفكري البشر وأبس األسد واستمر الفراعنـة يـرددون هـذه الفكـرة طـوال عصـورهم القدمية على حنو ما‬

‫(*) قصر سرجون األشور ‪ ،‬ويقع هذا القصر يف خرسباد أقيم على مسطبة ارتفاعهـا ‪31‬م ضـمت مبـاين كثرية وهي تشغل مساحة تبلغ ‪ 111‬ألف مرت مربع‬
‫تقريبا‪ ،‬للمزيد ينظر‪ :‬يوسف‪ ،‬شريف‪ ،‬اتريخ فن العمارة العراقية يف خمتلـف العصـور‪ ،‬بغـداد‪ ،1983 ،‬ص‪.84‬‬
‫(*) النمــرود‪ :‬ورد ذكــر املدينــة يف النصــوص املســمارية علــى بصــيغة كلخــو يف حــني ذكــرت يف كت ــاب العه ــد القــدمي ابســم كــاحل تقــع أطالهلــا علــى بعــد ‪37‬كــم إىل‬
‫اجلنـوب الشـرقي مـن مدينــة املوصـل علــى الضـفة الشـرقية مـن هنــر دجلــة وهـي العاصــمة الثانيـة يف العواصــم اآلشـورية‪ ،‬للمزيــد ينظـر‪ :‬ســليمان‪ ،‬عـامر‪ ،‬العـراق فــي‬
‫التاريخ القدمي‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.379‬‬
‫(*) آشور انصر ابل الثاين‪ :‬وهو اثلث ملوك اإلمرباطورية اآلشورية األوىل حسب تصنيف الباحثني للعصـر اآلشور اإلمرباطور دامت فرتة حكمه (‪ 24‬عاما‬
‫(‪ 858-883‬ق‪.‬م) تقريبا وقد امتـاز هـذا امللـك بكونه معمارا من الطراز األول عالوة على القيادة العسكرية الفذة‪ ،‬للمزيد ينظر‪:‬‬
‫سليمان‪ ،‬عامر‪ ،‬العراق يف التاريخ القدمي‪ ،1 ،‬موجز التـاريخ السياسـي‪ ،‬املوصـل‪ ،1993 ،‬ص‪.231 ،229‬‬
‫(‪ )16‬طارق‪ ،‬مظلوم‪ ،‬النحت يف عصر فجر السالالت وفن العصر البابلي احلديث‪ ،‬حضارة العراق‪ ،4 ،‬بغداد‪ ،1985 ،‬ص‪.93‬‬
‫وللمزيد ينظر كذلك‪:‬‬
‫‪-Speyget, A., Reliefs , Statnay, And Monumental in Ancient Mesopotamia Civilizations of the‬‬
‫‪Ancient, Near East , New York, 1995 , P.266.‬‬
‫‪-Frankfort, Henri , The Art and Architecture of the Ancient Orient, London, 1977 , p.154.‬‬
‫(‪ )17‬كمال‪ ،‬حمرم‪ ،‬اتريخ الفن املصر القدمي‪ ،‬القاهرة‪ ،1998 ،‬ص‪.122‬‬
‫‪)18(White, Manclip , Every day life Ancient Egypt ,London, 1963 , P.45.‬‬
‫‪455‬‬
‫منحواتت احليواانت املركبة يف بالد الرافدين‪...‬‬

‫استمروا يلقبوهنم ابألسود والفحول(‪ ،)19‬وجتدر اإلشارة إىل أن متثال الثور اجملنح الذ يعود إىل قصر سرجون نفذت عليه‬
‫زخارف واضحة(‪ )20‬ومنها زخارف الـريش وزخارف أخرى على جسم الثور اجملنح على هيأة خطوط بشكل حناي تشبه‬
‫هنايت ريـش‪ ،‬بينما تبدو الزينة على متثال( أبو اهلول) هبيأة خطوط وزخارف هندسية مميـزة علـى لبـاس الرأس أو األكتاف‬
‫اما سطح التمثال فكان ميتاز ابنه أملس صقيل(‪ .)21‬ومما يالحظ على التمثـال أيضا الوجه البشر امللتحي الذ نفذ‬
‫بدقة عالية هي تشبه إىل حد ما منحوتـات احليوانـات املركبة وابملواصفات العراقية القدمية (‪ .)22‬إال أن متثال (أبو اهلول)‬
‫يبدو بوجه غلـيظ وذقـن مسرتسل (‪ . )23‬والبد من اإلشارة هنا إىل أن األقراط يف منحواتت احليواانت املركبـة العراقيـة تبدو‬
‫بوضوح‪ .‬بينما يف التماثيل املصرية ال وجود هلا وقد لعب اخليال الفين األسطور دور يف متثيل بعم الكائنات الضخمة‬
‫ذات األجسام احليوانية والرؤوس البشرية خبمسة أطـراف يف منحواتت بالد الرافدين‪ ،‬إذ حنت زوجا من األرجل األمامية‬
‫وكأهنا واقفة بصورة مستقيمة ومتساوية بينما تظهر اخللفية وكأهنا تؤد حركة السري حيث تربز عضالت الفخذ والسـاق‪،‬‬
‫وتوحيان بطابع الثبات واالستقرار ملن يشاهدها من اجلانب‪ ،‬وتنسجمان مـع امـتالء صـدر احليوان وفخامة الرأس البشر‬
‫مث ثالثة أطراف خلفية ذات احلجم الطبيعي ينسجم مـع جسـم احليوان (‪.)24‬‬
‫يف حني صور متثال أبو اهلول املصر (الشكل ‪ )3‬على شكل أسد رابـم أربعـة أرجل منه بشكل طبيعي (‪.)25‬‬
‫وامتازت رؤوس املنحواتت االسطورية املركبة عند مدخل قاعـة القصر بتصويرها من األمام فضال عن دقة التنفيذ من حيث‬
‫املنظور إذ متكـن الفنـان مـن تصويرها وكأهنا تلتفت جتاهه بروعة ودقة متناهية وجتذب انتباه الزوار عند النظر إليهـا (‪.)26‬‬
‫وكذلك مسحت سطوحها اجملسـمة املتسـعة إبظهـار تفاصـيل التكـوين اجلسـد هلـذه املنحواتت (‪ .)27‬والسيما صفحات‬
‫الوجوه وعضالت الـذراعني والسـاقني وتفاصـيل الثيـاب واألجنحة يف أانة حبيث أهنا غطت على بعم عيوب طابع املبالغة‬
‫يف متثيل اللحيـة الكثـة والشعور الطويلة كما سبقت اإلشارة إىل ذلك فضال عن ملئ اسـتخدام أرضـياهتا بكتابـات‬
‫مسمارية مطولة متجد امللك الذ أمر إبجنازها كما مبني آنفا‪ ،‬وبذلك حتققت أغراض الـنقش والزخرفة والتسجيل والرمز‬
‫واحلماية املقدسة يف هذه املنحواتت املركبة‪ ،‬إذ مت مجـع بـني األسلوب الواقعي واخليال األسطور بني اجلمود واحلركة الفنيـة‬
‫علـى هـذه املنحوتـات العراقية (‪.)28‬‬

‫(‪ )19‬صاحل‪ ،‬عبد العزيز‪ ،‬الشرق األدىن القدمي‪ ،‬القاهرة‪ ،1961 ،‬ص‪.181‬‬
‫(‪ )21‬طارق‪ ،‬مظلوم‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫(‪ )21‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪)22( Strommenger, F, The Art of Mesopotamia , London, 1964 ,P.441.‬‬
‫(‪ )23‬الباشا‪ ،‬حسن‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪)24( Reade. Julian Assyian Sculpture, London,1963, P. 19 , Rhea. K., Daily Life in Ancient.‬‬
‫‪Mesopotamia, London, 1998, P.29.‬‬ ‫وكذلك ينظر ‪:‬‬
‫‪)25( Moscati, S., The face of the Ancient Orient, London, 1963 , P.146.‬‬
‫‪)26( Strommenger , E. Op.cit , P.441.‬‬
‫‪)27( Oates , D., Nimrud , London, 2111 , P.36.‬‬
‫(‪ )28‬صاحل‪ ،‬عبد العزيز‪ ،‬حضارة مصر القدمية‪ ،‬مصر‪ ،2116 ،‬ص‪.541‬‬
‫‪454‬‬
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫أما متثال أبو اهلول فيالحظ عليه أن الفنان املصر قد حاول الرتكيز علـى مفهـوم اخللود والثبات ومقاومة‬
‫املصاعب وإظهار التفاؤل عليه فجعل فمه تنطبع على وجهه ليشـكل ابتسامة ال تزال ابقية واضحة فضال عن إظهار‬
‫الوجه بشكل يعكس القوة والبأس فهـو يثبـت األمن والسالم‪ .‬وقد ساعد غطاء رأس هذا التمثال على التوفيق بني طبيعيت‬
‫اإلنسان واحليوان إىل درجة توهم الناظر كأنه حي ميكن أن تدب فيه احلياة (‪ .)29‬ومبعىن أخر كأنه حارس امللكية‪.‬‬
‫وهبذا فقد كان الفنان الذ حنت هذا التمثال من الصخر األصم فناان رائعا يف فنه وأسـلوبه (‪ .)30‬ومما يالحظ على متثال‬
‫أبو اهلول عدم وجود األجنحة بينما كانت أن األجنحة كانـت تشـكل جزءا مهما على املنحواتت املركبة (األسود والثريان)‬
‫اجملنحة يف بالد الرافدين وحتديدا فـي منحواتت مدينة خرسباد‪.‬‬

‫الشكل ‪-٢-‬‬
‫عن‪Frankfort, H., Op. Cit, P.451 :‬‬

‫(‪ )29‬صاحل‪ ،‬عبد العزيز‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.541‬‬


‫(‪ )31‬نظري‪ ،‬وليم‪ ،‬الثروة احليوانية عند قدماء املصريني‪ ،‬القاهرة‪( ،‬ب‪ .‬د)‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫‪454‬‬
‫منحواتت احليواانت املركبة يف بالد الرافدين‪...‬‬

‫الشكل ‪-٢-‬‬
‫عن‪Moscati, Sabatno, Op. Cit, P.451 :‬‬

‫ومن النماذج االخرى هلذه املنحوتات‪:‬‬


‫أسد جمنح أو ثور جمنح مت الكشف عنه يف قصر امللك آشور انصـر بـال الثـاين(*) (الشكالن ‪ )5 ،4‬يالحظ‬
‫على هذه املنحواتت التا املقرن على الرأس املكـون مـن ثالثـة أزوا من القرون (‪ .)31‬ويف أمنوذ أخر لتمثال مصر‬
‫يعود للفرعـون املصـر أمنمحـات الثالث(*) (الشكل ‪ )6‬قد صور أيضا على شاكلة (أبو اهلول) فهو ذو وجـه بشـر‬
‫وجسـم حيواين (‪ .)32‬وقد وضع على الرأس العصابة اليت تربط الرأس من اجلـانبني وهـو مـا مييـز اللباس الفرعوين كما ذكران‬

‫(*) قصـر آشـور انصـر ابل الثــاين (القصـر الشـما الغـريب) أهــم وأفخـم األبنيـة املكتشــفة وافخمهــا فــي منــرود (كلخـو) شــيده آشـور انصـر ابل الثــاين (‪858-883‬‬
‫ق‪.‬م) كما شيد يف السنة اخلامسة من حكمـه تقريبـا معبد ننورات والزقورة‪.‬‬
‫للمزيد ينظر‪ :‬مزاحم محود حسني‪ ،‬وعامر سليمان‪ ،‬منرود والكنـوز الذهبيـة‪ ،‬موصـل‪ ،1989 ،‬ص‪.55‬‬
‫‪)31( Julian , R. , Op. cit , P.3.‬‬
‫(*) امنمحات الثالث‪ :‬أحد فراعنة مصر من األسرة الثانية عشر من ‪ 1483‬إىل ‪ 1797‬م‪.‬م‪.‬‬
‫‪)32( Amiet, P., Art in The Ancient World A Hand book of style And Forms, London, 1961 , P. 271-‬‬
‫‪273..‬‬
‫‪454‬‬
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫انفا‪ .‬اما يف املنحواتت اآلشورية فكـان الفنـان اهـتم بـاملالمح الرئيسة اذ جنده يبالغ يف إظهارها فالعني كانت واسعة‬
‫جاحظة واألنف ضخم والشعر كثيـف غزير وخاصة يف منطقة اللحية وهو يف الوقت نفسه يعا ج هذه املالمح بوسـاطة‬
‫األسـلوب الزخريف التقليد وذلك ابستخدام احلز القليل الربوز واالخنفاض على شكل خطوط متموجـة متوازية ونالحظ‬
‫أن هذه اخلطوط املنحنية املنسابة تشكل نوعا من االنسجام العام كما أهنا تعرب عن احلركة كذلك يالحظ يف منحوتة‬
‫اجملنح اآلشورية زينـة األقـراط وضـعت ألغـراض جتميلية‪ ،‬بينما ال يالحظ وجود األقراط يف متثال امنمحـات الثالـث‬
‫(الشـكل ‪ ،)6‬وفـي املنحوتة اآلشورية وكم ا عرضناها انفا اذ مت مجع بني جسم األسـد والثـور ورأس اإلنسـان وجناحي‬
‫النسر‪ ،‬بينما متثال امنمحات مجع بني الفنان فقط جسم األسد ورأس اإلنسان فقط من دون أجنحة كما أن هذا التمثال‬
‫حيمل مالمح الرشاقة وخطوطه وقسمات وجه تنم عن الـذكاء والفطنة (‪ .)33‬اما وجه الفرعون املصر فمثله ابلفكر الذ‬
‫يظهره الوجه‪ .‬وفضال عن إظهـار قوة الفرعون وأبسه وقدرته وبذلك استطاع الفنان املصر ‪ .‬أن يعرب تعبريا دقيقا عمـا كـان‬
‫يفكر فيه يف متثال امنمحات الثالث مع العلم ان التمثال حمفوظ حاليا يف املتحف املصر (‪ .)34‬أما املنحواتت املركبة‬
‫احليوانية اآلشورية فقد تفنن الفنان بعبقرية ابلغـة فـي تنفيـذ حركـة األطراف يف هذه املنحواتت عند إضافة طرف خامس‬
‫لكل ثـور أو أسـد جمـنح ليعطـي االنطباع حبركة مستمرة ابلغة سواء اكان الناظر من األمام أو مـن اجلانـب معتمـدا علـى‬
‫املزاوجة بني النحت البارز واجملسم وقد مت صنع التمثالني االشوريني من حجر املرمر (‪ ،)35‬اما متثال امنمحات فقد عمل‬
‫من حجر اجلرانيت األسود (‪.)36‬‬

‫الشكل ‪-٥-‬‬ ‫الشكل ‪-4-‬‬

‫(‪ )33‬عكاشة‪ ،‬ثروت‪ ،‬اتريخ الفن املصر ‪( ،‬ب – ظ)‪ ،‬ص‪.621‬‬


‫(‪ )34‬نظري‪ ،‬وليم‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.227‬‬
‫(‪ )35‬البيايت‪ ،‬آمنة‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.57‬‬
‫(‪ )36‬عكاشة‪ ،‬ثروت‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.621‬‬
‫‪454‬‬
‫منحواتت احليواانت املركبة يف بالد الرافدين‪...‬‬

‫الشكالن(‪ )٥-4‬عن‪ :‬البيايت‪ ،‬آمنة‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪١١٥‬‬

‫الشكل ‪-6-‬‬
‫عن‪ :‬عكاشة‪ ،‬ثروت‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.6٢4‬‬
‫ومن النماذ األخرى ملنحواتت احليواانت املركبة (الثور اجملنح) الذ عثر عليه فـي مدينة نينوى‪ ،‬وحتديدا اليت مت‬
‫الكشف عنه يف اجلانب الشرقي جلامع النبـي يـونس (عليـه السالم) وعلى مسافة ‪23‬م‪ ،‬والذ عمل من حجر احلالن‪ ،‬إذ‬
‫ختتلف هذه املنحوتة عن بـاقي منحواتت الثريان اجملنحة اليت ظهرت جراء التنقيبات األثرية يف العواصم اآلشورية‪ ،‬فقد مت‬
‫حنتها قطعة واحدة من حجر املرمر ونقشت بعم أقسامه بكتاابت مسمارية‪ ،‬فـالفرق األول يف هذه املنحوتة اهنا منحوتة‬
‫من حجر احلالن احمللي املعروف‪ ،‬الثـاين أسـلوب النحـت بوساطة قطع خمتلفة األحجام ورصفت بشكل صفوف متساوية‬
‫(الشكل ‪ ،)7‬وعند مقارنة هذه املنحوتة (‪ )37‬بتمثال من مصر يعود إىل الفرعون املصر (حتتمس)(*) الثالث قد حنـت‬
‫مـن حجر الكرانيت األمحر (ينظر الشكل ‪ ،)8‬إذ يالحظ على املشـهد النحـاتني املصـرين وهـم يقومون بنحت التمثال‬
‫حتتمس الثالث وقد أقيمت سقاالت من اخلشب حـول التمثـال ليتمكنـوا النحاتون من اعتالئها والعمل على صقل‬
‫التمثال وإضافة النقوش عليه‪ .‬ويالحظ حتتمس الثالث على هيأه (أبو اهلول) والعمال يقومون يف حنته وتلوينه (‪.)38‬‬
‫أما الثور اجملنح اآلشور يف نينوى فيتميز بوضعه فوق قاعدة أشبه ابملسطبة صنعت من احلجر حتت أقدامه‬
‫ابرتفاع ‪31‬سم عن مستوى االرض ويالحظ وضـع الثـور اجملـنح جانيب من الشرق ومقدمته تتجه إىل الشمال كما أن‬
‫اجلانب الغريب منه يتصل بواجهة عمـارة سكنية أ مت حنته بشكل جانيب تبدو الرجل األمامية واقفة بصورة مستقيمة‬
‫ومتسـاوية بينمـا تظهر اخللفية وكأهنا تؤد حركة السري حيث تربز عضالت الفخذ والساق(‪ )39‬كما ذكران آنفا‪ ،‬وقد‬
‫صقل سطح التمثال بوساطة االزاميل واملطارق ويبدو ان عملية صقله مل تكن دقيقـه لـذا حاولوا ختفيف أاثر ضرابت‬

‫(‪ )37‬العزاو ‪ ،‬عبد الستار‪ ،‬ظهور الثور اجملنح على النيب يونس (ع)‪ ،‬جملة سـومر‪ ،‬مـج ‪ ،45‬بغـداد ‪ ،1988-1987‬ص‪..8-97‬‬
‫(*) حتتمس الثالث‪ ،‬أحد فراعنة مصر من األسرة الثامنة عشر مـن (‪ )1452-1514‬م‪.‬م‪ ،‬للمزيـد ينظـر‪ :‬ساكز‪ ،‬هار ‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.616‬‬
‫(‪ )38‬كمال‪ ،‬حمرم‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫(‪ )39‬العزاو ‪ ،‬عبد الستار‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫‪444‬‬
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫األزاميل مما أضاع بل أفقد األجزاء اليت تعطـي التمثـال شـبه وقربه من الشكل البشر (‪ ،)40‬أما منحوتة الثور اجملنح‬
‫اآلشورية فيالحظ أن التا هو الـذ يزين رأسها بوضوح‪ ،‬بينما متثال حتتمس الثالث وضع عليه عصابة الرأس اخلاصة‬
‫ابللبـاس الفرعوين على راس متثال حتتمس الثالث لذا فقد حاول الفنان اجلمع يف هياة خمتلفة من بـني فتوة احلرب ورقة‬
‫الطابع وإظهار املالمح واملشاعر(‪ ،)41‬ومـن هـذه التماثيـل مـا يصـور الفرعون املصر حتتمس الثالث واقفا‪ ،‬أو جاثيا‬
‫خاشعا وهي مناذ حليواانت مركبة اخـرى فضال عن هيأة األسد اليت حتدثنا عنه آنفآ (‪.)42‬‬

‫الشكل ‪-7-‬‬
‫عن‪ :‬العزاوي‪ ،‬عبد الستار‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪٩9‬‬

‫(‪ )41‬كمال‪ ،‬حمرم‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.121‬‬


‫(‪ )41‬الباشا‪ ،‬حسن‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫(‪ )42‬صاحل‪ ،‬عبد العزيز‪ ،‬الفن املصر القدمي‪ ،‬اتريخ احلضارة املصرية‪ ،‬مصر (د_ ت)‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫‪444‬‬
‫منحواتت احليواانت املركبة يف بالد الرافدين‪...‬‬

‫شكل ‪-9-‬‬
‫عن‪ :‬كمال‪ ،‬حمرم‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪١٢١‬‬
‫ومن النماذج االخرى للحيوانات املركبة‪:‬‬
‫املخلوقات اجملنحة ذات رأس امرأة من دون أسد اهنا كانت تستعمل للغاية نفسها فـي العصور اآلشورية‪ ،‬عرفت‬
‫ابسم )‪ )apsosu‬وقد أخذت يف الفن اآلشور احلديث منحى أخـر متمثال بنحتها على كتل حجرية ضخمة ورصفها‬
‫على جانيب البواابت املهمـة فـي القصـور واملعابد بوصفها ارواحا حامية‪ ،‬وفضال عن استمرار تضـمينها فـي املنحوتـات‬
‫والفنـون األخرى‪ ،‬وقد عثر على عدد كبري من تلك التماثيل بعضها ثريان جمنحـة بـرؤوس بشـرية وبعضها أسود برؤوس‬
‫بشرية‪ ،‬ومن النماذ الغريبة اليت ظهرت يف هذا العصر أسد بـرأس امرأة رابضة من عهد اسرحدون(‪ ،)43‬اذ ان مثل هذه‬
‫النماذ القليلة جدا‪.‬‬
‫يف واد النيل مثة متثال مللكة حتشبسوت(*) إذ تـم تصـوير شـكل هـذه املنحوتـة (سفينكس) من خالل إظهار‬
‫وجه امللكة حتشبسوت )‪ ،)Hatshepsu‬بوجه إنساين فـي رأس وجسم أسد رابم (‪( .)44‬الشكل ‪)9‬‬
‫إن هذا التمثال وبطوله العائد للملكة حتشبسوت عمل من حجر الكرانيت األمحر‪ ،‬وتـم الكشف عنه يف الفناء‬
‫األوسط ملعبد الدير البحر (‪ .)45‬إن امللكة هبذه املنحوتة مثلت بوضـعها إهلة الشمس‪ ،‬ومما يالحظ على هذا التمثال‬

‫(‪ )43‬جرك‪ ،‬أو سام البحر‪ ،‬أتثري فنون بالد واد الرافدين على الفنون احلديثة‪ ،‬أطروحـة دكتـوراه غيـر منشورة‪ ،‬بغداد‪ ،2114 ،‬ص‪.132‬‬
‫(*) حتشبسـوت‪ ،‬امللكــة حتشبســوت مــن األســرة الثامنــة عشــر (‪2586-2613‬م‪.‬م) للمزيــد ينظـر‪ :‬األغــا‪ ،‬وســناء حســون يــونس‪ ،‬املـرأة يف حضــارة مصــر القدميــة‪،‬‬
‫أطروحة دكتوراه غري منشورة‪ ،‬موصـل‪ ،2119 ،‬ص‪.221‬‬
‫‪)44( Tyldeslay , d., The Complete Queens of Egypt , Cairo, 2116 , P. 114.‬‬
‫(‪ )45‬الدير البحر ‪ :‬أمرت امللكة حتشبسوت أن يقام معبد ختليدا لذكرها يف حضن جبل شـامخ فـي بطيبـة القريبة (كرس يف املقام األول يف طيبة‪ ،‬أطلق على‬
‫هذا املعبد يف عهد امللكة حتشبسوت اسـم يعنـي (قدس أقداس أمون) واقتصر يف عهد الزعامة وأصبح (البقعة املقدسة)‪ ،‬أما اسم الدير البحر فهو اسم عريب‬
‫حديث أطلق على هذه املنطقة يف القرن السابع امليالد وذلك بعد أن استخدم األقباط هذا املعبـد ديرا هلم‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬الرفاعي‪ ،‬أنور‪ ،‬حضارة الوطن العريب الكبري فـي العصـور القدميـة‪ ،‬القـاهرة‪ ،1972 ،‬ص‪.172‬‬
‫‪444‬‬
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫زينة الرأس‪ ،‬املخططة ليـتالءم التحـوير فـي الكتلة مع طبيعة احلجر ويبدو أن صناعة هذه التماثيل كانـت ختضـع لدراسـة‬
‫املعمـاريني والفنانني يف آن واحد من أجل إخراجها هذه التماثيل بصورة مثلى تتالءم مع الفكر املصـر القدمي وتستمد‬
‫أصوهلا من مناذ أقدم منها‪ ،‬واليت مل تكن ختتلف عنهـا إال فـي تفصـيالت بسيطة وحتديدا يف املرحلة اجلديدة إذ مت ادخال‬
‫عناصر فنية من أكثر أانقة وأقل خشـونة‪ ،‬فضال عن إضفاء املثالية على الوجه ليعطيه مسحة تنم عن كربيء امللكة وعن‬
‫أنوثتها كمـا يالحظ على منحوتة امللكة حتشبسوت املثالية لتصور امللكة امرأة رشيقة شابة ذات مظاهر غضة ال تشويه‬
‫وال جتاعيد(‪.)46‬‬

‫الشكل ‪-٩-‬‬
‫عن‪Tyldeslay, d., The Complete Queens of Egypt, Cairo, ٢١١6, P.١١4 :‬‬
‫ومما يرتبط مبوضوع دراستنا املنحواتت اليت ظهرت ليس من مكوانهتا رأس بشـر جسم اسد بل أجسام أسود‬
‫ورؤوس أكباش أو أسود‪ ،‬كان البد من اإلشارة إليها‪ .‬حىت ال حيدث لدى القارئ التباس‪ .‬نعم هناك منحواتت عديدة قد‬
‫ظهرت يف بالد الرافدين وواد النيل متثـل منحواتت مركبة هلا أجسام أسود ورؤوس أكباش أو أسود‪ ،‬ومن ذلك أنشأ‬
‫الفرعون املصر امنحوتب الثالث(*) طريقا بني معبد األقصر والكرنك أطلق عليـه البـاحثون اسـم طريـق األكباش الذ‬
‫يضاهي شارع املوكب يف حضارة بالد الرافدين‪ .‬وقد زينت جوانـب الطريـق متاثيل مت حنتها على صورة (أبو اهلول) وجعل‬
‫هلا أجسام أسود ورؤوس أكباش كانت حسـب اعتقادهم هذه التماثيل تظل حتمي امللك وحتـافظ علـى اخلصـوبة‪ ،‬إذ أن‬
‫األسـود أقـوى احليواانت يف الطبيعة‪ ،‬أما الكباش فكانت ترمز إىل اإلله أمون رمز اخلصـب واإلنتـا (‪( .)47‬شكل رقم‬
‫‪.)11‬‬

‫(‪ )46‬عكاشة‪ ،‬ثروت‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.662‬‬


‫(*) امنحوتب الثالث‪ :‬أحد فراعنة مصر من األسرة الثانية عشر من (‪ 1483‬إىل ‪1797‬م‪.‬م) للمزيـد ينظـر‪ :‬ساكز‪ ،‬هار ‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.617‬‬
‫(‪ )47‬فهمي‪ ،‬صادق عبد العزيز‪ ،‬املوسوعة املصرية القدمية‪( ،‬ب‪-‬ط)‪ ،‬ص‪.346‬‬
‫للمزيد ينظر‪ :‬عالم‪ ،‬نعمت‪ ،‬إمساعيل‪ ،‬فنون الشرق األوسط والعامل القدمي‪ ،‬مصر‪ ،\1956 ،‬ص‪.111‬‬
‫‪444‬‬
‫منحواتت احليواانت املركبة يف بالد الرافدين‪...‬‬

‫وتعادل حجم هذه التماثيل ثالثة أضعاف احلجم الطبيعي ويبلغ طول هذا الطريـق ‪72‬م وعرضه ‪13‬م وىف كل‬
‫(‪.)49‬‬ ‫صف او جانب يوجد عشرين متثاال (‪ .)48‬وكانت تسري بينها املواكب حاملة متاثيل االهلة يف املواسم واالعياد‬

‫الشكل ‪-١١-‬‬
‫عن‪Swaan, Wim, Op. cit, p.١١٩-١٢١ :‬‬
‫تأثريات حضارية‪:‬‬
‫ويف هذا السياق البد من اإلشارة إىل إحدى القطع الفنية اليت اكتشفت فـي مدينـة كـاخل (منرود)‪ ،‬وهي قطعة‬
‫عاجية ارتبطت ارتباطا وثيقا بصناعة األاثث واألدوات املسـتعملة فـي احلياة اليومية ومنها أدوات الزينة‪ ،‬وقد مت العثور‬
‫عليها يف حصن امللك اآلشـور شلمنصـر الثالث‪ .‬وهي متثل منوذجا فنيا فريدا صنع من العا مت متثيله بشكل شـريط‬
‫مزخـرف حيـيط ابملوضوع الذ جتسد (أسد برأس بشر ) أن هذا العمل الفين ذا أتثريات متعـددة فقـد حنـت الرأس شكل‬
‫أمامي يزينه غطاء الرأس من قماش يعلوه ات ‪ ،‬وهذا اجلزء يظهر أتثره الواضـح بغطاء الرأس املؤلف من قماش يعلوه ات‬
‫وهذا احلز يظهر تـأثره الواضـح بغطـاء الـرأس والعصابة يف مالبس الفراعنة‪ ،‬كما يتدىل من الرقبة صدرية (ما يشبه الغطاء‬
‫الذ ينزل علـى الصدر والظهر) (‪ .)50‬فضال عن مشزر يقي الساقني وهو يف أتثري املالبس الفينيقية‪ ،‬كما يالحـظ على‬
‫هذه القطعة الفنية خلف احليوان املركب نبات يرجح أنه نوع من النخيل‪ ،‬والشـكل ميثـل جسما ألسد جمنح حنت بشكل‬

‫(‪ )48‬هبنسي‪ ،‬عفيف‪ ،‬اتريخ فن العمارة‪ ،‬مصر‪ ،1971 ،‬ص‪.61‬‬


‫(‪ )49‬سيف‪ ،‬الدين إبراهيم منري‪ ،‬مصر يف العصـور القدميـة‪ ،‬القـاهرة‪ ،1998 ،‬ص‪ ،41-39‬وجـد اسفنكس صنع يف بالد آشور صنع على الطريقة املصرية‪ ،‬للمزيد‬
‫ينظر‪ :‬موسى‪ ،‬سالمة‪ ،‬مصر أصل احلضارة‪ ،‬مصر (ب‪-‬ت)‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫لقد عدها الباحثون هذه النماذ من أقدم اآلاثر املصرية املعروفة ابملنحواتت املركبـة‪ ،‬أطلـق عليهـا اسفنكس وقد اشران اىل ان يف الكرنك حنت منوذ حيوان له‬
‫وجه إنسان وجسم أسد‪ ،‬يعـد مـن أقـدم االسفنكسات‪ ،‬وأحياان جند لالسفنكس جناحا فيجمع بني الطائر واإلنسان‪ ،‬وقد أعجـب القـدماء هبـذه الفكرة واعتقدوا‬
‫أن االسفنكس حقيقة ملا هو موجود وكان االسفنكس املصرية داللة دينية وقدسية‪ ،‬للمزيد ينظر‪:‬‬
‫‪1- Dy I.E.S.E., A Puslmpel. Forward, London, 1965, P.61.‬‬
‫‪2- SW, an , W., The Pes of the Pharaohs , London, 1965, 115-119.‬‬
‫(‪ )51‬العراقي‪ ،‬ميسر سعيد أغا‪ ،‬عاجيات النمرود‪ ،‬بغداد‪ ،1987 ،‬ص‪.87‬‬
‫‪444‬‬
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫جانيب أما الوجه فقد حنت بعناية اذ كان واضح املعامل فالعينـان جموفتان والفم واألنف والذقن نفذت بشكل دقيق أما‬
‫األذان كبرياتن‪ ،‬يبدو هذا األمنوذ متـأثرا بوضوح بني األسلوب الفينيقي واملصر وهبيأة مركبة‪ ،‬ويرجح أن منفذ هذا‬
‫العمل كـان مـن قبل حنات فينيقي استوعب أساليب وتفاصيل املدرسة العراقية املصرية الفينيقية يف النحـت (‪.)51‬‬
‫(الشكل ‪)11‬‬

‫الشكل‪-١١-‬‬
‫عن‪ :‬البيايت‪ ،‬آمنة فاضل‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪94‬‬

‫(‪ )51‬البيايت آمنة فاضل‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.84‬‬


‫‪445‬‬
‫منحواتت احليواانت املركبة يف بالد الرافدين‪...‬‬

‫االستنتاجات‬
‫يتضح لنا بعد من عرض هذا البحث مجلة من النتائج وميكن إجياز أمهها ابآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬املنحواتت اليت صورت منحواتت احليواانت املركبة واليت عرفت ابلثريان اجملنحـة أو األسود كانت توضع يف‬
‫مداخل املدن والقصور واملعابد وذلك العتقادهم أبهنا اآلهلـة أو املالك احلارس واليت حتمي املدينة أو‬
‫القصر وسكاهنا من الشرور وهلا القدرة على طرد األرواح الشريرة‪ .‬ومحاية أرواح الصاحلة فالثريان واألسود‬
‫الضخمة كانت حتمـي مـن األعداء املنظورين وغري املنظورين لبالد الرافدين‪ .‬وغالبا ما كانت تتـألف مـن‬
‫جسـم حيوان ممثل األسد أو الثور ورأس إنسان وجناحي طائر‪ .‬وميكن أن نفسر أهنا مجعت يف مظهرها‬
‫بني شجاعة وقوة األسد‪ ،‬وثبات الثور وثباته‪ ،‬وبـأطراف األربعـة او اخلمسـة حيواانت‪ ،‬اما األجنحة‬
‫تعكس سيطرة النسر على اجلو وعلى الطيور كلهـا‪ .‬واعتقـدوا مبعرفة احليوان املركب للسباحة لذا زودوه‬
‫حبراشف السمك يف منطقة البطن إىل جانـب وذلك كله فان عقل اإلنسان املدبر واحلكيم كان يسيطر‬
‫على احليوان املركب لذا عال رأسه الذ يعلوه ات مقرن هو ات اخلاص ابآلهلة‪.‬‬
‫‪ -2‬معظم منحواتت احليواانت املركبة املصرية حنتت لتصوير ملـوكهم مـن الفراعنـة ألن امللوك املصريني عملوا على أتليه‬
‫أنفسهم لذا حظوا بعد موهتم قدسية خاصة‪ ،‬اما متاثيل امللوك كانت تصنع من مواد صلبة كاألحجار‬
‫الديواريت والكرانيت يرجع ذلك إىل أسباب جوهرية أمهها رغبة النحات املصر استخدام األحجار‬
‫اخلالدة لكي يضمن خلود األثـر‪ .‬ومعظم منحواتت احليواانت املركبة املصرية كانت بوضعية اجللوس‪.‬‬
‫‪ -3‬زينت منحواتت احليواانت املركبة اآلشورية ابلتيجان املقرنة لتدل على األلوهية‪.‬‬
‫‪ -4‬عمل حنات واد النيل على تزيني رأس هذه املنحوتـات بعصـابة او بلبـاس الـراس املصر الفرعوين حبيث يتدىل‬
‫على عنق التمثال وصوال إىل صدره ليقو هذا اجلـزء الضعيف‪ ،‬ويكون للرأس مبثابة الدعائم‪ ،‬كما كانوا‬
‫ينحتون خصالت شعر غزيرة متدليـة على املنكبني يف متاثيلهم ليحققوا نوعا من الزينة عليها‪.‬‬
‫‪ -5‬طريقة النحت اآلشور تعتمد على حنت التمثال أبربعة أرجل أحيانـا او خبمسـة أرجـل لتحقيق الثبات واالستقرار‬
‫واحليوية‪ ،‬بينما عمل النحات املصـر على حنتـه أبربعـة أرجل بشكل اعتياد ملنحواتته‪.‬‬
‫‪ -6‬معظم املنحواتت اليت صورت منحواتت احليواانت املركبة املصرية كانت اعتقـادا مـن املصريني القدماء حلماية‬
‫األرواح بعد املوت‪.‬‬
‫‪ -7‬مل تظهر على منحواتت احليواانت املركبة املصرية أية حراشـف أو أجنحـة خبـالف املنحواتت املركبة اآلشورية إذ‬
‫جند فيها حراشف األمساك واألجنحة واليت غالبا ما تكـون مزخرفة بزخارف هندسية‪.‬‬

‫‪444‬‬
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫‪ -8‬اللحية الكثة اليت كانت موجودة يف التماثيل اآلشورية بينما ضمت التماثيل املصرية فقط الذقون املسرتسلة فقط‪.‬‬
‫‪ -9‬النحاتون اآلشوريون كانوا ينحتون األقراط ألغراض تزينية أما يف مصر ال وجود هلـذه الفكرة يف منحواتهتم‪.‬‬
‫للمنحواتت اآلشورية املركبة واملصرية وظائف مجالية ومعمارية‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫مثة أتثريات عراقية ومصرية متداخلة يف املنحواتت املركبة وقد تبني ذلـك بدراسـة عناصرها الفنية‬ ‫‪-11‬‬
‫والفكرية‪.‬‬
‫من تتبع النتاجات الفنية املكتشفة من بالد الرافـدين وواد النيـل ظهـرت أمهيتهـا التارخيية اليت تساعد‬ ‫‪-12‬‬
‫يف دعم وأتكيد أصالة حضارة بالد الرافدين وواد النيـل هبـذه األدلة اليت ال يرقى الشك اليها وال‬
‫ميكن الطعن هبا‪.‬‬

‫‪444‬‬
‫منحواتت احليواانت املركبة يف بالد الرافدين‪...‬‬

‫املصادر‬
‫أ‪-‬املصادر العربية‬
‫امحد‪ ،‬سهيلة‪ ،‬الصناعات اليدوية يف بالد اببـل وآشـور‪ ،‬أطروحـة دكتـوراه غيـر منشورة‪ ،‬جامعة املوصل‪،‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪.2111‬‬

‫سعيد‪ ،‬مؤيد‪ ،‬الفنون والعمارة يف العراق القدمي يف موكـب احلضـارة‪ ،1 ،‬بغـداد‪.1988 ،‬‬ ‫‪-2‬‬

‫ساكز‪ ،‬هار ‪ ،‬قوة آشور‪ ،‬لندن‪ ،1984 ،‬ترمجة‪ :‬عامر سليمان‪ ،‬بغداد‪.1999 ،‬‬ ‫‪-3‬‬

‫كجي‪ ،‬جي‪ ،‬صاحل‪ ،‬اسطيفان‪ ،‬الصناعة يف اتريخ واد الرافدين‪ ،‬بغداد‪.2112 ،‬‬ ‫‪-4‬‬

‫لويد‪ ،‬سيتون‪ ،‬فن الشرق األدىن القدمي‪ ،‬ترمجة‪ :‬حممد درويش‪ ،‬بغداد‪.1988 ،‬‬ ‫‪-5‬‬

‫إبراهيم‪ ،‬جنيب ميخائيل‪ ،‬مصر والشرق األدىن القدمي‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪.1955 ،‬‬ ‫‪-6‬‬

‫هودجر‪ ،‬هنر ‪ ،‬التقنية يف العامل القدمي‪ ،‬ترمجة‪ :‬رندة قانيش‪ ،‬عمان‪.1985 ،‬‬ ‫‪-7‬‬

‫ارمان‪ ،‬ادولف‪ ،‬مصر واحلياة املصرية العصور القدمية‪ ،‬ترمجة‪ :‬عبد املنعم أبو بكر‪ ،‬مصر‪( ،‬ب‪ ،‬ط)‪.‬‬ ‫‪-8‬‬

‫البيايت‪ ،‬آمنة فاضل‪ ،‬الروح احلامية (الالماسو) يف ضوء النصوص املسمارية واملشاهد األثرية‪ ،‬رسالة‬ ‫‪-9‬‬

‫ماجستري غري منشورة‪ ،‬بغداد‪.2111 ،‬‬

‫مورتكات‪ ،‬انطون‪ ،‬الفن يف العراق القدمي‪ ،‬ترمجة‪ :‬عيسـى سـليمان وسـليم طـه التكرييت‪ ،‬بغداد‪1975 ،‬‬ ‫‪-11‬‬

‫الباشا‪ ،‬حسن‪ ،‬اتريخ الفن العراقي القدمي‪.1956 ،‬‬ ‫‪-11‬‬

‫االلفي‪ ،‬أبو صاحل‪ ،‬اتريخ الفن العام‪ ،‬القاهرة‪.1965 ،‬‬ ‫‪-12‬‬

‫طارق‪ ،‬مظلوم‪ ،‬النحت يف عصر فجر السالالت وفـن العصـر البـابلي احلـديث‪ ،‬حضارة العراق‪،4 ،‬‬ ‫‪-13‬‬

‫بغداد‪.1985 ،‬‬

‫كمال‪ ،‬حمرم‪ ،‬اتريخ الفن املصر القدمي‪ ،‬القاهرة‪.1998 ،‬‬ ‫‪-14‬‬

‫صاحل‪ ،‬عبد العزيز‪ ،‬الشرق األدىن القدمي‪ ،‬القاهرة‪.1961 ،‬‬ ‫‪-15‬‬

‫‪444‬‬
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫صاحل‪ ،‬عبد العزيز‪ ،‬حضارة مصر القدمية‪ ،‬مصر‪.2116 ،‬‬ ‫‪-16‬‬

‫نظري‪ ،‬وليم‪ ،‬الثروة احليوانية عند قدماء املصريني‪ ،‬القاهرة‪( ،‬ب‪ .‬د)‪.‬‬ ‫‪-17‬‬

‫مزاحم‪ ،‬محود حسني‪ ،‬وعامر سليمان‪ ،‬منرود والكنوز الذهبية‪ ،‬موصل‪.1989 ،‬‬ ‫‪-18‬‬

‫ساكز‪ ،‬هار ‪ ،‬عظمة اببل‪ ،‬ترمجة‪ :‬عامر سليمان‪ ،‬جامعة املوصل‪.1979 ،‬‬ ‫‪-19‬‬

‫عكاشة‪ ،‬ثروت‪ ،‬اتريخ الفن املصر ‪ ،‬القاهرة‪( ،‬ب – ظ)‪.‬‬ ‫‪-21‬‬

‫العزاو ‪ ،‬عبد الستار‪ ،‬ظهور الثور اجملنح على النيب يونس (ع)‪ ،‬جملة سومر‪ ،‬مج ‪ ،45‬بغداد ‪-1987‬‬ ‫‪-21‬‬

‫‪.1988‬‬

‫صاحل‪ ،‬عبد العزيز‪ ،‬الفن املصر القدمي‪ ،‬اتريخ احلضارة املصرية‪ ،‬مصـر (ب‪-‬د)‪.‬‬ ‫‪-22‬‬

‫جرك‪ ،‬أو سام حبر‪ ،‬أتثري فنون بالد واد الرافدين على الفنون احلديثـة‪ ،‬أطروحـة دكتوراه غري منشورة‪،‬‬ ‫‪-23‬‬

‫بغداد‪.2114 ،‬‬

‫األغا‪ ،‬وسناء حسون‪ ،‬املرأة يف حضارة مصر القدمية‪ ،‬أطروحـة دكتـوراه غيـر منشورة‪ ،‬موصل‪.2119 ،‬‬ ‫‪-24‬‬

‫الرفاعي‪ ،‬أنور‪ ،‬حضارة الوطن العريب الكبري فـي العصـور القدميـة‪ ،‬القـاهرة‪.1972 ،‬‬ ‫‪-25‬‬

‫أديب مسري‪ ،‬موسوعة احلضارة املصرية القدمية‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪.2111 ،‬‬ ‫‪-26‬‬

‫فهمي‪ ،‬صادق عبد العزيز‪ ،‬املوسوعة املصرية القدمية‪( ،‬ب‪-‬ط)‪.‬‬ ‫‪-27‬‬

‫عالم‪ ،‬نعمت‪ ،‬إمساعيل‪ ،‬فنون الشرق األوسط والعامل القدمي‪ ،‬مصر‪.1956 ،‬‬ ‫‪-28‬‬

‫هبنسي‪ ،‬عفيف‪ ،‬اتريخ فن العمارة‪ ،‬مصر‪.1971 ،‬‬ ‫‪-29‬‬

‫سيف‪ ،‬الدين إبراهيم منيز‪ ،‬مصر يف العصور القدمية‪ ،‬القاهرة‪.1998 ،‬‬ ‫‪-31‬‬

‫العراقي‪ ،‬ميسر سعيد أغا‪ ،‬عاجيات النمرود‪ ،‬بغداد‪.1987 ،‬‬ ‫‪-31‬‬

‫شريف يوسف‪ ،‬اتريخ فن العمارة يف خمتلف العصور‪ ،‬بغداد‪.1982 ،‬‬ ‫‪-32‬‬

‫سليمان‪ ،‬عامر‪ ،‬العراق يف التاريخ القدمي‪ ،1 ،‬موجز التاريخ السياسي‪ ،‬املوصل‪.1992 ،‬‬ ‫‪-33‬‬
‫‪444‬‬
‫منحواتت احليواانت املركبة يف بالد الرافدين‪...‬‬

‫_________‪ ،‬العراق يف التـاريخ القـدمي‪ ،2 ،‬مـوجز التـاريخ احلضـار ‪ ،‬املوصل‪.1993 ،‬‬ ‫‪-34‬‬

‫اغا‪ ،‬عبد هللا امني‪( ،‬بلد اسكي موصل)‪ ،‬اترخيها وااثرها‪ ،‬موصل‪.1974،‬‬ ‫‪-35‬‬

‫‪444‬‬
‫اسراء عبد السالم مصطفي‬

‫املصادر االجنبية‬-‫ب‬

1- Moorrey. P.R.S., Materials and Manufacture in Ancient Mesopotamia


1985.

2- Speyget, A., Reliefs, Statnay, And Monumental in Ancient Mesopotamia


Civilizations of the Ancient, Near East, New York, 1995.

3- White, Manclip, Every day life Ancient Egypt, London, 1963.

4- Strommenger, F, The Art of Mesopotamia, London, 1964.

5- Reade. Julian Assyrian Sculpture, London, 1963.

6- Oates, D., Nimrud, London, 2111.

7- Amiet, P., Art in The Ancient World A Hand book of style And Forms,
London, 1961.

8- Tyldeslay, d., The Complete Queens of Egypt, Cairo, 2116.

9- Dy I.E.S.E., A Puslmpel. Forward, London, 1965.

11- SW, an, W., The Pes of the Pharaohs, London, 1965.

11- Frankfort, H., The Art and Architecture of the Ancient Orient, London,
1977.

12- Moscati, S., The face of the Ancient Orient, London, 1963.

13- Rhea. K., Daily Life in Ancient Mesopotamia, London, 1998.

444

Powered by TCPDF (www.tcpdf.org)

You might also like