Professional Documents
Culture Documents
الحمد هلل مستحق الحمد وأهله ،المنعم على خلقه بسابغ نعمه
وفضله ،الذي جعل أفئدة عباده المؤمنين متعلقة به وألسنتهم
ناطقة بذكره ،وأشهد أن ال إله إال هللا وحده< ال شريك له شهادة
مخلص هلل في سره وجهره ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
القائم بطاعة ربه وأمره صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه
ومن ساروا على نهجه ،وسلم تسليما .
أما بعد أيها الناس :اتقوا هللا تعالى ،وأديموا ذكره ،أديموا
ذكره بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ،فإن هللا مع الذاكرين ،
يقول هللا تعالى في الحديث القدسي « :أنا عند ظن عبدي بي ،
وأنا معه إذا ذكرني ،فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ،
وإن ذكرني في مأل ذكرته في مأل خير منهم » .أيها الناس :
إن ذكر هللا يكون في القلب ،ويكون في اللسان ،ويكون
بالجوارح أما ذكر هللا بالقلب ،فإن معناه أن يكون القلب متعلقا
باهلل ،ويكون ذكر هللا ،وتعظيمه دائما في قلبه يستحضر دائما
عظمة ربه وآياته ،ويستحضر نعمه العامة والخاصة ،
ويستدل بما يشاهده من مخلوقاته وآياته على عظمته وإحاطته
،وأما ذكر هللا باللسان ،فهو النطق بكل ما يقرب إلى هللا ،
فالتهليل ذكر ،والتكبير ذكر والتحميد والتسبيح ذكر ،وقراءة
القرآن ذكر وقراءة العلوم الشرعية ذكر ؛ ألنها ذكر ألحكام هللا
وتشريعاته ونصيحة العباد للقيام بأمر هللا ذكر ،واألمر
بالمعروف ،والنهي عن المنكر ذكر ،وأما ذكر هللا بالجوارح ،
فهو كل فعل يقرب إلى هللا عز وجل ،فالطهارة ذكر ،والصالة
ذكر ،والسعي إليها ذكر ،والزكاة ،والصيام ذكر ،والحج ذكر
،وبر الوالدين ذكر ،وصلة األرحام ذكر ،وكل فعل يقربك إلى
هللا ،فهو ذكر ؛ ألن التقرب إلى هللا ال يكون إال بنية ونيتك ،
واستحضارك عند الفعل ذكر هللا عز وجل ،فالدين كله ذكر هللا
،ولقد شرع هللا الحكيم الرحيم لعباده ذكره في كل مناسبة
ليكونوا بذلك دائما في ذكر هللا ،فشرع هللا لعباده التسمية على
كل أمر ذي بال ،وأهمية ،شرع هللا الذكر قبل األكل والشرب
وبعدهما ،قبلهما تقول :بسم هللا ،وبعدها تقول :الحمد هلل ،
وإن هللا ليرضى عن العبد يأكل األكلة ،فيحمده عليها ،ويشرب
الشربة ،فيحمده عليها شرع هللا الذكر عند دخول محل قضاء
الحاجة ،وبعد الخروج منه ،فإذا أراد أحدكم أن يدخل مكان
البول أو الغائط ،فليقل :بسم هللا أعوذ باهلل من الخبث
والخبائث ،وإذا خرج منه ،فليقل :غفرانك الحمد هلل الذي
أذهب عني األذى وعافاني .شرع هللا الذكر عند النوم وبعده ،
فعند النوم إذا وضعت جنبك ،تقول :باسمك اللهم أحيا وأموت
،اللهم بك وضعت جنبي ،وبك أرفعه ،فإن أمسكت روحي ،
فاغفر لها ،وارحمها ،وإن أرسلتها ،فاحفظها بما تحفظ به
عبادك الصالحين ،وكان النبي صلى هللا عليه وسلم إذا أوى
إلى فراشه قال ( « :الحمد هلل الذي أطعمنا وسقانا وكفانا
وآوانا) » .فكم ممن ال كافي له وال مؤوي ،وشرع لعباده عند
االستيقاظ ذكر هللا ،فإن العبد إذا نام عقد الشيطان على قافية
رأسه ثالث عقد ،فإذا قام ،وذكر هللا انحلت عقدة ،وإن توضأ
انحلت العقدة الثانية ،فإذا صلى انحلت العقدة الثالثة ،فأصبح
نشيطا طيب النفس ،وإال أصبح خبيث النفس كسالن ،وفي
حديث ابن عباس رضي هللا عنهما أنه بات عند خالته ميمونة
زوج النبي صلى هللا عليه وسلم ،فلما قام النبي صلى هللا عليه
وسلم من النوم جعل يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ { :إِنَّ
ف اللَّ ْي ِل َوالنَّ َها ِر آَل يَا ٍ
ت اختِاَل ِ ت َواأْل َ ْر ِ
ض َو ْ س َما َوا ِ
ق ال َّ فِي َخ ْل ِ
ب } إلى آخر سورة آل عمران .وفي حديث ثان أن أِل ُولِي اأْل َ ْلبَا ِ
النبي صلى هللا عليه وسلم قال « :من استيقظ من الليل ،
فقال :ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،له الملك ،وله الحمد ،
وهو على كل شيء قدير ،والحمد هلل ،وسبحان هللا ،وال إله
إال هللا ،وهللا أكبر ،وال حول وال قوة إال باهلل ،ثم قال :اللهم
اغفر لي ،أو دعا إال استجيب له ،فإن توضأ ،وصلى قبلت
صالته » .وشرع لعباده أذكارا يقولونها إذا قلقوا ،فلم يناموا
،أو كانوا يفزعون في نومهم ،وفي صحيح البخاري أن النبي
صلى هللا عليه وسلم قال « :إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها ،فإنما
هي من هللا ،فليحمد هللا عليها ،وليحدث بها ،وال يحدث بها
إال من يحب ،وإذا رأى غير ذلك مما يكره ،فإنما هي من
الشيطان ،فليستعذ من شرها ،وال يذكرها ألحد ،فإنها ال
تضره » ،وشرع لعباده أن يذكروه عند دخول بيوتهم ،وعند
الخروج منها « ،فأمر النبي صلى هللا عليه وسلم الرجل إذا
دخل بيته أن يقول :اللهم إني أسألك خير المولج وخير
المخرج بسم هللا ولجنا ،وبسم هللا خرجنا ،وعلى هللا ربنا
توكلنا ،ثم ليسلم على أهله » ،وكان إذا خرج من بيته قال « :
بسم هللا توكلت على هللا ،اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل ،
أو أزل أو أزل ،أو أظلم أو أظلم ،أو أجهل أو يجهل علي » ،
وقال « :من قال يعني إذا خرج من بيته :بسم هللا ،توكلت
على هللا ،وال حول وال قوة إال باهلل ،يقال له :كفيت ،ووفيت
،وهديت ،ويتنحى عنه الشيطان » .أيها الناس :إن ربكم قد
أمركم بذكره في أحوال معينة ،وألسباب معينة ،وأمركم بذكره
أمرا مطلقا يعم األوقات واألحوال ،فقال تعالى { :فَ ْاذ ُك ُرونِي
ون } .وقال تعالى { :يَاأَيُّ َها ش ُك ُروا لِي َواَل }{ تَ ْكفُ ُر ِ أَ ْذ ُك ْر ُك ْ<م َوا ْ
صياًل } . ين آ َمنُوا ْاذ ُك ُروا هَّللا َ ِذ ْك ًرا َكثِي ًرا }{ َو َ
سبِّ ُحوهُ بُ ْك َرةً َوأَ ِ الَّ ِذ َ
وكان النبي صلى هللا عليه وسلم يذكر هللا على كل أحيانه ،
فأديموا ذكر ربكم ،واغرسوا ألنفسكم في جنات النعيم ،فإن
غراسها سبحان هللا ،والحمد هلل ،وال إله إال هللا ،وهللا أكبر ،
وال حول وال قوة إال باهلل ،وقال النبي صلى هللا عليه وسلم « :
كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ،خفيفتان على اللسان ،ثقيلتان
في الميزان ،سبحان هللا وبحمده ،سبحان هللا العظيم » .
بارك هللا لي ولكم في القرآن العظيم . .الخ .