You are on page 1of 14

‫تقييم حالة‬

‫مالمح السياسة الخارجية األميركية المتوقعة في‬


‫ظل إدارة ترامب‬

‫وحدة تحليل السياسات في المركز العربي | ديسمبر ‪2016‬‬


‫مالمح السياسة الخارجية األميركية المتوقعة في ظل إدارة ترامب‬

‫سلسلة‪ :‬تقييم حالة‬

‫وحدة تحليل السياسات في المركز العربي | ديسمبر ‪2016‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة للمركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات © ‪2016‬‬

‫____________________________‬

‫التطبيقية‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية والعلوم‬
‫ّ‬ ‫بحثية عر ّبية للعلوم‬
‫مؤسسة ّ‬
‫السياسات ّ‬ ‫بي لألبحاث ودراسة ّ‬‫المركز العر ّ‬
‫لسياسات‬ ‫ٍ‬
‫اهتماما لدراسة ا ّ‬
‫ً‬ ‫أبحاث فهو يولي‬ ‫اإلقليمي والقضايا الجيوستراتيجية‪ .‬واضافة إلى كونه مركز‬
‫ّ‬ ‫والتّاريخ‬
‫دولية تجاه المنطقة العر ّبية‪ ،‬وسواء كانت سياسات‬
‫ونقدها وتقديم البدائل‪ ،‬سواء كانت سياسات عر ّبية أو سياسات ّ‬
‫مؤسسات وأحزاب وهيئات‪.‬‬
‫حكومية‪ ،‬أو سياسات ّ‬
‫ّ‬

‫يخية‪ ،‬وبمقاربات‬
‫االقتصادية والتار ّ‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية و‬
‫ّ‬ ‫يعالج المركز قضايا المجتمعات والدول العر ّبية بأدوات العلوم‬
‫ٍ‬
‫سمات‬ ‫بي‪ ،‬ومن وجود‬
‫نساني عر ّ‬
‫ّ‬ ‫قومي وا‬
‫ّ‬ ‫تكاملية عابرة للتّخصصات‪ .‬وينطلق من افتراض وجود أمن‬ ‫ّ‬ ‫ومنهجيات‬
‫ّ‬
‫بي‪ ،‬ويعمل على صوغ هذه الخطط وتحقيقها‪ ،‬كما يطرحها كبرامج‬ ‫مكانية تطوير اقتصاد عر ّ‬
‫ومصالح مشتركة‪ ،‬وا ّ‬
‫البحثي ومجمل إنتاجه‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وخطط من خالل عمله‬
‫ّ‬

‫________________‬
‫السياسات‬
‫بي لألبحاث ودراسة ّ‬
‫المركز العر ّ‬
‫شارع رقم‪ - 826 :‬منطقة ‪66‬‬
‫الدفنة‬
‫ص‪ .‬ب‪10277 :‬‬
‫الدوحــة‪ ،‬قطــر‬
‫ّ‬
‫هاتف‪ | +974 44199777 :‬فاكس‪+974 44831651 :‬‬
‫‪www.dohainstitute.org‬‬
‫المحتويات‬
‫‪1‬‬ ‫مقدمة‬

‫‪2‬‬ ‫إطار تأسيسي‬

‫‪3‬‬ ‫أول‪ :‬اقتناعات ترامب في السياسة الخارجية‬


‫ً‬

‫‪4‬‬ ‫أول"‬
‫‪" .1‬أميركا ً‬
‫‪4‬‬ ‫‪ .2‬تعزيز القوة األميركية والستعداد لستخدامها إن تطلب األمر‬
‫‪5‬‬ ‫‪ .3‬تصعيد الحرب على "اإلرهاب اإلسالمي"‬
‫‪5‬‬ ‫‪ .4‬دعم الحركات اليمينية والشعبوية في الغرب‬
‫‪5‬‬ ‫‪ .5‬تقديم األمن على قيم الحرية والديمقراطية‬
‫‪6‬‬ ‫‪ .6‬الفتتان بأنموذج الزعماء األقوياء‬

‫‪6‬‬ ‫ثانيا‪ :‬فريق ترامب للسياسة الخارجية‬


‫ً‬

‫‪7‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬أهم السياسات المتوقعة‬

‫‪7‬‬ ‫‪ .1‬سورية‬
‫‪8‬‬ ‫‪ .2‬فلسطين‬
‫‪9‬‬ ‫‪ .3‬إيران‬
‫‪10‬‬ ‫‪ .4‬روسيا‬
‫‪10‬‬ ‫‪ .5‬الصين‬

‫‪11‬‬ ‫خالصة‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫مقدمة‬

‫رسميا في ‪ 20‬كانون الثاني‪ /‬يناير ‪ .2017‬وتثير هذه الحقيقة‬


‫ً‬ ‫يستعد دونالد ترامب لتولي الرئاسة األميركية‬
‫وخارجي ا‪ ،‬حتى بين الحلفاء األميركيين؛ إذ إ ننا إزاء شخصية من نو ٍع مختلف في‬
‫ً‬ ‫داخلي ا‬
‫ً‬ ‫هواجس كثيرة‪،‬‬
‫يمينيا‪ ،‬يسعى ل قلب المعادالت‬
‫ً‬ ‫شعبويا‬
‫ً‬ ‫تيار‬
‫سياسي ا‪ ،‬وكونه يمثل ًا‬
‫ً‬ ‫الرئاسة األميركية‪ ،‬من جهة انعدام خبرته‬
‫عام ا من قبل؛ فإن أي محاولة‬‫منصبا ً‬
‫ً‬ ‫األميركية الداخلية والدولية‪ .‬وألن ترامب لم يسبق له أن تولى‬
‫الستشراف سياسته الخارجية ستكون من قبيل التوقعات ال الحقائق‪ .‬ويزيد من تعقيد إمكان استشراف سياسة‬
‫خارجيا؛ أنه أحاط نفسه بفريق غير منسجم‪ ،‬بل متناقض في كثير من القضايا في حقل السياسة‬‫ً‬ ‫إدارته‬
‫أساس ا من جنراالت عسكريين متقاعدين‪ ،‬ورجال أعمال‪ ،‬ويمينيين شعبويين‪.‬‬
‫ً‬ ‫الخارجية‪ .‬ويتكون هذا الفريق‬
‫كبيرا من الموظفين المهنيين في "مجلس األمن القومي األميركي" الملحق بالبيت األبيض‪،‬‬
‫عددا ً‬
‫وهذا ما دفع ً‬
‫سياسي ا‪ ،‬إلى طلب نقلهم إلى وظائف في و ازرات أخرى قبل تولي إدارة ترامب مهماتها‬
‫ً‬ ‫من غير المعينين‬
‫كبير عند بعض الموظفين في و ازرة الخارجية ممن عملوا على ملفات يعارضها‬
‫رسميا‪ .1‬كما أن ثمة قلقًا ًا‬
‫ً‬
‫ترامب‪ ،‬كمفاوضات الملف النووي اإليراني؛ من أنه قد يتم استهدافهم في الو ازرة تحت إدارة ترامب‪ ،‬وهو ما‬
‫خصوصا أن فريقه االنتقالي سبق أن طلب أسماء الموظفين في و ازرة الطاقة الذين‬
‫ً‬ ‫توجد شواهد تؤكده‪ ،‬و‬
‫شاركوا في مفاوضات التغيرات المناخية في مؤتمر باريس في عام ‪ ،2015‬وهو ما رفضت أن تفعله الو ازرة‬
‫بقيادتها الديمقراطية الحالية‪.2‬‬
‫وسنحاول في هذه الورقة أن نحدد الخطوط العامة للسياسة الخارجية المتوقعة تحت إدارة ترامب‪ ،‬وذلك من‬
‫ضال عن‬
‫خالل المواقف التي أعلن عنها سابقًا أثناء حملته االنتخابية‪ ،‬وبعد نجاحه كـ "رئيس منتخب"‪ ،‬ف ً‬
‫النظر في طبيعة الفريق الذي أحاط نفسه به عبر تعييناته المقترحة للو ازرات المعنية بالسياسة الخارجية‬
‫واألمن القومي‪ .‬ولكننا سنحاول بدايةً وضع إطار عام قد يساعدنا في محاولة تلمس اتجاهات السياسة‬
‫الخارجية األميركية بقيادة ترامب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Julian Borger, “White House faces exodus of foreign policy experts ahead of Trump's arrival,” The‬‬
‫‪Guardian, 18/12/2016, accessed on 21/12/2016, at: http://bit.ly/2gZBUXq‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Ibid.‬‬

‫‪1‬‬
‫مالمح السياسة الخارجية األميركية المتوقعة في ظل إدارة ترامب‬

‫إطار تأسيسي‬

‫منذ نجاحه في االنتخابات الرئاسية في ‪ 8‬تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر الماضي‪ ،‬أثار ترامب العديد من األزمات الدولية‬
‫ملزما باالعتراف‬
‫فعال بعد‪ ،‬مثل إشارته الضمنية إلى أنه ليس ً‬
‫للواليات المتحدة‪ ،‬على الرغم من أنه لم يتول الرئاسة ً‬
‫عاما‪ ،‬مع الصين وتايوان‪.3‬‬
‫بمبدأ "صين واحدة" الذي تقوم عليه السياسة الخارجية للواليات المتحدة‪ ،‬منذ نحو أربعين ً‬
‫ثم مخالفته لتقديرات األجهزة االستخباراتية األميركية أن روسيا حاولت التأثير في االنتخابات األميركية وقرصنتها‪.4‬‬
‫ّ‬

‫وفي محاولة لتفسير مواقف ترامب الجدلية هذه؛ فإن ثمة من يطرح أنه ال يملك رؤية إستراتيجية متماسكة‬
‫‪5‬‬
‫تماما‪ ،‬لكنه مع ذلك يعتقد أنه األقدر على إدارة السياسة‬
‫للسياسة الخارجية األميركية ‪ ،‬فهو معدوم الخبرة ً‬
‫الخارجية وتوظيفها لخدمة شعاره االنتخابي "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى"‪ ،‬على أساس أنه رجل أعمال ناجح‬
‫يتقن فن التفاوض والمساومة‪ .‬وبحسب جيرمي شابيرو‪ ،‬مدير األبحاث في المجلس األوروبي للعالقات الخارجية‪،‬‬
‫أحدا "ال ينبغي أن يعتقد أنه يعرف ما سيقوم به ترامب‪ ،‬حتى لو كان هذا الشخص هو دونالد ترامب نفسه"‪.6‬‬
‫فإن ً‬
‫ويرى إليوت كوهين‪ ،‬مدير برنامج الدراسات اإلستراتيجية في جامعة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة‪،‬‬
‫وأحد كبار المستشارين السابقين في و ازرة الخارجية بإدارة الرئيس السابق‪ ،‬جورج دبليو بوش‪ ،‬أن لدى ترامب‬
‫اقتناعا قويا حول عدد من القضايا في حقل السياسة الخارجية‪" ،‬لكنه ال يرقى إلى وجهة نظر متماسكة للعالم‪،‬‬
‫ً‬
‫أصال حول النظام‬
‫وهي واحدة من المشكالت في الحكم على زعيم ال يقرأ‪ ،‬وال يشعر أنه بحاجة إلى تثقيف نفسه ً‬
‫الدولي الذي أنشأته الواليات المتحدة على مدى أكثر من نصف قرن"‪.7‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Emily Rauhala, “Trump draws rebukes after saying U.S. isn’t bound by one-China policy,” The‬‬
‫‪Washington Post, 12/12/2016, accessed on 21/12/2016, at: http://wapo.st/2hZ2cpx‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Stephen Collinson, “Trump rewrites US foreign policy on the fly,” CNN, 13/12/2016, accessed on‬‬
‫‪21/12/2016, at: http://cnn.it/2hpTdgK‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Philip Gordon, “Why Trump’s Foreign Policy Might Prove Less Radical Than You Think,” Politico‬‬
‫‪Magazine, 3/12/2016, accessed on 21/12/2016, at: http://politi.co/2gV9nBP‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Jeremy Shapiro, “What Europe should do about a problem like Trump,” European Council on Foreign‬‬
‫‪Relations, 10/11/2016, accessed on 21/12/2016, at: http://bit.ly/2fQzysG‬‬
‫‪7‬‬
‫‪James Kitfield, “The Knowns and Unknowns of Donald Trump's Foreign Policy,” The Atlantic,‬‬
‫‪19/11/2016, accessed on 21/12/2016, at: http://theatln.tc/2fKGas5‬‬

‫‪2‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫جدا على األمن‬


‫أمر خط ًار ً‬
‫عالميا من تلك المواصفات ًا‬
‫ً‬ ‫تجعل حقيقة أن ترامب هو الرئيس القادم للدولة األعظم‬
‫واالستقرار العالمي ْين‪ .‬فعلى الرغم من أن الواليات المتحدة دولة مؤسسات‪ ،‬ومع أن مؤسسة األمن القومي‬
‫األميركية هي مؤسسة هرمية تتوفر على بعض الضوابط والموازنات‪ ،‬فإن ثمة حقيقة أخرى مفادها أن الرئيس‬
‫جدا في فضاء السياسة الخارجية مقارنة بفضاء السياسة الداخلية‪ .‬فال توجد أي مؤسسة‬
‫يتمتع بصالحيات واسعة ً‬
‫ٍ‬
‫شيء ال يريده في مجال السياسة الخارجية‪ ،‬مثل‬ ‫أخرى‪ ،‬بما في ذلك الكونغرس‪ ،‬قادرة على إلزام الرئيس فعل‬
‫استخدام القوة‪ ،‬أو توقيع معاهدة أو اتفاقية تجارية‪ ،‬أو إرغامه على دعم الديمقراطية وحقوق اإلنسان في أي جزء‬
‫من العالم‪.8‬‬

‫لوجيا؛ فهو ليس محافظًا‪ ،‬وال هو من‬


‫وكتقويم عام‪ ،‬فإن ثمة من يرى أن ترامب‪ ،‬في حقيقة األمر‪ ،‬ليس أيديو ً‬
‫اليا‪ .9‬وال يعد أصحاب هذا التقويم‪ ،‬شعارات‬
‫مثاليا‪ ،‬وال حتى انعز ً‬
‫اقعيا‪ ،‬وال ً‬
‫المحافظين الجدد‪ ،‬كما أنه ليس و ً‬
‫ار للنهج الذي أمكنه من الظفر باالنتخابات‪ .‬ويرى أولئك‬
‫ترامب اليمينية والشعبوية‪ ،‬حتى بعد انتخابه‪ ،‬إال استمرًا‬
‫برغماتي يملك غريزة تجارية بحتة‪ ،‬وثقة ال حدود لها بقدرته على التفاوض على أي شيء‬
‫المراقبون أن ترامب ا‬
‫وتحقيق نتائج أفضل ألميركا‪ .10‬ويذهب الخبير السياسي والمؤرخ والتر راسيل ميد‪ ،‬إلى أن ترامب يتمثل التقاليد‬
‫"الجاكسونية" ‪ -‬نسبة إلى الرئيس األميركي األسبق أندرو جاكسون ‪ -‬في السياسة الخارجية‪ .‬ويحدد ميد تلك‬
‫التقاليد في‪ :‬القومية‪ ،‬والشعبوية‪ ،‬وعدم الثقة بالعالم الخارجي‪ ،‬واالستعداد الستخدام القوة إن لزم األمر‪.11‬‬

‫أول‪ :‬اقتناعات ترامب في السياسة الخارجية‬


‫ً‬

‫يمكن تلخيص أهم اقتناعات ترامب‪ ،‬العمومية الفضفاضة‪ ،‬في السياسة الخارجية‪ ،‬في ما يلي‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫‪Thomas Wright, “Trump’s Team of Rivals, Riven by Distrust,” Foreign Policy, 14/12/2016, accessed on‬‬
‫‪21/12/2016, at: http://atfp.co/2hZjQK7‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Kitfield.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪Walter Russell Mead, “Andrew Jackson, Revenant,” The American Interest, 17/1/2016, accessed on‬‬
‫‪21/12/2016, at: http://bit.ly/209Oxw1‬‬

‫‪3‬‬
‫مالمح السياسة الخارجية األميركية المتوقعة في ظل إدارة ترامب‬

‫أول"‬
‫‪" .1‬أميركا ً‬

‫المس بثوابت في‬


‫كمرشح‪ ،‬كانت المصالح األميركية هي محور تركيز خطاب ترامب‪ ،‬حتى لو أدى ذلك إلى ّ‬
‫السياسة الخارجية األميركية‪ ،‬أو جاء على حساب الحلفاء األقرب للواليات المتحدة‪ ،‬أو ّأدى إلى فوضى في‬
‫مثال‪ ،‬تصريحه غير مرة‪ ،‬خالل فترة الحمالت االنتخابية‪ ،‬أن أميركا بقيادته قد تتخلى عن‬
‫العالم‪ .‬فمن ذلك‪ً ،‬‬
‫التزاماتها نحو حلف شمال األطلسي "الناتو"‪ ،‬إن لم تقم الدول األعضاء األخرى بتحمل أعباء أكبر في نفقات‬
‫الحلف‪ .12‬كما أثار ترامب مخاوف الحلفاء عندما أشار إلى أنه قد يكون من األفضل لدول كاليابان‪ ،‬وكوريا‬
‫الجنوبية‪ ،‬والمملكة العربية السعودية‪ ،‬امتالك أسلحة نووية للدفاع عن نفسها‪ ،‬أو أن تقوم بدفع ثمن الحماية‬
‫األميركية؛ ألن الواليات المتحدة بقيادته لن تقوم بذلك نيابة عنهم بالمجان‪ ،13‬وفي ذلك مساس بثابتين أميركيين‪،‬‬
‫في فضاء السياسة الخارجية‪ .‬األول‪ ،‬الحفاظ على موثوقية المظلة الحمائية األميركية للحلفاء‪ ،‬والثاني‪ ،‬منع‬
‫انتشار السالح النووي‪ .‬كما أن ترامب هدد بأنه قد ينسحب من كثير من االتفاقيات التجارية‪ ،‬بما في ذلك منظمة‬
‫مندرجا في السياق ذاته‪ ،‬وذلك في محاولة‬
‫ً‬ ‫التجارة العالمية‪ ،‬ويأتي تصعيده مع الصين في الموضوع التايواني‬
‫منه إلرغام الصين على المساعدة في تعديل الميزان التجاري بين البلدين‪ .‬ويعتقد ترامب أن بإمكانه الضغط‬
‫على الحلفاء والخصوم على السواء‪ ،‬للقبول بشروط جديدة للعب؛ ذلك أنه يعتقد أن من كان يفاوض باسم أميركا‬
‫في السابق هم من "األغبياء" الذين أفقدوا أميركا االحترام وجعلوها تخسر على كل جبهة‪.‬‬

‫‪ .2‬تعزيز القوة األميركية والستعداد لستخدامها إن تطلب األمر‬

‫دائما‪ ،‬خالل االنتخابات‪ ،‬على أن القوة األميركية في حالة تراجع‪ ،‬وأنه سيعيد بناء القوة العسكرية‬
‫ركز ترامب ً‬
‫األميركية من جديد‪ ،‬وأنه لن يتردد في استخدامها إن تطلب األمر ذلك‪ ،14‬وقد يستعمل هذه القوة مع إيران التي‬

‫‪12‬‬
‫‪Max Fisher, “What Is Donald Trump’s Foreign Policy?” The New York Times, 11/11/2016, accessed on‬‬
‫‪21/12/2016, at: http://nyti.ms/2hZmFuo‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Ibid.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪Ibid.‬‬

‫‪4‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫حروبا‪ ،‬بالضرورة‪،‬‬
‫ً‬ ‫يعارض االتفاق النووي معها وتعهّد إلغاءه‪ .‬غير أن هذا ال يعني أن ترامب يريد أن يخوض‬
‫مطروحا‪ ،‬وورقةً تفاوضية في يده‪.‬‬
‫ً‬ ‫خيار‬
‫بقدر ما يريد أن يبقي القوة األميركية ًا‬

‫‪ .3‬تصعيد الحرب على "اإلرهاب اإلسالمي"‬

‫جعل ترامب من الحرب على ما يسميه "اإلرهاب اإلسالمي" أحد أعمدة حملته االنتخابية‪ ،‬وقد وعد بهزيمة "تنظيم‬
‫سيما في سورّية‪.‬‬
‫الدولة اإلسالمية"‪ ،‬وال ّ‬

‫‪ .4‬دعم الحركات اليمينية والشعبوية في الغرب‬

‫معلوم أن الحركة الشعبوية اليمينية في الواليات المتحدة ساهمت مساهمة كبيرة‪ ،‬في حمل ترامب إلى الرئاسة‪،‬‬
‫وهو مدين لها‪ ،‬كما أنه محتاج إلى دعمها في الحكم‪ ،‬وفي االنتخابات القادمة‪ ،‬ومن هنا جاء تعيينه لليميني‬
‫الشعبوي ستيف بانون‪ ،‬كمستشار إستراتيجي له‪ .‬وألن هذه الحركة تعد العمود الفقري لتحالف ترامب الرئاسي‪،‬‬
‫فإنه يحاول استرضاءها عبر دعمه ح ٍ‬
‫ركات يمينيةً شعبويةً في أوروبا الغربية‪ ،‬كما في بريطانيا والمجر‪ ،‬وهو ما‬
‫قد يضعف االتحاد األوروبي أكثر‪ ،‬ويوسع عملية تفككه‪.15‬‬

‫‪ .5‬تقديم األمن على قيم الحرية والديمقراطية‬

‫إن ما يعدها ترامب محاو ٍ‬


‫الت أميركيةً لفرض الديمقراطية والحرية في الشرق األوسط‪ ،‬هي السبب األساسي‬
‫للفوضى التي تعصف به‪ .‬ويرى ترامب أن إسقاط الحكام األقوياء‪ ،‬كصدام حسين‪ ،‬ومعمر القذافي‪ ،‬سمح‬
‫‪16‬‬
‫عدوا بالضرورة‪،‬‬
‫يعد بشار األسد ً‬
‫لتنظيمات كـ "القاعدة" و"داعش"‪ ،‬بالظهور وتعبئة الفراغ ‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإنه ال ّ‬

‫‪15‬‬
‫‪Wright.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪Jeremy Diamond, “Trump: World would be '100%' better with Hussein, Gadhafi in power,” CNN,‬‬
‫‪25/10/2015, accessed on 21/12/2016, at: http://cnn.it/2h92CeJ‬‬

‫‪5‬‬
‫مالمح السياسة الخارجية األميركية المتوقعة في ظل إدارة ترامب‬

‫تناقضا؛ من حيث إن‬


‫ً‬ ‫بقدر ما يمكن أن يكون حليفًا في الحرب على "اإلرهاب"‪ ،‬على الرغم من أن في ذلك‬
‫عدوا‪.‬‬
‫األسد حليف إليران التي يع ّدها ترامب ً‬

‫‪ .6‬الفتتان بأنموذج الزعماء األقوياء‬

‫يعد افتتان ترامب بأنموذج الزعماء األقوياء من األسباب التي تجعله ينظر إلى الرئيس الروسي فالديمير بوتين‪،‬‬
‫باحترام‪ ،‬ويسعى إلصالح العالقات بروسيا ورفع العقوبات عنها‪ ،‬والتحالف معها في سورية‪ .‬ومرة أخرى‪ ،‬يبرز‬
‫التناقض هنا في مواقف ترامب؛ فروسيا حليف إليران التي يع ّدها ترامب عدوا ألميركا‪.17‬‬

‫ثانيا‪ :‬فريق ترامب للسياسة الخارجية‬


‫ً‬

‫ألن ترامب يفتقد الخبرة في السياسة الخارجية‪ ،‬وال يملك رؤية متماسكة لها‪ ،‬باستثناء االقتناعات الفضفاضة‬
‫اقعا ينبغي أن يعكس‬
‫متناقضا؛ فإن الفريق الذي سيقوم بترجمتها و ً‬
‫ً‬ ‫التي أشرنا إليها سالفًا‪ ،‬والتي يبدو بعضها‬
‫هذا التبسيط وهذا التناقض في رؤيته‪ ،‬وهذا هو الذي فعله ترامب‪ ،‬فمرشحوه لشغل المواقع الفاعلة في مجال‬
‫األمن القومي والسياسة الخارجية ينضوون إلى ثالثة أقسام‪18‬؛ األول‪ ،‬مجموعة "أميركا ّأوًال"‪ ،‬كوزير الخارجية‬
‫المرشح‪ ،‬ريكس تيلرسون‪ ،‬والرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل النفطية العمالقة‪ ،‬والمنادي‪ ،‬مثل ترامب‪،‬‬
‫بضرورة تقوية العالقات بروسيا‪ ،‬بغض النظر عن الخالفات معها‪ .‬الثاني‪ ،‬مجموعة "المقاتلين الدينيين"‪،‬‬
‫كمستشاره لألمن القومي الجنرال مايكل فلين‪ ،‬رئيس االستخبارات العسكرية األميركية السابق (‪،)2014-2012‬‬
‫والذي يع ّد اإلسالم هو العدو األساسي للواليات المتحدة‪ .19‬والثالث‪ ،‬مجموعة "التقليديين" األوفياء لثوابت السياسة‬
‫الخارجية األميركية‪ ،‬كوزير الدفاع المرشح‪ ،‬الجنرال جيمس ماتيس‪ ،‬رئيس القيادة األميركية العسكرية الوسطى‬
‫السابق (‪ ،)2013-2010‬والتي يقع الشرق األوسط ضمن مجالها‪ .‬وينادي ماتيس بضرورة الحفاظ على تحالفات‬

‫‪17‬‬
‫‪Christina Coleburn, “Donald Trump's History of Praising Dictators,” NBC NEWS, 6/7/2016, accessed on‬‬
‫‪21/12/2016, at: http://nbcnews.to/29iyThm‬‬
‫‪18‬‬
‫‪Wright.‬‬
‫‪Mattathias Schwartz, “Donald Trump’s National Security Adviser Michael Flynn Says Islam Is ‘Like a‬‬
‫‪19‬‬

‫”‪Cancer’,‬‬
‫‪The Intercept, 21/11/2016, accessed on 21/12/16, at: http://bit.ly/2geM2bn‬‬

‫‪6‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫الواليات المتحدة والتزاماتها الدولية‪ ،‬كحلف "الناتو"‪ ،‬ويعتقد أن روسيا خصم إستراتيجي ال حليف‪ .20‬ويرى بعض‬
‫الخبراء أن ترامب بحاجة إلى هذه المعسكرات الثالثة في فريقه لألمن القومي وللسياسة الخارجية‪ ،‬ذلك أنه ال‬
‫مثال‪" ،‬المقاتلون الدينيون"‪ ،‬إلى حرب مع إيران وتورط عسكري جديد في منطقة الشرق األوسط‪،‬‬
‫يريد أن يقوده‪ً ،‬‬
‫والعالم اإلسالمي‪ .‬كما أنه ال يريد أن يكون فريسة لمعسكر "التقليديين"‪ ،‬ومحاولة إبقاء الحال على ما هو عليه‬
‫في السياسة الخارجية األميركية‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬فإنه ال يريد أن ينفرد معسكر "أميركا أوًال" في توجيه دفة السياسة‬
‫بعيدا من التزاماتها الدولية التي ترسخت على مدى عقود؛ ما قد يسبب اضطرابات وفوضى‬
‫الخارجية األميركية ً‬
‫عالمية‪ .‬ويذهب القائلون بهذا التصنيف إلى أن كل طرف سيعمل ككابح وموازن للطرفين اآلخرين‪.21‬‬
‫وعلى الرغم من تضمن فريق ترامب لألمن القومي تلك المعسكرات الثالثة‪ ،‬على أمل موازنة بعضها ببعض‪،‬‬
‫وضبط بعضها ببعض‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أن هذه المعادلة ستنجح بالضرورة؛ فاألمر سيعتمد بدرجة أولى على‬
‫ترامب نفسه وما يريده؛ ذاك أن منبع الضبابية والتناقض رؤيته هو إلى السياسية الخارجية وكيفية إنفاذها‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬أهم السياسات المتوقعة‬

‫موجز للسياسات الخارجية المتوقعة إلدارة ترامب‪ ،‬نحو عدد من الملفات الدولية‬
‫ًا‬ ‫تلخيصا‬
‫ً‬ ‫في ما يلي سنقدم‬
‫الخارجية؛ وأهمها‪ ،‬سورية‪ ،‬وفلسطين‪ ،‬وايران‪ ،‬وروسيا‪ ،‬والصين‪.‬‬

‫‪ .1‬سورية‬

‫يستشف من تصريحات سابقة لترامب عن الصراع في سورية أنه ال يع ّد األسد هو المشكلة‪ ،‬بقدر ما يرى أن التنظيمات‬
‫كثير عن تحالف ممكن مع روسيا لمحاربة "داعش"‬
‫الجهادية "اإلرهابية" هي ما يشكل الخطر الحقيقي‪ .‬ولهذا يتحدث ًا‬
‫في سورية‪ ،‬وسبق أن ألمح إلى أنه سيوقف دعم بعض الجماعات السورية المعارضة لنظام األسد التي تدعمها إدارة‬
‫ئيسا لالستخبارات العسكرية‪ ،‬كان قد ضغط للتركيز‬
‫بارك أوباما ‪ .‬بل إن مستشاره لألمن القومي‪ ،‬فلين‪ ،‬عندما كان ر ً‬
‫‪22‬‬

‫على محاربة "داعش" في سورية‪ ،‬وحذر من عواقب إسقاط نظام األسد‪ ،‬على أساس أن الجسم الرئيس للمعارضة‬

‫‪20‬‬
‫‪Bob Dreyfuss, “Trump’s Foreign-Policy Appointees Are Set to Provoke War With Iran,” The Nation,‬‬
‫‪14/12/2016, accessed on 21/12/2016, at: http://bit.ly/2hvdJQb‬‬
‫‪21‬‬
‫‪Wright.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪Kitfield.‬‬

‫‪7‬‬
‫مالمح السياسة الخارجية األميركية المتوقعة في ظل إدارة ترامب‬

‫أميركيا‬
‫ً‬ ‫السورية‪ ،‬هم من "المتطرفين اإلسالميين"‪ .23‬ولكن هذا ال يعني أن التخلي عن المعارضة السورية المدعومة‬
‫أمر حتمي‪ ،‬فوزير الدفاع المرشح‪ ،‬ماتيس‪ ،‬كان من الداعين‪ ،‬خالل رئاسته القيادة المركزية الوسطى‪ ،‬إلى تسليح بعض‬
‫الفصائل المعارضة السورية لمقاتلة الوكالء اإليرانيين على األرض السورية‪.24‬‬

‫‪ .2‬فلسطين‬

‫"محايد ا" في موقفه من "الصراع‬


‫ً‬ ‫على الرغم من أن ترامب كان قد أعلن خالل حملته االنتخابية أنه سيكون‬
‫اإلسرائيلي‪ -‬الفلسطيني"‪ ،‬كي يكون في وضع يؤهله لصنع السالم بين الطرفين‪ ،25‬فإ ن مواقفه بدأت تنحاز‬
‫ومؤخرا صدرت تلميحات من فريقه االنتقالي بأنه لن يعطل‬
‫ً‬ ‫لمصلحة إسرائيل بعد نجاحه في االنتخابات‪.‬‬
‫نقل السفارة األميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة نهاية أيار‪ /‬مايو ‪ ، 262017‬وهو ما جرت عليه‬
‫بند ا‬
‫العادة في العشرين سنة الماضية‪ ،‬منذ إقرار الكونغرس قانون نقل السفارة في ‪ ،1995‬مع تضمينه ً‬
‫يخول الرئيس تعطيل القرار ستة أشهر إذا ما رأى أن في ذلك خدمة للمصالح القومية األميركية‪ .‬كما أن‬
‫ّ‬
‫مرشحه لمنصب السفير في إسرائيل‪ ،‬ديفيد فردمان‪ ،‬معروف بانحيازه المطلق إلى الدولة الع برية‪ ،‬وقد‬
‫صرح بأن من حق إسرائيل ضم الضفة الغربية‪ ،‬وتشريع المستوطنات الصهيونية فيها‪ .‬كما أنه قال بعد‬‫ّ‬
‫ترشيحه للمنصب‪ ،‬إن مواقف إدارة ترامب نحو "عملية السالم ستستهدي بما تريده إسرائيل"‪ .‬وا ذا كانت‬
‫إسرائيل ال تريد دولة فلسطينية‪ ،‬فإن الواليات المتحدة لن تضغط عليها في ذلك‪ .27‬وقد دفعت هذه المواقف‬
‫المعلنة من قبل فريق ترامب االنتقالي بعض الوزراء اإلسرائيليين من اليمين المتطرف إلى إعالن وفاة‬
‫حل الدولتين‪ . 28‬ومع ذلك‪ ،‬فإن ترامب قد يحاول تحقيق تقدم في مسيرة التسوية بين الفلسطينيين‬

‫‪23‬‬
‫‪Seymour M. Hersh, “Military to Military,” London Review of Books, vol. 38, no. 1 (January 7, 2016),‬‬
‫‪pp. 11-14, accessed on 21/12/16, at: http://bit.ly/1mekrs4‬‬
‫‪24‬‬
‫‪Spencer Ackerman, “Military’s Mideast Chief Sounds Ready to Aid Syria’s Rebels,” WIRED,‬‬
‫‪6/3/2012, accessed on 21/12/2016, at: https://www.wired.com/2012/03/mattis-syria/‬‬
‫‪25‬‬
‫‪Mark Hensch, “Trump: I’ll be ‘neutral’ on Israel and Palestine,” The Hill, 17/2/2016, accessed on‬‬
‫‪21/12/2016, at: http://bit.ly/1SUlGLJ‬‬
‫‪26‬‬
‫‪Alexander Smith, Paul Goldman & Lawhez Jabari , “Trump Plan to Move Embassy From Tel Aviv to‬‬
‫‪Jerusalem Poses Challenges,” NBC NEWS, 18/12/2016, accessed on, 21/12/2016, at: http://nbcnews.to/2heHBNs‬‬
‫‪27‬‬
‫‪Andrew Kaczynski, “Trump's Israel ambassador pick: Trump's peace process policy will be guided by‬‬
‫‪'what Israelis want to pursue',” CNN, 17/12/2016, accessed on 21/12/2016, at: http://cnn.it/2gWSjuk‬‬
‫‪28‬‬
‫‪Gil Hoffman, “Israeli Right hails Trump: 'The era of a Palestinian state is over',” The Jerusalem Post,‬‬
‫‪9/11/2016, accessed on 21/12/2016, at: http://bit.ly/2fZ66ky‬‬

‫‪8‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫خصوص ا بعد تصريحه ب أن زوج ابنته‪ ،‬جاريد كوشنر‪ ،‬وهو يهودي أميركي‪ ،‬قد يساهم في‬
‫ً‬ ‫واإلسرائيليين‪ ،‬و‬
‫تذليل الصعوبات في سبيل ذلك‪.29‬‬

‫‪ .3‬إيران‬

‫يرى بعض الخبراء أن الموضوع الذي سيكون محل توافق كبير داخل إدارة ترامب المقبلة هي إيران؛ إذ‬
‫األول‪ .‬يرى فلين المعركة مع إيران جزًء ا من "الحرب العالمية‬
‫يعدها كل مكونات فريق أمنها القومي‪ ،‬العدو ّ‬‫ّ‬
‫ار خالل رئاسته للقيادة الوسطى العسكرية األميركية أن‬‫ضد اإلسالم الراديكالي"‪ .‬في حين أعلن ماتيس مر ًا‬
‫أعظم ثالثة تهديدات تواجه الواليات المتحدة هي‪ :‬إيران‪ ،‬وايران‪ ،‬وايران"‪ .‬ويتبنّى الموقف نفسه وزير األمن‬
‫القومي المرشح‪ ،‬الجنرال جون كيلي‪ ،‬والذي تولى من قبل رئاسة ا لقيادة األميركية العسكرية الجنوبية‬
‫يتبنى الموقف عينه مايك بومبيو‪ ،‬المرش ح لمنصب رئيس وكالة االستخبارات‬ ‫(‪ ،)2016-2012‬كما ّ‬
‫األميركية المركزية "سي آي إيه"‪ ،30‬وهو الرئيس الحالي للجنة االستخبارات في مجلس النواب األميركي‪.‬‬
‫لكن هذا ال يعني أن هذا العداء المعلن قد يقود إلى حرب بالضرورة‪ ،‬فعلى الرغم من أن ترامب كان قد‬
‫توعد خالل الحملة االنتخابية بتمزيق االتفاق النووي مع إيران‪ ،‬وهو الموقف الذي يؤيده فلين وبومبيو‪ ،‬فإن‬
‫ماتيس يرى أن االتفاق قد نجح في "تجميد" المساعي النووية اإليرانية‪ ،‬ولم يوقفها‪ ،‬كما أنه سمح للواليات‬
‫المتحدة بتعزيز قاعدة أهدافها االستخباراتية في حال قررت قصف المنشآت النووية اإليرانية‪ .31‬وليس من‬
‫فعال أو ال؛ ذلك أنه قد يحرر إيران من التزاماتها‬
‫المؤكد إن كانت إدارة ترامب ستعمد إلى تمزيق االتفاق ً‬
‫فيه‪ ،‬كما أن الدول الخمس األخرى الموقعة على االتفاق؛ وهي بريطانيا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬وألمانيا‪ ،‬وروسيا‪ ،‬والصين‪،‬‬
‫سوف تستاء من مثل هذه الخطوة األميركية إن تمت‪ ،‬وسترفض إعادة فرض عقوبات على طهران‪ .‬وعلى‬
‫األغلب‪ ،‬فإن إدارة ترامب قد تلجأ إلى محاصرة إيران في خليج العرب‪ ،‬وسورية‪ ،‬واليمن‪ ،‬وأفغانستان‪،‬‬
‫والعراق‪ ،‬وتعزيز الرقابة على برنامجها لتطوير صواريخها متوسطة المدى‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪Eliza Collins, “Trump: My son-in-law could broker Middle East peace,” USA TODAY, 22/11/2016,‬‬
‫‪accessed on 21/12/2016, at: http://usat.ly/2gdeJUK‬‬
‫‪30‬‬
‫‪Dreyfus.‬‬
‫‪31‬‬
‫‪Ibid.‬‬

‫‪9‬‬
‫مالمح السياسة الخارجية األميركية المتوقعة في ظل إدارة ترامب‬

‫‪ .4‬روسيا‬

‫تعقيدا في إدارة ترامب المقبِلة؛ إذ ال يخفي ترامب رغبته في إعادة إطالق‬


‫شد ً‬ ‫تعد مسألة العالقة مع روسيا القضية األ ّ‬
‫العالقة بين البلدين‪ ،‬وترشيحه لتيلرسون كوزير للخارجية‪ ،‬جاء في جزء منه نتيجة عالقته القوية ببوتين‪ ،‬وهو ما أثار‬
‫خصما إستراتيجًيا‪،‬‬
‫ً‬ ‫حنق العديد من أعضاء مجلس الشيوخ األميركي‪ ،‬ومن بينهم جمهوريون‪ ،‬ممن يع ّدون روسيا‬
‫ويطالبون بالتحقيق في التدخل الروسي المحتمل في االنتخابات الرئاسية األميركية‪ ،‬في حين يعارض ترامب ذلك‪.32‬‬
‫وكان تيلرسون قد عارض‪ ،‬كمدير تنفيذي لشركة إكسون موبيل النفطية التي تربطها عالقات تجارية بموسكو‪ ،‬فرض‬
‫عقوبات على روسيا بعد أن اجتاحت قواتها شرق أوكرانيا وضمت إليها إقليم القرم في ‪ .332014‬ويريد ترامب أن‬
‫يتحالف مع روسيا في محاربة "اإلرهاب اإلسالمي" في سورية‪ ،‬غير أن ذلك يتناقض مع عد ترامب إيران (وهي الحليف‬
‫ثم يعارضان أي تحسين‬
‫أيضا‪ ،‬يرى ماتيس وبومبيو في روسيا شري ًكا إليران وحزب اهلل‪ ،‬ومن ّ‬
‫الروسي) عدوا أول‪ .‬و ً‬
‫للعالقات بها‪ .34‬كما أن أي تقارب أميركي ‪ -‬روسي قد يثير غضب الحلفاء الغربيين في "الناتو"‪ ،‬المتخوفين من التمدد‬
‫الروسي في شرق أوروبا‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬يبدو أن ترامب قد يمضي في اتجاه إعادة العالقات بموسكو‪ ،‬مع‬
‫منفصال عن ملف العالقات الثنائية‪.‬‬
‫ً‬ ‫موازنة ذلك بتطمينات لحلفاء واشنطن الغربيين‪ ،‬وابقاء الملف اإليراني‬

‫‪ .5‬الصين‬

‫كانت الصين أحد األهداف المفضلة لترامب خالل حملة ترشيحه؛ ذلك أنه يتهمها بعدم احترام "قواعد اللعبة"‪،‬‬
‫األول‪ /‬ديسمبر الجاري‪ ،‬قطع ترامب مع عرف‬ ‫خصوصا في العالقات التجارية بين البلدين‪ .‬وفي ‪ 12‬كانون ّ‬ ‫ً‬ ‫و‬
‫عاما تقر ًيبا في العالقة بالصين‪ ،‬وذلك عندما تلقى مكالمة‬
‫دبلوماسي أميركي سارت عليه الواليات المتحدة أربعين ً‬
‫إقليما منشقا عنها‪ ،‬في حين تقوم السياسة‬
‫هاتفية من الرئيسة التايوانية‪ ،‬تساي إنغ ون‪ .‬وتع ّد الصين تايوان ً‬
‫األميركية منذ عام ‪ 1972‬في عالقتها بالصين على مبدأ "صين واحدة"‪ ،‬بمعنى أن الواليات المتحدة ال تعترف‬

‫‪32‬‬
‫‪Elise Viebeck & Karoun Demirjian, “Key GOP senators join call for bipartisan Russia election probe,‬‬
‫‪even as their leaders remain mum,” The Washington Post, 12/12/2016, accessed on 21/12/2016, at:‬‬
‫‪http://wapo.st/2h0UNVb‬‬
‫‪33‬‬
‫‪Collinson.‬‬
‫‪34‬‬
‫‪Dreyfuss.‬‬

‫‪10‬‬
‫بي لألبحاث ودراسة السياسات‬
‫المركز العر ّ‬

‫إال بـ "صين واحدة"‪ ،‬وأن تايوان جزء من أراضي الصين‪ ،‬من دون أن تصل إلى حد القبول بضمها إلى الصين‪،‬‬
‫أو التصريح بموقف رسمي واضح حول إن كانت تعترف بتايوان مستقلة أو ال‪ .35‬وقد أتبع ترامب ذلك بتصريحه‬
‫ملزم ا بمبدأ "صين واحدة"‪ ،‬إال إذا قبلت الصين بصفقة مع أميركا في عدد من الملفات‪ ،‬بما‬
‫بأنه ال يرى نفسه ً‬
‫في ذلك مجال التجارة‪ ،36‬إذ يميل الميزان التجاري لمصلحة الصين‪ .‬كما هدد ترامب خالل فترة ترشحه بأنه‬
‫سيفرض تعرفة جمركية على الصادرات الصينية إلى الواليات المتحدة تصل إلى ‪ %45‬إذا لم تتخل عن حماية‬
‫منتجاتها المحلية واذا لم تقم برفع قيمة عملتها‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإنه من الصعب تصور أنه سيذهب إلى‬
‫تغيير جذريا؛ فأي معركة اقتصادية بين الدولتين قد‬
‫ًا‬ ‫اقتصاديا‪،‬‬
‫ً‬ ‫حد تغيير أسس العالقة بين الدولتين الكبري ْين‬
‫ت فضي إلى ركود اقتصادي مشترك‪ ،‬كما أن الصين قد تساهم في تعقيد ملفات أخرى ألميركا‪ ،‬كما في كوريا‬
‫غالبا‪ ،‬للضغط على الصين من البوابة‬
‫بناء عليه‪ ،‬سيسعى ترامب‪ً ،‬‬
‫الشمالية‪ ،‬وبحرِي الصين الشرقي والجنوبي‪ً .‬‬
‫سيما ما يتعلق بالتجارة‪.‬‬
‫التايوانية لتحسين وضع الواليات المتحدة التفاوضي‪ ،‬وال ّ‬

‫خالصة‬

‫يصعب التكهن بتفاصيل السياسة الخارجية المتوقعة إلدارة ترامب‪ ،‬غير أنه يمكن تلمس بعض مبادئها العامة‪.‬‬
‫تصور متماس ًكا عنها‪ ،‬كما أنه ال يوجد له تاريخ‬
‫ًا‬ ‫وتعود صعوبة التنبؤ بالسياسة الخارجية لترامب إلى أنه ال يملك‬
‫فضال عن أنه أتى بفريق لألمن القومي غير متجانس‪.‬‬
‫ً‬ ‫سياسي يمكن القياس عليه‪ ،‬وهو يقول الشيء ونقيضه‪،‬‬
‫وعلى الرغم من توقّع إحداث ترامب تغييرات كبيرة في مقاربات السياسة الخارجية األميركية‪ ،‬على نحو قد يؤدي‬
‫دوليا‪ ،‬فإنه من المستبعد أن ينجح في قلب السياسة الخارجية األميركية جذرًيا؛ فالمؤسسة‬
‫إلى بعض االضطرابات ً‬
‫البيروقراطية األميركية‪ ،‬بما في ذلك في مجال األمن القومي والسياسة الخارجية‪ ،‬كبيرة إلى الحد الذي يصعب‬
‫فيه تغييرها على هذا النحو‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪See: “Shanghai Communique 30th Anniversary” Sino Mania, accessed on 21/12/16, at:‬‬
‫‪http://bit.ly/2iepgAe‬‬
‫‪36‬‬
‫‪Rauhala.‬‬

‫‪11‬‬

You might also like