You are on page 1of 44

‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫تمهيــد ‪:‬‬

‫أض حى االهتم ام بقض ايا الم رأة مس ألة تنموي ة وحقوقي ة ‪ ،‬ب ل ومعي اراً أساس ياً لمعرف ه‬
‫وقياس مستوى تحقق التنمية في المجتمع‪ ،‬فلم تعد ‪ ‬المشاركة النقابية للمرأة العاملة نوعا من‬
‫االنتماءات الفكرية أو الثقافية فقط ‪ ،‬بل غابت نظرة تهميش المرأة وتحجيم دورها‪ ،‬فأصبحت‬
‫مشاركتها النقابية مسألة تعبر عن نضج المجتمع ومقياسا لحيويته ‪.‬‬
‫وفي ه ذا الفص ل س وف نتوص ل بالدراس ة النظري ة لماهي ة العمــل النقــابي وتط وره ‪ ،‬ثم‬
‫السيرورة التاريخية للعمل النقابي بالجزائر‪ ،‬أي في فترة ما قبل االستقالل وما بعده ‪ ،‬لنعرج‬
‫على أهم التنظيم ات النقابي ة في الجزائ ر‪ ،‬بع دها نتط رق للمش اركة النقابي ة من ج وانب مختلف ة‪،‬‬
‫وصوال إلى ظاهرة عزوف المرأة عن ممارسة العمل النقابي‪ ،‬لنحصي أهم العقبات التي تقف‬
‫حائال في سبيل االنخراط الفعال ‪...‬‬

‫‪ : 1‬مفهوم العمل النقابي‬


‫أ‪ /‬التعريف اللغوي ‪:‬‬

‫‪102‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫االشتقاق اللغوي لكلمة نقابة من " نقيب " والتي تعني كبير القوم‪ ،‬المعني بشؤونهم‪ ،‬كما‬
‫تع ني أيض ا العمي د‪ ،‬و بالفرنس ية له ا مع نى مق ارب لمعناه ا بالعربي ة‪ ،‬فهي تع ني المح امي أو‬
‫‪1‬‬
‫المدافع أمام العدالة‪ ،‬أو المهتم بشؤون و مصالح الجماعة التي هو عضو فيها‪".‬‬
‫وق د وردت كلم ة "نقيب " في قول ه تع الى { ولق د أخ ذ اهلل ميث اق ب ني إسرائيل وبعثن ا منهم‬
‫‪2‬‬
‫اثني عشر نقينا }"‬
‫"كما أن الرسول "صلى اهلل عليه وسلم " قد اختار نقباء ليمثلوا عشائرهم و قبائلهم ‪ ،‬وهو‬
‫م ا يؤكـد إق رار المجتم ع اإلس المي وتقبل ه لوج ود هيئ ات ومنظم ات على ه ذا األس اس ‪ ،‬و لم‬
‫يوج د من المب ادئ و األص ول اإلس المية م ا ي دعوه لمعارض تها‪ ،‬أو حله ا ‪ ،‬أو الحيلول ة دون‬
‫قيامها ‪ ،‬مند فجر الحضارة اإلسالمية"‪.3‬‬
‫ب‪ /‬التعريف االصطالحي ‪:‬‬
‫"النقاب ة هيئ ة تتك ون من العم ال ال ذين تض منهم مهن ة أنش ئت أساس ا من اج ل ال دفاع عن‬
‫مصالح األعضاء ‪ ،‬و رعايتهم من الناحية االقتصادية المرتبطة بحياتهم اليومية"‬
‫وتعرف أيضا بأنها " تنظيم اختياري دائم للعمال‪ ،‬يتولى رعاية مصالحهم‪ ،‬و الدفاع عن‬
‫‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫شروط عملهم‪ ،‬و تحسين أحوال معيشتهم "‬
‫لذلك تشكل النقابة إحدى التنظيمات ‪ ،‬التي تكتسي أهمية بالغة و تأثيرا اجتماعيا كبيرا ‪،‬‬
‫و ال نب الغ في ه ذا اإلط ار إذا قلن ا إن العم ل النق ابي ه و من المؤش رات األساس ية ال تي تعكس‬
‫مستوى األوضاع االجتماعية و االقتصادية و السياسية ‪ ،‬وكذا درجة ممارسة الحري ات في أي‬
‫مجتم ع‪ ،‬و طبيع ة العالق ات االجتماعي ة بين األف راد ‪ ،‬بم ا في ذل ك عالق ة الس لطة ب المجتمع‬
‫المدني‪. 5‬‬
‫وق د أص بحت النقاب ة الحديث ة تنظيم ا يح وي ك ل عناص ر و مقوم ات التنظيم ات الرس مية‬
‫األخ رى‪ ،‬من هياك ل تنظيمي ة متدرج ة تبع ا لك ل نم وذج نق ابي ‪ ،‬ووج ود قي ادات نقابي ة له ذه‬

‫‪1‬‬

‫محمد حنفي ‪ ،‬الحوار المتمدن ‪ ،‬العدد ‪ .05/2004/ 29، 848‬نقال عن موقع ‪www.ahewar.org‬‬
‫‪ 2‬سورة المائدة‪ ،‬مدنية‪ ،‬عدد آياتها‪ ،120‬رواية ورش‪ ،‬اآلية رقم‪12‬‬
‫‪ 3‬نشرية يصدرها‪ 8‬االتحاد اإلسالمي الدولي للعمل‪ ،‬طبعة يونيو ‪ ،1999‬ص ‪03‬‬
‫‪ 4‬كول (ج‪.‬د)‪ :‬الحركة النقابية ‪ ،‬ترجمة السيد حسن محمود‪ ،‬الدار القومية للطباعة و النشر‪ ،‬د ت‪،‬القاهرة ‪ ،‬ص‪30‬بدون سنة نشر‬
‫‪ .5‬مراد زعيمي وآخرون ‪ ،‬دراسات في تسيير الموارد البشرية الجزائر ‪ ،‬منشورات قرطبة ‪ 2008 ،‬ص‪219‬‬

‫‪103‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫التنظيم ات ‪ ،‬و ك ذا أه دافا تس عى لتحقيقه ا داخ ل البن اء االجتم اعي ‪ ،‬تس تمدها من المكان ة ال تي‬
‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫تشغلها الفئات العاملة ‪ ،‬ودرجة تأثيرها في المجتمع‬
‫وهذا ماذهب إليه آالن توران بقوله ‪ " :‬إن النقابة منظمة للدفاع ‪ ،‬و الهجوم االقتصادي‪،‬‬
‫تناضل من اجل اجر أحسن ‪ ،‬و من اجل امن وافر في مجال التوظيف‪" .....‬‬
‫‪2‬‬

‫وأخيرا يمكن اعتبار النقابة أهم القنوات المنظمة للعمل الجم اعي ‪ ،‬والمش اركة في إيجاد‬
‫الحل ول المناس بة للمش اكل والعقب ات ‪ ،‬ال تي تع ترض طري ق أعض ائها ال ذين يس عون للنه وض‬
‫بأوض اعهم المعنوي ة والمادي ة‪ ،‬أو االرتق اء بمجتمعهم ووطنهم ‪ ،‬فض الَ عن تنظيم ممارس ة‬
‫المهن ة ‪ ،‬ووض ع تص ور آلدابه ا وأخالقياته ا " و تنش أ ع ادة بإي داع وث ائق تأسيس ها ل دى مكتب‬
‫العمل "‪. 3‬‬
‫أهداف ودور العمل النقابي ‪:‬‬
‫" تعت بر النقاب ة م رآة لطم وح العم ال وتطلع اتهم ‪ ،‬باعتب ارهم الق ائمين مي دانيا على العم ل‬
‫داخ ل المؤسس ة المس تخدمة‪ ،‬فهم أدرى بظ روف العم ل ‪ ،‬و بحق وقهم المش روعة ‪..‬‬
‫إن قيام النقابة باالتفاقيات الجماعية مع المستخدم يخفف من عدم توازن المراكز القانونية بين‬
‫العم ال والمستخدمين ‪ subordination‬وبالت الي تس اهم في تط وير الق انون االجتماعي بص فة‬
‫‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫عامة"‬
‫لك ل نقاب ة غ رض معين من إنش ائها‪..‬وعموما يه دف العم ل النق ابي الص حيح في إط ار‬
‫النقابة الصحيحة إلى‪:‬‬

‫‪ .1‬اقتصاديا‪:‬‬
‫باعتبار أن النقابة جماعة من العمال تضمهم مهنة أو أكثر‪ ،‬وظيفتها الدفاع عن مصالح‬
‫العم ال ورع ايتهم من الناحي ة االقتص ادية فهي تس عى إلى تحس ين األوض اع المادي ة للع املين‪،‬‬

‫‪1‬‬

‫مراد زعيمي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪221‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Alain Tourain: Sosiologie de L'action, Paris, ed/ le seuil,1965, P 346‬‬
‫‪3‬‬
‫احمد سالمة‪ ،‬شرح قانون العمل ‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ،‬مصر الطبعة األولى‪ ،1959 ،‬ص‪17‬‬
‫‪10 4‬سعيد طربيت ‪ ،‬سلطة المستخدم في تسريح العمال ‪ ،‬د م ج الجزائر‪ ، 2001 ،‬ص‪93‬‬

‫‪104‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫عن طريق رفع مستوى األجور ‪ ،‬بما يتناسب مع متطلبات العيش اليومي‪ ،‬و السكن و اللباس‬
‫و الخدمات االجتماعية المختلفة ‪ ،‬كالتعليم و الصحة و التنقل و الترفيه‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫و تحقي ق التعويض ات المختلف ة ‪ ،‬و رف ع مس تواها‪ ، ،‬و ض مان الحص ول على تقاع د‬
‫مناسب‪ ،‬و توفير التأمين على األخطار المختلفة‪. 1...‬‬
‫‪ .2‬اجتماعيا‪:‬‬
‫يس عى العم ل النق ابي إلى رف ع مس توى وتأهي ل الع املين‪ ،‬و توف ير الحماي ة االجتماعي ة‬
‫لهم‪ ،‬وت دعيم الرواب ط المهني ة واالجتماعي ة فيم ا بينهم بوس ائل وآلي ات عدي دة ومتنوعة‪ ،‬منه ا‬
‫التنظيم المس تمر‪ ،‬فتجمعهم وح دة المهن ة للتعب ير عن رغب اتهم وآم الهم ‪ ،‬وب ذلك تتحق ق أه دافهم‬
‫االجتماعية‬
‫‪ .3‬ثقافيا‪:‬‬
‫ُي َم ّكن العمل النقابي العاملين من رفع مستواهم الثقافي‪ ،‬عن طريق تمكينهم من ممارسة‬
‫األش كال الثقافي ة في أم اكن العم ل‪ ،‬ال تي يجب أن تت وفر على بني ات مناس بة في ه ذا االط ار‪،‬‬
‫باإلضافة إلى تشجيع اإلنتاج الثقافي في المجتمع ككل‪ .‬مما يساعد على نمو المكونات الثقافية‬
‫نموا سليما يتناسب مع ما يقتضيه العصر‪."2‬‬
‫الحقوق والواجبات في العمل النقابي ‪:‬‬
‫القـــادة ‪:‬‬
‫الحقوق‪:‬‬
‫‪ -‬تولي شرعية التمثيل أمام األعضاء والغير‪.‬‬
‫‪ -‬تولي مهام قيادة النقابة‪ ،‬وإ دارة شؤونها المالية واإلدارية ‪.‬‬

‫الواجبات ‪:‬‬
‫‪ -‬االلتزام بدستور ولوائح النقابة ومبادئها المقررة ‪.‬‬
‫‪ -‬األخ ذ بمب دأ القي ادة الجماعي ة ‪ ،‬حيث تش ارك القاع دة في اتخ اذ الق رار بواس طة النهج‬
‫الديمقراطي أو الشورى ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫انظر علي شحاته ‪،‬تخطيط وتنمية الموارد البشرية ‪،‬جمعية ادارة االعمال العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1967 ،‬ص‪17‬‬
‫‪ 2‬انظر أمين عز الدين‪ ،‬المدخل في شؤون العمل ‪،‬مكتبة القاهرة الحديثة‪ ،‬مصر ‪، 1964‬ص ‪125‬‬

‫‪105‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -‬الدفاع عن مصالح وحقوق األعضاء ‪.‬‬


‫األعضاء ‪:‬‬
‫الحقوق‪:‬‬
‫‪ -‬االنتخاب الحر ‪ ،‬مع كفالة حق الترشح ‪.‬‬
‫‪ -‬مساءلة ومحاسبة القادة ‪.‬‬
‫‪ -‬حق النقد والنقد الذاتي ‪.‬‬
‫الواجبات ‪:‬‬
‫‪ -‬االلتزام بدستور ولوائح النقابة‪ ،‬ومبادئها المقررة ‪.‬‬
‫‪ -‬التزام األعضاء الجدد بشروط وضوابط العضوية ‪.‬‬
‫‪ -‬االلتزام برأي األغلبية ‪ ،‬مع احترام األقلية ‪ ،‬وكفالة حقها في التعبير والرأي ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬دعم ومؤازرة قيادة النقابة في تحركاتها وأعمالها "‬
‫أدبيات العمل النقابي ‪:‬‬
‫‪ -‬مبدأ االقتناع‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الذاتية االيجابية‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الديمقراطية المركزية‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ القيادة الجماعية‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ العمل الجماعي او الشورى‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ المسؤولية الفردية‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ المراقبة والمحاسبة‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ النقد والنقد الذاتي‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ تقبل الرأي المعارض‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ موضوعية االختيار" ‪.2‬‬
‫أدوات العمل النقابي ‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫حمود عقلة العنزي ‪،‬المفاهيم العشرة في إدارة العمل النقابي ‪ ،‬مراجعة و تقديم ‪:‬أ‪.‬محمـد الدالل ‪،‬ا ‪.‬و ‪.‬ط الكويت ‪، 2000،‬ص‪23‬‬
‫‪2‬‬

‫حمود عقلة العنزي ‪،‬المفاهيم العشرة في إدارة العمل النقابي ‪ ،‬مرجع سابق ص ص ‪5/6‬‬

‫‪106‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الحوار‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬يعتبر فتح الحوار والتفاوض بين النقابة‪ ‬وأرباب العلم والمسؤولين أول وسيلة تستعملها‬
‫النقابات‪...‬‬
‫التنسيق‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تلجا النقابات إلى تنسيق العمل فيما بينها حول القضايا التي تهمها ‪ ،‬حتى تمارس ض غطا‬
‫أكبر على المشغلين والمسؤولين ‪...‬‬
‫استعراضات فاتح ماي‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫يحتف ل النق ابيون في ك ل من اطق الع الم في الي وم األول من ف اتح م اي ك ل س نة‬
‫بعيد‪ ‬العمال‪  ،‬الذي يرجع تاريخه‪ ‬لسنة ‪ 1884‬بمدينة شيكاغو‪ ،‬حيث سقط العديد من الضحايا‬
‫في صفوف العمال المطالبين بتحديد ساعات العمل‪...‬‬
‫‪ ‬وتع بر الطبق ة العامل ة في ه ذا الي وم عن أوض اعها بواس طة‪ ‬رف ع الالفت ات ‪ ،‬وتردي د‬
‫‪1‬‬
‫الشعارات أثناء استعراضهم في مسيرات تجوب أهم الشوارع‪...‬‬
‫اإلضراب‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫بالرجوع إلى أصل استخدام كلمة اإلضراب نجدها تعود للممارسة العمالية بباريس‪ ،‬أين‬
‫ك ان العم ال يجتمع ون في مك ان يس مى س احة اإلض راب (‪ )Grève‬بغي ة طلب العم ل‪ ،‬ولق د‬
‫كانت هذه الساحة مكانا لتنفيذ عقوبة اإلعدام‪.‬‬
‫أم ا عن المع نى االص طالحي لإلض راب‪ ،‬فيمكن تعريف ه بأن ه‪ ":‬اتف اق ع دد من العم ال أو‬
‫الم وظفين على االمتن اع عن العم ل ال واجب عليهم بمقتض ى الق وانين والل وائح‪ ،‬أو عق د العم ل‪،‬‬
‫م ع التمس ك بمزاي ا الوظيف ة العام ة‪”.‬وهن اك من يعرف ه على ان ه‪ " :‬امتن اع الم وظفين أو‬
‫المس تخدمين العموم يين عن عملهم ‪ ،‬م ع تمس كهم بوظ ائفهم ‪ ،‬ويلج أ الموظف ون ع ادة له ذا‬
‫األسلوب إظهارا لسخطهم عن سياسة الحكومة المنتهجة في هذا المضمار‪ ،‬أو إلرغامها على‬
‫‪2‬‬
‫التراجع عن مواقفها‪ ،‬أو استجابة لمطالبهم‪".‬‬

‫‪ 1‬موقع النقابة الوطنية للعاملين بالتعليم العالي بالمغرب ‪ ،‬نقال عن ‪www.kifah-nakabi. orgl‬‬
‫‪2‬‬

‫الحوار المتمدن ‪ -‬العدد‪ 28 / 6 / 2007 - 1960 :‬المحور‪ :‬دراسات وأبحاث قانونية عن الموقع ‪www.ahewar.org‬‬

‫‪107‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وق د أق رت الش رعية الدولي ة بح ق اإلض راب في الم ادة (‪ )8‬من العه د ال دولي للحق وق‬
‫االقتص ادية واالجتماعي ة والثقافي ة‪ ،‬وأل زمت ال دول ب أن تكف ل الح ق في اإلض راب عن العم ل‪،‬‬
‫على أن تخضع ممارسته للقوانين الوطنية‪.‬‬
‫وق د اس تقرت أجه زة منظم ة العم ل الدولي ة على أن من ع اإلض راب يقل ل من الوس ائل‬
‫المتاحة للنقابات ‪،‬من أجل تدعيم مصالح أعضائها ‪ ،‬والدفاع عنهم‪ ،‬ويعد تقييدا لحقها في تنظيم‬
‫أنشطتها‪ ،‬وهو ما يخالف مبادئ الحرية النقابية‪ .‬كما أكدت المنظمة الدولية على أنه‪ ،‬وحتى لو‬
‫كان هذا المنع يتم بسلطات الطوارئ أو لمواجهة أزمة‪ ،‬فأنه يعتبر قيدا على إمكانية ممارسة‬
‫النقابات ألنشطتها‪ ،‬وأن منع اإلضراب‪ -‬وفي كل األحوال‪ -‬يعد قيدا على إحدى الوسائل الهامة‬
‫المتاحة للعمال لتدعيم مصالحهم‪.‬‬
‫وفي نفس الوقت تؤكد المنظمة على ضرورة حماية العمال المضربين من التعصب‪ ،‬أو‬
‫توقيع العقوبات ضدهم ‪ ،‬أو ضد قياداتهم بسبب ممارستهم اإلضراب‪.‬‬
‫وق د تتخ ذ اإلض رابات أش كاال مختلف ة‪( ،‬مث ل الوق وف مكت وفي األي دي‪ ،‬أو العم ل ب دون‬
‫حم اس‪ ،‬أو التب اطؤ في العم ل‪ ،‬أو إض راب الجل وس على األرض‪ ،‬أو احتالل المنش أة‪ ،‬أو‬
‫االمتن اع عن العم ل‪،‬أو وق ف العم ل واالعتص ام وغيره ا)‪ ،‬تعت بر جميعه ا ص حيحة ومش روعة‬
‫لممارس ة االحتج اج م ا لم تفق د طابعه ا الس لمي‪ .‬أم ا إض رابات التع اطف أو التض امن م ع‬
‫إضرابات أخرى فقد أقرت لجنة الحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية مشروعيتها‪ ،‬ما دامت‬
‫تؤيد إضرابا شرعيا‪.‬‬
‫وفي جمي ع األح وال يجب أن تك ون الش روط الموض وعة العتب ار اإلض راب مش روعا‬
‫معقول ة‪ ،‬وأال يك ون من ش أنها التقلي ل من الوس ائل المتاح ة أم ام العم ال ومنظم اتهم لتحس ين‬
‫أحوالهم‪.‬‬
‫ويمكن قبول شرط إخطار صاحب العمل قبل الدعوة لإلضراب ‪ ،‬أو وجود فترة تهدئة‪،‬‬
‫أو سماح للتفاوض قبل الدعوة لإلضراب‪ ،‬ولكن بشرط أن تكون هذه اإلجراءات بسيطة وغير‬
‫ثقيلة ‪ ،‬بحيث تجعل حدوث اإلضراب الشرعي أمرا مستحيال في الواقع‪.‬‬
‫كم ا يمكن قب ول ف رض اتخ اذ إج راءات تحكيم وتوفي ق قب ل ال دعوة إلى اإلض راب‪ ،‬ولكن‬
‫ذلك في الحاالت الخاصة بمواقع الخدمات الجوهرية والخدمات العامة‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وال يكون مقبوال من مبادئ الحرية النقابية أن يسمح القانون للوزير أو سلطات العمل أن‬
‫تحول منازعات العمل إلى التحكيم اإلجباري كلما تراءى لها ذلك‪ .‬وترى لجنة الحرية النقابية‬
‫أن نظ ام التحكيم اإلجب اري ووقف ه لح ق اإلض راب ي ؤدي إلى تقيي د ح ق العم ال ومنظم اتهم في‬
‫تنظيم أنشطتها‪ ،‬ويعني ضمنا تقييد ومنع حق اإلضراب‪.‬‬
‫وال يكون تقييد الحق في اإلضراب المشروع إال في حالة العاملين بالخدمة الحكومية‬
‫األساسية‪ ،‬الموظفون المدنيون العاملون في إدارة الدولة ذات "الخدمات األساسية" فقط‪ ،‬أي تلك‬
‫الصحة‪ ،‬وتشمل عادة قطاع مياه الشرب‪ ،‬والكهرباء‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العام ة‪ ،‬أو‬
‫التي قد يهدد توقفها السالمة ّ‬
‫والهاتف‪ ،‬وضبط حركة المرور‪ ،‬والخدمات الصحية‪...‬‬
‫وعن د حرم ان النقاب ات من ح ق اإلض راب‪ ،‬ال ب ّد من وج ود إج راءات بديل ة للوس اطة‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫والتحكيم وتسوية المظالم‪.‬‬
‫من ناحي ة أخ رى ال يج وز أن تلج أ الس لطات إلى الق وة لفض اإلض راب إال في الح االت‬
‫التي تهدد القانون تهديدا خطيرا‪ ،‬ويعتبر استخدام أجهزة األمن إلنهاء اإلضراب انتهاكا للحقوق‬
‫النقابية‪.‬‬
‫كما يمثل اعتقال المضربين أو فرض عقوبات عليهم تهديدا خطيرا للحرية النقابية‪ ،‬وال‬
‫يج وز‪ -‬إطالق ا‪ -‬تط بيق عقوب ات جنائي ة على العم ال ال ذين يش اركون في اإلض رابات‪ ،‬كم ا ال‬
‫يجوز فرض غرامات على الموظفين العموميين لمشاركتهم في اإلضراب‪ ،‬ألن ذلك يؤدي إلى‬
‫زعزعة عالقات العمل وعدم استقرارها‪.‬‬

‫أم ا اتخ اذ إج راءات خط يرة ض د العم ال بس بب اش تراكهم في إض راب‪ ،‬مث ل فص لهم أو‬
‫رفض إعادة تشغيلهم فهو يتضمن خطرا شديدا وتعسفا‪ ،‬ويمثل انتهاكا للحرية النقابية‪ ،‬أما إذا‬
‫تم فص ل نق ابيين لممارس تهم ح ق اإلض راب ف إن ذل ك يع د عقاب ا على ممارس ة النش اط النق ابي‪،‬‬
‫وهو إجراء غير مشروع‪.‬‬
‫كما ال يجوز اعتبار دعوة العمال اآلخرين لالنضمام لإلضراب السلمي‪ ،‬ولو في حزم‪،‬‬
‫أو االبتعاد عن أماكن العمل مخالفا للحقوق النقابية‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫الملخص المنشور ‪ ،1996‬الطبعة الرابعة المنقّحة‪ ،‬ص ص‪544 ،526‬‬


‫ّ‬ ‫المسح العام للحريات‪ ،‬منظمة العمل الدولية‪ ،‬لسنة ‪ ،1983‬فقرةـ ‪214‬؛‬

‫‪109‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ويعتبر استخدام عمال من خارج المنشأة ليحلوا محل العمال المضربين اعتداءا على حق‬
‫‪1‬‬
‫اإلضراب والحرية النقابية‪.‬‬
‫لق د أص بح اإلض راب الي وم‪ ،‬في الع الم أجم ع‪ ،‬ح دثا مألوف ا س واء داخ ل المق اوالت‪ ،‬أو‬
‫المرافق العمومية‪ ،‬محليا أو على مستوى البلد كله‪ .‬بل أحيانا يشمل اإلضراب بلدانا عديدة دفعة‬
‫واحدة كإضراب فروع الشركات متعددة الجنسية‪..‬فهو أبرز وأقوى وسيلة جماهيرية لالحتجاج‬
‫في كاف ة المج االت ‪ ،‬وأض اف أش كاالً وص وراً عدي دة ل ه تطلبته ا الظ روف ‪ ،‬وبه ذا وض عت‬
‫الحرك ة النقابي ة فى أي دى الجم اهير وس يلة فعال ة ‪ ،‬تع بر به ا عن غض بها ‪ ،‬وتض غط به ا على‬
‫والمالك للتجاوب‪ ،‬وكمثال نورد بعض حاالت اإلضراب في الجزائر‪"...‬‬
‫‪2‬‬
‫السلطات ُ‬

‫جدول (‪ )8‬اإلضرابات في الجزائر خالل الفتـرة (‪) 1969 – 1980‬‬

‫نسبة (‪)%‬‬ ‫مجمــوع العـمـال‬ ‫العمـال‬ ‫اإلضرابـات‬ ‫السـنـة‬


‫المضربين إلى‬
‫‪4‬‬ ‫‪271625‬‬ ‫ـربين‬
‫‪10865‬‬‫المض‬ ‫‪72‬‬ ‫‪1969‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪1970‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪152‬‬ ‫‪1971‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪287714‬‬ ‫‪20140‬‬ ‫‪146‬‬ ‫‪1972‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪168‬‬ ‫‪1973‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪210‬‬ ‫‪1974‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪392‬‬ ‫‪1975‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪349‬‬ ‫‪1976‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪636364‬‬ ‫‪70000‬‬ ‫‪521‬‬ ‫‪1977‬‬

‫‪1‬‬

‫مجلة عالم العمل الصادرةـ عن منظمة العمل الدولية‪،‬العدد ‪ ،51‬الطبعة العربية‪ ،‬جنيف ‪ ،‬سبتمبر ‪ ،2004‬ص ‪11‬‬
‫‪2‬‬

‫المناضل ‪ ،‬مجلة نقابية العدد‪ 21‬االحد ‪ 24‬حزيران (يونيو) المغرب‪ ، 2007/‬ص‪35‬‬

‫‪110‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪323‬‬ ‫‪1978‬‬


‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪696‬‬ ‫‪1979‬‬
‫‪15‬‬ ‫‪733333‬‬ ‫‪110000‬‬ ‫‪922‬‬ ‫‪1980‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪4050‬‬ ‫المجـموع‬
‫‪Said , chikhi : « grève et société en Algérie 1969 – 1985 » in les cahier du cread ,‬‬ ‫المـرجـع ‪:‬‬
‫‪N6 , Alger , 2eme trimestre 1986, PP92 , d’après les statistiques du ministère du travail‬‬

‫جدول (‪ )9‬توزيع اإلضرابات حسب فروع النشاط االقتصادي(‬


‫‪)1969/1972/1977/1980‬‬
‫‪1980‬‬ ‫‪1977‬‬ ‫‪1972‬‬ ‫‪1969‬‬ ‫فـروع النشـاط االقتصادي‬
‫‪13‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪0‬‬ ‫الفالحة ‪ ،‬الصيد البحري و الغابات‬
‫‪03‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪01‬‬ ‫الصناعة االستخراجية‬
‫‪03‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪05‬‬ ‫‪0‬‬ ‫البترول ‪ ،‬الغاز الطبيعي‬
‫‪28‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫المواد الغذائية ‪ ،‬التبغ والخشب‬
‫‪38‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪01‬‬ ‫الصناعة النسيجية‬
‫‪15‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪01‬‬ ‫الجلود واألحذية‬
‫‪06‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪08‬‬ ‫الكيمياء ‪ ،‬المطاط و البالستيك‬
‫‪33‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫مواد البناء‬
‫‪42‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪18‬‬ ‫إنتاج و تحويل البناء‬
‫‪10‬‬ ‫‪05‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫الخشب ‪ ،‬الفلين و األثاث‬
‫‪03‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫الورق ‪ ،‬الطباعة‬
‫‪628‬‬ ‫‪313‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪27‬‬ ‫البناء و األشغال العمومية‬
‫‪15‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫الكهرباء ‪ ،‬الغاز و الماء‬
‫‪07‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫البنوك ‪ ،‬التأمينات و الشؤون العقارية‬
‫‪25‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪06‬‬ ‫‪01‬‬ ‫النقل و المواصالت‬
‫‪10‬‬ ‫‪03‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫التـجارة‬

‫‪111‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪43‬‬ ‫‪09‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫الخدمات‬


‫‪922‬‬ ‫‪512‬‬ ‫‪146‬‬ ‫‪72‬‬ ‫المجمـوع‬
‫‪0‬‬ ‫‪02‬‬ ‫‪07‬‬ ‫‪09‬‬ ‫عـدد الفروع التي لم يمسها اإلضراب‬
‫المـرجـع ‪Said chikhi : Grève et société en Algérie : 1969-1985 – in les cahier du CREAD, :‬‬
‫‪. N6 , Algérie , 2eme trimestre 1986 , P95 , d’après les statistiques du travail‬‬

‫جدول (‪ )10‬أسباب النـزاعات في العمل إبـان الفـترة ( ‪) 1977 – 1980‬‬


‫‪1980‬‬ ‫‪1979‬‬ ‫‪1978‬‬ ‫‪1977‬‬ ‫أسـباب النـزاعـات‬
‫(‪)%‬‬ ‫(‪)%‬‬ ‫(‪)%‬‬ ‫(‪)%‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪66.7‬‬ ‫‪55.4‬‬ ‫‪34‬‬ ‫األجور و ملحقاتها (منح ‪ ،‬توزيع األرباح‪..‬الخ)‬
‫‪38‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪18.5‬‬ ‫التأخر في دفع األجور أو عدم استالمها أصال‬
‫‪9‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11.6‬‬ ‫الظروف العامة للعمل‬
‫‪6‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪15‬‬ ‫الفصول الفردية أو الجماعية‬
‫‪3.5‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪9‬‬ ‫ممارسة الحق النقابي‬
‫‪7.6‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪8.8‬‬ ‫‪3.4‬‬ ‫(‪)48‬‬
‫عالقات سيئة بين اإلدارات والنقابات أو مجالس العمال‬
‫‪2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪4.5‬‬ ‫عدم تمثيلية المنتخبين‬
‫‪16.9‬‬ ‫‪0.3‬‬ ‫‪10.8‬‬ ‫‪4‬‬ ‫متنوعة‬
‫المـرجـع ‪Noureddine, Saadi : Syndicat et relation du travail dans les entreprises socialistes en :‬‬
‫‪,Algérie, in annuaire de l’Afrique du nord‬‬

‫قواعد وخطوات إنشاء نقابة عمالية ‪:‬‬


‫العم ل النق ابي الس ليم يتطلب عمال منظم ا ومنهجي ا‪ ،‬ل ذا وض عت األع راف النقابي ة قواع دا‬
‫لتأسيس النقابات مهما كان نوع هذه النقابة‪ ،‬وفي الواقع نجد الكثير من المنظمات تعاني مشاكال‬
‫عديدة داخل أجهزتها وبين أعضائها ‪،‬ولعل هذا يرجع إلى وجود خلل في قواعد تأسيسها‪ ،‬لذلك‬
‫ينبغي مراعاة شروطا أهمها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون فكرة تأسيس النقابة مقبولة عند الفئات المعنية‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تتخذ إجراءات التأسيس ضمن آليات العمل الجماعي‪ ،‬بحيث تضمن مشاركة الغالبية‬
‫أو تأييدهم على األقل‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تعه د اإلج راءات التنفيذي ة للجن ة تحض يرية‪ ،‬تتش كل بطريق ة ديمقراطي ة‪ ،‬فتكتس ب ثق ة‬
‫الجميع ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن تراعى اللوائح المطبقة في الدولة التي تضم هذه النقابة‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وقد يتسبب اإلخالل بأحد هذه الضمانات حدوث انشقاقات في القطاع الذي ينوي تشكيل‬
‫هذه النقابة‪ ،‬مما يؤدي إلى تأسيس عدة نقابات تمثل نفس القطاع ‪ ،‬وتكون عرضة للتناقض فيما‬
‫بينها ‪ ،‬مما يضعف بنيانها النقابي‪ ،‬أو قد تؤدي إلى تأسيس نقابة بطريقة مخالفة للقانون‪ ،‬مما‬
‫يسقط حقها في الحصول على الشخصية االعتبارية لها ‪ ،‬وإ شهارها من قبل الجهات المسؤولة‬
‫في الدولة‪.‬‬
‫خطوات إنشاء النقابة‪:‬‬
‫يجب أن ينطل ق أي عم ل‪ -‬ل ه أهمي ة ويتطل ع أص حابه إلى نت ائج مرض ية على جمي ع‬
‫األص عدة‪ -‬من خط وات مؤسس ة ومرك زة‪ ،‬فال يتم ذل ك إال بب ذل جه د في وض ع ه ذه الخطوات‬
‫الضرورية والالزمة ‪.‬‬
‫من هذا المنطلق ما هي أهم الخطوات التي يتم بموجبها إنشاء نقابة مهما كانت نوعها؟‬
‫سوف نجيب على هذا السؤال بما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬تداول فكــرة التأسيس‪ :‬يبدأ النشطون لفئة معينة بالسعي لتداول فكرة تأسيس منظمة‬
‫تمثل هذا القطاع فيما بين األفراد ‪،‬ويتم التعريف بأهمية الفكرة و مناقشتها ‪ ،‬حتى يلم الجميع‬
‫بها ويفهمونها‪ ،‬ويظهروا قناعتهم بها ‪ ،‬وفي حالة ما كان عدد المؤيدين للفكرة كبيرا‪ ،‬يتم القيام‬
‫بدعوة األفراد لعقد اجتماع تشاوري عام لمناقشة الفكرة بشكل جماعي‪.‬‬
‫‪ -2‬اللقــــاء التشــاوري ‪ :‬يق وم بعض األف راد ال ذين لهم ص يت وخ برة‪ ،‬ويحض ون بقب ول‬
‫واسع لدى هذه الفئة بالدعوة إلى لقاء للتشاور حول جدوى تأسيس نقابة تمثل الفئة‪ ،‬و يدعى‬
‫إلى هذا اللقاء كافة القطاعات و الجماعات التي من الممكن أن تساهم في تشكيل نقابة‪ ،‬و يتم‬
‫خالله تبادل و جهات النظر‪ ،‬و في حالة عدم االتفاق يتم تكرار اللقاءات التشاورية حتى يتم‬
‫حسم الخالفات ‪ ،‬و عندها يتم اإلعالن عن المؤتمر التحضيري‪.‬‬
‫ا‪ /‬المؤتمر التحضيري‪ :‬هو مؤتمر تمهيدي‪ ،‬تناقش فيه الخطوات األولى على صعيد‬
‫االتص االت‪ ،‬و إع داد الوث ائق المطلوب ة ‪ ،‬و التق ارير و الدراس ات ال تي تتن اول اله دف‬
‫الحقيقي من إنشاء أو تأسيس هذه النقابة‪.‬‬
‫ب‪ /‬اللجنــة التحضيريــة‪ :‬تتولى اللجنة التحضيرية التمهيد لعقد المؤتمر التأسيسي‪ ،‬وتقوم‬
‫بإع داد مس ودة لدستــور النقاب ة ‪ ،‬و لوائحه ا الداخلي ة ‪ ،‬و تج ري االتص االت الالزم ة ل ذلك‬
‫كالتفاوض مع المسؤولين حول تأسيس النقابة ووضع تصور عنها ‪ ،‬وعن طبيعة أنشطتها‪،‬‬

‫‪113‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫كم ا تت ولى كاف ة الترتيب ات اإلداري ة الالزم ة لعق د الم ؤتمر التأسيس ي (الموع د‪ ،‬المك ان ‪ ،‬ج دول‬
‫أعمال الدعوة‪......،‬الخ)‪.‬‬
‫ج‪/‬المؤتمرـ التأسيسي ‪ :‬ين اقش أعم ال الم ؤتمر التحض يري و اللجن ة التحض يرية ويعــدل‬
‫منه ا م ا ش اء ‪ ،‬و أهم أعم ال الم ؤتمر إعالن تأس يس النقاب ة ‪ ،‬و إق رار الدس تور‪ ،‬والل وائح‬
‫الداخلية ‪ ،‬وانتخاب الهيئات المختلفة لها ‪ ،‬و يتولى إدارة جلسات المؤتمر ‪.‬‬
‫د‪ /‬إشــهار النقابة ‪ :‬يقص د بإش هار النقاب ة الحص ول على االع تراف الق انوني بوجوده ا ‪،‬‬
‫وحص ولها على الشخص ية االعتباري ة ال تي تؤهله ا للتقاض ي أم ام القض اء ‪ ،‬وش رعية تمل ك‬
‫‪1‬‬
‫األموال ‪ ،‬و إبرام العقود ‪ ،‬و قبول التبرعات و الهبات ‪ ،‬و إجراء سائر التصرفات القانونية"‪.‬‬

‫‪ -2‬تطور العمل النقابي ‪:‬‬


‫مع تطور النهضة الصناعية بأوروبا وظهور اآلالت الحديثة وبداية التحول من اإلقطاع‬
‫إلى الرأسمالية ‪ ،‬نزحت أعداد هائلة من الفالحين نحو المناطق الصناعية ‪ ،‬مما أدى إلى توفر‬
‫يد عاملة رخيصة ‪ ،‬وأخذ العمل بعدا مفهوميا جديدا ‪ ،‬حيث صارت الصناعات الناشئة تسقط‬
‫القوى العاملة ‪ ،‬وتركزها في مساحات اقل اتساعا ‪ ،‬وأصبح العمل أكثر تنظيما و مراقبة ‪ ،‬ولم‬
‫‪2‬‬
‫يعد العامل سوى بائعا لقوة عمله في سوق العمل‪ .‬ليصبح تحت سلطة رب العمل مدة طويلة"‬
‫ل ذلك ع اش العم ال ال ذين ج ذبهم العم ل الص ناعي ‪ ،‬ك ل مظ اهر الب ؤس و االس تغالل ‪،‬‬
‫النع دام أدنى ش روط الحماي ة ‪ ،‬لق د امتالك أرب اب العم ل س لطة مطلق ة في المص نع فهم ال ذين‬
‫يش غلون العم ال ‪ ،‬و يح ددون أج ورهم وم دة عملهم ‪ ،‬كم ا يفص لونهم عن العم ل م تى ش اءوا ‪،‬‬
‫ل ذلك كث يرا م ا ك ان يس رح العم ال جماعي ا خاص ة في ف ترات الكس اد االقتص ادي ‪ ،‬و ذل ك بع د‬
‫‪.3‬‬
‫استهالك قوة عملهم ‪ ،‬أو في حال تعرضهم لحادث عمل أو ألمراض مهنية "‬

‫‪1‬‬

‫حمود عقلة العنزي ‪ ،‬مرجع سابق ص ص‪19 / 18‬‬


‫‪ 2‬انظر نفس المرجع السابق ص ‪8‬‬
‫‪ 3‬جان بيار ريو‪ ،‬الثورة الصناعية‪ ،‬ترجمة إبراهيم خوري ‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪ ،1975 ،‬ص‪9‬‬

‫‪114‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫هذه الوضعية فتحت مج ال المنافسة بين أرباب العمل لزيادة رؤوس أموالهم ‪ ،‬و تحقيق‬
‫مزيدا من األرباح ‪ ،‬كما ساعد هذا التحول على االستغناء عن المهارات التي كانت سائدة في‬
‫ظ ل النظ ام الح رفي ‪ ،‬وأدت إلى تش غيل النس اء و األطف ال ‪ ،‬مقاب ل أج ور زهي دة لم دة عم ل‬
‫‪. 1‬‬
‫تصل إلى ثمانية عشرة ساعة في اليوم‬
‫في ظل هذه األوضاع قام العمال بمحاوالت عديدة و متتالية ‪ ،‬من اجل تكوين تنظيمات‬
‫مهني ة ( نقاب ات ) ت دافع عن مص الحهم‪ ،‬و تحميهم من اس تغالل الرأس ماليين ‪ ،‬وفي ه ذا الص دد‬
‫شهدت بريطانيا على الخصوص ظهور هذه التنظيمات ‪ ،‬والتي مثلت المالمح األولى للنقابات‬
‫ففي " س نة ‪ 1720‬رف ع الخي اطون في لن دن تظلم اتهم إلى البرلم ان‪ ،‬مط البين بتك وين جمعي ة‬
‫مهني ة تمثلهم وت دافع عن حق وقهم ‪ ،‬ومن اج ل تحقي ق ه ذا الغ رض دون ك ل عام ل اس مه على‬
‫سجالت خاصة‪ ،‬و جمعوا مبالغ مالية تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم في حال تعرضهم للمتابعة‬
‫‪2‬‬
‫من طرف السلطات "‬
‫وق د ح دثت معارض ة واض حة لك ل م ا س بق تجس دت في ص دور ق وانين تمن ع تك وين‬
‫النقابات ‪ ،‬ففي بريطانيا مهد الثورة الصناعية صدر قانون ‪ 1718‬يمنع إنشاء الجمعيات ‪ ،‬أما‬
‫في فرنسا ‪ ،‬فبعد انتصار الثورة الفرنسية ‪ ،‬التي قامت باسم الحرية و العدالة و ضحى العمال‬
‫من اج ل انتص ارها ‪ ،‬س ن ق انون لوشــابلييه س نة ‪ 1791‬يمن ع إنش اء الجمعي ات و التنظيم ات‬
‫المهنية ‪.‬و بذلك تم إجهاض كل المحاوالت التي قام بها العمال بغية إنشاء أي تنظيم لتم ثيلهم ‪،‬‬
‫مما ولد لديهم مظاهر المقاومة لمواجهة هذا االستغالل المسلط عليهم مستخدمين في ذلك كل‬
‫أش كال الص راع مث ل ‪ :‬اإلض رابات ‪ ،‬تحطيم اآلالت ‪ ،‬التغيب عن العم ل ‪...‬و غيره ا من‬
‫مظ اهر الص راع ال تي كث يرا م ا تع دى مجاله ا محي ط العم ل ‪ ،‬لتتح ول إلى أعم ال عن ف و‬
‫مظاهرات " مثل مظاهرات لندن ضد جورج الثاني و سياسة وزيره األول ‪ ،‬ومظاهرات ليون‬
‫‪3‬‬
‫سنة ‪ 1831‬و غيرهما‪" ..‬‬
‫و في خضم هذه األحداث لم تجد السلطات في بريطانيا بدا من االعتراف بحق العمال في‬
‫تك وين نقاب ات تمثلهم و ت دافع عنهم ‪ ،‬مم ا س مح بتأس يس أول نقاب ة رس مية في بريطاني ا س نة‬

‫‪ 1‬جان بيار ريو‪ ،‬الثورة الصناعية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪75‬‬


‫‪ 2‬كول (ج‪.‬د)‪ :‬الحركة النقابية‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪3‬‬

‫جان بيار ريو‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪194‬‬

‫‪115‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪(1843‬عم ال األحذية) و ذل ك بع د ص راع طوي ل ‪ ،‬ومقاوم ة عنيف ة من ط رف العم ال ‪ ،‬عكس‬


‫ق درتهم كق وة اجتماعي ة تزاي دت أهميته ا بتزاي د أهمي ة العم ل الص ناعي نفس ه ‪ ،‬ثم انتش رت‬
‫النقابات بعد ذلك في باقي دول أوروبا ‪ :‬فرنسا ‪ ،‬ألمانيا ‪ ،‬السويد ‪ ،‬ايطاليا ‪..1..‬‬
‫لق د أس فر نض ال العم ال عن تحقي ق ع دة مكتس بات من أبرزه ا ‪ :‬تقليص س اعات العم ل‬
‫اليومي‪ ،‬الزيادة في األجور ‪ ،‬إحداث تعويضات المرض و حوادث الشغل و البطالة و التقاعد‪،‬‬
‫و حق اإلضراب ‪ ،‬و االستفادة من العطل المؤدى عنها ‪ ،‬و االحتفال بعيد الشغل في فاتح ماي‬
‫من كل سنة ‪.‬‬
‫ب ذلك اخ ترقت الحرك ة النقابي ة ألول م رة في العص ر الح ديث أس وار القومي ات وح دود‬
‫ال دول‪ ،‬وتغلبت على ص عوبة تع دد اللغ ات‪ ،‬وذللت عراقي ل المواص الت‪ ،‬لتأخ ذ ش كالً دولي ا‬
‫وعالمي ا‪ ،‬وقب ل أن تفك ر أي حرك ة أخ رى في "العالمي ة الش عبية " أسس ت الحرك ة النقابي ة أول‬
‫"أممية" س نة ‪ 1864‬وس رعان م ا عملت النقاب ات على ت دويل نش اطها ‪ ،‬و ذل ك بإقام ة عالق ات‬
‫فيم ا بينه ا بواس طة الم ؤتمرات مث ل الم ؤتمر العم الي ال ذي عق د في ج نيف س نة ‪ ، 1866‬حيث‬
‫اعتبر أن تأسيس النقابات هي قضية العمال األولى و ذلك حتى تكتسب النقابات بعدها ال دولي ‪،‬‬
‫وتوث ق العالق ات فيما بينها ‪ ،‬وتتبادل التج ارب و الخبرات ‪ ،‬ثم أنش ئت النقابات الدولي ة ‪ :‬مثل‬
‫االتح اد العم الي للنقاب ات (‪ )F.S.I‬من ط رف نقاب ات دول أوروب ا الغربي ة الرأس مالية ‪ ،‬كم ا‬
‫أنش أت دول أوروب ا الش رقية ( االش تراكية ) النقابي ة العمالي ة الحم راء ك رد فع ل إنش اء االتح اد‬
‫‪2‬‬
‫العمالي للنقابات‬
‫"و بن اء على م ا س بق ذك ره ‪ ،‬يمكن الق ول إن نش أة النقاب ة في مجتمع ات أوروب ا‬
‫الرأسمالية ‪ ،‬كان وليدا لصراع طويل ‪ ،‬و تضحيات من طرف العمال ‪ ،‬ضد سلطة و هيمنة‬
‫الرأس ماليين‪ .‬أي أنه ا ظ اهرة أوروبي ة ارتبطت نش أتها و تطوره ا بنش أة و تط ور النظ ام‬
‫الرأسمالي نفسه ‪ ،‬ثم انتشرت بعد ذلك في مختلف المجتمعات األخرى‪ ،‬لذلك اكتسبت النقابة‬
‫دورها و خصوصيتها‪ ،‬من خصوصية المجتمع الذي تنتمي إليه‪ ،‬و طبيعة نظامه االقتصادي‬
‫‪3‬‬
‫و السياسي و درجة تطوره"‬
‫ثانيا ‪ :‬العمل النقابي في الجزائر ‪.‬‬
‫‪ 1‬حسن الساعاتي ‪ ،‬علم االجتماع الصناعي‪ ،‬دار المعارف ‪ ،‬مصر‪ ،1976 ،‬ص‪324‬‬
‫‪ 2‬جورج لوفران‪ ،‬الحركة العمالية في العالم ‪ ،‬ترجمة الياس مرعي ‪ ،‬منشورات عويدات ‪ ،‬بيروت ‪ ،1980 ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ 3‬مراد زعيمي واخرون ‪ ،‬دراسات في تسيير الموارد البشرية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪225‬‬

‫‪116‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫التنظيم النقابي ‪.‬‬


‫يمكن تق ييم التنظيم النق ابي باالس تناد إلى ثالث ة مع ايير‪ :‬حري ة التنظيم‪ ،‬ديمقراطي ة التنظيم‬
‫وفعالية التنظيم‪ .‬وللمفاهيم الثالثة باإلضافة إلى قدرتها االستيعابية لمختلف العوامل‪ ،‬ميزتان‪:‬‬
‫• الم يزة األولى في أنه ا تحي ل النق اش مباش رة إلى مواص فات التنظيم المطل وب‪ ،‬إلع ادة‬
‫بنائه‪.‬‬
‫• الم يزة الثاني ة في أنه ا متداول ة في األوس اط النقابي ة ‪ ،‬وهي بالت الي تس هل النق اش ال ب ل‬
‫تعطيه بعض الحماسة واالندفاع ‪ ،‬لذلك فالتنظيم النقابي هو الذي يقوم بربط الفئة وفق منظومة‬
‫موح دة ‪ ،‬تح دد به ا الحق وق والواجب ات ‪ ،‬و آلي ة اتخ اذ الق رار‪ ،‬و كيفي ة اختي ار الممثلين ‪ ،‬الن‬
‫س يطرة العم ال أنفس هم هي وح دها‪ ،‬في نظ رهم الكفيل ة بتحقي ق الكف اءة م ع الحري ة‪ ،‬وتوث ق ه ذه‬
‫‪1‬‬
‫األمور في القانون الداخلي الخاص بالنقابة‪" .‬‬
‫‪ : 1‬السيرورة التاريخية للعمل النقابي في الجزائر‬
‫ا ‪ /‬قبل االستقالل‪:‬ـ‬
‫يرجع اعتبار الحركة العمالية الجزائرية ‪ ،‬حركة نضالية وطنية سياسية في األساس إلى‬
‫الحالة التي كانت عليها الجزائر قبل سنة ‪، 1962‬و هي الحالة االستعمارية‪،‬التي لم تساهم في‬
‫‪2‬‬
‫تش كل نض ال مطل بي ق وي‪ ،‬وإ نم ا س اعدت على تش كل وعي وط ني سياس ي"‪.‬‬
‫"ل ذلك يمكن الق ول إن الحرك ة النقابي ة ك انت غ ير موج ودة بش كل عملي‪ ،‬ح تى ف ترة االحتالل‪،‬‬
‫ف ارتبطت ارتباط ا كب يرا بالظ اهرة االس تعمارية‪ ،‬إال أن ج ذورها التاريخي ة تع ود إلى س نة‬
‫‪1880‬م‪ ،‬إذ أن عم ال المط ابع ش كلوا أول نقاب ة لهم ‪ ،‬و ك انت تض م أساس ا عم اال جزائ ريين‬
‫وأورب يين ‪ ،‬يعمل ون ب الجزائر‪ ،‬ل ذلك لم تكن هن اك نقاب ة جزائري ة خالص ة ألس باب ح الت دون‬
‫تأسيسها ‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬انعدام كلي للبنية التحتية الصناعية ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬رفض " مشروعية" تنظيم خاص بالجزائريين‪").‬‬
‫ويع ود ك ل ه ذا إلى هج رة الجزائ ريين إلى فرنس ا ‪ ،‬و اكتش افهم ألش ياء جدي دة ك الحزب‪،‬‬
‫والنقاب ة‪ ...‬وك ذا اس تفادتهم من الحري ات السياس ية ‪ ،‬ال تي ك انت موج ودة في فرنس ا ف انخرط‬
‫‪ 1‬حمدي أمين عبد الهادي‪ .‬تنظيم العالقات الصناعية وشؤون األفراد‪ ،‬مطبعة بغداد‪ ،1970 ،‬ص ‪06‬‬
‫‪ 2‬نعيم بن محمد‪ ،‬الحركة النقابية في الجزائر واقع و آفاق ‪ ،‬معهد الهقار ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬نقال عن الموقع ‪www.hoggar.org‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Omar Derras,Le phénomène associatif en Algérie,FES Bureau,Alger,2007,p14‬‬

‫‪117‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫الجزائريون في التيارات النقابية الفرنسية (‪ ، )CGT, CGTU‬اللتين كانتا لهما أراء مختلفة‬
‫ح ول القض ية الجزائري ة ‪ ،‬و ح ول االس تعمار الفرنس ي‪ .‬فنقاب ة"‪ » CGTU‬ك انت ش يوعية‬
‫الم ذهب له ا تص ور من اهض لالس تعمار‪،‬وفي ظ روف ص عبة س عت إلى ال دفاع عن وض عية‬
‫العم ال الجزائ ريين‪ ،‬وتنظيمهم النق ابي ‪ ،‬ب الرغم من مالحق ات ق انون األه الي للقض ية الوطني ة‬
‫‪1‬‬
‫‪،‬وقد ذهبت إلى حد المطالبة باالستقالل التام للجزائر"‪.‬‬
‫"لق د ك انت نقاب ة عم ال المط ابع ‪ ،‬أول نقاب ة جزائري ة مختلط ة تظه ر إلى الوج ود‪ ،‬و ذلك‬
‫في ع ام ‪ 1880‬في مدين ة قس نطينة‪ ،‬و بظهوره ا باش رت الس لطات االس تعمارية إلى إص دار‬
‫ق انون س نة ‪1884‬م‪ ،‬يمن ع الجزائ ريين من ح ق التنظيم النق ابي‪ ،‬و في خالل أرب ع س نوات‬
‫استطاعت هذه النقابة أن تمد نشاطها‪ ،‬حيث كان أول إضراب لها عام ‪ 1884‬استمر أكثر من‬
‫خمسة عشر يوما‪ ،‬و قد كانت هذه النقابة الدافع القوي و المحرك األول لنشوء النقابات ‪ ،‬إذ في‬
‫س نة ‪ 1886‬تش كلت نقاب ة الطب اخين‪ ،‬و في ‪ 1889‬تأسس ت نقاب ة الحالقين ‪ ،‬ثم نقاب ة النج ارين‬
‫‪2‬‬
‫في عام ‪1891‬م ‪،‬إلى أن تأسست نقابة الخبازين في ‪" .1892‬‬
‫وتعد فرنسا المهد األول لتكوين النواة األولى للمناضلين النقابيين الجزائريين‪ ،‬وقد كانت‬
‫النقاب ات ت دافع عن العم ال األوروب يين و الفرنس يين خاص ة‪ ،‬والجزائ ريين لم يكن لهم ت أثير في‬
‫العملي ة النقابي ة‪،‬وق د ك ان ع ددها في تل ك الف ترة ح والي ‪ 33‬نقاب ة س نة ‪1901‬م‪ ،‬و ارتف ع ه ذا‬
‫الع دد إلى ‪ 47‬نقاب ة في ‪1907‬م‪ ،‬و في ظ ل ه ذه الظ روف االس تعمارية وفي خض م ه ذا كل ه‬
‫احتف ل المعم رين بال ذكرى المئوي ة للوج ود االس تعماري ب الجزائر لس نة ‪ ،1930‬وفي المقاب ل‬
‫انعق د م ؤتمر الع رب ب الجزائر‪ ،‬وأس فر على ال دعوة إلنش اء نقاب ة جزائري ة لكن ه ذه الف ترة لم‬
‫تتكل ل بالنج اح‪،‬نظ را ألن الفك رة ط رحت والحرك ة العمالي ة في ط ور التش كل‪ ،‬و النق ابيين‬
‫الجزائريين قلة ‪،‬عالوة على حداثة عهدهم بالممارسة النقابية "‬
‫‪3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪،‬عبيد أحمد "على درب نضال العمال الجزائريين لتحقيقـ االستقالل الثقافي إبان وجود االستعمار"‪ ،‬مجلة المرشد‪:‬عدد ‪ ، 09‬الجزائر ‪ ، 1988 ،‬ص‬
‫‪.7‬‬

‫‪2‬‬

‫منتديات النقابة الوطنية لعمال التربية ‪ ،‬نقال عن الموقع ‪www.alafdal.net‬‬


‫‪ 3‬مجلة الجيش ماي ‪/‬عدد ‪ 430‬الجزائر‪ ،1999 ،‬ص ‪25‬‬

‫‪118‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وم ا نالحظ ه أن ه ذه النقاب ات له ا ف روع فرنس ية‪ ،‬و ق د عم ل االس تعمار على إدم اج‬
‫الجزائ ريين في ه ذه النقاب ات ال من أج ل تنظيمهم نقابي ا‪ ،‬ب ل من أج ل كس ر اإلض رابات ال تي‬
‫تنظمه ا النقاب ات في الجزائ ر خاص ة في الس نوات م ا بين ‪ 1906‬و‪ 1907‬فك ان نجم ش مال‬
‫أفريقيا من أول األحزاب التي تأسست في سنة ‪ ،1926‬و قد ضم هذا النجم العمال الجزائريين‬
‫المهاجرين‪ ،‬ثم ظهرت حركة االنتصار والحريات الديمقراطية في عام ‪1947‬م ‪ ،‬حيث بادرت‬
‫هذه الحركة إلى تكوين لجنة عمالية‪ ،‬تحت رئاسة "عيسات إيدير" و ذلك من أجل تكوين نقابة‬
‫وطنية حرة‪ ،‬غير أنها عرفت الكثير من العراقيل‪ ،‬خاصة بعد تشكيل مركزية نقابية ‪،‬خاصة‬
‫بالعم ال الجزائ ريين نابع ة من السياس ة الفرنس ية‪ ،‬و ذل ك في س نة ‪ 1954‬و ق د ع رفت ه ذه‬
‫المركزي ة تحت اس م "اإلتح اد الع ام للنقاب ات الجزائري ة" المنعق دة في ‪ 27 /24‬ج وان ‪1954‬م‬
‫شارك فيها أكثر من ‪ 236‬نقابي جزائري‪..‬‬
‫أس س مجموعة من النقابيين منظمة نقابية جزائرية‬
‫بعد اندالع الثورة التحريرية بسنتين‪ّ ،‬‬
‫هي "اإلتح اد الع ام للعم ال الجزائ ريين" (اإل ع ع ج) ‪ ،‬يترأس ها عيس ات إي دير وذل ك في ‪24‬‬
‫فيفري ‪ 1956‬بمبادرة من "جبهة التحرير الوطني" ويمكن اعتبار ذلك حلقة متصلة بين الحرك ة‬
‫الوطنية و الحركة النقابية ‪،‬و أصبح له تشكيالت و فروع ‪.‬‬
‫ك ان "اإل‪ .‬ع ‪.‬ع ‪.‬ج" يض م آن ذاك أك ثر من ‪ 11‬أل ف منخ رط‪..‬وق د تع رض األمين الع ام‬
‫عيس ات إي دير إلى المالحق ة من قب ل ق وات االحتالل الفرنس ي‪ ،‬إال أن ذل ك لم يثني ه عن كفاح ه‬
‫‪1‬‬
‫المتواصل لصالح الطبقة العاملة الجزائرية‪"..‬‬
‫ويمكن الق ول إن العم ل النق ابي في تل ك الف ترة غلب علي ه الط ابع األوروبي‪ ،‬و إن معظم‬
‫قادة التنظيم النقابي في ذلك الوقت كانوا غير جزائريين‪ ،‬من حيت المنشأ األصلي ‪ ،‬وكان ال‬
‫يض م إال ع ددا ض ئيال من العم ال الجزائ ريين‪،‬وربم ا يع ود ه ذا أيض ا إلى ذهني ة العام ل‬
‫الجزائ ري‪،‬فالعامل الثق افي لعقلية "الجزائ ري لم تكن تس توعب ه ذه الحركة وم ا تس عى إليه في‬
‫تحقيق ما يطمح إليه أي عامل بصفة عامة والجزائري بصفة خاصة‪،‬غير أن العامل األوربي‬
‫المش بع بالثقاف ة الغربي ة‪،‬وال ذي ك ان ي رى أن النض ال من أج ل حقوق ه المهض ومة من أص حاب‬
‫‪2‬‬
‫رؤوس األموال شيء مقدس‪،‬و ال يجوز المساس به أو التخلي عنه بأي حال من األحوال‪".‬‬
‫‪1‬‬

‫وطبان عبد العزيز ‪ .‬االقتصاد الجزائري ماضيه و حاضرهـ ‪ ، 1985-1830‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ص ‪334‬بدون سنة نشر ‪.‬‬
‫‪ 2‬مجلة الجيش ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪26‬‬

‫‪119‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫مالمح الحركة النقابية الجزائرية في هذه الفترة ‪:‬‬


‫‪ -‬إن الحركة النقابية الجزائرية هي حركة ناتجة عن صراع بين إيديولوجيات متفاوتة‬
‫االنتش ار في األوس اط الش عبية ‪ ،‬ف إذا ك انت الحرك ة الش يوعية هي الس باقة إلى تش كيل الن واة‬
‫األولى للحرك ة العمالي ة الجزائري ة‪ ،‬فإنه ا لم تس تطع أن ت واكب التط ورات السياس ية الحادث ة ‪،‬‬
‫نتيجة تمسكها بالناحية المطلبية ‪ ،‬وارتباطها التام أو المطلق بالحركة الشيوعية الفرنسية ‪،‬التي‬
‫لم تكن ص ريحة و واض حة فيم ا يخص المط الب السياس ية‪ ،‬ه ذا االرتب اط س اهم في إقص اء‬
‫‪ -‬إن‬ ‫طاق ات نض الية ‪ ،‬ك ان يمكن االس تفادة منه ا س واء في النض ال السياس ي أو المطل بي‬
‫الحرك ة النقابي ة الجزائري ة هي حرك ة عمالي ة المنش أ و الت أطير‪ ،‬على أس اس أن الي د العامل ة‬
‫الجزائري ة هي ي د عامل ة زراعي ة‪ ،‬و موس مية في أساس ها‪ ،‬و أن الب ذرة األولى لتك ون وعي‬
‫نضالي عمالي بدأ مع الهجرة إلى فرنسا ‪ ،‬و العمل بمصانعها ‪ ،‬األمر الذي يسمح بالقول إن‬
‫النض ال العم الي في الجزائ ر‪ ،‬لم يكن بن اء على تجرب ة ذاتي ة‪ ، ‬إنم ا ك ان مبني ا على عملي ة‬
‫المقارنة مع األوضاع السائدة في فرنسا‪.‬‬
‫إن تشكيل و تنظيم أول نقابة جزائرية ‪،‬كان بهدف دعم النضال السياسي ‪ ،‬وتجنيد العمال‬
‫في سبيل الوقوف في وجه االستعمار‪ ،‬و بالتالي فإن العمل أو النضال المطلبي كان مؤجال‪ ،‬إال‬
‫أن أح داث أول نوفم بر‪ ،‬وتعميم الكف اح المس لح ‪،‬هي ش روط أدت إلى خل ق نقاب ة مركزي ة‬
‫جزائرية ‪ ،‬وذلك ألنها تجاوبت مع اإلرادة العميقة لألجراء الجزائريين‪ ،‬ومع الوضع السياسي‬
‫العسكري للنضال ضد االستعمار‪ .‬والدليل هو انعق اد المجلس التأسيسي لالتحاد العام للعمال‬
‫الجزائ ريين في‪ 24‬ش باط ‪ 1956‬بمدين ة الجزائ ر وك ان ذل ك في إط ار جبه ة التحري ر‬
‫الوط ني‪،‬ولق د انش ق االتح اد الع ام للعم ال الجزائ ريين إلى نق ابتين مس تقلتين هم ا‪ :‬اإلتح اد الع ام‬
‫للنقاب ات الجزائري ة ‪ ، UGSA‬ال تي تك ونت في ج وان ‪1954‬م تحت قي ادة "قاي دي لخض ر"‬
‫واكتفت ه ذه النقاب ة بالمط الب االجتماعي ة ‪ ،‬واتح اد نقاب ة العم ال الجزائ ريين ‪، USTA‬وال تي‬
‫ك انت تابع ة للمص الين(نس بة إلى ال زعيم مص الي الح اج) حيث تك ونت س نة ‪1956‬م تحت قي ادة‬
‫‪1‬‬
‫"رمضاني محمد "‪.‬‬
‫الحركة النقابية بعد االستقالل ‪:‬‬

‫‪Weiss François : doctrine et action syndicales en Algérie CUJAS-Paris.1970, p27 1‬‬

‫‪120‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫بعد االستقالل بقيت الحركة العمالية الجزائرية ممثلة في االتحاد العام للعمال الجزائريين‬
‫تحت وط أة السياس ي ‪ ،‬حيث تم انخراطه ا في العم ل التنم وي‪ ،‬وق د اعت برت من بين المنظم ات‬
‫الجماهيرية‪ ،‬التي تسعى إلى تجنيد اليد العاملة في سبيل القيام بالمهام التنموية ‪ ،‬والمالحظ هنا‬
‫أنه تم محاصرتها ‪ ،‬ومحاولة الحد من دورها ‪ ،‬وتقليصه إلى أقصى الحدود‪ ،‬األمر الذي أدى‬
‫إلى انحس ار دوره ا ‪،‬و لع ل أهم الخط ط المع دة الحتوائه ا هي ت دعيم بعض األس اليب كالتس يير‬
‫الذاتي‪ ،‬إضافة إلى إنشاء لجان المشاركة في المؤسسات ‪،‬و سياسة التخطيط الفوقي ‪،‬ومركزية‬
‫التس يير اإلداري"‪ ،‬حيث ك انت السياس ة التش ريعية بـالجزائر تس تند إلى األه داف االش تراكية‪،‬‬
‫حيث نصت المادة ‪ 60‬من دستور ‪" 1976‬حق االنخراط في نقابة معترف به لجميع العمال‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫سواء على المستوى الجماعي أو الفردي "‬
‫كم ا ك ان للت دخل السياس ي أث ره في الح د من فعالي ة النقاب ات‪ ،‬مث ل ض رورة االنخ راط في‬
‫جبهة التحرير الوطني‪،‬حتى تتمكن من الترشح ألي منصب مهما كان نوعه (المادة ‪.)120‬‬
‫كل هذه اإلجراءات ‪،‬أدت إلى بروز ما يعرف بأزمة الثقة بين العمال والنقابة من جهة ‪،‬‬
‫و بين النقاب ة و الدول ة من جه ة ثاني ة‪ ،‬األزم ة األولى ك ان من نتائجه ا قي ام إض رابات عمالي ة‬
‫غ ير م ؤطرة و عش وائية‪،‬خاص ة في ف ترة الثمانين ات‪ .‬أم ا الثاني ة فتتعل ق بانته اج الدول ة سياس ة‬
‫االنفت اح غ ير الم برمج‪ ،‬األم ر ال ذي أدى إلى ب روز اض طرابات اجتماعي ة‪ ،‬س عت النقاب ة دائم ا‬
‫ألن تك ون بعي دة عنه ا‪ ،‬وم ا يمكنن ا استخالص ه يكمن في أن الحرك ة النقابي ة بع د االس تقالل‬
‫تميزت بمرحلتين و هما‪ :‬ما قبل االنفتاح السياسي ‪ ،‬ومرحلة ما بعد االنفتاح ‪.‬‬
‫وتميزت المرحلة األولى بـ ‪:‬‬
‫‪ -‬النقابة تحولت إلى جزء من هياكل الدولة و الحزب‪.‬‬
‫‪ -‬النقابة أصبحت وسيلة لتجنيد العمال لصالح مشاريع الدولة السياسية و االقتصادية و‬
‫االجتماعي ة‪،‬وال دفاع الج زئي عن بعض الفئ ات العمالي ة‪ ،‬األك ثر حرمان ا و األق ل تجرب ة مطلبي ة‬
‫‪2‬‬
‫وقد تحولت إلى وسيلة ترقية اجتماعية لبعض الفئات في المجتمع"‪.‬‬
‫أما المرحلة الثانية فكانت بعد سنة ‪1989‬حيث فتحت الجزائر أبوابها للتعددية السياسية‬
‫و حري ة التعب ير‪ ،‬فح دث االنفج ار ال ذي أدى إلى ظه ور تنظيم ات مختلف ة‪ ،‬حيث ج اء الق انون‬
‫المعدل و المتمم بالقانون ‪ 91/30‬المؤرخ في ‪ 21/12/1991‬المتعلق بممارسة الحق النقابي‪،‬‬
‫‪ 1‬الدستور ‪ ، 1976‬المادة ‪. 60‬الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ‪ .‬مصلحة الطباعة المعهد التربوي الوطني‪ ،‬الجزائر ‪1976 ،‬‬
‫‪ 2‬نعيم بن محمد ‪ ،‬الحركة النقابية في الجزائر واقع و آفاق ‪ ،‬معهد الهقارالجزائر ‪ ،‬نقال عن الموقع ‪www.hoggar.org‬‬

‫‪121‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫مق را لمب ادئ أساس ية‪ ،‬أهمه ا أن النقاب ة له ا ح ق ال دفاع عن مص الح المس تخدمون المادي ة‬
‫والمعنوية ‪ ،‬وإ عطاءها الصفة التمثيلية للعمال بالتفاوض‪ ،‬وباسمهم إذ توفرت شروط االعتماد‪،‬‬
‫األق ل من مجم وع‬ ‫و م رور س تة أش هر على ه ذا االعتم اد ‪،‬وان يك ون له ا ‪ % 20‬على‬
‫ال تي ال تت وفر على‬ ‫العم ال ‪،‬المنخ رطين في تنظيمه ا النق ابي ‪.‬أمــا ب اقي التنظيم ات النقابي ة‬
‫‪1‬‬
‫ش رط من ه ذا الش روط وخاص ة التمثي ل ‪،‬ف إن له ا ح ق إب داء ال رأي والمالحظــة ‪" .‬‬
‫هذه التعددية النقابية ‪،‬التي تم االعتراف بها في الوقت الذي كانت فيه الحركة العمالية المطلبية‬
‫في حالة ضعف أكيدة ‪ ،‬لم تكن عامال مساعدا على الخروج من الوضعية الدفاعية التي كانت‬
‫عليه ا ‪.‬فق د ب ادر الم وظفين ‪،‬أس اتذة ‪ ،‬عم ال القطاع ات الص حية واإلدارة العمومي ة ب ل وح تى‬
‫عمال بعض المؤسسات الصناعية العمومية‪ ،  ‬لتكوين نقابات مستقلة عن االتحاد العام للعمال‬
‫الجزائ ريين ‪،‬النقاب ة الرس مية الوحي دة ال تي ‪ ‬ت دهورت تمثيليته ا العامة أك ثر ‪،‬فلم تحاف ظ إال على‬
‫الق وى العمالي ة األقل تأهيال‪ ،‬بع د قرار الكث ير من الق وى العمالي ة واألجيرة المؤهلة مغادرتها‪ ‬‬
‫مفض لة تجرب ة االس تقاللية"‪ 2‬ورغم ذل ك بقي االتح اد يحاف ظ على احتك اره للعم ل و النض ال‬
‫النقابي‪ ،‬حيث سعى جاهدا لتخفيف آثار االتفاقات مع صندوق النقد الدولي‪ ،‬و ما نتج عنها من‬
‫تسريح للعمال‪ .‬باعتباره الشريك االجتماعي الوحيد المقابل للدولة وألرباب العمل ‪.‬‬
‫و على ه ذا األس اس يمكنن ا الق ول ‪،‬إن الحرك ة النقابي ة في الجزائ ر الي وم ‪،‬يتنازعه ا‬
‫تياران أساسيان‪ ،‬تيار يبني نضاله على لغة الحوار و التشاور‪ ،‬ممثال في االتحاد العام و العمال‬
‫الجزائ ريين ويتخ ذ من رص يده الت اريخي و النض الي حج ة لتمثي ل العم ال ‪ ،‬و التكلم باس مهم‪،‬‬
‫إضافة إلى االعتراف التام به ‪،‬من قبل الدولة كونه الشريك االجتماعي الوحيد الممثل للعمال‪،‬‬
‫"نظ را لألدوار السياس ية ال تي الزال يق وم به ا داخ ل اللعب ة السياس ية الوطني ة ‪ ،‬بك ل تش عبانها‬
‫وثناياه ا ‪،‬ادوار الزال النظ ام السياس ي في حاج ة إليه ا‪ ، ‬ج راء اس تفحال أزمات ه المتع ددة ‪،‬مم ا‬
‫يجعله يرفض وجود منافسين آخرين ‪ ،‬الزال غير متأكد‪ ‬من أدائهم لألدوار المطلوبة منهم‪ ،‬كما‬
‫يقوم بذلك االتحاد العام للعمال الجزائريين بنسب نجاح متفاوتة"‪.3‬‬

‫‪1‬انظر القانون المعدل و المتمم بالقانونـ ‪ 91/30‬المؤرخ في ‪ 21/12/1991‬المتعلق بممارسة الحق النقابي (المالحق )‬
‫‪ 2‬عـبد الــناصر ‪ ،‬جابي الحركات االجتماعية في الجزائر بين أزمة الدولة الوطنية وشروخ المجتمع ‪ ،‬جامعة الجزائر‪-‬مركز البحوث االقتصادية من اجل‬
‫التنمية‪ ، cread -  ‬ص ‪ 8‬نقال عن الموقع‪/http://www.forumtiersmonde.net‬‬
‫‪3‬‬
‫المرجع السابق ص‪9‬‬

‫‪122‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وفي مقابل هذا يوجد التيار الثاني‪ ،‬الذي يجسد نظرة المواجهة و الصراع‪ ،‬والمتحصل‬
‫على االعتم اد م ؤخرا ‪،‬من قب ل الس لطات ‪،‬حيث أح دث حش دا في ص فوفه وق اد نج اح في‬
‫اإلضرابات التي نظمها ‪،‬من اجل مطالب أكثر جرأة‪" ..‬و لعل ما يميز هذه النقابات‪ ،‬التي تنعت‬
‫بالمس تقلة ‪،‬ه و ابتعاده ا عن النش اط السياس ي‪،‬و تركيزه ا على الن واحي المطلبي ة ‪،‬كم ا أنه ا في‬
‫السنوات األخيرة جنحت نحو المطالب النوعية ‪ ،‬كالحرية النقابية و التمثيل النقابي إضافة إلى‬
‫المط الب االقتص ادية ‪ ،‬وم ع ذل ك لم تس تطع ح تى أالن ‪ ،‬وبع د م رور م دة زمني ة على تكوينه ا‬
‫‪،‬من حل الكثير من المشاكل التي تعترضها ‪ ،‬كتلك المتعلقة بالجوانب التنظيمية ‪ ،‬و حقها في‬
‫المش اركة في العملي ة التفاوض ية المركزي ة ‪،‬رغم االع تراف الق انوني بوجوده ا ‪،‬وق وة تمثيليته ا‬
‫‪1‬‬
‫القطاعية ‪".‬‬
‫في خض م ه ذا الج دل التم ثيلي ‪،‬تبقى النقاب ة الجزائري ة تع اني من بعض النق ائص‪ ،‬س واء‬
‫على المس توى ال داخلي أو على المس توى الخ ارجي‪ ،‬فعلى المس توى ال داخلي يتعل ق األم ر بع دم‬
‫قدرتها على كسب منتسبين جدد ‪ ،‬وهشاشة االنخراط فيها‪ ،‬مما يقلل من فعاليتها الميدانية‪.‬‬
‫وكذلك عدم وجود لغة خطاب أو إيديولوجية واضحة المعالم ‪،‬تساهم في تفعيل االنخراط‬
‫حيث لوحظ أن نوعية المطالب هي العمل الرئيسي في تجنيد العمال‪ ،‬فمثال يعتبر وجود مطلب‬
‫األجور على قائمة الالئحة المطلبية كافيا في رفع نسبة التجنيد ‪،‬في حين أن غيابه يقلل منها‪.‬‬
‫أما على المستوى الخارجي فيتعلق األمر بعدم وجود استثمارات مباشرة و ناجعة‪ ،‬تساهم‬
‫في تفعي ل العم ل‪ ،‬و بالت الي تس مح بتوس يع النش اطات النقابي ة‪ .‬ك ذلك وج ود النقاب ة في حال ة‬
‫مواجهة مباشرة مع الدولة‪ ،‬في كل مرة تسعى فيها إلى تحقيق المطالب العمالية‪ ،‬األمر الذي‬
‫ي ؤدي إلى تح ول النض ال عن مس اره المطل بي ‪،‬و يص بح نض ال سياس ي ال يع ود بالفائ دة في‬
‫غالب األوقات على الناحية المطلبية"‪.2‬‬
‫ك ل ه ذه األم ور وغيره ا ‪،‬ح دت من فعالي ة النش اط النق ابي‪ ،‬خاص ة المطل بي‪ ،‬إال أن ه ذا‬
‫الواق ع لن يبقى على حال ه ‪،‬إن تم تحقي ق جمل ة من الش روط على رأس ها فتح المج ال أم ا‬
‫االس تثمار المنتج و الحقيقي‪ ،‬و ليس الظرفي و اآلني‪ ،‬مما سيعزز من مكان ة النقابة و دوره ا‪،‬‬
‫و بروز الحاجة الملحة لها مع الوقت‪ .‬من جانب آخر فان فصل الشق السياسي عن المطلبي‪،‬‬
‫و االبتع اد عن المزاي دات السياس ية ‪،‬س يعزز ه و أيض ا من النض ال النق ابي ‪،‬في س بيل معالج ة‬
‫‪ 1‬المرجع السابق ص‪9‬‬
‫‪ 2‬نعيم بن محمد نفس ‪ ،‬مرجع سابق ( موقع الكتروني )‬

‫‪123‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المش اكل العمالي ة‪ ،‬بن وع من الجدي ة و الفعالي ة ‪،‬و بالت الي يس مح بتحقي ق الس لم و األمن‬
‫‪1‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬الذي تسعى النقابة إلى تحقيقه من الناحية المبدئية"‪.‬‬
‫وفي األخير ال يسعنا إال القول أن الحركة النقابية الجزائرية تعرف نوع من حالة السكون‬
‫و المراقبة ناتجة عن عدم أخذ زمام المبادرة و تدخل السياسي في جميع مناحي الحياة إال أن‬
‫هذا لن يحد من فعاليتها على اعتبار المرونة التي تتميز بها النقابة الجزائرية ليس في التسيير‬
‫و التنظيم و إنم ا في مواجه ة مس تجدات األح داث و الظ روف ال تي تحي ط به ا على اعتب ار أن‬
‫اإلشكالية النقابية في أساسها هي إشكالية وجود ‪...‬‬

‫االتحاد العام للعمال الجزائريين ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫"تم تأسيس اإلتحاد العام للعمال الجزائريين رسميا في تاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ ، 1956‬أي في‬
‫خضم معركة التحرير التي خاضها شعب الجزائر ضد االحتالل الفرنسي ‪ ،‬ووفقا للوثائق التي‬
‫تتن اول ت اريخ ه ذا اإلتح اد النق ابي الوط ني ‪ ،‬تج در اإلش ارة إلى أن ج ذور الحرك ة النقابي ة‬
‫الجزائرية انطلقت مع انطالقة النشاط النقابي الفرنسي ‪ ،‬ألنها كانت جزءا منها ‪ ،‬وقد انطلقت‬
‫ب راعم النش اط النق ابي في قس نطينية ض من الكنفدرالي ة العام ة للش غل (‪ ،)cgt‬وخ اض عم ال‬
‫الجزائ ر قب ل انطالق ش رارة الث ورة العدي د من النض االت العمالي ة واإلض رابات القوي ة منه ا‬
‫إضراب العمال الزراعيين وإ ضراب عمال الموانئ وغيرها ‪...‬‬
‫لق د ج اء ميالد اإلتح اد الع ام لعم ال الجزائ ر كراف د ه ام من رواف د الث ورة ‪،‬وفي خض مها‪،‬‬
‫بهدف واضح أال وهو تجنيد العمال وتعبئتهم لفائدة الكفاح ضد االحتالل الكولونيالي الفرنسي ‪،‬‬
‫وع دم ش رعيته ‪ .‬ومن اج ل العم ل على ت دويل المس ألة النقابي ة الجزائري ة‪ ،‬وتجني د عم ال الع الم‬
‫دعما للنضال الذي يخوضه الشعب الجزائري‪ ،‬بهدف إنهاء االستعمار الفرنسي والوصول إلى‬
‫اإلس تقالل ‪ ،‬ولق د انض م اإلتح اد ف ور تأسيس ه إلى اإلتح اد ال دولي للنقاب ات الح رة‪ ،‬حيث حص ل‬
‫‪2‬‬
‫على دعم متواصل في نضاله ضد االستعمار بمختلف المحافل الدولية "‪.‬‬
‫أهداف تأسيس اإلتحاد ‪:‬‬

‫‪ 1‬نفس المرجع السابق‬


‫‪2‬‬

‫جهاد عقل ‪ ،‬الحركة العمالية والنقابية ‪ ،‬الحوار المتمدن ‪ -‬العدد‪ 26 / 2 / 2006 - 1473 :‬نقال عن الموقع ‪ww.ahewar.org‬‬

‫‪124‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫"ك ان من أهم األه داف المتوخ اة وراء تأس يس اإلتح اد ه و ت دويل المش كلة النقابي ة‬
‫الجزائرية‪ ،‬وتجنيد عمال العالم من أجل تأييد قضية العمال الجزائريين المكافحين ‪ .‬ولتجسيد‬
‫هذه األهداف ‪ ،‬انضم اإلتحاد إلى الجامعة العالمية للنقابات الحرة ‪ ،‬حيث وجد فيها منبرا لتبليغ‬
‫صوته إلى الرأي العام العالمي‪ ،‬فأسس فروعا لالتحاد في كل من تونس والمغرب ‪ ،‬فرنسا ‪.‬‬
‫وق د مكنت ه ه ذه الخط وات من القي ام بنش اط كب ير في المج ال ال دولي للتعري ف بالحرك ة النقابي ة‬
‫الجزائرية ‪ ،‬ومشكلة الحرب في الجزائر ونتائجها االجتماعية ‪ ،‬لكسب تأييد عمال العالم لكفاح‬
‫العم ال الجزائ ريين خصوص ا والش عب عموم ا‪ .‬وق د ت وجت ه ذه التحرك ات العالمي ة في تق ديم‬
‫مس اعدات هام ة لالج ئين الجزائ ريين في ك ل من ت ونس والمغ رب‪ ،‬والحص ول على منح‬
‫دراس ية ‪ ،‬وإ رس ال ع دد من العم ال الجزائ ريين للتك وين والتخص ص في مختل ف المص انع‬
‫الدولية‪ .‬وقد حاولت السلطات االستعمارية الحد من نشاط وتحركات االتحاد ‪ ،‬من خالل عرقلة‬
‫نش اطه وع دم الس ماح لقادت ه ب الخروج من الجزائ ر ‪ ،‬وال زج بهم في الس جون الفرنس ية وك ان‬
‫األمين الع ام لالتح اد عيس ات إي دير من ض حايا ه ذه السياس ة ‪ .‬وهك ذا ‪ ،‬وبفض ل ه ذا اإلتح اد‬
‫تمكنت جبهة التحرير الوطني من التشهير بجرائم االستعمار الفرنسي في الجزائر في المحافل‬
‫الدولية ‪ ،‬والتجمعات العمالية ‪ ،‬وبالتالي العمل على كسب الرأي العام الدولي لصالح القضية‬
‫‪1‬‬
‫الجزائرية"‬
‫وهكذا فإن تأسيس اإلتحاد العام للعمال الجزائريين من قبل جبهة التحرير الوطني‪ ،‬كان‬
‫من أج ل إعط اء نفس جدي د للث ورة ‪،‬وت دعيما لص فوفها بواس طة جم ع ش مل الطبق ة العامل ة‬
‫الجزائرية في تنظيم نقابي واحد ‪ ،‬وأيضا لدفع هذه الشريحة االجتماعية للمساهمة ليس فقط في‬
‫الدفاع عن مصالح العمال المادية واالجتماعية‪ ،‬وإ نما في النضالي السياسي والكف اح المس لح من‬
‫‪2‬‬
‫أجل تحرير الجزائر ‪.‬‬
‫دور االتحاد إبان الثورة التحريرية ‪:‬‬
‫لعب اإلتح اد الع ام للعم ال الجزائ ريين ‪ ،‬دورا كب يرا ومم يزا في تنظيم الطبق ة العامل ة‬
‫الجزائري ة ورص ص فوفها لخدم ة أه داف الث ورة التحريرية ‪ ،‬وأزداد ه ذا ال دور وتج ذر بع د‬
‫مؤتمر الصومام ‪ ،‬الذي خرج بتصور مستقبلي لإلتحاد العام للعمال الجزائريين و اإلتحاد العام‬
‫‪1‬‬

‫منشورات المركز الوطني للدراسات و البحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر ‪ 1954‬الجزائر ‪1988‬ص‪17‬‬
‫‪ 2‬مجلة المرشد‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.7‬‬

‫‪125‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫للطلب ة المس لمين الجزائ ريين وال دور المن وط بهم ا في عملي ة النض ال والتنمي ة ‪ ،‬وق د ب رز دور‬
‫الطبق ة العامل ة الجزائري ة في المهج ر وبص فة خاص ة في فرنسا‪ ،‬إذ س اهم العم ال الجزائري ون‬
‫مس اهمة فعال ة وكب يرة في ت دعيم الث ورة ‪ ،‬من خالل االش تراكات المالي ة ال تي ك انوا ي دفعونها‬
‫لف روع فدرالي ة جبه ة التحري ر الوط ني في مختل ف الم دن الفرنس ية ‪ .‬وق د وص لت اش تراكات‬
‫العمال الى‪ 30‬فرنكا لكل عامل ‪ ،‬مع اإلشارة أن عدد المشتركين سنة ‪ 1961‬كان ‪135.202‬‬
‫ع امال مناض ال‪ .‬وق د بل غ م ا ك ان يجمع ه العم ال ‪ 500‬ملي ون فرن ك فرنس ي ‪.‬وك ذلك ب رز دور‬
‫الطبقة العاملة بعد نقل الحرب إلى فرنسا ‪ ،‬وفتح جبهة ثانية ‪ ،‬وفي هذا اإلطار تعرضت مدينة‬
‫ب اريس والم دن الفرنس ية األخ رى لع دة أعم ال فدائي ة‪ .‬زي ادة على تنظيم اإلتح اد لع دد من‬
‫اإلض رابات في رب وع ال وطن وخارج ه في س نوات ‪ .1956/1957‬وق د نف ذ اإلتح اد ب رامج‬
‫‪1‬‬
‫وأهداف اإلضرابات بكل دقة ‪.‬‬
‫االتحاد ومشاركة المرأة في العمل النقابي ‪:‬‬
‫أكد «عبد المجيد سيدي سعيد»‪ ،‬األمين العام لالتحاد العام للعمال الجزائريين‪ ،‬أن وجود‬
‫النس اء الع امالت والنقابي ات بق وة داخ ل االتح اد يع د انتص ارا للنقاب ة‪ ،‬مش يرا إلى أن المركزي ة‬
‫النقابية تعد اليوم ‪ 205‬الف نقابية حاضرة في مختلف هياكل االتحاد العام للعمال الجزائريين‪.‬‬
‫وأض اف «س يدي الس عيد»‪ -‬خالل ي وم إعالمي ب ادرت ب ه منظم ات نقابي ة للنس اء‬
‫المنخرطات في االتحاد العام لعمال الجزائريين بمناسبة إحياء الذكرى الـ‪ 90‬لتأسيس المنظمة‬
‫الدولية للعمل‪ ،‬أنه في سنة ‪ 1997‬لم تكن هناك أي نقابية في االتحاد مؤكدا أنه في ظرف ‪12‬‬
‫س نة خاض ت الم رأة العامل ة والنقابي ة ث ورة ص امتة ‪ ،‬فرض ت من خالله ا مس عى نض اليا وذكي ا‬
‫لفرض وجودها داخل هياكل االتحاد"‪ ،‬وفي هذا الصدد دعا «سيدي السعيد» إلى الحرص على‬
‫حض ور النقابي ات في االجتماع ات والملتقي ات والم ؤتمرات المنظم ة من ط رف االتح اد الع ام‬
‫للعم ال الجزائ ريين ‪ ،‬أو تل ك ال تي ي دعى إلى المش اركة فيه ا في الجزائ ر أو في الخ ارج‪ ،‬وإ ذ‬
‫وص ف نض ال النس اء النقابي ات بأن ه "تق دم للديمقراطي ة " في الجزائ ر أك د «س يدي س عيد» أن‬
‫االتح اد الع ام للعم ال الجزائ ريين ه و أول منظم ة من الض فة الجنوبي ة للمتوس ط تط رقت إلى‬
‫موضوع التحرش الجنسي في الوسط المهني‪ ،‬وأضاف األمين العام للمركزية النقابية بقوله‬

‫‪1‬‬

‫مجلة المرشد ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪08‬‬

‫‪126‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫تمكن من كسر هذا الطابو والتطرق إلى موضوع‬‫ّ‬ ‫"أوجه تحية حارة للنقابيات الالئي‬
‫التحرش الجنسي‪ ،‬مع إبقائه في سياقه السوسيولوجي"‪ ،‬كما ذكر بأن النقابيات قد شاركن‬
‫بفعالية في تعديل قانون األسرة‪ ،‬وتثمين التضامن خالل الكوارث الطبيعية التي ألمت بالبالد ‪،‬‬
‫وحس نت ص ورته أك ثر‬
‫ّ‬ ‫واس تطرد يق ول أن ه "به ذه األعم ال ع ززت الم رأة النقابي ة هيب ة االتح اد‬
‫على الصعيد الدولي" مؤكدا أن نجاح المرأة النقابية وتحررها انتصار لالتحاد‪.‬‬
‫ه ذا وق د نظم أمس بالعاص مة ي وم إعالمي ض ّم الحكوم ة وأرب اب العم ل والنقاب ة بمب ادرة‬
‫من المنظم ات النقابي ة للنس اء المنخرط ة في االتح اد الع ام للعم ال الجزائ ريين ب الجزائر‪ ،‬إحي اءا‬
‫للذكرى الـ‪ 90‬إلنشاء المنظمة الدولية للعمل‪ ،‬وقد تميز هذا اليوم اإلعالمي الذي افتتحه األمين‬
‫العام لالتحاد العام للعمال الجزائريين بتنظيم معرض للمنظمات والفروع النقابية التابعة لالتحاد‬
‫تحت عن وان "المنظم ة الدولي ة للعم ل والم رأة والعم ل الالئ ق"‪ ،‬كم ا تم تنظيم مع رض للص ور‬
‫ي برز النس اء النقابي ات وهن يمارس ن مهن متع ددة االختصاص ات‪ ،‬ويه دف ه ذا المع رض إلى‬
‫التأكيد بأن عمل النساء النقابيات ال ينحصر في المطالب الخاصة باألجور بل يشمل أيضا عمل‬
‫متعدد الخصائص‪ ،‬كما تضمن هذا المعرض صورا تمثل نساء جمركيات‪ ،‬وعامالت في قطاع‬
‫الحدي د‪ ،‬وس ائقات للح افالت والقط ار وهن يمارس ن نش اطاتهن‪ ،‬ومن المنتظ ر أيض ا تنظيم‬
‫معرض للمهن التي تعتبر حكرا على الرجال بصفة عامة خالل هذا اليوم اإلعالمي‪ ،‬وحسب‬
‫رئيسة لجنة النساء للعاصمة لالتحاد العام للعمال الجزائريين ‪ ،‬فإن إحياء ذكرى إنشاء المنظمة‬
‫الدولية للعمل يصادف الذكرى الـ‪10‬‬
‫النطالق مخطط عمل هذه المنظمة حول المساواة ‪ ،‬مؤكدة أن المساواة تبقى الموضوع‬
‫الرئيس ي للنس اء النقابي ات‪ ،‬وفي الص دد ذات ه ص رحت أن المس اواة تعت بر أك ثر من مطلب‬
‫نسائي ‪.‬‬
‫إنن ا نناض ل ح تى تعت بر ه ذه المس اواة أح د رك ائز الديمقراطي ة وحق وق اإلنس ان‪ ،‬حيث‬
‫أوض حت ه ذه المتحدث ة أن مختل ف المنظم ات والجمعي ات ‪ ،‬تناض ل من أج ل اس تحداث آلي ات‬
‫‪1‬‬
‫تكرس المساواة ‪.‬‬
‫جديدة للتصديق على القوانين واالتفاقيات التي ّ‬
‫االتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫‪1‬‬

‫جريدة االيام ‪،‬العدد ‪ 1094‬السنة الثالثة ‪ ،‬الجزائر ‪16‬ماي‪2009 ،‬‬

‫‪127‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫االتحاد الوطني منظمة نقابية مستقلة يرمز لها بالحروف العربية ( إ ‪.‬و‪.‬ع‪.‬ت‪.‬ت)‬
‫وب الحروف الالتيني ة ‪ ، U.N.P.E.F‬وق د أخ ذ اعتم اده في ‪ ،27/10/1990‬ال يخض ع‬
‫ألي وص اية حزبي ة ‪ ،‬يتمت ع بالشخص ية المعنوي ة واألهلي ة المدني ة‪ ،‬وباالس تقالل الم الي‪ ،‬وذل ك‬
‫كله وفقا للتشريع المعمول به في ظل التعددية النقابية ‪.‬‬
‫يتواج د مق ره ب الجزائر العاص مة ‪ ،‬و يض م جمي ع فئ ات عم ال قط اع التربي ة والتك وين ‪،‬‬
‫ويمارس نشاطه على كامل التراب الوطني ولمدة غير محدودة ‪ ،‬لذلك دأب أن يأخذ على عاتقه‬
‫هم وم المنظوم ة التربوي ة ‪ ،‬وال تي يف ترض حس به أن تك ون حامل ة لمش روع مجتم ع مس تقبلي ‪،‬‬
‫وتظ ل مج اال لالس تثمار الض امن لالس تمرارية واالزده ار ‪ ،‬وك ذا المحافظ ة على التواص ل م ع‬
‫الت اريخ‪ ،‬إذ أن االتح اد الوط ني لعم ال التربي ة والتك وين م ازال ين ادي ويؤك د على ض رورة‬
‫اح ترام الث وابت الوطني ة ‪ ،‬في ك ل ص ياغة جدي دة للمنظوم ة التربوي ة ألنه ا تمث ل المعلم ال تي‬
‫‪1‬‬
‫تميزنا على غيرنا ‪ ،‬وتحصن شبابنا من الضياع ‪ ،‬كما تضمن لألمة وحدتها وقوة تمسكها "‬
‫هيئات االتحاد الوطنية لنقابة االتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين‪:‬‬
‫بم وجب الق انون األساس ي يتك ون االتح اد الوط ني لعم ال التربي ة والتك وين من هيئ ات‬
‫رسمية تتواجد على المستوى الوطني‪ ،‬تتمثل في‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫المؤتمر الوطني ‪ ،‬المجلس الوطني والمكتب الوطني‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬المؤتمر الوطني ‪.‬‬
‫يعت بر أعلى هيئ ة لالتح اد ‪ ،‬يش رف على تحض يره المكتب الوط ني‪ ،‬وأعض اء المك اتب‬
‫الجهوية ‪ ،‬ويشارك في المؤتمر الوطني كل من ‪ :‬أعضاء المجلس الوطني السابق ‪ ،‬مندوبون‬
‫ينتخب ون من المك اتب الوالئي ة ‪ ،‬و ممثل و القط اع ‪ ،‬على أس اس من دوب لك ل ‪ 500‬منخ رط ‪،‬‬
‫ويجتمع كل خمس (‪ )05‬سنوات‪.‬‬
‫صالحياته ‪ :‬تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ -‬يحدد النظام الداخلي للمؤتمر ويسير أشغاله ولجانه‪.‬‬
‫‪ -‬المصادقة على نظامه الداخلي وجدول أعماله‬

‫‪1‬‬

‫بوحميدة التومي‪،‬بكوش قدور‪:‬ـدور النقابة في التنمية االجتماعية واالقتصادية ‪،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة دراسات جامعية تطبيقية ‪،‬جامعة التكوين‬
‫المتواصل‪،‬السنة الجامعية‪،2006/2007‬غرداية‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ص‪55‬‬
‫‪ 2‬القانون األساسي لالتحادـ ‪.‬المعدل في المؤتمر الوطني الثالث يومي ‪. 2004/ 12/ 30/ 29‬القبة‪ ،‬الجزائر‪،‬ص‪5‬‬

‫‪128‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -‬االس تماع إلى التقري رين األدبي والم الي للمجلس الوط ني‪ ،‬ومناقش تهما والمص ادقة‬
‫عليهما‬
‫‪ -‬تزكية لجنة إثبات العضوية والترشيحات المقترحة من قبل المكتب الوطني ‪ ،‬من بين‬
‫المندوبين للمؤتمر حيث ال يحق لهم الترشح ‪.‬‬
‫‪ -‬مناقشة أو تعديل القانون األساسي والمصادقة عليه‪.‬‬
‫‪ -‬مناقشة القرارات واللوائح والتوصيات المصادقة عليها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬تشكيل المجلس الوطني‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المجلس الوطني‪.‬‬


‫يمث ل المجلس الوط ني أعلى هيئ ة بين الم ؤتمرين وه و المس ؤول أم ام الم ؤتمر‪ ،‬ويتك ون‬
‫من أعضاء المكتب الوطني السابق ورؤساء المكاتب الوالئية‪ ،‬بحكم منصب وعضو عن كل (‬
‫‪ )1000‬منخ رط ‪ .‬ينتخب على المس توى ال والئي من بين أعض اء المك اتب الوالئي ة ال ذين‬
‫اس توفوا (‪ ) 05‬س نوات به ذه الص فة وممثل ون عن األس الك واألط وار ‪ ،‬يجتم ع في دورتين (‬
‫‪ )02‬ع اديتين س نويا واس تثناءا بطلب من ثلث (‪ )1/3‬أعض اء المجلس الوط ني أو ثل ثي (‪)2/3‬‬
‫‪2‬‬
‫أعضاء المكتب الوطني أو بطلب من الرئيس‪.‬‬
‫صالحياته ‪ :‬تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ -‬المصادقة على جدول أعمال المجلس‪.‬‬
‫‪ -‬المصادقة على النظام الداخلي الخاص بكيفية تسيير أشغال المجلس ‪.‬‬
‫‪ -‬مناقشة التقريرين األدبي والمالي والمصادقة عليهما‪.‬‬
‫‪ -‬مناقشة ميزانية االتحاد والمصادقة عليها‪ ،‬ومراقبة تنفيذها‪.‬‬
‫‪ -‬إعداد النظام الداخلي لإلتحاد ‪ ،‬وتعديله ‪ ،‬والمصادقة عليه ‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد بطاقة االنخراط‪.‬‬
‫‪ -‬البث في القضايا المعروضة عليه ‪.‬‬

‫‪ 1‬القانون الداخلي ‪:‬اإلتحاد الوطني لعمال التربية و التكوين ‪،‬المصادق عليه ‪16/02/2005‬م‪،‬ص‪08‬‬
‫‪2‬‬

‫القانون األساسي لالتحاد ‪:‬مرجع سابق ‪،‬ص‪05‬‬

‫‪129‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ينتخب المجلس الوط ني من بين أعض ائه ال ذين اس توفوا م دة خمس (‪ )05‬س نوات‬
‫لعض وية المكتب الوط ني‪ ،‬تم ينتخب المجلس من بينهم رئيس ا لالتح اد ‪ ،‬وفي حال ة تس اوي‬
‫المرش حين للرئاس ة في األص وات ‪ ،‬تعطى األولوي ة ألق دمهم في المنظم ة ‪ ،‬ثم ألك برهم س ناً ‪،‬‬
‫كم ا يمكن للمجلس الوط ني تش كيل لج ان متنوع ة حيث ي ترك لنظ ام ال داخلي تحدي د ع دد‬
‫‪1‬‬
‫أعضائها وصالحياتها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المكتب الوطني‪.‬‬


‫هو الهيئة التنفيذية لالتحاد ‪ ،‬وهو مسؤول أمام المجلس الوطني ‪ ،‬حيث يتكون من (‪)09‬‬
‫إلى (‪ )11‬عضوا ويعقد اجتماعاته مرة (‪ )01‬كل شهر في دورة عادية واستثناءا بطلب من (‬
‫‪ )2/3‬أعضائه و الرئيس ‪.‬‬
‫كما يسهر المكتب على تنفيذ قرارات وتوصيات المجلس الوطني ‪ ،‬و توزيع المهام على‬
‫األعض اء ‪ ،‬ويح ق ل ه اتخ اذ إج راءات تحفظي ة اتج اه أعض اء أو هيئ ات االتح اد ‪ ،‬لم دة مح ددة‬
‫وف ق ش روط يح ددها النظ ام ال داخلي ‪ .‬وه و الن اطق الرس مي للمنظم ة ويمثله ا ل دى الهيئ ات‬
‫المحلية و الوطنية والدولية ‪ ،‬أو من ينوبه أو يكلفه لهذه المهمة‪.‬‬
‫وككل الهيئات التي سبق عرضها‪ ،‬يتمتع المكتب الوطني بصالحيات متعددة‪ ،‬تجعل منه‬
‫ركيزة من ركائز االتحاد العام لعمال التربية والتكوين ‪.‬‬
‫صالحياته ‪ :‬تتمثل في ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬تس يير مجموع ة الوس ائل البش رية ‪ ،‬المادي ة والمالي ة لالتح اد في إط ار ميزاني ة عام ة‬
‫مصادق عليها من طرف المجلس الوطني‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم اجتماع ات المجلس بتوف ير المك ان وتوجي ه االس تدعاءات الشخص ية لألعض اء‬
‫‪15‬يوما قبل االجتماع ‪.‬‬
‫‪ -‬إطالع المجلس الوط ني والمك اتب الوالئي ة على نش اطات االتح اد ‪ ،‬ومس تجدات‬
‫العمل النقابي‪.‬‬
‫‪ -‬يصادق على تعيين المكاتب الجهوية ويشرف عليها ‪.‬‬

‫‪ 1‬القانون األساسي لالتحاد‪:‬مرجع‪ 8‬السابق ‪،‬ص‪06‬‬

‫‪130‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -‬يطل ع على التق ارير لك ل عض و من أعض ائه ‪ ،‬وي دونها في محض ر االجتم اع‬
‫‪1‬‬
‫ويقترح برنامج عمل سنوي على المجلس للمصادقة ‪.‬‬
‫أعضاء المكتب الوطني ‪:‬‬
‫ال رئيس ‪ -‬نائب ه ‪ -‬ك اتب الع ام ‪ -‬مس اعد ل ه ‪ -‬أمين الم ال والوس ائل ‪ -‬أمين مكل ف‬
‫ب اإلعالم واالتص ال ‪ -‬أمين مكل ف ب التكوين‪ -‬أمين مكل ف بالعالق ات ‪ -‬أمين مكل ف ب التنظيم ‪-‬‬
‫مساعد له ‪ -‬أمين مكلف بالدراسات و االستشراف والبرامج ‪.‬‬
‫أهم انجازات االتحاد ‪:‬‬
‫عرف المكتب الوطني التحاد عمال التربية والتكوين نشاطا مكثفا تمثل في لقاءاته الدولية‬
‫والوطنية والجهوية ‪ ،‬وبمشاركاته المختلفة في ‪:‬‬
‫‪ -‬فعاليات مؤتمر نقابة االتحاد اإلسالمي الدولي للعمل بماليزيا ‪.‬‬
‫‪ -‬في إطار التعاون والتبادل مع المنظمة العالمية للتربية بوفد نسوي بتونس‬
‫‪ -‬في ملتقى المربيات النقابيات للمغرب العربي ‪.‬‬
‫‪ -‬لحض ور ملتقى مغ اربي (ت ونس ‪ ،‬الجزائ ر ‪ ،‬المغ رب) في المغ رب لتأس يس مس ابقة‬
‫مغاربية للشباب ما بين ‪ 15‬و ‪ 18‬سنة ‪ ،‬لكتابة مقال صحفي حول نظرتهم لمستقبل المغرب‬
‫العربي‪.‬‬
‫‪ -‬وطنينا إحياء اليوم العالمي للمعلم ‪ ،‬إضافة إلى شروعه في تقديم برنامجه العملي‪ ،‬حيث‬
‫تجسد في هيكلة و تأطير التنسيقيات الوطنية لكل األسالك ‪.‬‬
‫‪ -‬لتجس يد برنامج ه التكوي ني الخ اص بالعنص ر النس وي‪ ،‬ق ام االتح اد ب إجراء اللق اءات‬
‫التكويني ة الجهوي ة بالتع اون م ع مؤسس ة " فري دريش أب يرت " ‪ ،‬حيث ت وجت ه ذه اللق اءات‬
‫والنش اطات بحوص لة جمل ة من االنش غاالت نوقش ت عن د القي ام بلق اءات دوري ة م ع الم دراء‬
‫‪2‬‬
‫المركزيين مثال ‪ (.Contract de performance‬عقد النجاعة)‬
‫وأخيرا يمكننا القول إن من أهم التحديات التي تواجه النقابات في الوقت الحالي‪ ،‬كسب‬
‫االع تراف السياس ي بع د حص ولها على االع تراف الق انوني ‪ ،‬ص حيح أن ه تم قانوني ا االع تراف‬
‫بع دد كب ير من النقاب ات المس تقلة ‪،‬غ ير أن ه بالمقاب ل بقيت نقاب ات معين ة مع ترف به ا سياس ياً‪...‬‬

‫‪1‬‬

‫القانون الداخلي‪:‬اإلتحاد الوطني لعمال التربية و التكوين‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪10‬‬


‫‪ 2‬مجلة اإلتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ‪،‬مرجع السابق ‪ ،‬ص ‪03‬‬

‫‪131‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫أم ام ه ذا الوض ع يبقى على النقاب ة المس تقلة أن ترف ع تح دي التمثيلي ة ‪ ،‬فنف وذ ه ذه النقاب ات و‬
‫تمكنه ا من ف رض نفس ها كش ريك اجتم اعي ال غ نى عن ه‪ ،‬يم ر باالجته اد في كس ب ثق ة العم ال‬
‫لالنخراط بقوة عن طريق السعي بجد للدفاع عنهم وحمايتهم من كل تعسف يقعون ضحيته‬
‫في أماكن عملهم‪ ،‬و هذا بالرغم من كل العراقيل التي قد تض عها اإلدارة والمسيرون‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫لعرقلة هذا النشاط وتشويه صورة النقابات المستقلة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المرأة العاملة والمشاركة النقابية ‪.‬‬


‫‪ /1‬المشاركة النقابية ‪:‬‬
‫ظم ات والجماع ات على اهتم ام ع دد كب ير من‬
‫اس تحوذت مش كلة مش اركة الأف راد في المن ّ‬
‫الب احثين‪ ،‬وذل ك لأس باب متع ّددة‪ ".‬فبالنس بة إلى البعض‪ ،‬ومنهم روج ر ب اجيس (‪Roger‬‬
‫‪ ،)Pages‬يؤك د ان ه ينبغي أن تك ون ه ذه الدراس ة في إطاره ا السياس ي الن مش كلة مش اركة‬
‫سياسية بالدرجة األولى"‬
‫‪2‬‬
‫ّ‬ ‫ظمات مشكلة‬ ‫األشخاص في المجموعات والمن ّ‬
‫المتخصصين في علم النفس‬
‫ّ‬ ‫وقد استطاع االختصاصيون في العلوم اإلنسانية‪ ،‬وال سيما‬
‫االجتم اع ّي‪ ،‬أن يق دموا مس اعدة جلي ة للفك ر السياسيّ ‪ ،‬من خالل دراس ة معمق ة تن اولت شروط‬
‫الت وازن بين أنش طة األف راد اإلنتاجي ة أو االس تهالكية من جه ة‪ ،‬ومش اركتهم في تحدي د غاي ات‬
‫‪3‬‬
‫أنشطتهم وشروطها من جهة أخرى‪.‬‬
‫االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫ضرورية على المستوى‬
‫ّ‬ ‫الجماعي‬
‫ّ‬ ‫ومن ناحية أخرى فان المشاركة في العمل‬
‫اعي‪ .‬إذ أن األف راد ملزم ون ب أن يش اركوا في العم ل‬
‫من أج ل تحقي ق التغي ير السياس ّي واالجتم ّ‬
‫ألنه من مصلحتهم تحسين شروط عيشهم؛ فعدم مشاركتهم دليل على وجود مشكلة‬ ‫الجماعي ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫طيه ا‪ .‬لت أمين الح د األقص ى من الرقابة من قبلهم على وظ ائفهم‬
‫م ا‪ ،‬أو ح واجز ال ب ّد من تخ ّ‬
‫‪4‬‬
‫طوال حياتهم‪"..‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬وألسباب غير سياسيّة‬
‫ّ‬ ‫متخصصون في علم االجتماع وعلم النفس‬
‫ّ‬ ‫وقد درس‬
‫في الظاهر‪ ،‬ال بل علمية‪ ،‬مشكلة المشاركة من نواحي متعددة ‪:‬‬
‫‪ 1‬فضيلة عكاش ‪:‬تطور الحركة النقابية في الجزائر‪.،‬معالم عامة‪ ،‬د م ج‪،‬الجزائر‪2006،‬م‪ ،‬ص‪8‬‬
‫‪ 2‬غسان صليبي‪ ،‬مشاركة األعضاء في النقابات العمالية (الدليلـ النظري للنقابيين)ـ ‪ ،‬االتحاد الدولي للخدمات العامة‪ ،‬لبنان ‪ ، 1998‬ص ‪8‬‬
‫(نقال‬ ‫‪R.pages, « Notions et problèmes concernant la participation politique et le pouvoir , 1963, Nr. 4-5, P.5-14 3‬‬
‫عن المرجع السابق)‬
‫‪ 4‬غسان صليبي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪8‬‬

‫‪132‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ -‬متصـلة بدراسـة البيروقراطية ‪ :‬على غ رار وي بر (‪ )Weber‬وم يرتون (‪،)Merton‬‬


‫وسلزويك (‪ ،)Selzwick‬وغولدنر (‪ ،)Gouldmer‬وكروزيه (‪... )Crosier‬إلخ‬
‫‪ -‬متص لة بدراس ة س لوك الجماع ات والمنظّم ات ‪:‬على غ رار م ايو (‪ ،)Mayo‬ول وين (‬
‫‪ ،)Lewin‬ومورينو (‪ ،)Moreno‬وسيمون (‪ ،)Simon‬ومارش (‪ ،)March‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -‬متص ــلة باس ــتخراج مح ـ ّـددات المش ــاركة االجتماعي ــة والتنظيميةـ ‪ :‬حيث ط رح بعض‬
‫‪1‬‬
‫أساسي تعالجه جميع الدراسات‬
‫ّ‬ ‫الباحثين مشكلة المشاركة طرحاً مباشراً‪ ،‬على أنها موضوع‬
‫نفسية‬
‫وبالتالي تفهم على أنها إما متصلة بمشاكل سوسيولوجيّة عامة‪ ،‬أو متصلة بمشاكل ّ‬
‫ّ‬
‫ن المقص ود دائم ا ه و‬
‫شخص ية تتجلى في إط ار المجتم ع الكلي‪ ،‬في حين يجب أالّ ننس ى أ ّ‬
‫أي ضمن جماعة أو منظّمة‪ .‬وبالتالي وجود التفاعل والتواصل‪.‬‬ ‫المشاركة في عمل جماعي‪ّ ،‬‬
‫ظم ات على‬
‫وال يقتص ر دور الدراس ات النفس ية واالجتماعي ة ال تي تتن اول الجماع ات والمن ّ‬
‫المس اعدة في فهم التص رف االجتم اعي ال ذي تمثل ه المش اركة في العم ل الجم اعي‪ .‬فق د أج ريت‬
‫عقب أبح اث مورين و (‪ )Moreno‬ول وفين (‪ )Lewin‬وم ايو (‪،)Mayo‬وفي ه ذه الحال ة ال‬
‫تعتبر المشاركة ضرورة منهجية إلنجاز البحث فحسب‪ ،‬بل تبين الظروف واآلثار التي يحدثها‬
‫‪2‬‬
‫أي عمل في هذه المشاركة (‪.)action research‬‬
‫ظم ات بش كل ع ام‪ .‬وخالل ف ترة‬
‫جمي ع ه ذه المقارب ات ع الجت مس ألة المش اركة في المن ّ‬
‫مح ّددة من الت اريخ اكتس بت ه ذه المش كلة في المنظّم ات النقابيّ ة بع داً أهم‪ .‬وق د ي بين ف ونس (‬
‫ناعي بالنس بة إلى النقاب ات‪ ،‬أن‬
‫ّ‬ ‫‪ )Faunce‬في مع رض تحليل ه ألهمي ة علم االجتم اع الص‬
‫األولوي ة تتوج ه نح و االهتم ام‪ ،‬بص ورة أساس ية بدراس ة البني ة الداخلي ة للرقاب ة في النقاب ات‪،‬‬
‫واله دف من ذل ك تحدي داً‪ ،‬ه و التع رف على م دى مش اركة األعض اء في نق ابتهم وممارس تهم‬
‫ي عدد كبير من الدراسات حول المشاركة في النقابات‪ ،‬وغالب اً ما اهتم‬ ‫الرقابة عليها‪ .‬وقد ِ‬
‫أجر َ‬
‫‪3‬‬
‫في البحث بالمشكلة بحد ذاتها‪.‬‬
‫ويمكن أن يفسَّر ه ذا االهتم ام بمش كلة المش اركة‪ ،‬بمحاول ة الب احثين الرف ع من مس توى‬
‫الوعي المهني للعمال‪ ،‬فبالرغم من االستغالل الذي يعيشونه‪ ،‬وشروط العمل القاسية وشروط‬

‫‪ 1‬المرجع السابق ص‪9‬‬


‫‪ 2‬المرجع السابق ص‪6‬‬
‫‪Spinard, W, “correlates of Trade Union Participation: a summary of the literature”, American sociology 3‬‬
‫‪( .review, 25 April, 1960, PP. 237-244‬نقال عن المرجع السابق)‬

‫‪133‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫العيش الصعبة‪ ،‬إال أنهم ال يبذلون الجهد المطلوب من أجل تأمين مشاركة أفضل في تنظيماتهم‬
‫بحد ذاته‪ ،‬بل هي وسيلة تسمح ببلوغ مجتمع أفضل‪،‬‬
‫النقابية ‪ ،‬الن المشاركة ليست هدفاً قائماً ّ‬
‫أكثر ديمقراطية وعدالة‪ ،‬وأقل بيروقراطية‪.‬وفي نفس الوقت تحقق الهدف وتؤدي إلى المعالجة‬
‫‪1‬‬
‫النفسية‪ ،‬والتدريب المستمر على أوجه مختلفة‪..‬‬
‫ولكي تك ون ه ذه المش اركة ممكن ة‪ ،‬يجب على الأش خاص أن يكون وا أك ثر تح رراً ‪ ،‬وأق ل‬
‫خضوعاً لسلطة الأهل وأرباب العمل وأكثر وعياً لمصالحهم‪..‬‬
‫ا‪/‬المشاركة النقابية في المجتمع الصناعي االوربيـ ‪:‬‬
‫وفق اً لأالن ت وران (‪ ، )Alain Touraine‬م ّر العص ر الص ناعيّ بثالث ة نم اذج تنظيميّ ة‬
‫تكنولوجية ومهنيّة‪:‬‬
‫ّ‬
‫أ العمل المؤهل والمتعدد الكفاءات‬
‫ب العمل الممكنن( من ماكنة) والشديد التخصّص‬
‫ج مراقبة العمل اآللي‪.‬‬
‫ويقابل هذه النماذج الثالثة ثالثة أطوار صناعية أطلق عليها توران تسميات الطور أ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫والطور ب‪ ،‬والطور ج‪.‬‬

‫وفي ما يلي تلخيص للعالقة بين مراحل رأسمالية المجتمع الغربي والمشاركة النقابية ‪:‬‬
‫جدول رقم (‪ )11‬العالقة بين مراحل رأسمالية المجتمع الغربي والمشاركة النقابية‪.‬ـ‬

‫‪1‬‬

‫‪A. Tannenbaum, “la participation aux activités syndicales », sociologie du travail, Juin 1960, P. 141-150‬‬
‫‪A. Tourain, “L’organisation professionnelle de l’entreprise”, , opcit, T, 1P. 387 - 427 2‬‬

‫‪134‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المشاركة‬ ‫حجم الجماعة‬ ‫معدل‬ ‫االنديولويجا‬ ‫التنظيم‬ ‫االتصال‬ ‫التنظيم‬ ‫المتغيرات‬


‫االنتساب إلى‬ ‫النقابية‬ ‫النقابي‬ ‫بالعمال‬ ‫التكنولوجي‬
‫النقابات‬ ‫والمهني‬ ‫أطوار‬
‫الرأسمالية‬
‫درجة عالية‬ ‫متوسط‬ ‫ارتفاع معدل‬ ‫استرجاع وسائل‬ ‫نقابة المهنة‬ ‫اتصاالت‬ ‫العمل الماهر‬ ‫أ‬
‫من‬ ‫وصغير‬ ‫االنتماء الى‬ ‫الإنتاج ورفض‬ ‫مسهلة بالتبادل‬ ‫المتعدد الكفاءات‬
‫المشاركة‬ ‫النقابة‬ ‫البرلمانيّة‬ ‫بين مراكز‬
‫الإنتاج‬
‫تدني درجة‬ ‫كبير‬ ‫انخفاض‬ ‫السياسي‬
‫ّ‬ ‫النضال‬ ‫اتحاد‬ ‫صعوبة‬ ‫عمل مؤتمت (‬ ‫ب‬
‫المشاركة‬ ‫معدل‬ ‫واالنتخابي‬
‫ّ‬ ‫صناعي‬ ‫االتصال بفعل‬ ‫‪)automatique‬‬
‫االنتماء الى‬ ‫ومركزيّة‬ ‫تنظيم العمل‬ ‫شديد التخصص‬
‫النقابة‬ ‫بيروقراطية‬
‫ّ‬ ‫المجزأ‬
‫ارتفاع‬ ‫صغير‬ ‫ارتفاع معدل‬ ‫مراقبة تسيير‬ ‫نقابة‬ ‫تسهيل‬ ‫مراقبة العمل‬ ‫ج‬
‫درجة‬ ‫ومتوسط‬ ‫االنتماء الى‬ ‫المؤسّسة‬ ‫المؤسسة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫االتصال بفعل‬ ‫المؤتمت‬
‫المشاركة‬ ‫النقابات‬ ‫المركزية‬
‫ّ‬ ‫تنظيم العمل‪:‬‬
‫العمل ضمن البيروقراطيّة‬
‫الفريق‬
‫المتقدمة)‬
‫ّ‬ ‫حاليا البلدان‬
‫تميز ً‬ ‫ما بعد الصناعية والتي ّ‬ ‫(لن يشمل هذا القسم المرحلة‬

‫ب‪ /‬المجتمع الكلي والمشاركة ‪:‬‬


‫حسب ّأول قانون لهومنس (‪ )Homans‬الوارد في أعماله حول المجموعات " تضطر‬
‫الي‪،‬‬
‫ييس ر له ا س لوكها ه ذا العيش‪ .‬وبالت ّ‬
‫ك ل مجموع ة الى العيش في محي ط معين‪ ،‬ويجب أن ّ‬
‫‪1‬‬
‫تحدد هذه الضرورة‪ ،‬بصورة جزئية ‪ ،‬التنظيم الداخلي للجماعة ‪ ،‬بصورة تتالءم مع وضعها"‬
‫ظم ات عليها فحسب‪ .‬بل تتعداها لترتبط بالمجتمع الكليّ‬
‫لذلك ال تتوقف المشاركة في المن ّ‬
‫الذي يعمل فيه التنظيم‪ .‬ويمكن أن تتمثل هذه التبعية بصورة مبسطة بشكلين‪:‬‬
‫‪ -‬التبعية غير المباشرة التي تعزى إلى التفاعل بين المجتمع الكليّ والمنظّمة التي تعمل‬
‫فيه‪.‬‬
‫‪ -‬التبعي ة المباش رة ال تي تع زى إلى التفاع ل بين األف راد األعض اء في المنظّمة‬
‫‪2‬‬
‫ومجتمعهم‪".‬‬

‫‪1‬‬

‫‪R. Muchielli, la dynamique de groupe, ed. ESF, 1980, p. 34‬‬

‫‪2‬‬

‫غسان صليبي مرجع سابق ‪ ،‬ص‪12‬‬

‫‪135‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫كل مجهود للتنظيم‬


‫وال يسهل التمييز بين شكلي هذه التبعية ألنهما بدورهما مترابطان‪ ،‬ف ّ‬
‫جتماعي ة‪ ،‬إلخ‪ .‬كما‬
‫ّ‬ ‫يصب في إطار عام تشكله ضغوطات المحيط‪ :‬اإلقتصاديّة‪ ،‬والقانونيّ ة‪ ،‬والا‬
‫يف رض التش ريع نظام اً داخلي اً يحت وي على عناص ر بني ة رس ميّة ومجموع ة أنظم ة قانونيّ ة‬
‫‪1‬‬
‫وموجبات خاصة باألعضاء "‪.‬‬
‫ويمكن أالّ تس مح موجب ات عيش المجموع ة في محيطه ا إالّ بمنظّم ة واحدة‪ ،‬وبن وع واح د‬
‫ائي‪ .‬و"علين ا الي وم إكتش اف‪ ...‬أهمي ة‬
‫من العالق ات المتداخل ة‪ .‬فالمنظّم ات إذاً ليس ت بكي ان نه ّ‬
‫ظم ات‪ ،‬والمنش آت‪ ،‬والمؤسس ات االجتماعي ة‪ ،‬وفي ال وقت‬ ‫ونس بية اس تقاللية الجماع ات‪ ،‬والمن ّ‬
‫نفس ه ااكتش اف أن ه ذه المجموع ات هي دائم اً غ ير نهائيّ ة‪ ،‬وغايته ا تكمن في مك ان آخ ر‪ ،‬في‬
‫‪2‬‬
‫المجتمع الكليّ‪ ،‬وفي التاريخ"‪.‬‬
‫والمهنية والمشاركة ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫ج‪ /‬التجربة‬
‫سيما‬
‫العمال في نقاباتهم ‪ ،‬من خالل تجربتهم ال ّ‬
‫يتجلّى تأثير المجتمع الكلّي على مشاركة ّ‬
‫والمهنية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫في إطار حياتهم‬
‫فلق د ت بين من الدراس ات العدي دة ال تي أج ريت ح ول ت أثير الجماع ات االنتمائي ة على‬
‫الطبقي ‪ ،‬والعائل ة ‪ ،‬ومك ان‬
‫ّ‬ ‫الوعي‬
‫ّ‬ ‫ابي تت أثر ب‬
‫النقابي ة‪ ،‬أن المش اركة في العم ل النق ّ‬
‫ّ‬ ‫المش اركة‬
‫االختيارية ‪ ،‬وأصدقاء األجراء خارج المؤسسة التي يعملون فيها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والجمعيات‬
‫ّ‬ ‫إقامة األجراء ‪،‬‬
‫راسخا شاركوا في النقابات‪.‬‬
‫ً‬ ‫الطبقي عند األجراء‬
‫ّ‬ ‫الوعي‬
‫ّ‬ ‫فكلما كان‬
‫وكلم ا ك انت مواق ف عائل ة األج ير إيجابي ة نح و النقاب ة ش ارك في النقاب ات‪ ،‬وك ذلك كلم ا‬
‫الداخلية قليلة ‪ ،‬شارك في النقابات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العائلية‬
‫ّ‬ ‫كانت اهتمامات األجير باألمور‬
‫وكلم ا ك ان‪ :‬مكان إقام ة األج ير في المدين ة ‪ ،‬مك ان اإلقام ة قريب اً من مق ر العم ل ‪ ،‬مؤلف اً‬
‫عمالية متجانسة ‪ ،‬زادت المشاركة في التنظيمات النقابية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من جماعات‬
‫والجمعي ات ش ارك في‬
‫ّ‬ ‫الجمعي ات االختياري ة ك النوادي‬
‫ّ‬ ‫وكلم ا انتمى األج ير إلى بعض‬
‫النقابات‪.‬‬
‫وأخيراً كلما كان لألجير أصدقاء خارج المؤسسة وكان موقف هؤالء األصدقاء إيجابي اً‬
‫‪3‬‬
‫نحو النقابة زادت المشاركة في النقابة‪.‬‬

‫‪.A.Muchielli, psychologie sociale des organizations, ed. ESF, 1977, P. 27 1‬‬


‫‪.G. Lapassade, groupes, organisations, institutions, Bordas, Paris 1974, P.124 -125 2‬‬
‫‪3‬‬

‫‪136‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫االقتصادية والمشاركة ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫د‪ /‬المؤسسة‬
‫االقتصادية التي يعمل فيها األجراء لها تأثيرها‬
‫ّ‬ ‫المؤسسة‬
‫ّ‬ ‫إن العوامل التي تدخل في إطار‬ ‫ّ‬
‫الحياتي ة التي يعيشها‬
‫ّ‬ ‫النقابية التي ال يمكن أن تُفهم إالّ على ضوء التجربة‬
‫ّ‬ ‫أيضاً على المشاركة‬
‫األجير في عمله‪.‬‬
‫مية‬
‫المؤسس ة ‪ ،‬وقلّ ة االتّص االت بين األج راء ‪ ،‬والعالق ات الرس ّ‬
‫ّ‬ ‫إن تقس يم العم ل في‬‫"ّ‬
‫ؤدي إلى ع زل األج راء‬
‫الداخلي ة‪ ،‬ك ل ه ذه األم ور يمكن أن ت ّ‬
‫ّ‬ ‫المح ددة ال تي تفرض ها األنظم ة‬
‫بعض هم عن بعض ‪ ،‬والى جع ل ك ل منهم يس عى إلى تحقي ق مص الحه الخاص ة على حس اب‬
‫ابي‪ ،‬ه ذه‬
‫لبي كب ير على حجم المش اركة في العم ل النق ّ‬
‫المجموع ة‪ .‬وله ذه العوام ل ت أثير س ّ‬
‫‪1‬‬
‫وتضامنا بين األجراء‪".‬‬
‫ً‬ ‫المشاركة التي تفترض تفاعالً‬
‫إن لعدد العاملين في المؤسسة تأثير كبير على نسبة المشاركة النقابية ‪ ،‬فكلما كبر حجم‬
‫الجماع ة داخ ل المؤسس ة االقتص ادية مثال قلّت التف اعالت بين الف رد والمجموع ة‪ ،‬وبالت الي‬
‫تنخفض مشاركة هذا الفرد في أعمال هذه المجموعة ‪ .‬ومن جهة ثانية لقد اعتبر أحد الباحثين‬
‫أن‬
‫يظن ّأوالً ّ‬
‫أن الف رد في المجموع ة الكب يرة ال يج د م ّبرراً لمش اركته في النقاب ات‪ .‬فه و ّ‬
‫مشاركته أو عدم مشاركته لن تغير شيئاً في عمل النقابات‪.‬‬
‫كم ا أن مش اركته في ح ال حص ولها‪ ،‬س وف تأخ ذ الكث ير من وقت ه ومن جه ده دون أن‬
‫افياً ‪ ،‬فه و س وف يس تفيد من م ا تحقق ه النقاب ة س واء ش ارك في أعماله ا أم لم‬
‫تكس به ش يئاً إض ّ‬
‫يشارك‪.2‬‬
‫المؤسسة‬
‫ّ‬ ‫وأخيراً‪ ،‬يمكن القول إن اغلب المشاركين في النقابات أصدقاء فيما بينهم داخل‬
‫أك ثر من غ يرهم ‪ ،‬وأن ه ؤالء المش اركين هم ع ادة نش يطين وف اعلين في جماع ة العم ل ال تي‬
‫اإلنسانية واالجتماعية داخل مؤسسة العمل من‬
‫ّ‬ ‫يعملون فيها‪ ،‬ومنه يتبين لنا عندئذ كم للعالقات‬
‫النقابي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تأثير على المشاركة في العمل‬
‫هـ‪ /‬الثقافة والمشاركة ‪:‬‬

‫غسان صليبي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪26‬‬


‫‪Georges Gurwitch, la vocation actuelle de la sociologie, TI, PUF, 1950, PP. 120-121 1‬‬
‫‪2‬‬

‫‪Albert Meister, La participation dans les associations, ed Ouvrières, Paris 1974P51‬‬

‫‪137‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ردات الفع ل الفرديّ ة حي ال المش اركة النقابي ة‪ ،‬حس ب األط ر‬


‫يمكن أن نالح ظ اختالف اً في ّ‬
‫الثقافية حيث يمكن تسجيل نوعين من المالحظات ‪:‬‬
‫ّ‬
‫بحس ب م ا أش ار إلي ه كرزي ه (‪ )Crozier‬يمكن أن يعت بر ع دم المش اركة س لوكاً‬ ‫‪-‬‬
‫مرضياً في مجتمع يعتبر فيه إثبات استقالليّة الشخص قيمة بحد ذاتها‪.‬‬
‫ْ‬
‫‪ -‬ولكنّه يرى في دراسة أخرى أنّ العالقات بين الطبقات الشعبيّة والقادة في النقابات ‪،‬‬
‫تتوق ف على الظ روف الاجتماعي ة والثقافي ة في مختل ف البل دان ال تي تق وم فيه ا تل ك‬
‫‪1‬‬
‫النقابات‪.‬‬
‫ف األجواء المختلف ة ال تي يمكن أن تس ود الحرك ات العماليّ ة في مختل ف ال دول الغربيّ ة‬
‫تنطب ق‪ ،‬على ح ّد قول ه‪ ،‬على نق اط التب اين بين الثقاف ات ال تي تش ارك فيه ا تل ك الحرك ات‪ .‬فعلى‬
‫سبيل المثال‪ ،‬إن طابع الشكليّة الذي تتسم به النقابات األنجلوسكسونيّة‪ ،‬وتقيّ دها غير المشروط‬
‫عتباطي ة الفوض ويّة والتس لّطية ال تي تس ود‬
‫ّ‬ ‫بالمراع اة الص ارمة لقواع د اللعب ة‪ ،‬يتع ارض م ع الا‬
‫الاجتماع ات والم ؤتمرات في البل دان الالتيني ة‪ .‬ويش ير الباس اد (‪ )Lapassade‬إلى أن إرادة‬
‫القاعدة في المشاركة واإلدارة تتضاءل كلّما تضاءل اإلكراه والتس لّط في العمل‪ ...‬ويضيف أن‬
‫خب ير العل وم االجتماعي ة يس تطيع أن يكتشف ه ذه الظ اهرة في المجتمع ات البيرقراطيّ ة بك ل‬
‫‪2‬‬
‫بساطة‪.‬‬
‫‪ -2‬ظاهرة عزوف المرأة العاملة عن ممارسة العمل النقابي‪.‬‬
‫ال يمكن دراسة واقع عمل المرأة النقابي بشكل عام ومجرد عن الظروف التي تعيشها‪،‬‬
‫حيث تختلف الظروف الموضوعية المتاحة من مكان إلى آخر‪ ،‬ويتمتع كل بلد بخصوصية في‬
‫بيئت ه االقتص ادية واالجتماعي ة ومس توى ال وعي السياس ي والثق افي‪ ،‬األم ر ال ذي ينعكس على‬
‫تط ور وعي الم رأة ونموه ا ‪ ،‬واالنفت اح على تهيئ ة الظ روف ال تي تس مح ب االنخراط في العم ل‬
‫النق ابي‪ ،‬وال يخفى م ا للعام ل ال ذاتي ل دى الم رأة من ت أثير على مش اركتها بك ل أبعاده ا و‬
‫ش موليتها‪ ،‬واختالف مكون ات ه ذا العام ل من بل د إلى آخ ر ومن ام رأة إلى أخ رى‪ ،‬فوعيه ا‬
‫وتأهيله ا العلمي‪ ،‬وثقافتها‪ ،‬ونضوجها الفكري يؤهلها للمش اركة في أداء أي عمل ‪ ،‬إال أن هذا‬

‫‪1‬‬
‫‪Claude Levy, Leboyer, psychologie des organisations, PUF, P187‬‬
‫‪2‬‬
‫‪M. Crozier “sociologie du syndicalisme”, T2, 1970, P. 180‬‬

‫‪138‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ال ينفي وجود قواسم مشتركة بين مختلف البلدان التي يجمعها تراث مشترك أو لغة مشتركة أو‬
‫حضارة واحدة‪ ،‬كما هو الحال في الوطن العربي‪.‬‬
‫"كم ا أن بعض الموروث ات الثقافي ة تق ف عائق ا في س بيل تق دم الم رأة و ممارس تها لبعض‬
‫الوظائف واألعمال ‪ ،‬والترقية المهنية واإلدارية‪ ،‬فتؤدي أحيانا إلى الفصل بين النساء والرجال‬
‫في بعض الوظ ائف‪ ،‬وعلى س بيل المث ال ف ان س يادة بعض الق والب النمطي ة في المجتم ع ي ؤدي‬
‫إلى خمول المرأة و ضعفها و خجلها و عدم التزامها أحيانا بأنظمة العمل الخاصة ‪ ،‬وتعارض‬
‫طبيعته ا م ع مس ؤوليات القي ادة‪ ،‬على اعتب ار أن الوظ ائف القيادي ة تحت اج إلى خص ال ذكوري ة‬
‫كالعدواني ة والتنافس ية والحس م والش دة‪ ،‬وتس تبعد خص ال االجته اد والتع اون والص دق والص بر‬
‫والنزاهة من شروط شغل الوظائف القيادية‪ ،‬مع أن جميع هذه الخصال هي صفات إنسانية ال‬
‫تتوقف كثيرا على نوع الجنس‪.‬‬
‫وتجبر الثقافة السائدة النساء‪ -‬في كثير من األحيان‪ -‬على هجر العمل المأجور واالكتفاء‬
‫بالحياة العائلية‪ ،‬أو تؤدي بها الختيار العمل الجزئي لبعض الوقت‪ ،‬مما يدعم حرمان النساء من‬
‫‪1‬‬
‫فرص عديدة "‬

‫"ولتف ادي الت أثير الس لبي له ذه الق والب تمت مجه ودات معت برة لجلب الم رأة نح و العم ل‬
‫النق ابي‪ ،‬فعلى س بيل المث ال انخ رطت الم رأة البحريني ة في النقاب ات العمالي ة م ؤخرا(في ‪24‬‬
‫سبتمبر ‪2002‬م) وقد بلغ عدد النقابات التي تشكلت حتى سبتمبر ‪2003‬م حوالي ‪ 36‬نقابة‪5 ،‬‬
‫نقابات منها ترأسها نساء ‪ ،‬وهي نقابة الفندقة والتموين ونقابة األسـواق الحرة ونقابة عامالت‬
‫مص انع المالبس والنس يج ونقاب ة ‪ EDS‬لدول ة الخليج‪ .‬وتش كل الم رأة نس بة ص ئيلة ح والي ‪5‬ر‬
‫‪1‬‬

‫تقرير المرأة العربية ‪ ،‬اتجاهات وإحصاءات‪ ،‬الصادر عن اللجنة االقتصادية واالجتماعية لغربي آسيا‪ ،‬نيويورك ‪ ،2004‬ص ‪ ،27‬جدول ‪13‬‬

‫‪139‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫‪ %12‬من أعضاء مجالــس إدارة النقابات وتوصلت امرأة واحدة فقط إلى مجلس إدارة االتحاد‬
‫‪1‬‬
‫العام لنقابـات عمال البحرين"‬
‫وفي الجزائر هناك برامج خاصة‪  ‬لفائدة‪  ‬النساء النقابيات‪  ،  ‬و ملتقيات‪ ‬متعددة تهدف‬
‫إلى‪  ‬التعري ف ب الحقوق‪  ‬المهني ة للم رأة‪  ‬في التش ريع‪  ‬الوط ني واإلتفاقي ات الدولي ة ‪ ،‬باإلض افة‬
‫للوق وف‪  ‬وباألرق ام على‪  ‬وض عية الم رأة العامل ة‪  ‬النقابي ة‪ ، ‬قص د وض ع إس تراتيجية‪  ‬لجلب‬
‫‪2‬‬
‫النساء‪  ‬العامالت في النقابة ‪.‬‬
‫"لذلك فدمج المرأة في العمل النقابي يتم على عدة مستويات أهمها ‪:‬‬
‫المســتوى األول ‪ :‬يتمث ل ب التثقيف والتوعي ة والت دريب للنس اء الع امالت‪ ،‬وتع ريفهن‬
‫بحقوقهن القانونية والنقابية ‪ ،‬وضرورة مشاركتهن في العمل النقابي تقوية للحركة العمالية ‪،‬‬
‫وخل ق قي ادات نقابي ة جماهيري ة ق ادرة على الت أثير من أج ل ال دفاع عن مص الح الع امالت ‪،‬‬
‫وتنظيمهن في لجان عمالية تعتبر حجر الزاوية في التنظيم النقابي‪.‬‬
‫المســتوى الثــاني‪ :‬يتمث ل بس ن التش ريعات والق وانين وتطبيقاته ا‪ ،‬و ممارس ة الض غوط‬
‫الكب يرة من أج ل إص دار ق انون نقاب ات ع ادل‪ ،‬يص ون حري ة التنظيم النق ابي للع امالت والعم ال‬
‫على ح د س واء ودون تمي يز ‪ ،‬والض غط من أج ل تنفي ذ الق وانين ال تي تنظم العالق ة بين أط راف‬
‫العم ل الثالث ة " الطبق ة العامل ة ‪ ،‬أص حاب العم ل والدول ة "‪ ,‬وتفعي ل دور مفتش ي العم ل لض مان‬
‫تطبيق حقيقي لبنود القانون ‪ ،‬إضافة إلى متابعة إصدار القوانين‪ ،‬وتعديل ما هو مجحف منها‬
‫بحق الطبقة العاملة ‪...‬‬
‫المس ــتوى الث ــالث ‪ :‬يتمث ل في إتب اع التقالي د الديمقراطي ة داخ ل التنظيم ات النقابي ة‬
‫المختلف ة ولتحقي ق ذل ك يجب العم ل على إج راء انتخاب ات ح رة ونزيه ة ‪ ،‬والعم ل على ترس يخ‬
‫اس تقاللية العم ل النق ابي بم ا يخ دم مص الح الطبق ة العامل ة دون تمي يز‪ ،‬و رس م سياس ات تع زز‬
‫مشاركة المرأة في العمل النقابي ‪ ،‬والعمل على تفعيلها باستمرار" ‪.3‬‬

‫‪ : 3‬معيقات مشاركة المرأة العاملة في العمل النقابي‬

‫‪1‬‬

‫منشورات األمم المتحدة ‪ ced aw/c/bhr/2‬اتفاقية القضاء على كل إشكال التمييز ضد المرأة ‪ 17/11/2007‬ص‪70‬‬
‫‪ 2‬لقاء مع النقابية ح‪ /‬قدوس ‪ ،‬بوابة المراة ‪www.womengateway.com ،‬‬
‫‪ 3‬انظر صوت النساء ‪ ،‬فلسطين السنة الثامنة ‪ ،‬العدد ‪ ، 206‬الخميس ‪30/12/2004-‬‬

‫‪140‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ال ترتب ط الص عوبات والمعوق ات ب انخراط الم رأة في العم ل النق ابي وحس ب وإ نم ا في‬
‫االلتحاق بالعمل نفسه ‪ ،‬ومنها نذكر‪:‬‬
‫‪ -1‬ةعدم توفير فرص عمل مناسبة للنساء ‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم تشكيل لجان للمرأة في النقابات منذ بدء تزايد التحاق المرأة بالعمل‪ ،‬لتساعد على‬
‫استقطاب النساء لعضوية النقابات ‪.‬‬
‫‪ -3‬الدور القاصر لمعظم اللجان النقابية في نشر الوعي النقابي بين صفوف العمال بشكل‬
‫عام والنساء بشكل خاص‪.‬‬
‫‪ -4‬النظ رة القاص رة لمش اركة الم رأة وتق دمها وتحرره ا والتلف ظ بعب ارات جارح ة من قب ل‬
‫لبعض يتسبب بعزوف النساء عن المشاركة ‪.‬‬
‫‪ -5‬األعباء اإلضافية التي تتحملها المرأة على عاتقها‪ ،‬ومشقة الجمع بين المسئولية األسرية‬
‫والعم ل حيث تص يبها بحال ة من اإلحب اط ‪ ،‬وتجعله ا تحجم عن أي مش اركات لع دم زي ادة تل ك‬
‫األعباء‪.‬‬
‫‪ -6‬معظم الع امالت من األمه ات ال يج دن دور الرعاي ة ألطف الهن من الحاض نات أو ري اض‬
‫األطف ال ‪ ،‬وبالت الي ت زداد مط البتهن باإلج ازات أو ح االت االس تئذان للخ روج من العم ل مم ا‬
‫يضعهن محل اتهام بالتقصير في العمل‪.‬‬
‫‪ -7‬بع د مراف ق العم ل عن أم اكن س كن الع امالت يجعلهن يع زفن عن المش اركة في أي ة‬
‫نشاطات أو فعاليات خاصة عند عدم توفر وسائل المواصالت المناسبة‪.‬‬
‫‪ -8‬قلة أو انعدام عدد النساء في مواقع صنع القرار في األجهزة اإلدارية أو النقابات يؤثر‬
‫سلبا في تأكيد النساء لحقوقهن ‪ ،‬أو تمكنهن من تحقيق مكاسب لهن‪.‬‬
‫‪ -9‬ع دم ثق ة النس اء ببعض هن أو غ يرتهن من البعض اآلخ ر‪ ،‬ق د ي ؤثر س لبا في الوص ول‬
‫لمواقع قيادية ‪ ،‬بسبب عدم انتخابهن ‪ ،‬وضياع الفرص على النساء بسبب تدني مستوى الوعي‪.‬‬
‫‪ -10‬وي أتي أخ يرا حص ول الم رأة على امتي ازات نص عليه ا الق انون مث ل أج ازات الوض ع‪،‬‬
‫وتخفيف ساعات العمل أثنا الحمل‪ ،‬وفترة اإلرضاع‪ ، ‬مما يجعل بعض المسئولين يقللون من‬
‫ش أنها بس بب تغيبه ا عن العم ل في تل ك الف ترات ‪ ،‬فيتول د ل ديها ش عور باإلحب اط‪ ،‬والخ وف من‬

‫‪141‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫المواجه ة ‪ ،‬واإلحج ام عن المطالب ة لت ولي المناص ب القيادي ة ‪،‬والوص ول إلى مواق ع ص نع‬
‫‪1‬‬
‫القرار‪...‬‬
‫ومن ج انب آخ ر‪ ،‬يمكن تحمي ل الحرك ة النقابي ة كام ل المس ؤولية عن تهميش و تغ ييب‬
‫المرأة عن العمل النقابي‪ ،‬كونها لم تحرك ساكناَ على صعيد تفعيل الدور النسوي في النقابات ‪،‬‬
‫لكن ه ذا ال يع ني إعف اء الجمعي ات النس وية من التقص ير و اإلهم ال لع دم إعطائه ا أهمي ة بالغ ة‬
‫للعمل النقابي ‪ ،‬فهي لم تقم بحمالت ضغط على النقابات من أجل ضمان حصة للتمثيل النسائي‬
‫في العم ل النق ابي ‪ ،‬لكي تك ون قض ايا الم رأة العامل ة جزء ال يتج زأ من أولوي ات ومص الح ه ذه‬
‫الطبقة ‪.‬‬
‫ا‪/‬نتائج الغياب‪:‬‬
‫يؤدي غياب و إقصاء المرأة عن ممارسة العمل النقابي إلى تغييب قضايا المرأة النقابية‬
‫و المطلبية عن برامج النقابات ‪ ،‬فال يستطيع الذكور مهما أوتوا من قدرة على تمثيل هموم و‬
‫مص الح الم رأة و مطالبه ا ‪ ،‬كم ا أن غي اب الم رأة أفق د العم ل النق ابي زخم اَ و فعالي ة القط اع‬
‫النس وي العام ل ال ذي يع اني هموم اَ تتق اطع م ع هم وم القط اع العم الي و المه ني ‪ ،‬و ل ه‬
‫خصوصية‪ ،‬حيث يعاني من التمييز الحقوقي و المالي ‪ ،‬و يجري استغالله و تحديداَ في القطاع‬
‫غير المنظم ‪ ،‬كالعامالت في الزراعة أو السكرتيرات و الممرضات و خادمات البيوت ‪...‬‬
‫ك ذلك نتيج ة غي اب الم رأة عن نقاباته ا أدى و س يؤدي بالض رورة إلى غيابه ا عن العم ل‬
‫العام الوطني و االجتماعي ‪ ،‬مما أفقد الحركة الوطنية و السياسية الزخم الجماهيري ‪.‬‬
‫إن عدم مشاركة المرأة النقابية يعكس عدم مشاركتها في الجدل الدائر حول قوانين تمسها‬
‫و ذات صلة مع شأنها اليومي الحياتي و المادي ‪.‬‬
‫و يبدأ الضرر من أصغر مكونات المجتمع أال وهي األسرة انتهاءا بالهيئات القيادية التي‬
‫تص نع ق رارات المجتم ع ‪ .‬فق د تض ررت مص الح النس اء نتيج ة ه ذا الغي اب فأص بحت الم رأة‬
‫العاملة هي األكثر عرضة لالستغالل في قطاعات العمل المختلفة ‪ ،‬سواء الخاصة أو العامة ‪،‬‬
‫من حيث التمييز في التوظيف واألجور والترقيات ‪ ،‬وعلى مستوى القوانين أيضاً ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫أحمد عاطف حسن ‪ ،‬المشكالت التي تواجهها المرأة العاملة وكيفية مواجهتها في ظل المتغيرات الدولية ‪ ،‬منشورات الدار القومية‪ ،‬القاهرة ‪ 1985 ،‬ص‬
‫‪81‬‬
‫‪2‬‬

‫د‪ .‬رشاد عبد اللطيف ‪ ،‬قضايا المرأة ‪ ،‬نقال عن الموقع ‪www.egkw.com‬‬

‫‪142‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫ب‪/‬آليات تفعيل المشاركة ‪:‬‬


‫هناك حاجة ماسة إلى تفعيل مشاركة المرأة في العمل النقابي خاصة بعد ارتفاع وتيرة‬
‫االستغالل الذي تتعرض له الطبقة العاملة بشكل عام‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالمرأة فالحاجة مضاعفة واإلصرار كبير لخوض النضال من خالل تمكين‬
‫النساء العامالت بمهارات القيادة والتفاوض‪ ،‬والعمل على قاعدة الشراكة من اجل تحقيق هذه‬
‫المش اركة و تفعيله ا ‪ ،‬وخاص ة في ظ ل ع دم اس تقاللية النقاب ات العمالي ة‪ ،‬وتحج ر هياكله ا‬
‫التمييزية ضد المرأة ‪ ،‬وعدم ديمقراطيتها و لتفعيل المشاركة يمكن االهتمام بما يلي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ض رورة التوج ه إلج راء عملي ات توعي ة و تثقي ف مجتمعي للنس اء تحدي داَ بأهمي ة‬
‫المشاركة النقابية انتسابا و فعالَ وإ براز مردودها على المرأة بمكاسب مادية و معنوية ‪.‬‬
‫‪ 2‬ضرورة التوجه إلجراء انتخابات في عموم النقابات ‪ ،‬يسبقها حملة مشاركة تستهدف‬
‫خالله ا الم رأة العامل ة الس تقطابها على أس اس برن امجي ‪ ،‬و دفعه ا للترش ح لعض وية الهيئ ات‬
‫القيادية بمستوياتها المختلفة ‪.‬‬
‫‪ 3‬إعط اء ف رص حقيقي ة للنس اء لالنخ راط في العم ل النق ابي‪ ،‬و المش اركة في الهيئ ات‬
‫المقررة على صعيد إقرار السياسات و آلية رسم القرار ‪.‬‬
‫‪ 4‬إظهار البعد النقابي في آليات العمل اليومي ‪ ،‬وإ عطاء العمل النقابي أهمية عبر تفعيل‬
‫دور األعضاء في النقابات ‪.‬‬
‫‪ 5‬العم ل على توعي ة وت دريب النس اء بأهمي ة وض رورة مش اركتهن في الحي اة النقابي ة ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫لضمان حقوقهن ‪ ،‬والدفاع عنها ‪ ،‬والعمل على تطويرها أيضاً "‬
‫إن اغلب النس اء الع امالت ق ادرات وبش كل فع ال على خ وض معرك ة العم ل النق ابي ‪،‬‬
‫فهن اك نم اذج نس وية ق ادرة على خ وض الحي اة النقابي ة في ح ال ت وفر بيئ ة داعم ة لهن ‪ ،‬حيث‬
‫أثبتن ج دارة و كف اءة متم يزة ‪ ،‬و ب رعن في العم ل النق ابي ‪ ،‬إال أنهن تركن ه بس بب الص عاب و‬
‫العقبات التي وضعت في طريقهن‪..‬‬

‫‪1‬‬

‫انظر صوت النساء ‪ .،‬السنة الثامنة ‪ ،‬العدد ‪ ، 206‬فلسطين الخميس ‪30/12/2004-‬‬

‫‪143‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫خالصة الفصل الرابع‬

‫نؤك د م رة أخ رى ‪ ،‬أن النقاب ة تش كل إح دى التنظيم ات االجتماعي ة ال تي تكتس ي أهمي ة‬


‫وتأثيرا اجتماعيين ‪ ،‬حيث تتضح فوائدها بزيادة أهمية العمل نفسه ‪ ،‬و ال نبالغ في هذا اإلطار‬
‫إذا قلنا إن العمل النقابي هو من المؤشرات األساسية التي تعكس مستوى األوضاع االجتماعية‬
‫و االقتص ادية و السياس ية ‪ ،‬وك ذا درج ة ممارس ة الحري ات في المجتم ع ‪ ،‬و طبيع ة العالق ات‬
‫االجتماعية بما في ذلك عالقة السلطة بالمجتمع المدني ‪.‬‬
‫لقد توصلنا في هذا الفصل إلى المفهوم الحقيقي للعمل النقابي‪ ،‬وكيف نشأ في بريطانيا‬
‫وتط ور في أورب ا الغربي ة ‪ ،‬ثم المراح ل ال تي م ر به ا في الجزائ ر ‪ ،‬واهم التنظيم ات النقابي ة‬
‫النشطة في الساحة الوطنية ‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫التنظيم النقابي‬ ‫الفصل الرابع‬

‫وفيم ا يخص المش اركة النقابي ة توص لنا إلى أنه ا مرتبط ة بعوام ل متع ددة ‪ .‬وال يمكن‬
‫دراستها بمعزل عن هذه العوامل التي أهمها التنشئة االجتماعية ‪ ،‬وعندما تغيب المرأة العاملة‬
‫عن االنخ راط في التنظيم النق ابي فه ذا ه و الع زوف ال ذي يتن امى بفع ل مجموع ة ص عوبات‬
‫وعوائق مختلفة تمكنا من الوصول إلى أهمها عن طريق الدراسة والتحليل‪.‬‬

‫‪145‬‬

You might also like