Professional Documents
Culture Documents
الصدق منجاة
الصدق منجاة
اخلطبة األوىل:
أما بعد :فأوصيكم -أيها الناس -ونفسي بتقوى اهلل -عز وجل ،-فاتقوا
اهلل رمحكم اهلل ،واحفظوا اهلل ما استحفظكم ،وكونوا أمناء على ما
استودعكم ،فإنكم عند ربكم موقوفون ،وعلى أعمالكم جمزيون ،وعلى
ب َيْن َقلِبُو َن) [الشعراء:
َي ُمْن َقلَ ٍ
ين ظَلَ ُموا أ َّ َّ ِ
(و َسَي ْعلَ ُم الذ َ
تفريطكم نادمونَ :
.]227
عباد اهلل :مما الشك فيه أن أعظم زينة يتزين هبا املرء يف حياته بعد اإلميان
هي زينة الصدق ،فالصدق أساس اإلميان كما أن الكذب أساس النفاق،
فال جيتمع كذب وإميان إال وأحدمها يدفع اآلخر.
ومن أجل ذلك أرشدنا ربنا -سبحانه -إىل التمسك هبذا اخلُلق الطيب
يف كتابه الكرمي ،وحث على التزام الصدق رسوله العظيم -صلوات اهلل
عليه وسالمه ،-يف نصوص أكثر من أن تُعد يف القرآن والسنة ،فقد أمر
ربنا يف كتابه الكرمي يف أكثر من آية بالصدق ،ومدح الصادقني،
ووعدهم باخلري الكبري يف الدنيا واآلخرة؛ لذلك جمدته الشريعة اإلسالمية،
ين َآمنُوا َّات ُقوا َّ ِ
وحرضت عليه ،قرآنًا وسنة ،قال اهلل تعاىل ( :يَا أَيُّ َها الذ َّ
ني) [التوبة ]119 :وهذا أمر مبالزمة الصدق بعد اللَّه و ُكونُوا مع َّ ِ ِ
الصادق َ ََ ََ
األمر بالتقوى.
وجل -رسوله -صلى اهلل عليه وسلم -أن يسأله أن -عز َّ وقد أمر اهلل َّ
ب أ َْد ِخ ْليِن ُم ْد َخ َلجيعل مدخله وخمرجه على الصدق ,فقالَ ( :وقُ ْل َر ِّ
ك س ْلطَانًا نَ ِ ِ ِ ٍ ِ ٍ
ص ًريا) َخ ِر ْجيِن خُمَْر َج ص ْدق َو ْ
اج َع ْل يِل م ْن لَ ُدنْ َ ُ ص ْدق َوأ ْ
[اإلسراء .]80 :فهذه مخسة أشياء؛ مدخل الصدق ,وخمرج الصدق,
ولسان الصدق ,وقدم الصدق ,ومقعد الصدق .وحقيقة الصدق يف هذه
األشياء :هو احلق الثابت املتصل باهلل ،املوصل إىل اهلل ،وهو ما كان باهلل
وهلل ،من األقوال واألعمال والنيات ،ومداخله -صلى اهلل عليه وسلم-
وخمارجه كلها مداخل صدق وخمارج صدق ،إذ هي هلل وباهلل وبأمره،
والبتغاء مرضاته.
4من 17
وأخرب ربنا -سبحانه -عن خليله إبراهيم -صلى اهلل عليه وسلم -أنه
اج َع ْل يِل لِ َسا َن سأله أن يهب له لسان صدق يف اآلخرين ,فقالَ ( :و ْ
ِ ٍ يِف ِ
ين) [الشعراء ،]84 :وبشر ربنا عباده الصاحلني بأن هلم ص ْدق اآْل خ ِر َ
َّ ِ
عنده قدم صدق ,فقال -سبحانهَ ( :-وبَ ِّش ِر الذ َ
ين َآمنُوا أ َّ
َن هَلُ ْم قَ َد َم
ِص ْد ٍق ِعْن َد َرهِّبِ ْم ) [يونس .]2 :وكذلك أخرب اهلل -سبحانه -أن
للصاحلني من عباده مقعد صدق عند رهبم ،فقال -سبحانه( :-إِ َّن
يك ُم ْقتَ ِد ٍر) [القمر: َّات و َنه ٍر * يِف م ْقع ِد ِص ْد ٍق ِعْن َد ملِ ٍ
َ َ َ
ٍ
ني يِف َجن َ َ
ِ
الْ ُمتَّق َ
]55 ،54وهذا كله يشري إىل أمهية الصدق قوالً وعمالً وسلو ًكا
ومنهجا يف احلياة.
ً
وقد أخرب ربنا -سبحانه -أنه ال ينفع العبد وال ينجيه من عذابه يوم
القيامة إال الصدق ,كما قال -سبحانه( :-قَ َال اللَّهُ َه َذا َي ْو ُم َيْن َف ُع
ين فِ َيها أَبَ ًدا ِِ ِ ِ
َّات جَتْ ِري م ْن حَتْت َها اأْل َْن َه ُار َخالد َ ني ِص ْد ُق ُه ْم هَلُ ْم َجن ٌ
َّ ِ ِ
الصادق َ
ِ ِ
يم) [املائدة.]119 : ك الْ َف ْو ُز الْ َعظ ُ َر ِض َي اللَّهُ َعْن ُه ْم َو َر ُ
ضوا َعْنهُ َذل َ
وأثىن اهلل -جل وعال -على الصادقني بأهنم هم املتقون أصحاب اجلنة؛
جزاء هلم على صدقهم ،فقال( :أولئك الذين صدقوا وأولئك هم املتقون)
ني ال اللَّه ه َذا يوم ين َفع َّ ِ ِ
الصادق َ [البقرة ،]177 :وقال -سبحانه( :-قَ َ ُ َ َ ْ ُ َ ُ
5من 17
ِ ِص ْد ُقهم هَل م جنَّات جَت ِري ِمن حَت تِها األَهنَار خالِ ِد ِ
ين ف َيها أَبَ ًدا َرض َي اللَّهُ
ُ َ َ ْ َْ ُ ْ ُْ َ ٌ ْ
يم) [املائدة.]119 : ِ ِ
ك الْ َف ْو ُز الْ َعظ ُ
ضوا َعْنهُ َذل َ
َعْن ُه ْم َو َر ُ
أيها اإلخوة :الصدق خلق عظيم من أخالق األنبياء ,ومن أهم أخالق
املسلم وصفات الداعية إىل اهلل تعاىل ,وهو األساس الذي قام عليه هذا
الدين العظيم ,وهو ما عرف به عليه -الصالة والسالم -يف مكة ,فما
كان يُعرف حينئذ إال بالصادق األمني ,وهو أيضاً ما يُعرف به األنبياء
واملرسلون -عليهم السالم ,-وقد أثىن اهلل تعاىل على أنبيائه ووصفهم
يم إِنَّهُ َكا َن ِصدِّي ًقا نَبِيًّا ) [مرمي: يِف ِ ِ ِ ِ
بالصدق فقالَ ( :واذْ ُك ْر الْكتَاب إ ْبَراه َ
ص ِاد َق الْ َو ْع ِد َو َكا َن َر ُسواًليل إِنَّهُ َكا َن َ
يِف ِ ِ ِ ِ
َ ( ،]41وا ْذ ُك ْر الْكتَاب إمْسَاع َ
يس إِنَّهُ َكا َن ِصدِّي ًقا نَبِيًّا) يِف ِ ِ ِ ِ ِ
نَبيًّا) [مرميَ ( ،]54 :واذْ ُك ْر الْكتَاب إ ْدر َ
[مرمي.]56 :
عباد اهلل :وقد قسم اهلل -سبحانه -الناس إىل صادق ومنافق ,كما قال
ب الْمنَافِ ِق َ ِ الص ِادقِ َ ِ ِ ِ ِ
ي اللَّهُ َّ ِ
ني إ ْن َشاءَ ني بص ْدقه ْم َويُ َع ِّذ َ ُ -سبحانه( :-ليَ ْج ِز َ
ِ أ َْو يتُ َ ِ ِ
يما ) [األحزاب ]24 :فاإلميان وب َعلَْيه ْم إ َّن اللَّهَ َكا َن َغ ُف ً
ورا َرح ً َ
أساسه الصدق ،والنفاق أساسه الكذب ،فال جيتمع كذب وإميان إال
وأحدمها حيارب اآلخر.
وكذلك جعل النيب -صلى اهلل عليه وسلم -الصدق أعلى درجات الرب
الص ْد ِق فَِإ َّن
ومفتاحها ،فقال النيب -صلى اهلل عليه وسلمَ " :-علَْي ُك ْم بِ ِّ
الص ْد َق َي ْه ِدي إِىَل الْرِب َِّ ،وإِ َّن الْرِب َّ َي ْه ِدي إِىَل اجْلَن َِّةَ ،و َما َيَز ُال َّ
الر ُج ُل ِّ
ب ِعْن َد اهلل ِصدِّي ًقا[ "...مسلم( الص ْد َق َحىَّت يُكْتَ َ ص ُد ُق َو َيتَ َحَّرى ِّ يَ ْ
.])2607
ويف صورة مجيلة تبني لنا أمهية الصدق وكيف أنه يرفع صاحبه يف الدنيا
واآلخرة ،صح عن أيب سعيد اخلدري -رضي اهلل عنه -أنه قال :قال
النيب -صلى اهلل عليه وسلم" :-إِ َّن أهل اجْل ن َِّة لَيتراءو َن أهل الْغُر ِ
ف ِم ْن ْ َ َ ََ َ َ ْ ْ َ َ
7من 17
والصدق يؤدي إىل الثقة والطمأنينة ,والكذب يؤدي إىل الشك والريبة،
فعن احلسن بن علي -رضي اهلل عنهما -قال :مسعت رسول اهلل -صلى
اهلل عليه وسلم -يقول" :دع ما يريبك إيل ما ال يريبك ,فإن الصدق
طمأنينة وإن الكذب ريبة" [الرتمذي ( )2518وصححه األلباين]
فالصادق ال يقع يف ريبة ويكون حامسًا واث ًقا من كالمه ال خيالف
الصدق ,وحيذر من الكذب وأحوال الكذابني.
أيها اإلخوة :وأعلى مراتب الصدق مرتبة الصديقية ،وهي كمال االنقياد
للرسول -صلى اهلل عليه وسلم -مع كمال اإلخالص للمرسلَ ( :و َم ْن
ِ َّ ِ
ين أَْن َع َم اللَّهُ َعلَْي ِه ْم م َن النَّبِيِّ َ
ني ول فَأُولَئِ َ
ك َم َع الذ َ يُ ِط ِع اللَّهَ َو َّ
الر ُس َ
ض ُل ِم َن ِ الصاحِلِني وحسن أُولَئِ ِ ِّيقني والش ِ و ِّ ِ
ك الْ َف ْ
ك َرفي ًقا * َذل َ َ ُّه َداء َو َّ َ َ َ ُ َ الصد َ َ َ َ
ِ ِ ِ ِ
يما ) [النساء .]70 ،69 :والص ّديقية مرتبة عالية من اللَّه َو َك َفى باللَّه َعل ً
مراتب الوالية والقرب من اهلل -سبحانه -وتعاىل ,والصدِّيق كثري
الصدق ،الذي مل يصدر منه الكذب أصالً ،الذي صدق بقوله واعتقاده
8من 17
ورسول اإلسالم حممد بن عبد اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -كان يل ّقب
بالصادق األمني يف م ّكة كما هو معروف ومشهور ،وصاحبه ورفيقه
وأول خلفاءه على املسلمني من بعده هو أبو بكر الص ّديق -رضي اهلل
َّق بِِه أُولَئِ َ
ك ُه ُم صد َ عنه .-قال جل وعال( :والَّ ِذي جاء بِ ِّ ِ
الص ْدق َو َ ََ َ
الْ ُمَّت ُقو َن) [الزمر.]33 :
أيها اإلخوة :والصدق :هو مطابقة القول للواقع ،وهو الوفاء هلل بالعمل،
والقول باحلق يف مواطن اهللكة ،ويطلق الصدق على معان كثرية :منها
الصدق يف القول ،فال يتكلم إال بالصدق ،والصدق باللسان أشهر أنواع
الصدق وأظهرها ،وينبغي للعبد أن يراعي معىن الصدق يف ألفاظه اليت
يناجي هبا ربه ،فإن كان قلبه منصرفاً عن اهلل ،مشغوالً بالدنيا ،فهو
كاذب.
ومنها الصدق يف النية واإلرادة ،وذلك يرجع إىل اإلخالص ،فإن فقد
ذلك بطل صدق النية ،ومنها الصدق يف العزم والوفاء به كأن يقول :إن
9من 17
آتاين اهلل ماالً تصدقت به وحنوه ،ومنها الصدق يف األعمال ،وهو أن
تستوي سريرته وعالنيته يف مجيع أعماله ،ومنها الصدق يف مقامات
الدين كالصدق يف اخلوف والرجاء ،والزهد واحلب ،والتوكل على اهلل
وحنو ذلك.
والصادق مطلوبه رضا ربه ،وتنفيذ أوامره ،وتتبع حمابّه ،فهو متقلب فيها
يسري معها حيث سارت ،فبينما هو يف صالة ،إذ رأيته يف ذكر ،مث يف
غزو ،مث يف حج ،مث يف إحسان إىل اخللق ،مث يف أمر باملعروف ،مث يف هني
عن منكر ،أو يف عيادة مريض ،أو تشييع جنازة أو نصر مظلوم ,أو غري
ذلك من القرب والطاعات وأعمال الرب املختلفة.
والصدق سجية كرمية تدل على سالمة الفطرة للمتصف هبا ،وثقته
بنفسه وبُعده عن التكلف والتصنع ،وقد اعترب اإلسالم الصدق أساس
كل اخلري وأن اإلسالم يؤكد على الصدق أكرب تأكيد وحيث الناس على
مالزمته ولو كان مظنة إلضرار يسري .وأقل الصدق هو استواء السر
والعالنية والصادق من صدق يف اقواله والص ّديق من صدق يف مجيع
اقواله وأفعاله وأحواله.
ومن درجات الصدق :أن ال يتمىن احلياة إال للحق ،وال يشهد من نفسه
الر َخص ،فهو ال حيب أن يعيش إالإال أثر النقصان ،وال يلتفت إىل ترفيه ُّ
ليشبع من رضا حمبوبه ،ويقوم بعبوديته ال لعلة من علل الدنيا وشهواهتا،
وال يرى نفسه إال مقصراً قليل الزاد.
11من 17
ومن درجات الصدق :الصدق يف معرفة الصدق ،فإن العبد إذا صدق اهلل
رضي اهلل بعمله وحاله ويقينه؛ ألنه قد رضي باهلل رباً ،وباإلسالم ديناً،
ومبحمد -صلى اهلل عليه وسلم -رسوالً ،فرضي اهلل به عبداً ،ورضي
ين َآمنُوا َو َع ِملُوا ِ َّ ِ
بأقواله وأعماله القائمة على اإلخالص واملتابعة( :إ َّن الذ َ
َّات َع ْد ٍن جَتْ ِري ِ ِ ِ الصاحِل ِ
ات أُولَئِ َ
ك ُه ْم َخْيُر الْرَبِ يَّة * َجَز ُاؤ ُه ْم عْن َد َرهِّب ْم َجن ُ َّ َ
ِ ِمن حَت تِها اأْل َْنهار خالِ ِد ِ
كضوا َعْنهُ َذل َ ين ف َيها أَبَ ًدا َر ِض َي اللَّهُ َعْن ُه ْم َو َر ُ
ْ َْ َُ َ َ
لِ َم ْن َخ ِش َي َربَّهُ) [البينة.]8 - 7 :
اخلطبة الثانية:
احلمد هلل ال ذي جعل يف ِس رَي الص احلني ع ربة للمعت ربين ،وذك رى
للذاكرين ،وجعل يف الصادقني منهم أسوة وقدوة للمقتدين ،وأشهد أن
ال إله إال اهلل ،وح ده ال ش ريك ل ه ،إله األولني واآلخ رين ،وأش هد أن
حمم داً عبد اهلل ورس وله ،ص لى اهلل عليه وعلى آله وأص حابه ال ذين
أمجعني.
أما بعد :أيها الن اس :اتق وا اهلل تع اىل ،وأص لحوا قل وبكم وأعم الكم،
ين َآمنُواْ َّات ُق واْ اللّهَ َح َّق َّ ِ
وأطيعوا اهلل ورسوله إن كنتم مؤمنني (يَا أَيُّ َها الذ َ
تُ َقاتِِه َوالَ مَتُوتُ َّن إِالَّ َوأَنتُم ُّم ْسلِ ُمو َن) [آل عمران.]102 :
وإذا تواطأ أرباب األعمال والوظائف على التزام الصدق ،كان ذلك
ضمانًا لصيانة حقوق الناس ،واستتاب أمنهم ورخائهم ،وإذا حتلى كافة
الناس بالصدق ،أحرزوا منافعه اجلمة ،ومغامنه اجلليلة ،وإذا شاع الكذب
يف اجملتمع ،وهت قيمه األخالقية ،وساد التربم والسخط بني أفراده ،وعز
فيه التفاهم والتعاون ،وغدا عرضة للتبعثر واالهنيار.
أيها اإلخوة :إن أعظم ما يف الصدق أنه يقود صاحبه إىل اجلنة ،وهذا هو
الفوز ،فعن أيب أمامة ،قال :قال رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم" :-أنا
زعيم ببيت يف ربض اجلنة ملن ترك املراء وإن كان حمقًّا ،وببيت يف وسط
حسن
مازحا وببيت يف أعلى اجلنة ملن ُ
اجلنة ملن ترك الكذب وإن كان ً
الربح األوفر
خلقه" [أبو داود ( )4800وحسنه األلباين] ،فهذا هو ّ
ألهل الصدق ،وأي ربح أعظم من اجلنة.
ومن مثرات الصدق أنه مييز أهل النفاق من أهل اإلميان ،وسكان اجلنان
من أهل النريان ،ويف حديث أيب هريرة رضي اهلل عنه قال عليه الصالة
15من 17
عباد اهلل :من أجل ذلك كله كان الصدق من أهم املطالب يف هذه
احلياة ،لذا فهو منجاة والطريق إليه صعب املنال ،فال يطيقه إال أهل
العزائم وال يصرب عليه إال أصحاب اهلمم ،يقول ابن القيم رمحه اهلل
تعاىل" :فحمل الصدق كحمل اجلبال الرواسي ,ال يطيقه إال أصحاب
العزائم ,فهم يتقلبون حتته تقلب احلامل حبمله الثقيل".
اح ذر الك ذب مع اهلل ف إذا ك ان الص دق مع اهلل تع اىل هبذه املنزل ة ،فقد
حذر اهلل عباده من ضد ذلك وبني سوء العاقبة ملن وقع فيه ,حيث قال:
ني ص َّدقَ َّن ولَنَ ُك ونَ َّن ِمن َّ حِلِ (و ِمْنهم من عاه َد اللَّه لَئِن آتَانَا ِمن فَ ْ ِ ِ
الص ا َ َ ضله لَنَ َّ َ ْ َ ُْ َْ َ َ َ ْ
ض و َن * فَ أ َْع َقَب ُه ْم نَِفاقًا * َفلَ َّما آتَ اهم ِمن فَ ْ ِ ِ ِ ِ
ض له خَب لُ وا بِ ه َوَت َولَّْوا َو ُه ْم ُم ْع ِر ُ ُْ ْ
16من 17
َخلَ ُف وا اللَّهَ َما َو َع ُدوهُ َومِبَا َك انُوا يَ ْك ِذبُو َن) مِب ِ هِبِ
يِف ُقلُ و ْم إِىَل َي ْوم َي ْل َق ْونَهُ َا أ ْ
[التوبة.]77 - 75 :
إن الكذب رأس الرذائل ،فبالكذب يتصدع بناء اجملتمع ،وخيتل نظامه،
ويسقط صاحبه من العيون ،وتدور حوله الظنون ،فال يصدقونه يف قول،
وال يثقون به يف عمل ،وال حيبون له جملسا ،أحاديثه منبوذة ،وشهادته
مردودة ,قال تعاىل( :إِمَّنَا ي ْف ِ ي الْ َك ِذب الَّ ِذين اَل ي ْؤ ِمنُو َن بِآي ِ
ات اللَّ ِهَ َ َ ُ َ رَت
ك ُه ْم الْ َك ِاذبُو َن ) [ النحل .] 105 َوأ ُْولَئِ َ
قال ابن حبان -رمحه اهلل" :-الصدق يرفع املرء يف الدارين ،كما أن
الكذب يهوي به يف احلالني ،ولو مل يكن الصدق حتمد إال أن املرء إذا
عرف به قبل كذبه ،وصار صدقا عند من يسمعه؛ لكان الواجب على
العاقل أن يبلغ جمهوده يف رياضة لسانه ،حىت يستقيم له على الصدق
وجمانبة الكذب".
أسأل اهلل أن يرزقنا اإلخالص يف األقوال واألعمال ،وأن حيسن لنا اخلتام،
وأال يتوفانا إال وهو ٍ
راض عنا ،اللهم ارزقنا قبل املوت توبة ،وعند املوت
ونعيما.
شهادة ،وبعد املوت جنة ً
بطاقة تعريفية
زياد الريسي بحثها
عبد العزيز الشامي أعدها
17من 17
شايف المعصار راجعها