Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الأولى تمهيد
المحاضرة الأولى تمهيد
يطلق القانون على جمموعة القواعد امللزمة اليت تنظم عالقات األفراد فيما بينهم
حبيث يرتتب على خمالفتها توقيع اجلزاء ،واإلنسان مدين بطبعه ألنه ال يستطيع حتصيل كل
حاجاته مبفرده ،فالتعاون ضروري لسد خمتلف احلاجات ،وكذاك حيتاج كل واحد للدفاع
عن نفسه إىل االستفادة أببناء جنسه.
فاإلنسان ال يعيش إال يف جمتمعـ وقد تتضارب مصاحل أفراد هذا اجملتمع فكان
البد من وجود قانون ينظم املصاحل املتضاربة وهكذا نشأة القوانني رافقت نشأة اإلنسان
ضمن جمتمع وتطورت بتطوره يف النواحي االجتماعية واالقتصادية والدينية والسياسية.
فالنظم القانونية احلالية ما هي إال هتذيب لنظم سابقة وال ميكن فهم النظم
جيدا إال ابلرجوع إىل أصوهلا التارخيية وتطورها عرب العصور املتعاقبة.
املعاصرة فهماً ً
-والقاض ي وإن كان يقوم أساسا بتطبيق القانون املعمول به ،ال غىن له عن
الدراسات التارخيية.
كما أن حكمت النص نفسها ال ميكن الوصول إليها دون الرجوع إىل الظروف
اليت سادت اجملتمع أثناء وضعه وكانت سببا لوضعه.
كما أنه ال ميكن للقاضي أن يرفض الفصل يف القضية املعروضة أمامه حبجة
عدم وجود نص أو عرف ،بل يفصل فيها مستل ِه ًما املبادئ اليت َ
نشأت وتكونت وتطورت
عرب الزمان متالئمة.
واملشرع هو أوىل الناس بدراسة نشأة النظم القانونية وحيث أ ،القانون حيتوي،
يف أي عصر يوجد فيه أحكاما جتاوزها الزمن ومل تعد صاحلة فالبد من إصالحه أو إلغائه
وأحكاما أخرى اثبتة األركان رغم قدمها ،جيب عليه حفظها ،وال ميكنه أان مييز بني الصاحل
والفاسد من تلك النظم إال بتوسيع مداركه ابلدراسة التارخيية.
ألن موضوع القانون هو األفراد واجلماعات وال ميكن إجراء جتارب عليهم
خبالف العلوم التطبيقية ،فدراسة اتريخ النظم تقدم حقال فسيحا بتجارب املاضي وخرباته
ال غىن عنه.
وبفضل دراسة اتريخ النظم ميكن اإلحاطة ابلعالقة بني القواعد القانونية
والتفكري السياسية واالقتصادية والثقافية وأتثري الناس واملشرع والفقيه على القانون.
املرحلة األوىل :مرحلة القوة واالنتقام الفردي عاش اإلنسان األول يف مجاعات
صغرية متضامنة ومنفصلة عن غريها من اجلماعات األخرى وحىت تدافع عن
نفسها كانت القوة هي اليت تنشئ احلق وحتميه وتقوم العالقة بني هذه اجلماعات
على التبعية واخلضوع لرئيس القبيلة ذو السلطة املطلقة كان الفرد املعتدي
ومن صور العقاب طرد اجلاين من اجلماعة أو القصاص أو تسليمه ألهل اجملين عليه
،وبتطور اجملتمعات جلأ رؤساء اجلماعات إىل الكهان ورجال الدين
حلل املنازعات فازدادت قوهتم حكما وإلزاما وبذلك حلت العقوبة ابلتحكيم حمل
االنتقام الفردي.
املرحلة الثانية مرحلة التقاليد الدينية :عبد اإلنسان آهلات خمتلفة كالظواهر
الطبيعية وكان خيشى غضبها وكان الكاهن يتوىل القيام ابلشعائر الدينية
وابلتايل أصبحت معظم األحكام تنسب آلهلة مما أكسبها قوة االلتزام
املرحلة الثالثة :مرحلة التقاليد العرفية بقيت التقاليد الدينية سائدة زمنا طويل
وبفضل تطور اجملتمعات حل حملها العرف والتقاليد وبذلك نشأ احلكم الدميقراطي حكم
األغلبية فأصبحت األحكام تصدر ابسم الشعب
املرحلة الرابعة :مرحلة تدوين القانون بعد اكتشاف الكتابة دونت اجملتمعات
قوانينها فانتشرت وتطورت بسرعة.
نطاق الدراسة:
مبا أن النظم القانونية اليت تسود يف جمتمعنا احلديث ليست ذاهتا اليت كانت
سائدة يف عصور سابقة ولن تكون هي عينها يف املستقبل ،لذلك تقوم الدراسة القانونية
حول دراسة القانون يف حاضره وماضيه ومستقبله.
أما دراسة النظم القانونية احلاضرة ،أي املطبقة ،فيطلق عليهما إسم القانون
الوضعي ويتناول دراسة أحكام هذا القانون وجمال تطبيقه واآلاثر املرتتبة عليه.
أما دراسة القانون يف املاضي فيطلق عليها دراسة اتريخ القانون فهي هتدف
إىل دراسة املصادر املختلفة للقانون يف خمتلف العصور التارخيية وكذا التطورات اليت مرت
بيها ا لنظم القانونية يف ظل خمتلف الظروف السياسية واالجتماعية واالقتصادية حىت وصلت
إلينا حبالتها املعاصرة.
أما ما ينبغي أن يكون عليه القانون يف املستقبل فيطلق عليهما علم التشريع
وهذا العلم يبني السبيل الذي جيب أن يسلكه املشرع لتعديل القواعد القانونية السائدة حىت
أييت هذا التعديل متماشيا مع حاجيات اجملتمع والظروف املتطورة.
كل دارس للتاريخ يدرك أن أقدم احلضارات وأكثرها أثرا على اإلنسانية هي
اليت كانت حول البحر األبيض املتوسط ،وهي تنقسم إىل قسمني رئيسيني:
وقد أجنبت لنا هذه احلضارات يف خمتلف مراحلها جمموعة كبرية من القوانني
ويعترب البعض منها أساسا للقوانني الوضعية احلالية ،هلذا ستنصب دراستنا هذه على خمتلف
النظم اليت أجنبتها هذه احلضارات وذلك حسب الرتتيب الزمين.