Professional Documents
Culture Documents
الإسلام والمسيحية بين ذهنية الصراع وحركية اللقاء
الإسلام والمسيحية بين ذهنية الصراع وحركية اللقاء
1418هـ ــ 1997م
عندما نثير اسم المسيحية واإلسالم كما نثير أي عنوانين من العناوين التي تتحرَّ ك في الوجدان وتفرض نفسها على الواقـع ،فـإن
ذلك يربطنا بالتعددية في الحياة .وإذا كنا َّ
نتمث ل التعددية فال بد لنا أن ننفذ إلى داخلها لنتساءل :هل أن التعددية فينــا فكــراً يتع ـدَّد،
وحركة تتنوَّ ع؟ هل التعددية فينا هي القضاء والقدر ،بحيث ال بد أن نستسلم لها فال نسمح للفكر أن ينفذ إلى أجوائها ليقرب بينها
في اتجاه الوحدة ،ونعمل على حراستها فيما نستحدثه من هياكــل مقدَّســة تحــرس االنفصــال في الحيــاة ،أو من أفكــار تحــاول أن
تجذر التعددية في صعيد الواقع؟ أو أننا نتقبَّلها كواقع وندرس إيجابياتها في حركتــه ،ثم نحــاول أن ننفــذ إلى ســلبياتها لنــدخل في
مقارنة بين اإليجابيات والسلبيات في أجواء الفكر الحر الذي ال يختنق في داخــل الزوايــا والكهــوف التاريخيــة أو فيمــا يســتحدثه
اإلنسان من كهوف في تعصباته ونزواته وما إلى ذلك.
إن المسألة أن التعددية واقع وأن الوحدة فيما يتعدد الناس كهدف ليست شيئا بعيداً عن الواقع ،ولكن كيف نقطع هذه المســافة؟ـ إنّ
أول شرط للتحرّ ك في هذه المسافة هو أن تكون لنا ،في العقل في داخــل الوجــدان ،موضــوعية النظــرة إلى الفكــر وإلى الحركــة
وأن تكون لنا واقعية التحرّ ك في هذا الطريق أو ذاك ،ألنّ قضية أن تصر على أني بقى فكرك معلّبـا ً ألنّ هنــاك كثــيراً من علب
التاريخ التي كانت تعلّب اإلنسان من خالل أنها تعلّب له فكره ،وكانت تجدّد كلما اهترأت ،حتى أصــبح التجديــد ال في مــا داخــل
العلبة لنطلقها في الهواء ،ولكن التجديد في شكل العلبة ولونها.
موج َع ال َقل ِ
ب باكِيا فار ُ
قت َشيبي َ ِقت أَلوفا ً لَو َر َح ُ
لت إِلى الصِ با *** لَ َ ُخل ُ
إنّ نخرج من أفكارنا عندما نكتشف فيها الخطأ يعني أننا نتج ّد د ،ال أننا نموت .هذه النظرة الموضوعية التي يحترم فيها اإلنسان
إنسانيته عندما يحترم فكره ،إن إنسانيتنا هي عقلنا في العمق وكل ما في داخل النفس هو شيء للعقل فيه مجال ،حتى الــروح لن
تكون شيئا ً غائبا ً عن العقل ولكن العقل ينفذ إليها "فيعقلن" بعض ما فيها حتى ال تختلط الروح بالخرافة ،ألنّ العقــل يُبقي للــروح
روحيتها عندما ينفذ إليها.
إنسانيتنا هي عقلنا ،العقل نحن وللعاطفة دور في حياتنا لذلك أن نحترم عقلنـا أن يبقى حـراً ،متحرّكـاً ،ليس هنـاك َمن يملـك أيـة
قداسة يمكن لها أن تصادر العقل أو تحبسه ،من الممكن جداً أن تدخل إلى العقل لتناقشه لتتفهّم بعض ما فيـه ولتطـرد منـه بعض
ما عنده .لذلك أن نعتبر العقل أساسا ً في منطقته ،في المنطقة التي يمكن له أن يجد مفرداته ،سواء كان عقالً نظريا ً أو كــان عقالً
عمليا ً .أما ما هو فوق العقل ،أما ما هو الغيب فإننا ننطلق إلى العقل لنكتشف وجـوده ،وإن كــان العقــل ال يســتطيع أن يــدخل في
يمثل إمكانيتك ألنّ اإلنسان لم يستطع أن يعيش شمول الحس تفاصيله .يكفي لك في اإليمان بالغيب أن يقول لك العقل :إنّ الغيب ّ
فكيف يمكن أن ينكر ما وراء الحسّ ؟ الحس قد ال يستطيع أن يبلغ الغيب ولكنه يستطيع أن يكتشف وجوده.
عندما نكون عقالنيين ،نؤمن من خالل العقل ونكفر من خالل العقل ،ونتحرّ ك في كل برامجنا ومناهجنا بهذه الطريقــة العقالنيــة
فإننا لن نجد المساحةـ واسعة وشاسعة بين تجربة الوحدة في خط التعددية ،ألنك تستطيع بالعقل أن تختصر الكثــير من المســافات
وأن تعمّق الكثير من الجذور.
من خالل ذلك أحب أن أدخل في التعدديـة الدينيـة .نحن نعيش في واقعنـا الـديني في العـالم في التـاريخ عنـدما كـان الـدين يحكم
التاريخ أو يصنعه ،وفي الحاضر عندما يتحرّ ك الدين هنا وهناك ليــدخل في كــل هــذا الجــدل وهـذا الصــراع وهـذا الواقــع الــذي
ينطلق فيه اإلنسان بين القديم والجديد .عندما نالحظ الحس الديني فإن المشكلةـ التي نواجهها هي أنّ الغالب في الحس الديني أنــه
حس ضيّق الصدر ،ضيّق العقل واإلحساس ،من الصعب جداً أن تأتي إلى متديّن حتى لو كان يأخذ بــالكثير من أســباب العلم أن
تناقشهـ في دينه ،أو أن تعمل على إثارة بعض عالمات االستفهام فيما هو فيه .إن االنفعال هو الرد ،وقليالً قليالً مــا يكــون الفكــر
هو الرد .لماذا ذلك؟
ألنّ الكثير من المتديّنين ارتبطوا بالحقيقة الدينية وجدانيا ً وتراثياً ،ولم يرتبطوا بها عقالنياً ،فنحن مسلمون غالباً ،إننا نتحـدّث في
حجم الظاهرة وال نتح ّدث في حجم الشمولية ،إننا مسلمون ألننا وجدنا آباءنــا على اإلســالم ،وإننــا مســيحيون ألننــا وجــدنا آباءنــا
على المسيحية ،وقد استحدث أيضا ً أننا ماركسيون ألنّ آباءنا كانوا ماركســيين ،وقوميــون ألنّ الخــط في الشــرق واحــد ،الذهنيــة
واحدة.
اإلسالم والمسيحية كانتا ،في وعينــا اإلنســان الــديني ،إرثـاً ،كانــا شــيئا ً يتحــرّ ك في امتــداداتنا العاطفيــة بالتــاريخ الــتي صــنع لنــا
عشيرتنا أو صنعت لنا طائفتنا أو صنعت لنا مواقعنا .لذلك أن تشعر أنّ هناك إنســانا ً يريــد ن يهــز لــك دينــك معنــاه أن يهــز لــك
تاريخك وتراثك وطائفتك وكل ما استحدثته من تقاليد ،ويخيّل إليك أنه يريد أن يسحب منك ذاتك.
لذلك تكون عملية المواجهة حالة ثأرية للنفس للدفاع ال للفكر ،ث ّم إنّ مسألة الدين ت ّتصل بالجانب المقدّس من الوجدان ،وبالجانب
المقدّس من الفكر ،وبالتالي فإنّ المقدّس عادة ي ّتخذ لنفسه حالة حميمية للشعور قبل أن ي ّتخذ لنفسه حالة عميقة في الفكر .الشعور
يسبق الفكر في المقدّسات ،وذلك فإنّ الشعور عنــدما يتحـ ّرك ليع ّبــر عن نفســه فإنــه ال يــترك للعقــل أن يواجــه المســألة بطريقتــه
الموضوعية الخاصة.
إنّ مقدّساتنا تحوّ لت إلى ما يشبه أن تكون جزءاً من ذاتنا ،لذلك بدأ الكثيرون من الناس يقولون بفعل هذه الظاهرة أن الــدين ليس
حالة عقالنية ،إنما هو حالة إحساسية أو حالة وجدانية ،وبدأ الكثيرون ،حتى من ّ
منظري الــدين ،يتحـدّثون أن الــدين فــوق العقــل
وإنك عندما تتعلقن لن تكون متديّناً ،إنما تكون متديّنا ً إذا أطلقت العقل في غيبوبة .إنها صورة حركــة الــدين في الواقــع في ّ
تمثــل
المتديّنين للدين.
ولكننا نفهم من خالل كل تاريخ الذين أطلقوا الدين وهم األنبياء أنهم كانوا يخاطبون عقــل اإلنســان وفكــره ووجدانــه ،والوجــدان
ليس شيئا ً آخر غير العقل لكنه العقل الفطري الذي ينطلق فيه اإلنسان من موقع طبيعة إنسانيته فيما يســميه الفالســفة بالبــديهيات
التي ال تحتاج فيها إلى دليل ،ويعتبرها بعض الناس من األسس التي ترتكز عليها حركة العلم ،ألنّ حركة الشك ال بد لها في كل
مسيرتها أن تصل إلى حالة اليقين وإال بقي اإلنسان فكراً معلّقا ً في الفضاء ال يستطيع أن يرتكز على قاعدة أبداً.
إنهم كانوا يخاطبون عقل اإلنسان ،وعندما ندخل في حوارات األنبياء مع األمم التي أرســلوا إليهــا نجــد أنهم كــانوا يعملــون على
تقديم أفكارهم بطريقة عقالنية موضوعية ،وكانوا يطلبون من اآلخرين أن يناقشــوهم وكــانوا يقولــون لهم ،عنــدما يخــالفونهم في
ِين } ،وكانوا يقولون للجاهلين الذي يدخلون في الجدال في ما ال علم لهم { َهــا أَ ْن ُت ْم َهــؤُ اَل ِء صا ِدق َ الرأي {قُ ْل َها ُتوا بُرْ َها َن ُك ْم إِنْ ُك ْن ُت ْم َ
ْس لَ ُك ْم ِب ِه عِ ْل ٌم} .كن عالما ً وأدخل الجدل والحجاج والنقاش. اججْ ُت ْم فِي َما لَ ُك ْم ِب ِه عِ ْل ٌم َف ِل َم ُت َحاجُّ َ
ون فِي َما لَي َ َح َ
حتى إنّ األنبياء عندما كانوا يتح ّد ثون عن وجود هللا كانوا يسمحون لآلخرين في أن يدخلوا في الحوار حــول وجــود هللا ،وحــول
توحيد هللا ،وحول رسالة الرسول وما إلى ذلك ،وكــانوا يخلّــون كــل هـذه الشــبهات .الــدين ليس حركــة شــعور غامضــة ضـبابية
يحسها اإلنسـان وال يفهمهــا ولكنهـا حركـة فكــر يعمـل على أن ينـاقش األشــياء لتكـون العقيــدة من خالل الفكــر ،فكـر يــدخل في
التفاصيل وفكر يقرّ ر المبدأ ليترك للنبوة أن تحدد التفاصيل في الخط العام للمبدأ.
-لذلك ال بد لنا عندما نريد أن ندخل في المسألة الدينية أن ن ّت فق على أن نعقلن المنطلقات الدينية حتى لو اقتربنا ونحن نحلّق مع
الدين في منطلقاته إلى عالم الغيب ليقول لنا العقــل إنّ هنــاك غيبـا ً على أســاس اإلمكـان على األقـل ولكن ال أملــك الوصــول إلى
تفاصيله فإذا استطعتم أن تؤمنوا بإنسان ما من خالل تجربتكم معه ،أيا ً كانت طبيعة التجربة التي تبعث القناعــة في أنّ هــذا نــبي
أو هذا رسول ،إذا استطعتم أن تقتنعوا بأنّ هذا رسول فإنــه قــادر على أن يمنحكم التفاصــيل .وإذا لم تكن التفاصــيل عقالنيــة ،ال
يستطيع العقل أن يثبتها فإنكم لن تستطيعوا أن تقولوا :إنّ العقل ينكرها ،ألنّ العقل ال ينكر مــا ال يملــك الحجــة على نفيــه كمــا ال
يثبت ما ال يملك الحجة على إثباته.
عندما ن ّتفق على أنّ للعقل دوراً في الدين فعلينا أن ننطلق للمؤمنين أن يتعقلنوا ،بمعنى أن يعقلنوا إيمانهم الذي يعيشــونه شــعوراً
ليستطيعوا أن يح ّركوه في ساحة التعددية ألنّ التعدديـة قــد تقتحم إيمانــك من خالل مــا يملكـه اآلخـر من المفــردات الـتي تتحــدى
إيمانك ،لذلك فلكي تحمي إيمانك من حركة التعددية التي ّ
يمثلها اآلخر في مقابلتك ال بد أن تكون مسلّحا ً بالعقــل الــذي يحمي لــك
إيمانك لنفسك عندما يقف اآلخر ليخاطب عقلك في مسألة اإليمان.
تلك هي المسألة التي ال بد لنا أن نثيرها على أساس أنه المنهج الذي ربما نحتاج إلى الكثير الكثير من الجهد والمعاناة للوصــول
إليه ،ال سيما في الشرق ،لعـ ّل مشـكلتنا في مسـألتنا الدينيـة ليسـت هي مشـكلةـ المضـمون الـديني فحسـب ولكنهـا مسـألة الذهنيـة
الشرقية ،فنحن في الشرق ،ال أدري هل هي مسألة أن هذا الشروق الدائم يعطينا في داخل عقولنا شيئا ً من الحــرارة الــتي تلتهب
أل ّنها حرارة قوية جداً في كل ما يواجهه اإلنسان في كل حالة شروق الشـمس فيكـون لنــا الفكــر الحـار والوجـدان الحــار والقلب
الحار ،ث ّم الخطوات الحارّ ة .وأنتم تعرفون أنّ الحرارة إذا ازدادت فإنها تعطي بخاراً كثيفا ً إذا لم تعطِ دخاناً .وقصــة الــدخان مــع
العقل كما هي قصة البخار مع الوجدان ،هي قصة تحجب وضوح الرؤية عندنا.
لذلك نحن في الشرق ال نصبر على تعددياتنا ،بل تتحوّ ل التعدديات عندنا إلى نزاع وخالف وتقاتل وحرب وما إلى ذلك .نحتــاج
إلى أن نعمل على أساس أن نحتفظ لشرقيتنا بكل معانيهاـ اإليجابية في ما هو الوضــوح واإلشــراق ومــا إلى ذلــك ولكن علينــا أن
نعطيها شيئا ً من العقل البارد والطبع البارد والصدر الواسع.
وقفة مع العنوان
من خالف ذلك ننفذ إلى العنوان "المسيحية واإلسالم بين ذهنية الصــراع وحركيــة اللقــاء" ،المســيحية واإلســالم دينــان يحتويــان
أكثر العالم ويبقى لليهودية مجال كدين ويبقى للبوذية وغيرها من أديان الهند مجال ولكن العنوان الكبـير الـذي دخـل في وجـدان
العالم الفكري وفي قِ َيم العالم الروحية واإلنسانية بحيث ش ّكل ألكثر الناس رواسـب تجعلهم يتحرّكـون دينيـا ً حـتى وهم ملحـدون،
وش ّك ل لإلنسان عالمات في خطوطه الفكرية والعملية بحيث أنه يتحرك دينيا ً بطريقة ال شعورية.
المسيحية واإلسالم عاشتا عهوداً كــانت مع ّقــدة ولكن تعقيــداتها لم تكن في أغلب خلفياتهــا ومظاهرهــا مســألة تتصــل بالمضــمون
الفكــري لإلســالم أو المضــمون الفكــري للمســيحية .كــانت في غالبهــا تبحث عن الســيطرة ،عن الســلطة ،عن بعض التعقيــدات
الطارئة ،عن بعض األوضاع القلقة التي تتحرك من خالل المجموعة اإلسالمية في بُعدها اإلنساني وفي خصوصياتها البيئية أو
اإلقليمية أو ما إلى ذلك ،ال من خالل مضمونها الفكري الذي يجعل إنسانا ً يُقاتل إنسانا ً ألنه يف ّكر بطريقة مختلفة.
كانت هناك تعقيدات ُخيِّل فيها للمسلمين كما في الحروب الصليبية أنّ المسيحية في بُعدها ُتحارب اإلسالم ،وخيِّل للمسـيحيين في
كثير من تجارب الحروب في الشرق والشرق العربي في الذات أنّ اإلسالم يُحارب المسيحية ويريد أن يقتلهــا .ولكن القضــية لم
تكن كذلك ،وها نحن وجدنا أنّ المسيحية استمرّ ت في الساحة التي كان اإلسالم يحكمها ويعيش فيها ،كمــا أنّ اليهوديــة اســتمرّت
بشكل أكثر راحة من المواقع التي في الشرق اإلسالمي بشكل أقوى من حالتها في الغرب أو في مكان آخر.
ماذا يعني هذا؟ إنّ هذا يعني أنّ الحروب كانت خارج نطاق الوجدان الديني ،وإنما كانت العناوين الدينيــة في كــل مــا ُتعانيــه من
التهاب هي التي كانت تثير الحماس واالنفعال ،وهذا ما يجعلنـا نشـعر بـأنّ علينـا أن نـدلس تـاريخ حروبنـا ونزاعاتنـا وخالفاتنـا
واضطهاداتنا ـ إذا ص ّح التعبير ـ المشتركة ،أن ندرسها بطريقة عميقة لنستطيع أن نحدّد طبيعة هذه الحــروب حــتى نتخلّص من
ضغط التاريخ الذي يفرض نفسه على المسيحي ليقـول لــه :إنّ عليــك أن تخــاف من اإلســالم والمســلمين ،أو يفــرض نفســه على
المسلم ليقول له :إنّ عليــك أن تخــاف من المســيحية والمســيحيين ألنّ الماضــي كــان ماضــي الخــوف في هـذا الموقــع تجــاه هـذا
وماضي الخوف في ذاك الموقع تجاه ذاك.
إنّ الدراسة المتأنيّة العقالنية الموضوعية للتاريخ قد تستطيع أن تعطينا الكثير من وضوح الصورة في هــذا الجــانب لتخ ّفــف من
ضغط رواسبنا التي ورثنا فيها الحقد والخوف والتعقيد وما إلى ذلك .وهذه مسؤولية الذين يكتبون التاريخ ،ولعلّنــا عنــدما نقــول:
إننا نريد إعادة كتابة التاريخ فإننا ال نريد من إعادة كتابة التاريخ أن نغيِّر المضمون التاريخي من خالل أفكار نحاول أن نصــنع
منها تاريخاً ،ولكن أن نفهم التاريخ فهما ً جديداً .أن تلتقط من هذه القصة مفردة صغيرة قد تضيء لــك كــل جــوانب القصــة ،وأن
تلتقط من هذا الحدث حدثا ً صــغيراً يمكن أن يكشــف لـك كـل خلفيــات الحـدث .ونحن نعــرف أنّ بعض المــؤرخين مولعــون بــأن
يعطونا الصورة القاتمة من التاريخ ألنهم يريدون لنا أن يكون واقعنا أكثر قتامة .وهذا ما الحظنــاه في كثــير من مظــاهر حركــة
االستشراق .ونحن ال نرفض حركة االستشراق ونعـرف أنّ فيهــا الكثـير من اإليجابيـات في المنهج وفي التحليــل وفي كثــير من
المفردات التي استطاع المستشرقون أن يلتقطوها ويغنوها في تحليالتهم ،ولكن القضية أنّ االستشراق في مرحلة ما أو في كثير
يمثــل في بعض مواقعــه قاعــدة من قواعــد يمثل هامشا ً من هوامش الفــاتحين والغــزاة والمســتعمرين كمــا كــان ّ
من المراحل كان ّ
التعصّب وما إلى ذلك.
إنّ علينا أن ندرس تاريخنا كما هو ،لكن أن نفهمه جيداً من خالل أن ال نغفل أي حدث فيه ألنه ال يتناسب مع خطتنا ،وال نطرد
أية حادثة فيه ألنها ال تتناسب مع أوضاعنا.
إننا نجد هناك ،في بعض ما نعيشه في الشرق أو في الغرب ،غربا ً علمانيا ً إلى د اإللحاد ولكنه عندما يواجه اإلسالم فإنه يتحرّك
التعصـب .هـو ليس مسـيحيا ً لكنـه يعيش الوجـدان المسـيحي من خالل ّ كما لو كان مسيحيا ً كاثوليكيا ً متعصّبا ً في أقصى درجـات
عصور التخلّف التي كان فيها االنتمــاء الــديني يحمــل في داخلــه الكثــير من الحقــد للــدين اآلخــر .وربمــا نجــد أيضـا ً في الشــرق
اإلسالمي بعض الناس الذين قد يحدّثونك عن الماديــة الديالكتيكيــة أو التاريخيــة أو عن اإللحــاد ،لكنهم عنــدما ينطلقــون في خــط
المواجهة ضد المسيحيين فإنك تشعر أنهم يتح ّر كون كما لو كانوا مسلمين ملتزمين ،وهذه تجربة عشناها في لبنان.
هناك ملحدون يتحرّ كون بالعصبية اإلسالمية ربما بأكثر مما يتحرّ ك به اإلنسان المسلم الملــتزم ،ألنهم يعيشــون الوجــدان الــديني
في رواسبهم وإن لم يعيشوه في عقولهم ،ال يزال الوجدان الديني يفرض نفسه على كل حركة اإلنسان في العالم ،والقليلــون جــداً
يمثل أكثرية في الواقع.في العالم الذين استطاعت علمانيتهم أن تعزلهم عن الدين كلية ،وربما بدأ هذا العدد يتنامى لكنه ال ِّ
عندما نعيش هذا الوجدان الديني فهناك مشكلة ،وهذه المشكلة هي أنّ هنــاك فهمـا ً مع َّقداً لمســألة اإلســالم والمســيحية في المواقــع
المختلفة ،فهناك في الشرق اإلسالمي الذين يتصوّ رون أنّ الغرب يعني المسيحية وأنّ حركــة الغــرب االســتعمارية أو أنّ حركــة
الغرب العدوانية في أية حالة من الحاالت هي حركة مسيحية في مواجهــة اإلســالم ،ولعلّنــا عنــدما نــدرس كثــيراً في أدبياتنــا في
عهد االستعمار القديم وأدبياتنا في عهد العدوان االستكباري في االستعمار الجديد نجد كثيراً من هذا ،حتى رأينا أنّ البابا يضطر
في حرب الخليج إلى أن يصدر بيانا ً بأنّ حـرب التحـالف في الخليج ال دخـل للمسـيحية فيهـا ،وأنّ الفاتيكـان ال يوافـق على ذلـك
وإنما يدعو إلى حل المسائل بالطرق السلمية ،على أساس أنه الحــظ أنّ حجم الحــدث كــان يضــغط على الوجــدان اإلســالمي في
المنطقة اإلسالمية بالمستوى الذي جعل البعض يخيِّل إليهم أنها حرب المسيحية على اإلسالم وحرب المسيحيين على المسلمين.
وهكذا نجد في الغرب َمن يفسِّر حركة التحـ ّرر والمواجهــة لعــدوان اإلدارات الحكوميــة في هــذا البلــد الغــربي أو ذاكَ ،من يجــد
المواجهة التي قد تفرض كثيراً من األساليب ربما تكــون أســاليب سياسـية وإعالميـة وأمنيـة ،سـواء سـمّيتها إرهابـا ً أو دفاعـا ً أو
تحرراً ،إنّ هناك حركة في الغرب تريد أن توحي للرأي العام الغربي في بعض حركــة اإلعالم أنّ هنــاك عــودة للمســلمين ضــد
المسيحيين فكأ ّنــك عنـدما تواجـه اإلدارة األميركيـة أو الفرنسـية أو البريطانيــة فإ ّنـك تواجــه المســيحية في هـذه اإلدارات ،ونحن
نعـرف أنّ السـيد المسـيح(ع) ال مكـان لـه ال في الـبيت األبيض وال في هـذه الـدائرة أو تلـك الـدائرة .لكن اإلعالم يتحـرّ ك بهـذه
الطريقة.
إنّ علينا أن نعمل على توعية الوجدان الــديني هنــا وهنــاك ،بــأنّ مســألة الصــراع السياســي بين المســتكبرين والمستضــعفين هي
صراع بين االستكبار واالستضعاف ،ولذلك نجد أنّ المستكبرين يضغطون في بعض الحاالت على المناطق المسيحية أكثر ممــا
يضغطون على بعض المناطق اإلسالمية .هل أنّ شعوب أميركا الالتينية هي شعوب إسالمية؟ هل أنّ كثــيراً من الشــعوب الــتي
ضغط عليها الغرب كالهند مثالً وما إلى ذلك هي شعوب إسالمية؟ ولكن الغرب ،وال أقصد الشعوب الغربية فالكثيرون منهم قــد
يكونون مستضعفين مثلنا أمام حكوماتهم ولكني أتحـدّث عن اإلدارات في الـدول الغربيـة مـع االختالف بين إدارة وأخـرى وبين
مرحلة وأخرى في هذه اإلدارة أو تلك.
إننا نستطيع أن نعتبر أنّ المسألة ليست هي مسألة اإلسالم والمسيحية في حركة الصراع كله وإالّ فإننا نجد أنّ الغرب ،إذا أردنا
أن نعطيه الصفة المسيحية ،كيف يقف ضد الفلسطينيين والفلسطينيون منهم المســيحيون ومنهم المســلمون؟ هــذه مســألة ال بــد أن
نثيرها حتى ال تختلط المفردات في أفكارنا عندما نريد أن ننفذ إلى حركة الواقع.
إنّ من الطبيعي أن يحدث مثل هذا شيئا ً في الساحةـ من معنى الصراع ألنّ طبيعة الحركة المضادة هنا وهنــاك تفــرض شــيئا ً من
التعقيدات ومن المشاكل ومن سوء التفاهم والتسابق وما إلى ذلك .إننا نتصوّ ر أننا عنــدما نعيش روحيــة اإلســالم كفكــر يريــد أن
يربح فكر اآلخر وروحية المسيحية كفكر يريد أن يربح الفكر اآلخر فإننا قــد نســتطيع أن نأخــذ بأســباب األســاليب الحديثــة الـتي
يعيشها الواقع الفكري بأالساليب الموضوعية الحديثـة ،فنحن نجـد هنـاك في الغـرب اختالفـا ً في األفكـار ،ونجـد أنّ هنـاك تيـاراً
يدعو إلى نفسه وإلى جانبه تيار يدعو إلى نفسه ،سواء على مستوى القواعد الفكرية أو على مستوى الخطوط السياسية ومــا إلى
ذلك .ومع ذلك نجد أنهم يعيشون روحا ً تنافسية ،قد يزحف إليها شيء من التعقيد ولكن التعقيــد ال يتحــوّ ل إلى حركــة عنــف ،وال
يتحوّ ل إلى حركة نفي لآلخر أو انغالق عنه.
إنها تجربة حيّة عاشها الفكر العلماني ،ويمكن للفكر الديني أن يأخذ بها ،وعاشتها الحركية العلمانية في إعالمهــا على المســتوى
الفكري والسياسي ويمكن للحركة الدينية هنا وهناك أن تعيشها في إعالمها على جميــع المســتويات .إننــا ال نعتــبر أنّ هــذا النهج
هو نهج ال يمكن بلوغه ولكن بشرط أن يرجع المب ِّشرون والدعاة إلى ِق َيمهم الروحية ،ألنّ مشكلتنا أننا قد ننطلق من روح القيمة
في خطواتنا األولى لكننا نستغرق في المهمةـ بعيداً عن القيمة.
يمثلون المسيحية أبشع البغض والحقد والتعالي وما إلى ذلك المسيحية تقول هللا محبة ،ولكنك قد تجد في كثير من خطوات الذين ِّ
ألنّ اإلنسان قد ينطلق من القيمة ولكنه عندما يستغرق في الدور ينسى القيمة ،وقد تجد أيضا ً في اإلسالم الذي يتحدّث أنّ هللا هو
ص ْوا ِب ْال َمرْ َح َمةِ} .نجــد أنّ
صب ِْر َو َت َوا َ {و َت َوا َ
ص ْوا ِبال َّ ِين}َ ، {و َما أَرْ َس ْل َنا َ
ك إِاَّل َرحْ َم ًة ل ِْل َعالَم َ الرحمان الرحيم وأنّ الرساالت هي رحمة َ
يمثلون اإلسالم رسميا ً أو قاعــديا ً يعيشــون أبشــع أنــواع الرحمة هي القيمة التي يعيشها اإلنسان المسلم ولكنك تجد الكثيرين ممّن ِّ
القسوة والعنف وما إلى ذلك .ألننا انطلقنا من القيمة أوالً واسـتغرقنا في الـدور ثانيـاً ،وهـذا هـو الـذي كنت أعبِّر عنـه في بعض
أبحاثي روحية المهنة وروحية الرسالة .يتحوّ ل الدين عندنا إلى مهمة وهو رسالة ،ولذلك نفقد روحية الرسالة في حركة المهنة.
إننا نستطيع عندما نعيش ونحن نتحرّ ك في كل خطوة أن نقرأ اإلنجيل قراءة تدخل إلى كل مشاعرنا وعقولنا ونقــرأ القـرآن نفس
القراءة ونستطيع من خالل ذلك أن نعرف أنّ من الممكن التعايش بين حركة الدعوة وحركــة التبشــير ،بحيث يتحرّكــان بروحيـة
التنافس ال بروحية الصراع.
وفي المجاالت األخرى هناك حملة علمانية مادية على الدين كله فكما هناك حملة تستهدف اإلسالم في عقيدتــه وشــريعته فهنــاك
حملة تستهدف المسيحية بالذات في عقيدتها ومنهجيّتهــا في الحيــاة ،هنــاك اســتهداف للمبــدأ ،لإليمــان باهلل ،والمســيحية واإلســالم
يستطيعان أن يعيشا روحية اللقاء في مواجهة كل التيارات المضادة التي تعمل على إسقاط مضمون اإليمان في وجدان اإلنسان.
المسيحية واإلسالم ينكران الظلم من أي أحد ،ويحاربان االستكبار في كل موقع وهمــا يعرفــان أنّ االســتكبار يعيش في المواقــع
اإلسالمية والمسيحية وأنّ الظلم يعيش في المواقع اإلسالمية والمسيحية ويمكن لهما أن يلتقيا في هذا المجال .نحن ال نف ّكــر فقــط
أنّ الحوار وحده هو اللقاء ولكننا نتصوّ ر أنّ الحركة هي التي تؤ ّكد اللقاء وتجسّده ،ويمكن لنا أن نجرِّ ب هذا اللقــاء ،وليس بــدعا ً
من حركة الواقع الفكري والسياسي في العــالم ،فنحن نجــد أنّ هنــاك تيــارات فكريــة وسياســية واقتصــادية تلتقي مــع بعضــها في
القواعد المشتركة وفي األهداف والوسائل المشتركة دون أن يفقد كل واحد منهما خصوصيته في هذا الجانب أو ذاك.
لذلك نتصوّ ر أنّ مسألة اللقاء هي مسألة واقعية أثبتت نجاحها في حركة الواقع في المجاالتـ األخرى ،فلذلك فإنها لن تكون بدعا ً
من الحاالت .ومن خالل ذلك نعرف أننا في العالم لن نعيش في زاوية ضيِّقة وهي زاويــة الصــراع بين اإلســالم والمســيحية ،أو
الصراع بين المسلمين والمسيحيين ،فالمسلمون والمسيحيون يعيشون االستضعاف في أكثر من موقع في العــالم حــتى في داخــل
الدول المستكبرة ،ويمكنهماـ أن يتوحّ دا سياسيا ً في مواجهة االستكبار وفي التخطيط لعناوين مشتركة للعدالة االجتماعية وللحريــة
ولغير ذلك من األمور.
وإذا كنا نريد أن ننطلق بالمسيحية واإلسالم كفكرين يختلفان في المفاهيم ،فإننا نجد أن الحــوار الفكــري العلمي الموضــوعي بين
المسيحية واإلسالم يمكن أن يتحرّ ك في المؤتمرات العلمية والثقافية على أسـاس الموضـوعية الــتي تبحث عن نقـاط اللقــاء الـتي
تتفق عليها وعن نقاط الخالف لتتحاور فيها ألنّ قضية أن تقنع إنسانا ً بــأي فكـر ال بـ ّد لـك أن تحـ ّرك لـه الفكــر بطريقـة منهجيــة
لتدخل إلى عقله أو ليدخل إلى قلبه ،وسنكتشــف إذا اســتطعنا أن نتحـ ّرك بــالحوار اإلســالمي ــ المســيحي بطريقــة موضـوعية ال
بطريقة استعراضية إعالنية ،كما تفعل في لبنان ،فإننا سنكتشف أنّ مسألة القيمة اإلنســانية وأنّ مســألة القيمــة الحياتيــة تلتقي في
المسيحية واإلسالم بنسبة ثمانين بالمئة ،قد تختلف بعض تفاصيل القيمة هنا وبعض تفاصيل القيمة هناك ،ولكننا إذا فهمناها فهماًـ
حقيقيا ً عميقا ً فإننا نجد أنه ليس هناك اختالف في القيمة.
وأظنّ أن بعض أحاديثي في هذه القاعة أو في غيرها ألمحت إلى أنّ بعض الناس عنــدما يطلقــون كلمــة الســيد المســيح(ع)" :إذا
ضربك أحد على خدك األيمن فادر له خـدك األيسـر" ،إنهـا تمثـل الكلمـة الـتي تشـ ّجع على الضـعف ولهـذا رأينـا شـاعراً كبـيراً
كالشاعر القوي يخاطب السيد المسيح ويخرج عن التهذيب في خطابه للسيد المسيح(ع) عندما يقول في قصيدته المعروفة:
يسوع
َ فاضربْ بسيفِ محمد واهجُر *** رفع الضيم
َ إذا حاولتَ
ك مُستطيعا
ب النار إن ت ُ
من عذا ِ أجرنا من عذاب ال َّنير ال ***
إنه يفهم المسألة مسألة ضعف ،ولكني أفهمهاـ مسألة ارتفاع في سمو الروح التي تبلغ من المحبة للمستوى الذي تكون فيــه مه ّيــأة
أنه إذا ضربها أحدهم على خدها األيمن فإنها تدير له األيسر .إنها مســألة نـوع من أنـواع االرتفــاع بــالروح إلى المسـتوى الــذي
تتخ ّفف فيه من كل أثقال ردود الفعل المتش ّنجة بحيث لو أرادت أن تعفو فإنها تعفو.
وبذلك تلتقي هذه القيمة المسيحية الرسالية بالقيمة اإلسالمية التي تقولَ { :ف َم ِن اعْ َتدَى َعلَ ْي ُك ْم َفاعْ َتدُوا َعلَ ْي ِه ِبم ِْث ِل َما اعْ َتــ دَى َعلَ ْي ُك ْم}
{وأَنْ َتعْ فُوا أَ ْق َربُ لِل َّت ْقـ َـوى} ولكن اتــرك في قلبــك مســاحةـ من العفــو .كن اإلنســان الــذي يشــعر أنــه لك الحق في أن ترد العدوان َ
صاحب حق ولكن كن صاحب الحق الذي يتح ّس س روح العفو في نفسه فيعفو عن حقه عندما تكون المصلحة اإلنسانية أن يعفــو
عن حقه .ولذلك نلتقي في هذا المجال ـ لتوضيح الصورة ـ بكلمة ألحد أئمة أهل البيت (عليهم الســالم) ،اإلمــام علي بن الحســين
زين العابدين(ع) يقول" :وأما حق َمن ساءكـ فأن تعفو عنه ،فإن رأيت أن العفو عنه يضرّ ه انتصرت لنفسك" .أن تعفــو عنــه مــا
دام العفو ال يشجّ عه على العدوان ،فإذا رأيت أنّ العفو يش ّجعه على العدوان انتصرت لنفسك في هذا المجال.
لذلك قد يكون الحوار الموضوعي الذي يشترك فيه المسلمون في فهم مصادر المسيحية في قيمهــا ويشــترك المســيحيون في فهم
تدخالً
يمثل ّمصادر اإلسالم وقِ َيمه فال يقل المسيحي للمسلم :ليس من ح ّق ك أن تجتهد في اإلنجيل أو تجتهد في المسيحية ألنّ هذا ّ
في الشؤون الداخلية عل الطريقة السياسية ،أو يقول المسلم للمسيحي :ليس من ح ّقك أن تجتهد في القرآن أو في اإلسالم ألن هذا
يمثل تد ّخالً في شؤون المسلمين ،ألنّ قضية القرآن أ ّنه كالم عربي مبين واإلنجيل كالم ُتر ِج َم إلى العربية أو هو في لغتــه يملــكّ
معنى فمن تث ّق ف بهذه اللغة أو تلك اللغة ،وبهذه المفاهيم وتلك المفاهيم ،فلماذا ال يملك الحق في أن يفهم كمــا يشــاء ويجتهــد كمــا
يشاء من خالل أصول هذا الموضوع أو ذاك الموضوع ألننا ال نفهم االجتهاد المزاجي أو العشوائي.
لذلك نحن ندعو إلى حركية فكرية ال يحشر كل نوع منها نفسه في زاوية آلخذ المسيحية من خالل المســيحي فال يكــون لي حــق
أن آخذها بنفسي أو آخذ اإلسالم من المسلمين .عندما ننطلق ليجتهد المسلم في المسيحية وليجتهد المسـيحي في اإلسـالم نسـتطيع
أن نتو ّحد في الفهم ويصحّ ح المسيحي للمسلم الكثــير من فهمـهـ لإلســالم ويصــحّ ح المسـلم للمســيحي الكثــير من فهمـهـ للمسـيحية،
عندها يتحوّ ل اإلسالم إلى حركة علم وفكر وتتحول المسيحية إلى حركة علم وفكر.
وعند ذلك لن تكون لنا شخصيات معلَّبة تعيش في أبــراج عاجيــة تطــل على النــاس من فــوق .إنّ المســيحية واإلســالم عنــد ذلــك
تكونان كالهواء والماء ،يتن ّف س الناس كل اإلسالم والمسيحية بحجم ثقافتهم ،ويشرب الناس كل اإلسالم والمسيحية بحجم ثقافتهم.
إننا نستطيع أن نرتاح من كل هذه التعقيدات ولكننا ورثنا واقعا ً مع ّقداً وألفنا هذا التعقيد ،حــتى أصــبحت المســألة المشــكلة عنــدما
يتح ّد ث إنسان إنني أريد أن أدخل المسلمين في المسيحية أو أريد أن أدخــل المســيحية في اإلســالم ،إنّ هــؤالء يعتــبرون المســألة
عدوانية من هؤالء وأولئك ،ولكننا ال نرى أحداً يشعر بهذه ال ِح ّدة عندما يقول أحد إنني أريد أن أجعل مسيحيا ً ماركسياً ،هل تجــد
أن المسيحيين يتع ّقدون إذا صار مسيحي ماركسياً؟ـ أية قرابة بين المسيحية والماركسية،ـ إنّ القرابة بين اإلسالم والمسيحية أكــثر
قربا ً من قرابة المسيحية والماركسية .وهكذا عندما يراد لمسلم أن يدخل في المسيحية فهناك الويل والثبور وعظائم األمور ولكن
أن يصير مسلم ماركسياً،ـ تلك ليست مشكلة،ـ هذه سياسة،ـ وال مانع أن تكــون مســلما ً ماركســيا ً أو مســيحيا ً ماركســيا ً أو أي شــيء
أكثر ،ولكن ال يمكن أن تكون مسلما ً أرثوذكسيا ً أو مسيحيا ً شيعيا ً أو سنياً ،ألنهم يعتــبرون أنّ اإلســالم والمســيحية همــا معــرض
لكل التيارات العلمانية ،لكنه ال يسمح ألي تيار ديني أن يدخل في داخله ،وهذه مسألة التعصّب األعمى الذي ال يفقه الفكــر حــتى
فكره عندما يحرّكه .إنّ المسألة هي أن يبقى االنتماء حتى ولو بالطريقة الرسمية.
إذا استطعنا أن نثير هذا النوع من األفكار في واقعنا ،فإننا قد نتقـرب إلى تجربـة حيّـة قـد تقودنـا ولـو بعـد خمسـين سـنة إلى أن
نكون مسيحيين مسلمين موضوعيين نعيش بسالم ألننا نف ّكر بسالم ،لكن مشكلتنا أننا نف ّكر بعقليــة الحــرب ولــذلك ال يمكن إال أن
نعيش واقعية الحرب.
فإذا جئنا إلى هذا اللبنان ،نحن في لبنان نشغل الدنيا بكل "لبننتنا" ،و"لبننتنا" الرسمية هو إســالمنا ومســيحتنا ،ألســنا نقــول ذلــك؟
نحن ن ّت هم بعضنا البعض في اللبنانية ،وقد ينطلق بعض الناس ليشترط عليك شروطاً ،أتريد أن تكون لبناني ـا ً صــحيحاً ،مخلص ـاً،
إذاً آمن بلبنان كما تؤمن باهلل ،هللا هو األزلي السرمدي الدائم ،ولبنان وطن نهائي أزلي دائم .أليس ذلك؟
في الحوار اإلسالمي ــ المسيحي تتح ّرك هذه الكلمة ،لبنــان عليــه أن يكــون ،أن يقبــل المســلمون الم ّتهمــون بلبنــانيتهم ،أن يقبلـوا
ويعترفوا ويجيبوا عن األسئلة ،هل يريدون لبنان وطنا ً نهائيا ً أزليا ً أو أنه وطن المرحلة؟ إنني أحب أن أقـول :هـذه الكلمــة تعــني
أننا شعب ال يعيش عصره ،ولكنه يعيش في التاريخ الضيّق الذي ال يبلغ كل هذا الضيق .كيف؟
لبنان بحدوده الجغرافية هو وطننا جميعا ً ،فنحن نعيش فيه وال يستطيع أن يزايد أحد على أحــد ،مســيحيا ً كــان أو مســلما ً في هــذه
المسألة ،أنت تعيش في قريتك ولك ذكرياتها ومالعبها وأحالمها وأنا أعيش في نفس القربة بهذا الشــكل ،لكن هــذا اللبنــان الــذي
نعيشه كيف صارت حدوده ،هل أنّ هللا رسم حدوده ليأخذ صفة من هللا في أزليته ،أو أن الفرنسيين رسموا له حدوده؟ وقد نقــول
إننا عملنا على ذلك ونحن نعرف أنّ المستعمر عندما يرسم حدوده فإن اآلخرين يقبلون ما يرسمه ،ويقولون إننا اخترنا الكلمــات
سهلة في اللغة العربية في مترادفاتها وما إلى ذلك.
قد تكون المصلحة في المرحلة الحاضرة أن نظ ّل في إطار هــذه الحــدود الجغرافيــة ،ولكن مــاذا لــو تطــوّ ر المســتقبل وأصــبحت
مصلحة اللبنانيين أن يتوّ حدوا إقليميا ً أو دوليا ً أو شرق أوسطيا ً أو ما إلى ذلـك؟ كنــا نتحـدّث عن العــالم العــربي وأصــبحت اللغــة
السياسية التي تعمل على إلغاء العالم العربي هي منطقة الشرق األوسط ،لو أنّ المسألة أصبحت كذلك ما هو الشيء الذي يمنعنا
مع العرب أن نتو ّحد مع أقطار الشرق األوسط.
لقد كان لبناننا أوروبيا ً في حــدوده وهــا هي أوروبــا تحــاول أن تنســف كــل الحــدود بينهــا ،ألن المصــالح االقتصــادية والسياســية
واألمنية بدأت تفرض نفسها على كــل الواقــع األوروبي ليتوحّـ د مــع مــا نعــرف من الفــروق الكبــيرة جــداً بين بلــد أوروبي وبلــد
أوروبي آخر مما ال نعرف بين بلد عربي وبلد عربي آخـر ،ألنهم يحرّكـون سياسـتهمـ تبعـا ً للتحـديات الــتي تواجــه إنســانهم ،وال
يعتبرون الحدود أكبر من اإلنسان ولكنهم يرون اإلنسان أكبر من الحدود.
نحن في هذا الشرق يصنع لنا اآلخرون أصناما ً نعبدها ،لـو كـانت األصــنام ممـا صـنعناه نحن ألمكن أن تقـول إنـك تعبـد نفسـك
عندما تعبد الصنم الذي صنعته ولكن اآلخرين هم الذين يصنعون لنا أصناما ً لنعبدها ،لذلك نجد أنّ خالفات الحدود بيننــا كعــرف
أو كشرق أوسطيين هي خالفاتـ تتحرّ ك لتدمِّر اإلنسان ،والحدود إنما وجدت لمصلحة اإلنسان.
لذلك عندما تتح ّدثون عن الحاضر قد يكون لكم حرية أن تح ّددوا للحاضر حدوده ولكنكم عندما تتحدّثون عن المستقبل ليسـت لكم
الحرية في أن تحبسوا المستقبل في قمقم حبستم أنفسكم فيه ألنّ الحاضر إذا ضاقَ بكم فإنّ المستقبل قد ي ّتسع لغيركم بشــكل أكــثر
انفتاحاً ،لذلك تحدّثوا بواقعية عن سياستكمـ في الحاضــر وال تســتغرقوا في إنســانكم الــذي لــو اســتفتيتموه ،هــذا اإلنســان العــادي،
لرأيتم أنه يرفض الكثير مما تفرضونه عليه وتنطقون من خالله باسمه.
هذه نقطة ال بد أن ُنثيرها في الواقع الذي نعيشه في لبنــان ،ث ّم ال بــد لنـا أن ننتهي من هـذا الجــدل االسـتهالكيَ ،من يُحــاور َمن،
ونتحدث في لجان الحوار ونتحدّث في كل قواعد الحوار ،نتحدّث كعلماء دين وكرجال سياسةـ والقضية التي تفرضها ،نحن نريد
أن نتحاور باسم الناس الذين نتح ّدث باسمهم ،أليس كذلك؟ أنت كقيادة دينية مسيحية أو إســالمية أو أنتَ كقيــادة سياســية إســالمية
أو مسيحية ،أنت تتح ّدث من خالل صفة القائد فيك على أساس واقع الناس الذين تقودهم.
إنني أزعم أنّ اللبنانيين المسيحيين والمسلمين بنسبة تستعين بالمئة في المواقع المختلطة جغرافيا ً واقتصاديا ً وثقافيا ً قد فرغوا من
الحوار من سنين ألنهم تحاوروا في حياتهم اليومية وتحــاوروا في آالمهم ومشــاكلهم وعالقــاتهم ،واســتطاعوا أن يرســموا خطــة
للسالم فيما بينهم حتى جاءت القيادات لتفرض عليهم الحرب .لقد قلت ذات مرة إذا أرادت القمة أن ترتفــع فعليهــا أن ترتفــع إلى
مستوى القاعدة ،ألنّ القاعدة أكثر وعيا ً للقضايا الكبرى الحيوية المصيرية ممن يعتبرهم الناس قمماً ،ســواء كــانت قممـاًـ روحيــة
أو سياسية ،ألنّ مشكلة القمم أنها تعيش أبراجها العاجيــة ،أمــا الــذين يكتــوون بالنــار ويجوعــون ويعطشــون بعيــداً عن المدرســة
هؤالء هم القاعدة.
لذلك فقد استطاعت اآلالم أن تجمعهم بما لم تستطع األديان أن تجمع هؤالء ألن الناس يبحثون عما يو ّحدهم أما نحن الذين نزعم
أننا في مواقع القيادة للناس فإننا غالبا ً نبحث عما يؤ ّك د فرقتنا وعما ينتج الفرقة للناس .ولهذا ابتدعنا في لبنــان خوفـا ً مســيحيا ً من
الشـ ْي َطانُ ي َُخـ وِّ فُ أَ ْولِ َيـا َءهُ} من المسـلمين
المسلمين ثم خوفا ً إسالميا ً من المسيحية ،والقصة هي ما قالـه هللا في كتابـه{ :إِ َّن َمـا َذلِ ُك ُم َّ
ون إِنْ ُك ْن ُت ْم م ُْؤ ِمن َ
ِين}. والمسيحيين { َفاَل َت َخافُو ُه ْم َو َخافُ ِ
"اإلسالم والمسيحية بين ذهنية الصراع وحركيــة اللقــاء" ،إننــا نعتــبر أن الصــراع ليس هــو القضــاء والقــدر وليس هــو الحتميــة
التاريخية والحالية والمستقبلية ،الصراع حركة في أحاسيس اإلنسان ولكن الروحية انطالقـة في وجـدان اإلنسـان؛ فتعـالوا نبتعـد
عن كل الحساسيات ألنها تحرقنا ولننطلق مع كل الروحيات ألنها ترفعنا وتعطينا صفاء الروح والعقل والوجدان وطهارة الحياة
ضـ َنا َبعْ ضـا ً ك ِبـ ِه َشـيْئا ً َواَل َي َّت ِخـ َذ َبعْ ُ واستقامة الطريق ووحدة الهدف { َت َعالَ ْوا إِلَى َكلِ َم ٍة َس َوا ٍء َب ْي َن َنا َو َب ْي َن ُك ْم أَاَّل َنعْ بُدَ إِاَّل هَّللا َ َواَل ُن ْش ِر َ
ُ ُ ِي أَحْ َسنُ إِاَّل الَّذ َ {واَل ُت َجادِلُوا أَهْ َل ْال ِك َتا ِ
ـز َل إِلَ ْي ُك ْمِين َظلَمُوا ِم ْن ُه ْم َوقُولُوا آَ َم َّنا ِبالَّذِي أ ْن ِز َل إِلَ ْي َنــا َوأ ْن ِ ب إِاَّل ِبالَّتِي ه َ أَرْ َبابا ً مِنْ د ِ
ُون هَّللا ِ} َ
ُون } وحياتنا واحدة ومصيرنا واحد وإنسانيتنا واحدة ،فتعالوا نرتفــع بإنســانيتنا إلى هللا لتغتســل َوإِلَ ُه َنا َوإِلَ ُه ُك ْم َوا ِح ٌد َو َنحْ نُ لَ ُه مُسْ لِم َ
س ْ
ك َفل َي َت َنــا َف ِ َ
{وفِي ذلِ ـ َ هــذه اإلنســانية بالروحيــة الــتي يمنحنــا هللا فيــه كــل الفــرح والمحبــة والخــير والحــق والعــدل والســرورَ ،
ُون}. ْال ُم َت َنافِس َ
والحمد هلل رب العالمين
أسئلة الحضور
س :ما القول الذي تملكه للشباب الذي يتحرّ ك من خالل الفاتيكان أو من خالل بعض األنظمة خصوصا ً بعــد اعــتراف الفاتيكــان
بإسرائيل؟
ج :من الطبيعي أننا ناقشنا الفاتيكان كدولة من خالل وعينــا للمســيحية الــتي ينطــق الفاتيكــان باســمها ونحن نعــرف أنّ للفاتيكــان
إيجابياته الكثيرة في االنفتاح وفي تقارب األديان وتقارب اإلســالم والمسـيحية وفي أكــثر من لفتــة في المسـألة اللبنانيـة فيمــا هي
قضايا التعايش بين اللبنانيين ،ولكننا ناقشناه كما ناقشهـ بعض المسيحيين في أن االعتراف بإسرائيل الذي يعطي إســرائيل قــوة ال
سيما في المرحلة الحاضرة التي يعيش فيها الفلسطينيون صراعا ً من أجــل تثــبيت وجــودهم ويعيش فيهــا اللبنــانيون والســوريون
واألردنيون والعرب الكثير من التعقيدات في إخراج المحتل من أرضهم .إننا في الوقت الــذي نــرفض فيــه االعــتراف بإســرائيل
جملة وتفصيالً على أساس ال ِق َي م اإلسالمية والمسيحية مع ذلك نقول للفاتيكان ،إذا كانت هناك ضغوط على الفاتيكــان كدولــة كمــا ً
سمعته من بعض ممثلي الفاتيكان وهو يشكو حجم الضغوط التي تطبق على الفاتيكان فإنّ التوقيت لم يكن هو التوقيت األفضل.
التشريع؟
س :ما هو سبب وجود التشــريع في اإلســالم وعــدم وجــوده في المســيحية ،ومــا هــو التشــريع الــذي يمكن أن تتب ّنــاه المجتمعــات
المسيحية؟
ج :من الممكن أن نقول بعض الناس :إنّ المسيحية قد تستوحي العهد القديم في بعض تشريعاته وربمـا تعتــبر أن بعض المفــاهيم
العامة التي تمثل عناوين المسيحية القيمية قد تجعل المسيحيين يستوحون بعض تشــريعاتهم الــتي يختارونهــا أو الــتي يصــنعونها
من ذلك.
نحن نعتبر أنّ كل دين أنزله هللا إلى الناس ،فإنها ال بد أن يعالج المشكلة اإلنسانية من جميع جوانبها .فلذلك إنّ روحيــة التشــريع
ليست بعيدة عن المسيحية إذا غابت عنها تفاصيله.
وجود هللا؟
س :تح ّد ثتم عن ضرورة اإليمان عن طريق العقل ولكن ربما ال مجال للوصول إلى إجابة حاسمةـ في هذا المجال بالنسبة لوجود
هللا ،هناك نقاش فلسفي يبدو أنه ال يحسم إلى أحد األطراف .ما هي وجهة نظركم في هذا المجال؟
ج :من الطبيعي جداً أنه كما أنّ لإليمـان نظرتـه العقالنيـة في مسـألة وجـود هللا فلإللحــاد وجهــة نظـر في ذلــك ،وربمـا ال يملـك
اإللحاد وجهة نظر بمعنى نفي وجود هللا ،ألنّ أي إنسان ال يملك أن ينفي وجود هللا ألنّ النفي يحتاج إلى حجة ،أل ّنــه حكم بالعــدم
ولكنه يستطيع أن يش ّك ك ،أن يقول لم يثبت عند وجود هللا ،لكن الذي يؤمنون باهلل يعتقــدون من خالل الحــوار والجــدال أنّ هنــاك
أدلّة حاسمةـ يمكن أن تثبت وجود هللا بطريق العقل ،وليس معنى أن تكون لك أدلّة حاسمة أن ال يكون هنــاك َمن يناقشــها،ـ هنــاك
وجهة نظر وال بد لك أن تدافع عن وجهة النظر هذه.
ونحن نتصوّ ر أنّ المؤمنين باهلل قد استطاعوا أن ينجحوا في معركة االستدالل على وجود هللا بالعقل.
الدين والحروب؟
س :يصوّ ر اإلعالم الغربي واللبناني أنّ الدين هو سبب الحروب في العالم؟
ج :إنني أتساءل ،في القرن العشرين الذي حدثت فيه حربان عالميتان وحروب نصف أو ربــع عالميــة في أكــثر من موقــع ،هــل
الحرب العالمية األولى كانت حربا ً دينية؟ وهل حرب الحلفاء ضد ألمانيا كانت حربا ً دينية؟ وهل حرب الحلفاء في الخليج كــانت
حربا ً دينية؟ دلوني على حرب دينية بالمعنى المصطلح للحرب الدينية في كل هذا القرن الذي عشــناه بالطريقــة الــتي يهـدّد فيهــا
العالم.
الواقع أنّ الدين كان في كل هذه الحروب داعيــة ســالم ،وكــان الالدين ،ســواء كــان الالدين فكــراً أو سياســة ،هــو المســؤول عن
الحروب .حتى لبنان الذي يقول فيه بعض الناس :إن مشكلة لبنان هي الدين ،أنا أقول من موقع مسؤول ومد ّقق لتفاصيل الواقع،
إن مشكلة لبنان عدم الدين ..لو كان اللبنانيون متديّنين لمـا يتقـاتلوا لكنهم حمـل كـل واحـد منهم الـدين طبالً يـدق عليـه والطبـول
تعطي األذن تشويشا ً واألحاسيس حماسا ً ولكنها ال تعطي العقل أي شيء .كفـوا عن الطبـول الدينيــة وتحرّكـوا بالــدين العقـل فلن
تتحاربوا.
س :الحديث عن تع ّددياتنا ،والدعوة للصبر عليها ،هل ينطبق أيضا ً برأيكم على حدود األزمــة في لبنـان ،وبالتــالي هـل يعــني أنّ
السبب المباشر للصراع ليس التعددية كواقع طبيعي إنما هو رفضها وإنكارها ومحاولة تجاوزها بشكل مصــطنع وهش ومفتعــل
أم أنّ هذه الدعوة تعني انتظار اليوم والظرف األفضل؟
ج :أنا ال أستطيع أن أقول إن لبنان يصلح أن يكون نموذجا ً لصراع التعدديــة والوحــدة ألنّ لبنــان في طبيعتــه السياســية والدينيــة
يمثل فوضى السياسة وفوضــى الــدين وفوضــى الفكــر .إننــا في لبنــان نعيش حــوار الطرشــان ،المهم أن تتكلم وليس القضــية أن ّ
يسمعك اآلخر ،نحن نحسن أن نتكلّم ولكننا قد نحتاج إلى أن نأمل آذانا ً كثيرة حتى نقوّ ي آذاننــا على الســماع ونقــوّ ي وعينــا على
ُـون أَحْ َسـ َنهُ} والحظـوا الفـرق بين
ُون ْال َق ْـو َل َف َي َّت ِبع َ الصبر فيما نسمع لنف ِّكر فيه ولنختار على طريقــة { َف َب ِّشـرْ عِ َبــا ِد * الَّذ َ
ِين َي ْسـ َت ِمع َ
يسمعون ويستمعون ،االستماع عملية اختيار وإرادة للسماع ،أما السماع فقد يأتي دون اختيار ،كن المستمع وكن الذي يف ّكر فيما
يستمع وكن الذي يختار األحسن وكن الذي يتبع األحسن عندما يختار األحسن ،إرادة أن تستمع وأن تف ّكر وأن تختار وأن ت ّتبــع؟
هل في لبنان شيء من هذا؟ نحن في لبنان نحسن الضجيج جيداً ،ال نطيق الهدوء.
أسألكم سؤاالً ولدى كل واحد منكم سيارة أو أكثر ،لو انطلقتم في رحلة فهل تطيقون أن تبقـوا نصـف سـاعة أو ربـع سـاعة دون
أن تفتحوا الراديو؟ وتفتحون الراديو بعيداً عن طبيعــة مــا في الراديــو ألنكم ال تطيقــون أن تضــبطوا أنفســكم متلبّســين بالصــمت
الهادئ ،وبالهدوء العاقل.
نحن عندما نجتمع في السهرات ،وهذه مسألة شعبية ،في سهرات الشتاء ،يتحدث الجميع ثم يسكتون ألنهم اســتنفدوا حــديثهم ،أال
يقول أحدهم لآلخر" :لماذا ال تتكلمون" ،بعيداً عن ماذا نتكلّم ألننا شعب ال يطيق الهدوء ،محالّتنا تعيش الضــجيج نحن ال نعيش
الذوق الفني في درجة الصوت الذي نسمع ،لذلك لنتعلم الصمت حتى نستطيع أن ننفتح على الفكر من خالل الصمت.
في القرآن الكريم ،هللا أوصى السيدة العذراء مريم(ع) عندما أراد لها أن تجابه قومها الذين ربما يتكلّمون معهاـ كالما ً ســيئا ً { َفإِمَّا
صـ ْوما ً َفلَنْ أ ُ َكلِّ َم ْال َيـ ْـو َم إِ ْن ِسـ ّياً} صــوم الصــمت ،هــل تريــدون أن تصــوموا كمــا َت َر ِينَّ م َِن ْال َب َش ِر أَ َحداً َفقُــولِي إِ ِّني َنـ َـذرْ ُ
ت لِلــرَّ حْ َم ِن َ
تصومون عن الطعام والشراب ،عليكم أن تتعلموا أن تصوموا ولو بعض الساعاتـ عن الكالم وأنت تحفظــون الحكمــة "إن كــان
الكالم من فضة فالسكوت من ذهب" ،ليس السكوت عن الحق ألنّ الساكت عن الحق شيطان أخــرس ،ولكن الســكوت عن اللغــو
والسكوت للتفكير.
س :الثابت الواضح أنّ القيادات الدينية المســلمة والمســيحية تلتقي دائمـا ً في توجّههــا الوجـداني والعقالني وفي قناعاتهــا بواقعيــة
اللقاء بين المسيحية واإلسالم وبالقيم المشتركة التي تجمعها وهذا قد تأ ّكد حتى خالل سنوات الحرب ،كيف يمكن لنا أن ننقل هذه
القناعة من قمة الهرم القيادات إلى قاعدة الهرم الشعب حيث األمر يكون غالبا ً خالف ذلك؟
حاور بعضه وانطلق في حياته اليومية التعايشية ،أنا ال أحدّثكم عن مرحلــة الســلم َ ج :لماذا تريد أن تنقلها ،إننا قلنا إن الشعب قد
التي نعيشها ولكني أحدّثكم عن أيام خطوط التماس ــ ال أعادهــا هللا ــ عنــدما تفتح خطــوط التمــاس ،أال ينــدفع أهــل الشــرقية إلى
الغربية بشكل عفوي ويندفع أهل الغربية إلى الشرقية بشكل عفوي ولوال ما صنعه الذين أثــاروا الحــرب من خطــف هنــا يجعــل
اآلخرين يخافون أن يخطفوا لما رأيت هناك خطوط تماس.
إنا ندعو القيادات حتى الروحية أن تكون أكثر جدية في مسألة الحوار ألننا لو كنا أكثر جدية الستطعنا أن نتحــاور في المشــاكل
التي حدثت وكادت أن تهدّم الواقع اللبناني كمســألة االنتخابــات النيابيــة بالنســبة إلى َمن قاطعهــا وبالنســبة إلى مّن أيَّدها .لــو كنــا
نستمع دائما ً بقلب مفتوح وعقل مفتوح وأسلوب مفتوح لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه .إننا قد نعيش شكلية الحوار ولكننــا نتح ـدّث
عن روحية الحوار وجديته.
الطائفية السياسية؟ـ
س :أال ترون أنّ الطائفة السياسية في لبنان تش ّك ل عقبة في وجه الحوار اإلسالمي ـ المسيحي وكيف السبيل لتجــاوز هــذه العقبــة
إن استمرّت؟
ج :من الطبيعي جداً أننا نعتقد أنّ فقدان الحوار اإلسالمي ـ المسيحي هو الذي عمّق الطائفيـة وأنتجهـا من جديـد فلـو كـان هنـاك
حوار إسالمي ـ مسيحي عقالني موضوعي لما كان اإلنسان طائفيـا ً لكـان اإلنسـان مسـيحيا ً فكريـا ً وكـان مسـلما ً فكريـاً ،الحـوار
اإلسالمي ـ المسيحي وكل حوار بين أي فريق وآخر هو حركة من أجل إنهاء حالة التعصّب ومرحلة الجمود.
س :لماذا التشديد على الحوار الديني في عصر أصبح فيه واقع اإلنسان واقع قوميات وأصبح الصــراع صــراعا ً على المصــالح
االقتصادية بغض النظر عن األفكار الدينية حيث لم يعد الوجدان الديني هو الذي يحرّ ك هذه المجتمعات؟ـ
ج :مهما تح ّد ثت عن وجود المتغيِّرات من خالل الذهنية القومية أو الذهنية األممية ـ إذا صـ ّح التعبــير ــ فــإنّ الوجـدان الــديني ال
يزال يفرض نفسه ،حتى إننا نرى بعض القوميات تحرّ ك المفردات الدينيــة في كثــير من خطابهــا القــومي وتحــاول أن تلجــأ إلى
الدين ،أال تعرفون أنه عندما احتضر "ستالين" طلبت القيادة المركزية للحزب الشيوعي في االتحاد السوفياتي من المسيحيين أن
يذهبوا إلى الكنائس ليبتلهوا إلى هللا أن يعافي "ستالين".
إنّ الوجدان الديني هو عمق األعماق في شخصيتنا ،حتى لو كانت الطبقة السطحية في مشاعرنا وبعض عقولنا هي غير دينيــة،
لذلك الدين ّ
يمثل ضرورة وقد يكون خطراً لذلك ال بد أن نحسن شروط هذه الضرورة وندرأ طبيعة هذا الخط.
العلمانية؟
س :ما رأيكم بالعلمانية في لبنان ،أليست هي الجو المناسب لألديان أن تتحاور بعيداً عن السياسةـ خاصة في لبنان؟
ج :لماذا تريدون أن تحبسوا األديان في قمقم ،ولماذا تريــدون أن تعزلوهــا في الزاويــة؟ األديــان تريــد أن تتن ّفس الهــواء الطلــق،
العلمانية عندما تقارن بينها وبين دين يختزن العقيدة والمنهج والشريعة فإن العلمانية تكــون دينـا ً آخــر ،لمــاذا تريــدين أن أتنــازل
عن فكري الذي أدّعي خطأ ً أو صوابا ً شموله الختزن فكرك.
إنّ فكرك إنما يكون حالًّ عندما ال يكون حالًّ شامالً ،أما عندما يكون فكري حالًّ شامالً ،كما ي ّدعي الحركيون اإلسالميون ،فإنــك
تقول لي اترك فكرك وخذ بفكـري ،لمـاذا ال تـترك فكـرك وتأخـذ بفكـري إذا كـانت المسـألة بهـذا األسـلوب؟ ولكن نقـول تعـالوا
لنتحاور ،أيها العلمانيون ،فيما نختلف فيه من العلمانية والــدين ،أو تعـالوا أيهـا الــدينيون نتحـاور مـع الــدين ،أو أيهــا العلمـانيون
تحاور في العلمانية ،ال تصادر اآلخر ألنه يوحى إليك أنّ هو الفكر األشمل.
س :أنا مواطنة فلسطينية وديني هو المسيحية ،السيد المسيح(ع) قال :أحبوا أعداءكم وباركوا ألعنيكم؟ فكيف لي أن أحب الناس
الذين أخذوا بلدي؟
ج :قال أحبّوا أعداءكم ولكن بشرط أن ال يكونوا لصوصا ً يســرقون الهيكــل ،ولــذلك إن الســيد المســيح(ع) قــال :أحبــوا أعــداءكم
وباركوا العنيكم ،عندما تكون العداوة نبضة في القلب ومشكلة في اإلحساس لكن عندما تتحوّ ل العداوة إلى إلغاء إنسانيتنا وإلغاء
شروط هذه اإلنسانية ،إنّ المسيح(ع) طرد اللصوص من ساحة الهيكل ،والهيكل ليس مجرد مكان ولكن كــل بلــد يعيش اإلنســان
فيه عزته وكرامته هو الهيكل الذي يباركه هللا ويباركه السيد المسيح.
الوطن ...والوالء
س :يعاني الشابـ المسلم مشكلة الوالء فإماـ الوالء للدين أوالً ثم الــوطن ثانيـا ً أو العكس؛ـ فكيــف يمكن للعقالنيــة الدينيــة أن تحــدد
مشكلة الوالء؟
ج :لماذا تحاول أن تخلق مشكلة بين الدين والوطن ،الوطن هو وطن الدين ووطن المتــديّنين والمكــان الــذي يعبــد فيــه هللا ،نحب
وطننا وأرضنا عندما تكون إنسانيتنا مرتبطة بأرضنا ،نحن ندعو إلى أنسنة األرض ،أن ال تكون األرض مجرد صــنم نتعبــد لــه
ولكننا نعطي األرض من إنسانيتنا حتى تتساوى لدينا حرية أرضنا وحرية إنســاننا ،ألنّ األرض تتحــوّ ل إلى إنســان يحمي الــذي
يعيش عليه ويتحول اإلنسان إلى أرض يقاتل من أجل المكان الذي يعيش فيه .لماذا تحاولون أن تفهموا الــدين فهمـا ً غــير دقيــق،
إننا نعيش الوالء لوطننا ال على أساس أن الوطن صنم ،إن الوطن ليس هو الجبال والسهول والبحر ولكنه دالالت كل هــذا ،هــو
الذي عاش فيه التاريخ وهو الذي تحرّ ك فيه الحاضر وهو الذي ينطلق فيه المستقبل وهو الذي يتح ّرك فيه الدين ويغني تجربته،
فلذلك نوالي وطننا بطريقتنا ونوالي ديننا ونوالي هللا في الوطن وفي الدين وفي اإلنسان.
س :ذكرتم أنه ليس مشكلة أن يكون اإلنسان مسلما ً ويصبح مسيحيا ً من خالل فهمه وقراءاته والعكس ،ما قولكم في االرتداد عن
اإلسالم وإذا كان لديكم فكرة عن االرتداد عن المسيحية؟
ج :كنت أتح ّدث في األفق الذي أقول فيه إن لإلنسان أن يف ّكر بالطريقة التي تتح ّرك فيها إنسانيته في فكره ألنــه ال يملــك أحــد أن
يحبس فكري ويقول لي ال تف ّكر .يمكن ألي إنسان أن يناقش فيمــا أف ّكــر ،لكن ال يمنــع ذلــك من أن نضــع اإلســالم قــوانين تحمي
ساحته بطريقة قانونية ،وتضع المسيحية أيضا ً قانون "الحرم" لتحمي بساحتها .هناك شيء في التنظيم القانوني لعالقة المســيحية
بأتباعها وعالقة المسلمين بأتباعه.
كنت أتحــدث عن مســألة حركــة الفكــر في طبيعتــه اإلنســانية ولــذلك أنت ال تســتطيع أن تمنعــني أن أصــير مســيحيا ً إذا اقتنعت
بالمسيحية أو أن أصير مسلما ً إذا اقتنعت باإلسالم ،ال تستطيع أن تمنعني بمرسوم ولكنك تستطيع أن تعمــل على تخفيــف النتــائج
السلبية عندما تجد أنّ هناك نتائج سلبية تتو ّجه ضد واقعك ونظامك وما إلى ذلك أو تناقشني في ذلك تلــك مســألة أخــرى تختلــف
عن الجانب الذي كنت أتحدث فيه.
العقيدة والتفكير
س :ما الفرق بين حرية العقيدة وحرية التفكير؟ وأيهما مشروع؟
ج :إنّ حرية العقيدة تلتقي مع حرية التفكير فأنت عندما تكون لك حرية التفكير فمن الطــبيعي أن تكــون هــذه الحريــة وســيلة من
وسائل حرية العقيدة في هذا المجال ،وحتى في اإلسالم ليست المشكلةـ أن تف ّكر وليست المشكلة الكبرى أن تشك.
س :تقولون إن الدين يجب أن يعلقن ،فكيف السبيل إلى ذلك عندما تصطدم النظريات العلمية بالمعتقدات الغيبية الدينية ،كمــا في
نظرية النشوء واالرتقاء أو نظرية االنفجار الكبير في أصل الكون ،هل يجب اللجوء إلى تأويل النصوص الدينية واألخذ بالرمز
أكثر؟
ج :هناك فرق بين النظرية العلمية والحقيقة العلمية ،إن الحقيقة العلمية هي الحقيقة الرياضية أن تقول واحد زائــد واحــد يســاوي
اثنان ،أما النظرية العلمية فهي تنطلق من خالل التجربـة والمالحظــة والتأمـل ومحاولـة ربـط األمــور بعضــها ببعض من خالل
الحدس.
إنّ نظرية النشوء واالرتقاء ال تحكم على النظرية الدينية لو كانت هناك نظرية دينية في مواجهة النشوء واالرتقاء ألنها ال تزال
نظرية .ولمعلوماتكم إن الكثيرين من الناس قد أصبحوا يناقشون هذه النظرية باعتبار أن االكتشافاتـ الــتي اكتشــفها "دارون" قــد
استطاع المتأخرون عنه من الباحثين أن يكتشفوا ما تبطل الكثير من مواقع نظريته.
نعم عندما تكون هناك حقيقة علمية ،فإنّ العلماء يأخذون بالتأويل لتكون المسألة رمــز ألنّ العلم الحقيقــة ال يمكن أن يختلــف مــع
الدين الحقيقة .لكن العلم النظري من الممكن جداً أن يختلف مع النظرية الدينية.
مشكلة المتعصِّبين
س :تفلسفون واقعا ً مرَّ عليه أكثر من ألف سنة وهذه األفكار الجريئة والصريحة هي أساس السالم االجتمـاعي لكن هـذا ال يكفي
فنحن لدينا من المتعصِّبين المسيحيين والمسلمين ما يكفي لعرقلة هذه المسيرة فما هي الوسيلة التي يجب اتباعها لتمهيـد الطريـق
أمام التوحيد الديني؟
متعص ـبين
ّ من منا إالّ وقد عاش مرحلة من التعصّب في حالة نمــوّ ه الفكــري ،كنــا ج :إنّ علينا أن نحاول ،كنا متعصٍّبين فتع ّقلناَ ،
المتعصـبين فســنربح من هــذا
ِّ فتع ّق لنا ،وعلينا أن نعمل لنعقلن المتعصبين والقضية تحتاج إلى صبر ،وأعتقد أننا إذا صــبرنا على
الصبر الكثير الكثير مما يمكن أن يجعل مهم أُناسا ً معتدلين.
ج :هــو على األقــل في أكــثره كالم هللا ولكن هنــاك جــدل بين المســلمين والمســيحيين في بعض األمــور الــتي قــد يختلــف فيهــا
المسلمون والمسيحيون ربما يقول بعض المسلمين إنّ هناك تحريفا ً وربما يرد عليهم المسيحيون ذلك ،لكن ال إشكال أن اإلنجيــل
الذي جاء به السيد المسيح أنزله هللا سبحانه وتعالى.
العقل الكلي
اللجان ...المقابر
س :لماذا ال يتم إنشاءـ لجنة أو هيئة للحوار اإلسالمي ـ المسيحي من رجال دين مسيحيين ومسلمين؟
ج :يقولون إنّ اللجان مقبرة المشاريع ،ولذلك ال نريد أن نقبر مشروع الحوار اإلسالمي ـ المسيحي ال في مقبرة مسيحية وال في
مقبرة إسالمية ،إننا نريد للحوار اإلسالمي ـ المسيحي أن يكون حواراً إنسانيا ً من وجهة نظــر مســيحية وإنســانا ً من وجهــة نظــر
إسالمية عندما يأخذ الحوار إنسانيته ويعطي المسيحية واإلسالم إنسانيتهما فقولوا :إنّ الحوار بدأ ولكن ما دُمنا نحبس الحوار في
دائرة معينة فلن يكـون هنـاك حـوار ولن يكـون هنــاك جديــة ،ونحن نعتقـد أنّ الجيـل المث ّقـف الـواعي الـذي اسـتطاع أن يكـون
موضوعيا ً من خالل دراساته العلمية والجامعية يمكن أن يكون الطليعة التي تعرف أساليب الحوار وتتحرّ ك من أجل الحوار.