You are on page 1of 191

‫جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‬

‫كلية العلوم الق انونية واالقتصادية‬


‫واالجتماعية‬

‫‪ -‬ف اس ‪-‬‬

‫رســــــــــالة لنيل شهادة الماستر في القانون‬


‫الخاص‬
‫بعنوان‪:‬‬

‫قراءة في الزمن التجاري‬


‫إشراف االستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬
‫الدكتور أحمد كويسي‬ ‫عيشوش محمد‬

‫السنة الجامعية‬

‫‪2016/2017‬‬

‫‪1‬‬
‫مـقدمــــــة ‪:‬‬
‫الزمن هو مادة هذه الحياة والروح التي تجري في عروقها‪ ،‬فما الحياة في حقيقتها إال زمن يمر‬
‫ويمضي‪ ،‬ومن أدرك الزمن على حقيقته فقد أدرك الحياة على حقيقتها‪ ،‬وبانت له معالم الطريق الذي‬
‫ينبغي سلوكه‪ ،1‬ومنه كا ن الزمن بمثابة السكة التي يسير عليها قطار الحياة‪ ،‬وكلما ازدادت سرعة‬
‫القطار‪ ،‬ازداد اهتمام اإلنسان باعتباره راكب القطار ومستعمله بالزمن‪ ،‬وهكذا أصبحت حياته معلقة‬
‫بعقارب الساعة ومشدودة إليها إذ أن كل شيء في الحياة له ميقات معلوم وأجل يحدد بدايته ونهايته‪.2‬‬
‫وقد شغل التفكير أو السؤال عن الزمن الفكر اإلنساني منذ نشأته‪ ،3‬فالحضارات القديمة جميعها‬
‫على مختلف العصور لم تهمل العنصر الزمني‪ ،‬بل أدركت حقيقته وأهميته‪ ،4‬وتبعا لذلك اخترعت‬
‫األساطير والرموز ثم شيدت األدوات واآلالت لقياسه‪ ،‬وأصبح جزءا من حياتهم اليومية إن لم تكن‬
‫حياتهم جزء منه‪.5‬‬
‫وهكذا نجد أريسطو في محاولة لمفهمة عنصر الزمن عده عددا أو سلسلة عددية موجودة في‬
‫تصور األفراد ألجزاء الحركة سواء أكانت سابقة أو الحقة‪ ،‬وبالتالي فهو ليس مفصوال عن الحركة‬
‫وليس مماثال لها‪ ،‬ولكنه بالمقابل منتميا إليها‪.6‬‬
‫وقد كان لمفهوم الزمن عند أريسطو تأثير في الفكر العربي خاصة عند ابن رشد وابن سينا‪ ،‬الذي‬
‫يربط تص وره للزمن بالحركة شأنه شأن أريسطو‪ ،‬فالزمن عنده مقدر للحركة المستديرة من جهة المتقدم‬
‫والمتأخر ال من جهة المسافة‪.7‬‬
‫أما برغسون فقد سعى إلى إثبات أن الزمن ليس مجرد مفهوم نظري‪ ،‬بل إن إدراكنا لصيرورته‬
‫وحركيته هو أفضل منهاج إلدراك النسق الخاص لألشياء والموضوعات وإحالله حلة مبدأ الغائية كمبدأ‬
‫طبيعي في دراسة تفسير الظواهر الثاوية في ذات الفرد والمتعلقة بالعالم الخارجي‪ 8‬كونه ضروري‬
‫لسيرورة الحياة من جميع جوانبها‪ ،‬إذ ال يمكننا فهم الواقع أو التعامل معه بتجرد عن الزمن‪ ،‬ولعل هذه‬
‫األهمية البالغة هي التي جعلت الفرد في قلق وتوجس دائمين من حقيقته‪ ،‬فهو يشكل بالنسبة إليه المنظار‬
‫‪ 1‬عودة علي عودة عبد هللا‪ ،‬قيمة الزمن في القرآن الكريم‪ ،‬مج ‪ :‬البحوث اإلسالمية المملكة العربية السعودية ‪ ،‬ج‪ ،74 :‬ع‪ ،74 :‬س‪ 1425 :‬هـ‬
‫‪ ،‬ص‪.323 :‬‬
‫‪ 2‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬آجال اإلجراءات في التشريع المغربي‪ ،‬م‪ :‬النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،1990 :‬ص‪.7 :‬‬
‫‪3‬العربي ميلود‪ ،‬مفهوم الزمن في فلسفة برغسون‪ ،‬م‪:‬ابن النديم للطباعة والنشر‪ ،‬وهران‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬ص‪ ،2013 :‬ص‪.7:‬‬
‫‪ 4‬عبد اللطيف الصديقي‪ ،‬الزمان ‪ :‬أبعاده وبنيته‪ ،‬م‪ :‬المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،1995 :‬ص‪.5 :‬‬
‫‪5‬عبد اللطيف الصديقي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪ 6‬عبد الصمد الكباص‪ ،‬عبد العزيز بومسهولي‪ ،‬الزمان والفكر‪ ،‬م‪ :‬النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،2002 :‬ص‪.13 :‬‬
‫‪7‬عبد الصمد الكباص‪ ،‬عبد العزيز بومسهولي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.17 :‬‬
‫‪8‬العربي ميلود‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.9 :‬‬

‫‪2‬‬
‫الذي يتطلع من خالله إلى مركزه وبالتالي إلى معرفة مصيره‪ 9‬في ظل مطالب الحياة االجتماعية‬
‫والظروف التي تتبلور فيها هذه األخيرة ‪ .‬وإذا نظرنا إلى هذه المطالب من حيث الشكل‪ ،‬فإننا سنجد ثمة‬
‫عناصر ثابتة ال يخلو م نها كل تصور اجتماعي لها‪ ،‬ويمكن حصر هذه العناصر الثابتة في ثالثة عناصر‬
‫رئيسية هي العدالة واالستقرار والتقدم بما يستوجبه هذا األخير من تنظيم‪ ،‬غير أن هذين العنصرين‬
‫األخيرين يعلق قيامهما على العنصر األول الذي هو العدالة‪ ،‬هذه األخيرة ال تنطوي على مجرد عاملي‬
‫عدم إيقاع الضرر بالغير وإعطاء كل ما له‪ ،‬وإنما تنطوي أيضا على عنصر أعمق من هذين العنصرين‬
‫بغية استحقاق ألفراد الحقوق في‬ ‫‪10‬‬
‫هو عنصر التوازن المستهدف تحقيقه بين المصالح المتعارضة‬
‫أوقاتها‪ ،‬فالعدالة إذن عنصر حركي‪ ،11‬إذ أنها تستتبع السعي الدائب نحو معرفة ما يستحقه الفرد ومتى‬
‫وكيف يعطى له‪.‬‬

‫أما بالنسبة لالستقرار فقد تتزعزع قيمته إذا بولغ في المحافظة على المصالح الموجودة على ماهي‬
‫عليه دون اعتداد بما يطرأ من تطوير يكفل التقدم الذي يفرض تحت ضغط عنصر الزمن‪ ،‬والذي هو‬
‫قيمة اجتماعية وقانونية سواء بسواء‪ ،12‬ومن هنا يأتي دور القانون ليؤطر حدود عنصر االستمرار‬
‫الشيء الذي يفضي به إلى امتالك الخاصية الزمنية‪ ،13‬ومن صور هذا االمتالك تبني نظام مرور الزمن‬
‫(التقادم) الذي يحدد المدة التي يسوغ داخلها المطالبة بالحق أو اقتضائه‪14‬وغيره من النظم القانونية التي‬
‫تحدد المعامالت واإلجراءات من حيث الزمن‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬إذا كان االستقرار بمعزل عن القانون‬
‫هو العنصر المحافظ‪ ،‬فإنه ال يجب أن نخلص من ذلك إلى تنافره مع عنصر في العدالة والقانون‪ ،‬ألن‬
‫القانون يستعين باستقرار األوضاع ليدخل حيز التنفيذ ومن ثم كان االستقرار هو الصورة الواقعية لحالة‬
‫معينة من القا نون‪ ،‬وهذا األخير هو وعد باستقرار قائم على دعائم أفضل‪ ،‬وبالتالي فإن كل من االستقرار‬
‫والقانون يسند اآلخر‪ ،‬فالقانون يجعل استقرار األوضاع مقبوال‪ ،‬واالستقرار يجعل القانون متطلعا إليه‪،‬‬
‫وعلى ذلك يجسد االستقرار لعدد من معاني القانون‪ ،‬على أن نداء القانون يتجاوز دائما حدود إشباع‬
‫االستقرار القائم‪ ،‬ومن ثم كان القانون قوة تغيير مطردة‪ .‬وتلقى فكرة التغيير هذه‪ ،‬أبلغ تعبير لها في‬

‫‪9‬العربي ميلود‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬


‫‪10‬نعيم عطية‪ ،‬القانون والقيم االجتماعية – دراسة في الفلسفة القانونية‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر‪ ،‬م‪ :‬المكتبة الثقافية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س‪ ،1971 :‬ص‪.68 :‬‬
‫‪11‬نعيم عطية‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪12‬نعيم عطية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.76 :‬‬
‫‪13‬عبد الصمد الكباص‪ ،‬عبد العزيز بومسهولي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ 14‬طارق محمد سليمان عبد العزيز‪ ،‬أثر مرور الزمن على الحق في القانون المدني األردني‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة ماجستير قسم‬
‫القانون‪ ،‬كلية الدراسات الفقهية والقانونية‪ ،‬جامعة آل البيت‪ ،‬س‪ ،2009 :‬ص‪.2 :‬‬

‫‪3‬‬
‫مجال القانون عندما نتبين أن هذا األخير وإن بدا ثابت المظهر إال أنه في جوهره متداخال مع عنصر‬
‫الزمن إن بالتأثير أو التأثر‪ 15‬من جهة‪ ،‬أو بالتنظيم والتأطير‪ 16‬من جهة ثانية‪ .17‬ومنه يتبدى بوضوح أن‬
‫كل شيء خاضع للزمن‪ ،‬سواء تعلق األمر بالمواد الطبيعية (المطالب االجتماعية)‪ ،‬أو بالمواد القانونية‪،‬‬
‫وهكذا إذا سلطنا الضوء على هذه األخيرة وحاولنا تصنيفها بارتباط مع عنصر الزمن‪ ،‬ألمكننا القول بأن‬
‫الزمن هو عنصرا ساهم في تحديد طبيعتها‪ ،‬وبالتالي المقياس الذي يقدر به محل المعاملة القانونية‪ ،‬فهو‬
‫يرمي إلى إشباع حاجة ال يمكن إشباعها إال مقترنة بمدة‪ .‬وبذلك يأخذ الزمن في لغة القانون معنيين‬
‫مختلفين ‪ ،‬فهو تارة يرادف التاريخ أو اللحظة والفترة‪ ،‬وهو بهذا المعنى ال يمكن أن يكون عنصرا في‬
‫العملية‪ ،‬إن هو تاريخ يتعين به وقت التنفيذ‪ ،‬وتارة أخرى يرادف المدة وهو بهذا المعنى يعتبر عنصرا‬
‫من العناصر األساسية في العملية القانونية‪ ،‬فالزمن هو المقياس الوحيد الذي يقدر به محل هذه‬
‫األخيرة‪.18‬‬

‫إن الزمن في القانون ليس غاية في حد ذاته‪ ،‬وإنما هو موصول بالهدف الذي كرس من أجله‪ ،‬ذلك‬
‫أن القانون بمناسبة تعرضه لعنصر الزمن يومئ لنا في الحاضر إلى ما سيكون عليه مستقبل األوضاع‬
‫القانونية المنضوية تحت لواء تأطيره‪.‬‬

‫وإذا علمنا أن ذلك مبلغ حرصه – أي القانون – على الزمن واإلفادة من كل جزء منه‪ ،19‬فإن ذلك‬
‫مرده إلى كونه الوعاء الحقيقي لكل عمل وإنتاج‪ .20‬كما أنه ال يمكن تحصيل كل الحقوق وأداء مختلف‬

‫‪15‬‬
‫‪Noureddine to JGANI, Affinité élective entre le temps et le droit, collègue : le temps et le droit , qui‬‬
‫‪organisent par :Le Laboratoire centre droit des obligations et des contrats et la fondation Mohamed Idrissi‬‬
‫‪Alami MA chichi , Faculté de droit , Fès le 2 et 3 juin 2016. (Non publié).‬‬
‫‪16‬‬
‫‪Faouzi Ghrousse, la relativité du temps juridique, collègue, le temps et le droit, op.cit.‬‬
‫‪17‬وتجدر اإلشارة إلى أن االهتمام بعنصر الزمن القانون كوحدة قانونية متماسكة حديث عهد بالظهور‪ ،‬إذ لم يطله اهمام الدارسين من الفقهاء‬
‫القانونيين إال في الثلث األخير من القرن الماضي في أوساط الفقه الفرنسي‪ ،‬أما في المغرب فإن محاولة التقعيد لهذا المفهوم استهُلت بتنظيم‬
‫ندوة حول موضوع "الزمن والقانون" من طرف مختبر قانون االلتزامات والعقود بكلية الحقوق بفاس‪ .‬الشيء الذي يعني خلو الساحة القانونية‬
‫من أي دراسة سابقة‪.‬‬
‫‪18‬هند محامدي‪ ،‬األجل في قانون االلتزاما ت والعقود المغربي‪ ،‬رسالة لنيل ديبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬كلية العلوم اقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫جامعة الحسن الثاني عين الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2002 -2001 :‬ص‪.1 :‬‬
‫‪19‬عودة عبد عودة عبد هللا‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.7 :‬‬
‫‪ 20‬عودة عبد عودة عبد هللا‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.4 :‬‬

‫‪4‬‬
‫االلتزامات بمعزل عن الزمن‪ ،21‬الشيء الذي حتم تنظيم هذا األخير بقواعد قانونية تعكس فلسفة السياسة‬
‫كل فرع فرع‪.‬‬
‫التشريعية من تنظيمه على صعيد النظام القانوني ككل‪ ،‬وبحسب ِّ‬

‫إن السياسة التشريعية في النظام القانوني بفروعه المختلفة يجب أن تنطوي على تحديد األولويات‬
‫في كل مادة من مواد القانون بما تتطلبه كل مادة ووفق ما يميزها من خصائص عن باقي‬ ‫‪22‬‬
‫التشريعية‬
‫المواد األخرى‪ .‬وإذا كان الحق في التقاضي طبقا للقانون يجب لزاما أن يتم استفاؤه داخل نطاق زمني‬
‫يسري تطبيقه على جميع الفروع القانونية‪ ،‬فإن منطق األولويات الذي يتحكم في‬ ‫‪23‬‬
‫معقول مبدأ دستوري‬
‫السياسات التشريعية حتم بالضرورة تخصيص كل مادة من مواد القانون بمميزات تخدم الفلسفة‬
‫التشريعية التي سنت بدافع لها‪ ،‬األمر الذي يصدق على المادة التجارية التي لم يتوقف المشرع بمناسبة‬
‫تنظيمه لها عند حدود تنظيم نطاق زمن التقاضي المعقول استنادا لدستورية المبدأ بصريح النص‪ ،‬وإنما‬
‫تعداه إلى تنظيم نطاق المعامالت التجارية‪ ،‬ومن هنا يأتي هذا البحث لبيان قيمة الزمن والتنبيه إلى‬
‫مكانته‪ 24‬في القانون التجاري‪.‬‬

‫إن أهمية تنظيم عنصر الزمن التجاري على الوجه الذي ذكر أعاله تنبع من مكانة الزمن في‬
‫مجال االقتصاد والتجارة بشكل عام‪ ،‬وآلثاره في المتغيرات االقتصادية التي جعلته في عالم التجارة‬
‫واألعمال يعد عنصرا من عناصر اإلنتاج‪ ،‬إذ ال عملية تتم إال من خالل وحدات زمنية‪ ،25‬ذلك أن النشاط‬
‫االقتصادي يتم عبر الزمن وكل عملية تجارية تحتل حيزا منه‪ ،‬وكذلك يحتاج تنظيم العالقات بين‬
‫يكون هاجس الزمن المقوم األساسي الذي ينبني عليه‪ ،‬ولعل هذا أهم‬ ‫‪26‬‬
‫العمليات إلى تنظيم قانون محكم‬
‫ما يهدف إليه التحليل االقتصادي لقواعد القانون الذي يرصد األسباب االقتصادية المحددة الشتغال تلك‬
‫القواعد وتطورها‪ ،‬وذلك من منظور اختزال القانون في نصابه األخير باالقتصاد‪ ،27‬وفي ظل اإلقرار‬

‫‪21‬حسن م لكي‪ ،‬مشكلة الزمن العام والزمن الخاص‪ ،‬قراءة في االجتهاد القضائي لمحكمة النقض‪ ،‬ندوة الزمن والقانون‪ ،‬المنظمة من طرف‬
‫مختبر قانون االلتزامات والعقود بشراكة مع مؤسسة ألستاذ محمد اإلدريسي العلمي المشيشي‪ ،‬كلية الحقوق جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪،‬‬
‫فاس‪ 3 -2 ،‬يونيو ‪( 2016‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ 22‬المستشار أبو دياك‪ ،‬مساهمة السياسة التشريعية في تطوير الوضع االقتصادي‪ ،‬مصلحة الشؤون القانونية والمهنية‪ ،‬وزارة العدل‪ ،‬فلسطين‪.‬‬
‫‪23‬الفصل ‪ 120‬من دستور ‪.2011‬‬
‫‪24‬عودة عبد عودة عبد هللا‪ .‬م س‪،‬ص‪.4 :‬‬
‫‪25‬مجدي علي محمد غيث‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.40 :‬‬
‫‪ 26‬رضا سعد عبد هللا‪ ،‬مفهوم الزمن في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬المعهد العالم للبحوث والتدريب‪ ،‬جدة‪ ،‬ورقة مناقشة رقم ‪ ،10‬ط ‪ :‬الثانية‪ ،‬س ‪:‬‬
‫‪ ،2000‬ص‪.12 :‬‬
‫‪ 27‬محمد وضفة‪ ،‬فلسفة القانون‪ ،‬م‪ :‬المجد‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،2002 :‬ص ‪.107 :‬‬

‫‪5‬‬
‫بوجود متغيرات وعوامل اقتصادية كثيرة تمتد عبر فترات عدة تؤدي إلى إيجاد ترابط زمني بين‬
‫القرارات االقتصادية ‪ 28‬بما يجعل من الضرورة اشتمال التنظيم القانوني له على البعد الزمني‪.‬‬

‫وتبعا لذلك‪ ،‬لم يدخر مشرع المادة التجارية جهدا في استحضار عنصر الزمن في الفلسفة‬
‫التشريعية التي تحكمت في سن وتنظيم جميع موادها إن على مستوى جانب المعامالت أو جانب‬
‫التقاضي موضوعيا من خالل قانون ‪ 15.95‬المنظم لمدونة التجارة‪ ،‬والقانون ‪ 17.95‬المنظم لقانون‬
‫شركات المساهمة والقانون ‪ 6.95‬المنظم لباقي الشركات وقانون ‪ 17.97‬المنظم للملكية الصناعية‪،...‬‬
‫ومسطريا من خالل قانون ‪ 53.95‬المحدث للمحاكم التجارية‪.‬‬

‫إن هذه األهمية النظرية التي انعكست في االهتمام التشريعي بعنصر الزمن القانوني في المادة‬
‫التجارية ومستوى التنظيم الذي نظم به سواء في الشق الموضوعي أو المسطري أدت بالضرورة إلى‬
‫بروز أ همية عملية تمثلت في المنهجية المعتمدة من طرف العمل القضائي التجاري في التعامل مع‬
‫المقتضيات المنظمة لعنصر الزمن في المادة التجارية وما تداخل منها بين العام والخاص وبين الخاص‬
‫واألخص منه‪.29‬‬

‫وحتى ن ِّلم قدر اإلمكان بدراسة عنصر الزمن التجاري‪ ،‬فقد آثرنا مجتهدين دراسته من خالل‬
‫جانبي الموضوع والمسطرة مقتصرين في الجانب الموضوعي على مدونة التجارة باستثناء الكتاب الثاني‬
‫المتعلق باألصل التجاري بالنظر لكون هذا األخير يعد وبحق‪ ،‬مؤسسة قانونية في حد ذاته تعرضت له‬
‫مدونة التجارة ارتباطا بالتصرفات الواردة عليه من بيع ورهن وتقديمه حصة في الشركة وكذا كرائه عن‬
‫طريق ما يسمى بالتسيير الحر لألصل التجاري من جهة‪ ،‬وبالنظر إلى مكانة هذا األخير في الحياة‬
‫التجارية للتجار والشركات التجارية وما يثيره من إشكاالت عملية‪ 30‬من جهة ثانية‪.‬‬

‫أما بالنسبة للجانب المسطري فإننا سنتناوله من خالل القانون المحدث للمحاكم التجارية باعتباره‬
‫القانون الخاص للمسطرة أمام هذه األخيرة على أن نتناول إلى جانبه قانون مساطر صعوبات المقاولة‪.‬‬
‫وسبب إدراج هذا األخير في صلب الجانب المسطري بالرغم من أن المشرع نظمه في مدونة التجارة‬
‫راجع إلى ثالث عوامل رئيسية ‪:‬‬

‫‪28‬رضا سعد عبد هللا‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.13 :‬‬


‫‪29‬ومثال ذلك التنظيم القانو ني لزمن التقادم التجاري وزمن التقادم الصرفي في صلب مدونة التجارة؛ انظر‪ :‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬التقادم في المادة‬
‫التجارية‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬المغربية لقانون األعمال والمقاوالت‪ ،‬ع‪ ،12 :‬أبريل ‪ ،2007‬ص‪.65-62:‬‬
‫‪ 30‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬م‪ :‬النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،2014 :‬ص‪.323-268:‬‬

‫‪6‬‬
‫األول ‪ :‬ألن قانون مساطر صعوبات المقاولة وكما يدل عليه يغلب عليه الطابع الموضوعي أكثر‬
‫منه المسطري‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ألجل تفادي السقوط في إشكالية الخلل المنهجي باعتبار أن كفة القوانين الموضوعية ستطفح‬
‫إذا ما تم االكتفاء بدراسة قانون إحداث المحاكم التجارية في الشق المتعلق بالقوانين المسطرية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬دافع الرغبة في البحث على مستويين متوازيين هما المستوى الموضوعي واإلجرائي‪.‬‬

‫ولما كان هذا التمييز في التنظيم ينم عن رغبة المشرع في إرساء معالم نظام زمني خاص في‬
‫المادة التجارية يعك س فلسفته الرامية إلى إعطاء صورة صحيحة عن الوضعية التشريعية والقواعد‬
‫القانونية التي ينبغي أن يرتكز عليها النظام القانوني التجاري في بعده الزمني‪ ،‬والتي تبرز من نواح عدة‬
‫وعي المشرع بأهمية عنصر الزمن في البيئة التجارية عموما وفي المنظومة القانونية التجارية على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬كان البد من الغوص في أعماق هذه الفلسفة وسبر أغوارها ألجل الكشف عن دواعي اهتمام‬
‫المشرع بعنصر الزمن بكيفية خاصة خالفا لباقي مواد القانون األخرى‪.‬‬

‫وقد تبدى لنا بما ال يدع مجاال للريب من خالل ما راج على هامش فعاليات ندوة الزمن والقانون‬
‫التي احتضنت ها كلية الحقوق بفاس مؤخرا تحت عنوان "الزمن والقانون" ‪ ،‬أن الزمن القانوني بوجه عام‬
‫والزمن التجاري على وجه الخصوص – بحسب ما ورد على لسان األساتذة المتخصصين في المادة‬
‫التجارية – له فلسفته التي استدعت بالضرورة أن ينظم بنظام يختلف عن غيره من مواد القانون‬
‫األخرى‪ ،‬الشيء الذي يبرر و يفرض الغوص في كنه هذه النصوص والعمل القضائي المغربي والمقارن‬
‫فضال عن الكتب الفقهية لتبيان أبعاد هذه الفلسفة‪ .‬من أجل ذلك‪ ،‬كان البد من صياغة اإلشكالية التالية‬
‫للموضوع‪:‬‬
‫إلى أي حد توفق المشرع المغربي في وضع نظام زمن قانوني تجاري خاص يستجيب لمتطلبات‬
‫البيئة التجارية بما يعكس الفلسفة التشريعية من سنه؟‬
‫هذه اإلشكالية الرئيسية تتفرع عنها مجموعة من اإلشكاالت الفرعية نجملها في اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬كيف هي طب يعة نظام الزمن القانوني في المادة التجارية؟ وماهي أنواعه وخصائصه ومميزاته؟‬
‫‪ -‬ماهي األهداف الكامنة وراء تخصيص المادة التجارية بنظام قانوني زمني خاص؟‬
‫‪ -‬أي حكامة تشريعية لمالءمة القواعد القانونية المنظمة لعنصر الزمن؟‬

‫‪7‬‬
‫‪ -‬هل استجاب هذا التنظيم التشريعي لعنصر الزمن في المادة التجارية إلى تحقيق األهداف المبتغاة‬
‫منه؟‬
‫‪ -‬وأخيرا إلى أي مدى تمكن العمل القضائي – من تفعيل المقتضيات القانونية المنظمة لعنصر‬
‫الزمن وبلورة هذه القواعد بما يحقق األهداف التشريعية ويبرز بالتالي فعالية القاعدة القانونية‬
‫في هذا اإلطار؟‪.‬‬
‫وفي سبيل اإلجابة عن اإلشكالية الرئيسية لهذا البحث وكذا لمختلف اإلشكاليات الفرعية‪ ،‬سنتناول‬
‫الموضوع بالدراسة والتحليل معتمدين في ذلك على المنهج االستقرائي والمنهج المقارن والمنهج التحليلي‬
‫النقدي والمنهج االستنباطي وذلك من خالل التقسيم التالي ‪:‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬التأصيل النظري لعنصر الزمن في المادة التجارية‬
‫سنتناول فيه اإلطار المفاهيمي لعنصر الزمن في المادة التجارية (فرع أول) واألبعاد الفلسفية‬
‫الخاصة للزمن القانوني التجاري (فرع ثاني)‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬التطبيق العملي لعنصر الزمن في المادة التجارية‪.‬‬
‫نتناول فيه تطبيقات الزمن في القوانين الموضوعية {الزمن الموضوعي} (فرع أول) وكذا‬
‫تطبيقات الزمن في القوانين المسطرية{الزمن المسطري} (فرع ثان) وذلك في الحدود المرسومة وفق‬
‫التأطير الذي اقتضاه حصر الموضوع أعاله‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التأصيل النظري لعنصر الزمن في المادة التجارية‬
‫إن عنصر الزمن ليس له من أساس إال حين يتلبس بوقائع وأحداث‪ ،31‬فالزمن هو مفهوم‬
‫مستخلص ال يوجد بصورة مستقلة‪ ،‬وإنما يكون له وجود ا عتباري حال كونه متلبسا بالحوادث والوقائع‪،‬‬
‫وعليه فالزمن ال يوجد مستقال عن األشياء‪ ،‬كما ال يمكن تصور زمن مستقل بذاته‪ ،‬وال يمكن تصور‬
‫أشياء ال زمنية ‪ . 32‬وفي مجال القانون فإن الحديث عن عنصر الزمن يختلف تماما‪ ،‬إذ يمكن الحديث عن‬
‫الزمن في القانون بشكل مستقل دونما الحاجة إلى تلبسه بظروف الواقع‪ ،‬بل االكثر من ذلك‪ ،‬فالزمن‬
‫والقانون حال اجتماعهما على صعيد واحد‪ ،‬يحتفظ كل منهما باستقالليته عن اآلخر‪ ،‬استقاللية تصطبغ‬
‫بصبغة التأثير والتأثر‪ ،‬فالزمن والقانون ي حاول كل منهما التأثير في اآلخر‪ .‬فبقانون الزمن يحاول الزمن‬
‫أن يخضع القانون‪ ،‬وبالزمن القانوني يحاول القانون إخضاع الزمن‪ ،33‬أما األحداث والوقائع أو الواقع‬
‫القانوني في مجال القانون‪ ،‬فإنه يشكل قطب الرحى بين كل من الزمن والقانون‪ ،‬وبالتالي فإن تأثير الزمن‬
‫في القانون أو العكس بوجه عام‪ ،‬ينبغي أن يناقش وفق مقاربة تحليلية تمزج بين الزمن من جهة والقانون‬
‫من جهة ثانية‪ ،‬ثم الواقع القانوني من جهة ثالثة‪.‬‬

‫فالواقع محكوم بعنصر القانون‪ ،34‬وبالرغم من ذلك‪ ،‬فإن الواقع يتمرد على هذا التحكم وينتصر‬
‫في النهاية‪ ،35‬إال أن انتصار الواقع هذا جاء بمباركة و ضغط عنصر الزمن‪ ،‬ألن استمرارية هذا األخير‬

‫‪ 31‬عالل فالي‪ ،‬الزمن في حياة الشركات‪ ،‬ندوة‪ :‬الزمن والقانون‪ ،‬المنظمة من طرف مركز قانون االلتزامات والعقود بشراكة مع مؤسسة األستاذ‬
‫محمد اإلدريسي العلمي‪ ،‬كلية الحقوق فاس‪ 3-2 ،‬يونيو ‪( ،2016‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ 32‬عبد الهادي حمدن‪ ،‬الزمن في القانون‪ ،‬صحيفة الوسط البحرينية‪ ،‬ع‪ ،2287 :‬بتاريخ ‪ 10‬دجنبر ‪ ،2008‬الموافق ل ‪ 25‬رجب ‪ ،1437‬الموقع‬
‫اإللكتروني‪:‬‬
‫‪news.com/news/27903.html http://www.alwasat‬‬
‫‪ -07/9/2016‬تمت الزيارة بتاريخ‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪Noureddine to JGANI, op.cit.‬‬
‫‪ 34‬محمد شيلح‪ ،‬محاضرات في العقود المسماة‪ ،‬ألقيت على طلبة السداسية الخامسة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬فاس‪،‬‬
‫الموسم الجامعي ‪.2014-2013‬‬
‫‪ 35‬ومن صور انتصار الواقع على القانون ما قال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز‪" :‬تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من فجور"‪ ،‬في‬
‫محاولة للتعبير عن عجز و قصر القانون عن مجاراة الواقع الذي يتغير بفعل االستمرارية التي يفرضها ضغط عنصر الزمن بما يستلزم سن‬
‫وإحداث قواعد لتنظيم الواقع الجديد وفق ما يتطلبه؛ أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد الغرناطي الشاطبي‪ ،‬االعتصام‪ ،‬ج‪ :‬األول‪ ،‬م‪ :‬دار‬
‫بن عفان‪ ،‬دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س‪.1412/1992 :‬الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=109&ID=1&idfrom=1&idto=145&bookid1‬‬
‫‪09&startno=70‬‬

‫‪9‬‬
‫تؤثر في الوا قع الذي يكون مضطرا للتماشي مع عجلة الزمن التي ال تتوقف فيؤدي إلى انتصار الزمن‬
‫على القانون‪.‬‬

‫ولما كان القانون هو الموجه الرئيسي في الحياة بشكل عام‪ ،‬وموجه البيئة القانونية على‬
‫الخصوص‪ ،‬سواء من حيث التصرفات أو من حيث زمن وقوع هذه التصرفات‪ ،‬فإن ذلك استدعى أن‬
‫يك ون القانون هو اإلطار الذي ينبغي أن يتحكم في الزمن القانوني ابتداء وانتهاء‪ ،‬طوال وقصرا‪ ،‬لذلك‬
‫فإن القانون حينما يتعرض للزمن وكثيرا ما يحصل ‪ ،‬فإنه يجب أن يحدده بدقة متناهية‪ .36‬وهو بهذا‬
‫المعنى –أي الزمن‪ -‬يأخذ أشكاال هندسية مختلفة ‪ -‬زمن التقاضي‪ ،‬زمن المسطرة‪ ،‬زمن األطراف‪ -‬ذات‬
‫خصائص طوبولوجيا‪ Topologies 37‬يتأثر ويؤثر‪.38‬‬

‫فالزمن القانوني يقوم بضبط أمور الناس وانشغاالتهم بداية ونهاية‪ ،‬وعن طريقه يتم إلزامهم‬
‫بضبط شؤونهم بارتباط مع األوقات المحددة لذلك‪ .‬ومن منطلق الضبط واالنضباط سعى المشرع إلى‬
‫وضع نظام زمني قانوني ملزم للقيام باإلجراءات والتصرفات القانونية‪ 39‬في ميقاتها المحدد‪ .‬وهكذا نرى‬
‫بوضوح مستوى الترابط بين الوقائع والظرف الزمني الذي تقع فيه من جهة‪ ،‬والقوانين التي تحكم تلك‬
‫الوقائع من ناحية حدوثها في زمن معين من جهة ثانية‪.40‬‬
‫ومن منطلق هذه المقاربة يتبين بجالء أن الزمن في مجال القانون يكون في أمس الحاجة إلى‬
‫عنصر الضب ط عن طريق القاعدة القانونية المحددة لصيرورته بوضع مدد قد تطول أو تقصر بحسب‬
‫تموضعها‪.41‬‬
‫وبخالف هذا التوجه‪ ،‬يرى بعض الفقهاء المغاربة‪42‬أنه ولئ ن كان القانون في حاجة إلى إيقاع‬
‫الزمن الذي يضمن تطوره ومسايرته لحتمية االستمرارية‪ ،‬ناكرا بذلك حاجة الزمن إلى القانون‪ ،‬فإن‬

‫‪ 36‬عبد الهادي حمدن‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪37‬األشكال الطوبولوجية هي أشكال تتميز بالعم ومية والتجريد‪ ،‬بعيدة عن المماثلة لباقي األشكال المعتمدة‪ ،‬وقد استعارها الكاتب والمفكر "عبد‬
‫اللطيف الصديقي"‪ ،‬لتأكيد األشكال المتعدد للزمن واألوجه المختلفة له؛ الزمان ابعاده وبنيته‪ ،‬م‪ :‬المؤسسة الجامعية للدراسات‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪:‬األولى‪ ،‬س‪ ،1995 :‬ص‪.10 :‬‬
‫‪ 38‬عبد اللطيف الصديقي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫‪39‬ماء العينين الشيخ الكبير‪ ،‬اآلجال في تحصيل الديون العمومية‪ ،‬م‪ :‬الرشاد‪ ،‬السطات‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،2014 :‬ص‪.11 :‬‬
‫‪40‬عبد الهادي حمدن‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪41‬ماء العينين الشيخ الكبير‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.18 :‬‬
‫‪42‬‬
‫‪Mohamed Idrissi Alami Machichi, considérations générales sur le temps et le droit, colloque, le temps et le‬‬
‫‪droit, op.cit.‬‬

‫‪10‬‬
‫الزمن ال يحتاج إلى القانون كونه يفرض ذاته الوجودية انطالقا من إيقاع االستمرارية الذي يستمد من‬
‫طبيعته ‪ ،‬ولكون القانون يولد وينشأ تحت رحمة ورقابة الزمن متأثرا بضغطه المستمر‪.‬‬
‫وانطالقا من طبيعة الزمن الذي يحيط بكل جوانب القاعدة القانونية‪ ،43‬فإن هذه األخيرة تتعرض‬
‫لمجموعة من التغيرات االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬التي تبلور األثر الذي يخلفه الزمن على‬
‫القانون والتي لم تتأثر في ذاتها إال بقدر ما أثر فيها الزمن نفسه‪ ،44‬وعلى هذا األساس فإن الزمن يفعل‬
‫فعله في القاعدة القانونية فيؤثر فيها ويجبرها على التأقلم وفق فلسفة تستدعيها فلسفة الزمن نفسه‪،45‬‬
‫تترج م في تدخل المشرع بين الفينة واألخرى استجابة لمطالب اإلصالح المرغوب لترميم عيوب القاعدة‬
‫القانونية لتكون متماشية مع مستلزمات التحديث والتطور‪.‬‬

‫أما قول هذا التوجه بأن القانون يحتا ج إلى عنصر الزمن وطبيعته المستمرة التي تساهم في‬
‫تطوره ‪ ،‬فإن مبادئ هذا التطور تعتبر في حد ذاتها متعارضة مع مفهوم االستقرار الواقعي ومبدأ ثبات‬
‫القانون المنظم للزمن القانوني ‪ .‬فكيف ن وفق إذن بين القول بأن ضرورة المصلحة تقتضي وجود أساس‬
‫قانوني ثابت ومستقر يقوم ع ليه النظام االجتماعي‪ ،‬وبين القول بضرورة األخذ بعين االعتبار لمبادئ‬
‫تطور القانون تحت ضغط التحوالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬والتي تفرض بداهة بفعل‬
‫استمرارية الزمن‪.46‬‬

‫في الواقع إن نكران فرضية حاجة الزمن إلى القانون التي دافع عنها االتجاه األول‪ ،‬وترجيح‬
‫فرضية حاجة القانون إلى الزمن‪ ،‬أبرزت تناقضا في المفاهيم وعجزا عن التوصل إلى توافق بين القول‬
‫بثبات القانون المعتمد كوسيلة التحكم في عنصر الزمن‪ ،‬وبين القول بتطور القانون الذي يعد تكريسا‬
‫لضغط وتأثير الظاهرة الزمنية‪.‬‬

‫إن هذا التناقض بين هذين القولين هو الذي حدد االتجاه الفلسفي الرامي إلى البحث عن الوسائل‬
‫التي تحقق التوافق بين مبادئ تطور القانون بفعل عنصر الزمن‪ ،‬وبين ضرورة إقامة أساس ثابت للنظام‬
‫القانوني الزمني‪ ،47‬ومن ثم انطلق فالسفة القانون يحاولون وضع نظريات للقانون‪ ،‬وأخرى للتشريع‪ ،‬ثم‬

‫‪ 43‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬الزمن في المادة المدنية‪ ،‬ندوة‪ :‬الزمن والقانون‪ ،‬م س(غير منشور)‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫‪Mohamed Idrissi Alami Machichi, op.cit.‬‬
‫‪45‬عبد الرحمن الشرقاوي‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪46‬خالد عبد هللا عيد‪ ،‬محاضرات في فلسفة القانون ومصادره‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال‪ ،‬سنة ‪ ،1978‬ص ‪.44 :‬‬
‫‪47‬خالد عبد هللا عيد‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫أخذوا يبحثون عن مختلف األسس التي تؤدي إلى تحقيق التوافق واالنسجام بين ضرورة ثبات القاعدة‬
‫القانونية المؤطرة لنظام زمني معين‪ ،‬وبين التطور التشريعي الواقع بفعل تأثير الزمن‪.‬‬

‫وكخالصة لهذا التحليل‪ ،‬فقد طفت على السطح حتمية اصطدام هذه المحاوالت الفلسفية بمشكلة‬
‫مزدوجة‪ ،‬مشكلة البرهان على ثب ات القانون بصفته ضابط من ضوابط التنظيم التشريعي للزمن القانوني‬
‫واستقراره من جانب‪ ،‬و مشكلة تعارض هذا البرهان وتناقضه أمام الواقع الذي يكشف على التعديالت‬
‫المتالحقة والمستمرة‪ ،‬وكذا التغيرات المتتابعة التي تطرأ على القانون بين فترة وأخرى تحت ضغط‬
‫الرغبات اإلنسانية والحاجات االقتصادية واالجتماعية‪48‬من جانب آخر‪ ،‬والتي تفرض بدورها تحت‬
‫ضغط عامل االستمرارية‪ ،‬ذلك أن زمن القانون حسب البعض‪ ،49‬نفسه أصبح قصيرا‪ ،‬سواء من حيث‬
‫زمن اإلعداد الذي يمر سريعا‪ ،‬أو من حيث المدة القصيرة التي بات يعمر فيها القانون قبل يطاله اإللغاء‬
‫والتغيير‪.50‬‬

‫وعلى أساس هذه المقاربة التحليلية ذات البعد الفلسفي لمفهومي القانون والزمن داخل سياج الحقل‬
‫القانوني‪ ،‬فإنه على عكس الزمن الفزيائي الذي ال يحتاج إلى قانون‪ ،‬فإن الزمن القانوني يحتاج إلى‬
‫القانون كي يضبطه ويعتمده كوسيلة لتحقيق أهداف قانونية تكشف عن الفلسفة من اعتماد مدد زمنية‬
‫تتأرجح بين القصر والطول وتختلف بطبيعتها من حيث التموضع واألهمية‪.51‬‬

‫وهكذا نكون قد رجحنا التوجه األول القائل بحاجة الزمن إلى القانون في المجال القانوني‪،‬‬
‫معرضين على االتجاه الثاني المنكر لهذه الحاجة والقائل بعكسها‪.52‬‬

‫ومرد هذا الترجيح في نظرنا بجد سنده في أ ن القانون ال يحتاج إلى عنصر الزمن لكي يكون قائما‬
‫بذاته‪ ،‬ألن القانون له قوته التي يستمدها من خصوصيته التشريعية القائمة على معياري الضبط‬
‫واالنضباط والتي تجعله يتربع الكفة الراجحة لميزان المقاس‪ ،‬وله سلطة التحكم وامتالك آلية ترويض‬
‫الزمن بجعله في خدمة السياسة التشريعية عبر نصوص قانونية قطعية الداللة‪ ،‬بحيث تعتبر هذه‬
‫النصوص المصادر الرسمية للزمن القانوني‪ ،‬والتي بدورها تقع ضمن السياسة التشريعية التي تتطلع إلى‬

‫‪48‬خالد عبد هللا عيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.45 :‬‬


‫‪49‬عبد الرحمن الشرقاوي‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪50‬عبد الرحمن الشرقاوي‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫‪Faouzi Ghrousse, la relativité du temps juridique, collègue, le temps et le droit, op.cit.‬‬
‫‪ 52‬تبنى الرأي األول األستاذ نور الدين التجكاني في مداخلته العلمية ضمن فعاليات ندوة الزمن والقانون‪ ،‬بينما تبنى الرأي الثاني األستاذ محمد‬
‫إدريسي علمي مشيشي الذي أنكر حاجة الزمن إلى القانون وبالمقابل أكد على حاجة القانون للزمن ألسباب ومبررات ثم التوقف عندها آنفا‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫محددة لنظام‬ ‫‪53‬‬
‫تحقيق أهداف تعكس حين تحققها الفلسفة القانونية الداعية إلى وضع نصوص قانونية‬
‫زمني معين في مجال قانوني بعينه‪.‬‬

‫ومن ناحية ثانية‪ ،‬فإ نه لو سلمنا بأن القانون يحتاج إلى عنصر الزمن‪ ،‬ألفقدنا القانون خاصية‬
‫الضبط والتحكم‪ ،‬ولتم تثمين فرضية اعتبار إرهاص الزمن هو المعيار بدال من جودة نصوص تتعلق‬
‫بقوانين مهمة‪ ، 54‬ولسقطنا في تناقض مع مبدأ استقرار وثبات ا لقاعدة القانونية كما هي مؤطرة بمقتضى‬
‫النص التشريعي‪ ،‬لكون مفهوم الزمن ال يقبل شيئا اسمه االستقرار إال ما كان منظما بمقتضى القانون‪،‬‬
‫ولكونه خطي ال رجعة فيه وال تكرار‪.55‬‬

‫وال غرو أن الزمن بالر غم من حاجته للقانون في السياق التشريعي البحث‪ ،‬واحتفاظ القانون‬
‫بذاتيت ه وسلطته على ترويضه‪ ،‬فإن الزمن في القانون أو الزمن القانوني‪ 56‬له قيمة وأهمية لم يتذوق طعم‬
‫مرارتها إال من فقد حقوقه تحت ضغط عنصر الزمن‪ ،‬ولم يعرف طعم حالوتها إال من كسب حقوقا‬
‫وظفر بقضايا بمباركته‪ ،‬نظرا الرتباط الزمن القانوني بمصير الدعوى والنزاع المرفوع إلى القضاء‬
‫على االعتراف بالعدد الهائل‬ ‫‪57‬‬
‫استهدافا لالعتراف بحق أو حمايته‪ ،‬مما حمل بعض رجال القضاء‬
‫للحقوق التي ذهبت سدى‪ ،‬والمصالح الثابتة التي شطبت بجرة قلم نتيجة عدم احترام اآلجال‪ ،‬وتهاونا في‬
‫التقيد بالمواعيد التي ال ترحم‪.‬‬

‫من أجل ذلك عمد المشرع المغربي كما في باقي التشريعات المقارنة إلى وضع أنظمة خاصة‬
‫إلى غاية صدور الحكم‬ ‫‪59‬‬
‫مرورا بقيام الخصومة‬ ‫‪58‬‬
‫بالزمن القانوني اعتبارا الرتباطها بمصير الدعوى‬

‫‪53‬‬
‫)‪Marie CRESP, le temps juridique en droit privé, thèse doctorat en droit, école doctorat de droit (E.D.41‬‬
‫‪université Montesquieu, Bordeaux IV, année universitaire 2010, p : 20.‬‬
‫‪54‬‬
‫‪Marie CRESP, op.cit. p : 21.‬‬
‫‪55‬سليمة فراجي‪ ،‬أهمية الزمن التشريعي في هدر الخالفات والمزايدات‪ ،‬مقال منشور بالجريدة اإللكترونية مغرب اليوم‪ ،‬السبت‪ 2‬يونيو ‪.2016‬‬
‫الموقع اإللكتروني‪ almaghribtoday.net306/020716004308 :‬تمت الزيارة بتاريخ ‪.08/09/2016‬‬
‫‪ 56‬للمزيد من االطالع أنظر ‪:‬‬
‫‪-‬ندوة الزمن والقانون المزمع نشرها من طرف مختبر قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬كلية الحقوق فاس‪.‬‬
‫‪- Le temps juridique en droit privé , Marie CRESP, op.cit.‬‬
‫‪ 57‬محمد العربي المجبود‪ ،‬تقديم مؤلف‪ :‬آجال إلجراءات في التشريع المغربي‪ ،‬لمؤلفه عبد العزيز توفيق‪ ،‬م‪ :‬النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى‪ ،‬س‪ ،1990 :‬ص ‪.5 :‬‬
‫‪58‬ماء العينين الشيخ الكبير‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ 59‬عبد الحميد أخريف محاضرات في ق م م‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا فاس‪ ،‬الموسم الجامعي‪ ،2014 -2013 ،‬ص‪-24:‬‬
‫‪.26‬‬

‫‪13‬‬
‫وتنفيذه‪ ،‬وحدده تحديدا دقيقا من حيث أنواع المدد ومداها‪ ،‬والتي ال تخلو من األهمية الممزوجة‬
‫بالخطورة‪.60‬‬

‫ولما كانت أهمية تنظيم الزمن في القانون عموما تروم تحقيق ضبط وأجرأة مقتضيات إيقاع‬
‫القانون الذي يعبر وبحق عن عدالة الزمن القانوني‪ ،61‬فإن هذا األخير في الميدان التجاري أكثر أهمية‪،‬‬
‫وأدعى إلى هذا التنظيم فيه عن غيره‪ ،‬تنظيم يجب أن يبرز خصوصية المادة التجارية التي تقوم على‬
‫السرعة والتكرار‪ ،‬بحيث كلما تكررت العمليات بسرعة تحققت األرباح أكثر‪ ،62‬إذ أن هناك ارتباطا وثيقا‬
‫بين الوقت والمال‪ ، 63‬وتنبها لذلك أقام المشرع نظاما زمنيا خاصا سواء بالنسبة لزمن التقاضي أو بالنسبة‬
‫لزمن األطراف ‪ ،‬كما عمل على تنظيم تقادم تجاري قصير للمعامالت التجارية سواء كانت بين تأجرين‬
‫أو بين تاجر أو غير تاجر‪ 64‬وذلك بالنظر لخصوصية المعامالت التجارية خالفا للمدنية‪.65‬‬

‫إن تبني المادة التجارية لنظام زمني خاص ليبعث على األبعاد الفلسفة التشريعية التي يرمي‬
‫‪66‬‬
‫المشرع إلى تحقيقها من وراء ذلك‪(،‬الفرع الثاني) أبعاد تعكس أهمية تموضع الزمن داخل القانون‬
‫قصد تحقيق أهداف قانونية لخدمة البيئة‬ ‫‪67‬‬
‫الذي يعتمد تقنية األهداف ليخضع عنصر الزمن لسلطته‬
‫التجارية‪ ،‬ذلك أن التقنية لم تقتحم مجال الحياة فحسب‪ ،‬ولكنها اكتسحت مجال القانون‪ ،68‬والذي هو في‬
‫حد ذاته تقنية لخدمة السياسة التشريعية الهادفة إلى إخراج األبعاد الفلسفية لهذه السياسة إلى الواقع العملي‬
‫والتي سنكشف عنها في حينها‪.‬‬

‫‪60‬ماء العينين الشيخ الكبير‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.14 :‬‬


‫‪61‬‬
‫‪Julie Klein, le Rythme du temps, le temps et le droit, journées nationales TOM XVII/DIJON, DALLOZ , 2014,‬‬
‫‪p :67.‬‬
‫‪ 62‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد ‪ ،‬ج‪ :‬األول‪ ،‬م‪ :‬األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪:‬الرابعة‪ ،‬س‪ ،2014 :‬ص‪.17 :‬‬
‫‪ 63‬أسمممممممممممممممماء سمممممممممممممممعد المممممممممممممممدين‪ ،‬مقارنمممممممممممممممة بمممممممممممممممين الممممممممممممممممال والوقمممممممممممممممت‪ ،‬مقمممممممممممممممال منشمممممممممممممممور بمممممممممممممممالموقع اإللكترونمممممممممممممممي‪:‬‬
‫‪www.almasalcon/post/202-252‬‬
‫تمت الزيارة بتاريخ‪.1/09/2016 :‬‬
‫‪64‬فؤاد معالل‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.25 :‬‬
‫‪ 65‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫‪Faouzi Ghtouse, op.cit.‬‬
‫‪67‬‬
‫‪Faouzi Ghtouse, op.cit.‬‬
‫‪68‬‬
‫‪Mohamed Idrissi Alami Machichi, op.cit.‬‬

‫‪14‬‬
‫إن الميدان التجاري بالنظر إلى الخصائص التي يتميز بها وما يتطلبه من سرعة في إنجاز‬
‫المعامالت وارتباط هذه المعامالت مع بعضها البعض‪ ، 69‬استدعى أن يؤطر بمقتضى نظام زمني‬
‫يستجيب لخاصية السرعة التي تطبع هذا الميدان‪ ،‬تمييزا له عن غيره من فروع القانون األخرى‪ ،‬هذا‬
‫التمي ز يجد سنده في كل من زمن المعامالت أو ما اصطلح عليه أحد الفقهاء بزمن األطراف‪ ،70‬وكذا‬
‫زمن التقاضي‪ 71‬أو زمن المسطرة باإلضافة إلى نظام التقادم القصير الخاص بالمادة التجارية‪.72‬‬

‫إن هذا الوضع الذي ينفرد به نظام الزمن القانوني التجاري لينطوي على خصوصيات تتجلى في‬
‫اكتسائه أهمية قصوى‪ ،‬وبتميزه بطبيعة خاصة دون غيره من األنظمة القانونية الزمنية‪ .‬من أجل ذلك‪،‬‬
‫كان البد من تأطير هذا المفهوم ــ الزمن التجاري– تأطيرا يكشف عن كل ما سلف ذكره وفقا مقاربة‬
‫تحليلية تستهدف تحديد مفهومه وأهميته وكذا طبيعته التي تميزه تحديدا نظريا خالصا(الفرع األول)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اإلطار المفاهيمي للزمن القانوني التجاري‬


‫يعد إحداث المحاكم التجارية حدثا هاما في تاريخ القضاء المغربي‪ ،‬وقد أنشئت هذه المحاكم‬
‫استجابة لضرورة توفير المناخ القانوني المالئم للميدان التجاري ومن أجل أن تقوم بدور هام في ميدان‬
‫منازعات األعمال عموما‪ ،‬والمنازعات المرتبطة بالتجارة على وجه الخصوص سواء من حيث سرعة‬
‫البت في القضايا أو من حيث مستوى األحكام الصادرة بشأنها‪.73‬‬

‫والشك أن تبني المشرع التجاري لهذا التنظيم الهيكلي ا لجديد في جسم القضاء المغربي ما كان‬
‫وحماية‬ ‫‪74‬‬
‫إال استجابة لما يتطلبه ميدان المعامالت التجارية من مبادئ‪ ،‬تبقى أهمها السرعة والمرونة‬
‫االئتمان التجاري بما يستهدف تحقيق استقرار البيئ ة التجارية لتكون متماشية مع مستلزمات التحديث‬
‫والتطور وتطويق المنازعات المعرقلة لتوفير أمن تجاري‪ ،‬ذلك أن ضمان تحقيق هذه المبادئ يستدعي‬
‫بالضرورة وضع نظام قانوني يؤطر المادة التجارية م ن حيث جانب المعامالت بين التجار‪ ،‬أو من حيث‬
‫إجراءات التقاضي بين هؤالء في حالة نشوء نزاع بينهم‪.‬‬

‫‪ 69‬عبد السالم الدرقاوي ‪ ،‬المستلزمات المسطرية لقانون األعمال‪ ،‬مقال منشور بالمج‪ :‬المغربية للقانون االقتصادي‪ ،‬ع‪ :‬مزدوج ‪،2013 ،6-5‬‬
‫ص‪.10 :‬‬
‫‪70‬أحمد كويسي‪ ،‬الزمن في األوراق التجارية‪ ،‬ندوة الزمن والقانون م س‪(.‬غير منشور)‬
‫‪71‬عبد الحميد اخريف‪ ،‬الزمن في قمم‪ ،‬ندوة الزمن والقانون‪ ،‬م س‪(.‬غير منشور)‬
‫‪ 72‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬التقادم في المادة التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.60 :‬‬
‫‪73‬تقديم وزير العدل‪ ،‬السيد محمد بوزبع لمج ‪ :‬المحاكم المغربية‪ ،‬م‪ :‬فضالة‪ ،‬المحمدية‪ ،‬ع‪ :‬األول‪ ،‬ماي ‪ ،2004‬ص ‪.5 :‬‬
‫‪74‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.7 :‬‬

‫‪15‬‬
‫ويبقى نظام الزمن القانوني التجاري أهم هذه األنظمة التي ميزت هذا القانون سواء من حيث‬
‫عناصره‪ ،‬أو من حيث أهدافه التي يروم تحقيقها والتي ال تخرج في شموليتها عن ضمان المرونة‬
‫والسرعة وحماية االئتمان وفق ما يحقق استقرار البيئة التجارية‪.‬‬

‫ويتجلى ذلك من خالل نظام الزمن القصير الذي صار مشتمال على صعيد كل جزيئيات الميدان‬
‫التجاري إن على مستوى زمن األطراف أو على مستوى زمن التقاضي‪.‬‬

‫وإذا كانت هذه هي األهداف والمقاصد التي استهدف المشرع تحصيلها بتبنيه لنظام الزمن‬
‫القانوني التجاري‪ ،‬فإن عناصره المميزة والتي كان لها دور ال يقل أهمية تنحصر باألساس في طبيعة‬
‫نظام الزمن القانوني(المبحث الثاني) و التي تعد بمثابة آليات لخدمة مقومات البيئة التجارية‪ ،‬ثم في‬
‫الخصوصية التي يختص بها نظام الزمن القانون التجاري‪ ،‬وهي خصوصية تعكس أهمية هذا النظام‬
‫والحاجة إليه‪ .‬لذلك كان البد من التوقف عند مفهوم هذا المقتضى (المبحث األول) ليتسنى بالتالي مناقشة‬
‫كل ما سلف ذكره‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم الزمن التجاري وأهميته‬


‫ازدادت النظرة للزمن أهمية‪ ،‬لما يترتب عليه من إنجازات وتقدم وازدهار السيما في اآلونة‬
‫األخيرة التي شهدت مراحل تحول تدريجي عالمي عبر سلسلة من المتغيرات المستمرة المتالحقة‪،‬‬
‫فالوقت يمثل أداة جوهرية تدور في فلكه أنشطة البشر وإنجازاتهم‪ ،‬ويعد أحد الموارد الطبيعية التي‬
‫أتاحها هللا لإلنسان‪ ،‬إذ تم تكليفه باالستثمار فيها‪ .75‬ووعيا من المشرع التجاري بهذه المعطيات فقد سعى‬
‫لتخصيص القانون التجاري بنظام زمني خاص‪ ،‬مكرسا إياه بقواعد قانونية قطعية رغبة في الظفر‬
‫بفوائده وتوقيا لمخا طر آثاره واستبعادا إلهدار الزمن في مجال القانون وفي خلق القيمة‪ ،76‬ومن منطلق‬
‫هذه المبادرات التشريعية ظهر إلى الوجود مقتضى الزمن القانوني‪ ،77‬ومنه حاولنا التدقيق في الزمن‬
‫التجاري من خالل تتبع النظام القانوني المؤطر للزمن في المادة التجارية لعملنا بأهمية عنصر الزمن في‬
‫هذه المادة ومدى ضخامة قيمة الحاجة إلى ضبطه فيها (المطلب الثاني) والنتباهنا للمميزات التي يختص‬
‫بها عن غيره من األنظمة في باقي فروع القانون‪ ،‬والتي تعد من صميم أهميته‪.‬‬

‫‪75‬مجدي علي محمد غي ث‪ ،‬نظرية الحسم الزمني في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬منشورات المعهد العالمي للفكر اإلسالمي‪ ،‬فرجينا‪ ،‬الواليات المتحدة‬
‫األمريكية‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،2010 :‬ص‪.36 :‬‬
‫‪76‬منذر قحف‪ ،‬تقديم مؤلف‪ ،‬نظرية الحسم الزمني في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬مجدي علي محمد غيث‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.9 :‬‬
‫‪77‬‬
‫‪Marie CERSP, op.cit. p : 3.‬‬

‫‪16‬‬
‫ومن منطلق خصوصية الزمن القانوني في المادة التجارية‪ ،‬البد من التوقف عند هذا المفهوم من‬
‫أجل تحديده بتبيين أللفاظ التي ترادفه ويراد بها هو‪ ،‬تحديدا مانعا للجهالة (المطلب األول)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الزمن التجاري‬

‫خالفا لما هو معهود في تحديد المفاهيم القانونية الذي يستهدف وضع تعريف للمقتضى المراد‬
‫استجالء الغموض واللبس عليه‪ ،‬والذي يكون بتعريفه وتمييزه عن المفاهيم المشابهة له‪ ،‬فإن تحديد مفهوم‬
‫الزمن القانوني التجاري سيكون بتعريفه (الفقرة األولى) وبرصد األلفاظ ذات العالقة بعنصر الزمن‬
‫(الفقرة الثانية) ألن الزمن قد يطلق ويراد به هذه األلفاظ‪ 78‬أو العكس بالعكس‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف الزمن التجاري‬

‫قبل أن نعر ف الزمن القانوني في المادة التجارية‪ ،‬فإنه من الحكمة التعريج على مختلف الجزئيات‬
‫المساعدة على توضيح هذ ا المفهوم بما في ذلك التوقف عند تعريفه لغويا ومن الناحية االصطالحية‬
‫لنصل نهاية إلى التعريف القانوني لهذا المقتضى‪.‬‬

‫الزمن في اللغة ‪ :‬الزمن والزمان يطلقان في اللغة على قليل الوقت وكثيره‪ ،79‬والجمع أزمان‬
‫وأزمنة‪ ،‬وسبب إطالقه على الوقت قليلة وكثيره هو أن الزمن مدة قابلة للقسمة‪ ،80‬وعامله مزامنة من‬
‫الزمن‪ ،‬كما يقال مشاهرة من الشهر‪.81‬‬

‫والزمن في اصطالح الفقهاء يستعمل بمعنى أجل الشيء ومدته ووقته‪ ،82‬ومن ذلك نجد الفقيه علي‬
‫الشيباني ابن األثير‪ ،‬الذي عرف الزمن بأنه مجموع ساعات الليل والنهار ويشمل الطويل من المدة‬
‫والقصير منها‪ ، 83‬كما عرفه الجرجاني بقوله ‪":‬الزمن هو مقدار حركة الفلك‪ ،‬وعند المتكلمين (المناطقة)‪،‬‬
‫فالزمن هو متجدد معلوم‪ ،‬يقدر به متجدد موهوم‪ ،‬فإذا اقترن ذلك الموهوم بذلك المعلوم‪ ،‬زال اإليهام‪،84‬‬

‫‪78‬مجدي علي محمد غيث‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.26 :‬‬


‫‪79‬محمد شيلح‪ ،‬زمان انعقاد العقد‪ ،‬ندوة الزمن والقانون‪ ،‬م س‪(.‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪80‬ابن منظور محمد ابن مكرم‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬م‪ :‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬المصورة االولى‪ ،‬ج ‪ ،13‬ص ‪.199 :‬‬
‫‪http://archive.org/stream/LissanaAlarab/13-10588#page/n199/mode/24p.‬‬
‫‪ 81‬محمد بن أبي بكر الرازي‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬م‪ :‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬المصورة األولى‪ ،‬ج‪ :‬األول‪ ،‬ص ‪.280 :‬‬
‫‪http://archive.org/stream/wa98477/8477#page/n279/mode/2up.‬‬
‫‪82‬دون ذكر صاحب المقال‪ ،‬منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية الكويتية‪ ،‬مطبعة ذات السالسل‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪ ،2 :‬ج‪ ،24 :‬ص‪.5 :‬‬
‫‪ 83‬ابن األثير علي الشيباني‪ ،‬الكامل في التاريخ‪ ،‬م‪ :‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،1965 :‬ص‪.13 :‬‬
‫‪ 84‬علي بن محمد السيد الشريف الجرجاني‪ ،‬التعريفات‪ ،‬تحقيق محمد صديق المنشاوي‪ ،‬م‪ :‬دار الفضيلة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون ذكر رقم الطبعة‪ ،‬س‪:‬‬
‫‪ 1357‬هـ‪ ،‬ص ‪.99 :‬‬

‫‪17‬‬
‫وأقر البعض بأن الزمن كلمة عربية تدل على كامل أجزاء الوقت طويال كان أم قصيرا وليس له بداية‬
‫وال نهاية‪ ،‬وهو مقدار الحركة يجري أبدا وال ينتهي‪.85‬‬

‫ومما سبق يتبين أن تعريف الزمن عند هؤالء الفقهاء‪ ،‬اقتبس من المعنى اللغوي تارة ليدل على‬
‫قصر المدة أو طولها‪ ،‬ومن التعريف االصطالحي تارة أخرى ليدل على خصائصه‪ .‬ومن عناصر‬
‫االتفاق بين التعريفات السالفة أنها اعتبرت الزمن وقتا يطلق على أجزاء من الوقت‪ ،‬سواء أكان قصيرا‬
‫أم طويال‪.86‬‬

‫أما الزمن من داخل القانون‪ ،87‬أو الزمن في القانون‪–،‬في المادة التجارية‪ -‬فهو مفهوم ذو بعد‬
‫وقتي يحمل على معنين‪ ،‬األول يظهر من خالله الزمن على أنه فضاء خاص ومنظم يتم في إطاره ظهور‬
‫مختلف الوضعيات القانونية‪ ،‬والثاني هو معيار تقاس وفق استمراريته مختلف هذه الوضعيات‪ ،‬وتنشأ فيه‬
‫جميع التصرفات المرتبطة بها‪.88‬‬

‫ومن الزاوية التجارية في بعدها القانوني‪ ،‬فإن الزمن القانوني مفهوم وظيفي يشكل أداة لتحقيق‬
‫أهداف كثيرة خدمة لمقاصد السياسة التشريعية بحيث ينظم القانون الزمن معتمدا على تقنية األهداف‬
‫لضبط فرع قانوني بعينه‪.‬‬

‫وعليه فالزمن القانوني بهذا المعنى هو مفهوم وظيفي‪ ،‬بحيث أن وحدة مفهومه تستمد من وظائفه‬
‫التي تساعد على فهم البعد الزمني للقانون بشكل كامل ودقيق من خالل األهداف التي يبتغى تحقيقها‪،89‬‬
‫ومن هذا المنطلق الوظيفي لمفهوم الزمن القانوني يتبين أن هذا األخير يجب في محتواه كل األلفاظ‬
‫القانونية التي تعبر عنه‪ ،‬والتي استدعت المشرع العتمادها كل بحسب تموضعه ونسبة الحاجة إليه‪ ،‬وهذا‬
‫ما سنتناوله في (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الموقع اإللكتروني‪http//archive.org/stream/waq111440/11440#page/n97/mode/2up :‬‬


‫‪ 85‬محمد الطاهر الرزقي‪ ،‬عامل الزمن في العبادات والمعامالت‪ ،‬ج‪ ،1‬م‪ :‬الراشد‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط ‪ ،1 :‬س‪ ،2000 :‬ص ‪.14 :‬‬
‫‪ 86‬مجدي علي محمد غيث‪ ،‬مس‪ ،‬ص ‪.26 :‬‬
‫‪87‬‬
‫‪Faouzi GHROUSSE, op.cit.‬‬
‫‪88‬‬
‫‪Marie CRESP, op.cit, p: 13-14.‬‬
‫‪89‬‬
‫‪Marie CRESP, op.cit. p : 15.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفقرة الثانية ‪:‬األلفاظ القانونية ذات العالقة بمفهوم الزمن القانوني‪.‬‬

‫قد يقع خلط بين لفظ الزمن القانوني ومصطلحات أخرى ذات عالقة به من الناحية القانونية‪ ،‬وتفيد‬
‫سيما من داخل القانون‪ ،‬وأهم األلفاظ‬ ‫‪90‬‬
‫ما يفيد‪ ،‬ففي بعض األحيان يعبر عن لفظة الزمن بألفاظ أخرى‬
‫القانونية‪ ،‬ذات العالقة ما يأتي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬الوقت ‪:‬‬


‫يعد الوقت من أكثر األلفاظ عالقة بالزمن القانوني وألصقها به‪ ،‬فما الوقت إال جزء من الزمن‪،‬‬
‫والوقت حتى إذا ما تناولناه من الجانب اللغوي‪ ،‬فإنه يطلق ويراد به مقدار من الزمن مفروض ألمر ما‪،‬‬
‫وكل شيء قدرت له حينا فقد وقته توقيتا‪ ،91‬وفي لسان العرب‪ ،‬الوقت مقدار من الدهر معروف‪ ،‬وأكثر‬
‫ما يستعمل في الماضي‪ ،‬وقد يستعمل في المستقبل‪.92‬‬

‫والوقت في االصطالح‪ ،‬مقدار من الزمن مقدر ألمر ما‪ ، 93‬وعليه فإن الوقت بهذا المعنى خصص‬
‫من الزمن للقيام بعمل معين‪ ،‬و من هنا يظهر الفرق بين الزمن والوقت‪ ،‬فالزمن يستعمل لتعيين مدة‬
‫ممتدة وطويلة‪ ،‬بينما الوقت يدل على مدة أقصر وألمر معين‪.94‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المدة ‪:‬‬


‫تعد المدة من األلفاظ ذات العالقة الوثيقة بالزمن‪ ،‬إذ هي برهة من الزمن تدل على القليل والكثير‪،‬‬
‫والمدة إذ تطلق يراد بها طائفة من الزمان وبرهة منه تقع على القليل والكثير‪. 95‬‬

‫والمدة في االصطالح القانوني حسب فلسفة برغسون‪ Bergson‬هي وقت معاش‪ ،‬يقاس بمحتواه‬
‫الذي يعكس مدى الفترة الزمنية المشكلة للمدة من حيث كمية األحداث‪ ،‬والمواضيع المستغلة فيها‪ ،‬ال بعدد‬
‫األيام والساعات‪.96‬‬

‫‪ 90‬علي محمد غيث‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.26 :‬‬


‫‪ 91‬أحمد ابن محمد بن علي الفيومي المقري‪ ،‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير‪ ،‬مجلد ‪ ،1‬مادة زمن‪ ،‬م‪:‬لبنان‪،‬بيروت‪ ،‬س‪ ،1987 :‬ص‪:‬‬
‫‪.256‬‬
‫الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://archive.org/stream/waq174422#page/no/mode/2up‬‬
‫‪92‬ابن منظور‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.107 :‬‬
‫‪ 93‬عبد هللا حامد المراعية‪ ،‬أثر الوقت في أحكام عقد النكاح‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة آل البيت‪ ،‬المفرق‪ ،‬الموسم الجامعي ‪ ،2000‬ص‪.9 :‬‬
‫‪94‬رضا سعد هللا‪ ،‬مفهوم الزمن في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.10 :‬‬
‫‪ 95‬ابن منظور‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.40 :‬‬
‫‪96‬‬
‫‪Marie CRECP, op.cit.p : 61.‬‬

‫‪19‬‬
‫وعليه‪ ،‬فالمدة الزمنية في االصطالح القانوني تقاس بمدى اإلجراءات والتصرفات التي تمت‬
‫مباشرتها في غضونها‪ ،‬وبذلك تكون غير مجردة عن األحداث والواقع‪ ،‬وهو الطرح الذي يزكي العالقة‬
‫الوطيدة بين كل من الزمن وباقي األلفاظ الدالة عليه‪ ،‬والتي تبقى المدة من أبرزها‪ ،‬وبين التنظيم القانوني‬
‫الذي تدور في فلكه هذه الوقائع‪.97‬‬

‫ثالثا ‪ :‬األجل‪:‬‬

‫هو المدة المفروضة للشيء والمقدار المحدود من الزمن‪ ،98‬ويطلق األجل في اللغة على معان عدة‬
‫أهمها غاية الوقت المضروب في الموت‪ ،‬وحلول الدين ونحوه‪ ،‬ويقال استأجله أي أجله إلى مدة‪ ،‬واآلجلة‬
‫ضد العاجلة وهي مدة الشيء‪.99‬‬

‫وقد عرفه األلوسي بقوله األجل غاية لزمان ممتد‪ ،‬عين ألمر من األمور‪ ،‬وقد يطلق على كل ذلك‬
‫زمان‪ ،100‬وهذا التعريف قصد به المدة المضروبة ألمر معين‪. 101‬‬

‫واألجل في مجال القانون‪ ،‬هو المدة المستقبلة التي يضاف إليها أمر من األمور‪ ،‬سواء كانت هذه‬
‫اإلضافة أجال للوفاء بااللتزام أو أجال إلنهاء االلتزام‪ ،102‬وسواء أكانت مقررة بالتشريع أم بالقضاء أم‬
‫بإرادة أطراف العالقة‪.103‬‬

‫وعليه‪ ،‬فاألجل هو أمر محقق الوقوع من شأنه أن يوقف استحقاق االلتزام أو انقضائه‪ ،104‬وهكذا‬
‫‪105‬‬
‫يمكن تعريف ألجل بأنه مدة مستقبل محددة لها بداية ونهاية‪ .‬ويوضح األستاذ علي مجدي محمد غيث‬
‫فيما يقترب من هذا التعريف قائال‪ ،‬أن األجل ال يتحقق إال ببيان مدة معلومة‪ ،‬قصيرة كانت أم طويلة‪،‬‬

‫‪ 97‬انظر الصفحة األولى من الفصل األول‪.‬‬


‫‪ 98‬مجدي ممتحن‪ ،‬الزمان بين األدب والقرآن‪ ،‬مج‪ :‬التراث األدبي‪ ،‬س‪ ،2 :‬ع‪ ،5 :‬ص‪.154 :‬‬
‫الموقع االلكتروني‪www.SID.ir :‬‬
‫‪ 99‬ابن منظور‪ ،‬مادة أجل‪ ،‬مس‪ ،‬ج ‪ ،11‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ 100‬أبو الفضل شهاب الدين األلوسي‪ ،‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ ،‬ج‪ ،2‬م‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫دون ذكر عدد وسنة الطبع‪ ،‬ص‪.137 :‬‬
‫الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://archive .org/stream/wap0094/rohmaani19/page /mo /mode/2up.‬‬
‫‪101‬مجدي علي محمد غيث‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.26 :‬‬
‫‪102‬مجدي علي محمد غيث‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.28 :‬‬
‫‪ 103‬وهذا التعريف يشمل األجل القانوني الذي حدده المشرع‪ ،‬واألجل القضائي الذي يتخذ بمقتضى حكم قضائي وألجل االتفاقي الذي يتحدد‬
‫بمحض إر ادة الطرفين‪ ،‬وهو ما أسميناه بالزمن القانوني والزمن القضائي والزمن االتفاقي‪ ،‬أنظر المبحث الثاني من هذا الفرع‪ ،‬الصفحات‪:‬‬
‫‪ 104‬عبد الرحمن مصلح الشرادي‪ ،‬الشرط وألجل في قانون االلتزام والعقود المغربي‪ ،‬م‪ :‬األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط ‪:‬األولى‪ ،2004 ،‬ص ‪.166 :‬‬
‫‪105‬نظرية الحسم الزمني في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.29 :‬‬

‫‪20‬‬
‫وهذه المدة تكون مستقبلة بحيث أن المدة الماضية يطلق عليها التاريخ‪ ،‬ومن ذلك مثال تاريخ صدور‬
‫الحكم القضائي‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الفور‪:‬‬

‫عرفه أحد الفقهاء‪106‬بقوله‪ ،‬المعنى السائد للفور هو المواالة للقبول واإليجاب لما يحصل‪ ،‬على‬
‫غرار ما يحصل في الوضوء للصالة‪ ،‬وفي لسان العرب حسب نفس الفقيه‪ ،‬الفور هو مقدار غير محدد‬
‫من الوقت‪ ،‬فإذا كان محددا سمي ميقاتا‪ .‬وهو من األلفاظ التقريبية إذ البد من التسامح في استعمالها بما‬
‫تقتضي به العادة‪.‬‬

‫وفي اعتقادنا فإن ما ذهب إليه هذا الجانب من الفقه بخصوص ضرورة التسامح في استعمال الفور‬
‫بحسب ما تقضي به العادة‪ ،‬فإن هذا التسامح يقبل فقط في مجال زمن األطراف أو ما يصطلح عليه بزمن‬
‫المعامالت‪ ،‬أما زمن التقاضي فإن إقرار مبدأ التسامح في خالله يؤدي إلى تثاقل إجراءات المسطرة‪،‬‬
‫والقول بخالف ذلك يفرغ نظام زمن التقاضي الخاص من محتواه‪ ،‬ويحول دون أدائه للمقصد الذي صيغ‬
‫من أجله‪.‬‬

‫وهكذا نكون قد تعرضنا لأللفاظ ذات العالقة بالزمن القانوني (الوقت‪ ،‬المدة‪ ،‬األجل‪ ،‬الفور)‪ ،‬ألن‬
‫الزمن قد يراد به هذه األلفاظ كما سلفت اإلشارة إلى ذلك آنفا‪ ،‬إذ أن الزمن يطلق ويراد به مدة طويلة‬
‫وممتدة‪ ،‬والوقت يستعمل بتعيين مدة أقصر‪ ،‬أي مقدار من الزمن مقدر ألمر ما‪ ،‬وبذلك يدخل الوقت‬
‫ضمن مفهوم الزمن‪ ،‬فالوقت اختالفه الوحيد عن الزمن في كونه يستخدم لفترات أقصر‪ ،‬أما المدة فماهي‬
‫إال جزء من الزمن‪ ،‬أما األجل ف هو المدة المستقبلة التي تحدد لها بداية ونهاية‪ ،‬وهو من أكثر األلفاظ‬
‫ارتباطا بالزمن القانوني والسيما التجاري منه‪ ،‬وأخيرا الفور الذي ليس له حضور قوي على غرار‬
‫المفاهيم السالفة الذكر‪ ،‬لذلك فإن ارتباطه بالزمن ارتباط مفاهيمي أكثر منه وظيفي للداللة على المواالة‬
‫بين عمليتين قانونيتين كتقديم المقال االفتتاحي وتعين القاضي المقرر‪.107‬‬

‫‪ 106‬محمد شيلح‪ ،‬زمن انعقاد العقد‪ ،‬ندوة الزمن والقانون‪ ،‬م س‪(.‬غير منشور)‬
‫‪107‬مثال ذلك ما ورد عليه النص في الفصل ‪ 14‬من ق ‪ 53.95‬المحدث للمحاكم التجارية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية تنظيم وضبط نظام الزمن التجاري‬
‫إن الناظر لقواعد القانون التجاري المنظمة لعنصر الزمن في هذا األخير يتيقن أن قيمة الزمن فيه‬
‫واضحة‪ 108‬بشكل ينم عن حاجة المادة التج ارية لتنظيم هذا العنصر تنظيما قانونيا دقيقا‪ ،‬وهو فعال‪ ،‬األمر‬
‫الذي كان المشرع على وعي به‪ ،‬وذلك عندما لم يتوقف عند تنظيمه وحسب‪ ،‬ولكن بضبط هذا التنظيم‬
‫والتدقيق فيه‪ ،‬بالكشف عن طبيعة ونوعية الزمن الذي تتوخاه المادة التجارية‪ ،‬وقد بلورت هذه الدراية في‬
‫تقنية الزمن القصير الذي يستجيب لخدمة خاصيتي السرعة والمرونة وحماية االئتمان‪ ،‬والتي تعد أبرز‬
‫تقنية انفرد بها القانون التجاري وطورها وفق نمط يخدم عملية تطوير مبادئه‪ ،‬ويدفع به إلى بر االستقالل‬
‫والتفرد عن غيره من فروع القانون األخرى‪ .‬ولجسامة هذه المهمة‪ ،‬فقد أولى المشرع المغربي التجاري‬
‫لهذه التقنية –تقنية الزمن – تنظيما محكما من خالل نظام زمني خاص جعله يتميز بخصوصية فريدة من‬
‫نوعها يمكن الوقوف عندها بالتطرق إليها على مستويين‪ ،‬األول نتناول فيه زمن التقاضي في المادة‬
‫التجارية وما يشتمل عليه من خصوصيات ت ميزه عن زمن التقاضي في القواعد العامة‪(،‬الفقرة األولى)‬
‫ثم نتطرق بعد ذلك لزمن األطراف وفق نفس المنهج الذي سرنا عليه في الحديث عن زمن التقاضي‪،‬‬
‫(الفقرة الثانية) وبذلك نكون قد أحطنا بمختلف جوانب الزمن التجاري سواء في الشق المتعلق‬
‫بالمعامالت أو في الجانب المتعلق باقتضاء الحقوق‪.‬‬

‫الحق)‪109‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬زمن التقاضي (زمن اقتضاء‬

‫يعتبر مجال المال واألعمال من المواضيع ذات األهمية بمكان نظرا لموقعها ومكانتها داخل‬
‫المنظومة االقتصادية عموما والتجارية على وجه الخصوص‪ ،‬وبالنظر لما تستدعيه تلك المنظومة من‬
‫سرعة‪ ،‬فال يخفى دور التنظيم القانوني لعنصر الزمن فيها ‪ ،‬لذلك يبحث المستثمرون عن األوساط التي‬
‫تضمن لهم الحصول على حقوقهم في أوجز الفقرات وينفرون من األسواق التي سيتأخر فيها اقتضاؤهم‬
‫إياها‪ ،‬ولهذا فللجانب المسطري في هذا الصدد أهمية خاصة‪ ،‬لكونه يشكل المسلك الرئيسي لفض‬
‫النزاعات والوصول إلى الحقوق في أقرب اآلجال بشكل صحيح وسليم تحقيقا لألهداف االقتصادية‪.110‬‬

‫‪108‬مجدي علي محمد غيث‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.38 :‬‬


‫‪109‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬الزمن في قمم‪ ،‬ندوة الزمن و القانون‪ ،‬م س‪(.‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ 110‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.3 :‬‬

‫‪22‬‬
‫لذلك وضع المشرع التجاري نظاما زمنيا خاصا هدف من ورائه إلى تحقيق الغايات والمقاصد‬
‫السالف ذكرها‪ ،‬كونها تشكل محور اهتمامه وغايته من إحداث قواعد إجرائية خاصة في المادة التجارية‪.‬‬
‫وإذا انتقلنا إلى القضاء باعتباره المجسد لحركية القانون‪111‬وما يقتضيه التوجه إليه من إجراءات‬
‫ومساطر‪ ،‬يتضح بشكل جلي أن هذه األخيرة هي موضوع الرهان في إنجاح العملية التجارية بالنظر‬
‫لكونها محكومة بتنظيم يعكس خصوصية الزمن التجاري الذي يشكل فيصال بين القواعد اإلجرائية العامة‬
‫المعمول بها أمام المحاكم العادية وبين المساطر التي انفردت بها المحاكم التجارية‪.112‬‬

‫وبالرجوع إلى مقتضيات القانون ‪ 53.95‬المنظم للزمن المتحكم في إجراءات اقتضاء الحقوق نجده‬
‫قد نظم هذا العنصر في جميع مراحل اإلجراءات المتبعة لهذه الغاية‪ ،‬سواء قبل وأثناء البت في النزاع أو‬
‫خالل تنفيذ الحكم أو القرار القضائي‪.‬‬

‫فعلى مستوى التنظيم القانوني لزمن اقتضاء الحق قبل وأثناء البت في النزاع التجاري تبرز خصوصية‬
‫التنظيم من أول خطوة يخطوها المدعي في سبيل اقتضاء حقه‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل مبادرة رئيس‬
‫المحكمة إلى تعيين القاضي المقرر الذي يحيل إليه الملف خالل ‪ 24‬ساعة من تاريخ تقييده بكتابة الضبط‬
‫من طرف المدعي‪ ،113‬ويقوم المقرر باستدعاء األطراف ألقرب جلسة يحدد تاريخها‪.114‬‬

‫وال شك أن هذه المقتضيات تستلزم السرعة في اتخاذ مجموعة من العمليات كالتسريع في جدولة‬
‫التعينات التي يقوم بها رئيس المحكمة‪ ،‬والتي تتطلب بذل الكثير من الجهد في تصنيف القضايا من أجل‬
‫إحالتها إلى القاضي المقرر الذي يتوسم فيه الكفاءة العلمية على سرعة المعالجة‪ ،‬وهذه الكفاءة تتصل‬
‫بتخصص معين يفترض أن يتجانس مع طبيعة القضية التي سيتكلف بها‪ ،‬وكذا السرعة في جدولة‬
‫الجلسات التي يقوم بها القاضي المقرر إلدراج القضايا في المناقشة‪.‬‬
‫ومن أجل تفعيل مقتضيات المادة ‪ ، 14‬يجد القاضي المقرر نفسه ملزما بالتوفيق بين تنفيذ السرعة‬
‫المطلوبة وبين االعتداد بموطن األطراف الذين قد يوجد أحدهم خارج نفوذ الدائرة القضائية للمحكمة‪،115‬‬
‫بحيث يتراوح ا ألجل الذي يجب أن ينصرم ما بين تبليغ االستدعاء واليوم المحدد للحضور من ‪ 5‬أيام إلى‬
‫‪ 15‬يوما‪ ،116‬وكذا من شهرين إلى أربعة أشهر‪.117‬‬

‫‪ 111‬المهدي شبو‪ ،‬لماذا تبني المشرع المغربي نظام صعوبات المقاولة‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬المحاكم المغربية‪ ،‬ع‪ 89 :‬يوليوز‪ -‬غشت‪ ،‬س‪:‬‬
‫‪ ،2001‬ص‪.61 :‬‬
‫‪112‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.4 :‬‬
‫‪113‬عبد الجبار بهم‪ ،‬اآلجال وفق قانون إحداث المحاكم التجارية‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬المحامي‪ ،‬ع‪ ،45 :‬س‪ ،2004 :‬ص‪.56 :‬‬
‫‪ 114‬المادة ‪ 14‬من ق‪.‬م التجارية الموافقة للفصل ‪ 36‬من قمم‪.‬‬
‫‪115‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.57 :‬‬
‫‪116‬الفصل ‪ 40‬من ق م م‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وإذا تعذر توصل األطراف باالستدعاء أصدرت المحكمة أمرا بتعيين قيم طبقا لمقتضيات الفصل‬
‫‪ 39‬من ق م م حماية لحقوق األطراف من جهة وتسريعا إلجراءات البت من جهة ثانية‪.‬‬

‫وبهدف تعجيل االستدعاء‪ ،‬حرص المشرع التجاري من خالل المادة ‪ 15‬من قانون ‪ 53.95‬على‬
‫إسناد هذه المهمة إلى مؤسسة المفوض القضائي ‪ ،‬باعتبارها أداة ضامنة للسرعة بالنظر لتخصصها‬
‫وكفاءتها ودرايتها بجغرافية المحيط العام للمحكمة التجارية ومتطلباتها‪.118‬‬

‫وهذا خالفا لما عليه الحال في شأن التقاضي في القواعد العامة المنظم بمعزل عن أي إيالء ألهمية‬
‫عنصر ا لزمن قبل مرحلة البت في الدعوى‪ ،‬حيث يبقى اعتماد إجراءات التبليغ المنصوص عليها في‬
‫الفصول ‪ 38 – 37 -36‬بما تعرفه طبعا من بطء و تأخير في توصل األطراف باستدعاءاتهم مما يترتب‬
‫على ذلك تأخر في زمن البت في النزع‪.‬‬

‫وأثناء البت في الخصومة القضائية أ مام المحكمة التجارية‪ ،‬يستمر هاجس الزمن حاضرا في‬
‫مختلفة محطات البحث والتحقيق في الدعوى التجارية‪ ،‬ويمكن تلمس هذا الهاجس انطالقا مما يلي ‪:‬‬

‫‪-1‬زمن إثارة الدفع بعدم االختصاص‬


‫أوجبت المادة ‪ 8‬من ق‪ .‬إ‪ .‬م‪ .‬ت على المحكمة البت في الدفع بعدم االختصاص داخل أجل ‪ 8‬أيام‬
‫من تاريخ إثارته وذلك حسما لكل ما من شأنه إطالة أمد التقاضي‪.119‬‬

‫وإذا صدر الحكم المتعلق باالختصاص بادر القاضي المقرر إلى توقيعه على وجه السرعة‪ ،‬فإذا‬
‫عاقه مانع أصبح معه غير قادر على توقيع الحكم وجب إمضاؤه من طرف رئيس المحكمة داخل أربع‬
‫وعشرين ساعة بعد التحقق من وجود هذا المانع‪ 120‬كما نصت على ذلك المادة ‪ 11‬من ‪. 53.95‬‬

‫‪117‬الفصل ‪ 41‬من ق م م‪ ،‬جاء فيه‪ " :‬إذا لم يكن للطرف الذي وقع استدعاؤه ال موطن وال محل إقامة في دوائر نفوذ محاكم المملكة فإن أجل‬
‫الحضور يحدد فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إذا كان يسكن بالجزائر أو تونس أو إحدى الدول األوروبية‪ :‬شهران؛‬

‫‪ -‬إذا كان يسكن بدولة افريقية أخرى أو آسيا أو أمريكا‪ :‬ثالثة أشهر؛‬

‫‪ -‬إذا كان يسكن باالقيانوس‪ :‬أربعة أشهر‪.‬‬

‫تطبق اآلجال العادية عدا إذ ا مددها القاضي بالنسبة إلى االستدعاءات التي سلمت إلى الشخص بالمغرب الذي ال يتوفر بعد على موطن‬
‫ومحل إقامة‪".‬‬

‫‪118‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.57:‬‬


‫‪119‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.58 :‬‬

‫‪24‬‬
‫‪-2‬زمن التحقيق في الدعوى‬
‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 16‬من ق إ م ت على أنه إذا كانت القضية غير جاهزة للحكم‪ ،‬أمكن‬
‫للمحكمة التجارية أن ترجعها للقاضي المقرر ‪ ،...‬ويستشف من مفهوم المخالفة لهذا النص أن القضية إذا‬
‫كانت جاهزة ف المحكمة مطالبة باإلسراع إلى وضعها في المداولة بعد تحديد تاريخ النطق بالحكم‪.121‬‬

‫وعدم جاهزية الحكم يطرح على المحاكم التجارية إشكالية االلتزام بهاجس الزمن الذي يتردد‬
‫صداه باستمرار عبر مضامين المواد المؤطرة لقا نون إحداثها‪ ،‬والناظمة لمساطرها وإجراءاتها والضامنة‬
‫في نفس اآلن للسرعة التي ينشدها أطراف الدعوى‪ ،‬هاته األطراف التي ما تلبث أن تتنكر للسرعة‬
‫المطلوبة عندما تأخذ المسطرة مجراها‪ ،‬ويتسرب التحقيق إلى المراكز القانونية لهم حيث تبدأ النوايا‬
‫الغائرة في الميل إلى تسويف اإلجراءات والمماطلة فيها إهدارا لزمن التقاضي‪ .122‬والتحقيق في الدعوى‬
‫على حد تعبير أحد الباحثين‪ 123‬ليس ترفا للقاضي المقرر بقدر ما هو عناء له‪ ،‬ويزيد من وطأة هذا العناء‬
‫التزامه في جميع األحوال بأن يحيل القضية من جديد إلى الجلسة داخل أجل ال يتعدى ‪ 3‬أشهر من تاريخ‬
‫إرجاعها له من قبل المحكمة‪ ،‬وقد يستدعي التحقيق اللجوء إلى إجراءات الخبرة‪ ،‬والتي يتعين بمقتضاها‬
‫مراعاة مجموعة من اآلجال التي تجد اصلها في منطق التحقيقات المدنية والمختلفة تماما عن طبيعة‬
‫التحقيق الذي ينبغي ان يسود القضايا التجارية‪.124‬‬

‫‪120‬تجدر اإلشارة إلى أنه بعد صدور الحكم المتعلق باالختصاص يفتح للطرف المتضرر منه باب الطعن باالستئناف ضمن حيز زمني تم تحديده‬
‫بموجب المادة ‪ 8‬من قانون إحداث المحاكم التجارية‪ ،‬وإحجامنا عن عدم التطرق له على هذا المستوى راجع لكون أجل الطعن أدرجناه ضمن‬
‫الفقرة المتعلقة بزمن األطراف على اعتبارا َّن هُم من لهم الحق في استعماله أو تركه‪ ،‬أنظر الصفحات اآلية بعده‪.‬‬
‫‪121‬المادة ‪ 17‬من ق ‪.53.95‬‬
‫‪122‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.61 :‬‬
‫‪123‬عبد الجبار بهم‪ ،‬الرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ 124‬تتمثل هذه االجراءات التي يفضي اتباعها إلى إهدار زمن التقاضي في‪:‬‬
‫‪ ‬احترام الطرف المطالب بوضع أتعاب الخبرة لميعاد إيداعها داخل األجل الذي تحدده المحكمة في منطوق الحكم التمهيدي‪.‬‬
‫احترام الخبير ألجل وضع التقرير‪ ،‬وهو أجل متروك للسلطة التقديرية للمحكمة‪ ،‬تحدده في منطوق الحكم التمهيدي‬ ‫‪‬‬
‫وتدعو الخبير لمراعاته تحت طائلة استبداله بخبير آخر‪ ،‬وقد يقصر هذا ألجل أو يطول بحسب المهمة المسندة للخبير‬
‫التزام الخبير بتطبيق أجل ‪ 5‬أيام الفاصلة بين موعد الحضور لجلسة الخبرة ويوم توصل أطراف الدعوى ووكالئهم‬ ‫‪‬‬
‫باالستدعاء‬
‫التزام الخبير بمسايرة مسطرة حاالت االستعجال‬ ‫‪‬‬
‫التزام طالبي التجريح في الخبير بتقديم طلباتهم داخل أجل ‪ 5‬أيام من تاريخ التوصل بالمقرر القضائي الرامي إلى تعيين‬ ‫‪‬‬
‫الخبير‪.‬‬
‫ثم التزام المحكمة بالبت في طلبات التجريح في الخبير داخل أجل ‪ 5‬أيام من تاريخ التصريح بها=‬ ‫‪‬‬

‫‪25‬‬
‫أما بخصوص التقاضي خالل المرحلة االستئنافية‪ ،‬فإن نفس المقتضيات المنظمة لعنصر الزمن‬
‫تظل هي المتحكمة استنادا للمادة ‪ 19‬من ق ‪ 53.95‬والتي تقضي بأن تطبق المواد ‪ 13‬و ‪ 14‬و ‪ 15‬و‬
‫‪ 16‬و ‪ 17‬من هذا القانون أمام محكمة االستئناف التجارية‪ ،‬غير أن أجل الطعن بالنقض في األحكام أو‬
‫القرارات االنتهائية هو ‪ 30‬يوما طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 358‬من ق م م كما أحالت عليه المادة ‪19 / 2‬‬
‫من قانون ‪ 53.95‬خالفا لكل مقتضى خاص منظم لزمن الطعن في المادة التجارية‪.‬‬

‫من كل ما سلف‪ ،‬يمكن القول بأن األحكام المؤطرة لزمن التقاضي قبل وأثناء البت في النزاع‬
‫التجاري بالرغم من أنها مؤ طرة بنظام زمني خاص على النهج الذي يخدم خاصيتي السرعة والمرونة و‬
‫يحقق الفعالية‪ 125‬ليست بمعزل عن العديد من العراقيل التي تحد منها‪ ،‬والتي تنبثق عن تلك األحكام ذاتها‪،‬‬
‫وتحول دون تطبيقها بالشكل الذي نص عليه المشرع‪ ،‬وهي صعوبات جمة سنتحدث عنها في حينها‪.126‬‬

‫أما بالنسبة لزمن اقتضاء الحق خالل تنفيذ الحكم أو القرار القضائي‪ ،‬فإنه بالنظر إلى المقتضيات‬
‫المؤطرة لزمن المسطرة خالل هذه المرحلة‪ ،‬يتبين أن هاجس المشرع كان وسيظل هو اإلسراع بالبت‬
‫في القضايا التجارية وذلك تماشيا مع خصوصية هذا القطاع الذي يتميز بالسرعة في إنجاز المعامالت‬
‫والتركيز على عنصر الزمن في كل جوانبه وما يترتب على ذلك من آثار‪ ،127‬والشك أن هذا الهاجس‬
‫استحكم في الخلفية التشريعية لقانون إحداث المحاكم التجارية بشكل غير مسبوق في غيره من القوانين‬
‫األخرى‪ ،‬لذلك امتد آلية الزمن التي اعتمدت في صياغة القانون المذكور إلى مرحلتي التبليغ والتنفيذ ‪،‬‬
‫‪128‬‬

‫حيث نصت المادة ‪ 23‬منه على ما يلي ‪":‬يبلغ عون التنفيذ الطرف المحكوم عليه المكلف بتنفيذه ويعذره‬
‫بأن يفي بما قضى به الحكم أو بتعريف بنواياه وذلك خالل أجل ال يتعدى ‪ 10‬أيام من تاريخ تقديم طلب‬
‫التنفيذ‪.‬‬

‫= وقد يستدعي التحقيق لجوء القاضي المقرر إلى مسطرة البحث واالستماع إلى الشهود‪ ،‬وهي مسطرة يتعين بمقتضاها مراعاة بعض‬
‫اآلجال القانونية بحيث يصدر حكما تمهيديا يتضمن استدعاء االطراف للحضور وتقديم ش هودهم في اليوم والساعة المحددين أو إشعار كتابة‬
‫الضبط خالل ‪ 5‬أيام بأسماء الشهود الذين يرغب أطراف الدعوى في االستماع إلى شهادتهم‪ ،‬ويجب أن تكون المدة الفاصلة بين توصل الشاهد‬
‫باالستدعاء وبين يوم الجلسة ‪ 5‬أيام على األقل مع إمكانية تمديد هذا األجل إلى ‪ 15‬يوما إذا كان الشاهد غير موجود بدائرة نفوذ المحكمة‬

‫وقد يستدعي التحقيق أيضا لجوء القاضي إلى اآلجال المقررة عند إثارة أحد األطراف لمسطرة الطعن بالزور الفرعي‬

‫‪ 125‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.85 :‬‬
‫‪126‬أنظر تطبيقات الزمن المسطري‪ ،‬الفصل الثاني‪.‬‬
‫‪ 127‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬المستلزمات المسطرية لنزاع األعمال في ضوء القانون اإلجرائي المغربي‪ ،‬مقال منشور‪ ،‬المجلة المغربية للقانون‬
‫االقتصادي‪ ،‬ع‪ :‬مزدوج ‪.6 – 5‬‬
‫‪128‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.66 :‬‬

‫‪26‬‬
‫يتعين على عون التنفيذ تحرير محضر بالحجز التنفيذي أو بيان األسباب التي حالت دون إنجازه‬
‫وذلك خالل أجل ‪ 20‬يوما تبتدئ من تاريخ انتهاء أجل األعذار‪.‬‬

‫تطبق لدى المحاكم التجارية المقتضيات المتعلقة بالقواعد العامة للتنفيذ الجبري لألحكام الواردة في‬
‫الباب الثالث من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية ما لم يوجد نص مخالف"‪.‬‬

‫فالهدف األساسي المتوخى من إحداث المحاكم التجارية أوال وأخيرا هو إعطاء القضايا التجارية‬
‫آليات خاص ة تتسم بالفعالية والسرعة في البت والتنفيذ ‪ ، 129‬لذلك نجد أن المشرع قد حاول من خالل‬
‫صياغة هذه المادة تجاوز المشاكل التي تحول دون ترجمة األحكام القضائية إلى واقع ملموس‪ ،‬ومن تم‬
‫ربط المشرع في هذه المادة بين التبليغ والتنفيذ وقلص أجلهما معا في ‪ 30‬يوما لتصير الحقوق إلى‬
‫أصحابها في زمن قياسي‪.130‬‬

‫وألهمية عامل الزمن خالل مرحلة التنفيذ‪ ،‬أصدر وزير العدل منشورا عدد ‪ 95/ 11‬صادر بتاريخ‬
‫‪ 1995/1/12‬يقضي بتحديد الجدول الزمني الذي يتعين على العون القضائي من خالله تقديم نتائج عمليه‬
‫إلى كتابة الضبط بكيفية منتظمة وفق اآلجال اآلتية ‪:‬‬

‫‪-1‬بالنسبة لتبليغ االستدعاءات‬


‫‪ ‬داخل ‪ 48‬ساعة من تاريخ توصله‪.‬‬
‫‪ ‬في القضايا المدنية بالمفهوم الواسع داخل أجل ‪ 15‬يوما‪.‬‬

‫‪-2‬بالنسبة لتبليغ األحكام والقرارات داخل أجل أسبوع‬


‫وفي حالة تعذر القيام بالتبليغ في اآلجال المحددة أعاله يتعين على العون عرض األمر على السيد‬
‫رئيس المحكمة أو من ينوب عنه فورا‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬مما يتقدم يتبين أن عامل الزمن متحكم في عملية اقتضاء الحق بشكل كبير‪ ،‬وهو ما يعكس‬
‫وعي المشرع بزمن التقاضي وأهميته في إبراز خدمة القضايا التجارية بما يعكس خصوصيتها على هذا‬
‫المستوى‪.‬‬

‫‪129‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.95 :‬‬


‫‪130‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.66:‬‬

‫‪27‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬زمن األطراف‬

‫خالفا لزمن التقاضي الذي يكون من حق األطراف أن يستفيدوا منه دون أن يكون لهم دور في‬
‫تفعيله كون أجهزة المسطرة أمام المحكمة هي من تفعله وتكون ملزمة باحترامه تحت طائلة ترتيب آثار‬
‫غاية في األهمية والخطورة ‪ ،131‬فإن لألطراف زمنهم الذي يستعملونه بمحض إرادتهم‪ ،‬والذي ال يخرج‬
‫واألنشطة المرتبطة به والتي تستلزم‬ ‫‪132‬‬
‫في مجمله عن الصيغة التي تطبع خصوصية الزمن التجاري‬
‫خاصية السرعة‪ 133‬المفترضة للمسطرة التجارية‪.134‬‬

‫وعليه‪ ،‬يمكن القول بأن زمن األطراف زمنان‪ ،‬زمن مرتبط بمعامالتهم التجارية الخاصة قد يكون‬
‫يستعمله التجار بمناسبة تدبيرهم لعالقاتهم التجارية (أوال)‪ ،‬وزمن يستعملونه‬ ‫‪135‬‬
‫مصدره بحسب طبيعته‬
‫في إطار الخصومة القضائية بحسب مصالحهم الذين هم على دراية بها (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬زمن األطراف على مستوى معامالتهم التجارية‬


‫منح التجار في سبيل تدبير عالقاتهم التجارية باإلضافة إلى العديد من التقنيات القانونية‪ ،‬تقنية‬
‫الزمن‪ ،‬ووعيا من المشرع بأهمية هذا المعطى فإنه أخضع تقنية الزمن لفلسفة القانون‪ ،‬وأخضع‬
‫المعامالت التجارية لتأطير هذا األخير‪ ،‬بهدف جعل أطرافها يستفيدون من االمتيازات التي يكفلها عنصر‬
‫الزمن ضمن سلسلة العمليات التجارية‪ ،‬لذلك نجد أن خصوصية الزمن في القانون التجاري في شأن‬
‫تدبير المعامالت‪ ،‬استحكمت في جميع فروعه وموضو عاته‪ ،‬وفيما يأتي نتطرق ألحكام النظام القانوني‬
‫المؤطر لزمن األطراف‪ ،‬الذي سنه المشرع بما ال يتنافى مع خصوصية المادة التجارية في بعـدها‬
‫الزمني‪.136‬‬

‫‪131‬المادة ‪ 17‬من ق ‪.53.95‬‬


‫‪ 132‬يقصد بالزمن التجاري نظام الزمن القانوني المؤطر للبيئة التجارية سواء فيما يتعلق بزمن المعامالت بين التجار أو زمن اقتضاء الحقوق‬
‫الذي يبقى األطراف حرية استعماله من عدمه بشكل خاص‪ ،‬وزمن التقاضي عموما‪.‬‬
‫‪133‬عبد الكبير طبيح‪ ،‬المحاكم التجارية‪ ،‬األسباب والغايات‪ ،‬مطبعة دار القرويين‪ ،‬البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬س‪ ،2000:‬ص‪.83 :‬‬
‫‪134‬محمد المجدوبي اإلدريسي‪ ،‬محمل المحاكم التجارية بدايته وإشكاليته‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1996‬مكتبة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص ‪.147‬‬
‫‪135‬أنظر المبحث الموالي بخصوص طبيعة الزمن القانوني التجاري‪ ،‬ص‪.45-29 :‬‬
‫‪ 136‬أنظر ال فصل الثاني من البحث المتعلق بالتطبيق العملي للزمن في المادة التجارية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫أو بمقتضى نص القانون‪ ،138‬أو‬ ‫‪137‬‬
‫وعليه فسواءا كان الزمن التجاري محددا بمقتضى االتفاق‬
‫فإنه يكون منظما وفق ما يعكس هذه الخصوصية التي تظهر في قصر‬ ‫‪139‬‬
‫بمقتضى حكم أو مقرر قضائي‬
‫اآلجال بما يسرع من وثيرة المعامالت التجارية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬زمن األطراف على مستوى الخصومة القضائية‬


‫منح المشرع مجموعة من الضمانات للمتضرر لتدارك الخطأ واالقتداء حقه‪ ،‬ومن أهم الضمانات‬
‫طرق الطعن في األحكام‪ .140‬ويراد بها الوسائل التي من خاللها يمكن لألفراد الدفاع عن حقوقهم أمام‬
‫القضاء‪ ،‬إذ بموجبها يمكنهم المطالبة بمراجعة األحكام الصادرة عن المحاكم الدنيا أمام محاكم أعلى‬
‫درجة‪.141‬‬

‫واعتبارا لضرورة السرعة في منح الحماي ة القضائية وتفاديا لخطر التأخير‪ ،142‬عمد المشرع إلى‬
‫وضع خصوصيات لطرق الطعن في المادة التجارية العتبارات تعود إلى طبيعتها‪ .‬وفي صلب ضمانة‬
‫الطعن وضع الم شرع تقنية الزمن‪ ،‬وجعلها بمثابة ورقة الضغط التي يستعملها المتقاضين لمراجعة‬
‫األحكام الصادرة ضدهم والتي يستشعر فيها حضور للخطأ القضائي على نحو تضرر منه االطراف‪.‬‬

‫وإذا كان المشرع قد تعاطى قدر اإلمكان في سبيل ضمان المالءمة عند تحديديه لزمن الطعن مع‬
‫خصوصية الزمن التجاري سواء من حيث الطعن في األحكام الصادرة في الموضوع أو األحكام‬
‫الصادرة في قضايا مساطر المعالجة أو حتى في الطعن ضد األحكام الصادرة في قضايا االختصاص‬
‫النوعي من حيث اآلجال القصيرة والسرعة التي تتطلبها مسطرة التقاضي‪ ،143‬فإن الطعن في القضايا‬
‫األخيرة باألساس – قضايا االختصاص النوعي‪ -‬نظرا لما يشتمل عليه من عناصر مميزة خلق جدلية‬
‫على هذا المستوى من نوع خاص‪ ،‬يتداخل فيها زمن األطراف بزمن التقاضي أو زمن المحكمة‪ ،‬وهو ما‬

‫‪137‬األجل االتفاقي المسموح به في إطار القانون ‪ 32.10‬والذي ينبغي أال يتجاوز في جميع األحوال ‪ 90‬يوما‪.‬‬
‫‪138‬أجل التصريح بالديون في قانون المساطر الجماعية الفصل ‪.690‬‬
‫‪139‬األجل الذي يحده القاضي للوكيل الخاص لتدليل الصعوبات المقاولة‪ ،‬الفصل ‪ 549‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪140‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.60 :‬‬
‫‪ 141‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬م‪ :‬الوراقة الوطنية‪ ،‬ط‪ :‬الخامسة‪ ،‬مراكش‪ ،‬س‪ ،2008 :‬ص‪.293 :‬‬
‫‪142‬حسن فتوخ‪ ،‬القضاء المستعجل في المادة التجارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون المدني‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاضي‬
‫عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2000-1999 :‬ص‪.21 :‬‬
‫‪143‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.61 :‬‬

‫‪29‬‬
‫اصطلح عليه األستاذ عبد الحميد أخريف بالزمن والزمن المضاد‪ ،144‬األمر الذي افرز بعض اإلشكاالت‬
‫البنيوية سنرجئ الحديث عنها في حينها‪.145‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬طبيعة الزمن القانوني في المادة التجارية‬


‫إن تحديد مفهوم وخصوصية الزمن القانوني التجاري انطالقا من رصد مكامن هذه الخصوصية‬
‫وكذا من خالل استنباط تعريف له بتمييزه عن غيره من المفاهيم ذات العالقة سيما القانونية منها‬
‫بالخصوص‪ ،‬كفيل بحملنا على ضرورة الكشف عن الطبيعة القانونية للنظام الزمني في المادة التجارية‪،‬‬
‫ونظرا ال كتمال دراسة تلك األحكام‪ ،‬تكون فكرة التقصي والبحث في نظام الزمن التجاري فعال قد‬
‫اتضحت معالمها واكتملت عناصرها وسهل بالتالي تحديد طبيعته القانونية‪ .146‬والطبيعة القانونية هي‬
‫تحديد نوع القواعد التي تخضع لها الظاهرة القانونية واالسم أو األسماء القانونية التي تتسم بها بين‬
‫مختلف أنواعها‪.147‬‬

‫إن القواعد التي تحكم الظاهرة القانونية موضوع مبحثنا‪ ،‬والمتعلقة بطبيعة الزمن القانوني التجاري‬
‫قمينة بتحديد كل األسماء القانونية التي يمكن أن ترتبط بهذا األخير بالرغم من اختالفها من حيث‬
‫المضمون واآلثار التي ترتبها‪ ،‬والتي يكون الزمن عنصرا محددا لطبيعتها‪148‬ودون أن يغير من وضعها‪.‬‬
‫غير أن هذا العنصر يختلف باختالف مصدره‪ ،‬فهو إما أن يكون تعاقديا (اتفاقيا) أو قانونيا أو قضائيا‪،149‬‬
‫مما حدا ببعض الباحثين إلى القول بأن ا ألجل هو الفترة من الزمن‪ ،‬يوقتها المتعاقدون أو القانون أو‬
‫القاضي‪ ،‬ألجل القيام بعمل قانوني‪.150‬‬
‫ويبدو أن مختلف المقتضيات المؤطرة للزمن القانوني في المادة التجارية والتي ينبغي أن تتفاعل‬
‫داخلها العالقات بين التجار جعلت باألساس عامل تحديد النطا ق الزمني تتحكم فيه إرادة األطراف‪ ،‬على‬

‫‪144‬عبد الحميد أخريف ‪ ،‬الزمن في ق م م‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪145‬انظر ‪:‬ص‪ 153:‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪146‬فاتن جمال مسعود‪ ،‬طبيعة الدفع بمرور الزمن‪ ،‬م‪:‬داروائل للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪:‬األولى‪ ،‬س‪ ،2012 :‬ص‪.164 :‬‬
‫‪147‬فاتن جمال مسعود‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪148‬هند محامدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.1 :‬‬
‫‪149‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬ج‪ :‬الثاني‪ ،‬م‪:‬النجاحالجديدة‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‪ ،‬س‪،1978 :‬‬
‫ص‪.68 :‬‬
‫‪150‬الطيب بن المقدم‪ ،‬آجال الطعون المدنية وآثارها في التشريع المغربي‪ ،‬مقال منشور بالمجلة االلكترونية مقاالت قانونية‪ ،‬الموقع‬
‫االلكتروني‪http://articledroit.blogspot.com/2009/09/blog-post_3872.html:‬؛ تمت الزيارة بتاريخ‪.2016/09/01:‬‬

‫‪30‬‬
‫اعتبار أن الزمن االتفاقي هو األصل‪ ،‬وأن األزمنة ذات المصدرين القانوني والقضائي ال تعدو أن تكون‬
‫مجرد استثناءات ‪.151‬‬

‫وهكذا يمكن القول بأن الزمن القانوني التجاري قد تكون له طبيعة اتفاقية حين يتم تحديده بمحض‬
‫إرادة األطراف في إطار ترتيب بنود االتفاق ات التي تجمعهم‪ ،‬وقد تكون له طبيعة قانونية حينما يستند إلى‬
‫روح النص القانوني في تحديد المدة الزمنية التي ينبغي أال يتجاوزها الطرفين في تنفيذ التزاماتهما‪ ،‬وقد‬
‫يكون من طبيعة قضائية‪ ،‬وذلك حين يوكل للقضاء وضع اآلجال القانونية التي يلزم المدين بمقتضاها‬
‫مدة من الزمن لتسوية‬ ‫‪153‬‬
‫ويجبره على األداء‪152‬أو يلزم الدائن على الكف عن مطالبة المدين وإمهاله‬
‫أوضاعه‪.‬‬

‫إن أهمية بيان طبيعة الزمن القانوني التجاري وما يترتب عليها من نتائج وآثار ليست قيمته نظرية‬
‫أو فقهية فحسب‪ ،‬وإنما مسألة الممارسة جعلت هذا األمر يحض باألولوية ويأخذ طابعا عمليا وحيويا‪.‬‬
‫وعليه سنسته ل هذا المبحث بالحديث عن الزمن االتفاقي (مطلب أول)‪ ،‬ثم نعرج بعد ذلك على الزمن‬
‫القانوني و الزمن القضائي في صعيد واحد تحت عنوان الزمن التشريعي‪( 154‬مطلب ثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الطبيعة االتفاقية للزمن القانوني التجاري‬


‫إن السياسة التشريعية في المجال االقتصادي يجب أن تتضمن خطة تطويرية للنهوض بقواعد‬
‫التشريعات االقتصادية عن طريق اعتماد أسس تستجيب للتطورات التجارية الحديثة‪ ،155‬ومن جملة‬
‫القواعد التي ينبغي أن تسعى السياسة االقتصادية في بعدها التشريعي إلى النهوض بها‪ ،‬القواعد المنظمة‬
‫للعالقات القانونية بين التجار والتي تنظم التدخل في الشأن التجاري‪156‬بما يعكس حكامة السياسة‬

‫‪151‬هند محامدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.8 :‬‬


‫‪ 152‬ومن ذلك اآلجال التي يحددها القاضي في طار مخطط التسوية القضائية فيما يتعلق بمساطر معالجة صعوبات المقاولة‪.‬‬
‫‪ 153‬ومن ذلك مثال‪ ،‬أحكام المسطرة المنظمة بمقتضى القواعد العامة التي تعطي للقاضي حق تحديد أجل جديد إذا كان في مصلحة المدين ‪،...‬‬
‫الفصل ‪ 343‬من ق ل م‪.‬‬
‫‪ 154‬على اعتبار أنه في اعتقادنا" لفظ التشريعي " يجب في محتواه القانوني والقضائي من جهة‪ ،‬ورغبة االنتصار لمنهجية التقسيم الثنائي من‬
‫جهة ثانية‪.‬‬
‫‪ 155‬المستشار علي أبو دياك‪ ،‬مساهمة السياسة التشريعية في تطوير الوضع االقتصادي‪ ،‬مصلحة الشؤون القانونية والمهنية‪ ،‬وزارة العدل‪،‬‬
‫فلسطين‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫تقرير منشور بالموقع اإللكتروني ‪:‬‬
‫‪WWW OCCD.ORG/lMESAlGOUVERNANCE/43165469.PDF‬‬
‫‪ 156‬خالد المرزوك‪ ،‬السياسات التجارية‪ ،‬قسم العلوم المالية والنقدية‪ ،‬كلية اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬جامعة بابل‪ ،‬بدون ذكر السنة الجامعية‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫منشور بالموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪WWW .VABABYLAN .EDU.IQ/ EPRINTS/PUPDOC-1-22545-1137 .DOCX‬‬

‫‪31‬‬
‫التجارية‪،157‬التي تشكل أداة أساسية لتحقيق األهداف ‪158‬المراد تحصيلها من توجه تشريعي بعينه‪ ،‬ويدخل‬
‫في صميم القواعد المنظمة ألطراف العملية التجارية تلك التي تحدد النطاق الزمني لكل معاملة تجارية‬
‫ينبغي أن ترتب آثارها وتجنى الفائدة منها داخل هذا النطاق‪.‬‬

‫من أجل ذلك‪ ،‬جعل المشرع األصل الطبيعة االتفاقية لنظام الزمن القانوني التجاري لوعيه بحاجة‬
‫المادة التجارية إلى حرية المبادرة في تحديد أجل الوفاء بااللتزام (فقرة أولى) غير أن هذا األصل ترد‬
‫عليه استثناءات يمكن حصرها في التدخل القانوني المقيد إلرادة األطراف من جهة‪ ،‬وفي التدخل‬
‫القضائي المعدل لالتفاقيات الناشئة عن هذه اإلرادة من جهة ثانية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حرية األطراف في تحديد النطاق الزمني للمعاملة التجارية (المبدأ)‬
‫ال خالف إن على مستوى التشريع أو الفقه أو القضاء في أن لألفراد حرية في تحديد نطاق عقدهما‬
‫في الزمن‪ ،‬إذ األمر ال يعدو أن يكون تطبيقا من تطبيقات مبدأ الرضائية في العقود والمعامالت‪ .159‬ولما‬
‫كانت هذه هي القاعدة من حيث األصل‪ ،‬فإن التشريعات قد وضعت بيد هؤالء األفراد تقنية زمنية مهمة‬
‫تخولهم ممارسة حقهم هذا‪ ،‬وهي تقنية األجل ‪ ، LE TERME‬فبفضل هذه التقنية يستطيع األفراد تحديد‬
‫نقطة انتهاء العقد الذي يربطهما‪.160‬‬

‫وإن كان هذا المبدأ هو المتبنى في القواعد العامة المؤطرة للعالقات القانونية لألفراد‪ ،‬فإن‬
‫المتعاملين في الميدان التجاري أ جذر بهذا التنظيم الذي يترك لألطراف الحرية في تقريب بنود االتفاق‪.‬‬
‫وفي الوقت ذاته ينسجم مع فلسفة المنظومة التجارية التي تقوم على حرية المبادرة في المعامالت التي‬
‫تستوجب بالضرورة تحديد نطاق زمني مالئم لتنفيذ هذه المعامالت وااللتزامات المرتبطة بها بحسب‬
‫مصلحة التجار‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المقتضيات المنظمة للقوانين الموضوعية التجارية نجد أن المشرع جعل هذا هو‬
‫المبدأ‪ ،‬سواء على مستوى قانون اآلجال المكرس بمقتضى قانون ‪ 32.10‬المتمم لقانون ‪ ، 53.95‬أو على‬
‫مستوى القانون الصرفي أو قانون مساطر معالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬حيث أتاح إمكانية التفاوض‬

‫‪ 157‬السياسة التجارية هي "مجموعة من اإلجراءات والقوانين واألدوات التي تستخدمها الدولة ممثلة في السلطات االقتصادية للتأثير على‬
‫مسار التجارة؛ خالد المرزوك‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪158‬مو راي غيس‪ ،‬السياسة التجارية‪ ،‬تقرير األمم المتحدة حول االستراتيجيات اإلنمائية الوطنية‪ ،‬إدارة الشؤون االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬األمم‬
‫المتحدة‪ ،‬س‪ ،2007 :‬ص‪.7 :‬‬
‫‪159‬هند محامدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪ 160‬هند محامدي‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫اإلرادي حول تحديد النطاق الزمني للمعاملة التجارية‪ ،‬بحيث نجد في القانون الصرفي مثال‪ ،‬أعطى الحق‬
‫ألطراف الورقة التجارية في سحب أي نوع من الكمبياالت المنصوص عليها في المادة ‪ 181‬من مدونة‬
‫والتي يتحدد بمقتضاها نطاق الوفاء بااللتزام المترتب عن المعاملة التجارية في بعده الزمني‬ ‫‪161‬‬
‫التجارة‬
‫ممثال في تاريخ االستحقاق الذي يتعين خالله على الحامل تقديم الكمبيالة إلى المسحوب عليه الستيفاء‬
‫قيمتها‪.162‬‬

‫كما نجد من خالل المقتضيات المنظمة لمساطر الوقاية المعالجة والتسوية القضائية‪ ،‬حيث نجد‬
‫وفسح المجال للتفاوض بين أطراف العملية التجارية وإن كان‬ ‫‪163‬‬
‫المشرع كرس مبدأ الحرية التعاقدية‬
‫الوضع في أوج تذليل الصعوبات المخلة باستمرارية االستغالل‪ ،164‬وقد نحى المشرع نفس المنحى في‬
‫الكتاب األول من المدونة المنظم ألحكام التاجر ضمن قانون ‪ 32.10‬الجديد المتمم للمادة ‪ 78‬إذ جعل‬
‫مبدأ الحرية التعاقدية بين التجار في تحديد نطاق معامالتهم في الزمن هو األصل‪ ،‬غير أن هذه الصالحية‬
‫كانت نسبية لحد اإلجحاف والتعارض مع خصوصية الميدان التجاري إذ ترك للتجار حرية استعمال‬
‫تقنية الورقة التجارية داخل نطاق زمني محدد سلفا والذي أحدث تضاربا بين الزمن العام المكرس‬
‫بمقتضى النص العام المنظم في المادة ‪ 78-1‬وما بعدها‪ ،‬والزمن الخاص المنظم في النص الخاص الذي‬
‫من صوره الزمن الصرفي‪.‬‬

‫فإذا كنا قد سلمنا بتعارض الزمن الخاص المنظم في القانون التجاري مع الزمن العام المنظم في ق‬
‫ل ع العتبارات اقتصادية وبالتالي تقييد الزمن الخاص للزمن العام على هذا المستوى‪ ،‬فإن هذا‬
‫التعارض غير مقبول بي ن قانونين خاصين من نفس المدونة وهو ما يرتب باإلضافة إلى كونه يتنافى مع‬
‫طبيعة البيئة التجارية مشاكل قانونية غاية في الخطورة سنرجئ الحديث عنها في الشق الثاني من هذا‬
‫البحث المتعلق بالتطبيق العملي لنظام الزمني القانوني التجاري‪.‬‬

‫‪161‬تنص المادة ‪ 181‬من المدونة على "يجوز سحب الكمبيالة على الوجوه التالية ‪ :‬بمجرد إطالع بعد مدة من االطالع من تاريخ التحري في‬
‫تاريخ معين"‬
‫‪ 162‬أحمد كويسي‪ ،‬األوراق التجارية‪- ،‬الكمبيالة ‪ .‬السند ألمر‪ .‬الشيك‪ -‬مطبعة أميمة‪ ،‬سيدي ابراهيم فاس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬س‪ ،2007 :‬ص‪:‬‬
‫‪.176‬‬
‫‪ 163‬هند محامدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.16 :‬‬
‫‪ 164‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬محاضرات في مساطر للوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد بن عبد هللا فاس‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪ ،2014 -2013 :‬ص‪.6:‬‬

‫‪33‬‬
‫غير أنه ورغبة في ضمان الحد األدنى من األمن واالستقرار القانونيين فإن تدخل المشرع بات‬
‫ضرورة حتمية لتنظيم مختلف مجاالت الحياة العملية شريطة أن يكون تدخله تدخال حكيما يراعي مختلف‬
‫جوانب المسائل التي هو بصدد تنظيمها‪.‬‬

‫وإذا كنا نساير التوجه المؤيد لجعل التح ديد االتفاقي ألجل االلتزام النابع من أساس الحرية التعاقدية‬
‫هو األصل ‪ ،‬فإنه باستقراء اإلطار القانوني للزمن في المادة التشريعية نستشف أن هذه الحرية ترد عليها‬
‫قيود مهمة منها ما تجد مصدرها في التدخل القانوني ومنها ما تجد مصدرها في التدخل القضائي (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االستثناءات المقيدة لحرية األطراف في تحديد النطاق الزمني للمعامالت التجارية‬
‫تقوم التجارة على السرعة وحرية المبادرة بما يستدعيه مبدأ ‪ 165‬الحرية التعاقدية التي تعد من‬
‫مقومات التجارة وركائزها‪ ،‬ومن ضمنها حرية وضع بنود العـقـد والتفاوض بشأنها والتي يبقى تحديد‬
‫النطاق الزمني من أهمها‪.‬‬

‫غير أن هذه الحرية ليست مطلقة‪ ،‬إذ ترد عليها استثناءات تحد منها إما بالتقصير أو بالتمديد‪،‬‬
‫تتجلى في القيود الواردة على حرية تحديد نطاق زمن المعاملة التجارية المستمد من الطبيعة االتفاقية‬
‫للزمن القانوني التجاري في التدخل القانوني (أوال) ثم التدخل القضائي (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التدخل القانوني‬

‫على غرار حظره للتعهدات األبدية في القواعد العامة‪ ،166‬تدخل المشرع في المادة التجارية‬
‫بنصوص قانونية سن بمقتضاها تحديدا لنطاق المعاملة زمنيا بوضع حد أقصى أو أدنى لقيام التصرفات‬
‫ومراعاة منه لهذه االمتيازات‬ ‫القانونية في الميدان التجاري‪ ،‬وما ذلك إال لضمان استقرار المعامالت‬
‫‪167‬‬

‫وغيرها ‪ ،...‬ورغبة في حماية مصالح أحد المتعاقدين ــ الدائن ـــ بل وحتى حماية المصلحة العامة‪،‬‬
‫تدخل المشرع لتقييد حرية األطراف في تأجيل التزاماتهم‪.168‬‬

‫‪ 165‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.110 :‬‬


‫‪166‬الفصل ‪ 727‬من ق ل ع‬
‫‪167‬هند محامدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.42 :‬‬
‫‪168‬هند محامدي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.43 :‬‬

‫‪34‬‬
‫فمن التطبيقات العملية للتدخل التشريعي لتحديد أجل االلتزام‪ ،‬أن يتدخل المشرع على المستوى‬
‫التعاقدي‪169‬في مرحلة تكوين العقد في نص على حد زمني أدنى أو أقصى ال يمكن لألطراف تجاوزه لقيام‬
‫بعض التصرفات‪170‬المتمثلة في تسليم السلع أو تنفيذ الخدمة المطلوبة‪.171‬‬

‫والمثال األبرز للتدخل التشريعي‪ ،‬ما نظمه قانون ‪ 32.10‬المتمم للقانون ‪ 53.95‬والمعنون بآجال‬
‫األداء والذي حدد بموجبه المشرع أجل األداء في ‪ 60‬يوما ابتداء من تاريخ التوصل بالسلع أو أداء‬
‫الخدمات في األحوال التي لم يتفق فيها األطراف على تحديد أجل األداء‪ .‬بل إن التدخل القانوني طوق‬
‫مفعول الطبيعة التفاقية للزمن التجاري حسب القانون السالف الذكر‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل منع المشرع‬
‫األطراف من تجاوز مدة زمنية حددها في ‪ 90‬يوما عند إعمالهم لسلطتهم التفاوضية‪.‬‬

‫بأن تدخل المشرع لتحديد أجل ممارسة التصرفات سواء باستالم الحقوق‬ ‫‪172‬‬
‫وترى إحدى الباحثات‬
‫أو بتنفيذ االلتزامات‪ ،‬إنما يكون بدافع اجتماعي واقتصادي بهدف استقرار المعامالت من جهة‪ ،‬وحماية‬
‫الجانب الذي ينتظر نتائج األجل وما هو إال واحد من أفراد الطائفة – التجار‪ -‬التي يعمل القانون على‬
‫حماية مصالحها الستقرار األوضاع من جهة ثانية‪.‬‬

‫وبالمقابل‪ ،‬ترى بعض الباحثات ‪ ،173‬ونحن نتفق معها ‪ ،‬أن إقرار هذه الصورة في تحديد النطاق‬
‫الزمني عن طريق التدخل القانوني الذي يطوق الطبيعة االتفاقية لنظام الزمن التجاري ليس أمرا عبثيا‪،‬‬
‫وإنما هو من أجل استقرار المعامالت والذي يبقى مرمى المشرع في أغلب حاالت تدخله‪.‬‬

‫غير أنه يسجل على هذا المستوى غياب الرؤية االستراتيجية القائمة على مبادئ الحكامة التشريعية‬
‫الواضحة‪ ،‬و للمالءمة بين النصوص المنظمة للزمن الخاص والزمن العام ضمن المادة التجارية‪ ،‬وهوما‬
‫يشكل عامل اختالل في االستقرار القانوني الذي ال يتسامح بشأنه ‪ ،174‬والذي يعد من الدوافع والفلسفات‬
‫التي حملت المشرع على اعتماد نظام زمني من طبيعة خاصة ينسجم مع خصوصية المادة التجارية‪.‬‬

‫‪169‬مجد رشيد‪ ،‬آجال األداء في القانون المغربي‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني ‪:‬‬
‫‪http ://JURISTCONSEIL :BLOGSPORT :COM/2013/05/3210-1595 .HTML‬‬
‫تمت الزيارة بتاريخ‪.2016/08/28:‬‬
‫‪170‬هند محامدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪171‬مجد رشد‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪172‬زينب عبد الرزاق‪ ،‬األجل في قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا ‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬أكدال الرباط‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪ ،1979-1978:‬ص‪.69 :‬‬
‫‪ 173‬هند محامدي ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.58 :‬‬
‫‪174‬هند محامدي‪ ،‬م س ص‪.25 :‬‬

‫‪35‬‬
‫ثانيا‪ :‬التدخل القضائي‬

‫إذا كان المشرع قد جعل تحديد المدة القصوى التي ينبغي لألطراف أن يعملوا سلطتهم التفاوضية‬
‫داخلها وعدم تجاوزها من نسمات التدخل القانوني الذي يكون بمقتضى نص يستهدف تحديد النطاق‬
‫الزمني لمعاملة ما ضمن أجل محدد ‪ ،‬فإنه بالمقابل جعل من خصوصيات التدخل القضائي ومهامه تمديد‬
‫الزمن القانو ني المحدد بإرادة ألطراف‪ ،‬كما اسند له مهمة تقصير المدى الزمني في األحوال التي يتجاوز‬
‫فيها األطراف ألجل المحدد سلفا بمقتضى نص القانون‪.‬‬

‫ولتحليل هذين الصالحيتين اللتين منحتا لجهاز القضاء الحق في إعمال تقنية الزمن‪ ،‬وما يمكن أن‬
‫يتمخض عن هذا اإلعمال من بروز لنوع من الجدلية بين الطبيعة االتفاقية لنظام الزمن القانوني التجاري‬
‫والطبيعة القانونية التي تخول القاضي تقصير أو تمديد ألجل المحدد بمقتضى اتفاق طرفي المعاملة‪ ،‬ال بد‬
‫من وضع هذا التدخل – التدخل القضائي – في سياقه القانوني العام والخاص‪.‬‬

‫فبالرجوع إلى القواعد العامة يتبين أن الزمن القضائي منعدم التفعيل ما لم يرخص له من قبل‬
‫المشرع كأصل احتكاما للطبيعة االتفاقية دون أن يملك القضاء سلطة تقديرية إزاءه ‪ 175‬وهو ما ورد عليه‬
‫النص في الفصل ‪176 128‬من ق ل ع وسار عليه القضاء مكرسا‪.177‬‬

‫فاألصل إذن الطبيعة االتفاقية في تحديد زمن المعاملة القانونية وهو نفس ما سار عليه مشرع نظام‬
‫الزمن في المادة التجارية‪ ، 178‬إال أنه وبالنظر العتبارات واقعية اجتماعية واقتصادية خول المشرع‬
‫القاضي صالحية إعمال تقنية الزمن من زاوية ما يراه في خدمة الواقع القانوني‪ ،‬سواء كان‬
‫بالتقصير‪179‬أو بالتمديد‪.180‬‬

‫‪175‬هند محامدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.62 :‬‬


‫‪ 176‬ينص الفصل ‪ 128‬من ق ل ع على "ال يسوغ للقاضي من يمنح أجال أو ينظر ميسرة ما لم يمنح هذا الحق بمقتضى االتفاق ‪ ،...‬إذا كان‬
‫األجل محدد بمقتضى االتفاق لم يسغ للقاضي أن يمدده ما لم يسمح به القانون"‬
‫‪177‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 27‬غشت ‪ ،1980‬ملف ‪ 10‬في عدد ‪ 85 / 1971‬منشور بمجلة برابطة القضاة‪ ،‬عدد مزدوج ‪20 :‬‬
‫– ‪ 21‬مارس ‪ ،1987‬ص ‪.69 :‬‬
‫‪- 178‬المادة ‪ 231‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ -‬المادتين ‪ 78‬مكرر ‪ 1‬و ‪ 78‬مكرر ‪.2‬‬
‫‪179‬الفصل ‪ 78‬مكرر ‪ :1‬الذي حدد المدة الزمنية لقيام مديونية أحد الطرفين بحيث في حالة تجاوز األجل المنعقد عليه المدة المسموح بها قانونا‬
‫وعرض النزاع على القضاء فإنه يعتبر الزمن اإلضافي للمدة القانونية كأن لم يكن‪ ،‬ويحدد المدة في حدود الزمن القانوني ‪.‬‬
‫‪ 180‬منح المشرع للقاضي صالحية التدخل في تعديل الزمن االتفاقي سواء في القواعد العامة أو بمقتضى القوانين الخاصة‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك‬
‫‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫فالقضاء على هذا األساس له سلطة تقديرية واسعة للتحكم في عنصر الزمن‪ ،‬فهو يتحول على‬
‫من طبيعة قضائية‬ ‫‪182‬‬
‫ضوء اإلمهال القضائي إلى متدخل في العقد فيعدل محتواه‪181‬بإضفائه وصفا زمنيا‬
‫على جوهر االلتزام موضوع المعاملة استجابة للتطورات الواقعية ذات البعد االقتصادي واالجتماعي‬
‫ورغبة في تحقيق التوازن واستقرار المعامالت من جهة ‪ ،183‬و استجابة لمبادئ العدالة التعاقدية من جهة‬
‫أخرى‪ .184‬وذلك لما لهذا الوصف من قدر جليل وخطير على المعامالت عموما والتجارية منها على‬
‫وجه الخصوص‪ ، 185‬وبما يضمنه من حماية للمصالح وكذا سالمة وأمن التجارة ‪Sécurité de‬‬
‫‪.commerce‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة التشريعية للزمن القانوني التجاري‬


‫حدد مشرع نظام الزمن التجاري‪ ،‬بمقتضى نصوص قانونية كل أصناف األزمنة الممكن التحدث‬
‫عنها في ظل المادة التج ارية خارج ما أسميناه بالزمن االتفاقي المتحدث عنه سلفا‪ ،‬ويتعلق األمر بالزمن‬
‫التشريعي‪.‬‬

‫ويضم الزمن التشريعي بهذا المعنى الزمن القانوني (الفقرة األولى) والزمن القضائي (الفقرة‬
‫الثانية)‪ .‬وبالنظر إلى أن طبيعة الزمن التجاري القانونية والقضائية تظهر باألساس من خالل زمن‬
‫التقاضي فإننا سنعمل على تحليل هذين الطبيعتين على هذا المستوى بالخصوص لنتبين مدى تطبع‬
‫القانون التجاري في نظامه الزمني بطابع كل منهما‪.‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 231‬من مدونة التجارة التي جاء فيها "ال يمنح أي إمهال قانوني أو قضائي إال في األحوال المنصوص عليها في المادتين‬
‫‪196‬و‪.207‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 556‬من الكتاب الخامس المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة التي جاء فيها " ‪...‬وأن يمنح للمدين آجال األداء الواردة في‬
‫النصوص الجاري بها العمل فيما يخص الديون التي لم يشملها االتفاق‪".‬‬
‫‪ 181‬هند محامدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.83 :‬‬
‫‪182‬علي العلوي الحسيني‪ ،‬األجل القضائي االستعطافي –االسترحامي–مقال منشور بمج‪ :‬المحاكم المغربية‪: ،‬ع ‪ ،66‬س‪ :‬ماي‪ -‬يوليوز ‪،1992‬‬
‫ص‪.85 :‬‬
‫‪ 183‬من صور اإلمهال القضائي تحديد أصل المديونية في المادة التجارية ضمن أحكام مساطر التسوية ‪:‬‬
‫‪ ‬تطبيقات المادة ‪ 556‬من الكتاب الخامس‪ ،‬أنظر الملحق‬
‫‪ ‬تطبيقات اإلمهال القضائي المنصوص عليه في المادة ‪ 231‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ 184‬هند محامدي‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.74 :‬‬
‫‪ 185‬علي العلوي الحسيني‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.86 :‬‬

‫‪37‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تقييم الزمن القانوني التجاري‬

‫يعد الزمن التجاري نسق تتم في إطاره الوضعيات القانونية وأداة قياس تدور وفق استمراريته هذه‬
‫األخيرة‪ ،186‬لذاك فهو يعد فضاء تتم فيه المعامالت التجارية‪ ،‬ومعيار تنظيم تقاس به هذه المعامالت في‬
‫مجال يحكمه عداد الزمن‪ ،187‬ويؤدي دورا هاما وحاسما في تحريكه ‪. 188‬‬

‫وفي سبيل تقييم النظام الزمني القانوني في المادة التجارية‪ ،‬وإبراز الطبيعة القانونية لهذا األخير‪،‬‬
‫تبين أن هذا النظام وبالنظر العتبارات خاصة تجد أصلها في فلسفة المشرع –التي سنحاول الكشف عنها‬
‫في الفرع الموالي – يتأرجح بين نظام زمني محدد (أوال) ونظام زمني مفتوح (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬النظام الزمني المحدد‬


‫اعتمد المشرع الت جاري ضابط الزمن بهدف الرفع من وتيرة الممارسة القضائية واستجابة‬
‫للضرورة التي يتطلبها سير إجراءات المسطرة المتبعة أمام المحاكم التجارية ومحاكم االستئناف‬
‫التجارية‪ ،189‬والعتبارات تشريعية خاصة‪ ،‬اعتمد المشرع نظام الزمن المحدد الذي ال تخفى حسناته على‬
‫مستوى خدمة خاصية السرعة وعمليه ضبط اإلجراءات عن طريق مباشرتها في وقتها المحدد‪.‬‬

‫ويضم النظام الزمني المحدد نوعين من الزمن القانوني‪ ،‬زمن كامل وهو األصل في التشريع‬
‫التجاري المغربي‪ ،‬والمعتمد في الميدان اإلجرائي‪ ،‬وزمن ناقص يدخل بحكم حصره ضمن النظام الزمني‬
‫المحدد‪ ،‬ويمكن القول بأنه يجد نفسه ضمن زمن أطراف المعاملة‪ ،‬والمثال ألبرز لهذا األخير‪ ،‬أجلي‬
‫الستين يوما والتسعين يوما المنصوص عليهما في قانون ‪ 32.10‬المعدل ألحكام الكتاب األول من مدونة‬
‫التجارة‪.‬‬

‫‪-1‬فبالنسبة للزمن القانوني الكامل ‪ :‬هو الفترة الزمنية التي يجب أن تنقضي كاملة‪ ،190‬والتي‬
‫حددها المشرع للقيام بإجراء معين بحيث ال يحتسب في تعدادها اليوم الذي يصادف التسلم ويستمر‬

‫‪186‬‬
‫‪Marie Cresp, op.cit., p:13.‬‬
‫‪ 187‬ابراهيم أقبلي‪ ،‬اآلجال في نظام معالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة موالي‬
‫إسماعيل‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2012 -2011 :‬ص‪.6 :‬‬
‫‪ 188‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬دروس في القانون التجاري‪ ،‬م‪:‬سجلماسة‪ ،‬مكناس‪ ،‬دون ذكر عدد سنة الطبع‪ ،‬ص‪.168 :‬‬
‫‪ 189‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.9 :‬‬
‫‪190‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.12 :‬‬

‫‪38‬‬
‫التعداد حتى يستنفذ آخر يوم من األجل‪ ،‬فإذا زامن اليوم األخير يوم عطلة امتد احتسابه إلى يوم العمل‬
‫الموالي حتى ال يحرم الممارس لألجراء من استيفاء األجل كامال‪.191‬‬

‫‪-2‬أما بالنسبة للزمن القانوني الناقص فهو الفترة الزمنية التي حددها المشرع وفرض القيام‬
‫ويسمى ناقصا ألن التصرف يجب أن‬ ‫‪192‬‬
‫بالتصرف داخلها‪ ،‬أي أن تتخذ في آخر يوم منها على األكثر‬
‫يباشر قبل نهايته‪.193‬‬

‫وفي لب الطبيعة التشريعية للزمن التجاري ببعديه القانوني والقضائي‪ ،‬فاألصل في جميع اآلجال‬
‫أن تكون كاملة‪ ،‬أي ال يحتسب اليوم األول الذي يتسلم فيه الطاعن اإلعالن بالحكم المراد الطعن فيه‪ ،‬وال‬
‫يحتسب اليوم األخير الذي يقع فيه اإلجراء‪ ،194‬وهكذا لو أن شخصا توصل بتبليغ حكم يوم فاتح أبريل‬
‫وأجل االستئناف هو خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ‪ ،‬فإن اليوم األول الذي هو فاتح أبريل ال يحتسب‪،‬‬
‫كما أن اليوم السادس عشر وهو اليوم األخير ال يحتسب كذلك‪ ،‬ويجب أن يقدم االستئناف يوم السابع‬
‫عشر أبريل على األكثر‪ ،‬أي أنه يلزم المستأنف أن يقدم استئنافه من فاتح أبريل و يوم السابع عشر أبريل‬
‫إال أنه ال يقبل بعد ذلك‪ ،195‬وإذا كان اليوم األخير لألجل يوم عطلة امتد ألول يوم عمل بعده‪ ،196‬ومرد‬
‫هذا التمديد ما ورد في الفصل ‪ 512‬مـن ق م م الذي ينص على أن كل اآلجال الواردة في هذا القانون‬
‫هي آجال كاملة‪.197‬‬

‫وبالرغم من المزايا التي يكفلها نظام الزمن المحدد سيما الكامل منه على وجه الخصوص لخاصية‬
‫الضبط الذي يقوم عليها الزمن التجاري ‪ ،‬فإن أجل االستئناف المنصوص عليه في قانون ‪ 53.95‬والذي‬
‫يعد المظهر األبرز للزمن الكامل‪ ،‬يعتبر طويال وال يتماشى وطبيعة البيئة التجارية التي تقوم السرعة‬
‫كإحدى الخصائص األساسية التي تشكل عمودها‪.‬‬

‫‪191‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.45 :‬‬


‫‪192‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪193‬ماء العينين الشيخ الكبير‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.11 :‬‬
‫‪ 194‬المادة ‪ 231 / 1‬من مدونة التجارة‪ ،‬وكذا الفصل ‪ 512‬من ق‪.‬م‪ .‬م المحال عليه بمقتضى المادة ‪ 18‬من قانون رقم ‪.15 . 95‬‬
‫‪195‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫‪ 196‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.46 :‬‬
‫‪197‬انطالقا من اإلحالة الواردة في المادة ‪ 19‬من قانون احداث المحاكم التجارية‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫بأن أجل الخمسة عشر يوما هو أجل طويل يتنافى مع‬ ‫‪198‬‬
‫ويرى األستاذ أحمد أنوار ناجي‬
‫خصوصية العمل في المادة التجارية ويشكل حجر عثرة أمام التجار الذين يظلون منشغلين بنزاعاتهم‬
‫القضائية عن أعمالهم التجارية التي تقتضي الحسم العاجل والسريع في القضايا بدل االنجرار وراء‬
‫ضرورة اكتمال المدة القانونية التي توصف بالطويلة‪ ،‬وفي هذا الصدد يدعو إلى اقتفاء أثر مشرع‬
‫المساطر الجماعية وتقليص أجل االستئناف في المادة التجارية وتحديده في عشرة أيام مراعاة‬
‫لخصوصية المادة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬النظام الزمني المفتوح‬

‫يبين تاريخ بدايتها ونهايتها‪ ،‬فإن‬ ‫‪199‬‬


‫إذا كانت اآلجال السابقة عبارة عن آجال محددة بنص قانوني‬
‫المش رع التجاري وضع فترات زمنية يجب أن يتخذ اإلجراء داخلها‪ ،‬اكتفى بتحديد وقت بدايتها فقط‪،‬‬
‫وترك المجال مفتوحا ليحدد تاريخ نهايتها بحسب ظروف المسطرة‪ .‬وأبرز مظاهر الزمن مفتوح ما ورد‬
‫عليه النص في المادة ‪ 8‬من القسم الثالث المتعلق باالختصاص وكذا المادة ‪ 17‬من القسم المتعلق‬
‫بالمسطرة امام المحاكم التجارية‪.‬‬

‫فالمادة ‪ 8‬نصت على ‪ " :‬عند استئناف الحكم المتعلق باالختصاص يتعين على كتابة الضبط توجيه‬
‫الملف إلى محكمة االستئناف في اليوم الموالي لتقديم االستئناف"‪.‬‬

‫فنظام الزمن في هذه المادة باإلضافة إلى كونه مفتوحا وغير محدد‪ ،‬فإن الصياغة التي ورد بها غير‬
‫دقيقة‪ ،‬بحيث أن صيغة "الموالي" يمكن أن تحمل على أكثر من معنى‪ ،‬ذلك أن المشرع لم يحدد بدقة‬
‫اليوم الموالي األول أو الثاني ‪ ،....‬مما يعني أنه ترك األجل مفتوحا‪ ،‬وهذه الفترة قد تستغرق زمنا‬
‫طويال‪،200‬والذي حملنا على هذا االعتقاد هو أن المشرع لم يرتب أي جزاء يمكن تطبيقه في حالة خرق‬
‫أجهزة المحكمة لمقتضيات هذه المادة‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 17‬فقد نصت على‪" :‬يستدعي القاضي المقرر األطراف ألقرب جلسة يحدد تاريخها"‪.‬‬

‫‪ 198‬أحمد أنوار ناجي‪ ،‬محاضرات في القضاء التجاري‪ ،‬القيت على طلبة الفوج الثالث‪ ،‬ماستر منازعات األعمال‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد‬
‫هللا‪ ،‬فاس‪ ،‬السنة الجامعية‪(2015 -2014 ،‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪199‬عبد الحليم عد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.69 :‬‬
‫‪ 200‬عبد الحليم عد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.75 :‬‬

‫‪40‬‬
‫فمن خالل هذه الصياغة يتضح أن المشرع لم يحدد الفترة الزمنية التي ينبغي أن تفصل بين تاريخ‬
‫التحديد وتاريخ االستدعاء‪ ،‬وبذلك ترك للقاضي المقرر صالحية تحديد هذه الفترة‪ ،‬العامل الذي من شأنه‬
‫أن يؤثر في وتيرة المسطرة ويساهم في تأخيرها ‪ ،‬إذ أن ربط المسطرة بآجال مفتوحة وغير محددة من‬
‫شأنها ان تشجع على التأخير في أجرأتها‪201‬مما يفسح المجال أمام سلوكيات وثقافة القاضي للتأثير على‬
‫زمن التقاضي‪.202‬‬

‫أن الصياغة الواردة في المادتين السالفتين الذكر تروم‬ ‫‪203‬‬


‫وعلى عكس ذلك يرى بعض الباحثين‬
‫تقصير اآلجال إلى أبعد حد ممكن حيث يتوجب القيام باإلجراءات حاال وبمجرد استنباتها اعتبارا العتماد‬
‫المشرع تعميم الخطاب الملزم لألخذ بالسرعة سواء في مواجهة رئيس المحكمة أو القاضي المقرر أو‬
‫كتابة الضبط‪ ،‬وهو تعميم يستهدف إ شعار كافة الفاعلين القضائيين بالطبيعة الفورية التي تميز عمل‬
‫المحاكم التجارية‪.‬‬

‫وفي اعتقادنا الشك أن اعتماد المشرع للنظام الزمني المفتوح على هذا المستوى مسألة استدعتها‬
‫الطبيعة الفريدة التي تتصل بمهام القاضي والذي يكون محكوما بظروف المسطرة‪ ،‬كما أن عدم اإلبقاء‬
‫على الزمن مفتوح مسألة ال تأثير لها كون القاضي مراقب بتتبع مجريات المسطرة من طرف دفاع‬
‫األطراف وهو ما يبرز دور هذا الدفاع– المحامي‪ -‬في استعمال عنصر الزمن واستغالله‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تقييم الزمن القضائي التجاري‬

‫إن اصطالح الزمن القضائي عندما يطلق يحمل على معنيين‪ ،‬فمن الباحثين من يرى بأن هذا‬
‫األخير هو العمر االفتراضي الذي ينبغي أن تستغرقه الخصومة القضائية‪ ،204‬بينما يفرق أحد الفقهاء‬
‫‪205‬‬

‫بين الزمن القضائي وزمن التقاضي‪ ،‬فهذا األخير حسب ذات الفقيه هو الذي ينبغي أن يطلق على العمر‬
‫االفتراضي للدعوى والذي تستغرقه الخصومة القضائية‪ ،‬باعتباره اإلطار العام لذلك التغيير والضبط‬
‫الذي يمارسه القاضي على زمن المسطرة من خالل سلطة الضغط التي يمتلكها القاضي‪ ،‬أما الزمن‬
‫القضائي فهو األجل الموكول للقضاء صالحية تحديده لصال ح أحد أطراف المعاملة القانونية‪ ،‬ويمنحه‬

‫‪ 201‬عبد الحليم عد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.70 :‬‬


‫‪ 202‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬الزمن في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪203‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.52 :‬‬
‫‪204‬لبنى فريالي‪ ،‬تدبير الزمن القضائي‪ ،‬واقع وتحديات‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪205‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬الزمن في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬م س‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫القاضي عمال بنص قانوني يجيز منحه‪ ،‬ويقترب من هذا التوجه جانب آخر من الفقهاء‪206‬بحيث يجعل‬
‫الزمن القضائي من صميم نظرة الميسرة الذي يمنحه القاضي للمدين حسن النية المالحق قضائيا العاثر‬
‫الحظ الجدير بالعطف والرعاية عن طريق إرجاء وقت سداد دينه‪.207‬‬

‫وضمن منظومة الزمن في المادة التجارية‪ ،‬فإن المشرع فعال أوكل بالقضاء مهمة تحديد مجموعة‬
‫من اآلجال ألطراف المعاملة التجارية سواء بعد ولوج جهاز المحكمة أو حتى قبل ولوجها‪ ،‬وهوما يعكس‬
‫طبيعة النظام الزمن التجاري من هذا الجانب‪ ،‬ويحملنا بالضرورة على الكشف عن مركز القضاء من‬
‫نظام الزمن في المادة التجارية (أوال) مما يضعنا موضع تساؤل عن مدى تالؤم الزمنيين القانوني‬
‫والقضائي على مستوى التطبيق (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مركز القضاء من نظام الزمن في المادة التجارية‬

‫رهين بجعل جزء من مسألة منح الزمن‬ ‫‪208‬‬


‫إن تحقيق السرعة والبساطة وتأمين الحقوق وضمانها‬
‫من عدمه يدخل ضمن المهام األساسية للقاضي التجاري‪ ،‬فهذا األخير لم يعد يفصل في المنازعات بعد‬
‫استشكالها فحسب‪ ،‬بل أصبح يؤدي أدوارا مهمة على مستوى تحقيق التنمية الشاملة‪ ،209‬ومن جملة‬
‫األدوار التي أوكلت بالقضاء التجاري أن له دور استشرافي رقابي يمزج‪ 210‬بين الرقابة والتوجيه السيما‬
‫على مستوى إعمال تقنية الزمن‪ .‬إذ ال ت خفى أهمية منح القضاء سلطة اإلشراف والتوجيه ضمن منظومة‬
‫الزمن في قطاع يقوم على السرعة والضبط وذلك بالنظر لكونه المسؤول الوحيد عن المالءمة بين‬
‫القانون والواقع وعن تفعيل القانون وجعله في خدمة الواقع بالنظر لما يتطلبه هذا األخير‪.‬‬

‫ووعيا من المشرع بأهمية دور القاضي في تفعيل منظومة الزمن في المادة التجارية‪ ،‬فقد بوأه‬
‫مركزا فعاال إن على مستوى المراقبة بحيث أوكل إليه مهمة الحرص على عدم خرق األجل القانوني‬
‫المحدد من طرف المشرع بمقتضى نصوص صريحة‪ ،‬أو على مستوى إعمال تقنية الزمن بتمكينه‬

‫‪206‬مأمون الكزبري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.84 :‬‬


‫‪ 207‬زينب عبد الرزاق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.96 :‬‬
‫‪ 208‬عبد الحليم عد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.107 :‬‬
‫‪ 209‬محمد محبوبي‪ ،‬دور التشريع والقضاء في تنمية المقاولة وتشجيع االستمارات‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬الفقه والقانون اإللكترونية‪ ،‬بتاريخ ‪22‬‬
‫أكتوبر ‪ ،2010‬ص‪ 14 :‬الموقع اإللكترونية ‪ www.majalah.new.ma :‬تمت الزيارة بتاريخ ‪.2016 /8 / 21 :‬‬
‫‪ 210‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬محاضرات في مساطر الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪:‬‬

‫‪42‬‬
‫في األحوال التي ينص‬ ‫‪211‬‬
‫صالحية منح مهل قانونية في سبيل تحقيق العدالة التعاقدية بين طرفي االلتزام‬
‫عليها القانون‪ ،‬مع ترك السلطة التقديرية للقاضي في هذا المنح من عدمه وفي مقدار هذا المنح‪.‬‬

‫أما عن إعمال تقنية الزمن‪ ،‬فمن مظاهرها تخويل القاضي صالحية منح مهل قانونية ألطراف‬
‫المعاملة في حاالت خاصة‪ ،‬وكذا تحديد مدة زمنية في أحوال أخرى حسب تقديره من دون أن تتعدى‬
‫السقف الزمني الذي حدد المشرع سلفا‪ ،‬ومن ذلك تحديد فترة الريبة وتاريخ التوقف عن الدفع في نظام‬
‫المساطر الجماعية‪ ،‬ومنح اإلمهال القضائي المنصوص عليه في المادتين ‪ 196‬و‪207‬المحال عليهما‬
‫بموجب المادة ‪ 231‬بخصوص القانون الصرفي‪ ،‬والذي يجب أال يكون قصيرا جدا فيعد كأن لم يكن‪ ،‬وال‬
‫بالطويل جدا فيتضرر الدائن من جرائه ضررا بليغا‪ ، 212‬ولكن يجب أن يكون بين هذا وذاك كون القاضي‬
‫ينبغي أن يعي بأنه في تحديده ذاك مقيد بضابط زمني‪.213‬‬

‫إال أنه كثيرا ما يحصل‪ ،‬أن يخل القضاء بمهمة المراقبة التي أسندت إليه ويسيء إعمال تقنية‬
‫الزمن تعسفا في استعمال المركز الذي له من النظام الزمني القانوني في المادة التجارية‪ ،‬بحيث يكون هو‬
‫من يخرق األجل المحدد بنص القانون مما يسفر عن انبثاق جدلية بين الزمنين القانوني والقضائي‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬جدلية الزمن القانوني و الزمن القضائي‬

‫إن تبوأ القضاء لمركز وازن ضمن منظومة الزمن في المادة التجارية على الوجه الذي ذكر أعاله‪،‬‬
‫سواء بإ عمال تقنية الزمن في سبيل تعاطيه مع المهام الموكولة إليه‪ ،‬أو بإعما ل مهمة المراقبة من خالل‬
‫تفعيله لسلطته التقديرية في تقرير بعض المقتضيات من عدمها والتي يكون لها أثر على وضعية الزمن‬
‫القانوني‪ ،‬انبرت عنه جدلية من صميم خاص بين الزمن القانوني والزمن القضائي ‪.‬‬

‫وفي اعتقانا فإن مكمن هذه الجدلية ينبثق عن تفسير الواقع القانوني الذي يعد من صميم العمل‬
‫القضائي‪ .‬إذن فكيف يؤدي تفسير الواقع القانوني من طرف القضاء بمناسبة مالءمة التشريع مع الواقع‬
‫إلى خلق جدلية بين الزمنين القانوني والقضائي؟‪.‬‬

‫‪211‬هند محامدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.74 :‬‬


‫‪212‬محمد الكشبور‪ ،‬رقابة المجلس األعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء السنة الجامعية‪ ،1986 :‬ص ‪.237‬‬
‫‪213‬عبد الحليم عد‪ ،‬م س ص‪.61 :‬‬

‫‪43‬‬
‫إن اإلجابة عن هذا السؤال تقتضي منا الرجوع إلى بعض نماذج العمل القضائي باعتباره المرآة‬
‫العاكسة لمسألة وضع الواقع في سياقه القانوني ومالءمته مع التشريع المنظم له على مستوى التطبيق‪.‬‬

‫وباستقراء بعض االحكام والقرارات القضائية التي نقتصر على إيراد البعض منها يتبين أن جدلية‬
‫الزمن القانوني والقضائي مرد ها إلى إساءة القضاء لممارسة سلطته التقديرية ومغاالته في إعمال تقنية‬
‫حديث‬ ‫‪214‬‬
‫الزمن وذلك بتحميله النص القانوني أكثر مما يحتمل في غالب األحيان‪ .‬وهكذا جاء في حكم‬
‫ص در في مادة صعوبات المقاولة ما يؤكد هذه الحقيقة‪ ،‬حيث عمدت المحكمة إلى تحديد تاريخ التوقف‬
‫عن الدفع في ‪ 6‬سنوات بدل ‪ 18‬شهرا المحددة بنص القانون‪.215‬‬

‫وبالرجوع إلى حيثيات هذا الحكم يتضح أن المحكمة اعتمدت على تقرير الخبير ( الواقع القانوني)‬
‫واستجابت لطلب السنديك بتعديل تاريخ التوقف عن الدفع‪ .‬وبالرغم مخالفة هذا الحكم للمقتضيات‬
‫الصريحة لقانون مساطر صعوبات المقاولة‪ ،‬فإننا سنرجئ التعليق عليه لحين الشق المتعلق بالتطبيق‬
‫العملي لنظام الزمن في المادة التجارية‪ ،‬مركزين في هذا المقام على تجسيد حقيقة الطرح الذي انطلقنا‬
‫منه‪ ،‬والمتعلق بإشكالية إساءة القاضي لممارسة السلطة التقديرية‪ ،‬ومغاالته في أعمال تقنية الزمن الذي‬
‫خ ِّول له صالحية تحديده‪ ،‬وهما العامالن اللذان يعتبران مكمن جدلية الزمنين القانوني والقضائي‪ .‬وللتأكيد‬
‫على دور عنصر الواقع القانوني في التأثير على الزمن المنظم بمقتضى القانون‪ ،‬والقانون المنظم لعنصر‬
‫الزمن‪ .‬ذلك أن الواقع الذي سلف وقلنا بأنه قطب الرحى بي ن المفهومين اآلنفين الذكر كان هو ورقة‬
‫الضغط لخلق تضارب بين الزمن القانوني والزمن القضائي وانتصار هذا األخير في النهاية‪ ،‬والواقع في‬
‫هذا الحكم هو تقرير الخبير والطلب الذي تقدم به السنديك الذي ليس إال مالك في الشركة بنسبة‬
‫‪% 51‬سيما إذا علمنا أن المادة ‪ 637‬من المدونة تمنع إسناد مهمة السنديك إلى أقارب رئيس المقاولة أو‬
‫مسيرها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية‪ ،‬فما البال إن أوكلت "بمن" يملك أكثر من ‪ 50%‬من‬
‫رأسمالها‪...‬؟؟‪.‬‬

‫‪ 214‬حكم المحكمة التجارية بمراكش‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2015/2/ 10‬تحت رقم ‪ ،24‬عدد ‪( ،14 /15 /23‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪215‬المادة ‪ 680/‬من م ت‪" ،‬يعين حكم فتح المسطرة تاريخ التوقف عن الدفع الذي يجب أال يتعدى في جميع األحوال ‪ 18‬شهرا‪ ،‬قبل فتح‬
‫المسطرة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫وفي قرار‪ 216‬صادر عن محكمة النقض في مادة العقود التجارية بخصوص نازلة تتعلق بعقد النقل‪،‬‬
‫والذي حضي باستقالل القاضي في إعمال تقنية الزمن استناد الى تفسيره‪217‬بما يبرز وجها من أوجه‬
‫الجدلية بين الزمنين القانوني والقضائي‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى حيثيات هذا القرار يتبين أن المحكمة جنحت إلى اختيار تطبيق الزمن العام‬
‫المنصوص عليه في ق ل ع بدل الزمن الخاص المنصوص عليه في مدونة التجارة بالرغم من تجارية‬
‫المعاملة المثار بشأنها النزاع استنادا لتفسير مفا ده ان الزمن الخاص هو الذي نظم بمقتضى خاص‪ ،‬وان‬
‫هذا األخير مدرج في النص العام وبذلك وجب تطبيقه‪.‬‬

‫وبغض النظر عن صحة هذا التوجه من عدمه الذي سنكشف عنه فيما يأتي سنحاول التأكيد على‬
‫سلطة القاضي في اختيار النص بمناسبة إعمال تقنية الزمن بما يخلق نوعا من الجدلية بين الزمن‬
‫القانوني الواجب التطبيق في األصل والزمن القضائي الذي اختير له التطبيق من قبل القضاء‪ ،‬ونفس‬
‫القول يصدق على بعض التطبيقات القضائية التي يعمد فيها القضاء إلى جعل مرور الزمن(التقادم)‬
‫الصرفي أولى في التطبيق من التقادم الذي يفترض أن تخضع له العالقة األصلية بحسب كونه عادي أم‬
‫تجاري بحسب األحوال‪.218‬‬

‫إن المادة التجارية‪ ،‬بما تتوفر عليه من خصوصية وطبيعة تمزج بين الحرية التعاقدية في تحديد‬
‫النطاق الزمني للمعاملة والخضوع لقوة النص الثبوتية من جهة‪ ،‬ومنطوق الحكم أو القرار القضائي من‬
‫جهة ثانية‪ ،‬إال ألجل تحقيق غايات وأهداف تجد أصلها في فلسفة المشرع جعلته يصبو إلى تحقيقها‪.‬‬

‫ومما الشك فمنذ وجود الدول الحديثة أصبح القانون أداة طيعة في يد السلطات الحاكمة ‪-‬الحكومة‬
‫والبرلمان‪ -‬إلجراء توزيع عقلي متناسب للقوى المختلفة داخل المجتمع‪ ،219‬ومن العناصر التي كانت‬
‫أحرى بالتطويع في مجال القانون‪ ،‬عنصر الزمن بما يترتب على هذا التنظيم من نتائج وآثار‪ ،‬ذلك أن‬
‫هذا العنصر عندما يتصل بالقانون يقتضي تدخل هذا األخير لتأقيت اإلجراءات القانونية ومواعيد‬

‫‪216‬محكمة النقض‪ ،‬قرار رقم‪ ،381:‬الصادر بتاريخ‪ 03‬يوليوز ‪ ،2014‬ملف تجاري عدد‪ ،2012/1/3/624‬منشور بنشرة قرارت محكمة‬
‫النقض‪ ،‬الغرفة التجارية‪ ،‬ع‪ ،17:‬س‪ ،2014 :‬ص‪.33-31 :‬‬
‫‪ 217‬حاولنا في هذا الصدد استخالص تأثير إعمال القاضي لتقنية الزمن ودور هذا اإلعمال في خلق تجادل بين الزمن القانوني والزمن القضائي‬
‫دون الخوض في مدى سالمة هذا اإلعمال من عدمه مرجئين ذلك لمناقشة الزمن الموضوعي في الشق المتعلق بالتطبيق العملي‪.‬‬
‫‪218‬محكمة االستئناف التجارية بفاس‪ ،‬قرار رقم‪ ،1630:‬الصادر بتاريخ‪ ،2010/11/09‬ملف عدد‪(1032/2010‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪219‬صالح الناهي‪ ،‬محمد صبحي نجم‪ ،‬نائل عبد الرحمن‪ ،‬القانون في حيتاننا‪ ،‬م‪ :‬دار الثقافة‪ ،‬عمان – األردن‪ -‬ط‪ :‬التاسعة‪ ،‬س‪ ،2014 :‬ص‪:‬‬
‫‪.24‬‬

‫‪45‬‬
‫مباشرتها‪ ،‬بحيث يفرض المنطق القانوني السليم أن يتم التعاطي مع العديد من اإلجراءات والتصرفات‬
‫فإن‬ ‫‪221‬‬
‫القانونية داخل مدة زمنية محددة بتشريع قانوني‪ ،220‬كما يقول األستاذ محمد العربي المجبوذ‬
‫أهمية اآلجال القانونية ضمن منظومة الزمن‪ ،‬تبدو بأهمية ذات آفات واسعة اعتبارا الرتباطها بمصير‬
‫الدعوى أو النزاع المرفوع إلى القضاء‪ ،‬استهدافا لالعتراف بحق أو حمايته‪.‬‬

‫فأي المقاصد الخاصة إذن تلك التي جعلت المشرع يعتبر القانون فعال أداة طيعة عمل بمقتضاها‬
‫على ترويض عنصر الزمن وتطويعه ليالئم الشكل الذي يستدعي ما يسميه األستاذ محمد اإلدريسي‬
‫المشيشي‪222‬بالهندسة القانونية للمادة التجارية استجابة لما يتطلبه واقع الميدان التجاري؟‬

‫إن كل هذه المعطيات التي سلف ذكرها تنم عن الفلسفة الكامنة في الخلفية التي استحكمت في‬
‫مشرع المادة التجارية الذي خصها بنظام زمني خاص وفريد‪ ،‬والشك أن مضمون هذه الفلسفة يروم‬
‫تحقيق غايات ومقاصد يتطلبها الميدان التجاري بالنظر لخصوصيته‪ ،‬ويبين الحاجة الملحة لنظام زمني‬
‫من هذا القبيل ودوره في بلوغ ذلك‪.‬‬

‫إذن فما هو مضمون هذه الفلسفة؟ وإلى أي مدى استطاع مشرع المادة التجارية ضمان الوصول‬
‫إلى ما رامه من خالل النظام التشريعي الذي وضعه والمتمثل في النظام الزمني القانوني؟‪ .‬هذا ما‬
‫سنحاول أن نجيب عنه من خالل الفرع الثاني من هذا الفصل‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الفلسفة الخاصة لنظام الزمن القانوني التجاري‬


‫يوضع الباحث القانوني المغربي في وضع ال يحسد عليه عندما يطلب منه‪ ،‬أو يبادر من تلقاء نفسه‬
‫إلى إبراز العوامل المتحكمة في إخراج تشريع إلى الوجود أو الحديث عن فلسفة المشرع في وضع هذا‬
‫النص أو ذاك السيما عندما يتعلق األمر بتقييم قانوني معين‪ ،‬أو عند نقد مسار وضع قاعدة قانونية سواء‬
‫من طرف المشرع أو من قبل االجتهاد القضائي‪ ،223‬وذلك الفتقاده إلى أدنى المرجعيات‬
‫الضرورية‪،224‬بحيث أنه يصعب كثيرا أن يتناول الباحث بالتدقيق والتمحيص موضوعا سيما إن كان‬

‫‪ 220‬نادية احديدو‪ ،‬أجل رفع دعوى اإللغاء على ضوء االجتهاد القضائي‪ ،‬مقال منشور بمج‪ ،‬اإلشعاع‪ ،‬ع‪ ،42 – 41 :‬يونيو ‪ ،2014‬ص‪.264 :‬‬
‫‪221‬بمناسبة تقديمه لكتاب اآلجال اإلجراءات في التشريع المغربي‪ ،‬عبد العزيز توفيق ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.5 :‬‬
‫‪222‬‬
‫‪MOHAMED Idrissi Alami Machich, op.cit.‬‬
‫‪223‬ع بد المجيد اغميجة‪ ،‬مبدأ األمن القانوني وضرورة األمن القضائي مقال منشور بمج‪ :‬الملحق القضائي‪ ،‬دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬ع ‪ ،42‬ماي‪،‬‬
‫س‪ ،2002 :‬ص‪.30 :‬‬
‫‪224‬الحسن الملكي‪ ،‬التجارة اإللكترونية ‪ -‬قراءة قانونية –‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬المحاكم المغربية‪ ،‬ع‪ 89:‬يوليوز‪ -‬غشت‪ ،‬س‪ ،2001 :‬ص‪.73 :‬‬

‫‪46‬‬
‫يتميز بكثير من التعقيد والتشابك‪ ،225‬إذ قليلة هي المناسبات التي كلف فيها المشرع نفسه عناء تصدير‬
‫النص التشريعي ببيان أسباب سنه‪.‬‬

‫فاألعمال التحضيرية كما هي متعارف عليها في التشريعات المقارنة‪ ،‬تقنية مجهولة بالمرة في‬
‫القانون المغربي‪ ،‬إذ منذ الحركة التشريعية الكبرى لسنة ‪ 1913‬حين عمد تكنوقراطيو إدارة الحماية إلى‬
‫استنساخ النصوص التشريعية الفرنسية النافذة آنذاك دون وضع التشريع في إطاره المحلي أو تبرير‬
‫اختياراته األساسية ظل تجاهل التقديم للتشريع سلوكا عالقا بالمشرع المغربي‪ ،‬وحتى بعد االستقالل بقيت‬
‫أعمال اللجان التقنية المتعلقة بصياغة النصوص القانونية حبيسة أدراج مكاتب الوزارات الوصية المكلفة‬
‫بإعدادها‪ ،‬وإذا اعتبرنا البرلمان مجسدا للمشرع في بالدنا‪ ،‬فإن مناقشته قلما تشب ع فضول الباحث ببعدها‬
‫عن النقاش القانوني‪ ،‬وقربها من النقاش السياسي‪.226‬‬

‫وال يعاب على المشرع وحده في هذه الوضعية‪ ،‬فعلى المستوى الفقهي أيضا يالحظ غياب شبه تام‬
‫للدراسات المرتبطة بالسوسيولوجيا القانونية في بعدها الزمني باألساس‪ ،‬أما فلسفة القانون بوصفها‬
‫دراسة مستقلة إلى جانب علم القانون‪ ،‬وتهتم بدراسته لما فيها من مبادئ عامة وأسس تمكن العقل‬
‫ورصد الدواعي التي كانت وراء وضع نظام قانوني‬ ‫البشري من الوصول إلى كنه الحقيقة القانونية‬
‫‪227‬‬

‫معين‪ ،‬فقد يعتبرها الكثيرون ترفا فكريا في بلد التزال فيه القاعدة القانونية تصارع من أجل تأصيل‬
‫وتثبيت مبادئها األساسية‪ ،‬ويؤ اخذ على معظم الشراح تخصيصهم مئات الصفحات للتعليق على‬
‫النصوص الجديدة دون أن يولوا بعض الوريقات ألسباب النزول‪ ،228‬وهو ما يضطر الباحث القانوني‬
‫إلى الخروج عن سبيله المعه ودة عندما يجد نفسه مضطرا لسبر أغوار نصوص قانونية تفرض نفسها بما‬
‫تحمله من جدة‪ ،‬السيما وأنها في الغالب األعم تستدعي فهما غير مألوف في المضمون القانوني‪ ،‬وتتطلب‬
‫تحليال يتجاوز األوضاع القانونية إلى نظيرتها االقتصادية واالجتماعية التي وضعت لتنظيمها خاصة وأن‬
‫أخص ب القوانين مساعدة على النقاش السوسيوقانوني هي تلك التي تكون لها عادة خلفية اقتصادية أو‬
‫اجتماعية‪.‬‬

‫‪225‬المهدي شبو‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪226‬المهدي شبو‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪227‬خالد عبد هللا عيد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.42 :‬‬
‫‪ 228‬المهدي شبو‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن كشف الحجاب عن أسباب نزول النص القانوني بما يتضمنه‪ ،‬وفلسفة المشرع الداعية‬
‫إلى سنه من خالل آلية العمل التشريعي في كليته‪ ،‬تجعل هذا األخير ال يتبلور في النص النهائي المصادق‬
‫عليه فحسب‪ ،‬بل كذلك في كل ما صاحب دراسته من مناقشة وتساؤالت وتأويالت وتدخالت داخل اللجن‬
‫المختصة والجمع العام‪ ،‬ومن هنا تتجلى فائدة نشر مضمون األعمال المصاحبة لإلنتاج التشريعي‬
‫ليوظفها رجال القضاء والحقوقيون في تنفيذ مقتضيات النص استنادا على معرفة أسباب النزول‬
‫والخلفيات التي تكون أرضيتها ‪.229‬‬

‫إن من بين األنظمة القانونية التي هي أحرى بالغوص في عمقها وسبر أغوارها الستجالء خباياها‬
‫واإلحاطة بكنهها‪ ،‬نظام الزمن في المادة التجارية بجميع أقسامه القانوني أو االتفاقي والقضائي منها‪ ،‬وما‬
‫تشت مل عليه من خصوصيات تجعله يستقل ويختلف عن غيره من األنظمة الزمنية في باقي فروع القانون‬
‫األخرى‪ ،‬وما يتضمنه من أحكام تحمل جرعة تقنية غير مألوفة عادة في النصوص المعهود للقضاء‬
‫بتطبيقها‪ ،‬والتي غالبا ما تستمد مرجعتيها من العلوم االقتصادية والمالية‪ ،‬وتحمل في طياتها تطورا في‬
‫المضمون ال يمكن أن يخطئ فهم القارئ العادي فباألحرى المتخصص‪ ،‬وهي من الحداثة حتى في‬
‫البلدان واألنظمة التي سبق أن تبنتها‪ ،‬بشكل يجعلنا نتساءل عن الدوافع الكامنة وراء اعتمادها‪.230‬‬

‫إنه لمما الشك فيه‪ ،‬أ ن دواعي وضع نظام زمني خاص بالمادة التجارية بما يميزه من قصر في‬
‫المدد كان الهدف من ورائه خدمة خاصية المرونة والسرعة التي ينبغي أن تسير وفقها المعامالت‬
‫التجارية‪ .‬وبالنظر إلى ارتباط هذه المعامالت مع بعضها البعض فإن النزاعات المتعلقة بهذا القطاع‬
‫تحتاج إلى قواعد إجرائية تتناسب و هذه الخصائص‪ ،‬ويكون لها طابعا خاصا بعيدا عن فلسفة القواعد‬
‫العامة‪ .231‬لذلك أصبحت الضرورة تفرض وجود قواعد مسطرية سريعة ومرنة تستجيب للخصوصية‬
‫التي ينفرد بها نظام الزمن القصير في المادة التجارية من جهة‪ ،‬وفعالة لحل النزاعات التجارية من جهة‬

‫‪229‬فتح هللا ولعلو‪ ،‬تقديم كتاب "المحاكم التجارية – األسباب والغايات ‪ :-‬عبد الكبير طبيح‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪ 230‬المهدي شبو‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪231‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.11 :‬‬

‫‪48‬‬
‫في ميدان األعمال‬ ‫‪232‬‬
‫ثانية ‪ ،‬وهو ما جعل هذه القواعد في حاجة إلى مالءمتها لتحقيق األمن القانوني‬
‫عموما‪ ،‬وفي الميدان التجاري بشكل أدق‪.233‬‬

‫إن األمن القانوني بهذا المدلول يقاس في المجال التجاري بمدى استقرار البيئة التجارية الناشئ عن‬
‫قلة المنازعات القضائية التي تلحق اضطرابا بخاصية األمن في الميدان التجاري‪ ،‬وكذا بخاصية االئتمان‬
‫وما يتطلبه من عوامل السرعة والضبط في أجرأة المقتضيات التي تكفلها القواعد المحددة بمقتضى نظام‬
‫الزمن القانوني في المادة التجارية‪ ،‬والتي تضمن قدرا من المرونة يساهم في الوصول إلى حل للنزاع في‬
‫أجل قصير‪ ،234‬ذلك أن قصر األجل ومرونة اإلجراءات وسرعة البت باتت من ركائز المناخ المالئم‬
‫عموما‪ ،‬واألمن القانوني التجاري بشكل خاص‪ .236‬بحيث إن‬ ‫‪235‬‬
‫للتنمية وترسيخ دعائم األمن القانوني‬
‫سرعة البت وعنصر االئتمان لهما أهمية قصوى في الميدان االقتصادي الذي يلعب فيه عامل الزمن‬
‫دورا مهما‪.‬‬

‫فالمستثمرون غالبا ما يبحثون عن األوساط التي تضم ن لهم الحصول على حقوقهم في أوجز‬
‫الفترات‪ ،237‬والشك أن أهدافا كهذا ال سبيل لتحقيقها إال في ظل نظام زمني يحكمه عامال القصر‬
‫والضبط بما يخدم استقرار الميدان التجاري‪ ،‬الشيء الذي يجعل القاضي التجاري يمارس القضاء‬

‫‪232‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.10 :‬‬


‫‪ 233‬إن من األسباب التي تهدد األمن القانوني في الميدان التجاري التضارب الحاصل بين أحكام الزمن القانوني التجاري العامة المنظمة ضمن‬
‫مقتضيات الكتاب األول من مدونة التجارة المنظم ألحكام التاجر بموجب قانون رقم ‪ 32.10‬وبين نظام الزمن المنظم لغيره من الكتب األخرى من‬
‫مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪234‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.17 :‬‬
‫‪ 235‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.7 :‬‬
‫‪ 236‬إن األمن القانوني ال يؤطر ضمن تعريف محدد‪ ،‬وإنما هناك تعريفات عامة تناولت هذا المفهوم‪ ،‬هذا األخير عندما يطلق يجب في محتواه كل‬
‫مقومات األمن القانوني كما عو هدت عند فقهاء ورواد هذه المؤسسة‪ ،‬والتي تجعل األمن ينصرف لمجرد سماعه إلى ضوابط المحاكمة العادلة‬
‫وحماية حقوق اإلنسان باألساس‪ ،‬أو إلى وضعية القوانين االقتصادية بالمفهوم الواسع ارتباطا باالستثمار األجنبي وهو ما يعد أغفاال في حق‬
‫األمن التجاري الذي يستهدف استقطاب المستثمرين الوطنيين خاصة في المقاوالت الصغرى والمتوسطة التي تعد عصب االقتصاد في البلدان‬
‫النامية وهي مناسبة لالهتمام والتأصيل للمفهوم األمن التجاري كمفهوم مستقل‪.‬‬
‫‪237‬سعد بهتي‪ ،‬األجل في التسوي ة القضائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬سطات‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪ ،2013 -2012 :‬ص‪.3 :‬‬

‫‪49‬‬
‫االقتصادي بالدرجة األولى وهاجسه األساسي هو جعل العدالة في خدمة التنمية واالستثمار‪ ،238‬وفق ما‬
‫يكفل تحقيق األمن التجاري وبما يستلزمه الضمان القانوني والقضائي‪.239‬‬

‫وعليه‪ ،‬إذا سلمنا بمسألة اقتناع المشرع التجاري المغربي من خالل تخصيصه نظام الزمن‬
‫بخاصية القصر في المد ى على جميع مستويات هذا النظام كان رغبة في خدمة خاصيتي السرعة‬
‫واالئتمان التي ينبغي أن تجري وفقها المعامالت التجارية في الواقع العملي من ناحية‪ ،‬وتسريع وثيرة‬
‫اإلجراءات القضائية فيما يتعلق بالمنازعات المعروضة على أنظار المحاكم التجارية من ناحية ثانية‪،‬‬
‫فإننا نجزم أن الهدف من وراء ذلك كله كان رغبة في تحقيق األمن التجاري الذي يدور في نظرنا وجودا‬
‫وعدما بوجود السرعة االئتمان بما يتطلبانه من ضبط قانوني‪ ،‬فحيث ال يوجد االئتمان في الوسط‬
‫التجاري وال السرعة في اإلجراءات القانونية المرتبطة به‪ ،‬وحيث ينعدم الضبط في ميقات هذه‬
‫اإلجراءات‪ ،‬ال وجو د لشيء اسمه األمن القانوني أو القضائي في الميدان التجاري والعكس صحيح‪،‬‬
‫وعليه سنخصص هذا الفرع للحديث عن دور نظام الزمن القانوني من خالل المادة التجارية في تحقيق‬
‫األمن القانوني التجاري (مبحث أول) ثم نتطرق بعد ذلك للحديث عن دور هذا النظام في تحقيق األمن‬
‫القضائي التجاري (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬دور نظام زمن المادة التجارية في تحقيق األمن القانوني التجاري‬
‫يعد األمن القانوني من األهداف الرئيسية التي تسعى الدولة إلى ضمانها حتى يطمئن الفرد‬
‫والمجموع إلى سالمة حقوقهم وأموالهم‪ ،240‬ومرد هذا السعي إلى كون مقتضى األمن القانوني أصبحت‬
‫الحاجة إليه حاضرة بشكل دائم في جميع المجاالت‪.241‬‬

‫ومن المجاالت التي هي أحرى بضمان قدر مهم من األمن القانوني وبحاجة إليه بشكل أمس‪،‬‬
‫الميدان التجاري‪ ،‬اعتبارا ألن المفهوم السالف الذكر ــ األمن القانوني – من العناصر األساسية لتزكية‬

‫‪ 238‬عز الدين بنستي‪ ،‬تقييم تجربة القضاء التجاري المغربي على ضوء القانون المحدث المحاكم التجارية‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬المحاكم المغربية‪،‬‬
‫ع‪108 :‬ماي – يونيو‪ ،‬س‪ ،2007:‬ص‪.36 :‬‬
‫‪ 239‬خطاب الملك الحسن الثاني يوم ‪ 8‬ماي ‪ 1980‬بمناسبة إنشاء المجلس استشاري لحقوق اإلنسان‪ ،‬انبعاث أمة ‪ ،‬ج‪ ،35:‬س‪ ،1990 :‬ص‬
‫‪ ، 126‬حينما قال "‪ ...‬ونطلب من المستثمرين أن يستثمروا عندنا ولكن إذا لم يعرفوا أن بالدنا تنعم بالسلم والضمان القانوني والقضائي فإنهم‬
‫لن يأتو ‪."...‬‬
‫‪ 240‬صالح الناهي‪ ،‬وآخرون‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.24 :‬‬
‫‪241‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.6 :‬‬

‫‪50‬‬
‫المجتمع في إطار الدولة االقتصادية الحديثة‪ ، 242‬والتي ال يمكن أن تقوم إال في ظل وضع يتسم بالتسخير‬
‫القانوني لخدمة ما هو اقتصادي ‪ ، 243‬ومن ناحية أخرى ألن األمنين القانوني والقضائي اعتبارا للعالقة‬
‫الذي يستوجب بالضرورة حماية حرية‬ ‫‪245‬‬
‫لهما عالقة وطيدة باألمن االقتصادي‬ ‫‪244‬‬
‫التكاملية بينهما‬
‫التجارة وتوفير سالمة المعامالت‪.246‬‬

‫ووعيا من المشرع المغربي بأهمية وقيمة الميدان التجاري والدور الذي يلعبه في تحقيق النماء‬
‫وبحاجة هذا الميدان إلى توفير المناخ المالئم للتنمية وترسيخ دعائم األمن‬ ‫‪247‬‬
‫االقتصادي واالجتماعي‬
‫الذي يدور وجود ا وعدما بوجود االستقرار في البيئة التجارية الناشئ عن التقليل من‬ ‫‪248‬‬
‫القانوني‬
‫المنازعات المحتمل ورودها خارج األجل‪ ،‬والتي ال يكون الغرض منها سوى عرقلة دوران العجلة‬
‫التجارية أو المس بالسمعة التجارية ألحد الفاعلين االقتصاديين‪ ،‬أو غيرها من البواعث الكيدية‪ ،‬وكذا‬
‫بتوفير خاصيت ي السرعة واالئتمان والضبط في المواقيت واستحضار عنصر الدقة والتسريع والتبسيط‬
‫في المساطر واإلجراءات‪،249،‬هدف –المشرع ــ إلى ضمان كل هذه المقومات التي ينبني عليها األمن‬
‫القانوني التجاري‪ ،‬وذلك من خالل نظام الزمن القانوني في المادة التجارية وما يشتمل عليه من عناصر‬
‫مميزة تخدم استقرار المعامالت بالتقليل من المنازعات المثارة الدعاوى بشأنها خارج األجل‪ ،‬من خالل‬
‫نظام التقادم القصير الذي يتراوح بين ‪ 6‬أشهر‪ ،‬وسنة وثالث سنوات إلى ‪ 5‬سنوات كأقصى مدة في نظام‬
‫مرور الزمن (التقادم) التجاري‪ ،‬وكذا بما يخدم السرعة في المعامالت والمساطر واإلجراءات التي‬
‫تستوجب لزاما الخضوع للمواقيت القانونية خدمة لخاصية السرعة واالئتمان الذين يشكالن عصب الحياة‬
‫التجارية‪.‬‬

‫‪ 242‬علي الحنودي‪ ،‬األمن القانوني مفهومه وأبعاده‪ ،‬المج‪ :‬المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬ع‪ ،96 :‬يناير – فبراير‪ ،‬س‪ ،2011 :‬ص ‪:‬‬
‫‪.118‬‬
‫‪243‬أحالم عارف‪ ،‬دور األمن القانوني واألمن القضائي في تحسين مناخ األعمال بالمغرب‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬الموسم الجامعي‪ ،2014 -2011:‬ص‪.33 :‬‬
‫‪ 244‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪ 245‬أحمد براك‪ ،‬األمن القانوني‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني ‪:‬‬
‫زيارة الموقع بتاريخ ‪http//pallporg/v12907htm .31/ 8 /2016 :‬‬
‫‪246‬صالح الناهي‪ ،‬وآخرون‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.27 :‬‬
‫‪ 247‬فاطمة الزهراء السائح الجوهري‪ ،‬األمن القانوني والقضائي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2010 -2009 :‬ص‪.7 :‬‬
‫‪248‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.7 :‬‬
‫‪249‬ادريس الفاخوري‪ ،‬تقديم مؤلف اآلجال في ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.4 :‬‬

‫‪51‬‬
‫واستنادا إلى ذلك‪ ،‬ظهرت فكرة الحاجة إلى التأصيل القانوني لمفهوم األمن القانوني التجاري‬
‫بهدف إخراجه من بؤرة األمن القانوني بوجه عام‪ ،‬السيما إذا علمنا أن العادة جرت على أن هذا المفهوم‬
‫عندما يطلق ينصرف إلى ضوابط المحاكمة العادلة في بعدها الجنائي‪ ،‬وكذا حماية األفراد من تعسف‬
‫اإلدارة وما إلى ذلك من قواعد حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬لذلك سنحاول مجتهدين التوقف عند مفهوم األمن‬
‫القانوني التجاري واألسس التي ينبني عليها (المطلب األول) نظرا ألهمية هذا المبدأ في الوقت الراهن‪،‬‬
‫ليتسنى بعد ذلك التطرق‬ ‫‪250‬‬
‫وهي أهمية جعلته يتميز بعدة مميزات لضمان تحقيق التطور االقتصادي‬
‫ألوجه مساهمة نظام الزمن التجاري في ضمان تحقيق األمن القانوني على مستوى المادة التجارية‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم األمن القانوني التجاري وأسسه‪.‬‬

‫إن أنجع الطرق لرصد مفهوم االمن القانوني في الميدان التجاري(فقرة أولى) وتحديد األسس التي‬
‫ينبني عليها (فقرة ثانية) يستوجب بالضرورة تمحيص المنظومة القانونية للزمن القانوني التجاري التي‬
‫نبتغي الكشف عن هذين األمرين استنادا لمقتضياتها‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األمن القانوني التجاري من خالل منظومة الزمن في المادة التجارية‪.‬‬

‫إن إخراج األمن القانوني التجاري لبر التأصيل المستقل بما يرتكز عليه من أسس ومقومات بات‬
‫ضرورة حتمية ونتيجة منطقية لهذه المحاولة‪ ،‬إذ أن هذا االنقالب في الثقافة القانونية ليس معروضا علينا‬
‫للخيار‪ ،‬وإنما هو واقع اليوم والغد‪ ،‬وهو بمثابة قطار انطلق‪ ،‬فإنما أن نركبه ونؤثر فيه‪ ،‬وإال فإننا سنبقى‬
‫‪251‬‬
‫في المحطة في انتظار الذي يأتي وال يأتي‬

‫من بين الذين حاولوا ولو بشكل غير مباشر التأصيل لمبدأ‬ ‫‪252‬‬
‫ويعد األستاذ عبد المجيد اغميجة‬
‫األمن القانوني التجاري ذلك عندما ربط األمن بالثقة المشروعة ‪ La confiance légitime‬واستقرار‬
‫المعامالت بفضل ما يوفره هذا المبدأ لألفراد الفاعلين القانونيين واالقتصاديين من حماية استقرار اإلطار‬
‫القانوني الذي يتعاقدون من خالل قواعده‪ ،‬وينتظمون بالنسبة لاللتزامات تبعا لمقتضياته‪.‬‬

‫‪250‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.11 :‬‬


‫‪ 251‬عبد الكبير طبيخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.19 :‬‬
‫‪252‬األمن القانوني وضرورة األمن القضائي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.4 :‬‬

‫‪52‬‬
‫ويقصد بالثقة المشروعة احترام التوقعات المشروعة لألفراد والمبنية على القواعد واألنظمة‬
‫القانونية السارية المفعول‪ ،‬مما يجعل المخاطبين هذه القواعد يطمئنون إن نتيجة أعمالهم وتصرفاتهم مع‬
‫استقرار في التعامل والعالقات الرابطة بينهم‪.253‬‬

‫واعتبارا لكون األمن قيمة يخدمها القانون وهو ما يشكل منبع ثقة األفراد في الحماية القانونية‪،254‬‬
‫فقد عمد مشرع المادة التجارية إلى ضمان مقومات األمن من ضمنها –أي ضمن المادة التجارية‪-‬‬
‫والمتمثلة في االستقرار والسرعة في اإلجراءات والضبط في المواقيت من خالل القانون أيضا‪ ،‬وذلك‬
‫بموجب نظام الزمن القانوني وخصوصياته‪ ،‬سواء على مستوى زمن التقاضي أو على مستوى زمن‬
‫األطراف‪ ،‬وكذا بطبيعته المميزة التي تجعل خاصية الضبط الزمني من ركائزها األساسية‪.255‬‬

‫واستنادا إلى ذلك‪ ،‬فإن األمن القانوني التجاري ينبني على فعالي ة النظام الزمني القانوني في المادة‬
‫التجارية وعلى مدى مساهمة هذا النظام في ضمان استقرار البيئة التجارية والحد من االختالالت التي‬
‫تنسف طمأنينة التجار‪ ،‬بما في ذلك استهداف التقليل من المنازعات المحتمل ورودها خارج األجل‬
‫القانوني‪ ،‬وكذا من حيث تكريس مبدأ السرعة في اإلجراءات والمساطر والضبط المؤقت ألجرأة‬
‫المقتضيات‪ ،‬وتزكية عنصر االئتمان بين التجار بما يفرض جودة القاعدة القانونية وكذلك محتواها‪،256‬‬
‫حيث إن األمن القانوني من شروط جودة التشريع التي تضمن القدرة على التحقيق الفعلي والدائم ألهداف‬
‫القانون‪ ،257‬ضمانا لحد أدنى من استقرار المراكز القانونية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أسس األمن القانوني التجاري من خالل منظومة الزمن في المادة التجارية‬

‫إن أبرز المقومات التي يرتكز عليها األمن القانوني التجاري بما يضمن توفير إجراءات قانونية مناسبة‬
‫تساعد على إقامة عدالة تجارية‪ ، 258‬تكمن في تحقيق مناخ قانوني سليم‪ ،‬بدءا من جودة إعداد وتحرير‬

‫‪253‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.35:‬‬


‫‪254‬‬
‫‪L .Numes , de Almeida le développement de l’idée d’Etat droit démocratique et l’application des principes‬‬
‫‪qui en découlent par le tribunal constitutionnel portugais‬‬
‫‪http :/concourt am/hrcc/vestnik2-24-2004/ Nunes. Htm.‬‬
‫تمت الزيارة بتاريخ‪.1/9/2016 :‬‬
‫‪255‬أنظر الفرع السابق من هذا الفصل‪.‬‬
‫‪256‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.22 :‬‬
‫‪257‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪258‬‬
‫‪A.Boudahrain, réflexions sur la pertinence d’une justice commerciale spécialisée au Maroc, article‬‬
‫‪publication a revue du marocain, N4 ,imprimerie Dar Es-Salaam au rabat juillet 2003, p : 5 .‬‬

‫‪53‬‬
‫القاعدة القانونية إلى تطبيقها وتنفيذها على الوجه المطلوب‪ ، 259‬والشك أن تحقيق ذلك يستهدف باألساس‬
‫حماية األفراد من اآلثار السلبية للقانون السيما عدم االنسجام وتعقد القوانين واألنظمة أو تعديلها المتكرر‬
‫بما يخلفانه من انعدام في األمن‪.260‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإنه ال مناص لضمان هذا المناخ القانوني في الميدان التجاري من ضرورة قيام األسس‬
‫الرئيسية التي تعد قوام األمن القانوني التجاري‪ ،‬ويتعلق األمر بكل من وضوح القاعدة القانونية الذي يفيد‬
‫انعدام الغموض والتعقيد‪ ،‬وكذا بقابليتها للتوقع الذي يفيد حماية المراكز القانونية القائمة‪ ،‬وكذا حماية‬
‫حقوق األفراد وضمانها احتراما للتوقعات المشروعة‪.261‬‬

‫ويتطلب تحقيق عامل الوضوح في القاعدة القانونية وفق ما يستدعيه األمن القانوني التجاري‬
‫ضرورة العمل على صياغة تلك القاعدة بطريقة تتسم بالدقة والبساطة والوضوح حتى يتمكن الناس من‬
‫فهم القانون والتعرف بسهولة على مضمونه واالمتثال ألوامره‪ .‬وإذا كان هذا هو ما عليه الحال بالنسبة‬
‫للقاعدة القانونية التجارية بوجه عام‪ ،‬فإن المقتضيات المؤطرة لنظام الزمن في المادة التجارية بحاجة‬
‫أمس إلى تقنية الضبط والتدقيق‪ ،‬وذلك لخطورة عنصر الزمن من جهة ولقيمته في المادة التجارية من‬
‫جهة ثانية‪.‬‬

‫فاللغة الغامضة أو المعقدة تثير الخالف واإلبهام واالضطراب في المعامالت في بعدها الزمني‬
‫خصوصا‪ ،‬لذلك ال ينبغي أ ن تقتصر سمة الدقة والوضوح على العبارات فقط‪ ،‬وإنما ينبغي االعتماد قدر‬
‫اإلمكان على الصياغة التي تؤدي إلى خلق نصوص واضحة الداللة وال تقبل احتماالت كثيرة التأويل‪،262‬‬
‫بمعنى أن يكون النص القانوني يسير الفهم بمجرد قراءة مفرداته من غير توقف على أمر خارجي‪.263‬‬

‫أما فيما يتعلق بمسألة قابلية القانون للتوقع‪ ،‬فإن التركيز يقع على هذه الخاصية بدرجة أولى في‬
‫المادة التجارية‪ ،‬باعتبار التوقع شرطا رئيسيا من شروط تحقق األمن‪ ،‬بحيث يعرف ألفراد مسبقا كيف‬

‫‪ 259‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬األمن القانوني وضرورة األمن القضائي‪ ،‬عرض مقدم في إطار الندوة المنظمة من طرف الودادية الحسنية للقضاة‬
‫بمناسبة المؤتمر ‪ 13‬للمجموعة اإلفريقية لالتحاد العالمي للقضاة‪ ،‬البيضاء‪ 28 ،‬مارس ‪ ،2008‬ص ‪.13 :‬‬
‫‪260‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪261‬أحالم عارف‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫‪ 262‬إشكالية التأويل المطروحة بين عاملي الزمن العام والزمن الخاص المثارة بشأن القواعد المنظم لعقد النقل التجاري؛ حسن ملكي‪ ،‬الزمن‬
‫العام والزمن الخاص‪ ،‬ندوة الزمن والقانون‪ ،‬م س‪(.‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪263‬علي الحنودي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.120 :‬‬

‫‪54‬‬
‫ينظمون عالقاتهم بشكل مقبول من الناحية القانونية وكذا المعرفة المسبقة بما هو مسموح وما هو‬
‫ممنوع‪.264‬‬

‫وهكذا ففي منظومة الزمن القانوني التجاري يجب أ ن يكون األفراد على علم مسبق‪ ،‬وعلى معرفة‬
‫بما هو مسموح وما هو محظور م ن حيث تحديد نطاق زمن المعامالت التجارية‪ ،‬وكذا من حيث زمن‬
‫مباشرة إلجراءات القانونية المرتبطة بالوفاء بالمعامالت (زمن األطراف) ثم ضرورة اإلحاطة بكل‬
‫جزيئات زمن التقاضي‪.‬‬

‫وعليه فإن مبدأ التوقع بهذا المدلول يتصل بخاصية الوضوح اتصال فرع وأصل‪ ،‬ويدور معها‬
‫وجودا وع دما‪ ،‬فبوضوح القاعدة القانونية ودقة صياغتها و سالسة تحديدها من طرف المخاطبين بها‪،‬‬
‫ي ضمن مبدأ التوقع بالمدلول الذي ذكر أعاله‪ ،‬حيث أن الوضوح يجعل المخاطبين بالقواعد التجارية‬
‫ـ التجار ـ سيما المؤطرة منها لنظام الزمن‪ ،‬على معرفة مسبقة بما هو مسموح به وما هو ممنوع في‬
‫من حيث النطاقات الزمنية لهذه العالقات‪ ،‬والتي‬ ‫‪265‬‬
‫مجال تنظيم العالقات ألجل تحقيق العدالة التعاقدية‬
‫يسعى كل نظام قانوني لالتحاد معها قدر اإلمكان‪.266‬‬

‫وبعيدا عن خاصية الوضوح واإلحاطة بالمسموح أو المحظور التي تغذي مبدأ التوقع المفترض في‬
‫القواعد المؤطرة لمنظومة الزمن القانوني التجاري‪ ،‬فإن فكرة التوقع في األصل ترتبط بفكرة الزمن‬
‫المستقبلي الذي ينظر إليه دائما بفكرة التغيير والتطور لكونه في مجال أكثر نشاطا‪ ،‬وارتباطا بهذا فإن‬
‫يلعب دورا مهما في تحقيق األمن القانوني في ظل معياري الدقة‬ ‫‪267‬‬
‫الزمن حسب إحدى الباحثات‬
‫والضبط اللذين ينبغي أن تشتمال على القاعدة القانونية‪ ،‬اعتبارا ألن غياب هذين العنصرين يعد أحد أهم‬
‫األسباب في انعدام الثقة واإلحساس باألمن لدى المرتفقين‪(268‬المتقاضين)‪.‬‬

‫إن نظام الزمن القانوني التجاري‪ ،‬قد ال يؤدي الغايات والمقاصد المتوخاة منه إذا ما خال من مبدأي‬
‫الوضوح من ناحية والتوقع الذي يستدعي الدقة والضبط من ناحية ثانية في تحديد القواعد القانونية‬
‫التجارية من حيث طبيعتها الزمنية‪ ،‬و ِّبخلو هذين المبدأين من القواعد المنظمة لنظام الزمن القانوني‬

‫‪264‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.10 :‬‬


‫‪ 265‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬أبعاد األمن التعاقدي وارتباطاته‪ ،‬عرض مقدم في اللقاء الدولي حول األمن التعاقدي وتحديات التنمية‪ ،‬المنظم من قبل‬
‫الهيئة الوطنية للموثقين‪ ،‬الصخيرات ‪ 19 ، 18‬أبريل ‪ ،2004‬ص ‪.3‬‬
‫‪266‬صالح الشامي وآخرون‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.25 :‬‬
‫‪267‬أحالم عارف‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.34 :‬‬
‫‪268‬فاطمة الزهراء السائح الجوهري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.18 :‬‬

‫‪55‬‬
‫التجاري‪ ،‬لن يؤدي هذا األخير األدوار التي أنيطت به وال يخدم األهداف القانونية بحسب الصيغة التي‬
‫أعد من أجلها‪ ،‬والمتمثلة أساسا –أي األهداف – في خدمة خاصية السرعة واالئتمان وكذا ضبط أجرأة‬
‫المقتضيات التجارية في سياق يروم التقليل من المنازعات المخلة باستقرار البيئة التجارية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإذا كان ما سلف قوله‪ ،‬من قوام األمن القانوني التجاري ارتباطا بالقواعد المؤطرة لنظام‬
‫الزمن في المادة التجارية‪ ،‬فيكف ساهم هذا األخير في تحقيق األمن القانوني التجاري؟ وما مظاهر هذا‬
‫التحقيق؟‬

‫هذا ما سنحاول اإلجابة عنه من خالل المطلب الثاني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬بعض أوجه دور نظام الزمن القانوني في تحقيق األمن التجاري‬

‫يتبين من خالل كل ما سبق أن المشرع التجاري وضع نظاما زمنيا تقمص دور القالب القانوني الذي‬
‫ينبغي أن تفرغ فيه اإلجراءات والمساطر المتبعة في حل النزاعات المرتبطة بقضايا التجارة‪ ،‬والتي‬
‫ينبغي أن تباشر ضمن الوقت المخصص لها قانونا العتبارات تعود إلى طبيعتها وإلى السرعة واالئتمان‬
‫التي تستلزمها تلك القضايا ‪ ، 269‬وذلك نظرا لألهمية التي يكتسيها ضبط اآلجال في تسريع وتبسيط‬
‫اإلجراءات‪ 270‬وضمان أجرأة المساطر المرتبطة بها (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫وبالمقابل فإن نظام الزمن القانوني التجاري رام تحقيق أهداف ال تقل أهمية عن سابقتها ويتعلق‬
‫األمر بالتقليل من المنازعات والدعاوى التي من شأنها أن تربك استقرار الحياة التجارية‪ ،‬وذلك بنظام‬
‫التقادم الخاص بالمادة التجارية والذي يختلف عن نظام التقادم المؤطر في القواعد العامة(الفقرة الثانية)‬
‫كل ذلك في سبيل إرساء معالم أمن قانوني في صيغته التجارية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬السرعة واالئتمان من خالل الضبط الزمني ألحكام المعامالت التجارية‪.‬‬

‫من المعلوم أن الوصول إلى الحق المتنازع فيه عن طريق السلطة القضائية يستلزم اتباع مجموعة‬
‫من اإلجراءات والمساطر القانونية‪ ،‬وكلما كانت هذه القواعد اإلجرائية بسيطة ومتسمة بالمرونة‬
‫والسرعة‪ ،‬ســهل الوصول إلى هذا الحق وكان لهذا الوصول قيمة‪ ،‬فعلى حد تعبير أحد الباحثين‪ ،271‬فإن‬

‫‪269‬بوشعيب الزموري‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.18 :‬‬


‫‪270‬عبد الحليم عد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.6 :‬‬
‫‪271‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.7:‬‬

‫‪56‬‬
‫الوصول إلى جزء من الحق في أقرب اآلجال خير من الوصول إلى الحق كله بعد طول مدة‪ ،272‬وإذا‬
‫كان هذا األمر ينطبق على كل المنازعات‪ ،‬فإن المنازعات المرتبطة بالميدان التجاري تكون األولى‬
‫بتوفير مساطر مبسطة مرنة وسريعة بعيدة كل البعد عن أي تعقيد‪ ،‬تستند إلى قوانين واضحة وشفافة‬
‫دون الدخول في متاهة من اإلجراءات التي ال تنتهي وال تؤدي إلى إيصال النتيجة المرجوة وهي إيصال‬
‫الحق إلى صاحبه في أقرب األوقات‪.‬‬

‫وبإلقاء نظرة شاملة على مختلف القوانين التجارية سواء الموضوعية واإلجرائية يتبين أن المشرع‬
‫التجاري المغربي راعى بشكل البأس به خاصية السرعة التي تقوم عليها المعامالت التجارية عموما‬
‫والتي تستدعي ضبط الحياة التجارية من كل جوانبها من خالل تبني نظام دقيق وضابط سواء في‬
‫إجراءات التقاضي التي ال يمكن في جميع األحوال أن تستغرق أكثر من ‪ 6‬أشهر‪ ،‬وال يمكن إنكار ما‬
‫ألهمية ضبط إجراءات التقاضي من تأثير إيجابي على مستوى الرفع من سرعة التقاضي والحث على‬
‫القيام باإلجراءات بصورة فورية‪ ، 273‬وهو ما يؤثر على صيرورة األعمال التجارية التي ستباشر من‬
‫جديد وفي و قت وجيز بحكم وضع حد لنهاية النزاع بين التجار مما يمكنهم من الرجوع والتفرغ لممارسة‬
‫أعمالهم التجارية في أقرب اآلجال‪ ،‬ولعل ذلك هو السر في تبني المشرع لهذا الضابط ذي الطبيعة‬
‫الكرونولوجية الذي استحكم في مختلف مراحل التقاضي أمام المحاكم التجارية‪ ،‬ابتداء من تاريخ إيداع‬
‫المقاالت االفتتاحية وانتهاء بمساطر التنفيذ‪.274‬‬

‫ولم يتوقف هاجس الضبط المتحكم في نظام الزمن القانوني التجاري والذي ينبني على السرعة‬
‫التي يشكل بالنسبة إليها الزمن عنصرا أساسيا كوحدة قياس عند حدود تنظيم اإلجراءات القضائية المتبعة‬
‫لمعالجة نزاعات التجار‪ ،‬وإنما انكب على تنظيم معا مالت هذه الفئة حتى قبل ولوجهم أسوار المحاكم‪.‬‬
‫وارتباطا بما سلف ذكره ومراعاة ألهمية الزمن في المعامالت التجارية أدخل المشرع التجاري تعديال‬
‫تمم بمقتضاه المادة ‪ 78‬من مدونة التجارة بموجب قانون ‪ 27532.10‬في باب تحت عنوان آجال األداء‪.‬‬

‫‪272‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬


‫‪273‬عبد هللا مخالف‪ ،‬اآلجال وفق قانون إحداث المحاكم التجارية‪ ،‬مقال منشور بمجلة قانون األعمال والمقاوالت اإللكترونية سنة ‪2014‬؛ تجدر‬
‫اإلشارة إلى أن هذا المقال في أصله يعود لصاحبه عبد الجبار بهم‪ ،‬مج‪ :‬المحامي‪ ،‬ع‪ ،47 :‬س‪ ،2004 :‬ص‪.52 :‬‬
‫‪ 274‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.56 :‬‬
‫‪275‬القانون رقم ‪ 32.10‬الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 11.147‬بتاريخ ‪ 16‬رمضان ‪ 1432‬الموافق ل ‪ 17‬غشت ‪ ،2011‬ج‪.‬ر‪ ،‬عدد ‪5984‬‬
‫بتاريخ ‪ 8‬ذو القعدة ‪ 1492‬الموافق ‪ 6‬أكتوبر ‪ 2011‬ص ‪.4930‬‬

‫‪57‬‬
‫وبمقتضى هذا القانون فإن زمن أطراف عالقة المديونية بات محسوما منذ البداية وهو الذي ال‬
‫يتعدى في جميع األحوال تسعين يوما كأقصى مدة‪ .‬بحيث عمل المشرع على ضمان أداء الديون التجارية‬
‫في أقصر اآلجال درء لما يمكن أن ينتج عن إهمال ذلك من صعوبات اقتصادية ونزاعات‪.‬‬

‫وقد حدد المشرع بموجب القانون السالف الذكر ‪ -‬بغض النظر عن المشاكل التي يثيرها في عالقته‬
‫بباقي قوانين التجارة األخرى‪ ،‬سنتطرق لها في الشق المتعلق بالتطبيق العملي‪ -‬في المادة األولى منه‬
‫عالقة المديونية بين التجار كأصلفي حالة عدم اتفاقهم‪ ،‬في ستين يوما‪ ،‬وفي حالة أعمالهم إلراداتهم فإن‬
‫األجل الذي ينبغي خالله على المدين أن يؤدي مقابل البضاعة أو تنفيد الخدمة ال ينبغي أن يتعدى في‬
‫جميع األحوال تسعين يوما‪ ،276‬لذلك عمل المشرع على وضع نضام زمني يتوخى ضمان أداء الديون‬
‫التجارية ضمن آجال قصيرة درء لما يمكن أك ينتج عن ذلك من صعوبات‪.277‬‬

‫إن االهتمام التشريعي بالبعد الزمني للحياة التجارية سواء على مستوى إجراءات التقاضي‬
‫المرتبطة بها‪ ،‬أو على مستوى العالقات العملية التي تربط التجار فيما بينهم‪ ،‬يبرز العناية الفائقة للمشرع‬
‫بالجسم التجاري ووعيه بأهمية ميدان يعرف فيه عنصر الزمن أهمية قصوى‪ ،278‬وفي نفس الوقت حاجة‬
‫هذا الميدان لعامل الزمن‪ ،‬وهي عناية تنم عن رغبة المشرع في تسييج المعامالت التجارية بنظام ضابط‬
‫لآلجال حماية لرؤوس ألموال وتحفيزا على االستثمار‪.279‬‬

‫والتي تقوم في حقيقتها على اإلمهال ومنح األجل للمسيرة في‬ ‫‪280‬‬
‫أما بالنسبة لخاصية االئتمان‬
‫عالقات التجار فيما بينهم‪ ،‬فقد أواله المشرع عناية خاصة من خالل تنظيمه بشكل متعدد لوسائل وتقنيات‬
‫االئتمان التجاري‪ ،281‬ذلك أنه حسب أحد الفقهاء‪ ،282‬االئتمان هو عصب التجارية‪ ،‬إذ الغالب أن العمليات‬
‫التجارية تعقد ألجل‪ ،‬فالبنك يقرض األموال سواء للتاجر أو لغير التاجر على أن تسدد في أجل معين‪،‬‬
‫وتاجر الجملة يبيع تاجر التقسيط على أن يسدد الثمن بأجل‪ ،‬والمصنِّع يبيع منتوجه للمورد أو لمصنِّع‬
‫آخر وفق نفس المبدأ‪ ،‬وهكذا يرتبط التجار فيما بينهم بعالقات متشابكة قوامها الثقة المتبادلة‪ ،‬فيكون كل‬
‫واحد منهم مدينا ودائنا في نفس الوقت‪.‬‬

‫‪276‬المادة ‪ 78‬مكرر ‪.1‬‬


‫‪277‬سعاد بنور‪ ،‬النظام القانوني للتاجر‪ ،‬طبعة ‪ ،2016‬الدار البيضاء‪ ،‬ص‪.92 :‬‬
‫‪278‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪ 279‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪280‬يقصد باالئتمان منح المدين أجال للوفاء بديونه؛ أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1 :‬‬
‫‪281‬فؤاد معالل‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.18 :‬‬
‫‪282‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫وكافة أطراف العمل ية التجارية هم في حاجة إلى االئتمان لمزاولة نشاطهم‪ ،‬فالمنتجون هم في حاجة‬
‫لالئتمان لتمويل استثماراتهم الصناعية‪ ،‬والتجار في حاجة إليه لشراء السلع التي سيعيدون بـيعها‪.283‬‬
‫وبالنظر لألهمية التي يكتسي ها االئتمان في الميدان التجاري والطبيعة الزمنية التي يتميز بها‪ ،‬بحيث أن‬
‫االئتمان ما هو في حقيقته إال إمهال زمني‪ 284‬إذ ال يخفى مدى االضطراب والخلل الذي يحدث في السوق‬
‫في حالة إخالل أحد التجار بالتزاماته‪ ،‬إذ سيؤدي ذلك إلى سلسلة متتابعة من االختالالت في المعامالت‬
‫التجارية‪.‬‬

‫وبالنظر لما لقيمة السرعة واالئتمان في المعامالت التجارية ومالهما من أثر في تحقيق األمن‬
‫القانوني التجاري‪ ،‬وعي المشرع بشكل جيد قيمته هاتين الخاصيتين‪ ،‬كما وعي أال مناص لتحقيقهما إال‬
‫عن طريق آلية الزمن القانوني المنظم‪ ،‬ونتيجة لذلك تدخل بموجب القانون الصرفي وكذا بموجب القانون‬
‫‪ 32.10‬السالف الذكر ليحدد زمن معامالت األطراف‪ ،‬كما تدخل بمقتضى قانون ‪ 53.95‬المحدث‬
‫للمحاكم التجارية لتنظيم زمن التقاضي أمام المحاكم التجارية‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك فإن مشرع مدونة‬
‫التجارة يقرر جزاءات صارمة توقع على من يخل بهذا االئتمان تتمثل في قساوة قانون الصرف‪ ،‬ومن‬
‫خالله الجزاءات التي تقرر في حالة اإلخالل بقطعية داللة قواعد الزمن الصرفي الذي سنعمل على‬
‫مناقشة فيما يلي ‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫القصير التقليل من المنازعات المخلة باستقرار‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬دور نظام التقادم‬
‫البيئة التجارية‬
‫ال يقوم التقادم في الواقع على أساس بحث‪ ،‬إذ أن مضي الزمن‪ ،‬بحسب األصل‪ ،‬ال يؤدي بذاته إلى‬
‫إحداث أي أثر قانوني‪ ،286‬إال أن مشرعي القوانين الوضعية‪ ،287‬ومنذ التشريع الروماني القديم إلى حدود‬

‫‪283‬فؤاد معالل‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.19 :‬‬


‫‪284‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.1 :‬‬
‫‪285‬للمزيد من االطالع‪ ،‬أنظر فاتن جمال مسعود‪ ،‬طبيعة الدفع بمرور الزمن‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ 286‬الرأي السائد في الفقه اإلسالمي أن اكتساب الحقوق أو سقوطها بالتقادم حكم ينافي العدالة واألخلق‪ ،‬ويكفي به أن يصبح الغاصب أو السارق‬
‫بحيازته مالكا لما غصب أو سرق بعدة مدة معينة‪ ،‬وأنه يحول بين الحق وصاحبة لتركه المطالب به مدة من الزمن‪ ،‬في حين أن الزمن ليس‬
‫من شأنه أن ينشأ حقا أو يسقط حقا‪:‬‬
‫علي الخفيف‪ ،‬الملكية في الشريعة اإلسالمية مع المقارنة بالشرائع الوضعية‪ ،‬م‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،‬دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س‪ ،1996 :‬ص ‪:‬‬
‫‪.256‬‬
‫‪ 287‬حسن محمود عبد الدائم عبد الصمد‪ ،‬التقادم وإسقاطه للحقوق‪ ،‬دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون المدني‪ ،‬م‪ :‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،2009 :‬ص‪.10 :‬‬

‫‪59‬‬
‫اآلن‪ ، 288‬والعتبارات معينة‪ ،‬اعتنقوا فكرة أن مضي مدة طويلة من الزمن يجب أن يؤدي إلى انقضاء‬
‫حق الدائن أو انقضاء الدعوى التي تحميه إذا ظل ساكتا طوال هذه المدة ولم يطالب به‪ ،‬فالزمن بطبيعته‬
‫يتغلب على كل شيء‪ ،‬وينال من المؤسسات والقوانين والكلمات ويهدم الحقوق كذلك‪ ،‬فيدفع بها إلى عالم‬
‫النسيان ويجعلها تتالشى لمجرد أنها بقيت راكدة مدة طويلة دون أن تستعمل أو يطالب بها‪،289‬فكل شيء‬
‫يجب أن يكون له نهاية‪ ،‬والزمن يجب أن يمحو كل شيء ‪.290‬‬

‫واالعتبارات التي استدعت إقرار هذا النظام متعددة في هذا السياق‪ ،‬يبقى أهمها هاجس استقرار‬
‫ومتطلبات الضرورات االجتماعية‪ ،‬فالتقادم ال يقوم على قرينة الوفاء أكثر مما يقوم على‬ ‫‪291‬‬
‫المعامالت‬
‫وفي هذا‬ ‫وجوب احترام األوضاع المستقرة التي مضى عليها من الزمن ما يكفي لالطمئنان إليها‬
‫‪292‬‬

‫الصدد يقول الفقيه الفرنسي جوسران‪ 293‬إن التقادم يضع نهاية لعدم االستقرار‪ ،‬ويحول دون رفع دعاوى‬
‫بأن إقرار نظام التقادم يقتضي الصالح‬ ‫‪294‬‬
‫ولت بردح من الزمن‪ ،‬ويرى جانب آخر من الفقهاء‬
‫االجتماعي الذي اطمئن لحاالت واقعية استقرت فترة من الزمن‪ ،‬وكذا حاجة المصلحة العليا إلى فرض‬
‫تحويل الواقع إلى حق حتى ولو قام هذا الواقع في مبدئه على غصب محض‪ ،‬ذلك أنه إذا لم يتقرر هذا‬
‫النظام لما انتهت المنازعات‪ ،‬ولما وضع حد للمشاحنات‪ ،‬و لعاش الناس في نزاع ال نهاية له وال آلخر‪.‬‬

‫وعليه فإن نظام التقادم يبدو ضرورة حتمية للمصلحة االجتماعية‪ ،‬إذ مثلما وجب وضع حد‬
‫للمنازعة في الحقوق وذلك بتقرير قوة ألمر المضي به‪ ،‬كذلك يجب وضع حد للمطالبة بالحقوق وذلك‬
‫بتقرير مبدأ التقادم‪.295‬‬

‫كما اعتبر جانب آخر من الفقهاء‪ ،‬أن التقادم يقوم على قرينة براءة ذمة المدين من الدين سواء ألنه‬
‫قام بالوفاء فعال وهذا ما يسمى بقرينة الوفاء‪ ،‬أو ألن الدائن قد قام بإبراء المدين من الدين‪ ،‬وهذا ما يسمى‬
‫بقرينة اإلبراء‪ ،‬وإال فما تبرير سكوت الدائن طوال هذه المدة عن المطالبة بدينه؟ وهو ما يثير اللبس‬

‫‪288‬حسن محمود عبد الدائم عبد الصمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.595 :‬‬


‫‪289‬مامون الكزبري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.516:‬‬
‫‪290‬حسن محمود عبد الدائم عبد الصمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.222 :‬‬
‫‪ 291‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.136 :‬‬
‫‪292‬فاتن جمال مسعود‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.19 :‬‬
‫‪293‬الجزء ‪،32‬الفقرتين ‪ 6 – 5‬؛ ذكره ‪ :‬حسن محمود عبد الدائم عبد الصمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.223 :‬‬
‫‪ 294‬عبد المنعم البدراوي‪ ،‬شرح القانون المدني في الحقوق المدنية األصلية‪ ،‬ط‪:‬الثانية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬س‪ ،1956 :‬ص‪.543 :‬‬
‫‪295‬حسني محمود عبد الدايم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.224 :‬‬

‫‪60‬‬
‫حول دافع سكوته بحيث أن سكوته هذا‪ ،‬إما ألنه استوفاه‪ ،‬أو ألنه ابرأ المدين منه‪ ،296‬ومن تم فإن رغبة‬
‫المشرع في إقرار نظام التقادم تكمن في عدم إرهاق المدين بمنع تراكم الديون عليه لسنوات مضت‪ ،‬لذلك‬
‫ورفعا للعنت عنه‪ ،‬يسقط منها ما مضى عيله من الزمن مدة طويلة‪.‬‬

‫ومن أجل كل هذه االعتبارات شرع نظام التقادم والذي يؤدي إلى إقرار أن مضي مدة من الزمن‬
‫على استحق اق الدين دون المطالبة به من قبل الدائن يمكن أن تؤدي إلى إسقاط هذا الحق أو إسقاط دعوى‬
‫المطالبة به ‪.297‬‬

‫وعليه فإذا كان هذا هو مقدار الضرورة الملحة لنظام التقادم في المادة المدنية التي تتميز مدة التقادم‬
‫فيها بالطول‪ ،‬فإن المادة التجارية أولى وأحوج إلى هكذا نظام‪ ،‬بل األكثر من ذلك‪ ،‬وإلدراك المشرع‬
‫التجاري المغربي على غرار باقي التشريعات المقارنة‪298‬أهمية نظام التقادم القصير في المادة التجارية‪،‬‬
‫وحاجة هذه األخيرة إليه‪ ،‬فإنه وضع نظاما خاصا للتقادم التجاري يستجيب لخصوصية المادة التجارية‬
‫بكل مقوماتها والتي يبقى أهمها االطمئ نان للوضع الظاهر الذي يعد عمود الحياة التجارية‪ ،‬والذي يستمد‬
‫مشروعيته من خاصية السرعة واالستقرار الذي يطبع هذا النوع من المعامالت التي كانت بحكم طبيعتها‬
‫الدافع الرئيسي وراء ضرورة تقصير آجال التقادم‪ ، 299‬ومن مظاهر هذه الخاصية التي استدعت اعتماد‬
‫نظام زمني قصير ف ي تقرير التقادم التجاري‪ ،‬أنه في كثير من األحيان تباع السلع قبل شرائها‪ ،‬وعند‬
‫شرائها تسلم من البائع األول إلى المشتري الثاني‪ ، 300‬وهو ما يحمل على طرح تساؤل عريض في هذا‬
‫السياق‪ ،‬أليست هذه المعطيات أدعى إلى وضع نظام للتقادم كفيل بضمان استقرار المعامالت البيئة‬
‫التج ارية وهادف إلى التقليل من المنازعات المعرقلة للمسير التجاري سواء أمام القضاء أو في الواقع‬
‫العملي‪..301‬؟؟‪.‬‬

‫‪296‬جالل محمد ابراهيم‪ ،‬انقضاء االلتزام‪ ،‬طبعة ‪ ،1995‬ص ‪218-217‬؛ ذكره‪ :‬حسني محمود عبد الدائم عبد الصمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.225 :‬‬
‫‪297‬حسن محمود عبد الصمد عبد الدايم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.227 :‬‬
‫‪298‬المادة ‪ 350‬من قانون الموجبات والعقود اللبناني التي حددت التقادم التجاري في خمس سنوات‪.‬‬
‫من القانون المدني الفرنسي التي حددت التقادم في المعامالت التجارية في‬ ‫‪-‬المادة‬
‫‪299‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.136 :‬‬
‫‪300‬فؤاد معالل‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.17 :‬‬
‫‪ 301‬حيث أثبتت الحياة العملية كثيرة الدعاوى التي ال فائدة ترجى منها سوى عرقلة سيرورة الحياة العلمية للمحاكم التجارية من جهة ‪ ،‬وتشوية‬
‫سمعة التجار في البيئة التجارية من جهة ثانية‪ ،‬خاصة وأن اإلهمال يكون من جانب الدائن الذي ماطل وأهمل المطالبة بدينه داخل األجل‬
‫المحدد‪ ،‬والتي يتكون في نهاية المطاف مآلها الرفض بسبب تمسك صاحب الحق (المدين) بالتقادم المسقط ؛ قرار صادر‪....‬‬

‫‪61‬‬
‫وبالرجوع إلى المقتضيات المنظمة لقواعد التقادم التجاري‪ ،‬والتي تتأرجح المدد المكرسة من‬
‫يتبين أن المشرع التجاري راعي‬ ‫‪304‬‬
‫إلى ‪ 5‬سنوات‬ ‫‪303‬‬
‫ثم سنة وثالث سنوات‬ ‫‪302‬‬
‫خاللها بين ‪ 6‬أشهر‬
‫بشكل نسبي هاجس استقرار المعامالت التجارية الذي يقتضي تمكين التجار من التخلص من التزاماتهم‬
‫خالل أجل قصير خالفا لما عليه األمر بالنسبة لاللتزامات المدنية‪ .305‬وهو ما حمله على وضع نظام‬
‫خاص للتقادم التجاري قوامه قواعد قانونية ترمي إلى تليين آلية التقاضي وجعلها منسجمة مع محيطها‬
‫االجتماعي واالقتصادي الذي استحكم في مجرياته الشعور بقيمة الزمن‪306‬وفاعليته في حسم المنازعات‬
‫بين النشطاء االقتصاديين وكذا حسم النزاعات بين التجار وغير التجار وفق نفس المقتضيات التي حددها‬
‫مشرع نظام التقادم التجاري‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن ضرورة االستقرار و ما يستلزمه من سرعة في المعامالت التجارية هي التي تفرض‬
‫تقصير آجال التقادم في هذه المادة‪ ،‬السيما وأن السائد في الميدان التجاري أن الدولة التجارية تحتم على‬
‫الفاعلين فيها –التجار‪ -‬أن يطالبوا أو يوفوا بالديون التي لهم أو عليهم داخل مدة قصيرة‪.307‬‬

‫وعلي ه‪ ،‬فمن خالل كل مما سلف ذكره تبرز طبيعة العالقة الوطيدة التي تربط بين نظام الزمن في‬
‫المادة التجارية‪ ،‬ومقومات األمن القانوني التجاري المتمثلة في السرعة واالئتمان‪ ،‬وعنصر الضبط‬
‫الزمني الرامي إلى تحقيق استقرار في المعامالت القانونية التجارية‪ ،‬بحيث يعمل نظام الزمن المنظم‬
‫على المساهمة في ضبط أسس السرعة واالئتمان‪ ،‬وكذا إلى التقليل من المنازعات المخلة باالستقرار‬
‫التجاري من خالل قواعد قانونية تشكل أعمدة لصرح نظام الزمن القانوني في المادة التجارية‪ ،‬وبتأدية‬
‫هذا األخير لهذا الدور‪ ،‬فإنه ال محالة يسهم في ضمان األمن القانو ني في صيغته التجارية والذي يعد‬
‫العمود الفقري للقواعد القانونية في الوقت ذاته‪ ،‬مادام أنه ال حديث عن قيمة القاعدة القانونية إال بالنظر‬
‫التي بطبيعتها ممتدة في الزمن‪.‬‬ ‫‪308‬‬
‫إلى درجة استقرارها ومدى حمايتها لألوضاع القانونية‬

‫‪302‬المادة ‪ 295‬والفقرة الثالثة من المادة ‪ 228‬من مدونة التجارة اللتين تقضيا بتقادم الدعاوى الصرفية بحسب األحوال بمضي ستة أشهر‪.‬‬
‫‪ 303‬المادة ‪ 228‬التي تقضي بأن جميع الدعاوى الناشئة عن الكمبيالة تتقادم بمضي ثالث سنوات ابتداء من تاريخ االستحقاق‪.‬‬
‫‪304‬المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة التي تقضي بأن دعاوى التجار فيما بينهم وفيما بينهم وبين غيرهم تتقادم بمضي خمس سنوات‪.‬‬
‫‪305‬امحمد الفروجي‪ ،‬التاجر وقانون التجارة بالمغرب‪ ،‬م‪ :‬النجاح الجديدة‪ ،‬ص‪.360 :‬‬
‫‪306‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.43 :‬‬
‫‪307‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬التقادم في المادة التجارية‪ ،‬ص‪.59 :‬‬
‫‪308‬أحالم عارف‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.33 :‬‬

‫‪62‬‬
‫وإذا كان هذا يعكس دور النظام الزمني في ال مادة التجاري ومدى تحقيقه لألمن القانوني التجاري‬
‫بعد تحديد أساساته على هذا المستوى‪ ،‬فأي د ور للنظام الزمني القانوني التجاري في تحقيق األمن‬
‫القضائي في المادة التجارية؟‪ .‬هذا ما سنجيب عنه في المبحث الموالي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬دور نظام زمن المادة التجارية في تحقيق األمن القضائي‬
‫التجاري‬
‫بشكل عام وعلى مستوى جميع الميادين‪ ،‬لم يحظ مصطلح األمن القضائي بنفس الدراسة التي‬
‫حضي بها األمن القانوني‪ ،‬وهو األمر الذي جعل بعض الفقهاء يتساءل إن كان سبب ذلك راجع إلى كون‬
‫هذا األخير يستغرق األمن القضائي ويحتويه‪ ،‬أم أن ذلك راجع لحداثة استعمال المصطلح؟‪.309‬‬

‫وبغض النظر عن صحة هذا االفتراض أو ذاك ‪ ،‬فإن األمن القضائي يعني الثقة في المؤسسة‬
‫القضائية واالطمئنان إلى ما يصدر عنها من أحكام وقرارات وأوامر حماية لحقوق األفراد‪ ،310‬وتحقيق‬
‫ذلك رهين بتوفر مجموعة من المبادئ األساسية‪ ،‬يبقى أهمها سهولة الولوج إليه بما يستتبع ذلك من تنظيم‬
‫سيما من حيث التنظيم الزمني ألطوار المسطرة بالخصوص‪ ،‬انتهاء بجودة وفعالية‬ ‫‪311‬‬
‫لحق التقاضي‬
‫األحكام الصادرة عنه السيما على مستوى اإلسراع في تنفيذها‪ ،‬وفي الميدان التجاري لتحقيق كل ما‬
‫سلف ذكره‪ ،‬البد أن يتم في ظل ما تستلزمه خصوصية نظام الزمن المؤطر للمادة التجارية‪ ،‬وفي محاولة‬
‫الستكمال منظومة األمن من داخل المادة التجارية‪ ،‬واستجالء الدور الذي يؤديه احترام القواعد المنظمة‬
‫لعنصر الزمن في سبيل تحقيق األمن القضائي على اعتبار أن درجة األمن في هذه المادة تقاس بالسرعة‬
‫التي تحددها قواعد قانونية من ظمة لمدد زمنية قصيرة‪ ،‬فإن فكرة الحديث عن هذا المفهوم األخير باتت‬
‫حتمية وتفرض ذاتها بقوة على غرار األمن القانوني التجاري رغبة في إخراجه من بؤرة األمن القضائي‬
‫بشكل عام ‪ ،‬الذي يجعل من صميمه ضمانة تطبيق القانون في إطار سيادة الديمقراطية وحماية حقوق‬
‫اإلنسان والحريات العامة‪.312‬‬

‫‪309‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬مبدأ األمن القانوني وضرورة األمن القضائي‪ ،‬مج‪ :‬الملحق‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.26 :‬‬
‫‪310‬فاطمة الزهراء السائح الجوهري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.37 :‬‬
‫‪ 311‬محمد النجاري‪ ،‬القضاء المستقل القوي قاطرة للتنمية‪ ،‬الندوة الوطنية حول الخطاب الملكي ومدونة القيم القضائية‪ ،‬مجلة الودادية الحسنية‬
‫للقضاة‪ ،‬ع‪ ،2 :‬ص ‪.24 :‬‬
‫‪312‬تقرير جمعية عدالة األمن القضائي وجودة األحكام‪ ،‬م‪ :‬دار القلم‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،2013 :‬ص ‪.5 :‬‬

‫‪63‬‬
‫ومن أجل مالمسة ذلك سنحاول الوقوف عند مفهوم األمن القضائي في المادة التجارية وأسسه من‬
‫خالل منظومة الزمن التجاري (المطلب األول)‪ ،‬ثم نتطرق بعد ذلك إلى الحديث عن بعض أوجه أدوار‬
‫نظام الزمن القانوني التجاري في تحقيق األمن القضائي في المادة التجارية ( المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم األمن القضائي التجاري وأسسه‪.‬‬

‫على غرار ما سرنا عليه في شأن الحديث عن تحديد مفهوم األمن القانوني واألساسات التي يقوم‬
‫عليها من حيث ضرورة تمحيص منظومة الزمن القانوني التجاري‪ ،‬فإن الوقوف على مفهوم األمن‬
‫القضائي التجاري في محاولة للتأصيل له ورصد أسسه يقتضي نهج نفس األسلوب‪.‬‬

‫وعليه سنسترسل في الحديث عن مفهوم األمن القضائي التجاري من خالل منظومة الزمن‬
‫التجاري(فقرة أولى) ثم نتحدث عن أسس هذا المفهوم من خالل ذات المنظومة(فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األمن القضائي التجاري من خالل منظومة الزمن في المادة التجارية‬

‫نظم المشرع التجاري زمن التقاضي تنظيما دقيقا‪ ،‬سواء من حيث ابتداء سريانه أو من حيث حدود‬
‫انتهائه‪ ،‬وكل ذلك يهدف خدمة خاصية السرعة واالئتمان وضمان استقرار البيئة التجارية من أجل خلق‬
‫مناخ تجاري صحي وسليم بغرض تحقيق تنمية اقتصادي ة‪ ،‬وال يتحقق ذلك إال بالعمل على مقومات تبعث‬
‫الثقة في المؤسسة القضائية‪ ،‬وتضمن بالتالي ترسيخ مفهوم األمن القضائي الذي يهدف إلى اطمئنان‬
‫المتقاضين إلى القضاء‪ ، 313‬وذلك انطالقا من كون القضاء يتحمل دورا أكثر حيوية في مسلسل تطبيق‬
‫القانون حتى يبعث الحقيقة في النص القانوني ‪.314‬‬

‫وتعد النصوص القانونية المنظمة ل نظام الزمن في المادة التجارية سواء فيما يتعلق بزمن التقاضي‬
‫أو زمن األطراف أداة المقاس األساسية لتقييم درجة األمن القضائي من خالل قدرة القاضي على مباشرة‬
‫مهامه وهو محكوم بضابط السرعة التي يتطلبها الميدان التجاري والتي صيغ نظام زمني قصير دقيق‬
‫استجابة له‪.‬‬

‫‪313‬أحالم عارف‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.85 :‬‬


‫‪ 314‬سعيد بناني‪ ،‬عولمة االقتصاد ودور القضاء االجتماعي في التنمية‪ ،‬ندوة "عمل المجلس األعلى والتحوالت االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مج‪:‬‬
‫المجلس األعلى‪ ،‬الرباط ‪ 20 – 18‬دجنبر‪ ،‬س‪ ،1997 :‬ص‪.528 :‬‬

‫‪64‬‬
‫وإ ذا كانت المهمة الحمائية للقضاء هي الجانب الطاغي في النظرة إلى األمن القضائي‪ ،315‬فإن هذه‬
‫الحماية تقييم بمدى تصدي القضاء لخطورة عنصر الزمن على حقوق األفراد سيما على مستوى‬
‫اجتهاداته وتأويالته فيما يتعلق بالزمن القانوني الواجب التطبيق‪316‬بين كل من الزمن العام والزمن‬
‫الخاص‪ ،‬بحيث أن أي خلل في تأدية القضاء للمهام السالفة الذكر‪ ،‬تكون له آثار سلبية أساسها ضعف‬
‫الثقة في المؤسسة القضائية‪ ،‬الشيء الذي يؤثر في األحكام الصادرة عن هذه األخيرة وبالتالي ضعف‬
‫التنمية االقتصادية التي أصبحت تفرض بحدة سيادة األمن القانوني وتفعيله باألمن القضائي‪ ،‬ومنه فأن‬
‫القضاء ال يمكن أن يحقق دوره إال بتكريس مبادئ السرعة والضبط في الميدان التجاري بناء على‬
‫القواعد القانونية المؤطرة للنظام الزمني في المادة التجارية‪ ،‬وهو ما يؤكد ضرورة ترجيح الزمن‬
‫القانوني الخاص بالمادة التجارية دون غيره لما تمتاز به المادة التجارية في النظام القضائي المغربي‬
‫كونها تختص بمساطر وإجراءات تخرج في طبيعتها عن القواعد العامة لتخصيصها بطبيعتا السرعة‬
‫واالئتمان‪.317‬‬

‫وعلى غرار األمن القانوني‪ ،‬فإن ل ألمن القضائي في المادة التجارية بدوره أساسات ومقومات‬
‫تشكل عموده الفقري لترسيخه‪ ،‬فاألمن القضائي مرتبط ارتباط فرع وأصل بعمل القاضي التجاري الذي‬
‫ال يخرج في شموليته إ ما عن تطبيقه للنص القانوني عموما والمؤطر لمنظومة الزمن التجاري بوجه‬
‫خاص بشكل مباشر بما تستوجبه مهام السلطة القضائية وقواعد إجراءاتها‪ ،318‬وإما عن طريق االجتهاد‬
‫الذي يعد في جوهره تأويل للقاعدة القانونية المكتوبة‪ ،‬وهو في هذا اإلطار يدخل في باب ابتكار القاضي‬
‫بهدف خدمة االستقرار القانوني من منطلق عدم كفاية القاعدة القانونية بهيئتها التي‬ ‫‪319‬‬
‫للقاعدة القانونية‬
‫هي عليها على تناول األحداث والتطورات في حاالت استثنائية بحثة‪ ،‬أو نتيجة تطورات وظروف‬

‫‪315‬عبد المجدي اغميجة‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.22 :‬‬


‫‪316‬انظر اإلشكالية المثارة بخصوص تضارب المفاهيم حول تطبيق الزمن الخاص والزمن العام‪.‬‬
‫‪ -‬حكم المحكمة التجارية بمراكش في صعوبات المقاولة‪،‬ع‪ ،24:‬صادر بتاريخ‪ ،2015/02/10:‬ملف ع‪(.123/15/14:‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة االستئناف التجارية بفاس في األوراق التجارية‪ ،‬رقم‪ ،1630:‬الصادر بتاريخ‪ ،2010/11/09‬ملف عدد‪ ،1032/2010‬م‬
‫س‪.‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض في مادة العقود التجارية‪ ،‬محكمة النقض‪ ،‬قرار رقم‪ ،381:‬الصادر بتاريخ‪ 03‬يوليوز ‪ ،2014‬ملف تجاري‬
‫عدد‪ ،2012/1/3/624‬م س‪.‬‬
‫‪317‬أحالم عارف‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.108 :‬‬
‫‪ 318‬محمد عبد الكريم العبسي‪ ،‬األمن القضائي‪ ،‬مج‪ :‬العدل السعودية‪ ،‬منشورات وزارة العدل والحريات المغربية‪ ،‬مصلحة الوثائق رقم ‪، 73.02‬‬
‫ص ‪.2 :‬‬
‫‪319‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.25 :‬‬

‫‪65‬‬
‫خاصة‪ .320‬وتبقى التأويالت القضائية للنصوص القانونية المنظمة لعنصر الزمن من أخطر التأويالت‬
‫التي تهدد األمن القضائي التجاري مما يستوجب مراعاة أسس ومقومات هذا األخير من طرف جهاز‬
‫القضاء التي سنتعرف عليها في النقطة الموالية‪.‬‬

‫ال فقرة الثانية ‪ :‬أسس األمن القضائي التجاري من خالل منظومة الزمن في المادة التجارية‬

‫انطالقا من كون األمن القضائي ينبني على ما يتوصل إليه القضاء من مستوى جيد في تطبيق القاعدة‬
‫القانونية تطبيقا سليما يستحضر الفلسفة التشريعية التي صيغت من أجلها من قبل المشرع‪ ،‬سواء أكان‬
‫األمر يتعلق بتطبيق آلي للنص القانوني‪ ،‬أو من خالل اجتهاد القاضي بحسب واقع كل نازلة عرضت‬
‫عليه تزكية لفرضية أن القانون الحي هو الذي تصنعه المحاكم‪ ،321‬فإن هذا االجتهاد وهذا التطبيق ينبغي‬
‫أن تتوفر فيه القابلية للتوقع‪ ،‬ألن األفراد يدخلون في عالقات تحت ظل قواعد محددة‪ ،‬غير أنهم يجدون‬
‫أنفسهم بعد ذلك أمام اجتهاد قضائي مبني على فهم غير الذي كان يفترض أن تفهم في سياقه تلك القواعد‪.‬‬

‫إن قابلية التوقع في الحكم القضائي على مستوى تطبيق النص المنظم لإلطار الزمني باألساس‬
‫بالر غم من افتراضها ليست بالسهولة المتصورة‪ ،‬ذلك أن الوقائع المثارة أمام القضاء حبلى بالمفاجآت‬
‫سواء من حيث شهادة الشهود أو من حيث ما تفرزه الخبرات التقنية التي تصور الواقع القانوني كما هو‪،‬‬
‫بحيث يساهم كل ذلك في قلب أي توقع في القضية رأسا على عقب‪ ،‬كما حصل في الحكم التجاري‬
‫السالف الذكر في مادة صعوبات المقاو لة الذي مدد فترة الريبة إلى ست سنوات بدل ‪ 18‬شهرا المحددة‬
‫بنص القانون‪ ،‬استنادا للتقرير الذي أعد من قبل الخبير‪ .‬ووعيا بهذه الصعوبة التي ترافق االجتهاد‬
‫القضائي‪ ،‬الذي يمكن أن يكون أساس األمن خاصة في كيفية تعامله مع المقتضيات المنظمة لعنصر‬
‫الزمن‪ ،‬كما يمكن أن يكون المهدد األول لهذا المبدأ‪ ،‬فإن محكمة النقض المغربية في تقريرها السنوي‬
‫لسنة ‪ ، 3222011‬لجأت إلى اتباع تقنيتين يمكن اعتبارهما مقومان أساسيان لتحقيق األمن القضائي‬
‫عموما‪ ،‬ونرى األمن القضائي التجاري حري بتبنيهما وهما ‪:‬‬

‫‪-1‬تأمين االنسجام القانوني والقضائي وحماية مبدأ الثقة المشرعة‬

‫‪-2‬تامين الجودة في الحكم أو القرار القضائي‬

‫‪320‬صالح الناهي‪ ،‬وآخرون‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.25 :‬‬


‫‪321‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.26:‬‬
‫‪322‬محمد خضراوي‪ ،‬األمن القضائي من خالل محكمة النقض‪ ،‬اآلليات والتجليات‪ ،‬التقرير السنوي لسنة‪ ،2011 :‬ص‪.61 :‬‬

‫‪66‬‬
‫فبالنسبة لتأمين االنسجام القانوني وحماية مبدأ الثقة المشروعة فإنه يستوجب بالضرورة إعالم‬
‫الفاعلين القضائيين والمخاطبين بالقانون على حد سواء‪ ،‬بأي تغيير في االجتهاد القضائي من شأنه أن‬
‫يحدث اضطرابا بهذا االنسجام أو يهدد حماية الثقة المشروعة‪ ،‬وهو ما تم تكريسه من خالل تقرير سنوي‬
‫ألعلى هيئة قضائية في البلد‪ ،‬وذلك في انتظار اتخاذ خطوة في اتجاه إصالح التشريع من طرف‬
‫المشرع‪ ،323‬وتكريس هذا االجتهاد لجعله بمثابة قانون‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمقوم الثاني المتعلق بتأمين جودة األحكام‪ ،‬فيبدو أن هذا التأمين له ارتباط وثيق بعنصر‬
‫الزمن‪ ،‬ذلك أن ضمان تأمين األحكام ينبثق بدرجة أولى عن الحد في الزمن من سلبيات األثر الرجعي‬
‫لالجتهاد القضائي والذي قد يكون تهديدا حقيقيا لألمن القضائي ومن خالله القانوني مما يفرغ األنظمة‬
‫القانونية من محتواها وينسف األهداف التي ابتغت تحقيقها‪.‬‬

‫إن قساوة االجتهاد القضائي في األحوال التي يخل فيها بضوابط األمن القضائي ومبادئه أغلبه‬
‫مرتبط بعنصر الزمن‪ ،‬غير أن احترام هذا العنصر قد يتم اإلخالل به من طرف القضاء مثلما يتم‬
‫اإلخالل به من طرف المتقاضين‪ ،‬وإذا كان إخالل هؤالء ال يؤثر في األمن القضائي من منطلق المبدأ‬
‫القائل بأال أحد يعذر بجهل القانون‪ ،‬فإن اإلخالل به من طرف القضاء اجتهادا أو تأويال‪ ،‬يعد عين‬
‫اإلخالل بهذا المبدأ‪ ،‬خصوصا وأن المادة التجارية تنبني على ما ينظمه الزمن القانوني من مقتضيات‬
‫وأحكام‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬بعض تجليات دور نظام الزمن التجاري في تحقيق األمن القضائي في المادة‬
‫التجارية‪.‬‬

‫إذا كان األمن القانوني في المادة التجارية‪ ،‬قوامه خاصيتي السرعة واالئتمان‪ ،‬والتقليل من‬
‫المنازعات اللتين يهدف إلى تحقيقهما من خالل منظومة الزمن القانوني التجاري‪ ،‬وفق ما يتضمنه من‬
‫مقتضيات صيغت أساسا لهذا الغرض‪ ،‬فإن األمن القضائي ينبغي أن يقاس بدوره من هذا المنطق‪.‬‬

‫ولما كان دور القضاء يؤدى من خالل مهامه سواء على مستوى زمن التقاضي أو على مستوى‬
‫زمن األطراف‪ ،‬فإن تقييم مدى مساهمة نظام الزمن هذا في تحقيق األمن القضائي التجاري سيتم انطالقا‬
‫من ا لزمنين السالفين الذكر‪ ،‬والستجالء هذا الدور سنحاول الكشف عن دور القاضي في تفعيل زمن‬

‫‪323‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.27 :‬‬

‫‪67‬‬
‫األطراف بما يحقق أمنا قضائيا (فقرة أولى) ثم نتطرق بعد ذلك لدور القاضي في تفعيل زمن التقاضي‬
‫بما يحقق ذات الهدف (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬األمن القضائي التجاري من خالل دور القاضي في تفعيل زمن األطراف‬
‫يقصد بزمن األطراف الزمن القانوني المحدد بنص القانون‪ ،‬والذي يترك بمقتضاه ألطراف‬
‫المعاملة المخاطبين به حرية األخذ بكثيره أو قليله‪ ،‬بما ال يربك استقرار المعامالت أو يؤدي إلى خرق‬
‫السقف القانوني األقصى من حيث الزمن في حالة تحديده من طرف المشرع‪.‬‬

‫ويكمن دور القاضي في تفعيل زمن األطراف بما يحقق سرعة المعامالت وحماية عنصر االئتمان‬
‫للتقليل من المنازعات في المستقبل في المهام الرقابية لجهاز القضاء على المواقيت المحددة قانونا‪،324‬‬
‫والتي ينبغي ألطراف المعامالت أن يباشروا تصرفاتهم في ظل خضوعهم لها‪ ،‬كما يكمن دور القضاء‬
‫في تفعيل زمن األطراف من خالل المهام التوجيهية التي يعمد بمقتضاها القاضي إلى تحديد المدة الزمنية‬
‫التي ينبغي أن يتم إلجراء داخلها‪ .‬ويترتب على سلطة الرقابة والتوجيه المخولة للقاضي حث األفراد‬
‫على التدقيق في احترام نظام زمن المعامالت بما يسهم في ضبط اإلجراءات والتسريع من وثيرتها على‬
‫الوجه الذي يكفل فعال السرعة في إنجاز المعامالت أخذا بعين االعتبار ارتباط هذه المعامالت مع بعضها‬
‫البعض‪.325‬‬

‫وبالتالي تحقيق نوع من األمن القضائي التجاري الذي يسوق له عن طريق السوابق القضائية‬
‫‪326‬‬

‫المتبلورة أساسا في العمل القضائي الرامي إلى مراقبة وتوجيه تحديد النطاق الزمني ألطراف المعاملة‬
‫التجارية‪ ،‬بحيث يكون لهذه الرقابة وهذا التوجيه خاصية الردع واالحتراز المسبق تجنبا ألي خرق‬
‫محتمل لزمن المعامالت‪.‬‬

‫إن تحقيق ما سلف ذكره من منطلق اهتمام التشريع التجاري بزمن المعامالت وتنظيمه تنظيما‬
‫محكما‪ ،‬لين م عن وعي المشرع بأهمية عنصر الزمن في الميدان التجاري ككل‪ ،‬وبقيمة احترام القواعد‬
‫المنظمة له من جهة وخطورة اإلخالل بها من جهة أخرى‪ .‬وذلك الرتباط هذا العنصر بكل مقومات‬
‫العمل التجاري التي تجعل السرعة واالئتمان واستقرار المعامالت من صميمها‪ ،‬وما يزكي هذا الوعي‬
‫هو إيكال تفعيل هذه المقتضيات والسهر عليها إلى جهاز القضاء الذي يتبو أ دور الريادة في تحقيق كل‬

‫‪324‬انظر المادة ‪ 78‬مكرر ‪ 2‬السالفة الذكر‪.‬‬


‫‪325‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪326‬عز الدين بنستي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.41 :‬‬

‫‪68‬‬
‫ذلك‪ ،‬وبالتالي ضمان أمن قضائي ذو بعد رقابي توجيهي في المادة التجارية ولو من خارج أصوار‬
‫المحاكم من منطلق السهر على تأمين المعامالت التجارية بما يحقق عدالة متميزة بقربها وببساطة‬
‫مساطرها وسرعتها ونزاهة أحكامها‪ ،327‬على اعتبار أن المتضرر من خرق زمن المعامالت يكون‬
‫مالذه القضاء في نهاية المطاف‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬األمن القضائي التجاري من خالل دور القضاء في تفعيل زمن التقاضي‬

‫يقصد بزمن التقاضي ذلك العمر االفتراضي الذي يستغرق إلنهاء الخصومة القضائية‪328‬ابتداء من‬
‫تاريخ إيداع المقاالت االفتتاحية وانتهاء بمساطر التنفيذ‪ ،‬وقد نظم المشرع كل مراحل زمن التقاضي أمام‬
‫المحاكم التجارية بمقتضى قانون ‪ 53.95‬من خالل مجموعة من القواعد القانونية ذات الطبيعة الزمنية‪،‬‬
‫بحيث ال تكاد تخلو قاعدة من تلك القواعد إال وتضمنت مقتضى يستهدف تأثيث إجراءات التقاضي‬
‫بالوجه الذي ينبغي أن تمارس به من طرف المتقاضين بما يضمن استشعار الرقابة القضائية على هذا‬
‫المستوى‪ ،‬أو حتى من طرف القاضي فيما يتعلق بتفعيل مقتضيات اإلحالة الفورية أو تحديد الجدوالت‬
‫الزمنية للجلسات‪ ،‬وهوما يثبت بما يدع مجاال الشك حرص المشرع على ضمان خاصيتي السرعة‬
‫والفعالية التي تطبع على المحاكم التجارية على مستوى البت في النزاعات المعروضة عليها‪ .329‬والشك‬
‫أن التفعيل الجيد لتسريع وثيرة اإلجراءات القضائية من خالل السلطة الرقابية التي يمارسها القاضي على‬
‫زمن المسطرة من بدايتها إلى نهايتها لها آثار إيجابية على تقوية وترسيخ خاصيتي السرعة واالئتمان‬
‫اللتين تستدعيهما البيئة التجارية‪ ،‬مما يزيد من إشاعة الثقة في جهاز القضاء التجاري لدى المرتفقين‬
‫وبالتالي ضمان تحقيق مبدأ األمن القضائي في المادة التجارية الذي يعكس بصيغة أخرى زيادة مؤشر‬
‫في النظام القانوني المؤطر لعنصر الزمن القانوني التجاري‪.‬‬ ‫‪330‬‬
‫الجودة‬

‫إن ما يعزز هذا التفعيل من طرف القضاء الذي يباشر سلطة رقابية وتوجيهية في ذات اآلن على‬
‫زمن المسطرة‪ ،‬ويساهم بالتالي في زيادة األمن قضائي التجاري هو خضوع قاض أول درجة إلى رقابة‬
‫سلطة قضائية عليا‪ ،‬سواء بالمراجعة االستئنافية لمنطوق الحكم تصحيحا ألي خلل يمكن أن يكون قد‬
‫تسرب إليه على مستوى محكمة أول درجة‪ ،‬أو بمراقبة أعلى هيئة في الهرم القضائي التي تستهدف تقييم‬

‫‪327‬الخطاب الملكي الموجه لممثلي األمة بمناسبة افتتاح الدور التشريعية في أكتوبر ‪.2010‬‬
‫الموقع اإللكتروني‪.www.parlement.ma/ar/2011-20 :‬‬
‫‪328‬لبنى فريالي‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ 329‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.80 :‬‬
‫‪330‬فاطمة الزهراء السائح الجوهري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.67 :‬‬

‫‪69‬‬
‫مدى تطبيق القانون بشكل سليم من عدمه‪ ،‬وهو ما يمكن تسميته برقابة الرقابة على التفعيل القانوني الذي‬
‫يباشر على زمن المسطرة‪.‬‬

‫وعليه من خالل ما سبق يتبين أن المشرع التجاري تناول بشيء من التنظيم في تأطيره لزمن‬
‫التقاضي‪ ،‬وذلك وعيا منه بأهمية هذا التنظيم في حماية خاصية السرعة واالئتمان‪ ،‬وحسم المنازعات‬
‫التجارية في أقصر األ وقات استهدافا الستقرار المعامالت لجعل هذه الخصائص من صميم ما تمتاز به‬
‫المحاكم التجارية في النظام القضائي المغربي‪.331‬‬

‫إن استعراض قواعد ومقتضيات نظام الزمن القانوني التجاري بما يكتسيه من أهمية‪ ،‬وبما يشتمل‬
‫عليه من خصوصيات ويتميز به من طبيعة‪ ،‬جعلته ينفرد عن غيره من األنظمة الزمنية‪ ،‬في باقي فروع‬
‫القانون األخرى‪ ،‬حملنا على ضرورة المحاولة لكشف عن األبعاد الفلسفية لهذا النظام والدوافع التي‬
‫حملت المشرع سيرا على نهج باقي التشريعات المقارنة على تخصيص المادة التجارية بنظام زمني‬
‫خاص‪ ،‬والتي رصدناها جازمين أنها ما كرست إال خدمة لخصائص السرعة واالئتمان واستقرار‬
‫المعامالت في البيئة التجارية‪ ،‬وما يعزز هذا االفتراض هو المدد القانونية التي تم تبنيها في إطار هذا‬
‫التنظيم‪ ،‬والتي تتميز بالقصر في المدى سواء فيما يخص زمن التقاضي أو زمن األطراف‪.‬‬

‫ومما الشك فيه أن المخاطبين بقواعد هذا النظام يشكل بالنسبة إليهم ميزان مقاس لدرجة االمن‬
‫بنوعيه القانوني والقضائي من خالل مدى ضمانه للخصائص السالف ذكرها في البيئة التجارية من عدمه‬
‫على مستوى المعامالت وعلى مستوى مدى مساهمة مسطرة التقاضي في تحقيقها‪.‬‬

‫فاألمن القانوني هو العمود الفقري للقاعدة القانونية مادام أنه ال حديث عن قيمة هذه القاعدة إال‬
‫بالنظر لدرجة استقرارها وحمايتها لألوضاع‪ .332‬واألمن القضائي بات هو المعيار لقياس منظومة الدولة‬
‫خاصة‬ ‫‪333‬‬
‫القضائية لمعرفة االنطباع الذي يخلف في نفوس الم تقاضين من خالل االجتهاد القضائي‬
‫الفاعلين االقتصاديين نظرا لدورهم الفعال في تحقيق التنمية‪.334‬‬

‫‪331‬أحالم عارف‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.108 :‬‬


‫‪332‬أحالم عارف‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.33 :‬‬
‫‪ 333‬محمد المزوغي ‪ ،‬القضاء التجاري ومجال تدخله في حماية االستثمار‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬المناظرة‪ ،‬عدد ‪ ،9‬يونيو ‪ ،2004‬ص‪.9 :‬‬
‫‪ 334‬خالد اإلدريسي‪ ،‬إصالح المجلس األعلى ودوره في تحقيق األمن القضائي‪ ،‬مطبعة دار القلم الرباط‪ ،‬األولى‪ ،2010 ،‬ص ‪.13 :‬‬

‫‪70‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإلى أي مدى ساهم النظام الزمني القانوني من داخل المادة التجارية في تحقيق األهداف‬
‫التي سن استهدافا لتحقيقها؟ وإلى أي حد تمكن القضاء من أداء المهام التي أوكلت به في ظل هذا النظام‬
‫تحقيقا لضمان أمن قانوني قضائي في الميدان التجاري بما يخدم المعامالت التجارية؟‬

‫إن مدى مساهمة النظام الزمني التجاري بما يشتمل عليه من خصوصيات جعلته ينفرد بطبيعة‬
‫مميزة في تحقيق أمن قا نوني من خالل القواعد المؤطرة له وكذا مساهمة القضاء التجاري في تفعيل هذا‬
‫النظام على الوجه الذي يضمن تحقيق أمن قضائي في المادة التجارية‪ ،‬رهين بمالمسة تطبيقات هذا‬
‫النظام على مستوى الواقع العملي‪ ،‬وفي سبيل تحصيل ذلك‪ ،‬سنحاول استجالء جزئيات هذا التفعيل من‬
‫خالل التطرق للتطبيق العملي لنظام الزمن التجاري في(الفصل الثاني) من هذا البحث‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬التطبيق العملي للزمن القانوني في المادة التجارية‬
‫ال أحد ينكر أن المنظومة القانونية المغربية المتعلقة بالتجارة واألعمال عرفت تحوالت جدرية في‬
‫العقد األخير تمثلت في تعديل مجموعة من النصوص القانونية التجارية األساسية‪ ،335‬بل األكثر من ذلك‬
‫لم يزل المشرع في طريقه إلى اإلصالح‪ ،‬ليس بالتعديل وحسب‪ ،‬وإنما بالمبادرة إلى وضع نصوص‬
‫قانونية جديدة‪ . 336‬ومنذ بزوغ بوادر هذه التحوالت اضطر المشرع التجاري في محاولة لمواكبة هذه‬
‫األخيرة مسايرة لما استجد في المنظومة القانونية التجارية‪ ،‬ورغبة في تحصيل اآلليات القانونية التي‬
‫تستهدف تحقيق أسس ومقومات التجارة بما تساهم في تنميتها وتقويتها‪.‬‬

‫إن إلمام المشرع بمتطلبات البيئة التجارية بما ينم عن تحليله باليقظة اتجاه األنظمة القانونية‬
‫المراد اعتمادها لتأطير مجال قانوني بعينه وجعله يندرج بشكل أفضل في السياسات االقتصادية المتبعة‪،‬‬
‫لخير دليل على أهمية المنظومة القانونية وما انتابها من حركية تشريعية في تأكيد البعد االقتصادي الذي‬
‫كان دائما مرتبطا بالقوانين التجارية والذي أخذ يتعاظم بشكل واضح في العقود األخير بفعل طغيان‬
‫بما في ذلك الشأن القانوني الذي‬ ‫‪337‬‬
‫الشأن االقتصادي على ما دونه من شؤون المجتمعات المعاصرة‬
‫يعتبر الذراع اليمنى التي يستعمل ها االقتصاد لتحقيق ذاته على الوجه الذي يصبو إليه االقتصاديون‬
‫أنفسهم‪.‬‬

‫معالل أن التحوالت االقتصادية كان لها القوة والوزن‬ ‫‪338‬‬


‫وتأكيدا لهذا الطرح‪ ،‬يرى األستاذ فؤاد‬
‫في المجال القانوني ليدرك المشرع التجاري المعاصر الدور األساسي الذي تلعبه القوانين التجارية في‬
‫تفعي ل العمل االقتصادي‪ ،‬فهذا األخير ال يمكنه أن ينشط إال في بيئة تجارية مالئمة‪ ،‬وهذه ال يمكن أن‬
‫تحق ق إال بقوانين تجارية عصرية متطورة ومرنة تضمن تأطيرا متوازيا للعالقات التجارية‪.‬‬

‫فالتفاعل المتبادل بين ما هو اقتصادي وما هو قانوني كما هو معلوم‪ ،‬يفرض نهج سياسة تشريعية‬
‫فاعلة‪ ،‬نظرا لالعتبارات االقتصادية والدور األكيد الذي تؤديه في تطوير القاعدة القانونية التجارية‪ ،‬وهذه‬

‫‪ 335‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون الجديد والشركات التجارية‪ ،‬ج‪ :‬الثاني ‪ ،‬م‪ :‬األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط ‪ ،4‬س‪ ،2012 :‬ص ‪.5 :‬‬
‫‪336‬يتعلق األمر بالقانون ‪ 32 . 10‬المتعلق بآجال األداء‪ ،‬والمتمم لقانون ‪ 15 .98‬المتعلق بمدونة التجارة المشار إليه آنفا‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪17‬‬
‫غشت ‪.2011‬‬
‫‪337‬فؤاد معالل‪ ،‬ج‪ :‬الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.7 :‬‬
‫‪338‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫األخيرة كذلك لها دورها الهام في تط وير العمل االقتصادي‪ ،‬فكان من الضروري أن تتسم القوانين‬
‫التجارية بالمرونة الالزمة التي تجعلها قادرة دائما على االستجابة ومن ثم التالؤم مع الحاجيات المستجدة‬
‫لالقتصاد‪.‬‬

‫وإسهاما في تحقيق هذا التالؤم بين كل من القانون التجاري‪ ،‬وتفعيل العمل االقتصادي‪ ،‬عمل‬
‫مشرع المادة التجارية إبان تلك المواكبات التشريعية التي خاضها على تضمين قواعد كل فرع من فروع‬
‫القانون التجاري المضمنة بأقسا م مدونة التجارة بنظام زمني خاص يستجيب لمتطلبات الميدان التجاري‪،‬‬
‫حيث تعززت منظومته القانونية بمجموعة من القوانين الرامية إلى تدعيم وتليين المنظومة التجارية سواء‬
‫في شقها المتعلق بجانب التقاضي‪ ،‬أو في شقها المتعلق بجانب المعامالت بين أطراف العالقات التجارية‪،‬‬
‫و جعل هذه المنظومة منسجمة مع محيطها االقتصادي واالجتماعي الذي يتحكم في مجرياته الشعور بقيمة‬
‫الزمن وفاعليته في حسم النزاعات والتسريع من وثيرة المعامالت التجارية‪.‬‬

‫وعلى أساس ذلك‪ ،‬فإن البيئة التجارية المالئمة التي ينشط فيها العمل االقتصادي والتجاري يجب‬
‫أن تكون م ؤطرة بمقتضى أنظمة زمنية قانونية تستهدف ضمان تحقيق كل مقومات وركائز التجارة‪،‬‬
‫والتي من خاللها يمكن الحد يث عان البيئة التجارية المالئمة‪ ،‬وتعد هذه المقومات والركائز التي تعير بها‬
‫مدى مالءمة البيئة التجارية من عدمها لممارسة األعمال التجارية ونمائها أهم الدالئل القوية والمعايير‬
‫المعتمدة لقياس نسبة األمن القانوني التجاري‪ ،‬والذي يعتبر أهم الدوافع التي حملت على اعتماد نظام‬
‫زمن قانوني خاص في المادة التجارية‪.‬‬

‫ومن باب التأكيد وإظهار األهمية‪ ،‬فإن هذه الركائز كما سلف ذكر ذلك‪ ،‬تتمثل في السرعة‬
‫واالئتمان بما يحققانه من ا ستقرار في المعامالت وازدهار في البيئة التجارية استنادا للظروف‬
‫والمعطيات الخاصة بها‪ ،‬فهذه الظروف والمعطيات هي التي أدت إلى إنشاء قانون تجاري متكامل يحكم‬
‫النشاط التجاري‪ ، 339‬وهي ذاتها التي أدت إلى اعتماد نظام زمني خاص بالمادة التجارية‪.‬‬

‫هذه الظروف والعناصر التي أدت إلى إبراز ذاتية‬ ‫‪340‬‬


‫وقد أجمل بدوره األستاذ بوعبيد عباسي‬
‫القانون التجاري واستقالله‪ 341‬بقواعد خاصة أهمها نظام ا لزمن الخاص‪ ،‬في السرعة واالئتمان‪.‬‬

‫‪339‬بوعبيد عباسي‪ ،‬العقود التجارية‪ ،‬م‪ :‬الوطنية ‪ ،‬مراكش ط‪ ،2‬س‪ ،2014 :‬ص ‪.5 :‬‬
‫‪340‬المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ 341‬عز الدين بنستي‪ ،‬تقييم القضاء التجاري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.29 :‬‬

‫‪73‬‬
‫فالسرعة تعد صفة الزمة للحياة التجارية‪ ،‬إذ أن التطور الهائل في مجال إلنتاج وطرق التوزيع‬
‫وتقنيات التسويق وكذا اتساع نطاق االسواق واحتدام المنافسة بين التجار على اجتذاب أكبر عدد ممكن‬
‫من الزبائن وعلى بيع أكبر كمية من البضائع والتهافت على األرباح وشيوع المضاربة والوساطة‬
‫و التداول‪ ،‬كل ذلك جعل األعمال التجارية تتسم بسرعة فائقة وبصفة متكررة في اليوم الواحد‪.‬‬

‫كما أن الحياة الت جارية ال تستقيم إال إذا سادها االئتمان المبني على الثقة بين التجار‪ ،‬فالثقة تدفع‬
‫التاجر إلى التنازل عن جزء من ماله إلى أجل معين‪ ،‬وتجعل التاجر يحصل أو يمنح قرضا أو يحصل‬
‫على بضاعة دون أن يسدد ثمنها‪ 342‬فورا‪.343‬‬

‫وحفاظا على عنصري الثقة واالئتمان وضمانا لسرعة المعام الت عمل المشرع المغربي على‬
‫تسييج المادة التجارية بسياج نظام الزمن القانوني الخاص رغبة في التقليل من ظاهرة عدم االستقرار‬
‫التي تسود مجال التجارة واألعمال في الوقت الراهن‪ 344‬من خالل وضع جزاءات صارمة تطبق في حال‬
‫خرق القواعد المحدد لنطاق زمني معين وعدم احترامها‪.‬‬

‫والشك أن غاية المشرع من هذا التسييج المتمثل في تحديد هذه اآلجال بمقتضى نصوص القانون‬
‫حيث أن أي غياب للتقيد بمواعيد‬ ‫‪345‬‬
‫هو ضمان استقرار التعامل وإنهاء السلوكات الرامية إلى نقضه‬
‫الوفاء بااللتزامات يؤدي إلى اإلخالل بهذه السرعة وهذا االئتمان‪ ،‬وبالتالي اضطراب المعامالت‬
‫التجارية وركودها‪ ،‬فكل تاجر يرتب مواعيد وفائه بالتزاماته اعتمادا على قيام مدينه بالوفاء له في‬
‫األوقات المحددة للتنفيذ‪ ،‬فإذا تخلف واحد منهم عن تنفيذ التزامه خالل األجل المحدد له فإنه يحدث بذلك‬
‫نوعا من االضطراب في الحياة التجارية‪.346‬‬

‫واستشعارا ألهمية عنصر الزمن في المادة التجارية‪ ،‬وما ينجم عن احترام القواعد المؤطرة‬
‫للنظام القانوني لهذا العنصر من حماية لخاصيتي الثقة واالئتمان وضمان تحقيق السرعة المنشودة في‬
‫سبيل تحصيل الحقوق واستقرار المعامالت وتحقيق النماء االقتصادي واالجتماعي‪ ،347‬فإن الضرورة‬
‫المنهجية لتبرير هذه الحقيقة بمنطق تحقيق النتائج‪ ،‬حملت المشرع على تعليق ذلك على آلية الزمن‬

‫‪342‬أنظر الهامش ‪ 1‬و ‪ 2‬من ص‪ ،6 :‬بوعبيد عباسي‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪343‬انظر مفهوم الفور؛ محمد شيلح‪ ،‬زمن انعقاد العقد‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ 344‬عز الدين بنستي‪ ،‬تقديم مؤلف‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.3 :‬‬
‫‪345‬سعد بهتي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.5 :‬‬
‫‪ 346‬عبد اللطيف هداية هللا‪ ،‬محاضرات في القانون التجاري كلية الحقوق جامعة القاضي عياض‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1984-1983‬ص‪.49 :‬‬
‫‪347‬فاطمة الزهراء السائح الجوهري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.7 :‬‬

‫‪74‬‬
‫معتمدا على تقنية األهداف‪ ،‬وهذه األهداف التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من أولوياتها ضمان الحد‬
‫المعقول من مقومات وأسس التجارة المشار إليها آنفا‪.‬‬

‫من أجل ذلك عمل المشرع على تنظيم عنصر الزمن بالمادة التجارية في كل جوانب فروعها‬
‫سواء الموضوعية (زمن المعامالت) والمسطرية (زمن التقاضي) تأكيدا على أهمية هذا العنصر في‬
‫الميدان التجاري من جهة‪ ،‬ومن أجل خلق نوع من التوازن بين جانب المعامالت وجانب التقاضي من‬
‫جهة ثانية‪ .‬وألجل الكشف عن خصوصيات هذا التنظي م‪ ،‬سنعمل على بسط مقاربة تحليلية ذات بعد عملي‬
‫لمقتضيات نظام الزمن القانوني التجاري ومساعي القضاء من خالل تطبيقاته واجتهاداته حول هذه‬
‫القواعد سواء المنظمة للقوانين التجارية الموضوعية (الفرع األول) أو القوانين التجارية اإلجرائية‬
‫(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تطبيقات عنصر الزمن في القوانين التجارية الموضوعية‬


‫(الزمن الموضوعي)‬
‫إن أهم أثر يترتب على األعمال واألنشطة التجارية التي تنشأ بين التجار هو خضوعها الصرف‬
‫لقواعد مدونة التجارة‪ ،‬حيث تطبق المقتضيات التجارية على جميع أطراف العملية التجارية باعتبارهم‬
‫تجارا‪ ، 348‬ومن ثم كانت القواعد الموضوعية التجارية هي التي تطبق ألجل تنظيم مجريات المعامالت‬
‫بين التجار‪ ،‬ليتسنى بعد ذلك للقضاء البت في النزاعات المثارة بشأن تلك المعامالت من منطلق مدى‬
‫االلتزام بتلك القواعد من عدمه من قبل أطراف المعاملة قصد إنصاف الملتزم وردع المخل‪ .‬ومن أهم‬
‫هذه القواعد ما يتعلق بنظام الزمن القانوني في المادة التجارية على مستوى ما هو موضوعي‪.‬‬

‫ولما كانت أهم القوانين التي سنقف عندها في الشق الموضوعي تتعلق أساسا بكل القواعد المنظمة‬
‫للقانون الصرفي‪( ،‬المبحث األول) والقواعد المنظمة للعقود التجارية‪( ،349‬المبحث الثاني) فإن المشرع‬
‫خص الكتاب األول من مدونة التجارة المتعلق بأحكام التاجر والذي يعتبر بمثابة اإلطار العام لكل‬
‫القوانين الموضوعية بنظام زمني فريد‪ ،‬مما يحيل على نفاذه على التجار بمناسبة أعمالهم التجارية‬

‫‪348‬سعاد بنور ‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪92 :‬‬


‫‪349‬على اعتبار التقيد الذي تم حصر الموضوع خالله‪ ،‬والذي بمقتضاه تم إخراج الكتاب الثاني المتعلق باألصل التجاري العتبارات تحدتنا عنها‬
‫سلفا ً في المقدمة‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫خاصة وأنه ضمن الباب المتعلق بالتزامات التجار‪ ،350‬لذلك ارتأينا أن نسترسل الحديث في مقدمة هذا‬
‫الفرع بتوطئة نتناول من خاللها توجه المشرع التجاري في نظام الزمن القانوني من خالل الكتاب االول‬
‫من المدونة المنظم ألحكام التاجر باعتباره إطارا عاما لباقي الكتب المدرجة في مدونة التجارة ذات البعد‬
‫الموضوعي‪.‬‬

‫ضمانا لالئتمان التجاري الذي يعتبر عصب التجارة ومراعاة لمبدأ السرعة الذي يعتبر من أهم‬
‫المبادئ التي تحكم المجال التجاري‪ ،‬عمل المشرع على وضع نظام زمني يتوخى ضمان أداء الديون‬
‫التجارية في أقصر اآلجال‪ ،‬درء لما يمكن أن ينتج عن إهمال ذلك من صعوبات ونزاعات‪ .‬لهذه‬
‫االعتبارات وغير ها تقدم السيد وزير التجارة والصناعة خالل دورة أبريل ‪ 2011‬بمشروع قانون كلل‬
‫بالمصادقة عليه بمجلسي البرلمان والذي جاء تسييجا لنطاق المعامالت التجارية من حيث الزمن فيما‬
‫يخص ميقات أداء مبالغ وأثمان للسلع والخدمات‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يجيب السيد الوزير مقرا بأن تدبير العالقات مع الزبناء وظيفة جوهرية بالنسبة‬
‫للمقاوالت‪ ، 351‬وهي أساسية لضمان تطورها‪ ،‬مشيرا إلى أن بعض الزبناء يقومون باإلضرار بالتوازنات‬
‫المالية للمقاولة‪ ،‬بل قد يساهمون في التسبب لها في صعوبات بسبب التماطل في األداء‪.352‬‬

‫وعلى هذا األساس تجدر اإلشارة إلى أن عدم األد اء وعدم التحكم في آجاله يشكالن أحد األسباب‬
‫الرئيسية لصعوبات المقاولة المغربية‪ ،‬وكذلك للتاجر الفرد‪ ،‬وال يخرج عن هذه القاعدة نوع معين من‬
‫التجار‪ ،‬إذ أن االكثر تضررا هم صغار التجار والمقاوالت الصغرى والمتوسطة حديثة التأسيس‪.‬‬

‫وعليه فإن كبار التجار أفرادا أو مؤس سات يفرضون على ما دونهم آجاال طويلة لألداء مما يؤدي‬
‫إلى تحمل هذا النمط األخير نصيبا أكبر في القروض الممنوحة بين المقاوالت على حساب ذمتها المالية‬
‫ونموها وتطورها‪ ،‬ف نتيجة ذلك أبانت الممارسة أن المقاولة الدائنة أو التاجر الفرد الدائن يلعب دور البنك‬

‫‪350‬حسن الحطاب‪ ،‬آجال أداء الديون التجارية في ضوء القانون رقم ‪ 32.10‬المتمم لمدونة التجارة‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬القضاء التجاري‪ ،‬ع‪3 :‬‬
‫س‪ ،2014 :‬ص‪.94 :‬‬
‫‪351‬إدريس صقلي فدوى (مقرر النص التشريعي) تقرير لجنة القطاعات اإلنتاجية حول ق ‪ 32.10‬المتمم بموجبه قانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق‬
‫بمدونة التجارة‪ ،‬عرض السيد وزير التجارة الصناعية دورة أبريل ‪ ،2011‬السنة التشريعية الرابعة ‪،2010-2010‬الوالية التشريعية الثامنة‬
‫‪ ،2012-2007‬ص ‪ 12 :‬أنظر الملحق‪.‬‬
‫‪ 352‬في المغرب باستثناء تقنين الصفقات العمومية الذي يفرض على اإلدارات العمومية التقيد بآجال األداء تحت طائلة دفع فوائد التأخير‪ ،‬ال‬
‫يوجد في القانون المغربي قانون خاص يقنن آجال األداء في المعامالت التجارية‪ ،‬فوفق القواعد العامة‪ ،‬فإن اإللزام الوحيد الموضوع على عاتق‬
‫المشتري هو أداء الثمن في األجل المتفق عليه بين األطراف حسب ق ل ع‪ .‬وفي واقع الممارسة المغربية لألعمال‪ ،‬تحدد آجال األداء في‬
‫المعامالت التجارية في العقود التي تربط بين المقاوالت وبالتالي يقوم األجل المتفاوض عليه مقام القانون بالنسبة للمتعاقدين؛ عرض السيد‬
‫وزير التجارة والصناعة‪ ،‬م س‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫إزاء زبائنه ممن يتعامل معهم بنسبة تصل أحيانا إلى نصف رقم أعماله‪ ،353‬وبالتالي كلما كانت آجال‬
‫األداء طويلة يمكن أن تساهم في صعوبات تؤدي إلى توقف التاجر الدائن عن الدفع‪ ،‬لذلك كان تنفيذ‬
‫االلتزام لحمة وأساس استقرار العالقات التجارية‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإذا كان تنفيذ التزام التاجر الم دين ممثال في أداء مبلغ من المال‪ ،‬يتراخى إلى تاريخ الحق‬
‫لتاريخ تنفيذ الدائن لاللتزام والمتعلق بذمته بمقتضى المعاملة التجارية نظرا لقيام العمل التجاري على‬
‫االئتمان الذي يعتبر عنصر الزمن أساسيا فيه‪ ،‬باعتبار هذا األخير من مرتكزات االئتمان‪ ،‬ومن منطلق‬
‫كونه ال يع ني سوى التخلي عن مال حال مقابل مال مستحق في المستقبل‪ ،‬فإن الضرورة الحتمية المنبثقة‬
‫عن االعتبارات التي تقدم بها السيد الوزير‪ ،‬وكذا عن تقرير الدراسة التي انجزها اتحاد مقاوالت المغرب‬
‫تستوجب سن الضمانات القانونية الالزمة لتأمين أداء محل االلتزام في المعامالت التجارية وفق تصور‬
‫يتوخى البساطة والسرعة في تحصيل مقابل المعامالت التجارية انسجاما مع ما تتطلبه التجارة من‬
‫سرعة‪ ،‬وتفاديا لآلثار السلبية الناجمة عن التأخير في أداء الديون التجارية‪ ،354‬مما يؤدي إلى إهدار‬
‫عنصر الزمن في استخالص الديون مع ما يترتب على ذلك من خطورة‪ ،‬وبالتالي اإلخالل بالوفاء في‬
‫ميدان التجارة القائمة على االئتمان مما من شأنه أن يؤدي إلى نتائج كارثية على المنظومة االقتصادية‬
‫ككل‪ ،‬نظرا لتشابك عالقات التجار المرتبطين في إطار سلسلة التعامل التجاري وتداول األموال وتقديم‬
‫الخدمات‪ ،‬فضال عن التبعات االجتماعية‪ ،‬ب ل إن المشرع ذهب إلى أبعد من ذلك‪ ،‬بحيث لم يتوقف عند‬
‫مسألة سن الضمانات القانونية‪ ،‬وإنما تعداه إلى مستوى تقرير معاقبة التاجر المخل بمقتضيات االئتمان‬
‫من خالل إدراج أنظمة قانونية تدرجت بين التشدد بين صفتها العقابية والتخفيف من طابعهما‬
‫الزجري‪.355‬‬

‫وفق هذا التصور صدر قانون ‪ 32.10‬المتمم لمدونة التجارة‪ ،‬والذي كان بمثابة إنشاء ركيزة‬
‫جديدة إلى جانب الركائز التي يقوم عليها نظام الزمن القانوني في المادة التجارية‪ ،‬والذي يعد إطارا عاما‬
‫لهذا النظام كونه أدرج ضمن الكتاب المنظم ألحكام التاجر‪.‬‬

‫‪ 353‬خلصت دراسة قام بها االتحاد العام لمقاوالت المغرب حول آجال األداء إلى ما يلي ‪ :‬حيث جاء في مقدمة هذه الدراسة التي استرعت‬
‫الطفرة الهائلة للمشاريع البنيوية والصناعية‪ ،‬أصبحت المقاوالت تحتاج إلى إمكانيات مهمة من أجل مواكبة هذا النمو في الوقت الذي أصبح‬
‫حساب الزبناء الذي تدين به المقاوالت في ذمة مدينيها والذي يستغرق من ‪ 120‬إلى ‪ 180‬يوما من رقم األعمال‪ ،‬والذي يمكن أن يصل إلى ‪50‬‬
‫بالمائة من الموازنة اإلجمالية؛ انظر تتمة الدراسة‪ ،‬عرض السيد الوزير‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.3-2 :‬‬
‫‪354‬حسن الخطاب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.90 :‬‬
‫‪ 355‬أحمد شكري السباعي الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة والمقاوالت التجارية والمدنية‪ ،‬مطبعة دار نشر المعرفة‪ ،‬الرباط ‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫س ‪ ،2001‬ص ‪.104 :‬‬

‫‪77‬‬
‫من أجل ذلك كان البد من استجالء الدوافع واألسباب الداعية إلى تبني قانون جديد داخل منظومة‬
‫الزمن القانوني التجاري (أوال) وكذا تحديد نطاق تطبيق هذا القانون (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أسباب وضع هذا القانون وأهدافه‬

‫ال شك أن وراء سن كل قاعدة قانونية أسبابا دفعت إلى التفكير في صياغتها استجابة لضرورة‬
‫تنظيم وتقنين عالقات معينة داخل المجتمع (‪ ) 1‬على النحو الذي يمكن من الموازنة بين المصالح‬
‫المعارضة التي تتوخى هذه القاعدة تنظيمها‪.)2(356‬‬

‫‪-1‬أسباب تقليص زمن أداء الديون التجارية‬

‫نظرا الستفحال ظاهرة التماطل في أداء الديون بوجه عام والتجارية منها على وجه الخصوص‬
‫والتي أصبحت وباء منتشرا يشكل وباال على الحياة التجارية‪ ،‬بالنظر للفراغ التشريعي الذي ألف من‬
‫طرف التجار من جهة‪ ،‬وللتشبع الفطري بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين‪ 357‬من جهة ثانية‪ ،‬وما نتج عنه‬
‫تعسف من طرف كبار التجار ذوو النفوذ والمراكز االقتصادية القوية في فرض آجال أداء طويلة على‬
‫التجار الصغار على نحو تتحمل معه هذه الفئة األخيرة القسط األكبر من حجم التمويل الذي ينتج عن‬
‫طول اآلجال‪ ،‬وذلك على حساب ذمتها المالية وتوازنها المالي وتطورها وقدرتها التنافسية‪ ،‬دون مقابل أو‬
‫فوائد تذكر‪.358‬‬

‫وفي هذا السياق يشير األستاذ حسن الخطاب‪ 359‬إلى اآلثار السلبية للتأخر عن األداء وتأثيرها على‬
‫الموازنة المالية للتجار‪ ،‬الشيء الذي من شأنه أن يؤدي بهم إلى صعوبات مالية ربما وصلت حد التوقف‬
‫مع ما يترتب على هذا الوضع من آثار ونتائج قانونية على المقاولة وعلى النسيج‬ ‫‪360‬‬
‫عن الدفع‬
‫االقتصادي على المستوى الوطني‪.‬‬

‫من هذا ال منطلق‪ ،‬ووعيا بأهمية عنصر الزمن في المادة التجارية‪ ،‬تدخل المشرع ليكثف من‬
‫مقومات منظومة الزمن القانو ني التجاري بترصيع هذه المنظومة عن طريق تتميم جديد يستهدف حماية‬
‫التجار من مخاطر الزمن سواء بتحديد النطاق الزمني بنص القانون في سبيل الحد من تفشي ظاهرة‬

‫‪356‬حسن الخطاب‪ ،‬مس‪.‬‬


‫‪357‬الفصل ‪ 230‬من قلع‪.‬‬
‫‪358‬حسن الخطاب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.91 :‬‬
‫‪359‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.91 :‬‬
‫‪360‬‬
‫‪Michel Jura, techniques financières internationales, 2ème‬‬ ‫‪édition –édition dunod, Paris, 2003, p. 263.‬‬

‫‪78‬‬
‫فرض آجال طويلة تتعدى حدود المعقول‪ ،‬أو على مستوى تقييم عامل الزمن بقيمة نقدية كجزاء ممثل في‬
‫غرامة عن التأخير‪ ،‬إذ أن للزمن نصيبا من الثمن‪.361‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإذا كان هذا هو السياق العام الذي تحكم فيما قبل تنزيل قانون ‪ 32.10‬كما هو متضح من‬
‫ملخص تقرير لجنة القطاعات اإلنتاجية‪ .362‬فماهي األهداف التي توخى المشرع تحقيقها من خالله؟ من‬
‫منطلق الظروف التي استحكمت في عملية مخاض هذا القانون التي سبقت خروجه إلى الوجود‪ ،‬والتي‬
‫تعد السياق المحلي الذي وضع فيه هذا القانون إبان صدوره‪.‬‬

‫‪-2‬أهداف تقنين وتقليص زمن آجال أداء الديون التجارية‬

‫أن دواعي هذا القانون المضاف لمنظومة الزمن في المادة التجارية‪ ،‬والذي‬ ‫‪363‬‬
‫يرى أحد الباحثين‬
‫يعد بمثابة إطار عام لما دونه كونه أدرج في الكتاب المتعلق بأحكام التاجر‪ ،‬يمكن إرجاعها لهدف أساسي‬
‫أو عام‪ ،‬على حد تعبيره‪ ،‬يتمثل في التصدي لظاهرة المطل في أداء الديون التجارية من خالل تقليص‬
‫آجال أداء الديون المذكورة‪ ،‬غير أنه بالرجوع إلى التقرير المعد من قبل القطاعات اإلنتاجية ‪364‬نجد أن‬
‫الهاجس الذي تحكم في مشرع قانون ‪ 32.10‬هو مسألة المالءمة مع تشريعات شركاء المغرب‬
‫االقتصادية على رأسهم االتحاد األوربي بالدرجة األولى ثم الحفاظ على النسيج االقتصادي المغربي من‬
‫خالل دعم توازن مالية التجار وقدرتهم التنافسية ثانيا‪.‬‬

‫ولعل هاجس المالءمة مع شركاء المغرب االقتصاديين غطى على النمط المحلي لممارسة التجارة‬
‫فوق التراب المغربي مما أدى إلى انبثاق مجموعة من اإلشكاالت التي سنتطرق لها في حينها‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬فإ ذا كانت المعامالت تقوم على االئتمان الذي يقتضي التخلي على مال حال مقابل‬
‫الحصول على مال في المآل‪ ،‬مع ما يعنيه ذلك من ضرورة انصرام مدة معينة بين وقت إبرام العملية‬
‫التجارية وبين وقت الوفاء الفعلي بقيمتها‪ ،‬إال أنها تقتضي كذلك أحقية استيفاء مقابل هذا النوع من‬
‫ا لعمليات‪ ،‬على اعتبار أن هاجس التاجر هو تحقيق الربح‪ ،‬وهو الهدف الذي لن يتحقق بمجرد إبرام‬
‫الصفقات التجارية مهما تعددت وارتفعت قيمتها ما لم يتم تسلم عائداتها‪ ،‬وبذلك يمكن القول بأن السعي‬

‫‪ 361‬مندر قحف‪ ،‬تقديم مؤلف نظرية الحسم الزمني في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬علي مجدي‪ ،‬محمد غيث‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪ 362‬إدريس صقلي عدوي‪ ،‬ملخص التقرير‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.4-3 :‬‬
‫‪363‬حسن خطاب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.92 :‬‬
‫‪364‬أنظر الصفحة ‪ 4‬من ملخص التقرير‪ ،‬إدريس عدوى صقلي‪ ،‬م س؛ أنظر الملحق‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫وراء التأكيد على تلك األحقية يعني السعي وراء تحقيق الثقة في المعامالت التجارية التي ترتبط وجودا‬
‫وعدما بوجودها‪.‬‬

‫ومهما يكن من أمر فإن تأكيد أو نفي مساهمة تحديد آجال للوفاء بالديون التجارية في الحد من‬
‫اختالل وضعية التجار التي يمكن أن تؤدي إلى فتح مساطر المعالجة في مواجهتهم‪ ،‬وإن كان يبدو‬
‫منطقيا من الناحية النظرية‪ ،‬إال أنه يبقى رهينا بالنتائج العملية بعدما دخل هذا القانون حيز النفاذ وتنزيله‬
‫على أرض الواقع‪ ،‬سيما في ارتباط مع باقي قوانين مدونة التجارة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نطاق تطبيق قانون آجال األداء بين التجار‪.‬‬


‫إذا كان موقع القانون رقم ‪ 32.10‬من مدونة التجارة كمتمم لها يحيل على نفاذه على التجار‬
‫بمنا سبة أعمالهم التجارية من حيث المبدأ‪ ،‬خاصة وأنه ضمن الباب المتعلق بالتزامات التجار‪ ،‬فإن التجار‬
‫مع بعض أشخاص القانون العام في إطار معامالت تتميز بكبر حجمها وبالتالي ارتفاع احتماالت تأخر‬
‫هذه الفئات في أداء ما بذمتها للتاجر‪ ،‬جعل مشرع القانون المذكور يوسع من نطاقه ليشمل كل شخص‬
‫تتوفر فيه صفة تاجر (‪ )1‬وكل األنشطة التجارية (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬من حيث األشخاص‪:‬‬

‫حدد المشرع بمقتضى الماد ‪ 78-1‬مكرر نطاق تطبيق القانون ‪ 32.10‬من حيث األشخاص‪ ،‬والتي يتضح‬
‫من خاللها أن هذا االخير يشمل فئتي ن‪ ،‬األولى تنتمي ألشخاص القانون الخاص وتتمثل في التجار‬
‫‪ 365‬بخصوص الديون المترتبة بمناسبة أعمالهم التجارية‪ ،‬سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين‪ ،‬أو‬
‫كانوا أشخاص القانون الخاص المفوض لهم تدبير مرفق عام بمناسبة معامالتهم التجارية‪ ،‬وتتمثل الفئة‬
‫الثانية المشمولة بتطبيق قانون ‪ 32.10‬في األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام بمناسبة إبرامها‬
‫للمعامالت التجارية‪.‬‬

‫فمن منطلق هذا التحديد الذي حصر نطاق التطبيق من حيث األشخاص لقانون ‪ 32.10‬يتضح أن كل‬
‫التقنيات التي كفلها المشرع التجاري داخل اإلطار العام الذي تم تضمينه ضمن أحكام التجار من‬

‫‪365‬انظر بخصوص مفهوم التاجر‪:‬‬


‫‪ -‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد‪: ،‬ج‪ :‬األول‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ -‬محمد نخلي‪ ،‬محاضرات في القانون التجاري المغربي‪ ،‬م‪:‬دار وليلي للطباعة والنشر‪ ،‬مراكش‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‪ ،‬س‪ ،1998:‬ص‪.51 :‬‬

‫‪80‬‬
‫المفترض أن تكون محكومة بهذا اإلطار سواء على مستوى المعامالت والعقود المبرمة‪ ،‬أو على مستوى‬
‫وسائل تصفية الحسابات المرتبطة بالمعامالت المبرمة بشأنها تلك العقود‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن أحكام هذا القانون ال تطبق على غير التجار بخصوص الديون الناشئة عن‬
‫المعامالت التجارية المختلطة بالرغم من عدم وجود نص صريح يؤكد ذلك على غرار ما سار عليه‬
‫في إشارة لعدم خضوع الطرف المدني المشارك في عقد‬ ‫‪366‬‬
‫التوجيه األوربي سنة ‪ 2011‬بشكل صريح‬
‫تجاري لنظام الزمن الخاص‪.‬‬

‫‪ -2‬من حيث األنشطة التجارية‪:‬‬


‫أخضع المشرع التجاري المغربي جميع الديون التجارية أيا كان النشاط التجاري الذي تدخل‬
‫ضمنه المعام لة سبب الدين لنظام الزمن المنصوص عليه في قانون ‪ ،32.10‬بحيث سلك مسلكا موحدا‬
‫خالفا للمشرع الفرنسي الذي حدد قاعدة عامة آلجال األداء وقواعد خاصة تسري‬ ‫‪367‬‬
‫تجاه هذه الديون‬
‫على الديون الناشئة عن األنشطة التجارية إلى جانب فسحه المجال أمام الهيئات المهنية لتخفيض اآلجال‬
‫المحددة قانونا‪.368‬‬

‫وهكذا فإن نطاق تطبيق القانون ‪ 32.10‬يشمل متى نظرنا إليه من زاوية الديون‪ ،‬جميع الديون‬
‫الناشئة عن معامالت تجارية رابطة بين تاجرين بمناسبة أعمالهم التجارية‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن‬
‫المشرع وضمانا منه لتحقيق األهداف المتوخاة من وضع هذا القانون الذي يعد بمثابة إضافة نوعية في‬
‫بناء صرح نظام الزمن الخاص في المادة التجارية‪ ،‬والتي يبقى أهمها إرساء فاعلية عنصر الزمن في‬
‫المعامالت التجارية بما يخدم مطالب هذه األخيرة‪ ،‬عمل على اعتماد عدة آليات قانونية ومؤسساتية قصد‬
‫بلوغ الهدف المتوخي من وراء هذا التدخل التشريعي في تحديد آجال الديون التجارية‪.369‬‬

‫‪366‬‬
‫‪Considération, n :8, directive2011/7UE‬‬
‫‪367‬حسن الحطاب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.96:‬‬
‫‪368‬‬
‫‪Article, L441-1.L441-6 a code de commerce français.‬‬
‫‪369‬اعتمد مشرع ق ‪ 32.10‬آلية تقليص أجل المديونية بين التجار بنصوص قانونية صارمة تمثلت في إقرانها بغرامة تأخير تطبق على الطرف‬
‫المخل بضوابط الق انون باإلضافة إلى بعض القرارات المؤسساتية تبقى أهمها في القانون المغربي مؤسسة مراقب الحسابات الذي ألزمه‬
‫المشرع بتبليغ كل المعلومات المتعلقة بأجل األداء بوسيلة تتبث التوصل‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع الفرنسي بخصوص اآلليات‬
‫المؤسساتية أحدث آلية لتتبع تنزيل المقتضيات القانونية لمحاربة التأخر في األداء تحت مسمى "مرصد أجال األداء في مجال المعامالت‬
‫التجارية‪ ،‬ويصدر تقارير سنوية بهذا الخصوص ساهمت في تعديل المقتضيات المتعلقة باآلجال‪ ،‬حسن حطاب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ ،109‬المادة ‪78 -4‬‬
‫بخصوص القانون المغربي‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫وإذا سلمنا بأن المشرع المغربي وعيا منه بأهمية عنصر الزمن في المادة التجارية‪ ،‬وقيمة الفوائد‬
‫التي تجني في حال إخضاعه لتقنية األهداف عن طريق تقنينه‪ ،‬وضرر المخاطر التي تنجم عن إغفاله‪،‬‬
‫جنح إلى وضع نظام قانون زمني خاص بالمادة التجارية في سبيل استهداف خاصيتي الوضوح‬
‫والشفافية سواء على مستوى زمن المعامالت أو على مستوى زمن التقاضي‪ ،‬فإن التساؤل الذي يطرح‬
‫نفسه بإلحاح‪ ،‬والذي نرى أن تتم اإلجابة عنه ضمن مقاربة تحليلية شمولية ذات بعد عملي منبثق من‬
‫التطبيقات القضائية‪ ،‬يتمحور حول الحكامة التشريعية لمالءمة النصوص القانونية المنظمة لعنصر بما‬
‫يجعلنا نالمس الفلسفة من وضعه؟‬

‫إن اإلجابة عن هذا التساؤل تقتضي الخوض في تحليل المقتضيات التجارية المنظمة للزمن‬
‫الموضوعي وفق التقسيم المشار إليه سابقا‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تطبيقات الزمن في األوراق التجارية (الكمبيالة نموذجا)‬


‫تعتبر األوراق التجاري ة من أهم ما ابتدعه الفكر البشري بعد النقود لتسيير التعامل بين التجار‪ ،‬فقد‬
‫لعبت دورا مهما في الحياة التجارية قديمها وحديثها‪ ،‬ولذلك أولتها مخلف التشريعات والمعاهدات عناية‬
‫فائقة باعتبارها دولبا من دواليب االقتصاد‪ .370‬وهذا ما جعل األوراق التجارية تتمتع وبحق‪ ،‬بأهمية‬
‫قصوى جعلتها نائلة اهتماما بالغا من قبل الفقه والقضاء فتم إغناؤها بأبدع النظريات وأسلم الحلول‪.371‬‬

‫وتتمثل األوراق التجارية في التشريع المغربي في الكمبيالة‪ ،‬السند ألمر والشيك‪ ،‬وتعتبر الكمبيالة أكثر‬
‫األوراق التجارية أ همية للقيام بالدور المطلوب في الميدان التجاري‪ ،‬وأقواها مركزا شكال ومضمونا في‬
‫تأدية وظيفة االئتمان في البيئة التجارية‪ ،‬لذلك فقد آثارنا أن يكون نطاق بحثنا لموضوع تطبيقات الزمن‬
‫الصرفي منحصر في حدود المقتضيات والقواعد المنظمة للكمبيالة كنموذج لألوراق التجارية قاطبة‪ ،‬لما‬
‫تحضى به من أهمية في الميدان العملي وما تلعبه من دور هام في المعامالت التجارية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد البأس من إيراد بعض التعريفات التي صاغها الفقه للتعريف بالكمبيالة‪ ،‬هذه‬
‫األخيرة عرفها األستاذ أحمد شكري السباعي‪ ،‬بأنها ورقة أوصك أو سند تجاري وفقا لبيانات حددها‬
‫القانون‪ ،‬تتضمن أمرا عن شخص يسمى الساحب موجها إلى شخص آخر مدين يسمى المسحوب عليه‬

‫‪ 370‬محمد ميكو‪ ،‬تقديم مؤلف ‪ :‬األوراق التجارية في القانون المغربي فقها وقضاء‪ ،‬محمد الحارثي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫س ‪ ،1996‬ص ‪.4 :‬‬
‫‪ 371‬محمد إياد نجاحي‪ ،‬األجل في األوراق التجارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‬
‫السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2014-2013 ،‬ص ‪..4 :‬‬

‫‪82‬‬
‫ليدفع مبلغا معينا من النقود بمجرد االطالع أو في تاريخ معين أو قابل للتعيين إلى شخص ثالث يدعى‬
‫المستفيد‪ ،‬وغير بعيد عن نطاق هذا التعريف‪ ،‬عرفها جانب آخر من الفقهاء‪372‬بأنها ورقة تجارية وفقا‬
‫للشكل الذي نص عليه القانون‪ ،‬تتضمن أمرا من شخص يسمى الساحب إلى شخص آخر يسمى‬
‫المسحوب عليه بأداء مبلغ نقدي في تاريخ معين أو قابل للتعين لشخص ثالث أو الذنه يسمى المستفيد‪.‬‬
‫فهذين التعريفين كالهما ركزا على الوظيفة االئتمانية للكمبيالة التي يعد اعتماد عنصر الزمن أهم مقوم‬
‫لها‪ ،‬من خالل تضمينها أجال للوفاء يستفيد منه التاجر المدين ليتسنى له في غضونه ترتيب أموره‬
‫وإعداد توازنه المالي‪ ،‬كما يمكن له بمقتضى قواعد القانون الصرفي نقل هذا اإلمهال الذي يضمن في‬
‫الكمبيالة إلى تاجر آخر يدين له بنفس المبلغ وذلك عن طريق التظهير‪ ،‬وهكذا يتوالى تداول االئتمان بين‬
‫التجار‪ 373‬بفضل تقنية الكمبيالة‪.‬‬
‫وعليه تلعب الكمبيالة دورا هاما في الحياة االقتصادية والتجارية وذلك بالنظر للوظائف ذات البعد‬
‫الزمني التي تقوم بها‪ ،‬والمتمثلة أساسا في كونها تحل محل النقود كأداء الديون التي حل أجلها‪ ،‬أو قبل‬
‫حلول األجل عن طريق خصمها‪ ،‬كما يستطيع المدين (الساحب) أن يحصل على آجال هامة يجد فيها كل‬
‫من الدائن والمدين منفعته‪ ،374‬وظائف ت جسد الحضور الفاعل لعنصر الزمن في واقع العمل التجاري‬
‫وحاجة هذا االخير له بداية من التقنين المؤطر له‪ ،‬وانتهاء إلى التحكم فيه وضبطه‪.‬‬
‫إن الكمبيالة بهذا المعنى تعد من أخصب المواضيع فائدة وأكثرها أهمية لما لها من وزن وقيمة في‬
‫الميدان التجاري‪ ،‬فالتعامل التجاري عموما‪ ،‬يقوم على السرعة والثقة واالئتمان‪ ،‬وهذه العناصر مجتمعة‬
‫هي التي يقاس بها مدى توفر األمن القانوني في المادة التجارية م ن عدمه‪ ،‬لذلك وألجل ضمان تحقق‬
‫هذا فإنه يتطلب أنظمة قانونية تساعد على التداول والتفعيل إلجراءاته‪ ،375‬ويبقى نظام الزمن الصرفي‬
‫أهم نظام يساهم في دعم قيام الكمبيالة في أداء وظيفتها االئتمانية‪ ،‬إذ أن هذا النظام يستهدف تقنين‬
‫عنصر الزمن بمقتضى نصوص قانونية بهدف إرساء نظام زمني لالئتمان الذي يعد المقصد المتوخي‬
‫من اعتماد الكمبيالة في الوسط التجاري‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬عدت الكمبيالة تقنية قانونية تنسجم مع طبيعة الحياة التجارية‪ ،‬ووسيلة تالئم مع‬
‫الثقة واالئتمان وذلك لكونها تمكن ساحبها من جعل عنصر الزمن في مصلته لالستفادة من المزايا‬

‫‪372‬علي سلمان العبيدي‪ ،‬األوراق التجارية في التشريع المغربي‪ ،‬الكمبيالة ‪ -‬السند األدني– الشيك‪ ،‬مكتبة التومي‪ ،‬الرباط‪ ،‬دون ذكر عدد الطبع‪،‬‬
‫س‪ ،1970 :‬ص‪.421 :‬‬
‫‪373‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1 :‬‬
‫‪374‬محمد إياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.5 :‬‬
‫‪375‬محمد اياد نجاحي‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫المتوفرة على مستوى اإلمهال والتيسير في الوقت المطلوب في المعامالت التجارية لتوفير االئتمان‬
‫والتمويل الكافي للمعاملة المسحوبة بمناسبتها الكمبيالة‪.‬‬
‫وقد جعل المشرع المغربي احترام النظام الزمني للقانون الصرفي مطبوعا بالدقة والصرامة‪ ،‬وذلك‬
‫بهدف جعل تقديمها للوفا ء من قبل الحامل أو من يحل محله واستيفاؤ ها من المدين إلزاميا في تاريخ‬
‫االستحقاق‪.376‬‬
‫واستنادا إلى ذلك‪ ،‬يكتسي نظام الزمن الصرفي أهمية كبيرة بالنسبة للتجار المتعاملين بالكمبيالة‪،‬‬
‫ألنهم يعولون على استيفاء ديونهم في تاريخ استحقاقها حتى يتمكنوا هم بدورهم من وفاء ديونهم التي‬
‫بذمتهم‪ ،‬وكل تأخر في استيفاء هذه الديون من شأنه أن يحدث ارتباكا وتصدعا في عالقاتهم مع زبنائهم‪،‬‬
‫وقد تكون له آثار وخيمة على االقتصاد ككل‪ ،‬الشيء الذي من شأنه أن يؤدي إلى عزوف التجار عن‬
‫التعامل بالكمبيالة بسبب انعدام الثقة فيها‪ .377‬وهذا ما يبرر بكل تأكيد خصوصية الزمن الصرفي ودقته‬
‫والغاية من كونه نظم تنظيما صارما‪ ،‬وذلك الرتباط وظيفة الكمبيالة بعنصر الزمن ارتباطا وثيقا‪ ،‬بل إن‬
‫االئتمان الذي نجرم بأنه أهم وظائف الكمبيالة ال يعني إال التخلي عن مال حال مقابل الحصول على مال‬
‫بمنح المدين أجال للوفاء‪ ،379‬وفترة التخلي أو المنح هذه‪ ،‬والتي يمكن أن تستغرق مدة‬ ‫‪378‬‬
‫في المستقبل‬
‫زمنية قد تطول وقد تقصر‪ ،‬تعطي الدائن المم ِّهل (المانح لألجل) أحقية تقاضي مقابل الزمن الذي تخلى‬
‫في غضونه عن استيفاء دينه من مدينه‪ ،‬فالعوض الحال‪ ،‬طبعا أعلى قيمة من المؤجل‪ ،‬مما يفيد بتغير‬
‫قيمة المبالغ عبر الزمن‪ .380‬ومهما يكن فإن الزمن عنصر مهم في إيجاد القيمة المضافة في موجودات‬
‫من طبيعتها أن ينتفع بها‪ ،‬أي أنها تنتج منفعة من ذواتها والمنفعة عامل زمن كما يقول األستاذ منذر‬
‫قحف‪.381‬‬

‫انطالقا مما سبق‪ ،‬وأمام ما تتطلبه آليات المعامالت التجارية من سرعة وائتمان‪ ،‬كيف يمكن أن يساهم‬
‫تشدد المشرع المغربي في تنظيم عنصر الزمن من داخل القانون الصرفي من خالل وضع آجال صارمة‬

‫‪ 376‬إن صرامة المقتضيات المنظمة للزمن الصرفي تتمثل في التشديد على ضرورة احترام اآلجال الواجب على الدائن التقيد بها بمناسبة‬
‫اإلجراءات السابقة لعملية التقديم للقبول والتقديم للوفاء‪ ،‬ويتعلق األمر بإجراءات االحتجاج واالعالم‪.‬‬
‫‪377‬محمد إياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.6 :‬‬
‫‪378‬حسن حطاب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.6 :‬‬
‫‪ 379‬مصطفى كمال طه‪ ،‬وائل أنور بندق‪ ،‬األوراق التجارية ووسائل الدفع اإللكترونية الحديثة‪ ،‬دار الفكر الجامعي اإلسكندرية‪ ،‬دون ذكر عدد‬
‫الطبعة‪ ،‬س ‪ ،2005 :‬ص ‪.5 :‬‬
‫‪ 380‬علي مجدي محمد غيث‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫‪381‬أستاذ التمويل اإلسالمي‪ ،‬كلية الدراس ات اإلسالمية‪ ،‬مؤسسة قطر للتربية والعلوم‪ ،‬الدوحة‪ ،‬قطر؛ تقديم مؤلف نظرية الحسم الزمني في‬
‫االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬علي مجدي محمد غيث‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.10 :‬‬

‫‪84‬‬
‫للوفاء بالكمبيالة في حماية حقوق ومصالح حاملي هذه األخيرة وإنعاش خاصيتي السرعة واالئتمان بما‬
‫يحقق األمن في نفوس التجار من جهة وضمان استقرار المعامالت في ضوء نظام الزمن الموضوعي‬
‫عموما من جهة ثانية؟‪.‬‬

‫لإلجابة عن هذا اإلشكال يتطلب بحثنا للزمن الصرفي من خالل الكمبيالة أن نتعرف على هذا‬
‫األخير من خالل خصائصه وأنواعه (المطلب األول) محاولين الكشف عن الحكامة التشريعية في توجه‬
‫المشرع التجاري في محاولة لمالءمة أنواع الزمن الصرفي من منطلق كونه ينتمي لزمرة الزمن‬
‫الموضوعي‪ .‬ثم نتعرض لآلثا ر القانونية لنظام الزمن الصرفي من داخل هذه التطبيقات معرجين على‬
‫مناقشة العمل القضائي على ضوء مقاربة الزمن العام والزمن الخاص‪ ،382‬دائما في حدود المقتضيات‬
‫المنظمة للكمبيالة كنموذج لألوراق التجارية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬خصائص وأنواع الزمن الصرفي‬

‫إن اإللمام بمختلف جوانب نظام الزمن الصرفي من داخل منظومة الزمن القانوني التجاري ككل‬
‫يتطلب بالضرورة السعي إلى الكشف عن خصائص الزمن الصرفي (الفقرة األولى) ثم تقصي أنواعه‬
‫وتحليلها تحليال قانو نيا الستجالء مدى تسلح المشرع المغربي بسالح الضوابط القانونية الرامية إلى‬
‫الذين كان‬ ‫‪383‬‬
‫ضمان مالءمة األنظمة القانونية من عدمه (الفقرة الثانية) وذلك سيرا على منهاج الفقهاء‬
‫لهم السبق في تمحيص نظام الزمن الصرفي من داخل المدرسة الصرفية المغربية خصوصا والقانونية‬
‫عموما‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬خصائص الزمن الصرفي‬

‫تقوم األوراق التجارية عموما والكمبيالة على وجه الخصوص‪ ،‬بخدمات اقتصادية جليلة ‪ ،‬فهي‬
‫وسيلة إلبرام عقد الصرف إذ تغني عن نقل النقود من مكان إلى آخر‪ ،‬وهي أداة للوفاء تؤدي إلى‬
‫االقتصاد في استعمال النقود‪ ،‬ومتى تضمنت الكمبيالة أجال الوفاء أصبحت أداة االئتمان‪ .384‬والمالحظ أن‬
‫بانصهار عنصر الزمن داخل الورقة التجارية يصبح عنصرا من عناصرها األساسية انطالقا من كونه‬
‫يعد جوهر خاصية االئتمان التي تعد أهم وظائفها‪ ،‬مما جعل المشرع يفرد لعنصر الزمن نظاما خاصا‬

‫‪ 382‬حسن ملكي‪ ،‬مشكلة الزمن العام والزمن الخاص‪ ،‬قراءة في االجتهاد القضائي لمحكمة النقض‪ ،‬ندوة‪ :‬الزمن والقانون‪ ،‬مس‪( .‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ 383‬أحمد كويسي‪ ،‬الزمن في األوراق التجارية‪ ،‬ندوة‪ :‬الزمن والقانون‪ ،‬م س ‪.‬‬
‫‪ 384‬محسن شفيق‪ ،‬القانون التجاري المصري‪ ،‬األوراق التجارية‪ ،‬م ‪ :‬دار المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مركز الثقافة العربي‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪:‬‬
‫‪ ،1954‬ص‪.19 :‬‬

‫‪85‬‬
‫داخل منظومة األوراق التجارية‪ .‬و انطالقا من هذه المعطيات وغيرها استقل جانب من الفقهاء‬
‫باستخالص الخصائص المميزة للزمن الصرفي أجملها في خمسة خصائص أساسية ‪.385‬‬

‫أوال ‪ :‬الزمن الصرفي زمن خاص يتميز عن باقي األزمنة‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل تنظيم‬
‫المشرع لنوعين من األزمنة على مستوى القانون الصرفي‪ ،‬زمن لتسوية المعامالت بين أطراف العالقة‬
‫الصرفية‪ ،‬وزمن رتب على عدم احترامه من جزاءات صارمة ألجل ضمان احترام القيام باإلجراءات‬
‫القانونية في المواعيد المحددة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الزمن الصرفي زمن ال يقبل التمديد من حيث األصل‪ ،‬حيث ال يقبل الزمن الصرفي‬
‫التمديد ومرجع ذلك ما ورد عليه النص في الفقرة الثانية من المادة ‪ ،231‬غير أنه ومراعاة من المشرع‬
‫بخاصية المرونة التي يجب أن تطبع المعامالت الصرفية ومن خاللها التجارية‪ ،‬فقد أورد على هذا المنع‬
‫استثناءين على سبيل الحصر يتعلقان بالحالتين المنصوص عليهما في المادتين ‪ 196‬و ‪.207‬‬

‫ثالثا ‪ :‬طابع القصر الذي يطبع الزمن الصرفي نظرا لطبيعة المادة‪ ،‬حيث أنه بالرجوع إلى‬
‫األحكام المنظمة لمقتضيات هذا العنصر سواء على مستوى زمن األطراف أو زمن المعامالت نجد المدد‬
‫الزمنية تتراوح من ثالث أيام إلى ‪ 10‬سنوات‪ ،‬وجل هذه اآلجال غير قابل لالنقطاع‪ ،‬إذا ما استثنينا زمن‬
‫التقادم الصرفي الذي يخضع على مستوى أسباب انقطاعه للقواعد العامة‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬الطبيعة التدبيرية لعنصر الزمن الصرفي‪ ،‬وتتضح هذه الطبيعة من خالل منح المشرع‬
‫لألطراف صالحية اختيار سحب عدة أنواع من الكمبياالت مع إخضاع كل نوع منها لنظام زمني خاص‬
‫بسحبه وطرائق استحقاقه وملحقات هذا االستحقاق‪.386‬‬

‫خامسا ‪ :‬القيمة االقتصادية للزمن في األوراق التجارية‪ ،‬وخير مثال على هذه القيمة ووعي‬
‫المشرع بها أن منح للساحب مكنة اشتراط الفائدة في نوعين من الكمبياالت دون النوعين اآلخرين‪ ،‬وهما‬
‫الكمبيالتين المستحقتين الوفاء بمجرد االطالع وبعد مدة من االطالع‪ ،‬وعلة ذلك أن هذين الكمبيالتين‬
‫تاريخ استحقاقهما غير معرف عند الساحب الذي يستطيع أن يقيم الزمن بقيمة نقدية يجبر بمقتضاها‬
‫المسحوب عليه على الوفاء تفاديا لتراكم الفوائد التأخيرية‪.‬‬

‫‪385‬أحمد كويسي‪ ،‬الزمن في األوراق التجارية‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪386‬أنظر المواد ‪ 162 – 184 – 682 :‬من المدونة‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫ويمكن أن نظيف خاصية سادسة إلى جانب هذه الخصائص التي حدد أستاذنا أحمد كويسي‪،‬‬
‫ويتعلق األمر بكون عنصر الزمن في المادة الصرفية مقرر لمصلحة كل من الدائن والمدين خالفا لما هو‬
‫عليه األمر في المادة المدنية التي جعلت األجل مقرر لمصلحة المدين فقط‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬أنواع الزمن الصرفي وارتباطاته بالزمن الموضوعي‬

‫حدد األستاذ احمد كويسي‪ 387‬أنواع الزمن الصرفي من خالل المقتضيات المنظمة لهذا األخير‬
‫ضمن الكتاب الثالث من مدونة التجارة في نوعين رئيسيين هما ‪ :‬زمن صرفي محض (ثانيا) وزمن‬
‫صرفي لألطراف (أوال)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الزمن الصرفي المخول لألطراف صالحية تحديده‬


‫يتحدد اإلطار القانوني المؤطر لنطاق الزمن الصرفي المخول لألطراف صالحية حصره في‬
‫التي أتاحت لطرفيها صالحية االتفاق بينهم على نوع الكمبيالة المزمع‬ ‫‪388‬‬
‫المادة ‪ 181‬من مدونة التجارة‬
‫سحبها والتي يختلف نوع الزمن المحتمل استغراقه باختالف نوع الكمبيالة المسحوبة على مستوى كل‬
‫المراحل المتعاقبة إلى غاية وفائها في تاريخ االستحقاق‪.‬‬

‫وتبعا لذلك يعتبر التزام المسحوب عليه بوفاء مبلغ الكمبيالة محدودا من حيث الزمن‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإنه البد أن ينقض‪ ، 389‬فال يعقل أن يبقى المدين ملتزما بصورة أبدية ألن في ذلك مسا بحريته‬
‫الشخصية‪.390‬‬

‫وإذا كان المسحوب عليه يلتزم ضمن نطاق زمني يتحدد بتوافق إرادته وإرادة الطرف اآلخر‬
‫في المعاملة المسحوبة بمناسبتها الكمبيالة بوفاء هذه االخيرة عن طريق دفع مبلغ من النقود لفائدة شخص‬
‫ثالث هو المستفيد أو الحامل بمجرد االطالع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين وذلك تنفيذا لألمر الموجه‬
‫إليه من قبل الساحب‪ ،‬فإن هذا األم ر ال يمكن أن يحدث أثره إال إذا تم تقديم الكمبيالة في تاريخ الستحقاق‬

‫‪387‬الزمن في األوراق التجارية‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪388‬يجوز سحب الكمبيالة على الوجوه التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬بمجرداإلطالع‬
‫‪ -‬بعد مدة من اإلطالع‬
‫‪ -‬بعد مدة من تاريخ التحرير‬
‫‪ -‬في تاريخ معين ‪.....‬‬
‫‪389‬محمد إياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،.‬ص ‪.9 :‬‬
‫‪390‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬ج‪ ،3‬م‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون ذكر عدد الطبع‪ ،‬س‪:‬‬
‫‪ ،1964‬ص‪.553 :‬‬

‫‪87‬‬
‫إلى المسحوب عليه أو من يقوم مقامه من أجل المطالبة بالوفاء‪ ، 391‬غير أن مرحلة الوفاء هذه تسبقها‬
‫مرحلة التقديم للقبول والتي بدورها محكومة بعنصر الزمن القانوني‪ ،‬في األحوال التي يشترط فيها‬
‫الساحب التقديم أو تكون مستحقة األداء عند االطالع أو تكون قابلة األداء عند الغير أو في موطن الغير‬
‫الذي يوجد فيه مقر المسحوب عليه‪.392‬‬

‫واستنادا إلى ذلك‪ ،‬فإن الزمن الصرفي المخول لألطراف صالحية تحديده يشمل زمنين‪ ،‬زمن‬
‫التقديم للقبول (أ) وزمن الوفاء المعبر عنه بتاريخ االستحقاق (ب)‪.‬‬

‫أ‪-‬زمن التقديم للقبول‬

‫األصل أن واقعة التقديم للقبول غير محددة من حيث الزمن‪ ،‬وإن النطاق الزمني العام للتقديم‬
‫محصور في سنة من تاريخ اإلنشاء‪ ، 393‬فإذا أغفل الحامل مطالبة المسحوب عليه بالقبول فإنه ال يعتبر‬
‫مردها إلى الواقع‬ ‫‪395‬‬
‫مهمال وال يتعرض لسقوط حقه‪ ،394‬غير أن هذا األصل ترد عليه استثناءات‬
‫‪396‬‬
‫القانوني الذي تحكم في استصدار نوع الكمبيالة المسحوبة المخول للساحب بمقتضى نص القانون‬
‫والذي هو محتوى المادة ‪ 181‬من المدونة‪.‬‬

‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬فإن المقتضيات المنظمة لهذه االستثناءات تستوجب تقديم الكمبيالة للقبول‬
‫ضمن نطاق زمن معين‪ ،‬والذي قد يضيق وقد يمتد بحسب ميعاد االستحقاق المعين في الكمبيالة ذاتها‪.‬‬
‫فالكمبيالة المستحقة ألداء بعد مدة من االطالع يجب تقديمها للقبول داخل أجل سنة ابتداء من تاريخها كما‬
‫نصت على ذلك الفقرة ‪ 6‬من المادة ‪ ،174‬وطبقا لهذه األخيرة‪ ،‬يجوز للساحب أن ينقص من هذا األجل‬
‫أو يزيد فيه‪ ،‬بينما ال يجوز للمظهرين إال أن ينقصوا منه‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فمن منطلق هذه الفقرة‪ ،‬تستمد الطبيعة الخاصة للتدخل اإلرادي في الزمن الصرفي‬
‫(القانوني) التي تعزز صالحية التقصير والتمديد للزمن القانوني المحدد في سنة بالنسبة للساحب‪ ،‬أو‬
‫صالحية التقصير فقط بالنسبة للمظهرين‪.‬‬

‫‪391‬المادة ‪ 184‬في فقرتها األولى‪.‬‬


‫‪392‬أحمد كويسي‪ ،‬األوراق التجارية الكمبيالة‪ ،‬الشيك – السند األمر‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.129 :‬‬
‫‪393‬المادة ‪ 174 /1‬التي تنص على ‪ :‬يجوز لحامل الكمبيالة ‪ ......‬أن يقدمها حتى تاريخ االستحقاق إلى المسحوب عليه لقبولها"‬
‫‪394‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬األوراق التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.206 :‬‬
‫‪395‬مصطفى كمال طه‪ ،‬وائل أنور بندق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.122 :‬‬
‫‪396‬نشير في هذا الصدد إلى التأكيد على الفرضية التي انطلقنا منها على مستوى التأصيل النظري لكل من عنصري الزمن والقانون وموقع‬
‫الواقع القانوني بينهما‪ ،‬انظر مقدمة الفصل األول‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫أما الكمبيالة المستحقة األداء في تاريخ معين أو بعد مدة من تاريخ التحرير فمادام لم يرد‬
‫بشأنهما نص خاص‪ ،‬فإنهما يخضعان لألصل من حيث زمن التقديم للقبول‪ ،‬بحيث يجوز للحامل أو مجرد‬
‫الحائز‪ ،‬أن ينتظر حتى تاريخ استحقاقهما المعين من قبل الساحب ليقدمهما للمسحوب عليه لقبولهما‪.‬‬

‫أنه يمكن‬ ‫‪397‬‬


‫أما الكمبيالة المستحقة األداء عند االطالع فيرى األستاذ علي سلمان العبيدي‬
‫تقديمها للقبول وإن كان هذا األخير يجعلها مستحقة األداء بالنظر لطبيعتها‪ ،‬فإذا رفضها المسحوب عليه‬
‫تعين على الحامل تقديم احتجاج بعدم الوفاء‪ .‬ويبدو أن هذا الفقيه قد حمل البند األول من المادة ‪ 181‬من‬
‫مدونة التجارية أكثر مما يحتمل‪ ،‬بل إنه أفرغ الوظيفة التي كرسها هذا البند لهذا النوع من الكمبياالت من‬
‫كل محتوى لما أقحمها في تقنية التقديم للقبول والحال أنها مستحقة الوفاء بمجرد االطالع‪ ،‬مما يحتم‬
‫القول حسب ما يقضي به المنطق القانوني السليم التقديم للوفاء ال للقبول‪ ،‬وما يبرر توجهنا هذا هو أن‬
‫نظام الزمن الصرفي الذي يعتبر أهم وجه من بين وجوه عملة ِّشدة القانون الصرفي نجده يخلو فيما‬
‫يتعلق بتنظيم نطاق التقديم للقبول من حيث الزمن من كل مقتضى يحث على تقديم الكمبيالة المستحقة‬
‫األداء بمجرد االطالع‪.‬‬

‫عموما يترتب على القبول المقدم داخل األجل القانوني أو المحدد بإرادة الساحب أو أحد‬
‫المظهرين صحة إلجراء‪ ،‬وبالتالي افتراض تلقي المسحوب عليه مقابل الوفاء‪ ،‬وإذا رفض المسحوب‬
‫القبول وجب على الحامل القيام باحتجاج عدم القبول‪.‬‬

‫اما إذا أهمل الحامل تقديم الكمبيالة داخل األجل القانوني أو المحدد من قبل الساحب أو أحد‬
‫المظهرين‪ ،‬في األحوال التي يسمح بها القانون‪ ،‬عد الحامل الذي لم يحترم اآلجال المذكورة حامال‬
‫مهمال‪ ،‬حيث ينسلخ بموجب هذا اإلهمال من نظام الزمن الصرفي بما فيه الزمن‪ ،‬ويخضع للقواعد العامة‬
‫في المطالبة بحقوقه اتجاه المسحوب عليه بدعوى ناشئة عن الكمبيالة متى أثبت الساحب أنه قدم مقابل‬
‫الوفاء لمن سحب الكمبيالة عليه‪ ،‬وهو األمر الذي يطرح مجموعة من اإلشكاالت حول النظام الزمني‬
‫الواجب التطبيق من منطلق هل اإلهمال يفقد الورقة التجارية الطبيعية الصرفية فقط‪ ،‬أمر يفقدها الطبيعة‬
‫التجارية ككل‪ ،‬وهو ما سنتوقف عنده بالتحليل في المطلب الثاني من هذا المبحث‪.‬‬

‫‪397‬األوراق التجارية في التشريع المغربي ‪ -‬الكمبيالة – السند األذني‪ ،‬الشيك‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.199‬‬

‫‪89‬‬
‫وامتدادا للطبيعة اإلرادية لنظام الزمن الصرفي‪ ،‬فإن صالحية التمديد والتقصير ليست بيد‬
‫الساحب والمظهرين فقط‪ ،‬ولكن المشرع كفل هذه الصالحية للمسحوب عليه أيضا‪ ،‬الذي باستطاعته طبقا‬
‫للمادة ‪ 175‬من مدونة التجارة‪ ، 398‬أن يطلب تقديم الكمبيالة له في اليوم الموالي لتقديمها للمرة األولى‪.‬‬

‫إن هذا اإلقدام األخير الذي أقدم عليه المشرع بالرغم من كونه ينافي نظام الزمن الصرفي الذي‬
‫من طبائعه الشدة والقسوة التي يس تمدها من خصيصة القانون الصرفي عامة‪ ،‬فإنه بالمقابل يراعي جانب‬
‫المرونة الذي تتطلبه الحياة التجارية ويسهم في تقوية عنصر االئتمان الذي ال يعني إال منح إمهال زمني‬
‫للطرف اآلخر في المعاملة التجارية‪.‬‬

‫ب‪-‬الزمن القانوني للوفاء بالكمبيالة‬

‫يكتسي تاريخ االستحقاق أهمية كبيرة في حياة الكمبيالة ألنه هو اليوم المحدد لوفائها‪ ،399‬وترتكز‬
‫أهميته على عادة أسباب منها ما يرجع إلى الحامل الذي من مصلحته أن يعرف هذا التاريخ‪ ،‬ومنها ما‬
‫يعود لوظيفة الكمبيالة الثانية باعتبارها أداة وفاء‪ ،‬ومنها ما يعود إلى أهمية هذه األخيرة في الميدان‬
‫التجاري‪ ، 400‬لذلك فإن التجار يحرصون أشد الحرص على استيفاء الكمبياالت التي بحوزتهم في تواريخ‬
‫استحقاقها ألنهم يعتمدون على ما يقبضون لتسديد ما في ذمتهم من ديون‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن عدم احترام أحكام القانون الصرفي المنظم لزمن الوفاء بمبلغ الكمبيالة يفرغ األهمية‬
‫والدور الذي تضط لع به الكمبيالة من كل محتوى‪ ،‬كون هذه األهمية تبرز من خالل ما تمتاز به البيئة‬
‫التجارية من تشابك للعالقات وتعقيدها‪.‬‬

‫وال تقتصر أهمية احترام أحكام عنصر الزمن في قانون الصرف في الوفاء بالكمبيالة في تاريخ‬
‫االستحقاق على الحامل فقط‪ ،‬بل أن من مصلحة الموقعين جميعه م أن يوفي المسحوب عليه بالتزامه في‬
‫هذا التاريخ‪ ،‬وذلك حتى تبرأ ذمتهم من االلتزام الصرفي‪.401‬‬

‫‪398‬تنص المادة ‪ 175‬على ‪":‬يجوز للمسحوب عليه أن يطلب تقديم الكمبيالة له في اليوم الموالي لتقديمها للمرة األولى‪ ،‬وال يقبل من ذوي‬
‫المصلحة االدعاء بعدم االستجابة لهذا الطلب إال إذا كان مذكورا في االحتجاج ‪"....‬‬
‫‪ 399‬شرف محمد‪ ،‬وفاء الكمبيالة في القانون المغربي‪ ،‬بحث لنيل ديبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحسن الفاني‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،1999 :‬ص‪.8 :‬‬
‫‪400‬محمد اياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪401‬محمد اياد نجاحي‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫وعليه‪ ،‬وبالنظر لألهمية التي يكتسيها تاريخ االستحقاق ‪ ،‬فإن تحديده يجب أن يحدد بطريقة‬
‫تنسجم مع طبيعة الكمبيالة ووظيفتها ‪ ،‬بحيث ال ينبغي أن يحدد بطريقة غير تلك الطرف المنصوص عليها‬
‫فيا المادة ‪ 181‬من المدونة‪.‬‬

‫ولمحاولة اإلحاطة بنطاق الزمن الصرفي لواقعة استفاء مبلغ الكمبيالة سنتناول تحديد تاريخ‬
‫االستحقاق بين أطراف المعاملة التجارية (‪ )1‬ثم كيفية احتساب هذا التاريخ(‪ )2‬وذلك من أجل رصد‬
‫الوقت الذي يجب أن تقدم فيه الكمبيالة للوفاء‪ ،‬و جدير بالذكر أن تاريخ االستحقاق وإن كان ملزما للحامل‬
‫والمسحوب عليه‪ ،‬فإنه مع ذلك يبقى قابال للتأجيل والتمديد(‪.)3‬‬

‫‪-1‬تحديد تاريخ االستحقاق بين أطراف العملية التجارية‬

‫يقصد بتاريخ االستحقاق حلول أجل ميعاد استحقاق المبلغ الثابت في الكمبيالة‪ ،402‬والذي يجب‬
‫أن يكون م عينا تعينا نافيا للجهالة يساعد على تداول الورقة التجارية‪ ،403‬ولتحديد الزمن القانوني لواقعة‬
‫االستحقاق أهمية خاصة لكونه الوقت الذي ينبغي فيه على الحامل أن يطالب بالوفاء بين يدي المسحوب‬
‫عليه‪ ،‬فإذا امتنع هذا األخير عن الوفاء‪ ،‬تعين على الحامل القيام باإلجراءات ال منصوص عليها قانونا‪،‬‬
‫والتي يحافظ بموجبها على حقوقه الصرفية‪ ،‬ألنه عند إهماله لها يسقط حقه في الرجوع الصرفي على‬
‫باقي الموقعين‪ ، 404‬وتمتد هذه األهمية إلى مرحلة ما بعد حلول أجل االستحقاق‪ ،‬حيث يعد تحديد هذا‬
‫األخير منطلق احتساب مدة التقادم بالنسبة للمسحوب عليه القابل‪ ،‬وهو كذلك منطلق سريان آجال‬
‫الرجوع الصرفي على الموقعين في حالة رفض المسحوب عليه الوفاء بمبلغ الكمبيالة‪ ،‬ومنه أيضا يبدأ‬
‫إلى المسحوب عليه الستيفاء‬ ‫‪405‬‬
‫احتساب األيام الخمسة التي يتعين خاللها على الحامل تقديم الكمبيالة‬
‫قيمتها ‪.406‬‬

‫وقد تكفل المشرع بتحديد طرق االست حقاق عندما حدد أنواع الكمبياالت التي مكن الساحب‬
‫والمسحوب التفاق على اختيار إحداها لتسوية معامالتهم التجارية‪ ،‬وبالرجوع إلى األحكام المنظمة لهذه‬
‫األنواع التي نظمها المشرع بمقتضى المادة ‪ 181‬نرصد بؤرة تضارب الزمن القانوني التجاري مع‬

‫‪ 402‬كمال بلحركة‪ ،‬محاضرات في مادة األوراق التجارية‪ ،‬الكمبيالة‪ ،‬مطبعة‪ ،‬تارودانت ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،2004 :‬ص‪.30 :‬‬
‫‪403‬محمد اياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.11 :‬‬
‫‪404‬محمد الشافعي‪ ،‬األوراق التجارية في مدونة التجارة المغربية‪ ،‬م‪ :‬الوراقة الوطنية‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة س‪ ،2010 :‬ص‪.171 :‬‬
‫‪ 405‬بالنسبة للكمبيالة المستحقة األداء في يوم معين‪ ،‬أو بعد مدة من تاريخها أو من تاريخ االطالع‪ ،‬أنظر المادة ‪.184 :‬‬
‫‪406‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.176 :‬‬

‫‪91‬‬
‫بعضه بين كل من القانون المن ظم للزمن الصرفي‪ ،‬والقانون المحدد لنطاق أداء الديون التجارية من حيث‬
‫الزمن‪ ،‬المنظم بمقتضى قانون رقم ‪ 32.10‬وذلك في األحوال التي يسعى التجار فيها إلى حسم وتسوية‬
‫معامالتهم التجارية عن طريق األوراق التجارية تبقى الكمبيالة أهمها‪.‬‬

‫وسعيا في سبيل استجالء هذا التضارب وما يمكن أن يترتب عليه من مساس باألمن القانوني في‬
‫المادة التجارية بالنظر لتعطيل مقومات العمل التجاري المتمثلة في السرعة واالئتمان واستقرار‬
‫المعامالت حيث يندثر الضمان القانوني لخاصية السرعة الذي رسخ بمقتضى القانون ‪ 32.10‬إليجاد‬
‫نطاق زمني للمعامالت التجارية المحكومة بنظام قانوني ومتحكم فيه من قبل المشرع‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫تطلع مشرع المادة التجارية إلى تحصيله عندما أقدم على تنظيم القانون السالف الذكر‪ ،‬غير أن هذا‬
‫المشرع لم يستحضر مسألة إمكانية تسوية المعامالت التجارية بين التجار عن طريق األوراق التجارية‬
‫التي تعد الكمبيالة أهمها‪ ،‬والتي تخضع لنظام زمني قانوني خاص ودقيق وهو الزمن الصرفي‪ ،‬ذلك أنه‬
‫بمجرد أن يعمد التجار إلى تسوية المعامالت التجارية القائمة بينهم عن طريق سحب المدين كمبيالة على‬
‫نفس ه لفائدة الدائن‪ ،‬أو عن طريق سحب هذا األخير كمبيالة على المدين استيفاء لحقه في تاريخ‬
‫االستحقاق الذي يمكن أن يتجاوز حده األقصى السنة‪ ،‬يفرغ القانون ‪ 32.10‬من كل محتوى ويجعله كألم‬
‫يكن‪ ،‬وبالتالي عدم تحقيق المقاصد التي جيء به من أجلها‪ ،‬كما سيندثر عنصر االئتمان تبعا النعدام‬
‫االنسجام بين القوانين المنظمة لنفس المادة القانونية‪ ،‬بل والمنظمة لنفس الجزئية وهي واقعة األداء من‬
‫حيث الوسيلة المعتمدة في الوفاء والنطاق الزمني لتسوية هذا الوفاء‪ ،‬وهو ما سيؤدي إلى اضطراب البيئة‬
‫التجارية المنبثق ال محالة عن فوضى التنظيم القانوني خاصة منه التنظيم القانوني لعنصر الزمن‪ ،‬ولما‬
‫لهذا العنصر من قيمة ووزن في الم يدان التجاري في حال التحكم فيه بقوانين متالئمة ومنسجمة‪ ،‬وما‬
‫يشكله من خطورة على اضطراب المعامالت التجارية التي يسومها سوء التأطير في حال االنفالتات‬
‫المتسربة للنظام القانوني لعنصر الزمن‪.‬‬

‫واستنادا إلى ذلك نقول بهشاشة المنظومة القانونية المنظمة لعنصر الزمن في المادة التجارية‬
‫وغياب الرؤية الواضحة والنسق المجانس الذي ينبغي أن يسير وفقه التشريع التجاري المغربي‪ ،‬وبالتالي‬
‫ضعف الحكامة التشريعية لمالءمة عنصر الزمن في المادة التجارية بالرغم من االلتفاتة التي قام بها‬
‫المشرع من خالل قانون آجال األداء المتمم لمدونة التجاري‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫إن المشرع لم يكن يهمه مالءمة القانون التجاري المغربي لخدمة البيئة التجارية لتحقيق الثقة‬
‫واالئتمان وضمان مبدأ سرعة المعامالت التي تعد عصب الحياة التجارية بقدر ما كان يهمه مالءمة‬
‫التشريع المغربي مع نظيره األوربي‪ ،‬وهو ما يطرح اإلشكال حول مسألة وضع النص في سياقه‬
‫المحلي‪ ،‬والتي تعد تقنية غائبة في فكر التشريع المغربي‪ ،‬وبالتالي اصطدام تطبيق القانون في الواقع‬
‫العملي وهو ما سيؤدي إلى اضطراب البيئة التجارية وتالشي مبدأ االستقرار واألمنين القانوني‬
‫والقضائي في المادة التجارية الذي من المفروض أن يكونا الدافع األساسي لوضع نظام زمني خاص‬
‫لمشروع قانون‬ ‫‪407‬‬
‫بالقانون التجاري‪ .‬وما يعضد توجهنا هذا ويبرره ما ورد في عرض السيد الوزير‬
‫‪ 32.10‬الذي أكد من خالله على ضرورة الحفاظ على النسيج االقتصادي المغربي‪ ،‬وربط تحقيق ذلك‬
‫بوضع حد لعرقلة تطور المقاوالت الذي لن يتأتى إال بتقليص آجال األداء وتقنين هذا التقليص‪ ،‬مما‬
‫سيكون له أثر إيجابي على مالية المقاوالت وهو األمر الذي يتحقق في ضوء مالءمة تشريعنا مع‬
‫الشركاء األوربيين‪ ،‬يقول السيد الوزير‪.‬‬

‫إن هاجس التبعية القانونية الذي استفحل في كيان التشريع المغربي وما يترتب عليه من اقتباس‬
‫لمختلف نصوص القا نون الحديثة التبني في منظومة التشريع األوربية خاصة الفرنسية منها دون اعتماد‬
‫معايير معقولة تراعي الخصوصية المحلية للبيئة التي جلب إليها هذا النص‪ ،‬ودون محاولة لمالءمة‬
‫النص الجديد مع غيره من النصوص السابقة عليه في التبني‪ ،‬سيحدث ال محالة اضطراب في الحقل‬
‫القانو ني المنظم للبيئة التجارية سيما وأن القوانين موضوع الحديث تتعلق بتلك التي تنظم عنصر الزمن‬
‫وهو ما سيؤدي إلى انعدام الثقة في النص التشريعي من قبل المخاطبين به بسبب عدم المالءمة‪،408‬‬
‫وبالتالي اضمحالل تلمس األمنيين القانوني والقضائي في المادة التجارية تبعا النعدام الثقة واالئتمان‬
‫وتقليص هامش السرعة واستقرار المعامالت بين التجار بسبب ضعف الثقة في المنظومة القانونية‪ ،‬ذلك‬
‫أن النص أو القاعدة القانونية إحدى آليات عمل القاضي من جهة‪ ،‬وهما أداة لحماية الحقوق واستقرار‬
‫المعامالت ومن ثم إحدى مؤشرات الثقة وحفز التجارة واالستثمار واستقطابه من جهة ثانية‪.409‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإذا كان ما سبق يتعلق بكيفية تحديد تاريخ االستحقاق الذي تكفل المشرع بتحديده‬
‫بمقتضى المادة ‪ 184‬بحصره ألنواع الكمبياالت التي يمكن سحبها‪ ،‬وترك لألفراد حرية اختيار ما يرونه‬

‫‪407‬تقرير لجنة القطاعات اإلنتاجية‪ ،‬إدريس صقلي عدوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 3 :‬من عرض السيد الوزير‪.‬‬
‫‪ 408‬يونس العياشي‪ ،‬األمن القانوني والقضائي وأثرهما في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬م‪ :‬دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،2012 :‬ص‬
‫‪.5 :‬‬
‫‪409‬يونس العياشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.6 :‬‬

‫‪93‬‬
‫مناسبا لتسوية معامالتهم التجارية بالرغم من اإلشكاالت العملية التي يثيرها هذا التنظيم في عالقة بغيره‬
‫من القوانين المنظمة لعنصر الزمن‪ ،‬فإن هذا التعدد أخضعه المشرع لطريقة احتساب حددها بنص‬
‫القانون‪.‬‬

‫‪-2‬كيفية تحديد زمن الستحقاق‬


‫بغض النظر عن نوع الكمبيالة المسحوبة‪ ،‬حدد المشرع بعض القواعد من أجل التثبت من يوم‬
‫اال ستحقاق وذلك بتنظيم قواعد خاصة بحساب مواعيد الستحقاق (‪ )1 : 2‬والذي يتأثر بعامل العطل‬
‫الرسمية واختالف اليوميات عليه (‪.)2 : 2‬‬

‫‪ 1-2‬القواعد الخاصة بتحديد زمن االستحقاق‬

‫بالنظر ألهمية عنصر الزمن والتدقيق في تحديده في منظومة الزمن الصرفي حرص المشرع‬
‫على تضمين بعض نصوص القانون الصرفي عددا من قواعد التفسير الخاصة بحساب مواعيد‬
‫وخاصة بموجب المادة ‪ 5 -6 -7 -8 -9 /182‬و المواد ‪ 231- 229 – 183‬من مدونة‬ ‫‪410‬‬
‫الستحقاق‬
‫التجارة‪.‬‬

‫ومن خالل هذه المواد المشار إليها نستخلص هذه القواعد التي يجب االهتداء بها لتحديد مواعيد‬
‫استحقاق الكمبيالة‪ ،411‬ولسوف نعرض لهذه القواعد فيما يلي ‪:‬‬

‫ال يدخل اليوم األول وال اليوم األخير في حساب المواعيد القانونية أو االتفاقية وذلك تطبيقا‬
‫للفقرة األولى من المادة ‪ 231‬من المدونة‪ ،‬ويرجع سبب عدم إدخال يوم التحرير أو يوم القبول أو‬
‫االحتجاج وكذا اليوم األخير في الحساب إلى تسييج خاصية االئتمان بداية ونهاية‪ ،‬وبالتالي تمكين‬
‫المسحوب عليه من االستفادة من األجل كامال‪.412‬‬

‫آليات تحديد تاريخ االستحقاق في الكمبيالة المستحقة بعد شهر أو عدة أشهر من تاريخها‬ ‫‪-‬‬
‫أمن االطالع‪.‬‬

‫وذلك تطبيقا للمادة ‪ ، 182 /5‬فإذا كانت صياغة هذه المادة واضحة على مستوى مطلع هذه‬
‫الفقرة التي جاء فيها أن الكمبيالة المستحقة بعاد شهر أو عدة أشهر من تاريخها أو من تاريخ االطالع يقع‬
‫‪410‬محمد اياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.21 :‬‬
‫‪411‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.180 :‬‬
‫‪412‬محمد شرف‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.8 :‬‬

‫‪94‬‬
‫استحقاقها في مثل هذا التاريخ الذي يجب فيه الوفاء‪ ،‬فإن حرص المشرع على التدقيق في ضبط عنصر‬
‫الزمن على مستوى استحقاق الكمبيالة‪ ،‬حمل هذا األخير على وضع آلية دقيقة تستنبط من الحالة التي ال‬
‫يوجد فيها تاريخ مقابل بذلك التاريخ حيث تكون مستحقة في اليوم اآلخر من الشهر‪ ،‬ومرد ذلك إلى كون‬
‫بعض الشهور ال تتقابل مع بعضها من حيث العدد‪ ،‬فمثال إذا سحبت كمبيالة بتاريخ ‪ 31‬يناير على أن‬
‫تستحق بعد شهر من تاريخها فإنما تستحق األداء يوم ‪ 28‬فبراير أو ‪ 29‬بحسب طبيعة السنة هل هي‬
‫كبيسة أم بسيطة‪ ،‬وذلك ألن ‪ 31‬يناير ال مقابل لها في شهر فبراير‪ ،‬وهو تنظيم ينم عن وعي المشرع‬
‫بأهمية ضبط وتقنين عنصر الزمن في عالقة بواقعة استيفاء مبلغ الكمبيالة نظرا لما يمكن أن يترتب على‬
‫عدم تقنين هذا ال عنصر على هذا المستوى من أخطار تمس االئتمان والثقة بين التجار وهي التفاتة تحسب‬
‫للمشرع المغربي‪.‬‬

‫‪ -‬آليات تحديد موعد استحقاق الكمبيالة المستحقة بعد شهر ونصف أو عدة أشهر ونصف‪.‬‬

‫في حال سحب كمبيالة مستحقة األداء بعد شهر أو عدة شهور ونصف من تاريخها أو تاريخ‬
‫بغض النظر عن العدد اليومي الذي يمكن أن ينتهي به‬ ‫‪413‬‬
‫االطالع وجب بدء الحساب بالشهور كاملة‬
‫الشهر‪.‬‬

‫ويقتضي المنطق القانوني السليم أال تسري هذه القاعدة فقط على الكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة‬
‫من االطالع وإنما كذلك على الكمبيالة المستحقة األداء بمجرد االطالع التي اشترط الساحب تقديمها‬
‫للوفاء ال يمكن أن يكون قبل فترة زمنية معينة‪.414‬‬

‫‪ -‬آليات تحديد ميعاد االستحقاق المحدد في أول شهر أو منتصفه أو آخره‬

‫نص المشرع صراحة بموجب المادة ‪ 182 /7‬أن الكمبيالة تستحق الوفاء في أول الشهر أو‬
‫منتصفه أو آخره‪ ،‬وعليه فإن المقصود بأول الشهر اليوم األول منه‪ ،‬ومنتصفه في اليوم الخامس عشر‬
‫أن عبارة الخمسة عشر يوما يقصد بها‬ ‫‪415‬‬
‫منه‪ ،‬وآخره هو اليوم األخير منه‪ .‬ويرى بعض الباحثين‬
‫نصف شهر بغض النظر عن عدد أيام ذلك الشهر‪ ،‬بحيث أنه لو سحبت كمبيالة على أن تستحق األداء‬

‫‪413‬المادة ‪ : 184‬تنص على ‪":‬إذا سحبت الكمبيالة لشهر أو عدة شهور ونصف من تاريخها أو من تاريخ االطالع‪ ،‬وجب بدء إكساب بالشهور‬
‫كاملة‪.‬‬
‫‪414‬محمد اياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.23 :‬‬
‫‪415‬محمد اياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪. 24 :‬‬

‫‪95‬‬
‫بعد نصف شهر‪ ،‬وكان تاريخها في فاتح فبراير‪ ،‬فإن تاريخ االستحقاق يجب أن يكون هو الخامس عشر‬
‫منه خارج احتساب اليوم األخير الذي هو الرابع عشر يقول الباحث‪.‬‬

‫إن ما ذهب إليه هذا الباحث يقع مجانبا للصواب في اعتقادنا لفهمه النص القانوني على غير‬
‫حقيقته وتحميله إياه أكثر مما يحتمل‪ ،‬ذلك أن العبرة بعدد األيام التي فسر بها المشرع عبارة نصف شهر‬
‫بشكل صريح‪ ،‬وهي الخمسة عشر يوما‪ ،‬إذ لو اعتبرنا أن اليوم الرابع عشر هو اليوم األخير في تاريخ‬
‫سحب الكمبيالة المنشأة في فاتح فبراير باعتباره نصف الشهر‪ ،‬فكيف هو الحال إذا ما كان هذا الشهر‬
‫ينتهي بتسعة وعشرين يوما؟ وعليه فالمقصود بعبارة نصف شهر من خمسة عشر يوما بغض النظر عن‬
‫الشهر الذي سحب فيه الكمبيالة‪.416‬‬

‫‪ -‬آليات تحديد تاريخ استحقاق الكمبيالة المستحقة بعد أيام محددة‬

‫لم يتوقف تتبع المشرع لزمن االستحقاق عند حدود الشهور‪ ،‬وإنما تعداه لينظم بشكل دقيق‬
‫الكمبياالت المسحوبة بعد مرور أيام محددة‪ ،‬ومن ذلك ما نصت عليه المادة ‪ 184 / 8‬التي جاء فيها ‪":‬ال‬
‫تعني عبارة ثمانية أيام أو خمسة عشر يوما‪ ،‬أسبوعا أو أسبوعين وإنما ثمانية أيام أو خمسة عشر يوما‬
‫بالفعل"‪ .‬واستنادا إلى قاعدة تمكين المسحوب عليه من االستفادة من اآلجال كاملة‪ ،‬فإن أجل الثمانية أيام‬
‫أو الخمسة عشر يوما يجب أن يستنفد كامال‪.‬‬

‫‪-2-2‬تأثر زمن االستحقاق بالعطل الرسمية واختالف اليوميات‬

‫خالفا لألصل الذي يفترض نشوء كمبيالة بين تاجرين من نفس البيئة التجارية من جهة‪،‬‬
‫ويفترض استحقاقها في يوم عمل من جهة ثانية‪ ،‬هناك استثناءات يمكن أن يتغير نطاق الزمن بفعلها في‬
‫اتجاه التمديد أو التقليص بحسب األحوال‪ ،‬ومن هذه العوامل المؤثرة ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬عامل اختالف تقويم بلد إلنشاء عن بلد الوفاء وأثره على تحديد زمن االستحقاق‬

‫‪416‬أنظر بهذا الخصوص ‪:‬‬


‫‪ -‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.180 :‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪ 297 :‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫أراد المشرع أن يدرأ كل نزاع متعلق بحساب ميعاد االستحقاق‪ ،417‬ومن أجل ذلك تناول بالتنظيم‬
‫مسألة تحديد تاريخ االس تحقاق حتى في األحوال التي تختلف فيها يومية تبلد اإلنشاء عن يومية بلد‬
‫الوفاء‪ ، 418‬وهو األمر الذي نادرا ما يتحقق إال إذا تعلق األمر بكمبيالة دولية مسحوبة في دولة ومستحقة‬
‫في دولة أخرى‪.419‬‬

‫إن إيالء االهتمام التشريعي لهذا النوع من التنظيم القانوني ذي الطبيعة الزمنية لينم عن‬
‫استحضار المشرع لهذا الهاجس المحكوم بالشعور بأهمية الزمن في المادة التجارية عموما والصرفية‬
‫على وجه الخصوص‪ .‬والحقيقة أن اعتماد تقويم بلد الوفاء يعتبر حال منطقيا ألنه ال يعقل أن يلزم‬
‫المسحوب عليه بالوفاء حسب تقويم بلد اإلنشاء ألن من شأن ذلك أن يربكه خصوصا وأن التاجر ينظم‬
‫نشاطه التجاري ويقوم بتقييداته ويسجل ماله في ذمة الغير من ديون وتاريخ استحقاقها وكل ذلك وفقا‬
‫لتقويم البلد الذي يزاول فيه نشاطه‪ .‬والشك أن كل هذا يصب في اتجاه واحد وهو تحقق التوازن بين‬
‫مصلحة الحامل ومصلحة المسحوب عليه ‪.420‬فعند استصدار كمبيالة مستحقة األداء بعد مدة من تاريخها‬
‫بحيث كان بلد اإلنشاء يأخذ بالتقويم الهجري وبلد‬ ‫‪421‬‬
‫في حال اختالف التقويم بين بلد اإلنشاء وبلد الوفاء‬
‫الوفاء يأخذ بالتقويم الميالدي وجب إرجاع تاريخ إلنشاء إلى اليوم المقابل في تقويم بلد الوفاء‪ ،‬ويتحدد‬
‫تاريخ االستحقاق تبعا لذلك‪.‬‬

‫‪ -‬عامل مصادقة تاريخ االستحقاق ليوم عطلة رسمية واثره على تحديد زمن االستحقاق‬

‫لما كان معلوما أن يوم العطلة سواء كانت رسمية وطنية أو دينية يوقف كل إجراء قانوني كان‬
‫من شأنه أن يباشر في ذلك اليوم الذي كان محددا في تاريخ االستحقاق‪ ،‬وفي هذا الصدد نقول بأن زمن‬
‫االستحقاق يتأثر بالتمديد بشكل تلقائي متى كان اليوم المعين لالستحقاق يصادف عطلة رسمية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن أيام العطل ليس لها أي تأثير على زمن االستحقاق إذا ما تخللت األجل‬
‫المحدد لالستحقاق‪ ،‬وذلك حتى ال يتم تمطيط اإلمهال االئتماني على حساب مصلحة الحامل‪ ،‬وبالتالي‬
‫اإلضرار بباقي الموقعين الذين من مصلحتهم الوفاء بمبلغ الكمبيالة في تاريخها‪ ،‬ومنه فإن أيام العطل‬

‫‪417‬عبد لحميد الشواربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.293 :‬‬


‫‪418‬المادة ‪" 183 /1‬إذا كانت الكمبيالة مستحقة الوفاء في يوم معين‪ ،‬وكانت اليومية المعمول بها في مكان الوفاء تختلف عن اليومية المعمول‬
‫بها في مكان إلصدار اعتبر تاريخ االستحقاق معينا وفقا ليومية مكان الوفاء‪.‬‬
‫‪419‬محمد اياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.24 :‬‬
‫‪420‬محمد اياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.25 :‬‬
‫‪421‬المادة ‪ ،183 /2‬م س‪ ،‬ص‪.25 :‬‬

‫‪97‬‬
‫ليس لها اي تأثير وهي في ذلك شأنها شأن األيام العادية إال ما صادف منها يوم االستحقاق‪ ،‬وذلك ليس‬
‫راجع لطبيعة اليوم بالذات وإنما بسبب تعطيل التاجر الفرد أو المؤسسة الملقى عليها التزام الوفاء لعملها‬
‫يوم العطلة‪ ،‬مما حمل المشرع على تنظيم هذه النقطة حماية لعنصر االئتمان‪ .‬غير أنه بالرغم من ذلك‬
‫فإن الحامل غير ملزم بتقديم الكمبيالة للوفاء في يوم االستحقاق بالذات‪ ،422‬بحيث يحق له أن يقدمها في‬
‫أحد أيام العمل الخمسة المو الية له‪ ،‬كإحدى صور التمديد اإلرادي لتقديم الكمبيالة قصد استيفاء المبلغ‬
‫المضمن بها‪ ،‬والذي يمكن أن يأخذ إلى جانب ذلك تمديدا قانونيا أو اتفاقيا وهي المسألة التي سنحاول‬
‫مناقشتها في النقطة الموالية‪.‬‬

‫‪-3‬تمديد زمن الوفاء‬


‫الزمن الصرفي من زاوية العالقة الصرفية الرابطة بين الساحب والمسحوب وباقي الملتزمين‬
‫يعد مقررا لمصلحتهم جميعا‪ ،‬وذلك خالفا للزمن في القانون المدني الذي يعد مقررا لمصلحة المدين فقط‪،‬‬
‫على مستوى األجل الممنوح له لترتيب أموره للوفاء بدينه‪ ،‬بحيث أن الحامل يحرص تمام الحرص على‬
‫تقديم الكمبيالة للمسحوب عليه القا بل في األجل القانوني لوفائها‪ ،‬وإال عد حامال مهمال مما يترتب على‬
‫ذلك من آثار‪ ،‬كما أن المسحوب عليه يكون حريصا على االستفادة من األجل كامال‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫حرصه على الوفاء بمبلغ الكمبيالة ليتحلل من التزامه الصرفي من جهة وصونا ألخالقيات االئتمان من‬
‫جهة ثانية‪.‬‬

‫وإذا كانت القاعدة الواردة في المادة ‪ 231 /2‬ال تجيز تمتيع المسحوب عليه بأي إمهال قانوني أو‬
‫قضائي‪ ،‬فإن ثمة استثناءات ترد على هذه القاعدة أحالت عليهما المادة السالفة الذكر‪ ،‬ويتعلق األمر‬
‫التمديد القانوني لزمن الوفاء (‪،)1.3‬‬ ‫بالمادة ‪ 196‬والمادة ‪ 207‬من المدونة والتي أطلق عليها الفقه‬
‫‪423‬‬

‫كما قد يتم االتفاق بين الحامل والمسحوب عليه على تمديد زمن االستحقاق (‪.)2 : 3‬‬

‫‪ 1-3‬التمديد القانوني لزمن االستحقاق‬


‫منعت القاعدة المنصوص عليها في المادة ‪ 231 /2‬منح أي إمهال قانوني أو قضائي إال بموجب‬
‫نص خاص كأصل‪ ،‬وهي الخاصية التي تعد أهم خصائص الزمن الصرفي‪ ،‬غير أن المشرع أورد‬

‫‪422‬المادة ‪.184 /1‬‬


‫‪423‬أنظر بهذا الخصوص ‪ :‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.181 :‬‬

‫‪98‬‬
‫استثناء على هذا األصل‪ ،‬حيث أجاز التمديد على هذا المستوى في حالة المادتين ‪ 196‬و ‪ 207‬من‬
‫المدونة‪.‬‬

‫فحالة المادة ‪ 196‬وهي حالة التسوية أو التصفية القضائية للمسحوب عليه أو لساحب كمبيالة‬
‫مشروط عدم تقديمها للقبول‪ ،‬ولما كان الم شرع قد أجاز للحامل الرجوع على باقي الملزمين في مثل هذه‬
‫األحوال‪ ،‬فقد أجازت الفقرة األخيرة من هذه المادة أن يقدموا خالل ثالثة أيام من تاريخ الرجوع عليهم‬
‫إلى رئيس المحكمة التي يوجد بدائرتها موطنهم عريضة لطلب آجال‪ ،‬فإذا تبين لرئيس المحكمة أن‬
‫الطلب مبني على أسا س‪ ،‬عين األجل الذي يتعين على الضامنين الوفاء خالله بمبلغ الكمبيالة على شرط‬
‫أال يتجاوز ذلك النطاق الزمني لالستحقاق المعين في السند‪.‬‬

‫من جانب آخر بأن إمعان النظر في هذه المقتضيات يفيد أن هذا التمديد‬ ‫‪424‬‬
‫ويرى األستاذ كويسي‬
‫الذي يمس زمن االستحقاق والذي يمنحه رئيس المحكمة للضامنين ال يناقض روح المادة ‪ 231 /2‬على‬
‫أساس أن هذا التمديد ال يجب أن يتعدى األجل المعين في الكمبيالة سلفا‪ .‬فصالحية رئيس المحكمة مقيدة‪،‬‬
‫ومع ذلك نقول بأن هناك تمديدا للزمن الصرفي مادام الحامل كان باستطاعته الرجوع على باقي‬
‫الملتزمين بمجرد ثبوت واقعة ا لتسوية أو التصفية القضائية‪ ،‬ويستفيد بالتالي من سقوط األجل لوال جنوح‬
‫الملزمين إلى استصدار أمر من رئيس المحكمة لمنحهم إمهاال قضائيا ذي طبيعة قانونية مادام مقيدا بنص‬
‫القانون‪.‬‬

‫حالة المادة ‪ 207‬وهي حالة القوة القاهرة‪ ،‬حيث نصت الفقرة االولى من المادة المذكورة صراحة‬
‫على إمكانية توسيع نطاق زمن االستحقاق بتمديده إذا ما حالت قوة قاهرة دون تقديم الكمبيالة للوفاء أو‬
‫إقامة االحتجاج في األجل القانوني‪ ،‬غير أن هذا التمديد رهين بقيام الحامل بتوجيه إخطار لمن ظهر له‬
‫الكمبيالة‪ ،‬يؤرخه ويوقعه وينذره بوجود القوة القاهرة‪.‬‬

‫فإنه يجب عدم‬ ‫ونظرا أل ن تمديد النطاق الزمني لالستحقاق يعتبر خروجا عن األصل العام‬
‫‪425‬‬

‫التوسع في تطبيقه ألن من شأن ذلك أن يلحق الضرر بالضامنين االحتياطيين ألنهم سيجدون أنفسهم‬
‫ملزمين بضمان الوفاء لمدة تطول عن تلك التي كانوا يعتقدون‪ ،‬ومراعاة من المشرع لمصلحتهم فقد عمد‬
‫إل ى تحديد النطاق الزمني الذي ال ينبغي أن تستغرقه مدة القوة القاهرة وحصره في نطاق ثالثين يوما‪،‬‬

‫‪424‬األوراق التجارية‪ ،‬الكمبيالة‪ ،‬الشيك‪ ،‬السند ألمر‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.182 :‬‬
‫‪425‬محمد اياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.30 :‬‬

‫‪99‬‬
‫كما عمد إلى تحديد كيفية احتساب مدة الثالثين يوما آخذا بعين االعتبار طرق تحديد تاريخ االستحقاق‪،‬‬
‫وهكذا نصت المادة ‪ 207‬في فقرتها الخامسة يسري أجل الثالثين يوما بالنسبة للكمبيالة المستحقة عند‬
‫االطالع أو بعد مدة من االطالع ابتداء من تاريخ إخطار الحامل لمن ظهر له الكمبيالة بوجود حالة القوة‬
‫القاهرة حتى ولو وقع ذلك اإلخطار قبل انصرام أجل التقديم‪ ،‬وبالنسبية للكمبيالة المستحقة بعد مدة من‬
‫االطالع يضاف أجل الثالثين يوما‪ ،‬إلى مدة ما بعد االطالع المحددة في السند سلفا‪ ،‬بحيث أنه في‬
‫األحوال التي تستمر فيها القوة القاهرة ألكثر من ثالثين يوما‪ ،‬فقد أجاز المشرع للحامل الرجوع على‬
‫باقي الملزمين من دون الحاجة إلى أي إجراء قانوني ما لم تكن دعوى الرجوع موقوفة بمقتضى‬
‫نصوص خاصة‪.426‬‬

‫‪-2-3‬التمديد االتفاقي لزمن االستحقاق‬

‫وإذا كان‬ ‫يعد تاريخ الستحقاق من البيانات اإللزامية التي يجب ذكرها في متن سند الكمبيالة‬
‫‪427‬‬

‫ما لم يكن عدم ذكر‬ ‫‪428‬‬


‫أهمل الساحب ذكر ذلك‪ ،‬فإن الكمبيالة تعتبر مستحقة الوفاء بمجرد االطالع‬
‫التاريخ ناتج عن اتفاق بين الساحب والمستفيد على إضافته من قبل هذا األخير في فترة الحقة ‪ .429‬ومهما‬
‫يكن من أمر‪ ،‬فإنه ال يجوز لألطراف تمديد النطاق الزمني الستحقاق الكمبيالة إال باالتفاق بين الحامل‬
‫والمسحوب عليه عن طريق إنشاء كمبيالة جديدة تعرف بكمبيالة الرجوع‪ ،430‬أو تضمين الكمبيالة‬
‫األصلية تاريخا جديدا لالستحقاق استنادا لظروف الواقع‪.‬‬

‫المحور الرئيسي للتحكم في واقعة التمديد الزمني لميقات‬


‫ِّ‬ ‫وتبقى ظروف الواقع القانوني‬
‫بأن تمديد ميعاد االستحقاق يمكن أن يتم بناء‬ ‫‪431‬‬
‫االستحقاق‪ ،‬وفي هذا الصدد يرى األستاذ أحمد كويسي‬
‫على اتفاق بين الحامل وأحد المظهرين‪ ،‬أو بين الحامل والساحب‪ ،‬ويمكن أن نتصور تحكم الواقع‬
‫القانوني في هذه الحالة األخيرة وتأثيره على عنصر الزمن بالتمديد أن يتأخر الساحب في تقديم مقابال‬
‫الوفاء بين يدي المسحوب عليه الذي من حقه أن يرفض مادام لم يتوصل بعد بمقابل الوفاء‪ ،‬فيعمد‬

‫‪426‬قاعدة وقف المتابعات الفردية؛ أنظر المادة ‪ 653‬وما بعدها مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪427‬الفصل ‪ 159‬من المدونة‪.‬‬
‫‪428‬محكمة االستئناف التجارية بفاس‪ ،‬رقم‪ ،272 :‬صادر بتاريخ‪ ،2011/03/1 :‬ملف ع‪(.2010/1325 :‬غير منشور)‬
‫‪429‬محمد إياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.32 :‬‬
‫‪430‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.183 :‬‬
‫‪431‬انظر‪ :‬اإلحالة رقم‪ ،459 :‬األوراق التجارية‪ -‬الكمبيالة ‪ -‬سند األمر‪ -‬الشيك‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.183 :‬‬

‫‪100‬‬
‫الساحب إلى االتفاق بالتراضي بينه وبين الحامل على اعتماد تاريخ استحقاق جديد يحمل الحامل على‬
‫إرجاء واقعة تقديم الكمبيالة للوفاء إلى حين تقديم الساحب لمقابل هذا الوفاء للمسحوب عليه‪.‬‬

‫وفي االحوال التي يتم فيها سحب كمبيالة الرجوع على المسحوب عليه باتفاق بينه وبين الحامل‬
‫يتم إعفاء الملزمين بمقتضى الكمبيالة من منطلق أ ن السند الجديد ال يحمل توقيعهم‪ ،‬ومن جهة ثانية يبرر‬
‫االعتبار الزمني لنشوء كمبيالة الرجوع‪ ،‬والذي يؤكد ارتباط الطبيعة الصرفية بزمن نشوء الورقة ال‬
‫بزمن نشوء العالقة األصلية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الزمن الصرفي المحض‬

‫يتشكل اإلطار القانوني المنظم للزمن الصرفي المحض المحدد بنص القانون والذي يضفي عليه‬
‫خصوصية تجعله يستقل عن غيره من أنظمة الزمن القانوني في باقي موضوعات القانون التجاري‬
‫األخرى‪ ،‬من كل من المقتضيات القانونية المنظمة لعنصر الزمن الصرفي على مستوى الرجوع فيما‬
‫يتعلق باالحتجاج أو اإلعالم وكذا التقادم‪ ،‬وما حملنا على وصف الزمن الصرفي في هذا المقام بالمحض‬
‫راجع لسببين رئيسيين ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬لتمييزه عن النوع األول الذي يترك فيه األطراف حرية أعمال إرادتهم لتحديد المواقيت‬
‫التي تناسبهم‪ ،‬وإن كان هذا اإلعمال لإلرادة مسيج بمقتضى نطاق زمني محدد قانونا‪ ،‬والثاني‪ :‬لكون‬
‫الزمن الصرفي على هذا ا لمستوى محدد سلفا سواء تعلق األمر بزمن الرجوع (أ) أو بشروطه‬
‫وإجراءاته و نطاقه الزمني(ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬زمن الرجوع‬

‫الشك أن العمر االفتراضي للكمبيالة ينتهي بوفائها‪ ،‬وبالتالي تنقضي مهمتها طبيعيا‪ ،432‬غير أنه‬
‫يمكن للمسحوب عليه أن يمتنع عن الوفاء بالكمبيالة‪ ،‬كما لو لم يتلق مقابل الوفاء أو كان عاجزا عن القيام‬
‫بالوفاء ‪ ،‬مما يؤدي إلى إطالة عمر الورقة‪ ،‬وأيا كان سبب ا المتناع‪ ،‬فقد أحاط المشرع الوفاء بالكمبيالة‬
‫بعدة ضمانات وذلك قصد طمأنة الحامل على حقوقه في مواجهة المسحوب عليه القابل الذي تلقى مقابل‬
‫الوفاء وغيره من الملتزمين بمقتضى ا لكمبيالة‪ ،‬وأهم ضمانة أساسية ممنوحة للحامل حق الرجوع‬
‫الصرفي وما يستلزمه من ضرورة التقيد بمقتضيات الزمن القانون للرجوع‪ ،‬ذلك أن المشرع نظم حاالت‬

‫‪432‬محمد اياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.54 :‬‬

‫‪101‬‬
‫الرجوع من حيث الزمن في حالتين أساسيتين ‪ :‬رجوع عند االستحقاق (‪ )1‬ورجوع قبل تاريخ‬
‫االستحقاق (‪ )2‬إال أن حق الرجوع الص رفي على الضامنين سواء تم في ميعاد االستحقاق أو قبله‪ ،‬يجب‬
‫أن يقع ضمن شروط وإجراءات معينة‪ 433‬يراعى فيها عنصر الزمن بشكل حاسم‪.‬‬

‫‪-1‬الرجوع في ميعاد االستحقاق‬


‫حدد المشرع نطاق الرجوع الصرفي عند االستحقاق من حيث الزمن بموجب البند األول من‬
‫المادة ‪ 196‬وجعله موقوفا على شرط امتناع المسحوب عليه عن الوفاء بالكمبيالة بتاريخ االستحقاق‪،‬‬
‫شريطة إثبات الحامل ذلك المتناع بمقتضى سند رسمي ما لم يتم إعفاء الحامل من إقامة هذا االحتجاج‪،‬‬
‫وعلى أن يتم ذلك داخل أجل التقادم الصرفي الذي سنناقشه في حينه‪.‬‬

‫‪-2‬الرجوع الصرفي قبل ميعاد الستحقاق‬


‫نظم المشرع الرجوع الصرفي في هذا الميعاد ‪-‬قبل حلول أجل االستحقاق‪ -‬بموجب البند الثاني‬
‫من المادة ‪ 196‬السالفة الذكر‪ ،‬وحدد حاالته على سبيل الخصر‪ ،‬حتى ال يتم القياس عليها‪ ،‬وذلك لما‬
‫يستوجبه عنصر الزمن من ضبط ودقة في التحديد تجنبا ألي إرباك من شأنه أن يمس باستقرار البيئة‬
‫التجارية الذي يخلفه رجوع الحامل على المظهرين والساحب‪.‬‬

‫وتتجلى حاالت الرجوع الصرفي قبل تاريخ االستحقاق في ثالث حاالت رئيسية‪:‬‬

‫‪ ‬حالة االمتناع الكلي أو الجزئي عن القبول‬

‫ويحمله على فقد‬ ‫‪434‬‬


‫لما كان االمتناع عن القبول يزعزع ثقة الحامل في مالءة المسحوب عليه‬
‫ال ثقة االئتمانية في هذا األخير‪ ،‬فتح المشرع باب الرجوع بتزامن مع هذا االمتناع الذي يجعل الحامل في‬
‫منآى عن انتظار حلول تاريخ االستحقاق‪ ،‬ليتسنى له استيفاء مبالغه المضمنة بالكمبيالة قبل ذلك التاريخ‪.‬‬

‫إن تشريع قانون جنيف الموحد الذي أخذ عنه المشرع المغربي فيما يتعلق بباب الرجوع‬
‫الصرفي قبل تاريخ االستحقاق راعى بشكل معقول القيمة االقتصادية لعنصر الزمن في القانون الصرفي‬
‫بحيث أعطى للحامل الحرية في الرجوع على الموقعين السابقين له‪ .435‬دون الحاجة إلى انتظار حلول‬
‫أجل االستحقاق وما يترتب على ذلك من تأخير وحرمان من االستفادة من عملية الرسملة للمبلغ المراد‬
‫‪433‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.196 :‬‬
‫‪434‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.197 :‬‬
‫‪435‬مع ضرورة احترام الشروط الخاصة باإلعفاء من القبول الذي يمكن أن يخص به كل ملزم نفسه‪ ،‬وكذا مراعاة قواعد القبول عن طريق‬
‫التدخل والشروط الواجب احترامها في حالة الرفض الجزئي للقبول؛ أنظر بهذا الخصوص‪ ،‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.198- 187 :‬‬

‫‪102‬‬
‫استيفاؤه ما دام عدم القبول يعني فقدان الورقة الصفة األساسية لها‪ .436‬والمتمثلة في عنصر اإلمهال‬
‫االئتماني المتبادل بين التجار‪.‬‬

‫إن خاصية الرجوع الصرفي قبل ميعاد االستحقاق من طرف الحامل على الموقعين السابقين له‬
‫على الكمبيالة‪ ،‬ليعت بر في نظرنا محض تطبيق القواعد العامة للزمن العام‪ ،‬والتي تقضي بسقوط األجل‬
‫عند تخلف المدين عن تقديم ما وعد به من ضمانات‪ ،‬ذلك أن رفض المسحوب عليه قبول الكمبيالة يعني‬
‫في حقيقة األمر تخلف الموقعين عليها السيما الساحب‪ ،‬عن تقديم ما وعدوا به من ضمانات‪ ،‬مما يترتب‬
‫عليه سقوط أجل الكمبيالة واكتساب الحامل حق استيفاء قيمة الكمبيالة قبل ميعادها‪.437‬‬

‫‪ ‬حالة التسوية أ و التصفية القضائية للمسحوب عليه أو توقفه عن أداء ديونه أو الحجز‬
‫على أمواله بدون جدوى‬

‫على غرار الحالة السابقة‪ ،‬نستشف تأكيد العالقة الوطيدة الكامنة بين الثقة االئتمانية وعنصر الزمن داخل‬
‫القانون الصرفي‪ ،‬فبوجود البوادر التي تؤكد قوة الثقة االئتمانية بين تاجرين إال واستمر زمن اإلمهال‬
‫االئتماني حتى حدود النطاق المحدد النتهائه‪ ،‬وكلما تضاءلت الثقة كما هو الشأن بالنسبة لحالة التسوية أو‬
‫التصفية القضائية للمسحوب عليه‪ ،‬أو توقف هذا االخير عن أداء ديونه أو تعرضه لحجر على أمواله إال‬
‫واندثر ذلك االمهال االئتماني الممنوح للتاجر المدين‪ ،‬ذلك أن مناط منح المدين أجال هو االئتمان والثقة‬
‫التي يجوزها هذا المدين عن دائنه‪ .‬وبالتالي إذا أفلس المدين فقد زالت هذه الثقة‪ ،438‬وبذلك تنهدم هذه‬
‫االخيرة عند الحامل فيه‪ ، 439‬إذ ال محل لالئتمان بعد صدور حكم التسوية أو التصفية‪ ،‬مما يترتب عليه‬
‫سقوط األجل الممنوح للمدين وحلول ما عليه من ديون مؤجلة‪.‬‬

‫من هذا المنطلق‪ ،‬يتضح بشكل جلي وعي المشرع المغربي بعنصر الزمن والمكانة التي تبوأها‬
‫ضمن المنظومة القانونية الصرفية وذلك من خالل منحه للحامل صالحية الرجوع قبل التاريخ الذي كان‬
‫مفترضا للمطالبة بمبلغ الكمبيالة‪ ،‬على الملتزمين السابقين والموقعين على الكمبيالة دون أن يكون ملزما‬
‫بالترتيب الذي صدر به التزامهم‪ ، 440‬وفي ذلك تقدير تشريعي لمسألة التعجيل بقبض النقد في الميدان‬

‫‪436‬محسن شفيق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.12 :‬‬


‫‪437‬يوسف عودة غانم المنصوري‪ ،‬التضامن الصرفي في األوراق التجارية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،2012 :‬ص‪.110 :‬‬
‫‪ 438‬محمد إياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.62 :‬‬
‫‪ 439‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.199 :‬‬
‫‪440‬المادة ‪ 204‬من المدونة ‪":‬يحق للحامل أن يوجه الدعوى ضد جميع هؤالء فرادى أو جماعات دون أن يكون ملزما بالترتيب الذي صدر به‬
‫التزامهم‪"...‬‬

‫‪103‬‬
‫التجاري وما يترتب علي ه من آثار يبقى أهمها رسملة المبلغ واستثماره‪ ،‬الشيء الذي يعكس وبحق القيمة‬
‫االقتصادية لعنصر الزمن والقوة الحضورية حتى في المادة الصرفية‪.‬‬

‫‪ ‬حالة التسوية أو التصفية القضائية لساحب كمبيالة مشروط عدم تقديمها للقبول‪. 441‬‬

‫تظل فرضية العالقة الرابطة بين ال ثقة االئتمانية وعنصر الزمن حاضرة بقوة حتى على مستوى‬
‫هذه الحالة‪ ،‬فالحامل الذي تسلم كمبيالة مشروط عدم تقديمها للقبول من طرف الساحب تجعل الحامل‬
‫يعلق أهمية قصوى على القدرة المالية لهذا األخير‪ ،‬وعليه فإعالن التسوية أو التصفية القضائية للمدين‬
‫الرئيسي الذي هو الساحب‪ ،‬معناه فقدان الحامل لتلك الثقة‪ ،442‬ومن ثم ال تعود له أي فائدة في انتظار‬
‫ميعاد االستحقاق‪ ،‬لذا خوله المشرع حق الرجوع الفوري قبل ميعاد االستحقاق على الملتزمين‪.443‬‬

‫وفي محاولة للتخفيف من ضغط عنصر الزمن الذي قد يمارس على هؤالء الملتزمين نتيجة‬
‫مباغتتهم من قبل ال حامل قبل حلول تاريخ االستحقاق‪ .‬وضع المشرع إمكانية تقديم عريضة لرئيس‬
‫المحكمة التجارية الموجودة بموطنهم األصلي خالل ثالثة أيام قصد المطالبة بإمهال قانوني خروجا عن‬
‫القاعدة العامة الواردة في الفقرة األخيرة من المادة ‪ 231‬على أال تتجاوز الميعاد المحدد للوفاء بالكمبيالة‬
‫طبقا للفقرة األخيرة من المادة ‪ 196‬من المدونة‪.‬‬

‫وفي األحوال التي لم يكن ثمة ملتزمين‪ ،‬فإن الحامل مجبر على أن يقدم تصريحا بدينه إلى‬
‫السنديك داخل نطاق زمني أقصاه شهرين من تاريخ الحكم القاضي تفتح المسطرة طبقا للمادتين ‪ 686‬و‬
‫‪ 687‬من المدونة‪.‬‬

‫ب‪ -‬شروط وإجراءات الرجوع الصرفي ونطاقها الزمني‬

‫‪441‬تشير المادة ‪ 196‬فقط إلى الحالة التي يكون مشروط فيها عدم تقديم كمبيالة للقبول من طرف الساحب‪ ،‬غير أن بعض الفقهاء يرى أن‬
‫مقتضيات البند "ج" يجب أن تحمل بمعناها الواسع لتجب في محتواها حتى الكمبيالة المستحقة األداء عند اإلطالع‪ ،‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.200‬‬
‫‪442‬محمد إياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.67 :‬‬
‫‪ 443‬يالحظ أن المشرع المغربي قصر حق الحامل في الرجوع قبل ميعاد االستحقاق في حالة التسوية أو التصفية القضائية لساحب كمبيالة‬
‫مشروط عدم تقديمها للقبول‪ ،‬ولم ينص على حالة توقف هذا الساحب عن الدفع أو حالة الحجر على أمواله دون جدوى‪ ،‬كما فعل بالنسبة‬
‫للمسحوب عليه‪ ،‬مما حمل بعض الفقهاء على القول أال مجال للتفرقة بين الحالتين مادام أن األسباب التي تبرر رجوع الحامل قبل ميعاد‬
‫االستحقاق بسبب توقف المسحوب عليه عن دفع ديونه أو الحجر على أمواله دون جدوى هي نفسها قد توجد بالنسبة لتوقف الساحب عن دفع‬
‫ديون ه أو الحجز على أمواله في كمبيالة غير صالحة للقبول‪ ،‬لذا فإن معظم الفقهاء يدعون إلى المساواة بين تلك الحاالت من خالل إعطاء‬
‫الحامل حق الرجوع المبتسر في حال توقف الساحب عن الدفع‪ ،‬أو تعرضه للحجز على أمواله‪ ،‬ونحن بدورنا نساير هذا التوجه‪ ،‬لمزيد من‬
‫االطالع‪ ،‬راجع ‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.201 :‬‬
‫‪ -‬يوسف عودة غانم المنصوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.111 :‬‬

‫‪104‬‬
‫ليتم الرجوع في الشكل الصحيح ويعتد به قانونا‪ ،‬البد من اتخاذ إجراءات شكلية هي األخرى‬
‫يراعي فيها عنصر الزمن بشكل حاسم مع إلزامية احترامه تحت طائلة عدم االعتداء بصحة اإلجراء بما‬
‫يترتب على ذلك من آثار قانونية يبقى أهمها وأخطرها فقدا ن الحق في الرجوع الذي شرع وعيا من‬
‫المشرع بالقيمة المالية واالقتصادية للزمن على مستوى القانون الصرفي من جانب‪ ،‬وتجنيبا للحامل من‬
‫تحمل عبء التأخير الذي ينتابه نتيجة انتظار الميعاد األصلي مادام قد أيقن أن المسحوب عليه في‬
‫وضعية التوقف عن الدفع أو ضعف المالءة لألسباب السالف ذكرها‪ .444‬وهذه اإلجراءات الشكلية التي‬
‫يجب مراعاة النطاق الزمني الذي حدده المشرع لها تنحصر أساسا في االحتجاج (‪ )1‬واالعالم(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬زمن االحتجاج‬
‫إن إجراء االحتجاج أمر ضروري لممارسة الحامل حق الرجوع الصرفي سواء تم الرجوع قبل‬
‫االستحقاق أو بتزامن مع ا لميعاد المحدد له أو قبله‪ ،‬وبغض النظر عن شكلية االحتجاج ومكان تقديمه وما‬
‫إذا كان الحامل معفى منه‪ ،‬فإن هذا األخير يجب أن يتم ضمن نطاق زمني يختلف من حيث المدى بحسب‬
‫ما إذا تعلق األمر باحتجاج عدم القبول او احتجاج عدم الوفاء‪.‬‬

‫فبالنسبة الحتجاج عدم القبول ‪ :‬فإن الحامل عليه أن يقدمه داخل اآلجال المعينة لتقديم الكمبيالة‬
‫بالنسبة لكل أنواع الكمبياالت باستثناء الكمبيالة المستحقة األداء بعد مدة من االطالع التي يتعين‬ ‫‪445‬‬
‫للقبول‬
‫تقديمها بشكل التزامي داخل أجل سنة من تاريخها‪ .‬مع مراعاة ما يمكن أن يكون الساحب قد ضمن من‬
‫تمديد أو تقصير لهذا اآلجل أو نتج التقصير عن اختيار المظهر وحده‪.446‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإذا كانت الكمبيالة واجبة التقديم في تاريخ معين‪ ،‬فإنه يجب أن يقام احتجاج عدم القبول‬
‫ضمن األجل المحدد لتقديم الكمبيالة للقبول‪ ،‬أي في آخر يوم من األجل‪ ،447‬وإذا حدث أن طلب المسحوب‬
‫عليه تقديم ثان غذاة التقديم األول مستغال إلمهال التلقائي الذي تبيحه المادة ‪ 175‬من المدونة‪ ،‬جاز إقامة‬
‫االحتجاز في اليوم الموالي ليوم التقديم االول‪ ،‬وبخصوص الكمبيالة المستحقة االداء بعد مدة من‬

‫‪ 444‬تجدر اإلشارة إلى أن هذه اإلجراءات الشكلية يكون الحامل ملزما بها فقط في البندين "أ" و "ب" من الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 196‬من المدونة‪،‬‬
‫باستثناء حالة وحيدة في البند "ب" وهي حالة الحكم بالتسوية أو التصفية القضائية بحيث يستطيع الحامل تقديم الحكم ليتسنى له استعمال حقه‬
‫في الرجوع‪ ،‬المادة ‪ 197‬من المدونة في فقرتها األخيرة‪.‬‬
‫‪ 445‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.206 :‬‬
‫‪446‬المادة ‪ 174‬الفقرات ‪.8 – 7- 6‬‬
‫‪447‬محمد إياد نجاحي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.97 :‬‬

‫‪105‬‬
‫االطالع‪ ،‬فإن احتجاج عدم القبول يجب أن يقام خالل هذه المدة‪ ،‬وإذا ما وقع التقديم فيا آخر يوم من اجل‬
‫السنة وجب تقديم االحتجاج في نفس اليوم الذي وقع فيه التقديم‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يتبين من خالل ما سبق أن المشرع رغبة في التسريع بوثيرة ممارسة الرجوع الصرفي‬
‫بسبب عدم القبول‪ ،‬وبالنظر للظرفية التي يقع فيها وما يمكن أن يحدثه االمتناع عن القبول من اضطراب‬
‫في السلسلة التجارية‪ ،‬والذي يتوقف ال محالة على ضرورة اتخاذ اإلجراء الشكلي المتمثل في االحتجاج‪،‬‬
‫استعمل تقنية الزمن لضمان اتخاذ هذا اإلجراء في نطاق زمني ضيق تحت طائلة سقوط حق الرجوع‬
‫وما يتبعه من آثار‪.‬‬

‫أما بالنسبة الحتجاج عدم الوفاء‪ :‬فقد حدد المشرع أجلين قانونيين يتعين على الحامل أن يقدم‬
‫خاللهما احتجاج عدم الوفاء حسبما إذا كان األمر يتعلق بكمبيالة مستحقة الوفاء في يوم معين أو بعد مدة‬
‫من االطالع أو من تاريخها أو بكمبيالة مستحقة بمجرد االطالع‪ ،448‬ذلك أن النوع األول في التصنيف‬
‫المومأ إليه أعاله نظم المشرع بشكل صريح ح دود النطاق الزمني لتقديم احتجاج عدم الوفاء بنوع‬
‫الكمبياالت المحددة في هذا الصنف‪ ،‬حيث أوجب أن يتم اتخاذ إجراء االحتجاج داخل أحذ أيام العمل‬
‫الخمسة الموالية ليوم االستحقاق مع مراعاة المقتضيات الواردة في المادة ‪ 229‬من المدونة‪.‬‬

‫أما إذا كانت الكمبيالة مستحقة األ داء عند االطالع‪ ،‬فإنه يجب تحرير االحتجاج ضمن الشروط‬
‫المعينة لتحرير احتجاج عدم القبول‪ ،‬وهي الزامية اتخاذه ضمن أجل سنة ابتداء من تاريخها تكون قابلة‬
‫للزيادة أو النقصان بحسب ما إذا أعمل الساحب هذه اإلمكانية‪ ،‬أو النقصان فقط بالنسبة ألحد‬
‫المظهرين‪.449‬‬

‫إن استجالء عناصر الفلسفة القانونية للمقتضيات المنظمة للزمن الصرفي تنقشع عن خصيصة‬
‫قدرة القانون على ترويض عنصر الزمن والوظيفة التقنية لهذا األخير ودورها في خدمة الوظيفة‬
‫االئتمانية للكمبيالة في سبيل حماية الثقة والحفاظ على االئتمان في الميدان التجاري ولو بطريق غير‬
‫مباشر تجنبا ألي إرباك من شأنه أن يمس سالمة صيرورة البيئة التجارية‪ ،‬ويتجلى ذلك من خالل‬
‫المعادلة القانونية المنبثقة عن فلسفة االحتجاج ودور التشدد في تنظيم عنصر الزمن في التعجيل باتخاذه‬
‫وآثار هذا التعجيل القانونية واالقتصادية سيما إذا علمنا أن االحتجاج قد يحمل أحد الملتزمين بمقتضى‬

‫‪448‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.207 :‬‬


‫‪449‬المادة ‪ 174‬الفقرات ‪.8 – 7‬‬

‫‪106‬‬
‫الكمبيالة على الوفاء بمبلغها درءا ألخطار المقاضاة والرجوع وما يمكن أن يترتب في غضونهما من‬
‫فوائد ومصاريف‪ ،‬ناهيك عن أخطار المساس بسمعتهم أو مركزهم ‪450‬بين غيرهم من التجار‪ ،‬بل األكثر‬
‫من ذلك أنه يمكن أن يمس بسمعة المسحوب عليه الذي يرفض الوفاء ويعتبر أداة ضغط عليه من شأنها‬
‫أن تحفز على الوفاء بمبلغها‪.451‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع والعتبارات زمنية منه في سبيل ربح الوقت لممارسة الرجوع‬
‫الصرفي‪ ،‬أعفى الحامل من تقديم االحتجاج وبالتالي تجاوز هذه المرحلة بشكل مباشر محددا حاالت‬
‫وتبقى أهم حالة أثارت الجدل في أوساط الفقه والقضاء‬ ‫‪452‬‬
‫اإلعفاء بنص القانون على سبيل الحصر‬
‫‪ 453‬تلك التي يفضل فيها الحامل سلوك مسطرة األمر باألداء التي كانت تسوى بين آثار سلوك هذه‬
‫المسطرة واآلثار القانونية لالحتجاج مما كان يح دو بالحاملين المهملين الذين لم يقدموا االحتجاج داخل‬
‫األجل القانوني إل ى التحايل على النص والتهرب من جزاء اإلهمال عن طريق سلوك مسطرة األمر‬
‫باألداء وبالتالي القفز على خطورة عنصر الزمن وإفراغ المادة ‪ 211‬من محتواها‪ ،‬كل هذه االعتبارات‬
‫من داخل المدرسة المصرفية ينادي بضرورة تعديل المقتضيات المنظمة لمسطرة‬ ‫‪454‬‬
‫جعلت الفقه الراجح‬
‫االمر ب األداء من حيث نطاقها الزمني إذا ما تعلق األمر بكمبيالة لم يقدم حاملها احتجاجا وفق الكيفية‬
‫والشكل اللذين يشترطهما القانون‪ ،‬وفحوى هذا النداء يستهدف سلوك مسطرة االمر باألداء يجب لزاما‬
‫أن يقع ضمن األجل المنصوص عليه في المادة ‪ 197‬المحدد في األيام الخمسة الموالية لتاريخ‬
‫االستحقاق‪ ،‬النهج الذي سار عليه القضاء التجاري المغربي في ما يتعلق بالدعاوى الصرفية‪ ،‬حيث جاء‬
‫بفاس بتاريخ ‪... " 2010/03/23‬وحيث أن نظام‬ ‫‪455‬‬
‫في قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية‬
‫الشكلية الذي يقوم عليه قانون الصرف يفرض على الحامل أو المستفيد عند رفض الوفاء لعدم كفاية‬
‫المؤونة أو لعدم وجودها بالمرة أعداد محضر احتجاج عدم الوفاء إن كان يرغب في الحفاظ على دعور‬

‫‪450‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.301 :‬‬


‫‪451‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.210 :‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪452‬أنظر‬
‫‪ -‬الفقرة األخيرة من المادة ‪197‬‬
‫‪ -‬الفقرة األولى من المادة ‪207‬‬

‫‪453‬محكمة االستئناف التجارية بفاس‪ ،‬قرار رقم‪ ،1231 :‬الصادر بتاريخ‪ ،2011/11/04‬ملف ع‪(.2004/527 :‬غير منشور)؛ قرار رقم‬
‫‪ ،2306:‬صادر بتلريخ ‪ ،2012/12/25‬ملف ع‪(.12/2000 :‬غير منشور)؛قرار رقم‪ ،25:‬صادر بتاريخ ‪ ،2013/01/8‬ملف ع‪(.12/1212:‬غير‬
‫منشور)؛ قرار رقم‪ ،935:‬الصادر بتاريخ ‪ ،2013/05/28‬ملف ع‪(.13/648 :‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪454‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.205 :‬‬
‫‪455‬قرار رقم ‪ ،382‬ملف ع‪(2010/154 :‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫الرجوع الصرفي تجاه المظهرون والساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء‪ ،‬إذ من المقرر أال إجراء يغني عن‬
‫تقديم االحتجاج إال ما تعلق بالسرقة او الضياع ‪ "....‬وهو التعديل الذي أقدم عليه المشرع في محاولة‬
‫لمالءمة المقتضيات المنظمة لعنصر الزمن واإلجراءات الرامية إلى ربح الوقت في سبيل إرساء توحيد‬
‫العمل القضائي على هذا المستوى‪ .‬جدير بالذكر أن تاريخ االحتجاج هو منطلق سريان زمن التقادم‬
‫الصرفي لدعوى الحامل على المظهرين والساحب‪.‬‬

‫‪-2‬زمن اإلعالم‬

‫إن إجراء اإلعالم شأنه شأن إجراء االحتجاج ال يقل أهمية‪ ،‬إذ أنه شرط شكلي لممارسة الحامل‬
‫حقه في الرجوع الصرفي طبقا للمقتضيات الجاري بها العمل‪ ،‬ومن منطلق هذه األهمية وفي سبيل‬
‫ضمان ضبط وتحديد ميقات اتخاذ هذا اإلجراء تجنبا ألي تسيب أو مماطلة ‪ ،‬حدد القانون نطاق اتخاذ هذا‬
‫اإلجراء من حيث الزمن في ستة أيام الموالية ليوم إقامة االحتجاج أو من يوم التقديم في حالة اشتراط‬
‫الرجوع بال مصاريف‪ .‬غير أن األهمية التي يحض بها اإلعالم بالمقارنة مع االحتجاج ليست قانونية‬
‫بقدر ماهي اقتصادية‪ ،‬ومرد ذلك إلى كون القا نون لم يرتب على عدم توجيه اإلعالم من طرف الحامل‬
‫في سقوط حق هذا االخير في الرجوع على الضامنين كما هو الشأن بالنسبة لإلخالل بشكلية االحتجاج‪.‬‬

‫وتتجلى األهمية االقتصادية إلجراء اإلعالم في نقطتين أساسيتين‪ ،‬األولى ورد عليها النص في‬
‫المادة ‪ 199‬في فقرتها األخيرة ا لتي جاء فيها "‪...‬ال يترتب على من لم يوجه اإلعالم داخل األجل المشار‬
‫إليه سقوط حقه وإنما يكون مسؤوال عند االقتضاء عن الضرر الذي تسبب فيه بإهماله دون أن يتجاوز‬
‫التعويض مبلغ الكمبيالة"‪ ،‬وهو ما سارت فيه محكمة االستئناف التجارية بفاس حينما أقرت بأن الحامل‬
‫ال يفقد حقه في الرجو ع وإنما يكون مسؤوال عن الضرر الذي تسبب فيه بإهماله دون أن يتجاوز‬
‫التعويض مبلغ الكمبيالة‪ ،456‬أما النقطة الثانية فتتمثل في التعجيل بإعالم الملتزمين برفض قبول أو الوفاء‬
‫بالكمبيالة داخل أجل ثالثة أيام من تاريخ توصل السابق فيهم باإلعالم من الالحق‪ ،‬وتتجلى هذه األهمية‬
‫االقتصادية بوضوح أكثر من خالل التزام عون التبليغ بإعالم الساحب شخصيا بواسطة رسالة مضمونة‬
‫بأسباب رفض الوفاء داخل أجل ثالثة أيام العمل الموالية ليوم إقامة االحتجاج‪ ،457‬ويرى األستاذ أحمد‬

‫‪456‬محكمة االستئناف التجارة بفاس‪ ،‬رقم‪ ،830 :‬صادر بتاريخ‪ ،2005/06/28:‬ملف ع‪(2004/1352:‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪457‬المادة ‪ 199‬من فقرتها الثانية‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫أن تعليل المقتضيات القانونية الخاصة بإعالم الساحب في مواجهة المسحوب عليه يستهدف‬ ‫‪458‬‬
‫كويسي‬
‫صيانة مصالح الساحب‪ ،‬فمن مصلحة هذا األخير أن يخطر في أقرب اآلجال برفض الوفاء قبل غيره من‬
‫الملتزمين وبأسرع وسيلة حتى يتسنى له اتخاذ اإلجراءات الضرورية التي من شأنها أن تكفل حقوقه في‬
‫مواجهة المسحوب عليه‪ ،‬ولضمان القيم االقتصادية المفترض نشوئها عن إجراء اإلعالم‪ ،‬استعمل‬
‫المشرع تقنية الزمن وحدد نطاقا زمنيا ولهذا اإلجراء حصره في ستة أيام من تاريخ إجراء االحتجاج‬
‫تحت طائلة االلتزام بالتعويض في حال تقاعس الحامل عن االلتزام بهذه القاعدة التي تجعل هذا األخير‬
‫يبادر إلى إعالم سابقيه من المل تزمين داخل الزمن القانوني المحدد على هذا المستوى وبالتالي إخراج‬
‫مقتضيات اإلجراءات القانونية إلى حيز التطبيق وقد استحكم في أطوارها الشعور بقيمة الزمن‬
‫االقتصادية من طرف من يجريها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلثار القانونية لنظام الزمن الصرفي‬

‫إن اآلثار القانونية لنظام الزمن الصرفي تقيم من خالل مدى احترام المقتضيات المنظمة لهذا‬
‫األخير من عدمه ‪ ، 459‬ففي االحوال التي يتم فيها التقيد باألحكام المنظمة لعنصر الزمن على مستوى‬
‫القانون الصرفي سواء الذي يترك فيه لألطراف صالحية إعمال إرادتهم في تحديده أو الزمن الصرفي‬
‫المحض المحدد بنص القانون‪ ،‬فإن األثر الوحيد الذي يترتب هو أداء الكمبيالة لوظيفتها االئتمانية بعيدا‬
‫عن أي تعقيد أو نزاع‪ ،‬لكن اإلشكال يطرح عندما يتم اإلخالل بهذه المقتضيات بالمماطلة في اتخاذ‬
‫اإلجراءات الالزمة داخل الحيز الزمني الذي حدد نطاقه المشرع‪ ،‬مما يؤدي إلى ترتيب جزاء سقوط‬
‫الحق في الرجوع الصرفي بسبب اإلهمال (الفقرة األولى) الشيء الذي يفرض على الحامل الذي أهمل‬
‫التقيد بالمواعيد الزمنية المحددة التخاذ اإلجراءات الشكلية للرجوع على التخلي بقوة القانون عن مميزات‬
‫ومزايا القانون الصرفي فيما يتعلق برجوع الحامل على الملتزمين بمقتضى الكمبيالة إذا توفرت الشروط‬
‫ودفعه إلى سلك طريق القواعد العامة في الرجوع بما تشتمل عليه من بطء مقارنة مع مسطرة الرجوع‬
‫الصرفي‪ ،‬كما يؤدي التقاعس والمماطلة إلى السقوط في األحوال التي لم يبادر فيها الحامل إلى المطالبة‬
‫بمبلغ الكمبيالة داخل أجل التقادم الصرفي (الفقرة الثانية)‪ .‬غير أن السقوط الذي يقع في هذه الحالة‬

‫‪458‬األوراق التجارية – الكمبيالة –السند األمر‪ ،‬الشيك‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.212 :‬‬


‫‪459‬يلتزم حامل الكمبيالة بتقديمها للوفاء في اآلجال التي حددها الق انون‪ ،‬كما يجب عليه كذلك في حاالت معينة‪ ،‬تقديمها للقبول في اآلجال‬
‫المحددة‪ ،‬فإذا لم يستطع الحصول على مبلغ الكمبيالة أو لم يحصل على القبول لزمه تقديم احتجاج بعدم الوفاء أو عدم القبول‪ ،‬فإذا تقاعس عن‬
‫القيام بهذه اإلجراءات القانونية سقط حقه في الرجوع على المظهري ن والساحب والملتزمين باستثناء القابل باعتباره حامال مهمال؛ انظر ‪ :‬أحمد‬
‫كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.227 :‬‬

‫‪109‬‬
‫االخيرة نتيجة لعدم احترام مقتضيات زمن التقادم الصرفي أثارت نقاشات فقهية وقضائية بين من أضفي‬
‫على عنصر الزمن في التقادم الصرفي صبغة التشدد والقسوة وقال بسقوط الحق وبالتالي المنع من سماع‬
‫الدعوى كنتيجة لمرور الزمن الصرفي (التقادم)‪ ،‬وبين من أضفي طابع المرونة على عنصر الزمن في‬
‫هذا القانون على غرار اإلهمال للمواعيد الزمنية المحدد التخاذ اإلجراءات الشكلية للرجوع‪ ،‬وقال بعدمية‬
‫تأثير مرور زمن التقادم الصرفي على أصل الحق في إشارة صريحة إلى ترجيح زمن التقادم التجاري‬
‫أو زمن التقادم المدني استنادا إلى فرضية عدم تجديد االلتزام‪ ، 460‬وفي هذا السياق سنحاول االنطالق من‬
‫مقاربة تحليلية تراعي أهمية عنصر الزمن في المادة الصرفية بين ما يقتضيه المنطق القانوني السليم من‬
‫جهة‪ ،‬وقواعد العدالة واإلنصاف من جهة ثانية‪ ،‬وفق تحليل يستهدف الكشف عن الفوارق الفاصلة بين‬
‫مشكلة الزمن العام والزمن الخاص‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬سقوط حق الرجوع الصرفي اإلهمال‬


‫السقوط بسبب اإلهمال والتقاعس عن القيام باإلجراءات القانونية‪ 461‬هو العقوبة والجزاء القانوني‬
‫التي تلحق الحامل المهمل الذي لم يتخذ تلك اإلجراءات في المواعيد المقررة‪ ،462‬وهو في األصل نظام‬
‫ابتدعه القانون الصرفي ليوازن بين أطراف الورقة التجارية نظرا لما حبا به الطرف الدائن (الحامل) من‬
‫ضمانات تكفل حقه في الرجوع الصرفي على المدينين (الملتزمين) والتي يبقى أهمها اعتبار الموقعين‬
‫ضامنين متضامنين في الوفاء بالكمبيالة وتمكينه من االستفادة من قاعدة تطهير الدفوع‪ ،‬ناهيك عن‬
‫االعتراف له بملكية مقابل الوفاء‪ .‬ورغبة من المشرع في تسريع وثيرة اتخاذ اإلجراءات القانونية‪ ،‬قرر‬
‫لها نظاما خاصا وهو نظام الزمن القصير‪ ،463‬وقد نظمت المادة ‪ 206‬من مدونة التجارة الحاالت التي‬
‫يترتب فيها السقوط على الحام ل في مواجهة باقي الملتزمين باستثناء الساحب والمسحوب عليه القابل‬
‫و اللذين ال يمكن الرجوع عليهما إال بمقتضى دعوى ناشئة عن الكمبيالة هو ما‬ ‫‪464‬‬
‫بحسب االحوال‬
‫سارت عليه محكمة االستئناف التجارية بفاس حينما قررت أن "حق الحامل المهمل وإن كان يسقط في‬

‫‪460‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.249 :‬‬


‫‪461‬أحمد كويسي‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.227 :‬‬
‫‪462‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.365 :‬‬
‫‪ 463‬عدنان ضناوي‪ ،‬عدنان خير‪ ،‬اإلسناد التجاري واإلفالس‪ ،‬م ‪ :‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬طرابلس‪ ،‬دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س‪ ،2010 :‬ص ‪:‬‬
‫‪.113‬‬
‫‪ 464‬علي سلمان العبيدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.409-408 :‬‬

‫‪110‬‬
‫مواجهة الساحب الذي قدم مقابل الوفاء وبقية الملتزمين فإن حقه في الرجوع على المسحوب عليه يبقى‬
‫قائما في إطار المادة ‪ 206‬من م ت"‪.465‬‬

‫وعلى خالف ما عليه األمر بالنسبة للتقادم‪ ،‬فإن أجل السقوط ال يعتريه تـوقف وال انــقطاع‪ ،‬كما‬
‫يتعين على كل ذي مصلحة إثارة هذا الدفع أمام المحكمة أو التنازل عنه صراحة أو ضمنا سواء قبل‬
‫خالفا للتقادم الذي ال يسوغ لألطراف االتفاق على التنازل عنه‪ .467‬وتبقى هذه‬ ‫‪466‬‬
‫حصوله أو بعد حصوله‬
‫الخصائص األخيرة أهم المميزات التي ميز بها زمن اتخاذ اإلجراءات المسقط عن زمن التقادم الصرفي‬
‫المسقط بدوره للحق‪ .‬فما المقصود بالحق في إطار زمن التقادم الصرفي؟‪،‬وما مدى حضور التأصيل‬
‫القانوني لفلسفة مرور الزمن (التقادم) ضمن األحكام المنظمة لزمن التقادم الصرفي وأثر ذلك على‬
‫الحقوق المضمنة بالكمبيالة؟‪ .‬هذا ما سنحاول اإلجابة عنه في خالل (الفقرة الثانية) بعرض واستحضار‬
‫اآلراء الفقهية والتوجهات القض ائية ومقاربتها مقاربة تحليلية لترجيح األقرب منها للصواب والمنطق‬
‫القانوني السليم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬سقوط حق الرجوع بسبب التقادم (مرور الزمن) الصرفي ‪468‬وأثره‬
‫إذا كان السقوط بسبب اإلهمال ي شكل جزاء يرتب على الحامل المهمل نتيجة تقاعسه عن اتخاذ‬
‫إجراءات قانونية متع لقة بالتقديم واالحتجاج ضمن نطاق الزمن القانوني المخصص من قبل المشرع‪ ،‬فإن‬
‫التقادم الصرفي نظام يرتب بدوره سقوط الحق في الرجوع الصرفي على المسحوب عليه القابل من‬
‫حيث المبدأ نتيجة لتقادم الدعوى الصرفية كون الحامل مر عليه زمن التقادم الصرفي الذي تختلف مدده‬
‫حسب الحاالت (أوال ) غير أن فقهاء المدرسة المصرفية‪ ،‬وباألخص المغاربة منهم‪ ،‬أثاروا نقاشات همت‬
‫امتداد األثر القانوني للتقادم الصرفي من عدمه‪ ،‬مما انعكس على العمل القضائي باالنقسام إلى صنفين‬
‫على غرار انقسام الفقهاء الذي ينبثق في شموليته عن إشكالية المقاربة بين الزمن الخاص والزمن‬
‫العام(ثانيا)‪.‬‬

‫‪465‬قرار رقم ‪ ،1465‬صادر بتاريخ‪ ،2010/10/12:‬ملف ع‪(2012/778:‬غير منشور)‪.‬‬


‫‪466‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.233 :‬‬
‫‪467‬الفصل ‪ 373‬من ق ل ع‪" .‬ال يسوغ التنازل مقدما عن التقادم ‪."...‬‬
‫‪468‬استعمل ا لمشرع السعودي عبارة عدم سماع الدعوى بدل التقادم خالفا لغيره من التشريعات اتباعا ألحكام الشريعة اإلسالمية التي ال تعترف‬
‫بانقضاء الحق بمرور الزمن مهما طال‪ ،‬استنادا إلى قوله صلى هللا عليه وسلم "ال يبطل حق امرئ مسلم وإن طال" وتأكيدا على تبني مقتضى‬
‫التقادم الذي دعى إليه علماء الفقه اإلسالمي ألجل استقرار األوضاع‪ ،‬زينب السيد سالمة‪ ،‬األوراق التجارية في النظام السعودي‪ ،‬جامعة الملك‬
‫سعد دون ذكر عدد الطبعة‪ ،2010 ،‬ص ‪.224‬‬

‫‪111‬‬
‫أوال ‪ :‬أحكام مرور الزمن الصرفي (التقادم) من حيث المبدأ‬

‫لما كان السقوط سببا النقضاء االلتزام الصرفي يفيد المدينين جميعا‪ ،‬فهو ال يفيد المسحوب عليه‬
‫غير القابل أو الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء‪ ،‬كما أنه مشروط بإهمال الحامل القيام بما فرضه عليه‬
‫القانون من واجبات داخل نطاق زمني مضبوط ومواعيد قانونية محددة‪ ،469‬غير أن الحامل يستطيع أن‬
‫يتفادى سقوط حقه في الرجوع رغم عدم قيامه بالواجبات التي فرضها عليه القانون إذا تضمنت الورقة‬
‫شرطا يقضي بإعفائه من هذه الواجبات أو بعضها‪ ،‬ولهذا كان البد للمشرع أن يقرر التقادم الصرفي‬
‫لاللتزام الناشئ عن التعامل باألوراق التجارية‪ . 470‬وواضح أن المشرع عندما أخذ بالتقادم القصير أراد‬
‫أن يتحلل الضامنون في الكمبيالة من التزاماتهم الصرفية بسرعة حتى يتمكنوا من إبرام التزامات‬
‫جديدة‪.471‬‬

‫أما بالنسبة للدائن فإن التقادم القصير يدفعه إلى المطالبة بدينه في تاريخ االستحقاق مما يستدعي‬
‫القول بأن التقادم القصير يستند إلى قرينة الوفاء‪ ،‬فتقاعس الحامل عن المطالبة بمبلغ الكمبيالة لمدة ثالث‬
‫سنوات ال يمكن أن يفسر إال على أساس قرينة الوفاء‪ ، 472‬وأن لمن يملك الحق أن يطلب من المدين‬
‫الصرفي أداء اليمي ن على براءة ذمته من الدين‪ ،‬فإن نكل عن أدائها أصبح ملزما بالوفاء بالكمبيالة‪.473‬‬

‫وقبل الحديث عن أحكام الدعاوى الصرفية الخاضعة للتقادم الصرفي البد من استحضار وكشف‬
‫الستار عن الحكمة من تقريره‪ ،‬والتي تتلخص في تجنيب انشغال ذمة الملزمين مدة طويلة كطول مدة‬
‫التقادم العادي من جهة وحثا للدائنين على المبادرة إلى المطالبة بحقوقهم في أقرب فرصة من ناحية‬
‫ثانية‪ ،‬إذ أن هذه السرعة تستوجبها المعامالت التجارية‪.474‬‬

‫فالضرورات االجتماعية والرغبة في استقرار التعامل‪ ،‬وتصفية المراكز القانونية القديمة ومنع‬
‫إثارة المنازعات بشأن التزامات أو وقائع قد مر عليها الزمن كانت السبب في تقرير نظام مرور الزمن‬
‫الصرفي (التقادم) القصير‪ ،‬إذ من حق السلطة التشريعية أن تنظم الدعوى التي تحمي الحق في (االمتياز‬

‫‪469‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪ 197 – 196 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 470‬محمد عبد القادر محمد‪ ،‬انقضاء االلتزام الصرفي بالسقوط والتقادم‪ ،‬م ‪ :‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س ‪،2008 :‬‬
‫ص ‪.93 :‬‬
‫‪471‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.234 :‬‬
‫‪472‬محكمة االستئناف التجارية بفاس‪ ،‬قرار رقم‪ ،342 :‬صادر بتاريخ‪ ،2011/03/15 :‬ملف ع‪(1059/10 :‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪473‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.235 :‬‬
‫‪474‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.235 :‬‬

‫‪112‬‬
‫الصرفي) وتضع لها حدا زمنيا معينا‪ ،‬ال يستطيع الدائن بعد انقضائه أن يطالب بالحماية القانونية التي‬
‫يخول ها هذا األخير‪ ،‬كما أن الهاجس الذي يرتكن من وراء ذلك يكمن في الرغبة في التيسير على المدين‬
‫بعدم إجباره على االحتفاظ بأدلة الوفاء لمدة طويلة‪ . 475‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن عدم مطالبة الدائن طول‬
‫مدة التقادم الصرفي قد يرجع إلى أنه قد استوفى دينه الناشئ عن العالقة األصلية بطريق غير قضائي‬
‫(ودي) ودون اتباع شكليات تسليم الكمبيالة ووصل المخالصة للمسحوب عليه القابل ومن دون أن يطالب‬
‫هذا األخير بذلك التسليم مما يستدعي القول بأن التقادم يستند إلى قرينة الوفاء حتى ولو بقيت الكمبيالة في‬
‫حوزة الحامل فإن ذلك ال يعني أن المدين لم ي وف بدينه‪ ،‬فقد يكون ذلك راجع إلى تساهله أو عدم حرصه‬
‫أو أنه أهمل المطالبة به‪ ،‬وفي كلتا الحالتين يجب أن ترفض‬ ‫‪476‬‬
‫في المطالبة بتسليمها بعد الوفاء‬
‫دعواه‪.477‬‬

‫وعلى العموم فإن أحكام التقادم (مرور الزمن) الصرفي التي تمنع من سماع الدعوى الصرفية‬
‫بعد مرور األجل المحدد نظمتها المادة ‪ 228‬من المدونة بشيء من التفصيل‪ ،‬وهذه الدعاوى هي ‪:‬‬

‫‪ ‬الدعوى الناتجة عن الكمبيالة في مواجهة القابل‬

‫نظمت هذه الدعوى الفقرة األولى من المادة ‪ 228‬من المدونة‪ ،‬وحددت المدة التي تمنع سماع‬
‫الدعوى في ثالث سنوات ابتداء من تاريخ االستحقاق وهذه أطول مدى للتقادم نص عليها القانون‬
‫راجع إلى أن المسحوب عليه القابل هو المدين األصلي‬ ‫‪479‬‬
‫وسبب ذلك حسب بعض الفقه‬ ‫‪478‬‬
‫الصرفي‬
‫في الكمبيالة بينما يعتبر الملتزمون اآلخرون ضامنون فقط وهو ما سار عليه العمل القضائي المغربي‬
‫مكرسا ما نظمه المشرع‪.480‬‬

‫وبالنسبة لبدء احتساب سريان مدة التقادم‪ ،‬فإن المادة ‪ 228‬من المدونة كانت واضحة في بيان‬
‫طريقة ذلك‪ ،‬بحيث تحتسب مدة التقادم ابتداء من يوم التقديم بالنسبة للكمبيالة المستحقة األداء بمجرد‬
‫االطالع وتحتسب ابتداء من تاريخ القبول أو من تاريخ االحتجاج بعدم القبول بالنسبة للكمبيالة المستحقة‬

‫‪475‬محمد عبد القادر محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.94 :‬‬


‫‪ 476‬أحميدو أكري‪ ،‬التزامات وحقوق حامل الكمبيالة على ضوء التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬الرباط‪ ،‬س ‪:‬‬
‫‪ ،88-87‬ص ‪ 91 -90 :‬ذكره أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.235 :‬‬
‫‪477‬محمد عبد القادر محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.94 :‬‬
‫‪478‬أحمد كويسي‪ ،‬مس‪ ،‬ص ‪.238 :‬‬
‫‪479‬علي سلمان العبيدي‪ ،‬م س‪،‬ص‪.423 :‬‬
‫‪480‬حكم المحكمة التجارية بطنجة‪ ،‬صادر بتاريخ‪ ،2012/05/18:‬ملف ع‪(2012/02/377 :‬غير منشور)؛ محكمة االستئناف التجارية بفاس‪،‬‬
‫قرار رقم‪ ،604 :‬صادر بتاريخ‪ ،2013/04/02 :‬ملف ع‪(2012/1240 :‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫األداء بعد مدة من االطالع بالنسبة لمن مصلحته التمسك بالتقادم‪ .‬غير أن اإلشكال يطرح في األحوال‬
‫التي لم تقدم الكمبيالة للقبول ولم يقدم بشأنها احتجاج حول كيفية احتساب مدة التقادم؟‬

‫بعيدا عن تضارب بعض اآلراء الفقهية حول مسألة تحديد بداية سريان أجل التقادم يذهب الرأي‬
‫الراجح‪ ،‬وع ن صواب‪ ،‬إلى أن أجل التقادم يبدأ سريانه ابتداء من يوم انتهاء المدة القانونية أو االتفاقية‬
‫المحددة في التقديم ألنه ال يمكن أن نحاسب الحامل عن المدة التي تركها له المشرع أو االتفاق لتقديم‬
‫الكمبيالة للقبول‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول األستاذ أحمد كويسي‪ ... " ،‬وبمقابلة بين المادتين ‪182 – 174‬‬
‫والمادة ‪ 228‬من المدونة يتضح أن أقصى مدة يجب أن تقدم فيها الكمبيالة‪ -‬للوفاء‪ -‬بالنسبة للكمبيالة‬
‫المستحقة األداء بمجرد االطالع‪- ،‬أو للقبول‪ -‬بالنسبة للكمبيالة المستحقة بعد مدة من االطالع هي سنة‪،‬‬
‫فاألمر إذن يتعلق باألجل‪ ،‬بحيث يصبح آخر يو م ففي السنة هو بداية مدة التقادم‪ ،‬ويؤكد هذا الجانب من‬
‫الفقه رأيه بدليل الفقرة الرابعة من المادة ‪ 182‬التي تنص على "وإذا لم يحرر احتجاج فإن القبول غير‬
‫المؤرخ يعتبر بالنظر للقابل أنه قد تم في اليوم األخير من األجل المعين لتقديم الكمبيالة للقبول"‪ .‬وتجدر‬
‫اإلشار ة إلى أن التقادم المنصوص عليه في الفقرة األولى من المادة ‪ 228‬ال محل للتمسك به إذا كان مبلغ‬
‫الدين األصلي المضمن بالكمبيالة مضمونا برهن رسمي‪ ،481‬وفي هذا الصدد وقضى المجلس االعلى‪-‬‬
‫محكمة النقض حاليا‪ -‬برفض طلب نقض قرار صادر ن محكمة االستئناف التجارية بفاس بتاريخ ‪9 / 8‬‬
‫‪ 2004 /‬تمسك فيه الطالب بتقادم الدعوى الصرفية لكونها أقيمت خارج التقادم المنصوص عليه في‬
‫المادة ‪ 228‬من المدونة حيث جاء في تعليل هذا القرار "لكن‪ ،‬حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون‬
‫فيه التي تبث لها من مقال الدعوى ومرفقاته أن طلب المدعية المطلوبة مؤسس على عقد قرض مصحح‬
‫إلمضاء بتاريخ ‪ 89 /5 / 30‬مضمون برهن رسمي من الرتبة األولى على العقار الكائن بالحاجب ذي‬
‫الرسم العقاري عدد ‪ 10525 /05‬ومعزز بكشف حسابي وكمبياالت‪،‬واعتبرت – وعن صواب – أن‬
‫سحب المدعي عليه الطالب للكمبياالت كان من أجل ضمان أداء مبلغ القرض‪ ،‬وأن تقادمها ال يعني‬
‫انقضاء الدين األصلي الذي فتح له اعتماد عن طريق فتح حساب مضمون برهن رسمي فال يجوز‬
‫التمسك بالتقادم كلما كان الدين مضمونا برهن رسمي وفق أحكام الفصل ‪ ،337‬وتحليلها بهذا الشأن يبرر‬

‫‪481‬الفصل ‪ 377‬من ق ل ع "ال يجوز التمسك بالتقادم إذا كان الدين األصلي مضمونا ‪ ....‬يرهن رسمي"‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫ما انتهت إليه في منطوقها‪ ،‬إذ الكمبياالت تم سحبها لتعزز عقد القرض المضمون برهن رسمي فجاء‬
‫بذلك قرارها معلال "بما فيه الكفاية ولم يخرق أي مقتضى والوسيلة على غير أساس"‪.482‬‬

‫‪ ‬دعوى الحامل على المظهرين والساحب‬

‫حسب الفقرة الثانية من المادة ‪ ، 228‬تتقادم دعوى الحامل ضد المظهرين والساحب بمضي سنة‬
‫واحدة من تاريخ االحتجاج المحرر ضمن األجل القانوني أو من تاريخ االستحقاق في حالة اشتراط‬
‫الرجوع بدون مصاريف‪.‬‬

‫فإن تحديد مدة التقادم على هذا المستوى في سنة راجع إلى كون‬ ‫‪483‬‬
‫وحسب علي سلمان العبيدي‬
‫هؤالء الملتزمين يعتبرون مجرد ضامنين بالنسبة للحامل وليسوا مدينين أصليين كما هو الحال بالنسبة‬
‫للمسحوب عليه القابل‪ ،‬غير أن المالحظ‪ ،‬المشرع المغربي أخضع تقادم دعوى الساحب لنفس المدة وهو‬
‫ما يخالف المنطق القانوني في األحوال التي يكون فيها الساحب محجما عن تقديم مقابل الوفاء بين يدي‬
‫المسحوب عليه بحيث يكون مديا أصليا في السلسلة الصرفية‪ ،‬وفي هذا السياق يرى األستاذ أحمد‬
‫أن المنطق يقضي أن يخضع المشرع دعوى الحامل ضد الساحب‪ ،‬للتقادم المقرر لدعوى‬ ‫‪484‬‬
‫كويسي‬
‫الحامل على المسحوب عليه‪ ،‬وهي ثالث سنوات من تاريخ االستحقاق حسب الفقرة األولى من المادة‬
‫‪.228‬‬

‫أما عن مسألة احتساب سريان مدة التقادم فإن األصل فيه أن يبدأ من وقت استحقاق الدين‪ ،‬ومن‬
‫الوقت الذي يجوز المطالبة به‪ ،485‬وعليه فإنه ال يقع إال في الحالة التي يكون فيها شرط الرجوع بال‬
‫مصاريف صادرا عن الساحب‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 200‬من المدونة‪ ،‬ألن آثار الشرط في هذه الحالة تسري‬
‫على كل الموقعين‪ ، 486‬أما إذا كان شرط الرجوع بدون مصاريف من وضع أحد المظهرين أو الضامنين‬

‫‪482‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ ،2004 /9/8‬ملف تجاري عدد ‪ ،2001 /1 /3 / 95‬أحمد كويسي‪ ،‬محمد الهيني‪ ،‬تأمالت في‬
‫اجتهادات القضاء التجاري في مادة األوراق التجارية‪ ،‬م ‪ :‬دار العلم‪ ،‬ط ‪ :‬األولى‪ ،‬س ‪ ،2008 :‬ص ‪.366-365 :‬‬
‫‪483‬األوراق التجارية في التشريع المغربين م س‪ ،‬ص‪.414 :‬‬
‫‪484‬األوراق التجارية –الكمبيالة ‪ -‬الشك – السند ألمر‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.239 :‬‬
‫‪ 485‬رمضان جمال كامل‪ ،‬التقادم المسقط في التقنين المدني علما وعمال‪ ،‬المركز القومي اإلصدارات القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ . :‬األولى س‪،2007 :‬‬
‫ص ‪.70 :‬‬
‫‪486‬الفقرة الرابعة من المادة ‪ 200‬من مدونة التجارة‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫االحتياطيين فإن احتساب مدة التقادم تبدأ من تاريخ االستحقاق بالنسبة لمن وضع الشرط وابتداء من‬
‫تاريخ االحتجاج بالنسبة لباقي الموقعين‪.487‬‬

‫‪ ‬دعوى المظهرين في مواجهة بعضهم البعض‬

‫تتقادم هذه الدعاوى بمضي ستة أشهر ابتداء من يوم قيام المظهر برد المبلغ إلى الحامل‪ ،‬أو من‬
‫يوم رفع هذا األخير الدعوى ضده كما نصت على ذلك الفقرة الثالثة من الماجة ‪ 228‬من المدونة‪ .‬والشك‬
‫أن المشرع بهذا اإليجاز في مدة التقادم على هذا المستوى هدف إلى اإلسراع بتسوية حاالت الرجوع‬
‫على وجه السرعة‪ ،489‬ويسري‬ ‫‪488‬‬
‫الصرفي الذي مارسه المظهرون الذين دفعوا للحامل مبلغ الكمبيالة‬
‫التقادم هنا من تاريخ الوفاء الذي قام به الضامن مختارا أو من تاريخ رفع الدعوى عليه إذا لم يقم بالوفاء‬
‫االختياري‪ . 490‬غير أن اإلشكال الذي يطرح في هذا الصدد يرتبط باألحوال التي يحتمل أن يستغرق فيها‬
‫زمن المسطرة على مستوى الرجوع الصرفي زمن التقادم الصرفي‪ ،‬السيما إذا علمنا أن من بين‬
‫المواعيد التي ينطلق منها سريان زمن التقادم في دعاوى المظهرين في مواجهة بعضهم البعض هو‬
‫ميعاد رفع الحامل دعواه ضد المظهر؟‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المادة ‪ 228‬أغفلت تنظيم المدة الزمنية للتقادم الذي يلحق الدعاوى‬
‫المرفوعة على الضامن االحتياطي‪ ،‬والدعاوى المرفوعة منه على بقية الملتزمين‪ ،‬وفي هذا الصدد يرى‬
‫أنه ولئن كان الضامن االحتياطي يلتزم بنفس الكيفية التي يلتزم بها المضمون‬ ‫‪491‬‬
‫األستاذ أحمد كويسي‬
‫كما ورد على ذلك النص في المادة ‪ 180 /7‬فإن دعوى الحامل ضد الضامن االحتياطي للقابل تتقادم‬
‫بمرور ثالث سنوات وبسنة واحدة ضد ضامن الساحب والمظهرين‪ ،‬وبستة أشهر ضد مضمونه‬
‫وضامني مضمونه حسب األحوال‪ ،‬كما يجدر بالذكر أيضا أن المادة ‪ 228‬السالفة الذكر لم تنظم مسألة‬
‫انقطاع التقادم الصرفي باستثناء أنها أشارت إلى مسألة غاية في األهمية وهي أن اإلجراء القاطع للتقادم‬

‫‪487‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪ ،241 :‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.378 :‬‬
‫‪488‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.240 :‬‬
‫‪489‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.379 :‬‬
‫‪490‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪491‬م س‪ ،‬ص‪.241 :‬‬

‫‪116‬‬
‫ال يسري إال على الشخص الذي اتخذ إزاءه اإلجراء القاطع‪ ،‬مما حمل الرأي الراجح للفقهاء على القول‬
‫بخضوع أسباب انقطاع التقادم للقواعد العامة للمسطرة المدنية‪.492‬‬

‫ثانيا‪ :‬األثر القانوني الممتد لمرور زمن التقادم الصرفي على ضوء مقاربة الزمن الخاص‬
‫والزمن العام‬
‫إن األثر الممتد لنظام مرور الزمن الصرفي (التقادم) القصير أو نطاق تطبيق التقادم الصرفي‬
‫من حيث الحقوق إن صح القول‪ ،‬المنظم بمقتضى المادة ‪ 228‬من مدونة التجارة المغربية أثار ولم يزل‬
‫يثير العديد من النقاشات الفقهية انقسمت إلى قسمين‪ ،‬ترتب عنها اندثار وحدة التوجه القضائي بالنظر‬
‫الختالف الفهم القانوني عند كل من الفريقين لفلسفة القانون الصرفي ومن خالله نظام الزمن الصرفي‬
‫على مستوى التقادم‪.‬‬

‫وقبل أن نستعرض مضامين هذه النقاشات من خالل آراء أصحابها وتنبري أساسات كل توجه‪،‬‬
‫فإنه البد من كشف الستار عن إجماع الفريقين ح ول مسألة أساسية وتقبلها بكيفية موحدة‪ ،‬ويتعلق األمر‬
‫بمبدأ األثر العام لمرور الزمن الصرفي (التقادم) حيث يترتب على هذا األخير انقضاء االلتزام الصرفي‬
‫الناتج عن الكمبيالة ‪ 493‬وبالتالي براءة ذمة الملتزمين صرفيا بالكمبيالة‪ ،494‬سيما وأن القانون لم يحل دون‬
‫التمسك بالتقادم‪ ، 495‬على أنه يجب على المدين أن يتمسك به‪ ، 496‬وال يجوز للمحكمة أن تقضي به من‬
‫ولو ألول مرة أمام محكمة‬ ‫‪498‬‬
‫تلقاء نفسها ‪497‬كما يجوز التمسك به في أية مرحلة من مراحل الدعوى‬
‫االستئناف ‪ ،‬وقد ذهبت محكمة االستئناف التجارية بفاس نفس الذهب وقضت بسقوط الحق في الضمان‬
‫الصرفي لقا دم الدعوى الصرفية نتيجة لعدم إقامتها داخل األجل المحدد‪ .499‬ويسير التشريع المصري‬

‫‪492‬راجع ‪ :‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪245 – 241 :‬؛ علي سلمان العبيدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪416 :‬؛ عبد الحميد الشواربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪382 – 381 :‬؛‬
‫محمد عبد القادر محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.128 -126 :‬‬
‫‪493‬أنظر في هذا الخصوص ‪ :‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪246 :‬؛ علي سلمان العبيدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪419 :‬؛ المختار بكور‪ ،‬األوراق التجارية في‬
‫القانون المغربي‪ ،‬م‪ :‬بابل للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط ‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،1993 :‬ص‪177 :‬؛ محمد الحارثي‪ ،‬محاضرات في األوراق التجارية‪ ،‬م‪،‬‬
‫المعارف الجامعية‪ ،‬فاس‪ .‬السنة الجامعية ‪ ،95 – 94‬ص ‪ ،158 :‬سميحة القيلوبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ ،281 :‬محمد عبد القادر محمد‪ ،‬مس‪ ،‬ص ‪:‬‬
‫‪133‬؛ مصطفى كمال طه ووائل أنور بندق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪223 :‬؛ منير قزمان‪ ،‬الكمبيالة في ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬م ‪ :‬دار الفكر الجامعي‪،‬‬
‫اإلسكندرية دون ذكر عدد الطبعة س ‪ ،2000‬ص‪261 :‬؛ مصطفى كمال طه منير مراد فهيم‪ ،‬األوراق التجارية واإلفالس‪ ،‬م الدار الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬دون ذكر عدد وسنة الطبعة‪ ،‬ص ‪.209 :‬‬
‫‪494‬منير قزمان‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.261 :‬‬
‫‪ 495‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.246 :‬‬
‫‪ 496‬مصطفى كمال طه‪ ،‬منير كمال فهيم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.208 :‬‬
‫‪497‬الفصل ‪ 372‬من ق ل ع ال يجوز للقاضي أن يستند إلى التقادم من تلقاء نفسه‪.‬‬
‫‪498‬مصطفى كمال طه‪ ،‬وائل أنور بندق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.165 :‬‬
‫‪499‬قرار رقم‪ ،1180 :‬صادر بتاريخ‪ ،2013/07/02 :‬ملف ع‪(13/797 :‬غير منشور)؛ قرار رقم ‪ ،1465‬صادر بتاريخ‪ ،2010/10/12 :‬م س‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫على نفس النهج‪ ،‬حيث رتب جزاء السقوط وانقضاء االلتزام الصرفي في مواجهة الحامل طبقا لما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 386‬من القانون المدني المصري‪.‬‬

‫غير أن التساؤل الذي يطرح نفسه‪ ،‬وبإلحاح يحوم حول مركز الملحقات والتوابع المرتبطة‬
‫بااللتزام الصرفي من فوائد وغيرها والتي ترتبط بهذا االلتزام ارتباط فرع وأصل؟‬

‫لم يجب المشرع المغربي عن هذا االشكال‪ ،‬إال أن البعض‪ 500‬يعتقد ‪-‬وعن صواب في نطرنا‪ -‬أن‬
‫سقوط االلتزام الصرفي في مواجهة الحامل يترتب عليه سقوط التوابع والملحقات المتعلقة بااللتزام‬
‫الصرفي كالفوائد وغيرها ولو لم تكتمل مدة تقادم تلك الملحقات‪ ،‬وفهم هذا التوجه ينبغي تأمله على ضوء‬
‫المادة ‪ 162‬من مدونة التجارة التي أجاز بمقتضاها المشرع اشتراط فائدة على بعض أنواع الكمبياالت‬
‫التي تسحب بغية تسوية التزامات صرفية ناشئة ف ي األصل عن عالقات أصلية بين تاجرين أو غير‬
‫تاجرين‪ ،‬بحيث يعين سعر الفائدة في الكمبيالة ذاتها( الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ )162‬ويبتدئ سريان احتسابها‬
‫ابتداء من تاريخ انشائها كمبدأ(الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ ،)162‬وال يحتسب انطالقا من تاريخ العالقة االصلية‪.‬‬
‫وعليه مادام االلتزا م الصرفي الناشئ عن الكمبيالة قد انقضى بالتقادم الصرفي فان ملحقاته المتعلقة‬
‫بالفوائد منطقيا يجب ان تنقضي ‪.‬وعلى ذلك قضى القضاء المصري بقبول الدفع بالتقادم استنادا لحكم‬
‫نهائي برأ ذمة المدين من االلتزام الثابت في الورقة التجارية ومن فوائده وملحقاته‪.501‬‬

‫وإذا تمسك المدين بالدفع بالتقادم برأت ذمته من االلتزام الصرفي‪ ،‬بيد أنه يجوز للدائن أن يدرأ‬
‫عنه آثار االلتزام الصرفي القائم على قرينة الوفاء بتوجيه اليمين إلى مدينه‪ .‬وفي هذا الصدد نصت المادة‬
‫‪ 228‬على"‪...‬غير أنه إذا طلب من المدين المزعوم أن يؤدي اليمين على براءة ذمته من الدين كان ملزما‬
‫بأدائها‪ ،‬كما يلزم ورثته وذو حقوقه أن يؤدوا اليمين على أنهم يعتقدون في حسن نية ببراءة ذمة‬
‫إلى اليمين إقرار المدين بعدم الوفاء ليترتب عليه ما يترتب على اليمين‬ ‫‪502‬‬
‫موروثهم‪ ،‬كما أضاف الفقهاء‬
‫من آثار‪ ،‬إذ أن هذا اإلقرار يفضي إلى سقوط داللة قرينة الوفاء‪.‬‬

‫ِّمصر أن اإلقرار ينبني عليه عدم جواز تمسك المدين بالتقادم إذا أقر‬ ‫‪503‬‬
‫ويرى جانب من فقهاء‬
‫بوجود الدين وعدم الوفاء‪ ،‬وفي اعتقادنا فإن هذا الجانب من الفقهاء كان على صواب‪ ،‬إذليس للمدين أن‬

‫‪500‬محمد عبد القادر محمد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.133:‬‬


‫‪501‬ذكرته سميحة القيلوبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.281 :‬‬
‫‪502‬سمية القيلوبي‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪503‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪385 :‬؛ مصطفى كمال طه‪ ،‬وائل أنور بندق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.225 :‬‬

‫‪118‬‬
‫يتمسك بالتقادم الصرفي اللتزامه إن أقر أو استخلص من كالمه ما يفيد عدم وفائه للدين‪ ،‬طالما التمسك‬
‫بالتقادم يمنع الدائن من االستفادة من مزايا القانون الصرفي التي تبقى أهمها قاعدتا استقالل التواقيع‬
‫والكفاية الذاتية للكمبيالة وقاعدة تطهير الدفوع فقط‪ ،‬بينما يعطي اإلقرار بعدم الوفاء بالدين للدائن الحق‬
‫في دعوى عادية طبقا للقواعد العامة‪ ،‬بفارق واضح يتمثل في حرمان هذا األخير من االستفادة من كل‬
‫تلك المزايا السالف ذكرها‪ ،‬فضال عن بطء وتعقيد المسطرة خارج خطوط الرجوع الصرفي وهي نفس‬
‫النتيجة بحسب تصورنا‪.‬‬

‫فاليمين المنصوص عليها في الفقرة األخيرة من المادة ‪ 228‬هي يمين حاسمة‪504‬توجه إلى‬
‫المدين بطلب من الدائن‪ ،‬ويمكن لهذا األخير أن يوجهها في أي مرحلة من مراحل الدعوى‪ ،‬ويمتنع على‬
‫المحكمة أن توجهها من تلقاء نفسها‪ ، 505‬وبأداء اليمين من طرف المدين بعد توجيهها إليه من طرف‬
‫الدائن تبرأ ذمته وذمة باقي الملتزمين من الدين‪ ،‬أما إذا نكل عن حلفها تعين على المحكمة أن تلزمه بأداء‬
‫الدين ويقتصر األثر على الملتزم الذي كان طرفا في الدعوى‪ ،‬دون بقية الملتزمين بمقتضى الكمبيالة‪.506‬‬

‫غير أن اإلشكال األكثر وقعا على هذا المستوى يتعلق إن صح القول‪ ،‬بنطاق تطبيق نظام التقادم‬
‫الصرفي من حيث الحقوق‪ ،‬وبالتالي أي مركز للحق الناشئ عن العالقة األصلية الذي ضمن مبلغ الوفاء‬
‫به في الكمبيالة‪ ،‬في إطار التقادم الصرفي؟ وما مدى حضور التأصيل القانوني لفلسفة مرور الزمن‬
‫(التقادم) ضمن األحكام المنظمة لزمن التقادم الصرفي؟‬

‫بداية سنستعرض في" نقطة أولى" اآلراء الفقهية والتوجهات التي أجابت عن مركز الحق الناشئ‬
‫عن العالقة األصلية والذي ضمن مبلغ الوفاء به ضمن كمبيالة‪ ،‬ثم نناقش مدى حضور التأصيل القانوني‬
‫لفلسفة مرور الزمن (التقادم) ضمن أحكام التقادم الصرفي‪ ،‬لنخلص خالله إلى نتيجة نصرح فيها عن‬
‫توجهنا في الموضوع في "نقطة ثانية"‪.‬‬

‫فبالنسبة للنقطة األولى المتعلقة بمركز الحق الناشئ عن العالقة األصلية والذي ضمن مبلغ الوفاء‬
‫به في الكمبيالة‪ ،‬فهذا اإلشكال كان للعمل القضائي السبق في اإلجابة عليه سواء في المدرسة الصرفية‬
‫المغربية أو في نظيرتها على مستوى الفقه والقضاء المقارن ضمن منظومة القانون الصرفي‪.‬‬

‫‪504‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.246 :‬‬


‫‪505‬مصطفى كمال طه‪ ،‬منير كمال فهيم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.210 :‬‬
‫‪506‬مصطفى كمال طه‪ ،‬منير كمال فهيم‪ ،‬م س ص‪.210 :‬‬

‫‪119‬‬
‫وبذلك‪ ،‬فقد أجاب المجلس األعلى منذ عهد بعيد على هذا اإلشكال في قرار صادر بتاريخ ‪11‬‬
‫يناير ‪ 1974‬عندما قضى بأن الحكم المطعون فيه على أساس أن الحكم المؤيد عندما اعتبر الكمبيالة‬
‫كسند عادي يمكن االحتجاج به في أي وقت يكون قد أخل بمقتضيات الفصل‪ 189‬من القانون التجاري‬
‫(القديم) والذي حدد أجل تقادمها في ثالث سنوات‪.507‬‬

‫وسيرا على نفس النهج دأب جانب من الفقهاء على تبني هذا التوجه القضائي واستماتوا في‬
‫الدفاع معتبرين أن تقادم االلتزام الصرفي يترتب عليه انقضاء االلتزام الثابت في الكمبيالة‪ ،‬على أنه يجب‬
‫أن يتمسك به المدين‪ ،‬وإذا حصل التمسك بالتقادم ترتب عنه فعال انقضاء االلتزام لكنه يتخلف عنه التزام‬
‫الذي أخذ بمبدأ عدم‬ ‫‪509‬‬
‫طبيعي في ذمة المدين‪ . 508‬ويبقى في ذمته ديانة كما ذهب إلى ذلك التشريع الليبي‬
‫سماع الدعوى وفقا لقواعد الفقه اإلسالمي‪ ،‬والذي يجيز بالمقابل تخصيص القضاء بالزمان والمكان‪.‬‬

‫ومن األسانيد التي ارتكزوا عليها في تبرير قناعاتهم‪ ،‬أن الدائن مادام لجأ إلى اعتماد الورقة‬
‫التجارية التي تخضع بداهة لقانون الصرف إال ارتضاء لتقصير مدة التقادم العادية لقاء ما يفيده من‬
‫ضمانات ومزايا خاصة تؤكد حقه في االستيفاء‪ ،‬ومن جهة أخرى فإنهم يرون أن تخويل الحامل الذي‬
‫سقط التزامه الصرف ي بالتقادم صالحية الرجوع على من ظهر له الورقة بالدعو ى األصلية بعد انقضاء‬
‫دعوى الصرف مما يعطي لهذا المظهر الحق في أن يرجع بدوره على مظهره السابق على العالقة‬
‫الصرفية التي كانت سببا في التظهير‪ ،‬وقد يك ون هذا األخير قد أصبح معسرا فيضيع على الموفي حقه‬
‫ويتحمل بذلك نتيجة إهمال الحامل وتراخيه عن المطالبة طوال مدة التقادم الصرفي‪ ،‬وهذا حسب أنصار‬
‫هذا الرأي‪ ،‬ليس من العدل في شيء‪ ، 510‬ثم إن التقادم الصرفي يقوم قرينة على الوفاء‪ ،‬وال يمكن دحض‬
‫هذه القرينة إال باإلقرار أ و النكول عن اليمين‪ ،‬وإذا أجيز للدائن المطالبة بالمبلغ المستحق له بمقتضى‬
‫الدعوى األصلية لكان في ذلك تعطيل للقرينة التي أقامها القانون‪.511‬‬

‫‪ 507‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.249 :‬‬


‫‪508‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪ 385 :‬منير قرمان‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪ 261 :‬؛ سميحة القيلوبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪281 :‬؛ مصطفى كمال طه‪ ،‬منير كمال‬
‫فهيم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.209 :‬‬
‫‪509‬المادة ‪ 373‬المعدلة بموجب القانون رقم ‪ 86‬لسنة ‪ 1972‬جاء فيه "يترتب على التقادم عادم سماع الدعوى ومع ذلك يبقى االلتزام في ذمة‬
‫المدين ديانة"‪.‬‬
‫‪510‬إن هذا القول في اعتقادنا مردود على القائلين به وذلك ألسباب بسيطة نصت عليها الفقرتين ‪ 1‬و ‪ 2‬من المادة ‪ 206‬وكذا المادة ‪ 201‬وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬أوال أن للحامل الرجوع المباشر على المسحوب عليه القابل أو غير القابل الذي تلقى مقبل الوفاء بواسطة الدعوى المباشرة الناشئة‬
‫عن الكمبيالة بصفته محاال له في حالة عدم قبوله‪ ،‬ثانيا أن الساحب الذي لم يقدم مقابل الوفاء يعتبر المدين الرئيسي في الكمبيالة‪.‬‬
‫‪ 511‬مصطفى كمال طه‪ ،‬وائل أنوار بندق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.304 :‬‬

‫‪120‬‬
‫واقتناعا بهذه المعطيات سلك العمل القضائي المصري وعلى غراره المغربي في أكثر من‬
‫مناسبة هذا التوجه‪ ،‬وهو ما يتضح من خالل ما سارت عليه محكمة األريكية المصرية بتاريخ‬
‫لها بانقضاء االلتزام األصلي نتيجة انقضاء االلتزام الصرفي‪ ،‬بل وبتبرئة‬ ‫‪512‬‬
‫‪ 2014/12/08‬في حكم‬
‫المتهم مصدر الشيك بدون رصيد‪ ،‬حيث جاء في حيثيات حكمها نصت ‪ 531‬في فقرتها األولى من‬
‫القانون رقم ‪ 17‬لسنة ‪ 1999‬المعدلة بالقانون رقم ‪ 152‬لسنة ‪ ،2004‬التي تنص على "‪...‬تتقادم دعاوى‬
‫رجوع حامل الشيك على الساحب والمظهرين وغيرهم من الملتزمين بدفع قيمة الشيك بمضي سنة من‬
‫تاريخ تقديمة للوفاء او من تاريخ انقضاء ميعاد التقديم "‪ ،‬وحيث تبين للمحكمة انقضاء أكثر من سنة من‬
‫تاريخ التقديم وتحرير المحضر‪.‬‬

‫وإذا كان من الثابت للمحكمة أنه من تاريخ تقديم الشيك وتاريخ تقديم المحضر لم يتخد ِّقبل المتهم‬
‫تمة أي إجراء قاطع للتقادم وكانت المدة التي انقضت من ذلك التاريخ إلى حين تاريخ المعارضة قد‬
‫جاوزت السنة‪ ،‬األمر الذي تنقضي معه الدعوى الجنائية بالتقادم عمال بالمادة ‪ 1/531‬من مدونة التجارة‬
‫المصرية‪.‬‬

‫لهذه األسباب حكمت المحكمة بقبول المعارضة شكال وفي الموضوع بانقضاء الدعوى الجنائية‬
‫بالتقادم استنادا إلى نص المادة ‪ 1/531‬من مدونة التجارة"‪.‬‬

‫وبالرغم من وجاهة الحجج التي استند إليها أنصار هذا الرأي‪ ،‬فإن القائلين ببقاء االلتزام األصلي‬
‫رغم تقادم االلتزام الصرفي لم يجدوا صعوبة في تفنيدها والرد عليها‪ .‬فالقول بأن الدائن يرتضي‬
‫التنازل عن التقادم الطويل لقاء المزايا المتعددة التي يفيدها من الورقة التجارية‪ ،‬قول فيه نظر وذلك‬
‫لسبب بسيط وهو أن التنازل ال يفترض كما أن الدائن عند رجوعه بناء على الدعوى األصلية ال يفيد من‬
‫امتيازات القانون الصرفي مما يعني أال محل الفتراض تنازله عن التمسك بالتقادم الطويل‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى فإن مجرد تسليم الورقة التجارية للدائن الحامل عن طريق التظهير ال يترتب عليه تجديد‬
‫االلتزام‪، 513‬والذي يفيد خضوع الدعوى األصلية بعد تقادم االلتزام الصرفي للتقادم التجاري والمدني‪ ،‬مما‬
‫يعطي الحق للساحب الذي قدم للمسحوب عليه مقابل الوفاء حق مقاضاته‪ ،‬إذا لم يقم بوفاء الكمبيالة‪ ،‬كما‬
‫يحق للحامل الذي تقادمت دعواه الصرفية الرجوع على المسحوب عليه الذي تلقى مقابل الوفاء باعتباره‬

‫‪512‬منشور بالصفحة الرسمية لمكتب ‪ /‬عصام هالل عفيفي لالستشارات القانونية والمحاماة‪ ،‬الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.facebook.com/680249048758809/photos/pcb.785567991560247/785567878226925‬‬
‫‪513‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.249 :‬‬

‫‪121‬‬
‫محاال له بمقابل الوفاء ‪ .‬وفي عالقة المظهرين ببعضهم البعض‪ ،‬فإنه يحق للمظهر إليه الرجوع على من‬
‫ظهر إليه الكمبيالة استنادا إلى العالقة السابقة التي كانت سببا في التظهير‪ ،‬كما يحق للضامن االحتياطي‬
‫الذي تقادمت دعواه الصرفية الرجوع على مضمونه استنادا للعالقة األصلية التي كانت سببا في تقديم‬
‫الضمان الصرفي‪ ،514‬ولكن على أساس القواعد العامة للكفالة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن حسب أنصار هذا الرأي‪ ، 515‬إذا سقط حق الحامل في ممارسة الرجوع الصرفي على‬
‫المظهرين والساحب أو المسحوب عليه الذي تسلم مقابل الوفاء بسبب إهماله القيام باإلجراءات التي‬
‫يفرض القانون القيام بها في المواعيد المقررة‪ ،‬فإن أثر السقوط الناتج عن التقادم ال يمس إال ممارسة‬
‫الحق في االستفادة من مزايا الرجوع الصرفي‪ ،‬وال يمس الدعوى الخاصة بالعالقة األصلية في شيء‪،‬‬
‫ذلك أن كلتا العالقتين األصلية والصرفية تهدفان إلى تمكين الدائن من الحصول على حقه‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫تن فيذ أحداهما يستتبع بالضرورة انقضاء األخرى‪ ،‬إذ ليس ثمة مانع قانوني يمنع أن يلتزم المدين بمقتضى‬
‫وسلتين مزدوجتين بأداء دين واحد بين يدي الدائن وأن يكون تبعا لذلك لهذا األخير دعويان إلجبار‬
‫المدين على الوفاء بحيث إذا حصل الوفاء بمقتضى إحداهما فقد حقه في الرجوع باألخرى ‪ 516‬سيما وأن‬
‫السحب ال يجدد االلتزام‪ .517‬وهو التوجه الذي ينبغي سلكه من قبل القضاء المغربي في سبيل تكريس‬
‫قاعدة عدم تأثير سقوط دعوى الرجوع الصرفية نتيجة التقادم المرتبط بها على الحق الناشئ عن العالقة‬
‫األصلية التي تبقى خاضعة للتقادم التجاري أو المدني بحسب األحوال أو الجنحي إذا ما تعلق األمر‬
‫بالحق العام‪ ،‬وقد سار على هذا النهج القضاء المصري عندما قضى بإلغاء الحكم االبتدائي الصادر عن‬
‫محكمة األريكية المصرية بتاريخ ‪ 2014/12/08‬في الحكم المشار اليه سلفا بالرغم من تأييد معظم فقهاء‬
‫مصر ذات التوجه‪ ،‬حيث ألغت الحكم ال صادر عن المحكمة السالفة الذكر والحكم من جديد بحبس المتهم‬
‫مصدر الشيك بدون رصيد وبكون التقادم الصرفي ال محل لتطبيقه في النازلة وأن التقادم الجنحي المقرر‬
‫في ثالث سنوات هو الواجب التطبيق‪.518‬‬

‫‪ 514‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.250 :‬‬


‫‪ 515‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪250-246 :‬؛ محمد الحارثي‪ ،‬م س ص‪108 :‬؛ المختار بكور‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪ 177 :‬؛ محمد بن عبد القادر محمد‪ ،‬م‬
‫س‪ ،‬ص‪135 – 133 :‬؛ علي سلمان العبيدي‪ ،‬م س‪ ،‬ص " ‪419‬؛ وآخرون ‪....‬‬
‫‪516‬وائل أنور بندق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.301 :‬‬
‫‪517‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.250 -249 :‬‬
‫‪518‬منشور بالصفحة الرسمية لمكتب ‪ /‬عصام هالل عفيفي لالستشارات القانونية والمحاماة‪ ،‬الموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.facebook.com/680249048758809/photos/pcb.785567991560247/785567878226925‬‬

‫‪122‬‬
‫ولكن التساؤل يطرح في األحوال التي تنصرف فيها إرادة األطراف إلى تجديد االلتزام كأن‬
‫يعمد الساحب الذي يسحب كمبيالة على نفسه وفاء اللتزامه في مواجهة المسحوب عليه‪ ،‬إلى تضمين‬
‫مبالغ أخرى خارج عن نطاق العالقة المسحوبة بمناسبتها بما يفيد التجديد الضمني لاللتزام من ظروف‬
‫مالبسات المعاملة؟‪.‬‬

‫أما بخصوص النقطة الثانية المتعلقة بمدى حضور التأصيل القانوني لفلسفة مرور الزمن‬
‫(التقادم) ضمن أحكام التقادم الصرفي وأي الرأيين يرجح من اآلراء التي عرضنا لها سلفا‪ ،‬فإننا سنستهل‬
‫الحديث على هذا المستوى باستحضار المقاربة القانونية التي نستشف منها مدى حضور التأصيل‬
‫القانوني لفلسفة مرور الزمن (التقادم) ضمن منظومة التقادم الصرفي‪.‬‬

‫فنظام التقادم ال يختلف اثنان على أنه مرور الزمن على الحق يجعل المطالبة القضائية ممتنعة إذا‬
‫تمسك به الطرف اآلخر‪519‬وهو بذلك يستهدف تحقيق األمن واالستقرار القانونيين‪ 520‬اللذين يعتبران قيمة‬
‫أساسية لكل نظام قانوني‪.521‬‬

‫أن من خصائص الزمن في القانون عدم حياده‪ ،‬فهو‬ ‫‪522‬‬


‫وقد بين العميد ‪Jean Carbonnier‬‬
‫يؤثر في المراكز القانونية ويمثل تهديدا لمصالح األفراد إذا لم يقع احترام اآلجال المقررة للمطالبة‬
‫بالحقوق‪ ،‬لذلك فإن ثبات الوضعيات القانونية يبقى رهين تحديد مهل زمنية‪ ،‬بانقضائها يزول كل تهديد‬
‫لألوضاع المستقرة مما يمنع انتشار الفوضى في النظام االجتماعي والتزعزع في المراكز القانونية‪ ،‬لذلك‬
‫عملت أغلب التشريعات على تنظيم آجال قانونية حددها المشرع لنشأة حق القيام بالدعوى أو سقوطه‪،523‬‬
‫وبالرغم من كون مرور الزمن ال يترتب عليه بحكم طبيعته أن يخلق حقا أو يسقطه‪ ،‬فإن معظم الفقهاء‬
‫فسروا التقادم واعتبروا أنه قرينة على الوفاء مع أن إثبات العكس في الحالتين ال يجوز‪ ،‬والواقع حسب‬

‫‪519‬مريم فايز‪ ،‬دعوى رفع أجل السقوط في إطار مساطر صعوبات المقاولة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2013-2012:‬ص‪.14 :‬‬
‫‪ 520‬راجع بهذا الصدد ‪ :‬حسن محمود عبد الدائم عبد الصمد‪ ،‬التقادم وإسقاطه للحقوق‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪ 221 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫عبد الحميد الشواربي‪ ،‬أسامة عثمان ‪ ،‬أحكام التقادم‪ ،‬م‪ :‬المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دون ذكر عدد وسنة الطبعة‪ ،‬ص‪.19 :‬‬
‫‪ 521‬محمد كمال شرف الدين‪ ،‬مسائل في فقه القانون المدني المعاصر‪ ،‬منشورات مجمع األطرس للكتاب المتخصص‪ ،‬تونس دون ذكر عدد‬
‫الطبعة‪ ،‬س ‪ ،2014 :‬ص ‪.1176 :‬‬
‫‪522‬‬ ‫‪ème‬‬
‫‪J. CARBONNIER, Flexible droit, 5 édition, LGDJ, 1983, p 27.‬‬
‫ذكره ‪ :‬محمد كال شرف الدين‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 523‬محمد كمال شرق الدين‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.1977 :‬‬

‫‪123‬‬
‫ما ذهب إليه جانب من الفقهاء‪ ، 524‬وعن صواب‪ ،‬فإن رد التقادم العتبارات فردية من هذا القبيل تفسير‬
‫غير صحيح‪ ،‬ذلك أن التقادم يقوم على أساس اعتبارات عامة تتصل بالصالح العام للمجتمع وباألفراد‬
‫الذين هم معنيين به‪ ،‬فهو يستند إلى ضرورة اجتماعية تجعله ألزم ما يكون‪ ،‬حيث يتعين أن يوضع حد‬
‫ينهي المنازعة في أمر معين‪ ،‬وبدون ذلك ال يمكن ألحد أن يطمئن بحقه مهما مضى الزمن على قعود‬
‫خصمه عن المطالبة‪ ،‬مما يؤدي بكل تأكيد إلى زعزعة في المراكز القانونية واضطراب في المعامالت‪،‬‬
‫األمر الذي يبعث الفوضى ويقوض النظام االجتماعي واالقتصادي على حد سواء‪.‬‬

‫وإذا كان هذا هو قدر الحاجة إلى نظام التقادم (مرور الزمن) في المادة المدنية أو التجارية فإن‬
‫المادة الصرفية أولى وأحرى بتبنيه لما ينجم عنه من حسم في المنازعات التي يجب أثارتها في المدد‬
‫الذي يختلف عن‬ ‫‪525‬‬
‫القانونية المحددة سيما إذا علمنا أن المادة الصرفية اعتمدت نظام التقادم القصير‬
‫التقادم المدني والتقادم التجاري‪ ،‬غير أن الحق الذي يسقطه نظام مرور الزمن الصرفي (القصير) ليس‬
‫الحق الناشئ عن العالقة األصلية والذي ض ِّمن مبلغ الوفاء به في الكمبيالة‪ ،‬وإنما الحق في ممارسة‬
‫الرجوع الصرفي‪ ،‬حيث أن مرور مدة التقادم الصرفي تحرم الدائن من االستفادة من امتيازات وضمانات‬
‫القانون الصرفي مما يحتم عليه اقتضاء حقه طبقا للقواعد العامة المدنية أو التجارية بحسب األحوال‪،‬‬
‫وهو ما يحمل على طرح سؤال مشروع في هذا الصدد مفاده ما المقصد من تنظيم مرور الزمن الصرفي‬
‫القصير مادام أنه لن يؤثر في أصل الحق؟‪.‬‬

‫إن لسقوط الحق في ممارسة الرجوع الصرفي ل ِّشدة بالنسبة للتجار يكاد يضاهي سقوط الحق‬
‫في سماع الدعوى بالنسبة للمدنيين‪ ،‬ولفهم هذه المقاربة ينبغي مناقشة السؤال المطروح على ضوء‬
‫الضمانات التي يكفلها القانون الصرفي للدائن‪ ،‬والتي تبقى أهمها قاعدة تطهير الدفوع واستقالل التواقيع‬
‫الناشئ عن الكفاية الذاتية للورقة التجارية‪ ،‬ومن هنا تتجلى أهمية احترام المدد القانونية للتقادم الصرفي‬
‫بالنسبة للحامل والتي ت قيه وتجنبه مغبة مواجهته بالدفوع الناشئة عن العالقة األصلية من قبل المدين‬
‫فضال عن تعقيد المساطر العادية‪ ،‬ونسوق على سبيل المثال لجوء الدائن إلى مسطرة األمر باألداء في‬
‫خالل الوقت الذي تكون فيه الكمبيالة محتفظة بصفتها الصرفية‪ ،‬ودور قاعدة تطهير الدفوع في هذه‬
‫ال مسطرة في تمكينه من استيفاء حقه في أقرب اآلجال‪ ،‬خالفا للجوئه إلى ذات المسطرة بعد تقادم الورقة‬
‫الصرفية مما يعطي للمدين الحق في المنازعة في أصل الدين استنادا للعالقات األصلية مع ما يترتب‬

‫‪524‬عبد الحميد الشواربي ‪ ،‬أسامة عثمان‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.11 :‬‬


‫‪525‬المادة ‪ 228‬من مدونة التجارة‪ ،‬والمادتين ‪.296 – 295‬‬

‫‪124‬‬
‫على المنازعة في الدين على مستوى مسطرة ألمر باألداء من آثار قانونية‪ ،‬وبذلك نقول أن تقادم الورقة‬
‫التجارية صرفيا يفقدها صفتها تلك‪ ،‬ويمنع الحامل من سماع الدعوى الصرفية ويحرمه من امتيازاتها إال‬
‫أن التقادم الصرفي ال يؤدي إلى حرمان الحامل من ممارسة الدعوى التي تستند إلى االلتزام األصلي‬
‫الذي كان سببا في سحب الكمبيالة أو تظهيرها‪.526‬‬

‫وفي اعتقادنا فإن ما يزكي هذا الطرح ويقويه ما ورد في الفقرة األخيرة من المادة ‪ 228‬من‬
‫المدونة التي تعطي الحامل الحق في توجيه اليمين الحاسمة إلى المسحوب عليه القابل ليحلف أنه قد وفى‬
‫بدينه‪ ،‬أو أن يوجهها في حالة وفاة هذا األخير إلى ورثته وخلفه ليقسموا أنهم يعتقدون عن حسن نية‬
‫براءة ذمة مورثهم‪ .‬وال غرو في أن المشرع شرع توجيه اليمين بعد مرور زمن التقادم الصرفي ليس‬
‫ليدرأ آثار هذا التقادم عن الدين أصل الحق بقدر ما كان يهدف إلى توجيه مسار المسطرة بعد إجراء‬
‫اليمين‪ ،‬فالتقادم الصرفي أثره الوحيد هو أنه يمنع الحامل من ممارسة حق الرجوع الصرفي والستفادة‬
‫من مزياه‪ ،‬وإنما شرعت اليمين ألجل استخالص إقرار المسحوب عليه بالدين من عدمه وال أثر للتقادم‬
‫الصرفي على هذا الدين بدليل أن اليمين توجه بعد انقضاء مدة التقادم الصرفي وإال لكان للحامل أن‬
‫يمارس دعواه الصرفية دون الحاجة إلى هذه اليمين مادام زمن التقادم لم ينته‪ ،‬فإذا نكل المسحوب عليه‬
‫القابل(المدين) عن حلفها جاز للحامل مقاضاته طبقا للقواعد العامة المنظمة للعالقة األصلية وليس طبقا‬
‫لمقتضيات الرجوع الصرفي لكونه فقد ممارسة هذا الحق‪.‬‬

‫ورب سائل يتساءل‪ ،‬ويقول بأال فائدة تجنى من توجيه اليمين بعد انقضاء زمن التقادم الصرفي‪،‬‬
‫اللذين يترتب عليهما هما حق الدائن (الحامل) في مواجهة المدين‬ ‫مادام إقرار أو نكول المدين‬
‫(المسحوب عليه القابل أو غيره) ال يسعف في االستفادة من مزايا الرجوع الصرفي ومادام أن المشرع‬
‫يسلم بثبوت حقه سلفا في الرجوع طبقا للقواعد المدنية أو التجارية من منطلق أن التقادم الصرفي ال يؤثر‬
‫على الدين الناتج عن العالقة األصلية؟‬

‫إن الجواب عن هذا السؤال المفترض يجد سنده في نظرية القيمة االقتصادية لعنصر الزمن في‬
‫القانون‪ ،527‬ذلك أن توجيه اليمين على مستوى المسطرة الصرفية التي يقضى في شأنها بالسقوط بسبب‬
‫التقادم يتمخض عنه ربح للوقت وتفاديا إلهدار عنصر الزمن‪ ،‬وذلك بوضع حد للنزاع في حالة النكران‬
‫من طرف المدين(المسحوب عليه القابل)‪ ،‬وإما باستهالل دعوى جديدة أمام القضاء المدني أو التجاري‬
‫‪526‬أحمد كويسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.249 :‬‬
‫‪527‬راجع بهذا الخصوص‪ ،‬على مجلد محمد غيث‪ ،‬نظرية الحسم الزمني في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬م س‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫بحسب األحوال‪ ،‬تكون النتيجة فيها محسومة سلفا لفائدة الدائن في حالة اإلقرار أو النكول‪ ،‬حيث يستند‬
‫القضاء إلى الحكم القضائي الصادر في حق المدين الذي أقر بالمديونية أو نكل عن حلف اليمين وبالتالي‬
‫لن يهدر الزمن المسطري في نشر الدعوى من جددي وتمحيص اإلثباتات واللجوء إلى وسائل التحقيق‬
‫وما تتطلبه من وقت قد يرهق الدائن خاصة إن كان تاجرا‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الزمن في العقود التجارية‬


‫من المعلوم أن العقود التجارية هي األدوات الالزمة لخدمة حاجات المتعاملين في الحياة‬
‫التجارية‪ ،‬ولذلك كان من الطبيعي أن ينظم المشرع هذه األدوات على النحو الذي يتجاوب مع أهداف‬
‫التجارة وغاياتها ومع ما تتصف به األعمال التجارية من سرعة وسهولة في اإلجراءات‪ .528‬فالعقود‬
‫التجارية إذن هي العقود التي يكون محلها القيام بعمل تجاري أو التي يبرمها تاجر لشؤون تجارته‪.529‬‬
‫وخالفا للمعامالت المدنية التي خاصيتها الثبات واالستقرار والبطء والتعقيد تتميز المعامالت التجارية من‬
‫حيث إنجازها وتنف يذها بالسرعة‪ .‬فالتاجر ودون تردد‪ ،‬قد يجازف أو يغامر في القيام بعملية أو إبرام‬
‫صفقة ما والهدف يحذوه إلى عدم تضييع فرصة الربح التي ال تحتمل االنتظار‪ ،‬بل إن البعض منها قد‬
‫يكون مصيره التلف فيما لو تعطلت اإلجراءات المتعلقة به‪ ، 530‬وال يكون ذلك إال عن طريق تقنيتين‬
‫م تالزمتين ومتداخلتين هما تقنية العقود التجارية وتقنية الزمن التي ينبغي إيالؤها أهمية بمناسبة إبرام‬
‫تلك العقود‪ ،‬وقد اهتم المشرع التجاري بتنظيم عنصر الزمن في العقود التجارية بشكل مستفيض سواء‬
‫بالتنصيص عليه بشكل مباشر أو بالمبادرة إلى الحث من خالل قواعد قانونية على حسن تدبيره والجنوح‬
‫إلى ربحه وع دم تضييعه من خالل تخصيص المادة التجارية ومن خاللها العقود التجارية بتقنيات قانونية‬
‫دعامة‬ ‫‪531‬‬
‫الهدف منها ضمان السرعة بما يتالءم وطبيعة النشاط التجاري والتي تشكل حسب البعض‬
‫أساسية فيه‪.‬‬

‫واستنادا إلى ذلك سنعمل على مناقشة عنصر الزمن في العقود التجارية وفق مقاربة تحليلية‬
‫نحاول من خاللها الكشف عن األهمية القانونية واالقتصادية لعنصر الزمن على هذا المستوى (مطلب‬

‫‪528‬زهير عباس كريم‪ ،‬مبادئ القانون التجاري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،-‬م‪ :‬الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س‪:‬‬
‫‪ ،1995‬س‪.848 :‬‬
‫‪529‬زهير عباس كريم‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪530‬نورة غازالن الشنيوي‪ ،‬الوجيز في العقود التجارية‪ ،‬م‪ :‬الورد‪ ،‬انزكان‪ ،‬ط ‪ :‬األولى‪ ،‬س ‪ ،2014 :‬ص ‪.37 :‬‬
‫‪531‬نورة غزالن الشنيوي‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫أول) ثم نتطرق بعد ذلك إلى بعض تطبيقات عنصر الزمن في هذه العقود (مطلب ثان) سيرا على نفس‬
‫النهج الذي ذهبنا مذهبه في المبحث السابق‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬األهمية القانونية واالقتصادية لعنصر الزمن في العقود التجارية‬

‫لما كانت العقود التجارية عموما تشكل محور التقاء ووصلة ربط بين أطراف المعاملة التجارية‪،‬‬
‫عمل المشرع على تخصيصها بأحكام خاصة استقاها في األصل من خصوصية المادة التجارية التي تقوم‬
‫عل ى السرعة واالئتمان باعتبارهما عنصران ال غنى لألعمال التجارية عنهما‪ ،532‬والتي تم تكريسها‬
‫ضمن مدونة التجارة‪ ،‬وتبقى أهم هذه األحكام ما تعلق منها بحرية إثبات التصرفات القانونية مهما كانت‬
‫قيمتها‪ ،‬والتشدد في منح المدين بدين تجاري مهلة للوفاء‪ ،‬واعتماد نظام التقادم القصير وكذا فسح المجال‬
‫أمام التجار المتقاضين لعرض نزاعاتهم التجارية الناشئة عن العقود المبرمة بينهم على أنظار المحاكم‬
‫التجارية أو على مؤسسات التحكيم‪ ، 533‬وال تخفى األهمية القانونية لهذه األحكام من حيث األثر الذي‬
‫ترتبه على مستوى خدمة البيئة التجارية كونها تسهم في التسريع بوثيرة اإلجراءات والمعامالت وبالتالي‬
‫ربح الوقت الذي يقيم في مجال األعمال بقيمة النقد والمال‪ ،‬ومنه تظهر األهمية االقتصادية لعنصر‬
‫الزمن في هذا اإلطار‪ .‬وعليه سنتوقف عند كل حكم من هذه األحكام للتعريف بما يضمنه من إمكانات‬
‫تخدم خاصية السرعة عن طري ق تالفي مسالة التمديد للنطاق الزمني لإلجراءات على غرار ما يحصل‬
‫في المادة المدنية‪.‬‬

‫فبالنسبة لحرية اإلثبات فقد اعتمد المشرع التجاري نظاما خاصا لإلثبات يالئم البيئة التجارية‬
‫وقادر على استيعاب ما يستجد فيها‪ ، 534‬ومنطلق ذلك أن التاجر ال يالئمه القيام بتحرير دليل كتابي عن‬
‫كل عملية تجارية يقوم بها في نفس اليوم‪ ،‬كما أن المبادرة السريعة دون تردد أو تضييع للوقت من قبله‬
‫للقيام باألعمال التجارية تعتبر من بين دوافع ا ألخذ بالحرية واالبتعاد عن الشكلية التي تتطلبها الحياة‬
‫المدنية‪ ،535‬ذلك أن تقييد حرية اإلثبات والمبالغة في فرض الشكلية حسب األستاذ عبد الحميد أخريف‬

‫‪ 532‬أكرم يا ملكي‪ ،‬القانون التجاري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ج األول‪ ،‬م‪ :‬الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪ ،‬األولى‪ ،‬س‪ ،1998 :‬ص‪.9 :‬‬
‫‪ 533‬تجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي قد زكى منظومة قانون األعمال بالمصادقة على قانون رقم ‪08.05‬المتعلق بالتحكيم والوساطة‬
‫االتفاقية‪ ،‬وال يخفى على أحد أهمية هذه المؤسسات في التشريع بوثيرة حل النزاعات التجارية في أقرب األوقات وإنهاء الخصومة في أواخر‬
‫الفترات بعيدا عن تعقيدات المحاكم الرسمية‪.‬‬
‫‪534‬نورة غازالن الشنيوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪38 :‬‬
‫‪ 535‬الفصل ‪ 443‬من ق ل ع‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫معناه استهالك الوقت بشكل كبير في إعداد الحجج واالحتفاظ بها‪ ،536‬وتكريسا لذلك‪ ،‬فإن القاعدة التي‬
‫افتتحت بها مدونة التجارة كتابها الرابع المنظم للعقود التجارية تقضي بخضوع المادة التجارية لحرية‬
‫اإلثبـات‪.537‬‬

‫غير أن هذا ال يعني خلو المادة التجارية من شكلية بعض العمليات‪ ،538‬إذ أن هذه األخيرة عند‬
‫إثباتها في بعض المعامالت التجارية ماهي إال وسيلة عملية ممتازة لإلسراع في انتشار التزامات ونقلها‬
‫وإنهائها نظرا لما تتضمنه هذه الشكلية من تقليل ألسباب التردد والنقاش حول طبيعة هذه االلتزامات‬
‫وبالتالي ربح الوقت‬ ‫وآ ثارها وما تؤدي إليه من تضييق لمجال نشوء المنازعات بشأن هذه االلتزامات‬
‫‪539‬‬

‫وتفادي تضييعه وفيما عدا ذلك‪ ،‬يضيف األستاذ أكرم ياملكي‪540‬أن مبدأ حرية اإلثبات في المادة التجارية‬
‫يلعب دورا فعاال في ضمان سرعة اإلجراءات‪ ،‬إذ أن الحرية التي يتمتع بها التجار إلثبات التصرفات‬
‫القانونية التجارية مهما بلغت قيمتها بأية وسيلة من وسائل إلثبات ودون التقيد بإحداها ألكبر حافز لرجال‬
‫األعمال ل إلسراع في عقد صفاتهم وإبرام عقودهم ال عن طريق الكتابة فحسب‪ ،‬بل حتى عن طريق‬
‫المشافهة أو الهاتف ‪....‬‬

‫أما بالنسبة لحكم التشدد في من ح مهلة للوفاء بدين من قبل مدين تاجر‪ ،541‬فإنه لما كان للوقت‬
‫قيمة كبيرة في مجال المعامالت التجارية لم يستسغ منح مهلة للمدين من أجل الوفاء بدينه إذا استحال‬
‫عليه ذلك في األجل المقرر له‪ ،‬ألن من شأن تأخره أن يلحق ضررا بالدائن الذي يعتمد في مزاولة‬
‫نشاطه على استيفا ء حقوقه في مواعيدها‪ ،‬وإذا كانت هذه القاعدة تتماشى من جهة مع طبيعة األعمال‬
‫التجارية التي من مقوماتها السرعة في التعامل مما يجعل التوقف أو التأخر عن أداء الديون سببا يؤول‬
‫إلى اضطرابها‪ ،‬فإنها من جهة أخرى تروم كفالة حقوق الدائن وحمل المدين على الوفاء في األجل المتفق‬
‫عليه‪.542‬‬

‫‪536‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬الزمن في ق م م‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪537‬المادة ‪ 334‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪538‬شكلية التداول مثال‪.‬‬
‫‪539‬أكرم ياملكي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.14 :‬‬
‫‪540‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪541‬خالفا للقاعدة المدنية التي تجيز للقاضي أن يمنح المدين ميسرة استنادا لسلطته التقديرية؛ الفصل ‪ 243‬من ق ل ع‪.‬‬
‫‪542‬نورة غزالن الشنيوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.43 :‬‬

‫‪128‬‬
‫وبخصوص نظام التقادم القصير‪ ،‬فقد تبناه المشرع خروجا عن المبدأ العام المتأصل في المادة‬
‫بما يضمن استقرار المعامالت‪ ،‬حيث‬ ‫‪543‬‬
‫المدنية‪ ،‬ومراعاة منه للمعامالت التجارية التي مناطها السرعة‬
‫جعل الدعاوى الناشئة عن االلتزامات بمناسبة عمل تجاري بين التجار أو بينهم وبين غير التجار تتقادم‬
‫بمضي خمس سنوات ما لم توجد مقتضيات خاصة مخالفة‪ ،‬ولعله راعى في ذلك أن التجار من الواجب‬
‫أال يتأخروا في المطالبة بحقوقهم مع ضرورة االستمرار في السعي إلى الحصول عليها بسبب حاجتهم‬
‫الكبيرة إلى المال‪ ،‬وأيضا للحد من المنازعات الناشئة عن تلك االلتزامات في أقصى سرعة ممكنة‪.544‬‬

‫ويالحظ أن القضاء المغربي يستند للحكم بالتقادم في االلتزامات التجارية على مقتضيات الفصل‬
‫‪ 388‬من ق ل ع في فقرته األولى‪ ،‬وعلى المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة‪ ،‬وهذا ما ذهبت إليه المحكمة‬
‫التجارية بالدار البيضاء حيث جاء في حيثيات أحد أحكامها‪.‬‬

‫"‪ ...‬وحيث دفعت المدعي عليها بالتقادم الخمسي المشار إليه في الفصل ‪ 388 /1‬من ق ل ع‪.‬‬

‫وحيث عقبت المدعية بأن مقتضيات الفصل المذكور ال تسري على هذه المنازعة باعتبار أن‬
‫األمر في النازلة يتعلق بالتزام عقدي يسري على التقادم المحدد في ‪ 15‬سنة‪.‬‬

‫وحيث إن النزاع في هذه النازلة يخص شركتين تجاريتين ويتعلق بحاجات مهنتهما‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 388‬هي التي تطبق‪.‬‬

‫وحيث باإلضافة إلى ذلك فإن المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة تشير إلى أنه تتقادم بخمس سنوات‬
‫اللتزامات الناشئة بمناسبة عمل تجاري بين التجار أو بينهم وبين غير التجار‪.‬‬

‫وحيث إنه ما بين تاريخ آخر رسالة هو ‪ 1992 /4 / 28‬وتاريخ رفع الدعوى مرت أكثر من ‪5‬‬
‫سنوات وبذلك تكون الدعوى قد طالها التقادم مما ينبغي التصريح بسقوطها‪.545‬‬

‫ومن جملة ما يخدم خصيصة السرعة في العقود التجارية ما يتعلق بمكنة عرض النزاع الناشئ‬
‫بين التجار ع لى أنظار المحاكم التجارية المختصة وكذا صالحية التوجه إلى مؤسسات التحكيم وما‬
‫يترتب على ذلك من ربح للوقت الناشئ عن فض النزاعات الناشئة عن المعامالت التجارية في نطاق‬

‫‪543‬نورة غازالن الشنيوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.46 :‬‬


‫‪ 544‬نورة غازالن الشنيوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.47 :‬‬
‫‪545‬حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء‪ ،‬تحت رقم‪ ،2000 / 9379 :‬بتاريخ ‪ ،2000 / 42 /14‬في الملف رقم ‪( .2000 / 3837:‬غير‬
‫منشور)؛ ذكره عبدالرحيم بحار‪ ،‬التقادم في العقود التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.60 :‬‬

‫‪129‬‬
‫زمني قصير‪ ،‬وكذا اإلسهام في تنشيط العملية التنموية والرفع من وثيرة االزدهار االقتصادي واإلنعاش‬
‫االستثماري‪ ،‬والشك أن منطلق هذا يكمن فيما ينبثق عن العقود التجارية كحلقة ربط وتأطير لكل عملية‬
‫تجارية‪ ، 546‬وأخيرا يمكن الحديث عن نظام التضامن التجاري المفترض بين المدينيين بدين تجاري وما‬
‫يحتويه من مقتضيات تستجيب لعامل السرعة الذي ينبغي أن تتسم به المعامالت التجارية‪ ،547‬بحيث‬
‫يتمكن كل دائن من مالحقة أي من هؤالء من أجل استيفاء دينه بالكامل من دون أن يستطيع هذا المدين‬
‫التمسك بوجوب تجزئة الدين أو أن يحتج بعدم النص على التضامن‪ ،548‬وال يخفى أثر التضامن‬
‫المفترض في التسريع بوثيرة اقتضاء الحقوق من قبل الدائن التاجر الذي يكون من حقه أن يتوجه‬
‫بالمطالبة بكامل مبلغ الدين في مواجهة المدينين المتضامنين مما يعكس حضور استثمار قيمة عنصر‬
‫الزمن ضمن سياق العقود التجارية‪.‬‬

‫وعلى غرار الزمن في األوراق التجارية‪ ،‬وبالنظر للقيمة االقتصادية والقانونية لعنصر الزمن‬
‫في مادة العقود التجارية وما أطر ته من مقتضيات في هذا النسق القانوني‪ ،‬سنحاول الكشف عن أنواع‬
‫الزمن في العقود التجارية (فقرة ثانية) بعد استشفاف بعض خصائصه(الفقرة األولى) من األحكام‬
‫القانونية المنظمة له ضمن الباب الرابع من المدونة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬بعض خصائص الزمن في العقود التجارية‬

‫إن إلقاء نظرة على المقتضيات القانونية المنظمة لعنصر الزمن من داخل األحكام المؤطرة‬
‫للعقود التجارية ضمن الباب الرابع من مدونة التجارة‪ ،‬توحي بما ال يدع مجاال للتردد في الحكم على أن‬
‫عنصر الزمن على هذا المستوى له كيان زئبقي ال يسعف الدارس في اإللمام بكل خصائصه نظرا‬
‫لتشع ب العقود وتشابكها بتشابك األعمال التجارية كونها تعتبر ترجمة أو قوالب تتم في إطارها األعمال‬
‫واألنشطة التجارية‪ ، 549‬ولكون الحياة التجارية قابلة إلفراز مئات العقود من طبيعة خاصة وبعضها ال‬
‫يحض بتنظيم قانوني أصال‪ .‬من أجل ذلك‪ ،‬حاولنا رصد بعض الخصائص التي يتميز بها عنصر الزمن‬
‫داخل منظومة العقود التجارية ومن جملة هذه الخصائص نجد ‪:‬‬

‫‪546‬السيما وأن المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة في معرض تعدادها للقضايا التي ينعقد فيها االختصاص للمحاكم التجارية فيما يخص انعقاد‬
‫االختصاص النوعي‪.‬‬
‫‪547‬أنظر اإلحالة ‪ 98‬من الصفحة ‪47‬؛ نورة غزالن الشنيوي‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪548‬أكرم ياملكي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.15 :‬‬
‫‪549‬بوعبيد عباسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.6 :‬‬

‫‪130‬‬
‫أوال ‪ :‬تأثر عنصر الزمن القانوني بفعل الواقع‪ ،‬وتستشف هذه الخاصية من خالل الفقرة الثانية‬
‫من المادة ‪ 347‬من المدونة‪ ،‬حيث أن حلول أجل االستحقاق يعطي حامل بطاقة الرهن الحق في اتخاذ‬
‫في حالة االمتناع عن الدفع‪ ،‬وهو ما يعني بالمفهوم المخالف‪ ،‬أن الوفاء ينهي‬ ‫‪550‬‬
‫مجموعة من اإلجراءات‬
‫العملية ويحرر من اآلثار القانونية المترتبة على مخالفة االلتزامات الواجب التقيد بها بالتزامن مع حلول‬
‫ميعاد االستحقاق‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تأثير الزمن على الحق‪ ،‬وتستقي هذه الخاصية من صلب المادة ‪ 350‬من المدونة التي‬
‫تكرس الوقع القوي لعنصر الزمن على ممارسة بعض الحقوق يبقى من أهمها الحق في ممارسة الرجوع‬
‫القتضائها‪ ،‬بحيث أن التمادي والتهاون في اتخاذ اإلجراءات الالزمة داخل النطاق الزمني الذي حدده‬
‫المشرع يؤدي إلى فقدان الحق في ممارسة الرجوع من طرف الحامل ضد مظهري بطاقة الرهن‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الزمن في العقود التجارية عنصر وظيفي‪ ،‬إذ الشك أن تنظيم الزمن القانوني من داخل‬
‫العقود التجارية على غرار باقي فروع القانون التجاري األخرى كان الهدف منه أداء وظائف معينة‬
‫لتحقيق أهداف خاصة‪ ،‬ومن جملة الوظائف التي نستخلص سعي المشرع إلى تحقيقها باستعمال تقنية‬
‫الزمن‪ ،‬ما ورد عليه النص في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 396‬التي عمدت بمقتضاها المادة السالفة الذكر‬
‫إلى تنظيم النطاقات الزمنية التي ينبغي على الطرف الذي وضع حدا لعقد الوكالة التجارية توجيه‬
‫األشعار في غضونها إلى الطرف اآلخر بشكل منتظم يراعي في ذلك مدة حياة العقد‪ .‬وباإلضافة إلى‬
‫وظيفة التنظيم هاته‪ ،‬نستخلص من صميم المادة ‪ 456‬وظيفة أخرى هي وظيفة التسريع بوثيرة‬
‫المعامالت بما يضمن السرعة التي تتطلبها هاته األخيرة‪ ،‬بحيث نجد أن من بين أهم االلتزامات التي تقع‬
‫على عاتق الناقل هو إيصال البضاعة في الميعاد المتفق عليه‪ ،551‬وفي هذا الصدد تنص المادة ‪456‬‬
‫السالفة الذكر بصيغة الوجوب على ضرورة التقيد باألجل الذي يحدد االتفاق ‪ ،....‬تحت طائلة تحمل‬
‫المسؤولية عن التأخير‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬الزمن عنصر إلزام‪ ،‬وهو ما يستفاد من روح المادة ‪ 340‬من مدونة التجارة‪ ،‬التي تجيز‬
‫للدائن أن يجري بيعا للشيء المرهون إذ حل تاريخ االستحقاق دون أن يوفي المدين بدينه بعد تبليغه أو‬
‫تبليغ مالك الشيء المرهون إن وجد‪ ،‬داخل حيز زمني حدد نطاقه المشرع في أجل ‪ 7‬أيام مما يعني أن‬

‫‪ 550‬حيث يمكن كامل لبطاقة الرهن ‪ ...‬أن يعمد إلى بيع البضاعة المرهونة بدون إجراءات قضائية وذلك بعد ثمانية أيام من االحتجاج ‪"....‬؛‬
‫المادة ‪.347 /2‬‬
‫‪551‬زهير عباس كريم‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.310 :‬‬

‫‪131‬‬
‫مالحقة المدين بحتمية انقضاء هذا األجل تلزمه بتدبر أمره والوفاء بدينه ليتجنب مغبة بيع الشيء‬
‫المرهون الذي قد يكون المدين التاجر في حاجة ماسة إليه لممارسة نشاطه التجاري‪ ،552‬ومن هنا يتضح‬
‫الطابع الملزم آللية الزمن في مواجهة المدين الذي يتقاعس عن الوفاء بدينه بحلول ميعاد االستحقاق‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬الزمن في العقود التجارية عنصر منتج‪ ،‬وهذه الخاصية يمكن استنباطها إلى جانب‬
‫الفصل ‪ ، 497‬من مجموعة من الفصول‪ ،‬والذي ينظم كيفية احتساب الفوائد البنكية في الحساب‬
‫ب االطالع‪ ،‬حيث تنص المادة السالفة الذكر على "‪...‬يسجل في الرصيد المدين للحساب‪ ،‬دين الفائدة للبنك‬
‫المحصور كل ثالثة أشهر‪ ....‬وساهم ‪ ...‬في تكوين رصيد لفائدة البنك ينتج بدون فوائد‪ ."...‬حيث أن‬
‫عنصر الزمن في العقود البنكية بصفة عامة ينتج فائدة لصالح البنك كلما استمر بالتزامن مع واقعه‬
‫مديونية الزبون‪ ،‬لمدة حددها المشرع في حالة الفصل السالف الذكر في ثالثة أشهر‪ ،‬لذلك وصفت بعض‬
‫المدارس االقتصادية الزمن بأنه عنصر من عناصر اإلنتاج واهتمت بتحليل أثره اهتمامها ببقية العناصر‬
‫األخرى مثل العمل وراس المال‪ ،‬وتبقى أهم المدارس والنظريات التي اهتمت بهذا الموضوع اهتماما‬
‫بالغا‪ ،‬نظرية اإلنتاج والفائدة عند رواد المدرسة النمساوية وخاصة منهم "بوهم بافرك" الذي أكد على‬
‫أهمية الزمن في المذهب االقتصادي للمدرسة النمساوية وأوضح أن الفائدة تعتبر ثمن عام ِّل إنتاج هو‬
‫عامل الزمن‪.553‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أنواع الزمن في العقود التجارية‬

‫إن القواعد التي تحكم عقود التجارة جزء ال يتجزأ من األحكام العامة التي تختص بها المادة‬
‫التجارية‪ ،‬وال يبقى التنظ يم القانوني لعنصر الزمن بمنأى عن هذه الوحدة‪ ،‬لذلك فإن أنواع هذا األخير في‬
‫العقو د التجارية ال تخرج عن أحد النوعين على غرار باقي فروع المادة التجارية مع انفراد نسبي‬
‫بخصوصية على هذا المستوى‪ ،‬ويتعلقا األمر بكل من زمن المعامالت أو األطراف (أوال) وزمن‬
‫التقاضي (ثانيا) ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬زمن المعامالت العقدية التجارية‬


‫زمن المعامالت هو الزمن القانوني الذي يترك لألفراد صالحية تدبيره في إطار تسوية‬
‫معامالتهم التجارية واإلجراءات القانونية المتصلة بها بعيدا عن جهاز القضاء‪ ،‬وقد أولى المشرع‬

‫‪552‬بوعبيد عباسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.67 -66 :‬‬


‫‪553‬رضا سعد هللا‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.3 :‬‬

‫‪132‬‬
‫التجاري لهذا النوع من الزمن عناية خاصة في ا لعقود التجارية‪ ،‬وهو ما يتبين بشكل جلي من خالل‬
‫المقتضيات المؤطرة لعنصر الزمن على هذا المستوى‪ ،‬وفي هذا الصدد نجد المشرع يحدد النطاقات‬
‫الزمنية بشكل متسق الحتواء معامالت الوكيل التجاري وموكله من حيث المدد القانونية التي ينبغي أن‬
‫تباشر االلتزامات الناشئة عن هذه المعامالت داخلها‪ ،‬زيادة على ذلك‪ ،‬حدد المشرع بشكل دقيق‬
‫في األحوال التي يبادر فيها أحد الطرفين‬ ‫‪554‬‬
‫المقتضيات المنظمة لعنصر الزمن فيما يتعلق بمهل األشعار‬
‫إلنهاء عقد الوكالة التجارية بإرادة منفردة‪.555‬‬

‫وعلى مستوى عقد السمسرة فهذا األخير لم يبق بمنأى عن الحاجة إلى التنظيم القانوني لعنصر‬
‫الزمن حيث أنه وبالرغم من عدم التنصيص على هذا التنظيم بشكل مباشر من طرف المشرع‪ ،‬فإنه أرشد‬
‫القضاء إلى اعتماد عنصر الوقت إلى جانب عناصر أخرى لتقدير أجرة السمسار‪ ،556‬وهو األمر الذي لم‬
‫جاء في‬ ‫‪557‬‬
‫يجد القضاء بدا من اتباعه‪ ،‬وفي هذا الصدد صدر قرار عن محكمة االستئناف التجارية بفاس‬
‫حيثياته "‪...‬وحيث أن محكمة االستئناف بما لها من سلطة تقديرية‪ ،‬ومراعاة منها لظروف العملية‬
‫الخاصة والوقت الذي تطلبته وطبيعة الخدمة‪ ،...‬ارتأت أن الحكم المستأنف بتحديده األجرة في ‪10000‬‬
‫درهم قد علل تعليال كافيا وصادف الصواب األمر الذي ينبغي معه تأييده‪"...‬وعلى غرار ما سلف‪ ،‬حظي‬
‫عقد النقل بتنظيم دقيق لزمن المعامالت من قبل المشرع‪ ،‬بل األكثر من ذلك أنه ترك لألطراف حرية‬
‫حصره بعد أن الزمهم باحترامه‪ ،558‬وفي مقابل ذلك رتب على الناقل الذي يخل بالتزاماته في إيصال‬
‫البضاعة إلى المرسل إليه في التاريخ المحدد‪ ،‬جزاء يحتسب بدوره استنادا إلى مرور الزمن في اتجاه‬

‫‪554‬المادة ‪ 396‬في فقرتها األولى والثالثة‪.‬‬


‫‪ 555‬تجدر اإلشارة إلى أن عنصر الزمن القانوني في الوكالة التجارية كغيره في باقي موضوعات القانون األخرى بالرغم من كونه خاضعا‬
‫للقانون ومحددا به‪ ،‬فإنه محكوم بالواقع وذلك ما يتضح من خالل الفقرة األخيرة من المادة ‪ 396‬التي جاء فيها "ينتهي العقد بقوة القانون بفعل‬
‫القوة القاهرة"‪.‬‬
‫‪ 556‬المادة ‪ 419‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪557‬قرار محكمة االستئناف التجارية بفاس‪ ،‬رقم‪ ،280 :‬صادر بتاريخ‪ ،1999/04/26 :‬ملف ع‪ ،119/99:‬منشور بالموقع االلكتروني‪:‬‬
‫‪http://www.marocdroit.com/%D8%AD%D9%82-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AC%D8%B1%D8%A9-‬‬
‫‪%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B4%D9%83%D8%A7%D9%84% D8%A7%D8%AA-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AA%D8%A8%D8%B7%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A8%D9%87%D8%A7_a7340.html‬‬
‫‪558‬المادة ‪ 456‬من المدونة‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫التأخير‪ ،‬يتحمل بمقتضاه الناقل اقتطاعا من ثمن النقل بتناسب مع مدة التأخير‪ ،‬وإذا استغرق الناقل ضعف‬
‫األجل المقرر للوصول سقط حق الناقل في ثمن النقل كله ‪.559"...‬‬

‫وعلى مستوى التنظيم القانوني للعقود البنكية فقد أولى المشرع لزمن المعامالت على هذا‬
‫المستوى تنظيما محكما من خالل كل الفصول التي تناولت عنصر الزمن‪ ،‬وفي هذا الصدد نستشهد بما‬
‫ورد عليه النص في المادة ‪ 506‬من مدونة التجارة‪ ، 560‬التي يستفاد من روحها أن المشرع شدد على‬
‫تحديد نطاق زمن الحساب ألجل بين الزب ون والمؤسسة البنكية‪ ،‬وذلك ألهمية عنصر الزمن من خالل‬
‫هذا النوع من العقود واألدوار التي يؤديها بحيث يعتبر عنصرا أساسيا من عناصر العقد اعتبارا ألن‬
‫سعر الفائدة يتحدد مداه تصاعديا أو تنازليا استنادا إلى مدة النطاق الزمني للعقد‪.‬‬

‫وإذا سلمنا بأن العقود التجارية ت قوم على حرية التعاقد بين أطراف العملية التجارية‪ ،‬فإلى أي‬
‫مدى يمكن القول بخضوع هؤالء إلى مقتضيات قانون ‪ 32.10‬المنظم لزمن األداء بين التجار خصوصا‬
‫في العقود التي يكون محلها تسليم بضاعة أو تقديم خدمة السيما إذا علمنا أن أطراف العالقة في العقود‬
‫التجارية – التجار – يلجأون إلى تسوية معامالتهم بإصدار أوراق تجارية بسحبها على بعضهم البعض؟‬

‫إن محاولة اإلجابة عن هذا التساؤل تحيل بشكل ضمني إلى استجالء ضعف مستوى الحكامة‬
‫التشريعية وغياب الرؤية في مالءمة القوانين التجارية خصوصا من حيث المقتضيات المنظمة لعنصر‬
‫الزمن نظرا أل همية هذا األخير في القانون عموما والتجاري منه على وجه الخصوص‪ ،‬الشيء الذي‬
‫يؤدي ال محالة إلى غياب األمن القانوني الناشئ عن تعقيد العالقة بين القوانين المؤطرة لنفس المادة‬
‫والسرعة التي تستدعيها سياسة تجارية‬ ‫‪561‬‬
‫وبالتالي الحؤول دون ضمان الثقة في القاعدة القانونية‬
‫واقتصادية تحمي المستثمرين من تجار وأصحاب رؤوس أموال هدفها ضمان عملية التبادل التجاري‬
‫الذي أصبح مطلبا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا‪ 562‬وبالتبعية تدبدب دور القضاء في خلق الثقة واالطمئنان‬
‫من خالل التوحد في االجتهادات القضائية‪ ،563‬فالتشريع الجيد يحتاج إلى تنفيذ سليم‪ ،‬وضمان حسن‬
‫وبالتالي تمكين المتقاضين من تنفيذ أحكامهم في اقرب‬ ‫‪564‬‬
‫التطبيق يتوقف على رقابة فاعله ومبدعة‬

‫‪559‬المادة ‪ 457‬من المدونة‪.‬‬


‫‪560‬المادة ‪ 506‬من المدونة‪.‬‬
‫‪561‬يونس العياشي‪ ،‬الرجع السابق‪.‬‬
‫‪562‬أحالم عارف‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.111 -110 :‬‬
‫‪563‬أحالم عارف‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.10 :‬‬
‫‪564‬أحالم عارف‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.7 :‬‬

‫‪134‬‬
‫وهو األمر الذي لن يتأتى في ظل غياب مالءمة‬ ‫‪565‬‬
‫اآلجال بما يحقق األمن القضائي في المادة التجارية‬
‫تشريعية فاعلة وانعدام تصور قانوني واقعي تتالشى معه أبسط آليات التوقع واالستقرار القانوني‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬زمن التقاضي‬

‫سلفت اإلشارة إلى أن زمن التقاضي هو العمر االفتراضي الذي ينبغي أن تستغرقه الخصومة‬
‫القضائية باعتباره اإلطار العام للتغيير والضبط الذي يمارسه القاضي على زمن المسطرة حسب ما جاء‬
‫على لسان األستاذ عبد الحميد اخريف‪ ،566‬وفي عالقة بالعقود التجارية التي تختص المحكمة التجارية‬
‫بالبت في النزاعات الناشئة عنها‪ ،‬فإن نفس المقتضيات التي تخص إجراءات مسطرة التقاضي من حيث‬
‫الزمن هي التي تستحكم فيها‪ .‬لذلك سنكتفي في هذا الصدد باإلحالة على زمن التقاضي في م ت الذي‬
‫تناولناه في الفصل األول من هذا البحث تفاديا للتكرار‪ .‬إال أن النطاق العام لزمن التقاضي في العقود‬
‫التجارية كغيره من باقي موضوعات القانون التجاري والذي ينبغي على من ينوي مقاضاة طرف آخر‬
‫أمام جهاز المحكمة التجارية داخله‪ ،‬حدده المشرع طبقا للمادة ‪ 5‬من مدونة التجارية في خمس سنوات‬
‫تبتدئ من تاريخ نشوء العملية التجارية‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المقتضيات المنظمة لبعض العقود التجارية نجد أن المشرع وباإلحالة الصريحة‪،‬‬
‫يحيل إلى المقتضيات المنظمة في قانون االلتزامات والعقود التي يتعين تطبيقها في حالة خلو القواعد‬
‫الخاصة من مقتضى خاص ينظمها مما يطرح إشكالية االزدواجية بين القوانين وبالتالي ازدواجية تنظيم‬
‫األزمنة القانونية الواجبة التطبيق‪ ،‬وما يعمق مشكل االزدواجية ويزيد من حدته هو خضوع نفس النقطة‬
‫للقواعد العامة والخاصة في ذات اآلن‪ ، 567‬مما أثار العديد من اإلشكاالت العملية من حيث الزمن على‬
‫وجه الخصوص وهذا ما سنتناوله في مطلب موال‪.‬‬

‫‪565‬لبنى فريالي‪ ،‬تدبير الزمن القضائي واقع وتحديات‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪566‬الزمن في ق م م‪ ،‬ندوى ‪ :‬الزمن والقانون‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪567‬يتعلق األمر هنا بالتضارب الحاصل بين الفصل ‪ 389‬من ق ل ع الذي نظم زمن تقادم عقد النقل وحدده في سنة ذات ‪ 365‬وبين المادة ‪5‬‬
‫من مدونة التجار ة التي حددت زمن التقادم التجاري في خمس سنوات خصوصا إذا علمنا أن مدونة التجارة تعرضت بالتنظيم لعقد النقل‬
‫واعتبرته عمال تجاريا بالطبيعة ومشكلة االزدواجية هذه تفهم على ضوء المادة (‪ )2‬من مدونة التجارة‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬بعض تطبيقات الزمن في العقود التجارية ومركزه بين مشكلة الزمن العام‬
‫والزمن الخاص‬
‫الشك أن العقود التجارية هي العقود التي يكون محلها القيام بعمل تجاري‪ 568‬وهي بهذا المعنى‬
‫تشمل جميع العقود المسماة وغير المسماة التي تعد تجارية‪ ،‬فيندرج تحت هذا الوصف ليس فقط العقود‬
‫المنظمة أحكامها في الكتاب الرابع من مدونة التجارة وإنما كذلك بقية العمليات التجارية األخرى‪،569‬‬
‫ولما كان القانون المدني مكمال للقانون التجاري فيما لم ينص عليه هذا األخير‪ ،‬فلذلك تسري القواعد‬
‫المدنية العامة في التعهدات والعقود كما تسري القواعد الخاصة بكل عقد على حدة‪ ،570‬وينتج عن ذلك أن‬
‫أحكام المعامالت وإن كانت في الغالب واحدة في أساسها ومغزاها سواء بالنسبة لما هو مدني أو ما هو‬
‫يوجد الخالف أو‬
‫تجاري‪ ،‬إال أنها قد تختلف في تطبيقها على المسائل التجارية إما بسبب نص قانوني ِّ‬
‫بسبب ما يجري به العمل في قواعد العمل بين التجار‪ ، 571‬وهذا الخالف ينبثق في أصله عن ازدواجية‬
‫التنظيم القانوني لنفس المقتضى بموجب النص الخاص والنص العام‪.‬‬

‫إن تناول مقاربة ازدواجية – النص العام والنص الخاص على ضوء النصوص المنظمة لعنصر‬
‫الزمن القانوني – زمن التقادم – على مستوى ال عقود التجارية تحيل إلى ضرورة استجالء مركز هذا‬
‫والذي ال يمكن رصده إال من خالل تطبيقات العمل‬ ‫‪572‬‬
‫األخير بين مشكلة الزمن الخاص والزمن العام‬
‫القضائي ممثلة في األحكام والقرارات الصادرة عن مختلف الهيئات القضائية باختالف درجاتها‪ ،‬وفي‬
‫هذا الصدد‪ ،‬نقتصر استشهادا ‪ 573‬بأحد القرارات الصادرة عن محكمة النقض‪ 574‬بتاريخ ‪ 3‬يوليوز ‪2014‬‬
‫باعتباره نموذجا حديثا لتضارب الزمن العام والزمن الخاص الشيء الذي استرعى إليه أنظار جانب من‬
‫بين مؤيد لتوجه المحكمة ومعارض لها بحسب اختالف الرؤى حول هذا‬ ‫‪576‬‬
‫والباحثين‬ ‫‪575‬‬
‫الفقهاء‬

‫‪568‬زهير عباس كريم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.248 :‬‬


‫‪569‬أكرم يا ملكي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.187 :‬‬
‫‪570‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.9 :‬‬
‫‪571‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪572‬حسن ملكي‪ ،‬مشكلة الزمن العام والزمن الخاص – قراءة في اجتهادات محكمة النقض‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪ 573‬إن الحديث في هذا اإلطار ينحصر في تحليل ازدواجية مشكلة الزمن العام والزمن الخاص على مستوى عقد النقل "نموذجا" وهو اقتصار‬
‫ليس من باب اإلقصاء لباقي أنواع العقود األخرى على اعتبار أن جل القواعد المنظمة لعقود مدونة التجارة تمت فيها إلحالة على أحكام ق ل ع‬
‫فيما لم برد بشأنه نص خاص‪ ،‬وإنما من باب التعريف بمقاربة االزدواجية إلبراز مركز عنصر الزمن في العقود التجارية بين مشكلة الخاص‬
‫والعام وهذا األمر الذي يمكن اإلحاطة به من خالل الوقوف على كل عناصر وجزئيات هذا القرار القضائي‪.‬‬
‫‪ 574‬قرار عدد ‪ ،381‬صادر بتاريخ ‪ 3‬يوليوز ‪ ،2014‬ملف تجاري ع‪ 2012 /1 / 3 / 624 :‬منشور بنشرة قرارات محكمة النقض‪ ،‬الغرفة‬
‫التجارية‪ ،‬ع ‪ ،17 :‬س ‪.2014 :‬‬
‫‪575‬أح مد كويسي‪ ،‬محاضرات في مادة منازعات العقود التجارية‪ ،‬ألقيت على طلبة الفوج الثالث‪ ،‬ماستر منازعات األعمال كلية الحقوق فاس‬
‫السنة الجامعية ‪( 2015-2014‬غير منشور)‬

‫‪136‬‬
‫اإلشكال الشيء الذي استوجب الم حالة المبادرة إلى دراسة هذا القرار من جميع جوانبه بتحليله والوقوف‬
‫على مؤشرات اعتباره اجتهادا من عدمه من جهة‪ ،‬ولمحاولة إبراز وجهة نظر شخصية حول أي‬
‫الفريقين أحرى بالتأييد من جهة ثانية‪.‬‬

‫وتدور حيثيات هذا القرار حول تطبيق المقتضيات المنظمة لمرور الزمن (التقادم) المنصوص‬
‫عليها في الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 389‬من ق ل ع على الدعاوي الناشئة عن عقد النقل أو بمناسبته‬
‫وجعلها مقتضيات خاصة تقدم في التطبيق على المادة الخامسة من مدونة التجارة التي تنظم التقادم في‬
‫المادة التجارية بصفة عامة انطالقا من كونها استثنت من تلك العمومية المقتضيات الخاصة المخالفة إن‬
‫وجدت‪ .577‬واستنادا إلى هذه المعطيات اختلفت وجهات النظر في هذا الصدد بين مؤيد لتوجه المحكمة‬
‫ومعارض له‪ .‬وقبل الكشف عن كال التوجهين البد من تحديد اإلطار القانوني للتقادم – مرور الزمن –‬
‫الواجب التطبيق في الدعاوى الناشئة عن عقد النق ل وبمناسبة (الفقرة األولى) ليتسنى بعد ذلك مناقشة‬
‫حيثيات هذا القرار على ضوئها وفق ما اعتمده أي من التوجهين السالفين الذكر من تحليل قانوني‬
‫بمناسبة دراسته القرار(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلطار القانوني لزمن ا لتقادم الواجب التطبيق في دعاوى عقد النقل‬

‫حري بالتسليم أن عقد النقل من العقود التجارية المسماة المنصوص عليها في مدونة التجارة‪،‬‬
‫وبالتالي فإن االلتزامات الناشئة عنها شأنها شأن باقي العقود التجارية تخضع لمقتضيات المادة ‪ 5‬من‬
‫مدونة التجارة التي عرضت لتنظيم التقادم التجاري‪ ،‬والتي تنص على "‪...‬تتقادم االلتزامات الناشئة‬
‫بمناسبة عمل تجاري بين التجار أو بينهم وبين غير التجار بمضي خمس سنوات ما لم توجد مقتضيات‬
‫خاصة مخالفة‪."...‬‬

‫وحسب األستاذ عبد الرحيم بحار‪ ،578‬فإن قراءة هذا النص األخير‪ ،‬يتبين أنه حدد االلتزامات‬
‫التجارية في خمس سنوات سواء فيما بين التجار أو بينهم وبين غير التجار‪ ،‬كما حدد الستثناء على ذلك‬
‫المبدأ في حالة وجود مقتضيات قانونية خاصة مخالفة‪ ،‬األمر الذي يتعين معه معالجة المبدأ العام للتقادم‬
‫التجاري المنظمة في إطار مدونة التجارة (أوال) وكذا االستثناءات الواردة على ذات المبدأ المنصوص‬
‫عليه سواء في مدونة التجارة أو في بعض القوانين والمقتضيات الخاصة (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ 576‬حسن ملكي‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪ 577‬انظر المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪578‬التقادم في العقود التجارية ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.59 :‬‬

‫‪137‬‬
‫أوال ‪ :‬المبدأ العام لنظام التقادم ‪ -‬مرور الزمن – في العقود التجارية (عقد النقل)‬

‫لما كان العقد مصدرا من مصادر االلتزام ‪ 579‬فإن االلتزامات المترتبة على عقد النقل تخضع في‬
‫تقادمها للمبدأ العام الوارد في المادة الخامسة من المدونة‪ ،‬ذلك أن المادة الثانية من مدونة التجارة تنص‬
‫صراحة على أن المسائل التجارية يفصل فيها بمقتضى قوانين التجارة وعاداتها وأعرافها أو بمقتضى‬
‫القانون المدني عندما ال تتعارض أحكام هذا األخير مع المبادئ األساسية للقانون التجاري والذي يبقى‬
‫من أهمها‪ -‬أي األحكام‪ -‬مبدأ التقادم التجاري‪.‬‬

‫أن المحكمة ملزمة فيما يخص التقادم التجاري‬ ‫‪580‬‬


‫ويرى األستاذ عبد الرحيم بحار من موقع آخر‬
‫باالستناد إلى أحكام المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة وتطبيقها على أساس أنها وردت في قانون خاص‪،‬‬
‫وحسب القاعدة الفقهية المعمول بها فإن القانون ال خاص يقيد القانون العام ويقدم عليه في التطبيق‪،581‬‬
‫وبالتالي ال يمكن الرجوع إلى أحكام ق ل ع إال عند عدم وجود نص يطبق على النزاع استنادا لما ورد‬
‫في المادة الثانية من مدونة التجارة‪ ،‬وقد أكدت محكمة النقض المجلس األعلى سابقا على ذلك حينما جاء‬
‫في إحدى حيثيات قراراته ا "‪...‬وحيث أن الدعوى قدمت في إطار مدونة التجارة وهو قانون خاص مقدم‬
‫في التطبيق على القانون العام وهو قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وأن الطاعن تمسك بمقتضيات المادة ‪5‬‬
‫من مدونة التجارة التي تنص على "تتقادم االلتزامات الناشئة ما لم توجد مقتضيات خاصة مخالفة" وهو‬
‫أطول أجل للتقادم في المادة التجارية وضع من أجل استقرار المعامالت التجارية‪.582‬‬

‫ثانيا ‪ :‬االستثناءات الواردة على المبدأ العام المقرر للتقادم التجاري – عقد النقل –‬

‫لقد استثنى المشرع المغربي في المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة بعض الحاالت التي أفرد لها‬
‫من اعتبار المقتضيات الخاصة‬ ‫‪584‬‬
‫مقتضيات قانونية خاصة‪ ،583‬وخالفا لما ذهب إليه بعض الباحثين‬
‫المخالفة لنص المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة هي تلك المنصوص عليها في النص العام المنظم في ق ل ع‪،‬‬
‫ويقصد بالذكر هنا الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 389‬التي عرضت لتنظيم عقد النقل وحددت تقادم الدعاوى‬

‫‪579‬الفص ل األول من ق ل ع‪ .‬الذي ينص على "تنشأ االلتزامات عن االتفاقات وعن التصريحات ‪ ...‬وعن اشباه العقود ‪،...‬‬
‫‪580‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.147 :‬‬
‫‪ 581‬نادية احديدو‪ ،‬أجل رفع دعوى اإللغاء على ضوء االجتهاد القضائي‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬اإلشعاع‪ ،‬ع‪ ،42-41:‬س‪ ،2014:‬ص‪.265:‬‬
‫‪582‬قرار المجلس األعلى –محكمة النقض حاليا – ع‪ 1957 :‬صادر بتاريخ ‪ .2001 /9 /26‬ملف تجاري رقم‪ ،2000 / 1844 :‬منشور بمجلة‬
‫المحاكم المغربية‪ ،‬ع‪ ،93 :‬ص‪.143 :‬‬
‫‪583‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬التقادم في العقود التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.61 :‬‬
‫‪584‬حسن ملكي‪ ،‬م س‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫الناشئة ب مناسبته التي تثبت من أجل العور والتأخير والضياع في سنة ذات ثالث مائة وخمسة وستين‬
‫يوما‪ .‬ويضيف هذا الجانب معلال توجهه بأن مشرع المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة نص صراحة على أن‬
‫مقتضيات هذه األخير تطبق ما لم توجد مقتضيات خاصة مخالفة ولم تقل نصوص خاصة مخالفة‪،‬‬
‫والمقتضى الخاص حسب هذا الجانب يوجد في النص العام‪ ،‬وبهذا وجب ترجيح الزمن الخاص المنظم‬
‫بموجب المقتضى الخاص الوارد في النص العام على النص الخاص المنظم الزمن التقادم التجاري‬
‫بشكل عام‪ ،‬وهو بهذا التحليل لم يقل أن قانون االلتزامات والعقود قانون خاص وأن مدونة التجارة قانون‬
‫عام‪ ،‬وهو التوجه الذي ذهبت فيه محكمة االستئناف التجارية مصدرة القرار المطعون فيه – محل‬
‫الدراسة – وأيدتها في ذلك محكمة النقض التي اعتبرتها طبقت القانون تطبيقا صحيحا‪.‬‬

‫يرى األستاذ عبد الرحيم بحار‪ -585‬وعن صواب‪ -‬أن المقتضيات القانونية الخاصة التي يمكن أن‬
‫تخالف عمومية المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة ال تخرج عن تلك الواردة ضمن مدونة التجارة نفسها أو تلك‬
‫المنصوص عليها في بعض القوانين التجارية الخاصة‪ - ،‬فبالنسبة للمقتضيات الخاصة المخالفة لعمومية‬
‫المادة الخامسة من المدونة والمنصوص عليها في مدونة التجارة نفسها‪ ،‬نجد تلك التي نظمت التقادم‬
‫الصرفي بالنسبة لألوراق التجارية المنصوص عليها في المادة ‪ 228‬من المدونة وكذا المادة ‪ 295‬التي‬
‫نظمت آجال تقادم الدعاوى الناشئة عن الشيك‪ .‬وتأسيسا على ما سبق فإن مدة التقادم في الدعاوى الناشئة‬
‫عن الشيك أو الكمبيالة هي مدد قصيرة وتختلف عن مدة التقادم المحددة في المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة‬
‫وتبقى هي التفسير الصحيح لعبارة للمقتضيات الخاصة التي نبه المشرع إليها لكون المقتضى الخاص هنا‬
‫‪-‬في اعتقادنا‪ -‬أخص من النص الخاص نفسه وتكون له األولوية في التطبيق بالنظر للطبيعة التجارية‬
‫للعمل الذي ينظمه والذي هو هنا الورقة التجارية‪.‬‬

‫أما بالنسبة للزمن الخاص المنظم للتقادم التجاري بموجب مقتضيات خاصة مخالفة لعمومية‬
‫المادة الخامسة من مدونة التجارة والمنصوص عليه ضمن قوانين تجارية خاصة‪ ،‬فهناك العديد من هذه‬
‫األخيرة نقتصر على ذكر بعضها على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬ومن ذلك المقتضيات الخاصة المنظمة‬
‫لزمن التقادم على مستوى قانون التأمين‪ 586‬وكذا على مستوى قوانين الشركات‪.‬‬

‫‪585‬التقادم العقود التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.65-61 :‬‬


‫‪ 586‬على ضوء معايير تحديد العقد التجاري‪ ،‬فإن العقود التي تبرمها شركات التأمين مع زبنائها هي عقود تجارية وبالتالي تخضع لمبادئ‬
‫القانون التجاري وهو ما نص عليه المشرع بشكل صريح من خالل الفقرة ‪ 8‬من المادة ‪. 6‬‬

‫‪139‬‬
‫فالنسبة للتقادم في الدعاوي الناشئة عن عقد التأمين فإنه يخضع لمقتضيات المادة ‪ 36‬من مدونة‬
‫التأمينات الجديدة التي حددت نطاق زمن التقادم في هذا السياق في سنتين ابتداء من تاريخ وقوع الحادث‬
‫الذي تولدت عنه الدعوى وهو ما سار على نهجه القضاء من خالل ما ورد في حكم صادر عن المحكمة‬
‫التجارية بالدار البيضاء قضت فيه بسقوط دعوى التأمين بالتقادم انطالقا من كون األجل الفاصل بين‬
‫حدوث الواقعة وتاريخ رفع الدعوى تجاوز أجل السنتين المنصوص عليها في المادة ‪ 36‬من المدونة‪.587‬‬

‫أما بالنسبة للتقادم في دعاوى الشركات التجارية‪ ،‬فإن التقادم الخمسي المقرر كمبدأ عام في‬
‫المتعلق بشركات المساهمة‪ ،589‬إذا ما‬ ‫‪588‬‬
‫المعامالت التجارية يجد صدى قويا في القانون رقم ‪17.97‬‬
‫استثنينا بطالن الشركة أو عقودها أو مداوالتها الالحقة لتأسيسها التي تتقادم طبقا لمقتضيات المادة ‪345‬‬
‫من هذا القانون بمرور ‪ 3‬سنوات ابتداء من سريان البطالن‪ .‬أما بخصوص قانون ‪ 5.96‬المتعلق بناقي‬
‫الشركات فتسري عليه نفس المقتضيات السالفة الذكر على اعتبار أنه قد تمت اإلحالة إلى هذه المقتضيات‬
‫بموجب المادة ‪ 1‬من القانون السالف الذكر‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مدى صحة هذا التوجه القضائي على ضوء اإلطار القانوني والنقاش الفقهي‬

‫للكشف عن المعنى الذي يكمن بين ثنايا عنوان هذه الفقرة‪ ،‬البد من التعرض لوقائع وحيثيات‬
‫التوجه القضائي في هذا القرار (أوال) ثم نتطرق بعد ذلك لموقف الفقه منه استنادا لإلطار القانوني المنظم‬
‫له (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التوجه القضائي في نظام تقادم عقد النقل – من خالل القرار محل الدراسة‪-‬‬

‫يتجلى التوجه القضائي في شأن تنازع الزمنين العام والخاص من حيث التطبيق من خالل ما‬
‫راج في حيثيات وبين وقائع هذا القرار‪ ،‬حيث يستفاد من هذه األخيرة أنه بتاريخ ‪29 /12 /2010‬‬
‫تقدمت الطالبة شركة النقل "المنار" بمقال إلى المحكمة التجارية بمراكش عرضت فيه إنها دائنة للمدعى‬
‫عليها شركة (س‪.‬س‪ .‬ج ت كناليزاسيوى) بمبلغ ‪ 432606.06‬درهم حسب الفاتورات المرفقة ببونات‬

‫‪587‬حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء‪ ،‬رقم‪ ،11415 :‬صادر بتاريخ‪ ،2006/10/17 :‬ملف ع‪ ،2006/06/6602 :‬منشور بالموقع‬
‫االلكتروني محكمتي‪https://www.mahkamaty.com/2014/01/11/%D8%B9%D9%82%D8%AF- :‬‬
‫‪/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%AF%D9%85‬‬
‫تمت زيارة الموقع بتاريخ‪.2016/12/10 :‬‬
‫‪588‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬التقادم في العقود التجارية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.65 :‬‬
‫‪589‬انظر المواد‪ 371 - 355 -351 :‬من قانون شركة المساهمة‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫التسليم المتعلقة بخدمات النقل التي قامت بها العارض ة لفائدة المدعى عليها المذكورة‪ ،‬ملتمسة لذلك الحكم‬
‫عليها بأداء المبلغ المذكور وتعويضا عن التماطل قدره ‪ 50.000‬درهم مع الفوائد القانونية من تاريخ كل‬
‫فاتورة وتحميلها الصائر‪ .‬فأصدرت المحكمة التجارية حكما غيابيا قضت فيه على المدعى عليها بأداء ما‬
‫التمسته المدعية‪ ،‬استأنفته المدعى عليها‪ ،‬فألغت محكمة االستئناف الحكم االبتدائي وقضت من جديد‬
‫برفض الطلب لتقادمه بمرور أجل السنة المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 389‬من ق ل ع‬
‫المتعلقة بالدعاوى المقامة من أجل العوار والضياع والتأخير وغيرها من الدعاوى التي يمكن أن تنشأ‬
‫عن عقد النقل أو بمناسبته‪ ،‬فأيدت محكمة النقض التوجه الذي سارت فيه محكمة االستئناف‪ .‬وبما أن‬
‫تأييد القرار يعني تبني نفس التحليل الذي انبنى عليه‪ ،‬فإن هذا التوجه القضائي الذي سارت فيه محكمة‬
‫النقض عد التمسك بأحكام المادة الخامسة من مدونة التجارة ليس في محله‪ ،‬من منطلق أن المادة السالفة‬
‫الذكر تطبق على االلتزامات التجارية بوجه عام وأن المقتضى المنصوص عليه بمقتضى الفقرة الرابعة‬
‫من الفصل ‪ 389‬هو بمثابة مقتضى خاص وإن ورد في قانون عام وأن الخاص يقيد العام ويقدم عليه في‬
‫التطبيق‪ ،‬وبالتالي تكون – محكمة االستئناف‪ -‬قد طبق القانون تطبيقا صحيحا سواء من حيث الفصل‬
‫‪ 389‬من ق ل ع وكذا المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة كونها استثنت المقتضيات الخاصة من عموميتها والتي‬
‫يبقى المقتضى المنصوص عليه في الفصل ‪ 389‬في فقرته الرابعة من أهمها‪.‬‬

‫إن توجه محكمة االستئناف التجارية وقرار محكمة النقض المؤيد له طرح آراء متضاربة من‬
‫قبل جانب من الفقهاء والباحثين والمهتمين من الدارسين ومواقف مختلفة بين مؤيد ومعارض‪ ،‬وهو ما‬
‫سنتوقف عنده في مرحلة موالية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الموقف الفقهي من التوجه القضائي في زمن تقادم عقد النقل‬

‫أكد األستاذ عبد الحميد أخريف على ضرورة حضور االعتبارات الخاصة التي تعود إلى طبيعة‬
‫موضوع الدعوى‪ ،‬والتي تعد بمثابة المعيار الحاسم الذي يعتمد في تقدير الزمن حسب تلك الطبيعة‪.590‬‬
‫وبالرغم من تأكيده على ذلك بالقول أن تحديد الزمن الواجب التطبيق يتوقف انطالقا على ضرورة تحديد‬
‫إلى تأييد المذهب الذي ذهبت فيه محكمة النقض مؤيدة القرار‬ ‫‪591‬‬
‫طبيعة الدعوى‪ ،‬بادر أحد الباحثين‬
‫االستئنافي الصادر في شأن عقد النقل بتاريخ ‪ 3‬يوليوز ‪ ،2014‬والقول بحتمية التمييز بين النص الخاص‬

‫‪590‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬الزمن في ق م م‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪ 591‬حسن ملكي‪ ،‬مشكلة الزمن العام والزمن الخاص‪ :‬قراءة في االجتهاد القضائي لمحكمة النقض‪ ،‬م س‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫والمقتضى الخاص معتبرا في عالقة بالقرار محل الدراسة‪ ،‬أن المقتضيات المنظمة لتقادم الدعوى‬
‫الناتجة عن عقد النقل أو بمناسبته منصوص عليها في الفقرة الرابعة من الفصل ‪ ،389‬ومن ثم فهي‬
‫مقتضيات خاصة تقدم في التطبيق على المادة الخامسة من مدونة التجارة التي تنظم التقادم في المادة‬
‫التجارية بصفة عامة‪ ،‬والتي استثنت هي نفسها من هذه العمومية المقتضيات الخاصة المخالفة إن وجدت‬
‫كما هو ا لحال بالنسبة للمقتضيات المنظمة لعقد النقل والمنصوص عليها في الفقرة الرابعة من الفصل‬
‫‪ 389‬من ق ل ع حسب هذا ذات الرأي‪.‬‬

‫غير أننا إذا ما أخذنا بمعيار تحديد طبيعة الدعوى الذي أكد عليه هذا الجانب‪ ،‬فإننا نجد بما ال‬
‫يدع مجاال للبس أو غموض أن الدعوى الصادر في شأنها القرار القضائي هي دعوى أثيرت في إطار‬
‫منازعة قضائية بين شريكتين تجاريتين وبمناسبة عمل تجاري طبقا للفقرة السادسة من المادة ‪ 6‬من‬
‫المدونة‪ ،‬األمر الذي استرعى اهتمام جانب من الفقهاء‪592‬وحمله على الذهاب في شأن تنازع تطبيق‬
‫األزمنة – العام و الخاص – من حيث االختصاص مذهب آخر‪ ،‬والقول بمجانبة هذا التوجه القضائي‬
‫للصواب‪ ،‬وعلى غراره من أيد هذا التوجه وقال بصحته‪ .‬فالمشرع نص طبقا للمادة األولى من مدونة‬
‫التجارة على تحديد نطاق تطبيق هذا القانون من حيث األشخاص والمعامالت‪ ،‬وبذلك يكون قد سيج‬
‫اإلطار ال ذي تسري داخله قواعد هذا القانون‪ .‬ويعد عقد النقل من األعمال التجارية بطبيعتها طبقا للفقرة‬
‫السادسة من المادة ‪ 6‬من المدونة‪ ،‬وبناء عليه ينبغي أن يفصل في النزاعات المثارة بشأنها الدعاوى‬
‫المتعلقة به استنادا إلى قوانين وأعراف التجارة أو بمقتضى القانون المدني عندما ال تتعارض أحكامه من‬
‫المبادئ األساسية للقانون التجاري‪ .593‬ويعد التقادم التجاري أهم هذه المبادئ التي تنبثق عن األحكام‬
‫القانونية المتعلقة بالمادة التجارية‪ ، 594‬هذا األخير نظمه مشرع مدونة التجارة في المادة ‪ 5‬منها وحدده في‬
‫أن‬ ‫خمس سنوات كأمد أقصى ما لم توجد مقتضيات مخالفة تقضي بمدد أقل‪ ،‬ويرى الرأي الراجح‬
‫‪595‬‬

‫المقصود بعبارة المقتضيات المخالفة الواردة في المادة ‪ 5‬من المدونة من المدونة تلك الواردة في مدونة‬

‫‪592‬أحمد كويسي‪ ،‬محاضرات في منازعات العقود التجارية‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪593‬المادة ‪ 2‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪594‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪ 115-111 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 595‬أحمد كويسي‪ ،‬منازعات في العقود التجارية‪ ،‬م س؛ عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫التجارة نفسها كما سبقت اإلشارة إلى ذلك سلفا أو تلك المنصوص عليها في بعض القوانين التجارية‬
‫الخاصة‪.596‬‬

‫ويرى األستاذ أحمد كويسي أن المشرع التجاري كان واضحا في إخضاع الدعاوى الناشئة عن‬
‫عقد النقل إلى أحكام المادة الخامسة من مدونة التجارة من حيث مبدئها العام – التقادم الخمسي – لكون‬
‫هذا األخير يندرج ضمن األعمال التجارية الطبيعة طبقا لنص المادة ‪ 6‬من مدونة التجارة‪ ،‬ودليله في ذلك‬
‫اإلحالة الصريحة من داخل مدونة التجارة على أحكام الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 389‬من ق ل ع‬
‫بخصوص تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد الوكالة بالعمولة في نقل البضائع مما يبين استشعار المشرع‬
‫التجاري قيمة المدى الزمني للتقادم المحدد في سنة ومدى مناسبته لعقد الوكالة بالعمولة في نقل البضائع‬
‫الشيء الذي حتم ضرورة اإلحالة عليه‪ ،‬وبالمقابل خلو األحكام المنظمة لعقد النقل في مدونة التجارة‬
‫ضمن المواد من ‪ 443‬إلى ‪ 486‬من أي مقتضى يحيل على ضرورة تطبيق الفقرة الرابعة من الفصل‬
‫‪ 389‬من ق لع الشيء الذي يستفاد منه رغبة المشرع في إخضاع الدعاوى التجارية الناشئة عن عقد‬
‫ال نقل إلى التقادم التجاري وهو خمس سنوات طبقا للمادة الخامسة من المدونة‪ ،‬كما أن القول بالسبق في‬
‫التطبيق يكون ألحكام الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 389‬من ق ل ع فيه مخالفة صريحة للقاعدة المتعارف‬
‫عليها في اوساط الفقه المغربي والمقارن التي مفادها تقييد النص الخاص للنص العام وأولويته في‬
‫التطبيق عليه‪ ،‬أما المقتضى الخاص المخالف الذي نصت عليه المادة الخامسة‪ ،‬فيجب أن يكون أخص‬
‫من النص الخاص نفسه كما هو الشأن بالنسبة ألحكام تقادم الشيك والكمبيالة وعقود التأمين وغيرها مما‬
‫نصت عليه المواد ‪ 6‬و ‪ 9‬و ‪ 10‬من المدونة وليس أعم منه كأن يكون واردا ضمن األحكام العامة فـي ق‬
‫ل ع كما هو الحال بالنسبة للفقرة الرابعة من الفصل ‪.389‬‬

‫ونرى من جهتنا ان هذا التوجه الفقهي األخير أحرى بالتأييد وأوجب بالتبني‪ ،‬للحجج القانونية‬
‫المعقولة التي يستند إليها والتحليل المنطقي الذي يعتمده خالفا لما سار فيه بعض الباحثين المشار إليهم‬
‫سلفا‪ ،‬الذي أكد على ضرورة تحديد طبيعة الدعوى أهي تجارية أم مدنية ليتسنى بالتالي تحديد الزمن‬
‫الواجب التطبيق بحسب تلك الطبيعة‪ ،‬ثم يعود ليقول بضرورة تطبيق الزمن العام معتبرا إياه خاصا‬
‫بالرغم من وروده في النص العام والحال أن الدعوى تجارية من حيث االختصاص والموضوع‬
‫واألطراف‪.‬‬

‫‪ 596‬انظر الصفحات السوالف الذكر فيما يتعلق بمناقشة اإلطار القانوني التقادم اتجاري‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫كما أن القاعدة الفقهية القائلة بجدارة النص الالحق في التطبيق على النص السابق والتي يمثل‬
‫فيها عنصر الزمن الفيصل الحاسم في ترجيح هذا التوجه أو ذاك‪ ،‬ال تسعف في القول بتطبيق أحكام‬
‫الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 389‬من ق ل ع وتقديمها في التطبيق على مقتضيات المادة الخامسة من مدونة‬
‫التجارة باعتبارها نصا الحقا له‪.597‬‬

‫وبناء على ما سبق بيانه نقول بأن توجه الغرفة التجارية محكمة النقض في قرارها الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 3‬يوليوز ‪ 2014‬بخصوص تطبيق زمن التقادم المنصوص عليه في الفقرة ‪ 4‬من الفصل ‪389‬‬
‫هو توجه مج انب للصواب يتسنى العدول عنه في أقرب فرصة تتاح أمام ذات المحكمة لتقويم التوجه‬
‫القضائي في الطريق الصواب باالستجابة إلى مناداة الفقه الراجح في هذا الصدد‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تطبيقات عنصر الزمن في القوانين التجارية المسطرية (الزمن المسطري)‬
‫ال يخفى أن القاضي من خالل المهام الموكولة إليه بمناسبة النظر في الدعوى والبت في الخصومة‬
‫القضائية هو ما يبعث الروح في القوانين الموضوعية بوضعها في سياقها المسطري‪ ،‬وبالنظر لحتمية‬
‫سلك المساطر القضائية التي رسم طريقها المشرع في سبيل اقتضاء الحقوق‪ ،‬أحاطها هذا األخير بنظام‬
‫زمني خاص ضمانا لعامل التسريع من وثيرتها‪.‬‬
‫‪598‬‬
‫وتوظيفا فيه‬ ‫وأيا كان األمر‪ ،‬فإن القوانين المسطرية هي أكثر القوانين ارتباطا بعنصر الزمن‬
‫مقارنة بباق ي القوانين األخرى‪ .‬فبغض النظر عن توظيف القوانين المسطرية لعنصر الزمن كموضوع‬
‫للتنظيم كونها تنظم اآلجال والمدد وتبين أصنافها وقواعد كل صنف واألثر المترتب عليه‪ ،‬فهي تنظمه‬
‫كوسيلة وكهدف‪.599‬‬

‫فمن حيث توظيف القانون المسطري للزمن كوسيلة يتبين من خالل ربط سائر اإلجراءات بأجل أو‬
‫مدة أو ميعاد سواء كان كامال أو غير كامل‪ ،‬يقبل التوقف أو ال يقبله‪ ،‬وبصفة عامة فإن الزمن من منطلق‬

‫‪597‬ذلك أنه يمكن القول أن خضوع عقد النقل ألحكام الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 389‬من ق ل ع كان قبل النص على تجارية هذا النوع من العقود‬
‫بشكل صريح بموجب المادة ‪ 6‬من مدونة التجارة ودليل ذلك أن الفصل ‪ 389‬من ق ل ع كان قبل النص على تجارية هذا النوع من العقود‬
‫بشكل صريح بموجب المادة ‪ 6‬من مدونة التجارة‪ ،‬ودليل ذلك أن الفصل ‪ 389‬لسنة ‪ 1913‬لم يكن ينظم تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد النقل إال‬
‫بعد تعديل ‪ 17‬فبراير ‪ ، 1939‬وهو ما يعني أن تنظيم المقتضيات المتعلقة بتقادم عقد النقل جاءت بشكل تدبيري إلى أن توجت بتنظيم الفقرة‬
‫السادسة من المادة ‪ 4‬من مدونة التجارة لسنة ‪ 1996‬في ظل إغفال صارخ صريح إللغاء تطبيق الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 389‬أو باألحرى‬
‫التنصيص استثناء تطبيقها فقط في األحوال التي تكون فيها محال لتطبيق الوكالة بالعمولة أو في األحوال التي تكتسي فيها العقد الصبغة المدنية‬
‫عندما ال يمارس فيها الناقل عملية النقل ال على سبيل االعتياد وال على سبيل االحتراف‪.‬‬
‫‪598‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬الزمن في ق م م‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪599‬الرجع نفسه‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫الوسيلة هو زاوية المسطرة‪ ،‬إذ يلزم أن تتم فيه اإلجراءات قبل انقضائه أحيانا‪ ،‬بعد انصرامه أحيانا‬
‫أخرى‪ ،‬أو بعد تحقق واقعة مرتبطة به في الزمن‪ ،‬يحسب تارة بالساعات وتارة باأليام وتارة بالشهور‪.‬‬
‫أما من حيث توظيف الزمن كهدف‪ ،‬فمفاد هذا التوظيف أن يكون المقصد من قوانين اإلجراءات هو‬
‫تنظيم ممارسة الحق في التقاضي وجدولته في الزمن‪ ،‬من منطلق تنظيم المصلحة الدائمة للمتقاضين بما‬
‫يضمن مراعاة مصالح موضوعية أحرى كمصلحة حسن سير العدالة ومصلحة أطراف أخرى جديرة‬
‫بالحماية بما يحقق تسوية النزاعات ويضمن الحماية القضائية بطريقة سريعة وفعالة وفي الوقت‬
‫المعقول‪ ،‬وهو ما أسماه األستاذ عبد الحميد أخريف بالوقت االفتراضي للدعوى‪ ،600‬وهي األهداف أو‬
‫التحدي ات التي تسعى إلى تحقيقها القوانين الزمنية لإلجراءات مع تفاوت في تقدير السرعة والحاجة إليها‬
‫بحسب طبيعة المراكز القانونية وما يفرضه الواقع القانوني من تأثير‪.‬‬

‫إن عاملي الوسيلة والهدف اللذين يراهن على تحقيقهما بموجب الزمن القانوني المسطري يجدان‬
‫أبلغ تطب يق لهما في المادة التجارية ضمن قانون إحداث المحاكم التجارية وقانون مساطر وقاية ومعالجة‬
‫صعوبات المقاولة‪ ،‬إذ أنه بالرجوع إلى مقتضيات وقواعد كل من القانونيين السالفي الذكر نتلمس‬
‫حضورهما بشكل قوي نرى أن نعمل على كشفه بدءا بقانون إحداث المحاكم التجارية (مبحث أول) ثم‬
‫ننتقل بعد ذلك للحديث عنه في قانون مساطر الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة (مبحث ثان)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التنظيم القانوني لعنصر الزمن في قواعد المسطرة أمام المحاكم‬
‫التجارية‬
‫‪601‬‬
‫أهم القوانين ذات البعد المسطري التي نظمت وعيا‬ ‫يعد قانون إحداث المحاكم التجارية‬
‫بفاعليتها في حسم المنافسات بين النشطاء االقتصاديين‪ ،‬لذلك ضمنها المشرع مجموعة من القواعد‬
‫‪602‬‬
‫الذي استحكم فيه‬ ‫القانونية الرامية إلى تلين آلية التقاضي وجعلها منسجمة مع محيطها االقتصادي‬
‫الشعور بقيمة الوقت وأهميته بمناسبة الفصل في المناز عات ذات الصبغة االقتصادية عموما والتجارية‬
‫منها على وجه الخصوص‪ ،‬والتي تستدعي بالضرورة تأطير نسقها المسطري بمناخ تشريعي يتناسب‬

‫‪600‬الزمن في ق م م‪ ،.‬م س‪.‬‬


‫‪601‬قانون رقم ‪ 53.95‬الصادر بتنفيذه‪ ،‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.95.65‬المؤرخ في ‪ 4‬شوال ‪ 1417‬موافق ‪ 12‬فبراير ‪.1997‬‬
‫‪602‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.43 :‬‬

‫‪145‬‬
‫‪603‬‬
‫أو في التسريع بمساطر‬ ‫وطبيعتها المتسمة بالسرعة والحركية سواء في تحريك وثيرة التجارة‬
‫التقاضي‪.‬‬

‫فالحق التجاري بطبيعته يستلزم الوصول إليه اتباع مجموعة من المساطر واإلجراءات‬
‫القانونية‪ ، 604‬وعليه فكلما كانت هذه المساطر أمام المحاكم التجارية تتسم بالتبسيط والسرعة والمرونة‪،‬‬
‫سهل استحقاق الحقوق من طرف أصحابها بعيدا عن كل تعقيد أو ما شابه‪.‬‬

‫واستهدافا لتحقيق محاسن المسطرة السالف ذكرها‪ ،‬انعكس ذلك على النظرة التشريعية للمشرع في‬
‫‪605‬‬
‫أو التقاضي فيه‪.‬‬ ‫اقتناع منه بأن الحق في البيئة التجارية يفقد أهميته بعد طول مدة الوصول إليه‬
‫ووجه هذا االنعكاس أن جعل عنصر الزمن يهيمن على كل قواعد هذا القانون الذي راهن عليه المشرع‬
‫بهدف اإلسراع بمعالجة مختلف النزاعات التي من شأنها أن تعرقل ص يرورة المستلزمات المسطرية لحل‬
‫النزاعات التجارية‪.‬‬
‫‪606‬‬
‫مقرا أن القوانين المسطرية والتي يعتبر‬ ‫ومن باب التأكيد‪ ،‬يقول األستاذ عبد الحميد اخريف‬
‫قانون ‪ 53.95‬أهمها أكثر القوانين ارتباطا بتنظي م عنصر الزمن‪ ،‬الشيء الذي يبدو بجالء سواء على‬
‫مستوى اإلجراءات المسطرية اتي تباشر من يوم تقديم المقال االفتتاحي حتى وقت البت في الخصومة‬
‫القضائية (مطلب أول) أو حتى بعد بت المحكمة إلى غاية اإلجراءات المسطرية الرامية إلى تنفيذ حكم‬
‫المحكمة أو ممارسة إجراءات الطعن الخاصة (مطلب ثان)‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬التأطير القانوني للزمن المسطري قبل البت في الخصومة القضائية‬

‫بالنظر إلى الخصائص التي يتميز بها الميدان التجاري تبقى أهمها السرعة في إنجاز المعامالت‬
‫والتعجيل من وثيرتها‪ ،‬فإن النزاعات المتعلقة بهذا القطاع بدورها تحتاج إلى قواعد تتناسب مع هذه‬
‫الخصائص ويكون لها طابع خاص بعيدا كل البعد عن فلسفة القواعد اإلجرائية العامة‪.607‬‬

‫ولتحقيق ذلك راهن المشرع بموجب المقتضيات المسطرية المنظمة بموجب القانون رقم ‪53.95‬‬
‫على عنصر الزمن وبه‪ ،‬وذلك عن طريق جعل هاجس الوقت قوام القواعد المنظمة لزمن المسطرة‪،‬‬

‫‪603‬عبد الكبير طبيخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.23 :‬‬


‫‪604‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.7 :‬‬
‫‪605‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.10 :‬‬
‫‪606‬الزمن في قانون المسطرية المدنية‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪607‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.11 :‬‬

‫‪146‬‬
‫فكان بذلك عنصر الزمن هدف المشرع ووسيلته في ذات اآلن‪ ،‬فكون هذا األخير هدفه أن جعل الفلسفة‬
‫التشريعية تسعى إلى جعل النطاق الزمني للمسطرة في النزاعات التجارية أما المحاكم المختصة قصير‬
‫بما يخدم ويتناسب مع طبيعة وخصوصية المنازعات التجارية‪ ،‬ولن يتحقق ذلك إال عن طريق الزمن‬
‫القانوني الذي ينظم المشرع بمقتضاه المدد والفترات التي ينبغي أن يستغرقها زمن المسطرة‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى القواعد اإلجرائية المؤطرة للنزاعات التجارية نجد أن هاجس الهدف والوسيلة‬
‫الل ذين تدور رحاهما بدوران عنصر الزمن يتحكمان في مختلف أطوار المسطرة ابتداء من مرحلة إيداع‬
‫المقال االفتتاحي (فقرة أولى) مرورا بمرحلة التقاضي ابتدائيا أمام المحكمة التجارية (فقرة ثانية)‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الزمن المقرر إليداع المقال االفتتاحي بالمحكمة التجارية‬

‫لقد عمد المشرع المغربي إلى وضع قواعد مسطرية خاصة بالنسبة للقضايا التجارية تستجيب‬
‫‪608‬‬
‫وضعا استحكم في سنه استحضار أهمية عنصر‬ ‫للخصائص التي تتميز بها هذه األخيرة عن غيرها‬
‫الزمن‪ .‬حيث رسم بمقتضى المادة ‪ 14‬من قانون رقم ‪ 53.95‬الخطوط التي يتعين السير وفقها انطالقا‬
‫من تقييد المقال االفتتاحي‪ ،‬بحيث أنه بمجرد هذا التقييد يبادر رئيس المحكمة بشكل فوري‪609‬إلى تعيين‬
‫القاضي المقرر الذي يحيل إليه الملف خالل ‪ 24‬ساعة والذي يتعين عليه بموجب المادة السالفة الذكر أن‬
‫يقوم باستدعاء األطراف إلى أقرب جلسة يحدد تاريخها سلفا‪.610‬‬

‫إن تنظيم واعتماد آلية الزمن في القانون المسطري انطالقا من إيداع المقال االفتتاحي لدى كتابة‬
‫ضبط المحكمة التجارية لكفيل بضمان تحقيق السرعة المنشودة في الميدان التجاري في شقه المتعلق‬

‫‪608‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.16 :‬‬


‫‪609‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.56 :‬‬
‫‪610‬تجدر اإلشارة إلى أن أساليب هدر زمن التقاضي أمام المحكم التجارية ووفق المساطر القضائية الخاصة بها واردة بمقتضى مواد القانون‬
‫المنظم لهذه المحاكم ذاته‪ ،‬ومن ذلك ما ورد في المادة ‪ 17‬منه‪ ،‬والتي تلزم رافع الدعوى أمام المحكمة التجارية بمقال مكتوب ‪ ،...‬مما يعني‬
‫استبعاد أسلوب ا لمسطرة الشفوية أمام المحكمة التجارية؛ ويذهب األستاذ عبد الكريم الطالب ‪ ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬م‪:‬‬
‫الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬ط‪ :‬الخامسة‪ ،‬س‪ ،2008 :‬ص ‪173 :‬؛ في نفس االتجاه معبرا صواب المشرع المغربي في ما ذهب إليه‪ .‬وفي التشريعات‬
‫المقارنة سلك المشرع التونسي نفس االتجاه بنصه على أن الدعوى أمام المحكمة تقدم بعريضة يحررها محامي ‪( ،....‬أحمد المجدوبي‪ ،‬حسن‬
‫بن سليمة ‪ ،‬أصول المرافعات المدنية والتجارية‪ ،‬مطبعة أوربيس‪ ،‬تونس‪ ،‬ط ‪ :‬األولى‪ ،‬س ‪ ،2001‬ص ‪ .)226 :‬وخالفا للتشريع المغربي‬
‫والتونسي فإن المشرع الفرنسي سلك مذهبا مغايرا حيث سن بموجب المواد ‪ 878 – 253‬المبادئ المسطرية المطبقة أمام المحاكم التجارية‬
‫والتي ال تختلف في شيء عن المبادئ المطبقة أمام المحاكم العادية باستثناء بعض الخصوصيات المتمثلة أساسا في بساطة المسطرة بالنظر‬
‫إلى إمكانية عدم إلزامية حضور األطراف ولكونها مسطرة شفوية وهذه نقطة الختالف‪.‬‬
‫وفي اعتقادنا إن ما ذهب إليه المشرع الفرنسي جدير بالتأييد كونه يتالءم ع مع تتطلبه المسطرة أمام المحكمة التجارية من حيث كونها مسطرة‬
‫سريعة بالنظر إلى أنها تسعى إلى تفادي المساطر المعقدة وتروم قصر اآلجال؛ عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬م س‪،‬‬
‫ص ‪.77 :‬‬

‫‪147‬‬
‫‪611‬‬
‫أن التنظيم الوارد في المادة ‪ 14‬من قانون إحداث المحاكم‬ ‫بالتقاضي‪ .‬ويرى األستاذ عبد الجبار بهم‬
‫التجارية يستلزم بالضرورة اتخاذ مجموعة من القرارات أهمها السرعة في جدولة التعينات التي يقوم بها‬
‫رئيس المحكمة وكذا السرعة في جدولة الجلسات التي يقوم بها القاضي المقرر إلدراج الجلسة في‬
‫المناقشة‪ .‬وقصد تفعيل مقتضيات المادة ‪ 14‬يجد القاضي المقرر نفسه ملزما بالتوفيق بين السرعة‬
‫المطلوبة وبين االعتداد بموطن األطراف الذين يختلف حكمهم بحسب وجودهم داخل دائرة نفوذ المحكمة‬
‫من عدمه‪ ، 612‬وعلى العموم إذا تعذر توصل األطراف باالستدعاء الرامي إلى دعوتهم لحضور الجلسة‬
‫أصدرت المحكمة أمرا بتعيين قيم وفقا لمقتضيات الفصل ‪ 39‬من ق م م المحال عليه حماية لحقوق‬
‫األطراف من الضياع‪.‬‬

‫وفي الوقت الذي يرى فيه البعض ‪613‬أن مسطرة القيم بمثابة خطوة تشريعية تستحق التنويه لما‬
‫‪614‬‬
‫أن مسطرة القيم المعمول بها في‬ ‫يترتب عليها من تسريع لمساطر البت‪ ،‬يرى جانب آخر من األساتذة‬
‫حالة ثبوت أن الطرف المدعى عليه انتقل من عنوانه يتطلب وقتا كافيا يوصف بالطويل في الغالب‪ ،‬من‬
‫النيابة العامة للبح ث عن المتغيب بواسطة الشرطة أو السلطة المحلية‪ ،‬وأن هاته المسطرة تؤدي دورا‬
‫رئيسيا في تأخير القضايا وعدم البت فيها داخل ثالثة أشهر كما نص القانون‪.‬‬

‫واستبعادا لهدر الزمن‪ ،‬وبهدف التعجيل ببدء أولى مراحل التقاضي نجد أن المشرع كان حريصا‬
‫من خالل المادة ‪ 15‬من ق إحداث المحاكم التجارية على إسناد هذه المهمة إلى مؤسسة المفوض القضائي‬
‫‪615‬‬
‫باعتبارها أداة ضامنة للسرعة بالنظر إلى تخصصها وكفاءتها‬ ‫المحدثة بمقتضى القانون رقم ‪03.81‬‬
‫ودرايتها بجغرافية المحيط العام للمحكمة التجارية‪.‬‬

‫‪611‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬


‫‪612‬الفصالن ‪40‬و ‪ 41‬من ق م م‬
‫‪613‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.57 :‬‬
‫‪ 614‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.92 :‬‬
‫‪615‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.06.23‬بتاريخ ‪ 14‬فبراير ‪ ،2006‬ج‪.‬ر‪ ،‬رقم ‪ 5400‬بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪.2006‬‬

‫‪148‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الزمن المسطري خالل مرحلة التقاضي ابتدائيا‬

‫يستمر وقع تنظيم عنصر الزمن في مختلف مراحل البحث والتحقيق إلى غاية صدور الحكم‪،‬‬
‫ويمكن تلمس هذا الوقع انطالقا من وضع المحكمة يدها على القضية وسريان تواجهية المسطرة بين‬
‫أطراف الخصومة القضائية‪.616‬‬

‫وعلى هذا األساس حدد المشرع نطاقا زمنيا إلثارة الدفع بعدم االختصاص بشكل مستقل في‬
‫محاولة لترسيخ تخصيص المادة التجارية بأحكام مسطرية تستقل بها عن غيرها‪ ،‬ذلك أنه خالفا‬
‫للمقتضيات المسطرية العامة التي منحت المحكمة حق إضافة الطلبات العارضة إلى الجوهر عند البت‬
‫في الدفع بعدم االختصاص‪ ،617‬الفينا المادة ‪ 8‬من قانون إحداث المحاكم التجارية توجب البت في هذا‬
‫الدفع بحكم مستقل داخل أجل ثمانية أيام وذلك تحسبا لكل ما من شأنه إطالة أمد التقاضي بحسب تعبير‬
‫األستاذ عبد الجبار بهم‪ ،618‬والذي يرى أن المادة السالفة الذكر‪ ،‬بها من األبعاد القانونية ما يؤشر على‬
‫الضمانات التي فرضها المشرع من أجل تحقيق السرعة التي تظهر أهم تجلياتها في الحث على اإلسراع‬
‫بتنفيذ قرار محكمة االستئناف المتعلق باالختصاص والذي ال يقبل أ ي طريق من طرف الطعن عاديا كان‬
‫أو غير عادي والتي ال يلجأ إليها غالبية المتقاضين إال أمال في تطويل أطوار المسطرة‪ ،‬وباإلضافة إلى‬
‫ذلك الحث على ال سرعة في توجيه الملف إلى الجهة القضائية المختصة والتي يتكون إما المحكمة‬
‫التجارية مصدرة الحكم وإما محكمة أخرى قضى القرار االستئنافي باختصاصها النوعي‪.‬‬

‫غير أنه وبحكم أن الحكم الصادر في الدفع بعدم االختصاص يكون قابال لالستئناف خالل أجل‬
‫عشرة أيام من تاريخ التبليغ‪ ،‬ويوجه الملف في اليوم الموالي لمحكمة االستئناف التجارية التي يتعين‬
‫عليها البت داخل أجل عشرة أيام من توصل كتابة الضبط بالملف‪ ،‬ثم تحيل محكمة االستئناف التجارية‬
‫الملف تلقائيا على المحكمة المختصة داخل أجل عشرة أيام من تاريخ صدوره‪ ،‬فإن جانب من‬
‫الفقهاء‪619‬يرى أن البت في الدفع بعدم االختصاص بحكم مستقل م ن شأنه إطالة اإلجراءات وتعقيدها‪،‬‬
‫ال سيما إذا علما أن هذه اآلجال تتميز بطول مدتها التي ال تقل عن ‪ 30‬يوما وكذا لعدم واقعيتها‪ ،‬إذ هي‬
‫من قبيل ما يرجى تحققه ال من قبيل ما يستلزم تحققه من طرف هيئة الحكم‪ ،‬ذلك أن هذه األخيرة معهود‬

‫‪616‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.86 :‬‬


‫‪617‬الفصل ‪ 17‬من ق م م‪.‬‬
‫‪618‬اآلجال في قانون إحداث المحاكم التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪58 :‬‬
‫‪619‬محمد اإلدريسي المجدوبي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪121. :‬‬

‫‪149‬‬
‫‪620‬‬
‫أن تفرض احترام القانون في سبيل ما يعزز التقاضي ضمن أجل معقول‪ ،‬وعليه فال‬ ‫إليها دستوريا‬
‫يتصور أال تحترم هي القانون الذي تتوخى تطبيقه على الغير‪ ،‬كما أنه ال يستساغ تحديد جزاء ما يمكن‬
‫تطبيقه على هيأة الحكم التي لم تحترم آجال ‪ 621‬التقاضي سيما على هذا المستوى‪.‬‬

‫ويذهب األستاذ عبد الرحيم بحار‪ ،622‬إلى أن هذه المادة ال تطبيق بالكيفية التي أريد لها منها‪،‬‬
‫بحيث تستغرق هاته المسطرة بعض الوقت ما بين المحكمة التجارية ومحكمة االستئناف التجارية الشيء‬
‫الذي يفرغ المبدأ من محتواه خالفا للغاية المتوخاة منه‪.‬‬

‫أما بخصوص نطاق ت حقيق الدعوى من حيث الزمن فقد حث المشرع على ربح ما يمكن ربحه‬
‫من الوقت خالل مرحلة التحقيق مستعمال آلية الزمن القانوني المسطري الذي يلزم القاضي في جميع‬
‫األحوال بأن يحيل القضية من جديد إلى الجلسة داخل أجل ثالثة أشهر من تاريخ إرجاعها إليه آخذا بعين‬
‫االعتبار ما يمكن أن يستدعيه البحث والتحقيق من لجوء إلى أهل الخبرة القانونية أو سلوك مسطرة‬
‫االستماع إلى الشهود أو مساطر الزور الفرعي وكل هذه المساطر محكومة بمقتضى أنظمة زمنية ينبغي‬
‫على القاضي المقرر مراعاتها‪.‬‬

‫وأيا كان األمر‪ ،‬فإن المشرع المسطري من خالل التنظيم القانون ي لعنصر الزمن يبدو أنه كان‬
‫على وعي تام بأهمية هذا األخير وضيق الهوة بينه وبين القوانين المسطرية التي تعد أكثر القوانين‬
‫ارتباطا به وكذا بمستوى الضبط الذي يمكن استهداف تحقيقه من خالل تسييج زمن المسطرة بنظام‬
‫قانوني دقيق‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬التأطير القانوني للزمن المسطري بعد البت في الخصومة القضائية‬

‫لم يزل عنصر الزمن هدف مرجو التحقيق في ثنايا الفلسفة التشريعية التي استحكمت في مجريات‬
‫وضع النص القانوني المسطري حتى بعد بت المحكمة في الخصومة القضائية‪ ،‬وإصدارها بالتالي للحكم‬
‫القضائي‪ ،‬مما يعكس االهتمام والحيطة التي أوالها المشرع للزمن الذي يتعين على المحكمة التجارية أن‬
‫‪623‬‬
‫من أولها إلى آخرها بما يضمن وضع حد للنزاع‪ ،‬ووفق ما يحقق األمن‬ ‫تخصه لدراسة القضية‬

‫‪620‬الفصل ‪ 120‬من الدستور‪.‬‬


‫‪621‬عبد الكبير طبيخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.84 :‬‬
‫‪622‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.86 :‬‬
‫‪623‬عبد الكبير طبيخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.83 :‬‬

‫‪150‬‬
‫واالستقرار التجاريين في بعدهما القضائي‪624‬لذلك امتدت آلية األجل التي اعتمدت في صياغة قانون‬
‫إحداث المحاكم التجارية ‪ 625‬إلى ما بعد صدور الحكم‪ ،‬والذي وظفه –أي ق إم ت‪ -‬بكيفية فريدة لم يسبق‬
‫ألي تشريع في المغرب أن اعتمده أو وظفه بها‪ ،‬وذلك باعتباره آلية تضمن التبسيط والمرونة‪626‬بما‬
‫‪627‬‬
‫في المساطر واإلجراءات على غرار السرعة في‬ ‫يستدعيه النشاط التجاري الذي يستلزم السرعة‬
‫المعامالت وتداولها‪.628‬‬

‫وال أحد ينكر أن أول منزلة من منازل مرحلة ما بعد صدور الحكم القضائي عن المحكمة التجارية‬
‫هي عملية التبليغ‪ ،‬فالتبليغ بطبيعته إجراء مسطري يواكب جميع مراحل الدعوى إلى نهايتها‪ .629‬وحماية‬
‫لحقوق األفراد‪ ،‬جعل المشرع من التبليغ وسيلة شكلية وإجرائية لخدمة المتقاضين عند لجوئهم إلى‬
‫القضاء‪ ،‬وبهدف التدقيق في تنظيم عملية التبليغ‪ ،‬سيج المشرع اإلجراءات المتعلقة بها بسياج نظام‬
‫الضبط الزمني للقواعد القانونية لمسطرة التبليغ حيث نص بموجب المادة ‪ 23/1‬من قانون إحداث‬
‫المحاكم التجارية على "‪...‬يبلغ عون التنفيذ الطرف المحكوم عليه ‪ ...‬ويعذره أن يفي بما قضي به الحكم‬
‫ويعرفه بنواياه خالل أجل ال يتعدى عشرة أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ‪".‬‬

‫إن استحضار التشريع المسطري لعنصر الزمن بمناسبة تأطير عملية التبليغ نابع من كونه صميم‬
‫القواعد الجوهرية للمسطرة نظرا لما يسعى إليه من حفظ للحقوق‪ .630‬ونظرا لحساسية المادة التجارية‪،‬‬
‫فإن قواعد التبليغ بها تستقل بخصوصية فريدة تسهم في كسب رهان السرعة وربح الوقت الذي توخى‬
‫المشرع تحقيقه من خالل تنظيم الزمن القانوني على مستوى مسطرة التبليغ وتميزها عن تلك التي‬
‫تنظمها في قواعد المسطرية العامة‪ ،‬ذلك أن هذه األخيرة تمت صياغتها لتوفير الحماية القضائية لحقوق‬
‫‪631‬‬
‫دون أي مراعاة لصفة المخاطبين بهذه القواعد‪ ،‬ودرء لهذا الفراغ جعل مشرع المادة‬ ‫فردية وذاتية‬
‫التجارية األصل في عملية التبليغ أن تتم عن طريق مؤسسة المفوضين القضائيين‪ 632‬التي ما من شك أنها‬

‫‪624‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.23- 22 :‬‬


‫‪625‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.66 :‬‬
‫‪626‬عبد السالم الدرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.66 :‬‬
‫‪ 627‬عبد الكبير طبيخ‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.83 :‬‬
‫‪628‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪629‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.34 :‬‬
‫‪630‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.35 :‬‬
‫‪ 631‬الدور القضائي الجديد في القانون المغربي لمعالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة محمد األول‪ ،‬وجدة‪ ،‬س‪ ،2001-2000:‬ص‪.377 :‬‬
‫‪632‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.36 :‬‬

‫‪151‬‬
‫تعد وبحق‪ ،‬آلية سريعة في أداء مهمة التبليغ بالنظر لتخصصها وتفرغها وطابعها الخاص كمؤسسة‬
‫تسعى إلى الربح بقدر ما تراكم لديها من سرعة في اإلنجاز‪.633‬‬

‫عموما‪ ،‬يعد التبليغ إعالنا قانونيا عن إجراء مسطري محدد زمنيا‪ ،‬ويتشكل فعليا من إيصال واقعة‬
‫قانونية إلى علم المبلغ إليه‪ ،‬وذلك قصد تنفيذه منطوق الحكم طوعا أو اختيارا (فقرة أولى) وإما مواجهته‬
‫بسلوك طرق الطعن المخولة قانونا (فقرة ثانية) شريطة احترام نطاقات هذه المساطر من حيث الزمن‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الزمن القانوني خالل مسطرة التنفيذ‬

‫من الثابت أنه ال ينبغي أن تكون العدالة بطيئة في الميادين كلها وبشكل أكيد في الميدان التجاري‪،‬‬
‫حتى إذا ما وصلت متأخرة إلى من يستحقها كانت عديمة الفائدة‪ ،‬إذ ما أشبه العدالة باإلسعافات الطبية‬
‫التي إذا لم تقدم في حينها وفي أقرب وقت كانت بال جدوى‪ .634‬لذلك لم يفوت المشرع المغربي التجاري‬
‫الفرصة بعكس خلفية الفلسفة التشريعية التي تحكمه في وضع قانوني إحداث المحاكم التجارية ضمن‬
‫مسطرة تنفيذ األحكام الصادرة عن هذه المحاكم‪ ،‬حيث نص بموجب الفقرة الثانية المادة ‪ 23‬من قانون‬
‫‪ 53- 95‬على "‪...‬يتعين على عون التنفيذ تحرير محضر بالحجر التنفيذي أو بيان ألسباب التي حالت‬
‫دون إنجازه وذلك خالل أجل ‪ 20‬يوما تبتدئ من تاريخ انتهاء أجل االعذار‪"...‬‬

‫وعلى ضوء النطاق الزمني المحدد إلجراءات التبليغ في المادة التجارية‪ ،‬يالحظ أن المشرع قد‬
‫حاول من خالل صياغة هذه المادة تجاوز مشكلة مثيرة النشغاالت المتقاضين‪ ،‬والمتمثلة أساسا في‬
‫معوقات ترجمة األحكام القضائية إلى واقع ملموس عن طريق التبليغ والتنفيذ‪ ،635‬فاألحكام دون تنفيذ‬
‫تبقى مجرد سيادة بال سلطة‪ ،‬والتنفيذ دون تبليغ يبقى تعسفا في ممارسة هذه السيادة‪ ،‬لذلك ربط المشرع‬
‫في هذه المادة بين التبليغ والتنفيذ وقلص أجلهما في ثالثين يوما لتصريح الحقوق إلى أصحابها في وقت‬
‫قياسي‪.‬‬
‫‪636‬‬
‫والمساطر الخاصة بها‪ ،‬وما تمتاز‬ ‫وقصد تحقيق الهدف المتوخى من إحداث المحاكم التجارية‬
‫به من خصائص تتغيى في شموليتها ربح الوقت وتجاوز إهداره دفعا لكل ما من شأنه أن يعيق ذلك‪،‬‬

‫‪633‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.67 :‬‬


‫‪634‬حسن فتوح‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.20 :‬‬
‫‪635‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.66 :‬‬
‫‪636‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.95 :‬‬

‫‪152‬‬
‫‪637‬‬
‫والتي يبقى أهمها عنصر الزمن‬ ‫ابتدع المشرع آليات التصدي لمعيقات التنفيذ واإلسراع بإجراءاته‬
‫الذي اعتمده وسيلة قبل أن يعده هدفا‪ ،‬إذ بالوسائل تتحقق األهداف والمصالح‪ ،‬والوجه آلخر آلليات‬
‫اإلسراع بإجراءات التنفيذ باإلضافة إلى تحديد النطاق الزمني لهذه األخيرة‪ ،‬أن أوكلها في المادة التجارية‬
‫إلى هيئة المفوضين القضائيين وما يلتصق بها من محاسن لألسباب التي ذكرت آنفا‪ .‬ولئن كان الهدف‬
‫المتوخى من إحداث نظام المفوضين القضائيين تحقيق السرعة والدقة في مجال التبليغ والتنفيذ‪ ،638‬فإن‬
‫ذلك يتوقف على فعالية األجهزة المشرفة على سير ومراقبة إجراءاته لذلك أجمعت مختلف تشريعات‬
‫المسطرة على إسناد مهمة الرقابة واإلشراف على سير عملية التنفيذ للقضاء‪ ،‬األمر الذي أقدم عليه‬
‫مشرع قانون ‪ 53.95‬بموجب المادة الثانية منه التي ألزمت رئيس المحكمة بتعين قاض من قضاة الحكم‬
‫ليتولى الرقابة واإلشراف على العمليات المجراة ضمن مسطرة التنفيذ بما يسهم في تحقيق فعالية في‬
‫مجال التنفيذ ويضمن استنفاذ إجراءات المسطرة في نطاق زمني وجيز بحكم الدور اإليجابي الذي يوليه‬
‫قاضي متابعة إجراءات التنفيذ في عالقاته بمأموري إجراءات التنفيذ والمفوضين القضائيين وبصفة عامة‬
‫كل من له صلة بعملية التنفيذ‪.639‬‬

‫هذا وتجد اإلشارة إلى أن المادة ‪ 23/3‬تعلن صراحة عجزها عن بلورة أساليب متكررة فاعلة‬
‫وسريعة لمسطرة التنفيذ‪ ،‬حيث اكتفت باإلحالة إلى المقتضيات المتعلقة بالقواعد العامة للتنفيذ الجبري‬
‫لألحكام الواردة في الباب الثالث من القسم التاسع من ق م م وهو ما يعني بالضرورة إلزامية مضاعفة‬
‫الجهود لجعل مسطرة التنفيذ على صعيد المادة التجارية يتجانس والسرعة الملحوظة في بقية المواد‬
‫المنصوص عليها في قانون ‪ 53.95‬موضوع الدراسة‪.640‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الزمن القانوني خالل مساطر الطعن في المادة التجارية‬

‫تتمثل أهمية السلطة القضائية في تطبيق القانون والفصل في المنازعات التي تعرض عليها من قبل‬
‫األطراف‪ ،‬ولن يتأتى ذلك إال بواسطة األحكام التي تصدرها‪ ، 641‬إال أن القضاء عندما يفصل في النزاع‬
‫المعروض عليه ويصدر حكمه فإن هذا الحكم يحتمل الخطأ والصواب‪ ،‬الشيء الذي من شأنه أن يحمل‬
‫جانب على االستفادة على حساب جانب آخر‪ .‬لذلك منح المشرع مجموعة من الضمانات للمتضرر‬

‫‪637‬محمد المجدوبي اإلدريسي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.77 :‬‬


‫‪-638‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.101 :‬‬
‫‪-639‬بوشعيب الزموري م س‪ ،‬ص‪.95 :‬‬
‫‪ -640‬عبد الجبار بهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.68 :‬‬
‫‪ -641‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪60 :‬‬

‫‪153‬‬
‫لتدارك الخطأ واقتضاء حقه‪ ،‬تبقى أهمها طرق الطع ن في األحكام ومراجعتها أمام محاكم أعلى‬
‫درجة‪ ،642‬وأخذا بعين االعتبار ضرورة التسريع بوثيرة اإلجراءات القضائية لتصير الحقوق إلى‬
‫أصحابها في أقرب اآلجال‪ ،‬وتجنبا لكل تسويف يراد من سلوك مساطر الطعن بغرض المماطلة في‬
‫إهدار الوقت‪ ،‬حدد المشرع مساطر الطعن في المادة التجارية بنطاق زمني دقيق وقصير مقارنة بزمن‬
‫الطعن في القواعد العامة‪.643‬‬
‫‪645‬‬
‫وقد أجمع فقهاء القانون بدون استثناء على تقسيم طرق الطعن إلى طرق عادية‪ 644‬وغير عادية‬
‫وبهذا عمد المشرع التجاري إلى وضع قواعد وخصوصيات ذات بعد زمني لطرق الطعن في المادة‬
‫التجارية العتبارات تعود إل ى طبيعتها وإلى السرعة التي تستلزمها القضايا التجارية ولآلجال القصيرة‬
‫التي أقرها قانون ‪. 53.95‬‬

‫فبالنسبة لنطاق طرق الطعن العادية من حيث الزمن فإنه البد من اإلشارة بداية إلى أهم التعديالت‬
‫التي أعقبت وضع قانون رقم ‪ 53.95‬المتعلق بإحداث المحاكم التجارية والمتمثلة في القانون رقم‬
‫‪646‬‬
‫الذي جعل االختصاص القيمي للمحاكم التجارية يفوق ‪ 20.000.00‬مما ترتب عليه صيرورة‬ ‫‪18.02‬‬
‫األحكام القاضية باألداء والصادرة عن المحاكم التجارية بعد تاريخ التعديل كلها ابتدائية الشيء الذي ألغى‬
‫اآلجال الخاصة بالتعرض المنصوص عليها في الفصل ‪ 130‬من ق م م في عدد غير يسير من الملفات‬
‫المحكومة‪ ،‬وقد أحسن المشرع صنعا بهذا التعديل حيث قلص أمد البت داخل المحاكم التجارية ووطأه‬
‫بسرعة للمرحلة االستئنافية‪.‬‬

‫وانطالقا من هذا التعديل فإنه ال مجال للحديث عن التعرض أمام المحاكم التجارية لما يترتب عليه‬
‫‪647‬‬
‫وبذلك تكون جميع األحكام الصادرة عن هذه المحاكم قابلة لالستئناف داخل‬ ‫من إهدار لزمن التقاضي‬
‫أجل قصيرة يتماشى وخصوصية المادة التجارية حد نطاقه في ‪ 15‬يوما من تاريخ تبليغ الحكم‪.648‬‬

‫‪-642‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪293 :‬‬


‫‪643‬الفصول ‪ 134‬وما يليه من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬
‫‪ -644‬تعرف طرق الطعن العادية بتلك التسمية ألنها ال تتطلب إجراءات استثنائية إذ بموجبها يمكن الطعن في األحكام بناء على سبب سواء كان‬
‫متعلقا بالقانون أم بالواقع‬
‫‪ -645‬طرق الطعن غير العادية هي تلك الطرق ا لتي تتطلب إجراءات وشروط استثنائية وسلطات إضافية تختلف عن نظيرتها العادية‬
‫‪-646‬قانون ‪ 18.02‬المتمم للقانون رقم ‪ 53.95‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ 102.108‬الصادر بتاريخ ‪ 13‬يونيو ‪ ،2002‬ج‪.‬ر‪ ،،‬ع‪:‬‬
‫‪ ،5029‬ص‪.2263 :‬‬
‫‪647‬بيد أن مسطرة التعرض إزاء األحكام الصادرة في المحاكم التجارية ما تزال سارية المفعول طبقا لما ورد عليه النص الفصل ‪ 130‬من ق م م‬
‫في األحوال التي بصدر فيها الحكم غيابيا ومدة القيام به متحددة في ‪ 10‬أيام‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫ومن خالل ما سلف ذكره يالحظ أن المشرع كرس االتجاه الرامي إلى التعجيل بمعالجة القضايا‬
‫استئنافيا انطال قا من تقليص أجل االستئناف نفسه في الحدود المشار إليها أعاله التي حددتها المادة ‪18‬‬
‫من قانون ‪ 53.95‬عوض أجل ‪ 30‬يوما المنصوص عليها في الفصل ‪ 134‬من ق م م الشيء الذي يعكس‬
‫نية المشرع المحكومة بهاجس التسريع من وثيرة مساطر الطعن أمام المحاكم التجارية‪.‬‬

‫أما بالنسبة لطرق الطعن غير العادية من حيث نطاقها الزمني فإنه محدد بشكل موحد خاصة فيما‬
‫يتعلق بالطعن بالنقض أو التماس إعادة النظر بحيث يتعين على الطاعن في الحالتين السالفتين الذكر أن‬
‫يتقدم بطلب داخل أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ التبليغ مع مراعاة مقتضيات الفصول ‪136‬و ‪137‬و ‪139‬‬
‫الق اضية بتمديد النطاق الزمني أو وقفه‪ ،‬بينما لم يحدد المشرع مدة معينة يتقدم من خاللها المتعرض‬
‫الخارج عن الخصومة بطلب تعرضه‪ ،‬مما تسنى معه القول بصالحية الغير ذي المصلحة التعرض على‬
‫الحكم في أي وقت شاء مالم يصدر عنه ما يفيد صراحة أو ضمنا إقراره للحكم والقبول بما قضى به‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن األمر سيان بالنسبة للطعون العادية وغير العادية‪ ،‬بحيث البد من توفر‬
‫موجبات ممارستها شكال وموضوعا بما تقتضيه أبجديات التقاضي من الناحية المسطرية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التنظيم القانوني للزمن المسطري في نظام مساطر الوقاية والمعالجة من صعوبات‬
‫المقاولة‬
‫يعد نظام قانون صعوبات المقاولة نظاما قائما بذاته‪ ،‬وذلك على أساس أنه يضم إلى جانب القواعد‬
‫الموضوعية التي تهدف إلى اإلبقاء على المقاولة في نسجيها االقتصادي وإعطائها فرصة جديدة لمحاولة‬
‫إلقالع‪ ،‬قواعد مسطرية هدف من خاللها المشرع إلى التنظيم والضبط في سبيل تفعيل هذه القواعد‬
‫الموضوعية وتحقيقها على أرض الواقع‪.649‬‬

‫ولما كان نظام صعوبات المقاولة عبارة عن سلسلة من المساطر المرتبطة التي أفرد بها المشرع‬
‫وضعيات المقاولة المختلفة‪ ،‬فإن عنصر الزمن يؤدي دورا أساسيا في السير الصحيح لكل مسطرة على‬
‫حدة بحكم أن الغاية من سلك المسطرة تكون كسبا إلجراء معين يتزامن بالضرورة مع وقت بعينه سواء‬
‫كان مصدره القانون أو القضاء أو االتفاق‪ ،‬من أجل ذلك عهد المشرع المغربي إلى تضمين نظام‬
‫صعوبات المقاولة مجموعة من اآلجال المختلفة والمتعددة باختالف تعدد المساطر واألجهزة وتنوعها‬
‫بحيث أنه ف ي الحالة التي تكون وضعية المقاولة غير مختلفة بشكل ال رجعة فيه فإنه يتم تطبيق مساطر‬

‫‪ -648‬بوشعيب الزموري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.66 :‬‬


‫‪649‬إبراهيم أقبلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.3 :‬‬

‫‪155‬‬
‫الوقاية (مطلب أول)‪ ،‬في حين تكون مسطرة التسوية هي الواجبة التطبيق في الحالة التي تصل فيها‬
‫المقاولة إلى التوقف عن الدفع (مطلب ثان) مع ما يستوجبه التنظيم القانوني لهذه المساطر من ضرورة‬
‫اتخاذ اإلجراءات المسطرية في وقتها المناسب لما يترتب على إغفال هذا األمر من إفراغ للمسطرة‬
‫المفتوحة في وجه المقاولة من محتواها ويحتم بالتالي تصفيتها قضائيا‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التنظيم القانوني لعنصر الزمن في مساطر الوقاية من الصعوبات‬


‫وعيا من المشرع المغربي بأهمية ومكانة عنصر الزمن في بناء نظام الوقاية من صعوبات‬
‫المقاولة واعتبارا لكون التحدي األكبر يكمن في كيفية جعل هذا العنصر‪-‬أي الزمن‪ -‬يخدم النظام القانوني‬
‫عوض عرقلته‪ ،‬فإنه خصص لكل إجراء وكل مسطرة أجال تدور رحاهما خالله‪ ،‬لذلك هدف المشرع إلى‬
‫اعتماد تقنية ا لزمن كإحدى الوسائل الرئيسية لبلوغ مرامي الوقاية المنشودة كما أناط بالعديد من األجهزة‬
‫أصبحت تعيشه‬ ‫‪650‬‬
‫القضائية وغير القضائية مجموعة من األدوار التدخلية الحتواء أي وضع غير عادي‬
‫المقاولة‪ ،‬وربط مهام هذه األجهزة بالكثير من اآلجال المتنوعة التي يتعين أن تعطي النتائج المرجوة‬
‫منها‪ .‬وتتجلى مظاهر اعتماد تقنية الزمن على مستوى مساطر الوقاية من خالل وضع نظام زمني‬
‫الغرض منه مالءمة اآلجال والتسريع بوثيرة اإلنقاذ عن طريق اعتماد نظام تصاعدي لآلجال خدمة‬
‫للوقاية من الصعوبات داخليا (الفقرة األولى) ثم جعل هذه اآلجال بين آليتي التحديد واإلبهام تأطير‬
‫المساطر الوقاية الخارجية لتحقيق فلسفة المشرع من ذلك (ثانيا)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اعتماد نظام تصاعدي لآلجال خدمة للوقاية من الصعوبات داخليا‪.651‬‬

‫يتضح من خالل المادتين ‪ 347-546‬اللتين نظمتها مسطرة الرقابة الداخلية أن التنظيم القانوني‬
‫لمساطر الوق اية اعتمد تقنية الزمن واعتبرها عامال أساسيا علق علي االلتزام به نجاح فعاليات المسطرة‬

‫‪-650‬ابراهيم أقبلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.11 :‬‬


‫‪-651‬خول المشرع المغربي بموجب المادة ‪ 546‬من م ت للمقاولة وقاية وإنقاذ نفسها بتظافر جهودها الداخلية والتي تختلف بحسب طبيعة وشكل‬
‫ونوع الشركة حيث حدد نطاق تطبيق الوقاية الداخلية بشكل ضيق وحصره في الشركات التي تعتمد مراقب حسابات الذي يعد الجهة األولى التي‬
‫أسند إليها المشرع مهمة تحري ك هذه المسطرة بحكم الوضعية القانونية التي يتبوأها هذا الجهاز في الشركات التجارية خصوصا تلك التي تلزم‬
‫بتعيينه كما هو الحال بالنسبة لشركات المساهمة أو تلك التي يتجاوز رقم أعمالها خمسين مليون درهم‪ ،‬كما خول المشرع صالحية تحريك‬
‫مسطرة الوقاية الداخلية للشريك مع تحفظ في الشركات ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شخص واحد‪ ،‬ويمكن أن يكون من األغيار في‬
‫المقاوالت والشركات الكبرى التي تتخذ شكل شركات المساهمة ذات التنظيم المعقد؛ عبد اللطيف الشنتوف‪ ،‬دور رئيس المحكمة التجارية في‬
‫وقاية المقاولة من الصعوبات‪ ،‬دون ذكر اسم المطبعة‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ 2012 :‬ص‪ .21 :‬غير أننا نرى خالف ما ذهب إليه هذا التوجه األخير‬
‫الذي قال بإمكانية أن يكون االغيار ممن لهم صالحية تحريك المسطرة الداخلية وذلك لسبب بسيط وهو أنه إلى جانب السرعة التي ينبغي أن‬
‫تطبع سير المسطرة الداخلية هناك ضرورة توفر عامل السر ية التي بانعدامه قد يكون من شأن وقائع عابرة أن تكون سببا في إثارة العراقيل‬
‫بين المقاولة ‪ ،‬كما قد تخلف نوعا من الفتنة لدى اإلجراء مما قد يعجل بدخول المقاولة مرحلة التوقف عن الدفع الشيء الذي تسارع أجهزة‬
‫المقاولة الداخلية الزمن من أجل عدم حصوله‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫ويتضح ذلك من خالل التنظيم التصاعدي لآلجال المكرسة في المادتين السالفتين الذكر حيث خصص‬
‫أجل ثمانية أيام لتبليغ الوقائع التي من شأنها اإلخالل باستمرارية االستغالل (أوال) ثم أ جل خمسة عشر‬
‫يوما لدعوة الجمعية العامة لالنعقاد (ثانيا) في الوقت الذي نص على ضرورة إخبار رئيس المحكمة في‬
‫األحوال التي ال تجدي فيها هذه اإلجراءات نفعا‪ ،‬في ظل غياب أي تنظيم لعنصر الزمن فيها يخص‬
‫نطاق إخبار جهاز رئيس المحكمة (ثالثا)‬

‫أوال‪ :‬النطاق الزمني لتبليغ الوقائع المكتشفة إلى رئيس المقاولة‬

‫حدد المشرع بموجب المادة ‪ 546‬من م ت النطاق الزمني لتبليغ الوقائع المكتشفة من طرف‬
‫األجهزة الداخلية للمحكمة‪ -‬الشريك‪ ،‬مراقب الحسابات‪ -‬في ثمانية أيام ابتداء من يوم اكتشافها‪ ،‬ويعد هذا‬
‫ألجل حدا أقصى ال يمكن لألطراف تجاوزه حسب ما يفهم من صيغة المادة السالفة الذكر‪ ،‬وهو ما يعني‬
‫بالضرورة أنه يبقى لمراقب الحسابات أو الشريك االختيار حسب تقديره وحسب خطورة الوقائع‬
‫المكتشفة في تبليغ هذه الوقائع داخل أجل أقل مما ذكره أعاله‪ ،‬حيث يتحدد الزمن المؤطر لنطاق التبليغ‬
‫في هذه األحوال استناد إلى ظروف الواقع‪ ،‬ذلك أن التعجيل بتبليغ الوقائع إلى رئيس المقاولة إثر‬
‫اكتشافها من عدمه يتوقف على جسامة العراقيل المكتشفة وخطورتها‪ ،‬في حين يمكن للجهاز المكتشف‬
‫للوقائع أحقية التأجيل حتى اليوم الموالي أو اليوم الذي يليه‪ ،‬وفي جميع األحوال له صالحية االستفادة من‬
‫أجل الثمانية أيام كامال‪.‬‬

‫ويعد أجل الثمانية أيام مناسبا لكونه ليس طويال يشجع على التراخي في التعاطي مع العراقيل التي‬
‫وإنما يعد متناغما مع‬ ‫‪652‬‬
‫بدأت تعيشها المقاولة الشيء الذي من شأنه أن يؤدي إلى تعميق مشاكل المقاولة‬
‫المدد التي أقرها الكتاب الخامس المتعلق بالمساطر الجماعية عموما‪ ،‬حيث يكون عنصر الزمن في مثل‬
‫هذه الحاالت حاسما‪.653‬‬

‫ويبدو جليا من خالل ما قلناه سابقا أن اكتشاف وتبليغ الوقائع التي تعرقل السير الطبيعي للمقاولة‬
‫يعتمد على يقظة الشريك ومراقب الحسابات ومدى تتبعه لشؤون المقاولة ودقة مالحظته بها‪ ،‬ومهما يكن‬
‫لذا يجب على مراقب‬ ‫‪654‬‬
‫فإن عامل الزمن يؤدي دورا مهما وحاسما في تحريك مسطرة الوقاية الداخلية‬

‫‪ -652‬ابراهيم أقبلي‪ ،‬م س ص‪.17 :‬‬


‫‪ -653‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬آليات تدخل المساهم غير المسير في تدبير شركة المساهمة‪ ،‬نحو حكامة جيدة‪ -‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في‬
‫الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق فاس‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2011 -2010 ،‬ص‪266:‬‬
‫‪ -654‬عبد الرحيم شمعة‪ ،‬م س ص‪168 :‬‬

‫‪157‬‬
‫الحسابات أو الشريك في الشركة التحلي باليقظة والحذر في تحريكها‪ ،‬فالتدخل في الوقت المناسب يسهم‬
‫بنسبة ‪ %50‬من نجاح المهمة ذاتها‪ ،‬وبالمقابل فكل تسرع أو تهور سيكون له أشد النتائج وأوخمها على‬
‫مسار المقاولة وهو ما يجلي قيمة وأهمية عنصر الزمن على هذا المستوى إذ أن كل تأخير أو تراخ‬
‫سيسبب خلال في عملية الوقاية وسيجعل التدخل دون أثر لفوات أوانه مما يقتضي ضبط اختيار التوقيت‬
‫المناسب بحيث ال يكون الخطأ في تقديره إما باإلبطاء غير الالزم أو باإلسراع الالهث‪.655‬‬

‫وحال توصل رئيس المقاولة بتبليغ المراقب أو الشريك فإنه يتعين عليه أن يبادر شخصيا أو‬
‫بمساعدة مجلس المراقبة أو مجلس اإلدارة إن وجد إلى تصحيح وتدارك االختالالت داخل حيز زمني‬
‫حدده المشرع في ‪ 15‬يوما‪ ،‬وفي الحالة التي لم يستجب أو لم يتوصل فيها إلى نتيجة مفيدة‪ ،‬فإن المشرع‬
‫المغربي على غرار المشرع الفرنسي اعتمد آلية إيكال مهمة العمل على دعوة الجمعية العامة إلى‬
‫اختزاال للوقت ومن أجل العمل على اإلسراع باتخاذ أساليب الحد من الوقائع التي من شأنها‬ ‫‪656‬‬
‫المراقب‬
‫أن تخل باستمرارية االستغالل بدل جعلها بيد رئيس المقاولة الذي يمكن أن تكون لديه مصلحة في‬
‫خضوع المقاولة لحكم فتح مسطرة المعالجة ليستفيد من وقف اآلجال ووقف المتابعات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬زمن دعوة الجمعية العامة لالنعقاد‬

‫إذا كان المشرع قد حدد األجلين السابقين بدقة متناهية‪ ،‬ويتعلق األمر هنا بأجل التبليغ الذي قدر له‬
‫ثمانية أيام وأجل االستجابة والتوصل إلى نتائج مفيدة المحدد في خمسة عشر يوما‪ ،‬وهو تنظيم غاية في‬
‫األهمية وذلك حتى يكون عنصر الزمن أداة ووسيلة في خدمة المقاولة التي الحت بوادر الصعوبات في‬
‫األمر الذي من شانه أن يعجل بحالة التوقف عن‬ ‫‪657‬‬
‫أفقها‪ ،‬فإنه أغفل تعيين الوقت المحدد النعقاد الجمعية‬
‫الدفع‪ ،‬على اعتبار أنه كلما طال أجل انتظار انعقاد هذه الجمعية زادت الصعوبات التي تعترض المقاولة‬
‫وقللت من فرص إنقاذها‪.‬‬

‫إن عنصر الزمن كلما ضيق نطاقه يكون له دور محدد ومحوري خالل هذه المرحلة التي تهدف‬
‫إلى رقابة داخلية تمتاز بالسرية‪ ،‬ذلك أنه إن طال األمد زاد وضع المقاولة تأزما‪ ،‬وكلما شاع خبر هذه‬
‫األزمة بين الدائنين‪ ،‬اربكت تصرفات المسيرين وكل المرتبطين بالمقاولة‪.‬‬

‫‪655‬نعيم عطية‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.101 :‬‬


‫‪656‬‬
‫‪-jean –François Martin, redressement et liquidation judicaires,ed : DELMAS. 7EME edition 1999, paris, n :‬‬
‫‪223, p : 35‬‬
‫‪657‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.169 :‬‬

‫‪158‬‬
‫وبناء على ما سبق فإن مراقب الحسابات بالرغم من األدوار والصالحيات العديدة التي يقوم بها‬
‫سواء اإلجرائي منها المتمثل في التبليغ أو السلطوي ا لمتمثل في الدعوة إلى الجمعية العامة باإلضافة إلى‬
‫المهمة األصلية المتمثلة في المراقبة لحسابات المقاولة‪ ،‬ال يمكنه أن يحرك هذه المسطرة – الدعوة‬
‫النعقاد الجمعية العامة – في أي وقت شاء بل البد من توخي الحذر في اختيار توقيت انطالقها‪ ،‬فهذا‬
‫التوقيت يجب أال يكون سا بقا ألوانه وال متأخرا إذ أنه في حالة العكس يصبح مراقب الحسابات معرضا‬
‫للمسؤولية‪.658‬‬

‫ثالثا ‪ :‬إغفال تنظيم أجل أخبار رئيس المحكمة أية خلفية؟‬

‫جاءت أحكام المادة ‪ 547‬لتنضاف إلى المقتضيات التي خولت مراقب الحسابات أدوارا غير التي‬
‫ألف عنه مزاولتها ويتعلق األمر بمهمة أخبار رئيس المحكمة التجارية من خالل إعداد تقرير حول‬
‫وضعية المقاولة في حالة استمرار اختالل وضعيتها‪ ،‬إال أن ما يؤاخذ على المشرع في هذا الصدد إهماله‬
‫لعنصر الزمن‪ ، 659‬بحيث أنه لم يحدد أجال معينا يضبط به اللحظة التي يجب فيها على مراقب الحسابات‬
‫رفع تقرير أخباري لرئيس المحكمة‪ . 660‬وفي ظل استمرارية هفوة إغفال تنظيم عنصر الزمن فإن الهدف‬
‫من مسطرة الوقاية الداخلية التي تقوم أساسا على هذا األخير في سبيل استهداف تصحيح وضعية المقاولة‬
‫في جو من السرية يبقى صعب التحقيق ومبهم الوقوع من حيث التاريخ‪ ،‬ومرد ذلك راجع إلى أن الجمع‬
‫العام الذي بناء على خالصاته يجنح مراقب الحسابات أو الشريك إلى رفع تقرير إخباري لرئيس‬
‫المحكمة تقبل أكثر من افتراض‪.‬‬

‫ففي األحوال التي تتعمد فيها الجمعية العامة إهمال تداول وضعية المقاولة عن طريق إغفال جدول‬
‫أعمالها للنقط التي أثارها مراقب الحسابات أو الشريك ‪ ،‬فإن أجل رفع التقرير إلى رئيس المحكمة يكون‬
‫بعد انتهاء اجتماع الجمعية العامة مباشرة مما يجعل من نطاق رفع التقرير إلى رئيس المحكمة قصيرا‬
‫من حيث الزمن‪ ،‬الشيء الذي قد يعجل بإنقاذ المقاولة والحد من هذه الصعوبات في هذه المحطة‪ ،‬أما‬
‫الحالة التي تجعل فيها الجمعية العامة تص حيح وضعية المقاولة إحدى نقط جدول أعمالها فإن أجل رفع‬

‫‪ 658‬لطيفة بنخير‪ ،‬مراقب الحسابات ودوره في تفعيل الوقاية من الصعوبات‪ ،‬مقال منشور بالندوة الجهوية الثامنة‪ ،‬طبعة ‪ 22 – 21‬يونيو‬
‫‪ ، 2007‬سلسلة ندوات المجلس األولى بمناسبة الذكرى الخمسينية لتأسيسه تحت عنوان ‪ :‬صعوبات المقاولة وميدان التسوية القضائية من‬
‫خالل اجتهادات المجلس األعلى‪ ،‬م‪ .‬األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س ‪ ،2007‬ص ‪.67 :‬‬
‫‪659‬إبراهيم اقبلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.25 :‬‬
‫‪660‬‬
‫‪Mustapha Ouhnnou, le commissaire aux comptes au Maroc , imprimerie sijelmassa Meknès, première‬‬
‫‪édition, Meknès, 2010, p : 148.‬‬

‫‪159‬‬
‫هذا التقرير قد يطول لمدة غير محددة بالنظر لطبيعة الصعوبات التي تم اكتشافها والحلول التي تم‬
‫اقتراحها والتدابير التي تم أو سيتم اتخاذها من طرف المعنيين‪ ،‬على أساس أن مراقب الحسابات في هذه‬
‫األحوال عليه أن ينتظر إلى غاية اللحظة التي يتيقن فيها أن الوضعية لم تصحح أوأن االختالل باق رغم‬
‫كل ما تم اتخاذه من إجراءات‪ ،‬حينذاك يتقدم بإنجاز تقرير عن وضعية المقاولة ويرفعه إلى رئيس‬
‫المحكمة التجارية‪.661‬‬

‫ومما سبق يتضح أن الخلفية التي تحكمت في المشرع وحملته على عدم تنظيم زمن رفع التقرير‬
‫إلى رئيس المحكمة من طرف مراقب الحسابات أو رئيس المقاولة تكمن في الظروف المصاحبة لمهمة‬
‫المراقب الذي يبقى ملزما بانتظار نتائج المبادرات التي أزمع اتخاذها خالل نقاشات الجمعية العامة والتي‬
‫قد تطول أو تقصر بحسب األحوال‪.‬‬

‫غير أن فشل المحطات التي سبق أن فصلناها سابقا ينذر بدخول المقاولة مسطرة أخرى من‬
‫الوقاية‪ ،‬هي الوقاية الخارجية فـأي تنظيم لعنصر الزمن على هذا المستوى؟ وما الرهانات التي تغياها‬
‫المشرع لهذا التنظيم؟ هذا ما سنجيب عنه من خالل الكشف عن هذا التنظيم وغاياته من خالل الفقرة‬
‫الموالية‪.‬‬

‫الفقر ة الثانية ‪ :‬آلية الزمن في مساطر الوقاية الخارجية بين التحديد واإلبهام‬

‫تتميز مساطر الوقاية الخارجية بتدخل أجهزة خارج محيط المقاولة‪ ،‬ويتعلق األمر بكل من مسطرة‬
‫الوقاية الخارجية البحثة ومسطرة التسوية الودية التي تبقى في حد ذاتها خارجية بالنظر لألجهزة المتدخلة‬
‫فيها والموكول إليها صالحية تفعيل هذه المسطرة‪ .‬وباإلضافة إلى اختالف هذين المسطرتين عن‬
‫بعضهما البعض من حيث األجهزة المتدخلة في كل منهما فإن االختالف من حيث التنظيم لعنصر الزمن‬
‫حاضر يتجلى بوضوح من حيث المدد الزمنية المخصصة لكل منهما‪ .662‬وباستقراء المواد من ‪ 548‬إلى‬
‫‪ 559‬من مدونة التجارة نالحظ أن المشرع المغربي قد رغب عن تحديد عنصر الزمن في بعض‬
‫الحاالت بحيث أخضع تحديده للسلطة التقديرية لرئيس المحكمة (أوال) وعمل على تحديده بشكل دقيق في‬
‫حاالت أخرى (ثانيا)‪.‬‬

‫‪661‬إبراهيم أقبلي‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.26 :‬‬


‫‪662‬إبراهيم أقبلي‪ ،‬مس‪ ،‬ص‪.27 :‬‬

‫‪160‬‬
‫أوال ‪ :‬تحديد النطاق الزمني وفق سلطة رئيس المحكمة التقديرية‬

‫خ ول المشرع لرئيس المحكمة التجارية صالحيات واسعة النطاق فيما يخص تحديد مجموعة من‬
‫اآلجال المتعلقة بالمساطر الوقائية عموما بهدف إنقاذ المقاولة في وقت مبكر‪ ،‬ووسيلة في ذلك سلطه‬
‫التقديرية المخولة له من طرف المشرع في سبيل تحديد األجل المالئم إلنجاز اإلجراءات أو اتخاذ المهام‬
‫المناسبة في الوقت المحدد‪ ،‬وتتجلى هذه الصالحيات في ضبط وتنظيم عنصر الزمن من خالل تحديد‬
‫أجل استدعاء رئيس المقاولة‪ ،‬وكذا من خالل تحديد أجل قيام الوكيل الخاص بمهامه‪.‬‬

‫على غرار‬ ‫‪663‬‬


‫فبالنسبة لتحديد استدعاء رئيس المقاولة من حيث الزمن‪ ،‬فإن المشرع المغربي‬
‫لم يعمد إلى تحديد األجل الفاصل بين تاريخ االستدعاء الصادر من هذا الجهاز‬ ‫‪664‬‬
‫المشرع الفرنسي‬
‫وهو ما يفرغ هذه الخطوة من محتواها‬ ‫‪665‬‬
‫والتاريخ المحدد إلجراء اجتماع بينه وبين رئيس المقاولة‬
‫بالنظر لكثرة انشغاالت رئيس المحكمة من جهة وصعوبة الحصول على المعلومات الكافية في وقت‬
‫قصير من جهة ثانية في ظل الطابع االختياري لهذه المسطرة بالنسبة لرئيس المحكمة ورئيس المقاولة‪.‬‬

‫إن التدقيق في عنصر الزمن على هذا المستوى بتحديد أجل قصير بين تاريخ رفع التقرير إلى‬
‫رئيس المحكمة وتقديم هذا األخير استدعاء لرئيس المقاولة‪ ،‬وبين تاريخ هذا االستدعاء وتاريخ الحضور‬
‫يلعب دورا هاما في إضفاء عنصر الفعالية على المسطرة مما يبرز خصيصة إسهام الزمن في خدمة‬
‫القانون بتنظيمه من قبل هذا األخير على اعتبار أن كلما كان منظما وقصيرا كانت فرص إنقاذ المقاولة‬
‫كثيرة‪ ،‬وكلما كان طويال سيؤدي ال محالة إلى تعقد هذه الصعوبات مما قد يعجل بدخول المقاولة في‬
‫وضعية التوقف عن الدفع‪.‬‬

‫أما بالنسبة لتحديد النطاق الزمني الذي ينبغي أن تستغرقه مهام الوكيل الخاص المحددة من قبل‬
‫رئيس المحكمة‪ ،‬فإن المشرع ترك أمر تحديده للسلطة التقديرية لهذا األخير الذي يحدد باإلضافة إلى ذلك‬
‫أن عدم تحديد أجل قيام‬ ‫‪667‬‬
‫الشخص المناسب والمهام التي يوكلها إليه‪ ،666‬ويرى األستاذ محمد كرام‬
‫الوكيل الخاص بمهامه يعتبر إغفاال وقع فيه المشرع المغربي وهفوة لزمه تجاوزها‪ ،‬وخالفا لهذا الرأي‬

‫‪663‬انظر المادة ‪ 548‬من م ت‪.‬‬


‫‪664‬‬ ‫‪er‬‬
‫‪Art 34 de la loi du 1 mars 1984.‬‬
‫‪665‬‬
‫‪Jean – François Martin, redressement et liquidation judiciaire, op.cit: 234, p : 39.‬‬
‫‪666‬المادة ‪ 549‬من الكتاب الخامس من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪667‬الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي‪ ،‬ج ‪ :‬األول‪ ،‬م ‪ :‬الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬ط ‪:‬األولى‪ ،‬س‪ ،2010 :‬ص‪.15 :‬‬

‫‪161‬‬
‫‪ -‬وعن صواب – أن المشرع أحسن صنعا في هذا اإلطار وذلك‬ ‫‪668‬‬
‫يرى األستاذ عبد الرحيم شميعة‬
‫نظرا لن جاعة الزمن القضائي على هذا المستوى الذي يتحدد من منطلق واقعي يستند فيه القاضي إلى‬
‫المهام التي اسندت للوكيل الخاص والوسائل واإلمكانيات المتاحة وإن كان البد من مؤاخذة المشرع في‬
‫‪670‬‬
‫ال صراحة وال ضمنا‬ ‫‪669‬‬
‫هذا الصدد‪ ،‬فاألحرى أن يؤاخذ على إغفال التنصيص على إمكانية التجديد‬
‫إلى القول بعدم وجود ما يمنع من تجديد األجل الممنوح خاصة إذا الحت‬ ‫‪671‬‬
‫مما حدا ببعض الفقهاء‬
‫بوادر التصحيح في القريب العاجل على اعتبار أن مهمة الوكيل الخاص الرئيسية تكمن في مد جسور‬
‫التواصل مع دائنين المقاولة‪.‬‬

‫عموما إذا ما تمكن الوكيل الخاص من أداء المهام التي انيطت به وحقق الهدف من تعينه بأن ساهم‬
‫في تذليل الصعوبات بالكيفية التي تضمن السير العادي للمقاولة فإن األمور تتوقف عند هذا الحد‪ ،‬أما إن‬
‫فشل في ذلك‪ ،‬فإن األمر يفتح الباب أمام رئيس المقاولة لتقديم طلب إجراء تسوية ودية بينه وبين دائنيه‬
‫أو بينه وبين دائنيه الرئيسيين فقط‪ ،‬الذي بدوره لم يخضع أجل البت فيه من قبل رئيس المحكمة التجارية‬
‫للتأطير القانوني من طرف المشرع وترك ذلك لسلطة القاضي التقديرية‪ ،672‬وعموما فإن الوضعية‬
‫تستدعي اإلسراع بفتح المسطرة داخل أجل قصير‪ 673‬من أجل تحقيق الغاية من سلوك هذه المسطرة‪.‬‬

‫يقضي بأن توجه هذه المسطرة بواسطة‬ ‫‪674‬‬


‫وفي التشريعات المقارنة نجد أن التشريع التونسي‬
‫طلب مكتوب يوجهه المدين إلى لجنة متابعة المؤسسات االقتصادية التي تتولى إجراء دراسة أولية حول‬
‫وضعية المقاولة وتشخيص نوعية الصعوبات التي تمر بها وضبط دائنيها ثم تحيل كامل الملف إلى‬
‫رئيس المحكمة في حيز شهر من تاريخ تقديم الطلب‪ ،‬فعن طريق إذن هذا األخير يفتح إجراءات التسوية‬
‫الودية إن رأى وجاهة في ذلك‪ ،675‬أو يرفض الطلب إذ تبين أن هذا األخير على غير أساس‪.‬‬

‫‪668‬دروس في القانون التجاري‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.174 :‬‬


‫‪669‬عبد الرحيم سميعة‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.174 :‬‬
‫‪ 670‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي يعترض المقاولة من الصعوبات ومساطر معالجتها‪ ،‬ج ‪ :‬األول‪ ،‬م ‪:‬‬
‫المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط األولى‪ ،‬س ‪،1998 :‬ص ‪.242 :‬‬
‫‪671‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬المرجع نفسه‬
‫‪672‬المواد من ‪ 550‬إلى ‪. 554‬‬
‫‪ 673‬زكرياء العماري‪ ،‬التسوية الودية كآلية للوقاية من صعوبات المقاولة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2008-2007 :‬ص ‪.113 :‬‬
‫‪674‬الفصل ‪ 4‬من قانون اإلنقاذ‪.‬‬
‫‪675‬راضية منتصر‪ ،‬اآلجال في قانون إنقاذ المؤسسات‪ ،‬مقال منشور بمج ‪ :‬التشريع والقضاء‪ ،‬ع‪،7 :‬س‪:‬‬
‫‪،2002‬منشوراتمركزالدراساتالقانونيةوالقضائيةبوزارةالعدل‪،‬تونس‪،‬ص‪.101:‬‬

‫‪162‬‬
‫وفي هذا الصدد نهيب بالتجربة التونسية التي توكل مهمة تفحص وضعية المقاولة من قبل لجنة‬
‫مختصة وما يترتب على ذلك من اختزال للوقت وتجنبا إلهدار الزمن المسطري والذي ال يتعدى في‬
‫جميع األحوال شهرا مما يجعل أجل البت في طلب فتح مسطرة التسوية الودية قصيرا وسريعا ومالئما‬
‫إما باالستجابة له وإما برفضه‪.‬‬

‫واستثناء مما سلف بيانه نظم المشرع الزمن المسطري على مستو ى مساطر الوقاية بنوع من الدقة‬
‫والتحديد في محاولة إلغالق باب التقديرات الممارسة من طرف رئيس المحكمة‪ ،‬حيث حدد نطاقه بنص‬
‫القانون وهو ما سنناوله في النقطة التالية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التحديد القانوني لنطاق إجراءات مسطرة التسوية الودية من حيث الزمن‪.‬‬

‫خالفا للقواعد العامة التي تعطي الحق لكل دائن في الحصول على دينه ضمن اآلجال المحددة‪،‬‬
‫فإنه خالل هذه المسطرة يتم دفع الدائنين إلى تأجيل مهلة استيفاء الديون إما عن طريق المشاركة والتوقيع‬
‫على اتفاق التسوية الودية الذي يعمل المصالح على إبرامه‪ ،‬وإما عن طريق فرض آجال معينة من‬
‫طرف رئيس ا لمحكمة على الدائنين الراغبين عن المشاركة والتوقيع في هذا االتفاق‪ ،‬وخالفا للمسطرة‬
‫السابقة فقد حدد المشرع أجال أقصى لقيام المصالح بمهامه‪ ،‬حيث حدده في المدة الالزمة والقصوى التي‬
‫على المصالح القيام بمهمته فيها والمحصورة في ثالثة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة ولمدة شهر بطلب‬
‫من المصالح فتصبح بذلك المدة القصوى التي قد يستغرقها المصالح في سبيل تسهيل سير الشركة‬
‫والعمل على إبرام اتفاق التسوية الودية مع الدائنين هي أربعة أشهر‪ ،676‬ولم يكتف المشرع بتحديد‬
‫النطاق الزمني لمهام المصالح وحسب‪ ،‬وإنما جعل تقنية الزمن في يده يستعملها طلبا في إنجاح المسطرة‬
‫من خالل آلية أجل الوقف المؤقت لإلجراءات والمتابعات‪ ،‬بحيث إذا رأى المصالح أنه من أجل تنفيذ‬
‫مهمته البد من خلق هدنة وتهيئ المقاولة إلنجاح االتفاق‪ ،‬فإن له طلب إيقاف جميع اإلجراءات التي‬
‫‪677‬‬
‫الذي يصدر أمرا غير قابل ألي‬ ‫تواجه أو سوف تواجه المقاولة بعرض ذلك على رئيس المحكمة‬
‫طعن يقضي بالوقف المؤقت لجميع اإلجراءات والمتابعات التي تواجه المقاولة ويحدد مدة هذا الوقف في‬
‫أجل ال يتعدى األجل المحدد لقيام المصالح بمهامه‪ ،678‬وبإجراء مقارنة بسيطة بين المادة‪553‬من مدونة‬

‫‪ 676‬المادة‪ 553‬من المدونة‬


‫‪677‬الرزقيتي العيادي‪ ،‬دور الوكيل الخاص والمصالح في مسطرة التسوية الودية‪ ،‬مقال منشور بالندوة الجهوية الثامنة المنظمة من طرف‬
‫المجلس األعلى تحتا عنوان‪ :‬صعوبات المقاولة وميدان التسوية القضائية من خالل اجتهادات المجلس األعلى‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.112:‬‬
‫‪678‬المادة‪555‬من المدونة‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫التجارة التي نظمت مدة قيام المصالح بم هامه العادية والممددة والمادة‪555‬التي حددت مدة وقف‬
‫إلجراءات في أجل ال يتعدى مدة قيام المصالح بمهامه‪ ،‬فإننا نالحظ قصورا تشريعيا يمكن أن يربك‬
‫مقومات المسطرة في بعدها العملي ويتعلق األمر بإغفال عنصر الزمن المتعلق بمدة الوقف والمنع ومدة‬
‫قيام المصالح بمهامه‪ ،‬بحي ث نجد أن هذه األخيرة تتحدد في ثالثة أشهر كتحديد أولى‪ ،‬وهي نفس المدة‬
‫التي يمنع فيها على الدائنين القيام بأي إجراء أو متابعة ‪ ،‬لكن األشكال يطرح في األحوال التي يطلب فيها‬
‫المصالح التجديد والحال أن الدائنين لم يصل إلى علمهم إال المدة العادية المحددة في ثالثة أشهر خاصة‬
‫إن كانت الدعوى المزمع رفعها ستمارس أمام قضاء الموضوع؟‪.‬‬

‫عموما يعكس إجراء التسوية الودية مدى وعي المشرع بأهمية عنصر الزمن باعتباره آلية من‬
‫آليات القوانين المسطرية التي تتوخى ضمان أهداف تشريعية تعكس فلسفة المشرع من اعتمادها ‪.‬‬

‫إن نجاح مساطر الوقاية في تحقيق األهداف التي شرعت من أجلها يعطي المقاولة دفعة قوية في‬
‫اتجاه النهوض من جديد ومباشرة أنشطتها التجارية بما يضمن تحسين نسيجها االقتصادي والمحافظة‬
‫على مناصب الشغل فيها‪ .‬أما إذا حدث ما يؤدي إلى عرقلة مساطر الوقاية وازدادت بالتالي العراقيل‬
‫المخلة باستمراري ة االستغالل ‪ ،‬فإن المشرع المغربي في خطوة تشريعية توقعية سابق الزمن في وضع‬
‫نظام ينقذ المقاولة من تعثراتها بما يضمن استمراريتها ما أمكن‪ ،‬فكان عنصر الزمن أحرى باالستحضار‬
‫واالعتماد خاصة وأن هذا النظام‪ -‬نظام المعالجة‪ -‬يضع المقاولة بشكل أو بآخر في سياقها التاريخي‬
‫لتسنى له دراسته حاضرها ضمانا لمستقبل واعد‪ ،‬إذ أن تحسين الوضع الحالي رهين بدراسة الماضي‬
‫لضمان مستقبل جيد‪ ،‬وهو األمر الذي يبتدئ بصدور حكم بقضي بفتح مسطرة المعالجة‪ ،‬والذي يتميز‬
‫‪680‬‬
‫في ذات اآلن‪ ،‬وهو ما سنتوقف عنده من‬ ‫عن غيره من األحكام بحيث يكون له أثر رجعي‪ 679‬وفوري‬
‫خالل (المطلب الثاني)‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االمتداد الزمني للحكم القاضي بفتح المسطرة بين األثر الرجعي واألثر الفوري‪.‬‬
‫إن نجاح مساطر المعالجة والتسوية القضائية رهين بوضع المقاولة في سياقها الزمني الذي يعطي‬
‫ألجهزة تلك المساطر رؤية واضحة عن حياة المقاولة السابقة ليتسنى اتخاذ اإلجراءات والتدابير التي‬
‫تساهم في إنجاح المسطرة الحقا‪ ،‬ويعد الحكم القاضي ب فتح المسطرة العامل الفاصل الذي يخول ألجهزة‬
‫المسطرة التي تعين بمقتضاه التموقع في الموقع الذي يؤهلها لتفعيلها‪ ،‬وفي هذا السياق اعتمد المشرع‬

‫‪679‬المادتين ‪ 680-679‬من مدونة التجارة‬


‫‪680‬المادة‪ 569‬من مدونة التجارة وما بعدها‬

‫‪164‬‬
‫تقنية الزمن بغية التحكم في مج رياته بنصوص القانون لجعله في خدمة المسطرة بهدف إنجاح تسوية‬
‫‪681‬‬
‫من كون القوانين‬ ‫وضعية المقاولة في الوقت المناسب األمر الذي يؤكد ما ذهب إليه أحد الفقهاء‬
‫المسطرية أكثر القوانين ارتباطا بتنظيم عنصر الزمن وسيلة وهدفا‪.‬‬

‫إن الحكم القاضي بفتح المسطرة يرتب أثرا رجعيا سابقا على صدوره في الزمن سمى المشرع‬
‫نطاقه بفترة الريبة ( الفقرة األولى) كما يرتب آثارا تسري ابتداء من تاريخ صدور الحكم إلى غاية‬
‫حصر مخطط التسوية ( الفقرة الثانية) مع ما يترتب على هذه المدة الزمنية من آثار قانونية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األثر الرجعي للحكم القاضي بفتح المسطرة ( فقرة الريبة)‪.‬‬

‫اعتمد المشرع تقنية الزمن‪ ،‬فقرر خلق مساحة قانونية سابقة على تاريخ الحكم القاضي بفتح‬
‫‪682‬‬
‫تكون فيها تصرفات المدين موقوفة التنفيذ إلى حين التحقق من مدى أثرها على الذمة المالية‬ ‫المسطرة‬
‫للمقاولة وهي ما يعرف بفترة الريبة‪.683‬‬

‫وإذا كان األثر الرجعي للحكم القاضي بفتح المسطرة يشكل نوعا من التهديد خاصة للمتعاقد حسن‬
‫النية بما يمس باألمن واالستقرار القانونيين للمعامالت التجارية وبزعزعة الثقة فيها من منطلق أن‬
‫‪684‬‬
‫التي تسمح‬ ‫المجال التجاري يتحصن كثيرا بمبدأ الثقة واالستقرار‪ ،‬فإن الحاجة إلى فترة الريبة‬
‫‪685‬‬
‫بما‬ ‫بال سريان الرجعي آلثار الحكم تنبع من إمكانية الزيادة في أصول المقاولة والنقص من خصومها‬
‫يرسخ مبدأ الزمن في خدمة القانون‪.686‬‬

‫‪ 681‬عبد الحميد اخريف‪ ،‬الزمن في ق م م‪ ،‬م س‪.‬‬


‫‪682‬ابراهيم أقبلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.131:‬‬
‫‪ 683‬عبد الحميد اخريف‪ ،‬محاضرات في مساطر الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة كلية الحقوق‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬فاس‪،‬‬
‫س‪ ،2012-2012 :‬ص‪.25:‬‬
‫‪684‬عبد الكريم عباد ‪ ،‬د ور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحسن‬
‫الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬س‪ ،2004-2003 :‬ص‪.148:‬‬
‫‪ 685‬خول المشرع السنديك صالحية أعمال آليتي البطالن الوجوبي والبطالن الجوازي خالل فترة الريبة مما يترتب على هذين األخيرين من‬
‫بطالن للعقود ورد أشياء وأموال المقاولة بما يساعد على الرفع من درجة إنقاذها انظر؛‬
‫‪ -‬المختار البشري‪ ،‬أحكام فترة الريبة لغاية صدور حكم فتح مسطرة الصعوبات‪ ،‬الندوة الجهوية الثامنة المنظمة من طرف المجلس‬
‫األعلى‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.168:‬‬
‫‪ -‬عبد الحميد اخريف‪ ،‬محاضرات في مساطرا لوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة م س‪ ،‬ص‪.28-26:‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم عباد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪148:‬‬
‫‪686‬‬
‫‪Faouzi Gherousse, Op .cit.‬‬

‫‪165‬‬
‫وحسب المادة‪ 674‬من المدونة‪ ،‬تبتدئ فترة الريبة انطالقا من تاريخ التوقف عن الدفع إلى غاية صدور‬
‫الحكم القاضي بفتح المسطرة تضاف إليها مدة سابقة تحدد في ستة أشهر بالنسبة لبعض العقود‪ ،687‬وبذلك‬
‫يكون المشرع المغربي قد حدد نطاق فترة الريبة العادية والممتدة بداية ونهاية‪.688‬‬

‫وأمام صعوبة تحديد تاريخ التوقف عن الدفع بشكل دقيق من طرف المحكمة‪ ،‬قرر المشرع من‬
‫خالل الفقرة األولى من المادة‪ 680‬أال يتجاوز ‪ 18‬شهرا قبل فتح المسطرة‪ ،‬بحيث تكون المدة الفاصلة‬
‫بين تاريخ التوقف عن الدفع وتاريخ صدور الحكم‪ 18‬شهرا بالنسبة للنطاق العادي كما يمكن لفترة الريبة‬
‫أن تمتد إلى ما قبل تاريخ التوقف بستة أشهر بالنسبة لبعض العقود وهو ما يصطلح عليه أستاذنا عبد‬
‫الحميد أخريف بالنطاق الزمني الممتد‪ ، 689‬وفي جميع في األحوال فإن النطاق الزمني لفترة الريبة عموما‬
‫ينبغي أال يتجاوز‪24‬شهرا‪ . 690‬غير أن القضاء المغربي كان له رأي آخر غير الذي يرتئيه المشرع‪،‬‬
‫حيث جاء في حيثيات حكم صادر عن المحكمة التجارية بمراكش ما يلي"‪......‬وحيث إن المشرع‬
‫المغربي ومن خالل المادة‪ 680‬أعاله قد نص على أن حكم فتح المسطرة المحدد لتاريخ التوقف عن الدفع‬
‫والذي يجب إال يتجاوز في جميع األحوال‪18‬شهرا قبل فتح المسطرة‪ ،‬قضى بأنه يمكن تغيير تاريخ‬
‫التوقف عن الدفع مرة أو عدة مرات بطلب من السنديك‪ ،‬وبقراءة متمعنة للمادة المذكورة يتضح أن‬
‫مدة‪18‬شهرا السابقة لفتح المسطرة ال تكون إال في الحكم القاضي بفتح المسطرة والعلة واضحة من هذا‬
‫التحديد نظرا لكون المحكمة ال تكون على بينة من وضعية الشركة إال بعد إيداع تقرير السنديك عن فترة‬
‫المالحظة‪ ،‬وبعد ذلك أتاح المشرع للمحكمة إمكانية تغيير تاريخ التوقف عن الدفع مرة أو عدة مرات‬
‫كلما ظهرت لها عناصر جديدة تبرر ذلك كما هو الحال في النازلة وذلك بطلب من السنديك إذا أن تاريخ‬
‫التوقف الفعلي للشركة المعنية باألمر لم يتبين إال بعد األمر بإجراء افتحاص دقيق لوضعية المقاولة من‬
‫طرف خبير مختص واستنادا إلى طلب السنديك الذي وقف على مجموعة من المعطيات خالل إعداد‬

‫‪687‬عبد الحميد اخريف‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪26:‬‬


‫‪688‬تجدر اإلشارة إلى أن المشرع بموجب الفقرة الثانية من المادة‪680‬من المدونة يكون قد أجهض مبدأ الزمن في خدمة القانون الذي يقضي‬
‫بسريان آثار الحكم القاضي بفتح المسطرة بأثر رجعي طيلة الفترة المعتبرة في حكم فترة الريبة لما اعتبر أن الحكم الذي لم يعين تاريخ التوقف‬
‫عن الدفع يجعل هذا األخير محققا في تاريخ صدور الحكم وبذلك يكون اعطى للقضاء سلطة التخلي عن تحديد تاريخ التوقف عن الدفع التي‬
‫تفتح الباب على مصراعيه للتجاوزات والمحاسبات بين التي يستفيد منها الدائنون الدين يكونوا قد استفادوا من ابرام عقود وصفقات مشبوهة‬
‫سابقة عن تاريخ التوقف عن الدفع ‪ ،‬وبالمقابل يكون المشرع قد وقع في تناقض تشريعي يظهر بجالء من خالل المادة‪561‬التي يلزم رئيس‬
‫المقاولة المدينة بطلب فتح مسطرة المعالجة في‪ 15‬يوما التالية لتوقفه عن الدفع وهو ما يعني بداهة أن طلب فتح المسطرة يكون بعد التوقف‬
‫عن الدفع وليس يوم طلب فتح المسطرة انظر‪:‬‬
‫‪ -‬عبد الرحيم شيعة م س ص ‪.203-202:‬‬
‫‪689‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.26:‬‬
‫‪690‬المادتين‪.681-680‬‬

‫‪166‬‬
‫تقريره‪ "....‬وبالتالي فإن القول أن مدة ‪ 18‬شهرا تعتبر حدا أقصى ال يمكن تجاوزه يبقى مردودا وتفسيرا‬
‫معيبا للمادة أعاله بدليل أن المشرع وبمقتضى الفقرة الالحقة قد أجاز للمحكمة مراجعة تاريخ التوقف‬
‫عن الدفع مما يكون معه ما اعتمده البنك بهذا الخصوص على غير أساس وجديرا بعدم االعتبار‪...‬‬

‫لهذه األسباب قضت المحكمة بتعديل تاريخ التوقف عن الدفع المحدد في‪2014/02/04‬وجعله في‬
‫فاتح دجنبر‪2008‬بدل ‪ 18‬شهرا السابقة لتاريخ فتح المسطرة مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل‪."691......‬‬

‫إن ما ذهب إليه القضاء المغربي في هذ ه النازلة ال يمكن اعتباره إال التفاف على إرادة المشرع‬
‫وتأويلها تأويال خاطئا يفرغ صراحة النص القانوني من كل محتوى ويجعلها دون أثر خاصة وأن‬
‫المقتضى المفس ر يرتبط بسريان عنصر الزمن القانوني في الماضي الذي يستند على مبدأ األثر الرجعي‬
‫للحكم القضائي في سبيل إنقاذ المقاولة المتعثرة لضمان سيرها في المستقبل بشكل أفضل‪.‬‬

‫ذلك أنه لو افترضنا أن إرادة المشرع اتجهت إلى تخويل القاضي صالحية تحديد تاريخ التوقف‬
‫عن الدفع بكل حرية فما الداعي إلى سن قواعد قانونية حددت النطاق الزمني لفترة الريبة العادية‬
‫والممتدة مع تخصيص كل فترة منهما بنوع معين من العقود؟‪ .‬ثم إن سريان أثر الحكم القاضي بفتح‬
‫المسطرة بأثر رجعي وإن كان محدد النطاق بين‪18‬إلى‪ 24‬شهرا فهو يمس مبدأ استقرار المعامالت‬
‫التجارية ويزعزع الثقة في االئتمان بين التجار الذين سيخيم الحذر على معاملتهم فيما بينهم‪ ،‬ولئن كان‬
‫األمر كذلك فهو مبرر بإنقاذ حياة المقاولة بحكم النطاق المحدد من حيث الزمن لممارسة البطالن‬
‫الجوازي والوجوبي من طرف السنديك‪ ،‬أما التسليم بالقول أن المشرع أجاز للقاضي تغيير تاريخ التوقف‬
‫عن الدفع بكل حرية وأن مدة‪ 18‬شهرا ال تكون إال في الحكم القاضي بفتح المسطرة والعلة واضحة من‬
‫هذا التحديد نظرا لكون المحكمة ال تكون على بنية من وضعية الشركة إال بعد إيداع تقرير السنديك‪.....‬‬
‫كما جاء في تعليل الحكم السالف الذكر‪ ،‬فال يمكن اعتباره إال التفاف على إرادة المشرع السيما وأن‬
‫السنديك يملك نسبة‪51%‬من رأسمال الذي ال يستوى وما قضى به المشرع في المادة‪637‬في فقرتها‬
‫‪692‬‬
‫الثانية‪.‬‬

‫‪691‬حكم المحكمة التجارية بمراكش‪ ،‬ع‪ ،24 :‬الصادر بتاريخ‪ ،2015/02/10 :‬ملف رقم‪(123/15/14 :‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪692‬تنص الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ " 637‬يمنع إسناد مهمة القاضي المنتدب أو السنديك إلى أقارب رئيس المقاولة أو مسيرها حتى الدرجة الرابعة‬
‫بإدخال الغاية"‬

‫‪167‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األثر الفوري للحكم القاضي بفتح المسطرة ( فترة إعداد الحل)‬

‫استهدافا لربح الوقت في سبيل تحصيل مرامي صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة‪ ،‬أطر المشرع‬
‫عنصر الزمن بمقتضى قواعد قانونية واضحة الداللة بموجبها تبدأ فترة انت قالية تمتد من تاريخ صدور‬
‫الحكم السالف الذكر إلى غاية صدور الحكم الذي يحصر مخطط التسوية‪ ،693‬وتصل مدة هذه الفترة إلى‬
‫‪4‬أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة بطلب من السنديك‪.694‬‬

‫وقد حاول المشرع على مستوى اختياره لآلجال المرتبطة بفتح المسطرة المزج بين التقصير في‬
‫المدد الزمن ية وتحقيق الفعالية المرجوة منها في آن واحد‪ ،‬مما قد يساعد على إغاثة المقاولة قبل فوات‬
‫األوان‪ .695‬فال شك إذن أن الرهان على حصر المخطط قائما على تحقيقه في حدود أجل ‪4‬أشهر وهو ما‬
‫يبدو من خالل تحديد فترة التسوية ضمن نفس الفترة من حيث المبدأ‪ ،‬واستثناء يحق للسنديك وحدة طلب‬
‫التمديد لمرة واحدة‪ .‬من أجل ذلك‪ ،‬عمل المشرع على اعتماد تقنية الزمن كإحدى أهم الوسائل التي‬
‫تستخدم في إطار القوانين المسطرية التي تعد أكثر القوانين ارتباطا بتنظيم عنصر الزمن قصد إنشاء‬
‫واقعة قانونية في ظرف وجيز‪.‬‬

‫وبهدف حصر المخطط في أقصر اآلجال فرض المشرع بموجب القواعد والنصوص المنظمة‬
‫للزمن القانوني آجاال للقيام بإجراءات معينة أو االمتناع عن أخرى والتي تعد جميعها من صميم مسطرة‬
‫التسوية كما لزم على كل العناصر المتفاعلة طيلة فترة إعداد الحل سواء تعلق األمر بأجهزة المسطرة أو‬
‫بالمدين والدائنين أو الغير بصفة عامة‪ 696‬التقيد بنطاقها‪.‬‬

‫وبخصوص النطاقات الزمنية المؤطرة الختصاصات أجهزة المسطرة فقد سعى المشرع إلى ربط‬
‫هذه األخيرة بآجال قانونية سعيا إلى الحث على التسريع من وثيرة المسطرة والممارسة القضائية من‬
‫جهة وجعل المسطرة متناغمة مع وثيرة اإليقاع المتسارع الذي تعيشه حركة النمو في عالم المال‬
‫واألعمال والذي تفرضه الضرورة الملحة تحت ضغط عنصر الزمن‪.697‬‬

‫‪693‬عبد الحميد اخريف‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.39:‬‬


‫‪694‬المادة‪ 579/2‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪695‬ابراهيم أقبلي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.44:‬‬
‫‪696‬عبد الكريم عباد‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.77 :‬‬
‫‪697‬عبد الجبار يهم‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪.56 :‬‬

‫‪168‬‬
‫وعليه قيد المشرع جهاز السنديك بآجال قانونية محددة ال فيما يتعلق بآجال إجراء االستشارة مع‬
‫‪699‬‬ ‫‪698‬‬
‫كما حدد المشرع سقفا‬ ‫وال فيما يتعلق بزمن ممارسة حق االختيار بالنسبة للعقود الجارية‬ ‫الدائنين‬
‫زمنيا يتعين خالله على السنديك تحقيق الديون وكذا إخبار الدائن المرتهن بواقعة فك الرهن‪700‬باإلضافة‬
‫‪701‬‬
‫ملزما إياه بتقديم تقرير الموازنة‬ ‫إلى تنظيمه لزمن قيام السنديك بإجراء تقييم خصوم وأصول المقاولة‬
‫وعرض على القاضي المنتدب‪ 702‬الذي بدوره سيج المشرع نطاق اختصاصاته من حيث الزمن‪.703‬‬

‫أما فيما يخص التأطير الزمني لإلجراءات التي يتعين على باقي العناصر األخرى المشمولة بأثر‬
‫الحكم فقد اعتمد المشرع تقنية الزمن ألجل إنجاح أطوار المسطرة‪ ،‬قبل قيام السنديك بإعداد تقرير‬
‫الموازنة لكل خصوم وأصول المقاولة‪.‬‬

‫وعليه فقد اعتمد آلية الزم ن إلبعاد كل دعوى قضائية أو مطالبة بتأدية مبلغ من المال من شأنها‬
‫أن تحول دون توفير الجو المالئم الذي يساعد على عملية اإلنقاذ المنشودة وبموجب هذه المسطرة‬
‫المحددة في الزمن فرض المشرع العديد من القيود على دائني المقاولة تتمثل في وقف المتابعات الفردية‬
‫الرامية إ لى استخالص الديون بما في ذلك تقييد الرهون واالمتيازات‪ ،704‬كما يتوقف ترتيب الفوائد عن‬
‫السريان ابتداء من تاريخ صدور الحكم إلى غاية تنفيذ المخطط بعد حصره وفي مقابل ذلك أعطى‬
‫المشرع لدائني المقاولة صالحية التصريح بديونهم أمام السنديك لشمولهم باآلثار القانونية لهذا التصريح‬
‫شريطة أن يتقدموا به داخل أجل قانوني حددته المادة‪ 687‬في شهرين من تاريخ نشر الحكم بالجريدة‬
‫الرسمية بالنسبة للدائنين العاديين ومن تاريخ اإلشعار الشخصي بالنسبة للدائنين أصحاب الضمانات‪.‬‬

‫كما أنه جدير بالذكر أن المشرع لم يغفل نظام الطعن بالرغم من حساسية األحكام التي تصدر في‬
‫نطاق زمن التسوية وظروفها‪ ،‬ومراعاة منه لخصوصية المساطر الجماعية عموما‪ ،‬فقد وضع نظاما‬
‫موحدا للطعن قصير األجل بموجب المواد ‪728‬إلى ‪732‬من المدونة ‪.‬‬

‫‪698‬المادة‪585‬من المدونة‬
‫‪699‬المادة ‪573‬من المدونة‬
‫‪700‬المادة ‪656‬من المدونة‬
‫‪701‬المادة ‪692‬من المدونة‬
‫‪702‬المادة ‪ 579‬من المدونة‬
‫‪ 703‬المادة ‪ 639‬وما بعدها ‪ ،‬الت ي ألزمت القاضي المنتدب باإلسراع في التعامل مع ما يعرض عليه من طلبات من أجل التعبير عن السرعة التي‬
‫يجب أن تطع هذه العملية وكذا بهدف حث األجهزة على عدم تضيع الوقت والجهد في األمور الجانبية المرافقة لسير المسطرة بحيث نجد أن‬
‫المشرع لم يحدد أجال مدققا إليداع أو امر القاضي المنتدب وإنما استعمل عبارة فورا‪ ،‬انظر‪ :‬شرح كلمة الفور‪ ،‬محمد شيلح‪ ،‬زمن انعقاد العقد‪ ،‬م‬
‫س‪,‬‬
‫‪704‬المادة ‪653‬من المدونة‬

‫‪169‬‬
‫وهكذا عمل المشرع المغربي في سبيل اقتصاد ربح الوقت‪ ،‬على توحيد سائر آجال الطعن سواء‬
‫تعلق اآل جل بالتعرض أو تعرض الغير الخارج عن الخصومة أو االستئناف أو النقض‪ ،‬بحيث ثم األخذ‬
‫‪705‬‬
‫أن توحيد أجل الطعن‬ ‫بأجل موحد ال تتجاوز مدته عشرة أيام‪ ،‬ويعتبر األستاذ عبد الحميد أخريف‬
‫بالنسبة لكل طرق الطعن أمرا محمودا ألنه يدخل في إطار تبسيط إجراءات الطعن في مسطرة معالجة‬
‫صعوبات المقاولة وال شك أن هذا التوحيد يتماشى مع طبيعة هذه المساطر التي تتطلب السرعة والتعجيل‬
‫بإجراءاتها حماية لمصالح المقاولة واألغيار ومصالح جميع األطراف المتعاملة معها وكذا التعجيل‬
‫‪706‬‬
‫ويأتي هذا التنظيم لطرق الطعن وفق هذه‬ ‫بعملية اإلنقاذ عبر إيجاد الحل المالئم قبل فوات األوان‬
‫الكيفية ألجل إحقاق حق المتضررين من أحكام المحكمة أو قرارات القاضي المنتدب‪ ،‬من التقاضي على‬
‫درجتين في ظل مراعاة ضرورة ربح الوقت الذي يعد هدفا مسطريا تسعى قواعد المسطرة إلى تحقيقه‪،‬‬
‫وبإعداد السنديك تقرير الموازنة في نهاية فترة إعداد الحل يتم حصر مخطط االستمرارية أو التفويت‬
‫بحسب األحوال الذي يعد في حد ذاته اإلنقاذ المنشود الذي توخاه المشرع من خالل نظام معالجة‬
‫صعوبات المقاولة والذي أفرغه بدوره في قوالب زمنية يتعين احترامها تحت طائلة ترتيب آثار قانونية‬
‫غاية في الخطورة‪ ،‬وفي األحوال التي ال يفلح فيها في إنقاذ المقاولة أو تبين من تاريخ صدور الحكم أن‬
‫وضعيتها مختلة بشكل ال رجعة فيه‪ ،‬فإن المسطرة تكون مباشر تصفية أصول المقاولة تسديدا‬
‫لخصومها‪.707‬‬

‫‪ 705‬الدور القضائي الجديد في القانون المغربي لمعالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬م س‪،‬ص‪ ،485 :‬س‪.2001-2001 :‬‬
‫‪ 706‬عبد الكريم عباد م س‪ ،‬ص‪.481:‬‬
‫‪707‬تجدر اإلشا رة إلى أن المشرع سعيا منه للحفاظ على حقوق الدائنين من الضياع ‪ ،‬لم يترك أطوار مسطرة التصفية بمنآي عن تنظيم عنصر‬
‫الزمن وإنما كان لهذا األخير حضورا بهدف تسييج صالحيات أجهزة المسطرة بآجال قانونية المواد من ‪ 619‬إلى‪ 636‬من المدونة‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬

‫مجمل القول في ختام هذا البحث نخلص فيه إلى التأكيد على العالقة التكاملية بين عنصري الزمن‬
‫القانون في المادة التجارية‪ ،‬مع استقاللية كل منهما بكيانه الخاص الذي يؤثر من منطلق مقوماته في‬
‫اآلخر‪ ،‬فالزمن في الميدان التجاري يقدر بالنقد والقيمة المالية‪ ،‬والقانون يشكل عنصر تأطير لعامل‬
‫الزمن‪ ،‬وفي الوقت ذاته سلم تقدير الحتساب تلك القيمة ورسملتها في الزمن‪.‬‬

‫إن كل هذه المعطيات جعلت التنظيم القانوني لعنصر الزمن في المادة التجارية يتسم بخصوصية‬
‫تميزه عن غيره من القوانين األخرى‪ ،‬لدر جة صارت معه المقومات التي يرتكز عليها األمن القانوني‬
‫والقضائي في المادة التجارية والتي يبقى أهمها السرعة المطلوبة واالئتمان والمرونة في إجراءات‬
‫المعامالت والتقاضي على حد سواء‪ ،‬تتوقف بشكل حاسم على المستوى الذي نظم به عنصر الزمن في‬
‫القانون التجاري‪ ،‬فحيث يوجد التنظيم والضبط يتلمس قدرا من اآلمنين القانوني والقضائي وبانعدامهما‬
‫تنعدم تلك المقومات وتتالشى‪.‬‬

‫لكن وبرغم كل ما سبق‪ ،‬فال الزمن كموضوع (الزمن الموضوعي) وال الزمن كوسيلة أو كهدف‬
‫(الزمن المسطري) تستطيع أن تكسب رهانها‪ ،‬ألن هناك جوانب من النسبية تلحق هذه العالقة بين الزمن‬
‫والقانون بسبب بعض المشاكل البنيوية اعتبارا إلى أن الزمن بالنسبة للقانون هو تحد دائم كما قال بذلك‬
‫األستاذ عبد الحميد أخريف‪.‬‬

‫ومن من طلق كل ما سبق توصلنا إلى بعض االستنتاجات نجملها في ‪:‬‬

‫‪ ‬غياب المالءمة التشريعية بين المقتضيات المنظمة للزمن القانوني الموضوعي المتمثلة في‬
‫تعارض أحكام الزمن الصرفي مع أحكام القانون ‪ 10 .32‬المنظم لزمن األداء التجاري‪.‬‬
‫‪ ‬تضارب نظام الزمن القانوني التجاري في شقه المتعلق بزمن األداء مع مبادئ اللبرالية‬
‫االقتصادية وحرية التعاقد التي تقوم عليها البيئة التجارية‪.‬‬
‫‪ ‬تره ل نظام الزمن القانوني التجاري بسبب الخلل بين مصدر استيراد القانون المؤتى به ومحلية‬
‫البيئة القانونية المزمع تطبيقها فيه‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫‪ ‬تشتت التنظيم القانوني لعنصر الزمن في المادة التجارية بين الزمن العام والزمن الخاص بما‬
‫يؤثر على مبدأ الثقة في القاعدة القانونية ويزعزع مبدأ االئتمان وبالتالي التأثير على األمنيين‬
‫القانوني والقضائي في المادة التجارية‪.‬‬
‫‪ ‬إن المشرع المغربي في أكثر من مناسبة بادر فيها إلى تعديل قانوني أو وضع قانون جديد لقانون‬
‫ساري المفعول‪ ،‬لم يكن همه مالءمة القانون التجاري المغربي‪ ،‬خصوصا في القواعد المنظمة‬
‫لعنصر الزمن‪ ،‬لخدمة البيئة التجارية لتحقيق الثقة وحماية االئتمان وضمان سرعة المعامالت‬
‫التي تعد عصب الحياة التجارية بقدر ما كان يهمه مالءمة التشريع مع نظيره األوربي مما‬
‫يعمق من إشكالية السياقات المحلية للنصوص القانونية‪.‬‬
‫‪ ‬التوقف عند مكامن الخصوصية في النظام القانوني للزمن المسطري ضمن المادة التجارية‪.‬‬
‫‪ ‬تالزم عاملي الوسيلة والهدف بشكل مترابط بالقواعد المنظمة لقوانين لإلجراءات المسطرية‪.‬‬
‫‪ ‬أن عنصر الزمن كهدف موضوعي يغلب على طابع القواعد المنظمة لمساطر الوقاية والمعالجة‬
‫مقارنة مع القانون المنظم للمسطرة أمام المحاكم التجارية‪.‬‬
‫‪ ‬حضور االعتبار الزمني في القوانين المسطرية بما يجعله متنافرا مع كل سلوك أو إجراء ال‬
‫يستحضر محل هذا العتباره‪ ،‬والتأكيد على فرضية الزمن في خدمة القانون من خالل تنظيم‬
‫الثاني عن طريق األول على النحو الذي يخدم هذه الفرضية‪.‬‬

‫إن دراسة نظام الزمن القضائي في المادة التجارية سواء من حيث زمن المعامالت أو حيث زمن الحماية‬
‫الق ضائية جعلتنا نقف على بعض مكامن الخلل التي تتخلل النظام القانوني التجاري‪ ،‬وهو ما حملنا على‬
‫صياغة بعض االقتراحات التي من شأنها معالجة المشاكل البنيوية والتقليل من حدتها‪ ،‬وهي بمثابة تدابير‬
‫يمكن اتخاذها لتجاوز حدة الزمن المضاد سواء على المستوى الموضوعي أو على المستوى المسطري‪،‬‬
‫ونجمل هذه التدابير في ‪:‬‬

‫في مساطر الوقاية من‬ ‫‪ ‬لتجاوز إشكالية هدر الزمن على مستوى مسطرة التسوية الودية‬
‫صعوبات المقاولة‪ ،‬يمكن اقتفاء نهج المشرع التونسي وتشكيل لجنة إدارية تحت إشراف‬
‫رئيس المحكمة التجارية لتسليم طلبات التسوية الودية وفحصها داخل أجل يحدده المشرع‬
‫سلفا في نطاق يراعي استحضار الشعور بأهمية الزمن القصير المدى‪ ،‬وذلك قبل إحالة تلك‬
‫الطلبات على السيد رئيس المحكمة التجارية الذي يبقى أمامه إما قبولها بناء على اقتراحات‬

‫‪172‬‬
‫اللجنة وإما رفضها بناء على ذات االقتراحات التي ال تكون لها القوة اإللزامية أمام رئيس‬
‫المحكمة الذي ال يمكن أن يرفضها بالمقابل إال بقرار معلل‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعديل المادة ‪ 555‬على ضوء صياغة المادة ‪ 553‬بإضافة عبارة "‪...‬مع مراعاة التجديد‬
‫من عدمه‪ "...‬لنص المادة ‪ ،555‬مع النص على طرق كفيلة بتبليغ واقعة التجديد إلى الدائنين‬
‫خاصة غير الموقعين على االتفاق‪.‬‬
‫‪ ‬مراجعة مسطرة المقرر وخاصة على مستوى محاكم أول درجة بحكم أن مسطرة المقرر هي‬
‫في األصل مسطرة إدارية وليست مسطرة قضائية‪ ،‬والذي أدخلها إلى التنظيم القضائي‬
‫المغربي قاضي فرنسي إداري أبان مشاركته في إعداد مشروع قانون المسطرة المدنية لسنة‬
‫‪ ،1913‬والذي كان متأثرا بمساطر التنظيم اإلداري‪ ،‬فمسطرة المقرر هي مسطرة معقدة جدا‬
‫خصوصا على مستوى محاكم أول درجة‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع المساطر السريعة أو المختصرة‪ ،‬ومعناها أن الهيئة الجماعية هي التي تباشر إجراءات‬
‫التحقيق دون إرجاع القضية إلى القاضي المقرر ولو كانت القضية غير جاهزة‪ ،‬وذلك نظرا‬
‫لكون مسطرة المقرر بمنطقها اإلداري‪ ،‬تفرض على الهيئة أن تحيل القضية من جديد إلى‬
‫المقرر من أجل التحقيق‪ ،‬وإن كان باإلمكان أن تباشر التحقيق بنفسها‪.‬‬
‫‪ ‬إحياء ثقافة شفوية التقاضي كما كان عليه الحال في الماضي‪ ،‬ومنح القضاء الدور التصالحي‬
‫‪ ‬جعل التدابير الو قتية من اختصاص قاضي الموضوع عندما يكون النزاع الموضوعي معروضا‬
‫عليه نظرا لما يترتب منتخل عن القضية الموضوعية والتوجه إلى رئيس المحكمة بغية طلب‬
‫اإلجراء الوقتي‪.‬‬
‫‪ ‬ترشيد طرق الطعن والحد منها وعقلنة عملية التقاضي‪ ،‬إذ في غالب األحيان تكون مباشرة‬
‫مجموعة من االستئنافات خاوية المقصد وبهدف تضييع الوقت خصوصا وأن إجراء‬
‫االستئناف يوقف التنفيذ ويستهلك الوقف ويعطل المسطرة مما يترتب عليهه إهدار الزمن‬
‫التقاضي‪.‬‬
‫‪ ‬تفعيل قضاء التنفيذ بشكل عملي حتى يكون حارسا على مساطر التنفيذ‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫ويجدر بالذكر أن جل هذه التوصيات تم أخذها عن األستاذ عبد الحميد أ خريف بمناسبة مداخلته في‬
‫فعاليات ندوة الزمن والقانون التي احتضنتها كلية الحقوق بفاس بشراكة مع مؤسسة األستاذ محمد‬
‫اإلدريسي العلمي المشيشي‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫الئحة المصادر والمراجع‬

‫المراجع باللغة العربية‬

‫‪ ‬الكتب‪:‬‬
‫‪ ‬أحمد كويسي‪ ،‬محمد الهيني‪ ،‬تأمالت في اجتهادات ال قضاء التجاري في مادة األوراق التجارية‪ ،‬م‬
‫‪ :‬دار العلم‪ ،‬ط ‪ :‬األولى‪ ،‬س ‪.2008 :‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ ‬ابن األثير علي الشيباني‪ ،‬الكامل في التاريخ‪ ،‬م‪ :‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.1965 :‬‬
‫‪ ‬ابن منظور محمد ابن مكرم‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬م‪ :‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬المصورة االولى‪ ،‬ج ‪.13‬‬
‫‪ ‬أبو الفض ل شهاب الدين األلوسي‪ ،‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫م‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دون ذكر عدد وسنة الطبع‪.‬‬
‫‪ ‬أحمد ابن محمد بن علي الفيومي المقري‪ ،‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير‪ ،‬مجلد ‪،1‬‬
‫مادة زمن‪ ،‬م‪ :‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬س‪.1987 :‬‬
‫‪ ‬أحمد المجدوبي‪ ،‬حسن بن سليمة ‪ ،‬أصول المرافعات المدنية والتجارية‪ ،‬م‪ :‬أوربيس‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى‪ ،‬س‪.2001 :‬‬
‫‪ ‬أحمد شكري السباعي الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة والمقاوالت التجارية‬
‫والمدنية‪ ،‬مطبعة دار نشر المعرفة‪ ،‬الرباط ‪ ،‬ط ‪ ،1‬س ‪.2001‬‬
‫‪ ‬أحمد شكري الس باعي‪ ،‬الوسيط في األوراق التجارية‪ ،‬ج‪ :‬األول‪ :‬م‪ :‬المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.1998 :‬‬
‫‪ ‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي يعترض المقاولة من‬
‫الصعوبات ومساطر معالجتها‪ ،‬ج ‪:‬األول‪ ،‬م‪ :‬المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪:‬األولى‪ ،‬س‪.1998 :‬‬
‫‪ ‬أحمد كويسي‪ ،‬األوراق التجارية‪- ،‬الكمبيالة ‪ ،‬السند ألمر‪ ،‬الشيك‪ -‬مطبعة أميمة‪ ،‬سيدي ابراهيم‬
‫فاس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬س‪.2007:‬‬

‫‪175‬‬
‫‪ ‬أكرم يا ملكي‪ ،‬القانون التجاري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ج األول‪ ،‬م ‪ :‬الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪،‬‬
‫األولى‪ ،‬س‪.1998 :‬‬
‫‪ ‬حسن محمود عبد الدائم عبد الصمد‪ ،‬ا لتقادم وإسقاطه للحقوق‪ ،‬دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي‬
‫والقانون المدني‪ ،‬م‪ :‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪ ،2009 :‬ص‪.10:‬‬
‫‪ ‬حمد عبد القادر محمد‪ ،‬انقضاء االلتزام الصرفي بالسقوط والتقادم‪ ،‬م ‪ :‬دار النهضة العربية ‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س ‪.2008 :‬‬
‫‪ ‬خالد اإلدر يسي‪ ،‬إصالح المجلس األعلى ودوره في تحقيق األمن القضائي‪ ،‬م‪ :‬دار القلم الرباط‪،‬‬
‫ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.2010 :‬‬
‫‪ ‬رضا سعد عبد هللا‪ ،‬مفهوم الزمن في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬المعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب‪،‬‬
‫جدة‪ ،‬ورقة مناقشة رقم ‪ ،10‬ط‪ :‬الثانية‪ ،‬س‪.2000 :‬‬
‫‪ ‬رمضان جمال كامل‪ ،‬التقادم المس قط في التقنين المدني علما وعمال‪ ،‬المركز القومي اإلصدارات‬
‫القانونية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.2007 :‬‬
‫‪ ‬زهير عباس كريم‪ ،‬مبادئا لقانون التجاري‪- ،‬دراسة مقارنة‪ ،-‬م‪ :‬الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س‪.1995:‬‬
‫‪ ‬زينب السيد سالمة‪ ،‬األوراق التجارية في النظا م السعودي‪ ،‬جامعة الملك سعد دون ذكر عدد‬
‫الطبعة‪.2010 ،‬‬
‫‪ ‬صالح الناهي‪ ،‬محمد صبحي نجم‪ ،‬نائل عبد الرحمن‪ ،‬القانون في حيتاننا‪ ،‬م‪ :‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‬
‫– األردن‪ -‬ط‪ :‬التاسعة‪ ،‬س‪.2014 :‬‬
‫‪ ‬عبد الحليم عد‪ ،‬اآلجال في ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬منشور بمج‪ :‬الحقوق‪ ،‬م‪ :‬النجاح الجديدة‪،‬‬
‫البيضاء‪ ،‬ط‪ :‬االولى‪ ،‬س‪.2011 :‬‬
‫‪ ‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬األوراق التجارية‪ ،‬م‪ :‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دون ذكر عدد الطبع‪،‬‬
‫س‪.2002 :‬‬
‫‪ ‬عبد الرحمن مصلح الشرادي‪ ،‬الشرط وألجل في قانون االلتزام والعقود المغربي‪ ،‬م‪ :‬األمنية‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬ط ‪:‬األولى‪.2004 ،‬‬

‫‪176‬‬
‫‪ ‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضا ء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬م‪ :‬النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪:‬‬
‫األولى‪ ،‬س‪.2014 :‬‬
‫‪ ‬عبد الرحيم سميعة‪ ،‬دروس في القانون التجاري‪ ،‬م‪ :‬سجلماسة‪ ،‬مكناس‪ ،‬دون ذكر عدد وسنة‬
‫الطبع‪.‬‬
‫‪ ‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬ج‪ ،3‬م‪ :‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون ذكر عدد الطبع‪ ،‬س‪.1964 :‬‬
‫‪ ‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬آجال اإلجراءات في التشريع المغربي‪ ،‬لمؤلفه عبد العزيز توفيق‪ ،‬م‪ :‬النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.1990 :‬‬
‫‪ ‬عبد الكبير طبيح‪ ،‬المحاكم التجارية‪ -‬األسباب والغايات‪ ،-‬مطبعة دار القرويين‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬س‪.2000:‬‬
‫‪ ‬عبد الكريم الطالب‪ ،‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ ،‬م‪ :‬الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬ط‪ :‬الخامسة‪،‬‬
‫س‪.2008 :‬‬
‫‪ ‬عبداللطيف الشنتوف‪ ،‬دور رئيس المحكمة التجارية في وقاية المقاولة من الصعوبات‪ ،‬دون ذكر‬
‫اسم المطبعة‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.2012 :‬‬
‫‪ ‬عبداللطيف الصديقي‪ ،‬الزمان ابعاده وبنيته‪ ،‬م‪ :‬المؤسسة الجامعية للدراسات‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪:‬األولى‪،‬س‪،1995 :‬ص‪.‬‬
‫‪ ‬عبد المنعم البدراوي‪ ،‬شرح القانون المدني في الحقوق المدنية األصلية‪ ،‬ط‪:‬الثانية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫س‪.1956:‬‬
‫واإلفالس‪ ،‬م ‪ :‬المؤسسة الحديثة للكتاب‪،‬‬ ‫‪ ‬عدنان ضناوي‪ ،‬عدنان خير‪ ،‬اإلسناد التجاري‬
‫طرابلس‪ ،‬دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س‪.2010 :‬‬
‫‪ ‬علي الخفيف‪ ،‬الملكية في الشريعة اإلسالمية مع المقارنة بالشرائع الوضعية‪ ،‬م‪ :‬دار الفكر‬
‫العربي‪ ،‬دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س‪.1996 :‬‬
‫‪ ‬علي بن محمد السيد الشريف الجرجاني‪ ،‬التعريفات‪ ،‬تحقيق محمد صديق المنشاوي‪ ،‬م‪ :‬دار‬
‫الفضيلة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون ذكر رقم الطبعة‪ ،‬س‪ 1357 :‬هـ‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫‪ ‬علي سلمان العبيدي‪ ،‬األوراق التجارية في التشريع المغربي‪-‬الكمبيالة – السند اإلذني‪ -‬الشيك‪ ،‬م‪:‬‬
‫التومي‪ ،‬الرباط‪ ،‬دون ذكر عدد الطبع‪ ،‬س‪ ،1970 :‬ص‪.421:‬‬
‫‪ ‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد ‪ ،‬ج‪ :‬األول‪ ،‬م‪ :‬األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪:‬الرابعة‪ ،‬س‪:‬‬
‫‪.2014‬‬
‫‪ ‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد‪ ،‬م‪ :‬دار اآلفاق المغربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ج‪ :‬الثاني‪،‬‬
‫ط‪ :‬الرابعة‪ ،‬س‪.2014 :‬‬
‫‪ ‬فاتن جمال مسعود‪ ،‬طبيعة الدفع بمرور الزمن‪ ،‬م‪ :‬دار وائل للطباعة وا لنشر‪ ،‬ط‪:‬األولى‪ ،‬س‪:‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ ‬ماء العينين الشيخ الكبير‪ ،‬اآلجال في تحصيل الديون العمومية‪ ،‬م‪ :‬الرشاد‪ ،‬السطات‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪،‬‬
‫س‪.2014 :‬‬
‫‪ ‬مجدي علي محمد غيث‪ ،‬نظرية الحسم الزمني في االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬منشورات المعهد العالمي‬
‫للفكر اإلسالمي‪ ،‬فرجينا‪ ،‬الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.2010 :‬‬
‫‪ ‬محسن شفيق‪ ،‬القانون التجاري المصري‪ ،‬األوراق التجارية‪ ،‬م‪ :‬دار المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‬
‫‪،‬مركز الثقافة العربي‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.1954 :‬‬
‫‪ ‬محمد الشافعي‪ ،‬األوراق التجارية في مدونة التجارة المغربية‪ ،‬م‪ :‬الوراقة الوطنية‪ ،‬ط‪ :‬الرابعة‬
‫س‪.2010:‬‬
‫‪ ‬محمد الطاهر الرزقي‪ ،‬عامل الزمن في العبادات والمعامالت‪ ،‬ج‪ ،1‬م‪ :‬الراشد‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط ‪،1 :‬‬
‫س‪.2000 :‬‬
‫‪ ‬محمد المجدوبي اإلدريسي‪ ،‬عمل المحاكم التجارية ‪ -‬بدايته وإشكاليته‪ ،-‬م‪ :‬مكتبة دار السالم‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.1996 :‬‬
‫‪ ‬محمد بن أبي بكر الرازي‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬م‪ :‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬المصورة األولى‪ ،‬ج‪ :‬األول‪.‬‬
‫‪ ‬محمد كرام‪ ،‬الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي‪ ،‬ج ‪ :‬األول‪ ،‬م ‪:‬‬
‫الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.2010 :‬‬
‫‪ ‬محمد ميكو‪ ،‬تقديم مؤلف األوراق التجارية في القانون المغربي فقها وقضاء‪ ،‬محمد الحارثي‪ ،‬م‪:‬‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.1996:‬‬

‫‪178‬‬
‫‪ ‬مصطفى كمال طه‪ ،‬وائل أنور بندق‪ ،‬األوراق التجارية ووسائل الدفع اإللكترونية الحديثة‪ ،‬م‪:‬‬
‫دار الفكر الجامعي‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬دون ذكر عدد الطبع‪ ،‬س‪.2005:‬‬
‫‪ ‬نورة غزالن الشنيوي‪ ،‬الوجيز في العقود التجارية‪ ،‬م‪ :‬الورد‪ ،‬انزكان‪ ،‬ط ‪ :‬األولى‪ ،‬س ‪.2014 :‬‬
‫‪ ‬يوسف عودة غانم المنصوري‪ ،‬التضامن الصرفي في األوراق التجارية‪ ،‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.2012 :‬‬
‫‪ ‬يونس العياشي‪ ،‬األمن القانوني والقضائي وأثرهما في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬م‪ :‬دار‬
‫السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ :‬األولى‪ ،‬س‪.2012 :‬‬

‫‪ ‬الرسائل‪:‬‬
‫‪ ‬ابراهيم أقبلي‪ ،‬اآلجال في نظام معالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في‬
‫القا نون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪.2012 -2011‬‬
‫‪ ‬أحالم عارف‪ ،‬دور األمن القانوني واألمن القضائي في تحسين مناخ األعمال بالمغرب‪،‬‬
‫رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‬
‫السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬الموسم الجامعي‪. 2011:‬‬
‫‪ ‬بوشعيب الزموري‪ ،‬خصوصياته المسطرة أمام المحاكم التجارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪.2010-2009‬‬
‫‪ ‬حسن فتوخ‪ ،‬القضاء المستعجل في المادة التجارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة‬
‫في ا لقانون المدني‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪.2000-1999‬‬
‫‪ ‬خالدالمرزوك‪،‬السياساتالتجارية‪،‬قسمالعلومالماليةوالنقدية‪،‬كليةاإلدارةواالقتصاد‪،‬جامعةبابل‬
‫‪،‬بدونذكرالسنةالجامعية‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫‪ ‬زكرياء العماري‪ ،‬التسوية الودية كآلية للوقاية من صعوبات المقاولة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.2008-2007 :‬‬
‫‪ ‬زينب عبد الرزاق‪ ،‬األجل في قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا ‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬أكدال الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1979-1978‬‬
‫‪ ‬سعد بهتي‪ ،‬األجل في التسوية القضائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحسن األول‪ ،‬سطات‪ ،‬السنة الجامعية‪.2013 -2012 :‬‬
‫‪ ‬عبد الحليم عد‪ ،‬اآلجال في قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪.2013 – 2012:‬‬
‫‪ ‬عبدهللا حامد المراعية‪ ،‬أثر الوقت في أحكام عقد النكاح‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة آل‬
‫البيت‪ ،‬المفرق‪ ،‬الموسم الجامعي ‪.2002:‬‬
‫‪ ‬فاطمة الزهراء السائح الجوهري‪ ،‬األمن القانوني والقضائي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية‪.2010 -2009 :‬‬
‫‪ ‬محمد إياد نجاحي‪ ،‬األجل في األوراق التجارية‪ ،‬رسالة لنيل ديبلوم الماستر في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد الخامس السويسي‪ ،‬الرباط السنة الجامعية‪-2013:‬‬
‫‪. 2014‬‬
‫‪ ‬محمد شرف‪ ،‬وفاء الكمبيالة في القانون المغربي‪ ،‬بحث لنيل ديبلوم الدراسات العليا في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحسن الفاني‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪:‬‬
‫‪.1999‬‬
‫‪ ‬مريم فايز‪ ،‬دعوى رفع أجل السقوط في إطار مساطر صعوبات المقاولة‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫شهادة الما ستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪.2013-2012:‬‬

‫‪180‬‬
‫‪ ‬هند محامدي‪ ،‬األجل في قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬رسالة لنيل ديبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬كلية العلوم اقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني عين‬
‫الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪.2002 -2001 :‬‬

‫األطروحات‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬الدور القضائي الجديد في القانون المغربي لمعالجة صعوبات‬
‫المقاولة‪ ،‬اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد‬
‫األول‪ ،‬وجدة‪ ،‬س‪.2001-2000:‬‬
‫‪ ‬عبدالرحيم شميعة‪ ،‬آليات تدخل المساهم غير المسير في تدبير شركة المساهمة‪ -‬نحو‬
‫حكامة جيدة‪،-‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق فاس‪ ،‬جامعة سيدي‬
‫محمد بنعبد هللا‪ ،‬السنة الجامعية‪.2011-2010 ،‬‬
‫‪ ‬عبد الكريم عباد ‪ ،‬دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬س‪-2003 :‬‬
‫‪.2004‬‬
‫في المواد المدنية‪،‬‬ ‫‪ ‬محمد الكشبور‪ ،‬رقابة المجلس األعلى على محاكم الموضوع‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء السنة الجامعية‪.1986 :‬‬

‫المقاالت‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬تقديم وزير العدل‪ ،‬السيد محمد بوزبع لمجلة لمحاكم المغربية‪ ،‬م‪ :‬فضالة‪ ،‬المحمدية‪ ،‬ع‪:‬‬
‫األول‪،‬ماي‪.2004‬‬
‫‪ ‬حسن الحطاب‪ ،‬آجال أداء الديون التجارية في ضوء القانون رقم ‪ 32.10‬المتمم لمدونة‬
‫التجارة‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬القضاء التجاري‪ ،‬ع‪ 3 :‬س‪.2014 :‬‬

‫‪181‬‬
‫‪ ‬راضية منتصر‪ ،‬اآلجال في قانون إنقاذ المؤسسات‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬التشريع‬
‫والقضاء‪ ،‬ع‪ ،7 :‬س‪ ،2002 :‬منشورات مركز الدراسات القانونية والقضائية بوزارة‬
‫العدل‪ ،‬تونس‪.‬‬
‫‪ ‬عبد الجبار بهم ‪ ،‬اآلجال وفق قانون إحداث المحاكم التجارية‪ ،‬مقال منشور بمج‪:‬‬
‫المحامي‪ ،‬ع‪ ،45 :‬س‪.2004 :‬‬
‫‪ ‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬التقادم في المادة التجارية‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬المغربية لقانون األعمال‬
‫والمقاوالت‪ ،‬ع‪،12 :‬أبريل ‪.2007‬‬
‫‪ ‬عبدالسالم الدرقاوي‪ ،‬المستلزمات المسطرية لقانون األعمال‪ ،‬مق‪ :‬منشور ب‪ :‬مج‬
‫المغربية للقانون االقتصادي‪ ،‬ع‪ :‬مزدوج ‪ ،6-5‬س‪.2013:‬‬
‫‪ ‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬مبدأ األمن القانوني وضر ورة األمن القضائي مقال منشور بمج‪:‬‬
‫الملحق القضائي‪ ،‬دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬ع ‪ ،42‬ماي‪ ،‬س‪ ،2002 :‬ص‪.30 :‬‬
‫‪ ‬عز الدين بنستي‪ ،‬تقييم تجربة القضاء التجاري المغربي على ضوء القانون المحدث‬
‫المحاكم التجارية‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬المحاكم المغربية‪ ،‬ع‪108 :‬ماي – يونيو‪،‬‬
‫س‪.2007:‬‬
‫‪ ‬علي ال حنودي‪ ،‬األمن القانوني مفهومه وأبعاده‪ ،‬المج‪ :‬المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬
‫ع‪ ،96 :‬يناير – فبراير‪ ،‬س‪.2011 :‬‬
‫‪ ‬علي العلوي الحسيني‪ ،‬األجل القضائي االستعطافي –االسترحامي– مقال منشور بمج‪:‬‬
‫المحاكم المغربية‪: ،‬ع ‪ ،66‬س‪. :‬‬
‫‪ ‬لحسن ملكي‪ ،‬التجارة اإللكترونية ‪ -‬قراءة قانونية –‪ ،‬مقال منشور بمج‪ :‬المحاكم‬
‫المغربية‪ ،‬ع‪ 89 :‬يوليوز‪ -‬غشت‪ ،‬س‪.2001 :‬‬
‫‪ ‬محمد المزوغي ‪ ،‬القضاء التجاري ومجال تدخله في حماية االستثمار‪ ،‬مقال منشور‬
‫بمج‪ :‬المناظرة‪ ،‬ع‪ ،9 :‬يونيو ‪.2004‬‬
‫‪ ‬محمد عبد الكريم العبسي‪ ،‬األمن القضائي‪ ،‬مج‪ :‬العدل السعودية‪ ،‬منشورات وزارة العدل‬
‫والحريات المغربية‪ ،‬مصلحة الوثائق رقم ‪. 73.02‬‬

‫‪182‬‬
‫‪ ‬المستشار علي أبو دياك‪ ،‬مساهمة السياسة التشريعية في تطوير الوضع االقتصادي‪،‬‬
‫مصلحة الشؤون القانونية والمهنية‪ ،‬وزارة العدل‪ ،‬فلسطين‪.‬‬
‫‪ ‬مقال منشور في جريدة االخبار‪ ،‬عدد‪.24 :‬‬
‫‪ ‬منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية الكويتية‪ ،‬مطبعة ذات السالسل‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫ط‪ ،2 :‬ج‪.24 :‬‬
‫‪ ‬المهدي شبو‪ ،‬لماذا تبني المشرع المغربي نظام صعوبات المقاولة‪ ،‬مقال منشور بمج‪:‬‬
‫المحاكم المغربية‪ ،‬ع‪ 89 :‬يوليوز‪ -‬غشت‪ ،‬س‪.2001 :‬‬
‫‪ ‬نادية احديدو ‪ ،‬أجل رفع دعوى اإللغاء على ضوء االجتهاد القضائي‪ ،‬مقال منشور بمج‪،‬‬
‫اإلشعاع‪ ،‬ع‪ ،42 – 41:‬يونيو‪ ،‬س‪.2014 :‬‬

‫‪ ‬الندوات‪:‬‬
‫األستاذ‬ ‫‪ ‬ندوة‪:‬الزمنوالقانون ‪،‬المنظمةمنطرفمركزقانونااللتزاماتوالعقودبشراكةمعمؤسسةمحمد‬
‫اإلدريسي العلمي المشيشي‪ ،‬كلية الحقوق فاس‪ 3-2 ،‬يونيو ‪(.2016‬غير منشور)‬
‫‪ .1‬عالل فالي‪،‬الزمن في حياة الشركات‪.‬‬
‫‪ .2‬عبدالرحمان الشرقاوي‪ ،‬الزمن في المادة المدنية‪.‬‬
‫‪ .3‬أحمد كويسي‪ ،‬الزمن في األوراق التجارية‪.‬‬
‫‪ .4‬عبد الحميد اخريف‪ ،‬الزمن في قمم‪.‬‬
‫‪ .5‬محمد شيلح‪ ،‬زمان انعقاد العقد‪ ،‬ندوة الزمن والقانون‪.‬‬
‫‪ .6‬حسن ملكي‪ ،‬مشكلة الزمن العام والزمن الخاص‪ ،‬قراءة في االجتهاد القضائي لمحكمة النقض‪.‬‬
‫‪ ‬ندوة مبادئ الحكامة القضائية على ضوء مشروع قانون التنظيم القضائي‪ ،‬المنظمة من طرف‬
‫نادي قضاة المغرب بشراكة مع وزارة العدل والحريات‪ ،‬بكلية الطب والصيدلة‪ ،‬فاس‪ ،‬بتاريخ ‪21‬‬
‫ماي ‪.2016‬‬
‫‪ .1‬لبنى فريالي‪ ،‬تدبير الزمن القضائي‪.‬‬
‫‪ ‬الندوة المنظمة من طرف الودادية الحسنية للقضاة بمناسبة المؤتمر ‪ 13‬للمجموعة اإلفريقية‬
‫لالتحاد العالمي للقضاة‪ ،‬البيضاء‪ 28 ،‬مارس ‪.2008‬‬

‫‪183‬‬
‫‪ .1‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬األمن القانوني وضرورة األمن القضائي‪.‬‬
‫‪ ‬اللقاء الدولي حول األمن التعاقدي وتحديات التنمية ‪ ،‬المنظم من قبل الهيئة الوطنية للموثيقين‪،‬‬
‫الصخيرات ‪ 19 ، 18‬أبريل‪.2004‬‬
‫‪ .1‬عبد المجيد اغميجة‪ ،‬أبعاد األمن التعاقدي وارتباطاته‪.‬‬
‫‪ ‬الندوة الوطنية حول الخطاب الملكي ومدونة القيم القضائية‪ ،‬مجلة الودادية الحسنية للقضاة‪ ،‬ع‪:‬‬
‫‪.2‬‬
‫‪ .1‬محمد النجاري‪ ،‬القضاء المستقل القوي قاطرة للتنمية‪.‬‬
‫‪ ‬ندوة‪" :‬عمل المجلس األعلى والتحوالت االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مج‪ :‬المجلس األعلى‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪ 20 – 18‬دجنبر‪ ،‬س‪.1997 :‬‬
‫‪ .1‬سعيد بناني‪ ،‬عولمة االقتصاد ودور القضاء االجتماعي في التنمية‪.‬‬
‫‪ ‬الندوة الجهوية الثامنة‪ ،‬طبعة ‪ 22 – 21‬يونيو ‪ ، 2007‬سلسلة ندوات المجلس األولى بمناسبة‬
‫الذكرى الخمسينية لتأسيسه تحت عنوان ‪ :‬صعوبات المقاولة وميدان التسوية القضائية من خالل‬
‫اجتهادات المجلس األ على‪ ،‬م‪ :‬األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬دون ذكر عدد الطبعة‪ ،‬س ‪.2007:‬‬
‫‪ .1‬لطيفة بنخير‪ ،‬مراقب الحسابات ودوره في تفعيل الوقاية من الصعوبات‪.‬‬
‫‪ .2‬المختار البشري‪ ،‬أحكام فترة الريبة لغاية صدور حكم فتح مسطرة الصعوبات‪.‬‬
‫‪ .3‬الرزقيتي العيادي‪ ،‬دور الوكيل الخاص والمصالح في مسطرة التسوية الودية‪.‬‬

‫‪ ‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬

‫‪ ‬عبد الهادي حمدن‪ ،‬الزمن في القانون‪ ،‬صحيفة الوسيط البحرينية‪ ،‬ع‪ ،2287 :‬بتاريخ ‪ 10‬دجنبر‬
‫‪،2008‬‬
‫الموافق ل ‪ 25‬رجب ‪ ،1437‬الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪http://www.alwasat news.com/news/27903.html 07/9/2016‬‬

‫‪ ‬سليمةفراجي ‪،‬أهميةالزمنالتشريعيفيهدرالخالفاتوالمزايدات‪،‬مقالمنشوربالجريدةاإللكترونيةمغرباليوم‬
‫‪:‬‬ ‫اإللكتروني‬ ‫‪.‬الموقع‬ ‫‪2016‬‬ ‫يونيو‬ ‫‪،‬السبت‪2‬‬
‫‪http://www.almaghribtoday.net306/020716004308‬‬

‫‪184‬‬
‫‪ ‬ابن منظور محمد ابن مكرم‪ ،‬لسا ن العرب‪ ،‬م‪ :‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬المصورة االولى‪ ،‬ج ‪،13‬‬
‫ص ‪.199 :‬‬
‫‪http://archive.org/stream/LissanaAlarab/13-10588#page/n199/mode/24p.‬‬
‫‪ ‬محمد بن أبي بكر الرازي‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬م‪ :‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ :‬المصورة األولى‪ ،‬ج‪ :‬األول‪،‬‬
‫ص ‪.280 :‬‬
‫الموقع اإللكتروني‪.http://archive.org/stream/wa98477/8477#page/n279/mode/2up :‬‬

‫‪ ‬علي بن محمد السيد الشريف الجرجاني‪ ،‬التعريفات‪ ،‬تحقيق محمد صديق المنشاوي‪ ،‬م‪ :‬دار‬
‫الفضيلة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون ذكر رقم الطبعة‪ ،‬س‪ 1357 :‬هـ‪ ،‬ص ‪.99 :‬‬
‫الموقع اإللكتروني ‪http//archive.org/stream/waq111440/11440#page/n97/mode/2u:‬‬

‫‪ ‬أحمد ابن محمد بن علي الفيومي المقري‪ ،‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير‪ ،‬مجلد ‪،1‬‬
‫مادة زمن‪ ،‬م‪ :‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬س‪ ،1987 :‬ص ‪.256 :‬‬
‫الموقع اإللكتروني ‪.http://archive.org/stream/waq174422#page/no/mode/2up:‬‬
‫بالموقع‬ ‫منشور‬ ‫مقال‬ ‫والوقت‪،‬‬ ‫المال‬ ‫بين‬ ‫مقارنة‬ ‫الدين‪،‬‬ ‫سعد‬ ‫‪ ‬أسماء‬
‫اإللكتروني ‪:www.almasalcon/post/202-252‬‬

‫‪ ‬مجدي ممتحن‪ ،‬الزمان بين األدب والقرآن‪ ،‬مج‪ :‬التراث األدبي‪ ،‬س‪ ،2 :‬ع‪ ،5 :‬ص ‪.154 :‬‬
‫الموقع االلكتروني ‪www.SID.ir :‬‬
‫‪ ‬أبو الفضل شهاب الدين األلوسي‪ ،‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني‪ ،‬ج‪ ،2‬م‪:‬‬
‫دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دون ذكر عدد وسنة الطبع‪ ،‬ص‪.137 :‬‬
‫الموقع اإللكتروني ‪:‬‬
‫‪http://archive .org/stream/ wap0094/rohmaani19/page /mo /mode/2up.‬‬

‫‪ ‬خالدالمرزوك‪،‬السياساتالتجارية‪،‬قسمالعلومالماليةوالنقدية‪،‬كليةاإلدارةواالقتصاد‪،‬جامعةبابل‪،‬بدونذكر‬
‫السنةالجامعية‪،‬ص ‪.45‬‬

‫منشور بالموقع اإللكتروني‪WWW .VABABYLAN .EDU.IQ/ EPRINTS/PUPDOC-1-2254-1137 .DOCX:‬‬

‫‪185‬‬
‫‪ ‬مجد رشيد‪ ،‬آجال األداء في القانون المغربي‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني ‪:‬‬
‫‪http‬‬ ‫‪://JURISTCONSEIL‬‬ ‫‪:BLOGSPORT‬‬ ‫‪:COM/2013/05/3210-1595‬‬ ‫‪.HTML‬‬
‫تمت الزيارة بتاريخ‪.2016/08/26:‬‬
‫‪ ‬محمد محبوبي‪ ،‬دور التشريع والقضاء في تنمية المقاولة وتشجيع االستمارات‪ ،‬مقال منشور بمج‪:‬‬
‫الفقه والقانون اإللكترونية‪ ،‬بتاريخ ‪ 22‬أكتوبر ‪ ،2010‬ص‪ 14 :‬الموقع اإللكترونية ‪:‬‬
‫‪www.majalah.new.ma‬تمت الزيارة بتاريخ ‪.2016 /8 / 21 :‬‬
‫‪ ‬أحمد براك‪ ،‬األمن القانوني‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني ‪:‬‬
‫زيارة الموقع بتاريخ ‪http//pallporg/v12907htm 31/ 8 / 2016 :‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بفاس‪ ،‬رقم‪ ،280 :‬صادر بتاريخ‪ ،1999/04/26 :‬ملف‬ ‫‪‬‬
‫ع‪ ،119/99:‬منشور بالموقع االلكتروني‪:‬‬

‫‪http://www.marocdroit.com/%D8%AD%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1-‬‬
‫‪%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AC%D8%B1%D8%A9-‬‬
‫‪%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B4%D9%83%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AA%D8%A8%D8%B7%D8%A9-%D8%A8%D9%87%D8%A7_a7340.html‬‬

‫‪186‬‬
‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪1 ................................................................................................................. :‬‬


‫الفصالألول‪ :‬التأصياللنظريلعنصرالزمنفيالمادةالتجارية ‪9 ........................................................‬‬
‫الفرعاألول ‪ :‬اإلطارالمفاهيميللزمنالقانونيالتجاري ‪15 .........................................................‬‬
‫المبحثاألول ‪ :‬مفهومالزمنالقانونيالتجاريوأهميته ‪16 ...........................................................‬‬
‫المطلباألول‪ :‬مفهومالزمنالقانونيالتجاري ‪17 .................................................................‬‬
‫الفقرةاألولى‪ :‬تعريفالزمنالقانونيالتجاري ‪17 ..................................................................‬‬
‫الفقرةالثانية ‪ :‬األلفاظالقانونيةذاتالعالقةبمفهومالزمنالقانوني‪19 ......................................... .‬‬
‫أوال ‪ :‬الوقت ‪19 ................................................................................................. :‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المدة ‪19 ................................................................................................. :‬‬
‫ثالثا ‪ :‬األجل‪20 .................................................................................................. :‬‬
‫رابعا‪ :‬الفور‪21 .................................................................................................. :‬‬
‫المطلبالثاني‪ :‬أهميةتنظيموضبطالنظامالزمنيفيالمادةالتجارية ‪22 .............................................‬‬
‫الفقرةاألولى ‪ :‬زمنالتقاضي (زمناقتضاءالحق) ‪22 ..........................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬زمناقتضاءالحققبلوأثناءالبثفيالنزاعالتجاري ‪23 ......................................................‬‬
‫‪-1‬زمنإثارةالدفعبعدماالختصاص ‪24 ............................................................................‬‬
‫‪-2‬زمنالتحقيقفيالدعوى ‪25 ......................................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬زمناقتضاءالحقخاللتنفيذالحكمأوالقرارالقضائي ‪26 ..................................................‬‬
‫‪-1‬بالنسبةلتبليغاالستدعاءات ‪27 ................................................................................‬‬
‫‪-2‬بالنسبةلتبليغاألحكاموالقراراتداخألجألسبوع ‪27 ..........................................................‬‬
‫الفقرةالثانية‪ :‬زمناألطراف ‪28 ......................................................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬زمناألطرافعلىمستوىمعامالتهمالتجارية ‪28 ............................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬زمناألطرافعلىمستوىالخصومةالقضائية ‪29 ...........................................................‬‬
‫المبحثالثاني ‪ :‬طبيعةالزمنالقانونيفيالمادةالتجارية ‪30 ..........................................................‬‬

‫‪187‬‬
‫المطلباألول‪ :‬الطبيعةاالتفاقيةللزمنالقانونيالتجاري ‪31 ......................................................‬‬
‫الفقرةاألولى‪ :‬حريةاألطراففيتحديدالنطاقالزمنيللمعاملةالتجارية (المبدأ) ‪32 .............................‬‬
‫الفقرةالثانية ‪ :‬االستثناءاتالمقيدةلحريةاألطراففيتحديدالنطاقالزمنيللمعامالتالتجارية ‪34 ..................‬‬
‫اوال ‪ :‬التدخاللقانوني ‪34 .........................................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التدخاللقضائي ‪36 ........................................................................................‬‬
‫المطلبالثاني‪ :‬الطبيعةالتشريعيةللزمنالقانونيالتجاري ‪37 .......................................................‬‬
‫الفقرةاألولى ‪ :‬تقييمالزمنالقانونيالتجاري ‪38 ....................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬النظامالزمنيالمحدد ‪38 .....................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬النظامالزمنيالمفتوح ‪40 ...................................................................................‬‬
‫الفقرةالثانية‪ :‬تقييمالزمنالقضائيالتجاري ‪41 ..................................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬مركزالقضاءمننظامالزمنفيالمادةالتجارية ‪42 .........................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬جدليةالزمنالقانونيوالزمنالقضائي ‪43 ..................................................................‬‬
‫الفرعالثاني ‪ :‬الفلسفةالخاصةلنظامالزمنالقانونيالتجاري ‪46 ..................................................‬‬
‫المبحثاألول ‪ :‬دورنظامزمنالمادةالتجاريةفيتحقيقاألمنالقانونيالتجاري ‪50 ...................................‬‬
‫النقطةاألولى‪ :‬األمنالقانونيالتجاريمنخاللمنظومةالزمنفيالمادةالتجارية ‪Error! Bookmark not ..‬‬
‫‪defined.‬‬
‫النقطةالثانية‪ :‬مقوماتوأسساألمنالقانونيالتجاريمنخاللمنظومةالزمنفيالمادةالتجارية ‪Error! .........‬‬
‫‪Bookmark not defined.‬‬
‫المطلباألول ‪ :‬السرعةواالئتمانمنخالاللضبطالزمنيألحكامالمعامالتالتجارية‪Error! Bookmark not .‬‬
‫‪defined.‬‬
‫المطلبالثاني‪ :‬دورنظامالتقادم (مرورالزمن) القصيرالتقليلمنالمنازعاتالمخلةباستقرارالبيئةالتجارية ‪59‬‬
‫المبحثالثاني ‪ :‬دورنظامزمنالمادةالتجاريةفيتحقيقاألمنالقضائيالتجاري ‪Error! Bookmark not .....‬‬
‫‪defined.‬‬
‫النقطةاألولى‪ :‬األمنالقضائيالتجاريمنخاللمنظومةالزمنفيالمادةالتجارية ‪Error! Bookmark not ..‬‬
‫‪defined.‬‬
‫النقطةالثانية‪ :‬أساساتاألمنالقضائيالتجاريمنخاللمنظومةالزمنفيالمادةالتجارية ‪Error! Bookmark‬‬
‫‪not defined.‬‬

‫‪188‬‬
‫المطلباألول ‪ :‬األمنالقضائيالتجاريمنخاللدورالقاضيفيتفعيلزمناألطراف ‪Error! Bookmark not .....‬‬
‫‪defined.‬‬
‫المطلبالثاني ‪ :‬األمنالقضائيالتجاريمنخاللدورالقضاءفيتفعيلزمنالتقاضي ‪Error! Bookmark not ....‬‬
‫‪defined.‬‬
‫الفصاللثاني ‪ :‬التطبيقالعمليللزمنالقانونيفيالمادةالتجارية ‪72 .....................................................‬‬
‫(الزمنالموضوعي) ‪75 .....‬‬ ‫الفرعاألول‪ :‬تطبيقاتعنصرالزمنفيالقوانينالتجاريةالموضوعية‬
‫أوال‪ :‬أسبابوضعهذاالقانونوأهدافه ‪78 ..........................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬نطاقتطبيققانونآجاالألداءبينالتجار‪80 .................................................................. .‬‬
‫‪-1‬منحيثاألشخاص‪80 ........................................................................................... :‬‬
‫‪-2‬منحيثاألنشطةالتجارية‪81 :‬‬
‫المبحثاألول ‪ :‬تطبيقاتالزمنفياألوراقالتجارية (الكمبيالةنموذجا) ‪82 ..........................................‬‬
‫المطلباألول‪ :‬خصائصوأنواعالزمنالصرفي ‪85 ................................................................‬‬
‫الفقرةاألولى‪ :‬خصائصالزمنالصرفي ‪85 .......................................................................‬‬
‫الفقرةالثانية ‪ :‬أنواعالزمنالصرفيوارتباطاتهبالزمنالموضوعي ‪87 ........................................‬‬
‫أوال ‪ :‬الزمنالصرفيالمخوللألطرافصالحيةتحديده ‪87 .........................................................‬‬
‫أ‪-‬زمنالتقديمللقبول ‪88 ............................................................................................‬‬
‫ب‪-‬الزمنالقانونيللوفاءبالكمبيالة‪90 .............................................................................‬‬
‫‪-1‬تحديدتاريخاالستحقاقبينأطرافالعمليةالتجارية ‪91 ..........................................................‬‬
‫‪-2‬كيفيةتحديدزمنالستحقاق ‪94 .................................................................................‬‬
‫‪ 1-2‬القواعدالخاصةبتحديدزمناالستحقاق ‪94 .................................................................‬‬
‫‪-2-2‬تأثرزمناالستحقاقبالعطاللرسميةواختالفاليوميات ‪96 ..................................................‬‬
‫‪-3‬تمديدزمنالوفاء ‪98 .............................................................................................‬‬
‫‪ 1-3‬التمديدالقانونيلزمناالستحقاق ‪98 .........................................................................‬‬
‫‪-2-3‬التمديداالتفاقيلزمناالستحقاق ‪100 .......................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الزمنالصرفيالمحض ‪101 ...............................................................................‬‬
‫أ‪-‬زمنالرجوع ‪101‬‬

‫‪189‬‬
‫‪-1‬الرجوعفيميعاداالستحقاق ‪102 ..............................................................................‬‬
‫‪-2‬الرجوعالصرفيقبلميعادالستحقاق‪102 ......................................................................‬‬
‫ب‪-‬شروطوإجراءاتالرجوعالصرفيونطاقهاالزمني ‪104 ......................................................‬‬
‫‪ -1‬زمناالحتجاج‪105 .............................................................................................‬‬
‫‪-2‬زمناإلعالم ‪108 ................................................................................................‬‬
‫المطلبالثاني‪ :‬اآلثارالقانونيةلنظامالزمنالصرفي ‪109 ...........................................................‬‬
‫الفقرةاألولى‪ :‬سقوطحقالرجوعالصرفيأثرمباشرةلعدمالتقيدبالمواعيدالزمنيةالتخاذاإلجراءاتالشكلية‬
‫(اإلهمال) ‪110 .....................................................................................................‬‬
‫الفقرةالثانية‪ :‬سقوطحقالرجوعبسببالتقادم (مرورالزمن) الصرفيوأثره ‪111 ............................‬‬
‫أوال‪ :‬أحكاممرورالزمنالصرفي (التقادم) منحيثالمبدأ ‪112 ..................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬األثرالقانونيالممتدلمرورزمنالتقادمالصرفيعلىضوءمقاربةالزمنالخاصوالزمنالعام ‪117 .........‬‬
‫المبحثالثاني‪ :‬الزمنفيالعقودالتجارية ‪126 ........................................................................‬‬
‫المطلباألول‪ :‬األهميةالقانونيةواالقتصاديةلعنصرالزمنفيالعقودالتجارية ‪127 ............................‬‬
‫الفقرةاألولى‪ :‬بعضخصائصالزمنفيالعقودالتجارية‪130 ......................................................‬‬
‫الفقرةالثانية‪ :‬أنواعالزمنفيالعقودالتجارية ‪132 ..............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬زمنالمعامالتالعقديةالتجارية ‪132 ........................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬زمنالتقاضي ‪135 .........................................................................................‬‬
‫المطلبالثاني‪ :‬بعضتطبيقاتالزمنفيالعقودالتجاريةومركزهبينمشكلةالزمنالعاموالزمنالخاص ‪136 ......‬‬
‫أوال ‪ :‬المبدأالعاملنظامالتقادم ‪ -‬مرورالزمن – فيالعقودالتجارية (عقدالنقل) ‪138 .....................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االستثناءاتالواردةعلىالمبدأالعامالمقررللتقادمالتجاري – عقدالنقل –‪138 ......................‬‬
‫الفقرةالثانية ‪ :‬مدىصحةهذاالتوجها لقضائيعلىضوءاإلطارالقانونيوالنقاشالفقهي ‪140 ..................‬‬
‫أوال‪ :‬التوجهالقضائيفينظامتقادمعقدالنقل – منخالاللقرارمحاللدراسة‪140 ............................. -‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الموقفالفقهيمنالتوجهالقضائيفيزمنتقادمعقدالنقل ‪141 ..............................................‬‬
‫الفرعالثاني ‪ :‬تطبيقاتعنصرالزمنفيالقوانينالتجاريةالمسطرية (الزمنالمسطري) ‪144 ..................‬‬
‫المبحثاألول‪ :‬التنظيمالقانونيلعنصرالزمنفيقواعدالمسطرةأمامالمحاكمالتجارية‪145 ....................‬‬
‫المطلباألول ‪ :‬التأطيرالقانونيللزمنالمسطريقباللبثفيالخصومةالقضائية ‪146 ................................‬‬

‫‪190‬‬
‫الفقرةاألولى ‪ :‬الزمنالمقررإليداعالمقاالالفتتاحيبالمحكمةالتجارية ‪147 ...................................‬‬
‫الفقرةالثانية ‪ :‬الزمنالمسطريخاللمرحلةالتقاضيابتدائيا ‪149 ...............................................‬‬
‫المطلبالثاني ‪ :‬التأطيرالقانونيللزمنالمسطريبعدالبثفيالخصومةالقضائية ‪150 ............................‬‬
‫الفقرةاألولى‪ :‬الزمنالقانونيخاللمسطرةالتنفيذ‪152 ...........................................................‬‬
‫الفقرةالثانية‪ :‬الزمنالقانونيخاللمساطرالطعنفيالمادةالتجارية ‪153 .........................................‬‬
‫المبحثالثاني‪ :‬التنظيمالقانونيللزمنالمسطريفينظاممساطرالوقايةوالمعالجةمنصعوباتالمقاولة ‪155 ...‬‬
‫المطلباألول‪ :‬التنظيمالقانونيلعنصرالزمنفيمساطرالوقايةمنالصعوبات ‪156 ..............................‬‬
‫الفقرةاألولى‪ :‬اعتمادنظامتصاعديلآلجالخدمةللوقايةمنالصعوباتداخليا‪156 ............................ .‬‬
‫أوال‪ :‬النطاقالزمنيلتبليغالوقائعالمكتشفةإلىرئيسالمقاولة ‪157 ...............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬زمندعوةالجمعيةالعامةلالنعقاد ‪158 ....................................................................‬‬
‫ثالثا ‪ :‬إغفالتنظيمأجألخباررئيسالمحكمةأيةخلفية؟ ‪159 ....................................................‬‬
‫الفقرةالثانية ‪ :‬آليةالزمنفيمساطرالوقايةالخارجيةبينالتحديدواإلبهام ‪160 ................................‬‬
‫أوال ‪ :‬تحديدالنطاقالزمنيوفقسلطةرئيسالمحكمةالتقديرية ‪161 .............................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬التحديدالقانونيلنطاقإجراءاتمسطرةالتسويةالوديةمنحيثالزمن‪163 ............................... .‬‬
‫المطلبالثاني‪ :‬االمتدادالزمنيللحكمالقاضيبفتحالمسطرةبيناألثرالرجعيواألثرالفوري‪164 .............. .‬‬
‫الفقرةاألولى‪ :‬األثرالرجعيللحكمالقاضيبفتحالمسطرة ( فقرةالريبة)‪165 ................................ .‬‬
‫الفقرةالثانية‪ :‬األثرالفوريللحكمالقاضيبفتحالمسطرة ( فترةإعدادالحل) ‪168 .............................‬‬
‫خاتمة ‪171 ............................................................................................................. :‬‬
‫الئحةالمصادروالمراجع ‪175 ..........................................................................................‬‬

‫‪191‬‬

You might also like