Professional Documents
Culture Documents
مذهلة
مذهلة
ُمذهـِـلة
ُمر ُحبًا ،وامسح كل األثر الزائف عن ُمحيط قلبك ،فأنا صاحبة اللؤلؤ األبيض
( جمانة ) ،ربيع عمري ال يتجاوز السادس عشر ،أحالمي عُظمى ال ينبغي عليكم
معرفتها .
مذهلة |3
إلى تلك الكائنة التي اصطادتني من بحر اإلحباط ،و انعشتني بأوكسجين السعادة ،
الحب والشغف ،و زرعت بقلبي حب العم ِل ،وجعلت
ِ وأضافت إلى طبقي نكهة
مني كتلة ثقة ..
شكرا حقا !
ً
أمي
مذهلة |4
كنتُ كوردة جافة تشع ُر بالعطش رأيت ُك ،فارتوت روحي بالحياة .
مذهلة | 10
وفي ُمنتصف الليل وبينما تسبح السماء في السوا ِد ،نظرتُ من النافذة باحثةً عن
أكثر نجمة تش ُع ضو ًء فحت ًما هي أنت .
مذهلة | 14
_ أتمزحين؟
_ ال ،لن أذهب .
_ لم ؟
_ لستُ مستعدةً لرؤية الكثير ينظرون إليك .
_ حقا ً؟
_ نعم ،أنت جوهرتي أنا ،وأنا أخاف على ممتلكاتي من السرقة .
مذهلة | 15
عندما تشع ُر بالحزن ،سأكو ُن ذاك البئر الذي ترمي فيه أحزانك سأكون ملجأك في
سر نحوي وسأضعك بقلبي قبل عيني . أي وقت ،فقط ِ
مذهلة | 21
أترى الدخان الذي ت ُصدره أعضاؤك معلنةً التعب واأللم؟ الجأ لي وسأجعله مجرد
تنهيدة .
مذهلة | 22
لم يكن األمر كأي موضوع عاد كانت قصة قلبين كانت معجزة .
مذهلة | 29
ً
جميال جدًا ،لدرجة إن فكرت برسم لوحة أو كتابة قصيدة أو رواية عنه كان
الشمس لعينيه .
ِ ف احتاللق ذلك عمرك كله فقط وأنت ت ِص ُ
سيستغر ُ
مذهلة | 31
حسنًا أنا اآلن اكتفيتُ بعد ثمانية وأربعين ساعة من النظر بعينيك .
مذهلة | 32
كل ما في األمر أنني أشعر بأن الكوكب فارغ؛ فقط ألنك لست بخير .
مذهلة | 34
عش من شهر مارس تحديدا الساعة ٩ : ٤٩مساء يوم األربعاء أي في الثامن ر
اآلن
وبات الغازية ر ر
أشعر بالجوع ،ليس للطعام أو لشب كأس بارد من إحدى مش ي
المفضلة ال ،بل الجوع الشديد لإلبحار يف إحدى مدن عينيه ..
مذهلة | 36
العمر؟
ِ _ كم تبل ُغ من
_ سنة وثمانية شهور وثمانية عشر يو ًما .
_ كيف ذلك؟!
_ حياتي بدأت منذ التقيتُ بك .
مذهلة | 38
أستم ُد قوتي منك؛ ُكن على ما يرام وسأكون بأفضل حال .
مذهلة | 39
_ لطيف ..
مذهلة | 41
ن ن
حي تتحطم ،و تتألم ،و تنهار كبناية ارهقها الزمن ،حي يخذلك بعضهم و
يعتلك القريب ،حي تفقد األمل و تجلس مكتوف اليدين ،حي تشعر بأن
العالم ضدك وأنه أعلن الحرب عليك ،حي تالحظ أنك خشت المعركة و
انتهيت ،حي تصبح مجرد سجي مدفون تحت طبقات من األتربة و الصدأ ،
ن
إل لن أخذلك .يبعث لك هللا معجزة فقط ليقول لك :عندما تتعب ،الجأ ي
مذهلة | 42
و من بين األصدقاء ،يبقى ذاك الصديق الذي يشغل وقته بوظيفة األب و األخ
الصديق األقرب إلى القلب .
مذهلة | 46
ال شيء يستطيع هزيمتي إال تلك النظرة من عينين حزينين ..ابتسمي .
مذهلة | 47
بمجر ِد رؤيتك لها غاضبةً ومندفعةً بسرع ِة فهد أسود نحوك ،ال تفعل شيئًا فقط قل
عيناك "
ِ لها " :اغرقتني
مذهلة | 48
ال مشكلة في أنك مختلف ،أو أنك تشعر بالغرابة بعض الشيء أو أنك ترى نفسك
الجميع كعدم إعجابك بأح ِد المشاهير مثال ،أو لعدم تفضيلك ألحد
ِ غريبًا عن
بدال عن الرومانسية أو المشروبات أو أحد االطعمة ً
مثال أو ُحبك ألفالم الرعب ً
الكوميدية ،أو ُحبك لروايات الخيال ً
بدال عن الكتب السياسية أو التي تتعلق
بالعلوم ،ك ُحبك لنوع خاص من الموسيقى أو طريقتك في اختيار المالبس ،
كتفضيلك الجلوس بغرفتك برفقة أشيائك الخاصة بد ًال عن الخروج أو كرؤيتك
المختلفة لألشياء كتقديسك للتفاصيل بحذافيرها ،كاهتمامك باألشياء التي يراها
بعض األشخاص ثانوية بينما تعني لك الكثير ،ال مشكلة أب ًدا باختالف أسباب
غضبك عن نفسي الجميع يعلم بغضي لذاك الصوت المزعج الذي يُص ِدره الفم أثناء
السبب تاف ًها بوجهة نظر بعض األشخاص إن كانُ مضغ الطعام ،مهما كان
ِ
يزعجك ال يهم اب ًدا غرابته ،أو كلون بشرتك المميزة والفريدة من نوعها أو شكل
يديك ولون عينيك كطولك ووزنك مثالً ،هذه األشياء تخصك لذا ال ِ
تعط اهتمامك
لذاك العنصري المتطفل ،ال تقلق صديقي اختالفك مذهل .
مذهلة | 49
" هيه " أنتُ ،كن قويا كعصفور دخل إلى فم تمساح فقط لكي يكسب لقمة العيش.
٧مايو ١٩
٨ : ٤٧
مذهلة | 50
أتعلم؟
أفضل هدية وأفضل النعم ،عائلة تقف بجانبك وتسندك .
٢٢مايو ١٩
٢ : ١٥
مذهلة | 51
يذهب إلى
ُ فترس
يهرب من ُم ِ
ُ حينما أكتب ،أشعر أن الحروف تعدو بسرع ِة غزال
تهرب
ُ يهرب بسرعة جنونية خائفًا من أن يُؤكل ،وهكذا حروفي ُ ب مكان آمن، أقر ِ
سرعةً إلى ورقة ،ورقة فارغة بيضاء وحيدة شاحبة ال حياة فيها ،وبعد لحظات ُم ِ
الحزن ،والسعاد ِة ،واألم ِل ،والخيا ِل،
ِ المشاعر ك
ِ ح الورقةُ تعج بالحيا ِة و
ت ُص ِب ُ
ب ،جميعُها تنظم لعائلة صغيرة ت ُدعى " مذهلة " . واالكتئا ِ
مذهلة | 52
_ وميض
مذهلة | 53
كل ذلك التحول في ذاك اليوم المشؤوم ،و برأيي ال داعي للمبالغة في الوصف ..
بال دراما أفضل .
_ عزيزتي ،احضري هذه الحقيبة واقفلي الباب .
_ حسنا أمي أنا قادمة .
فقط هكذا كانت بادئة األمر ،خرجنا كعائلة سعيدة في رحلة ..و لم نكن نعلم ماذا
ينتظرنا في طريق يبدو أن من يذهب هناك ال يخرج حيًّا ،ركبنا السيارة بعد
مناوشات من أبي حول التأخير وإقفال باب السيارة بقوة ،و كالعادة وضعت
سماعاتي في أذني وتجاهلت ما يدور بيننا من حوار ،ال أصدق تلك المعركة التي
قمنا بخوضها ،إن الشوارع في أيام العطل مزدحمة أشعر أننا علقنا في غابة ال
مخرج لها ،أصوات سيارات ..حفيف االشجار ..صوت الطيور ..صفارة
الشرطي ،هذا كل ما سمعته " ،اوه " وال ننسى صوت صراخ أبي ألنني ال أستمع
لما يقوله عن كل بلدة نمر بها ،و كالعادة غضب مني والتزمنا الصمت ،إال صوت
المذياع ظل يرن في أذني ،عم الهدوء في األجواء كانت أصوات إطارات وأبواق
السيارات تقتحم المكان ،مضت نصف ساعة و هاتفي يهتز من هم يا ترى؟
أصدقائي بالتأكيد ،خاب ظني عندما رأيت إشعارا من شركة االتصاالت تذكرني أن
اشتراك اإلنترنت على شفير الموت ..من الجيد أن أحدا افتقدني .
الغيوم تسير وتسابقنا وتحوم وتتشكل مكونة قلبا ،أنا أيضا أحبكم .
توقفت السيارة عند إحدى اإلشارات الضوئية ،يا لهم من أشخاص يدبون الشفقة في
قلوب المشاهدين ،تلك الطفلة مهملة الثياب تجوب الطرقات متأملة أن تأكل فتات
الخبز ،لتسد أنين عصافير معدتها ،و فجأة توقف كل شيء .
مذهلة | 54
حتى الساعة توقفت عن إصدار ذاك الصوت المزعج ،تحطم كل شيء .
أصوات مزعجة مليئة بالصراخ واألنين ،ومليئة باأللوان لكن اللون األحمر يحتل
المكان ،كزائر مجهول أ ُعجب بمالبسي فقرر اختراقها و إحداث ثقوب في جسدي،
لقد جعل من بشرتي لوحة حمراء وكان راسمها الزجاج ،سمعت أختي تصرخ
فنظرت إليها بطرف عيني ،كانت في حال ال يرثى لها زحفت باتجاهها واقتلعت من
جسدها نبتة شائكة تدعى " فتات الزجاج " ،و هي تئن ثم فقدت الوعي .
كل ما أذكره تلك األلوان الحمراء و الزرقاء وأصوات اإلنذار والناس يقولون :ال
أحد يقترب منهم ،وصوت عجوز تقول :ال تقلقوا سيذهبون في رحلة ثم سيعودون،
كنت أريد الصراخ ..ألنهم يعبثون بهاتفي" ،هيه " أنت ،أنت من ترتدي معطفا
أسود ..من أين اشتريته إنه جميل ،أقصد كف عن العبث بهاتفي ،وبعد هذا ال
أذكر شيئا مما حصل ،فتحت عيناي و إذا بي أرى أضواء مزعجة تكاد احتالل
مقلتي ،هيه ما بكم أال تشعرون؟ ابعدوا هذا الشيء األبيض عن وجهي ،حاولت
رفع رأسي لكن تلك األسالك المتصلة بجسدي تقيدني ،ومع هذا نهضت و قطعت
األسالك مما سبب بجرح بسيط في يدي اليمنى ،جلست وألقيت بهذا المزعج األبيض
على األرض ،ومن ثم أتوا مجموعة من ....ماذا يطلقون عليهم ؟ ال أدري لكنهم
يرتدون األبيض ..ترى هل أنا في الجنة ؟ نادتني فتاة أو امرأة ال أعلم بالضبط
وهمست بصوتها الناعم الجميل :اجلسي عزيزتي شعرت بالغيرة من صوتها ،إنه
جميل حقًّا ..قلت لها :أين أنا؟ ومن أنت ؟ ..ابتسمت وقالت :ال تقلقي ،حدث
معكم حادث بسيط و والداك بخير ..وأثناء اكمالها لحديثها ،الحظت أسنانها إنهم
ناصعوا البياض ترى هل تأكل هذه؟ قطعت أفكاري وقالت :هل تشعرين بالجوع ؟
هنا أصدرت معدتي أصواتا وكأنها تقول "نعم من فضلك" ..فأومأت بالموافقة .
مذهلة | 55
رحلت وتركتني جالسة محدقة بالسقف " ،اووه " أنا ال أستطيع الجلوس هكذا ،
نهضت وسحبت ذاك الشيء السائل ال أعلم ما اسمه وتجولت بالغرفة قليال ثم
اتجهت إلى النافذة ونظرت خارجها ومن ثم تذكرت ما حصل ولماذا أنا هنا ،فأتت
هذه الجميلة نسيت أن أقول لكم :إنها تمتلك شعرا أسود قصيرا ،يعجبني شعرها !
وعيونا كلون القهوة ،وقالت :عزيزتي انهضي لقد تأخرت عن مدرستك ،أمعنت
النظر بتفاصيل وجهها المألوف وقلت لها :لم أسمع ماذا قلتي مجددا ؟ فقالت :
حبيبتي ما بك؟ هيا انهضي .
فتحت عيناي وإذا بأمي جالسة بجانبي وعالمات االستفهام تدور حولها ،وقالت :
عزيزتي مع من كنت تتحدثين؟ فقلت لها :أين أنا؟ بدأت بالضحك وقالت :لقد
أعددت الفطائر هيا انهضي ،إن الساعة السادسة والنصف ،نهضت واتجهت إلى
المرآة وأنا أتفقد جسدي ،اووه إنه كابوس آخر من كوابيسي الجميلة ..ترى ما
عنوان كابوسي القادم ؟
_ عزيزتي ؟
_ أنا قادمة أمي .
مذهلة | 56
دخلت المقهى حيث اتفقت معي صديقتي ،وضعت هاتفي بجانبي وكتابي المفضل
وتركت عيني تجوب الطرقات خارج الجدار الزجاجي الذي يضفي جماال للمقهى ،
دخلت صديقتي وكأنها أميرة في إحدى الروايات ،ترتدي فستانا قصيرا أزرق اللون
تشبه سندريال لكن بشعر أسود ،جلست أمامي وبدأت بإلقاء التحية " :هاي "
إدوارد ،عزيزي قد اشتقتك كثيرا ،تبادلنا األحاديث وعصفت بنا رياح الضحك
وكأنها موجة صقيع بنكهة حب ،طلبت مشروبها المفضل وأنا اكتفيت بقهوتي
الباردة ،كنت قد زرت بيتها قبل أيام وألقيت التحية على أمها إذ لم تكن موجودة في
منزلها فقلت لها ذهبت لبيتك قبل عدة أيام وأمك قد أضافت ليومي نكهة البسكويت
والحليب بالشوكوالتة ،نظرت إلي و قامت برفع حاجبها األيمن ثم قالت :عزيزي ،
ما بك؟ أمي قد توفيت منذ ثالث سنوات ،لحظة ماذا؟ أطلقت ضحكة عفوية ،
فنظرت إلي باستغراب فقلت :عزيزتي أتسخرين مني؟ فقالت :ال ،ما بك؟ قد
حضرت جنازتها ،لم أتمالك نفسي و استأذنتها للخروج ،دفعت حساب المشروبين
وألقيت نظرة عليها لكن أين هي؟ قد كانت هناك مباشرة جالسة على المقعد
وتحتسي مشروبها فقلت بنفسي أعتقد أنها همت بالمغادرة ،أدرت ظهري بناحية
النادل لكن أين هو؟ قد كان واقفا أمامي ،التفت إلى الوراء فرأيت الدخان يتصاعد
إلى الخارج ،إن المقهى سيصبح كالبسكويت المحترق ،بدأت أبحث بالمقهى عن
الزبائن كي أنقذهم لكن في الحقيقة ال يوجد أحد في المقهى سواي ،خرجت من
المقهى وأنا أتنفس الصعداء والخوف يرتابني ،سقطت جاثيًّا على األرض من ألم
رأسي المستمر فأمسك بي شخص من المارة فقلت له :احضر اإلسعاف ،أحضر
اإلطفاء؛ إن المقهى يحترق !
مذهلة | 57
نظر إلي بتساؤل وقال :عفوا سيدي إن هذا المقهى قد احترق منذ سنين ،نظرت
إليه والقلق يسكن وجهي فقلت له :صديقتي ـ و ذكرت اسمها و عنوانها ـ فقال :
سيدي أأنت من خارج المدينة؟ قلت :ال ،قال :إن هذه العائلة لقت حتفها في حادث
سيارة شنيع ولم ينج أحد من أفراد العائلة ،سقطت جاثيا على األرض وكان آخر
صوت سمعته صوت شخص يقول :نحن نفقد المريض .
مذهلة | 58
"ص.م"
أقسم إنني قرأت هذه الرواية آالف المرات إال أنني أقف عند هذه الفقرة في كل مرة،
و أسرح بتفكيري ..أعني كيف تختفي األشياء التي بدت و كأنها لن تختفي يوما،
كيف تموت بثوان قليلة وألسباب ليست مقنعة غالبا ،ارتشفت قليال من قهوتي
وتذوقت طعمها المر وصدقوني أنا لست من هواة القهوة التي بال سكر لكنني
احتسيها ،مرت دقائق وأنا أراقب ذاك العصفور الحزين ،لم يجب على كل شيء أن
يكون معقدا إلى هذا الحد ،سيكون األمر جميال إذا رضيت تلك العصفورة عنه على
ما أعتقد أنه اقترف ذنبا ويصعب مسامحته ،ترى ماذا فعلت يا عصفوري الصغير؟
مذهلة | 59
وكأنه فهم أنني أتحدث عنه بعقلي ظل يحدق بي بطريقة غامضة ومخيفة قليال ،
طارت عصفورته وكأنها غضبت منه لتحديقه إلي بالنهاية إنه مجرد عصفور .
بدأ يقترب شيئا فشيئا ويتغير شكله أيضا ،بدأ يكبر ويكبر ويتحول لونه إلى
األبيض ..ما ..ما ..ما هذا ! أأصبح ..رج ..رجال؟ لكن لم يرتدي هذا الزي
المخيف ،الجميع يعلم أنني أبغض المهرجين ،بدأت أشعر بضيق النفس سوف
أخرج .
_ انتظريني .
نظرت حولي ،كان محقا لم يكن هناك احد ،بل إن المقهى شبه مهجور أنا كيف
دخلت إلى هنا؟
مذهلة | 60
_ هل تسمحين؟
فتح يده ومدها إلى األمام معلنا نفاد صبره والشرار الذي تصاعد من عينيه .
خرجت من المقهى برفقة ذاك المدعي بأنه يعرفني في الواقع أنا ال أذكر مصاحبتي
للطيور ،سرنا بشارع شبه فارغ متجهين إلى حديقة تقع بالقرب من المقهى ،قصدنا
كرسيًّا معزوال قليال عن الحديقة جلسنا و الصمت يؤثر على األجواء وعالمات
السؤال تدور حولي ،والكثير من األسئلة تجوب طرقات عقلي ..
_ إذا ..
ما به هذا؟ ..أكاد أفقد صبري ،سوف أذهب مللت لعبة " احزر ما اإلجابة " .
_ هل تريد شيئا؟
_ ألديك عمل هام؟
_ ال ،فقط لدي بعض األعمال المنزلية .
_ أراك غدا اذا.
_ لم ؟
_ ليس لكل سؤال إجابة .
_ غموضك يرهقني قليال.
نهض ورفع طرف شفته ،لكنني أشعر أنه ابتسم مالطفة ليس إال ..و غادر.
بقيت واقفة أنظر إليه وهو يسير بقناعه المرعب ومالبسه المخيفة ،إلى أن أختفى
عن مدى بصري أمسكت كتابي ولففت وشاحي على عنقي وعقدت سترتي جيدا
وقصدت منزلي طالبة الراحة .
مذهلة | 63
_ اآلن؟
_ نعم ..
_ ال أعلم ..لكن أين؟
_ أنا أمام منزلك .
_ ال يوجد أحد في منزلي ،أنا أعيش وحدي وال يمكنني إدخالك .
_ أعلم أنك هجرتي عائلتك في الخامس و العشرين من شهر سبتمبر يوم الجمعة
الساعة السابعة صباحا .
_ من أين تعرف كل هذه المعلومات ؟
_ قلت لك ..ستعرفين كل شيء في النهاية ..
_ وأي نهاية تقصد ؟
_ أيمكنني الدخول ؟ ..إني أتجمد هنا.
ال أذكر كيف نزلت الساللم واألضواء مطفأة ..لكنني أذكر أني لمحت قطتي تعبث
بكيس في المطبخ ،فتحت له الباب وأضأت األنوار ،لكن ماذا يحصل؟ أين قناعه ؟
مذهلة | 65
_ شكرا لك .
_ على الرحب والسعة ..تفضل .
_ هنا؟
_ نعم بالقرب من المدفأة سأحضر كوبين من الشوكوالتة الساخنة ،أيمكنك إشعال
النار؟
_ كما تريدين عزيزتي .
أقال عزيزتي ؟
أنا مرهقة وأشعر بالتعب والنعاس وعصافير بطني تزقزق ،ما به هذا هل يوجد
على هذا كوكب شخص يزور آخر منتصف الليل؟
_ أتذكر آخر مرة أتيت هنا .
_ أتيت هنا ؟
_ نعم ،كان قبل أربعة عشر شهرا ويومين .
_ وكيف كنت تأتي؟ أي أين كنت أنا ؟
_ كنت بالعمل ،أو في المقهى المفضل لديك .
_ غيرتي الديكور كثيرا ،أتعلمين ؟ لم أكن أعرف أنك تهتمين بالفن .
قال هذا و هو يحدق بلوحة فنية كنت قد اقتنيتها قبل شهر .
الساعة الواحدة فجرا و لدي عمل الساعة الثامنة صباحا ولم أنم جيدا ..متى سيرحل
هذا؟
_ إذا ..
_ إذا ؟
_ ألم تفكري بسبب مجيئي اآلن؟
_ كنت أنتظرك لتقول لي .
_ أنت في خطر.
_ ماذا تقصد ؟
_ سيؤذونك ..
_ من؟
_ جميعهم .
_ متى وكيف ؟
فتحت عيناي وكادت مقلتاي أن تصابا بالعمى من شدة األضواء المسلطة على
وجهي .
_ هل أنت بخير؟
_ نعم ..أشكرك .
_ فلتعودي إلي مجددا بعد شهر ،فحالتك النفسية ليست جيدة وأرجوك التزمي
بوصفتي الطبية و لتتناولي دوائك كل صباح .
_ أشكرك مجددا وأعدك سألتزم بدوائي هذه المرة .
_ كوني بخير دائما ،ومن فضلك نادي المريضة التالية .
_ حسنا .
خرجت من عيادة الطبيب النفسي واشتريت دوائي لكن ماذا سيحدث بعد شهر؟ و
ماذا سيقول لي
ص .م يا ترى ؟
مذهلة | 69
_ كيف تعرفينه؟
_ نهاية سيئة تكون اقسم.
_ حسنا حسنا ال داعي للغضب .
_ أتذكرين ما قال؟
_ ماذا قال؟
_ سيؤذونك.
_ فليفعلوا ما يريدون أنا ال أمانع .
_ لكنه لم يكن يمزح آنذاك..
_ ماذا تقصدين؟
" الشاب الذي يسكن بجانب منزل عائلة الفتاة " :
_ ترى ما بهم يصرخون؟
ارتديت بقدمي اليمنى حذائي وفي اليسرى فردة جواربي ومن السرعة أكملت رداء
قميصي في طريقي إليهم ،وعندما وصلت كانت المفاجأة ،فتاة تبلغ من العمر سبع
عشرة سنة مقتولة بطريقة عنيفة وأشالؤها في كل أنحاء الغرفة ،اذاك اصبعها في
زاوية الغرفة؟ صوبت المصباح عليه كان مليئا بآثار أسنان حادة
من المجنون الذي يأكل لحما من نفس فصيلته
وجهها مشوه لدرجة أنني ال أستطيع تفريق فمها عن عينيها إن المنظر يسبب حفلة
ألم في معدتي ،خرجت من بين رجال الشرطة ورجعت إلى بيتي وأنا أكاد أفقد
صوابي ،وأتذكر أني نمت على أصوات صفارات اإلنذار وصوت أم الفتاة وهي
تصرخ .
مذهلة | 73
عيناه يحتلهما الليل كان غريبا بعض الشيء ،ال أعلم ماذا يفعل هناك ،كان يحدق بي
كشاب معجب ال أكثر لكن ما هو بالضبط ؟ أهو شخص؟ إنسان؟ مممم كائن
فضائي؟ أنا لم أر عينين بهذا الجمال من قبل كانتا واسعتين ولونهما أسود قاتم
ورموشه ترتدي األحمر أمام الشمس ،لكنه خجول بعض الشيء أنحن بجنازة ؟ ما
به حزين هكذا ؟ ولم يرتدي اللون األسود؟ أهو ساحر؟ أو ممثل في مسرحية مثال ؟
كان يرتدي رداء أسود اللون وشعره طويل ،طويل جدا بدأت أشعر بالغيرة قليال
شعره أجمل من شعري
" نظرات مخيفة "
ممم ههه ما به هذا ؟
( صوت قهقهه )
أمسكت بكتابي وجعلت عيني تحتضن ،نظرت بطرف عيني ما زال ينظر بتلك
النظرة الغريبة ،بدأت أشعر بالخوف سوف أذهب ،بدأت أسير و أنا أضع سماعاتي
وأستمع إلى مطربتي المفضلة ( بيلي ) ،شعرت بحركة بجانبي فرأيته يحدق بي
ويسير بقربي ،واآلن حقًّا اشعر بالخوف ،نظرت إليه و رفعت طرف شفتي قليال،
صراحة لم أبتسم محبة ،بل خوفا ،شكله مخيف ومثير للشفقة و يداه ال أدري لكنهما
مخيفتان ،ومجروحتان ال أستطيع العثور على الكلمة المناسبة لوصف شكله .
سألته بصوت هزيل :عفوا هل تعرفني ؟
ضحك ضحكة مخيفة وهو يحدق بي ،وظل يضحك و يضحك ..أسنانه ؟ يا للهول
ما هذا الشيء !
مذهلة | 74
فحضنته وقلت :أشكرك لوجودك معي دائما بينما الجميع خذلني بطريقة مؤلمة .
فقال :ال تقلقي هذه البداية فقط ،سيشهد هذا الكوكب كارثة دموية .
فأجبت :ال يهمني ،أنا أحبك .
قال لي بنبرة غضب :ال تحبي شخصا يؤذيك و يدمرك في كل ثانية و يفتت قلبك
جزءا جزءا .
قلت له :يا صاح ،أنت جميل بنظري .
أمسكت بيده و أكملنا الطريق .
و ها نحن مع بعضنا كالشيء الواحد الذي يصعب تفريقه باألدوية أو مهما كان
العالج ،أحبك يا ألمي الجميل .
مذهلة | 76
ما زلت أذكر رائحة السجائر في ذلك المقهى الذي احتضن ذكرياتي ورافقني في
الفرح و الحزن ،أتذكر دخان السجائر الذي كان يعلو سقف المقهى ،كان المقهى
خشبيًّا من الداخل تعلوه مصابيح كتلك التي نراها في السماء ،كان مزعجا
واألصوات عالية ،لكني كنت أضع سماعاتي الخاصة وأستمع إلى الموسيقى الهادئة
التي تنسيني الواقع الذي أعيشه ،إلى أن يأتي النادل ويبدل لي المشروب الغازي
الذي أطلبه وال أشربه ألنني أكون أغوص بين صفحات كتابي وأتعاطف مع بطل
الرواية يا له من بطل ! يسأل النادل سؤاله المعتاد :آنستي أأحضر لك مشروبا
أخر؟ فأومئ بالقبول لينتهي يومي في ذاك المقهى وأبقى "كالعادة " آخر شخص
جالس على الطاولة ذاتها يشرب المشروب ذاته ،وبعدها ينادي علي مدير المقهى
ألستيقظ من عالمي الجميل فيقول لي :سأقفل المقهى ،فأجيبه بكل هدوء مع ابتسامة
صغيرة :أنا قادمة .أقوم بالتقاط أغراضي وكتبي وأشرب المشروب الذي كان
ينتظر أجله منذ ساعات وأخرج من المقهى مودعا طاولتي التي سأجلس عليها غدا .
مذهلة | 77
عددت الخراف كي أستطيع النوم قليال واحدا تلو اآلخر ،واحد اثنان ..خمسة ستة
..تسعة عشرة ...لكن عقلي قادر على عد جميع األسباب التي تجعلني مستيقظة،
لذا قررت الخروج والمشي كان الظالم حالكا ،ال تستطيع رؤية شيء باستثناء تلك
المصابيح التي تزين السماء شعرت أني أدور بمتاهة ليس لها نهاية ،فقط أمشي
دون هدف أو وجهة محددة قطعت الشارع بأكمله ووصلت إلى الئحة كتب عليها
كي تذهب إلى مدينة الخيال انعطف يمينا ،وأسفلها كتب كي تذهب إلى مدينة الواقع
انعطف يسارا ،ماذا ؟ واقع وخيال ؟ سلكت الطريق األيمن فكان هو الطريق
المضيء وفي الحقيقة يكفيني ظالما ،بدأت أعدو و كأنني طفل في عمر الخامسة
يسابق رياحا باردة في فصل الشتاء والعرق يتصبب منه ويمتزج مع قطرات المياه
المتساقطة من أثر بكاء السماء ،توقفت قليال كي ألتقط أنفاسي فلمحت طائرا غريبا
على هيئة حصان ،نعم على هيئة حصان ،أووه قد نسيت أنا في مدينة الخيال ،هه
وأي خيال هذا ؟ حقا ؟ حصان مجنح ؟ أهم يطيرون به أم ماذا؟ أكملت سيري وأنا
أبطئ من سرعتي وأطلقت سراح عيني لتكتشف جمال هذه المدينة ،إنها حقًّا من
الخيال ،الزهور والبساتين مثلما كنت أحلم تماما رأيت بنايات مزخرفة وجميلة لكن
لحظة ،في أي عصر نحن ؟ لم يرتدون هذه الثياب ؟ وأين انا ؟ رأيت فتاة شقراء
وشعرها كما وكأنه شرب كأسا من الذهب ،كانت عيناها مثل لون السماء وجسمها
كما وكأنها لوحة رسمها فنان ،كانت ترتدي فستانا ريفيًّا أزرق اللون وتضع قبعة
بيضاء اللون والرياح تداعب خصالت شعرها فتطير مع كل نسمة وتنسدل على
كتفيها بجمال ،كانت تحتضن كتابا للكاتب الشهير" بوكوفسكي " في الحقيقة الجميع
يحملون الكتب ،روتني بكالمها العذب و قالت :مرحبا أيتها الجميلة ،لحظة من
الجميلة ؟ أنا ال أقارن بها فكيف تقول عني جميلة ؟
مذهلة | 78
فقلت لها :مرحبا ،و لم أكاد أكمل حديثي فقد جاءني صوت مألوف يقول :
انهضي الساعة الثالثة عصرا ،ماذا ؟ لم أسمع جيدا ؟ أنا أهذي ،أتى ذاك الصوت
مجددا و قطع حبل افكاري وعندها رأيت تلك الفتاة تتالشى و تصبح كالوميض،
فتحت عيناي فإذا بي أرى غرفتي وأمي جالسة بجانبي تنتظر مني اإلجابة " ،اووه"
حسنا أماه لقد استيقظت ! ،ذاك كان حلما ؟ لم ! ..تلك هي الحياة التي كنت أحلم
بها ،حياة ريفية ال تحضر ال تكنولوجيا فقط ثقافة ومبادئ ،الزراعة والحصاد
والكتب والكتابة والروايات وأبيات الشعر ،ذاك هو الحلم الذي كنت ألتمسه وأريد
حياة كتلك الحياة البسيطة البعيدة عن الكذب والخيانة والسرقة فقط الصدق و
التفاصيل الصغيرة ،ببساطة .
مذهلة | 79
ذهبت إلى المنزل المهجور وأنا أنظر بقلق إلى ساعتي ،فقد هاتفني شخص غريب
وطلب مني أن آتي إلى هنا وبسرعة ،فقال :أنا أنتظرك في المنزل المهجور ـ كما
يسمى لدينا بالمنزل المخيف ـ في أعماق الغابة لديك فقط عشر دقائق إن لم تأتي
فقولي وداعا لصديقتك ،وعندها سمعت صديقتي تصرخ وتنادي باسمي فلم أتمالك
نفسي وذهبت مسرعة إلى المكان المقصود وأخذت معي سكينا إذا لزم األمر ،بدأت
أمشي وقدماي ترتجفان خوفا و يداي ترتعشان ،كنت أمسك بمصباحي بيدي اليمنى
و تلك اليسرى تطوق السكين ،في طريقي واجهت أعشاش العناكب وصوت الذئاب
وهم يأكلون وكنت أدعي هللا أال أكون الحلوى بالنسبة لهم ،وصلت إلى المنزل
المخيف ووقفت لوهلة أتأمله ،كان مخيفا ومظلما وبابه محطم ،شددت على
السكين و دخلت وعندها أطفأت المصباح ألنني ال أذكر أني دعوت زوارا
ليقتلوني ،طوبة وراء طوبة ،درجة وراء درجة يبدو بنظري سلما هذا كل ما رأيته،
إن المنزل يسبح بالسواد كثوب أسود في جنازة ،بدأت أصعد ألعلى الطابق الثاني
وأنا أضع يدي على شفتاي خوفا من أن يسمع صوت تنفسي " وأقصد بقولي هو من
سيستمتع بقتلي" ،عندها لمحت سائال قاتم اللون يلطخ درجات الساللم من أعلى
صادرا من جسم طويل منهك ومرعب قليال ،يبدو أن قاتله قد مارس جميع أنواع
الضرب والتعذيب على جسده ،بت أسير في ممر طويل يؤدي إلى ثالث غرف .إن
الضوء خافت قليال فأضأت المصباح وبدأت بالبحث عن كائن خائف يحتله الدموع ،
دخلت إلى غرفة محطم بابها وقمت بتأشير المصباح ،أشعر أنني ألعب لعبة"
الغميضة "مع صديقتي ،سمعت صوتها من خارج الغرفة آتيا من آخر الممر
فركضت وحضنتها و بدأت تبكي وترتجف فقد شاهدت للتو فيلما مرعبا وكانت هي
الضحية .
مذهلة | 80
فهمست أأنت بخير؟ فقالت :قد خرج ال أعلم أين ،أنا خائفة دعينا نخرج اآلن .
أمسكت يدها وجعلتها وراء ظهري وتخطيت الجثة ونزلت الدرج فرأيت شخصا
تكسوه مالمح الغضب ومالبسه ممزقة ومشبعة بتلك المادة وفي يده يحبس سكينا،
فتجمدت في مكاني وأنا أحاول إخفاء خوفي ،عندها حاول اإلمساك بي فدفعته إلى
أسفل الدرج فوقع وارتطم رأسه ،فصرخت بصديقتي :هيا دعينا نخرج من هذا
المنزل ،ركضت و نزلت الساللم فأمسك بأسفل بنطالي وأخرج ضحكة مخيفة وقال
وهو يبتسم :لن أدعك تنجين من هذا وسأجعلك تترجين ألرحمك .
كنت خائفة لكنني أخرجت للتو وحشا بداخلي كان مدفونا بصندوق وشبه منسي قد
ثأرت لجميع الجثث وطعنته مرارا وتكرارا و صرخت بوجهه :هذا من أجل
صديقتي وهذا من أجل الجثة في أعلى الساللم وهذا من أجل خوفي وهذا من أجل
تضييع وقت نومي ،إلى أن تنفست الصعداء وأمسكت بيد صديقتي وقلت :اآلن
يمكننا الخروج بسالم ،خرجنا من المنزل اللعين تاركة ورائي جثة شريرة وبيت
حزين ،نظرت إليه آلخر مرة وصرخت بصوت تكاد المخلوقات التي تسكن جوف
األرض أن تسمعني وقلت :تبًّا لرحمتك أسمعت يا هذا ! .
مذهلة | 81
و أثناء تجوالي في ممرات المستشفى ،سمعت نداء عاليا بصوت حزين ينشر الشفقة
في أذني المستمع آتيا من آخر الممر ،بت أعدو وأجر حلقة من اآلالم و اآلهات،
كنت أجري كفتاة أضاعت أمها في وسط حشد كبير من الناس ،ال أعلم أأنا فقدت
عقلي؟ أم أن ذاك كله من تأثير جلسات العالج من مرضي المتطفل الخبيث ،قطع
حبل أفكاري عندما رأيت تلك المادة الحزينة قاتمة اللون تلطخ يدي فتى صغير يبكي
ويصرخ كطفل رضيع يطلب االهتمام ،تالشى صوته وأصبح كاألنين نهض
وهرول نحوي ومن ثم اختفى ،عندها شعرت بحركة أسفل قدمي و إذا بي أرى فتى
مالئكيًّا ذا أعين حمراء وكأن دموعه شالل يصب من عينيه منتهيًّا على خديه بقسوة
،حملته وعانقته و ربت على كتفيه وأنا أهمس في أذنه " :سيكون كل شيء على ما
يرام يا صغيري" ،فجأة رفع رأسه عن كتفي وجعل عينيه تواجه عيني ومن ثم قال:
أنزليني على األرض اآلن ،وضعته برفق على األرض ومن ثم نهض و أدار رأسه
ناحيتي قليال وقال :شكرا فلم يكن أحد يهتم بي أو يعطف علي ،كنت أريد التحدث
والتعليق على كالمه إال أنه قاطعني بقوله :اآلن فهمت ،يجب علي االعتماد على
نفسي وأن أعطف وأهتم أنا بنفسي ،و من ثم خطا خطوات صغيرة والتفت إلي
وبادرني بابتسامة بريئة وغادر ،جلست على األرض وأسندت ظهري على حائط
كئيب يسرد قصة أناس خذلتهم الحياة ،وضعت يدي على رأسي طالبة من الصداع
التروي قليال وإنهاء تلك الحفلة التي يقيمها داخل رأسي ،لم أعد أرى أمامي جيدا
فكان كل ما حدث كوميض حلم سيء ..و اآلن ماذا حدث؟ من ذاك الطفل؟ و لم
كانت تغطيه تلك المادة؟ و لم كان يبكي و يصرخ بأعلى صوته؟ بدأت أفكاري
تعصف بي كرياح غاضبة ،وأما ألم رأسي؟ كان كالبرق في وسط فصل الشتاء
لحظة ! مممم أذاك الطفل ..؟ نعم على األرجح أن ذاك الطفل المليء بالمشاعر الذي
يحتاج إلى رعاية ..كان أنا .
مذهلة | 82
رأيته ..أقسم إني رأيته ،كان مرتديا معطفه األسود ووشاحه األصفر وقبعته
الصوفية والبخار يخرج من فمه وصوت اصطكاك أسنانه يوحي للمشاهد أنه يتجمد
من الداخل ،كان ممسكا بكتابه المعتاد ويقرأ كل سطر وعيناه تحدقان بالكتاب وكأنه
نسي العالم المحيط به ،وهو اآلن في عالمه الخاص يبحر بسفينته بين صفحات
الكتاب ،نظر إلي وهو يمرر يديه بين خصالت شعره ذات اللون العسلي وابتسم
وعادت عيناه إلى بحر األحالم قد ابتسم ،نعم ابتسم وهل هذا يهم؟ كان يضرب
األرض بقدميه محدثا صوتا مزعجا ..سأصرخ إن لم يتوقف ،هه و كأنه سمع
أفكاري فقد توقف .كان جالسا وكتفاه بارزتان بشموخ وشعره يتطاير مع الريح
وعطره يسبح بالجو ،ممسكا بكتابه كما وكأنه يمسك بشيء مقدس ،نظر إلي وأخرج
ضحكة عفوية وغرقت عيناه بعيني وكأنه يقول وداعا إلى اآلبد وتالشى ظله مع
آخر هبوب للرياح .
مذهلة | 83
كان البيت يحترق كطعام أسود ،كان كمدفأة متسخة من األتربة والغبار ،تتشبع بها
سيئات الناس واألعمال القبيحة ..ال أعلم لكن جميع حروف اللغة العربية ال تستطيع
تكوين كلمة تعبر عن بشاعة المنظر ،كانت النيران تتصاعد إلى األعلى وتخرج من
نوافذ المنزل ،كان المنظر مرعبا كفيلم مخيف في منتصف الليل كان كشبح يقبض
على رقبتك ويحاول إنهاء حياتك ،كان ذلك المنزل يجمع أفكاري وأعمالي وجميع
تلك األشياء المهمة ذات المكانة العظيمة لقلبي ،رؤية ذاك الحريق ترك طابعا مخيفا
في ذهني ..نار حمراء يمتزج لونها مع األزرق واألخضر وذاك الدخان الحزين
يرتفع إلى األعلى معلنا إرهاقه من ألم عينيه ،كان الطقس حزينا كجنازتي أو نسيان
أحد األشخاص المفضلين ،كان الرعد والبرق يفرضان غضبهما على المدينة ..
يصرخ الرعد بأعلى صوته ويحاول إخراج جميع تلك األشياء المؤلمة داخل قلبه
المرهف ،وكان البرق يعبر عن حزنه بتلك الشرارة الكهربائية ويحاول تهدئة
أعصابه بأي شخص من المارين ،و أيضا تلك النار الحزينة والمرعبة والغاضبة
قليال المليئة بجميع تلك المشاعر المكبوتة داخل فؤاد حزين ما زالت ترتفع و تزداد
رعبا ..
ذاك المنزل المحترق المهمل الحزين الغاضب المرعب ،كانت تلك الحياة التي
تقتحمني .
ذاك هو منزلي .
٢٩أكتوبر ١٩
مذهلة | 84
_ هش
مذهلة | 85
كنتُ أظن أنه يمد بيده نحوي إلنقاذي ،لكنه دفعني إلى الهاوية .
مذهلة | 93
من الصعب أن تكون أنت األبيض بين عالم محبط تكسوه الظلمة .
مذهلة | 97
إلى أولئك الذين رحلوا ،قد رحلتم أنتم ورحل كل شيء .
مذهلة | 101
األمر مزعج ج ًدا ،لم يكن كاصطدام إصبع قدمك الصغير بطرف الباب هذه المرة،
تراق لسانك من أثر شرب حساء ساخن .
ِ بل كان كاح
مذهلة | 102
أن تستيقظ بمزاج سيء ولديك الرغبة في فعل ال شيء والعودة للنوم ،أن تنهض
عن سريرك ليس ألنك تري ُد ذلك بل ألنه واجب عليك أن تنهض في الثالثة مسا ًء؛
لتسحب قدميك واحدة تلو األخرى وتغسل وجهك و تنظر في المرآة لتجد نفسك
السيئة وتعود لفراشك ،روتين ممتاز .
مذهلة | 106
ال تقلق علي ،أنا بأفضل حال أمامك أما خلفك أقوى من البنيان .
مذهلة | 109
_ مرحبا ً .
_ أهالً .
_ كيف حالك صديقي؟
_ أنا اآلن بين األلف والباء وبين الواحد والصفر ،أنا بعيدة ج ًدا كمسافة الصفحة
األولى من رواية ذات ألف صفحة ،أنا بخير حقا لكن هناك لغات غريبة داخلي تنكر
صحة قولي ،لستُ حزينةً أنا فقط مليئة بآالف المشاعر التي تحتل الشخص عند
حدوث زلزال بحياته كموت أمه ً
مثال ،أنا بأفضل حال لكنني أشعر بالجوع لتلك
االيام البريئة البعيدة عن كل هذا التصنع الذي نعيشه اآلن .
أنا بخير حقا .
مذهلة | 111
كل ما في األمر أن ما يحدث مجرد كابوس ،إذًا لماذا أرى الوحش أمامي ؟
مذهلة | 113
األم ُر يشبه اعتقادك بأنك مجرة ،بينما في الحقيقة أنت مجرد نجمة .
مذهلة | 115
ال تحاو ِل القضاء علي أنا هش يا صديقي ،لكنني صخرة فأؤذيك .
مذهلة | 116
و كأن الساعة فتاة في مرحل ِة المراهقة ،ال تري ُد النهوض تريد النوم ،وفقط النوم.
مذهلة | 118
و كأنك منزل مهجور مخيف ،لكنك في الحقيقة ُمحطم ليس إال .
مذهلة | 119
يعود سبب عدم مقدرتك على الضحك؛ أن بعض أعضائك تقيم جنازةً لقلبك الميت .
مذهلة | 120
إن األمر يشبه قوة تلك األشواك التي تقطن ظهر القنفذ ،لكنه في الحقيقة ضعيف
ضعيف للغاية .
مذهلة | 122
كان دوما ً يخبركم أنه ليس على ما يرام ،لكنه كان يضحك عوضا ً عن ذلك تلك
كانت طريقته.
مذهلة | 123
األم ُر مزعج ج ًدا ،كاصطدام إصبع قدمك الصغير بطرف الباب في طقس بارد ،
لكن تلك التي اصطدمت كانت روحك البائسة .
مذهلة | 124
في الخامس عشر من شهر ديسمبر من سنة ألفين وثماني عشرة ،أقمنا أنا
وأفكاري حدا ًدا مظل ًما ،مر وقت طويل وأنا مصابة بالعمى .
مذهلة | 126
األم ُر يشبه طلبك للمساعدة من جس ِدك لكي تنجو من الغرق ،لكن كل ما يفعله هو
شدك إلى القعر .
مذهلة | 127
و ما زالوا يعتقدون أنني مجرد خادمة ،ال جاه لي وال عائلة .
٨مايو ١٩
٧ : ٥٥
مذهلة | 135
أعل ُم أنك ستستيقظ بعد حلم تتمناه لو أنه حقيقة ،لكن ليس سيئًا أن تبتسم ولو
لخمس دقائق .
٧مايو ١٩
مذهلة | 137
الساعة اآلن الواحدة بعد منتصف الليل وأنت ما زلت وحي ًدا يا صديقي ،لكن تفاءل
ً
قليال فإن الحائط بجانبك لتتكئ عليه .
٧مايو ١٩
مذهلة | 138