You are on page 1of 138

‫مذهلة‬ ‫‪|1‬‬

‫ُمذهـِـلة‬

‫المؤلف ‪ُ :‬جمانة الكساسبة ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪|2‬‬

‫" المقدمة "‬

‫ُمر ُحبًا ‪ ،‬وامسح كل األثر الزائف عن ُمحيط قلبك ‪ ،‬فأنا صاحبة اللؤلؤ األبيض‬
‫( جمانة ) ‪ ،‬ربيع عمري ال يتجاوز السادس عشر ‪ ،‬أحالمي عُظمى ال ينبغي عليكم‬
‫معرفتها ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪|3‬‬

‫" اإلهداء "‬

‫إلى تلك الكائنة التي اصطادتني من بحر اإلحباط ‪ ،‬و انعشتني بأوكسجين السعادة ‪،‬‬
‫الحب والشغف ‪ ،‬و زرعت بقلبي حب العم ِل ‪ ،‬وجعلت‬
‫ِ‬ ‫وأضافت إلى طبقي نكهة‬
‫مني كتلة ثقة ‪..‬‬
‫شكرا حقا !‬
‫ً‬
‫أمي‬
‫مذهلة‬ ‫‪|4‬‬

‫عزيزي القارئ ‪..‬‬


‫هذا الكتاب يُعبر عن آالف األفكار التي تتنزه تحتسي كوبًا من القهوة في حديقة‬
‫ابق ذهنك ُمنفت ًحا ومن فضلك حاول أن تقرأ كإنسان بمشاعر و ليس‬
‫مخيلتي ‪ ،‬لذا ِ‬
‫ب صخرة اقرأ بقلبك و ليس بعينيك ‪.‬‬ ‫كجسد بقل ِ‬
‫مذهلة‬ ‫‪|5‬‬

‫_ أجمل بكثير ‪..‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪|6‬‬

‫د آلمت عيني يا هذا ‪..‬‬


‫أيمكنك إخفاض أشعة وجهك ً‬
‫قليال؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪|7‬‬

‫_عفواً ‪ ،‬أتقربك الشمس بشيء؟‬


‫_ ال ‪ ،‬لم؟‬
‫_ اوه ‪ ،‬ال شيء قد شهدتُ والدة شمس جديدة في عينيك ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪|8‬‬

‫أنت لي ُمنذ خلقت ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪|9‬‬

‫كنتُ كوردة جافة تشع ُر بالعطش رأيت ُك ‪ ،‬فارتوت روحي بالحياة ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 10‬‬

‫ت ‪ ،‬تبقى االبتسامة التي تسببها أنت أجملهن ‪.‬‬


‫ومن بين آالف االبتساما ِ‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 11‬‬

‫توقف عن التدخين ‪ ،‬أنت تؤذني ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 12‬‬

‫فليأخذ أحد العمل إلى إمه ‪ ،‬إنه يُزعجني ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 13‬‬

‫وفي ُمنتصف الليل وبينما تسبح السماء في السوا ِد ‪ ،‬نظرتُ من النافذة باحثةً عن‬
‫أكثر نجمة تش ُع ضو ًء فحت ًما هي أنت ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 14‬‬

‫_ أتمزحين؟‬
‫_ ال‪ ،‬لن أذهب ‪.‬‬
‫_ لم ؟‬
‫_ لستُ مستعدةً لرؤية الكثير ينظرون إليك ‪.‬‬
‫_ حقا ً؟‬
‫_ نعم ‪ ،‬أنت جوهرتي أنا ‪ ،‬وأنا أخاف على ممتلكاتي من السرقة ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 15‬‬

‫و أثناء انشغا ِلك تشغلني ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 16‬‬

‫_‪-‬أتعلم؟ ال داعي للذهاب إلى الطبيب ‪.‬‬


‫_ ها! ولم؟‬
‫_ ال شيء‪ ،‬فقط وجدت دوائي المناسب ‪.‬‬
‫_ حقا ً جيد وما هو؟‬
‫_ ف ُمك وهو يبتسم ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 17‬‬

‫تسرقني ُكلما رأيت ُك تضحك ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 18‬‬

‫بجميع التفاصي ِل الخاص ِة بأشيائي المفضلة ‪ ،‬خاصةً تلك التي تتعل ُ‬


‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ق التأمل‬
‫أعش ُ‬
‫اللطيف ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بوجهك‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 19‬‬

‫األشخاص ليس صدفةً اللقاء بهم في حياتك ‪ ،‬فربما هم المعجزة الخاصة‬


‫ِ‬ ‫بعض‬
‫ُ‬
‫بك‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 20‬‬

‫عندما تشع ُر بالحزن‪ ،‬سأكو ُن ذاك البئر الذي ترمي فيه أحزانك سأكون ملجأك في‬
‫سر نحوي وسأضعك بقلبي قبل عيني ‪.‬‬ ‫أي وقت‪ ،‬فقط ِ‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 21‬‬

‫أترى الدخان الذي ت ُصدره أعضاؤك معلنةً التعب واأللم؟ الجأ لي وسأجعله مجرد‬
‫تنهيدة ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 22‬‬

‫_ أيعيش المرء دون روح ؟‬


‫_ بالطبع ال ‪.‬‬
‫_ إذًا ابق بجانبي ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 23‬‬

‫ارا ُمخيفًا سأطوقه بيدي؛ أنا ال أبالي أبدًا ‪.‬‬


‫حتى لو كان صد ُرك صب ً‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 24‬‬

‫و كأن السالم اقسم أال يختار إال وجهك الجميل ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 25‬‬

‫عيناك جميلة جداً ‪ ،‬كجمال القدس ً‬


‫ليال ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 26‬‬

‫صوت ُك يُشتتني في كل مرة ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 27‬‬

‫و كأن الجمال اختار عينيك ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 28‬‬

‫لم يكن األمر كأي موضوع عاد كانت قصة قلبين كانت معجزة ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 29‬‬

‫ووج ُهك كاف إلرجاع روح تائهة إلى جسدها ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 30‬‬

‫ً‬
‫جميال جدًا ‪ ،‬لدرجة إن فكرت برسم لوحة أو كتابة قصيدة أو رواية عنه‬ ‫كان‬
‫الشمس لعينيه ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ف احتالل‬‫ق ذلك عمرك كله فقط وأنت ت ِص ُ‬
‫سيستغر ُ‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 31‬‬

‫حسنًا أنا اآلن اكتفيتُ بعد ثمانية وأربعين ساعة من النظر بعينيك ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 32‬‬

‫ب الرسامين للقمر ‪.‬‬


‫تلك العينين سرقتا قلبي ‪ ،‬كانجذا ِ‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 33‬‬

‫كل ما في األمر أنني أشعر بأن الكوكب فارغ؛ فقط ألنك لست بخير ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 34‬‬

‫و تظن أنك قمر بالنسبة إلي ‪ ،‬لكنك مجرة يا صاح ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 35‬‬

‫عش من شهر مارس تحديدا الساعة ‪ ٩ : ٤٩‬مساء يوم األربعاء أي‬ ‫في الثامن ر‬
‫اآلن‬
‫وبات الغازية‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫أشعر بالجوع ‪ ،‬ليس للطعام أو لشب كأس بارد من إحدى مش ي‬
‫المفضلة ال ‪ ،‬بل الجوع الشديد لإلبحار يف إحدى مدن عينيه ‪..‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 36‬‬

‫كانت مجرد حروف لكنها تشتتُ قلبي ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 37‬‬

‫العمر؟‬
‫ِ‬ ‫_ كم تبل ُغ من‬
‫_ سنة وثمانية شهور وثمانية عشر يو ًما ‪.‬‬
‫_ كيف ذلك؟!‬
‫_ حياتي بدأت منذ التقيتُ بك ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 38‬‬

‫أستم ُد قوتي منك؛ ُكن على ما يرام وسأكون بأفضل حال ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 39‬‬

‫أنت مجرة ال نقاش في ذلك ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 40‬‬

‫_ لطيف ‪..‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 41‬‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫حي تتحطم‪ ،‬و تتألم ‪ ،‬و تنهار كبناية ارهقها الزمن ‪ ،‬حي يخذلك بعضهم و‬
‫يعتلك القريب ‪ ،‬حي تفقد األمل و تجلس مكتوف اليدين ‪ ،‬حي تشعر بأن‬
‫العالم ضدك وأنه أعلن الحرب عليك ‪ ،‬حي تالحظ أنك خشت المعركة و‬
‫انتهيت ‪ ،‬حي تصبح مجرد سجي مدفون تحت طبقات من األتربة و الصدأ ‪،‬‬
‫ن‬
‫إل لن أخذلك ‪.‬‬‫يبعث لك هللا معجزة فقط ليقول لك ‪ :‬عندما تتعب ‪ ،‬الجأ ي‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 42‬‬

‫خطوط األم ِل وتفقد اللذة باألشياء المهمة ‪ ،‬عندما تسند ظهرك‬


‫ِ‬ ‫عندما ينقط ُع آخر‬
‫للخلف طالبًا الثبات ‪ ،‬و ترفع رأسك عاليًا طالبًا الشموخ ‪ ،‬أنت تائه و ال تدري أين‬
‫تذهب ودموعك تنهمر كما األمطار في فصل الشتاء ‪ ،‬عندما تشعر بألم في قلبك‬
‫كألم أسنانك ‪ ،‬متى يتوقف هذا االعصار؟ برسالة من صديقك التافه ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 43‬‬

‫و كأن األصفر قرر أن يحتل هذه السماء ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 44‬‬

‫ربما ليس غ ًدا ‪ ،‬لكنه في يوم ما ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 45‬‬

‫و من بين األصدقاء ‪ ،‬يبقى ذاك الصديق الذي يشغل وقته بوظيفة األب و األخ‬
‫الصديق األقرب إلى القلب ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 46‬‬

‫ال شيء يستطيع هزيمتي إال تلك النظرة من عينين حزينين ‪ ..‬ابتسمي ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 47‬‬

‫بمجر ِد رؤيتك لها غاضبةً ومندفعةً بسرع ِة فهد أسود نحوك ‪ ،‬ال تفعل شيئًا فقط قل‬
‫عيناك "‬
‫ِ‬ ‫لها ‪" :‬اغرقتني‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 48‬‬

‫ال مشكلة في أنك مختلف ‪ ،‬أو أنك تشعر بالغرابة بعض الشيء أو أنك ترى نفسك‬
‫الجميع كعدم إعجابك بأح ِد المشاهير مثال ‪ ،‬أو لعدم تفضيلك ألحد‬
‫ِ‬ ‫غريبًا عن‬
‫بدال عن الرومانسية أو‬ ‫المشروبات أو أحد االطعمة ً‬
‫مثال أو ُحبك ألفالم الرعب ً‬
‫الكوميدية ‪ ،‬أو ُحبك لروايات الخيال ً‬
‫بدال عن الكتب السياسية أو التي تتعلق‬
‫بالعلوم‪ ،‬ك ُحبك لنوع خاص من الموسيقى أو طريقتك في اختيار المالبس ‪،‬‬
‫كتفضيلك الجلوس بغرفتك برفقة أشيائك الخاصة بد ًال عن الخروج أو كرؤيتك‬
‫المختلفة لألشياء كتقديسك للتفاصيل بحذافيرها ‪ ،‬كاهتمامك باألشياء التي يراها‬
‫بعض األشخاص ثانوية بينما تعني لك الكثير‪ ،‬ال مشكلة أب ًدا باختالف أسباب‬
‫غضبك عن نفسي الجميع يعلم بغضي لذاك الصوت المزعج الذي يُص ِدره الفم أثناء‬
‫السبب تاف ًها بوجهة نظر بعض األشخاص إن كان‬‫ُ‬ ‫مضغ الطعام ‪ ،‬مهما كان‬
‫ِ‬
‫يزعجك ال يهم اب ًدا غرابته ‪ ،‬أو كلون بشرتك المميزة والفريدة من نوعها أو شكل‬
‫يديك ولون عينيك كطولك ووزنك مثالً ‪ ،‬هذه األشياء تخصك لذا ال ِ‬
‫تعط اهتمامك‬
‫لذاك العنصري المتطفل ‪ ،‬ال تقلق صديقي اختالفك مذهل ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 49‬‬

‫" هيه " أنت‪ُ ،‬كن قويا كعصفور دخل إلى فم تمساح فقط لكي يكسب لقمة العيش‪.‬‬

‫‪ ٧‬مايو ‪١٩‬‬
‫‪٨ : ٤٧‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 50‬‬

‫أتعلم؟‬
‫أفضل هدية وأفضل النعم‪ ،‬عائلة تقف بجانبك وتسندك ‪.‬‬

‫‪ ٢٢‬مايو ‪١٩‬‬
‫‪٢ : ١٥‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 51‬‬

‫يذهب إلى‬
‫ُ‬ ‫فترس‬
‫يهرب من ُم ِ‬
‫ُ‬ ‫حينما أكتب ‪ ،‬أشعر أن الحروف تعدو بسرع ِة غزال‬
‫تهرب‬
‫ُ‬ ‫يهرب بسرعة جنونية خائفًا من أن يُؤكل‪ ،‬وهكذا حروفي‬ ‫ُ‬ ‫ب مكان آمن‪،‬‬ ‫أقر ِ‬
‫سرعةً إلى ورقة ‪ ،‬ورقة فارغة بيضاء وحيدة شاحبة ال حياة فيها‪ ،‬وبعد لحظات‬ ‫ُم ِ‬
‫الحزن‪ ،‬والسعاد ِة‪ ،‬واألم ِل‪ ،‬والخيا ِل‪،‬‬
‫ِ‬ ‫المشاعر ك‬
‫ِ‬ ‫ح الورقةُ تعج بالحيا ِة و‬
‫ت ُص ِب ُ‬
‫ب‪ ،‬جميعُها تنظم لعائلة صغيرة ت ُدعى " مذهلة " ‪.‬‬ ‫واالكتئا ِ‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 52‬‬

‫_ وميض‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 53‬‬

‫" نبتة شائكة "‬

‫كل ذلك التحول في ذاك اليوم المشؤوم‪ ،‬و برأيي ال داعي للمبالغة في الوصف ‪..‬‬
‫بال دراما أفضل ‪.‬‬
‫_ عزيزتي‪ ،‬احضري هذه الحقيبة واقفلي الباب ‪.‬‬
‫_ حسنا أمي أنا قادمة ‪.‬‬
‫فقط هكذا كانت بادئة األمر‪ ،‬خرجنا كعائلة سعيدة في رحلة ‪ ..‬و لم نكن نعلم ماذا‬
‫ينتظرنا في طريق يبدو أن من يذهب هناك ال يخرج حيًّا‪ ،‬ركبنا السيارة بعد‬
‫مناوشات من أبي حول التأخير وإقفال باب السيارة بقوة‪ ،‬و كالعادة وضعت‬
‫سماعاتي في أذني وتجاهلت ما يدور بيننا من حوار‪ ،‬ال أصدق تلك المعركة التي‬
‫قمنا بخوضها‪ ،‬إن الشوارع في أيام العطل مزدحمة أشعر أننا علقنا في غابة ال‬
‫مخرج لها‪ ،‬أصوات سيارات ‪ ..‬حفيف االشجار ‪ ..‬صوت الطيور ‪ ..‬صفارة‬
‫الشرطي‪ ،‬هذا كل ما سمعته ‪ " ،‬اوه " وال ننسى صوت صراخ أبي ألنني ال أستمع‬
‫لما يقوله عن كل بلدة نمر بها‪ ،‬و كالعادة غضب مني والتزمنا الصمت‪ ،‬إال صوت‬
‫المذياع ظل يرن في أذني‪ ،‬عم الهدوء في األجواء كانت أصوات إطارات وأبواق‬
‫السيارات تقتحم المكان ‪ ،‬مضت نصف ساعة و هاتفي يهتز من هم يا ترى؟‬
‫أصدقائي بالتأكيد‪ ،‬خاب ظني عندما رأيت إشعارا من شركة االتصاالت تذكرني أن‬
‫اشتراك اإلنترنت على شفير الموت ‪ ..‬من الجيد أن أحدا افتقدني ‪.‬‬
‫الغيوم تسير وتسابقنا وتحوم وتتشكل مكونة قلبا‪ ،‬أنا أيضا أحبكم ‪.‬‬
‫توقفت السيارة عند إحدى اإلشارات الضوئية‪ ،‬يا لهم من أشخاص يدبون الشفقة في‬
‫قلوب المشاهدين‪ ،‬تلك الطفلة مهملة الثياب تجوب الطرقات متأملة أن تأكل فتات‬
‫الخبز‪ ،‬لتسد أنين عصافير معدتها‪ ،‬و فجأة توقف كل شيء ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 54‬‬

‫حتى الساعة توقفت عن إصدار ذاك الصوت المزعج ‪ ،‬تحطم كل شيء ‪.‬‬

‫أصوات مزعجة مليئة بالصراخ واألنين‪ ،‬ومليئة باأللوان لكن اللون األحمر يحتل‬
‫المكان‪ ،‬كزائر مجهول أ ُعجب بمالبسي فقرر اختراقها و إحداث ثقوب في جسدي‪،‬‬
‫لقد جعل من بشرتي لوحة حمراء وكان راسمها الزجاج‪ ،‬سمعت أختي تصرخ‬
‫فنظرت إليها بطرف عيني‪ ،‬كانت في حال ال يرثى لها زحفت باتجاهها واقتلعت من‬
‫جسدها نبتة شائكة تدعى " فتات الزجاج "‪ ،‬و هي تئن ثم فقدت الوعي ‪.‬‬
‫كل ما أذكره تلك األلوان الحمراء و الزرقاء وأصوات اإلنذار والناس يقولون‪ :‬ال‬
‫أحد يقترب منهم‪ ،‬وصوت عجوز تقول‪ :‬ال تقلقوا سيذهبون في رحلة ثم سيعودون‪،‬‬
‫كنت أريد الصراخ ‪ ..‬ألنهم يعبثون بهاتفي‪" ،‬هيه " أنت‪ ،‬أنت من ترتدي معطفا‬
‫أسود ‪ ..‬من أين اشتريته إنه جميل ‪ ،‬أقصد كف عن العبث بهاتفي ‪ ،‬وبعد هذا ال‬
‫أذكر شيئا مما حصل ‪ ،‬فتحت عيناي و إذا بي أرى أضواء مزعجة تكاد احتالل‬
‫مقلتي ‪ ،‬هيه ما بكم أال تشعرون؟ ابعدوا هذا الشيء األبيض عن وجهي ‪ ،‬حاولت‬
‫رفع رأسي لكن تلك األسالك المتصلة بجسدي تقيدني ‪ ،‬ومع هذا نهضت و قطعت‬
‫األسالك مما سبب بجرح بسيط في يدي اليمنى‪ ،‬جلست وألقيت بهذا المزعج األبيض‬
‫على األرض ‪ ،‬ومن ثم أتوا مجموعة من ‪ ....‬ماذا يطلقون عليهم ؟ ال أدري لكنهم‬
‫يرتدون األبيض ‪ ..‬ترى هل أنا في الجنة ؟ نادتني فتاة أو امرأة ال أعلم بالضبط‬
‫وهمست بصوتها الناعم الجميل ‪ :‬اجلسي عزيزتي شعرت بالغيرة من صوتها ‪ ،‬إنه‬
‫جميل حقًّا ‪ ..‬قلت لها ‪ :‬أين أنا؟ ومن أنت ؟ ‪ ..‬ابتسمت وقالت ‪ :‬ال تقلقي ‪ ،‬حدث‬
‫معكم حادث بسيط و والداك بخير ‪ ..‬وأثناء اكمالها لحديثها ‪ ،‬الحظت أسنانها إنهم‬
‫ناصعوا البياض ترى هل تأكل هذه؟ قطعت أفكاري وقالت ‪ :‬هل تشعرين بالجوع ؟‬
‫هنا أصدرت معدتي أصواتا وكأنها تقول "نعم من فضلك" ‪ ..‬فأومأت بالموافقة ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 55‬‬

‫رحلت وتركتني جالسة محدقة بالسقف‪ " ،‬اووه " أنا ال أستطيع الجلوس هكذا ‪،‬‬
‫نهضت وسحبت ذاك الشيء السائل ال أعلم ما اسمه وتجولت بالغرفة قليال ثم‬
‫اتجهت إلى النافذة ونظرت خارجها ومن ثم تذكرت ما حصل ولماذا أنا هنا ‪ ،‬فأتت‬
‫هذه الجميلة نسيت أن أقول لكم ‪ :‬إنها تمتلك شعرا أسود قصيرا ‪ ،‬يعجبني شعرها !‬
‫وعيونا كلون القهوة ‪ ،‬وقالت ‪ :‬عزيزتي انهضي لقد تأخرت عن مدرستك ‪ ،‬أمعنت‬
‫النظر بتفاصيل وجهها المألوف وقلت لها ‪ :‬لم أسمع ماذا قلتي مجددا ؟ فقالت ‪:‬‬
‫حبيبتي ما بك؟ هيا انهضي ‪.‬‬
‫فتحت عيناي وإذا بأمي جالسة بجانبي وعالمات االستفهام تدور حولها ‪ ،‬وقالت ‪:‬‬
‫عزيزتي مع من كنت تتحدثين؟ فقلت لها ‪ :‬أين أنا؟ بدأت بالضحك وقالت ‪ :‬لقد‬
‫أعددت الفطائر هيا انهضي ‪ ،‬إن الساعة السادسة والنصف ‪ ،‬نهضت واتجهت إلى‬
‫المرآة وأنا أتفقد جسدي ‪ ،‬اووه إنه كابوس آخر من كوابيسي الجميلة ‪ ..‬ترى ما‬
‫عنوان كابوسي القادم ؟‬
‫_ عزيزتي ؟‬
‫_ أنا قادمة أمي ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 56‬‬

‫" شريط الذاكرة "‬

‫دخلت المقهى حيث اتفقت معي صديقتي ‪ ،‬وضعت هاتفي بجانبي وكتابي المفضل‬
‫وتركت عيني تجوب الطرقات خارج الجدار الزجاجي الذي يضفي جماال للمقهى ‪،‬‬
‫دخلت صديقتي وكأنها أميرة في إحدى الروايات ‪ ،‬ترتدي فستانا قصيرا أزرق اللون‬
‫تشبه سندريال لكن بشعر أسود ‪ ،‬جلست أمامي وبدأت بإلقاء التحية ‪ " :‬هاي "‬
‫إدوارد‪ ،‬عزيزي قد اشتقتك كثيرا‪ ،‬تبادلنا األحاديث وعصفت بنا رياح الضحك‬
‫وكأنها موجة صقيع بنكهة حب ‪ ،‬طلبت مشروبها المفضل وأنا اكتفيت بقهوتي‬
‫الباردة ‪ ،‬كنت قد زرت بيتها قبل أيام وألقيت التحية على أمها إذ لم تكن موجودة في‬
‫منزلها فقلت لها ذهبت لبيتك قبل عدة أيام وأمك قد أضافت ليومي نكهة البسكويت‬
‫والحليب بالشوكوالتة ‪ ،‬نظرت إلي و قامت برفع حاجبها األيمن ثم قالت ‪ :‬عزيزي ‪،‬‬
‫ما بك؟ أمي قد توفيت منذ ثالث سنوات ‪ ،‬لحظة ماذا؟ أطلقت ضحكة عفوية ‪،‬‬
‫فنظرت إلي باستغراب فقلت ‪ :‬عزيزتي أتسخرين مني؟ فقالت ‪ :‬ال‪ ،‬ما بك؟ قد‬
‫حضرت جنازتها ‪ ،‬لم أتمالك نفسي و استأذنتها للخروج ‪ ،‬دفعت حساب المشروبين‬
‫وألقيت نظرة عليها لكن أين هي؟ قد كانت هناك مباشرة جالسة على المقعد‬
‫وتحتسي مشروبها فقلت بنفسي أعتقد أنها همت بالمغادرة ‪ ،‬أدرت ظهري بناحية‬
‫النادل لكن أين هو؟ قد كان واقفا أمامي ‪ ،‬التفت إلى الوراء فرأيت الدخان يتصاعد‬
‫إلى الخارج ‪ ،‬إن المقهى سيصبح كالبسكويت المحترق ‪ ،‬بدأت أبحث بالمقهى عن‬
‫الزبائن كي أنقذهم لكن في الحقيقة ال يوجد أحد في المقهى سواي ‪ ،‬خرجت من‬
‫المقهى وأنا أتنفس الصعداء والخوف يرتابني ‪ ،‬سقطت جاثيًّا على األرض من ألم‬
‫رأسي المستمر فأمسك بي شخص من المارة فقلت له ‪ :‬احضر اإلسعاف ‪ ،‬أحضر‬
‫اإلطفاء؛ إن المقهى يحترق !‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 57‬‬

‫نظر إلي بتساؤل وقال ‪ :‬عفوا سيدي إن هذا المقهى قد احترق منذ سنين ‪ ،‬نظرت‬
‫إليه والقلق يسكن وجهي فقلت له ‪ :‬صديقتي ـ و ذكرت اسمها و عنوانها ـ فقال ‪:‬‬
‫سيدي أأنت من خارج المدينة؟ قلت ‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪ :‬إن هذه العائلة لقت حتفها في حادث‬
‫سيارة شنيع ولم ينج أحد من أفراد العائلة ‪ ،‬سقطت جاثيا على األرض وكان آخر‬
‫صوت سمعته صوت شخص يقول ‪ :‬نحن نفقد المريض ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 58‬‬

‫"ص‪.‬م"‬

‫"أنت ال تنتمين لعالمي يا بيال"‪.‬‬


‫_ "أنا أنتمي إليك " ‪..‬‬
‫_ " ال‪ ،‬هذا ليس بصحيح " ‪.‬‬
‫_ " أنا قادمة معك " ‪.‬‬
‫_ " بيال‪ ،‬ال أريدك أن تأتي" ‪.‬‬
‫_ " ال تريدني ؟! " ‪.‬‬
‫_ " ال‪ ،‬ولكن إذا لم أكن أطلب الكثير‪ ،‬هل يمكنك أن تعديني بشيء ؟ " ‪.‬‬
‫_ ( ‪) ........‬‬
‫_ " ال تقومي بأي شيء متهور‪ ،‬من أجل تشارلي‪ ،‬وأنا سأعدك بشيء في المقابل‬
‫هذه آخر مرة ستريني فيها ‪ ،‬لن أعود ويمكنك المضي بحياتك من دون أي عقبات‬
‫من قبلي‪ ،‬سوف يكون األمر و كأنه لم يكن لي وجود ‪ ،‬أعدك " ‪.‬‬

‫أقسم إنني قرأت هذه الرواية آالف المرات إال أنني أقف عند هذه الفقرة في كل مرة‪،‬‬
‫و أسرح بتفكيري ‪ ..‬أعني كيف تختفي األشياء التي بدت و كأنها لن تختفي يوما‪،‬‬
‫كيف تموت بثوان قليلة وألسباب ليست مقنعة غالبا ‪ ،‬ارتشفت قليال من قهوتي‬
‫وتذوقت طعمها المر وصدقوني أنا لست من هواة القهوة التي بال سكر لكنني‬
‫احتسيها ‪ ،‬مرت دقائق وأنا أراقب ذاك العصفور الحزين‪ ،‬لم يجب على كل شيء أن‬
‫يكون معقدا إلى هذا الحد‪ ،‬سيكون األمر جميال إذا رضيت تلك العصفورة عنه على‬
‫ما أعتقد أنه اقترف ذنبا ويصعب مسامحته ‪ ،‬ترى ماذا فعلت يا عصفوري الصغير؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 59‬‬

‫وكأنه فهم أنني أتحدث عنه بعقلي ظل يحدق بي بطريقة غامضة ومخيفة قليال ‪،‬‬
‫طارت عصفورته وكأنها غضبت منه لتحديقه إلي بالنهاية إنه مجرد عصفور ‪.‬‬
‫بدأ يقترب شيئا فشيئا ويتغير شكله أيضا ‪ ،‬بدأ يكبر ويكبر ويتحول لونه إلى‬
‫األبيض ‪ ..‬ما ‪ ..‬ما ‪ ..‬ما هذا ! أأصبح ‪ ..‬رج ‪ ..‬رجال؟ لكن لم يرتدي هذا الزي‬
‫المخيف ‪ ،‬الجميع يعلم أنني أبغض المهرجين ‪ ،‬بدأت أشعر بضيق النفس سوف‬
‫أخرج ‪.‬‬

‫_ انتظريني ‪.‬‬

‫هل سمعتم شيئا أم أنني أتوهم ؟‬


‫سمعت صوت آلة المال ‪ ،‬و تذكرت أنني لم أدفع ثمن قهوتي ‪.‬‬

‫_ لقد دفعت ثمن هذا‪ ،‬أيمكننا الخروج اآلن ؟‬


‫_ عفوا؟ هل تتحدث معي ؟‬
‫_ أيوجد أحد في هذه الغرفة غيرك ؟‬

‫نظرت حولي‪ ،‬كان محقا لم يكن هناك احد‪ ،‬بل إن المقهى شبه مهجور أنا كيف‬
‫دخلت إلى هنا؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 60‬‬

‫_ هل تسمحين؟‬
‫فتح يده ومدها إلى األمام معلنا نفاد صبره والشرار الذي تصاعد من عينيه ‪.‬‬

‫_ شكرا‪ ،‬لكنك لم تقل لي بعد ‪ ..‬هل أعرفك؟‬


‫أنا لم أطلق نكتة هذا ما اعتقد ته ‪.‬‬

‫إذا لماذا يضحك بهذه الطريقة ؟‬

‫_ و كيف ال أعرفك ‪ ،‬فتاتي الغريبة والغامضة احيانا والجميلة دائما ‪..‬‬

‫خرجت من المقهى برفقة ذاك المدعي بأنه يعرفني في الواقع أنا ال أذكر مصاحبتي‬
‫للطيور‪ ،‬سرنا بشارع شبه فارغ متجهين إلى حديقة تقع بالقرب من المقهى‪ ،‬قصدنا‬
‫كرسيًّا معزوال قليال عن الحديقة جلسنا و الصمت يؤثر على األجواء وعالمات‬
‫السؤال تدور حولي‪ ،‬والكثير من األسئلة تجوب طرقات عقلي ‪..‬‬
‫_ إذا ‪..‬‬

‫قلتها للتقليل من التوتر الذي يعوم بيننا ‪..‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 61‬‬

‫_ قلت إنك تعرفني ؟‬


‫_ نعم ‪.‬‬
‫_ و من أين تلك المعرفة ؟‬
‫_ من عدة سنوات قليلة ‪..‬‬
‫_ حقا؟ لكنك مجرد ‪..‬‬
‫_ عصفور؟ ال هذا زيي للتخفي ال أكثر‪.‬‬
‫_ ما الذي تعنيه؟‬
‫_ أنت ال تعلمين شيئا وليس لكل سؤال إجابة ‪.‬‬
‫_ مممم حسنا ‪ ..‬ذكرني ماذا كنت تريد مني؟‬
‫_ أنا في العادة أتفقد أحوالك عن بعد لكن حان الوقت للتقرب قليال ‪.‬‬
‫_ لكن لم يهمك أمري لهذه الدرجة ؟‬
‫_ ليس لكل سؤال إجابة ‪.‬‬
‫ماذا يريد مني يا ترى؟ ومن أين يعرفني ؟ ولم يهمه أمري؟ ومن هو؟ وماذا يخفي؟‬
‫ولم ال يريد اإلجابة على أسئلتي؟ والسؤال األكثر أهمية ‪ ..‬لم يرتدي هكذا ؟ ‪.‬‬
‫_ أتعمل بالمسرح ؟‬
‫_ و لم هذا السؤال؟‬
‫_ ال شيء ‪ ..‬فقط حيرني أسلوبك بارتداء المالبس ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 62‬‬

‫_ أعلم أنك تخافين المهرجين ‪.‬‬


‫_ و من أين تعرف ؟‬
‫_ ليس لكل سؤال إجابة ‪.‬‬
‫_ و لم تخفي حقائق تخصني ؟‬
‫_ ألسباب ال تعنيك ‪.‬‬

‫ما به هذا؟ ‪ ..‬أكاد أفقد صبري‪ ،‬سوف أذهب مللت لعبة " احزر ما اإلجابة " ‪.‬‬

‫_ هل تريد شيئا؟‬
‫_ ألديك عمل هام؟‬
‫_ ال‪ ،‬فقط لدي بعض األعمال المنزلية ‪.‬‬
‫_ أراك غدا اذا‪.‬‬
‫_ لم ؟‬
‫_ ليس لكل سؤال إجابة ‪.‬‬
‫_ غموضك يرهقني قليال‪.‬‬

‫نهض ورفع طرف شفته‪ ،‬لكنني أشعر أنه ابتسم مالطفة ليس إال ‪ ..‬و غادر‪.‬‬
‫بقيت واقفة أنظر إليه وهو يسير بقناعه المرعب ومالبسه المخيفة ‪ ،‬إلى أن أختفى‬
‫عن مدى بصري أمسكت كتابي ولففت وشاحي على عنقي وعقدت سترتي جيدا‬
‫وقصدت منزلي طالبة الراحة ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 63‬‬

‫" صوت رنين الهاتف "‬

‫ثماني عشرة مكالمة فائتة من رقم مجهول ؟‬


‫من األحمق الذي يتصل بي في الثانية عشر صباحا ؟‬
‫_ مرحبا؟‬
‫_ اهال ‪..‬‬
‫_ عفوا لكن هل أعرفك؟‬
‫_ " اوه " ‪ ..‬أنا ‪ ..‬أنا ‪ ..‬ص ‪ .‬م ‪..‬‬
‫_ لم أفهم ‪.‬‬
‫_ صديقك المهرج ‪..‬‬
‫_ مممم اهال بك‪ ،‬لكن من أين لك هذا ؟‬
‫_ تقصدين رقم هاتفك؟‬
‫_ نعم‪.‬‬
‫_ ليس لكل سؤال ‪...‬‬
‫_ إجابة ! ‪ ..‬نعم لقد حفظت الجملة ‪.‬‬
‫_ أيمكنك الخروج قليال؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 64‬‬

‫_ اآلن؟‬
‫_ نعم ‪..‬‬
‫_ ال أعلم ‪ ..‬لكن أين؟‬
‫_ أنا أمام منزلك ‪.‬‬
‫_ ال يوجد أحد في منزلي ‪ ،‬أنا أعيش وحدي وال يمكنني إدخالك ‪.‬‬
‫_ أعلم أنك هجرتي عائلتك في الخامس و العشرين من شهر سبتمبر يوم الجمعة‬
‫الساعة السابعة صباحا ‪.‬‬
‫_ من أين تعرف كل هذه المعلومات ؟‬
‫_ قلت لك ‪ ..‬ستعرفين كل شيء في النهاية ‪..‬‬
‫_ وأي نهاية تقصد ؟‬
‫_ أيمكنني الدخول ؟ ‪ ..‬إني أتجمد هنا‪.‬‬

‫ال أذكر كيف نزلت الساللم واألضواء مطفأة ‪ ..‬لكنني أذكر أني لمحت قطتي تعبث‬
‫بكيس في المطبخ ‪ ،‬فتحت له الباب وأضأت األنوار‪ ،‬لكن ماذا يحصل؟ أين قناعه ؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 65‬‬

‫_ شكرا لك ‪.‬‬
‫_ على الرحب والسعة ‪ ..‬تفضل ‪.‬‬
‫_ هنا؟‬
‫_ نعم بالقرب من المدفأة سأحضر كوبين من الشوكوالتة الساخنة ‪ ،‬أيمكنك إشعال‬
‫النار؟‬
‫_ كما تريدين عزيزتي ‪.‬‬

‫أقال عزيزتي ؟‬

‫_ أين أضع هذا؟‬


‫_ بالقرب من الباب ‪.‬‬
‫_ لكن الكيس مثقب ‪.‬‬
‫_ إنها قطتي تعبث بجميع األشياء ‪..‬‬
‫_ ال عليك ‪ ..‬نضع هذا هنا وكل شيء يصبح على ما يرام ‪.‬‬
‫_ شكرا جزيال‪.‬‬
‫_ ال عليك ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 66‬‬

‫أنا مرهقة وأشعر بالتعب والنعاس وعصافير بطني تزقزق ‪ ،‬ما به هذا هل يوجد‬
‫على هذا كوكب شخص يزور آخر منتصف الليل؟‬
‫_ أتذكر آخر مرة أتيت هنا ‪.‬‬
‫_ أتيت هنا ؟‬
‫_ نعم‪ ،‬كان قبل أربعة عشر شهرا ويومين ‪.‬‬
‫_ وكيف كنت تأتي؟ أي أين كنت أنا ؟‬
‫_ كنت بالعمل‪ ،‬أو في المقهى المفضل لديك ‪.‬‬

‫ارتشف قليال من كوبه وأكمل ‪:‬‬

‫_ غيرتي الديكور كثيرا‪ ،‬أتعلمين ؟ لم أكن أعرف أنك تهتمين بالفن ‪.‬‬
‫قال هذا و هو يحدق بلوحة فنية كنت قد اقتنيتها قبل شهر ‪.‬‬

‫_ جميلة‪ ،‬لكن عن ماذا تتحدث يا ترى؟‬


‫_ تتحدث عن كل شيء‪ ،‬عني وعنك وعن الجميع ‪.‬‬
‫_ جميلة حقا‪ ،‬ومؤثرة قليال‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 67‬‬

‫الساعة الواحدة فجرا و لدي عمل الساعة الثامنة صباحا ولم أنم جيدا ‪ ..‬متى سيرحل‬
‫هذا؟‬

‫_ إذا ‪..‬‬
‫_ إذا ؟‬
‫_ ألم تفكري بسبب مجيئي اآلن؟‬
‫_ كنت أنتظرك لتقول لي ‪.‬‬
‫_ أنت في خطر‪.‬‬
‫_ ماذا تقصد ؟‬
‫_ سيؤذونك ‪..‬‬
‫_ من؟‬
‫_ جميعهم ‪.‬‬
‫_ متى وكيف ؟‬

‫فجأة اقترب إلي وجعل عينيه تواجه عيني وقال‪:‬‬


‫_ كفي عن لعب لعبة التمثيل‪ ،‬وواجهيهم واصرخي‪ ،‬ال تبقي هادئة هكذا ‪.‬‬
‫_ عن ماذا تتحدث ؟‬
‫_ أنت تعلمين بالضبط عن ماذا أتكلم ‪.‬‬
‫_ أنا ال أفهم شيئا ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 68‬‬

‫_ يمكنك فتح عينيك اآلن ‪.‬‬


‫_ ما‪ ..‬ماذا ؟‬

‫فتحت عيناي وكادت مقلتاي أن تصابا بالعمى من شدة األضواء المسلطة على‬
‫وجهي ‪.‬‬
‫_ هل أنت بخير؟‬
‫_ نعم ‪ ..‬أشكرك ‪.‬‬
‫_ فلتعودي إلي مجددا بعد شهر‪ ،‬فحالتك النفسية ليست جيدة وأرجوك التزمي‬
‫بوصفتي الطبية و لتتناولي دوائك كل صباح ‪.‬‬
‫_ أشكرك مجددا وأعدك سألتزم بدوائي هذه المرة ‪.‬‬
‫_ كوني بخير دائما‪ ،‬ومن فضلك نادي المريضة التالية ‪.‬‬
‫_ حسنا ‪.‬‬

‫خرجت من عيادة الطبيب النفسي واشتريت دوائي لكن ماذا سيحدث بعد شهر؟ و‬
‫ماذا سيقول لي‬
‫ص ‪ .‬م يا ترى ؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 69‬‬

‫رأسي يؤلمني ‪ ،‬وأشعر بالعطش ترى كم الساعة اآلن؟‬


‫خرجت من غرفتي وألقيت نظرة على الساعة كانت تقارب الرابعة فجرا ‪ ،‬أكملت‬
‫طريقي إلى المطبخ و سحبت كأسا من تلك العلبة المخبأة في الخزانة للضيوف‬
‫ومألته ماء مع ثالثة مكعبات من الثلج ‪ ،‬أشعر أن فمي أصبح مكيفا ‪ ،‬وضعت‬
‫الكأس على الطاولة وخرجت كدت أنسى أن أخبركم ‪ ،‬أنا ال أقوم بإضاءة المصباح‬
‫عند دخولي إلى أي غرفة ليال أكره النور‪ ،‬وصلت إلى غرفتي وتذكرت أنني نسيت‬
‫إقفال الباب يا لذاك الباب المزعج أوقته اآلن؟ أمسكت بمقبض الباب ودفعته إلى‬
‫الخارج لكنني لمحت شيئا ‪ ..‬فتحت الباب و بدأت بتفقد المطبخ‪ ،‬ال أحد داخله‬
‫باستثناء ذاك الشبح المخيف‪ ،‬لحظة تلك فتاة لكن لم ترتدي هكذا تلك األخرى؟ ‪ ..‬لم‬
‫الجميع يقلد ص‪ .‬م ؟‬
‫لكنها مختلفة نوعا ما فهي ترتدي رداء أبيض ‪ ،‬كانت واقفة في زاوية الغرفة‬
‫مطأطئة رأسها ‪ ،‬لكن لماذا تبكي؟ ‪.‬‬
‫_ مرحبا؟‬
‫_ ‪...‬‬
‫ارتفع رأسها إلى األعلى واآلن عيناي تقوم بعملية استكشاف لشكلها غير المألوف‬
‫أبدا‪ ،‬لكن عيني قامت بحادث و اصطدمت بعينيها واآلن نحن ببرنامج "احزر من انا‬
‫"‪.‬‬
‫_ هل لديك اسم؟‬
‫ما ذاك الغباء الذي اخرجته من فمي للتو؟ أيوجد للشبح اسم؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 70‬‬

‫_ نعم‪ ،‬أدعى بيال ‪.‬‬


‫_ أأنت بمثل عمري ؟‬
‫_ أجل وكان يوم ميالدي أمس ‪.‬‬
‫_ حقا؟ وأنا كان يوم مولدي أمس ‪.‬‬
‫_ أعلم ذلك‪ ،‬أنا وأنت ولدنا في نفس التاريخ و في نفس الوقت و في نفس المشفى و‬
‫من نفس األم أيضا‪.‬‬
‫_ كيف ذلك؟ إذا أنت أختي ‪.‬‬
‫_ أنت مثيرة للشفقة ‪.‬‬
‫_ لم أفهم ‪.‬‬
‫_ ليس شيئا جديدا أبدا‪.‬‬
‫_ إذا كيف وصلتي إلى هنا؟‬
‫_ أنت كثيرة األسئلة أتعلمين ؟‬
‫_ أعتذر ‪.‬‬
‫_ قلت لك‪ ،‬مثيرة للشفقة ‪.‬‬

‫ما بها هذه؟‬


‫تركتها و ذهبت ألضيء األنوار وليتني مت قبل أن ألمس مفاتيح المصباح ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 71‬‬

‫_ ال تحدقي بي هكذا‪ ،‬نعم‪ ،‬أنا أشبهك ‪.‬‬


‫_ أنت لست أختي ومن أمي و توأمي وشكلك طبق األصل عني ‪ ..‬من أنت؟‬
‫_ أنا أنت ‪.‬‬
‫_ ههه و كيف ذلك؟‬
‫_ أنا تلك الفتاة في مرآتك وعلى وسادتك ليال وعندما تكونين وحدك أقصد " وحدنا"‬
‫أنا أنت باختصار ‪.‬‬
‫_ أنت مجنونة‪.‬‬
‫_ أعلم ذلك شكرا‪.‬‬
‫_ ماذا تقصدين من تلك المسرحية التي مثلتيها اآلن؟‬
‫_ سأشرح لك األمر باختصار‪ ،‬أنا الجانب المظلم والسيء والسلبي من شخصيتك‪،‬‬
‫أنا من تدفعك لفعل أشياء سيئة وأنت تعلمين بالضبط ماذا أقصد‪ ،‬أنا من لطخت‬
‫تفكيرك وهدمت أحالمك ومسحت ابتسامتك‪ ،‬لذا إن سألتني سؤاال آخر بعد صدقيني‬
‫لن تكون نهاية جيدة ‪.‬‬
‫_ حسنا‪ ،‬لنقل أن ما قلتيه صحيح لم أنت هنا اآلن؟‬
‫_ لقد قلت لن تكون نهاية جيدة ‪.‬‬
‫_ فقط جاوبيني على هذا السؤال وبعدها لن تسمعي صوت تنفسي حتى ‪.‬‬
‫_ لدي عرض لك ‪.‬‬
‫_ ما هو؟‬
‫_ أتذكرين ما قال لك ص‪ .‬م؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 72‬‬

‫_ كيف تعرفينه؟‬
‫_ نهاية سيئة تكون اقسم‪.‬‬
‫_ حسنا حسنا ال داعي للغضب ‪.‬‬
‫_ أتذكرين ما قال؟‬
‫_ ماذا قال؟‬
‫_ سيؤذونك‪.‬‬
‫_ فليفعلوا ما يريدون أنا ال أمانع ‪.‬‬
‫_ لكنه لم يكن يمزح آنذاك‪..‬‬
‫_ ماذا تقصدين؟‬
‫" الشاب الذي يسكن بجانب منزل عائلة الفتاة " ‪:‬‬
‫_ ترى ما بهم يصرخون؟‬

‫ارتديت بقدمي اليمنى حذائي وفي اليسرى فردة جواربي ومن السرعة أكملت رداء‬
‫قميصي في طريقي إليهم ‪ ،‬وعندما وصلت كانت المفاجأة‪ ،‬فتاة تبلغ من العمر سبع‬
‫عشرة سنة مقتولة بطريقة عنيفة وأشالؤها في كل أنحاء الغرفة‪ ،‬اذاك اصبعها في‬
‫زاوية الغرفة؟ صوبت المصباح عليه كان مليئا بآثار أسنان حادة‬
‫من المجنون الذي يأكل لحما من نفس فصيلته‬
‫وجهها مشوه لدرجة أنني ال أستطيع تفريق فمها عن عينيها إن المنظر يسبب حفلة‬
‫ألم في معدتي‪ ،‬خرجت من بين رجال الشرطة ورجعت إلى بيتي وأنا أكاد أفقد‬
‫صوابي‪ ،‬وأتذكر أني نمت على أصوات صفارات اإلنذار وصوت أم الفتاة وهي‬
‫تصرخ ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 73‬‬

‫" صديقي المخيف "‬

‫عيناه يحتلهما الليل كان غريبا بعض الشيء‪ ،‬ال أعلم ماذا يفعل هناك‪ ،‬كان يحدق بي‬
‫كشاب معجب ال أكثر لكن ما هو بالضبط ؟ أهو شخص؟ إنسان؟ مممم كائن‬
‫فضائي؟ أنا لم أر عينين بهذا الجمال من قبل كانتا واسعتين ولونهما أسود قاتم‬
‫ورموشه ترتدي األحمر أمام الشمس‪ ،‬لكنه خجول بعض الشيء أنحن بجنازة ؟ ما‬
‫به حزين هكذا ؟ ولم يرتدي اللون األسود؟ أهو ساحر؟ أو ممثل في مسرحية مثال ؟‬
‫كان يرتدي رداء أسود اللون وشعره طويل‪ ،‬طويل جدا بدأت أشعر بالغيرة قليال‬
‫شعره أجمل من شعري‬
‫" نظرات مخيفة "‬
‫ممم ههه ما به هذا ؟‬
‫( صوت قهقهه )‬
‫أمسكت بكتابي وجعلت عيني تحتضن‪ ،‬نظرت بطرف عيني ما زال ينظر بتلك‬
‫النظرة الغريبة ‪ ،‬بدأت أشعر بالخوف سوف أذهب‪ ،‬بدأت أسير و أنا أضع سماعاتي‬
‫وأستمع إلى مطربتي المفضلة ( بيلي ) ‪ ،‬شعرت بحركة بجانبي فرأيته يحدق بي‬
‫ويسير بقربي‪ ،‬واآلن حقًّا اشعر بالخوف‪ ،‬نظرت إليه و رفعت طرف شفتي قليال‪،‬‬
‫صراحة لم أبتسم محبة‪ ،‬بل خوفا‪ ،‬شكله مخيف ومثير للشفقة و يداه ال أدري لكنهما‬
‫مخيفتان‪ ،‬ومجروحتان ال أستطيع العثور على الكلمة المناسبة لوصف شكله ‪.‬‬
‫سألته بصوت هزيل‪ :‬عفوا هل تعرفني ؟‬
‫ضحك ضحكة مخيفة وهو يحدق بي‪ ،‬وظل يضحك و يضحك ‪ ..‬أسنانه ؟ يا للهول‬
‫ما هذا الشيء !‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 74‬‬

‫حدق بي و قال‪ :‬ما بك عزيزتي ؟ أنا صديقك منذ ‪ ١‬أبريل ‪١٨‬‬


‫نظرت إليه و قلت‪ :‬لم ترتدي هذه العباءة الغريبة كما في فيلم هاري بوتر؟‬
‫" عباءة االختفاء "‬
‫قال لي ‪ :‬أنت تعلمين ألسباب معينة‪ ،‬ثم صمت قليال و نظر إلي بتلك النظرة المخيفة‬
‫و قال ‪ " :‬تخصك " ‪.‬‬
‫صمت قليال و حدقت بالسماء وأقسم إني شعرت بعينيه تكاد أن تخترق عيني ‪.‬‬

‫قلت له وأنا أنظر إلى السماء ‪..‬‬

‫_ أنت صديقي المخيف الحزين أليس كذلك؟‬


‫_ نعم ‪.‬‬
‫_ أنت صديقي منذ سنتين‪ ،‬الذي يقحمني بمشاكل ال أريدها ويجعلني أقوم بأشياء ال‬
‫أريد القيام بها ؟‬
‫_ صحيح ‪.‬‬
‫_ أنت الشيء المخيف الذي يجعلني نائمة طوال الوقت ومتعكرة المزاج وبعيدة عن‬
‫األكل وفاقدة للشهية ‪ ،‬الذي يجعلني وحيدة دائما ومنعزلة عن هذا الكوكب ؟‬
‫_ نعم ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 75‬‬

‫فحضنته وقلت ‪ :‬أشكرك لوجودك معي دائما بينما الجميع خذلني بطريقة مؤلمة ‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ال تقلقي هذه البداية فقط ‪ ،‬سيشهد هذا الكوكب كارثة دموية ‪.‬‬
‫فأجبت‪ :‬ال يهمني ‪ ،‬أنا أحبك ‪.‬‬
‫قال لي بنبرة غضب ‪ :‬ال تحبي شخصا يؤذيك و يدمرك في كل ثانية و يفتت قلبك‬
‫جزءا جزءا ‪.‬‬
‫قلت له ‪ :‬يا صاح‪ ،‬أنت جميل بنظري ‪.‬‬
‫أمسكت بيده و أكملنا الطريق ‪.‬‬
‫و ها نحن مع بعضنا كالشيء الواحد الذي يصعب تفريقه باألدوية أو مهما كان‬
‫العالج ‪ ،‬أحبك يا ألمي الجميل ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 76‬‬

‫" غدًا "‬

‫ما زلت أذكر رائحة السجائر في ذلك المقهى الذي احتضن ذكرياتي ورافقني في‬
‫الفرح و الحزن‪ ،‬أتذكر دخان السجائر الذي كان يعلو سقف المقهى‪ ،‬كان المقهى‬
‫خشبيًّا من الداخل تعلوه مصابيح كتلك التي نراها في السماء‪ ،‬كان مزعجا‬
‫واألصوات عالية‪ ،‬لكني كنت أضع سماعاتي الخاصة وأستمع إلى الموسيقى الهادئة‬
‫التي تنسيني الواقع الذي أعيشه‪ ،‬إلى أن يأتي النادل ويبدل لي المشروب الغازي‬
‫الذي أطلبه وال أشربه ألنني أكون أغوص بين صفحات كتابي وأتعاطف مع بطل‬
‫الرواية يا له من بطل ! يسأل النادل سؤاله المعتاد ‪ :‬آنستي أأحضر لك مشروبا‬
‫أخر؟ فأومئ بالقبول لينتهي يومي في ذاك المقهى وأبقى "كالعادة " آخر شخص‬
‫جالس على الطاولة ذاتها يشرب المشروب ذاته‪ ،‬وبعدها ينادي علي مدير المقهى‬
‫ألستيقظ من عالمي الجميل فيقول لي‪ :‬سأقفل المقهى‪ ،‬فأجيبه بكل هدوء مع ابتسامة‬
‫صغيرة‪ :‬أنا قادمة ‪ .‬أقوم بالتقاط أغراضي وكتبي وأشرب المشروب الذي كان‬
‫ينتظر أجله منذ ساعات وأخرج من المقهى مودعا طاولتي التي سأجلس عليها غدا ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 77‬‬

‫" ما بين الواقع والخيال "‬

‫عددت الخراف كي أستطيع النوم قليال واحدا تلو اآلخر‪ ،‬واحد اثنان ‪ ..‬خمسة ستة‬
‫‪ ..‬تسعة عشرة ‪ ...‬لكن عقلي قادر على عد جميع األسباب التي تجعلني مستيقظة‪،‬‬
‫لذا قررت الخروج والمشي كان الظالم حالكا‪ ،‬ال تستطيع رؤية شيء باستثناء تلك‬
‫المصابيح التي تزين السماء شعرت أني أدور بمتاهة ليس لها نهاية ‪ ،‬فقط أمشي‬
‫دون هدف أو وجهة محددة قطعت الشارع بأكمله ووصلت إلى الئحة كتب عليها‬
‫كي تذهب إلى مدينة الخيال انعطف يمينا‪ ،‬وأسفلها كتب كي تذهب إلى مدينة الواقع‬
‫انعطف يسارا‪ ،‬ماذا ؟ واقع وخيال ؟ سلكت الطريق األيمن فكان هو الطريق‬
‫المضيء وفي الحقيقة يكفيني ظالما‪ ،‬بدأت أعدو و كأنني طفل في عمر الخامسة‬
‫يسابق رياحا باردة في فصل الشتاء والعرق يتصبب منه ويمتزج مع قطرات المياه‬
‫المتساقطة من أثر بكاء السماء‪ ،‬توقفت قليال كي ألتقط أنفاسي فلمحت طائرا غريبا‬
‫على هيئة حصان‪ ،‬نعم على هيئة حصان‪ ،‬أووه قد نسيت أنا في مدينة الخيال‪ ،‬هه‬
‫وأي خيال هذا ؟ حقا ؟ حصان مجنح ؟ أهم يطيرون به أم ماذا؟ أكملت سيري وأنا‬
‫أبطئ من سرعتي وأطلقت سراح عيني لتكتشف جمال هذه المدينة‪ ،‬إنها حقًّا من‬
‫الخيال‪ ،‬الزهور والبساتين مثلما كنت أحلم تماما رأيت بنايات مزخرفة وجميلة لكن‬
‫لحظة‪ ،‬في أي عصر نحن ؟ لم يرتدون هذه الثياب ؟ وأين انا ؟ رأيت فتاة شقراء‬
‫وشعرها كما وكأنه شرب كأسا من الذهب‪ ،‬كانت عيناها مثل لون السماء وجسمها‬
‫كما وكأنها لوحة رسمها فنان‪ ،‬كانت ترتدي فستانا ريفيًّا أزرق اللون وتضع قبعة‬
‫بيضاء اللون والرياح تداعب خصالت شعرها فتطير مع كل نسمة وتنسدل على‬
‫كتفيها بجمال‪ ،‬كانت تحتضن كتابا للكاتب الشهير" بوكوفسكي " في الحقيقة الجميع‬
‫يحملون الكتب‪ ،‬روتني بكالمها العذب و قالت ‪ :‬مرحبا أيتها الجميلة ‪ ،‬لحظة من‬
‫الجميلة ؟ أنا ال أقارن بها فكيف تقول عني جميلة ؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 78‬‬

‫فقلت لها‪ :‬مرحبا ‪ ،‬و لم أكاد أكمل حديثي فقد جاءني صوت مألوف يقول ‪:‬‬
‫انهضي الساعة الثالثة عصرا ‪ ،‬ماذا ؟ لم أسمع جيدا ؟ أنا أهذي‪ ،‬أتى ذاك الصوت‬
‫مجددا و قطع حبل افكاري وعندها رأيت تلك الفتاة تتالشى و تصبح كالوميض‪،‬‬
‫فتحت عيناي فإذا بي أرى غرفتي وأمي جالسة بجانبي تنتظر مني اإلجابة‪ " ،‬اووه"‬
‫حسنا أماه لقد استيقظت ! ‪ ،‬ذاك كان حلما ؟ لم ! ‪ ..‬تلك هي الحياة التي كنت أحلم‬
‫بها ‪ ،‬حياة ريفية ال تحضر ال تكنولوجيا فقط ثقافة ومبادئ‪ ،‬الزراعة والحصاد‬
‫والكتب والكتابة والروايات وأبيات الشعر‪ ،‬ذاك هو الحلم الذي كنت ألتمسه وأريد‬
‫حياة كتلك الحياة البسيطة البعيدة عن الكذب والخيانة والسرقة فقط الصدق و‬
‫التفاصيل الصغيرة‪ ،‬ببساطة ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 79‬‬

‫" الثانية عشرة "‬

‫ذهبت إلى المنزل المهجور وأنا أنظر بقلق إلى ساعتي‪ ،‬فقد هاتفني شخص غريب‬
‫وطلب مني أن آتي إلى هنا وبسرعة‪ ،‬فقال‪ :‬أنا أنتظرك في المنزل المهجور ـ كما‬
‫يسمى لدينا بالمنزل المخيف ـ في أعماق الغابة لديك فقط عشر دقائق إن لم تأتي‬
‫فقولي وداعا لصديقتك‪ ،‬وعندها سمعت صديقتي تصرخ وتنادي باسمي فلم أتمالك‬
‫نفسي وذهبت مسرعة إلى المكان المقصود وأخذت معي سكينا إذا لزم األمر‪ ،‬بدأت‬
‫أمشي وقدماي ترتجفان خوفا و يداي ترتعشان‪ ،‬كنت أمسك بمصباحي بيدي اليمنى‬
‫و تلك اليسرى تطوق السكين‪ ،‬في طريقي واجهت أعشاش العناكب وصوت الذئاب‬
‫وهم يأكلون وكنت أدعي هللا أال أكون الحلوى بالنسبة لهم ‪ ،‬وصلت إلى المنزل‬
‫المخيف ووقفت لوهلة أتأمله ‪ ،‬كان مخيفا ومظلما وبابه محطم ‪ ،‬شددت على‬
‫السكين و دخلت وعندها أطفأت المصباح ألنني ال أذكر أني دعوت زوارا‬
‫ليقتلوني‪ ،‬طوبة وراء طوبة ‪ ،‬درجة وراء درجة يبدو بنظري سلما هذا كل ما رأيته‪،‬‬
‫إن المنزل يسبح بالسواد كثوب أسود في جنازة‪ ،‬بدأت أصعد ألعلى الطابق الثاني‬
‫وأنا أضع يدي على شفتاي خوفا من أن يسمع صوت تنفسي " وأقصد بقولي هو من‬
‫سيستمتع بقتلي" ‪ ،‬عندها لمحت سائال قاتم اللون يلطخ درجات الساللم من أعلى‬
‫صادرا من جسم طويل منهك ومرعب قليال‪ ،‬يبدو أن قاتله قد مارس جميع أنواع‬
‫الضرب والتعذيب على جسده‪ ،‬بت أسير في ممر طويل يؤدي إلى ثالث غرف‪ .‬إن‬
‫الضوء خافت قليال فأضأت المصباح وبدأت بالبحث عن كائن خائف يحتله الدموع ‪،‬‬
‫دخلت إلى غرفة محطم بابها وقمت بتأشير المصباح ‪ ،‬أشعر أنني ألعب لعبة"‬
‫الغميضة "مع صديقتي ‪ ،‬سمعت صوتها من خارج الغرفة آتيا من آخر الممر‬
‫فركضت وحضنتها و بدأت تبكي وترتجف فقد شاهدت للتو فيلما مرعبا وكانت هي‬
‫الضحية ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 80‬‬

‫فهمست أأنت بخير؟ فقالت ‪ :‬قد خرج ال أعلم أين ‪ ،‬أنا خائفة دعينا نخرج اآلن ‪.‬‬
‫أمسكت يدها وجعلتها وراء ظهري وتخطيت الجثة ونزلت الدرج فرأيت شخصا‬
‫تكسوه مالمح الغضب ومالبسه ممزقة ومشبعة بتلك المادة وفي يده يحبس سكينا‪،‬‬
‫فتجمدت في مكاني وأنا أحاول إخفاء خوفي‪ ،‬عندها حاول اإلمساك بي فدفعته إلى‬
‫أسفل الدرج فوقع وارتطم رأسه‪ ،‬فصرخت بصديقتي‪ :‬هيا دعينا نخرج من هذا‬
‫المنزل‪ ،‬ركضت و نزلت الساللم فأمسك بأسفل بنطالي وأخرج ضحكة مخيفة وقال‬
‫وهو يبتسم ‪ :‬لن أدعك تنجين من هذا وسأجعلك تترجين ألرحمك ‪.‬‬
‫كنت خائفة لكنني أخرجت للتو وحشا بداخلي كان مدفونا بصندوق وشبه منسي قد‬
‫ثأرت لجميع الجثث وطعنته مرارا وتكرارا و صرخت بوجهه ‪ :‬هذا من أجل‬
‫صديقتي وهذا من أجل الجثة في أعلى الساللم وهذا من أجل خوفي وهذا من أجل‬
‫تضييع وقت نومي‪ ،‬إلى أن تنفست الصعداء وأمسكت بيد صديقتي وقلت‪ :‬اآلن‬
‫يمكننا الخروج بسالم‪ ،‬خرجنا من المنزل اللعين تاركة ورائي جثة شريرة وبيت‬
‫حزين‪ ،‬نظرت إليه آلخر مرة وصرخت بصوت تكاد المخلوقات التي تسكن جوف‬
‫األرض أن تسمعني وقلت‪ :‬تبًّا لرحمتك أسمعت يا هذا ! ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 81‬‬

‫" أنا "‬

‫و أثناء تجوالي في ممرات المستشفى‪ ،‬سمعت نداء عاليا بصوت حزين ينشر الشفقة‬
‫في أذني المستمع آتيا من آخر الممر‪ ،‬بت أعدو وأجر حلقة من اآلالم و اآلهات‪،‬‬
‫كنت أجري كفتاة أضاعت أمها في وسط حشد كبير من الناس‪ ،‬ال أعلم أأنا فقدت‬
‫عقلي؟ أم أن ذاك كله من تأثير جلسات العالج من مرضي المتطفل الخبيث‪ ،‬قطع‬
‫حبل أفكاري عندما رأيت تلك المادة الحزينة قاتمة اللون تلطخ يدي فتى صغير يبكي‬
‫ويصرخ كطفل رضيع يطلب االهتمام ‪ ،‬تالشى صوته وأصبح كاألنين نهض‬
‫وهرول نحوي ومن ثم اختفى ‪ ،‬عندها شعرت بحركة أسفل قدمي و إذا بي أرى فتى‬
‫مالئكيًّا ذا أعين حمراء وكأن دموعه شالل يصب من عينيه منتهيًّا على خديه بقسوة‬
‫‪ ،‬حملته وعانقته و ربت على كتفيه وأنا أهمس في أذنه ‪" :‬سيكون كل شيء على ما‬
‫يرام يا صغيري"‪ ،‬فجأة رفع رأسه عن كتفي وجعل عينيه تواجه عيني ومن ثم قال‪:‬‬
‫أنزليني على األرض اآلن‪ ،‬وضعته برفق على األرض ومن ثم نهض و أدار رأسه‬
‫ناحيتي قليال وقال‪ :‬شكرا فلم يكن أحد يهتم بي أو يعطف علي‪ ،‬كنت أريد التحدث‬
‫والتعليق على كالمه إال أنه قاطعني بقوله‪ :‬اآلن فهمت‪ ،‬يجب علي االعتماد على‬
‫نفسي وأن أعطف وأهتم أنا بنفسي‪ ،‬و من ثم خطا خطوات صغيرة والتفت إلي‬
‫وبادرني بابتسامة بريئة وغادر‪ ،‬جلست على األرض وأسندت ظهري على حائط‬
‫كئيب يسرد قصة أناس خذلتهم الحياة‪ ،‬وضعت يدي على رأسي طالبة من الصداع‬
‫التروي قليال وإنهاء تلك الحفلة التي يقيمها داخل رأسي‪ ،‬لم أعد أرى أمامي جيدا‬
‫فكان كل ما حدث كوميض حلم سيء ‪ ..‬و اآلن ماذا حدث؟ من ذاك الطفل؟ و لم‬
‫كانت تغطيه تلك المادة؟ و لم كان يبكي و يصرخ بأعلى صوته؟ بدأت أفكاري‬
‫تعصف بي كرياح غاضبة‪ ،‬وأما ألم رأسي؟ كان كالبرق في وسط فصل الشتاء‬
‫لحظة ! مممم أذاك الطفل ‪..‬؟ نعم على األرجح أن ذاك الطفل المليء بالمشاعر الذي‬
‫يحتاج إلى رعاية ‪ ..‬كان أنا ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 82‬‬

‫" ِظل "‬

‫رأيته ‪ ..‬أقسم إني رأيته ‪ ،‬كان مرتديا معطفه األسود ووشاحه األصفر وقبعته‬
‫الصوفية والبخار يخرج من فمه وصوت اصطكاك أسنانه يوحي للمشاهد أنه يتجمد‬
‫من الداخل‪ ،‬كان ممسكا بكتابه المعتاد ويقرأ كل سطر وعيناه تحدقان بالكتاب وكأنه‬
‫نسي العالم المحيط به‪ ،‬وهو اآلن في عالمه الخاص يبحر بسفينته بين صفحات‬
‫الكتاب‪ ،‬نظر إلي وهو يمرر يديه بين خصالت شعره ذات اللون العسلي وابتسم‬
‫وعادت عيناه إلى بحر األحالم قد ابتسم ‪ ،‬نعم ابتسم وهل هذا يهم؟ كان يضرب‬
‫األرض بقدميه محدثا صوتا مزعجا ‪ ..‬سأصرخ إن لم يتوقف‪ ،‬هه و كأنه سمع‬
‫أفكاري فقد توقف‪ .‬كان جالسا وكتفاه بارزتان بشموخ وشعره يتطاير مع الريح‬
‫وعطره يسبح بالجو‪ ،‬ممسكا بكتابه كما وكأنه يمسك بشيء مقدس‪ ،‬نظر إلي وأخرج‬
‫ضحكة عفوية وغرقت عيناه بعيني وكأنه يقول وداعا إلى اآلبد وتالشى ظله مع‬
‫آخر هبوب للرياح ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 83‬‬

‫" منزلي "‬

‫كان البيت يحترق كطعام أسود ‪ ،‬كان كمدفأة متسخة من األتربة والغبار‪ ،‬تتشبع بها‬
‫سيئات الناس واألعمال القبيحة ‪ ..‬ال أعلم لكن جميع حروف اللغة العربية ال تستطيع‬
‫تكوين كلمة تعبر عن بشاعة المنظر‪ ،‬كانت النيران تتصاعد إلى األعلى وتخرج من‬
‫نوافذ المنزل‪ ،‬كان المنظر مرعبا كفيلم مخيف في منتصف الليل كان كشبح يقبض‬
‫على رقبتك ويحاول إنهاء حياتك‪ ،‬كان ذلك المنزل يجمع أفكاري وأعمالي وجميع‬
‫تلك األشياء المهمة ذات المكانة العظيمة لقلبي‪ ،‬رؤية ذاك الحريق ترك طابعا مخيفا‬
‫في ذهني ‪ ..‬نار حمراء يمتزج لونها مع األزرق واألخضر وذاك الدخان الحزين‬
‫يرتفع إلى األعلى معلنا إرهاقه من ألم عينيه‪ ،‬كان الطقس حزينا كجنازتي أو نسيان‬
‫أحد األشخاص المفضلين‪ ،‬كان الرعد والبرق يفرضان غضبهما على المدينة ‪..‬‬
‫يصرخ الرعد بأعلى صوته ويحاول إخراج جميع تلك األشياء المؤلمة داخل قلبه‬
‫المرهف‪ ،‬وكان البرق يعبر عن حزنه بتلك الشرارة الكهربائية ويحاول تهدئة‬
‫أعصابه بأي شخص من المارين‪ ،‬و أيضا تلك النار الحزينة والمرعبة والغاضبة‬
‫قليال المليئة بجميع تلك المشاعر المكبوتة داخل فؤاد حزين ما زالت ترتفع و تزداد‬
‫رعبا ‪..‬‬
‫ذاك المنزل المحترق المهمل الحزين الغاضب المرعب‪ ،‬كانت تلك الحياة التي‬
‫تقتحمني ‪.‬‬
‫ذاك هو منزلي ‪.‬‬

‫‪ ٢٩‬أكتوبر ‪١٩‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 84‬‬

‫_ هش‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 85‬‬

‫عذرا لكنني لستُ مال ًكا ‪ ،‬لذا ً‬


‫أهال بك في الجحيم ‪.‬‬ ‫ً‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 86‬‬

‫أنا بخير‪ ،‬قدموا المساعدة لروحي إنها تحتضر‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 87‬‬

‫الطرق داخلي ‪ ،‬تسحبني إلى القعر ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫إن كل‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 88‬‬

‫األمور خرجت عن السيطرة ‪ ،‬لم أعد أحتمل سوف أهرب ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 89‬‬

‫من يدري أين سننتهي؟‬


‫فهذا القرار يعو ُد إلى تلك الشخصية متقلبة المزاج‪ ،‬باختصار المستقبل ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 90‬‬

‫ببكاء جس ِدك بينما عيناك ت ُظهران السعادة ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫شيء ُمزعج ‪ ،‬أن تشعر‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 91‬‬

‫أنا بخير‪ ،‬لكن جسدي يبكي ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 92‬‬

‫كنتُ أظن أنه يمد بيده نحوي إلنقاذي‪ ،‬لكنه دفعني إلى الهاوية ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 93‬‬

‫ماذا لو كان الجميع على حق؟‬


‫و كنتُ أنا المخطئة ‪ ،‬كنتُ أنا الخطأ الذي ال يُغتفر؟ ماذا لو كنتُ مجرد عبء‪...‬‬
‫ماذا لو كنتُ مجرد نقطة بينهم ؟ كنتُ فقط ‪ " ..‬مجرد شيء " ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 94‬‬

‫أصوات صاخبة‪ ،‬صراخ ‪ ،‬أنين‪ ،‬كلمات غي ُر مفهومة ‪ ،‬إيماءات ‪ ،‬حركات الفم‬


‫وتقوس الحاجبين‪ ،‬أعصاب هائجة وشرايين بارزة‪ ،‬وعرق يتصبب من أعلى‬
‫الجبين‪ ،‬كان كوحش مخيف أقصد " كانوا " شعرتُ حينها أننا في معركة بين‬
‫أسدين ثائرين ينقض أحدهما على اآلخر ليتلذذ بوليمته‪ ،‬تضارب دقات القلب‪،‬‬
‫يال‪ ،‬بعض من القطرات المتجمعة داخل العين تعلن‬ ‫مشاعر مكتظة ومتراكمة قل ً‬
‫السقوط ‪ ،‬ارتجاف اليدين واصطكاك األسنان واللون األصفر الذي يحتل الوجه‪ ،‬كل‬
‫هذه األشياء كانت ت ُقيم حفلة في جسدي حينها لم أعلم بمن اتصل؟ الشرطة ‪ ..‬؟‬
‫اإلسعاف ‪ ..‬؟ مممم ‪ ..‬رجال اإلطفاء ليخمدوا هذه النيران المتصاعدة داخل مقلتي‬
‫ت األجواء مليئة بالكثير من الطاقات السلبية‪ ،‬تكفي إلشعال غابة‬
‫ربما ؟ كان ِ‬
‫بأكملها‪ ،‬حسنًا أستسلم لم أعد أجد كلماتي المناسبة لوصف ِذاك المشهد المخيف‬
‫قليال ‪ ،‬بعد مضي ساعات وذهاب الجميع إلى غرفته الخاصة‪ ،‬عم الهدوء‬ ‫والحزين ً‬
‫والقلق وسيطر شعور الخوف علي ً‬
‫قليال‪ ،‬و قرر سيدنا العظيم الصامت و المليء‬
‫بالسواد أن يقيم عزا ًء في عقلي ‪.‬‬
‫حت ًما بداية موفقة ت ُرى من يدري ماذا تخبئه هذه السنة التعيسة ؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 95‬‬

‫سا و فظاعة بعد رحيل أحدهم ‪.‬‬


‫_ تبًا لقد أصبحتُ أكثر بؤ ً‬
‫_ هل تؤمن بأن األشخاص يجلبون السعادة؟‬
‫_ ال‪ ،‬كنت أتحدث عن نفسي القديمة ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 96‬‬

‫من الصعب أن تكون أنت األبيض بين عالم محبط تكسوه الظلمة ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 97‬‬

‫أحيانًا أشع ُر أن الحياة مجرد معادلة كيميائية صعبة ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 98‬‬

‫األم ُر يشبه احتضانك لحلم ‪ ،‬لكنه في الحقيقة مجرد حلم ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 99‬‬

‫صراخ طفل يحترق ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫كانت تنهيدته أقوى من‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 100‬‬

‫إلى أولئك الذين رحلوا ‪ ،‬قد رحلتم أنتم ورحل كل شيء ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 101‬‬

‫األمر مزعج ج ًدا ‪ ،‬لم يكن كاصطدام إصبع قدمك الصغير بطرف الباب هذه المرة‪،‬‬
‫تراق لسانك من أثر شرب حساء ساخن ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بل كان كاح‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 102‬‬

‫األم ُر يزدا ُد سو ًءا ‪ ،‬أنا أغرق ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 103‬‬

‫و كأن الغرق قد يُجدي نفعًا ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 104‬‬

‫يبدو أنه ال يكفي أن تكون قويا فحسب ‪ ،‬بل ً‬


‫قاتال سفا ًحا ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 105‬‬

‫أن تستيقظ بمزاج سيء ولديك الرغبة في فعل ال شيء والعودة للنوم‪ ،‬أن تنهض‬
‫عن سريرك ليس ألنك تري ُد ذلك بل ألنه واجب عليك أن تنهض في الثالثة مسا ًء؛‬
‫لتسحب قدميك واحدة تلو األخرى وتغسل وجهك و تنظر في المرآة لتجد نفسك‬
‫السيئة وتعود لفراشك‪ ،‬روتين ممتاز ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 106‬‬

‫ثم أشار إلى قلبه ً‬


‫قائال ‪ :‬هُنا كانت تقطن روحي ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 107‬‬

‫يجب عليك الرحيل ‪ ،‬ليس عن أحبائك بل عن الجميع ‪.‬‬


‫ُ‬ ‫أحيانًا‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 108‬‬

‫ال تقلق علي ‪ ،‬أنا بأفضل حال أمامك أما خلفك أقوى من البنيان ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 109‬‬

‫صا لقتلته ‪.‬‬


‫لو كان السرطان شخ ً‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 110‬‬

‫_ مرحبا ً ‪.‬‬
‫_ أهالً ‪.‬‬
‫_ كيف حالك صديقي؟‬
‫_ أنا اآلن بين األلف والباء وبين الواحد والصفر‪ ،‬أنا بعيدة ج ًدا كمسافة الصفحة‬
‫األولى من رواية ذات ألف صفحة‪ ،‬أنا بخير حقا لكن هناك لغات غريبة داخلي تنكر‬
‫صحة قولي‪ ،‬لستُ حزينةً أنا فقط مليئة بآالف المشاعر التي تحتل الشخص عند‬
‫حدوث زلزال بحياته كموت أمه ً‬
‫مثال ‪ ،‬أنا بأفضل حال لكنني أشعر بالجوع لتلك‬
‫االيام البريئة البعيدة عن كل هذا التصنع الذي نعيشه اآلن ‪.‬‬
‫أنا بخير حقا ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 111‬‬

‫كان األم ُر ُمخيفًا في البداية لكنني بخير اآلن ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 112‬‬

‫كل ما في األمر أن ما يحدث مجرد كابوس ‪ ،‬إذًا لماذا أرى الوحش أمامي ؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 113‬‬

‫بكل ما أوتيتُ من قوة لكنني ال أبالي يا صديقي ‪.‬‬


‫كان باستطاعتي الجري ِ‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 114‬‬

‫األم ُر يشبه اعتقادك بأنك مجرة ‪ ،‬بينما في الحقيقة أنت مجرد نجمة ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 115‬‬

‫ال تحاو ِل القضاء علي أنا هش يا صديقي ‪ ،‬لكنني صخرة فأؤذيك ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 116‬‬

‫كجذور الشجرة ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫ت الخبز ‪ ،‬قوي‬
‫ضعيف كفتا ِ‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 117‬‬

‫و كأن الساعة فتاة في مرحل ِة المراهقة ‪ ،‬ال تري ُد النهوض تريد النوم‪ ،‬وفقط النوم‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 118‬‬

‫و كأنك منزل مهجور مخيف ‪ ،‬لكنك في الحقيقة ُمحطم ليس إال ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 119‬‬

‫يعود سبب عدم مقدرتك على الضحك؛ أن بعض أعضائك تقيم جنازةً لقلبك الميت ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 120‬‬

‫لبعض األسرار ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫أحسد السماء على كونها جميلة ‪ ،‬وبئر‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 121‬‬

‫إن األمر يشبه قوة تلك األشواك التي تقطن ظهر القنفذ ‪ ،‬لكنه في الحقيقة ضعيف‬
‫ضعيف للغاية ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 122‬‬

‫كان دوما ً يخبركم أنه ليس على ما يرام ‪ ،‬لكنه كان يضحك عوضا ً عن ذلك تلك‬
‫كانت طريقته‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 123‬‬

‫األم ُر مزعج ج ًدا ‪ ،‬كاصطدام إصبع قدمك الصغير بطرف الباب في طقس بارد ‪،‬‬
‫لكن تلك التي اصطدمت كانت روحك البائسة ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 124‬‬

‫لكن كل ما يؤلمني مقلتاي ‪ ،‬لم أعضائي تبكي؟‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 125‬‬

‫في الخامس عشر من شهر ديسمبر من سنة ألفين وثماني عشرة ‪ ،‬أقمنا أنا‬
‫وأفكاري حدا ًدا مظل ًما ‪ ،‬مر وقت طويل وأنا مصابة بالعمى ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 126‬‬

‫األم ُر يشبه طلبك للمساعدة من جس ِدك لكي تنجو من الغرق ‪ ،‬لكن كل ما يفعله هو‬
‫شدك إلى القعر ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 127‬‬

‫كانت رجفةُ يدي محزنةً أكثر من أمطار عيني ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 128‬‬

‫تتنفس ‪ ،‬وال تخنقوها بدخان التكنولوجيا هذه ‪.‬‬


‫ُ‬ ‫أرجوكم دعوا السماء‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 129‬‬

‫كان كل شيء بخير ‪ ،‬باستثناء ذاك الجهاز في صدري األيسر ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 130‬‬

‫تحتاجون إلى نظارة طبية كي تشعروا ‪.‬‬


‫مذهلة‬ ‫‪| 131‬‬

‫لم يكن سراً ‪ ،‬كان يبو ُ‬


‫ح بمشاكل ِه على طريقته لكن ال أحد منكم محقق ‪.‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 132‬‬

‫بات العال ُم مخيفًا فار ً‬


‫غا ‪ ،‬ت ُرى أين البشر؟‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 133‬‬

‫و ال زالت تعاملني بقسوة ‪ ،‬رفقًا بي فأنا لستُ صخرةً ‪.‬‬


‫‪ ١٢‬مايو ‪١٩‬‬
‫‪١ : ٣٥‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 134‬‬

‫و ما زالوا يعتقدون أنني مجرد خادمة ‪ ،‬ال جاه لي وال عائلة ‪.‬‬
‫‪ ٨‬مايو ‪١٩‬‬
‫‪٧ : ٥٥‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 135‬‬

‫ال تتفاءل فإنها ال تزال البداية ‪.‬‬


‫‪٨ : ٣٥‬‬
‫‪ ١٢‬مايو ‪١٩‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 136‬‬

‫أعل ُم أنك ستستيقظ بعد حلم تتمناه لو أنه حقيقة ‪ ،‬لكن ليس سيئًا أن تبتسم ولو‬
‫لخمس دقائق ‪.‬‬

‫‪ ٧‬مايو ‪١٩‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 137‬‬

‫الساعة اآلن الواحدة بعد منتصف الليل وأنت ما زلت وحي ًدا يا صديقي ‪ ،‬لكن تفاءل‬
‫ً‬
‫قليال فإن الحائط بجانبك لتتكئ عليه ‪.‬‬
‫‪ ٧‬مايو ‪١٩‬‬
‫مذهلة‬ ‫‪| 138‬‬

‫فقط هكذا ‪ ،‬تلك كانت النهاية ‪.‬‬

You might also like