You are on page 1of 51

‫ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ‬

‫ﻴ‬ ‫ﺑ‬ ‫ﻥ‬ ‫ﺯ‬ ‫ﺍ‬ ‫ﻮ‬ ‫ﺘ‬ ‫ﻟ‬ ‫ﺍ‬ ‫ﻭ‬ ‫ﻞ‬ ‫ﺼ‬ ‫ﻔ‬ ‫ﻟ‬ ‫ﺍ‬
‫ﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬
‫ﺇﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ‬
‫ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ‬
‫'‬

‫ﺔ‬ ‫ﺒ‬ ‫ﺳ‬ ‫ﺎ‬ ‫ﺤ‬ ‫ﻤ‬ ‫ﻟ‬ ‫ﺍ‬ ‫ﺐ‬ ‫ﺟ‬ ‫ﺍ‬ ‫ﻭ‬
‫ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ‬
‫ﻤ‬ ‫ﺍﻟ‬ ‫ﺔ‬ ‫ﻳ‬ ‫ﺭ‬ ‫ﻮ‬ ‫ﺘ‬ ‫ﺳ‬ ‫ﺪ‬ ‫ﺍﻟ‬ ‫ﺕ‬ ‫ﺌﺎ‬ ‫ﻴ‬ ‫ﻬ‬ ‫ﺍﻟ‬
‫‪ 31‬ﻣ ﺭﺎ‬
‫‪ 2018‬ﺇﻟﻰ‬ ‫ﺴﺘﻘﻠﺔ‬
‫ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ‬

‫‪88‬‬
‫ﺱ‬ ‫ﻮﺑﺮ‬
‫‪9‬‬ ‫ﺘ‬
‫ﺃﻛ‬
‫‪1‬‬
‫‪20‬‬

‫‪1‬‬‫ﻣﻦ‬

‫‪ER‬‬

‫الطـبعة‬ ‫ﺗﻘﺮﻳﺮ‬

‫متابعة تطبيق الدستور التونسي‬


‫وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫مرفق ‪ :‬جدول رصد تطبيق الدستور‬
‫© املنظمة الدولية للتقريرعن الديمقراطية (‪ . )DRI‬جميع الحقوق محفوظة‪.‬‬
‫يشجع نشر هذه الوثيقة لغاية غير تجارية شرط ذكر املنظمة (‪ )DRI‬كمصدر ومدها بنسخة مترجمة بلغات أخرى‪.‬‬
‫نشرت املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية هذا التقرير باللغة العربية وباللغة الفرنسية‪.‬‬
‫بدعم من ‪:‬‬
‫تقريــــر‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬

‫متابعة تطبيق الدستور التونسي‬


‫وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬

‫الفهرس‬

‫ملخص‬ ‫‪8‬‬
‫‪ 10‬مقدمة‬
‫‪ .1 11‬حقوق االنسان‬
‫‪ 1.1‬الحقوق المدنية والسياسية‬ ‫‪11‬‬
‫‪ 1.1.1‬حرية تكوين الجمعيات (الفصل ‪ 35‬من الدستور)‬ ‫‪11‬‬
‫‪ 2.1.1‬حرية االجتماع والتظاهر السلميين (الفصل ‪ 37‬من الدستور)‬ ‫‪15‬‬
‫‪ 3.1.1‬الحق في االنتخاب والترشح لالنتخابات والمساواة في تق ّلد الوظائف العمومية‬ ‫‪17‬‬
‫‪ 4.1.1‬الحق في محاكمة عادلة (الفصول ‪ 29 ،28 ،27‬و ‪ 108‬من الدستور)‬ ‫‪20‬‬
‫‪ 5.1.1‬حرية الضمير والمعتقد (الفصل ‪ 6‬من الدستور)‬ ‫‪22‬‬
‫‪ 6.1.1‬حرية التعبير واإلعالم والنشر (الفصل ‪ 31‬من الدستور)‬ ‫‪23‬‬
‫‪ 2.1‬المساواة‬ ‫‪24‬‬
‫‪ 1.2.1‬المساواة في القانون‬ ‫‪24‬‬
‫‪ 2.2.1‬تكافؤ الفرص‬ ‫‪26‬‬

‫‪ .2 28‬الفصل والتوازن بين السلطات‬


‫‪ 1.2‬الشرعية الديمقراطية للسلطتين التشريعية والتنفيذية‬ ‫‪28‬‬
‫‪ 2.2‬الرقابة المدنية والديمقراطية على القوات المسلحة‬ ‫‪28‬‬
‫‪ 3.2‬الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية‬ ‫‪29‬‬
‫‪ 4.2‬تجسيد مكانة المعارضة البرلمانية‬ ‫‪29‬‬
‫‪ 5.2‬استقاللية السلطة التشريعية‬ ‫‪29‬‬

‫‪4‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫الفهرس‬

‫‪ .3 30‬إستقاللية القضاء‬

‫‪ .4 33‬دولة القانون‬
‫‪ 1.4‬القضاء الدستوري‬ ‫‪33‬‬
‫‪ 2.4‬التأطير القانوني للحاالت االستثنائية‬ ‫‪35‬‬

‫‪ .5‬واجب المحاسبة والشفافية‬ ‫‪38‬‬


‫‪ 1.5‬واجب المحاسبة‬ ‫‪38‬‬
‫‪ 2.5‬الشفافية‬ ‫‪39‬‬

‫‪ .6‬الهيئات الدستورية المستقلة‬ ‫‪43‬‬


‫‪ .7‬الالمركزية‬ ‫‪47‬‬

‫‪5‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻭﺗﺠﺴﻴﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻻﻃﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ‬


‫تطبيقمر�سي‬ ‫الفترة ‪ :‬من ‪ 1‬أفريل ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪ 2019‬غيابالتطبيق تطبيق جاري وغيرمكتمل‬
‫تطبيق في تحسن‬

‫‪-31‬‬

‫‪-30‬‬

‫‪-31‬‬

‫‪-30‬‬

‫‪-31‬‬

‫‪-30‬‬

‫‪-31‬‬

‫‪0-1‬‬
‫ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ‬

‫‪2019-3‬‬

‫‪2018-9‬‬
‫‪2018-3‬‬
‫‪2017-9‬‬
‫‪2017-3‬‬
‫‪2016-9‬‬

‫‪2016-3‬‬
‫‪2015-1‬‬
‫المالحﻈات‬ ‫ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ‬
‫‪ +‬لم يقع تنقيح املرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪ 2011‬إال أنه تم إصدار قوانين أخرى سنتي ‪ 2018‬و‪ 2019‬تحتوي على أحكام تتعلق بحرية تكوين الجمعيات‪:‬‬
‫القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 29‬أكتوبر ‪ 2018‬املتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات (إجراءات تسجيل الجمعيات من شأنها املساس بنظام‬
‫التصريح الذي تم تكريسه بمقت�سى املرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪.)2011‬‬
‫ﺣﺮﻳﺔ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ‬
‫القانون عدد ‪ 9‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪ّ 2019‬‬
‫املنقح ّ‬
‫واملتمم للقانون عدد ‪ 26‬لسنة ‪ 2015‬املتعلق بمكافحة اإلرهاب ومنع غسل األموال‪.‬‬
‫ّ‬
‫يتسم قانون ‪ 1969‬الجاري به العمل بالغموض وهذا ما يترك مجاال واسعا للتصرف بالنسبة للسلطة التنفيذية‪.‬‬ ‫ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﻴﻦ‬
‫أضاف القانون األسا�سي عدد ‪ 7‬املؤرخ في ‪ 14‬فيفري ‪ّ 2017‬‬
‫املنقح ّ‬ ‫ﺣﻖ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺏ ﻭﺍﻟﺘﺮﺷﺢ ﻭﺗﻘ ﹼﻠﺪ‬
‫واملتمم للقانون االنتخابي أحكاما تعنى باالنتخابات البلدية والجهوية‪.‬‬
‫ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ‬
‫تم تعديل مجلة اإلجراءات الجزائية في شهر فيفري ‪ 2016‬وتحسين اإلطار القانوني لالحتفاظ‪ ،‬لكن من املستحسن القيام ببعض التعديالت التي من‬
‫شأنها اضفاء املزيد من الفعالية على الضمانات الدستورية‪.‬‬
‫اإلطار القانوني الجديد الخاص بالقضاء االداري في طور االرساء‪ .‬ألول مرة في تاريخ املحكمة االدارية يتم احداث ‪ 12‬دائرة ابتدائية بالجهات متفرعة عن‬
‫املحكمة اإلدارية وهو ما يساهم في تقريب القضاء اإلداري من املواطن‪.‬‬
‫ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﻋﺎﺩﻟﺔ‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫املنقح واملتمم للقانو عدد ‪ 26‬لسنة ‪ 2015‬املتعلق بمكافحة اإلرهاب ومنع غسل‬ ‫‪ +‬أضاف القانون عدد ‪ 9‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪ّ 2019‬‬
‫األموال أحكاما تدعم الحق في محاكمة عادلة لكن مع اإلبقاء على الطابع االستثنائي لهذا القانون مقارنة بالقواعد ّ‬
‫العامة لقانون االجراءات الجزائية‪.‬‬
‫بعض النصوص القانونية ومنها ما هو غير مطبق تتضمن أحكاما تحد من حرية الضمير واملعتقد‪.‬‬
‫وقع الغاء املنشور املؤرخ في ‪ 5‬نوفمبر ‪ 1973‬الذي يمنع زواج املسلمات من غير املسلمين‪.‬‬
‫ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪ‬

‫ضرورة القيام بتحوير اإلطار القانوني لضمان مزيد من األمان القانوني‪.‬‬ ‫ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ‬

‫بعض النصوص القانونية تحتوي على أحكام مخالفة ملبدأ املساواة‪.‬‬


‫ّ‬
‫تم تعديل القانون املتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر ليلغي حالة من الالمساواة بين االبوين بخصوص الترخيص في السفر ألبنائهما القصر‪.‬‬
‫صدر قانون متعلق بالقضاء على العنف ضد املرأة (قانون عدد ‪ 58‬مؤرخ في ‪ 11‬أوت ‪.)2017‬‬
‫نشرت لجنة الحريات الفردية واملساواة تقريرها في ‪ 12‬جوان ‪ .2018‬ويحتوي التقرير على مقترح مجلة الحقوق والحريات الفردية وعلى مقترح قانون‬ ‫ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ‬
‫أسا�سي متعلق بالقضاء على التمييز ضد املرأة وبين األطفال‪.‬‬
‫ّ‬
‫املتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ّ‬
‫يعزز املساواة في القانون‪.‬‬ ‫‪ +‬إصدار القانون عدد ‪ 50‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 23‬أكتوبر ‪2018‬‬

‫تم إصدار مجلة الجماعات املحلية في ‪ 9‬ماي ‪( 2018‬القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪.)2018‬‬
‫‪ +‬تم إصدار ‪ 6‬أوامر تطبيقية ملجلة الجماعات املحلية من جملة أربعين أمرا تقريبا‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬


‫ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺘﻴﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ‬
‫لم تتم مراجعة اإلطار القانوني املتعلق بالقضاء العسكري‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ‬
‫إصدار القانو عدد ‪ 50‬لسنة ‪ 2018‬املؤ خ في ‪ 23‬أكتوبر ‪ 2018‬املتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصر يعز املساواة في القانو ‪.‬‬ ‫‪+‬‬

‫تم إصدار مجلة الجماعات املحلية في ‪ 9‬ماي ‪( 2018‬القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪.)2018‬‬
‫‪ +‬تم إصدار ‪ 6‬أوامر تطبيقية ملجلة الجماعات املحلية من جملة أربعين أمرا تقريبا‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ‬

‫ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ‬


‫ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻄﺘﻴﻦ‬
‫ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ‬
‫ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ‬
‫لم تتم مراجعة اإلطار القانوني املتعلق بالقضاء العسكري‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ‬
‫ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ‬
‫ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ‬
‫ﺗﺠﺴﻴﺪ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ‬

‫ينبغي تجسيد الضمانة الدستورية الستقاللية السلطة التشريعية‪.‬‬ ‫ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ‬

‫بالرغم من ادخال بعض االصالحات‪ّ ،‬‬


‫فإن القوانين والتراتيب النافذة تتضمن أحكاما غير مطابقة للدستور‪.‬‬
‫تم انشاء املجلس األعلى للقضاء (القانون األسا�سي عدد ‪ 34‬املؤرخ في ‪ 28‬أفريل ‪ .)2016‬انطلقت أشغال املجلس في شهر أفريل ‪.2017‬‬ ‫ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ‬
‫‪ +‬تم تحديد تاريخ االنتخابات الجزئية للمجلس األعلى للقضاء يوم ‪ 17‬ماي ‪.2019‬‬

‫ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ‬
‫صدر القانون املتعلق باملحكمة الدستورية في شهر ديسمبر ‪ 2015‬اال أنه لم يقع تركيز املحكمة بعد‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ‬
‫ّ‬
‫األمر عدد ‪ 50‬لسنة ‪ 1978‬املنظم لحالة الطوارئ غير مطابق للدستور‪.‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺄﻃﻴﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻟﻠﺤﺎﻻﺕ ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ‬

‫ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ‬


‫يتعين إدخال املزيد من التحسينات على اإلطار القانوني‪ ،‬وبالخصوص على صالحيات لجان التحقيق البرملانية‪.‬‬ ‫ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ‬
‫صدر القانون املتعلق بحق النفاذ إلى املعلومة في شهر مارس ‪ 2016‬ودخل حيز النفاذ في ‪ 29‬مارس ‪.2017‬‬
‫وقع إرساء هيئة النفاذ إلى املعلومة إثر انتخاب مجلس نواب الشعب ألعضائها في ‪ 18‬جويلية ‪ 2017‬وتسميتهم بمقت�سى األمر الحكومي املؤرخ في ‪ 17‬أوت ‪.2017‬‬
‫ّ‬
‫صدر القانون األسا�سي املتعلق باإلبالغ عن الفساد وحماية املبلغين (قانون عدد ‪ 10‬مؤرخ في ‪ 7‬مارس ‪.)2017‬‬
‫وقع إيداع مشروع قانون أسا�سي متعلق بحماية املعطيات الشخصية لدى مجلس نواب الشعب (مشروع قانون عدد ‪.)25/2018‬‬
‫ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ‬
‫ّ‬
‫صدر في ‪ 1‬أوت ‪ 2018‬قانون يتعلق بالتصريح باملكاسب واملصالح وبمكافحة اإلثراء غير املشروع وتضارب املصالح (قانون عدد ‪ 46‬لسنة ‪.)2018‬‬
‫‪ +‬صدر القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 2018‬املتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات في ‪ 29‬أكتوبر ‪.2018‬‬

‫‪ +‬تم إحداث ثالث هيئات دستورية مستقلة من جملة خمس هيئات وهي‪:‬‬
‫‪ -‬الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات بمقت�سى القانون األسا�سي عدد ‪ 23‬لسنة ‪ 2012‬وتمارس الهيئة مهامها منذ ‪.2014‬‬
‫‪ -‬هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بمقت�سى القانون األسا�سي عدد ‪ 59‬املؤرخ في ‪ 24‬أوت ‪ 2017‬ولم يتم ارساء هذه الهيئة بعد‪.‬‬
‫‪ +‬هيئة حقوق اإلنسان بمقت�سى القانون األسا�سي عدد ‪ 51‬املؤرخ في ‪ 29‬أكتوبر ‪ 2018‬ولم يتم ارساء هذه الهيئة بعد‪.‬‬
‫ﺍﻟﻬﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ‬
‫تم إصدار القانون املتعلق باألحكام املشتركة بين الهيئات الدستورية املستقلة في ‪ 7‬أوت ‪( 2018‬القانون عدد ‪ 47‬لسنة ‪.)2018‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ‬
‫تم إيداع مشروع قانون متعلق بهيئة االتصال السمعي البصري ومشروع قانون متعلق بهيئة التنمية املستدامة وحقوق األجيال القادمة لدى مجلس‬
‫نواب الشعب‪.‬‬
‫‪I‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬

‫ملخــص‬

‫املمتدة من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪ 2019‬وقد تم خاللها تسجيل ّ‬


‫تقدم في تطبيق أحكام‬ ‫ّ‬ ‫يتعلق هذا التقرير بالفترة‬
‫الدستور‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ومن أهم املواضيع التي سجل فيها تقدم يمكن أن نذكر‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬إصدار القانون األسا�سي املتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بتاريخ ‪ 23‬أكتوبر ‪.2018‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬إصدار القانون األسا�سي املتعلق بهيئة حقوق اإلنسان بتاريخ ‪ 29‬أكتوبر ‪.2018‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬إصدار أوامر تطبيقية جديدة ملجلة الجماعات املحلية‪.‬‬
‫‪ n‬انتخاب رئيس الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات وأعضائها الجدد من قبل مجلس نواب الشعب بتاريخ ‪ 30‬جانفي‬
‫‪.2019‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪ n‬ضبط الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات لروزنامة االنتخابات التشريعية والرئاسية التي ستجرى على التوالي يوم‬
‫‪ 6‬أكتوبر ‪ 2019‬ويوم ‪ 17‬نوفمبر ‪.2019‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪ n‬ضبط الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات لروزنامة االنتخابات الجزئية للمجلس األعلى للقضاء التي ستجرى يوم ‪17‬‬
‫ماي ‪.2019‬‬
‫ّ‬
‫في املقابل الزالت أحكام من الدستور غير منزلة ونذكر منها على وجه الخصوص تلك املتعلقة بــ‪:‬‬
‫‪ n‬املحكمة الدستورية التي لم ّ‬
‫يتم تعيين أعضائها‪.‬‬
‫‪ n‬الحاالت االستثنائية (حالة الطوارئ) التي لم يقع تأطيرها بقانون‪.‬‬
‫‪ n‬الهيئات الدستورية املستقلة التي لم يقع إحداثها جميعها‪.‬‬

‫ومكرس ملبادئ الحكم الديمقراطي في تونس خطوة هامة نحو إرساء الديمقراطية ّ‬ ‫ّ‬
‫تشكل املصادقة على دستور ضامن للحقوق والحريات ّ‬
‫لكنها‬
‫ّ‬
‫ضروريا إلقامة حوكمة ديمقراطية‪.‬‬ ‫غير كافية‪ ،‬حيث ّ‬
‫يظل تطبيق أحكام الدستور وتجسيد الضمانات الواردة فيه أمرا‬

‫ترمي املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية من خالل نشرها لهذا التقرير إلى إجراء متابعة دورية لتطبيق الدستور التون�سي وتجسيده‬
‫على مستوى اإلطار القانوني‪.‬‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫وخاصة‬ ‫تتمحور متابعة تطبيق الدستور حول بعض املواضيع التي ت َع ّد من مؤشرات الحوكمة الديمقراطية‪ .‬وهذه املواضيع هي حقوق اإلنسان‬

‫‪8‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫ملخص‬

‫منها الحقوق املدنية والسياسية والفصل بين السلطات وتحقيق التوازن بينها واستقاللية القضاء ودولة القانون واملحاسبة والشفافية‪،‬‬
‫والهيئات الدستورية املستقلة والالمركزية‪.‬‬
‫ّ‬
‫املمتدة من ّ‬ ‫ّ‬
‫غرة أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪.2019‬‬ ‫ويتعلق هذا التقرير بالفترة‬
‫أهم ّ‬
‫تقدم ُم َ‬ ‫ّ‬
‫ويتمثل ّ‬
‫حرز خالل هذه الفترة في‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬إصدار القانون األسا�سي املتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بتاريخ ‪ 23‬أكتوبر ‪.2018‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬إصدار القانون األسا�سي املتعلق بهيئة حقوق اإلنسان بتاريخ ‪ 29‬أكتوبر ‪.2018‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬إصدار أوامر تطبيقية جديدة ملجلة الجماعات املحلية‪.‬‬
‫‪ n‬انتخاب رئيس الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات وأعضائها الجدد من قبل مجلس نواب الشعب بتاريخ ‪ 30‬جانفي ‪.2019‬‬
‫جرى على التوالي يوم ‪ 6‬أكتوبر ‪2019‬‬ ‫‪ n‬ضبط الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات لروزنامة االنتخابات التشريعية والرئاسية التي ُ‬
‫ست َ‬
‫ويوم ‪ 17‬نوفمبر ‪.2019‬‬
‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪ n‬ضبط الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات لروزنامة االنتخابات الجزئية للمجلس األعلى للقضاء التي ستجر يوم ‪ 17‬ماي ‪.2019‬‬
‫ّ‬
‫قانونية على صلة بتطبيق أحكام الدستور وإحالة البعض منها إلى‬ ‫تم خالل الفترة التي يشملها التقرير الراهن إعداد مشاريع نصوص‬ ‫كما ّ‬
‫مجلس نواب الشعب‪ .‬وتشمل هذه النصوص ّ‬
‫خاصة‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬مشروع القانون األسا�سي عدد ‪ 69/2018‬املتعلق بهيئة التنمية املستدامة وحقوق األجيال القادمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬مشروع القانون األسا�سي عدد ‪ 90/2018‬املتعلق بإتمام مجلة األحوال الشخصية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬مشروع القانون األسا�سي عدد ‪ 91/2018‬املتعلق بتنظيم حالة الطوارئ‪.‬‬
‫مطبقة‪ .‬وتجدر هنا اإلشارة إلى املحكمة الدستورية التي لم ّ‬
‫يتم إرساؤها بعد ّ‬ ‫ّ‬
‫إال ّأن بعض األحكام األخرى من الدستور الزالت غير ّ‬
‫جراء فشل‬
‫مجلس نواب الشعب في انتخاب أربعة أعضاء من املحكمة بأغلبية الثلثين‪ .‬كما لم يقع إحداث ّ‬
‫كل الهيئات الدستورية املستقلة املنصوص‬
‫عليها بالباب السادس من الدستور‪.‬‬

‫عدة يمكن أن نذكر من بينها التحديات‬ ‫فإن وتيرة تطبيق الدستور لم تتسارع خالل الفترة التي يغطيها هذا التقرير وذلك ألسباب ّ‬ ‫وختاما‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫أولوية بالنسبة لصانعي القرار‪ .‬كما ّأن الصبغة التقنية‬
‫تشكل على ما يبدو مسألة ّ‬ ‫االجتماعية واالقتصادية واألمنية التي تواجها البالد والتي‬
‫ق‬ ‫عملية ّ‬
‫سن اإلطار القانوني الجديد تستغر الكثير من الوقت‪.‬‬ ‫لبعض اإلصالحات جعلت ّ‬

‫‪+‬‬ ‫تمت اإلشارة إلى الفقرات الجديدة التي وقعت إضافتها في التقرير بواسطة الرمز‬

‫‪9‬‬
‫‪I‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬

‫مقدمــة‬

‫ّ‬
‫نشرت املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية‪ 1‬في شهر مارس ‪ 2015‬دراسة تقييمية للطابع الديمقراطي للدستور التون�سي‪ .2‬وحسب‬
‫ّ‬
‫هذه الدراسة التقييمية ّتمت صياغة الدستور التون�سي بطريقة متناغمة بصفة عامة مع االلتزامات واملعايير الدولية املتعلقة بالديمقراطية‪.‬‬
‫فبالرغم من وجود بعض االستثناءات‪ ،3‬يضمن الدستور التون�سي عموما حقوق اإلنسان‪ ،‬بما فيها الحقوق املدنية والسياسية والحقوق‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬بالشكل الذي ّ‬
‫يتعين ضمانه في دولة ديمقراطية‪.‬‬
‫يتم ّ‬
‫فعليا إرساء نظام حوكمة ديمقراطية‬ ‫وقد أبرز التقييم املذكور ضرورة التسريع في نسق تطبيق األحكام الواردة في الدستور وتجسيدها حتى ّ‬
‫في البالد التونسية‪.‬‬

‫عد التقرير الحالي الثامن من سلسلة تقارير دورية ترمي إلى متابعة تطبيق الدستور‪ 4‬وتجسيده على مستوى التشريع التون�سي‪ ،‬السيما‬ ‫ُوي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مطولة‪ .‬فهي ستتمثل ّأوال في إصدار النصوص القانونية ذات القيمة تحت الدستورية الالزمة حتى تصبح أحكام‬ ‫وأن هذه العملية ستكون ّ‬
‫الدستور نافذة بصفة فعلية‪ .‬كما ستستوجب من ناحية ثانية القيام تدريجيا بتطهير‪ 5‬ومراجعة النصوص القانونية النافذة والتي تتعارض‬
‫ّ‬
‫مع الدستور‪ .‬وأخيرا‪ ،‬ستتطلب كذلك االمتناع عن إصدار نصوص قانونية مخالفة للدستور‪ّ .6‬إن هذه الدراسة ال ترمي إلى تقييم كيفية‬
‫تطبيق أجهزة الدولة للدستور التون�سي بقدر ما ّ‬
‫تهتم بإصالح اإلطار القانوني في حد ذاته‪.‬‬
‫وبقطع النظر عن الصعوبات التقنية املتصلة بهذه العملية‪ّ ،‬‬
‫فإن األوضاع السياسية واالجتماعية واالقتصادية بالبالد التونسية من شأنها أن‬
‫ّ‬
‫تؤثر على وتيرة تطبيق الدستور وأن تفرض على صانعي القرار السيا�سي أولويات ّ‬
‫معينة ضمن روزنامة عملهم‪.‬‬

‫‪ 1‬بالشراكة مع باحثين من الجمعية التونسية للقانون الدستوري‪.‬‬


‫‪> http://democracy-reporting.org/newdri/wp-content/uploads/2016/03/dri-tn-democracy_audit-ar.pdf < 2‬‬
‫‪ 3‬في مجال الترشح لالنتخابات التشريعية والرئاسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 4‬تقارير املتابعة هي تقارير سداسية باستثناء التقرير ّ‬
‫األول الذي غطى كامل الفترة املمتدة من ‪ 27‬جانفي ‪( 2014‬تاريخ إصدار الدستور) إلى ‪ 30‬سبتمبر ‪.2015‬‬
‫سيطلب منها النظر في حاالت الدفع بعدم الدستورية التي يثيرها الخصوم في إطار الدعاوى املنشورة ً‬
‫وفقا ملقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 120‬من الدستور‪.‬‬ ‫‪ 5‬وستكون عملية التطهير هذه باألساس نتاجا لعمل املحكمة الدستورية املُرتقبة حين ُ‬
‫كل الحاالت ً‬ ‫ّ‬
‫متوفرا في ّ‬
‫نظرا لغياب محكمة دستورية ومحدودية الرقابة التي تمارسها الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين‪.‬‬ ‫‪ 6‬وهو ما ال يبدو‬

‫‪10‬‬
‫‪1‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬

‫حقوق االنسان‬

‫ّ‬
‫وتتمثل هذه الحقوق أساسا في الحقوق‬ ‫إن حقوق اإلنسان هي مجموعة حقوق ّتتسم بالشمولية بحكم ّ‬
‫تأصلها في كيان الذات البشرية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫كرسها الدستور التون�سي‪ ،‬لذا فهي ت َع ّد من الحقوق والحريات األساسية‪.‬‬‫املدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ .‬وهي حقوق ّ‬
‫وسيقتصر هذا التقرير على متابعة تجسيد الحقوق املدنية والسياسية فحسب‪.‬‬

‫‪ .1.I‬الحقوق المدنية والسياسية‬


‫ّ‬
‫الخاص بـ “الحقوق والحريات”‪ .‬لكن‬ ‫كرس الدستور التون�سي الحقوق املدنية والسياسية التي ّ‬
‫تم تعدادها إجماال ضمن الباب الثاني‬ ‫ّ‬
‫سيقتصر هذا التقرير على تناول الحقوق املدنية والسياسية التي لها صلة مباشرة بالحوكمة الديمقراطية‪ .‬وهو خيار ال ّ‬
‫ينم عن ّ‬
‫أي‬
‫ترتيب تفاضلي للحقوق املدنية والسياسية‪.‬‬

‫‪ .1.1.I‬حرية تكوين الجمعيات (الفصل ‪ 35‬من الدستور)‬


‫ّ‬ ‫هذه الحرية منظمة بمقت�ضى ّ‬
‫نصين قانونيين‪ :‬املرسوم عدد ‪ 87‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 24‬سبتمبر ‪ 2011‬واملتعلق بتنظيم األحزاب‬
‫ّ‬
‫السياسية واملرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 24‬سبتمبر ‪ 2011‬واملتعلق بالجمعيات‪.‬‬

‫عتبر عند صدورها نصوصا ذات صبغة ترتيبية‪ ،‬بما يجعلها‬ ‫وتطرح هنا مسألة تحديد القيمة القانونية لهذه املراسيم‪ :‬هل ّأنها ُت َ‬
‫في حاجة ملصادقة البرملان؟ أم ّأنها تحظى بقيمة تشريعية منذ صدورها وبالتالي ال حاجة ملصادقة البرملان عليها؟‬

‫املتخذة استنادا إلى املرسوم عدد ‪ 14‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 23‬مارس ‪2011‬‬ ‫في البداية اعتبرت املحكمة اإلدارية أن املراسيم ّ‬
‫ّ‬
‫واملتعلق بالتنظيم املؤقت للسلط العمومية‪ 7‬هي قرارات إدارية خاضعة لرقابة القا�ضي اإلداري طاملا لم تتم املصادقة عليها من‬
‫بأن املراسيم الصادرة على أساس املرسوم عدد ‪ 14‬لسنة ‪ 2011‬املذكور‪،9‬‬ ‫املشرع‪ .8‬إال أن املحكمة اإلدارية قضت الحقا ّ‬
‫ّ‬ ‫قبل‬
‫‪10‬‬
‫على غرار املرسومين املتعلقين باألحزاب السياسية وبالجمعيات‪ ،‬لها قيمة تشريعية منذ صدورها وال تحتاج ملصادقة البرملان ‪.‬‬

‫‪ 7‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪ ،‬عدد ‪ 20‬بتاريخ ‪ 25‬مارس ‪ ،2011‬ص‪ 363.‬ما يليها‪.‬‬
‫ضد‪ /‬رئيس الحكومة‪ 4 ،‬جويلية ‪ ،2012‬مجموعة فقه قضاء املحكمة اإلدارية‪ ،‬ص‪ 44 .‬وما يليها‪.‬‬‫‪ 8‬املحكمة اإلدارية‪ ،‬ابتدائي‪ ،‬عدد ‪ ،124153‬محمد علي القاب�سي ّ‬
‫نص الفصل ‪ 4‬من املرسوم عدد ‪ 14‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 23‬مارس ‪ 2011‬على أنه “يتم إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في صيغة مراسيم يختمها رئيس الجمهورية املؤقت‪ .”...‬وينبغي التمييز بين املراسيم الصادرة استنادا إلى هذا الفصل وتلك الصادرة‬ ‫‪ّ 9‬‬
‫فوض لرئيس الجمهورية املؤقت اتخاذ مراسيم طبقا للفصل ‪ 28‬من دستور غرة جوان ‪( 1959‬الرائد الرسمي عدد ‪ 10‬املؤرخ في ‪ 10‬فيفري ‪ ،2011‬ص‪.)170 .‬‬ ‫على أساس القانون عدد ‪ 5‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 9‬فيفري ‪ 2011‬والذي ّ‬
‫اجع أيضا الحكم االستئنافي الصادر عن املحكمة اإلدارية بتاريخ ‪ 6‬أفريل ‪ ،2016‬بالحسن الطرابل�سي ومن معه ّ‬
‫ضد‪ /‬رئيس‬ ‫‪ 10‬اجع‪ :‬املحكمة اإلدارية‪ ،‬ابتدائي‪ ،‬عدد ‪ 8 ،123538‬جوان ‪ ،2015‬بالحسن الطرابل�سي ومن معه ّ‬
‫ضد‪ /‬رئيس الحكومة‪ ،‬غير منشور‪ .‬ر‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتعلق بالتنظيم املؤقت للسلط العمومية ّ‬
‫فإن ّ‬ ‫ّ‬
‫كل املراسيم الالحقة له أصبحت تحظى بقيمة تشريعية‪ .‬وهو حكم يؤكد الصبغة التشريعية للمرسومين عدد‬ ‫الحكومة‪ ،‬غير منشور‪ :‬قضت املحكمة في هذا الحكم‪ ،‬القابل للنقد‪ ،‬بأنه تبعا ملرسوم ‪ 23‬مارس ‪2011‬‬
‫ضد‪ /‬رئيس الحكومة (غير منشور)‪ ،‬والذي اعتبرت فيه ّأن مرسوم ‪ 23‬مارس ‪ 2011‬سالف الذكر‬ ‫ائد املراك�شي ّ‬
‫‪ 87‬وعدد ‪ 88‬لسنة ‪ .2011‬وقد اعتمدت املحكمة اإلدارية نفس هذا املوقف في الحكم الصادر في القضية عدد ‪ 123900‬بتاريخ ‪ 30‬ديسمبر ‪ ،2016‬ر‬
‫يكت�سي صبغة تشريعية‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫حقوق االنسان‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫لكن املوقف الذي تبنته املحكمة اإلدارية مثير للجدل نظرا لكون املرسوم ُيشكل عند صدوره قرارا إداريا وال يمكن أن يحظى‬
‫بقيمة تشريعية إال بعد املصادقة عليه من ق َبل املشرع‪ .‬بيد ّأنه ّ‬
‫يتعين التمييز على مستوى املصادقة بين فرضيتين‪ :‬فإذا كان‬ ‫ِ‬
‫إجراء املصادقة ممكنا لكن تم تجاهله‪ ،‬يصبح املرسوم الغيا‪ّ .‬أما إذا كان إجراؤها أمرا مستحيال‪ ،‬يبقى املرسوم ساري املفعول‬
‫لكن بصفته قرارا إداريا‪.‬‬
‫وفيما يتعلق باملراسيم الصادرة على أساس املرسوم عدد ‪ 14‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 23‬مارس ‪ ،2011‬فإن هذا األخير لم ّ‬
‫ينص‬
‫على إجراء املصادقة عليها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يمكن أن يتواصل العمل بها لكن بصفتها قرارات إدارية قابلة للطعن بدعوى تجاوز السلطة‪.‬‬

‫األحزاب السياسية‬
‫نص فصله ّ‬ ‫مر�ضي إذ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األول‬ ‫يضمن املرسوم عدد ‪ 87‬لسنة ‪ 112011‬املتعلق باألحزاب السياسية حرية تكوين األحزاب السياسية بشكل‬
‫على أنه “يضمن هذا املرسوم حرية تأسيس األحزاب السياسية واالنضمام إليها والنشاط في إطارها ويهدف إلى تكريس حرية التنظيم‬
‫ّ‬
‫إال ّ‬
‫أن نظام تكوين األحزاب‬ ‫السيا�سي ودعم التعددية السياسية وتطويرها وإلى ترسيخ مبدأ الشفافية في تسيير األحزاب السياسية”‪.‬‬
‫ّ‬
‫ينص على نظام التصريح‪ ،‬فإن الفصل ‪ 10‬أتاح‬ ‫السياسية كما جاء باملرسوم املذكور قريب من نظام الترخيص‪ .‬فلئن كان الفصل ‪ 9‬منه ّ‬
‫ّ‬
‫للسلطة اإلدارية املعنية أن تتخذ قرارا برفض تأسيس حزب‪ .‬ويجب أن يكون هذا القرار معلال‪ ،‬وهو قابل للطعن بدعوى تجاوز السلطة‬
‫مقيدة‪ ،‬حيث يقتصر دورها على تسليم وصل اإليداع‬ ‫أمام املحكمة اإلدارية‪ .‬وهو عكس نظام التصريح الذي تكون فيه السلطة اإلدارية ّ‬
‫إذا كان ملف التكوين مكتمال‪ ،‬مع إمكانية اللجوء إلى القضاء الحقا‪ .‬ولهذا السبب يوصف نظام التصريح أيضا بالنظام الزجري (الذي‬
‫يقابله النظام الوقائي)‪ .‬ومن املمكن تنقيح هذا املرسوم بموجب قانون أسا�سي طبقا ملا جاء بالفصل ‪ 65‬من الدستور‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقد قامت الوزارة املكلفة بالعالقة مع الهيئات الدستورية واملجتمع املدني وحقوق االنسان بإعداد مشروع قانون أسا�سي يتعلق بتنظيم‬
‫األول على أنه “يضمن هذا القانون األسا�سي حرية‬ ‫وينص املشروع في فصله ّ‬
‫ّ‬ ‫األحزاب السياسية وتمويلها وعرضه على استشارة العموم‪.12‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تأسيس األحزاب السياسية في إطار دولة مدنية وديمقراطية‪ .”...‬ويتبين أن مشروع القانون‪ ،‬على غرار املرسوم عدد ‪ 87‬لسنة ‪،2011‬‬
‫أن تأسيس الحزب السيا�سي متوقف على عدم اعتراض اإلدارة عليه‪ .‬فحسب الفصل ‪ 14‬من املشروع‪،‬‬ ‫قد أر�سى نظام ترخيص‪ ،‬بما ّ‬
‫“إذا كان ملف تأسيس الحزب السيا�سي مطابقا ملقتضيات هذا القانون‪ ،‬توجه اإلدارة إلى مؤس�سي الحزب إشعارا على عنوان البريد‬
‫أن اإلشعار بعدم االعتراض يقوم مقام الترخيص‪ ،‬ومن دونه ال يمكن‬ ‫مما يعني ّ‬
‫اإللكتروني للحزب يفيد عدم االعتراض على تأسيسه‪ّ .”...‬‬
‫ّ‬ ‫للحزب أن ّ‬
‫يتأسس‪ .‬وإذا كان ملف تأسيس الحزب غير مطابق ملقتضيات الفصلين ‪ 6‬و‪ 7‬من مشروع القانون‪ ،‬ترفض اإلدارة تأسيسه‬
‫ّ‬
‫وذلك بمقت�ضى قرار معلل (الفصل ‪ .)15‬وحسب الفصل ‪“ :6‬يحترم الحزب السيا�سي في نظامه األسا�سي وفي برامجه ونشاطه وتمويله‬
‫مبادئ الجمهورية وعلوية القانون والديمقراطية والتعددية والتداول السلمي على السلطة والشفافية واملساواة وحياد اإلدارة العمومية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫“يحجر‬ ‫وينص الفصل ‪ 7‬على أنه‬ ‫ودور العبادة واملرافق العامة واستقالل القضاء وحقوق اإلنسان وفقا ألحكام الدستور والقانون”‪.‬‬
‫ّ‬
‫على الحزب السيا�سي أن يعتمد في نظامه األسا�سي أو في برامجه أو في نشاطه أو في بياناته الدعوة إلى العنف أو الكراهية أو التعصب أو‬
‫التمييز بجميع أشكاله أو تهديد وحدة الدولة أو نظامها الجمهوري أو الديمقراطي”‪ .‬وإذا كان ملف تأسيس الحزب السيا�سي غير مطابق‬
‫ألحكام تشريعية أخرى غير أحكام الفصلين ‪ 6‬و‪ 7‬السابق ذكرهما‪ ،‬تطلب اإلدارة من مؤس�سي الحزب تصحيح إجراءات تأسيسه (الفصل‬
‫ضبط كيفية استخدامها بمقت�ضى أمر حكومي‬ ‫منصة إلكترونية محدثة للغرض‪ُ ،‬ت َ‬‫وتتم إجراءات تأسيس األحزاب السياسية عبر ّ‬ ‫‪ّ .)16‬‬
‫(الفصل ‪ .)9‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬يكون قرار رفض تأسيس الحزب السيا�سي قابال للطعن بدعوى تجاوز السلطة أمام املحكمة اإلدارية‬
‫أن هذه الوسيلة للطعن غير ّ‬ ‫ّ‬
‫املعلقين ّ‬
‫فعالة نظرا لطول املدة الزمنية التي يستغرقها النظر في دعاوى‬ ‫(الفصل ‪ .)17‬وقد اعتبر بعض‬
‫تجاوز السلطة من قبل املحكمة اإلدارية والتي يمكن أن تدوم سنوات ‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫يخصص ّ‬
‫لكل معامالته املالية‪ .‬وإذا تجاوزت قيمة‬ ‫ّ‬ ‫وفي مجال الرقابة‪ّ ،‬‬
‫يتعين أن يكون للحزب السيا�سي حساب بنكي أو بريدي وحيد‬
‫كل حزب مسك محاسبة طبق النظام‬ ‫العملية مبلغ خمسمائة دينارا يجب أن ّ‬
‫تتم بواسطة تحويالت أو صكوك بنكية أو بريدية‪ .‬ويتولى ّ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملتعلق بتنظيم األحزاب السياسية والذي ُي َ‬ ‫ّ‬
‫عتبر مشطا في تقييده للحق األسا�سي في تكوين األحزاب السياسية‪.‬‬ ‫النص الصادر بتاريخ ‪ 24‬سبتمبر ‪ 2011‬ألغى العمل بالتشريع القديم املتمثل في القانون األسا�سي عدد ‪ 32‬لسنة ‪ 1988‬املؤرخ في ‪ 3‬ماي ‪1988‬‬ ‫‪ 11‬هذا‬
‫‪12 12‬‬
‫‪.htm 12‬مسودة‪-‬مشروع‪-‬قانون‪-‬أسا�سي‪-‬يتعلق‪-‬بتنظيم‪-‬األحزاب‪-‬السياسية‪-‬وتمويلها‪http://www.e-participation.tn/consultation/90/20-‬‬
‫ّ‬
‫بحجية األمر املق�ضي به‬ ‫تم قبول مطلب توقيف التنفيذ تصبح اإلدارة ملزمة بإصدار قرار عدم اعتراض على تأسيس الحزب‪ .‬فاإلذن بتوقيف التنفيذ يحظى‬ ‫‪ 13‬بصفة موازية لدعوى تجاوز السلطة‪ ،‬يمكن للطاعن تقديم مطلب توقيف تنفيذ قرار الرفض‪ .‬وإذا ّ‬
‫ّ‬
‫(ولو مؤقتا)‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫حقوق االنسان‬

‫املحاسبي للمؤسسات‪ .14‬ويصادق الوزير املكلف باملالية بمقت�ضى قرار على املعايير املحاسبية الخاصة باألحزاب السياسية‪ .‬وتجدر‬
‫ّ‬ ‫اإلشارة إلى ّأنه قد ّ‬
‫تم نشر قرار صادر عن وزير املالية في ‪ 13‬فيفري ‪ ،2018‬يتعلق باملصادقة على معيار املحاسبة الخاص بالجمعيات‬
‫واألحزاب السياسية والوحدات ذات األهداف غير الربحية األخرى‪ ،‬بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪ ،15‬وذلك عمال بالنصوص‬
‫النافذة (املرسوم عدد ‪ 87‬لسنة ‪ 2011‬املتعلق باألحزاب السياسية)‪ .‬وتخضع القوائم املالية للحزب السيا�سي لتدقيق سنوي يقوم‬
‫به خبير محاسب أو خبيران محاسبان‪ .‬ويجب على الحزب السيا�سي نشر قوائمه املالية مرفقة بتقرير مراقب الحسابات على املنصة‬
‫اإللكترونية في أجل ال يتجاوز ‪ 30‬جوان من السنة املوالية للسنة املالية موضوع التقرير‪ُ .‬وي َع ّد نشر القوائم املالية ّ‬
‫أهم تجديد في هذا‬
‫املجال باعتباره لم يرد في املرسوم عدد ‪ 87‬لسنة ‪ 2011‬سالف الذكر‪.‬‬
‫حد ّ‬
‫حل‬ ‫حد عقوبة السجن وإلى ّ‬ ‫ويؤول عدم احترام املقتضيات املتعلقة بتمويل األحزاب السياسية إلى تسليط عقوبات قد تصل إلى ّ‬
‫أن املشروع‬‫الخاصة بها‪ .‬كما ّ‬
‫ّ‬ ‫الحزب‪ .‬وباملقارنة مع املرسوم عدد ‪ 87‬لسنة ‪ ،2011‬يمكن أن نالحظ توسيعا في قائمة املخالفات والعقوبات‬
‫ينص على إجراء التنبيه على الحزب السيا�سي وتعليق نشاطه في صورة ارتكاب بعض املخالفات‪ ،‬بل يقع اللجوء مباشرة إلى حلّ‬‫لم يعد ّ‬
‫الحزب‪ ،‬وذلك خالفا ملا هو منصوص عليه في الفصل ‪ 28‬من املرسوم عدد ‪ 87‬لسنة ‪.2011‬‬

‫الجمعيات‬
‫ينص في فصله ّ‬‫‪ 16‬إذ ّ‬ ‫ّ‬
‫األول على‬ ‫صدر املرسوم عدد ‪ 88‬املتعلق بالجمعيات سنة ‪ .2011‬وهو يضمن حرية تكوين الجمعيات بشكل مر�ضي ّ‬
‫أنه “يضمن هذا املرسوم حرية تأسيس الجمعيات واالنضمام إليها والنشاط في إطارها وإلى تدعيم دور منظمات املجتمع املدني وتطويرها‬
‫ّ‬
‫حقيقي‪.‬‬ ‫يكرس في فصوله ‪ 10‬إلى ‪ 12‬نظام تصريح‬‫والحفاظ على استقالليتها”‪ .‬وهو ّ‬

‫عمليا أن تكوين جمعية قد يستغرق وقتا طويال وأنه يمكن للسلطة اإلدارية في الواقع تعطيل إجراءات التكوين‪ .‬فنظام‬ ‫يبدو ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ملف تكوين الجمعية من ق َبل ّ‬
‫العام‬ ‫مؤسسيها إلى الكاتب‬ ‫ِ‬ ‫التصريح الذي وضعه املرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪ 2011‬يقوم على إرسال‬
‫ّ‬
‫للحكومة‪ 17‬بمقت�ضى مكتوب مضمون الوصول مع اإلعالم بالبلوغ‪ .‬وإلضفاء النجاعة على نظام التصريح‪ ،‬نص الفصل ‪ 11‬ثانيا‬
‫من املرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪ 2011‬على أن عدم رجوع بطاقة اإلعالم بالبلوغ في أجل ثالثين (‪ )30‬يوما من إرسال ملف الجمعية‬
‫إلى الكاتب العام للحكومة ُي َ‬
‫عت َبر بلوغا‪ ،‬وذلك تفاديا إلمكانية امتناع اإلدارة عن إرجاع بطاقة اإلعالم بالبلوغ وعرقلتها ّ‬
‫عمليا‬
‫ّ‬
‫الجمعية‪.‬‬ ‫إلحداث‬
‫أن الفصل ‪ 12‬سالف الذكر ّ‬
‫يدعم نظام التصريح ال سيما وأنه أقام تمييزا بين التكوين‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫ُ‬
‫القانوني للجمعية واكتسابها للشخصية القانونية‪ .‬فإذا كانت هذه األخيرة تكتسب من تاريخ نشر اإلعالن بالرائد الرسمي‪ ،‬إال‬
‫أن الجمعية تعتبر ّ‬
‫“مكونة قانونا من يوم إرسال املكتوب” إلى الكاتب العام للحكومة‪ .‬ويكت�سي هذا التمييز ّ‬
‫أهمية ثابتة بالنسبة‬
‫ينص على أنه “للجمعيات املكونة ً‬
‫قانونا حق التقا�ضي واالكتساب‬ ‫أن الفصل ‪ 13‬من املرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪ّ 2011‬‬ ‫للجمعيات بما ّ‬
‫وامللكية والتصرف في واردها وممتلكاتها‪ .‬كما يمكن للجمعية أن تقبل املساعدات والتبرعات والهبات والوصايا”‪.‬‬
‫الصعوبات ّ‬
‫الناتجة عن عدم إرجاع بطاقة اإلعالم بالبلوغ‪.‬‬ ‫وتسمح هذه املقتضيات القانونية ّ‬
‫نظريا بتفادي ّ‬

‫فإن املطبعة الرسمية للجمهورية التونسية ترفض نشر إعالن تكوين‬ ‫لكن حسب ما ّيدعيه بعض الفاعلين في املجتمع املدني ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجمعية‪ .‬ورغم‬ ‫الجمعية بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في صورة عدم االستظهار بعالمة البلوغ ضمن ملف تكوين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للجمعية أن تقوم بأعمال‬ ‫عمليا ال يمكن‬ ‫للجمعية واكتسابها للشخصية القانونية‪ ،‬يبدو أنه‬ ‫التمييز بين التكوين القانوني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تصرف (فتح حساب بنكي‪ ،‬إيداع تصريح بالوجود لدى املصالح الجبائية‪ ،‬اقتناء ممتلكات‪ ،‬إلخ‪ ).‬إال بعد نشر إعالن تكوينها‬
‫بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪.‬‬

‫‪ّ 14‬إن هذه األحكام منصوص عليها من ذي قبل في الفصلين ‪ 22‬و‪ 23‬من املرسوم عدد ‪ 87‬لسنة ‪ 2011‬املذكور أعاله‪.‬‬
‫‪ 15‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 14‬املؤرخ في ‪ 16‬فيفري ‪ ،2018‬ص‪.404-434 .‬‬
‫ّ‬
‫‪ 16‬ألغى هذا النص العمل بالتشريع القديم (وخاصة القانون عدد ‪ 154‬لسنة ‪ 1959‬املؤرخ في ‪ 7‬نوفمبر ‪ 1959‬املتعلق بالجمعيات) الذي كان يقيد حرية تكوين الجمعيات بشكل كبير وذلك بالخصوص من خالل منح وزير الداخلية صالحية االعتراض‬
‫على تكوين ّ‬
‫أي جمعية‪.‬‬
‫الجمعية ّ‬
‫التثبت من ّ‬
‫تضمنه ملختلف البيانات والوثائق املستوجبة بمقت�ضي املرسوم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويحرر محضرا في نظيرين يسلمهما ملمثل الجمعية (الفصل ‪- 10‬ثالثا من املرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪.)2011‬‬ ‫‪ 17‬يتولى عدل منفذ عند إرسال ملف تكوين‬

‫‪13‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫حقوق االنسان‬

‫وجوبية إلتمام ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبذلك ّ‬
‫عملية تكوين‬ ‫واقعيا‪ ،‬إلى وثيقة‬ ‫الجمعية إلى الكاتب العام للحكومة‪،‬‬ ‫تتحول بطاقة اإلعالم ببلوغ ملف‬
‫أن املرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪ 2011‬لم يشترط ذلك‪.‬‬ ‫الجمعية على الرغم من ّ‬
‫ّ‬

‫ّ‬
‫تم إصدار القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 29‬أكتوبر ‪ 2018‬واملتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومن جهة أخرى‪ّ ،‬‬
‫‪+‬‬
‫بالسجل الوطني املذكور (الفصل‬ ‫الجمعيات وشبكات الجمعيات‬ ‫وينص هذا القانون على واجب تسجيل‬ ‫في شكل قانون عادي‪.18‬‬
‫ّ‬
‫الوقتية ملراقبة‬ ‫ّ‬
‫دستوريته‪ ،‬اعتبرت الهيئة‬ ‫األول والفصل ‪ .)7‬وتجدر اإلشارة إلى أنه قبل صدور هذا القانون وعلى إثر الطعن في‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫دستورية مشاريع القوانين في ‪ 4‬ديسمبر ‪ّ 2018‬‬
‫أن مشروع القانون املتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات‪ ،‬خالفا ملا ّادعاه النواب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الذين ّ‬
‫الجمعيات وال يشترط فيه بالتالي أن يكون في شكل قانون أسا�سي‪ .‬كما رأت الهيئة‬ ‫تقدموا بالطعن‪ ،‬ال يتعلق بتنظيم‬
‫ّ‬ ‫السجل الوطني املذكور ببطاقة اإلعالم بالبلوغ للمكتوب ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العام‬ ‫املوجه إلى الكاتب‬ ‫جمعية في‬ ‫أن اشتراط إرفاق ملف تسجيل‬
‫الجمعية ُي َع ّد مطابقا للدستور‪ .19‬وقد انتقد بعض املختصين في القانون هذا املوقف استنادا إلى‬
‫ّ‬ ‫للحكومة بخصوص تكوين‬
‫الجمعية‪ ،‬وأنّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن املرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪ 2011‬لم يجعل من بطاقة اإلعالم بالبلوغ وثيقة وجوبية (الفصل ‪11-‬ثانيا) لتكوين‬ ‫ّ‬
‫جمعية بالسجل الوطني للمؤسسات ُيعتبر بمثابة إضافة شرط‬ ‫ّ‬ ‫وجوبية إلتمام إجراءات تسجيل‬ ‫ّ‬ ‫اشتراط اإلدالء بها كوثيقة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جديد ّ‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫يمس من ممارسة حرية الجمعيات التي يتعين أن تكو منظمة بقانو أسا�سي وفق ما نص عليه الفصل ‪ 65‬من الدستور‪.‬‬
‫نصا ليبراليا للغاية‪ ،‬معتبرين ّ‬ ‫ّ‬
‫املعلقين الذين رأوا فيه ّ‬ ‫النص الجاري به العمل هو ّ‬‫ّ‬ ‫لكن يبدو ّ‬
‫أن املشرع‬ ‫محل انتقاد من قبل بعض‬ ‫أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التون�سي قد انتقل من النقيض إلى النقيض‪ .‬فحسب هذه االنتقادات‪ ،‬ال يمكن املرسوم من تسليط رقابة ناجعة على تدفق األموال‬
‫ّ‬
‫الجمعيات في السجل الوطني‬ ‫متطرفة‪ّ .‬‬
‫ولعل إدراج‬ ‫ّ‬ ‫جمعيات تمارس أنشطة‬ ‫ّ‬ ‫موجه لتمويل‬ ‫املتأتية من الخارج والتي ُيذكر ّ‬
‫أن جزءا منها ّ‬
‫وخاصة منها تلك املتأتية من الخارج على ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حد رأي مساندي‬ ‫للمؤسسات‪ ،‬سالف الذكر‪ ،‬يرمي إلى تسليط رقابة أنجع على تدفق األموال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االتجاه‪ّ ،‬‬
‫واملتمم‬ ‫تضمن القانون األسا�سي عدد ‪ 9‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪ ،2019‬املنقح‬ ‫هذا الخيار التشريعي‪ .20‬وفي نفس‬
‫للقانون األسا�سي عدد ‪ 26‬لسنة ‪ 2015‬املؤرخ في ‪ 7‬أوت ‪ 2015‬واملتعلق بمكافحة اإلرهاب ومنع غسل األموال‪ 21‬في الفصل ‪( 99‬جديد)‬
‫منه‪ ،‬وهو فصل يذكر الجمعيات بشكل صريح‪ ،‬أحكاما تسمح بتعزيز الرقابة على تمويل الجمعيات‪.‬‬
‫املشرع بإدراج أحكام قانونية ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تمس‬ ‫وما يمكن مالحظته هو أنه بالرغم من عدم تعديل املرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪ 2011‬بصفة مباشرة‪ ،‬قام‬
‫ّ‬
‫من حرية تكوين الجمعيات عبر قوانين أخرى موضوعها ال يتعلق باألساس بالحق في تكوين الجمعيات‪ .‬وقد جاء مشروع القانون األسا�سي‬
‫حق السلطة اإلدارية‪ً ،‬‬ ‫نص في فصله ‪ 11‬على ّ‬ ‫ّ‬
‫التوجه‪ .‬حيث ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بناء على تقرير من‬ ‫عدد ‪ 2018/91‬املتعلق بتنظيم حالة الطوارئ مؤكدا لهذا‬
‫وزير الداخلية وبعد سماع املمثل القانوني للجمعية‪ ،‬أن ّ‬
‫تقرر تعليق نشاط هذه األخيرة إذا ثبتت مشاركتها أثناء حالة الطوارئ في أعمال‬
‫ّ‬
‫يشكل سنداً‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مخلة باألمن والنظام العام أو مثل نشاطها “عرقلة لعمل السلط العمومية”‪ .‬وإذا كان اإلخالل باألمن والنظام العامين‬
‫فإن االستناد على “عرقلة عمل السلط العمومية” قد يفسح املجال أمام السلطة التنفيذية‬ ‫تقليديا لصالحيات سلطة الضبط اإلداري‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫للحد من حرية تكوين الجمعيات وهو ما قد يجعل بالتالي مكتسبات املرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪ 2011‬تفقد ّ‬
‫أهميتها‪.‬‬ ‫ّ‬

‫كرس الدستور التون�سي هذا املفهوم ّ‬


‫املوسع لحرية تكوين‬ ‫تشمل حرية تكوين الجمعيات في مفهومها الواسع الحرية النقابية‪ .‬وقد ّ‬
‫الجمعيات من خالل الفصل ‪ 35‬الذي يضمن في فقرته األولى‪“ :‬حرية تكوين األحزاب والنقابات والجمعيات”‪ .‬وهو نفس املفهوم‬
‫نص في فصله التاسع تحت عنوان “حرية تكوين الجمعيات” على‬ ‫تم اعتماده صلب دستور جمهورية أملانيا الفدرالية الذي ّ‬ ‫الذي ّ‬
‫“الحق في تكوين جمعيات لحفظ وتحسين ظروف العمل والظروف االقتصادية مضمون للجميع وبالنسبة ّ‬
‫لكل املهن‪ .”...‬ال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن‬
‫كحق اقتصادي‬ ‫معينة من األشخاص وهي فئة الشغالين وبالتالي ّ‬
‫خاصة بفئة ّ‬ ‫النقابية عادة ما ُت َق ّدم كحرية ّ‬
‫ّ‬ ‫ريب في ّ‬
‫أن الحرية‬
‫ينص العهد الدولي‬ ‫ّ‬
‫املدنية وسياسية‪ :‬إذ ّ‬ ‫باألساس‪ ،‬لكن هذا ال ينفي وجود ما يكفي من الحجج العتباره أيضا من الحقوق‬
‫ّ‬ ‫الخاص بالحقوق املدنية والسياسية في الفقرة األولى من ّ‬
‫املادة ‪ 22‬منه على أنه “لكل فرد الحق في حرية تكوين الجمعيات مع‬
‫آخرين‪ ،‬بما في ذلك حق إنشاء النقابات‪.”...‬‬

‫‪ 18‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 89‬املؤرخ في ‪ 6‬نوفمبر ‪ ،2018‬ص‪ 4644 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 19‬قرار الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين عدد ‪ 04/2018‬مؤرخ في ‪ 4‬سبتمبر ‪ ،2018‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 73-74‬املؤرخ في ‪ 11-14‬سبتمبر ‪.2018‬‬
‫املمتدة من ‪ 17‬إلى ‪ 28‬سبتمبر ‪ ،2018‬اعتبر املقرر الخاص لألمم املتحدة املعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات‪ّ ،‬أن “إدراج الجمعيات في هذا القانون الجديد أمر مؤسف‪ ،‬ألن تطبيق مثل هذا النظام من شأنه‬
‫ّ‬ ‫‪ 20‬في أعقاب زيارته إلى تونس خالل الفترة‬
‫ّ‬
‫املشددة التي يفرضها هذا‬ ‫ّ‬
‫لعملية التسجيل‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن العقوبات‬ ‫جراء فرض نظام جديد مثقل للغاية‪ ،‬خاصة بالنسبة للجمعيات الصغرى التي لن تكون قادرة على تلبية املتطلبات املالية واملادية‬ ‫أن يخلق بيئة غير مالئمة للحياة الجمعياتية في تونس ّ‬
‫ّ‬
‫النظام الجديد في حالة عدم التسجيل‪ ،‬نتيجة سهو أو إهمال‪ ،‬تبدو غير متناسبة إذا ما أخذنا بعين االعتبار الصبغة اإلنسانية وغير الربحية للجمعيات”‪ .‬متوفر باللغة الفرنسية عبر الرابط التالي‪:‬‬
‫(‪.)https://www.ohchr.org/FR/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=23653&LangID=F‬‬
‫‪ 21‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 9‬املؤرخ في ‪ 29‬جانفي ‪ ،2019‬ص‪ 235 .‬وما يليها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫حقوق االنسان‬

‫مجلة الشغل التي ّ‬ ‫ّ‬


‫كرست نظاما لبراليا وبالتالي مطابقا للدستور‪.‬‬ ‫تخضع حرية تكوين النقابات إلى أحكام الفصل ‪ 242‬من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فحسب ما جاء بالفقرة األولى من الفصل املذكور‪“ ،‬يمكن أن تتأسس بكل حرية نقابات أو جمعيات مهنية‪ ،”...‬مما يجعل تكوين‬
‫ّ‬
‫املتعلق بالجمعيات الذي ّ‬
‫يعد أكثر صرامة (املرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪ 2011‬املذكور‬ ‫النقابات خارجا عن مجال تطبيق التشريع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫أعاله)‪ .‬إذ وفقا ألحكام الفقرة األولى من الفصل ‪ 250‬من مجلة الشغل ال يكو مؤسسو النقابة املهنية مطالبين بتسليم أو‬
‫ّ ّ‬
‫إال إثر تأسيس النقابة‪ّ .‬‬
‫مما يبرز بوضوح الصبغة اللبرالية لنظام تكوين النقابات‬ ‫توجيه نظامها األسا�سي إلى اإلدارة املعنية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املهنية في تونس‪ .‬لكن من جهة أخرى أخضعت مجلة الشغل عملية طرد املمثلين النقابيين إلجراءات أكثر صرامة من تلك التي‬
‫ّ‬
‫يخضع إليها العامل العادي‪ .‬فاملشغل مطالب في هذه الحالة بأن يستشير املدير العام لتفقدية الشغل واملصالحة بصفة مسبقة‬
‫يسلط على ممثل نقابي دون احترام االجراءات ُي َ‬ ‫ّ‬ ‫(الفصل ‪ّ ،)166‬‬
‫عتبر طردا تعسفيا (الفصل ‪.)166‬‬ ‫وكل طرد‬
‫َ‬ ‫النقابية ببروز ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعددية نقابية‪ .‬وقد ط َرح هذا الوضع الجديد إشكاال على مستوى العالقات‬ ‫منذ ‪ ،2011‬اتسمت ممارسة الحرية‬
‫جرى املفاوضات القطاعية بين نقابتي العمال واألعراف‬ ‫بين نقابات العمال ونقابات األعراف‪ :‬فمن يتفاوض مع من؟ واليوم ُت َ‬
‫بقية النقابات‪ .‬كما يطرح نفس اإلشكال على مستوى العالقات داخل املؤسسات‪:‬‬ ‫اللتين تحظيا باألغلبية من دون تشريك ّ‬
‫ّ‬
‫املؤكد ّ‬ ‫ّ‬ ‫عمالية ّ‬‫ّ‬ ‫عدة نقابات داخل نفس املؤسسة‪ ،‬مع ّ‬ ‫ففي صورة وجود ّ‬
‫أن إرساء‬ ‫يتعين على املشغل أن يتعاطى؟ من‬ ‫أي نقابة‬
‫ّ‬
‫الصف ّ‬ ‫ّ‬ ‫التعددية النقابية يواجه صعوبة في تونس‪ّ ،‬‬
‫األول باعتبارها “األكثر‬ ‫تحتل‬ ‫وأن املركزيات النقابية “التاريخية” ال زالت‬
‫أن مواصلة التفاوض حصريا مع أكثر النقابات تمثيال ّ‬ ‫تمثيال”‪ .‬وهناك سؤاالن مطروحان في هذا الشأن‪ :‬من ناحية أولى‪ ،‬هل ّ‬ ‫ً‬
‫يعد‬
‫كل هذه املسائل ينبغي أن‬ ‫لنص الدستور وروحه؟ ومن ناحية أخرى‪ ،‬كيف يمكن تحديد املعايير الحقيقية للتمثيلية؟ ّ‬ ‫مطابقا ّ‬
‫ُ َّ‬
‫تؤطر قانونا لتوضيح حقوق وواجبات جميع األطراف وإضفاء املزيد من الشفافية على ممارسة هذه الحرية األساسية‪ .‬وبغاية‬
‫‪22‬‬
‫تم بمقت�ضى قرار صادر عن وزير الشؤون االجتماعية بتاريخ ‪ 26‬سبتمبر ‪2018‬‬ ‫تكوين املجلس الوطني للحوار االجتماعي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ضبط معايير تحديد املنظمات النقابية األكثر تمثيال على املستوى الوطني‪ .‬وتتمثل هذه املعايير املنصوص عليها بالفصل ‪ 2‬في‪:‬‬
‫‪ n‬عدد املنخرطين لدى املنظمة النقابية‪،‬‬
‫‪ n‬انعقاد املؤتمر االنتخابي للمنظمة النقابية‪،‬‬
‫‪ n‬عدد الهياكل القطاعية للمنظمة النقابية ونوعية نشاطها‪،‬‬
‫‪ n‬عدد الهياكل الجهوية واملحلية للمنظمة النقابية‪.‬‬
‫ّ‬
‫في حكم غير منشور صادر عن املحكمة اإلدارية بتاريخ ‪ 5‬فيفري ‪ ،2019‬تداولته الصحافة اإللكترونية‪ ،23‬أكد القا�ضي على‬
‫أقرها الفصل ‪ 35‬من الدستور‪ .24‬وحسب هذا الحكم القضائي الجديد‪ ،‬من ّ‬
‫حق جميع‬ ‫موقفه ّ‬
‫املؤيد للتعددية النقابية التي ّ‬
‫النقابات ّ‬
‫املكونة بشكل قانوني املشاركة في املفاوضات والحوار االجتماعي بين الشركاء االجتماعيين على جميع املستويات وعلى‬
‫أساس التمثيل النسبي‪.‬‬

‫ين‬
‫السلمي� (الفصل ‪ 37‬من الدستور)‬ ‫‪ .2.1.I‬حرية االجتماع والتظاهر‬
‫ّ‬
‫هذه الحرية منظمة حاليا بمقت�ضى القانون عدد ‪ 4‬لسنة ‪ 1969‬املؤرخ في ‪ 24‬جانفي ‪ 1969‬واملتعلق باالجتماعات العامة واملواكب‬
‫ّ‬
‫واالستعراضات واملظاهرات والتجمهر‪ .‬يمكن اعتبار بعض أحكام هذا القانون مخالفة للدستور‪ ،‬بالخصوص تلك املتعلقة بوجوب‬
‫يعرف بصفة واضحة ما املقصود بـ “االجتماع‬ ‫عام‪ .‬فالقانون لم ّ‬‫بكل اجتماع ّ‬ ‫ّ‬
‫املختصة (الوالية أو املعتمدية) مسبقا ّ‬ ‫إعالم السلطات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العام” واكتفى فقط بالتنصيص على منع إقامة هذه “االجتماعات العامة” في الطريق العام‪ ،‬مما قد يؤول إلى التوسع املفرط واملشط في‬
‫تطبيق شرط التصريح املسبق وجعله يشمل ّ‬
‫كل اجتماع تصفه السلطة التنفيذية (وزارة الداخلية) باالجتماع العام‪.25‬‬
‫ّ‬
‫املضمنة بالقانون‬ ‫حد ‪ 31‬مارس ‪ 2019‬لم يقع تقديم ّ‬
‫أي مشروع أو مقترح قانون ملجلس نواب الشعب إللغاء أو لتنقيح األحكام‬ ‫إلى ّ‬
‫املذكور أعاله والتي تبدو مخالفة للدستور‪ .‬ويمكن أن يكون هذا العزوف عن إعادة النظر في التشريع الجاري به العمل اجعا إلى ّ‬
‫حد‬ ‫ر‬
‫‪ 22‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 80‬املؤرخ في ‪ 5‬أكتوبر ‪ ،2018‬ص‪.3403 .‬‬
‫‪http://kapitalis.com/tunisie/2019/02/27/la-justice-tunisienne-se-range-du-cote-du-pluralisme-syndical/ 23‬‬
‫ّ‬
‫والحق في الخصم من الرواتب وحق النقابيين في ّ‬
‫التفرغ‪.‬‬ ‫العامة التونسية للشغل بالخصوص من ّ‬
‫الحق في التفاوض‬ ‫تم بمقتضاه حرمان الكونفدرالية ّ‬ ‫‪ 24‬عود تاريخ ّأول ّ‬
‫قضية إلى ‪ 26‬جوان ‪ 2015‬وهو تاريخ صدور حكم عن املحكمة اإلدارية يق�ضي بإلغاء القرار الذي ّ‬
‫‪ 25‬بخصوص هذا املوضوع راجع رأي مكتب املؤسسات الديمقراطية وحقوق االنسان (‪ )BIDDH‬التابع ملنظمة األمن والتعاون في أوروبا‪.http://www.osce.org/odihr/99829?download=true :‬‬

‫‪15‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫حقوق االنسان‬

‫كبير إلى التحديات األمنية املميزة للوضع الراهن‪ .26‬لكن تجدر اإلشارة إلى أن وزارة الداخلية قد ّ‬
‫توجهت ملكتب املؤسسات الديمقراطية‬
‫ّ‬
‫وحقوق اإلنسان التابع ملنظمة األمن والتعاون في أوروبا بطلب استشارة حول مشروع قانون يتعلق بالحق في التجمعات السلمية‪.27‬‬
‫السلمي وتكوين الجمعيات في مالحظاته ّ‬
‫األولية عقب زيارته لتونس في‬ ‫التجمع ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخاص لألمم املتحدة املعني بالحق في‬ ‫وقد ذكر ّ‬
‫املقرر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املمتدة من ‪ 17‬إلى ‪ 28‬سبتمبر ‪ ،2018‬أنه تلقى “مشروع قانون أسا�سي يتعلق بالتظاهر السلمي‪ ،‬وهو نص ال يزال قيد اإلعداد على‬ ‫الفترة‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ى‬
‫مستو وزارة الداخلية”‪ .‬ولم يتم نشر مشروع القانو املذكور‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك‪ّ ،‬تمت إحالة مشروع القانون عدد ‪ 25/2015‬املتعلق بزجر االعتداء على القوات املسلحة‪ 28‬إلى مجلس نواب الشعب‪.‬‬
‫وحسب أي معارضيه‪ ،‬هذا املشروع من شأنه أن يزيد في ّ‬
‫الحد من حرية االجتماع والتظاهر السلمي‪.‬‬ ‫ر‬
‫ّ‬
‫النص على عقوبات صارمة ضد األشخاص املعتدين على أماكن تابعة للقوات‬ ‫ينص الفصل ‪ 14‬من هذا‬ ‫فإذا كان من املشروع أن ّ‬
‫املسلحة بغرض تسهيل فرار سجين أو موقوف‪ ،‬إال أنه من املمكن أن يقع استعمال هذا الفصل‪ ،‬على مستوى املمارسة‪ ،‬لتجريم أي ّ‬
‫تجمع‬
‫ّ ّ‬
‫خاصة وأنه قد يصعب تحديد دافع املتظاهرين‪.‬‬ ‫أو تظاهر سلمي‪،‬‬

‫أن عون القوات املسلحة الذي يتسبب في إصابة أو وفاة الشخص املرتكب‬ ‫وفي نفس السياق‪ ،‬جاء بالفصل ‪ 18‬من املشروع املذكور ّ‬
‫املجرمة بمقت�ضى الفصول ‪ 13‬و‪ 14‬و‪ 16‬عند منعه من ارتكابها‪ ،‬ال يتحمل أية مسؤولية جزائية إذا كان تدخله ضروريا‬ ‫ّ‬ ‫لالعتداءات‬
‫ن‬ ‫ى‬
‫ومتناسبا مع االعتداء‪ .‬وللوهلة األولى قد تبدو هذه املقتضيات منطقية‪ ،‬لكن على املستو العملي قد يكو األمر مختلفا‪ .‬ففي حال‬
‫تتبعات عدلية قد يجد القا�ضي صعوبة في تقدير الصبغة الضرورية واملتناسبة للتدخل األمني‪ .‬فعادة ما يكون واقع االشتباكات‬ ‫حصول ّ‬
‫خاصة وأن الصبغة التقنية للمسألة ستجعل‬ ‫ّ‬ ‫مع القوات املسلحة معقدا بشكل يجعل إعادة استحضار الوقائع أمرا صعبا للغاية‪،‬‬
‫القا�ضي يستند إلى آراء الخبراء (الذين غالبا ما يكونون من األوساط األمنية)‪.‬‬
‫ّ‬
‫النص تنسحب على قرين عون القوات‬ ‫ويبدو ّ‬
‫أن الفصل ‪ 15‬من مشروع القانون هو الذي يطرح إشكاالت أكثر‪ ،‬إذ يجعل من أحكام هذا‬
‫املسلحة وعلى أصوله وفروعه ّ‬
‫وكل شخص في كفالته‪.29‬‬
‫ّ‬
‫وتجدر اإلشارة إلى مشروع األمر الحكومي املتعلق بضبط مدونة سلوك قوات األمن الداخلي التابعين لوزارة الداخلية‪ ،‬الذي تم‬
‫عرضه على استشارة العموم في الفترة املتراوحة ما بين ‪ 25‬نوفمبر و‪ 24‬ديسمبر ‪ ،302016‬والذي ّ‬
‫ينص على سيادة القانون وعلوية‬
‫ينص على إحداث هيئة األخالقيات‬ ‫ّ‬
‫العامة والفردية وكرامة الذات البشرية‪ .‬كما ّ‬ ‫الحق في الحياة واحترام الحقوق والحريات‬
‫األمنية التي ستسهر على ضمان حسن تطبيق مدونة السلوك وتفعيل أحكامها على مستوى املمارسة األمنية‪ .‬ويعتبر هذا‬
‫نصا قانونيا‪ .‬وعلى الرغم من ضبطه بمقت�ضى أمر‪،‬‬ ‫الجيدة أكثر منه ّ‬
‫مدونة للممارسات ّ‬‫املشروع بمثابة املدونة األخالقية أو ّ‬
‫ّ‬
‫املحاجة به أمام‬ ‫مما قد يؤثر على إمكانية‬ ‫نسبيا من حيث مضمونه القانوني ّ‬
‫وقوته اإللزامية ّ‬ ‫ّ‬ ‫عتبر مشروع ّ‬
‫املدونة ضعيفا‬ ‫ُي َ‬
‫القضاء في حالة نشوب نزاع‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬يسمح مشروع القانون األسا�سي عدد ‪ 91/2018‬املتعلق بتنظيم حالة الطوارئ للسلطة اإلدارية بوضع قيود ّ‬
‫هامة على‬
‫السلمي ْين‪ .‬فوفق ما جاء في فصله الخامس‪ُ ،‬يمكن للوالي خالل سريان حالة الطوارئ منع أو تعليق االجتماعات‬
‫ّ‬ ‫حرية االجتماع والتظاهر‬
‫ّ‬
‫أو التجمعات أو املواكب أو االستعراضات أو املظاهرات التي من شأنها‪ ،‬حسب تقديره‪ ،‬أن تشكل خطرا على األمن أو النظام العام‪ .‬وال‬
‫يكون الوالي مطالبا عند اتخاذه لهذا القرار سوى بإعالم وزير الداخلية ووكيل الجمهورية املختص تر ّ‬
‫ابيا‪.‬‬

‫ّ‬
‫توفر حماية كافية لقوات الشرطة‪ .‬ويبدو ّأن هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االدعاء‬ ‫‪ 26‬تجدر اإلشارة إلى أنه من املفارقات أن نقابات قوات األمن ال تتوقف عن نقد هذا القانون واملطالبة بإلغائه‪ .‬فحسب هذه النقابات‪ ،‬أحكام القانون املتعلقة باستعمال األسلحة لتفريق التجمهر واملظاهرات ال‬
‫خاصة في إطار الظروف الالحقة لسنة ‪.2011‬‬‫مرده هو التخوف من استسهال تحميل أعوان األمن مسؤولية شخصية في ذلك‪ّ ،‬‬ ‫وربما يكون موقف النقابات املذكورة ّ‬ ‫ال أساس له باعتبار ّأن القانون جاء واضحا بشأن شروط استعمال السالح‪ّ .‬‬
‫‪ 27‬حسب الرأي الصادر في ‪ 14‬ماي ‪http://www.osce.org/odihr/103649?download=true :2013‬‬
‫‪http://www.anc.tn/site/servlet/Fichier?code_obj=89344&code_exp=1&langue=1 28‬‬
‫ّ‬ ‫مجددا حول هذا املشروع الذي ّ‬ ‫عملية اعتداء على عون من أعوان قوات األمن يعود النقاش ّ‬ ‫كل ّ‬ ‫‪ 29‬وعقب ّ‬
‫تم تقديمه منذ سنة ‪ .2015‬فعلى إثر ارتكاب جريمة قتل يوم ‪ 1‬نوفمبر ‪ 2017‬أودت بحياة عون من الشرطة‪ ،‬أكد بعض النواب على ضرورة منح األولوية‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫املخصصة للنواب ولقادة األحزاب السياسية املمثلة في مجلس‬ ‫القصوى ملناقشة هذا املشروع‪ .‬وطالب رئيس الجمهورية من جانبه بإسراع النظر في املشروع‪ .‬وتأتي هذه التصريحات كردة فعل على التهديد الصادر عن بعض النقابات األمنية برفع الحماية األمنية‬
‫العملية االنتحارية التي حصلت يوم ‪ 29‬أكتوبر ‪ 2018‬في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة‪ ،‬حيث دعى رئيس مجلس نواب الشعب أعضاء املجلس إلى النظر في املشروع املذكور حتى ّ‬
‫تتم املصادقة عليه في‬ ‫ّ‬ ‫نواب الشعب‪ .‬وقد عاد الحديث حول هذا املشروع على إثر‬
‫تؤدي إلى تغليب اإلﻋﺘﺒﺎرات اﻷﻣﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﺤﻘﻮق واﻟﺤﺮﻳﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ‪.‬‬ ‫ضد أعوان قوات األمن‪ ،‬قد ّ‬‫املوجهة ّ‬
‫نص قانون تحت تأثير املشاعر املشروعة التي يمكن أن تثيرها االعتداءات ّ‬ ‫متسرع على ّ‬
‫ّ‬ ‫أسرع اآلجال‪ .‬بيد ّأن املصادقة بشكل‬
‫‪http://www.legislation.tn/sites/default/files/files/textes_soumis_avis/texte/decret-gov-code-conduite-fsi-ar.pdf 30‬‬

‫‪16‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫حقوق االنسان‬

‫ّ‬ ‫ف‬ ‫‪ .3.1.I‬الحق ف� االنتخاب ت‬


‫وال�شح لالنتخابات والمساواة ي� تقلد الوظائف العمومية‬ ‫ي‬
‫هذه الحقوق ّ‬
‫مكرسة خصوصا ضمن الفصول ‪ 133 ،74 ،53 ،50 ،34 ،3‬و‪ 139‬من الدستور‪.31‬‬
‫ّ‬ ‫وفقا ملقتضيات الدستور‪ّ ،‬‬
‫تم إصدار قانون يتعلق باالنتخابات واالستفتاءات بتاريخ ‪ 26‬ماي ‪( 2014‬القانون عدد ‪ 16‬لسنة ‪ .)2014‬وقد‬
‫خاصة بهدف إضافة أحكام‬‫تم تنقيح هذا القانون بمقت�ضى القانون األسا�سي عدد ‪ 7‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في ‪ 14‬فيفري ‪ 322017‬وذلك ّ‬ ‫ّ‬
‫تتعلق باالنتخابات البلدية والجهوية‪ .‬وبذلك أصبح هذا القانون ينطبق على ّ‬
‫كل من االنتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية والجهوية‬
‫ّ‬ ‫وكذلك على االستفتاءات‪ .‬وهو ُي َع ّد ّ‬
‫نصا تطبيقيا للحقوق الدستورية املتعلقة باالنتخاب والترشح لالنتخابات‪.‬‬

‫خول التعديل املدرج سنة ‪ 2017‬للعسكريين وألعوان قوات األمن الداخلي التصويت في االنتخابات البلدية والجهوية‪ .33‬كذلك‬ ‫كما ّ‬
‫ّأدى تعديل القانون إلى دعم مبدأ التناصف بين الرجال والنساء الذي لم يعد يقتصر على التناصف العمودي‪( 34‬أي عدد متساو من‬
‫املترشحين واملترشحات مع احترام قاعدة التناوب في ترتيبهم داخل نفس القائمة املترشحة)‪ .‬فبالنسبة لالنتخابات البلدية والجهوية‪،‬‬
‫سيكون على األحزاب السياسية واالئتالفات االنتخابية التي ستقدم قائمات مترشحة في أكثر من دائرة انتخابية تعيين عدد متساو من‬
‫يعبر عنه بالتناصف األفقي)‪ .35‬وفي حال عدم احترام هذه القاعدة وعدم التصحيح في األجل‬ ‫النساء والرجال على رأس قائماتها (ما ّ‬
‫َ‬ ‫القانوني الذي ّ‬
‫تحدده الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات ُيرفض ترشح القائمة‪.36‬‬
‫تشجع على مشاركة الشباب واألشخاص ذوي اإلعاقة الجسدية الحاملين لبطاقة إعاقة‪ .‬حيث ّ‬
‫يتعين على‬ ‫كما تم إدراج أحكام جديدة ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫تضم من بين الثالثة األوائل مترشحا ال يزيد سنه عن ‪ 35‬سنة‪ 37‬وإال ُيرفض ترشحها‪ ،‬وأن ّ‬‫القائمة املترشحة أن ّ‬
‫تضم من بين العشرة‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫األوائل مترشحا ذا إعاقة وإال ت َ‬
‫حرم من التمويل العمومي‪.38‬‬
‫وعلى الرغم من تنقيحه‪ ،‬ترك هذا القانون جانبا العديد من املسائل القانونية االنتخابية األساسية‪ .‬حيث ّ‬
‫تم اإلبقاء على الخيار التشريعي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لسنة ‪ 2014‬واملتمثل في منح الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات أق�صى ما يمكن من املرونة بالنظر إلى ضغط الوقت الذي كان مسلطا‬
‫عليها آنذاك بحكم اآلجال الدستورية‪.39‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وقد ّ‬
‫مشروع ْي قانون ْين يتعلقان على التوالي بتنقيح القانون االنتخابي‬ ‫أعدت الحكومة وأحالت على مجلس نواب الشعب في سبتمبر ‪2018‬‬
‫االنتخابية وتحديد عدد مقاعدها (املشروع عدد ‪ .)64/2018‬ويهدف مشروع‬ ‫ّ‬ ‫(املشروع عدد ‪ )63/2018‬وبضبط مقاييس تقسيم الدوائر‬
‫القانون عدد ‪ 63/2018‬إلى تنقيح الفصل ‪ 110‬من القانون االنتخابي الجاري به العمل (القانون األسا�سي عدد ‪ 16‬لسنة ‪ 2014‬املؤرخ‬
‫ّ‬
‫املتحصلة على ما‬ ‫ّ‬
‫املخصصة للدائرة االنتخابية فقط إلى القائمات املترشحة‬ ‫في ‪ 26‬ماي ‪ .)2014‬وحسب هذا املشروع‪ّ ،‬‬
‫يتم اسناد املقاعد‬
‫ّ‬
‫ال يقل عن ‪ ٪ 5‬من األصوات املصرح بها على مستوى الدائرة االنتخابية‪ .‬علما وأنه‪ ،‬خالفا لالنتخابات البلدية والجهوية التي تم في شأنها‬
‫ويتضمن مشروع القانون‬ ‫ّ‬ ‫اعتماد عتبة ‪ ،٪ 3‬لم يضع القانون االنتخابي الجاري به العمل عتبة مماثلة بالنسبة لالنتخابات التشريعية‪.‬‬
‫ّ‬
‫املذكور من ناحية أخرى تنقيحا للفصل ‪ 78‬من القانون االنتخابي بغاية الترفيع في النسبة الدنيا لألصوات املصرح بها على مستوى‬
‫الدائرة االنتخابية واملستوجبة السترجاع مصاريف الحملة االنتخابية للقائمة املترشحة في االنتخابات التشريعية‪ ،‬من ‪ ٪ 3‬إلى ‪.٪ 5‬‬

‫تجنب التمثيل الصوري (‪)la représent ation-figuration‬‬‫وتم تقديم مشروع القانون عدد ‪ 63/2018‬على أنه يهدف إلى ترشيد التصويت من خالل ّ‬ ‫ّ‬
‫الذي لئن كان يتناسب مع بداية الفترة االنتقالية فقد يصبح بعد ذلك عنصرا من عناصر عدم النجاعة وعدم االستقرار السيا�سي‪.‬‬

‫حق منصوص عليه صلب املادة ‪ 25‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية كما وقع تفسيرها ضمن التعليق العام عدد ‪( 25‬الفقرة ‪ )7‬للجنة املعنية بحقوق‬ ‫العامة‪ .‬وهو ّ‬
‫كل هذه الحقوق ضمن الحق في املشاركة في الشؤون ّ‬ ‫‪ 31‬في القانون الدولي تندرج ّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬واإلعالن العالمي حول الديمقراطية‪ ،‬وامليثاق االفريقي حول الديمقراطية واالنتخابات والحكم ّ‬
‫املؤرخ في ‪ 30‬جانفي ‪.2007‬‬
‫‪ 32‬الرائد الرسمي عدد ‪ 14‬املؤرخ في ‪ 17‬فيفري ‪ ،2017‬ص‪ 731 .‬وما يليها‪.‬‬
‫حقهم في التصويت على مستوى الجلسة العامة ملجلس نواب الشعب‪.‬‬ ‫تم الحسم في ّاتجاه تكريس ّ‬ ‫حق العسكريين وأعوان قوات األمن الداخلي في التصويت سببا في تعطيل املصادقة على القانون ّ‬
‫ملدة تجاوزت الستة أشهر‪ .‬وقد ّ‬ ‫‪ 33‬كان ّ‬
‫‪ 34‬الفقرة األولى من الفصل ‪ 49‬تاسعا‪.‬‬
‫‪ 35‬الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 49‬تاسعا‪.‬‬
‫‪ 36‬الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 49‬تاسعا‪.‬‬
‫‪ 37‬الفقرة األولى من الفصل ‪ 49‬عاشرا‪.‬‬
‫‪ 38‬الفصل ‪ 49‬حادي عاشر‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 39‬بخصوص هذا املوضوع‪ ،‬راجع تقرير املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية حول اإلطار القانوني املنظم لالنتخابات بتونس في ‪“ :2017‬تعليق على القانون األسا�سي عدد ‪ 16‬لسنة ‪ 2014‬املؤرخ في ‪ 26‬ماي ‪ 2014‬املتعلق باالنتخابات واالستفتاء ومختلف‬
‫تم تنقيحه وإتمامه بمقت�ضى القانون األسا�سي عدد ‪ 7‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في ‪ 14‬فيفري ‪”2017‬‬‫النصوص التطبيقية كما ّ‬
‫‪http://democracy-reporting.org/wp-content/uploads/2018/01/DRI-TN-Le-cadre-juridique-des-%C3%A9lections-en-Tunisie-en-2017_ar.pdf‬‬
‫‪17‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫حقوق االنسان‬

‫ّ‬ ‫متضررة من العتبة املنصوص عليها في مشروع القانون املذكور‪ .‬وهذا ما ّ‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إال ّ‬
‫الضجة التي أثارها‬ ‫يفسر‬ ‫أن األحزاب الصغرى تعتبر نفسها‬
‫ّ‬
‫املختصة بمجلس نواب الشعب ورفضه القطعي من قبل املعارضة التي ترى فيه وسيلة إلقصائها‬ ‫املشروع خالل مناقشته صلب اللجنة‬
‫من البرملان‪.‬‬
‫ّأما مشروع القانون عدد ‪ 64/2018‬فهو مرتبط بالفصل ‪ 106‬من القانون االنتخابي الذي ّ‬
‫ينص على أنه ّ‬
‫“يتم تقسيم الدوائر االنتخابية‬
‫ويضبط عدد مقاعدها باالستناد إلى قانون يصدر سنة قبل املوعد الدوري لالنتخابات التشريعية”‪ .‬في ‪ ،2014‬وبمناسبة تنظيم‬
‫وقتية وإلى حين صدور‬ ‫تم التنصيص صلب األحكام االنتقالية للقانون االنتخابي (الفصل ‪ )173‬على ّأنه بصفة ّ‬ ‫االنتخابات التشريعية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫اعت ِم َد في انتخاب املجلس‬
‫املتعلق بتقسيم الدوائر االنتخابية‪ ،‬يتواصل اعتماد تقسيم الدوائر االنتخابية وعدد املقاعد الذي ُ‬ ‫القانون‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الوطني التأسي�سي سنة ‪ 217( 2011‬مقعدا)‪ .‬وقد تضمن مشروع القانون عدد ‪ 64/2018‬نفس املعايير التي اعتمدت في ‪ 2011‬بالنسبة‬
‫للمجلس الوطني التأسي�سي والواردة في الفصل ‪ 31‬من املرسوم عدد ‪ 35‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 10‬ماي ‪ ،2011‬أي‪ :‬نائب ّ‬
‫لكل ‪60.000‬‬
‫ساكن‪ ،‬مع اعتماد نظام التنفيل بالنسبة للواليات ذات الكثافة السكانية الضعيفة‪ ،‬ومع اعتبار ّ‬
‫كل والية دائرة انتخابية أو أكثر‪ ،‬على‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحالية‪ ،‬فإن‬ ‫لكل دائرة ‪ 10‬مقاعد‪ ،‬الخ‪ .‬وإذا ما ّتمت املصادقة على مشروع القانون هذا بصيغته‬ ‫املخصصة ّ‬ ‫أال يتجاوز عدد املقاعد‬
‫سجل منذ سنة ‪ .2011‬كما سيحصل أيضا‬ ‫عدد أعضاء مجلس نواب الشعب املقبل سيتجاوز الـ ‪ 217‬عضوا نتيجة االرتفاع الديمغرافي املُ ّ‬
‫ّ‬ ‫ارتفاع في عدد الدوائر االنتخابية باعتبار ّ‬
‫أن بعض الواليات أصبح اليوم عدد متساكنيها يفوق ‪ ، 40600.000‬مما سيترتب عنه إحداث‬
‫جراء اعتماد سقف الـ ‪ 10‬مقاعد بالنسبة لكل دائرة انتخابية‪.‬‬ ‫دائرة انتخابية ثانية في كل والية من هذه الواليات‪ ،‬وذلك ّ‬

‫ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مشروع ْي القانون ْين صلب اللجنة وهما جاهزان للنقاش في الجلسة العامة ملجلس نواب الشعب‪ .‬إال أنه ليس من‬ ‫وقد ّ‬
‫تم النظر في‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫للتوترات التي قد ّ‬
‫تنجر عنهما‪ ،‬حيث أعربت بعض األحزاب املمثلة في مجلس نواب‬ ‫املستبعد أن يقع سحبهما من ِق َبل الحكومة نظرا‬
‫العامة للتصويت‪ ،‬خاصة وأنهما جاءا خالل السنة‬ ‫ْ‬
‫املشروعين على الجلسة ّ‬ ‫تم عرض‬‫الشعب عن اعتزامها مقاطعة أشغال املجلس إذا ما ّ‬
‫السابقة لتنظيم االنتخابات‪.‬‬

‫سيتم إجراء االنتخابات التشريعية في ‪ 6‬أكتوبر ‪2019‬‬‫ّ‬ ‫وفقا للروزنامة التي ضبطها مجلس الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات‪،‬‬ ‫إذ ً‬
‫واالنتخابات الرئاسية في ‪ 17‬نوفمبر ‪ .2019‬وقد كان من املقرر في البداية إجراء االنتخابات الرئاسية يوم ‪ 10‬نوفمبر ‪ . 412019‬لكن نظرا‬
‫لتزامن هذا التاريخ مع االحتفال باملولد النبوي الشريف‪ ،‬طلبت بعض مكونات املجتمع املدني القيرواني وبعض األحزاب السياسية من‬
‫الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات إعادة النظر فيه‪ .‬وقد انتهت الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات إلى االستجابة لهذا الطلب في اجتماع‬
‫مجلسها املنعقد يوم ‪ 29‬مارس ‪.422019‬‬
‫ّ‬ ‫إضافة إلى االختيار ّ‬
‫الحر ملمثلين عن طريق االنتخابات‪ ،‬تتطلب املشاركة في الشؤون العامة إرساء آليات دائمة لتجسيد الديمقراطية‬
‫ُ‬
‫التشاركية‪ ،‬حتى ت َتاح للمواطنين إمكانية التفاعل مع السلطات أثناء عملية وضع القواعد القانونية‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬جاء منشور رئيس الحكومة عدد ‪ 31‬املؤرخ في ‪ 30‬أكتوبر ‪ 2014‬املوجه إلى وزراء وكتاب الدولة لتشريك املواطنين في‬
‫عملية وضع القواعد القانونية‪ ،‬وذلك عمال بمبادئ الحوكمة الرشيدة‪ .43‬طبقا ملقتضيات هذا املنشور‪ ،‬أحدثت خدمة قانونية تابعة‬
‫أن املنشور لم ُيخضع ّ‬
‫آليا ّ‬ ‫ّ‬
‫إال ّ‬
‫كل‬ ‫لرئاسة الحكومة تحت تسمية “خدمة مشاريع النصوص القانونية املعروضة على استشارة العموم”‪،‬‬
‫‪44‬‬
‫مشاريع القوانين إلى عملية االستشارة‪ ،‬تاركا بذلك املجال مفتوحا الختيار النصوص التي سيقع عرضها على العموم ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد جاء منشور رئيس الحكومة عدد ‪ 8‬املؤرخ في ‪ 17‬مارس ‪ 2017‬واملتعلق بقواعد إعداد مشاريع النصوص القانونية وإجراءات عرضها‬
‫ّ‬
‫واستكمال تهيئتها مؤكدا للبعد التشاركي في إعداد القوانين واألوامر الترتيبية واملراسيم والقرارات الوزارية ال سيما في املجاالت املتعلقة‬
‫باالقتصاد وبالتجارة وبالحريات وبحقوق االنسان‪.45‬‬
‫‪ 40‬على غرار والية بن عروس (‪ 677.775‬ساكن) ووالية سوسة (‪ 715.744‬ساكن)‪ .‬املصدر‪ :‬املعهد الوطني لإلحصاء‪ ،‬تقديرات السكان في ‪ 1‬جويلية ‪.2017‬‬
‫‪ 41‬راجع قرار الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات عدد ‪ 5‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 14‬مارس ‪ 2019‬واملنشور في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 25‬املؤرخ في ‪ 26‬مارس ‪ ،2019‬ص‪.933 .‬‬
‫‪ 42‬راجع مداوالت مجلس الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات املنعقد بتاريخ ‪ 29‬مارس ‪ ،2019‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 28‬املؤرخ في ‪ 5‬أفريل ‪ ،2019‬ص‪.1026 .‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫راجع أيضا قرار الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات عدد ‪ 10‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 3‬أفريل ‪ 2019‬املتعلق بتنقيح القرار عدد ‪ 5‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 14‬مارس ‪ 2019‬املتعلق بروزنامة االنتخابات التشريعية والرئاسية لسنة ‪ ،2019‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‬
‫عدد ‪ 29‬املؤرخ في ‪ 9‬أفريل ‪ ،2019‬ص‪ 1071 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪.http://www.legislation.tn/sites/default/files/14-31.pdf 43‬‬
‫‪ 44‬يمكن االطالع على هذه النصوص في املوقع التالي‪.http://www.legislation.tn/projets-textes-soumis-avis :‬‬
‫‪ 45‬انظر الصفحة ‪ 9‬من املنشور املتوفر على الرابط التالي‪http://www.legislation.tn/sites/default/files/17-08.pdf :‬‬

‫‪18‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫حقوق االنسان‬

‫ّ‬
‫كما تم بتاريخ ‪ 29‬مارس ‪ 2018‬إصدار أمر حكومي يتعلق بتنظيم االستشارات العمومية‪ .46‬وينسحب هذا األمر الحكومي على اإلدارات‬
‫تم تعريف االستشارة العمومية في الفصل‬ ‫املركزية للدولة ومصالحها الخارجية‪ ،‬والجماعات املحلية واملؤسسات واملنشآت العمومية‪ .‬وقد ّ‬
‫‪ 3‬من األمر على ّأنها “مسار تفاعلي يمكن األطراف املعنية من تقديم مقترحاتها ومالحظاتها حول سياسة عمومية في مرحلة اإلعداد من قبل‬
‫“كل شخص طبيعي أو معنوي‬ ‫موسع‪ ،‬بما ّأنها تشمل ّ‬
‫العمومية فقد وقع تحديدها بشكل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املعنية باالستشارة‬ ‫هيكل عموم”‪ّ .‬أما األطراف‬
‫معني باملشاركة في االستشارة العمومية بما في ذلك الخبراء والجامعيين واملختصين ومنظمات املجتمع املدني واملؤسسات االقتصادية‬
‫العمومية”‪ ،‬على معنى األمر‪ ،‬بالخصوص إلى مشاريع النصوص التشريعية‬‫ّ‬ ‫والهياكل العمومية”(الفصل ‪ .)3‬ويحيل مفهوم “السياسات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫والترتيبية‪ .‬وعلى اإلدارات العمومية املذكورة أعاله تنظيم استشارات عمومية كلما كانت السياسة العمومية “من شأنها أن يكو لها تأثير‬
‫مباشر على املصالح الحيوية لألطراف املعنية‪ ،‬ما لم تمس االستشارة من متطلبات الحفاظ على األمن العام والدفاع الوطني والعالقات‬
‫ّ‬ ‫الخارجية للدولة التونسية”(الفصل ‪ .)4‬بيد ّ‬
‫أن هذه املتطلبات وكذلك مفهوم “املصالح الحيوية” من شأنها منح اإلدارة سلطة تقديرية‬
‫في تحديد مدى ضرورة تنظيم االستشارة العمومية من عدمها‪.‬‬
‫تهم العموم‪ ،‬أو ّ‬
‫موجهة‪ ،‬إذا ما كانت‬ ‫العمومية ّإما مفتوحة‪ ،‬وذلك عندما تكون السياسة العامة موضوع االستشارة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتكون االستشارات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تلك السياسة العامة تهم فئة محددة من األشخاص‪ .‬وبالنسبة لكل استشارة عمومية‪ ،‬يتولى رئيس الهيكل املعني باألمر تعيين منسق‬
‫مدة االستشارة بـ ‪ 20‬يوما‪ ،‬وهي قد ُت َ‬ ‫ّ‬
‫يتعلق بمشاريع القوانين واألوامر الحكومية‪ُ ،‬ح ّد َدت ّ‬ ‫ّ‬
‫عتبر‬ ‫يقوم بإعداد “مخطط االستشارة”‪ .‬وفيما‬
‫معقدا أو لتوسيع قاعدة األطراف‬ ‫املدة تبقى قابلة للتمديد في صورة ما إذا كان موضوع االستشارة ّ‬ ‫لكن هذه ّ‬‫مدة مقتضبة للغاية‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫املشاركة في االستشارة (الفصل ‪.)12‬‬

‫األول من مجلة الجماعات املحلية الصادرة بتاريخ ‪ 9‬ماي ‪2018‬‬ ‫تضمن القسم الخامس من الباب األول من الكتاب ّ‬ ‫وفي نفس االتجاه‪ّ ،‬‬
‫(القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ ،2018‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 39‬املؤرخ في ‪ 15‬ماي ‪ ، )2018‬أحكاما ّ‬
‫خاصة بـ “الديمقراطية‬
‫ّ‬ ‫التشاركية والحوكمة املفتوحة”‪ .‬وقد ّ‬
‫نص الفصل ‪ 29‬من املجلة على أن يضمن مجلس الجماعة املحلية للمتساكنين وللمجتمع املدني‬
‫ّ‬
‫مشاركة فعلية في إعداد برامج التنمية ومتابعة تنفيذها وتقييمها‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬وحسب ما جاء بالفصل ‪ 30‬من ذات املجلة‪ ،‬تتولى‬
‫ّ‬ ‫ضمن فيه ّ‬ ‫ّ‬
‫سجلين أحدهما ُت ّ‬
‫املعنية بالشؤون املحلية بناء على طلب منها‪ ،‬واآلخر‬ ‫مكونات املجتمع املدني‬ ‫الجماعة املحلية املعنية مسك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪47‬‬
‫يتعلق بآراء وتساؤالت املتساكنين ومكونات املجتمع املدني واإلجابات عنها‪ .‬كما سمح الفصالن ‪ 31‬و‪ 33‬من مجلة الجماعات املحلية بأن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫محلي تكون نتائجه ملزمة لها إذا ما لم ّ‬ ‫ّ‬
‫املسجلين‪.‬‬ ‫تقل نسبة املشاركة عن ثلث الناخبين‬ ‫تقرر تنظيم استفتاء‬
‫ّ‬
‫املتمثل في إلز ّ‬ ‫ّ‬
‫امية نتائج االستفتاء من شأنه أن يثير مسألة دستورية وهي مسألة األساس الدستوري لالستفتاء‬ ‫الحل‬ ‫هذا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املحلي‪ .‬وفي هذا اإلطار يمكن “تقديم” قراءتين‪ .‬فحسب القراءة األولى‪ ،‬ال يتضمن الدستور أحكاما صريحة تسمح بتنظيم‬
‫ينص على ّ‬
‫أن الفصل ‪ 3‬من الدستور ّ‬ ‫ّ‬
‫املؤكد ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أن‬ ‫استفتاءات ذات صبغة وجوبية ت ِلزم املجالس املنتخبة على املستوى املحلي‪ .‬ومن‬
‫ّ‬
‫إال ّ‬
‫أن سيادة الشعب‬ ‫الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات يمارسها بواسطة “ممثليه املنتخبين أو عبر االستفتاء”‪.‬‬
‫ُ‬
‫تمارس بطريقة غير قابلة للتجزئة في حين أن االستفتاء املحلي ال يهم إال جزءا من الشعب (متساكنو أو ناخبو الجماعة املحلية)‬
‫يعبر بمفرده عن سيادة الشعب برمته‪ .‬كما توجد أحكام أخرى بالدستور تنظم بالتفصيل طريقة‬ ‫ومن البديهي أن هذا الجزء ال ّ‬
‫ممارسة السيادة‪ .‬وقد نص الدستور على امكانية اللجوء الى االستفتاء في حاالت معينة‪ ،48‬وال يمكن اعتماده في غير الحاالت‬
‫املذكورة صراحة بالدستور‪ .‬وفيما يتعلق بالحكم املحلي فان الفصل ‪ 133‬من الدستور ّ‬
‫ينص في فقرته األولى على أن “تدير‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫املعنية في اتخاذ القرارات املتعلقة‬ ‫مما يترتب عنه اختصاص حصري للجماعة املحلية‬ ‫الجماعات املحلية مجالس منتخبة”‪،‬‬
‫بالشؤون املحلية‪.‬‬
‫أما حسب القراءة الثانية ّ‬
‫فإن االستفتاء املحلي الذي تكون نتائجه ملزمة يجد أساسه مباشرة في الفصل ‪ 3‬من الدستور الذي‬
‫ينص على املبدأ العام ويترك املجال مفتوحا للمشرع للتنصيص على آلية االستفتاء املحلي دون الحاجة بالضرورة الى احكام‬
‫معينة بالباب املخصص للسلطة املحلية‪.‬‬

‫‪ 46‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 28‬املؤرخ في ‪ 6‬أفريل ‪ ،2018‬ص‪ 980 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 47‬يمكن تنظيم االستفتاء بمبادرة من رئيس الجماعة املحلية أو من ثلث أعضاء املجلس أو بمبادرة من عشر الناخبين املحليين بالجماعة املحلية‪.‬‬
‫‪ 48‬كما هو الشأن بالنسبة للفصل ‪ 82‬الذي يتيح لرئيس الجمهورية أن يعرض استثنائيا‪ ،‬على االستفتاء مشاريع القوانين املصادق عليها من قبل مجلس نواب الشعب املتعلقة باملوافقة على املعاهدات الدولية أو بالحريات وحقوق اإلنسان أو باألحوال الشخصية‪.‬‬
‫أما الحالة الثانية فهي الفصل ‪ 144‬الفقرة ‪ 3‬الذي يسمح لرئيس الجمهورية‪ ،‬بعد املوافقة على التعديل الدستوري بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس نواب الشعب بعرض هذا التعديل على االستفتاء‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫حقوق االنسان‬

‫وأخيرا‪ ،‬ولئن أشار الفصل ‪ 139‬من الدستور إلى “آليات الديمقراطية التشاركية ومبادئ الحوكمة املفتوحة لضمان إسهام‬
‫ّ‬
‫يتعلق باالستفتاء‪ ،‬باعتبار ّ‬ ‫أوسع للمواطنين واملجتمع املدني في إعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية (‪ّ ،”)...‬‬
‫أن هذا‬ ‫فإن األمر ال‬
‫ّ‬
‫األخير ال يشكل آلية من آليات الديمقراطية التشاركية وإنما هو من إجراءات الديمقراطية شبه املباشرة‪.49‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬يمكن أن نالحظ شيئا من الشطط في اللجوء إلى القضاء اإلداري في مجال الديمقراطية التشاركية (وكذلك األمر في‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫كامل املجلة)‪ .‬فحسب مقتضيات الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 30‬من املجلة‪ ،‬تضبط شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل بأمر حكومي‬
‫أن املحكمة ستشارك في إصدار األمر املذكور‪ .‬وهو ما ال نرى موجبا‬ ‫مما يعني ّ‬
‫يصدر بناء على الرأي املطابق للمحكمة اإلدارية العليا‪ّ .‬‬
‫نصت الفقرة الثانية من الفصل ‪32‬‬ ‫أن األمر الحكومي املعني سيكون قابال للطعن بدعوى تجاوز السلطة‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ّ ،‬‬ ‫له طاملا ّ‬
‫إن التدخل‬‫من نفس املجلة على إمكانية اعتراض الوالي على تنظيم الجماعة املحلية لعملية االستفتاء أمام املحكمة اإلدارية االبتدائية‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫املفرط للهيئات القضائية في ّ‬
‫فض الخالفات التي قد تنشب بين الهيئات السياسية واإلدارية ليس من شأنه إال أن يزيد من مخاطر‬
‫تسييس القضاء وأن ّ‬
‫يقوض بالتالي استقالليته‪.‬‬

‫ف‬
‫‪ .4.1.I‬الحق ي� محاكمة عادلة (الفصول ‪ 29 ،28 ،27‬و‪ 108‬من الدستور)‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تحتوي النصوص التشريعية النافذة حاليا والسابقة لصدور الدستور على بعض العناصر املتعلقة بالحق في محاكمة عادلة‪ .‬وتتمثل‬
‫ّ‬
‫أهم النصوص القانونية في هذا املجال في‪:‬‬

‫تم إصدارها بمقت�ضى القانون عدد ‪ 130‬لسنة ‪ 1959‬بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر ‪.1959‬‬ ‫‪ n‬مجلة املرافعات املدنية والتجارية التي ّ‬
‫تم إصدارها بمقت�ضى القانون عدد ‪ 23‬لسنة ‪ 1968‬بتاريخ ‪ 24‬جويلية ‪.1968‬‬ ‫‪ n‬مجلة اإلجراءات الجزائية التي ّ‬
‫ّ‬
‫‪ n‬القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 2002‬املؤرخ في ‪ 3‬جوان ‪ 2002‬واملتعلق بمنح اإلعانة العدلية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬القانون عدد ‪ 40‬لسنة ‪ 1972‬املؤرخ في غرة جوان ‪ 1972‬واملتعلق باملحكمة اإلدارية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬القانون عدد ‪ 3‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 3‬جانفي ‪ 2011‬واملتعلق باإلعانة القضائية لدى املحكمة اإلدارية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬القانون عدد ‪ 8‬لسنة ‪ 1968‬املؤرخ في ‪ 8‬مارس ‪ 1968‬واملتعلق بتنظيم دائرة املحاسبات‪.‬‬
‫ّ‬
‫العسكرية الصادرة بمقت�ضى األمر العلي املؤرخ في ‪ 10‬جانفي ‪.1957‬‬ ‫‪ n‬مجلة املرافعات والعقوبات‬
‫تكرس ّ‬
‫نسبيا قرينة البراءة ومبدأ املواجهة وحقوق الدفاع والتقا�ضي‬ ‫تضمن هذه النصوص التشريعية عموما الحق في محاكمة عادلة‪ .‬فهي ّ‬
‫على درجتين إضافة إلى التنصيص على آليات للمساعدة القضائية بالنسبة لشتى أنواع املحاكمات لفائدة األشخاص املحتاجين ملساعدة‪.‬‬
‫كما ّ‬
‫يكرس القانون الجزائي التون�سي مبدأ عدم رجعية القوانين الجزائية مع استثناء حالة العقوبة األخف‪.‬‬
‫ّ‬
‫فإنه يبدو من الضروري إدخال بعض التحسينات على اإلطار القانوني النافذ حاليا لجعله يتطابق مع أحكام الدستور‪.50‬‬ ‫ومع ذلك‪،‬‬
‫ّ‬
‫ملجلة اإلجراءات الجزائية (القانون عدد ‪ 5‬لسنة ‪ 2016‬الصادر في ‪ 16‬فيفري ‪ّ ،)2016‬‬ ‫وقد صادق البرملان على قانون منقح ّ‬
‫تم‬ ‫ومتمم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خاصة على الفصل ‪ّ 13‬‬ ‫ّ‬
‫مكرر من املجلة املذكورة الذي ينظم إجراء االحتفاظ باألشخاص املشتبه فيهم‪.‬‬ ‫من خالله إدخال تعديالت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويمثل هذا التنقيح تطبيقا هاما للدستور وتحديدا للفصل ‪ 29‬منه ‪ .‬فمن ناحية أولى أصبح يتعين الترخيص كتابيا في االحتفاظ من‬
‫‪51‬‬

‫قبل وكيل الجمهورية‪ .‬وهذا الترخيص الكتابي املسبق لم يكن منصوصا عليه صراحة في الصيغة القديمة للفصل ‪ّ 13‬‬
‫مكرر‪ .‬ومن ناحية‬
‫مكرر (قديم)‪ .‬وحسب الفصل ‪ّ 13‬‬
‫مكرر‬ ‫محددة بثالث أيام في الفصل ‪ّ 13‬‬ ‫مدة االحتفاظ إلى ‪ 48‬ساعة بعد أن كانت ّ‬ ‫تم التقليص في ّ‬
‫ثانية ّ‬
‫(جديد) يمكن التمديد في الفترة األولى للتحفظ بـ ‪ 24‬ساعة في حالة الجنحة وبـ‪ 48‬ساعة في حالة الجناية‪ ،‬في حين كان الفصل ‪ّ 13‬‬
‫مكرر‬

‫‪ 49‬مفاهيم الديمقراطية املباشرة وشبه املباشرة هي محل نقاش فقهي‪ ،‬حيث يرى بعض الفقهاء ان االستفتاء آلية من آليات الديمقراطية املباشرة‪:‬‬
‫(‪.)http://www.idea.int/publications/direct_democracy/loader.cfm?csModule=security/getfile&pageid=56848‬‬
‫بينما يرى البعض اآلخر ان االستفتاء هو آلية من آليات الديمقراطية شبه املباشرة‪:‬‬
‫(‪.)http://www.conseil-constitutionnel.fr/conseil-constitutionnel/francais/nouveaux-cahiers-du-conseil/cahier-n-23/democratie-participative-et-democratie-semi-directe.51858.html‬‬
‫‪ 50‬بخصوص هذه املسألة يمكن االطالع على تقرير املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية “النزاعات العمومية والحق في محاكمة عادلة‪ :‬دراسة اإلجراءات املتبعة لدى بعض املحاكم بالنظر إلى األحكام الدستورية املتعلقة بالحق في محاكمة عادلة”‪ ،‬عبر الرابط‬
‫التالي‪http://democracy-reporting.org/wp-content/uploads/2018/03/DRI-TN_Contentieux-publics-et-droit-a-un-proces-equitable_web_AR.pdf :‬‬
‫‪ 51‬الفصل ‪“ :29‬ال يمكن إيقاف شخص أو االحتفاظ به ّإال في حالة ّ‬
‫تلبس أو بقرار قضائي ويعلم فورا بحقوقه وبالتهمة املنسوبة إليه‪ ،‬وله أن ينيب محاميا”‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫حقوق االنسان‬

‫(قديم) ّ‬
‫ينص على إمكانية التمديد بثالث أيام مهما كان صنف الجريمة‪ .‬ومن ناحية ثالثة أصبح بإمكان املحتفظ بهم االستعانة بمحام‪.‬‬
‫ّ‬
‫يتعلق األمر بجناية وال يقوم املشبوه فيه بتعيين محام‪ّ ،‬‬
‫ينص القانون على وجوب تسخير محام‪ .‬فاإلجراءات الجديدة لالحتفاظ‬ ‫وحين‬
‫ق‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫املنصوص عليها صلب القانو الصادر في فيفر ‪ 2016‬جاءت داعمة للحق في محاكمة عادلة ولقرينة البراءة ولحقو الدفاع‪.‬‬

‫فيما يتعلق باإلجراءات املعمول بها أمام املحاكم املالية‪ ،‬ال سيما دائرة الزجر املالي‪ ،‬فهي كذلك تحتاج إلى مراجعة بسبب غياب طرق‬
‫الطعن العادية‪ 52‬وعدم ّ‬
‫عالنية الجلسات‪.‬‬

‫وبموجب مشروع القانون األسا�سي عدد ‪ 5338/2016‬املتعلق بضبط اختصاصات محكمة املحاسبات وتنظيمها واإلجراءات املتبعة‬
‫لديها‪ ،‬لم يعد زجر أخطاء التصرف من أنظار دائرة الزجر املالي بل صار من اختصاص محكمة املحاسبات‪ .‬وتصدر محكمة املحاسبات‬
‫في مادة أخطاء التصرف أحكاما ابتدائية قابلة للطعن فيها باالستئناف أمام الدوائر االستئنافية باملحكمة طبقا ملا جاء بصريح عبارة‬
‫تم التنصيص في هذا الفصل على األثر التوقيفي لالستئناف‪ .‬ويمكن الطعن بالتعقيب في الحكم االستئنافي‬ ‫الفصل ‪ 135‬من املشروع‪ .‬كما ّ‬
‫أمام الهيئة التعقيبية للمحكمة في حال خرق اإلجراءات أو القانون وفقا للفصل ‪ 140‬من املشروع املذكور‪.‬‬
‫ّ‬
‫“عادية” وذلك وفقا للمقتضيات الدستورية الجديدة التي جاءت مكرسة‬ ‫وبهذا الشكل أصبحت إجراءات زجر أخطاء التصرف اجراءات‬
‫للمبادئ العاملية للمحاكمة العادلة‪.‬‬

‫الحق في محاكمة عادلة مرتبط بتنظيم القضاء‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬جاء الدستور بتنظيم جديد للقضاء اإلداري‬ ‫فإن ّ‬ ‫ومن جهة أخرى‪ّ ،‬‬
‫حد ‪ 31‬مارس ‪ ،2019‬لم يقع إعداد أي مشروع قانون في هذا‬ ‫يقوم على “الالمركزية”‪ ،‬بهدف تقريب القا�ضي اإلداري من املواطن‪ .‬وإلى ّ‬
‫ّ‬
‫االتجاه‪ .54‬لكن عمال بمقتضيات القانون عدد ‪ 40‬لسنة ‪ 1972‬املؤرخ في ‪ 1‬جوان ‪ 1972‬واملتعلق باملحكمة اإلدارية (فصل ‪،)15‬‬
‫تم إحداث ‪ 12‬دائرة ابتدائية متفرعة عن املحكمة اإلدارية بالجهات‪ 55‬وذلك بمقت�ضى األمر الحكومي عدد ‪ 620‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في‬ ‫ّ‬
‫وتم فتح هذه الدوائر االثني عشرة يوم ‪ 22‬فيفري ‪ 2018‬بقرار من الرئيس األول للمحكمة اإلدارية مؤرخ في ‪ 20‬فيفري‬ ‫‪ 25‬ماي ‪ّ . 562017‬‬
‫ينص على هذه الدوائر الجهوية منذ تنقيح الفصل ‪ 15‬منه سنة ‪( 1996‬القانون األسا�سي‬ ‫‪ . 572018‬ولئن كان قانون املحكمة اإلدارية ّ‬
‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫عدد ‪ 39‬لسنة ‪ 1996‬املؤرخ في ‪ 3‬جوان ‪ ،)1993‬فهي لم ُت َ‬
‫دخل على القانوني االنتخابي في ‪( 2017‬القانون‬ ‫حدث قط في تونس‪ .‬فالتعديل امل‬
‫صح التعبير‪ ،‬إلى إحداث الدوائر‬ ‫األسا�سي عدد ‪ 7‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في ‪ 14‬فيفري ‪ )2017‬هو الذي “دفع” بالسلطة التنفيذية‪ ،‬إن ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجهوية للنظر ابتدائيا في النزاعات املتعلقة بالترشح لالنتخابات البلدية ليوم ‪ 6‬ماي ‪ 2018‬باإلضافة إلى نظرها في نزاعات أخرى‪ .58‬وتشكل هذه‬
‫عمليا ان ّ‬
‫تتحول في املستقبل إلى محاكم إدارية ابتدائية‪.‬‬ ‫الدوائر الجهوية خطوة أولى نحو إرساء قضاء إداري قريب من املواطن‪ .‬ومن املنتظر ّ‬

‫ّ‬
‫املتعلق بمكافحة اإلرهاب ومنع غسل األموال‪ ،‬الذي ّ‬ ‫كما تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫تم إصداره في ‪ 7‬أوت‬ ‫تضمن القانون عدد ‪ 26‬لسنة ‪2015‬‬
‫ّ‬
‫بالحق في محاكمة عادلة وخارقة للقواعد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العامة لقانون االجراءات الجزائية‪.59‬‬ ‫‪ ،2015‬ألحكام اعتبرها بعض املعلقين مخلة‬

‫‪+‬‬
‫تم تنقيح وإتمام القانون عدد ‪ 26‬لسنة ‪ 2015‬سالف الذكر بمقت�ضى القانون األسا�سي عدد ‪ 9‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في‬ ‫وقد ّ‬
‫‪ 23‬جانفي ‪ .602019‬وتعكس بعض املقتضيات الواردة في هذا القانون الرغبة في االستجابة ملتطلبات املحاكمة العادلة‪ .‬فمن ناحية أولى‪،‬‬
‫ولضمان الحق في قاض مناسب‪ ،‬تم إدخال تغيير على تركيبة القطب القضائي ملكافحة اإلرهاب حتى يشمل مستقبال قضاة لألطفال‪ .‬كما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن تعيين قضاة هذا القطب القضائي ّ‬
‫املتفرع عن املجلس األعلى للقضاء‪ ،‬وهو ما يشكل عادة ضمانة‬ ‫يتم من قبل مجلس القضاء العدلي‬
‫تم على إثر تنقيح القانون تعميم تطبيق ظروف التخفيف التي أصبحت‪ ،‬بموجب الفصل ‪10‬‬ ‫الستقاللية القضاة‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ّ ،‬‬
‫يدل على الرغبة في تكريس التناسب بين العقوبات املحكوم‬‫كل املشتبه فيهم‪ .‬وهذا ّ‬ ‫(جديد)‪ ،‬تسري ال فقط على األطفال بل كذلك تجاه ّ‬
‫‪ 52‬القرارات الصادرة عن دائرة الزجر املالي والقاضية بتسليط عقوبات مالية هي غير قابلة لالستئناف وال للتعقيب‪ .‬لكن يمكن أن تكون هذه القرارات موضوع مراجعة في أجل شهرين إبتداء من اإلعالم بالقرار وذلك في حالة ظهور عناصر جديدة أو العثور على وثائق‬
‫تثبت عدم مسؤولية املعني باألمر (الفصل ‪ 20‬من القانون عدد ‪ 74‬لسنة ‪ 1985‬املؤرخ في ‪ 20‬جويلية ‪.)1985‬‬
‫‪http://www.anc.tn/site/servlet/Fichier?code_obj=92187&code_exp=1&langue=1 53‬‬
‫تتكون من قضاة صلب املحكمة اإلدارية لصياغة مشروع مجلة القضاء اإلداري وفقا للمتطلبات الدستورية الجديدة بخصوص القضاء اإلداري‪.‬‬ ‫‪ 54‬تم تشكيل لجان عمل ّ‬
‫تم خالل صائفة ‪ 2017‬تنظيم مناظرة خارجية بامللفات مع إجراء مناقشة مع لجنة املناظرة‪ ،‬من أجل انتداب ‪ 60‬مستشارا مساعدا باملحكمة اإلدارية‪.‬‬ ‫‪ 55‬بصفة موازية إلحداث هذه الدوائر ّ‬
‫‪ 56‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 42‬املؤرخ في ‪ 26‬ماي ‪ ،2017‬ص‪.1901.‬‬
‫ينص الفصل ‪ 2‬من هذا القرار على أن تتعهد الدوائر الجهوية بالقضايا االبتدائية املنشورة لدى املحكمة اإلدارية والتي لم يختم فيها التحقيق بعد وذلك بمقت�ضى إحالة من الرئيس األول للمحكمة اإلدارية (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 15‬املؤرخ‬ ‫‪ّ 57‬‬
‫في ‪ 20‬فيفري ‪ ،2018‬ص‪.)460 .‬‬
‫مكرر الذي أوكل االختصاص بالنظر ابتدائيا في‬‫‪ 58‬بمقت�ضى القانون األسا�سي عدد ‪ 7‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في ‪ 14‬فيفري ‪ 2017‬املنقح واملتمم للقانون األسا�سي عدد ‪ 16‬لسنة ‪ 2014‬املؤرخ في ‪ 26‬ماي ‪ 2014‬املتعلق باالنتخابات واالستفتاء‪ّ ،‬تمت إضافة الفصل ‪ّ 174‬‬
‫نزاعات الترشح لالنتخابات البلدية والجهوية بصفة انتقالية وإلى حين تركيز املحاكم اإلدارية االبتدائية‪ ،‬إلى دوائر ابتدائية متفرعة عن املحكمة اإلدارية بالجهات يمكن إحداثها بأمر طبقا ألحكام الفصل ‪ 15‬من قانون غرة جوان ‪ 1972‬املتعلق باملحكمة اإلدارية‪.‬‬
‫كاملدة القصوى لالحتفاظ بذي الشبهة أو اإلمكانية املتاحة لقا�ضي التحقيق لعدم إجراء مكافحة بين الشهود واملتهمين‪.‬‬ ‫‪ّ 59‬‬
‫‪ 60‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 9‬املؤرخ في ‪ 29‬جانفي ‪ ،2019‬ص‪ 235 .‬وما يليها‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫حقوق االنسان‬

‫ّ ّ‬
‫عام‪ ،‬يؤكد القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪ 2019‬الطابع االستثنائي الذي ّيتسم به القانون‬ ‫بها والجرائم املرتكبة‪ .‬لكن‪ ،‬وبشكل‬
‫ّ‬
‫عدد ‪ 26‬لسنة ‪ 2015‬موضوع التنقيح وذلك مقارنة بالقواعد العامة لإلجراءات الجزائية املذكورة أعاله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وأخيرا‪ ،‬فقد ّ‬
‫نص الفصل ‪ 5‬من القانون عدد ‪ 62‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في ‪ 24‬أكتوبر ‪ 2017‬املتعلق باملصالحة في املجال اإلداري‪ ،‬على‬
‫رفع أمام هيئة تتألف من الرئيس ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫األول‬ ‫أن يكون االعتراض على شهادة العفو املسلمة للموظفين العموميين وأشباههم في إطار دعوى ت‬
‫أي إجراءات‬‫ملحكمة التعقيب وعضوين من أقدم رؤساء الدوائر بها‪ ،‬وبحضور ممثل النيابة العمومية لديها‪ .‬لكن لم يقع التنصيص على ّ‬
‫ألي وجه من أوجه الطعن‪ .‬وال يمكن الطعن أمام الهيئة‬ ‫لحق املواجهة في إطار هذه الدعوى‪ .‬كما ّ‬
‫أن قرارات الهيئة غير قابلة ّ‬ ‫ضامنة ّ‬
‫املذكورة في قرارات إيقاف التتبعات الجزائية الجارية‪.‬‬
‫واملهام املوكلة إليها (املتمثلة في ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البت في اعتراضات ذات‬ ‫(املتكونة من قضاة)‬ ‫وقد رأى بعض املختصين في القانون أنه بالنظر إلى تركيبتها‬
‫حجر صراحة إحداث املحاكم االستثنائية (الفصل ‪.)110‬‬ ‫عتبر هذه الهيئة محكمة استثنائية‪ ،‬علما ّ‬
‫وأن الدستور ّ‬ ‫صبغة قانونية)‪ُ ،‬ت َ‬

‫الضم� والمعتقد (الفصل ‪ 6‬من الدستور)‬


‫ي‬ ‫‪ .5.1.I‬حرية‬

‫ال ينال التشريع الجاري به العمل مباشرة من هاتين الحريتين‪.‬‬


‫ألغى وزير العدل في شهر سبتمبر ‪ 2017‬العمل باملنشور املؤرخ في ‪ 5‬نوفمبر ‪ 1973‬والذي كان ّ‬
‫يحجر زواج التونسيات املسلمات من غير‬
‫ّ‬
‫يتضمن هذا التحجير‪.62‬‬ ‫املسلمين‪ّ 61‬‬
‫وعوضه بمنشور جديد ال‬

‫ينص الفصل الخامس من مجلة األحوال الشخصية في صيغته العربية (الصيغة الرسمية) على وجوب أن يكون كل من الزوجين خلوا من‬
‫املحجر بمقت�ضى منشور ‪ ،1973‬مانعا‬‫ّ‬ ‫“املوانع الشرعية”‪ .63‬وحسب هذا التأويل‪ ،‬يمكن اعتبار زواج التونسية املسلمة من غير املسلم‪،‬‬
‫شرعيا طبقا ألحكام الفصل الخامس من مجلة األحوال الشخصية‪ .‬وبالرغم من إمكانية اعتباره مخالفا ألحكام الدستور وللمعاهدات‬
‫ّ‬
‫الدولية املصادق عليها من طرف الدولة التونسية‪ ،‬لم يكن املنشور امللغى بالضرورة مشوبا بعيب الالشرعية كما كان يراه بعض املعلقين‪.64‬‬

‫فإن إلغاء منشور ‪ 5‬نوفمبر ‪ 1973‬وتعويضه بمنشور جديد‬ ‫تم األخذ بهذا التأويل للفصل الخامس من مجلة األحوال الشخصية‪ّ ،‬‬ ‫إذا ّ‬
‫ّ‬
‫واقعيا إلى إزاحة شرط قانوني أوجبه الفصل الخامس املذكور‪ ،‬في حين أن الفصل ‪65‬‬ ‫متضمن للتحجير املتعلق بديانة الزوج يؤول‬‫ّ‬ ‫غير‬
‫ن‬
‫من الدستور ينص في فقرته الثانية على أنه تتخذ شكل قوانين أساسية النصوص املتعلقة باألحوال الشخصية‪ .‬وقد يكو من األسلم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع لتعديل الفصل الخامس من مجلة األحوال الشخصية ملالءمته مع أحكام الدستور علما وأن هذا النقاش‬ ‫دستوريا أن يتدخل‬
‫ليس فقط نظريا‪ .‬فقد نص الفصل ‪ 21‬من مجلة األحوال الشخصية أن الزواج الذي انعقد بدون مراعاة أحكام الفقرة األولى من الفصل‬
‫الخامس من هذه املجلة “فاسد”‪ .‬وفي صورة نشوب نزاع فإن إلغاء منشور ‪ 5‬نوفمبر ‪ 1973‬لن يمنع قاض من تأويل الفصل الخامس من‬
‫مجلة األحوال الشخصية حسب إحالته إلى املوانع الشرعية والحكم تبعا لذلك طبق أحكام الفصل ‪ 21‬من نفس املجلة‪ .‬وقد رفض بعض‬
‫ّ‬
‫تونسيات مسلمات بغير مسلمين‬ ‫تم انتخابهم على إثر االنتخابات البلدية ليوم ‪ 6‬ماي ‪ ،2018‬ابرام عقود زواج‬ ‫رؤساء البلديات الذين ّ‬
‫أن إلغاء العمل بمنشور ‪ 1973‬ليس كاف‬ ‫يدل على ّ‬
‫مما ّ‬ ‫استنادا إلى أحكام الفصل الخامس من مجلة األحوال الشخصية سالف الذكر‪ّ ،‬‬
‫كلية‪.65‬‬‫لحل اإلشكال بصفة ّ‬‫ّ‬

‫تتضمن املجلة الجزائية أحكاما (الفصل ‪ّ )317‬‬


‫تحجر بيع املشروبات الكحولية للمسلمين‪ .‬وهو تحجير غير معمول به‬ ‫ّ‬ ‫من جهة أخرى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫على املستوى التطبيقي إال أثناء املناسبات الدينية‪ ،‬لكنه يبدو متضاربا مع القانون عدد ‪ 14‬لسنة ‪ 1998‬املؤرخ في ‪ 18‬فيفري ‪2018‬‬
‫تعرض فيه إلى ضرورة إلغاء العمل بمنشور سنة ‪.1973‬‬ ‫‪ 61‬تم ذلك على إثر الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية يوم ‪ 13‬أوت ‪ 2017‬بمناسبة االحتفال بالعيد الوطني للمرأة‪ ،‬والذي ّ‬
‫‪ 62‬لم يقع نشر هذا املنشور الجديد‪ ،‬وهو نفس حال املنشور السابق الصادر سنة ‪.1973‬‬
‫‪ 63‬الفصل الخامس من املجلة كما وقعت ترجمته باللغة الفرنسية يذكر املوانع الواردة في القانون‪.‬‬
‫‪ 64‬ساهمت الترجمة الفرنسية ألحكام الفصل ‪ 5‬من مجلة األحوال الشخصية في إدخال بعض الغموض ال سيما وأن النص الفرن�سي للفصل الخامس يذكر املوانع الواردة في القانون عوضا عن ذكر املوانع الشرعية‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬يستند املعلقون الذين يعتبرون‬
‫ّ‬
‫املتعلق بالديانة‪ .‬وهم يعتبرون أن هذا التعداد قد ورد على سبيل الحصر‪ ،‬بما يق�صي ّ‬ ‫ّأن املنشور مخالف للنص التشريعي في تحليلهم إلى الفصل ‪ 14‬من مجلة األحوال الشخصية‪ .‬حيث ّ‬
‫كل املوانع األخرى التي يمكن‬ ‫عدد هذا الفصل موانع الزواج دون ذكر الشرط‬
‫أن تكون متصلة بالتشريع اإلسالمي‪.‬‬
‫الشخصية هي ّ‬
‫ّ‬ ‫القضية؟ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫مادة غريبة على القضاء اإلداري‪ .‬لذا‪ ،‬من غير املستبعد أن نرى القا�ضي االستعجالي‬ ‫فمادة األحول‬ ‫املختصة بالنظر في مثل هذه‬ ‫‪ 65‬في حالة االعتراض قضائيا على رفض رئيس البلدية إبرام عقد زواج‪ ،‬تطرح مسألة تحديد الجهة القضائية‬
‫ّ‬
‫(الحق في الزواج) ويأمر رئيس البلدية بإبرام عقد زواج تونسية مسلمة بغير مسلم‪.‬‬ ‫يقر اختصاصه في مجال حماية هذه الحرية األساسية‬ ‫املدني ّ‬

‫‪22‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫حقوق االنسان‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتعلق بتعاطي تجارة املشروبات الكحولية ّ‬
‫املعدة للحمل‪ 66‬والقانون عدد ‪ 147‬لسنة ‪ 1959‬املؤرخ في ‪ 7‬نوفمبر ‪ 1959‬املتعلق باملقاهي‬
‫تم تنقيحه بمقت�ضى القانون عدد ‪ 55‬لسنة ‪ 1961‬املؤرخ في ‪ 14‬نوفمبر ‪ 1961‬واملرسوم عدد ‪ 23‬لسنة ‪1974‬‬‫واملحالت املماثلة لها‪ ،67‬كما ّ‬
‫املؤرخ في ‪ 2‬نوفمبر ‪ 1974‬والقانون عدد ‪ 18‬لسنة ‪ 1993‬املؤرخ في ‪ 22‬فيفري ‪.681993‬‬
‫أن ديانة املواطنين ليست وضعية قانونية في البالد التونسية‪ّ ،‬‬
‫فإن اعتبار ّ‬
‫كل املواطنين من ذوي الثقافة اإلسالمية مسلمين‪،‬‬ ‫وبما ّ‬
‫دينية قد ُي َع ّد من قبيل ّ‬
‫الحد من مجال حرية الضمير واملعتقد‪ .‬وبخصوص ّ‬
‫كل هذه املسائل‪،‬‬ ‫واخضاعهم لقواعد قانونية تقوم على موانع ّ‬
‫هنالك حفاظ على الوضع القانوني واالجتماعي القائم منذ عشرات السنين‪ ،‬بالرغم من أن إلغاء منشور ‪ 5‬نوفمبر ‪ّ 1973‬‬
‫يعد تغييرا في‬
‫هذا املجال‪.‬‬

‫ش‬
‫والن� (الفصل ‪ 31‬من الدستور)‬ ‫التعب� واإلعالم‬
‫ي‬ ‫‪ .6.1.I‬حرية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذه الحريات منظمة اليوم بمقت�ضى املرسوم عدد ‪ 115‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 2‬نوفمبر ‪ 2011‬واملتعلق بحرية الصحافة والطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬واملرسوم عدد ‪ 116‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 2‬نوفمبر ‪ 2011‬املتعلق بحرية االتصال السمعي البصري وبإحداث الهيئة العليا‬
‫املستقلة لالتصال السمعي البصري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النصان بشكل ّ‬‫يضمن هذان ّ‬
‫عام حرية التعبير واإلعالم والنشر‪ .‬لكن بعض أحكام املرسومين املذكورين تتعلق بمسائل تنظمها نصوص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أخرى سابقة الوضع‪ ،‬كبعض فصول املجلة الجزائية (على غرار مسألة الثلب) ومجلة االتصاالت وهو وضع ال يضمن األمان القانوني وال‬
‫يوفر إطارا قانونيا واضحا ملمارسة هذه الحريات‪ .‬إذ يمكن لإلدارات واملحاكم تطبيق نصوص قانونية مختلفة على حاالت مماثلة بحسب‬
‫ّ‬
‫فإنه ّ‬
‫يتعين التفكير في مراجعة شاملة لإلطار القانوني الحالي‪.‬‬ ‫تأويلها للنصوص النافذة‪ .‬لذا‬
‫ّ‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬صدر بتاريخ ‪ 22‬سبتمبر ‪ 2015‬القانون عدد ‪ 37‬لسنة ‪ 2015‬املتعلق بالتسجيل واإليداع القانوني‪ ،‬وهو قانون ينظم‬
‫ّ ّ‬
‫النص ينظم بشكل ما ممارسة حرية التعبير واإلعالم‬ ‫إجراءات تسجيل وإيداع املصنفات الفنية واألدبية والعلمية املوجهة للعموم‪ .‬هذا‬
‫ّ‬
‫والنشر ويبدو حسب قراءة ّأولية أنه ال ينال من تلك الحريات‪.‬‬

‫يحد بشكل جدي من حرية التعبير‬ ‫مشروع قانون عدد ‪ 25/2015‬املتعلق بزجر االعتداء على القوات املسلحة املذكور أعاله‪ ،‬يمكن أن ّ‬
‫واإلعالم والنشر التي ضمنها الدستور‪ ،‬من خالل التنصيص في الفصلين ‪ 6‬و‪ 7‬على عقوبات سالبة للحرية تتسم بالصرامة ضد ّ‬
‫أي‬
‫ّ‬ ‫شخص ّ‬
‫تعمد نشر معلومات أو وثائق تتعلق بما يعتبره املشروع “أسرار األمن الوطني” أو اطلع عليها أو تداولها‪ .‬وفي نفس االتجاه‪،‬‬
‫أخضع الفصل ‪ 7‬من املشروع استعمال آالت التصوير أو التسجيل أو األجهزة الهاتفية داخل املنشآت العسكرية أو األمنية أو في مواقع‬
‫وإال كان مرتكب هذه األفعال عرضة لعقوبة جزائية سالبة للحرية‪ .‬ويبدو ّ‬ ‫ّ‬
‫أن‬ ‫العمليات األمنية أو العسكرية إلى الترخيص املسبق‪،‬‬
‫مجال تطبيق هذا القانون جاء واسعا للغاية ّ‬
‫وأن العبارات املستعملة فيه لم ترد بالدقة الكفاية (كعبارة املعلومات أو الوثائق أو مواقع‬
‫يبرر بسهولة النيل من الحريات‪ .‬فالنصوص‬ ‫أن مفهوم “أسرار األمن الوطني” جاء غامضا ويمكن أن ّ‬ ‫العمليات العسكرية أو األمنية)‪ .‬كما ّ‬
‫فإن‬‫تم بيانه أعاله‪ّ ،‬‬
‫تمس من مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات‪ .‬وكما ّ‬‫تجرم بعض االفعال لكنها بصياغتها تلك قد ّ‬ ‫ّ‬
‫املعنية هنا هي نصوص ّ‬
‫هذا النص من شأنه أن يطرح اشكاالت دستورية في إطار نظام ديمقراطي‪.‬‬

‫‪ 66‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 15‬املؤرخ في ‪ 20‬فيفري ‪ ،1998‬ص‪.371 .‬‬


‫لكنه يضيف في فصله ‪ّ 36‬أن “املطالبة بخالص املشروبات التي وقع بيعها مخالفة للفصل ‪ 317‬من القانون الجنائي ال تقبل أمام املحاكم‬
‫يحجر بيع الكحول للمسلمين‪ّ .‬‬ ‫وينص قانون ‪ 7‬نوفمبر ‪ 1959‬في فصله ‪ 42‬على إلغاء العمل بأمر ‪ 15‬ماي ‪ 1941‬الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪67‬‬
‫ّ‬ ‫يحجر بيع الكحول ملسلمين أحال إلى الفصل ‪ 317‬من املجلة الجزائية الذي ّ‬ ‫املدنية”‪ .‬فذات القانون الذي ألغى العمل باألمر الذي ّ‬
‫ينص على معاقبة “األشخاص الذين يناولون مشروبات كحولية ملسلمين”! وقد تفطن املشرع إلى وجود هذا التضارب وقام سنة‬
‫مجددا بمناسبة تنقيح قانون ‪ 1959‬بمقت�ضى مرسوم ‪ .1974‬ولم ّ‬‫“يحجر (‪ )...‬بيع املشروبات الكحولية للمسلمين (‪ .”)...‬كما وقع تكريس نفس هذا املنع ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1961‬بتنقيح الفصل ‪ 35‬من قانون ‪ 1959‬الذي أصبح ّ‬
‫يمس تنقيح ‪ 1993‬من مقتضيات الفصل‬ ‫ينص على أنه‬
‫‪ 35‬من قانون ‪.1959‬‬
‫ّ‬
‫‪ 68‬راجع أيضا‪ :‬األمر عدد ‪ 1619‬لسنة ‪ 1994‬املؤرخ في ‪ 26‬جويلية ‪ 1994‬املتعلق بضبط إجراءات رخص املقاهي واملحالت املماثلة (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 62‬املؤرخ في ‪ 9‬اوت ‪ ،1994‬ص‪ )1296 .‬واألمر عدد ‪ 5‬لسنة ‪ 1968‬املؤرخ في ‪ 9‬جانفي ‪1968‬‬
‫املتعلق بضبط مواقيت فتح املقاهي واملحالت املماثلة لها ومحالت تجارة املشروبات الكحولية املستهلكة خارج املحل (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية املؤرخ في ‪ 12-16‬جانفي ‪ ،1968‬ص‪.)31 .‬‬

‫‪23‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫حقوق االنسان‬

‫‪ .2.I‬المساواة‬
‫كرس الدستور التون�سي املساواة في توطئته (الفقرة ‪ ،)3‬وفي الفصل ‪ 15‬الذي ّ‬
‫ينص على املساواة كمبدأ يحكم سير املرافق العمومية‪ ،‬وفي‬ ‫ّ‬
‫‪69‬‬
‫الفصل ‪ ،21‬وفي الفصلين ‪ 34‬و‪ .46‬هذا باإلضافة إلى الفصل ‪ 12‬منه الذي تناول مسألة امليز اإليجابي الجهوي ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫باالطالع على هذه الفصول يتضح ّ‬
‫أن إرادة السلطة التأسيسية (املجلس الوطني التأسي�سي) اتجهت نحو إقامة تمييز بين املساواة في‬
‫القانون وتكافؤ الفرص‪.‬‬

‫ف‬
‫‪ .1.2.I‬المساواة ي� القانون‬

‫املكرسة في الدستور‪ ،‬وبالخصوص في الفصل ‪ 21‬منه‪ ،‬ليست مضمونة بشكل كامل في التشريع الجاري به العمل‪.70‬‬ ‫إن املساواة في القانون ّ‬ ‫ّ‬
‫فبعض قواعد امليراث الواردة في مجلة األحوال الشخصية يمكن اعتبارها مخالفة ملبدأ املساواة بين الجنسين‪.71‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية ّ‬ ‫ّ‬
‫مما يترتب عنه تحميل هذا األخير مسؤولية اإلنفاق على‬ ‫تكرس مفهوم رئيس العائلة وتسنده للزوج‪،‬‬ ‫والزالت مجلة األحوال‬
‫ّ‬
‫الزوجة واألبناء‪ ،‬مع التنصيص (منذ تنقيح ‪ )1993‬على أنه “على الزوجة أن تساهم في اإلنفاق على األسرة إن كان لها مال” (الفصل ‪23‬‬
‫ّ‬
‫ملسؤولية اإلنفاق على األبناء (الفصل ‪ 56‬من املجلة) مهما كانت مداخيل‬ ‫ّ‬
‫متحمال بمفرده‬ ‫من املجلة)‪ .‬لكن‪ ،‬في حالة الطالق يصبح األب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األم‪ .‬وقد ّ‬
‫أقرت بعض األحكام القضائية إمكانية تحميل هذه املسؤولية لألم إذا كانت لديها مداخيل‪ .‬إال أن هذا املوقف يمثل األقلية في‬
‫فقه القضاء‪.‬‬
‫ّ‬
‫تعكس مختلف هذه املقتضيات الواردة في مجلة األحوال الشخصية تذبذب خيارات املشرع التون�سي بين النظرة املستلهمة من التشريع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتضمنه من واجبات محمولة على األب بصفته رئيسا للعائلة‪ ،‬والنظرة القائمة على املساواة والتي ترمي إلى‬ ‫االسالمي املتعلق باألسرة بما‬
‫خاص‪ ،‬لكن أحيانا دون التنصيص على ّ‬
‫كل الواجبات املترتبة عنها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عام وحقوق ّ‬
‫األم بشكل‬ ‫تكريس حقوق املرأة بشكل ّ‬

‫ّ‬
‫واملتمم للقانون عدد ‪ 40‬لسنة ‪1975‬‬ ‫صادق البرملان على القانون األسا�سي عدد ‪ 46‬لسنة ‪ 2015‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬نوفمبر ‪ ،2015‬املنقح‬
‫ّ‬
‫واملتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر‪ .‬ويمنح القانون املصادق عليه للوالدين‪ ،‬بما في ذلك ّ‬
‫األم‪ ،‬صالحيةّ‬ ‫املؤرخ في ‪ 14‬ماي ‪1975‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الترخيص في السفر لألبناء القصر‪ .‬فقبل إصدار هذا القانون كان الترخيص في السفر لألبناء القصر حكرا على األب بصفته رئيسا‬
‫ّ‬
‫للعائلة‪ .‬لذا يعتبر تنقيح القانون املتعلق بجوازات السفر قد ألغى حالة من الالمساواة بخصوص الترخيص في السفر للقاصر والحصول‬
‫على جواز سفر‪.72‬‬
‫وفي نفس االتجاه‪ ،‬أنشأ األمر الحكومي عدد ‪ 626‬لسنة ‪ 2016‬املؤرخ في ‪ 25‬ماي ‪ 2016‬مجلسا استشاريا جديدا يسمى مجلس النظراء‬
‫للمساواة وتكافؤ الفرص بين املرأة والرجل‪ ،73‬مهمته الرئيسية هي “إدماج مقاربة النوع االجتماعي في التخطيط والبرمجة والتقييم‬
‫وامليزانية للقضاء على جميع أشكال التمييز بين املرأة والرجل وتحقيق املساواة بينهما في الحقوق والواجبات”‪ .‬ويبدو أن هذا النص قد‬
‫ّ‬
‫كرس مفهوم “النوع االجتماعي” ألول مرة في القانون الوضعي التون�سي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وخالل شهر أوت ‪ّ 742017‬‬
‫تم إحداث لجنة لدى رئاسة الجمهورية تعنى بالحريات الفردية واملساواة‪ 75‬وتكليفها بإعداد تقرير حول‬
‫اإلصالحات املتصلة بالحريات الفردية واملساواة باالستناد إلى أحكام دستور ‪ 27‬جانفي ‪ 2014‬واملعايير الدولية في مجال حقوق اإلنسان‬
‫والتوجهات املعاصرة في مجال الحريات واملساواة‪.76‬‬
‫ّ‬ ‫العربية التي ّ‬
‫تتحدث عن “التمييز اإليجابي”‪ّ ،‬أما الصيغة الفرنسية الرسمية لهذا الفصل فقد اتسمت بعدم الوضوح حيث استعملت فيها عبارة « ‪ » inégalité compensatrice‬عوضا عن عبارة « ‪.» discrimination positive‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 69‬جاء الفصل ‪ 12‬واضحا في صيغته‬
‫ينص على ّأن الحكومة التونسية لن ّتتخذ ّ‬ ‫ّ‬
‫أي إجراء‬ ‫ضد املرأة (املعروفة باتفاقية “سيداو”)‪ ،‬لكن مع الحفاظ على اإلعالن العام الذي ّ‬ ‫كل أشكال التمييز ّ‬‫املتعلقة بمناهضة ّ‬ ‫ّ‬
‫رسميا سنة ‪ 2014‬تحفظاتها على االتفاقية‬ ‫‪ 70‬تجدر اإلشارة إلى ّأن الدولة التونسية رفعت‬
‫األول من الدستور من إشارة إلى الديانة اإلسالمية‪.‬‬‫يتضمنه الفصل ّ‬
‫ّ‬ ‫إداري أو تشريعي من شأنه أن يتعارض مع ما‬
‫ّ‬
‫وخاصة الصفحتان ‪ 12‬و‪ 13‬منه‪.‬‬ ‫‪ 71‬راجع في هذا اإلطار التقرير الصادر عن املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية تحت عنوان “تقييم الطابع الديمقراطي للدستور التون�سي املؤرخ في ‪ 27‬جانفي ‪،”2014‬‬
‫ّ‬ ‫حق ّ‬ ‫لألم الحاضنة لطفل قاصر ّ‬ ‫مجلة األحوال الشخصية ومنذ سنة ‪( 1993‬القانون عدد ‪ 74‬لسنة ‪ 1993‬املؤرخ في ‪ 12‬جويلية ‪ )1993‬منحت ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫التمتع “(‪ )...‬بـصالحيات الوالية فيما يتعلق بسفر املحضون ودراسته والتصرف في حساباته املالية‬ ‫‪ 72‬تجدر اإلشارة إلى أن‬
‫(‪( ”)...‬الفقرة ‪ 4‬من الفصل ‪.)67‬‬
‫ّ‬
‫‪ 73‬أمر حكومي عدد ‪ 626‬لسنة ‪ 2016‬املؤرخ في ‪ 25‬ماي ‪ 2016‬يتعلق بإحداث مجلس النظراء للمساواة وتكافؤ الفرص بين املرأة والرجل‪ ،‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪ ،‬عدد ‪ ،45‬املؤرخ في ‪ 3‬جوان ‪ ،2016‬ص‪ 1776 .‬وما يليها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ 74‬في خطابه الذي ألقاه يوم ‪ 13‬أوت ‪ 2017‬بمناسبة العيد الوطني للمرأة أطلق رئيس الجمهورية النقاش حول املوضوع املتعلق باملساواة في اإلرث بين الرجل واملرأة‪.‬‬
‫‪ 75‬بمقت�ضى األمر الرئا�سي عدد ‪ 111‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في ‪ 13‬أوت ‪ ،2017‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪ ،‬عدد ‪ 65‬املؤرخ في ‪ 15‬أوت ‪ ،2017‬ص‪.2594 .‬‬
‫‪ 76‬هذه اللجنة ّ‬
‫املكونة من تسعة أعضاء تترأسها النائبة بشرى بلحاج حميدة‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫حقوق االنسان‬

‫ّ‬
‫ويتضمن‬ ‫ثم وقع نشره يوم ‪ 12‬جوان ‪.2018‬‬ ‫وقدمته إلى رئيس الجمهورية يوم ‪ 8‬جوان ‪ّ ،2018‬‬ ‫وقد انتهت اللجنة من صياغة تقريرها‪ّ 77‬‬
‫ّ‬
‫هذا التقرير قسمين‪ :‬قسم ّأول يتناول الحقوق والحريات الفردية ويشمل في آخره مقترح مجلة حول الحقوق والحريات الفردية‪ّ .78‬أما‬
‫يتعلق بالقضاء على التمييز ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضد املرأة وبين األطفال‪.‬‬ ‫وتضمن في آخره مقترح قانون أسا�سي‬ ‫القسم الثاني فقد تناول موضوع املساواة‬
‫ّ‬
‫فيما يتعلق بالحقوق والحريات الفردية اعتمدت اللجنة‪ ،‬بالخصوص‪ ،‬املقترحات التالية‪:‬‬
‫‪ n‬إلغاء عقوبة اإلعدام‪.‬‬
‫‪ n‬حذف تجريم املثلية الجنسية‪.‬‬
‫ّ‬
‫التصرف في الجسد‪.‬‬ ‫‪ n‬حرية‬
‫حق املتهم في مالزمة الصمت دون أن يعتبر ذلك دليال لإلدانة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ n‬‬
‫ّ‬
‫الخاصة‪.‬‬ ‫الحق في احترام الحياة‬ ‫‪ّ n‬‬
‫ّ‬
‫الرقمية‪.‬‬ ‫الحق في حماية املعطيات الشخصية وحماية الهوية‬ ‫‪ّ n‬‬
‫‪ n‬حرية الفنون‪.‬‬
‫‪ n‬استناد القا�ضي مباشرة إلى الدستور واالتفاقيات الدولية الحامية للحقوق وللحريات‪.‬‬
‫‪ n‬تطبيق االتفاقيات الدولية الحامية للحريات من قبل القا�ضي ولو قبل نشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ n‬عدم ّ‬
‫تقيد القا�ضي االستعجالي بالشرط املتعلق بعدم النظر في أصل النزاع حين يكون النزاع متعلقا بالحريات‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬إلغاء اإلحاالت الدينية من املجلة الجزائية (الفصل ‪ )317‬ومن مجلة االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬إلغاء أمر ‪ 15‬ماي ‪ 1941‬املتعلق بتحجير بيع الكحول للمسلمين‪.‬‬
‫ّ‬
‫املستمدين من التشريع اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪ n‬إلغاء الفصلين ‪ 5‬و‪ 88‬من مجلة األحوال الشخصية‬
‫ّ‬
‫‪ n‬إلغاء املنشور املتعلق بغلق املقاهي خالل شهر رمضان‪.‬‬
‫ّ‬
‫وفيما يتعلق باملساواة‪ ،‬اقترحت اللجنة على وجه الخصوص ما يلي‪:‬‬
‫‪ n‬املساواة في شروط إسناد الجنسية التونسية للطفل املولود بتونس‪.‬‬
‫‪ n‬املساواة في شروط الحصول على الجنسية التونسية بمقت�ضى الزواج‪.‬‬
‫ضد األجنبي ّ‬
‫املتزوج بتونسية‪.‬‬ ‫‪ n‬عدم التمييز ّ‬
‫مما ّ‬ ‫يخلصه ّ‬ ‫ّ‬
‫يخل بكرامة الزوجة‪.‬‬ ‫‪ n‬إلغاء املهر أو إعادة تنظيمه بشكل‬
‫‪ n‬إلغاء التمييز بين والية األب واألم في إطار إجراءات تزويج الطفل القاصر‪.‬‬
‫ّ‬
‫تدريجيا‪.‬‬ ‫‪ n‬إلغاء مؤسسة ّ‬
‫العدة ولو‬
‫ّ‬
‫الزوجية‪.‬‬ ‫‪ n‬إلغاء اإلحالة إلى العادة والعرف في تحديد الواجبات‬
‫‪ n‬إلغاء مؤسسة رئيس العائلة‪.‬‬
‫‪ n‬تطوير مؤسسة واجب النفقة‪.‬‬
‫لقبي األب واألم أو تمكينه من اختيار أحدهما عند بلوغ سن الرشد‪.‬‬ ‫‪ n‬السماح للطفل بحمل ْ‬
‫‪ n‬إلغاء التمييز بين األبناء الشرعيين واألبناء الطبيعيين‪.‬‬
‫(قدمت اللجنة ثالثة مقترحات بهذا الخصوص)‪.‬‬ ‫‪ n‬ضمان املساواة في اإلرث ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ +‬وتجسيدا لهذا املقترح األخير‪ّ ،‬تمت إحالة مشروع القانون األسا�سي عدد ‪ 90/2018‬املتعلق بإتمام مجلة األحوال الشخصية على‬
‫كرس هذا املشروع املساواة في امليراث بين الرجل واملرأة سواء كانت في موقع االبنة‬ ‫مجلس نواب الشعب بتاريخ ‪ 28‬نوفمبر ‪ . 792018‬وقد ّ‬
‫ّ‬
‫أو األم أو الزوجة أو األخت‪ .‬ولم يلغ مشروع القانون قواعد امليراث القديمة املأخوذة من الشريعة اإلسالمية التي تشكل مصدرها املادي‪،‬‬
‫يصرح بذلك في قائم‬ ‫املورث الذي يرغب في تطبيق القواعد القديمة املذكورة أن ّ‬ ‫بل جعل من املساواة في امليراث املبدأ‪ ،‬بمعنى أنه على ّ‬
‫مما يعني أنه بموجب مشروع القانون األسا�سي هذا ستصبح املساواة في امليراث هي القاعدة وعدم املساواة هو‬ ‫حياته لدى عدل إشهاد‪ّ .‬‬
‫االستثناء‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫إن مشروع القانون األسا�سي عدد ‪ 90/2018‬هو ّ‬ ‫ّ‬
‫حاليا قيد النظر صلب اللجنة املختصة بمجلس نواب الشعب‪ .‬إال أنه ال يحظى بدعم‬
‫تقدم أشغال اللجنة‪.‬‬ ‫يفسر البطء في وتيرة ّ‬ ‫جميع النواب‪ ،‬وهذا ما ّ‬
‫‪ 77‬كانت اللجنة تنوي تقديم تقريرها لرئيس الجمهورية يوم ‪ 20‬فيفري ‪ .2018‬لكن نظرا لحساسية املواضيع التي ّ‬
‫تم تناولها‪ ،‬قررت اللجنة تأجيل تقديم تقريرها إلى تاريخ الحق ملوعد االنتخابات البلدية (ماي ‪ ،)2018‬حتى ال يصبح ّ‬
‫محل توظيف سيا�سي وانتخابي‪.‬‬
‫وتضمن هذا املقترح نقال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ 78‬‬
‫حرفيا لبعض الفقرات الواردة في تقرير لجنة الحريات الفردية واملساواة (في شرح األسباب)‬ ‫تم بتاريخ ‪ 11‬أكتوبر ‪ 2018‬إيداع مقترح القانون عدد ‪ 2018/71‬متعلق بمجلة الحقوق والحريات الفردية بمجلس نواب الشعب‪.‬‬
‫‪http://www.arp.tn/site/servlet/Fichier?code_obj=104433&code_exp=1&langue=1 79‬‬
‫‪25‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫حقوق االنسان‬

‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن القانون االنتخابي الصادر بتاريخ ‪ 26‬ماي ‪ 2014‬يمنع العسكريين وأعوان قوات األمن الداخلي من التصويت في‬
‫ّ‬ ‫االنتخابات التشريعية والرئاسية واالستفتاءات (الفصل ‪ .)6‬وقد ّ‬
‫تم جزئيا رفع هذا التحجير الذي رأى فيه بعض املعلقين خرقا ملبدأ‬
‫املساواة الدستوري‪ ،80‬وذلك على إثر تنقيح القانون االنتخابي سالف الذكر بمقت�ضى القانون األسا�سي عدد ‪ 7‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في ‪14‬‬
‫فيفري ‪ 2017‬والذي منح العسكريين واألعوان املذكورين حق التصويت في االنتخابات البلدية والجهوية‪.‬‬

‫أن مشروع القانون‬‫اعتبرت الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين في قرارها عدد ‪ 1/2018‬املؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪ّ 2018‬‬
‫عدد ‪ 78/2017‬املتعلق بمنح عطلة استثنائية لألعوان العموميين املترشحين لالنتخابات الرئاسية والتشريعية والجهوية‬
‫والبلدية مشوبا بعدم الدستورية نظرا لخرقه ملبدأي املساواة وتكافؤ الفرص في املجال االنتخابي من خالل اسناده العطلة‬
‫ّ‬
‫الخاص هم‬ ‫ّ‬
‫العام أو‬ ‫الخاص‪ ،‬في حين ّ‬
‫أن املترشحين من القطاع‬ ‫ّ‬ ‫املذكورة لألعوان العموميين دون األعوان العاملين في القطاع‬
‫في نفس الوضعية إزاء األحكام املتعلقة باالنتخابات‪.81‬‬
‫ّ‬
‫تم إصدار القانون عدد ‪ 50‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 23‬أكتوبر ‪ 2018‬املتعلق بالقضاء على‬ ‫دائما في إطار دعم املساواة في القانون‪ّ ،‬‬
‫‪+‬‬
‫ي‬
‫جميع أشكال التمييز العنصر (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 86‬املؤرخ في ‪ 26‬أكتوبر ‪ ،2018‬ص‪ .)4470 .‬ويهدف هذا‬
‫األول إلى القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ومظاهره من أجل حماية كرامة الذات البشرية وتحقيق‬ ‫القانون حسب فصله ّ‬
‫األول على بذل مجهود من طرف السلطات العمومية‬ ‫زجريا‪ .‬يقوم الجانب ّ‬
‫وقائيا وجانبا ّ‬
‫ويتضمن هذا القانون جانبا ّ‬
‫ّ‬ ‫املساواة بين األفراد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬
‫للتحسيس والتربية والبرمجة لنشر ثقافة التسامح وقبو اآلخر‪ .‬وفي نفس السياق‪ ،‬نص املشرع على إحداث لجنة وطنية ملناهضة التمييز‬
‫ّ‬
‫يتم إلحاقها بالوزارة املكلفة بحقوق اإلنسان‪ّ .‬أما بخصوص الجانب الثاني‪ ،‬وهو الجانب الزجري‪ ،‬فقد جاء القانون بأحكام‬ ‫العنصري ّ‬
‫ابيا ّ‬
‫ويتم ترسيمها في‬ ‫املختص تر ّ‬
‫ّ‬ ‫تقدم الشكايات لدى وكيل الجمهورية أو لدى قا�ضي الناحية‬ ‫خاصة لزجر جرائم امليز العنصري‪ ،‬حيث ّ‬ ‫ّ‬
‫أن مرحلة التحقيق ال يجب أن تتجاوز شهرين من تاريخ رفع الشكوى‪ .‬ويمكن‬ ‫نص القانون على ّ‬ ‫خاص‪ .‬ولتسريع ّ‬
‫البت في القضية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سجل‬
‫ّ‬
‫املعنوية‪.‬‬ ‫للمحكمة تسليط عقوبات سواء على الذوات الطبيعية أو الذوات‬
‫ّ‬
‫كما يمكن اعتبار القانون األسا�سي عدد ‪ 58‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ ‪ 11‬أوت ‪ 2017‬املتعلق بالقضاء على العنف ضد املرأة‪ 82‬من النصوص‬
‫نص عليه الدستور‪ ،‬حيث يهدف هذا القانون إلى وضع اإلجراءات الكفيلة بالقضاء على ّ‬ ‫ستسهم في إنفاذ مبدأ املساواة كما ّ‬ ‫ُ‬
‫كل‬ ‫ِ‬ ‫التي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أشكال العنف ضد املرأة القائم على أساس التمييز بين الجنسين من أجل تحقيق املساواة واحترام الكرامة اإلنسانية (الفصل األول)‪.‬‬
‫ضد املرأة شكال من أشكال التمييز وانتهاكا لحقوق اإلنسان (الفصل ‪ .)4‬ومن ناحية أخرى‪ّ ،‬نقح هذا القانون بعض أحكام‬ ‫ويعتبر العنف ّ‬
‫ّ‬
‫املجلة الجزائية (على غرار الفصل ‪ 227‬مكرر)‪ .‬لكن ّربما كان من األنسب التفكير بأكثر عمق في خصوص تنقيح بعض فصول املجلة‬
‫الجزائية من أجل مناقشة بعض املسائل املجتمعية وتقدير انعكاسها على بعض الحريات الفردية‪ ،‬عوض االقتصار على تناول هذه‬
‫ّ‬
‫ترتيبية (األمر عدد ‪ 4030‬لسنة‬ ‫املواضيع فقط من منظور العالقة بين الرجال والنساء‪ .83‬وأخيرا‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى وجود نص ذو صبغة‬
‫املتعلق باملصادقة على مدونة سلوك وأخالقيات العون العمومي) ّ‬ ‫ّ‬
‫يكرس أحكام الفصل ‪ 15‬من الدستور‬ ‫‪ 2014‬املؤرخ في ‪ 3‬أكتوبر ‪2014‬‬
‫نص على املساواة كمبدأ يحكم سير املرافق العامة) من خالل تنصيصه على أن “يحترم العون العمومي حقوق ومصالح مستعملي‬ ‫(الذي ّ‬
‫املرفق العام ويحرص على معاملتهم على قدم املساواة دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو الجنسية أو الدين أو املعتقد أو الرأي‬
‫السيا�سي أو االنتماء الجهوي أو الثروة أو املركز الوظيفي أو أي شكل من أشكال التمييز”‪.‬‬

‫‪ .2.2.I‬تكافؤ الفرص‬
‫مجرد إعالن شكلي‪ .‬ففي بعض الحاالت قد ال ُتتاح ّ‬
‫عمليا للمواطنين نفس‬ ‫ّ‬
‫إن املساواة في القانون بين األفراد ليست كافية ويمكن أن تظل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واقعيا الدخول في منافسة‬ ‫الفرص للوصول إلى نفس مستويات الدراسة أو لتقلد نفس الوظائف‪ ،‬بحيث يصبح من غير املمكن لهم‬
‫قائمة على أساس الكفاءة‪.‬‬

‫ّ‬
‫رسمي لذلك‪.‬‬ ‫بأي تبرير‬ ‫تم الطعن سنة ‪ 2014‬في دستورية هذه املقتضيات من القانون االنتخابي أمام الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين‪ّ .‬إال ّأن الهيئة امتنعت عن ّ‬
‫البت في هذه املسألة من دون اإلدالء ّ‬ ‫‪ 80‬وتجدر اإلشارة إلى ّأنه ّ‬
‫‪ 81‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 8‬املؤرخ في ‪ 26‬جانفي ‪ ،2018‬ص‪ 284 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 82‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 65‬املؤرخ في ‪ 15‬أوت ‪ ،2017‬ص‪ 2586 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 83‬على سبيل املثال ينص الفصل ‪( 227‬جديد) املتعلق بجريمة االغتصاب على أن الرضا ُيعتبر مفقودا إذا كان سن الضحية دون الـسادسة عشر عاما كاملة علما وأن السن األدنى كان ثالثة عشر عاما في الفصل ‪( 227‬قديم)‪ .‬وبالرغم من أن سن الثالثة عشر قابل‬
‫للنقاش‪ ،‬فإن التكييف القانوني اآللي ألي عالقة جنسية يكون فيها أحد الطرفين سنه دون السادسة عشر عاما كاملة بأنه جريمة اغتصاب مستوجبة للعقاب بالسجن بقية العمر وذلك بقطع النظر عن ّ‬
‫سن الطرف الثاني ال سيما وإن كان هو بدوره قاصر فيه‬
‫سن الطرفين أقل من ستة عشر عاما كاملة‪.‬‬‫شطط‪ ،‬خاصة إذا أخذنا بعين االعتبار تطور العادات‪ .‬وإضافة إلى ذلك فإن الفصل ‪( 227‬جديد) ال يعطي إجابة واضحة في خصوص التكييف القانوني للوضعية التي يكون فيها ّ‬

‫‪26‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫حقوق االنسان‬

‫لهذا السبب‪ ،‬لم يكتف الدستور التون�سي بالتنصيص على مبدأ املساواة أمام القانون بل أضاف التزاما على عاتق للدولة للعمل على‬
‫مجرد مساواة شكلية‪ .‬وهذا‬‫ضمان تكافؤ الفرص بين املواطنين لحماية الضعفاء منهم وتعزيز املساواة حتى تكون مساواة حقيقية وال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫يعني أنه كلما كانت هنالك حالة ميز فعلي تجاه فئة من املواطنين‪ ،‬تصبح الدولة مطالبة بالتدخل واتخاذ التدابير الالزمة إلصالح حالة‬
‫الالمساواة‪ .‬ومن ضمن التدابير التصحيحية لعدم تكافؤ الفرص نجد آلية التمييز اإليجابي‪.‬‬
‫ّ‬
‫يتعلق بتكافؤ الفرص بين الرجال والنساء‪ّ ،‬‬
‫تم اعتماد قاعدة التناصف في املجالس املنتخبة ضمن الفصل ‪ 46‬من الدستور كآلية‬ ‫وفيما‬
‫تصحيحية لحالة الالمساواة الواقعية بين الجنسين‪.‬‬

‫تم تجسيد هذا اإللزام بتكريس تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء‪ ،‬على األقل على مستوى التمثيل داخل املجالس املنتخبة‪،‬‬ ‫وقد ّ‬
‫نص الفصل ‪ 24‬من القانون االنتخابي على التناصف بين النساء والرجال صلب القائمات املترشحة‬ ‫من خالل القانون االنتخابي‪ .‬إذ ّ‬
‫ّ‬
‫واملتمم للقانون‬ ‫في االنتخابات التشريعية‪ .84‬كما جاء بالفصل ‪( 49‬تاسعا) الذي أضافه القانون األسا�سي عدد ‪ 7‬لسنة ‪ 2017‬املنقح‬
‫ّ‬
‫األسا�سي عدد ‪ 16‬لسنة ‪ 2014‬املؤرخ في ‪ 26‬ماي ‪ 2014‬املتعلق باالنتخابات واالستفتاء‪ ،‬أنه يكون تقديم الترشحات للمجالس البلدية‬
‫والجهوية على أساس مبدأ التناصف بين النساء والرجال وقاعدة التناوب في تركيبة القائمة املترشحة‪ .‬كما ينسحب مبدأ التناصف‬
‫حسب نفس الفصل على رئاسة القائمات الحزبية والقائمات االئتالفية املترشحة في أكثر من دائرة انتخابية واحدة‪.85‬‬

‫ونص كذلك الفصل ‪ 26‬من القانون األسا�سي عدد ‪ 34‬لسنة ‪ 2016‬املؤرخ في ‪ 28‬أفريل ‪ 2016‬واملتعلق باملجلس األعلى القضاء في فقرته‬‫ّ‬
‫الثانية على مبدأ التناصف بين الرجال والنساء في انتخاب أعضاء املجلس املذكور‪.‬‬

‫تم تكريسه في الفصل ‪ 46‬من الدستور قابل للتأويل‪ .‬فقد اعتبرت الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية‬ ‫إن مبدأ التناصف كما ّ‬‫ّ‬
‫مشاريع القوانين أن الدولة التونسية ملزمة فقط ببذل عناية لبلوغ التناصف (القرار عدد ‪ 2014-02‬املؤرخ في ‪ 19‬ماي ‪.)2014‬‬
‫كما أكدت الهيئة نفس هذا املوقف في قرارها عدد ‪ 2015-02‬املؤرخ ‪ 8‬جوان ‪ .2015‬وانطالقا من هذا التأويل ملقتضيات الفصل‬
‫�ض ّي للدستور في هذا املجال‪.‬‬ ‫َْ‬
‫‪ 46‬من الدستور‪ ،‬يمكن اعتبار األحكام الواردة في القانون االنتخابي من قبيل التطبيق املر ِ‬
‫ّ‬
‫لكن بعض املعلقين اآلخرين ال يشاطرون الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين الرأي‪ .‬فهم يعتبرون أن الدولة‬
‫مما يجعل تطبيق الدستور محدودا على‬ ‫مطالبة بتحقيق نتيجة في شأن التناصف بين الرجال والنساء صلب املجالس املنتخبة‪ّ ،‬‬
‫مستوى نص القانون االنتخابي‪.‬‬

‫ويمكن تقديم مثال آخر عن تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص بعد صدور دستور ‪ 27‬جانفي ‪ 2014‬من خالل ما جاء باألمر عدد ‪ 4030‬لسنة‬
‫ّ‬
‫‪ 2014‬املؤرخ في ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2014‬واملتعلق باملصادقة على مدونة سلوك وأخالقيات العون عمومي الذي ينص على أن “يولي العون‬
‫العمومي عناية خاصة باألشخاص ذوي االحتياجات الخصوصية ويحرص على تقديم العون واملساعدة الالزمين لهم”‪.‬‬
‫وأخيرا‪ّ ،‬‬
‫تم التنصيص في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 6‬من القانون عدد ‪ 47‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 7‬أوت ‪( 2018‬الرائد الرسمي للجمهورية‬
‫ّ‬
‫التونسية عدد ‪ 66‬املؤرخ في ‪ 17‬أوت ‪ )2018‬املتعلق باألحكام املشتركة بين الهيئات الدستورية املستقلة‪ ،‬على ضرورة مراعاة مبدأ‬
‫التناصف بين النساء والرجال في تركيبة مجالس هذه الهيئات‪.‬‬
‫ ‬

‫املخصصة للدائرة االنتخابية عددا ّ‬


‫فرديا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 84‬باستثناء الحالة التي يكون فيها عدد املقاعد‬
‫كل قائمة مترشحة بأن ّ‬
‫تضم من بين العشرة األوائل مترشحا أو مترشحة من ذوي اإلعاقة وحامال‬ ‫‪ 85‬تجدر اإلشارة إلى ّأن الفصل ‪( 49‬حادي عشر) من نفس القانون األسا�سي عدد ‪ 7‬لسنة ‪ّ 2017‬‬
‫نص على التمييز اإليجابي لفائدة األشخاص ذوي اإلعاقة‪ ،‬حيث ألزم ّ‬
‫لشهادة إعاقة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪2‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬

‫الفصل والتوازن بين السلطات‬

‫للسلطت� ش‬
‫الت�يعية والتنفيذية‬ ‫ين‬ ‫‪ .1.II‬ش‬
‫ال�عية الديمقراطية‬
‫ّ‬
‫الخاصة بالسلطة التنفيذية‪،‬‬ ‫الخاصة بالسلطة التشريعية وفي الفصلين ‪ 75‬و‪ 89‬إلى االنتخابات‬ ‫ّ‬ ‫تعرض الدستور التون�سي في الفصول ‪ 50‬و‪ 55‬و‪ 56‬إلى االنتخابات‬ ‫ّ‬
‫سواء االنتخاب املباشر لرئيس الجمهورية أو االنتخاب غير املباشر للحكومة من خالل منحها الثقة من ِق َبل البرملان‪.‬‬

‫وقد ّ‬
‫تم تنظيم االنتخابات البرملانية واالنتخابات الرئاسية بموجب القانون االنتخابي املؤرخ في ‪ 26‬ماي ‪( 2014‬القانون عدد ‪ 16‬لسنة ‪ )2014‬الذي جاء تطبيقا ألحكام‬
‫تم إجراؤها سنة ‪ 2014‬تتمتعان بالشرعية الديمقراطية طبقا ملا اقتضاه الدستور‪.‬‬‫الدستور‪ .‬وكال السلطتين التشريعية والتنفيذية املنبثقتين عن االنتخابات التي ّ‬

‫ونص الدستور على‬‫خصص دستور ‪ 27‬جانفي ‪ 2014‬بابا كامال للجماعات املحلية‪ ،‬وهو الباب السابع الذي جاء تحت عنوان “في السلطة املحلية”‪ّ .‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مجالس منتخبة‪ .‬أما انتخاب رئيس مجلس الجماعة املحلية فهو ليس شرطا دستوريا‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬نصت مجلة الجماعات املحلية على‬ ‫أنه تدير الجماعات املحلية‬
‫ُ َ‬
‫انتخاب رؤساء املجالس املحلية ومساعديهم من طرف أعضاء تلك املجالس‪ .‬وتنتخب املجالس البلدية والجهوية عن طريق االقتراع املباشر‪ ،‬وهو ما من شأنه أن‬
‫يضفي عليها شرعية ديمقراطية ال ّ‬
‫شك فيها‪ّ .‬أما مجالس األقاليم فانتخابها يكون من طرف أعضاء املجالس البلدية والجهوية أي عن طريق االقتراع غير املباشر‪ .‬كما‬
‫اشترط الدستور أن يضمن القانون االنتخابي تمثيلية الشباب في مجالس الجماعات املحلية (الفصل ‪.)133‬‬

‫وقد أصبح القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 26‬ماي ‪ 2014‬املتعلق باالنتخابات واالستفتاء على إثر تنقيحه بمقت�ضى القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 14‬فيفري ‪ 2017‬يشمل‬
‫يعد تطبيقا ملقتضيات الدستور ّ‬ ‫ّ‬
‫املتعلقة باالنتخابات البلدية والجهوية‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫املتصلة بهذه االنتخابات‪ .‬وتبقى األحكام التشريعية املتعلقة بانتخاب‬ ‫القواعد‬
‫مجالس األقاليم غير مصادق عليها بعد‪.‬‬

‫حدثة بموجب دستور ‪ 27‬جانفي ‪ .2014‬وقد ّ‬ ‫ّ ُ‬


‫امل َ‬
‫نص‬ ‫ومن ناحية أخيرة‪ ،‬يمكن اعتبار الهيئات الدستورية املستقلة بمثابة السلطة الجديدة (أو باألحرى سلطة مضادة)‬
‫نتخب من قبل مجلس نواب الشعب بأغلبية ّ‬ ‫ُ َ‬
‫معززة” وهو ما يمنحها شرعية ديمقراطية‪.‬‬ ‫الفصل ‪ 125‬في فقرته الثانية على أنه “ت‬

‫‪86‬‬
‫‪ .2.II‬الرقابة المدنية والديمقراطية عىل القوات المسلحة‬
‫ّ‬
‫حصريا للتشريع في مجال تنظيم قطاع الدفاع وقوات‬ ‫كرست الفصول ‪ 18‬و‪ 19‬و‪ 77‬و‪ 78‬من الدستور هذا املبدأ‪ .‬ومنح الفصل ‪ 65‬من الدستور للبرملان اختصاصا‬ ‫ّ‬
‫األمن الداخلي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وفي إطار تطبيق أحكام الدستور‪ّ ،‬‬
‫كرس النظام الداخلي ملجلس نواب الشعب رقابة مدنية وديمقراطية على القوات املسلحة من خالل إحداث لجنة خاصة‪ 87‬مكلفة‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫بمتابعة جميع امللفات واملسائل املتعلقة باألمن والدفاع‪ ،‬إضافة إلى توليها مراقبة تنفيذ االستراتيجيات املعتمدة من قبل الحكومة في مجالي األمن والدفاع‪.‬‬

‫املتعلق بضبط الوظائف العليا طبقا ألحكام الفصل ‪ 78‬من الدستور‪ .‬ومن بين ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫تضمنه هذا‬ ‫تم بتاريخ ‪ 17‬أوت ‪ 2015‬إصدار القانون عدد ‪ 32‬لسنة ‪2015‬‬
‫القانون‪ ،‬قائمة في الوظائف العليا العسكرية واملتعلقة باألمن القومي‪ 88‬املندرجة في مجال صالحيات التعيين الراجعة لرئيس للجمهورية‪ .‬ويعتبر هذا القانون الصادر‬
‫في إطار تطبيق الدستور داعما للرقابة املدنية والديمقراطية على القوات املسلحة‪.‬‬
‫عتبر الرقابة املدنية والديمقراطية على القوات املسلحة في القانون الدولي مؤشرا من مؤشرات الحكم الديمقراطي‪ .‬وهي تعني خضوع املؤسسات األمنية للقانون ومسؤولية العسكريين أمام سلطات ّ‬
‫مدنية منتخبة ديمقراطيا‪.‬‬ ‫‪ُ 86‬ت َ‬
‫ّ‬
‫‪ 87‬وذلك باإلضافة إلى اللجنة القارة املكلفة بتنظيم اإلدارة وشؤون القوات الحاملة للسالح‪.‬‬
‫خاصة الوظائف التالية‪ :‬رئيس أركان الجيوش لدى الوزير املكلف بالدفاع الوطني‪ ،‬رئيس أركان جيش البر‪ ،‬رئيس أركان جيش البحر‪ ،‬رئيس أركان جيش الطيران‪ ،‬املدير العام لوكالة االستخبارات واألمن للدفاع‪ ،‬املديرون العامون بوكالة االستخبارات واألمن‬‫‪ 88‬وهي ّ‬
‫للدفاع‪ ،‬أعضاء مجلس األمن القومي‪ ،‬إلخ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫الفصل والتوازن بين السلطات‬

‫ومن جهة أخرى‪ّ ،‬‬


‫ينص الفصل ‪ 149‬من الدستور (أحكام انتقالية) على أن “تواصل املحاكم العسكرية ممارسة الصالحيات املوكلة لها بالقوانين السارية املفعول إلى‬
‫وتنص املجلة التونسية للمرافعات والعقوبات العسكرية على إمكانية إحالة املدنيين أمام محاكم عسكرية من‬ ‫ّ‬ ‫حين تنقيحها بما يتما�شى مع أحكام الفصل ‪.”110‬‬
‫ّ‬
‫عدة جنح على غرار االمتناع عن أداء الخدمة العسكرية (الفصل ‪ ،)66‬والتحريض على النفرة من الخدمة العسكرية (الفصل ‪ ،)87‬واملس من كرامة وسمعة‬ ‫أجل ّ‬
‫مبررا باعتبار ّأنها ليست من الجنح التي تكت�سي طابعا‬‫ومعنويات الجيش (الفصل ‪ّ .)91‬إن إسناد االختصاص إلى املحاكم العسكرية للنظر في هذه جنح ال يبدو ّ‬
‫استثنائيا أو التي ال يمكن للمحاكم املدنية العادية ّ‬
‫البت فيها‪.‬‬

‫‪ .3.II‬الرقابة ب‬
‫ال�لمانية عىل السلطة التنفيذية‬
‫أر�سى النظام الداخلي ملجلس نواب الشعب رقابة برملانية تمارسها اللجان الخاصة على نشاط الحكومة‪ ،‬وذلك بمقت�ضى الفصل ‪ 93‬منه (الفرع األول من القسم الثالث‬
‫من النظام الداخلي‪ :‬اختصاصات اللجان الخاصة)‪ .‬وباستثناء لجنتين‪ُ ،89‬ك ّلفت ّ‬
‫بقية اللجان السبعة من خالل هذا الفصل بمتابعة العمل الحكومي واالستماع عند‬
‫الحاجة للمؤسسات التابعة للسلطة التنفيذية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تم تخصيص الباب التاسع من النظام الداخلي للرقابة البرملانية على العمل الحكومي‪ .‬وقد ّ‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ّ ،‬‬
‫تضمن هذا الباب خمسة عناوين تتعلق تباعا بـ‪ :‬منح‬
‫الثقة للحكومة أو ألحد أعضائها‪ ،‬األسئلة الكتابية والشفوية‪ ،‬جلسات الحوار مع الحكومة‪ ،‬الئحة اللوم‪ ،‬والتصويت على الثقة في مواصلة الحكومة نشاطها‪ .‬وبطبيعة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحال‪ ،‬يكون تفعيل هذه الوسائل للرقابة البرملانية متوقفا على موازين القوى السياسية املوجودة داخل البرملان في وقت ما‪ .‬وفيما يتعلق بالرقابة البرملانية على رئيس‬
‫ّ‬ ‫الجمهورية‪ّ ،‬‬
‫تضمن النظام الداخلي بابا عاشرا يحتوي على عنوان ثالث يتعلق بمسألة “إعفاء رئيس الجمهورية”‪ .‬وطبقا للفصل ‪ 157‬من النظام الداخلي يمكن‬
‫ّ‬
‫ألغلبية أعضاء مجلس نواب الشعب املبادرة بالئحة معللة إلعفاء رئيس الجمهورية من أجل الخرق الجسيم للدستور‪ّ .‬‬
‫وتتم املصادقة على الئحة اإلعفاء حسب‬
‫ّ‬ ‫الفصل ‪ 158‬من النظام الداخلي بأغلبية ْ‬
‫ثلثي أعضاء مجلس نواب الشعب وذلك وفقا ملقتضيات الفصل ‪ 88‬من الدستور‪ .‬لكن ال يمكن تفعيل اإلجراءات املتعلقة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بإعفاء رئيس الجمهورية في غياب محكمة دستورية‪ ،‬باعتبار أن هذه األخيرة هي الجهة املكلفة باتخاذ قرار إعفاء رئيس الجمهورية في صورة ثبوت إدانته طبق ما‬
‫ّ‬
‫واملتعلق باملحكمة الدستورية‪ .‬وتتخذ هذه املحكمة قرارها بأغلبية ْ‬
‫ثلثي أعضائها (الفصل ‪66‬‬ ‫يقتضيه الفصل ‪ 68‬من القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 3‬ديسمبر ‪2015‬‬
‫من ذات القانون)‪.‬‬

‫‪ .4.II‬تجسيد مكانة المعارضة ب‬


‫ال�لمانية‬
‫ّ‬
‫املتعلق بمكانة املعارضة البرملانية‪ّ ،‬‬
‫عرفت الفصول ‪ 46‬و‪ 87‬و‪ 97‬من النظام الداخلي ملجلس نواب الشعب املعارضة‪،90‬‬ ‫في إطار تطبيق الفصل ‪ 60‬من الدستور‬
‫ومنحتها جملة من الصالحيات والحقوق‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫يعرف املعارضة‪ ،‬شكلت ّ‬‫طبقا ألحكام الفصل ‪ 46‬من النظام الداخلي الذي ّ‬
‫مما تولدت عنه صعوبة في تطبيق بعض األحكام‬ ‫عدة كتل نيابية في البرملان الحالي املعارضة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كالحق في رئاسة اللجنة البرملانية املكلفة باملالية‪ ،‬وذلك في حال انعدام التوافق بين مختلف ّ‬
‫مكونات املعارضة‪.91‬‬ ‫الدستورية في هذا املجال‪،‬‬

‫‪ .5.II‬استقاللية السلطة ش‬
‫الت�يعية‬
‫ّ‬
‫مستقلة‪ .‬وقد ّ‬
‫كرس الدستور في بابه الثالث‪ ،‬وتحديدا في الفصل ‪ ،52‬مبدأ االستقاللية املالية واإلدارية ملجلس‬ ‫يجب أن تكون السلطة التشريعية املنتخبة ديمقراطيا‬
‫‪92‬‬
‫نواب الشعب‪ ،‬باإلضافة إلى منحه صالحية املصادقة على نظامه الداخلي ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫تقدمت مجموعة من النواب إلى مكتب املجلس سنة ‪ 2015‬بمقترح قانون عدد ‪ 42/2015‬يتعلق باستقاللية مجلس نواب الشعب وقواعد سيره‪ .93‬وأحيل هذا‬
‫أن هذه املسألة ليست من مجال القانون كما‬‫املقترح إلى لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرملانية واالنتخابية ‪ .94‬وقد اعتبر بعض املختصين ّ‬
‫حدده الفصل ‪ 65‬من الدستور ّ‬
‫وأن مكانها الطبيعي هو النظام الداخلي للمجلس‪.‬‬

‫‪ 89‬وهي اللجنة االنتخابية ولجنة مراقبة عمليات التصويت وإحصاء االصوات‪.‬‬


‫نص النظام الداخلي ملجلس نواب الشعب على أنه ُيقصد باملعارضة‪:‬‬ ‫محل نقاشات ّ‬
‫حادة‪ .‬لكن في نهاية املطاف ّ‬ ‫‪ 90‬طرح تعريف املعارضة البرملانية إشكاال وكان ّ‬
‫‪ -‬كل كتلة غير مشاركة في الحكومة ولم تمنح بأغلبية أعضائها ثقتها للحكومة أو لم تصوت بأغلبية أعضائها على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها‪،‬‬
‫‪ -‬النواب غير املنتمين لكتل الذين لم يصوتوا ملنح الثقة للحكومة أو للثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويعد االحتفاظ بالصوت رفضا ملنح الثقة للحكومة‪.‬‬
‫تم االتفاق على إسناد رئاسة لجنة املالية إلى مختلف الكتل ّ‬
‫املكونة للمعارضة بالتناوب بحيث تترأس كل كتلة نيابية لجنة املالية خالل دورة برملانية واحدة‪.‬‬ ‫‪ 91‬لتجاوز هذا االشكال ّ‬
‫ّ‬
‫‪ 92‬تجدر اإلشارة إلى ّأن املحكمة اإلدارية دائما ما كانت تؤكد على استقاللية السلطة التشريعية من خالل تمييزها ضمن أعمال البرملان بين تلك التي تدخل في إطار تنظيم العمل البرملاني وتلك التي تدخل في إطار تنفيذه‪ .‬فهذا الصنف األخير من األعمال غير قابل‬
‫حد تعبير املحكمة اإلدارية (راجع مثال‪ :‬املحكمة اإلدارية‪ ،‬توقيف تنفيذ‪ ،‬عدد ‪ 415936‬بتاريخ ‪ 26‬جوان ‪ ،2013‬الباجي قائد السب�سي ومن معه (غير منشور)؛ املحكمة اإلدارية‪ ،‬توقيف تنفيذ‪ ،‬عدد‬ ‫للطعن عمال بمبدأ الفصل بين السلطات على ّ‬
‫‪ 416218‬بتاريخ ‪ 17‬أكتوبر ‪ ،2013‬الصادق بالفقيه (غير منشور)‪.‬‬
‫‪.http://www.arp.tn/site/servlet/Fichier?code_obj=89893&code_exp=1&langue=1 93‬‬
‫عدة جلسات استماع ملمثلين عن هياكل عمومية‪ .‬ومن بين الجهات التي ّ‬ ‫نظمت اللجنة خالل شهر جويلية ‪ّ 2015‬‬ ‫‪ّ 94‬‬
‫تم االستماع إليها‪ :‬أعضاء الهيئة العامة للوظيفة العمومية‪ ،‬ومستشارة التشريع برئاسة الحكومة‪ ،‬وممثلين عن هيئة الرقابة العامة للمالية‪ ،‬وممثلين‬
‫عن دائرة املحاسبات‪ .‬كما ّ‬
‫تم االستماع إلى خبراء في القانون العام وفي القانون الدستوري خالل شهري أكتوبر ونوفمبر ‪.2015‬‬

‫‪29‬‬
‫‪3‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬

‫إستقاللية القضاء‬

‫أر�سى الدستور في بابه الخامس سلطة قضائية “مستقلة تضمن إقامة العدل وعلوية الدستور وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات” (الفصل ‪ .95)102‬كما‬
‫يضمن ّ‬
‫نص الدستور للقضاة حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والحق النقابي من خالل الفصول ‪ 31‬و‪ 35‬و‪.36‬‬

‫يمر عبر اعتماد تشريع يستجيب لجملة من املعايير أال وهي‪:‬‬ ‫ّإن تحقيق استقاللية السلطة القضائية ّ‬
‫مدة الوظيفة‪.‬‬ ‫سن التقاعد الوجوبي أو انقضاء ّ‬ ‫‪ n‬عدم نقلة القضاة إلى حين بلوغ ّ‬
‫ّ ّ‬
‫أي تدخل سيا�سي للسلطتين التنفيذية والتشريعية‪.‬‬ ‫‪ n‬االستقاللية الفعلية للمحاكم عن‬
‫‪ n‬اعتماد قوانين تضبط اجراءات واضحة ومعايير موضوعية بخصوص تحديد الوظيفة‪ ،‬مؤهالت وتكوين القضاة‪ ،‬اختيار القضاة ظروف العمل‪ ،‬شروط الترقية‬
‫ّ‬
‫ومدة وظيفة القضاة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬ال يمكن إقالة القضاة وإيقافهم عن العمل وعزلهم إال ألسباب خطيرة أو الرتكاب خطأ أو لعدم الكفاءة‪ ،‬وذلك طبقا إلجراءات عادلة تضمن املوضوعية والحيادية‬
‫وتكون مضبوطة بمقت�ضى الدستور أو القانون‪.‬‬
‫‪ n‬الفصل القانوني والفعلي بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية‪.‬‬
‫‪ n‬استقاللية النيابة العمومية عن السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫‪ n‬ضمان حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات بالنسبة للقضاة‪.‬‬
‫تعديلية للسلطة القضائية ّ‬
‫تتمتع باالستقاللية اإلدارية واملالية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ n‬إحداث هيئة‬

‫حد ‪ 31‬مارس ‪ 2019‬يخضع تنظيم القضاء‪ ،‬خاصة‪ ،‬إلى النصوص التالية‪:‬‬ ‫إلى ّ‬
‫ّ‬
‫‪ n‬القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ 1967‬املؤرخ في ‪ 14‬جويلية ‪ 1967‬املتعلق بتنظيم القضاء واملجلس األعلى للقضاء والنظام االسا�سي للقضاة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬القانون عدد ‪ 40‬لسنة ‪ 1972‬املؤرخ في غرة جوان ‪ 1972‬واملتعلق باملحكمة اإلدارية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬القانون عدد ‪ 67‬لسنة ‪ 1972‬املؤرخ في غرة أوت ‪ 1972‬واملتعلق بتسيير املحكمة اإلدارية وضبط النظام األسا�سي ألعضائها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬القانون عدد ‪ 38‬لسنة ‪ 1996‬املؤرخ في ‪ 3‬جوان ‪ 1996‬واملتعلق بتوزيع االختصاص بين املحاكم العدلية واملحكمة اإلدارية وإحداث مجلس لتنازع االختصاص‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬القانون عدد ‪ 8‬لسنة ‪ 1968‬املؤرخ في ‪ 8‬مارس ‪ 1968‬واملتعلق بتنظيم دائرة املحاسبات‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬املرسوم عدد ‪ 6‬لسنة ‪ 1970‬املؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1970‬واملصادق عليه بمقت�ضى القانون عدد ‪ 46‬لسنة ‪ 1970‬املؤرخ في ‪ 20‬نوفمبر ‪ ،1970‬املتعلق بضبط القانون‬
‫األسا�سي ألعضاء دائرة املحاسبات‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬القانون عدد ‪ 74‬لسنة ‪ 1985‬املؤرخ في ‪ 20‬جويلية ‪ 1985‬واملتعلق بتحديد أخطاء التصرف التي ترتكب إزاء الدولة واملؤسسات العمومية اإلدارية والجماعات‬
‫العمومية املحلية واملشاريع العمومية وضبط العقوبات املنطبقة عليها وبإحداث دائرة الزجر املالي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ n‬األمر ّ‬
‫العلي عدد ‪ 9‬لسنة ‪ 1957‬املؤرخ في ‪ 10‬جانفي ‪ 1957‬واملتعلق بإصدار مجلة املرافعات والعقوبات العسكرية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬القانون األسا�سي عدد ‪ 34‬لسنة ‪ 2016‬املؤرخ في ‪ 28‬أفريل ‪ 2016‬واملتعلق باملجلس األعلى للقضاء‪.‬‬

‫الخاص بالحقوق املدنية والسياسية والفقرتين ‪ 19‬و‪ 20‬من التعليق العام عدد ‪ 32‬الصادر عن لجنة حقوق االنسان‪ ،‬مؤشرا ّ‬
‫هاما عن الحكم الديمقراطي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املضمنة في العديد من النصوص الدولية‪ ،‬كالفصل ‪ 14‬من العهد الدولي‬ ‫‪ُ 95‬ت َ‬
‫عتبر استقاللية القضاء‬

‫‪30‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫إستقاللية القضاء‬

‫ّإن دراسة اإلطار القانوني القائم ّ‬


‫تبين عدم تالؤمه مع بعض معايير استقاللية القضاء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فعلى سبيل املثال‪ّ ،‬‬
‫ينص الفصل ‪ 15‬من القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ 1967‬املؤرخ في ‪ 14‬جويلية ‪ 1967‬املتعلق بتنظيم القضاء واملجلس األعلى للقضاء والنظام األسا�سي‬
‫االدعاء العام خاضعون إلدارة ومراقبة رؤسائهم املباشرين ولسلطة وزير العدل”‪ .‬وهي مقتضيات تتعارض مع معيار استقالل النيابة‬ ‫للقضاة‪ ،‬على ّأن “قضاة قلم ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العمومية عن السلطة التنفيذية‪ .‬كما جاء بالفصل ‪ 23‬من مجلة اإلجراءات الجزائية أنه “لكاتب الدولة للعدل أن يبلغ إلى الوكيل العام للجمهورية الجرائم التي‬
‫يقدم إلى املحكمة املختصة امللحوظات الكتابية التي يرى كاتب الدولة للعدل‬‫يحصل له العلم بها وأن يأذنه بإجراء التتبعات سواء بنفسه او بواسطة من يكلفه أو بأن ّ‬
‫نص الفصل ‪ 115‬من الدستور على أن “يمارس قضاة النيابة العمومية مهامهم املقررة بالقانون وفي إطار السياسة الجزائية‬ ‫من املناسب تقديمها”‪ .‬ومن جهة أخرى ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للدولة طبق اإلجراءات التي يضبطها القانون”‪ .‬ومن شأن هذه املقتضيات الدستورية أن تضع النيابة العمومية في حالة تبعية للسلطة التنفيذية التي تعود إليها مهمة‬
‫ّ‬ ‫ضبط السياسة الجزائية للدولة‪ .‬خاصة ّ‬
‫وأن أعضاء النيابة العمومية مكلفون بأداء مهام “تنفيذية” وال يصدرون أحكاما قضائية‪ .‬فهم بصفتهم تلك ُيعتبرون قضاة‬
‫لكنهم ال يصدرون أحكاما قضائية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وفيما يتعلق بالهيئة التعديلية للسلطة القضائية‪ّ ،‬‬
‫ينص الدستور على إنشاء هيكل مكلف باإلشراف على القضاء العدلي واإلداري واملالي‪ ،‬وهو املجلس األعلى للقضاء‬
‫الذي يجب أن يتم إرساؤه بمقت�ضى قانون أسا�سي في أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ االنتخابات التشريعية التي وقع إجراؤها في ‪ 26‬أكتوبر ‪( 2014‬الفصل ‪-5 148‬‬
‫يتعلق باملجلس األعلى للقضاء بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ّ ،2015‬‬ ‫ّ‬
‫لكن هذا القانون لم يصدر‬ ‫من الدستور)‪ .‬وقد أحال رئيس الحكومة على مجلس نواب الشعب مشروع قانون‬
‫ّ‬
‫إال بتاريخ ‪ 28‬أفريل ‪ 2016‬بعد تأخير طويل‪.96‬‬
‫ّ‬
‫مكلف بضمان احترام استقاللية القضاء‪ .‬وهو الذي يتولى البت ّ‬
‫خاصة في املسائل املتعلقة باملسار املنهي للقضاة وبتأديبهم‪ .‬فعلى سبيل‬ ‫ّإن املجلس األعلى للقضاء‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫مهامه إال بقرار معلل من املجلس ينشر في الرائد الرسمي (الفصل ‪.)54‬‬ ‫املثال‪ ،‬لن يكون من املمكن إعفاء قاض من‬

‫وتكون قرارات املجلس األعلى للقضاء قابلة للطعن أمام املحكمة اإلدارية‪.‬‬

‫كما ّأن تعيين القضاة ّ‬


‫يتم بأمر رئا�سي بناء على الرأي املطابق للمجلس األعلى للقضاء‪ .‬وتكون تسمية القضاة السامين بأمر رئا�سي بالتشاور مع رئيس الحكومة وبناء‬
‫ّ‬
‫على ترشيح حصري من مجلس األعلى للقضاء األعلى (الفصل ‪ 106‬من الدستور)‪ .‬إال ّأن أغلبية أعضاء هذا املجلس هم منتخبون من قبل نظرائهم‪ .‬فمن ضمن الـ‪45‬‬
‫والبقية (‪ 18‬قاضيا و‪ 15‬عضوا من غير القضاة) منتخبون ّ‬‫ّ‬ ‫يتألف منهم املجلس األعلى للقضاء‪ 12 ،‬قاضيا ّ‬‫ّ‬
‫ملدة ست سنوات غير قابلة‬ ‫معينون بصفتهم‬ ‫عضوا الذين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للتجديد‪ .‬وعلى الرغم من بعض االحترازات التي عبر عنها جزء من ممثلي القضاة‪ ،‬فإن جل املالحظين يرون أن القانون األسا�سي عدد ‪ 34‬لسنة ‪ 2016‬املؤرخ في ‪28‬‬
‫أفريل ‪ 2016‬واملتعلق باملجلس األعلى للقضاء يسمح مبدئيا لهذا املجلس بأداء مهمته الدستورية املتمثلة في ضمان حسن سير العدالة واحترام استقاللية القضاء‪.‬‬

‫تم إجراء انتخابات املجلس األعلى للقضاء يوم ‪ 23‬أكتوبر ‪ ،2016‬وأعلنت الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات عن النتائج النهائية يوم ‪ 14‬نوفمبر ‪ .2016‬وتجدر‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫املختص في الجباية واملالية العمومية‪ .‬وقد دعا املجلس الهيئة‬ ‫املخصص صلب مجلس القضاء املالي للعضو الجامعي‬ ‫ّ‬ ‫أي مترشح عن املقعد‬ ‫اإلشارة إلى ّأنه لم يتقدم ّ‬
‫ّ‬
‫العليا املستقلة لالنتخابات إلى إجراء انتخابات جزئية الستكمال تركيبة املجلس األعلى للقضاء حتى يتسنى لهذا األخير االنتقال من وضعه املؤقت إلى وضعه الدائم‪.‬‬
‫ّ‬
‫وللغرض‪ ،‬أصدرت الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات ثالثة قرارات‪ 97‬بتاريخ ‪ 27‬فيفري ‪ 2018‬بغاية تليين شروط الترشح للمقعد الشاغر من خالل التوسيع في حق‬
‫الترشح ليشمل األساتذة الجامعيين من غير املختصين في القانون‪ّ .‬‬‫ّ‬
‫وتم ضبط روزنامة االنتخابات الجزئية للمجلس األعلى للقضاء بموجب قرار الهيئة العليا املستقلة‬
‫جرى هذه االنتخابات يوم الجمعة ‪ 17‬ماي ‪ .2019‬وقد صادق مجلس الهيئة العليا‬ ‫لالنتخابات عدد ‪ 4‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 27‬فيفري ‪ .982019‬ومن املنتظر أن ُت َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخاصة باالنتخابات الجزئية للمجلس األعلى للقضاء‪ .99‬وسيمكن تنظيم هذه‬ ‫املستقلة لالنتخابات في اجتماعه املنعقد يوم ‪ 11‬مارس ‪ 2019‬على قائمة الناخبين‬
‫ّ‬
‫االنتخابات من قيام أعضاء املجلس األعلى للقضاء الحقا بانتخاب رئيس له عوضا عن رئيسه املؤقت‪ .‬كما أنه‪ ،‬وبمجرد اكتمال تركيبته بانتخاب آخر عضو فيه‪،‬‬
‫سيصبح ملجلس القضاء املالي رئيس دائم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫حل املجلس األعلى للقضاء محل الهيئة الوقتية املكلفة باإلشراف على القضاء العدلي‪.‬‬

‫بمقر مجلس نواب الشعب وبدعوة من رئيسه يوم ‪ 28‬أفريل ‪ 2017‬أي بعد خمسة أشهر من اإلعالن عن النتائج النهائية‬ ‫وانعقد ّأول اجتماع للمجلس األعلى للقضاء ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ ‪100‬‬
‫النتخابات املجلس‪ .‬ويعود هذا التأخير في إرسائه إلى األزمة التي اندلعت بين أعضاء املجلس األعلى للقضاء وآلت إلى انقسامهم إلى شقين ‪ .‬ولوضع حد لهذه األزمة‬
‫ّ‬ ‫للمرة األولى في الجلسة العامة املنعقدة بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪ .2015‬لكن لم ّ‬ ‫ّ‬
‫املتعلق باملجلس األعلى للقضاء ّ‬
‫يتم إصدار هذا القانون إال بعد أن كانت الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين قد اتخذت في شأنه‬ ‫‪ 96‬صادق مجلس نواب الشعب على مشروع القانون‬
‫ّ‬
‫ثالثة قرارات‪ ،‬كان ّأولها القرار عدد ‪ 2015/02‬املؤرخ في ‪ 8‬جوان ‪ .2015‬وقد رفضت الهيئة في قرارها الثاني عدد ‪ 03‬لسنة ‪ 2015‬املؤرخ في ‪ 22‬ديسمبر ‪ 2015‬مشروع القانون املتعلق باملجلس األعلى للقضاء لعدم دستورية إجراءات املصادقة عليه‪ .‬حيث اعتبرت‬
‫تقدم به رئيس الحكومة‪ّ .‬أما في قرارها الثالث عدد ‪ 2016/01‬املؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪ 2016‬فقد ارتأت هذه الهيئة‬ ‫حق لجنة التشريع العام التابعة للمجلس إدخال تعديالت جوهرية على املشروع األصلي للقانون الذي كان قد ّ‬ ‫ّأنه طبقا ألحكام الفصل ‪ 62‬لم يكن من ّ‬
‫النص املصادق عليه إلى رئيس الجمهورية وذلك لعدم حصول األغلبية املطلقة التخاذ قرار في الغرض داخل الهيئة وبعد استشارة بعض املختصين في القانون قرر رئيس الجمهورية ختم القانون املذكور (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 35‬املؤرخ‬ ‫ّ‬ ‫إحالة‬
‫في ‪ 29‬أفريل ‪ ،2016‬ص‪ 1635 .‬وما يليها)‪.‬‬
‫‪ 97‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 20‬املؤرخ في ‪ 9‬مارس ‪ ،2018‬ص‪ 697 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 98‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 21‬املؤرخ في ‪ 12‬مارس ‪ ،2019‬ص‪ 789 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 99‬انظر‪ :‬محضر اجتماع مجلس الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات املنعقد يوم ‪ 11‬مارس ‪ ،2019‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 23‬املؤرخ في ‪ 19‬مارس ‪ ،2019‬ص‪.880 .‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ 100‬وتعود هذه األزمة إلى إحالة الرئيس األول ملحكمة التعقيب‪ ،‬الذي كان مكلفا في اآلن ذاته برئاسة الهيئة الوقتية املكلفة باإلشراف على القضاء العدلي‪ ،‬على التقاعد قبل أن يتولى دعوة املجلس إلى عقد جلسته األولى‪ .‬فمنذ ذلك الحين اندلعت أزمة داخل املجلس‬
‫وانقسم األعضاء بين املؤيد للرأي القائل بأن رئيس الحكومة ملزم بتعيين رئيس ّأول جديد ملحكمة التعقيب طبقا لترشيحات الهيئة الوقتية لإلشراف على القضاء العدلي التي تواصل أعمالها إلى حين تركيز املجلس األعلى للقضاء‪ ،‬واملؤيد للرأي القائل بأن دور الهيئة‬

‫‪31‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫إستقاللية القضاء‬

‫نص التنقيح ّ‬ ‫ّ‬


‫املتعلق باملجلس األعلى للقضاء‪ .101‬وقد ّ‬
‫خاصة على‬ ‫وبمبادرة من الحكومة‪ ،‬صادق مجلس نواب الشعب في ‪ 28‬مارس ‪ 2017‬على تنقيح القانون األسا�سي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن تكون دعوة املجلس لعقد اجتماعه األول من مشموالت رئيس مجلس نواب الشعب‪ ،‬وعلى اعتبار النصاب القانوني النعقاد املجلس متوفرا بمجرد حضور ثلث‬
‫تم في ‪ 18‬أفريل ‪ 2017‬إصدار القانون األسا�سي عدد ‪ 19‬لسنة ‪ ،2017‬املنقح ّ‬
‫واملتمم للقانون األسا�سي عدد ‪ 34‬لسنة ‪2016‬‬ ‫األعضاء على إثر الدعوة الثانية‪ .‬وقد ّ‬
‫ّ‬
‫املؤرخ في ‪ 28‬أفريل ‪ 2016‬واملتعلق باملجلس األعلى للقضاء‪.102‬‬

‫كما اندلعت على خلفية تعيين الكاتب العام للمجلس األعلى للقضاء أزمة ثانية كانت ّ‬
‫أقل خطورة من األولى‪ ،‬آلت إلى استقالة الرئيس املؤقت من رئاسة املجلس‪.‬‬
‫لكن هذا األخير أحيل على التقاعد خالل شهر سبتمبر ‪ّ ،2018‬‬
‫فتم انتخاب رئيس مؤقت آخر وهو‬ ‫وبتاريخ ‪ 21‬مارس ‪ 2018‬قام املجلس بانتخاب رئيس مؤقت جديد‪ّ .‬‬
‫ثالث رئيس مؤقت للمجلس األعلى للقضاء في ّ‬
‫أقل من سنتين‪.‬‬

‫املذكورة قد انتهى على إثر انتخاب أعضاء املجلس األعلى للقضاء‪ .‬وحاول الشق الثاني من األعضاء دعوة املجلس إلى عقد جلسته األولى استنادا إلى الفصل ‪ 36‬من القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 28‬أفريل ‪ 2016‬املتعلق باملجلس األعلى للقضاء‪ .‬لكن ّ‬
‫تم الطعن أمام‬
‫املحكمة اإلدارية في القرارات التي انبثقت عن هذه الجلسة فقضت املحكمة في مرحلة أولى بتأجيل التنفيذ ّ‬
‫ثم بتوقيف تنفيذ تلك القرارات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تقدم نواب ضون لهذا املشروع بعريضة طعن أمام الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين‪ ،‬مستندين فيها إلى ّ‬ ‫‪ 101‬وقد ّ‬
‫عدة مطاعن من بينها املطعن املأخوذ من عدم دستورية إجراءات املصادقة على القانون‪ ،‬واملطعن املتعلق بعدم دستورية القانون‬ ‫معار‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالبت في هذه الدعوى نظرا لعدم‬ ‫تم بمقتضاها تحصين قرار دعوة أعضاء املجلس لعقد ّأول اجتماع من الطعن بدعوى تجاوز السلطة‪ .‬إال أنه تعذر على الهيئة الوقتية اتخاذ قرار‬ ‫املتعلق بعدم دستورية األحكام التي ّ‬ ‫باعتباره يشكل تصحيحا تشريعيا‪ ،‬واملطعن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫توفر النصاب القانوني وذلك ّ‬
‫الوقتية لإلشراف على القضاء العدلي بالتجريح في نفسه (قرار الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين عدد ‪ 1/2017‬املؤرخ في ‪ 11‬أفريل ‪ ،2017‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‬ ‫جراء قيام أحد أعضائها املنتمين إلى الهيئة‬
‫عدد ‪ 31‬املؤرخ في ‪ 18‬أفريل ‪ ،2017‬ص‪ 1235 .‬وما يليها)‪.‬‬
‫‪ 102‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 31‬املؤرخ في ‪ 18‬أفريل ‪ ،2017‬ص‪.1444 .‬‬

‫‪32‬‬
‫‪4‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬

‫دولة القانون‬

‫ّ‬
‫أساسيا لتجسيد الديمقراطية‪.103‬‬ ‫تعتبر دولة القانون في القانون الدولي (بمعناه الواسع الذي يشمل القانون ّ‬
‫اللين ‪ )The soft law‬عنصرا‬
‫ُ‬
‫تحيل دولة القانون إلى نظام تكون فيه السلطات العمومية خاضعة إلى منظومة قانونية ومنظومة قضائية تتسمان باالستقاللية‪ ،‬وتسهر فيه الدولة باستمرار على‬
‫خاصة‪ ،‬على القانون‪ ،‬بحيث توجد قواعد تحكم العملية التشريعية لتكون عملية منفتحة‪ ،‬شفافة ّ‬
‫ومعبرة عن‬ ‫أي فرد أو مؤسسة‪ ،‬عمومية كانت أو ّ‬ ‫ضمان عدم ُع ّلو ّ‬
‫إرادة الشعب‪ ،‬وتكون األعمال املنبثقة عنها منشورة ومتاحة للعموم‪ .‬كما تفترض دولة القانون وجود منظومة تكون فيها العدالة الدستورية مضمونة‪.‬‬

‫التونسية أصدرت هذا الدستور بالخصوص من أجل تأسيس‬ ‫ّ‬ ‫تم اإلعالن في التوطئة على ّأن السلطة التأسيسية‬
‫وضع الدستور التون�سي أسس دولة القانون‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫“نظام جمهوري ديمقراطي تشاركي (‪ )...‬تضمن فيه الدولة علوية القانون”‪ .‬كما نص الفصل ‪ 2‬من الدستور في فقرته األولى على أن “تونس دولة مدنية‪ ،‬تقوم على‬
‫املواطنة‪ ،‬وإرادة الشعب‪ ،‬وعلوية القانون”‪.‬‬
‫تتطلب د اسة ّ‬
‫معقدة وتحليال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّإن ّ‬
‫معمقا لإلطار القانوني الجاري به العمل ولسلوك مختلف الفاعلين من ذوات عمومية‬ ‫ر‬ ‫عملية تقييم مدى وجود دولة القانون‬
‫كيفية تعزيز دولة القانون في إطار هذا التقرير ستنحصر باألساس في مسألتين‪ :‬مسألة إرساء‬ ‫ّ‬
‫والخاصة‪ .‬ومتابعة ّ‬ ‫وخاصة‪ ،‬ولكيفية سير مختلف املؤسسات العمومية‬
‫ّ‬
‫قضاء دستوري ضامن الحترام السلطة التشريعية‪ ،‬التي تحظى بشرعية ديمقراطية‪ ،‬ألحكام الدستور‪ ،‬ومسألة التأطير القانوني للحاالت االستثنائية‪ ،‬إذ أن هذين‬
‫العنصرين هما من العناصر التي جاء بها الدستور التون�سي لسنة ‪ 2014‬لتدعيم دولة القانون‪.‬‬

‫‪ .1.IV‬القضاء الدستوري‬
‫نص الدستور على إحداث محكمة دستورية (الفصول ‪ 118‬إلى ‪ )124‬ستتولى ّ‬
‫التثبت من مدى دستورية مشاريع القوانين والقوانين النافذة‪ .104‬وطبقا للدستور يجب‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫إصدار القانون املتعلق بتنظيم املحكمة الدستورية وضبط اإلجراءات املتبعة أمامها وتحديد الضمانات املمنوحة ألعضائها‪ .‬كما نص الفصل ‪ 5-148‬من الدستور‬
‫(ضمن األحكام االنتقالية) على أن يكون إرساء املحكمة الدستورية في أجل أقصاه سنة من تاريخ االنتخابات التشريعية (‪ 26‬أكتوبر ‪.)2014‬‬

‫املتعلق باملحكمة الدستورية في ‪ 3‬ديسمبر ‪( 2015‬القانون األسا�سي عدد ‪ 50‬لسنة ‪ .)2015‬وهو ّ‬‫ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫نص يضبط اإلطار القانوني لهذه املحكمة‬ ‫تم ختم القانون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجديدة ويحدد القواعد الضرورية إلرساء محكمة قادرة على العمل بشكل فعلي‪ .‬وعموما يعتبر هذا القانون مصاغا بشكل ّ‬
‫جيد ومماثل للقوانين املتعلقة بغيرها من‬
‫ّ‬
‫والتحدي األكبر الذي ستواجهه املحكمة الجديدة يكمن في غياب‬ ‫املحاكم الدستورية في العالم‪ .‬فقط بعض األحكام جاءت فيه غامضة وتحتاج إلى مزيد التوضيح‪.‬‬
‫ّ‬
‫تضمنت محكمة دستورية حقيقية‪ .‬لذا‪ ،‬سيكون على املحكمة الجديدة أن تؤسس‬ ‫مرجعي سابق‪ :‬فاملنظومة القانونية التونسية لم يسبق وأن ّ‬
‫ّ‬ ‫فقه قضاء أو إطار‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫لفقه قضاء جديد ومبتكر حتى وإن كان بإمكانها أن تستأنس بمنطق القانو العام املعتمد من قبل محاكم أخر ‪ .‬ومن جهة أخر ‪ ،‬وبمجرد إرسائها‪ ،‬قد تتلقى‬
‫ّ‬
‫املتعلقة بالدستورية‪ .‬فمن الوارد ّ‬ ‫هاما من الطعون املتأتية ّ‬
‫املحكمة عددا ّ‬
‫جدا أن يقع إغراق املحكمة بالطعون‬ ‫خاصة من املحاكم العادية عبر املسائل التوقيفية‬
‫بشكل سريع‪.105‬‬
‫أهم النصوص التي تشير إلى دولة القانون‪ ،‬قرار لجنة حقوق اإلنسان عدد ‪ 32/2005‬حول الديمقراطية ودولة القانون‪ ،‬وتقرير األمين العام بشأن إعادة إقامة دولة القانون والعدالة خالل الفترة االنتقالية في املجتمعات التي هي في حالة صراع أو ما بعد‬‫‪ 103‬من ّ‬
‫صراع‪ .‬هذه النصوص ّ‬
‫تبين التوجه العام نحو جعل دولة القانون أحد مفاتيح إرساء ديمقراطية فعالة‪ .‬كما يمكن ذكر مصادر أخرى من القانون الدولي حول هذه املسألة كالوثيقة النهائية للقمة العاملية لسنة ‪ ،2005‬وقرارات الجمعية العامة لألمم املتحدة الصادرة‬
‫تحت عنوان “تعزيز دولة القانون” واملعتمدة في ‪ 1998 ،1994 ،1993‬و‪ ،2002‬وكذلك السلسلة الثانية من القرارات املتعلقة بـ “دولة القانون على الصعيدين الوطني والدولي” واملعتمدة في ‪ 2010 ،2009 ،2008 ،2007 ،2006‬و‪.2011‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ 104‬تبعا إلثارة أحد األطراف في النزاع ملسألة توقيفية تتعلق بالدفع بعدم الدستورية حسب مقتضيات الفصل ‪ 54‬من القانون االسا�سي املؤرخ في ‪ 3‬ديسمبر ‪ 2015‬املتعلق باملحكمة الدستورية‪.‬‬
‫‪ 105‬بخصوص هذه املسألة راجع تقرير التالي للمنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية‪“ :‬املحكمة الدستورية التونسية ‪ -‬تحليل مالمح املؤسسة بعد صدور القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 3‬ديسمبر ‪”2015‬‬
‫(‪.)https://democracy-reporting.org/wp-content/uploads/2018/04/DRI-TN-Rapport-Cour-Constitutionnelle_2015_ar.pdf‬‬

‫‪33‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫دولة القانون‬

‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وعلى إثر املصادقة على القانون األسا�سي املتعلق باملجلس األعلى للقضاء فتح املجال إلرساء املحكمة الدستورية باعتبار ّأن أربعة من أعضاء املحكمة ينبغي أن يقع‬
‫ّ‬ ‫إال أن مجلس نواب الشعب‪ ،‬الذي ّ‬ ‫ّ‬
‫يتعين عليه التدخل في مرحلة أولى لتعيين أربعة أعضاء باملحكمة الدستورية‪ ،‬لم ينته بعد من‬ ‫تعيينهم من ِقبل املجلس املذكور‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فرز‬
‫هذه العملية التي انطلقت منذ أشهر‪ .‬حيث شرعت اللجنة التي أنشئت داخل املجلس منذ شهر جوان ‪ 2017‬وبطلب من الكتل البرملانية‪ ،‬في الترشحات التي قدمت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نص على تدخل‬ ‫واملتعلق باملحكمة الدستورية ّ‬ ‫ّ‬
‫شرعيته‪ ،‬نظرا لكون القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 3‬ديسمبر ‪2015‬‬ ‫إلى املجلس‪ .‬إال ّأن إحداث هذه اللجنة أمر مشكوك في‬
‫أي هيكل آخر في هذه العملية‪ .‬وعلى ّ‬‫تدخل ّ‬‫ّ‬
‫كل حال‪ ،‬يبدو أن مهمة اللجنة‬ ‫الجلسة العامة دون سواها في عملية تعيين أعضاء املحكمة الدستورية‪ ،‬مستبعدا بذلك‬
‫توصلت اللجنة أثناء‬‫سيتم عرضهم على تصويت مجلس نواب الشعب‪ .‬وقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫هينة نظرا لفشل مختلف الكتل البرملانية في بلوغ التوافق حول املترشحين الذين‬ ‫ليست ّ‬
‫ّ‬
‫وتتكون هذه القائمة‬ ‫محل توافق‪ ،‬لعرضهم على تصويت الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب‪.‬‬ ‫تضم ثمانية مترشحين‪ ،‬مبدئيا ّ‬ ‫شهر نوفمبر ‪ 2017‬إلى ضبط قائمة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫جامعيين ومحام وثالثة قضاة ومترشحين من غير املختصين في القانون‪ .‬كما يتبين من تقرير اللجنة أنه تم رفض ستة ترشحات لعدم استيفائها الشروط‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫أستاذين‬ ‫من‬
‫ّ‬
‫ثلثي أعضائه‪ ،‬األمر الذي يتطلب من دون ّ‬
‫املطلوبة‪ .106‬وسيكون مجلس نواب الشعب مطالبا بانتخاب أربعة من أعضاء املحكمة الدستورية بأغلبية ْ‬
‫شك إجراء‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫للتوصل إلى اتفاق‪ .‬ولئن نجح هذا األخير في انتخاب ّأول عضو باملحكمة الدستورية‪ ،‬فقد باءت الجلسات‬‫ّ‬ ‫مفاوضات بين مختلف القوى السياسية املمثلة في البرملان‬
‫الثالث املتتالية واملنعقدة النتخاب األعضاء الثالثة اآلخرين‪ ،‬طبقا ألحكام الفصل ‪ 11‬من القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 3‬ديسمبر ‪ 2015‬املتعلق باملحكمة الدستورية‪،‬‬
‫بالفشل‪ ،‬إذ يبدو ّأن بعض الكتل تراجعت عن التوافقات السابقة‪.‬‬

‫نص إلى البرملان لتنقيح قانون ‪ 3‬ديسمبر ‪ 2015‬سالف الذكر‪.‬‬ ‫عبر عدد من النواب‪ ،‬وكذلك رئيس الحكومة‪ ،‬عن عزمهم على تقديم مشروع ّ‬ ‫وعلى إثر هذا الفشل‪ّ ،‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ويستهدف هذا التنقيح مجموعتين من األحكام وهي‪ :‬من جهة‪ ،‬األحكام املتعلقة باألغلبية املعززة املتمثلة في أغلبية الثلثين الالزمة النتخاب أعضاء املحكمة والتي‬
‫املتعلقة بدور الكتل النيابية في اختيار املترشحين للمحكمة الدستورية‪ ،‬حيث ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتعين‪ ،‬على ّ‬
‫ّ‬
‫يتعين أن تكون الترشحات‬ ‫حد رأيهم‪ ،‬الحط منها‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬األحكام‬
‫لكل من يرغب في الترشح‪ ،‬كما يجب أن يقع ترتيبها بعد ذلك حسب معايير موضوعية‪.‬‬ ‫حرة ومفتوحة ّ‬ ‫ّ‬

‫وبالنظر إلى تباين اآل اء القائم بين مختلف األطراف الفاعلة‪ ،‬لن يكون من السهل إجراء هذا التنقيح‪ .‬فالبعض لم ُيخف معارضته لهذا التعديل الذي جاء‪ ،‬على ّ‬
‫حد‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫رأيهم‪ ،‬لتغيير قواعد اللعبة الجارية‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأخيرا‪ ،‬صادق مجلس الوزراء في جلسته املنعقدة يوم األربعاء ‪ 9‬ماي ‪ 2018‬والتي ترأسها رئيس الدولة على مشروع قانون أسا�سي يتعلق بتنقيح القانون عدد ‪50‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لسنة ‪ 2015‬املتعلق باملحكمة الدستورية‪ .‬ووقعت إحالة املشروع على مجلس نواب الشعب في ‪ 15‬ماي ‪ 2018‬حيث ُس ّجل تحت عدد ‪ .2018/39‬إال ّأن هذا املشروع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النيابية في عملية اختيار املترشحين‪ .‬ووفق ما‬ ‫األغلبية الالزمة النتخاب أعضاء املحكمة الدستورية دون املساس باألحكام املتعلقة بدور الكتل‬ ‫اقتصر على مراجعة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جاء في املشروع‪ ،‬أصبحت هذه األغلبية أغلبية مطلقة في الدورة الثانية من التصويت‪ ،‬أما في الدورة الثالثة فيكفي الحصول على األغلبية البسيطة النتخاب عضو‬
‫املحكمة الدستورية‪.‬‬

‫قرر مكتب مجلس نواب الشعب إعادة فتح باب الترشحات للمحكمة الدستورية‪ .‬كما ّ‬
‫تقررت إحالة مشروع القانون املذكور إلى اللجنة‬ ‫وفي أواخر شهر ماي ‪ّ 2018‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املختصة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫لكن أغلب النواب عبروا عن معارضتهم لهذا املشروع الذي يبدو أنه قد تم اليوم التخلي عنه‪.‬‬ ‫البرملانية‬

‫كما عقد مجلس نواب الشعب جلسة ّ‬


‫عامة يوم الثالثاء ‪ 20‬جويلية بغاية انتخاب األعضاء الثالثة الباقين من جملة أربعة أعضاء يجب تعيينهم من قبل املجلس‪ ،‬لكن‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫أي مترشح من الحصول على األصوات املستوجبة وعددها ‪ 145‬للفوز بمقعد باملحكمة الدستورية‪ + .‬وقد انعقدت جلستان أخريان لكن دون أن يتمكن‬ ‫لم يتمكن‬
‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أي مترشح من الحصو على األغلبية الالزمة‪ .‬وكانت آخر جلسة منعقدة للغرض‪ ،‬خالل الفترة التي يغطيها هذا التقرير‪ ،‬جلسة يوم ‪ 6‬مارس ‪ .2019‬وطبقا ألحكام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 11‬من قانون ‪ 3‬ديسمبر ‪ 2015‬املتعلق باملحكمة الدستورية يتعين في مثل هذه الحالة فتح باب الترشح مجددا لتقديم ثالثة مرشحين جدد‪.‬‬
‫وقد ضبط مكتب مجلس نواب الشعب روزنامة جديدة الستكمال انتخاب أعضاء املحكمة الدستورية‪ .‬وحسب هذه الروزنامة يكون تقديم الترشحات الجديدة من‬
‫ّ‬
‫املختصة النظر في الترشحات خالل الفترة املتراوحة ما بين ‪ 29‬مارس و‪ 5‬أفريل ‪.2019‬‬ ‫قبل الكتل البرملانية من يوم ‪ 15‬إلى يوم ‪ 28‬مارس ‪ ،2019‬وتتولى إثرها اللجنة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪107‬‬
‫عامة النتخاب أعضاء املحكمة يوم ‪ 10‬أفريل ‪ . 2019‬ويبدو حاليا أن عملية تعيين أعضاء املحكمة الدستورية من طرف مجلس نواب‬ ‫كما ُح ّدد تاريخ ّأول جلسة ّ‬
‫ّ‬
‫الشعب التزال معطلة‪.108‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبعد مجلس نواب الشعب‪ ،‬يأتي دور املجلس األعلى للقضاء لتعيين أربعة أعضاء آخرين باملحكمة الدستورية‪ .‬لكن باعتبار ّأن تدخله ال يكون‪ ،‬حسب القانون‪ ،‬إال‬
‫في مرحلة ثانية‪ ،‬لم يشرع املجلس األعلى للقضاء بعد في اختيار أعضاء املحكمة الدستورية‪ .‬كما ّأن القانون املتعلق باملجلس األعلى للقضاء ال ّ‬
‫ينص على إجراءات‬
‫ولسد الفراغ التشريعي بخصوص هذه اإلجراءات من املفروض أن يقع إدراجها صلب النظام الداخلي للمجلس األعلى للقضاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اختيار أعضاء املحكمة الدستورية‪.‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إال ّأن هذا النظام الداخلي لم ّ‬
‫يتم اعتماده بعد‪ .‬وأخيرا‪ ،‬على رئيس الجمهورية أن يعين أربعة أعضاء للمحكمة الدستورية‪ .‬وباستثناء الشروط التي أوجبها القانو ‪،‬‬
‫يتمتع رئيس الجمهورية بسلطة تقديرية واسعة في اختيار أعضاء املحكمة‪.‬‬‫ّ‬

‫‪ 106‬يمكن االطالع على تقرير اللجنة على املوقع اإللكتروني ملجلس نواب الشعب عبر الرابط التالي‪>http://www.arp.tn/site/main/AR/docs/rapport_electorale.pdf< :‬‬
‫املتعلق بالروزنامة عبر الرابط التالي‪ >http://www.arp.tn/site/main/AR/docs/cour_const/ouv_cand.pdf< :‬وتجدر اإلشارة إلى ّأن الجلسة ّ‬ ‫ّ‬
‫العامة املبرمجة يوم ‪ 10‬أفريل لم تنعقد‪.‬‬ ‫‪ 107‬يمكن االطالع على البالغ‬
‫سيتم عرضهم على التصويت في الجلسة العامة ملجلس نواب الشعب‪.‬‬‫ّ‬ ‫املدة النيابية الحالية‪ .‬فإلى ّ‬
‫حد نهاية شهر أفريل فشلت الكتل البرملانية الكبرى في التوافق على املرشحين الذين‬ ‫‪ 108‬يبدو أنه سيكون من الصعب تركيز املحكمة الدستورية قبل نهاية ّ‬
‫لحثه على استكمال إرساء الهيئات املنصوص عليها في الدستور‪ ،‬وعلى أسها املحكمة الدستورية‪ ،‬قبل نهاية ّ‬ ‫ّ‬ ‫وعلى ّ‬
‫املدة النيابية الحالية‪.‬‬ ‫ر‬ ‫حد علمنا‪ ،‬تنوي الرابطة التونسية لحقوق اإلنسان تقديم خارطة طريق ملجلس نواب الشعب‬

‫‪34‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫دولة القانون‬

‫وفي انتظار إرساء املحكمة الدستورية‪ ،‬تم بتاريخ ‪ 18‬أفريل ‪ 2014‬إنشاء هيئة وقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين وذلك بمقت�ضى القانون األسا�سي عدد ‪14‬‬
‫نص عليه الفصل ‪ 7-148‬من الدستور‪.109‬‬‫لسنة ‪ 2014‬طبقا ملا ّ‬
‫منذ إحداثها وإلى ّ‬
‫حد ‪ 31‬مارس ‪ ،2019‬أصدرت الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين ‪ 44‬قرارا (‪ 11‬قرارا خالل سنة ‪ 2014‬و‪ 4‬خالل سنة ‪ 2015‬و‪ 7‬خالل‬
‫سنة ‪ 2016‬و‪ 15‬خالل سنة ‪ 2017‬و‪ 7‬قرارات خالل سنة ‪ ،2018‬ولم يصدر ّ‬
‫أي قرار في الفترة الفاصلة ما بين غرة جانفي و‪ 31‬مارس ‪ )2019‬دون احتساب قراراتها‬
‫ّ‬
‫املتعلقة بالتمديد في آجال ّ‬
‫البت وذلك بشأن مشاريع قوانين مختلفة‪.110‬‬

‫ضد أحكام مشروع القانون االنتخابي املصادق عليه في ماي ‪2014‬‬ ‫الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين لم ّ‬
‫تبت في الطعن الذي ُو ّجه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّإن الهيئة‬
‫رسمي أسباب امتناعها عن ّ‬
‫ّ‬ ‫املتعلقة بمنع العسكريين وأعوان قوات األمن الداخلي من التصويت‪ .‬ولم ّ‬ ‫ّ‬
‫البت في هذا الطعن‪ .‬وكذلك‬ ‫توضح الهيئة بشكل‬
‫ّ‬
‫الشأن بالنسبة لقرارها عدد ‪ 2016/1‬الذي أحالت بمقتضاه مشروع القانون األسا�سي املتعلق باملجلس األعلى للقضاء إلى رئيس الجمهورية بسبب عدم‬
‫ّ‬ ‫تبت أيضا في الطعن بعدم دستورية مشروع القانون األسا�سي ّ‬ ‫الحصول على األغلبية املطلقة‪ .‬كما ّأن الهيئة لم ّ‬
‫املنقح للقانون األسا�سي املتعلق باملجلس‬
‫ّ‬
‫املرة بسبب عدم توفر النصاب القانوني كما ّ‬
‫األعلى للقضاء املؤرخ في ‪ 28‬أفريل ‪ 2016‬لكن هذه ّ‬
‫تم توضيحه أعاله (انظر القرار عدد ‪ 2017/1‬املؤرخ في‬
‫ّ‬
‫‪ 11‬أفريل ‪ 2017‬سالف الذكر)‪ .‬وأخيرا‪ ،‬قامت الهيئة في قرارها عدد ‪ 2017/8‬املؤرخ في ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2017‬بخصوص مشروع القانون األسا�سي املتعلق‬
‫باملصالحة في املجال اإلداري‪ ،‬بإحالة املشروع املذكور مرة أخرى إلى رئيس الجمهورية دون البت في الطعن لعدم بلوغ األغلبية املستوجبة في القانون‪.111‬‬
‫قطعية من خالل هذه األمثلة باعتبار ّأن األسباب الحقيقية لعدم البت في هذه الطعون غير معلومة‪ ،‬إال ّأن الطبيعة‬ ‫ّ‬ ‫ويصعب القيام باستنتاجات‬
‫ّ‬
‫املزدوجة للمسائل املطروحة على أنظار القا�ضي الدستوري التي تتسم بصبغة قانونية وسياسية في اآلن نفسه‪ ،‬من شأنها أن تعرض املحكمة الدستورية‬
‫إلى ضغوطات القوى السياسية النافذة في وقت ما‪.‬‬

‫ن‬
‫القانو� للحاالت االستثنائية‬ ‫التأط�‬ ‫‪.2.IV‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫تمر الدولة بوضعية خطرة (كحالة حرب مثال) ّيتجه الحكم الديمقراطي نحو التقلص ويمكن أن يقع تعليق العمل بحقوق اإلنسان بما فيها الحقوق السياسية‬
‫حين ّ‬
‫أو التشديد في تقييدها من أجل مواجهة هذا الوضع‪ .‬ولئن كان القانون الدولي يعترف بضرورة اعتماد إطار قانوني استثنائي في مثل هذه الحاالت‪ ،‬فهو يرفض‬
‫استغالل السلطة التنفيذية لهذا الوضع التخاذ إجراءات اعتباطية‪.112‬‬
‫ونص على جملة من الضمانات لتفادي إمكانية ّ‬‫التخاذ تدابير استثنائية ّ‬ ‫ّ‬ ‫عرف الفصل ‪ 80‬من الدستور التون�سي حالة االستثناء ّ‬
‫ّ‬
‫تعسف السلطة التنفيذية‪.113‬‬ ‫املبررة‬
‫ّ‬
‫وهنالك أمر (عدد ‪ 50‬لسنة ‪ )1978‬صادر في ‪ 26‬جانفي ‪ 1978‬ينظم حالة الطوارئ (حسب عنوان هذا األمر)‪ .‬وقد صدر هذا األمر بناء على الفصل ‪ 11446‬من‬
‫ّ ّ‬ ‫الدستور التون�سي لسنة ‪ 1959‬الذي ّ‬
‫تبرر اتخاذ التدابير االستثنائية بشكل مماثل ملا نجده في الفصل ‪ 80‬من دستور ‪.2014‬‬ ‫يعرف حالة االستثناء التي‬

‫مرة اإلعالن‬ ‫استمرت دون انقطاع في البالد التونسية منذ شهر نوفمبر ‪ 1152015‬إلى ‪ 31‬مارس ‪ .2019‬وطيلة هذه الفترة وقع في ّ‬
‫كل ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن حالة الطوارئ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عن حالة الطوارئ ّ‬
‫ملدة شهر واحد ّ‬
‫ثم التمديد فيها ملدة أشهر‪ ،‬وبانتهاء أجل التمديد يتم اإلعالن عن حالة الطوارئ مجددا ملدة شهر واحد ثم التمديد فيها وهكذا دواليك‪.‬‬

‫‪+‬‬
‫تم بمقتضاه اعالن حالة الطوارئ هو األمر عدد ‪ 25‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 4‬فيفري ‪ّ . 1162019‬‬
‫ثم جاء األمر الرئا�سي عدد ‪ 35‬لسنة‬ ‫وآخر أمر رئا�سي ّ‬
‫‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪ 2019‬ليمدد في حالة الطوارئ ّ‬
‫ملدة شهر ابتداء من ‪ 7‬مارس ‪ 2019‬إلى ‪ 5‬أفريل ‪( 2019‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪20‬‬
‫املؤرخ في ‪ 8‬مارس ‪.)2019‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 109‬تجدر اإلشارة إلى أنه قبل إحداث الهيئة الوقتية املذكورة‪ّ ،‬‬
‫الشرعية وال ملبدأ الدستورية‪ ،‬قبلت مراقبة دستورية القوانين عن طريق الدفع مستندة في ذلك إلى غياب هيكل مكلف بمراقبة‬ ‫ّ‬ ‫فإن املحكمة اإلدارية‪ ،‬وعلى الرغم من ّانها تعتبر نفسها ضامنة ملبدأ‬
‫دستورية القوانين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتجددة‪ ،‬مشروع قانون املالية لسنة ‪ ،2015‬مشروع القانون املتعلق باملجلس االعلى للقضاء‪ ،‬مشروع قانون املالية لسنة ‪ ،2016‬مشروع القانون املنقح للقانون األسا�سي‬ ‫‪ 110‬مشروع القانون االنتخابي في ‪ ،2014‬مشروع القانون املتعلق بإنتاج الكهرباء من الطاقات‬
‫عدد ‪ 34‬لسنة ‪ 2016‬املؤرخ في ‪ 28‬أفريل ‪ 2016‬واملتعلق باملجلس األعلى للقضاء‪ ،‬مشروع القانون املتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات في ‪ ،2018‬إلخ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ 111‬قرار الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين عدد ‪ 8/2017‬املؤرخ في ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2017‬املتعلق بمشروع القانون األسا�سي عدد ‪ 2015/49‬املتعلق باملصالحة في املجال اإلداري‪ ،‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 85‬املؤرخ في ‪ 24‬أكتوبر ‪،2017‬‬
‫ص‪ 3623 .‬وما يليها‪.‬‬
‫الخاص بالحقوق املدنية والسياسية بهذا الشأن على سبع حقوق أساسية ال يمكن لإلطار القانوني االستثنائي أن تؤول إلى خرقها‪ .‬راجع‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫نص العهد الدولي‬ ‫‪ّ 112‬‬
‫)‪« Principes de Syracuse », page 12 (http://www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=4933d0a72‬‬
‫ّ‬
‫للتصرف في مثل هذه األوضاع‪.‬‬ ‫ّ‬
‫تتضمن توصيات إجرائية وموضوعية‬ ‫بأي حال من األحوال‪ .‬إضافة إلى االتفاقية األوروبية لحقوق االنسان والتزامات منظمة األمن والتعاون بأوروبا التي‬‫عدد امليثاق العربي لحقوق االنسان ‪ 14‬إجراء حمائيا ال يمكن مخالفته ّ‬ ‫كما ّ‬
‫ّ‬
‫‪ 113‬الفصل ‪ 80‬من الدستور‪“ :‬لرئيس الجمهـورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البالد أو استقاللها‪ ،‬يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة‪ ،‬أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة االستثنائية‪ ،‬وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس‬
‫نواب الشعب وإعالم رئيس املحكمة الدستورية‪ُ ،‬وي ِعل ُن عن التدابير في بيان إلى الشعب‪.‬‬
‫حل مجلس نواب الشعب كما ال يجوز تقديم الئحة لوم‬ ‫ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب اآلجال‪ُ ،‬ويعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة‪ .‬وفي هذه الحالة ال يجوز لرئيس الجمهورية ّ‬
‫ضد الحكومة‪.‬‬
‫البت في استمرار الحالة االستثنائية من عدمه‪ .‬وتصرح املحكمة بقرارها عالنية في أجل أقصاه‬ ‫عهد إلى املحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثالثين من أعضائه ُّ‬ ‫�ضي ثالثين يوما على سريان هذه التدابير‪ ،‬وفي كل وقت بعد ذلك‪ُ ،‬ي َ‬ ‫وبعد ُم ّ‬
‫خمسة عشر يوما‪.‬‬
‫ُوينهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها‪ .‬ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب”‪.‬‬
‫‪ 114‬الفصل ‪ 46‬من دستور ‪ “ :1959‬لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الجمهورية وأمن البالد واستقاللها بحيث يتعذر السير العادي لدواليب الدولة اتخاذ ما تحتمه الظروف من تدابير استثنائية (‪.”)...‬‬
‫تعرضت إليه حافلة تابعة للحرس الرئا�سي بتونس العاصمة يوم ‪ 24‬نوفمبر ‪.2015‬‬‫‪ 115‬وذلك على إثر عملية التفجير الذي ّ‬
‫‪ 116‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 11‬املؤرخ في ‪ 5‬فيفري ‪ ،2019‬ص‪.312 .‬‬

‫‪35‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫دولة القانون‬

‫مدة هذا التمديد األخير من خالل التصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية خالل اجتماع مجلس األمن القومي املنعقد يوم ‪ 11‬مارس ‪.2019‬‬ ‫ويمكن تفسير قصر ّ‬
‫ّ‬
‫التصرف في إطار‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حيث ّأكد ّأنه لن ّ‬
‫يمدد بعد يوم ‪ 4‬أفريل القادم في فترة حالة الطوارئ باعتبار أن أمر ‪ 26‬جانفي ‪ 1978‬سالف الذكر غير دستوري وأنه لم يعد يقبل‬
‫غير دستوري‪.117‬‬

‫ّ‬
‫يتضمن ّ‬
‫أي‬ ‫ويمنح األمر املؤرخ في ‪ 26‬جانفي ‪ 1978‬املنظم لحالة الطوارئ السلطات العمومية صالحيات تكاد تكون غير محدودة‪ .‬حيث ّأن الفصل الثالث منه لم‬
‫ّ‬
‫تأطير إلجراء التمديد في حالة الطوارئ واكتفى بالتنصيص على أنه “ال يمكن التمديد في حالة الطوارئ إال بأمر آخر يضبط مدته النهائية”‪.‬‬

‫ّ‬
‫النص املنظم لحالة الطوارئ (األمر عدد ‪ 50‬لسنة ‪ )1978‬في تونس؟‬ ‫والسؤال املطروح هنا هو التالي‪ :‬ما هو األساس الدستوري الذي يقوم عليه‬

‫يعرف الظروف االستثنائية بالخطر‬ ‫استندت األوامر الرئاسية األولى املتعلقة باإلعالن عن حالة الطوارئ أو التمديد فيها صراحة إلى الفصل ‪ 80‬من الدستور الذي ّ‬
‫ّ‬
‫الداهم الذي يهدد “كيان الوطن أو أمن البالد أو استقاللها‪ ،‬يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة”‪ .‬لكن يبدو ّأن وصف عمليات إرهابية محددة وموجهة لهدف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(كالعملية التي حصلت في نوفمبر ‪ ،)2015‬مهما كانت خطورتها‪ ،‬باألحداث املؤدية إلى خطر داهم على معنى الفصل ‪ 80‬من الدستور يبقى أمرا قابال للنقاش‪ّ .‬أما‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معين‬
‫ّ‬
‫األوامر الرئاسية األخيرة املذكورة أعاله فهي لم تشر صراحة إلى الفصل ‪ 80‬بل اكتفت باالستناد إلى الفصل ‪ 77‬من الدستور الذي يخول لرئيس الجمهورية “اتخاذ‬
‫أي إشارة صريحة إلى الفصل ‪80‬‬ ‫التدابير التي ّ‬
‫تحتمها الحالة االستثنائية‪ ،‬واإلعالن عنها طبقا للفصل ‪ .”80‬وبالتالي‪ ،‬حتى وإن لم ترد ضمن األوامر الرئاسية املعنية ّ‬
‫مما تبقى معه مسألة دستورية اإلعالن عن حالة الطوارئ مطروحة‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإنّ‬ ‫يضل السند الدستوري لإلعالن عن حالة الطوارئ‪ّ ،‬‬ ‫من الدستور‪ ،‬فهو ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪118‬‬ ‫ّ‬
‫محتوى هذا األمر مخالف في حد ذاته للفصل ‪ 80‬من الدستور ‪ ،‬حيث ورد بالفصل األول من األمر املذكور أنه “يمكن إعالن حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية‬
‫أو ببعضه إما في حالة خطر داهم ناتج عن نيل خطير من النظام العام‪ ،‬وإما في حصول أحداث تكت�سي بخطورتها صبغة كارثة عامة”‪ ،‬في حين ّأن الخطر الداهم‬
‫معرف بشكل مختلف في دستور ‪( 2014‬وحتى في دستور ‪.)1959‬‬ ‫ّ‬

‫ّ‬
‫ويرى بعض الفقهاء ّأن هنالك خلط بين “الحالة االستثنائية” (موضوع الفصل ‪ 80‬من الدستور) و”حالة الطوارئ” كما نظمها األمر عدد ‪ 50‬لسنة ‪ .1978‬فحسب هذا‬
‫ّ‬
‫الرأي الفقهي‪ ،‬من غير املمكن أن يكون الفصل ‪ 80‬من الدستور سندا دستوريا لحالة الطوارئ املعمول بها في البالد التونسية لكونها تتعلق بوضعية مختلفة عن تلك‬
‫ّ‬
‫النص صادر‬ ‫ّ‬
‫فإن األمر عدد ‪ 50‬لسنة ‪ 1978‬املنظم لحالة الطوارئ مازال يطرح مشكلة دستورية‪ .‬إذ أن هذا‬ ‫املنصوص عليها في الفصل املذكور‪ .‬وأخذا بهذا الرأي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫مؤطرة بمقت�ضى ّ‬ ‫عن السلطة التنفيذية (أمر صادر عن رئيس الجمهورية سنة ‪ )1978‬في حين ّأنه يضع حدودا ّ‬
‫نص‬ ‫هامة للحقوق والحريات التي من املفترض أن تكون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تشريعي‪ .119‬وال وجود في الدستور ّ‬
‫قانونيا لهذا األمر املنظم لحالة الطوارئ‪.‬‬ ‫ألي أحكام أخرى يمكن أن تشكل سندا‬

‫ّ‬
‫النص الترتيبي الجاري به العمل في هذا املجال (األمر عدد ‪ 50‬لسنة ‪ 1978‬املنظم لحالة الطوارئ) ليس مطابقا للدستور‪.‬‬ ‫كل ما سبق يمكن أن نستنتج ّأن‬
‫استنادا إلى ّ‬
‫فهو من جهة ال يمكن أن يكون مؤسسا على الفصل ‪ 80‬من الدستور‪ .‬كما أنه من جهة أخرى‪ ،‬وعلى فرض أن األمر عدد ‪ 50‬لسنة ‪ 1978‬يتعلق بحالة مختلفة عن‬
‫يقيد بشكل كبير الحقوق والحريات يجب أن يرد ضمن قانون أسا�سي وليس‬‫الحالة االستثنائية موضوع الفصل ‪ ،80‬فإن اإلطار القانوني املنظم لحالة الطوارئ والذي ّ‬
‫ضمن أمر وذلك عمال بأحكام الفصلين ‪ 49‬و‪ 65‬من الدستور‪.‬‬

‫ألغت الدائرة االبتدائية األولى باملحكمة اإلدارية بمقت�ضى حكم صادر في ‪ 2‬جويلية ‪( 2018‬القضية عدد ‪ ،150168‬حكم غير منشور) قرار وضع تحت‬
‫املتعلق بحالة الطوارئ‪ .‬حيث اعتبرت املحكمة ّأن تقييد الحريات ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العامة يدخل في مجال‬ ‫اإلقامة الجبرية كان قد ات ِخذ استنادا إلى أمر ‪ 26‬جانفي ‪1978‬‬
‫نص تشريعي‪ ،‬إلى األمر عدد ‪ 50‬لسنة ‪1978‬‬ ‫فإن قرار الوضع تحت اإلقامة الجبرية املطعون فيه ال يمكن أن يستند‪ ،‬بصفة ّأو ّلية وفي غياب ّ‬ ‫القانون وبالتالي ّ‬
‫ّ‬
‫وإال ألغي من قبل قا�ضي تجاوز السلطة النعدام السند القانوني‪ .‬وهو ما آل في هذه القضية إلى اعتبار أمر ‪ 26‬جانفي ‪ 1978‬سالف الذكر غير دستوري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من املؤكد ّأن هذا الحكم له قيمة بيداغوجية ثابتة‪ .‬إذ ّأن القا�ضي لم يكتف باملطعن املتعلق بانعدام السند القانوني للقرار املطعون فيه إللغائه‪ ،‬بل أثار‬
‫ً‬
‫الضبطية ليصل إلى ّأن اإلجراء الضبطي موضوع الطعن (الوضع تحت اإلقامة الجبرية) لم يكن ضروريا لحفظ‬ ‫ّ‬ ‫كذلك شرط الصبغة الضرورية للتدابير‬
‫ّ‬
‫النظام العام الذي ّادعت اإلدارة أنه كان مهددا‪.‬‬

‫ولم يكن بإمكان القا�ضي أن يفعل خالف ذلك‪ ،‬باعتبار ّأن اعتماد الحل املقابل‪ ،‬أي االكتفاء بإلغاء القرار املطعون فيه استنادا إلى عدم دستورية األمر‬
‫ّ‬
‫عدد ‪ 50‬لسنة ‪ ،1978‬قد يؤدي إلى فراغ قانوني يمكن أن يشكل خطرا على الحريات (في حالة التهديد الخطير للنظام العام)‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يبدو ّأن الحكم‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ضمنا بأن اإلدارة ال يمكنها أن تلتزم الصمت في حالة اإلخالل الجسيم بالنظام العام‪ ،‬ولو في غياب ّ‬
‫املشرع قد‬ ‫نص تشريعي‪ ،‬ألن تدخل‬ ‫املذكور قد قبل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتأخر‪ .‬وتبعا لذلك يمكن قراءة هذا الحكم على أنه يحمل في طياته دعوة موجهة إلى املشرع للتدخل لتنظيم حالة الطوارئ طبق مقتضيات الفصلين ‪65‬‬
‫و‪ 49‬من دستور ‪ 27‬جانفي ‪.2014‬‬

‫ّ‬
‫املمتدة من ‪ 6‬أفريل إلى ‪ 5‬ماي ‪( 2019‬األمر الرئا�سي عدد ‪ 53‬لسنة ‪ ،2019‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 28‬املؤرخ في ‪ 5‬أفريل ‪.)2019‬‬ ‫‪ 117‬رغم ذلك أعلن رئيس الجمهورية بتاريخ ‪ 5‬أفريل ‪ّ 2019‬‬
‫مجددا عن حالة الطوارئ للفترة‬
‫‪ 118‬وقد كان األمر كذلك أيضا مع الفصل ‪ 46‬من دستور ‪.1959‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 119‬حسب الفصل ‪ 65‬من الدستور ّ‬
‫وخاصة حين يتعلق األمر بتقييد هذه الحقوق‪ ،‬ينبغي أن يكون التأطير القانوني للحاالت‬ ‫“تتخذ شكل قوانين أساسية النصوص املتعلقة باملسائل التالية‪ )...( :‬الحريات وحقوق اإلنسان (‪ .”)...‬وبالتالي فإنه في مجال حقوق االنسان‪،‬‬
‫االستثنائية بمقت�ضى قانون أسا�سي‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫دولة القانون‬

‫ّ‬
‫الخاص بالحاالت االستثنائية طبقا ألحكام الدستور‪.‬‬ ‫نص تشريعي لضبط النظام القانوني‬‫سن ّ‬ ‫ولم يقع تطبيق الدستور في هذا الخصوص‪ ،‬وقد يكون من األنسب ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تقدمت مجموعة من النواب بمقترح قانون أسا�سي تحت عدد ‪ 73/2016‬يتعلق بتنظيم حالة الطوارئ‪ . 120‬ويتبين من وثيقة شرح األسباب املرفقة بهذا املقترح أنه‬
‫يهدف إلى ضمان مالءمة اإلطار التشريعي املنظم لحالة الطوارئ لألحكام الدستورية ووضع ّ‬
‫حد للخلط القائم بين مفهومي حالة الطوارئ والحالة االستثنائية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ +‬في اآلونة األخيرة‪ّ ،‬تمت إحالة مشروع قانون أسا�سي عدد ‪ 91/2018‬يتعلق بتنظيم حالة الطوارئ إلى مجلس نواب الشعب بتاريخ ‪ 30‬نوفمبر ‪ .2018‬وفي حال‬
‫ّ ُ‬
‫كل لبس ُممكن بين حالة االستثناء (الفصل ‪ 80‬من الدستور) وحالة‬ ‫اعتماد هذا املشروع سيؤول ذلك إلى إلغاء العمل بأمر ‪ 26‬جانفي ‪ 1978‬املذكور أعاله ورفع‬
‫ّ‬
‫عتبر من الناحية الشكلية مطابقا للدستور الذي جعل الحد من الحقوق والحريات من مجال‬ ‫الطوارئ‪ .‬وباعتبار ّأن هذا املشروع قد ورد في شكل قانون أسا�سي فهو ُي َ‬
‫نص عليه الفصل ‪ 65‬في فقرته الثانية‪ .‬لكن على مستوى املضمون‪ ،‬يحتوي هذا املشروع على بعض األحكام التي تطرح إشكاال من حيث دستوريتها‪.‬‬ ‫القانون حسب ما ّ‬
‫ملدة يمكن أن تصل إلى ستة أشهر‪ .‬ويرى العديد من املالحظين أن هذه ّ‬
‫املدة‬ ‫فمن ناحية أولى‪ ،‬وقع التنصيص على ّأن اإلعالن عن حالة الطوارئ ّ‬
‫يتم بأمر رئا�سي ّ‬
‫بمجرد استشارة مجلس األمن القومي الذي يرأسه رئيس الجمهورية أي صاحب األمر موضوع‬ ‫وأن األمر الرئا�سي املُ ِعلن عن حالة الطوارئ ُي ّتخذ ّ‬
‫طويلة للغاية‪ ،‬خاصة ّ‬
‫املطولة لحالة الطوارئ قابلة للتمديد ملدة ثالثة أشهر وفق نفس إجراءات إصدار أمر اإلعالن عن حالة الطوارئ أي‬ ‫فإن هذه ّ‬
‫املدة ّ‬ ‫االستشارة‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك ّ‬
‫املرة برفع تقرير إلى رئيس مجلس نواب الشعب إلعالمه بأسباب التمديد وهي ّ‬
‫شكلية تبدو‬ ‫بعد استشارة مجلس األمن القومي‪ ،‬لكن مع إلزام رئيس الجمهورية هذه ّ‬
‫ّ‬
‫غير كافية‪ .‬ومن ناحية ثانية‪ ،‬منح مشروع القانون للوالي ولوزير الداخلية صالحيات واسعة للحد من الحريات األساسية‪ :‬كفرض قيود على حرية التنقل‪ ،‬تسخير‬
‫األشخاص واملمتلكات‪ ،‬منع الحق في اإلضراب‪ ،‬منع االجتماعات والتجمعات واملواكب واملظاهرات‪ ،‬تحجير اإلقامة والوضع تحت اإلقامة الجبرية‪ ،‬فرض الرقابة‬
‫اإلدارية‪ ،‬استرجاع جواز السفر‪ ،‬اعتراض االتصاالت‪ ،‬القيام بعمليات تفتيش للمحالت‪ ،‬وتعليق نشاط الجمعيات‪ .‬في معظم الحاالت تكون السلطة اإلدارية مطالبة‬
‫تم التنصيص على عقوبات سالبة للحرية تجاه األشخاص الذين ال يمتثلون للتدابير الصادرة عن السلطة اإلدارية‬ ‫فقط بإعالم وكيل الجمهورية‪ .‬ومن ناحية أخيرة‪ّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أثناء حالة الطوارئ‪ .‬كما ّأن األسس التي تقوم عليها هذه التدابير‪ ،‬واملتمثلة في حفظ األمن والنظام العام‪ ،‬ت َعد من املفاهيم ذات املحتوى ّ‬
‫ّ‬
‫املتغير وغير الواضح‪ .‬وإذا‬
‫ّ‬
‫يشكل تهديدا ّ‬
‫للحريات‪.‬‬ ‫الجدية‪ ،‬يمكن القول ّإن مشروع القانون‪ ،‬لو ّتمت املصادقة عليه كما هو‪ ،‬قد‬‫ّ‬ ‫أضفنا إلى ذلك غياب الضمانات‬

‫إلى ّ‬
‫حد ‪ 31‬مارس ‪ ،2019‬لم تتم بعد املصادقة على مشروع القانون األسا�سي عدد ‪ 91/2018‬املتعلق بتنظيم حالة الطوارئ‪.‬‬

‫‪http://www.anc.tn/site/servlet/Fichier?code_obj=95193&code_exp=1&langue=1 120‬‬

‫‪37‬‬
‫‪5‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬

‫واجب المحاسبة والشفافية‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يمثل ّ‬
‫رئيسيتين وعنصرين أساسيين للديمقراطية‪ .‬وهو ما تؤكده التصريحات الرسمية العديدة حول الديمقراطية والتي‬ ‫كل من واجب املحاسبة والشفافية “ركيزتين‬
‫ّتمت املصادقة عليها من طرف مختلف الفاعلين الدوليين”‪. 121‬‬

‫‪ .1.V‬واجب المحاسبة‬
‫األول في وجوب ّ‬ ‫ّ‬
‫يتمثل البعد ّ‬ ‫يفترض واجب املحاسبة ّ‬
‫تحمل ّ‬
‫تحمل مسؤولية‬ ‫كل األطراف الفاعلة في الدولة مسؤولية قراراتها وأعمالها‪ .‬وتقوم املحاسبة على بعدين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األفعال أي إلزام األطراف الفاعلة في الدولة بمد العموم باملعلومات والتفسيرات حول أنشطتهم‪ .‬أما البعد الثاني فهو يتعلق باملنظومة التي ينبغي أن ترافق واجب‬
‫املحاسبة حتى يقع احترامه بشكل فعلي‪ ،‬أي اآلليات الكفيلة بجعل املعلومات املتأتية من الفاعلين في الدولة معلومات مفيدة بصفة فعلية‪ ،‬ضمانا الحترام واجب‬
‫الخضوع للمساءلة‪.‬‬

‫كرس الفصل ‪ 15‬خضوع اإلدارة العمومية للمساءلة‪ .‬ومن جهة أخرى‪ّ ،‬‬
‫نصت‬ ‫تكرس واجب املحاسبة عديدة‪ .‬إذ ّ‬‫ّإن األحكام الواردة في الدستور التون�سي والتي ّ‬
‫الفصول ‪ 88‬و‪ 95‬و‪ 96‬و‪ 97‬من الدستور على مسؤولية رئيس الجمهورية والحكومة تجاه السلطة التشريعية‪ ،‬ال سيما من خالل الئحة اإلعفاء ومسؤولية الحكومة‬
‫أمام البرملان وتوجيه األسئلة والئحة اللوم والتصويت على الثقة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتعلقة باملحاسبة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫كرس في بابيه التاسع والعاشر‪ ،‬املتعلقين على التوالي بمراقبة‬ ‫تعرض النظام الداخلي ملجلس نواب الشعب إلى هذه اآلليات الدستورية‬
‫الخاصة برئيس الجمهورية‪ ،‬التصويت على منح الثقة واألسئلة التي يمكن توجيهها للسلطة التنفيذية وجلسات الحوار مع الحكومة‬ ‫ّ‬ ‫العمل الحكومي وبالجلسات‬
‫والئحة اللوم وتصويت على الثقة وإعفاء رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخاصة على الرقابة املسلطة على نشاط الحكومة من قبل اللجان البرملانية‪.‬‬ ‫وينص الفصل ‪ 93‬من النظام الداخلي املتعلق باختصاصات اللجان‬
‫ّ‬
‫باإلضافة إلى ذلك يمكن‪ ،‬عمال بأحكام الفصول ‪ 97‬إلى ‪ 100‬من النظام الداخلي‪ ،‬إحداث لجان تحقيق برملانية تتولى القيام بأعمال استقصائية وفق سلطتها‬
‫كل سنة إحداث لجنة تحقيق‪ .‬كما يمكن للجان التحقيق أن تستجوب السلطتين التنفيذية والتشريعية‪ .‬وتعتبر ّ‬
‫كل هذه األحكام‬ ‫التقديرية‪ .‬فيمكن للمعارضة في ّ‬
‫الواردة في النظام الداخلي للمجلس من قبيل التطبيق ملقتضيات الدستور في هذا املجال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫وقد ّ‬
‫تلقى مجلس نواب الشعب مقترحين تشريعيين ق ّدما من طرف ّنواب‪ ،‬يتعلق ّأولهما بتنظيم اللجان البرملانية (عدد ‪ ،)20/2016‬في حين يتعلق املقترح الثاني عدد‬
‫‪ 55/2016‬بمسألة أكثر خصوصية وهي مسألة لجان التحقيق برملانية‪ .‬ويهدف املقترحان إلى تحسين تنظيم عمل هذه اللجان والتوسيع في صالحياتها‪ .‬لكن‪ ،‬وبقطع‬
‫النظر عن ضرورة تحسين صياغتهما‪ ،‬يبقى السؤال مطروحا بخصوص معرفة ما إذا كانت هذه املادة تندرج في مجال القانون‪ .‬حيث يرى بعض املختصين ّأن الفصل‬
‫‪ 121‬انظر املذكرة اإلعالمية عدد ‪ 47‬الصادرة عن املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية في مارس ‪>http://democracy-reporting.org/newdri/wp-content/uploads/2016/03/dri-tn_bp_47_ar.pdf< :2014‬‬

‫‪38‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫واجب المحاسبة والشفافية‬

‫ّ‬ ‫يتعرض إلى مسألة اللجان البرملانية ّ‬ ‫‪ 65‬من الدستور ّ‬


‫املحدد ملجال القانون لم ّ‬
‫وأن هذه املسألة ال يمكن بالتالي أن تكون إال من مجال النظام الداخلي للمجلس‪.‬‬
‫ّ‬
‫تم إحداث لجنة تحقيق في شهر أوت ‪ 2015‬للتحقيق في ُت َهم تتعلق بتعذيب مشتبه فيهم أثناء االحتفاظ بهم في إطار البحث معهم في قضايا‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ّ‬
‫ّ‬
‫متصلة بشبكة إرهابية‪ .‬ولم تتمكن لجنة التحقيق البرملانية املحدثة من إجراء تحقيق ّ‬ ‫ّ‬
‫معمق‪ ،‬وخاصة من االطالع على تقرير االختبار الطبي الذي أذن به القضاء‬
‫يخول للخبير إطالع الغير على تقريره‪ّ .‬‬
‫ويدل هذا املثال على أنه بالرغم من االعتراف ضمن النظام الداخلي ملجلس نواب الشعب بالحق في إنشاء‬ ‫ّ‬
‫بسبب أن القانون ال ّ‬
‫ّ‬ ‫لجان للتحقيق ّ‬
‫فإن التشريع الجاري به العمل ال يأخذ بعين االعتبار هذه اآللية‪ ،‬وهو ما يحد من فعالية عمل اللجان املذكورة‪.‬‬

‫تم بعث لجنة تحقيق أخرى‪ ،‬وذلك في أواخر شهر جانفي ‪ ،2017‬للتحقيق حول شبكات التجنيد التي تورطت في تسفير الشباب التون�سي إلى مناطق القتال‬ ‫كما ّ‬
‫وخاصة إلى سوريا‪ .‬وإلى ّ‬
‫حد ‪ 31‬مارس ‪ 2019‬لم تنه اللجنة أشغالها‪.‬‬

‫ّإن محاسبة السلطات اإلدارية والسياسية ليست مساءلة سياسية فحسب‪ ،‬إذ يمكن االحتجاج بها أيضا أمام مختلف املحاكم‪ ،‬كاملحكمة اإلدارية أو دائرة املحاسبات‬
‫أو دائرة الزجر املالي‪ .‬فالسلطات اإلدارية‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬خاضعة للمحاسبة أمام العديد من الهياكل التفقدية والرقابية املنبثقة عن اإلدارة‪.‬‬
‫ّ‬
‫على مستوى اإلدارة‪ ،‬يمكن اعتبار األمر عدد ‪ 4030‬لسنة ‪ 2014‬املؤرخ في ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2014‬املتعلق باملصادقة على مدونة سلوك وأخالقيات العون العمومي من ّأول‬
‫تم التنصيص على واجب املحاسبة صلب األمر املذكور وتعريفه كاآلتي‪:‬‬ ‫النصوص التطبيقية الواضحة لقاعدة محاسبة اإلدارة العمومية املكرسة في الدستور‪ .‬وقد ّ‬
‫“خضوع الذين يتولون الوظائف العمومية للمساءلة القانونية أو اإلدارية أو األخالقية إزاء قراراتهم وأعمالهم سواء املحاسبة األفقية (مسؤولية املوظف العمومي‬
‫أمام جهات أخرى موازية) أو العمودية (مسؤولية املوظف العمومي أمام ناخبيه وهيئته املرجعية‪ ،‬وتجاه املواطنين)”‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫كما ّأن التنقيح املدخل بمقت�ضى األمر الحكومي عدد ‪ 1072‬لسنة ‪ 2016‬املؤرخ في ‪ 12‬أوت ‪ 2016‬على األمر عدد ‪ 147‬لسنة ‪ 1993‬املؤرخ في ‪ 18‬جانفي ‪ 1993‬املتعلق‬
‫بإحداث فريق “املواطن الرقيب” من أجل تعزيز الصالحيات املوكولة لهذا الفريق‪ ،‬من شأنه أن ُيسهم في دعم الجهود املبذولة لجعل املرافق العمومية ّ‬
‫تتحمل‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫مسؤولياتها‪.‬‬

‫وبشكل عام‪ّ ،‬‬


‫ينص التشريع التون�سي الساري التنفيذ على عدة آليات تكفل فعالية محاسبة الجهات الفاعلة في الدولة‪ .‬وهذا التقرير ال يهدف إلى التعداد الشامل‬
‫ّ‬ ‫لكل هذه اآلليات‪ ،‬حيث ّأن تقييمها وتحديد ثغراتها املحتملة يتطلب جردا ّ‬
‫ّ‬
‫مفصال للنصوص القانونية املنظمة لها‪ .‬ومع ذلك فمن املؤكد أن تطبيق الدستور يتطلب‬
‫تعزيز اآلليات ّ‬
‫املكرسة للمحاسبة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ّأن بعض املعلقين وجزء من املعارضة البرملانية ومن املجتمع املدني اعتبروا القانون األسا�سي عدد ‪ 62‬لسنة ‪ 2017‬املتعلق باملصالحة في املجال‬
‫ّ‬
‫النص يحول دون إدانة املوظفين واألعوان حتى‬ ‫تقدموا يوم ‪ 19‬سبتمبر ‪ 2017‬بعريضة الطعن‪ ،‬هذا‬ ‫ممن ّ‬ ‫اإلداري‪ 122‬مخالفا لواجب املساءلة‪ .‬فحسب رأي منتقديه‪ّ ،‬‬
‫ينص على وقف التتبعات العدلية واملحاكمات الجارية‪ ،‬فضال عن منح العفو العام ملن ّتمت إدانتهم بمقت�ضى‬ ‫وإن كانت مسؤوليتهم الجزائية واملدنية ثابتة‪ .‬فهو ّ‬
‫ّ‬
‫باملرة أمام مشروع هذا القانون املشحون سياسيا والذي ما انفك عن إحداث‬ ‫هينة ّ‬‫أحكام نهائية‪ .‬ولم تكن مهمة الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين ّ‬
‫‪123‬‬
‫عامة املواطنين‪ .‬وقد قامت الهيئة بموجب قرارها الصادر في ‪ 28‬سبتمبر ‪ 2017‬بالتمديد بأسبوع في األجل‬ ‫انقسامات سواء داخل الطبقة السياسية أو في صفوف ّ‬
‫وقررت يوم ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2017‬إحالة املشروع املعني باألمر إلى رئيس الجمهورية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للبت في هذه الدعوى‪ّ .124‬‬
‫لكنها في نهاية األمر لم تتمكن من البت ّ‬ ‫املمنوح لها ّ‬
‫جراء عدم‬
‫الحصول على األغلبية املطلقة‪.125‬‬

‫‪ .2.V‬الشفافية‬
‫ّ‬
‫الخاص بالحقوق املدنية والسياسية‪ .‬ولتقييم مدى‬ ‫يختلط مفهوم الشفافية بالحق في املعلومة‪ .‬وتجد الشفافية ركيزتها باألساس في الفصل ‪ )2(19‬من العهد الدولي‬
‫ّ‬
‫وباألخص تلك التي بحوزة الحكومة‪.‬‬ ‫احترام هذا املبدأ‪ ،‬ينبغي النظر في االلتزام اإليجابي املحمول على الدول لضمان النفاذ إلى املعلومة‬
‫كرس الفصل ‪ 15‬من الدستور واجب الشفافية املحمول على اإلدارة العمومية ّ‬
‫ونص الفصل ‪ 32‬على الحق في املعلومة وفي النفاذ إليها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫املتعلق ّ‬
‫بحق النفاذ إلى املعلومة (القانون عدد ‪ 22‬لسنة ‪ 2016‬املؤرخ في ‪ 24‬مارس ‪ .)2016‬ولم يكن مسار إعداد‬ ‫صادق مجلس نواب الشعب على القانون األسا�سي‬

‫‪ 122‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 85‬املؤرخ في ‪ 24‬أكتوبر ‪ ،2017‬ص‪.3625 .‬‬


‫‪ 123‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 81‬املؤرخ في ‪ 10‬أكتوبر ‪ ،2017‬ص‪.3469 .‬‬
‫ّ‬
‫املتعلق باملصالحة في املجال اإلداري على رئيس الجمهورية دون ّ‬
‫البت في الطعن‪ ،‬وذلك‬ ‫‪ 124‬قامت الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين بمقت�ضى القرار عدد ‪ 8/2017‬الصادر بتاريخ ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2017‬بإحالة مشروع القانون األسا�سي عدد ‪2015/49‬‬
‫ّ‬ ‫بسبب عدم الحصول على األغلبية املطلقة لألعضاء الالزمة التخاذ قرار في الغرض‪ .‬وقد ّ‬
‫تم ختم القانون األسا�سي عدد ‪ 72‬لسنة ‪ 2017‬املتعلق باملصالحة في املجال اإلداري بتاريخ ‪ 24‬أكتوبر ‪( 2017‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 85‬املؤرخ في ‪ 24‬أكتوبر‬
‫‪ ،2017‬ص‪.)3625 .‬‬
‫‪ 125‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 85‬املؤرخ في ‪ 24‬أكتوبر ‪ ،2017‬ص‪ 3623 .‬وما يليها‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫واجب المحاسبة والشفافية‬

‫هذا القانون يسيرا‪ ،‬وذلك بسبب صعوبة ضبط حدود ملمارسة هذا ّ‬
‫الحق‪.126‬‬

‫وقد دخل هذا القانون حيز النفاذ بعد مرور سنة من تاريخ نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪ ،‬أي في ‪ 29‬مارس ‪ .2017‬ومن بين أكثر األحكام الواردة في القانون‬
‫حق النفاذ إلى املعلومة (الفصل ‪ 24‬من القانون)‪ .‬ففي البداية كان الفصل ‪ 24‬من مشروع القانون ّ‬ ‫ّ‬
‫املتعلقة بحاالت استثناء ّ‬
‫ينص على املجاالت‬ ‫والتي أثارت جدال تلك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(األمن‪ ،‬الدفاع الوطني‪ ،‬املصالح االقتصادية للدولة‪ ،‬املصالح التجارية املشروعة للهياكل الخاضعة لحق النفاذ‪ ،‬إلخ‪ ).‬التي يمكن أن يتم فيها رفض النفاذ إلى املعلومة‬
‫إال ّأن الفصل ‪ 24‬في صيغته املصادق عليها ّ‬ ‫ّ‬
‫نص على معايير تناوبية لتبرير رفض مطلب النفاذ إلى املعلومة‪ .‬فالحق في النفاذ إلى املعلومة‬ ‫مع مراعاة بعض الشروط‪.‬‬
‫تتعهد بها هيئة أخرى وهي‪ :‬الهيئة الوطنية لحماية املعطيات الشخصية‪.‬‬ ‫خاصة الحماية املستوجبة على املعطيات الشخصية والتي ّ‬ ‫يجب أن تراعى فيه ّ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتضمن اإلطار القانوني لحماية املعطيات الشخصية اليوم القانون األسا�سي عدد ‪ 63‬لسنة ‪ 2004‬املؤرخ في ‪ 27‬جويلية ‪ 2004‬املتعلق بحماية املعطيات‬
‫ّ‬
‫ذات الصبغة الشخصية‪ ،127‬واألمر عدد ‪ 3003‬لسنة ‪ 2007‬املؤرخ في ‪ 27‬نوفمبر ‪ 2007‬املتعلق بضبط طرق سير الهيئة الوطنية لحماية املعطيات‬
‫ّ‬
‫الشخصية‪ ،128‬واألمر عدد ‪ 3004‬لسنة ‪ 2007‬املؤرخ في ‪ 27‬نوفمبر ‪ 2007‬املتعلق بضبط شروط وإجراءات والتصريح والترخيص ملعالجة املعطيات‬
‫تم توضيحه في مذكرة شرح‬ ‫الشخصية‪ .129‬وقد أصبح هذا اإلطار القانوني في حاجة إلى إصالحات عميقة‪ ،‬ال سيما تحت تأثير القانون األوروبي‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬
‫األسباب املرافقة ملشروع القانون األسا�سي عدد ‪ 2018/25‬املتعلق بحماية املعطيات الشخصية‪ .‬إضافة إلى تعزيزه لصالحيات الهيئة الجديدة لحماية‬
‫تم التنصيص‬ ‫يتضمن مشروع القانون قسما حول ّ‬
‫الحق في النفاذ إلى املعطيات الشخصية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عمومية مستقلة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ستتحول إلى هيئة‬ ‫املعطيات الشخصية التي‬
‫فيه على اختصاص هيئة حماية املعطيات الشخصية بالنظر في النزاعات املتعلقة بممارسة الحق في النفاذ املباشر إلى املعطيات الشخصية (الفصل ‪.)18‬‬
‫وهو ما من شأنه أن يخلق حاالت تنازع اختصاص بين هيئة حماية املعطيات الشخصية وهيئة النفاذ إلى املعلومة‪.‬‬
‫مستقلة جديدة ّ‬
‫تتمتع بالشخصية القانونية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫تسمى “هيئة النفاذ إلى املعلومة”‪ .‬ويكون أعضاء هذه‬ ‫وما يلفت االنتباه أيضا في هذا القانون هو إحداثه لهيئة عمومية‬
‫ومعينين من قبل رئيس الحكومة ّ‬
‫ملدة ستة سنوات غير قابلة للتجديد‪ ،‬ويؤدون اليمين أمام رئيس الجمهورية‪ُ .‬وي َحال‬ ‫الهيئة منتخبين من طرف مجلس نواب الشعب ّ‬
‫ّ‬ ‫كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة‪ .‬وتكمن ّ‬
‫املهمة الرئيسية للهيئة في البت في حاالت رفض‬ ‫التقرير السنوي الذي ّ‬
‫تعده الهيئة على ّ‬
‫مطالب النفاذ إلى املعلومة وتكون قراراتها قابلة لالستئناف أمام املحكمة اإلدارية‪.‬‬
‫ّ‬
‫وحسب القانون املتعلق بالنفاذ إلى املعلومة‪ ،‬تشرع الهيئة في ممارسة مهامها في أجل أقصاه سنة من تاريخ نشر القانون املحدث لها‪ ،‬أي يوم ‪ 29‬مارس ‪ 2017‬كحد‬
‫ُّ‬
‫ويتكون مجلس الهيئة من تسعة (‪ )9‬أعضاء منتخبين باألغلبية املطلقة ألعضاء مجلس نواب الشعب‪ .‬وقد كل َفت لجنة خاصة بمجلس نواب الشعب بفرز‬ ‫ّ‬ ‫أق�صى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ‪130‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الترشحات قبل عرضها على النواب في جلسة عامة‪ .‬واستغرقت عملية فرز الترشحات مدة زمنية مطولة ‪ ،‬لكن تمكن املجلس في نهاية املطاف من انتخاب أعضاء‬
‫الهيئة ورئيسها بتاريخ ‪ 18‬جويلية ‪ّ .2017‬‬
‫وتم إثرها تعيينهم بمقت�ضى األمر الحكومي عدد ‪ 918‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في ‪ 17‬أوت ‪ 1312017‬وشرعت الهيئة في ممارسة‬
‫مهامها‪.132‬‬
‫ّ‬
‫كما صادق مجلس نواب الشعب على القانون األسا�سي عدد ‪ 10‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في ‪ 7‬مارس ‪ 2017‬املتعلق باإلبالغ عن الفساد وحماية املبلغين‪ .133‬ويضبط هذا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القانون إجراءات وشكليات اإلبالغ عن الفساد في القطاع العام والقطاع الخاص‪ّ .‬أما الهياكل العمومية املعنية بتطبيق هذا القانون فهي متعددة جدا‪ .‬وقد حددها‬
‫القانون كاآلتي‪:‬‬
‫‪ n‬رئاسة الجمهورية واملؤسسات التابعة لها‪،‬‬
‫‪ n‬مجلس نواب الشعب‪،‬‬
‫‪ n‬رئاسة الحكومة ومختلف الهياكل الخاضعة إلشرافها‪،‬‬
‫‪ n‬املجلس األعلى للقضاء وجميع الهيئات القضائية‪،‬‬
‫‪ n‬املحكمة الدستورية‪،‬‬
‫‪ n‬الهيئات الدستورية املستقلة‪،‬‬
‫‪ n‬الوزارات وكتابات الدولة ومختلف الهياكل الخاضعة إلشرافها‪،‬‬
‫‪ n‬البنك املركزي التون�سي‪،‬‬
‫نص املشروع ّ‬
‫مجددا إلى البرملان بعد أن قامت بتعديله‪.‬‬ ‫ثم أعادت السلطة التنفيذية ّ‬ ‫‪ 126‬في ‪ 3‬جويلية ‪ 2015‬قامت الحكومة بسحب مشروع القانون على إثر التنقيحات التي أدخلتها عليه لجنة الحقوق والحريات والعالقات الخارجية‪ّ .‬‬
‫‪ 127‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 61‬املؤرخ في ‪ 30‬جويلية ‪ ،2004‬ص‪ 1988 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 128‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 96‬املؤرخ في ‪ 30‬نوفمبر ‪ ،2007‬ص‪ 4038 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 129‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 96‬املؤرخ في ‪ 30‬نوفمبر ‪ ،2007‬ص‪ 4039 .‬وما يليها‪.‬‬
‫تتمكن من التداول ومن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البت‬ ‫املختصة التابعة ملجلس نواب الشعب لم‬ ‫‪ 130‬أسباب هذا التأخير عديدة‪ .‬إذ يبدو أنه لم يقع تلقي عدد كاف من املترشحين الذين يستجيبون للشروط القانونية املتعلقة ببعض أصناف األعضاء بمجلس الهيئة‪ .‬كما يبدو أن اللجنة‬
‫بشأن بعض الترشحات وذلك بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن بعض املترشحين الذين رفضت مطالبهم قد رفعوا دعاوى أمام املحكمة اإلدارية‪.‬‬
‫‪ 131‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 68‬املؤرخ في ‪ 25‬أوت ‪ ،2017‬ص‪.2761 .‬‬
‫تمكنت الجمعية ّ‬ ‫ّ‬
‫املدعية من‬ ‫‪ 132‬أصدرت هيئة النفاذ إلى املعلومة قرارها األول في ‪ 1‬فيفري ‪ 2018‬بمناسبة نزاع بين جمعية تنشط في مجال الدفاع عن مصالح سائقي سيارات األجرة “التاك�سي” من جهة ووالي املهدية من جهة أخرى‪ .‬وحسب ما جاء في هذا القرار‪،‬‬
‫ّ‬ ‫املدعية نسخة من محاضر اجتماعات اللجنة الجهوية للنقل التابعة للوالية ّ‬ ‫وجهت الهيئة إلى الوالي إلزاما بتسليم الجهة ّ‬
‫القضية‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬
‫(نص القرار متوفر على صفحة الفايسبوك التابعة للهيئة‪ .)https://www.facebook.com/INAITN :‬ومنذ ذلك الحين‬ ‫كسب‬
‫أصدرت الهيئة عدة قرا ات أخرى كانت عموما في ّاتجاه االعتراف للطالب ّ‬
‫بحقه في النفاذ إلى املعلومة‪.‬‬ ‫ر‬
‫‪ 133‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 20‬املؤرخ في ‪ 10‬مارس ‪ ،2017‬ص‪ 765 .‬وما يليها‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫واجب المحاسبة والشفافية‬

‫‪ n‬املؤسسات واملنشآت العمومية‪،‬‬


‫‪ n‬مؤسسات القرض واملؤسسات املالية العمومية‪،‬‬
‫‪ n‬الجماعات املحلية‪،‬‬
‫‪ n‬الهيئات العمومية املستقلة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويتعين أن ّ‬
‫يتم اإلبالغ عن الفساد لدى هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد‪.‬‬

‫املتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات (املشروع عدد ‪ ،)30/2018‬وهو ّ‬ ‫ّ‬


‫نص يرمي بالخصوص‬ ‫صادق مجلس نواب الشعب يوم ‪ 27‬جويلية ‪ 2018‬على مشروع القانون‬
‫إلى تعزيز “شفافية املعامالت االقتصادية واملالية” (الفصل األول)‪ .‬وعلى إثر الطعن في دستوريته‪ ،‬اعتبرت الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين في ‪4‬‬
‫تم تكريسه في الفصل ‪ 24‬من‬ ‫سبتمبر ‪ 1342018‬أن الفصل ‪ 10‬من مشروع قانون السجل الوطني للمؤسسات‪ 135‬ينال من الحق في حماية املعطيات الشخصية كما ّ‬
‫الدستور‪ + .‬وفي ‪ 22‬أكتوبر ‪ 2018‬قضت الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين بمطابقة الفصل ‪ 10‬من مشروع القانون في صيغته الجديدة املصادق‬
‫عليها من قبل مجلس نواب الشعب في ‪ 2‬أكتوبر ‪ 2018‬للدستور (القرار عدد ‪ 2018/05‬املؤرخ في ‪ 22‬أكتوبر ‪ ،2018‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪86‬‬
‫تم إصدار القانون املتعلق بالسجل الوطني للمؤسسات في ‪ 29‬أكتوبر ‪ 2018‬تحت عدد ‪( 52‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية‬ ‫املؤرخ في ‪ 26‬أكتوبر ‪ .)2018‬وقد ّ‬
‫عدد ‪ 89‬املؤرخ في ‪ 6‬نوفمبر ‪.)2018‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬ورد بالفصل ‪ 11‬من الدستور ّأنه “على ّ‬


‫كل من يتولى رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة أو عضويتها أو عضوية مجلس نواب الشعب أو عضوية‬
‫يصرح بمكاسبه وفق ما يضبطه القانون”‪.‬‬‫أي وظيفة عليا أن ّ‬‫الهيئات الدستورية املستقلة أو ّ‬

‫ّ‬
‫وقد صادق مجلس نواب الشعب على القانون األسا�سي عدد ‪ 46‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 1‬أوت ‪ 2018‬املتعلق بالتصريح باملكاسب واملصالح وبمكافحة اإلثراء غير‬
‫املشروع وتضارب املصالح‪.136‬‬
‫ّ‬
‫ويمثل هذا القانون األسا�سي ّ‬
‫نصا بالغ األهمية‪ .‬فهو يأتي الستكمال اإلطار التشريعي الرامي إلى دعم الحوكمة الرشيدة ومحاربة الفساد‪ .‬ويهدف القانون من خالل ما‬
‫ورد في فصله ّ‬
‫األول إلى “دعم الشفافية وترسيخ مبادئ النزاهة والحياد واملساءلة ومكافحة اإلثراء غير املشروع وحماية املال العام”‪.‬‬

‫تضم ‪ 37‬فئة من األشخاص املعنيين بالتصريح على املكاسب واملصالح‪:‬‬ ‫املشرع في الفصل ‪ 5‬منه قائمة ّ‬
‫ّ‬ ‫ويعتبر مجال تطبيق هذا القانون واسعا نسبيا‪ .‬إذ ضبط‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫األشخاص الذين يشغلون وظائف عليا وأعضاء املجلس األعلى للقضاء والقضاة وأعضاء الهيئات الدستورية املستقلة والوزراء وكتاب الدولة والوالة واملعتمدون‬
‫فإن هذه القائمة وردت على سبيل الذكر باعتبار ّأن الفصل ‪ 5‬يلزم بالقيام بالتصريح على املكاسب واملصالح “بصفة عامة كل‬‫وكتبة املحاكم‪ ،‬إلخ‪ .‬وأكثر من ذلك‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫تنص القوانين والتراتيب املنظمة ملمارسة وظيفته على واجب التصريح باملكاسب واملصالح”‪ّ .‬أما الهياكل املسؤولة على تحقيق هذه األهداف فهي متنوعة‪ :‬هيئة‬
‫من ّ‬
‫ّ‬
‫الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد‪ 137‬ومحكمة املحاسبات واملحاكم الجزائية‪ .‬ووردت العقوبات الجزائية مشددة‪ ،‬بحيث يمكن أن تصل إلى العقوبات السالبة‬
‫للحرية وأن تطال األشخاص االعتباريين (خطايا مالية‪ ،‬اإلقصاء من الصفقات العمومية‪ ،‬إلخ‪.).‬‬

‫التصريح في بعض التشريعات املقارنة‪ ،‬على غرار‬ ‫سحب املشرع التون�سي واجب التصريح باملصالح واملكاسب على أصناف من املوظفين واملهنيين ال تخضع إلى مثل هذا ّ‬
‫ُ‬ ‫كتبة املحاكم والصحفيين‪ ،‬إلخ‪ .138‬كما يطرح التساؤل بخصوص معرفة ما إذا ستكون الهيئة الوطنية ملكافحة الفساد قادرة على مجابهة هذا ّ‬
‫الكم الهائل امل َ‬
‫حتمل‬
‫من التصاريح‪ + .‬وقد انقضت اآلجال القانونية‬
‫حددة لتقديم التصاريح يوم ‪ 31‬ديسمبر ‪ 2018‬دون أن ّ‬
‫يتسنى ّ‬ ‫ُ‬
‫امل ّ‬
‫لكل األشخاص املعنيين القيام بالتصريح‪ .‬ولتيسير‬
‫أداء واجب التصريح باملكاسب واملصالح‪ ،‬أصدر رئيس الحكومة املنشور عدد ‪ 34‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ ‪ 19‬ديسمبر ‪ 2018‬الذي طلب فيه من رؤساء مختلف اإلدارات‬
‫ُ َ‬ ‫املعنية ّ‬
‫مد الهيئة الوطنية ملكافحة الفساد بقائمات ّ‬
‫إسمية في األعوان التابعين لتلك اإلدارات واملطالبين بواجب التصريح باملكاسب واملصالح‪.139‬‬

‫‪ 134‬الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين‪ ،‬القرار عدد ‪ 2018/04‬املؤرخ في ‪ 4‬سبتمبر ‪ ،2018‬الرائد الرسمي عدد ‪ 74-73‬املؤرخ في ‪ 14-11‬سبتمبر ‪.2018‬‬
‫‪ 135‬الفصل ‪ 10‬من مشروع القانون الذي تمت إحالته على الجلسة العامة للمجلس‪:‬‬
‫“يجب أن يتضمن السجل كذلك‪:‬‬
‫‪ -‬كل البيانات املحددة لهوية الشركاء سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين‪.‬‬
‫‪ -‬كل البيانات املحددة لهوية املستفيدين الحقيقيين على معنى أحكام الفصل ‪ 2‬من هذا القانون‪.‬‬
‫‪ -‬كل البيانات املحددة لهوية الشركاء الفعليين إن وجدوا‪.‬‬
‫‪ -‬كل البيانات املحددة لهوية القرين في حالة اختيار نظام االشتراك في األمالك بين الزوجين‪.‬‬
‫‪ -‬كل البيانات املحددة لهوية أعضاء الهياكل املسيرة للجمعية‪.”)...( .‬‬
‫‪ 136‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 65‬املؤرخ في ‪ 14‬أوت ‪ ،2018‬ص‪ 3575 .‬وما يليها‪ .‬وقد ألغى الفصل ‪ 51‬من هذا القانون العمل بالقانون عدد ‪ 17‬لسنة ‪ 1987‬املؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪ 1987‬املتعلق بالتصريح على الشرف بمكاسب أعضاء الحكومة وبعض‬
‫ُ‬
‫تم إلغاؤه كان أضيق بكثير من املجال امل ّ‬
‫وأن مجال تطبيق القانون الذي ّ‬ ‫األصناف من األعوان العموميين‪ .‬علما ّ‬
‫حدد في القانون الحالي‪.‬‬
‫‪ 137‬وإلى حين مباشرة هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ملهامها تتولى الهيئة الوطنية ملكافحة الفساد القيام باملهام املوكولة للهيئة واملنصوص عليها بهذا القانون (الفصل ‪.)48‬‬
‫‪ 138‬يبلغ عدد األشخاص املعنيين بالتصريح على املكاسب في تونس‪ ،‬حسب التوقعات‪ ،‬بين ‪ 300000‬و‪ 350000‬شخص‪ .‬وعلى سبيل املقارنة‪ ،‬في فرنسا ‪-‬التي يبلغ عدد سكانها خمسة أضعاف عدد السكان بتونس‪ -‬يبلغ عدد املسؤولين العموميين (منتخبون وأعوان‬
‫املعنيين بواجب التصريح املنصوص عليه في القوانين املؤرخة في ‪ 11‬أكتوبر ‪ 2013‬واملتعلقة بشفافية الحياة العامة حوالي ‪ 15000‬شخصا‪ُ ،‬يذكر منهم على وجه الخصوص أعضاء الحكومة والنواب وأعضاء مجلس الشيوخ والنواب الفرنسيون في البرملان‬ ‫عموميون) ّ‬
‫األوروبي وأعضاء املجلس األعلى للقضاء ومستشارو رئيس الجمهورية والوزراء ورئي�سي املجلس الوطني ومجلس الشيوخ وأعضاء اللجان التي لها صالحيات اتخاذ عقوبات ورؤساء املجالس الجهوية ورؤساء البلديات التي يفوق عدد سكانها ‪ 20000‬ومساعدو رؤساء‬
‫البلديات التي يفوق عدد سكانها ‪ 100000‬والذين لهم تفويض إمضاء أو تفويض وظيفي إلخ‪.‬‬
‫‪ 139‬يمكن االطالع على املنشور عبر الرابط التالي‪>http://www.legislation.tn/sites/default/files/18-34.pdf< :‬‬

‫‪41‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫واجب المحاسبة والشفافية‬

‫لم ُتشر الجهة التي بادرت بمشروع القانون (الحكومة) في شرح األسباب الذي أحالته على البرملان إلى كونها قامت ّ‬
‫مسبقا بإجراء دراسات التأثير الضرورية قبل الشروع‬
‫في املصادقة على قانون بهذا الحجم‪.‬‬

‫أي طعن بعدم الدستورية أمام الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين‪ ،‬فمن غير املستبعد أن تثار هذه املسألة عن طريق‬ ‫وإن لم ُيثر قانون ‪ 1‬أوت ‪ّ 2018‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدفع أمام املحكمة الدستورية على إثر تركيزها‪ ،‬استنادا إلى أن القائمة الواردة في فصله الخامس تتجاوز على ما يبدو بكثير توقعات السلطة التأسيسية املعبر عنها‬
‫في الفصل ‪ 11‬سالف الذكر من الدستور‪.‬‬
‫الشفافية ّ‬
‫بأنها “الوضوح داخل الهيكل العمومي وفي العالقة مع‬ ‫ّ‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬وبعد أن ّ‬
‫عرف األمر عدد ‪ 4030‬لسنة ‪ 2014‬املؤرخ في ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2014‬سابق الذكر‬
‫ّ‬
‫املواطنين (املنتفعين من الخدمة أو مموليها) وعلنية اإلجراءات والغايات واألهداف”‪ ،‬نص على أنه “يخضع العون العمومي بداية من شروعه في عمله في رتبة أو وظيفة‬
‫معينة‪ ،‬وكل ما اقتضت طبيعة وظيفته حسب ما يحدده القانون أو النظام األسا�سي‪ ،‬لواجب التصريح على الشرف بأمالكه وأمالك قرينه وأبنائه القصر سواء كانت‬
‫منقولة أو عقارات‪ .‬ويتم تحيين أو تجديد التصريح بصفة دورية حسب الفترة التي يحددها القانون أو النظام األسا�سي‪ .‬كما يتولى العون العمومي القيام بالتصريح‬
‫إن هذه املقتضيات ال تزال صالحة حتى بعد املصادقة على قانون ‪ 1‬أوت ‪ 2018‬املشار إليه أعاله‪ .‬فهي ال تتعارض معه‪.140‬‬ ‫على ممتلكاته بمجرد انتهاء مهامه”‪ّ .‬‬
‫ستظل هذه املقتضيات سارية املفعول‪ ،‬لكن سيكون من الضروري تطبيقها على ضوء مس تلزمات القانون الجديد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لذا‪،‬‬

‫تم بمقت�ضى األمر الحكومي الصادر تحت عدد ‪ 1158‬لسنة ‪ 2016‬واملؤرخ في ‪ 12‬أوت ‪ ،2016‬إحداث “خاليا الحوكمة” على مستوى مصالح اإلدارة‬‫ومن جهة أخرى‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫املركزية والواليات وبعض البلديات واملؤسسات واملنشآت العمومية‪ .‬وهي خاليا مكلفة أساسا بنشر ثقافة الحوكمة والشفافية (الفصل ‪.)5‬‬

‫ّ‬
‫الشفافية وال يهدف هذا التقرير إلى التعداد الشامل ّ‬
‫لكل هذه اآلليات ومن املؤكد أن تطبيق‬ ‫ينص التشريع التون�سي النافذ على عدة آليات في مجال‬ ‫وبشكل ّ‬
‫عام‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشفافية‪.‬‬ ‫الدستور يتطلب تعزيز آليات‬

‫‪ 140‬الفصل ‪ 51‬من قانون ‪ 1‬أوت ‪ّ 2018‬‬


‫نص على إلغاء العمل باألحكام “املخالفة” له‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪6‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬

‫الهيئات الدستورية المستقلة‬

‫ينص الباب السادس من الدستور التون�سي على إنشاء خمس هيئات مستقلة للعمل على “دعم الديمقراطية”‪ّ ،‬‬
‫متمتعة بالشخصية القانونية واالستقاللية اإلدارية‬ ‫ّ‬
‫املميزة لهذه الهيئات ّأن أعضاءها منتخبون من قبل مجلس نواب الشعب‪ّ .‬‬
‫ويتعين إصدار نصوص تشريعية لتحديد تركيبة هذه الهيئات‬ ‫واملالية‪ .‬ومن بين السمات ّ‬
‫ّ‬
‫والتمثيل فيها وطرق انتخاب أعضائها وتنظيمها وسبل مساءلتها‪ .‬وعمال بما جاء باملطة ‪ 14‬من الفقرة الثانية من الفصل ‪ 65‬من الدستور‪ ،‬يجب أن تتخذ هذه‬
‫النصوص التشريعية شكل قوانين أساسية‪ ،‬وهي قوانين تخضع املصادقة عليها إلى نظام أكثر تعقيدا من ذلك الذي تخضع إليه املصادقة على القوانين العادية‬
‫‪1‬‬
‫(الفصل ‪ 64‬من الدستور)‪ .141‬وهذه الهيئات الخمس هي التالية‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ 3‬الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات (الفصل ‪ 126‬من الدستور)‪.‬‬
‫‪ 4‬هيئة االتصال السمعي البصري (الفصل ‪ 127‬من الدستور)‪.‬‬
‫‪ 5‬هيئة حقوق اإلنسان (الفصل ‪ 128‬من الدستور)‪.‬‬
‫هيئة التنمية املستدامة وحقوق األجيال القادمة (الفصل ‪ 129‬من الدستور)‪.‬‬
‫هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد (الفصل ‪ 130‬من الدستور)‪.‬‬

‫ّ‬ ‫إلى ّ‬
‫حد ‪ 31‬مارس ‪ّ 2019‬‬
‫تم إحداث ثالث هيئات دستورية مستقلة‪.‬‬

‫الهيئة األولى هي الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات املحدثة بموجب القانون عدد ‪ 23‬لسنة ‪ 2012‬املؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2012‬والتي تم تركيزها سنة ‪ .2014‬على‬
‫ّ‬
‫الرغم من أن إحداث الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات كان سابقا للمصادقة على الدستور‪ ،‬فقد قامت السلطة التأسيسية التونسية بتكريس هذه الهيئة املحدثة‬
‫منذ سنة ‪ 2012‬كهيئة دستورية من خالل الفصل ‪.126‬‬

‫توجه به بعض أعضاء مجلسها إلى مجلس نواب الشعب عمال بأحكام الفقرة‬ ‫جراء طلب إعفاء رئيس الهيئة الذي ّ‬ ‫مرت الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات بأزمة ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثانية من ‪ 15‬من القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2012‬املتعلق بالهيئة العليا املستقلة لالنتخابات‪ .‬وقد حلت هذه األزمة محل األزمة السابقة املتعلقة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إال ّأن مجلس نواب الشعب تمكن أخيرا خالل جلسته املنعقدة يوم ‪ 30‬جانفي ‪ 2019‬من التوافق حول‬ ‫بالتجديد الجزئي لتركيبة مجلس الهيئة الذي ّ‬
‫يتم ّ‬
‫كل سنتين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪142‬‬
‫أسماء رئيس الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات وأعضائها الثالثة الجدد ‪ .‬وطبقا للقانون‪ ،‬صدر إثر ذلك أمران رئاسيان يتعلقان بتسمية أعضاء الهيئة الجدد‬
‫ّ‬
‫وسيتسنى للهيئة الشروع في تنظيم االنتخابات التشريعية والرئاسية القادمة‪ ،‬وكذلك االنتخابات الجزئية للمجلس األعلى للقضاء التي ستسمح لهذا‬ ‫ورئيسها‪.143‬‬
‫األخير باالنتقال من الوضع املؤقت إلى الوضع الدائم‪.‬‬
‫‪ّ 141‬‬
‫يتم التصويت على القوانين األساسية باألغلبية املطلقة ألعضاء املجلس‪.‬‬
‫ّ‬
‫واملتعلقين بنشر مقررات الجلسة ّ‬ ‫اري رئيس مجلس نواب الشعب ّ‬ ‫‪ 142‬راجع قر ْ‬
‫العامة املنعقدة يوم األربعاء ‪ 30‬جانفي ‪ 2019‬للتصويت على تجديد ثلث أعضاء مجلس الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات والنتخاب رئيسها‪ ،‬الرائد الرسمي‬ ‫املؤرخين في ‪ 31‬جانفي ‪2019‬‬
‫للجمهورية التونسية عدد ‪ 10‬املؤرخ في ‪ 1‬فيفري ‪ ،2019‬ص‪.268 .‬‬
‫‪ 143‬ألمران الرئاسيان عدد ‪ 23‬وعدد ‪ 24‬املؤرخان في ‪ 1‬فيفري ‪ ،2019‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 10‬املؤرخ في ‪ 1‬فيفري ‪ ،2019‬ص‪.269 .‬‬

‫‪43‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫الهيئات الدستورية المستقلة‬

‫ُ‬
‫ّأما الهيئة الثانية فهي هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد املحدثة بمقت�ضى القانون األسا�سي عدد ‪ 59‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ ‪ 24‬أوت ‪.1442017‬‬

‫أي شخص طبيعي أو معنوي من القطاع العام أو الخاص‪ .‬كما منح القانون‬ ‫تتمتع بصالحيات واسعة تجاه ّ‬‫ويتبين من القانون األسا�سي سالف الذكر ّأن الهيئة ّ‬
‫ّ‬
‫ويتمتع بعض أعوان الهيئة التابعين لقسم مكافحة الفساد بصفة مأموري‬ ‫التق�صي والتحقيق والبحث بخصوص حاالت الفساد‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫هامة ّ‬
‫جدا في مجال‬ ‫للهيئة سلطات ّ‬
‫ضابطة عدلية ّ‬
‫ويحق لهم على هذا األساس القيام بأعمال التفتيش والحجز وتلقي الشهادات وجمع األدلة واالطالع على ّ‬
‫أي وثيقة دون إمكانية مجابهتهم بالسر املنهي‬
‫ّ‬
‫أو البنكي أو الجبائي‪ .‬كما يمكنهم تحرير محاضر ذات حجية واالستعانة بالقوة العامة‪ .‬لكن تجدر اإلشارة إلى أن هؤالء األعوان يمارسون مهامهم طبقا ألحكام مجلة‬
‫اإلجراءات الجزائية وتحت إشراف السلطة القضائية‪.‬‬

‫عدم االعتراف بصفة مأموري ضابطة عدلية ألعضاء مجلس الهيئة كان ّ‬
‫محل طعن أمام الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين‪ ،‬حيث اعتبر‬
‫الطاعنون أن حرمان رئيس الهيئة وأعضاء مجلسها من صفة مأموري الضابطة العدلية واالقتصار على منحها لبعض األعوان تحت سلطة النيابة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العمومية هو بمثابة النيل من استقاللية الهيئة‪ .‬إال ّأن الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين رفضت هذا املطعن مؤكدة ّأن هيئة الحوكمة‬
‫الرشيدة ومكافحة الفساد ليست سلطة دستورية وليست معنية بالتالي بمبدأ الفصل بين السلطات‪ .‬كما اعتبرت ّأن وضع األعوان املعنيين تحت إشراف‬
‫ّ‬
‫النيابة العمومية يشكل ضمانة للحقوق والحريات األساسية‪.‬‬

‫وقد تدخل الهيئة بصالحياتها شبه القضائية وتركيبتها التي ّ‬


‫تضم ثالثة قضاة في تنافس مع السلطات األخرى التي تمارس الضابطة العدلية‪.145‬‬

‫ينص الفصل ‪ 45‬من القانون األسا�سي عدد ‪ 59‬لسنة ‪ 2017‬سالف الذكر على إمكانية إعفاء رئيس الهيئة أو أحد أعضاء مجلسها في حالة ارتكابه‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ّ ،‬‬
‫لخطأ جسيم‪ .‬وقد ّتمت إثارة مسألة عدم دستورية هذا اإلجراء أمام الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين بدعوى أنه ينال من استقاللية الهيئة‪ .‬وقد‬
‫‪146‬‬
‫ّ‬
‫معلل ومم�ضي من ِق َبل ُث ْ‬ ‫ّ ّ‬
‫لثي أعضاء مجلس الهيئة‬ ‫يتم إال بناء على تقرير‬ ‫رفضت الهيئة القضائية الدستورية هذا املطعن‪ ،‬باعتبار ّأن اإلعفاء املذكور ال يمكن أن‬
‫وبعد مصادقة مجلس نواب الشعب عليه بأغلبية ْ‬
‫الثلثين‪.‬‬
‫متوقف على انتخاب أعضاء مجلسها من قبل مجلس نواب الشعب بأغلبية ْ‬ ‫ّ‬
‫الثلثين (الفصل‬ ‫ولم يقع إرساء هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بعد‪ .‬وهو أمر‬
‫َ‬
‫ويتكون مجلس الهيئة من تسعة أعضاء من بينهم ثالثة قضاة ومحام وعضو ناشط في املجتمع املدني ُينتخبون ملدة ست سنوات غير قابلة للتجديد‪.‬‬
‫‪ 40‬من القانون)‪ّ .‬‬
‫وتخضع تركيبة املجلس إلى التجديد الجزئي كل ْ‬
‫سنتين عن طريق القرعة‪.‬‬

‫وقد قامت اللجنة االنتخابية بمجلس نواب الشعب بضبط قائمة ّأولية في املترشحين ملجلس الهيئة ونشرها طبقا للفصل ‪ 37‬من القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 24‬أوت‬
‫األولية كانت ّ‬‫سلم تقييمي يقوم على معايير موضوعية وشفافة‪ .‬لكن هذه القائمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 2017‬سالف الذكر‪ ،‬الذي ّ‬
‫محل‬ ‫ينص على أنه تتولى اللجنة ترتيب املترشحين وفق‬
‫ّ‬
‫تم تقديم طعون ضدها أمام الهيئات القضائية املختصة باملحكمة اإلدارية‪ + .‬وتولت اللجنة االنتخابية التابعة ملجلس نواب الشعب ضبط ونشر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اعتراض‪ ،‬حيث ّ‬
‫أي من املترشحين عن‬‫قائمة نهائية في املترشحين للهيئة في ‪ 13‬نوفمبر ‪ 2018‬على ضوء األحكام الصادرة على إثر االعتراض على بعض الترشحات‪ .147‬لكن لم يقع قبول ّ‬
‫مجددا بالنسبة لصنف املختصين‬ ‫تقرر فتح باب الترشح ملجلس الهيئة ّ‬‫صنف املختصين في االتصال واإلعالم نظرا لعدم استيفائهم للشروط املستوجبة قانونا‪ .‬لذا ّ‬
‫ّ‬ ‫‪148‬‬
‫في االتصال واإلعالم وذلك بمقت�ضى قرار صادر عن رئيس مجلس نواب الشعب بتاريخ ‪ 4‬ديسمبر ‪ . 2018‬كما تم بنفس التاريخ نشر السلم التقييمي املعتمد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املكلفة ّ‬
‫املختصة بضبط القائمة األولية للمترشحين عن صنف املختصين في االتصال‬ ‫بتلقي الترشحات املذكورة‪ .149‬وقد قامت اللجنة‬ ‫من قبل اللجنة االنتخابية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إال ّأنه ّ‬
‫تم الطعن في هذه القائمة أمام القضاء اإلداري وتولت الدائرة العاشرة باملحكمة اإلدارية إصدار حكمها بتاريخ ‪21‬‬ ‫واإلعالم ونشرها بتاريخ ‪ 5‬فيفري ‪.2019‬‬
‫ّ‬ ‫فيفري ‪ .2019‬وقد ّ‬
‫قررت اللجنة االنتخابية استئناف هذا الحكم أمام الجلسة العامة القضائية باملحكمة اإلدارية‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬قام املترشح الوحيد عن صنف‬
‫ّ‬
‫سينجر عنه بعض التأخير في إرساء هيئة‬ ‫ّ‬
‫القضاة املاليين بسحب ترشحه‪ .‬وسيكون على اللجنة االنتخابية إعادة فتح باب الترشحات بالنسبة لهذا الصنف‪ ،‬مما‬
‫الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد‪.‬‬
‫ستحل الهيئة الجديدة ّ‬
‫محل الهيئة الوطنية ملكافحة الفساد املحدثة بمقت�ضى املرسوم عدد ‪ 120‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في ‪ 14‬نوفمبر ‪.2011‬‬ ‫ّ‬ ‫وبمجرد أن ّ‬
‫يتم إرساؤها‪،‬‬
‫ُ‬
‫امل َ‬
‫ستحل ّ‬
‫محل الهيئة‬ ‫ّ‬ ‫حدثة بمقت�ضى القانون األسا�سي عدد ‪ 51‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 29‬أكتوبر ‪ 150 2018‬والتي‬ ‫‪ّ +‬أما الهيئة الثالثة فهي هيئة حقوق اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫امل َ‬
‫وتتمتع الهيئة الجديدة بصالحيات واسعة‬ ‫حدثة بمقت�ضى القانون عدد ‪ 37‬لسنة ‪ 2008‬املؤرخ في ‪ 16‬جوان ‪.2008‬‬ ‫العليا لحقوق اإلنسان والحريات األساسية‬
‫ّ‬
‫ق‬ ‫ل‬
‫في مجال حماية حقوق االنسان وضمان احترامها‪ :‬إبداء رأيها حو مشاريع القوانين املتعلقة بحقو اإلنسان والحريات‪ ،‬القيام بدراسات وتقديم مقترحات لتطوير‬
‫‪ 144‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 71-70‬املؤرخين في ‪ 1‬و‪ 5‬سبتمبر ‪ ،2017‬ص‪ 2878 .‬وما يليها‪.‬‬
‫أي شخص ّيدعي االنتماء إلى هذا السلك وإحالته الى العدالة‪.‬‬
‫‪ 145‬يمكن التذكير على سبيل املثال باملعارضة التي أبدتها نقابات قوات األمن الداخلي عند إحداث السلك الجديد للشرطة البيئية‪ ،‬وتهديدها علنا بإيقاف ّ‬
‫‪ 146‬القرار عدد ‪ 2017/7‬املؤرخ في ‪ 17‬أوت ‪ ،2017‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 67‬املؤرخ في ‪ 22‬أوت ‪ ،2017‬ص‪ 2709 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 147‬يمكن االطالع على القائمة عبر الرابط التالي‪>http://www.arp.tn/site/main/AR/docs/inbglc/liste_13nov2018.pdf< :‬‬
‫‪ 148‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 97‬املؤرخ في ‪ 4‬ديسمبر ‪ ،2018‬ص‪ 5029 .‬ما يليها‪.‬‬
‫‪ 149‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 97‬املؤرخ في ‪ 4‬ديسمبر ‪ ،2018‬ص‪.5030 .‬‬
‫‪ 150‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 89‬املؤرخ في ‪ 6‬نوفمبر ‪ ،2018‬ص‪ 4938 .‬وما يليها‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫الهيئات الدستورية المستقلة‬

‫حماية حقوق االنسان‪ ،‬تقديم توصيات في صورة انتهاك حقوق اإلنسان‪ ،‬القيام بزيارات ميدانية بأماكن االحتجاز‪ ،‬كما يمكنها ّ‬
‫التعهد بالتحقيق في انتهاكات حقوق‬
‫حد النتهاكات حقوق اإلنسان التي يمكن أن ترصدها‪ .‬إذ‬ ‫تتمتع بوسائل ناجعة لوضع ّ‬‫اإلنسان ّإما بمبادرة منها أو تبعا لشكاية‪ .‬لكن تجدر اإلشارة إلى ّأن الهيئة ال ّ‬
‫مما يعني ّأن السلطة التي ّ‬
‫تتمتع بها هذه الهيئة هي‬ ‫يمكنها فقط إحالة ملفات االنتهاك التي هي على علم بها إلى القضاء أو إشعار السلطات العمومية والرأي العام بها‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫معنوية باألساس‪.‬‬ ‫سلطة‬
‫نتخبين من طرف مجلس نواب الشعب بأغلبية ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫الثلثين‪ .‬وقد أصدر رئيس اللجنة االنتخابية بمجلس نواب الشعب قرارا‬ ‫يتكون مجلس الهيئة من تسعة أعضاء م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بتاريخ ‪ 15‬فيفري ‪ 2019‬يق�ضي بفتح باب الترشح لعضوية مجلس هيئة حقوق اإلنسان‪ .151‬وفي نفس اليوم اتخذ رئيس اللجنة ذاتها قرارا يق�ضي بنشر السلم التقييمي‬
‫الذي ستعتمده اللجنة املذكورة في ترتيب املترشحين‪.152‬‬
‫ّ‬
‫املستقلة‪ ،‬وإلى ّ‬
‫حد ‪ 31‬مارس ‪ ،2019‬لم تقع املصادقة على ّ‬ ‫ّ‬
‫يتعلق ّ‬
‫أي مشروع قانون بشأنها من طرف‬ ‫ببقية الهيئات الدستورية‬ ‫وفيما‬
‫املجلس التشريعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ّتمت املصادقة على القانون األسا�سي عدد ‪ 47‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 7‬أوت ‪ 2018‬املتعلق باألحكام املشتركة بين الهيئات الدستورية املستقلة‪.‬‬
‫املشرع ّأن هذه‬
‫كل الهيئات املنصوص عليها في الباب السادس من الدستور‪ .‬وقد ّبين فيه ّ‬ ‫يبينه عنوانه‪ ،‬يضبط هذا القانون األحكام املشتركة التي ستنطبق على ّ‬ ‫وكما ّ‬
‫نص الفصل ‪ 4‬من القانون في فقرته‬ ‫الهيئات هي من أشخاص القانون العام التي تتمتع باالستقاللية اإلدارية واملالية‪ .‬وكنتيجة منطقية الستقاللية هذه الهيئات‪ّ ،‬‬
‫يميزها عن املؤسسات العمومية ويجعلها ذوات عمومية‬ ‫ألي سلطة رئاسية أو سلطة إشراف‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫الثانية على عدم خضوع الهيئات الدستورية في ممارستها ملهامها ّ‬
‫ّ‬
‫متخصصة من صنف جديد‪ .‬لكن سرعان ما قام املشرع بالتذكير بأن استقاللية الهيئات الدستورية ال تحول دون إمكانية مساءلتها أمام مجلس نواب الشعب‪ .‬وقد‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أثارت مسألة مسؤولية الهيئة وأعضائها أمام البرملان نزاعا مطوال أمام الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين‪.‬‬

‫صادق مجلس نواب الشعب في مرحلة أولى على مشروع القانون األسا�سي املتعلق باألحكام املشتركة بين الهيئات الدستورية املستقلة في ‪ 5‬جويلية‬
‫تم الطعن في مشروع القانون أمام الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين في ‪ 12‬جويلية ‪ .2017‬واعتبرت الهيئة في قرارها عدد‬ ‫‪ .2017‬لكن ّ‬
‫ّ‬
‫‪ 2017/04‬املؤرخ في ‪ 8‬أوت ‪ 1532017‬أن املساءلة وواجب املحاسبة اللذان تخضع إليهما الهيئات الدستورية املستقلة في عالقتها بالبرملان ال يتعارضان‬
‫ّ‬ ‫ينجر عنهما إخضاع هذه الهيئات لرقابة إشراف البرملان‪ّ ،‬‬ ‫مع مبدأ استقالليتها وال ّ‬
‫وأن املسألة كلها مرتبطة بالتوفيق بين مبدأ االستقاللية ومبدأ املساءلة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بمجرد ّ‬
‫التثبت من ّ‬ ‫ّ‬
‫فمصادقة البرملان مثال على التقارير املالية للهيئات الدستورية ال تأثير له على استقالليتها‪ ،‬لتعلق األمر ّ‬
‫صحة هذه التقارير دون التدخل‬
‫في ممارستها ملهامها الدستورية‪ .‬لكن من جهة أخرى‪ ،‬قضت الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين بعدم دستورية املقتضيات الواردة في مشروع‬
‫القانون والتي تتيح ملجلس نواب الشعب إمكانية التصويت على سحب الثقة من هيئة دستورية مستقلة‪ ،‬معتبرة هذه اآللية متنافية ومبدأ استقاللية‬
‫الهيئات املذكورة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وقد تداول مجلس نواب الشعب ّ‬
‫مجددا حول مشروع القانون األسا�سي املتعلق باألحكام املشتركة بين الهيئات الدستورية املستقلة في ‪ 27‬أكتوبر ‪2017‬‬
‫على إثر صدور قرار الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين‪ .‬غير ّأن الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية القوانين اعتبرت في قرارها عدد ‪2017/09‬‬
‫املؤرخ ‪ 23‬نوفمبر ‪ّ 2017‬أن هذه املداوالت الجديدة لم ترفع عن مشروع القانون عيب عدم الدستورية‪ .154‬إذ اكتفى مجلس نواب الشعب بتعويض عبارة‬
‫“سحب الثقة” بعبارة “إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء مجلس الهيئة” املستقلة املعنية‪ .‬وقد اعتبر القا�ضي الدستوري ّأن الصيغة الجديدة للفصل ‪33‬‬
‫ً‬
‫من مشروع القانون تتعارض مع مبدأ التناسب بين استقاللية الهيئات الدستورية من جهة ومساءلتها من جهة أخرى‪ .‬فوفقا للفصل ‪ 33‬سالف الذكر‪،‬‬
‫مما يتيح لهم إمكانية النيل من النصاب القانوني املستوجب ملواصلة أداء‬ ‫النواب هم الذين يبادرون بتفعيل آلية اإلعفاء وهم الذين يقررون اإلعفاء‪ّ ،‬‬
‫شل أو تعطيل سير عملها‪ .‬وهو أمر ال يتالءم‪ ،‬حسب رأي الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين‪ ،‬مع مبدأ‬ ‫الهيئة الدستورية ّ‬
‫ملهامها‪ ،‬وبالتالي ّ‬
‫استقاللية الهيئات الدستورية كما جاء بالفصل ‪ 125‬من الدستور‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وقام مجلس نواب الشعب يوم ‪ 11‬جويلية ‪ 2018‬بالتداول ّ‬
‫مجددا حول مشروع القانون األسا�سي املتعلق باألحكام املشتركة بين الهيئات الدستورية‬
‫املستقلة طبق ما ورد بالقرار الجديد الصادر عن الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين‪ .‬حيث اعتبرت هذه األخيرة في قرارها عدد ‪2018/03‬‬
‫ُ َ‬
‫املؤرخ في ‪ 30‬جويلية ‪ّ 1552018‬أن مشروع هذا القانون لم يعد يطرح مشكلة دستورية بعد التعديل املدخل على الفصلين ‪ 11‬و‪ 24‬وحذف الفصل ‪33‬‬
‫املشار إليه أعاله‪.‬‬

‫‪ 151‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 16‬املؤرخ في ‪ 22‬فيفري ‪ ،2019‬ص‪ 512 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 152‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 16‬املؤرخ في ‪ 22‬فيفري ‪ ،2019‬ص‪ 509 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 153‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 65‬املؤرخ في ‪ 15‬أوت ‪ ،2017‬ص‪ 2579 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 154‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 95‬املؤرخ في ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،2017‬ص‪ 4060 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 155‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 62‬املؤرخ في ‪ 3‬أوت ‪ ،2018‬ص‪ 3476 .‬وما يليها‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫الهيئات الدستورية المستقلة‬

‫بكل هيئة على حده مندرجة‬ ‫كل الهيئات الدستورية وقوانين مختلفة ّ‬
‫خاصة ّ‬ ‫ّ‬
‫يتضمن القواعد املشتركة بين ّ‬ ‫سن قانون إطاري‬ ‫للوهلة األولى‪ ،‬قد تبدو فكرة ّ‬
‫ضمن منهج منطقي‪.156‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الخاصة بإحدى‬ ‫التم�شي يمكن أن يؤول إلى ظهور إشكاالت في التأويل عند مكافحة القواعد املشتركة الواردة في القانون اإلطاري والقواعد‬ ‫ّ‬ ‫إال ّأن هذا‬
‫ّ‬
‫العام‪ ،‬من غير‬ ‫ّ‬
‫النص‬ ‫الخاص يمكن أن يخالف‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النص‬ ‫الهيئات الدستورية‪ .‬ورغم ّأنه‪ ،‬ومن الناحية النظرية‪ ،‬يوجد مبدأ في مجال التأويل يق�ضي ّ‬
‫بأن‬
‫املتمثل في اعتماد قانون إطاري وقوانين ّ‬ ‫ّ‬ ‫املستبعد أن يظهر إشكاال في تأويل معنى ومدى ّ‬
‫خاصة من‬ ‫كل من القاعدة العامة والقاعدة الخاصة‪ .‬فهذا الخيار‬
‫شأنه إذا أن يزيد في مخاطر النيل من مبدأ األمان القانوني‪ ،‬باعتباره ال ُيسهم في وضع إطار قانوني واضح وقابل للفهم بالنسبة ّ‬
‫لكل الهيئات الدستورية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫‪ +‬وقد شكل انتخاب نائب رئيس الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات مثاال عن ذلك‪ ،‬حيث تم التساؤل حول مدى وجوبية احترام التناصف في إطار هذه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫العملية االنتخابية‪ .‬إذ ّ‬
‫نص الفصل ‪ 6‬من القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 7‬أوت ‪ 2018‬املتعلق باألحكام املشتركة بين الهيئات الدستورية املستقلة في فقرته‬
‫نص الفصل ‪ 34‬من نفس القانون األسا�سي على‬ ‫مختلفين‪ .‬ولكن‪ ،‬وفي الوقت ذاته‪ّ ،‬‬‫ْ‬ ‫ْ‬
‫جنسين‬ ‫األخيرة على أن ّ‬
‫يتم اختيار رئيس الهيئة ونائب رئيسها وجوبا من‬
‫بكل هيئة دستورية مستقلة‪ .‬بيد‬ ‫ّ‬
‫الخاصة ّ‬ ‫مواصلة تطبيق القوانين الجاري بها العمل املتعلقة بالهيئات القائمة إلى حين صدور أو تنقيح القوانين األساسية‬
‫ّ‬ ‫ّأنه ال وجود ّ‬
‫ألي إشارة إلى مبدأ التناصف صلب الفصل ‪ 8‬من القانون األسا�سي املؤرخ في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 2012‬واملتعلق بالهيئة العليا املستقلة لالنتخابات‬
‫يتم تنقيح الفصل ‪ 8‬املذكور لفرض‬ ‫النص على أنه ال يفرض التناصف‪ ،‬يجب حينها االنتظار إلى أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫يخص تعيين نائب رئيس الهيئة‪ .‬إذا ما ّأولنا سكوت‬
‫ّ‬ ‫فيما‬
‫ى‬
‫التناصف‪ .‬لكن هناك قراءة أخر ممكنة وهي أن الفصل ‪ 8‬سالف الذكر ولئن لم ينص على مبدأ التناصف فهو ال يقصيه‪ .‬وبالتالي فإن اعتماد قراءة‬
‫ّ‬ ‫مزدوجة للفصل ‪ 8‬والفصل ‪ 6‬فقرة أخيرة املشار إليهما أعاله‪ ،‬في ّاتجاه تطبيق مبدأ التناصف أمر ممكن‪ ،‬بل ّ‬
‫ومحبذ‪ ،‬بعد املصادقة على القانون املتعلق‬
‫ّ ّ‬
‫املعني ْين‪.‬‬ ‫ْ‬
‫الفصلين ّ‬ ‫خاصة وأنه ال وجود لتضارب بين أحكام‬ ‫باألحكام املشتركة بين الهيئات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مازالت بعض الهيئات العمومية املحدثة قبل إصدار الدستور بصدد ممارسة ّ‬
‫مهامها إلى حين إرساء الهيئات الدستورية التي تملك نفس مجال التدخل‪.‬‬

‫وهو الحال مثال بالنسبة للهيئة العليا املستقلة لالتصال السمعي البصري املحدثة بمقت�ضى املرسوم عدد ‪ 116‬لسنة ‪ 2011‬املشار إليه أعاله‪ ،‬والتي “ستواصل القيام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بمهامها” إلى حين انتخاب هيئة االتصال السمعي البصري حسب الفصل ‪ 8-148‬من الدستور (أحكام انتقالية)‪ .‬وقد تمكنت الهيئة العليا املستقلة لالتصال السمعي‬
‫ّ‬ ‫ُ ّ‬
‫مكن من تجنب‬ ‫البصري من مراقبة وردع املخالفات املرتكبة طبقا ملا جاء في اإلطار القانوني وفي كنف احترام حرية التعبير‪ .‬وينبغي على اإلطار القانوني الجديد أن ي ِ‬
‫الغموض املوجود في التشريع الحالي والذي ُي َع ّد مصدرا لالختالف في التأويل وبالتالي لتنازع االختصاص بين مختلف الجهات الفاعلة في الدولة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫أعدت الحكومة مشروع قانون يتعلق بهيئة االتصال السمعي البصري وأحالته على مجلس نواب الشعب (املشروع عدد ‪ .)97/2017‬كما ّأنها‪ ،‬وبصفة موازية‪،‬‬
‫ّ‬
‫بصدد إعداد مشروع قانون آخر يتعلق بتنظيم القطاع السمعي البصري وقد أعلنت الهيئة العليا املستقلة الحالية لالتصال السمعي البصري عن اعتراضها على‬
‫ّ‬
‫هذه املشاريع التي ال تستجيب حسب رأيها ملعايير الهيئات التعديلية للقطاع السمعي البصري في القانون املقارن‪ .‬ويتعلق العيب الرئي�سي املثار في هذا الصدد من قبل‬
‫الهيئة العليا املستقلة لالتصال السمعي البصري بتركيبة الهيئة الجديدة‪ :‬فطريقة تعيين أعضاء هذه األخيرة تنطوي على مخاطر تسييس الهيئة باعتبارها تسمح‬
‫ّ‬
‫لألحزاب السياسية ومجموعات الضغط بوضع يدها على تركيبة الهيئة‪ .‬وقد ساند بعض الخبراء هذه االنتقادات معتبرين ّأن املشروع املتعلق بهيئة لالتصال السمعي‬
‫ينص هذا املشروع على أنه ّ‬ ‫يتعلق بتمثيل األطراف املعنية بتعديل مضامين وسائل اإلعالم‪ .‬إذ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تضم تركيبة‬ ‫البصري يشكل جزئيا “خطوة إلى الوراء”‪ ،‬خاصة فيما‬
‫كل هيكل‬‫يتمتع في هذا املجال بسلطة تقديرية واسعة‪ ،‬حيث ّأن ّ‬ ‫هيئة االتصال السمعي البصري تسعة أعضاء يقع انتخابهم من قبل مجلس نواب الشعب الذي ّ‬
‫املعنية سيكون مطالبا باقتراح أربعة أسماء عليه‪ .157‬ولئن كانت الهيئة تبدي رأيا مطابقا بخصوص تعيين رؤساء املؤسسات اإلعالمية العمومية‪،‬‬ ‫من الهياكل املهنية ّ‬
‫ّ‬
‫فاألمر ليس كذلك بالنسبة إلقالتهم‪ ،‬وهو ما قد يهدد استقاللية وسائل اإلعالم العمومية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويمكن اإلشارة من ناحية أخرى إلى وجود مقترح قانون أسا�سي عدد ‪ 01/2018‬يتعلق بحرية االتصال السمعي البصري‪ .‬وقد اعتبر بعض املعلقين ّأن هذا املقترح‬
‫ينص مثال على أن إعفاء رؤساء‬ ‫ً‬
‫ضامنا للحرية املذكورة أكثر من املشروع الحكومي‪ .‬فهو ّ‬ ‫مفصال بشكل كبير‪ ،‬جاء‬ ‫ّ‬ ‫رسميا عن عدد من نواب والذي ورد‬‫ّ‬ ‫الصادر‬
‫املؤسسات اإلعالمية العمومية كتعيينهم يتم بناء على الرأي املطابق للهيئة (الفصل ‪ 64‬فقرة ‪ 2‬من املقترح)‪.‬‬

‫‪ +‬وأخيرا‪ ،‬وفيما‬
‫ّ‬
‫يتعلق بهيئة التنمية املستدامة وحقوق األجيال القادمة‪ّ ،‬‬
‫تم تقديم مشروع القانون األسا�سي عدد ‪ 69/2018‬إلى مجلس نواب الشعب بتاريخ ‪9‬‬
‫تتمتع هذه الهيئة بصالحيات تقريرية بل لها صالحيات استشارية وصالحية القيام بدراسات‪.‬‬‫املختصة‪ .‬وال ّ‬
‫ّ‬ ‫أكتوبر ‪ 2018‬وهو قيد النظر من طرف اللجنة البرملانية‬
‫مواطنية ممضاة من ِق َبل خمسة آالف شخص على ّ‬
‫األقل وأن تحيلها إلى األطراف‬ ‫ّ‬ ‫وفي إطار مساهمتها في دعم الديمقراطية التشاركية‪ ،‬يمكن للهيئة أن ّ‬
‫تتلقى عرائض‬
‫يتم انتخابهم من طرف مجلس‬ ‫يتكون مجلس هيئة التنمية املستدامة وحقوق األجيال القادمة من ثالثة أعضاء فقط ّ‬ ‫لبقية الهيئات الدستورية‪ّ ،‬‬
‫املعنية‪ .‬وخالفا ّ‬
‫ّ‬ ‫تضم الهيئة هيكال آخر ّ‬
‫تتميز به عن ّ‬
‫بقية الهيئات الدستورية وهو منتدى الهيئة‪ .‬وما يشد االنتباه في هذا‬ ‫الثلثين‪ .‬لكن إلى جانب مجلسها ّ‬ ‫نواب الشعب بأغلبية ْ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املنتدى هو العدد الكبير جدا ألعضائه الذين يمثلون نقابات الشغالين ونقابات األعراف‪ ،‬واملنظمات االقتصادية والهيئات املهنية‪ ،‬واملؤسسات واملنشآت العمومية‪،‬‬

‫أي بلد آخر‪ .‬راجع في هذا الشأن‪:‬‬ ‫ّ‬


‫مؤخرا نظاما أساسيا عاما للهيئات املستقلة‪ ،‬وهي مبادرة فريدة من نوعها باعتبار ّأنه‪ ،‬وعلى حد علمنا‪ ،‬لم يقع توخي هذا التم�شي في ّ‬ ‫‪ّ 156‬‬
‫سن املشرع الفرن�سي‬
‫‪.Thomas Perroud, « Le statut général des autorités indépendantes. A propos des lois n° 2017-54 et n° 2017-55 du 20 janvier 2017 », JCP éd. G, n° 6 du 6 février 2017, p. 244 et s‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ستضم‬ ‫مكونات قطاع االتصال السمعي البصري‪ .‬كما أضاف ّأن الهيئة املقبلة‬
‫املكلف بالعالقة مع الهيئات الدستورية واملجتمع املدني وبحقوق اإلنسان ّأن الحكومة تسعى لتحقيق توازن في تركيبة الهيئة املقبلة بشكل يجعلها تعكس مختلف ّ‬ ‫‪ 157‬وقد ّبين الوزير‬
‫فإن هذه التركيبة املتنوعة وطريقة تعيين األعضاء من قبل مجلس نواب الشعب من شأنهما ضمان استقاللية الهيئة‪.‬‬ ‫من بين أعضائها قضاة (عدليين وإداريين) ومترشحين مختصين في القانون أو املالية أو العلوم االجتماعية أو تكنولوجيا االتصال‪ .‬وحسب الوزير ّ‬

‫‪46‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫الهيئات الدستورية المستقلة‬

‫َّ‬
‫املمثلة في مجلس نواب الشعب‪ ،‬باإلضافة إلى الجمعيات والخبراء‪ .‬وبالنظر إلى التركيبة ّ‬
‫املوسعة للغاية لهذا املنتدى‪ ،‬يمكن‬ ‫والجماعات املحلية واألحزاب السياسية‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التساؤل حول مدى نجاعة أعمال هذه الهيئة الجديدة التي ستحل محل املجلس االقتصادي واالجتماعي السابق املحدث بمقت�ضى القانون عدد ‪ 12‬لسنة ‪1988‬‬
‫املؤرخ في ‪ 7‬مارس ‪.1988‬‬

‫‪47‬‬
‫‪7‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬

‫الالمركزية‬

‫األول من الدستور) التي يقوم عليها التنظيم الترابي للبالد التونسية‪ّ ،‬‬
‫لكن‬ ‫العامة” (وهو عنوان الباب ّ‬ ‫ّ‬
‫الالمركزية أحد “املبادئ ّ‬ ‫جعل الدستور الجديد من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األمر يتعلق فقط بالالمركزية اإلدارية بما أن الفصل ‪ 14‬من الدستور جاء مؤكدا على التزام “الدولة بدعم الالمركزية واعتمادها بكامل التراب الوطني” مع‬
‫التنصيص مباشرة على ّأن ذلك يجب أن ّ‬
‫يتم “في إطار وحدة الدولة”‪.‬‬

‫وينص الدستور على ثالثة أصناف من الجماعات املحلية‬‫ّ‬ ‫ّ‬


‫املحلية ‪ 158‬القائمة على الالمركزية‪.‬‬ ‫صص الباب السابع من الدستور التون�سي للسلطة‬ ‫ُخ ّ‬
‫إمكانية إحداث أصناف خصوصية من الجماعات املحلية بمقت�ضى قانون‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الالمركزية‪ :‬البلديات‪ ،‬الجهات واألقاليم‪ .‬كما ّ‬
‫ينص على‬

‫يتطلب تجسيد الالمركزية على النحو املنصوص عليه في الدستور اعتماد إطار قانوني جديد ينسخ اإلطار القانوني القائم باعتباره يتعارض جوهريا مع أحكام‬
‫ّ‬
‫(خاصة القانون عدد‬ ‫يتعين االنتقال من نظام يضع الجماعات املحلية تحت إشراف السلطة املركزية‪ ،‬كما كان منصوص عليه في التشريع السابق‬ ‫الدستور‪ .‬إذ ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ 33‬لسنة ‪ 1975‬املؤرخ في ‪ 14‬ماي ‪ 1975‬املتعلق بالبلديات والقانون األسا�سي عدد ‪ 11‬لسنة ‪ 1989‬املؤرخ في ‪ 4‬فيفري ‪ 1989‬املتعلق باملجالس الجهوية)‪ ،‬إلى نظام‬
‫الحر (الفصل ‪ 132‬من الدستور) والرقابة الالحقة على شرعية أعمال السلطات املحلية (الفصل ‪ 138‬من الدستور)‪ .‬وقد ّ‬
‫نص‬ ‫المركزي يقوم على مبدأ التدبير ّ‬
‫ّ‬
‫الفصل ‪ 148-2‬من الدستور على أن تدخل أحكام الباب السابع املتعلق بالسلطة املحلية حيز النفاذ حين دخول القوانين املذكورة فيه حيز النفاذ‪ .‬وهو ما يدل على‬
‫مجرد حبر على ورق‪ .‬ووفقا‬ ‫ّ‬
‫سيظل الباب السابع ّ‬ ‫األهمية القصوى التي تحظى بها مسألة إصدار القوانين التطبيقية للدستور في هذا املجال‪ .‬ففي غياب هذه القوانين‬
‫ّ‬
‫للفقرة الثانية من الفصل ‪ 65‬من الدستور‪ ،‬يجب ّأن تتخذ النصوص املتعلقة بالسلطة املحلية شكل قوانين أساسية‪ ،‬وهي قوانين تتطلب مصادقة األغلبية املطلقة‬
‫ألعضاء مجلس نواب الشعب وذلك خالفا للمصادقة على القوانين العادية‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد جاء القانون األسا�سي عدد ‪ 7‬لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في ‪ 14‬فيفري ‪ 2017‬املنقح واملتمم للقانون األسا�سي عدد ‪ 16‬لسنة ‪ 2014‬املتعلق باالنتخابات واالستفتاء‪،‬‬
‫ليضبط ّ‬
‫خاصة القواعد املتعلقة باالنتخابات البلدية والجهوية النتخاب أعضاء املجالس املكلفة بإدارة شؤون البلديات والجهات‪ .‬وقد ّ‬
‫تم إجراء االنتخابات البلدية‬
‫يوم ‪ 6‬ماي ‪ 2018‬وقام العسكريون وأعوان قوات األمن الداخلي بالتصويت يوم ‪ 29‬أفريل ‪.2018‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مجلة الجماعات املحلية التي ّ‬
‫تم إصدارها بتاريخ ‪ 9‬ماي‬ ‫ّأما بخصوص اإلطار القانوني املتعلق بالالمركزية‪ ،‬فقد صادق مجلس نواب الشعب يوم ‪ 26‬أفريل ‪ 2018‬على‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ُ . 1592018‬وت ّ‬
‫تم تقسيمها إلى كتابين يتعلق ّأولهما باألحكام املشتركة والثاني باألحكام الخصوصية‪.‬‬
‫تضم ‪ 400‬فصال ّ‬
‫مجلة ضخمة‪ ،‬فهي ّ‬ ‫عد مجلة الجماعات املحلية‬
‫ّ‬
‫كما ألحقت باملجلة قائمتان‪ :‬قائمة البلديات وقائمة الجهات‪ .‬وتندرج هذه املجلة إطار تطبيق الباب السابع من دستور ‪ 27‬جانفي ‪ 2014‬الوارد تحت عنوان “السلطة‬
‫ّ‬ ‫املحلية”‪ .‬كما ّ‬
‫تم التنصيص في املجلة على ّ‬
‫كل املبادئ املتعلقة بتكريس الالمركزية وهي‪:‬‬
‫‪ n‬مبدأ التدبير ّ‬
‫الحر للجماعات املحلية‪،‬‬
‫‪ n‬مبدأ انتخاب مجالس الجماعات املحلية‪،‬‬
‫‪ n‬السلطة الترتيبية للجماعات املحلية‪،‬‬
‫‪ n‬الصالحيات الذاتية للجماعات املحلية‪،‬‬
‫‪ n‬حرية التصرف املالي للجماعات املحلية‪،‬‬
‫الظن‪ ،‬هي ليست بسلطة رابعة ُتضاف إلى السلطات العمومية التقليدية الخاضعة ملبدأ الفصل بين السلطات‪ .‬وبالرجوع إلى التصنيف الفقهي‪ ،‬يمكن القول‬
‫‪ 158‬كلمة “السلطة” في عبارة “السلطة املحلية” لها معنى خاص‪ .‬فالسلطة املحلية‪ ،‬وخالفا ملا قد يذهب إليه ّ‬
‫القوة” (‪ّ ،)pouvoirs-puissance‬‬
‫فإن السلطة املحلية هي “سلطة ‪ -‬الحرية” ‪)pouvoir-liberté( .‬‬ ‫أنه إذا كانت السلطات الخاضعة ملبدأ الفصل بين السلطات هي “سلطات ‪ّ -‬‬
‫‪ 159‬القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 9‬ماي ‪ ،2018‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 39‬املؤرخ في ‪ 15‬ماي ‪ ،2018‬ص‪ 1710 .‬وما يليها‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬ ‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬
‫الالمركزية‬

‫‪ n‬املوارد الذاتية للجماعات املحلية‪،‬‬


‫‪ n‬مبدأ التعديل املالي‪،‬‬
‫‪ n‬الرقابة الالحقة على أعمال الجماعات املحلية‪،‬‬
‫‪ n‬التعاون الالمركزي‪،‬‬
‫‪ n‬الديمقراطية التشاركية‪،‬‬
‫‪ n‬املجلس األعلى للجماعات املحلية‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫ّ‬
‫املعنية تقديم طعنها بصفة‬ ‫تم يوم ‪ 9‬ماي ‪ 2018‬رفع دعوى من قبل نائبة واحدة أمام الهيئة الوقتية ملراقبة دستورية مشاريع القوانين‪ .‬ولم تتو ّل النائبة‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مباشرة بل قامت بإنابة محام للغرض‪ .‬وتعلق املطعن األسا�سي املضمن بعريضة الطعن بعدم دستورية الفصل ‪ 103‬من مجلة الجماعات املحلية الذي‬
‫يسمح‪ ،‬حسب الطاعنة‪ ،‬بالتفويت في األرا�ضي ذات الصبغة الفالحية لفائدة األجانب‪ .‬وبمقت�ضى القرار عدد ‪ 2018/02‬املؤرخ ‪ 17‬ماي ‪ّ 1602018‬‬
‫قررت‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ممن ال صفة له‪ .‬فالطعن أمام الهيئة ال يمكن أن ّ‬ ‫الهيئة عدم قبول الطعن استنادا إلى تقديمه ّ‬
‫األقل‬ ‫قانونية إال من قبل ثالثين نائبا على‬ ‫يتم بصفة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ودون إنابة محام‪ .‬لكن تجدر اإلشارة إلى أن الهيئة لم تثر مسألة تقديم الطعن بعد انقضاء األجل القانوني رغم إثارتها في مذكرات الرد املقدمة من رئيس‬
‫الجمهورية ورئيس الحكومة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّإن إرساء الالمركزية سيكون عبر مسار تدريجي حسب توقعات ّ‬
‫‪+‬‬
‫تضمنت قسما كامال عنوانه “في التدرج في إرساء‬‫مجلة الجماعات املحلية التي ّ‬ ‫املشرع الواردة في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الالمركزية ودعمها”‪ .161‬وفي هذا الصدد‪ ،‬سيتولى مجلس نواب الشعب في السنة األولى من كل مدة نيابية املصادقة على خطة لبرنامج دعم الالمركزية وتطويرها في‬
‫شكل قانون توجيهي يحدد األهداف والوسائل املسخرة لكامل تلك ّ‬
‫املدة النيابية‪ .‬ومن جانبها‪ ،‬ستتولى الحكومة إعداد تقرير سنوي لتقييم مدى التقدم املحرز في‬
‫إنجاز الالمركزية ودعمها (الفصل ‪ 66‬من مجلة الجماعات املحلية)‪.‬‬
‫ّ‬
‫كما يتطلب تطبيق مجلة الجماعات املحلية إصدار حوالي أربعين أمرا وفق اإلحاالت الواردة صلب املجلة إلى السلطة الترتيبية العامة الراجعة لرئيس الحكومة‪.‬‬
‫ّ‬
‫وحسب الفصل ‪ 385‬من نفس املجلة‪ ،‬يجب إصدار األوامر التطبيقية خالل أجل أقصاه تسعة أشهر من تاريخ صدور هذه املجلة‪ .‬وإلى حين إرساء املحكمة اإلدارية‬
‫العليا واملجلس األعلى للجماعات املحلية والهيئة العليا للمالية املحلية‪ ،‬سيتم اتخاذ هذه األوامر الحكومية ً‬
‫بناء على رأي املحكمة اإلدارية‪.‬‬

‫كل هذه األوامر‪ .‬ويمكن‬‫يتم ّاتخاذ ّ‬


‫وتجدر اإلشارة إلى ّأن أجل التسعة أشهر الذي منحه املشرع إلصدار األوامر التطبيقية ملجلة الجماعات املحلية قد انق�ضى دون أن ّ‬
‫يتعين تنظيمها‪ .‬رغم ذلك‪ُ ،‬يعتبرَ‬
‫تتعلق بصعوبة إعدادها وتعقيد املسائل التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املسجل في إعداد األوامر التطبيقية املذكورة أعاله راجعا ألسباب تقنية‬ ‫اعتبار التأخير‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األجل املذكورة أعاله أجال معقوال‪ ،‬وقد يؤول عدم احترامه إلى تحميل املسؤولية السياسية وكذلك القانونية للدولة‪ .‬إال أن هذا األجل ال يكت�سي قيمة إلزامية‪ ،‬بمعنى‬
‫ّ‬
‫ّأن انقضاءه لن يترتب عنه حرمان الحكومة من اختصاصها‪ .‬فهذه األخيرة ال تزال قادرة على إصدار األوامر املعنية‪ ،‬وهذا هو فعال ما قامت به‪.‬‬
‫ُ‬
‫ونشرت خالل شهر سبتمبر ‪ّ 2018‬أول األوامر التطبيقية ملجلة الجماعات املحلية وهي‪:‬‬

‫‪ n‬األمرالحكومي عدد ‪ 744‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 23‬أوت ‪ 2018‬املتعلق باملصادقة على النظام الداخلي النموذجي للمجالس البلدية‪ .‬صدر هذا األمر تطبيقا ألحكام‬
‫“يتم ضبط نظام داخلي نموذجي للمجالس البلدية ونظام داخلي نموذجي للمجالس الجهوية يصادق على‬ ‫ينص على أنه ّ‬
‫الفصل ‪ 396‬من مجلة الجماعات املحلية الذي ّ‬
‫كل منهما بأمر حكومي بناء على أي املحكمة اإلدارية العليا”‪ّ .‬إن اعتماد نظام داخلي نموذجي من شأنه أن ّ‬
‫يحد من مبدأ التدبير ّ‬
‫الحر للجماعات املحلية باعتباره قد يضع‬ ‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫على عاتقها واجبات إضافية غير واردة في املجلة‪ ،‬شريطة أال تكون مخالفة لها‪ .‬وتجدر اإلشارة هنا إلى الفصل ‪ 64‬من النظام الداخلي النموذجي الذي حجر في فقرته‬
‫الثانية على العموم الحاضرين أثناء اجتماعات املجلس التصوير أو التسجيل أو استعمال الهواتف الجوالة‪ ،‬وهو ما يمكن اعتباره مخالفا لحر ْ‬
‫يتي اإلعالم والصحافة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املجلة‪ّ ،‬‬
‫الخاصة بها في أجل ال يتجاوز ‪3‬‬ ‫يتعين على املجالس البلدية املصادقة على األنظمة الداخلية‬ ‫املضمونتين بمقت�ضى الدستور‪ .‬لكن‪ ،‬وبموجب الفصل ‪ 215‬من‬
‫أشهر من تاريخ تركيزها‪ .‬وليس من املستبعد أن تحيد هذه األخيرة (األنظمة الداخلية الخاصة) عن مقتضيات النظام الداخلي النموذجي املصادق عليه في ‪ 23‬أوت ‪.2018‬‬

‫‪ n‬األمرالحكومي عدد ‪ 745‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 23‬أوت ‪ 2018‬املتعلق بضبط نظام إسناد منح بعنوان استرجاع مصاريف لنواب رئيس البلدية ومساعديه‪.‬‬

‫العينية ّ‬
‫املخولة لرؤساء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجملية واالمتيازات‬ ‫‪ n‬األمر الحكومي عدد ‪ 746‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 7‬سبتمبر ‪ 2018‬املتعلق بتحديد معايير وضبط مقدار املنحة‬
‫البلديات‪.162‬‬

‫‪ 160‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 41‬املؤرخ في ‪ 22‬ماي ‪ ،2018‬ص‪.1868 .‬‬


‫كل واحدة منها على ‪ 9‬سنوات وستنقسم بدورها إلى ثالثة مراحل ّ‬
‫كل‬ ‫ّ‬
‫ستمتد ّ‬ ‫مطول سيستغرق ‪ 27‬سنة وسيكون على ‪ 3‬مراحل‬ ‫بأن عملية إرساء نظام الالمركزية املنصوص عليه بالدستور وبمجلة الجماعات املحلية هي مسار ّ‬ ‫صرح بعض املسؤولين السياسيين ّ‬ ‫‪ّ 161‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التم�شي ّ‬ ‫مرحلة منها ستدوم ثالثة سنوات‪ .‬لكن تجدر اإلشارة إلى ّأنه على ّ‬
‫رسميا في شكل منشور صادر عن الوزارة املكلفة بالجماعات املحلية مثال أو في شكل دراسة منشورة من ِقبل هذه الوزارة‪ .‬هذا ما يمكن استنتاجه على‬ ‫حد علمنا‪ ،‬لم يقع في الواقع تكريس هذا‬
‫تم استقاؤها ّ‬ ‫ّ‬
‫املتوفرة ّ‬ ‫ّ‬
‫يتضمن ّ‬ ‫ّ‬
‫مما تداولته بعض الجرائد اإللكترونية (حول هذا املوضوع راجع مثال‪:‬‬ ‫أي وثيقة أو معلومة حول املسار املذكور‪ .‬واملعلومة الوحيدة‬ ‫األقل عند االطالع على املوقع اإللكتروني الرسمي للوزارة الذي ال‬
‫<‪) >https://africanmanager.com/tunisie-la-decentralisation-prendra-27-ans-si-tout-va-bien‬‬
‫ويمكن تفسير هذه الوضعية بالحاجة إلى اعتماد القانون التوجيهي املنصوص عليه في الفصل ‪ 66‬من مجلة الجماعات املحلية والذي سيكون أساسا لجميع النصوص الالحقة التي ستصدر عن اإلدارة في مجال اإلرساء التدريجي لالمركزية‪ّ .‬أما خالف ذلك فسيكون‬
‫تدخل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املشرع من معناه‪.‬‬ ‫من قبيل االستباق الذي سيترتب عنه إفراغ‬
‫تم نشر هذه األوامر الثالثة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 74-73‬املؤرخ في ‪ 14-11‬سبتمبر ‪ ،2018‬ص‪ 3893 .‬وما يليها‪.‬‬ ‫‪ّ 162‬‬

‫‪49‬‬
‫الفترة‪ :‬من ‪ 1‬أكتوبر ‪ 2018‬إلى ‪ 31‬مارس ‪2019‬‬ ‫متابعة تطبيق الدستور التونسي وتجسيده على مستوى اإلطار القانوني‬
‫الالمركزية‬

‫كما صدرت إثر ذلك ثالثة أوامر حكومية أخرى‪:‬‬ ‫‪+‬‬


‫ّ‬
‫‪ n‬األمر الحكومي عدد ‪ 1060‬لسنة ‪ 2018‬املؤرخ في ‪ 17‬ديسمبر ‪ 2018‬املتعلق بـضبط صيغ وإجراءات النشر بالجريدة الرسمية للجماعات املحلية وباملواقع‬
‫اإللكترونية للجماعات املحلية للقرارات والوثائق ذات الصلة وتعليقها‪ .163‬وسيدخل هذا األمر الحكومي حيز النفاذ بعد انقضاء أجل ثالثة أشهر من تاريخ نشره‬
‫بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية‪.‬‬
‫‪164‬‬ ‫ّ‬
‫‪ n‬األمر الحكومي عدد ‪ 169‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 18‬فيفري ‪ 2019‬املتعلق بضبط عدد أعضاء اللجان املؤقتة للتسيير بالبلديات ‪ .‬ويتراوح هذا العدد ما بين‬
‫حل املجلس البلدي‪.‬‬ ‫‪ 10‬و‪ 26‬حسب عدد السكان بكل بلدية‪ .‬يتم إحداث لجنة تسيير مؤقتة مثال في حالة ّ‬
‫ً‬ ‫وقد جاء هذا األمر األخير في سياق صعب ّ‬
‫يتميز به عمل العديد من املجالس البلدية التي لم يكن تركيزها ً‬
‫أمرا سهال‪ .‬ويمكن أن نذكر على سبيل املثال االستقالة‬
‫ُ‬
‫الجماعية ألعضاء مجلس بلدية سوق الجديد بوالية سيدي بوزيد التي كانت موضوع النقطة األولى املدرجة بجدول أعمال مجلس الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات‬
‫ّ‬ ‫خالل جلسته املنعقدة يوم ‪ 11‬مارس ‪ .1652019‬ففي حالة االستقالة الجماعية ّ‬
‫يتم إعالم الوالي الذي يتولى بدوره إعالم الهيئة العليا املستقلة لالنتخابات لتنظيم‬
‫وستجري االنتخابات البلدية الجزئية بسوق الجديد ْ‬
‫يومي ‪ 25‬و‪ 26‬ماي ‪ 2019‬وفقا لألمر الرئا�سي‬ ‫املنحل‪ُ .‬‬
‫ّ‬ ‫انتخابات جديدة النتخاب مجلس بلدي آخر عوض املجلس‬
‫ّ‬ ‫عدد ‪ 45‬لسنة ‪ّ 2019‬‬
‫املؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ 2019‬واملتعلق بدعوة الناخبين (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 24‬املؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ ،2019‬ص‪.)899 .‬‬
‫ّ‬
‫‪ n‬األمرالحكومي عدد ‪ 291‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ 2019‬املتعلق بضبط صيغ وآليات االنتداب والترقية والترسيم بالبلديات‪.166‬‬

‫‪ 163‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 103‬املؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر ‪ ،2018‬ص‪ 5323 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 164‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 16‬املؤرخ في ‪ 22‬فيفري ‪ ،2019‬ص‪ 451 .‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ 165‬محضر جلسة هذه املداوالت منشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 23‬املؤرخ في ‪ 19‬مارس ‪ ،2019‬ص‪.880 .‬‬
‫‪ 166‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 24‬املؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ ،2019‬ص‪ 907 .‬وما يليها‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتجدر كذلك اإلشارة إلى صدور األمر الحكومي عدد ‪ 350‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪ 2019‬املتعلق بتسمية رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية لتكوين أعضاء املجالس املحلية (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 31‬املؤرخ في ‪ 16‬أفريل ‪ ،2019‬ص‪)1139 .‬‬
‫ّ‬
‫واألمر الحكومي عدد ‪ 351‬لسنة ‪ 2019‬املؤرخ في ‪ 10‬أفريل ‪ 2019‬املتعلق بتسمية رئيس وأعضاء الهيئة العليا للمالية املحلية (منشور بنفس الرائد الرسمي)‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية‪ ،‬منظمة‬
‫غير ربحية ومستقلة وغير تابعة ألي حزب سيا�سي‪،‬‬
‫يقع ّ‬
‫مقرها ببرلين في جمهورية أملانيا الفدرالية‪ .‬وتهدف‬
‫املنظمة إلى تعزيز املشاركة السياسية لدى املواطنين‬
‫وتدعيم مسؤولية األجهزة الحكومية وتنمية املؤسسات‬
‫الديمقراطية‪ .‬وتدعم املنظمة املبادرات الوطنية‬
‫الرامية إلى تعزيز الحقوق الكونية لدى املواطنين ونعني‬
‫بذلك حقهم في أن يشاركوا في الحياة السياسية داخل‬
‫أقر ذلك اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‬‫بلدهم مثلما ّ‬
‫وامليثاق الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية‪.‬‬
‫للمزيد من املعلومات‪:‬‬
‫‪www.democracy-reporting.org‬‬

‫‪Democracy Reporting International‬‬ ‫املنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية ‪ -‬مكتب تونس‬


‫‪Prinzessinnenstraße 30. 10969 Berlin / Germany‬‬ ‫‪ 12‬مكرر ‪ ،‬نهج الرائد البجاوي ‪ ،‬املنزه الخامس ‪ 2091 ،‬أريانة ‪ ،‬تونس‬
‫‪T +49 30 27 87 73 00‬‬
‫‪T/F +216 70 74 15 88‬‬
‫‪F +49 30 27 87 73 00-10‬‬
‫‪info@democracy-reporting.org‬‬ ‫‪tunisia@democracy-reporting.org‬‬
‫‪www.democracy-reporting.org‬‬ ‫‪www.democracy-reporting.org‬‬

You might also like