You are on page 1of 4

‫تعدد الزوجات األسباب والضوابط‬

‫المبحث األول‪ :‬مقدمة‬


‫وتع دد الزوج ات من بني األحك ام اليت أمر بعض البشر أن تك ون‬
‫كلمتهم هى الناف ذة فيه ا‪ ،‬وهى مس ألة إن مل تكن أخطر املس ائل فإهنا من‬
‫أخطرها‪ .‬وليس الزواج بأكثر من واحدة مسألة جديدة فقد حاربته أوروبا يف‬
‫عصر "النهضة احلديث ة" حينما اتفق رج ال ال دين عن دهم مع رج ال الق انون‬
‫املدىن الوضعى على إلغاء حق الرجل يف الزواج بأكثر من واحدة مهما كانت‬
‫األس باب وال دوافع‪ .‬وحينما خ رجت أوروبا من نط اق ح دودها اجلغرافية‬
‫لتهيمن على معظم أرج اء الع امل اإلس المى مبتدئة بالس يطرة العس كرية‬
‫والسياسية واإلقتصادية‪ ،‬حيث سلبت الشعوب اإلسالمية قدرهتا على حكم‬
‫نفس ها واس تغالل ثرواهتا‪ .‬وحتول االس تعمار فيما بعد إىل س يطرة على كل‬
‫ش ؤون احلي اة حينما استس لم الع امل اإلس المى حلالة التبعة املطلقة ورضى أن‬
‫يك ون يف وضع املغل وب املغ رم دائم اً بتقليد الغ الب‪ .‬وه ذه هى املرحلة الىت‬
‫تك ون فيها األمة مغ زوة يف عقي دهتا وفكره ا‪ .‬وك ان مما تأثرنا به أن أص حابنا‬
‫يري دون أن نس تهجن تع دد الزوج ات كما يس تهجنونة‪ ،‬وأن نأكل الربا كما‬
‫يأكلونة‪ ،‬وأن نستخف بالزىن واخلنا كما يفعلون إال من رحم اهلل(‪.)1‬‬
‫ٍِ‬ ‫ِ ِ‬
‫{و َما َك ا َن ل ُم ْؤم ٍن َواَل ُم ْؤمنَ ة إِذَا قَ َ‬
‫ض ى اللَّهُ َو َر ُس ولُهُ أ َْم ًرا أَن‬ ‫قال تعاىل‪َ :‬‬
‫يَ ُك و َن هَلُ ُم اخْلَِي َرةُ ِم ْن أ َْم ِر ِه ْم}(‪ .)2‬فال خي ار لنا إال فيما ش رع اهلل‪ .‬ومن حق‬
‫الق ارئ أن أوضح له معىن عن وان ه ذا البحث‪ :‬فكلمة "تع دد" مص طلح غري‬
‫إس المي‪ ،‬فه ذه اللفظة م أخوذة من اإلنكليزية ( ‪ .)Polygamy‬وإمنا ال زواج يف‬
‫اإلسالم حمدد بأربع أو واحدة عند خوف اجلور‪.‬‬

‫‪ )(1‬عطار‪ ،‬تعدد الزوجات من النواحي الدينية واإلجتماعية والقانونية ص‪.86 :‬‬


‫‪ )(2‬سورة األحزاب اآلية‪.36 :‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬األسباب الداعية إلى الزواج مثنى وثالث ورباع‬
‫وإمتام اً للح ديث عن ه ذه القض ية ن ورد فيما ي أتى األس باب الداعية‬
‫للزواج بأكثر من زوجة كما أوردها بعض من سبق إىل دراسة هذا املوضوع‪،‬‬
‫إذ هناك أسباب عامة وأخرى خاصة‪ ،‬ولنبدأ باألسباب العامة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬األسباب العامة‪:‬‬
‫‪ )1‬زي ادة ع دد الع وانس واملطلق ات(‪ )2 ،)3‬نقص ع دد الرج ال نقصا‬
‫كبريا نتيجة احلروب‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬األسباب اخلاصة للتعدد(‪:)4‬‬
‫‪ )1‬العقم‪ )2 ،‬العجز عن القيام بالواجبات الزوجية ملرض أو سواه‪)3 ،‬‬
‫رغبة الرجل ىف االقرتان بامرأة أحبها‪ )4 ،‬كره الرجل لزوجته‪ :‬قال رسول اهلل‬
‫‪ -‬صلي اهلل عليه وسلم‪ )5 ،‬كثرة أسفار الزوج‪ )6 ،‬الدافع اجلنسى‪ )7 ،‬نظرة‬
‫املرأة إىل الرجل‪ )8 ،‬زوجة واحدة أم تعدد‪.‬‬
‫لمبحث الرابع‪ :‬الخاتمة‬
‫ال زواج ب أكثر من زوجة واح دة حىت أربع رخصة أو أمر أباحة اإلس الم‬
‫للرجل ال ذى ت رىب عق ديا واخالقي اً على مائ دة الق رآن‪ ،‬يعيش بض مري حى‬
‫ي راقب اهلل عز وجل فيما يفعل أو ي رتك ه ذا املس لم يعتقد أن "النس اء ش قائق‬
‫الرج ال" وأهنن كي ان مس تقل يتحملن التكليف وي رتقني ىف درج ات التق وى‬
‫حىت ك انت منهن ق دوات لل ذين آمن وا كما ج اء عن ام رأة فرع ون وم رمي‬
‫‪-‬عليهما الس الم‪ -‬واملرأة املس لمة تعتقد بقوامه عليها ألنه مكلف باإلنف اق‬
‫عليها زوج اً أو ام اً أو اخت اً ومن تك اليف الرجل إذ أوصى ب إكرام املرأة أما‬
‫وزوجة قال – صلي اهلل عليه وسلم – عن أيب هريرة – رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪:‬‬
‫ج اء رجل إيل رس ول اهلل – ص لي اهلل عليه وس لم‪ -‬ق ال‪( :‬يا رس ول اهلل من‬
‫‪ )(3‬عطار‪ ،‬تعدد الزوجات‪ ،‬مرجع سابق ص‪.37 :‬‬
‫‪ )(4‬مصطفى السباعى‪ " ،‬املرأة بني الفقه والقانون " وكتاب عبد الناصر عطار " تعدد الزوجات" ص‪.63 :‬‬
‫أحق الن اس حبسن ص حابيت؟ ق ال‪" :‬أمك ق ال مث من ق ال‪ :‬أمك ق ال‪ :‬مث من‬
‫قال‪ :‬أمك‪ .)5()...‬وعن عائشة – رضي اهلل عنها‪ -‬قالت‪ :‬قال رسول اهلل –‬
‫ص لي اهلل عليه وس لم‪( -‬خ ريكم خ ريكم ألهله وأنا خ ريكم ألهلى‪.)6()...‬‬
‫وعنه – ص لي اهلل عليه وس لم‪ -‬ق ال‪( :‬من ك ان عن ده ثالث بن ات أو ثالث‬
‫أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن وأتق اهلل فيهن فله اجلنة‪.)7()...‬‬
‫من ه ذه املنطلق ات تبىن األس رة املس لمة‪ :‬اختي ار للم رأة ذات ال دين‪،‬‬
‫وللرجل املرضى ىف دينه وخلقه وبعد ذلك ح دد الش رع الك رمي حق وق كل‬
‫طرف‪.‬‬
‫وتن اولت يف ه ذا البحث باجياز تع دد الزوج ات وجتنبت فيه اخلوض ىف‬
‫القضايا الفقهية الىت هلا أهلها ولكنت أوضحت أن اجملتمع املسلم حني مل تكن‬
‫قضية الزواج بأكثر من واحدة سوى مسألة فرعية كان مشتغالً بالدعوة إىل‬
‫اهلل وكان مهه إنقاذ البشرية مما وصلت إليه من احنراف وفساد وزيغ وضالل‪،‬‬
‫وكانت قضية املسلمني األوىل أن حيكم شرع اهلل وهنا ساد أبناء الرجال الذين‬
‫تزوجوا بأكثر من واحدة‪ ،‬وساروا على هنج آبائهم‪.‬‬
‫ويه دف ه ذا البحث إىل وضع مس ألة التع دد ىف وض عها الص حيح ب أن‬
‫خنرج من دائ رة النف وذ التغرييب ال ذى يس تهجن ال زواج ب أكثر من واح دة‪،‬‬
‫وليؤكد على أن القض ية األكرب هى طه ارة اجملتمع املس لم أوالً مث اجملتمع‬
‫اإلنساىن ثانياً من العقائد الفاسدة واألخالق املنحرفة وأن مسئولية املسلمني ىف‬
‫هذا الزمن أكرب وأشد احلاحا لتقدم وسائل املواصالت واالتصاالت فلم يعد ما‬
‫حيدث ىف أى بلد بعيد عنا مهما كانت املسافات‪.‬‬

‫‪ )(5‬صحيح البخارى كتاب األدب حديث رقم‪ 5971 :‬ص‪.1500 :‬‬


‫‪ )(6‬حتفة األحوذي بشرح جامع الرتمذي ج‪ 10‬ص‪.269 :‬‬
‫‪ )(7‬الرتمذي كتاب الرب والصلة حديث‪.1916 :‬‬
‫وقد أوضح ه ذا البحث كيف ع اىن الغ رب ويع اىن من منع التع دد ومن‬
‫غري ذلك من مثل التحلل من املثل والقيم‪ ،‬وجتدر االش ارة إىل أن ه ؤالء‬
‫سرعان ما ينتقدون التعدد ىف اإلسالم رغم ماتعج به جمتمعاهتم من مشكالت‬
‫وحنن ىف هذا نلتزم باملنهج القرآىن ىف دعوة الكفار حيث يوضح القرآن الكرمي‬
‫عيوب جمتمعاهتم وعيوب نظمهم بدالً من الوقوف موقف الدفاع‪.‬‬
‫واحلقيقة أن تك ون املرأة زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة خري ب ألف م رة من‬
‫أن تك ون زوجة وحي دة عند أورىب أو غ ريه بىن هبا نتيجة قصة غ رام شخصي‬
‫يوقتها ب وقت ومن مث تنطفيء ش علة احلب مث ال جتد منه املع روف واإلحس ان‬
‫وأىن له ذلك وهو ال يرجو اهلل وال الي وم اآلخ ر‪ .‬نرجو اهلل أن يبص رنا بطريق‬
‫احلق وأن يردنا إىل اإلسالم ردا مجيالً‪ ،‬ونسأله سبحانه أن يغفر زالتنا إنه مسيع‬
‫جميب‪.‬‬

‫*‬

You might also like