You are on page 1of 2

‫الخلع في اإلسالم‬

‫المبحث األول‪ :‬مقدمة‬


‫جعلت‬ ‫أعطت الش ريعة اإلس المية للرج ل ح َّق الطالق‪ ،‬ويف ُمقاب ل ذل ك فإهنا َ‬ ‫ْ‬
‫زوجه ا وخ افت أال تُوفِّي ه حق ه‪،‬‬ ‫اخلُل ع حقًّا للم رأة‪ ،‬وه و االفت داء إذا م ا ك رهت املرأة َ‬
‫ٍ‬ ‫ان فَِإمس ٌ مِب‬ ‫ِ‬
‫اك َْع ُروف أ َْو تَ ْس ِر ٌ‬
‫يح‬ ‫َّ‬
‫ويف ه ذا املق ام ق ال اهلل س بحانه وتع اىل‪﴿ :‬الطاَل ُق َمَّرتَ ْ َ‬
‫ود اللَّ ِه‬ ‫ِ‬ ‫مِم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬
‫وه َّن َش ْيئًا إاَّل أَ ْن خَيَافَ ا أَاَّل يُق َ‬
‫يم ا ُح ُد َ‬ ‫بِِإ ْح َس ان َواَل حَي ُّل لَ ُك ْم أَ ْن تَأْ ُخ ُذوا َّا آَتْيتُ ُم ُ‬
‫ِِ ‪1‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫فَِإ ْن ِخ ْفتُم أَاَّل ي ِقيما ح ُد ِ‬
‫ت به﴾‪.‬‬ ‫يما ا ْفتَ َد ْ‬
‫اح َعلَْيه َما ف َ‬ ‫ود اللَّه فَاَل ُجنَ َ‬
‫ْ ُ َ ُ َ‬
‫واملراد هن ا‪ :‬إن ظن واح د منهم ا بنفس ه أال يُقيم ح ق النك اح لص احبه حس بما‬
‫عتقدها‪ ،‬فال حرج على املرأة أن تفتدي نفسها‪ ،‬وال على الزوج أن‬ ‫جيب عليه لكراهية ي ِ‬
‫َ‬
‫الفداء‪.‬‬‫يأخذ ِ‬
‫واخلُل ع م دلول ش رعي يع ين إزال ة مل ك النِّك اح؛ أي‪ :‬الطالق‪ ،‬س واء ك ان من‬
‫الزوج ة أو ِمن وليِّه ا أو ممَّن يَن وب عنه ا‪ ،‬ومعن اه أن خُت الع املرأة زوجه ا وتُطلَّق من ه يف‬
‫مقابل ِع َوض تدفعه لتفتدي نفسها به‪ ،‬وقد يكون هذا العِ َوض يف شكل نقدي أو عيين‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬يتفق الفقهاء حول تعريف ال ُخلع‪:‬‬
‫عرفته احلنابلة بأنه‪ :‬فراق الزوج لزوجته بعِ َوض يأخذه منها أو ممَّن ينوب عنها‪.‬‬
‫وقد َّ‬ ‫‪-1‬‬
‫وقد عرفته الشافعية بأنه‪ :‬فُرقة بني الزوجني بعِ َوض مقصود راجع جلهة الزوج بلفظ‬ ‫‪-2‬‬
‫من ألفاظ الطالق‪.‬‬
‫صل عليه‪.‬‬ ‫أيضا بأنه فراق الرجل زوجتَه نظري مقابل حَي ُ‬
‫وقد عُِّرف اخللع ً‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ ‬‬
‫خمرج ا إن أريد هبا الضرر‪ ،‬وهي ال تقبل هذا الضرر‪،‬‬ ‫فلقد جعل اإلسالم للمرأة ً‬
‫شرع ويقول‪" :‬ما داما قد خافا أال يُقيما حدود اهلل"‪ ،‬فللمرأة أن تفتدي‬ ‫فيأيت احلق ويُ ِّ‬
‫نفسها بشيء من املال‪ ،‬شريطة أال يزيد عن املهر‪.‬‬
‫َ‬
‫المبحث الثالث‪ :‬الدليل على ال ُخلع من القرآن الكريم‪:‬‬
‫ال دليل على اخلُل ع من الق رآن الك رمي ق ول اهلل ‪ -‬س بحانه وتع اىل ‪َ ﴿ :-‬واَل حَيِ ُّل‬
‫ِ‬ ‫لَ ُكم أَ ْن تَأْخ ُذوا مِم َّا آَتيتُموه َّن َشيئا إِاَّل أَ ْن خَيَافَا أَاَّل ي ِقيم ا ح ُد ِ ِ ِ‬
‫ود اللَّه فَإ ْن خ ْفتُ ْم أَاَّل يُق َ‬
‫يم ا‬ ‫ُ َ ُ َ‬ ‫ْ ُ ُ ًْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ت بِِه ﴾‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ح ُد ِ‬
‫ود اللَّه فَاَل ُجنَ َ‬
‫‪2‬‬
‫يما ا ْفتَ َد ْ‬
‫اح َعلَْيه َما ف َ‬ ‫ُ َ‬

‫البقرة‪229 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫البقرة‪229 :‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪ ‬المبحث الرابع‪ :‬ال ُخلع من خالل القانون‪:‬‬
‫ائن‪ ،‬ويك ون احلكم يف‬ ‫طالق ب ٌ‬
‫أم ا اخلل ع من خالل الق انون‪ ،‬ففي مجي ع األح وال ٌ‬
‫مجيع األحوال غري قابل للطعن عليه بأي طريقة من طرق الطعن‪.‬‬
‫‪ ‬وينظر إىل اخللع من الناحية الشرعية على أنه عقد ينعقد بإجياب وقَبول‪ ،‬ولكن‬
‫االعتبار فيه خَي تلف بالنسبة لكل من الرجل واملرأة‪ ،‬فهو من جانب الرجل يُعترَب تعلي ًق ا‬
‫فاوضة‪.‬‬
‫وم َ‬
‫للطالق على قبول املال‪ ،‬ومن جانب املرأة يعترب فدية ُ‬
‫اخللع يعترب طالقًا‪ ،‬لكنه ُميِّز عن غريه يف أنه طالق نظري مال تُقدِّمه‬
‫‪ ‬ومن هنا فإن َ‬
‫الزوجة لزوجها‪ ،‬وقد أباحت الشريعة اإلسالمية للمرأة أن تقدم ماالً تَفتدي به نفسها‪،‬‬
‫وأب احت للرج ل قبول ه يف نظ ري الطالق‪ ،‬عن دما خَي اف ان أال يقوم ا حبق الزوجي ة‪ ،‬وأال‬
‫تَكون بينهما عشرة زوجية يرتضيها الدين اإلسالمي‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬حكم ال ُخلع‪:‬‬
‫هو نفس حكم الطالق‪ ،‬فهو ُمباح ولكنه َمبغوض‪ ،‬وقد هنى الشارع عنه إذا كان‬
‫وتزوج ذاك‪ ،‬وهو ما يُعرف بالتذوق؛ ولذلك‬ ‫لغري سبب غري رغبة الزوجة يف فراق هذا َّ‬
‫قال النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ((أميا امرأة اختلعت من زوجها بغري نشوز‪ ،‬فعليها لعنة‬
‫هن املنافقات))‪ ،‬والدليل على جوازه من الكتاب‬ ‫اهلل واملالئكة والناس أمجعني‪ ،‬املختلعات َّ‬
‫قوله تعاىل‪ ﴿ :‬واَل حَيِ ُّل لَ ُكم أَ ْنُ تَأْخ ُذوا مِم َّا آَتيتُموه َّن َشيئا إِاَّل أَ ْن خَيَافَا أَاَّل ي ِقيما ح ُدود اللَّهِ‬
‫ُ َ ُ َ‬ ‫ْ ُ ُ ًْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ود اللَّ ِه فَاَل‬ ‫ِ ِ‬ ‫فَ ِإ ْن ِخ ْفتُم أَاَّل ي ِقيم ا ح ُد ِ‬
‫ت بِ ِه تِْل َ‬
‫ك ُح ُد ُ‬ ‫يم ا ا ْفتَ َد ْ‬‫اح َعلَْيه َم ا ف َ‬‫ود اللَّه فَاَل ُجنَ َ‬ ‫ْ ُ َ ُ َ‬
‫ك ُه ُم الظَّالِ ُمو َن ﴾ (البقرة‪)229 :‬‬ ‫ود اللَّ ِه فَأُولَئِ َ‬
‫وها َو َم ْن َيَت َع َّد ُح ُد َ‬
‫َت ْعتَ ُد َ‬
‫المبحث السادس‪ :‬الحكمة من مشروعية ال ُخلع‪:‬‬
‫جع ل اهلل ‪ -‬س بحانه وتع اىل ‪ -‬الطالق يف ي ِد الرج ل‪ ،‬يس تطيع أن يلج أ إلي ه‬ ‫ملا َ‬
‫الغرض املقصود منه‪ ،‬فإنه يف نفس‬‫َ‬ ‫كعالج أخري يتخلَّص به من زواج رأى أنه مل ِّ‬
‫يؤد‬
‫ؤد الغ رض‬‫ال وقت أعطى املرأة ه ذا احلق يف أن تتخلَّص من زواجه ا إذا رأت أن ه مل ي ِّ‬
‫املقص ود من ه‪ ،‬وذل ك ب اخلُلع؛ لتك ون احلي اة الزوجي ة في ه قائم ة على احلري ة يف ب دئها‪،‬‬
‫وعلى احلرية يف استمرارها كذلك؛ فإنه من غري املعقول‪ ،‬ب ل وال من العدل أن تشعر‬
‫امرأة بالنفور احلقيقي من زوجها ألي سبب من األسباب اخللقية‪ ،‬مث تُر َغم على املعيشة‬
‫للمجتم ع؛ ألن‬‫مع ه؛ ألن حي اة زوجي ة به ذا الش كل ال خ ري فيه ا‪ ،‬س واء لل زوجني أو ُ‬
‫بأن زوجها مفروض عليها إىل األبد مع كراهيتها له ونُفورها منه‪،‬‬ ‫ت َّ‬
‫أحس ْ‬
‫الزوجة إذا ّ‬
‫تزل إىل طريق الغَواية ِ‬
‫واالحنراف‪.‬‬ ‫فإهنا قد تَقتله أو تَقتُل نفسها‪ ،‬أو خترج عن دينها‪ ،‬أو ُّ‬

You might also like