You are on page 1of 538

‫جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان ‪ -‬اجلزائر‬

‫كلية احلقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم احلقوق‬

‫أطروحة لنيل شهادة ادلتكوراا ي الااور ااخا‬


‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬كحلولة حممد‬ ‫قرارية قويدر‬
‫أعضاء جلنة املناقشة‬
‫رئيسـا‬ ‫جامعـة تلمســان‬ ‫أستــاذ‬ ‫‪ -‬أ‪.‬د‪ .‬بن عمار حممد‬
‫مشرفـا ومقررا‬ ‫جامعـة تلمســان‬ ‫أستــاذ‬ ‫‪ -‬أ‪.‬د‪ .‬كحلولة حممد‬
‫مناقشـا‬ ‫جامعــة تلمســان‬ ‫أستــاذ حماضر "أ"‬ ‫‪ -‬د‪ .‬واعلي مجال‬
‫جامعــة سيدي بلعباس مناقشـا‬ ‫أستـاذ حماضرة "أ"‬ ‫‪ -‬د‪ .‬بن دريس حليمة‬

‫السنة اجلامعية‪2018-2017 :‬‬


‫جامعة أبو بكر بلقايد – تلمسان ‪ -‬اجلزائر‬

‫كلية احلقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم احلقوق‬

‫أطروحة لنيل شهادة ادلتكوراا ي الااور ااخا‬


‫إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬كحلولة حممد‬ ‫قرارية قويدر‬
‫أعضاء جلنة املناقشة‬
‫رئيسـا‬ ‫جامعـة تلمســان‬ ‫أستــاذ‬ ‫‪ -‬أ‪.‬د‪ .‬بن عمار حممد‬
‫مشرفـا ومقررا‬ ‫جامعـة تلمســان‬ ‫أستــاذ‬ ‫‪ -‬أ‪.‬د‪ .‬كحلولة حممد‬
‫مناقشـا‬ ‫جامعــة تلمســان‬ ‫أستــاذ حماضر "أ"‬ ‫‪ -‬د‪ .‬واعلي مجال‬
‫جامعــة سيدي بلعباس مناقشـا‬ ‫أستـاذ حماضرة "أ"‬ ‫‪ -‬د‪ .‬بن دريس حليمة‬

‫السنة اجلامعية‪2018-2017 :‬‬


‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫ع‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫﴿ سبحانك ال علم لنا إال َا علمتنا إنك أنت ا ل مي‬
‫ال م ﴾‬
‫ي‬ ‫ك‬‫ح‬
‫األية ‪ 32‬من سورة ال بقرة‬

‫ل‬ ‫ل‬ ‫ك‬‫ل‬


‫﴿ هللا الذي سخر م ا بخر بخري الفلك فيه نأمره‬
‫ل‬‫ع‬ ‫ف ل‬
‫ولتت بغوا من ضله و م ب كرون﴾‬
‫ش‬ ‫ك‬
‫األية ‪ 12‬من سورة الحانية‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫ش‬
‫﴿ وإذا م كم الض ّر في البخر ضل من ندعون إّل ّإناه‬
‫فل ّما نحاكم إلى البر أعر م وكان اإلبشان فورا﴾‬
‫ك‬ ‫ضي ج‬

‫األية ‪ 67‬من سورة اإلسراء‬


‫ي‬ ‫ت‬
‫ر و قد ر‬‫ك‬ ‫ش‬
‫احلمد هلل الذي وفقين الختيار هذا املوضوع ومنحين الصرب والعزم على امتامه‪ .‬ومن‬
‫ابب اإلعرتاف ابلفضل مصداقا لقول الرسول الكرمي من ال يشكر الناس ال يشكر‬
‫هللا ‪،‬أتقدم أبمسى عبارات الشكر والعرفان ألستاذي الفاضل األستاذ الدكتور‬
‫كحلولة حممد ‪،‬العميد األسبق لكلية احلقوق والعلوم السياسية جبامعة تلمسان‬
‫وذلك لتفضل سيادته بقبول االشراف على هذه الرسالة بصدر رحب وتواضع‬
‫العلماء ابلرغم من كثرة املشاغل و عظم املسؤوليات‪ .‬كما تفضل علي بوافر علمه‬
‫ووسعين حبلمه وكرمه وأحسن توجيهي من أول يوم نبتت فيه فكرة الرسالة‪ ،‬فلم‬
‫أحس يوما أنه خبل علي خبربته ونصائحه القيمة‪ ،‬اليت أانرت يل طريق البحث‪ .‬وقد‬
‫ساعده على ذلك عمق فكره و دقة نظره‪ ،‬مما كان له األثر الكبري يف حتديد جمال‬
‫الرسالة و خروجها على هذا النحو‪ .‬أدعو هللا أن جيعل ما بذله معي يف ميزان‬
‫حسناته وأن جيازيه عين خري ما جازى عاملا عن متعلم‪.‬‬
‫كما أتقدم ابلشكر والتقدير إىل األساتذة األفاضل أعضاء جلنة احلكم على الرسالة‬
‫لقبوهلم مناقشة هذه الرسالة و على ما حتملوه من عناء كبري يف سبيل إبداء‬
‫مالحظاهتم القيمة و تصحيح ما اقتضى تصويبه من أخطاء‪ .‬و املتمثلني يف كل من‪:‬‬
‫‪ -‬أستاذي الفاضل‪:‬األستاذ الدكتور حممد بن عمار‪،‬الذي تكرم برائسة جلنةاملناقشة‬
‫‪ -‬األستاذ الفاضل‪ :‬واعلي مجال‬
‫‪ -‬األستاذة الفاضلة‪ :‬بن دريس حليمة‬
‫إهدإء‬
‫اىل اوح أيب الطاهرة‪.................‬طيب هللا ثرا وأسكنه فس يح جناوه‬

‫اىل وادليت الكرمية‪.........................‬ألبسها هللا ثرب الصحة و العافية‬

‫اىل لك أساتذيت ‪..................................‬عرفاان و تاديرا‬

‫اىل لك من قدم ايل يد العر ‪....................‬وفاين اياب لرد مجيلهم‪.‬‬


‫قائمة املختصرات‬

‫قائمة املختصرات‬

‫قانون حبري جزائري‬:‫ق ب ج‬

‫قانون جتاري جزائري‬:‫ق ت ج‬

‫قانون مدين جزائري‬:‫ق م ج‬

‫قانون إجراءات مدنية وإدارية جزائري‬:‫ق ج إ م إ‬

‫ قانون جتارة حبرية‬:‫ق ت ب‬

‫قانون مدين فرنسي‬:‫ق م ف‬

‫جريدة رمسية‬:‫ج ر‬

‫صفحة‬:‫ص‬

Liste des Abréviations


Art: Article
A.M.C: American Maritime Cases
P:Page
BLT: Bulletin des Transports et de la logistique
BT:Bulletin des Transports
CA:Cour d'appel
CMI:Comité Maritime Internationale
Cass:Cour de cassation
Cogsa: Carriage of Goods by Sea Act
DTS:Droits de tirage spéciaux
CITIF-CIM:Convention Surde berne relative aux
transports internationaux ferroviaires
‫قائمة املختصرات‬
CMR:Convention de Genève relative aux transports
internationauxroutiers
DMF:Droit Maritime Français
FIO: Free in free out
E.T.L: European Transport Law
LGDJ:Librairie générale de droit et de jurisprudence
Ibid: Au même endroit
Trib.Com: Tribunal de Commerce
Obs:Observations
Op.cit:Opere Citato (ouvrage précité)
RDFA:Revue Français de Droit Aérien
UNCITRAL: United Nations commission on
international trade law
S:Suite
‫دمة‬‫ق‬ ‫م‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‬
‫خيتلف وصف القانون تبعا للمحيط الذي تسري فيه قواعده‪ ،‬فهو إما أن يكون قانوان‬
‫براي ‪،‬أو حبراي ‪،‬أو جواي ‪،‬أو قانوان للفضاء اخلارجي‪ .‬و ملا كانت بداية حياة اإلنسان على‬
‫اليابسة فالقانون ظهر براي ونشأت يف ظل هذا القانون عدة تقسيمات تقليدية لفروعه بني‬
‫قانون عام وقانون خاص ‪،‬لكن عندما يسر هللا لإلنسان ركوب البحر ‪،‬حيث اكتشف رزقه و‬
‫استخرج منه احللي و الزينة وهلذا فقد أصبح البحر مسرحا لنشاطات متنوعة تباشرها‬
‫اجملتمعات ‪ .‬و قد كانت أول بداية لظهور القانون البحري متجسدة يف شكل أعراف حبرية‬
‫حتكم تلك األنشطة‪ ،1‬حيث عرفت عند البابليني ‪،‬الفينيقيني واإلغريق مث نقلها الرومان‬
‫مضيفني هلا بعض القواعد كتقرير نيابة رابن السفينة عن جمهزها وهذا ما كان يعترب خروجا‬
‫على القواعد العامة اليت كانت سائدة عندهم‪.‬‬
‫إال أن هذا القانون مل يقف جامدا إزاء التطور الذي شهدته املالحة البحرية أبداهتا‬
‫األساسية أال وهي السفينة‪ 2‬وامنا تطور بتطورها‪ ،‬فقد بدأت املالحة البحرية بسفن شراعية‬
‫تصنع من اخلشب وتندفع بقوة الرايح ‪ ،‬مث تطورت إىل سفن خبارية و ذات حمركات إىل أن‬
‫وصلت اآلن يف صناعتها من احلديد الصلب وتندفع ليس مبحركات قوية فحسب بل زاد‬
‫التطور إىل حد بعيد حيث جعلها تسري ابلطاقة الذرية‪ .‬هلذا كان البد للقانون البحري من‬
‫جماراة هذا التطور حىت تتالءم أحكامه مع حاجات املالحة البحرية وتطورها‪.3‬‬

‫‪ -1‬حممود خمتار أمحد بريري ‪،‬قانون التجارة البحرية ‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪، 2000‬ص ‪.3‬‬
‫‪ - 2‬يرى األستاذ ‪ Pierre Bonassises‬أبن قواعد الشريعة اإلسالمية أعطت اهتماما كبريا للسفينة وهي ختضع يف تنظيم مسائلها يف‬
‫الوقت احلايل و أكثر من أي وقت مضى لقواعد أمنية صارمة جدا يف أغلب دول العامل‪:‬‬
‫‪Cité par Mohammed Benamar, Les autorités et les organes en charge de la sûreté des‬‬
‫‪navires et des installations portuaires en Algérie (code isps), études de droit, Mélanges‬‬
‫‪en hommage à Abdallah Benhamou, ouvrage publié avec le sou tien du recteur de‬‬
‫‪l'université Abou-bekr Belkaid de Tlemcen, kounouz édition, année 2012,p 287.‬‬
‫‪ -3‬حممد هبجت عبد هللا أمني قايد ‪ ،‬الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية ‪،‬اجلزء األول ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪،‬سنة‬
‫‪،2008/2007‬ص‪.9‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫يف حني يعترب النقل البحري للبضائع أهم موضوعات القانون البحري و من أبرز‬
‫العمليات اليت تقوم هبا السفينة نظرا الزدهار املبادالت التجارية بني خمتلف دول العامل ‪،‬حيث‬
‫وجد التبادل التجاري وسيلته املفضلة يف النقل البحري‪.1‬‬
‫َ‬
‫كما حيتل هذا النوع من النقل مركز الصدارة بني وسائط النقل األخرى كالنقل الربي‪،‬‬
‫اجلوي‪ ،‬النهري يف سبيل نقل التجارة العاملية بنسبة تقدر حوايل ‪ %85‬من حجمها‬
‫اإلمجايل‪ .‬و غالبا مايبقى النقل البحري على وضعه املتميز نظرا لقدرة السفينة على التكيف‬
‫بشكل سريع مع متطلبات التكنولوجيا احلديثة يف إنتاج السلع ‪،‬كذلك ما تتميز به من سعة‬
‫استيعابية متكنها من استقبال البضائع املختلفة من حيث األنواع و األحجام الضخمة خاصة‬
‫احملتوات داخل احلاوايت ونقلها إىل موانئ دول بعيدة يف العامل ‪ .‬ضف إىل ذلك أن النقل‬
‫البحري يعد من أرخص وسائط النقل تكلفة يف أجور الشحن‪.2‬‬
‫إىل جوار ذلك فاجلزائر تعترب بلدا حبراي يتمتع بطول ساحله ‪،‬املقدر ب ‪ 1200‬كلم‬
‫املطل على البحر األبيض املتوسط و الذي يقرب من مفتاح احمليط األطلسي ‪،‬كماتقع موانئه‬
‫الكثرية على خطوط مالحية مع أوراب ‪ .‬لذلك تعتمد الدولة اجلزائرية يف جتارهتا اخلارجية على‬
‫البحر بنسبة ‪ 3%98‬و تتم معظم أنشطتها التجارية الدولية عرب ‪ 11‬ميناءجتاري‪.4‬‬
‫يتم النقل البحري للبضائع مبوجب عقد بني الناقل والشاحن على غرار سائر العقود ‪،‬‬
‫فحواه إيصال البضاعة من ميناء إىل ميناء آخر لقاء أجر‪ ،‬إال أن هذا العقد يضل من قبيل‬
‫عقود اإلذعان ‪،‬حيث يصدر الناقل البحري سند الشحن الذي حيدد فيه مسبقا الشروط اليت‬

‫‪ -1‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬قانون التجارة البحرية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪.272‬‬
‫‪ -‬فاروق ملش ‪،‬النقل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية )‪،‬الشنهايب للطباعة والنشر‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪،1997‬ص‪.9‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬حممد بني عمار‪ ،‬مفهوم السفينة يف القانون البحري اجلزائري‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،1‬سنة ‪ ،1993‬ص ‪.108‬‬
‫‪ -4‬تتمثل هذه املوانئ التجارية يف‪ :‬ميناء اجلزائر‪ ،‬وهران‪ ،‬عنابة ‪،‬سكيكدة ‪،‬أرزيو ‪،‬جباية ‪،‬مستغامن ‪،‬غزوات‪ ،‬جيجل‪ ،‬تنس ودلس ‪:‬مسري‬
‫بوختالة‪،‬حممد زرقون ‪،‬نوال بن عمارة‪ ،‬واقع وآفاق تطوير قطاع النقل يف اجلزائر ودوره يف التنمية االقتصادية ‪،‬اجمللة اجلزائرية للتنمية‬
‫االقتصادية ‪،‬جامعة قاصدي مرابح ‪،‬بورقلة ‪،،‬عدد‪،6‬جوان ‪،2017‬ص‪.53‬‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬
‫تالئمه وال ميكن للشاحنني مناقشة تلك الشروط ‪ ،‬اليت غالبا ما تكون يف غري صاحلهم وعلى‬
‫هذا خيتل التوازن العقدي ‪.‬‬
‫هذا الوضع اضطر الشاحنني للقبول ابلشروط املقررة يف عقد النقل ‪،‬نظرا حلاجتهم‬
‫املاسة لنقل بضائعهم ابستمرار فال يستطيع هؤالء االستغناء عنها‪ .‬و مما زاد يف القضاء على‬
‫أماهلم هو وقوف احتاد الناقلني أمامهم ملا أصبح يتمتع به هذا األخري من احتكار فعلي‬
‫‪،‬فضال عن متاثل شروط النقل يف سندات الشحن‪. 1‬‬
‫يف غالب األحيان ما كانت شروط اإلعفاء من املسؤولية هي السائدة يف النقل‬
‫‪ ،clause‬فتضاعف إمهال الناقلني و‬ ‫‪style‬‬ ‫البحري إىل حد أن أصبحت شروطا مألوفة‬
‫اتبعيهم اعتمادا على عدم مسؤوليتهم ‪،‬حىت جاز القول أبن تنفيذ عقد النقل البحري أصبح‬
‫رهنا مبشيئة الناقل‪.‬‬
‫مل يكن التأمني البحري على البضائع لريفع وطأة هذه الشروط الرتفاع أقساط التأمني‬
‫بسبب عدم مسؤولية الناقل ‪ .‬و مل يكن الشاحنون وحدهم يف ميدان الكفاح ضد الناقلني بل‬
‫انضم اليهم املؤمنون‪ ،‬الذين كان يستحيل عليهم الرجوع على الناقلني بعد قيامهم بتعويض‬
‫الشاحنني عن األضرار الالحقة ببضائعهم بسبب شروط اإلعفاء من املسؤولية ‪.‬كما تضررت‬
‫البنوك من ضعف القيمة االئتمانية لسندات الشحن و هي اليت تقوم على أساسا على‬
‫االعتمادات املستندية‪ ،‬اليت متنحها البنوك لعمالئها بسبب ما يدون الناقلون يف هذه‬
‫السندات من شروط ظاملة و من حتفظات خاصة ابلبضاعة املشحونة‪ ،2‬مما أدى إىل تعطيل‬
‫الضمان املقرر للبنوك ‪.‬‬
‫بينما ترتب على مطالبات الشاحنني املستمرة إبلغاء شروط الناقلني اخلاصة ابإلعفاء‬
‫من املسؤولية استجابة بعض الدول إىل هذه املطالب ‪،‬خاصة تلك اليت تعتمد أساسا يف‬
‫جتارهتا على التصدير دون النقل ‪،‬كما كان احلال عليه يف الوالايت املتحدة األمريكية ‪ .‬فقد‬

‫‪ -1‬فاروق ملش‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 124‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ -2‬مصطفى كمال طه‪ ،‬أساسيات القانون البحري(دراسة مقارنة)‪،‬الطبعة األوىل ‪،‬منشورات احلليب احلقوقية‪،‬لبنان‪،‬سنة‪،2006‬ص‪.244‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬
‫كانت فيما مضى تصنف من ضمن الدول الشاحنة‪، 1‬مما دفع أبمريكا إىل إصدار قانون‬
‫املسمى ابسم واضعه "هارتر" ‪ ،‬يف ‪ 13‬فرباير سنة‬ ‫‪ Harter‬و‬ ‫"هارتر" األمريكي الشهري‬
‫‪ ،1893‬الذي قضى ببطالن شروط اإلعفاء من املسؤولية عن األخطاء التجارية املتمثلة يف‬
‫اخلطأ ‪،‬أو اإلمهال يف شحن البضاعة ‪،‬أو رصها و احملافظة عليها وتسليمها إىل املرسل إليه‪.‬‬
‫إن بطالن هذه الشروط هو من النظام العام إذ ال جيوز االتفاق على خالفه ‪،‬غري أنه يف‬
‫املقابل قضى القانون هارتر إبعفاء الناقل من املسؤولية عن األخطاء املالحية و دون احلاجة‬
‫للنص على ذلك يف سند الشحن صراحة‪ .‬وتلك األخطاء هي ماينشأ عن فعل الرابن‬
‫والطاقم البحري املرافق له مبناسبة إدارة السفينة أو قيادهتا‪ ،‬بشرط أن يثبت الناقل أنه قام‬
‫ببذل العناية الكافية جلعل السفينة جمهزة وصاحلة للمالحة البحرية‪.2‬‬
‫و هبذا ميكن القول أن قانون "هاتر" يعد أول قانون يُظهر الفرق بشكل واضح بني‬
‫األخطاء التجارية ‪ fautes commerciales‬واألخطاء املالحية‪ fautes nautiques‬ابلنسبة‬
‫ملسؤولية الناقل البحري للبضائع‪ .‬و قد فرضت الوالايت املتحدة األمريكية قانون "هارتر"‬
‫داخليا و حىت على مستوى اخلارجي يف عقود النقل الدولية‪ ،‬اليت تربطها ابلدول األجنبية و‬
‫قد طبق القضاء األمريكي أحكام هذا القانون الزاميا على النقل املنطلق من موانئ الوالايت‬
‫املتحدة األمريكية وعلى النقل املتجه إليها‪. 3‬‬
‫على العموم فقد القى هذا قانون استحساان عاما لدى الدول ابعتباره أصبح يتسم‬
‫ابلعدالة و االتزان لذلك تضمنته بعض التشريعات الداخلية وحىت الدولية ‪ ،‬حيث أقدمت‬

‫‪1‬‬
‫‪- René Rodiére,‬‬ ‫‪Emmanuel du Pontavice, Droit maritime, 12éme édition Dalloz.‬‬
‫‪Delta 1997, p303.‬‬

‫‪-‬وتعترب اجلزائر من الدول الشاحنة حيث أن السفن اجلزائرية ال تنقل سوى حوايل‪ %20‬من التجارة اخلارجية بينما ما يزيد عن‪% 80‬‬
‫منها تنقله السفن األجنبية‪ :‬ملزي عبد الرمحن‪ ،‬نظام املسؤولية احملدودة يف عقد النقل البحري‪ ،‬رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص ‪،‬جامعة‬
‫اجلزائرسنة‪ ،2007/2006‬ص‪.7‬‬
‫‪ -2‬مسيحة القليويب ‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪،1987‬ص‪.286‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-René Rodiére et du pontavice, op.cit, p303et s.‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬
‫‪L’association de droit‬على عقد مؤمتر الهاي‬ ‫‪international‬‬ ‫مجعية القانون الدويل‬
‫سنة ‪ . 1921‬و قد ضم هذا املؤمتر ممثلني عن كافة الدول البحرية يف حماولة إلقرار تشريع‬
‫دويل موحد يستمد نصوصه من قانون "هارتر" األمريكي‪ ،‬فتم اخلروج من هذا املؤمتر‬
‫مبجموعة من القواعد اليت تنظم مسؤولية الناقل البحري تعرف بقواعد الهاي‪.1921‬‬
‫غري أن القواعد األخرية مل تكن ملزمة حيث اقتصر أثرها على احلاالت اليت يتفق‬
‫األطراف على األخذ هبا ‪،‬فالصفة االختيارية هلذه القواعد انلت من أمهيتها‪ . 1‬و هو ما كان‬
‫حاجزا أمام توحيد القانون الدويل ‪ ،‬مما دفع ابلدول إىل االتفاق على وضع قواعد ملزمة حتكم‬
‫النقل البحري بسندات الشحن ‪ .‬إن التطبيق اإلجباري للقانون الدويل كان أهم دافع لظهور‬
‫معاهدة بروكسل لسنة ‪1924‬املتعلقة بتوحيد بعض األحكام سندات الشحن‪. 2‬‬
‫ضلت هذه االتفاقية أربعني عاما مل يرتفع خالهلا صوت يف األوساط العملية يطالب‬
‫بتعديلها‪ ،‬لكن النظريون وجهوا إليها انتقادات كثرية ‪،‬كغموض نصوصها و امهال القواعد‬
‫اليت ختص نطاق تطبيق هذه املعاهدة و كذلك قصور األساس الذي اختذته لتعيني احلد‬
‫األقصى للمسؤولية‪ .‬و لعل أكثر ما تناوله النقد كان خبصوص حاالت اإلعفاء من املسؤولية‬
‫السيما املتعلقة ابخلطأ املالحي الذي أسيئ استعماله يف امليدان حىت صار مبثابة ستار حيتمي‬
‫به الناقل ‪،‬كلما تعذر عليه التمسك ابلدفوع األخرى لإلفالت من املسؤولية‪.3‬‬
‫إن السبب الذي زاد األمر سوءا هو عندما جرى العمل على أوضاع احنرفت هبا‬
‫االتفاقية عن األهداف اليت كانت منتظرة منها‪ ،‬من ذلك مثال ذيوع استعمال خطاابت‬
‫الضمان‪ ،‬اليت يقدمها الشاحن إىل الناقل نظري قبول هذا األخري اصدار سند شحن نظيف‬

‫‪1‬‬
‫‪-Georges‬‬ ‫‪Ripert, droit maritime, crédit maritime, fortune de mer, transport maritime,‬‬
‫‪tome II, édition Rousseau, 1930, p778.‬‬
‫‪ -2‬دخلت اتفاقية بروكسل لسنة‪ 1924‬املتعلقة بتوحيد بعض قواعد سندات الشحن حيز التنفيذ يف سنة ‪ ،1931‬انضمت إليها اجلزائر‬
‫مبوجب املرسوم ‪ 70-64‬املؤرخ يف ‪ ،1964/04/07‬ج ر عدد ‪ ،29‬الصادر يف ‪،1964/04/07‬لكنها مل تصادق على بروتوكويل‬
‫تعديل هذه املعاهدة اللذان وقعا يف سنيت ‪. 1979 ، 1968‬‬
‫‪ - 3‬حمسن شفيق‪،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع(اتفاقية هامبورغ بتاريخ ‪ 31‬من مارس ‪،1978‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬سنة ‪،2000‬ص‪ 111‬وما يليها‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مقدمة‬
‫خال من التحفظات بشأن البضاعة مع وجود ما يربر إضافة هذه التحفظات‪ ،‬مما أفسد الثقة‬
‫يف سند الشحن و زلزل األمل يف أن يكون حمل ثقة بعد ما أودعت فيه البياانت عن احلالة‬
‫احلقيقية للبضاعة‪.1‬‬
‫لقد جاء أول نداء لتعديل االتفاقية يف مطلع الستينات‪ ،‬من طرف أكثر ذوي الشأن‬
‫رضاءا عنها و هم مالك السفن اإلجنليز ‪ .‬وذلك أعقاب صدور حكم جملس اللوردات يف‬
‫قضية السفينة ‪ 2 Muncaster Castle‬الذي أدان الناقل ابملسؤولية و رفض الدفع الذي‬
‫متسك به استنادا إىل أن الضرر حدث بسبب عيب خفي يف السفينة‪ ،‬مل تكشف عنه العناية‬
‫الواجبة وهو من أسباب اإلعفاء‪ ،‬املنصوص عليها يف املادة الرابعة من االتفاقية‪ .‬و قد أقلق‬
‫الناقلني تشدد احملكمة يف تفسري هذا النص فعقدوا االجتماعات يف نواديهم ملناقشة احلكم و‬
‫غريه من مسائل االتفاقية و قرروا املطالبة بتعديلها ‪،‬دون أن تلقى مطالبهم ابدئ األمر أذان‬
‫صاغية لدى مالك السفن يف الدول األخرى‪.3‬‬
‫‪Comité Maritime International‬‬ ‫عقب ذلك أخذت اللجنة البحرية الدولية‬
‫على عاتقها عقد عدة مؤمترات يف "ستوكهومل" سنيت ‪ 1963‬و‪1967‬مث يف بروكسل سنة‬
‫‪ 1968‬ويف هذه الدورة مت االتفاق على مجلة من التعديالت وعلى إصدارها يف شكل‬
‫بروتوكول مت التوقيع عليه يف اجللسة اخلتامية بتاريخ ‪ 23‬فرباير ‪.1968‬و قد دخل هذا‬
‫الربوتوكول حيز النفاذ يف‪ 23‬جوان ‪.1973‬‬
‫من بني املسائل اهلامة اليت عاجلها هذا الربتوكول هي توسيع نطاق تطبيق االتفاقية‪،‬‬
‫حسب ما ورد يف نص املادة ‪ ، 5‬اليت مبوجبها حذف نص املادة ‪ 10‬و مت استبدال الوحدة‬
‫احلسابية للحد األقصى للتعويض واضافة الوزن كضابط حلساب مبالغ التعويض عند استفادة‬
‫الناقل أو اتبعيه من حدود املسؤولية ‪.‬كما وضح هذا األخري الطريقة اليت حيسب هبا التعويض‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪،‬ص‪.112‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Voir: René Rodiére, Droit maritime, les contrats de transport de marchandises, tome‬‬
‫‪II, librairie Dalloz, paris1968, p371.‬‬
‫‪ -3‬حمسن شفيق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 15‬وما يليها‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مقدمة‬
‫عن هالك البضائع أو تلفها يف حالة نقلها داخل حاوايت‪ ،‬ابإلضافة إىل بيان حاالت‬
‫سقوط حق الناقل من التمسك ابحلد األقصى للتعويض‪ .‬وذلك تطبيقا لنص املادة الثانية اليت‬
‫ألغت الفقرة ‪5‬من املادة ‪ 4‬من معاهدة بروكسل األصلية ‪.‬‬
‫غري أن احلال مل يستقر على ذلك و انطالقا من نفس الغاية و يف حماولة من اجملتمع‬
‫البحري من أجل جتديد معاهدة بروكسل لسنة ‪ 1924‬وبقائها مت إقرار بروتوكول آخر‬
‫لتعديل بروتوكول لسنة ‪ 1968‬و هو ما يعرف بربوتوكول بروكسل لسنة ‪، 1979‬الذي‬
‫دخل حيز التنفيذ ابلنسبة للدول اليت صادقت عليه‪ ،‬أو انضمت إليه يف ‪ 14‬فرباير ‪.1984‬‬
‫و على العموم مل أيت بشيء هام إال فيما يتعلق بتغيري الوحدة احلسابية للتعويض‪.‬‬
‫ارتباطا مبا سبق فقد تطورت وسائل النقل بشكل كبري ‪،‬حيث مل يعد النقل البحري‬
‫ابخلطورة اليت كان عليها عندما وضعت قواعد بروكسل لسنة ‪ 1924‬و ذلك راجع إىل ما‬
‫أصبحت تتمتع به السفن من املتانة و قدرهتا على مواجهة خماطر البحر ‪ ،‬كذلك إىل التطور‬
‫التكنولوجي يف جمال التنبؤ ابلتقلبات املناخية مما أدى إىل ختفيض يف حجم األضرار و‬
‫تقليص حاالت اإلعفاء من املسؤولية‪ ،‬اليت كان يتمتع هبا الناقلون يف ظل معاهدة بروكسل‪.‬‬
‫كما أن النقل البحري مل يعد حكرا على الدول املتقدمة بل انضمت إليه بعض الدول النامية‬
‫‪ .‬وذلك ما ترتب عنه وجود احلاجة لوضع قواعد جديدة تنظم عمليات النقل عن طريق‬
‫البحر‪.1‬‬
‫ابلرغم مما أحرزته اتفاقية بروكسل من التقدم ‪،‬إال أاها تضل يف كثري من أحكامها يف‬
‫غري صاحل الشاحنني‪ ،‬األمر الذي أدى حتت وطأة الضغط الشديد من جانب دول الشاحنة‬
‫و أغلبها تعترب دول انمية إىل إبرام معاهدة جديدة‪ 2‬يف مدينة "هامبورغ" أبملانيا تعرف ابتفاقية‬

‫‪ -‬لطيف جرب كوماين ‪،‬مسؤولية الناقل البحري ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر والتوزيع ‪،‬عمان ‪-‬‬
‫‪1‬‬

‫األردن‪ ،‬سنة ‪،2001‬ص‪.11‬‬


‫‪ -2‬حممد السيد الفقي‪،‬القانون البحري ‪،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪،2016‬ص‪ 318‬وما يليها ‪،‬جالل وفاء حممدين‪ ،‬مدى فعالية‬
‫قواعد مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف القانون البحري اجلديد يف محاية الشاحن املصري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬سنة ‪،1995‬‬
‫ص‪.15‬‬

‫‪7‬‬
‫مقدمة‬
‫األممم املتحدة للنقل البحري للبضائع يف ‪ 31‬مارس ‪. 1978‬كما تعرف اختصارا بقواعد‬
‫هامبورغ و قد دخلت هذه االتفاقية حيز النفاذ اعتبارا من أول ديسمرب ‪ .1992‬و على‬
‫هذا فقد أصبح اجملتمع الدويل اليوم مقسما إىل ثالث طوائف يف العامل‪ :‬طائفة من الدول‬
‫حتكمها معاهدة بروكسل لسنة ‪ 1924‬و طائفة أخرى حيكمها بروتوكول فيسيب لسنة‬
‫‪1968‬و آخر طائفة حتكمها معاهدة هامبورغ لسنة ‪.1978‬‬
‫عقب تلك األحداث كانت هناك حماولة أخرى للجنة األمم املتحدة القانون التجاري‬
‫من أجل توحيد القانون البحري الدويل‪،‬حيث أخذت اللجنة على‬ ‫‪CNUDCI‬‬ ‫الدويل‬
‫عاتقها مشروع إعداد اتفاقية جديدة تتعلق بعقود النقل الدويل للبضائع عن طريق البحر‬
‫جزئيا أو كليا املسماة بقواعد روتردام لسنة ‪ .2008‬مل تدخل هذه املعاهدة حيز النفاذ‬
‫بسبب عدم وصوهلا النصاب القانوين و هو مصادقة ‪ 20‬دولة ‪،‬حسب ما جاء يف املادة‪94‬‬
‫من هذه األخرية‪ .‬و ابلرغم من توقيع ‪ 21‬دولة عليها غري أاها مل حتظى سوى مبصادقة ‪3‬‬
‫دول فقط‪. 1‬‬
‫يف هذا اإلطار قضت هذه املعاهدة أبن قواعدها جتمع بني قواعد تنظم أحكام النقل‬
‫متعدد الوسائط و النقل البحري الذي يتم بواسطة واحدة‪.‬كما استندت يف بعض نصوصها‬
‫إىل االتفاقيات اليت سبقتها يف تنظيم النقل البحري للبضائع السيما اتفاقية بروكسل‬
‫وبروتوكول تعديلها لسنة ‪ 1968‬و كذلك إىل معاهدة هامبورغ لسنة ‪.21978‬‬
‫ابإلضافة إىل ذلك هتدف معاهدة روتردام إىل توفري جمال قانوين أيخذ بعني االعتبار‬
‫العديد من التطورات التكنولوجية والتجارية اليت حصلت يف جمال النقل البحري منذ اعتماد‬
‫تلك االتفاقيات اليت سبقتها‪ ،‬مبا يف ذلك املستجدات اليت شهدها النقل ابحلاوايت و الرغبة‬
‫يف خدمات النقل من ابب خمزن املصدر إىل ابب خمرن املستورد مبوجب عقد واحد‪ .‬كما‬

‫‪-1‬الدول اليت صادقت عليها هي إسبانيا‪ ،‬التوغو‪ ،‬الكونغو‪، WWW.UNCITRAL.org :‬اتريخ الدخول إىل املوقع‬
‫‪، 2014/2/08‬التوقيت ‪.13:40‬‬
‫‪ -2‬اميان حسن اجلميل ‪،‬سند الشحن ودوره يف النقل البحري ‪،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪،2013‬ص‪.95‬‬

‫‪8‬‬
‫مقدمة‬
‫جاءت بثالث مبادئ جديدة و هي‪ :‬النص على واثئق النقل اإللكرتونية‪ ،‬حق السيطرة و‬
‫أحكام أخرى بشأن العقد الكمي‪. 1‬‬
‫على الصعيد الداخلي ابلنسبة للجزائر فبعد العهد العثماين و حبكم االستعمار‬
‫الفرنسي ضلت قواعد القانون التجاري الفرنسي الصادر يف ‪ 21807/09/15‬هي املطبقة‬
‫يف اجلزائر من أجل تسري أمورها البحرية‪ .‬و ذلك مبوجب املرسوم ‪، 1916/07/18‬الذي‬
‫قضى بتطبيقه يف مجيع املستعمرات الفرنسية ‪،‬فقد بقي األمر على ذلك احلال حىت بعد‬
‫االستقالل مبقتضى األمر ‪157/ 62‬املؤرخ يف ‪ ،1962/12/31‬حيث نص على استمرار‬
‫العمل ابلقوانني الفرنسية إال ما خالف منها السيادة الوطنية‪ .‬و مل يتوقف العمل ابلقوانني‬
‫الفرنسية إىل غاية صدور األمر رقم ‪ 29‬املؤرخ يف ‪5‬جويلية ‪ 1975‬الذي تقرر مبوجبه إلغاء‬
‫األمر ‪.157/62‬‬
‫بينما كانت القوانني البحرية اجلزائرية يف بدايتها تصدر تدرجييا ابتداءا من سنة‪1963‬‬
‫‪،‬فقد كانت عبارة عن جمموعة من املراسيم و بعد صدور كل من القانون التجاري واملدين‬
‫سنة ‪1975‬قامت وزارة النقل إبعداد مشروع لتنظيم املعامالت البحرية مسي ب "قانون‬
‫املالحة البحرية"‪ ،‬مث أدخلت عليه بعض التعديالت لتتم املصادقة عليه يف ‪1976/10/23‬‬

‫‪ -1‬اميان حسن اجلميل ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.114،112‬‬


‫‪ -2‬صدر القانون التجاري يف ‪ 1807-09-15‬ليبدأ تطبيقه يف فرنسا إعتبارا من ‪ . 1808-01-01‬و قد تضمن هذا القانون يف‬
‫الكتاب األول ‪ :‬أحكام التجارة بصفة عامة و املتعلقة ابلتجار ‪ ،‬الشركات التجارية ‪،‬البورصات‪ ،‬دفاتر التجار‪ ،‬مساسرة األاوراق املالية‬
‫‪ ،‬الوسطاء و الرهن التجاري ‪ ،‬الوكالءابلعمولة ‪ ،‬البيع و الشراء التجاري و يف النهاية أحكام الكمبيالة و السند اإلذين‪ .‬كما تضمن الكتاب‬
‫الثاين أحكام التجارة البحرية و الكتاب الثالث نظم أحكام اإلفالس و الكتاب الرابع تعلقت أحكامه ابلقضاء التجاري ‪ ،‬و قد خضع‬
‫هذا القانون لعدة تعديالت و تكميالت بنصوص الحقة‪:‬‬
‫‪sciencesjuridiques.ahlamontada.net‬‬

‫‪9‬‬
‫مقدمة‬
‫حتت اسم "القانون البحري"‪ .1‬فقد أصدر مبوجب األمر ‪ 80/76‬و قد مت تعديله مبوجب‬
‫القانون ‪ 05/98‬بتاريخ ‪. 21998/6/25‬‬
‫لقد اشتمل هذا التعديل على ستة مواد و هي كالتايل‪،805 ،739 ،765 :‬‬
‫‪801 ،801 ،802‬مكرر‪ .1‬و لعل ما يهمنا من هذه املواد هي املادة ‪ 805‬ق ب ج اليت‬
‫تتعلق ابحلدود القصوى للتعويض‪،‬املرتتب عن هالك البضاعة أوتلفها أو الضرر الناجم‬
‫أتخريها يف الوصول‪.‬‬
‫يعترب التعويض جزاءا للمسؤولية الثابتة على الناقل البحري للبضائع ‪،‬إذا ينشأ احلق فيه‬
‫عندما تتعرض البضائع ألضرار أثناء نقلها يف البحر واليت قد تنجم عن متايل السفينة‬
‫واهتزازها ‪ .‬عالوة على خماطر املالحة البحرية اليت حتيط ابلسفينة أثناء رحلتها الطويلة فمن‬
‫بديهي و احلال كذلك أن تربز مسؤولية الناقل البحري ابعتبارها أهم ما يثور عمال أمام‬
‫احملاكم من بني شىت موضوعات النقل البحري و القانون البحري عموما‪.3‬‬
‫اقتضى هذا احلال من التشريعات الدولية و الداخلية الفصل يف النزاعات اليت تنشأ بني‬
‫املتعاقدين و احلكم على الناقل البحري عند قيام مسؤوليته بتعويض عادل جيرب الضرر الذي‬
‫يلحق البضاعة حمل عقد النقل الدويل‪ .‬لذلك يُعترب التعويض لب القانون و جوهره ‪،‬مما‬
‫يضفي على موضوع البحث قيمة علمية هامة ‪،‬كانت من بني األسباب اليت دفعتين الختيار‬
‫البحث يف النظام القانوين للتعويض يف النقل البحري للبضائع كموضوع هلذه الرسالة ‪.‬كما‬
‫حثين ذلك على املثابرة والصرب على املعاانة اليت صادفتها يف سبيل الوصول إىل النتيجة‬
‫املرجوة‪.‬‬

‫‪ -1‬حممد بن عمار‪ ،‬اإلطار القانوين الستغالل السفينة‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬عدد ‪ ،4‬سنة‬
‫‪ ،1998‬ص‪ 84‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬الذي عدل بدوره ابلقانون ‪ 04-10‬املؤرخ يف ‪ 15‬أوت ‪، 2010‬ج ر رقم ‪، 46‬الصادرة يف ‪ 2‬أوت ‪. 2010‬‬
‫‪ -3‬حممد السيد الفقي‪ ،‬أساسيات القانون البحري والتجاري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪،2016‬‬
‫ص‪.258‬‬

‫‪10‬‬
‫مقدمة‬
‫ابملوازاة مع ذلك فإن اجلزائر ال زالت تصنف من بني الدول الشاحنة األمر الذي حدد‬
‫اهلدف الذي نسعى إليه و هو الوصول إىل نتيجة ختدم مصاحل الشاحنني هبا‪ .‬ومن جهة‬
‫أخرى إزالة الصعوابت أمام القاضي و املتقاضي يف فهم القواعد اليت تنظم مشكالت‬
‫التعويض عن األضرار النامجة يف النقل البحري للبضائع‪ .‬و هذا ال يكون إال من خالل‬
‫دراسة جدية تكشف عن خبااي نصوص االتفاقيات الدولية وأعماهلا التحضريية حىت يتسىن‬
‫لنا احلكم على إحداها ابلتفوق يف توفري محاية قانونية أكثر للدول الشاحنة و حتقيق التوازن‬
‫يف املصاحل بني الدول املتعارضة دون تغليب طرف على آخر ‪.‬‬
‫كما يقتضي ذلك منا أال ننسى املوضوعية يف البحث و أيضا الرجوع إىل التطبيقات‬
‫القضائية على اختالفها ‪،‬خاصة وأن القضاء اجلزائري على مستوى املنازعات الدولية مل‬
‫تصادفه قضااي يف هذا الشأن إال حكما وحيدا‪.1‬و ذلك ألنه غالبا ما يلجأ الفرقاء يف عقد‬
‫النقل الدويل إىل التحكيم البحري يف منازعات التعويض النامجة عن هذا العقد ‪.‬‬
‫فضال عن ذلك تندرج هذه الدراسة حتت عنوان‪" :‬النظام القانوين للتعويض يف النقل‬
‫البحري للبضائع ‪-‬دراسة مقارنة‪ ."-‬و جتدر اإلشارة إىل أن هناك من تعرض جلزء من هذا‬
‫املوضوع يف رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص حتت عنوان ‪":‬نظام املسؤولية احملدودة يف النقل‬
‫البحري جبامعة اجلزائر‪ ،‬يف سنة ‪ ،"2007/2006‬حيث تناول فيها الباحث ملزي عبد‬
‫الرمحن املسؤولية احملدودة للناقل البحري للبضائع يف اتفاقييت بروكسل و اتفاقية هامبورغ مع‬
‫إشارة ما جاء به املشرع اجلزائري يف القانون البحري ‪ .‬حيث أن ما جاء به هذا الباحث يبقى‬
‫أحد حمورين حيتويهما النظام القانوين التعويض يف النقل البحري للبضائع و الذي ال تكتمل‬
‫الدراسة إال مبعاجلة احملور الثاين و املتمثل يف التعويض الكامل ‪ .‬هذا ما يستشف عند سقوط‬
‫حق الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض ‪،‬أو عند تقدمي الشاحن بياان عن قيمة‬

‫‪ - 1‬قرار صادر عن احملكمة العليا بتاريخ ‪ ،2007/02/70‬ملف رقم ‪، 391372‬منشور يف اجمللة القضائية‪ ،،‬اإلجتهاد القضائي للغرفة‬
‫التجارية والبحرية ‪،‬العدد األول ‪ ،‬سنة ‪ ، 2007‬ص‪. 351‬‬

‫‪11‬‬
‫مقدمة‬
‫البضاعة ونوعها يف سند الشحن ‪،‬أو عندما يتفق الطرفان على مبلغ من التعويض يتطابق مع‬
‫القيمة احلقيقية للبضاعة‪ .‬و هذا ما سيأيت التطرق إليه تفصيال يف الباب الثاين من هذه‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫كذلك تعترب من بني األمور املستجدة يف هذه الدراسة هو إدخال اتفاقية جديدة يف‬
‫نطاق املقارنة و هي اتفاقية روتردام لسنة ‪، 2008‬مع ضرب األمثلة أحياان عن بعض‬
‫القوانني أو األحكام القضائية اليت تطلب ذكرها كأحسن مثال عند صمت االتفاقيات‬
‫الدولية يف تنظيم مسائل التعويض أو قصر نظرها بشأنه‪.‬‬
‫لكن عندما نبحث يف موضوع التعويض عن النقل البحري للبضائع فإننا نقصد به‬
‫ذلك التعويض املرتتب عن مسؤولية الناقل البحري و اليت تقوم على هذه الصفة ‪،‬أي بوصفه‬
‫انقال مرتبطا بعقد النقل‪ .‬وعليه نستبعد من البحث املسؤولية اليت تنشأ على وصف آخر‬
‫غري كونه انقال‪ . 1‬إن املسؤولية على هذا االعتبار تكون عقدية ‪،‬تقوم عند اإلخالل بتنفيذ‬
‫االلتزام الذي ألقاه على عاتقه عقد النقل‪ 2‬و القواعد العامة و اجملموعة البحرية فيما يتفق مع‬
‫نصوصها مع طبيعة عقد النقل ‪،‬إذ يرتب عقد النقل يف ذمة هذا األخري التزاما أساسيا بنقل‬
‫البضاعة ‪.‬كما يتفرع عن هذا اإللتزام التزامات أخرى تصب كلها يف إيصال البضاعة سليمة‬
‫و كاملة للمرسل إليه و يلزم الرجوع يف ذلك إىل النصوص القانونية وإىل العرف اجلاري و‬
‫بناءا على هذا الطرح فال يسأل الناقل إذا مل يقم مبا يقتضيه بواجب مل ينص عليه يف العقد و‬
‫أو القانون و مل جيري به عرف‪.3‬‬
‫على الرغم من ذلك فليس هناك ما يربر اعتبار مسؤولية الناقل تقصريية ‪،‬طاملا ارتبط‬
‫بعقد نقل مع الشاحن يثبته سند الشحن‪ ،‬فال ميكن اللجوء إىل قواعد املسؤولية التقصريية‬

‫‪ -1‬ما خيرج عن نطاق الدراسة هو املسؤولية التقصريية ملالك السفينة بسبب خطأ الرابن أو أحد أفراد الطاقم البحري عند وقوع تصادم بني‬
‫سفينتني أو أكثر وما يتسبب ذلك من أضرار للسفن وحلمولتها و ركاهبا أو مسؤوليته عن األضرار اليت تسببها السفينة لرصيف امليناء‪.‬‬
‫‪ -2‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 30‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -3‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1987‬ص‪ 255‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مقدمة‬
‫أبي حال من األحوال حىت و لو نشأ الضرر الذي تعرض له املرسل إليه من غش الناقل أو‬
‫خطأه اجلسيم إذ تبقى قواعد املسؤولية العقدية هي مدار املساءلة ألاها أخص من التقصريية ‪،‬‬
‫فهي حتدد املسؤول بشكل اثبت و هو الناقل ‪ .‬فيما تفرض قواعد املسؤولية التقصريية واجبا‬
‫عاما على اجلميع بعدم اإلضرار ابلغري و تقضي القواعد العامة تغليب اخلاص على العام‬
‫‪،‬بينما ذهب البعض إىل أن املسؤولية العقدية تتحول إىل تقصريية يف حاليت الغش و اخلطأ‬
‫اجلسيم وقد جاء ذلك مبناسبة تربير مشول التعويض عن الضرر يف احلالتني املذكورتني ملا كان‬
‫متوقعا منه ومامل يكن متوقعا‪.1‬‬
‫إن احلاالت اليت تدعو ملسؤولية الناقل و هي تعرب عن الضرر يف النقل البحري للبضائع‬
‫تنقسم إىل ثالث‪ :‬هالك البضاعة ‪،‬أو تلفها ‪،‬أو اخلسارة اليت تنجم عن أتخريها يف التسليم‬
‫إىل املرسل إليه يف امليعاد املتفق عليه‪ ،‬أو حسب ما يقضي به العرف إذا سكت العقد عن‬
‫بيان ذلك‪.‬‬
‫بشكل مماثل وسوآءا طبق القانون البحري الدويل أو كانت إحدى التشريعات الوطنية‬
‫هي واجبة التطبيق فإنه عند وقوع ضرر للبضائع ‪،‬اليت تعهد الناقل بنقلها فإن القواعد املتعلقة‬
‫ابلتعويض يف النقل البحري للبضائع ال خترج عن نظامني ‪:‬‬
‫فأما النظام األول فهو نظام احلد األقصى للتعويض الذي يعترب نظاما استثنائيا انشق‬
‫عن التعويض الكامل وأصبح مسة ختص مسؤولية الناقل وقد كان القانون البحري‪ 2‬السباق‬
‫اليها‪ .‬و به أخذت االتفاقيات الدولية الثالث (بروكسل لسنة ‪،1924‬هامبورغ لسنة‬

‫‪ -1‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬


‫‪-2‬يف احلقيقة أن احلد األقصى للتعويض هو فكرة قدمية وأول ظهور هلا كان يف القرن الرابع عشر ضمن جمموعة أحكام قنصلية البحر واليت كانت‬
‫عبارة عن جتميع لألعراف كانت سائدة يف العصور الوسطى املتبعة يف سواحل البحر األبيض املتوسط الغربية وقد مسيت هبذا االسم نسبة إىل حمكمة‬
‫حبرية كان مقرها يف برشلونة‪:‬‬
‫‪-Daniel Danjon, Manuel de Droit maritime, librairie générale de droit et de jurisprudence,‬‬
‫‪Paris 1921, p 170.‬‬
‫‪13‬‬
‫مقدمة‬
‫‪،1978‬روتردام لسنة ‪، )2008‬كما هتافتت عليه تشريعات أخرى يف ميادين خمتلفة و هذا‬
‫ما سيتم بيانه يف املوضع املناسب له‪. 1‬‬
‫أما النظام الثاين فيتمثل يف نظام التعويض الكامل‪ ،‬حيث يتناسب التعويض فيه مع ما‬
‫يلحق البضاعة من ضرر‪ ،‬طبقا للقواعد العامة يف القانون الواجب التطبيق‪ .‬و حيكم به قضاة‬
‫املوضوع يف حاالت بينتها االتفاقيات الدولية‪ ،‬غري أاها تركت مسألة كيفية تقدير التعويض‬
‫يف هذا النظام للتشريعات الوطنية‪.‬‬
‫يف هذا الشأن سعت االتفاقيات الدولية ألجل تنظيم مسؤولية الناقل البحري الدويل و‬
‫التعويض الذي حيكم به على هذا األخري ‪،‬عند ثبوت مسؤوليته عما الضرر الالحق ابلبضائع‬
‫اليت تعهد إبيصاهلا إىل املرسل إليه سليمة يف الزمان واملكان املتفق عليهما‪ .‬وال يكون ذلك‬
‫إال من خالل توحيد أحكام القوانني الوطنية خبصوص مسؤولية الناقل البحري للبضائع من‬
‫جهة و من جهة أخرى حتقيق التوازن العقدي الذي افتقده عقد النقل البحري طويال ‪،‬غري‬
‫أن ذلك يضل أمرا صعبا و شاقا بسبب عدم تكافؤ املراكز القانونية لطريف ذلك العقد‪.‬‬
‫حيث أن الصعوبة يف هذا كله كانت حصيلة صر ٍاع بني الدول الناقلة و نظريهتا‬
‫الشاحنة كما سبقت اإلشارة إليه ‪،‬حيث أن الدول القوية و هي الدول الناقلة متتلك أساطيل‬
‫ضخمة تضم آالف السفن مما جعلها حتافظ على مركزها و تفرض شروطها‪ ،‬اليت غالبا ما‬
‫كانت مرهقة للدول الشاحنة وال ختدم التوازن يف عقد النقل البحري‪ .‬إن اإلشكال الذي‬
‫يثور هبذا الشأن يتجسد يف اآليت‪ :‬إىل أي مدى وفقت االتفاقيات الدولية يف حتقيق‬
‫التوازن بني مصاحل الدول الشاحنة و الناقلة؟‬
‫يف حماولة إلجياد إجابة على هذا اإلشكال اقتضى األمر توظيف ثالث مناهج‬
‫حسب ما تقتضيه طبيعة الدراسة وتتمثل هذه املناهج يف‪ :‬املنهج التارخيي ‪،‬املقارن و‬
‫التحليلي‪،‬فأما االعتماد على املنهج التارخيي فقد فرضه تطور القانون البحري الدويل‪ ،‬بسبب‬

‫‪ -1‬الصفحة ‪ 19‬من هذه الرسالة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫مقدمة‬
‫معاانة الشاحنني من غياب نصوص دولية حتقق أماهلم يف حتقيق التوازن العقدي ومواصلة‬
‫كفاحهم ضد شروط اإلعفاء من املسؤولية ‪،‬الذي كان كما رأينا يف غالب األحيان لصاحل‬
‫الناقلني ‪.‬يضاف إىل ذلك ما قدمه التطور التكونولوجي املستمر لصناعة السفن من سرعة يف‬
‫إمتام النقل البحري و ختفيض األضرار اليت كانت قليال ما تنجو منها احلمولة املنقولة و هذا‬
‫ما انعكس على النقل البحري للبضائع و اقتضى تعديل القواعد اليت مل تستطع جماراة هذه‬
‫الثورة التكنولوجية‪.‬‬
‫أما االعتماد على املنهج املقارن فإنه يرجع إىل ارتباط موضوع الدراسة بعقد نقل دويل‬
‫‪،‬إذ خيتلف فيه قانون ميناء الشحن عن قانون ميناء التفريغ مما يؤدي إىل تنازع القوانني‬
‫‪،‬لذلك كان توحيد القانون البحري ضرورة و غاية سامية البد لالتفاقيات الدولية من حتقيقها‬
‫‪،‬حىت ال تتباين القوانني و ابلتايل تتفاوت احلقوق ومييل قضاء الدول الناقلة لصاحل رعاايها و‬
‫تبقى الدول النامية حتت توجيهها‪ .‬و يف سبيل حتقيق ذلك كان ينبغي علينا إجراء مقارنة بني‬
‫اتفاقية بروكسل لسنة ‪،1924‬اتفاقية هامبورغ لسنة ‪،1978‬اتفاقية روتردام لسنة ‪2008‬‬
‫حىت نكتشف عن القواعد القانونية اليت تكفل شيئا من احلماية للشاحن و ترفع الغنب عن‬
‫الدول املغلوب أمرها يف جمال النقل البحري للبضائع ‪.‬فضال عن ذلك فاملنهج املقارن ال تكاد‬
‫الدراسات القانونية ختلو منه ألن أي نظام قانوين ال ميكن اكتشاف ما به من عيب أو قصور‬
‫إال مبقارنته مع غريه من القوانني‪.‬‬
‫كما اعتمدان على املنهج التحليلي ويظهر ذلك من خالل اجلداالت الفقهية الكثرية‬
‫اليت كشف عنها البحث‪ ،‬اليت كانت بسبب الغموض الذي كان يشوب نصوص معاهدة‬
‫بروكسل املذكورة يف الغالب ‪،‬أو من خالل صمت االتفاقيات الدولية مجيعها حول إبراز‬
‫بعض التعريفات الضرورية كالطبيعة القانونية للحد األقصى للتعويض ‪،‬مفهوم الطرد ‪ ،‬الوحدة‬
‫و فكرة الغش و اخلطأ اجلسيم ‪،‬مما دفع ذلك بكل فقيه لكي يدلو بدلوه يف هذا الشأن ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مقدمة‬
‫فضال عن ذلك رجوعنا إىل التطبيقات اليت أخذ هبا القضاء الدويل وابألخص الفرنسي‪،‬‬
‫البلجيكي‪ ،‬اإلجنليزي ‪،‬الكندي و األمريكي‪ ،‬مع ضرب أمثلة عن قضاء بعض الدول العربية‬
‫كالكويت‪ ،‬لبنان‪ ،‬مصر و املغرب‪.‬‬
‫ترتيبا على ما تقدم سنتعرض لدراسة النظام القانوين للتعويض يف النقل البحري‬
‫للبضائع يف االتفاقيات الدولية ‪،‬من أجل استظهار مواطن التشابه واالختالف بني هذه‬
‫القواعد الدولية مع التعرض للتطورات اليت أثرت عليها‪ ،‬دون أن ننسى اإلشارة إىل ما جاء به‬
‫القانون البحري اجلزائري يف كافة اجلزئيات اليت تضمنها الدراسة‪،‬من خالل خطة حاولنا‬
‫اعطاءها الدقة واالنسجام ‪ .‬لذلك اقتضى األمر تقسيم موضوع الدراسة إىل اببني‪ :‬نظام احلد‬
‫األقصى للتعويض(ابب أول)‪ ،‬نظام التعويض الكامل(ابب اثين)‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫الباب إلأول‪:‬‬
‫ي‬ ‫ع‬‫ت‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ص‬‫ق‬ ‫ل‬‫ا‬
‫نظام د إلأ ى و ض‬
‫ح‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يرجع تقدير التعويض املدين‪ ،‬الناشئ عن املسؤولية العقدية كأصل عام إىل قاضي‬
‫املوضوع ‪ .‬و هذا ما مل يتفق طرفا العقد على مقدار معني من التعويض‪ ،‬أو ينص القانون على‬
‫ذلك ‪،‬طبقا ملا تقضي به القواعد العامة يف القانون املدين‪ .1‬فعندما تنعقد مسؤولية الناقل‬
‫البحري يكون من حق املضرور استيفاء مبلغ التعويض عن األضرار الالحقة ابلبضاعة اليت‬
‫تعهد إبيصاهلا سليمة و كاملة العدد‪ ،‬يف الوقت والزمان املتفق عليها وفقا لعقد النقل‪.‬‬
‫أتسيسا على ذلك فإذا تضمن القانون نصاً يضع حدا أقصى ملبلغ التعويض فإن‬
‫القاضي يكون ملزما بعدم جتاوز ذلك احلد القانوين الوارد يف القانون البحري‪ .‬و يف هذا االجتاه‬
‫حاولت االتفاقيات البحرية الدولية توحيد مبلغ التعويض املرتتب على مسؤولية الناقل البحري‬
‫‪،‬عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول إىل صاحبها مبقتضى عقد النقل الدويل‪.‬‬
‫كما أاثر نظام احلد األقصى للتعويض جدال فقهيا حول مربرات هذا النظام وعن مدى‬
‫أتثريه على التوازن العقدي يف جمال النقل البحري للبضائع‪ ،‬مما يدفعنا إىل البحث يف هذا‬
‫املوضوع ‪،‬من خالل طرح التساؤل التايل‪ :‬ماهي األسباب اليت دفعت بواضعي القواعد الدولية‪،‬‬
‫اليت حتكم عقد النقل البحري من تقرير حد للتعويض خالفا للقواعد العامة‪ ،‬اليت تقضي أبن‬
‫جرب الضرر ال يكون إال ابلتعويض الكامل أو ابتفاق املتعاقدين؟‬
‫ابإلضافة إىل ذلك فإن وضع سقف للتعويض مببلغ معني ال يقتصر أثره على تقييد‬
‫سلطة القاضي و إمنا ميتد إىل حرية املتعاقدين يف االتفاق على تقدير مبلغ التعويض أيضا‪ .‬و‬
‫احلد األقصى للتعويض الذي جاءت به االتفاقيات الدولية هو يف احلقيقة غري مطابق للقيمة‬
‫احلقيقية للضرر احلاصل يف حالة هالك البضاعة‪ ،‬أو تلفها‪ ،‬أو أتخري يف تسليمها و هو ما‬
‫يعترب خاصية متيزت هبا قواعد النظام القانوين لعقد النقل البحري للبضائع‪ .‬بناءا على ما تقدم‬
‫فقد مت تقسيم هذا الباب إىل فصلني‪ :‬األول يتعرض ملفهوم احلد األقصى للتعويض ونطاق‬
‫تطبيقه‪ ،‬أما الثاين فيعاجل تقدير احلد األقصى للتعويض‪.‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 182‬ق م ج من األمر ‪ 58-75‬املؤرخ يف ‪ 1975/09/26‬املعدل و املتمم ابلقانون ‪ 10-05‬املؤرخ يف ‪ 20‬جوان ‪ 2005‬و‬
‫القانون رقم ‪ 05-07‬املؤرخ يف ‪ 2007/05/13‬املتضمن القانون املدين اجلزائري‪، .‬ج رعدد ‪ 31‬الصادر يف ‪.2007/05/13‬‬

‫‪17‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفصل األول‪:‬‬
‫مفهوم احل ّد األقصى للتعويض ونطاق تطبيقه‬
‫لقد اعتاد التشريع الدويل‪ 1‬على استعمال عدة مصطلحات للداللة على نظام احلد‬
‫األقصى للتعويض مثل حتديد املسؤولية ‪،‬كما أضاف بعض الفقه الفرنسي إىل ذلك عبارات‬
‫أخرى كتحديد مقدار التعويض‪ .‬وكل هذه املصطلحات ال تؤدي وظيفتها للداللة على املعىن‬
‫املقصود من وراء استعماهلا و ذلك ألاها تثري غموضا ‪ ،‬أو فهما خاطئا لدى القارئني العوام‪.‬‬
‫ويستثىن من هذه الطائفة أهل االختصاص ورجال القانون ‪،‬الذين آلفوا تداول هذه العبارات‬
‫من خالل استقراء أحكام االتفاقيات الدولية ‪ .‬حىت و إن قصدت هذه األخرية من وراء تلك‬
‫األلفاظ املذكورة حدا أقصى للتعويض يلتزم الناقل بدفعه عند ثبوت مسؤوليته عن هالك‬
‫البضاعة أو تلفها أو التأخري يف تسليمها إىل املرسل إليه فإاها مل حتسن اختيار العبارات‬
‫الواضحة و الدقيقة للوصول إىل املعىن املراد على النحو املذكور ‪.‬‬
‫كما أن االستفادة من حق املسآءلة وفق قاعدة احلد األقصى للتعويض هو ليس مقصورا‬
‫على الناقل وحده فقط و إمنا يتعداه إىل أن يستفيد اتبعوه منه‪ .‬لكن لن يكون هلم احلق يف‬
‫ذلك إال بتحقق عالقة التبعية بني الناقل و هؤالء التابعني‪ ،‬لذلك كان ال بد من التطرق ملفهوم‬
‫احلد األقصى للتعويض (مبحث أول) ‪ ،‬نطاق تطبيقه (مبحث اثين)‪.‬‬
‫املبحث األول‪:‬‬
‫مفهوم احل ّد األقصى للتعويض‬
‫إذا كانت مسؤولية الناقل البحري للبضائع أهم موضوعات القانون البحري ‪ ،‬فإن نظام‬
‫احلد األقصى للتعويض هو جوهر هذه املسؤولية ‪،‬حيث أخذ هذا األخري اهتماما دوليا كبريا‬
‫نظرا ملا كانت تطمح إليه احلكمة التشريعية من خالل تقرير مبالغ قصوى يف مسؤولية الناقل‬
‫البحري ‪،‬عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول إىل املرسل إليه‪ .‬أي على خالف‬

‫‪ -1‬تتمثل هذه التشريعات الدولية يف اتفاقييت بروكسل لسنة ‪ 1924‬واتفاقية هامبورغ لسنة ‪.1978‬‬

‫‪18‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫احلالة اليت مت وصفها هبا يف سند الشحن‪ .‬و يعترب نظام احلد األقصى للتعويض نوعا جديدا‬
‫من التعويض الذي خيرج عن القواعد العامة ‪ ،‬لذلك يقتضي األمر البحث يف بيان حقيقة هذا‬
‫النظام و الضرورة اليت دفعت ابإلرادة الدولية لوضعه‪ .‬و بناءا على هذه املعطيات كان من‬
‫الواجب التعرض للمقصود من احلد األقصى للتعويض‪،‬طبيعته القانونية و مربراته(مطلب‬
‫أول)‪،‬أساس املسؤولية احملدودة والشروط املتصلة هبا(مطلب اثين)‪.‬‬
‫املطلب األول‪:‬‬
‫تعريف احلد األقصى للتعويض و طبيعة القانونية و مربراته‬
‫لقد لقيت فكرة احلد األقصى للتعويض استحساان عاما لدى الكثري من الدول لذلك‬
‫تضمنته التشريعات البحرية الداخلية ‪،‬كما انتقل إىل اتفاقيات دولية حتكم جماالت آخرى‬
‫‪CMR‬‬ ‫للنقل نذكر منها اتفاقية وارسو اخلاصة ابلنقل اجلوي لسنة‪،11929‬اتفاقية‬
‫لسنة‪ 1956‬اليت حتكم عقد النقل الربي الدويل‪ ،‬االتفاقية الدولية للنقل ابلسكك احلديدية‬
‫‪.2COTIF-CIM‬‬
‫من زاوية أخرى فإنه ابلرغم مما قدمته هذه الفكرة من حلول إال أاها كانت حمل جدل‬
‫فقهي حول تربير ما جاءت به من نظام استثنائي خيرج عن القواعد العامة يف التعويض‪.‬و بناءا‬
‫عليه يقتضي األمر التعرض ملقصود نظام احلد األقصى للتعويض (فرع أول)‪،‬طبيعته‬
‫القانونية(فرع اثين )‪،‬مربراته(فرع اثلث)‪.‬‬

‫‪ -1‬اتفاقية النقل اجلوي الدويل املوقعة يف مدينة وارسوا يف يوم ‪12‬أكتوبر ‪ 1929‬واملعدلة ابلربوتوكول املوقع بالهاي يف ‪،1955/9/28‬‬
‫صادقت عليهما اجلزائر مبوجب املرسوم رقم ‪ 74-64‬املؤرخ يف ‪2‬مارس ‪،1964‬ج رعدد‪ 26‬لسنة‪.1964‬غري أاها مل تصادق اتفاقية‬
‫مونرتايل لسنة‪ 1999‬اليت حلت مكان االتفاقية السابقة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وقعتتت هتتذه املعاهتتدة يف ‪9‬متتاي ‪ 1980‬صتتادقت عليهتتا اجلزائتتر بتتتحفظ بوجتتب املرستتوم الرائستتي رقتتم ‪ 264 -91‬املتتؤرخ يف ‪/8/10‬‬
‫‪ ،1991‬ج ر رقتتم‪ 38‬ل‪ ، 1991/8/14‬كمتتا مت تعتتديل هتتذه االتفاقيتتة بروتوكتتول ‪3‬ج توان ‪1999‬وصتتادقت اجلزائتتر علتتى األختتري مبوجتتب‬
‫املرسوم ‪ 433-01‬ل‪،2001/12/26‬ج ر عدد ‪82‬ل‪.2001/12/31‬‬

‫‪19‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬‬
‫املقصود ابحل ّد األقصى للتعويض‬
‫قبل اخلوض يف تعريف نظام احلد األقصى للتعويض يتطلب األمر إلقاء الضوء أوال على‬
‫معىن التعويض لغة واصطالحا‪ ،‬نظرا لصلته الوثيقة مبوضوع الدراسة‪ ،‬مث يعقبه بعد ذلك‬
‫الكشف عن املقصود بنظام احلد األقصى للتعويض‪ ،‬كنقطة بداية للدخول يف خبااي التعويض‬
‫يف النقل البحري للبضائع ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف التعويض لغة و اصطالحا‬
‫‪-1‬التعويض لغة‪:‬‬
‫وعوضته‪ :‬أعطيته بدل‬
‫ضه واالسم معاوضة َ‬ ‫وع َاو َ‬
‫اضه َ‬‫أصله الع َوض أي البَ َدل‪ ،‬يقال َع َ‬
‫وتعوضه‪ :‬سأله الع َوض‪.2‬‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫استعاض‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ض‬‫و‬‫َ‬ ‫الع‬ ‫أخذ‬ ‫اعتاض‪:‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫ما ذهب منه‬
‫‪-2‬إصطالحا‪:‬‬
‫مل يشتهر عند الفقهاء القدامى استخدام مصطلح التعويض و إمنا استعملوا بدله لفظ‬
‫الضمان‪ ،‬حيث اختلف عندهم معناه‪ ،‬فمنهم من استعمله مبعىن التعويض ومنهم من عرب به‬
‫عن التعويض و غريه‪ .‬ولعل أرجح التعاريف اليت تتوافق مع املعىن احلقيقي للتعويض يف أنه‬
‫عبارة عن جرب الضرر الذي حلق ابلغري‪،3‬أو دفع ما وجب من بدل مايل بسبب إحلاق ضرر‬
‫ابلغري‪ .4‬وابختصار فالتعويض كما يراه أحد فقهاء القانون هو جزاء للمسؤولية‪.5‬‬

‫‪ -1‬مجال الدين ابن مكرم (ابن منظور)‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬اجمللد السابع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار صادر للطباعة والنشر بريوت‪-‬لبنان‪ ،‬ستنة ‪،2004‬‬
‫ص ‪.336‬‬
‫‪ -2‬أمحد بن حممد بن علي املقري الفيومي املقرئ‪ ،‬املصباح املنري‪ ،‬مكتبة لبنان انشرون‪ ،‬لبنان‪ ،‬سنة ‪ ،2001‬ص‪.166‬‬
‫‪ -3‬حممد سنان جالل‪ ،‬التعويض املادي عن الضرر األديب أو املادي الغري مباشر الناتج عن اجلناية أو الشكوى الكيدية‪ ،‬الدورة الثانية‬
‫وعشرون للمجمع الفقهي اإلسالمي ص‪، ar.themwl.org :9‬اتريخ الدخول إىل املوقع يوم‪ 2106/6/15‬الساعة ‪.11:30‬‬
‫‪ -4‬املوسوعة الفقهية‪ ،‬اجلزء الثالث عشر‪ ،‬الطبعة الثانية طباعة ذات السالسل‪ ،‬الكويت‪ ،‬سنة ‪ ،1983‬ص‪.35‬‬
‫‪ -5‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ‪ ،‬اجلزء األول ‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام ‪ ،‬الطبعة الثالثة اجلديدة ‪،‬‬
‫بريوت‪ -‬لبنان‪ ،‬سنة ‪،2000‬ص‪.964‬‬

‫‪20‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫من مجع ما تقدم فالتعويض هو املبلغ املايل املرتتب عن مسؤولية املدين جراء إخالله‬
‫اباللتزامات امللقاة على عاتقه مبوجب العقد ‪،‬أو القانون ‪،‬أو العرف من أجل إصالح‬
‫الضرر‪1‬الالحق ابلدائن‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬املقصود من احل ّد األقصى للتعويض‬
‫يقصد ابحلد األقصى للتعويض تقدير قانوين ملبالغ معينة تدفع للشاحن أو املرسل إليه‬
‫عند هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف وصوهلا‪ .‬أي أنه عبارة عن حدود قصوى ملسؤولية‬
‫الناقل ‪،‬اليت ال جيوز احلكم أبكثر منها مهما بلغ حجم الضرر ‪،‬الذي أصاب البضاعة املنقولة‬
‫‪،‬أو الذي أصاب املضرور من جراء إخالل الناقل إبحدى التزاماته ‪،2‬سوآءا للمسؤوليته املرتتبة‬
‫عن خطأه ‪،‬أو النامجة عن فعل اتبعيه‪.3‬‬
‫فضال عن ذلك هناك من عرفه على أنه وضع ٍ‬
‫حد أعلى ملبلغ التعويض يلتزم به الناقل‬ ‫َ ُ‬
‫إذا ما حتققت مسؤوليته‪.4‬كما يعرف أيضا على أنه نوع معني من التعويض أو إحدى صوره‬
‫‪،‬اليت ال ختضع لالعتبارات اليت يقوم عليها التعويض املدين العام‪. 5‬‬

‫‪ -1‬يقصد ابلضرر اإلخالل مبصلحة مشروعة للنفس أو الغري تعداي أو تعسفا أو ‪،‬أو إمهاال ‪ :‬أمحد موايف ‪ ،‬الضرر يف الفقه اإلسالمي ‪،‬رسائل‬
‫جامعيتة ‪ ،‬اجمللتتد األول‪ ،‬دار بتتن عفتتان للنشتر والتوزيتتع ابململكتتة العربيتتة الستتعودية‪ ،‬ستنة ‪، 1997‬ص‪.97‬وينقستتم الضتترر إىل نتتوعني ‪:‬أ‪-‬ضتترر‬
‫متتادي وهتتو متتا يصتتيب املضتترور يف مالتته أو جستتمه‪ ،‬كتتاملعري التتذي ال يستتتطيع استترتداد الشتتيء املعتتار ‪ ،‬أو كنقصتتان البضتتاعة املنقولتتة وزان أو‬
‫عددا أو تلفها أو فقدااها كلية أو أتخري الذي يف تسليم البضاعة مما ينتتج عنته تفويتت صتفقة بيعهتا وكتذلك الراكتب التذي يتؤدى يف ستالمته‬
‫عنتتد النقتتل ‪ ،‬أمتتا النتتوع األختتر فهتتو الضتترر املعنتتوي وهتتذا اندر يف املستتؤولية العقديتتة و يعتترف أبنتته متتا يصتتيب التتدائن يف شتتعوره أو عاطفتتته أو‬
‫كرامته أو شعوره وحنو ذلك‪ :‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.680‬‬
‫‪ -‬حممد هبجت عبد هللا قايد‪ ،‬العقود البحرية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة‪،‬سنة‪،1996‬ص‪111‬ومايليها‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬محاد مصطفى عزب‪ ،‬درورس يف القانون البحري‪ ،‬جامعة جنوب الوادي‪،‬مصر‪ ،‬بدون اتريخ نشر‪،‬ص‪.361‬‬
‫‪-4‬كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع لعام ‪ ،1978‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص‪.105‬‬
‫‪ -5‬شريف أمحد الطباخ‪ ،‬التعويض عن النقل الربي والبحري واجلوي‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬ص ‪.161‬‬

‫‪21‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ما يالحظ على التعاريف السابقة أاها مل تكن شاملة إلملام بنظام احلد األقصى للتعويض‬
‫‪،‬حيث اقتصر كل تعريف منها على جانب دون اآلخر‪ .‬وإلعطاء تعريف دقيق يتطلب األمر‬
‫إجراء تنسيق بني تلك التعاريف للقول أن نظام احلد األقصى للتعويض هو تعويض غري كامل‬
‫وضع فيه القانون حدا أعلى ملبلغ التعويض‪ ،‬يدفعه الناقل عند ثبوت مسؤوليته عن البضائع‬
‫اهلالكة أو التالفة أو املتأخرة يف الوصول وسوآءا أكان ذلك خبطئه أو خبطأ من اتبعيه‪ .‬و هو‬
‫على خالف للقواعد العامة يف التعويض املدين فال جيوز للقاضي احلكم أبكثر منه مهما بلغت‬
‫جسامة الضرر ‪.‬‬
‫لكن التعريف بنظام احلد األقصى للتعويض ال يثري إشكاال بقدر ما تطرحه بعض‬
‫املصطلحات اليت استخدمت يف الداللة عليه و اليت تعاقبت االتفاقيات على تداوهلا كمصطلح‬
‫"حتديد املسؤولية" ‪،‬أو ما استعمله الكثري من الفقه عبارات مثل "حتديد مقدار التعويض"‪ .‬و‬
‫املتتبع لنصوص اتفاقية بروكسل يكتشف أن مصطلح "حتديد املسؤولية " ال وجود له ضمن‬
‫أحكامها‪ ،‬غري أنه وارد يف بروتوكول تعديلها لسنة ‪ 1968‬و ابلضبط يف املادة ‪/2‬ه ‪.‬كما‬
‫استعمله الكثري من فقهاء القانون يف الدول الغربية والعربية للداللة على احلد األقصى للتعويض‬
‫وهو أيضا ما يظهر من قواعد هامبورغ يف املادة ‪.1/8‬‬
‫يف هذا الصدد فقد اقتفى املشرع اجلزائري يف القانون البحري آاثر االتفاقيات الدولية‬
‫السابقة ‪،‬حيث نصت املادة ‪809‬ق ب ج على أنه‪" :‬ال حيق للناقل االستفادة من حتديد‬
‫املسؤولية املذكورة يف املادة ‪805‬ق ب ج ‪.....‬إخل"‪ .1‬حسب ما ورد يف النص ابللغة الفرنسية‬
‫‪2‬‬
‫لكن يف النص ابللغة العربية استبدل املشرع عبارة "حتديد املسؤولية" بعبارة "حدود املسؤولية"‬
‫دون تغيري لبقية النص ‪ .‬والتساؤل الذي يطرح هنا هل املقصود من النصوص السالفة الذكر‬
‫حتديد املسؤولية أم حتديد مقدار التعويض؟‬

‫‪ -1‬املادة ‪809‬ق ب ج من األمر ‪ 80-76‬املعدل واملتمم ابلقانون رقم ‪ 98-05‬املؤرخ يف ‪25‬جوان ‪1998‬واملعدل واملتمم ابلقانون‬
‫‪ 04-10‬املؤرخ يف ‪15‬أوت ‪ ،2010‬ج ر رقم ‪46‬الصادرة يف ‪2‬أوت‪ 2010‬املتضمن القانون البحري‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Art 809: "le transporteur n'a pas le droit de bénéficier de la limitation de‬‬
‫‪responsabilité prévue a l'article 805….".‬‬
‫‪22‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫إن اإلجابة على هذا السؤال تتضح عند التمعن يف حمتوى تلك النصوص وحتليلها إذ جند‬
‫أن املقصود منها هو حتديد مدى التعويض‪ .1‬و بناءا على ذلك فإن مصطلح حتديد املسؤولية‬
‫ال يؤدي إىل حتقيق املعىن املراد من النصوص السابقة‪ ،‬أي أنه مصطلح وضع يف غري مكانه و‬
‫ابلتايل فإنه ال يهدف إىل املعىن الذي قصدته االتفاقيات الدولية ‪.‬كما أن مصطلح حتديد‬
‫املسؤولية يعين حصر املسؤولية يف ذمة مالية معينة وهذا ما يالحظ عند الرجوع إىل مسؤولية‬
‫مالك السفينة ‪2‬والشريك يف الشركة ذات املسؤولية احملدودة‪. 3‬‬
‫يضاف إىل ذلك أن مصطلح حتديد املسؤولية قد حييل ذهن القارئ إىل النطاق الزمين‬
‫ملسؤولية الناقل من حيث بدايتها واهايتها و هو ما ركزت عليه معاهدة بروكسل ‪،‬فقد كانت‬
‫بذلك حمل انتقاد يف هذا الشأن ‪،‬حيث اقتصرت هذه األخرية يف مساءلة الناقل على الفرتة‬
‫اليت تبدأ منذ شحن البضاعة إىل غاية تفريغها يف ميناء الوصول دون الفرتة السابقة للشحن‬
‫والالحقة للتفريغ ‪ .‬كما قد يعتقد أن مصطلح حتديد املسؤولية أنه يعين أيضا حصر مسؤولية‬
‫الناقل البحري يف نوع من األخطاء مثلما هو عليه احلال أيضا يف ذات االتفاقية‪ .‬وذلك عندما‬
‫يسأل الناقل عن األخطاء التجارية دون األخطاء املالحية‪، 4‬على خالف اتفاقييت هامبورغ‬
‫وروتردام اللتان مل تعفيا الناقل من األخطاء األخرية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Patric‬‬ ‫‪Simon, qui est compètent pour statuer sur la limitation en cas de procédure‬‬
‫‪multipartite?; DMF Juin 2001,p485.‬‬
‫‪-"J'emploi, comme tout le monde, a tort le mot "responsabilité" la' ou il faudrait dire‬‬
‫‪"réparation", on parle couramment de limitation de responsabilité alors que c'est la‬‬
‫‪reparation, la somme due a' titre d'indemnisation qui est limitée" : René Rodiére,‬‬
‫‪Droit maritime, les contrats de transport de marchandises, tome II, librairie Dalloz,‬‬
‫‪paris1968, p298.‬‬
‫‪ -2‬حممد عبد احلميد ‪ ،‬التعويض عن حاالت اهلالك والتلف والتأخري يف ظل قواعد هامبورغ ‪ ،1978‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬جامعة عني مشس‬
‫‪،‬مصر ‪ ،‬سنة ‪ ، 1984‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -3‬هي شركة ميكن أن تؤسس من شخص واحد على األقل أو أكثر من ذلك بشرط أن يتجاوز عدد الشركاء ‪ 20‬شريكا وال يتحملون‬
‫اخلسائر إال يف حدود ما قدموه من حصص حسب املادتني ‪564‬و‪590‬من األمر ‪ 59-75‬املؤرخ يف ‪ 1975/9/26‬املعدل واملتمم‬
‫ابلقانون رقم ‪ 02-05‬املؤرخ يف ‪ 2005/2/6‬املتضمن القانون التجاري ‪،‬ج ر العدد ‪ 11‬لسنة ‪.2005‬‬
‫‪ -4‬نصت املادة ‪ 4‬فقرة أوىل من اتفاقية بروكسل لسنة ‪" :1924‬ال يسأل الناقل أو السفينة عن هالك أو الضرر الناشئ أو الناتج عن عدم‬
‫صالحية السفينة للمالحة إال إذا كان عدم الصالحية عائد إىل عدم بذل الناقل هلمة الكافية الواجبة جلعل السفينة صاحلة للسفر‪"....‬‬

‫‪23‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ملا كانت عبارة "حتديد املسؤولية" ال تليق للداللة على احلد األقصى للتعويض اضطَر‬
‫الفقه‪1‬الستبداهلا بعبارة آخرى ال تقل غموضا عنها و هي "حتديد مقدار التعويض"‪ ،‬فتحديد‬
‫مقدار التعويض بنصوص تشريعية هو أمر اندر ال يقدم عليه املشرع إال يف حاالت اندرة يقوم‬
‫فيها مربر قوي يقتضي مثل هذا اإلجراء‪ .‬و يكون هذا املربر هو ما يكافئ الضرر‪ ،‬الذي‬
‫ينجم عن انطواء نصوص تشريعية جامدة على مقادير معينة من التعويض‪ ،‬يف حاالت متنوعة‬
‫قد ختتلف ظروفها و قد يتفاوت فيها الضرر الذي يقع يف كل حالة منها‪ .‬و مع ذلك يبقى‬
‫مقدار التعويض عن هذا الضرر املتفاوت جامدا يف النص ال يتغري‪.2‬‬
‫اجلدير ابلذكر أنه من بني احلاالت النادرة للتعويضات اليت حددها القانون التعويض‬
‫اخلاص ابألضرار اجلسمانية الناشئة عن حوادث املرور‪ . 3‬و بذلك فإن تقدير املشرع اجلزائري‬
‫للتعويض املمنوح للمتضرر أو لذويه ال يرت ك أي جمال للقاضي ملمارسة سلطته التقديرية يف‬
‫ذلك سواءا كان قاضيا مدنيا أم جزائيا‪.4‬‬
‫أتسيسا على ما تقدم فإن ما جاءت به النصوص القانونية الواردة ابالتفاقيات الدولية‬
‫اخلاصة ابحلد األقصى للتعويض‪ 5‬مل يقم فيها املشرع بتحديد مقدار التعويض عند ثبوت‬
‫مسؤولية الناقل البحري عند هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول و إمنا نص على‬
‫حد أعلى للتعويض ال ميكن جتاوزه ‪،‬حىت لو فاقت قيمة الضرر احلاصل للبضائع قيمة احلد‬

‫‪1‬‬
‫‪-Antoine Vialard, Droit maritime, presses universitaire de France, paris 1997,422,‬‬
‫‪Victor Emmanuel bokalli, la protection des chargeurs a travers les règles de‬‬
‫‪Hambourg : DMF, mars 1997, p238.‬‬
‫‪ -2‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ‪ ،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬الطبعة الثالثة اجلديدة ‪،‬منشورات احلليب احلقوقية‬
‫‪،‬بريوت‪ -‬لبنان ‪ ،‬سنة ‪ ،.2000‬ص ‪. 880‬‬
‫‪ -3‬األمر ‪ 15-74‬املؤرخ يف ‪ 1974/1/30‬املتعلق ابلزامية التأمني على السيارات وبنظام التعويض عن األضرار ‪،‬ج ر رقم ‪ 15‬الصادرة‬
‫يف ‪ 1974 /2/19‬واملعدل مبقتضى القانون رقم ‪ 31- 88‬املؤرخ يف ‪ 1988/7/19‬حيث أضاف إىل امللحق جدول التعويضات‬
‫املمنوحة عن األضرار اجلسمانية التعويض الناجم عن التأمل ‪ pretium doloris‬وعن الضرر املعنوي ‪préjudice moral‬‬
‫‪ -4‬الغوثي بن ملحة ‪ ،‬نظام التعويض عن األضرار النامجة عن حوادث املرور يف القانون اجلزائري ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعلو م القانونية العدد الرابع‬
‫‪ ،‬سنة ‪ ، 1995‬ص ‪. 997‬‬
‫‪ -5‬املادة ‪ 5/4‬من اتفاقية بروكسل لسنة ‪1924‬و املادة ‪/2‬أ من معاهدة بروتوكول تعديلها ‪،‬املادة ‪ 6‬من معاهدة هامبورغ ‪ ،‬املادة ‪ 59‬من‬
‫قواعد روتردام ‪،‬ويقابلهم يف املعىن نص املادة ‪ 805‬ق ب ج ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫القانوين للتعويض ‪ .‬و يرتتب على ذلك أن مصطلح "حتديد مقدار التعويض" ال يصلح ألن‬
‫يكون مرادفا أو مصطلحا اثنيا يستعمل للداللة على احلد األقصى للتعويض الختالف‬
‫املقصود لكل منهما ‪ ،‬لذلك كان من األفضل أن توضع العبارات يف مكااها الصحيح‪.‬‬
‫عند تتبع نصوص االتفاقيات الدولية ميكن القول أن واضعي معاهدة روتردام قد أحسنوا‬
‫الصنع ابنتقائهم ملصطلح "املسؤولية احملدودة"‪ 1‬و الذي كان أقرب للمعىن املقصود ‪ .‬ابإلضافة‬
‫إىل ذلك فإن أغلب الفقه قد ختلى عن استعمال املصطلحات املنتقدة السالفة الذكر واليت ال‬
‫تتناسب مع املعىن احلقيقي للنصوص الدولية أو الداخلية و اتفق على أن املصطلح األوفق‬
‫والذي يفي ابلغرض هو" احلد األقصى للتعويض"‪.2‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫الطبيعة القانونية للحد األقصى للتعويض‬

‫قبل اخلوض يف اخلالف الفقهي احلاصل بشأن بيان الطبيعة القانونية ‪،‬فإنه من الضروري‬
‫سرد النصوص القانونية اليت تعاجل نظام احلد األقصى يف ظل االتفاقيات الدولية ‪ .‬و ابتداءا‬
‫مبعاهدة بروكسل ‪ ،‬اليت نصت يف املادة ‪ 5/4‬على أنه‪" :‬ال يلتزم الناقل أو السفينة يف أي حال‬
‫من األحوال بسبب اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع أو ما يتعلق هبا ‪،‬مببلغ يزيد على مائة‬
‫جنيه إجنليزي عن كل طرد أو وحدة أو على ما يعادل هذه القيمة بعملة أخرى‪ ،‬ما مل يكن‬
‫الشاحن قد بني جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن أن هذا البيان قد دون يف سند الشحن"‪.‬‬
‫كما جاء يف نص املادة ‪ 1/6‬من اتفاقية هامبورغ ‪":‬أ‪-‬حتدد مسؤولية الناقل وفقا ألحكام املادة‬
‫‪ 5‬عن اخلسارة الناجتة عن هالك البضائع أو تلفها مببلغ يعادل ‪ 835‬وحدة حسابية عن كل‬
‫طرد أو وحدة شحن أخرى أو ‪ 25‬وحدة حسابية عن كل كيلوغرام من الوزن القائم للبضائع‬
‫يهلك أو يتلف ‪ ،‬أيهما أكرب‪.‬‬

‫‪ -1‬تنص املادة ‪...... ": 1/59‬تكون مسؤولية الناقل عن اإلخالل بواجباته مبقتضى هذه االتفاقية حمدودة مببلغ‪".....‬‬
‫‪ -2‬سوزان علي حسن‪ ،‬عقد نقل ابحلاوايت‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪ 2009‬ص‪. 281‬‬

‫‪25‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ب‪-‬حتدد مسؤولية الناقل وفقا ألحكام املادة ‪ 5‬عن التأخري يف التسليم مبلغ يعادل مثلي‬
‫ونصف مثل أجرة النقل املستحقة الدفع عن البضائع املتأخرة ‪ ،‬على أال يتجاوز هذا املبلغ‬
‫جمموع أجرة النقل املستحقة الدفع مبوجب عقد النقل البحري للبضائع "‪.‬‬
‫بينما جاء يف نص املادة ‪ 1/59‬من قواعد روتردام ‪":‬رهنا أبحكام املادة‬
‫‪60‬والفقرة‪1‬من املادة ‪ 161‬تكون مسؤولية الناقل عن اإلخالل بواجباته مبقتضى هذه االتفاقية‬
‫حمدودة مبا مبلغه ‪ 875‬وحدة حسابية لكل رزمة أو وحدة شحن أخرى ‪،‬أو ‪ 3‬وحدات‬
‫حسابية لكل كيلو غرام من الوزن اإلمجايل للبضائع اليت هي موضوع املطالبة أو النزاع ‪،‬أي‬
‫املبلغني أكرب إال عندما يكون الشاحن أعلن عن قيمة البضائع وأدرجها يف تفاصيل العقد ‪ ،‬أو‬
‫عندما يكون الناقل والشاحن قد اتفقا على مبلغ أعلى من مقدار حد املسؤولية املنصوص عليه‬
‫يف هذه املادة"‪.‬‬
‫لقد اختلفت آراء الفقهاء حول الطبيعة القانونية للحد األقصى للتعويض الوارد يف‬
‫النصوص السابقة و انقسمت إىل عدة اجتاهات‪:‬‬
‫فمن الفقه من يرى‪ 2‬أن احلد األقصى للتعويض هو حد أدىن لالتفاق بني الناقل‬
‫والشاحن و يف نفس الوقت هو حد أعلى ملا جيب على الناقل دفعه عن الضرر احلاصل مىت‬
‫خال سند الشحن من حتديد قيمة التعويض‪ .‬وبذلك فهو ليس تقديرا جزافيا لقيمة الطرد أو‬
‫املعروفة يف‬ ‫‪le règle de proportionnalité‬‬ ‫الوحدة مما يقتضي عدم تطبيق قاعدة النسبية‬
‫التأمني البحري وإجراء النسبة بني قيمة الضرر وقيمة الطرد كله وتطبيقها على احلد األقصى‬
‫للتعويض يف احلالة اليت تتجاوز فيها القيمة احلقيقية للطرد احلد القانوين‪ . 3‬ومثال ذلك لو‬

‫‪ -1‬تنص املادة ‪ 60‬على احلد األقصى للتعويض عند حصول خسارة اقتصادية بسبب التأخري يف وصول البضاعة مببلغ يعادل ضعفي‬
‫ونصف أجرة النقل الواجب دفعها عن البضائع املتأخرة ‪،‬أما الفقرة ‪ 1‬من املادة ‪ 61‬فهي ختص حاالت سقوط احلق يف استفادة الناقل‬
‫واتبعيه من احلد األقصى للتعويض‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-René Rodière, op.cit, p305.‬‬
‫حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬منشأة املعارف ابإلسكندرية ‪ ،‬سنة‪ ، 1997‬ص‪ ، 305‬كمال محدي ‪ ،‬عقد الشحن التفريغ ‪،‬‬
‫‪162‬‬ ‫منشأة املعارف ابإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪ ، 2002‬ص ‪ ، 221‬أمحد شريف الطباخ ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‬
‫‪-3‬كمال محدي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫افرتضنا أن قيمة الطرد هي ‪ 10000‬دج وأصابه تلف قد َر ب ‪ 5000‬دج فإن الشاحن‬
‫يستحق مبلغ مخسة آالف كاملة ‪ ،‬بينما لو طبقنا قاعدة النسبية على هذا املثال الستحق‬
‫‪ 2500‬دج فقط‪ ،‬ألن قيمة الضرر ابلنسبة للطرد هي‪. %50‬‬
‫أما البعض اآلخر من الفقه‪1‬فيخالف الرأي السابق ويذهب إىل القول أبن احلد األقصى‬
‫للتعويض ما هو إال أتييد لتنظيم تشريعي خاص بشرط التحديد والذي كان معموال به قبل‬
‫ابرام معاهدة بروكسل ‪ .‬وابلتايل فإن مبلغ احلد األقصى للتعويض يعترب تعويضا جزافيا عن‬
‫الضرر‪ ،‬الذي يسأل عنه الناقل ويشمل كل ما يصيب الشاحن من خسارة وما فاته من كسب‬
‫‪،‬لكن بشرط أن يكون الضرر انمجا عن إخالل الناقل ابلتزام مرتتب عليه مبوجب عقد النقل‬
‫‪،‬فال يشمل اخلطأ اخلارج عن هذا العقد‪.‬‬
‫يذهب بعض الفقهاء ‪ 2‬إىل اعتبار احلد األقصى للتعويض مقابال لتعويض وسط للضرر‬
‫الذي حلق ابلشاحن‪ ،‬أي هو عبارة عن تعويض توفيقي بني الضرر احلقيقي ومبلغ التعويض‬
‫الكامل‪ ،‬أو املعادل لقيمة البضاعة اليت هلكت ‪،‬أو أصاهبا تلف‪.‬‬
‫و أخريا يرى بعض الفقهاء‪ 3‬أن احلد األقصى للتعويض هو عبارة عن صورة من صور‬
‫إعفاء الناقل البحري عند حصول ضرر للبضاعة املنقولة‪ .‬و لذلك فإن النصوص القانونية اليت‬
‫أبطلت شروط اإلعفاء من املسؤولية أبطلت معها أيضا االتفاق على حتديدها ‪ ،‬لكنها يف‬
‫مقابل هذا االبطال جعلت مسؤولية هذا األخري حمدودة‪ .‬فاإلعفاء هنا يتمثل يف ما زاد عن‬

‫‪1‬‬
‫‪- Français sauvage, Jean Taillandier, Manuel pratique du transport des marchandises‬‬
‫‪par mer, librairie générale de droit et de jurisprudence,paris 1965,p39.‬‬
‫‪-‬علي مجال الدين عوض ‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪ ،‬سنة ‪ ، 1987‬ص‪، 297‬بنونة يونس ‪ ،‬مسؤولية الناقل‬
‫البحري على ضوء القانون املغريب (دراسة مقارنة مع اتفاقية هامبورغ لستة ‪، 1978‬مجعية أصدقاء املكتبة ‪ ،‬املغرب ‪ ،‬سنة ‪، 1993‬ص‬
‫‪. 108‬‬
‫‪ -2‬مصطفى كمال طه‪ ،‬أصول القانون البحري ‪،‬دار نشر الثقافة ‪ ،‬طبعة أوىل‪ ،‬مصر ‪ ،‬سنة ‪،1952‬ص ‪. 553‬‬
‫‪ -3‬لطيف جرب كوماين ‪ ،‬مسؤولية الناقل البحري – دراسة مقارنة مع اتفاقية هامبورغ ‪ ،‬منشاة املعارف ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة‪، 1995‬ص‬
‫‪. 129‬‬

‫‪27‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫احلد األقصى للتعويض يف حالة ما كانت قيمة الضرر أكرب من مبلغ ذلك احلد القانوين‪ ،‬فيربأ‬
‫الناقل البحري من املسؤولية بدفعه ملبلغ معادل للحد األقصى للتعويض‪.‬‬
‫بعد أن مت استعراض االجتاهات الفقهية خنلص إىل أن أرجح اآلراء هو االجتاه األول‬
‫الذي متكن من االملام جبوانب نظام احلد األقصى للتعويض ‪،‬حيث اعتربه من جهة أبنه املبلغ‬
‫األدىن ملا ميكن للناقل والشاحن االتفاق عليه ومن جهة أخرى هو حد أعلى للمسؤولية ‪ ،‬فال‬
‫ميكن للقاضي‪ 1‬احلكم على الناقل أبكثر منه مهما فاقت قيمة الضرر ذلك احلد‪ .‬و عليه ميكن‬
‫القول أبن احلد األقصى للتعويض ذو طبيعة قانونية مزدوجة‪ ،‬فهو من النظام العام يف احلدود‬
‫الدنيا االتفاقية اليت تكون بني الناقل والشاحن‪ ،‬إذ تقع هذه االتفاقات ابطلة بطالان مطلقا يف‬
‫االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري‪ .‬و يف املقابل فإن احلد األقصى للتعويض ال‬
‫يعترب من النظام العام يف حدوده العليا‪ ،‬حيث جيوز للشاحن االتفاق مع الناقل على إدراج بند‬
‫يف سند الشحن يقضي بتحديد مبلغ للتعويض أكرب مما حددته النصوص القانونية ‪.‬‬
‫بناءا على ما تقدم ذكره يتضح أن العالقة بني التعويض والضرر ال خترج عن ثالث‬
‫افرتاضات‪:‬‬
‫‪-1‬أن يكون حجم الضرر أقل من احلد األقصى للتعويض‪ ،‬فال يستحق املضرور إال تعويضا‬
‫يعادل ما حلقه من ضرر‪، 2‬أي تعويضا كامال يتناسب مع قيمة الضرر وفقا للقواعد العامة‬
‫فيشمل ما فاته من كسب وما حلقته من خسارة ‪ .‬فال جمال هنا للمضرور من أن يتمسك‬
‫‪ -1‬جيب على القاضي ان حيكم بتلك احلدود الواردة يف النصوص من تلقاء نفسه وسوآءا متسك هبا الناقل أم ال ‪ ،‬ألنه مفروض بقوة‬
‫القانون مادام هناك توافر لشروط تطبيق املعاهدات أو القانون الواجب التطبيق‪ :‬مدحت حافظ إبراهيم ‪،‬التحديد القانوين ملسؤولية الناقل‬
‫البحري طبقا لقانون التجارة املصرية واملعاهدات البحرية النافذة يف مصر ‪ ،‬جملة هيئة قضااي الدولة ‪ ،‬العدد الرابع ‪ ،‬أكتوبر‪-‬ديسمرب‬
‫‪،‬سنة‪، 1993‬ص‪. 19‬غري أن للقضاء الفرنسي حكما خمالف فال جيوز للقاضي أن حيكم به تلقائيا وعليه إذا أراد الناقل أن يستفيد من‬
‫احلد األقصى للتعويض جيب عليه أن يتمسك به وإال طبق عليه التعويض الكامل ودخل يف حكم املادتني ‪ 1151، 1150‬من القانون‬
‫املدين الفرنسي ‪،‬ل كن هذا الرأي قد جانبه الصواب فهو ال يصمد ابلرجوع إىل القواعد اآلمرة اليت تضمنها االتفاقيات الدولية والقانون‬
‫البحري الفرنسي لسنة ‪: 1966‬‬
‫‪-CASS 25 OCT 1982, B.T1983,p13: (R) Redière, (E) du pontavice,Droit‬‬
‫‪maritime,op.cité, p356.‬‬
‫‪ -2‬كمال محدي ‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري عام ‪( 1978‬قواعد هامبورغ)‪ ،‬منشأة املعارف ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪، 2008‬ص‬
‫‪. 116‬‬

‫‪28‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫بتطبيق احلد األقصى للتعويض وحىت ال يكون هناك إثراء بغري سبب على حساب الناقل‬
‫البحري‪. 1‬‬
‫كما يتم حساب التعويض طبقا للمادة ‪ 2/2‬من بروتوكول ‪ 1968‬املعدل التفاقية‬
‫بروكسل على أساس سعر البضائع على الوجه التايل‪:‬إذا كانت البضائع من النوع الذي له سعر‬
‫يف البورصة أخذ هبذا السعر و إال فإنه يؤخذ بسعرها اجلاري يف السوق‪ .‬و إذا تعذر ذلك‬
‫فريجع إىل القيمة املعتادة للبضائع اليت من النوع نفسه وبدرجة نوعيتها يف مكان ووقت تفريغ‬
‫البضائع من السفينة ‪ .‬وهو ماسارت عليه قواعد روتردام ‪،‬يف املادة ‪ 22‬فقرة‪ 1‬و‪ 2‬منها مع‬
‫تغري بسيط فبدال عن مكان ووقت تفريغ البضائع ‪،‬إذ قضت أن يكون حساب التعويض يف‬
‫مكان و زمن التسليم‪ .2‬ولعل ذلك راجع الختالف النطاق الزمين ملسؤولية الناقل البحري‬
‫ضمن أحكامهما و اليت وسعت منه قواعد روتردام ‪،‬حيث جعلته يبدأ منذ استالم البضاعة إىل‬
‫غاية تسليمها على عكس اتفاقية بروكسل ‪،‬اليت قصرت من هذا النطاق على النحو الذي‬
‫سبق ذكره‪ .3‬يف هذا الشأن يالحظ غياب نص مماثل يف قواعد هامبورغ مما يدفعنا على طرح‬
‫التساؤل التايل‪ :‬هل يوجد هناك إمكانية لتطبيق هذه القاعدة يف ظل قواعد هامبورغ ؟‬
‫الثابت أنه ليس هناك ما حيول بني األخذ هبذه القاعدة عند تطبيق قواعد هامبورغ ألاها‬
‫ال تتعارض مع أي نص من نصوص هذه االتفاقية ‪،‬بل أكثر من ذلك أاها أصبحت من‬
‫املبادئ العامة بني خمتلف الدول‪.4‬‬
‫‪-2‬أن يكون الضرر مساواي لقيمة احلد األقصى للتعويض ولتوضيح ذلك نسوق املثال التايل‪:‬‬
‫أبرم شاحن جزائري عقد نقل مع شركة إيطالية مفاده نقل ‪ 2000‬صندوق من التفاح من‬
‫ميناءا إيطاليا إىل ميناء اجلزائر لكن البضاعة هلكت يف الطريق إبمهال من الناقل يف احملافظة‬

‫‪ -‬مصطفى كمال طه ‪،‬أساسيات القانون التجاري والقانون البحري ‪ ،‬الدار اجلامعية ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون اتريخ نشر ‪،‬ص ‪.518‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -2‬قماز ليلى إلدايز ‪ ،‬أحكا م النقل الدويل متعدد الوسائط ‪ ،‬رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص ‪ ،‬جامعة تلمسان ‪ ،‬السنة اجلامعية‬
‫‪ ، 2014/2013‬ص ‪. 402‬‬
‫‪ -3‬وردت اإلشارة إليه يف الصفحة ‪23‬من هذه الرسالة‪.‬‬
‫‪ -4‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪29‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫عليها و اتضح أن قيمة الصندوق الواحد تساوي احلد األقصى الوارد يف معاهدة بروكسل وهي‬
‫‪ 100‬جنيه اجنليزي ابعتبار اجلزائر دولة منضمة هلذه االتفاقية ‪ .‬يف هذه احلالة الريب أن‬
‫املضرور يستحق تعويضا معادال لقيمة البضاعة اهلالكة وذلك ألن هذه احلالة تعترب من‬
‫تطبيقات القواعد العامة يف التعويض املدين ‪،‬الذي مبقتضاه يشمل التعويض كل الضرر احلاصل‬
‫‪ ،‬فيحصل املضرور على تعويض يقدر وفق ما حلقه من خسارة وما فاته من كسب ‪.‬‬
‫‪-3‬عندما يكون مقدار الضرر الناشئ عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف التسليم أكرب‬
‫من احلد األقصى للتعويض‪ ،‬هنا جيب على القاضي الناظر يف النزاع أال حيكم على الناقل بدفع‬
‫مبلغ يزيد عن السقف التعويض احملدد‪ .‬ومؤدى ذلك عدم حصول املضرور إال على قيمة ذلك‬
‫احلد املقرر قانوان‪1‬مهما بلغ مقدار الضرر الذي أصاب البضائع‪ .2‬لكن قبل ذلك جيب عليه‬
‫أن حيسب مبلغ التعويض مرتني‪ ،‬مرة على أساس عدد الطرود و مرة أخرى على أساس وزن‬
‫البضائع ليأخذ يف النهاية حبد التعويض األعلى بينهما ‪.3‬‬
‫خالصة القول أن احلالتني األوىل والثانية ال يثور بشأاهما أي إشكال ‪ ،‬فهما متثالن‬
‫إحدى تطبيقات القاعدة العامة يف التعويض املدين ‪ ،‬حيث حيصل صاحب البضاعة على‬
‫تعويض معادل ملقدار الضرر الذي حيدث‪ .‬لكن املشكلة تكمن يف احلالة الثالثة إذ أن املضرور‬
‫مل حيصل على تعويض متكافئ مع الضرر وإمنا حصل على مبلغ رمبا أقل بكثري عن مقدار‬
‫الضرر الذي حيدث من جراء هالك أو التلف أو التأخري الالحق ابلبضاعة‪ .4‬و هلذا فقد اثرت‬
‫الشكوك حول نظام احلد األقصى للتعويض مما جعله مهددا ابلزوال‪5‬خلروجه عن القواعد‬

‫‪ -1‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬معاهدة بروكسل وتعديالهتا (لتوحيد بعض القواعد املتعلقة ببوالص الشحن)‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬منشورات احلليب‬
‫احلقوقية ‪،‬لبنان‪ ،‬سنة ‪ ، 2006‬ص ‪. 63‬‬
‫‪ -2‬هاين دويدار ‪ ،‬قانون النقل ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪ ، 2014‬ص ‪. 241‬‬
‫‪ -3‬قماز ليلى إلدايز ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 400‬‬
‫‪ -4‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 64‬وما يليها ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Antoine Vialard, la limitation de responsabilité, clé de doute pour le droit maritime‬‬
‫‪du 21emesiecle, DMF janvier 2009, p1.‬‬
‫‪30‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫العامة‪ ،‬يف التعويض املدين‪ .‬وهذا ما حيثنا على البحث عن مربرات هلذا النوع اجلديد من‬
‫التعويض حىت يضمن استمراره يف املستقبل‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫مربرات احل ّد األقصى للتعويض‬
‫لقد ركز الفقهاء يف خمتلف دول العامل اهتماهم يف البحث عن الدوافع اليت جعلت من‬
‫اجملتمع الدويل يقرر نظام احلد األقصى للتعويض يف جمال النقل البحري للبضائع لعلهم جيدون‬
‫ما يضفي الشرعية على هذا النوع من التعويض ‪ .‬فقد ظهر هبذا الشأن اجتاهان األول يتبىن‬
‫تربيرات تقوم على مبدأ املالئمة‪ ،1‬أما الثاين فقد خالف الرأي السابق متجها صوب مبدأ‬
‫العدالة‪. 2‬و بناءا عليه سنتعرض للمربرات القائمة على مبدأ املالئمة ‪،‬مث بعد ذلك للمربرات‬
‫السائرة يف اهج مبدأ العدالة‪.‬‬
‫‪ -1‬املربرات القائمة على مبدأ املالئمة‬
‫تنحصر هذه املربرات إمجاال يف ثالث مربرات‪ :‬تشجيع الناقل البحري على االستثمار يف‬
‫النقل البحري‪ ،‬التقليل من املنازعات واستقرار األوضاع‪ ،‬املسامهة يف التوحيد الدويل للقانون‬
‫البحري‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابعتبار القاعدة القانونية تنظم سلوك األفراد يف اجملتمع‪ ،‬فهي تؤثر على الكيان العام هلذا األخري سلبا و إجيااب حسب طبيعة التفاعل‬
‫املوجود بينهما‪ .‬على هذا األساس‪ ،‬يقاس مدى مالئمة القانون للمجتمع تبعا الستجابة األول ملتطلبات ولطموح الثاين‪ ،‬مما يدفع بفقهاء‬
‫القانون إىل دراسة فكرة فعلية قواعد هذا األخري يف الواقع العملي‪:‬‬
‫‪https://manifest.univ-ouargla.dz/.../186‬‬
‫‪ - 2‬العدالة هي مفهوم تعين عدم االحنياز يف حماكمة أي إنسان ألي أمر‪ .‬و هي تعترب رؤية إنسانية للمحيط الذي يعيش فيه کل فرد شرط‬
‫أن ينظم هذه الرؤية قانون وضعي يشارك فی صياغتها الکل بعيدا عن التحکم‪ .‬والعدالة عكس الظلم واجلور ‪،‬التطرف وأهدافها‬
‫االنصاف ‪،‬املساواة ‪،‬التوازن ‪،‬عدم التعدي ومحاية املصاحل الفردية والعامة ‪،‬كما أاها مفهوم أخالقي يقوم على احلق واألخالق ‪،‬‬
‫‪،‬العقالنية‪ ،‬القانون‪ ،‬القانون الطبيعي ‪،‬اإلنصاف‪ ،‬فضال عن أن نظ رايت العدالة ال ختتلف اختالفا كبريا من جمتمع إىل‬
‫آخر ولكن تطبيق مفاهيمها خيتلف‪:‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/‬‬

‫‪31‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫تشجيع الناقل البحري على االستثمار‬
‫يرى بعض الفقه أنه نظرا ملا تتعرض الرحلة البحرية ملخاطر جسيمة و ال خيفى على أحد‬
‫مدى جسامة اآلاثر اليت ميكن أن تنتج عن حوادث املالحة البحرية‪ .‬حيث تفضي يف كثري من‬
‫األحوال إىل هالك األرواح واألموال املوجودة على منت السفينة ‪ ،‬فضال عن هالك السفينة‬
‫ذاهتا ‪،‬إذ تعترب من األصول عالية القيمة‪.1‬و ابلتايل فإنه إذا ألزمنا الناقل البحري بدفع‬
‫تعويضات كاملة عن كافة األضرار فذلك سيؤدي إىل نتائج ابلغة السوء على مشروع النقل‬
‫البحري‪،2‬فكم من شركة مالحية شهر افالسها بسبب احلكم عليها ابلتعويض الكامل عن‬
‫أضرار انمجة من حادث واحد‪. 3‬‬
‫حىت لو افرتضنا أنه إبمكان الناقل جتاوز هذه املخاطر عن طريق التأمينات اخلاصة ضد‬
‫املخاطر البحرية السيما التأمني عن املسؤولية املدنية ‪ ،‬إال أنه يصعب على شركات التأمني‬
‫القبول بتحمل مبالغ ضخمة على سبيل التعويضات إذا ما تركت املبالغ مفتوحة ‪ .‬مما ينجم‬
‫عنه ارتفاع يف أسعار عقود التأمني عن املسؤولية وما يرتتب عليه من زايدة يف أجور النقل مما‬
‫يؤدي حتما الرتفاع أسعار السلع‪.4‬‬
‫كما يضاف إىل ذلك املخاطر الطبيعية ‪،‬اليت يتعرض هلا الناقل أثناء عملية النقل‬
‫كالعواصف واحلوادث البحرية وخماطر آخرى تتعلق ابملوانئ وبعملية النقل ذاهتا‪ .‬فمن بني‬

‫‪ -1‬هاين حممد دويدار ‪ ،‬القانون البحري يف ضوء القانون اللبناين واالتفاقيات الدولية ‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بلبنان‪ ،‬بدون‬
‫اتريخ نشر ‪ ،‬ص ‪. 341‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Boukhatmi Fatima, Aspect du contrat de transport de marchandises par mer en droit‬‬
‫‪algérien et dans les conventions internationales, thèse de doctorat d'état en droit,‬‬
‫‪université d'oran,17/6/2002,p208.‬‬
‫‪ -‬حممد إبراهيم الدسوقي ‪ ،‬تقدير التعويض بني اخلطأ والضرر ‪ ،‬موسوعة الثقافة اجلامعية للنشر والتوزيع ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬بدون اتريخ نشر ‪،‬‬
‫ص ‪. 297‬‬
‫‪ -3‬حممد السيد الفقي‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2016‬ص ‪.367‬‬
‫‪ -4‬وجدي حاطوم ‪ ،‬النقل البحري يف ضوء القوانني و املعاهدات الدولية ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬املؤسسة احلديثة للكتاب ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬سنة ‪، 2011‬‬
‫ص‪. 200‬‬

‫‪32‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫املخاطر اليت يتعرض هلا الناقل البحري يف بعض املوانئ و ابألخص يف موانئ الدول النامية‪ ،‬إذ‬
‫تعاين أغلبها من مشاكل التكدس و هلذا السبب يضطر الناقل لالنتظار خارج امليناء عدة أايم‬
‫مما قد يؤدي إىل هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول‪ .‬أما املخاطر اليت تتولد عن‬
‫عملية النقل وهي كثرية كاحتكاك جسم السفينة يف بعض األحوال ابلبضاعة مما قد يؤدي إىل‬
‫هالك البضاعة أو تلفها‪ ،‬أيضا عدم مالئمة أدوات التغليف البضاعة اليت بداخلها وعدم‬
‫تناسب وزن البضاعة مع حجم احلاوية أو الطرد فتتعرض الرجتاج عند سري السفينة يف البحر‪.1‬‬
‫وبناءا على ذلك فإن جعل مسؤولية الناقل حمدودة مببلغ معني عن األضرار الالحقة أبصحاب‬
‫البضائع هو أمر يدفع شركات التأمني إىل إبرام عقود أتمني ضد املخاطر البحرية نظرا جلعل‬
‫الضمان حمدودا‪.2‬‬
‫ابلرجوع إىل الواقع العملي فإن هذا التربير مل يعد مقنعا يف الوقت احلاضر ‪،‬قد يصدق‬
‫على سنني ماضية أين كانت السفن التقليدية ضعيفة اهليكل نتيجة للمواد املستعملة يف بناءها‬
‫ومن جهة أخرى ال تتوافر على أجهزة السالمة ملواجهة األخطار البحرية والدليل على ذلك‬
‫التطور التكنولوجي الذي شهدته صناعة السفن من ظهور السفن العمالقة وسفن احلاوايت و‬
‫ما تتمتع به من قوة ‪،‬صالبة وقدرة على نقل الكم اهلائل من البضائع‪ .‬يضاف إىل ذلك‬
‫التدريب احملكم لطاقم السفينة وفق أحدث التجهيزات من وسائل االتصال الالسلكية‬
‫والرادارات ‪،‬كذلك وضع خريطة للتستيف‪،3‬اليت هتدف إىل احملافظة على البضاعة وعلى توازن‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.87‬‬


‫‪ -2‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬نفس املوضع ‪.‬‬
‫‪ -3‬تستيف البضائع يتم وفق خريطة تسمى خريطة التستيف يقوم إبعدادها كبار الضباط وهلا عدة وظائف أخرى تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬على ضوئها ميكن حساب اتزان السفينة‪-‬حتتاج إليها إدارة امليناء لتحديد الرصيف الذي سرتصو عليه السفينة ‪،‬ج‪ -‬دليل على املكان‬
‫الذي شحنت فيه البضائع ‪،‬ج‪ -‬بواسطتها ميكن ملقاول الشحن والتفريغ أن حيدد البضائع اليت ستفرغ يف امليناء األول والبضائع األخرى اليت‬
‫ستفرغ يف املوانئ التالية‪ ،‬د‪ -‬متكن اجلمارك من معرفة نوع البضائع على السفينة ومشروعيتها ‪ ،‬ح‪ -‬أهم وظيفة تؤديها تتمثل فأاها تعترب‬
‫دليل على الطريقة اليت شحنت وخزنت هبا البضائع واليت هبا يستطيع الناقل االحتجاج أمام احملاكم إلعفائه من املطالبات إذا كان التستيف‬
‫سليما طبقا للقواعد املتعارف عليها ‪ :‬مدحت خلوصي ‪ ،‬السفينة والقانون البحري ‪،‬الشنهايب للطباعة والنشر ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪، 1994‬‬
‫ص‪. 386‬‬

‫‪33‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫السفينة معا‪ . 1‬فهذا يكفي للقول أبن تشجيع الناقل على االستثمار نظرا ملا يتعرض له من‬
‫خماطر مل يعد يصلح كمربر للحد األقصى للتعويض وال يزال هذا النظام حيتاج إىل تربير ال‬
‫يتوقف على مرحلة من زمن قد خلت‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫التقليل من املنازعات واستقرار األوضاع‬
‫يرى أنصار هذا االجتاه أبن احلد األقصى للتعويض يقلل من املنازعات و يساهم يف‬
‫استقرار املنازعات ‪،‬حيث أنه عندما يُلزم الناقل البحري بدفع تعويض كامل عن الضرر الالحق‬
‫ابلبضاعة سيجعله ذلك مياطل يف دفع التعويض للمضرور ‪ ،‬فيضطر هذا األخري إىل بذل اجلهد‬
‫واملال لكي حيصل على هذا التعويض من الناقل املماطل‪ .‬وكذلك حياول الناقل بشىت الطرق‬
‫أن يؤخر هذا الدفع لكي يستفيد من اخنفاض قيمة النقود ابإلضافة للربح الذي حيققه من‬
‫إيداع هذا التعويض يف أحد البنوك فيعود عليه ابلربح خالل فرتة إطالة أمد دفع التعويض‬
‫الكامل‪ .‬أما إذا ألزم الناقل بدفع التعويض وفق نظام احلد األقصى للتعويض فإن هذا سيدفعه‬
‫إىل املصاحلة دون االلتجاء إىل القضاء أو التحكيم‪، 2‬هو نفس األمر الذي يسعى إليه املضرور‬
‫ألنه يعلم أن مبلغ التعويض لن يزيد على حد معني مما يدفعه على جتنب املنازعات الكيدية‬
‫والسعي إىل تسوية املوضوع وداي مما يوفر على املضرور والقضاء عبئا كبريا‪ 3‬من نفقات إضافية‬
‫كمصاريف التقاضي و أتعاب احملامي ‪ ،‬كان إبمكانه جتنبها لو أنه رضي هبذه التسوية‪.4‬‬
‫وابلتايل فإن مبدأ احلد األقصى للتعويض جاء للتقليل من املنازعات والستقرار مشروعات‬
‫النقل البحري و استمرارها‪.5‬‬

‫‪ -1‬مدحت خلوصي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.386‬‬


‫‪ -2‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪ -3‬مدحت حافظ إبراهيم‪ ،‬دعوى مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف ضل قانون التجارة املصرية واالتفاقيات الدولية ‪ ،‬جملة هيئة قضااي‬
‫الدولة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬العدد األول ‪،‬سنة ‪ ،1992‬ص ‪. 5‬‬
‫‪ -4‬فاروق زاهر‪ ،‬حتديد مسؤولية الناقل اجلوي الدويل ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪ ،‬سنة ‪ ، 1985‬ص ‪. 111‬‬
‫‪ -5‬هاين حممد دويدار ‪ ،‬علي البارودي ‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬بدون اتريخ نشر ‪ ،‬ص ‪. 286‬‬

‫‪34‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يف احلقيقة ال ميكن األخذ هبذا التربير لعدم صحته فهو ال يصمد ابلرجوع إىل أرض‬
‫الواقع وذلك لسببني‪:‬‬
‫السبب األول ‪ :‬يتمثل يف أن املضرور يفضل بال شك احلصول على تعويض كامل ومن أجل‬
‫ذلك يسعى جاهدا لكي حيرم الناقل من االستفادة من التعويض وفقا للحد األقصى عن طريق‬
‫اثبات غش الناقل أو خطئه اجلسيم‪ ،‬مما يدفعه إىل اللجوء إىل القضاء وما ينجم عنه من طول‬
‫يف دعوى التعويض من إجراءات حىت يتم الفصل فيها وهذا أمر ال يهم الشاحن بقدر ما يهمه‬
‫أن حيصل على تعويض معادل لقيمة الضرر الذي حلق ببضائعه‪ .‬على عكس الناقل الذي يريد‬
‫الفصل يف الدعوى املرفوعة عليه يف أسرع وقت ابعتباره خيدم نشاطه البحري‪.‬‬
‫السبب الثاين‪ :‬ميكن رده إىل مقتضيات التجارة الدولية‪ 1‬و يف هذا الصدد يفرتض أن يسبق‬
‫عقد النقل البحري عقد بيع دويل فلوال العقد الثاين ملا أبرم األول وهو الغالب‪ .‬و نظرا ألمهية‬
‫عقد التأمني على البضائع‪ ،‬الذي يعترب من بني الواثئق األساسية اليت يتطلبها االعتماد‬
‫املستندي‪، 2‬إضافة لسند الشحن والقائمة التجارية‪ .3‬وذلك حىت يقبل البنك الوفاء بقيمة‬
‫البضائع وهي ال تزال يف بلد املصدر‪ .4‬نتيجة لذلك فإن املضرور يف سبيل استيفاء مبلغ‬

‫‪ -1‬أوجب املشرع اجلزائري االعتماد املستندي كطريقة إلزامية لدفع الواردات ألول مرة يف املادة ‪ 69‬من قانون املالية التكميلي لسنة‬
‫‪ ،2009‬يف األمر ‪ 01/09‬املؤرخ يف ‪ 22‬جويلية ‪ ، 2009‬ج ر عدد ‪. 44‬‬
‫‪ -2‬االعتماد املستندي ‪ crédit documentaire‬هو تعهد من البنك فاتح االعتماد ويتم مبوجبه سداد القيمة للمستفيد املصدر‬
‫مقابل مستندات تثل البضاعة املنقولة أو املعدة للنقل ‪.‬ويعترب االعتماد املستندي أنسب الوسائل اليت عرفت ال متام عمليات التجارة الدولية‬
‫‪ ،‬ذلك ألن املشرتي ال يطمئن إىل دفع مثن البضاعة إال إذا حتقق من وصول البضاعة إليه ‪ ،‬كما ال يطمئن البائع إىل ارسال البضاعة إال إذا‬
‫قبض مثنها فعن طريق االعتماد يضمن كل طرف تنفيذ التزام الطرف اآلخر نتيجة توسط البنوك يف عملية البيع الدويل حبيث يقوم بنك‬
‫املشرتي بفتح اعتماد ابلثمن لصاحل البائع مىت أرسل إليه البائع مستندات البضاعة اليت حددها له عميله املشرتي وحتقق البنك من تطابق‬
‫املستندات مع تعليمات العميل ‪ :‬حمي الدين إمساعيل علم الدين ‪ ،‬العمليات االئتمانية يف البنوك وضماانهتا ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬سنة ‪، 1975‬‬
‫ص‪ ، 8‬مشار إليه لدى حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬القانون التجاري ‪ ،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪ ،‬سنة ‪ ، 1984‬ص ‪. 552‬‬
‫‪ -3‬تعترب هذه الوثيقة مبثابة ملخص لعقد البيع حيث ينب فيها كمية البضاعة وأوصافها وسعر الوحدة وقيمتها االمجالية وأجور النقل والتأمني‬
‫عليها أو أية مصاريف أخرى إضافة الحتوائها على تفاصيل أخرى من أمساء أطراف عقد البيع وصيغة دفع الثمن ‪ :‬خالص انفع أمني ‪،‬‬
‫جملة الكوفة ‪ ،‬العدد السابع ‪ ،‬سنة ‪ ، 2010‬ص ‪www.ia.sj.met/ias.j?func=fulltext61504ald=:122‬‬
‫اتريخ الدخول إىل املوقع‪ ، 2016/07/ 16:‬الساعة ‪. 21:15 :‬‬
‫‪ -4‬ليلى بعتاش ‪،‬أثر الغش يف عقد األساس على تنفيذ االعتماد املستندي ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة ابتنة ‪ ،‬السنة اجلامعية‬
‫‪، 2014/2013‬ص ‪. 4‬‬

‫‪35‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫التعويض جيد الرجوع على شركة التأمني أسرع وأفضل من املغامرة ابلرجوع على الناقل البحري‬
‫‪،‬خاصة مبا ميلكه هذا األخري من وسائل اإلعفاء من املسؤولية‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫املسامهة يف توحيد القانون البحري الدويل‬
‫إن اهلدف الذي تطمح إليه االتفاقيات الدولية وال سيما منها البحرية هو توحيد القانون‬
‫الذي حيكم عقد النقل الدويل وهو ضرورة تقتضيها الروابط القانونية نظرا إلشتماهلا يف غالب‬
‫األحيان على عنصر أجنيب ‪.‬حيث أن املالحة البحرية تتم بطبيعتها بني دول متعددة وأشخاص‬
‫خمتلفي اجلنسية‪ .1‬و بذلك خيتلف قانون ميناء الشحن عن قانون ميناء التسليم مما يثري مسألة‬
‫التنازع بني القوانني‪.‬‬
‫حلل هذه املشكلة اجتهت نية الدول إىل االتفاق على قواعد تشريعية توحد مبوجبها‬
‫األحكام املوضوعية‪ ،‬اليت حتكم العالقة القانونية موضوع النزاع‪ .2‬و مما ال شك فيه أن نظام‬
‫احلد األقصى للتعويض ميثل قاعدة موضوعية حتدد مبلغ أعلى للتعويض ‪ ،‬الذي ال ميكن احلكم‬
‫أبكثر منه عند استحقاق التعويض والذي يلزم حماكم مجيع الدول األطراف يف االتفاقية بتطبيق‬
‫هذه القاعدة ‪ .‬فيصبح الناقل غري معرض خلطورة اخلضوع للقوانني الوطنية للدول اليت تتباين‬
‫فيها احللول اخلاصة مبسألة تقدير التعويض وحتديده‪ ،‬مما يساعد يف النهاية على توحيد القانون‬
‫على الصعيد الدويل‪.3‬‬
‫غري أنه ال ميكن األخذ هبذا التربير فاألمر ليس هبذه البساطة ألن توحيد القانون هو أمر‬
‫صعب وشاق فال زالت الدول حتاول الوصول إىل ذلك‪ . 4‬فالربغم من أن قاعدة احلد األقصى‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬التوحيد الدويل للقانون البحري ‪ ،‬دار الفكر اجلامعي ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ، 2007‬ص ‪. 7‬‬
‫‪ -2‬حسن اهلداوي ‪ ،‬تنازع القوانني (املبادئ العامة واحللول الوضعية يف القانون األردين –دراسة مقارنة ‪، )-‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع‬
‫‪،‬األردن ‪ ،‬سنة ‪ ، 1997‬ص ‪. 49‬‬
‫‪ -3‬فاروق زاهر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ -4‬مسيحة القليويب‪ ،‬موجز القانون البحري‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪، 1969‬ص ‪ 44‬وما يليها ‪ ،‬مصطفى كمال طه ‪،‬‬
‫التوحيد الدويل للقانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 9‬‬

‫‪36‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫للتعويض أصبحت عاملية و أخذت هبا غالبية التشريعات‪ ،‬لكنها اختلفت يف الطريقة اليت‬
‫وظفت هبا هذه القاعدة‪ .1‬و يرجع ذلك لالختالف احلاصل بني العمالت النقدية للدول‪،‬‬
‫نظرا لقوة اقتصاد الدول الناقلة وهو العكس ابلنسبة للدول الشاحنة وما تعانيه من ضعف‬
‫اقتصادي وتدهور مستمر مما يشكل عائقا كبريا أمام توحيد القانون الدويل‪.‬‬
‫كما أن الطريقة املثلى لتحقيق توحيد القانون البحري الدويل ال تكون إال عن طريق عقد‬
‫معاهدات دولية تضع تشريعا منوذجيا لكل موضوعات القانون البحري ‪ ،‬تقتبسه الدول‬
‫املنضمة من تلك املعاهدات ‪ ،‬مث تضعه يف تشريعاهتا الداخلية والنتيجة املرتتبة على ذلك توحيد‬
‫قواعد القانون البحري يف خمتلف الدول‪.2‬‬
‫‪ -2‬املربرات السائرة على هنج مبدأ العدالة‬
‫تتمثل املربرات الفقهية اليت رأت وجها للعدالة يف قاعدة احلد األقصى للتعويض يف ثالث‬
‫نظرايت ‪:‬القياس على مسؤولية مالك السفينة ‪،‬إلغاء شروط اإلعفاء من املسؤولية وختفيفها‪ ،‬مث‬
‫خنتمها ابلنظرية اليت أخذت ابملربر الذي يصدق مع مبدأ العدالة وهو حتقيق التوازن بني مصاحل‬
‫الشاحنني والناقلني ‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫القياس على مسؤولية مالك السفينة‬
‫لقد كانت فكرة املسؤولية احملدودة ملالك السفينة عند ظهورها تسمح ملالك السفينة أن‬
‫حيمي نفسه من عواقب األخطاء اليت قد يرتكبها رابن السفينة وذلك بتخليه عن السفينة‬
‫‪ .Abandon du‬و قد طبقت هذه القاعدة عند قيام مسؤولية مالك السفينة وهي‬ ‫‪navire‬‬
‫‪3‬‬
‫تشمل األموال اليت اقرتضها الرابن كالديون اليت يعقدها لشراء جتهيزات للسفينة ولتصليحها‬

‫‪1‬‬
‫‪- Philippe‬‬ ‫‪delebecque ,Droit maritime 13eme édition, Dalloz paris 2014, p611 .‬‬
‫‪ -‬مسيحة القليويب ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬حممد بن عمار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.838‬‬

‫‪37‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪،‬مث أخذت هذه الفكرة تتطور ببطء إىل غاية أن وصلت للقاعدة املعروفة حاليا‪ .1‬يرى جانب‬
‫من الفقه أنه إذا كان مالك السفينة قد حضي بنظام احلد األقصى للتعويض على مر العهود‬
‫السابقة ألن نشاطه حمفوف ابملخاطر البحرية فإن نشاط الناقل هو اآلخر ال يقل خطرا عن‬
‫نشاط مالك السفينة‪ .‬و من مثة فمن العدل أن يعامل الناقل البحري بنفس املعاملة اليت يتمتع‬
‫هبا مالك السفينة‪.2‬‬
‫غري أن ما جاء به أصحاب هذا الرأي ال يقبله املنطق السليم‪ ،‬إذ ال جيوز القياس على‬
‫حكم يف القانون و هو ال يزال حمل خالف يف شرعيته ‪،‬فتربير نظام احلد األقصى للتعويض يف‬
‫النقل البحري للبضائع أبن هناك نظام مشابه أيخذ به املشرع البحري يف مسؤولية مالك‬
‫السفينة احملدودة ‪ ،‬يقتضي ذلك أن يكون هذا النظام قد مت الفصل يف مسألة تربيره‪.3‬‬

‫‪ -1‬قامت عدة معاهدات بتنظيم مسؤولية مالك السفينة منها اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬اخلاصة ابملسؤولية احملدودة ملالك السفن اليت‬
‫أخذت بنظام الرتك ومعناه أن تربأ ذمة مالك السفينة برتك سفينته وأجرهتا على خالف القواعد العامة للمسؤولية التقصريية ‪:‬مسيحة‬
‫القليويب‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.198‬‬
‫‪-Georges Ripert, op.cité, p192.‬‬
‫مث بعد أكثر من ثالثني عاما جاءت اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1957‬لتجل حمل االتفاقية األوىل ‪،‬حيث ألغت نظام الرتك وجاءت بنظام‬
‫التعويض اجلزايف وهذا ما أخذ به املشرع اجلزائري ‪،‬حيث أحال خبصوص سقف التعويض إىل هذه املعاهدة حسب ما جاء يف املادة ‪96‬‬
‫من القانون البحري اجلزائري وعليه فإن مسؤولية مالك السفينة حتدد وفق ثالث حاالت ‪:‬احلالة إذا تسبب احلادث يف أضرار مادية فقط‬
‫يكون عندئذ يقدر مبلغ التحديد بقيمة ‪ 1000‬فرنك ذهيب لكل وحدة محولة من السفينة ‪،‬أما احلالة الثانية ‪:‬فتكون عندما يتسبب احلادث‬
‫يف أضرار جسمانية فقط فهنا حيدد مبلغ التعويض ب‪ 3100‬فرنك ذهيب لكل وحدة محولة ‪،‬أما احلالة الثالثة واألخرية تتمثل عند اجتماع‬
‫أضرار جسمانية وأخرى مادية انجتة عن احلادث فيخصص مبلغ ‪ 2100‬فرنك ذهيب لكل وحدة محولة لتسديد الديون املتعلقة ابألضرار‬
‫اجلسمانية وخيصص ‪ 1000‬فرنك ذهيب للتعويض عن األضرار املادية وتقدر قيمة الفرنك الذهيب ب ‪ 65, 5‬من الذهب‪ :‬حممد بن عمار‬
‫‪ ،‬حتديد مسؤولية مالك السفينة ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية ‪،‬العدد الرابع ‪ ،‬سنة ‪ ، 1995‬ص ‪ 832‬وما يليها ‪ ،‬انضمت اجلزائر بعد‬
‫استقالهلا هلذه االتفاقية مبوجب املرسوم ‪174/64‬املؤرخ يف ‪،1964/06/8‬ج ر عدد‪ 13‬لسنة ‪.1964‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Daigle Guy ,le contrat de transport maritime ,étude de droit comparé canadien et‬‬
‫‪français (thèse)Aix Marseille , 1986,p314, Elariny mohamed farid, la‬‬
‫‪responsansabilité de transporteur maritime,( thèse) paris , 1974,p233:‬‬
‫مشار إليهما لدى ملزي عبد الرمحن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫‪ -‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.104‬‬
‫‪3‬‬

‫‪38‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ضف إىل ذلك فإن فكرة خماطر البحر اليت يراها البعض أاها تصلح كمربر لنظام‬
‫مسؤولية املالك السفينة احملدودة ماهي يف احلقيقة إال حجة واهية وإيديولوجية يراد هبا عزل‬
‫العالقات البحرية عن الفلسفات االجتماعية للتسرت على مصاحل الدول الرأمسالية‪.1‬‬
‫و ملا كانت الشكوك ال تسمح بتربير احلد األعلى للمسؤولية املقرر ملالك السفينة‬
‫مبخاطر البحر حاول البعض أن يربر هذا النظام للقول أبن مسؤولية املتبوع عن أعمال اتبعيه‬
‫تقوم على افرتاض اخلطأ من جانب املتبوع يف الرقابة والتوجيه ‪،‬حبيث من املتعذر على املالك‬
‫إن مل يكن من املستحيل أن يباشر حقه يف الرقابة والتوجيه على الرابن وهو يعمل بعيدا عنه‪،‬‬
‫فضال عما يتمتع به الرابن من سلطة واسعة يف التصرف وحرية كبرية يف العمل ‪.‬‬
‫كما يضاف إىل ذلك أن نيابة هذا األخري عن املالك ليست من قبيل الوكالة العادية‬
‫اليت يلزم الوكيل بتنفيذها دون أن جياوز حدودها املرسومة ‪،‬فالرابن يتمتع بسلطان مطلق يف‬
‫أمور مالك السفينة وله أن خيرج عليها إذا كان فيها ضرر للسفينة ‪،‬حيث يستطيع يف حالة‬
‫الضرورة أن يربم تصرفات قانونية رغم معارضة املالك إذا كان ذلك يف صاحل السفينة مما‬
‫يقتضي ختفيف مسؤولية املالك عن تصرفات الرابن‪.2‬‬
‫إن هذا التربير هو اآلخر كسابقه غري كاف فإذا كان األمر يتعلق ابستحالة الرقابة‬
‫والتوجيه مما يعين أن نظام احلد األقصى للتعويض جيب أن يطبق أيضا خبصوص الطائرات‬
‫وعرابت السكك احلديدية ‪ ،‬فمن يقود الطائرات هم أيضا يعملون بعيدا عن اخلطوط اجلوية‬
‫وكذلك ابلنسبة لشركة القطارات ‪،‬كما يعاب على هذا التربير من جانب آخر قيامه على خطأ‬
‫من حيث القانون ‪،‬إذ يقيم مسؤولية املتبوع على أساس اخلطأ يف االختيار والرقابة وهو غري‬

‫‪ -1‬حممد زهدور ‪ ،‬املسؤولية عن فعل األشياء ومسؤولية مالك السفينة يف القانون املدين اجلزائري ‪ ،‬دار احلداثة ‪،‬بريوت ‪ ،‬سنة ‪، 1990‬ص‬
‫‪.180‬‬
‫‪ -‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬أساسيات القانون البحري‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية ‪،‬لبنان ‪ ،‬سنة ‪ ، 2006‬ص ‪ 108‬وما يليها‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪39‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫صحيح ‪،‬فلو كان األمر كذلك ألمكن اثبات العكس‪ .‬و هو ماال تسمح به املادة ‪ 1384‬ق‬
‫م ف‪ ، 1‬اليت تعترب مسؤولية املتبوع قائمة على قرينة قاطعة ال جمال إلثبات عكسها‪. 2‬‬
‫إن هذه االنتقادات املوجهة ملربرات املسؤولية احملدودة ملالك السفينة تدل أن هذا األمر‬
‫مل حيسم بعد وابلتايل ال ميكن القياس على ذلك لتربير ميزة احلد األقصى للتعويض‪ ،‬اليت حيظى‬
‫هبا الناقل البحري وهلذا جيب البحث عن مربر آخر يتفق مع مبدأ العدالة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫الغاء شروط اإلعفاء من املسؤولية أو ختفيفها‬
‫ابلرغم من أن احلملة ضد شروط االعفاء من املسؤولية قد أمثرت يف جمال النقل الربي‬
‫سنة ‪ 1905‬إبصدار قانون "رابيه" الذي عدل املادة ‪ 103‬من القانون التجاري الفرنسي‬
‫وأبطل شروط اإلعفاء من املسؤولية وما يف حكمها من بنود يف عقود النقل الربي ‪،‬فإن النقل‬
‫البحري قد استعصى عليه أي تعديل مشابه‪ .3‬و يرجع ذلك إىل استناد الناقلني البحريني يف‬
‫ادراج شروط اعفائهم إىل مبدأ سلطان اإلرادة ‪،‬الذي كان سائدا يف القرن التاسع عشر فقاموا‬
‫بتضمني سندات الشحن تلك الشروط املعفية من املسؤولية‪ ،‬عن هالك البضاعة أو تلفها‬
‫الناشئ عن إمهال وكالئهم‪.4‬‬
‫ميكن للناقل ابعتباره مدينا وفقا للقواعد العامة يف القانون املدين أن يتفق مع الشاحن‬
‫على اعفائه من أية مسؤولية ترتتب على اخالله ابلتزامات عقدية‪ ،‬إال ما ينشأ عن غشه أو‬

‫‪ -1‬يقابله نص املادة ‪ ، 136‬املتبوع يقوم يف جانبه خطأ مفرتض افرتاضا قطعيا ال يقبل اثبات العكس ويتمثل يف خطأ يف الرقابة أو خطأ‬
‫يف التوجيه أو خطأ يف االختيار ‪ ،‬فالتابع إذا ارتكب خطأ كان املتبوع مسؤوال عنه مبقتضى خطأ آخر يفرتض قيامه يف جانب املتبوع وال‬
‫جيوز للمتبوع أن يتخلص من املسؤولية إبثبات أنه قد اختذ مجيع االحتياطات املعقولة لتوجيه اتبعه والرقابة على أعماله وقد قال هبذا الرأي‬
‫الكثري من الفقهاء واحملاكم يف فرنسا ومصر ‪ :‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ‪ ،‬اجلزء األول ‪ ،‬املرجع السابق‬
‫‪. 1041،‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- René Rodière, la limitation de responsabilité du propriétaire de navire, passé présent‬‬
‫‪et avenir, DMF1973 ,p26.‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم مكي إبراهيم ‪ ،‬دعوى مسؤولية على الناقل البحري ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة عني مشس ‪،‬مصر ‪ ،‬سنة‪ ، 1973‬ص ‪. 226‬‬
‫‪ -4‬شرط اإلمهال نشأ يف األصل يف إجنلرتا ‪ ،‬مفاده أن يتفق مع الشاحن على عدم مسؤولية الناقل عن األضرار اليت تنشأ نتيجة خطأ اتبعيه‬
‫البحريني أو الربييني ‪ :‬مسيحة القليويب‪ ،‬موجز القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 295‬‬

‫‪40‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫عن خطئه اجلسيم ‪ .‬ابإلضافة إىل هذا ميكنه أيضا أن يشرتط اعفائه من املسؤولية النامجة عن‬
‫غش أو خطأ جسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم يف تنفيذ التزاماته‪.1‬‬
‫يف هذا الشأن يرى بعض الفقه أنه نظرا ملا كانت الشروط اجلائرة املتعلقة إبعفاء الناقل‬
‫من املسؤولية عن األضرار الالحقة ابلبضاعة هتدد التوازن الذي تقوم عليه مسؤولية الناقل‬
‫البحري‪ ،‬سوآءا داخليا أو دوليا‪ ،‬لذلك قامت االتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية إبلغاء‬
‫تلك شروط يف مقابل وضع حد أقصى يسأل الناقل وفت َقه‪.2‬‬
‫إىل جوار شروط اإلعفاء من املسؤولية كانت هناك شروط حتديد مبلغ التعويض الواجب‬
‫على الناقل دفعه عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول‪ ،‬فقد كان القضاء قبل‬
‫ظهور اتفاقية بروكسل حيكم بصحة هذه الشروط‪ 3‬مامل يكن هذا التعويض اتفها حبيث يؤدي‬
‫بطريق غري مباشر إىل إعفاء الناقل من املسؤولية‪ ،‬عندئذ يبطل هذا الشرط‪ .4‬نذكر على سبيل‬
‫املثال أنه كانت بعض الشركات املالحية يف فرنسا تضع حدا ملسؤوليتها مبوجب سندات‬
‫الشحن مببلغ أقصاه ‪ 100‬فرنك فرنسي عن كل صندوق من البضاعة واستمرت على هذه‬
‫احلالة حىت بعض تدهور قيمة الفرنك الفرنسي‪ .‬مما اُعترب مبثابة اعفاء للناقل من مسؤوليته‪ ،‬إال‬
‫أن البعض قد َع َد َل عن هذا التحديد التافه مقدرا اخلطر الذي يكمن وراءه من حيث تزايد‬
‫شكوى الشاحنني بشأن رفع مقدار التعويض إىل مخسة أضعافه‪.5‬‬
‫بعد ظهور القواعد امللزمة ملعاهدة بروكسل اتفقت الدول على أن حيدد سقف التعويض‬
‫مبئة جنيه اجنليزي وإلغاء شروط حتديد التعويض أبقل من هذا املبلغ ‪ .‬لذلك يعتقد جانب من‬

‫‪ -1‬املادة ‪2/178‬من القانون املدين اجلزائري‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Georges Ripert, op.cit, p793, Pierre Bonassies, op.cit, p709.‬‬
‫ويف نفس املعىن كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ‪1978‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ ،102‬علي يونس عقد النقل‪،‬‬
‫دار الفكر العريب‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون اتريخ نشر‪ ،‬ص ‪.338‬‬
‫‪ -3‬وهو ما جتيزه القواعد العامة يف املادة‪ 183‬ق م ج ‪.‬‬
‫‪ -4‬نقض فرنسي ‪ -1- 1924 gazette de palais، 1924/4/14‬ص ‪، 717‬مشار إليه لدى عبد الرمحن سليم‪ ،‬شروط االعفاء‬
‫من املسؤولية‪ ،‬رسالة دكتوراه جبامعة اإلسكندرية سنة ‪،1955‬ص‪.303‬‬
‫‪ -‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪41‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الفقه‪ 1‬أن احلد األقصى للتعويض هو الثمن الذي حصل عليه الشاحن يف نظري بطالن‬
‫الشروط‪ ،‬اليت كانت تسمح للناقل بتحديد مبلغ التعويض‪ ،‬وفقا للقواعد العامة‪.‬‬
‫ميكن القول أنه ليس من املنطق أن تتدخل االتفاقية املذكورة للقضاء على شروط‬
‫االعفاء من املسؤولية‪ ،‬أو ما شاهبها من شروط كتحديد مبلغ التعويض مببلغ زهيد من أجل‬
‫محاية الطرف الضعيف يف عقد النقل مث أتيت له مبقابل بوضع حد أقصى للتعويض ‪،‬الذي ال‬
‫يتطابق مع القيمة احلقيقية للضرر احلاصل للبضاعة ‪.‬‬
‫من زاوية أخرى لو عدان إىل القواعد العامة فهذا التربير هو أيضا جمانب للصواب ‪،‬ألن‬
‫جتريد الناقل من حقه يف االتفاق مع الشاحن وفقا للحرية التعاقدية يف القواعد العامة ال‬
‫يقتضي تقرير حد أقصى للتعويض ملسؤولية الناقل‪ ،‬فقد تدخلت هذه القواعد حلماية الطرف‬
‫املذعن(الشاحن)‪ ،‬حيث جيوز للقاضي أن يتدخل يف عقود اإلذعان لتعديل الشروط التعسفية‬
‫أو أن يعفي الطرف املذعن منها ‪ .‬و هذا وفقا ملا تقضي به العدالة ويقع ابطال كل اتفاق على‬
‫خالف ذلك طبقا ملا ورد يف نص املادة ‪ 110‬ق م ج وعليه فإن نظام احلد األقصى ال يزال‬
‫حيتاج البحث عن مربر آخر يتفق مع مبدأ العدالة‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‬
‫احل ّد األقصى للتعويض حيقق التوازن بني املصاحل‬
‫يتضح من خالل ما ورد يف نص املادة ‪ 5/4‬من اتفاقية بروكسل واملادة ‪ 1/59‬من‬
‫معاهدة روتردام أن الناقل ال يستفيد من نظام احلد األقصى تلقائيا مثل ما ذهبت إليه‬
‫معاهدة هامبورغ ‪،‬إذ مل تشرتط هذه األخرية أي شرط حىت يستفيد الناقل من احلد األقصى‬
‫بل جعلت مسؤولية هذا األخري حمدودة يف كلتا احلالتني سواءا بني الشاحن قيمة البضاعة‬
‫وجنسها أم مل يبنهما و هذا ما يفهم من نص املادة ‪ .6‬خالفا التفاقية بروكسل اليت قضت‬

‫‪1‬‬
‫‪-Francis‬‬‫‪Sauvage ,Manuel pratique du transport des marchandises par mer , librairie‬‬
‫‪générale de droit et de jurisprudence, Paris 1955,p81, René Rediére, Droit‬‬
‫‪maritime,Dalloz ,Paris 1980,p269.‬‬
‫‪42‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫أبن حق االستفادة من نظام احلد األقصى للتعويض يتقرر يف حالة عدم تصريح الشاحن‬
‫جبنس البضاعة‪ 1‬وقيمتها قبل الشحن ‪،‬و عدم تدوينهما يف سند الشحن‪.‬‬
‫إذن فالشاحن الذي يريد تعويضا كامال عن الضرر الذي حلقه وزايدة يف مسؤولية الناقل‬
‫عن احلد األقصى للتعويض‪ ،‬الذي عينته معاهدة بروكسل جيب عليه أن يساعد الناقل على‬
‫تنفيذ التزاماته اخلاصة ابحملافظة على البضاعة‪ ،‬فيتقدم له ببيان عن جنس البضاعة وقيمتها‪.‬‬
‫فهذا البيان ابستطاعته توجيه الناقل إىل كيفية العناية ابلبضاعة على حسب ما تتطلب طبيعتها‬
‫‪،‬من عناية وميكنه أيضا من رصها رصا يتالءم معها واختيار مكان مناسب هلا ‪،‬إذ أن بعض‬
‫العنابر يف السفينة قد تصلح لنوع معني من البضائع هبا وال تصلح لنوع آخر‪ .‬ابإلضافة إىل أن‬
‫ذكر قيمة البضاعة يسهل للناقل احملافظة على البضاعة حسب قيمتها إذ ُميكنه من زايدة‬
‫احلراسة عليها أثناء شحنها وتفريغها ورصها يف األماكن اليت تسهل من ذلك كاجلواهر ذات‬
‫القيمة املرتفعة مثال‪.2‬‬
‫فإذا مل يتقدم الشاحن إبعالن عن جنس البضاعة وقيمتها أعترب ذلك قبوال منه ابحلد‬
‫األقصى للتعويض املقرر يف النصوص القانونية السابقة‪ .‬وعليه يبقى الشاحن حرا يف االختيار‬
‫بني التعويض الكامل والتعويض وفق حد أقصى‪.3‬كما يستنتج من ذلك أيضا أنه ال ميكن‬
‫تقرير التعويض الكامل يف حالة عدم بيان طبيعة البضاعة وقيمتها نظرا ملا ينطوي عليه من‬
‫اجحاف حبق الناقل‪ ،‬الذي جيهل حمتوايت الطرود املنقولة‪ ،‬اليت قد تكون ذات قيمة كبرية ‪،‬إذ‬
‫يفوته أن يغطي مسؤوليته ابلتأمني الالزم من أجل نقلها‪.4‬‬

‫‪ -1‬وكذلك نفس احلكم ابلنسبة لقواعد روتردام ‪،‬غري أنه يالحظ وجود اختالف بسيط بني املادتني املذكورتني أعاله يتمثل يف أن املادة‬
‫‪ 1/59‬من معاهدة روتردام اقتصرت على اشرتاط ذكر قيمة البضاعة دون جنسها ‪،‬على عكس املادة ‪ 5/4‬من معاهدة بروكسل اليت‬
‫أوجبت ذكر قيمة البضاعة وجنسها حىت حيصل الشاحن على تعويض كامل يتناسب مع ما أصابه من ضرر‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Compte rendu sténographique de la conférence de la Haye, RIDM33-1046.‬‬
‫مشار إليه لدى عبد الرمحن سليم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 300‬وما يليها ‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد القادر حسني العطري ‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة حول النقل متعدد الوسائط للبضائع ل‪، 1980‬جملة احلقوق الكويتية ‪ ،‬العدد الثالث ‪،‬‬
‫السنة الثامنة ‪ ،‬سبتمرب ‪ ، 1984‬ص ‪. 184‬‬
‫‪ -4‬علي مجال الدين عوض ‪ ،‬التحديد القانوين ملسؤولية الناقل البحري الدويل يف اتفاقية بروكسل ويف القضاء الكوييت ‪ ،‬جملة احلقوق‬
‫والشريعة ‪ ،‬العدد الثاين ‪ ،‬سنة ‪ ، 1978‬ص ‪. 332‬‬

‫‪43‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫إذن فعلى ضوء احلد األقصى للتعويض ميكن حساب املخاطر اليت سيواجهها الناقل‬
‫ويضع تبعا لذلك أجور شحن موحدة ورخيصة ويف الوقت ذاته يتفادى املخاطر املرتبطة‬
‫ابلبضائع ذات القيمة املرتفعة ‪،‬اليت جيهل حمتواها‪ .‬عالوة على ما تقدم فإن التعويض الكامل‬
‫يؤدي إىل إرهاق الشاحنني الذين سيطلب منهم عندئذ رفع أجور شحن غالية ‪ .‬ومن مثة فإن‬
‫احلد األقصى للتعويض يعمل على حتقيق نوع من التوازن بني مصاحل الشاحنني والناقلني‪ .1‬و‬
‫من زاوية أخرى فقد راعت التشريعات الدولية مصاحل الشاحنني من حيث أنه ال ميكن االتفاق‬
‫على أقل من احلد األقصى للتعويض و مراعاة يف نفس الوقت ملصاحل الناقلني ‪،‬من حيث عدم‬
‫إلزامهم أبكثر من احلد األقصى للتعويض‪.2‬‬
‫خالصة القول أن فشل كل املربرات اليت كانت حمل جدل و اليت مت نقدها على اعتبار‬
‫أن الظروف واالعتبارات اليت كان يعتقد أباها الدافع يف تقرير نظام احلد األقصى قد تالشت‬
‫يف الوقت احلاضر وال جدوى من األخذ هبا يف تربير التعويض اجلديد‪.‬كما أن بعضها خرج‬
‫عن املنطق القانوين لذلك فإن توازن املصاحل بني األطراف املتعارضة سيبقى على مر العهود‬
‫ضرورة من ضرورات التوازن العقدي وطريقا حنو حتقيق مبدأ العدالة وهو اهلدف الذي تصبو‬
‫إليه مجيع التشريعات‪ ،‬لذلك يعترب املربر الوحيد الذي يستقيم مع نية اجملتمع الدويل من وراء‬
‫تقرير نظام احلد األقصى للتعويض‪.3‬‬

‫‪ -1‬يعقوب يوسف صرخوه ‪ ،‬النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري عن البضائع يف القانون البحري الكوييت اجلديد (القسم األول‪ ،‬جملة احلقوق‪،‬‬
‫العدد الثاين‪ ،‬السنة الثامنة‪ ،‬سنة ‪ ، 1984‬ص ‪. 194‬‬
‫‪ -2‬عادل علي املقدادي ‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع والدار الدولية ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬اإلصدار الثالث‪ ،‬عمان ‪ ،‬سنة‬
‫‪، 2002‬ص‪ ، 145‬كمال محدي اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ‪ ، 1978‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 117‬‬
‫‪ -3‬قرارية قويدر ‪ ،‬نظام احلد األقصى للتعويض واخلالف الفقهي احلاصل حول مربراته ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للقانون البحري والنقل ‪،‬العدد اخلامس‬
‫‪،‬منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد تلمسان(اجلزائر) ‪،‬دار كنوز للنشر والتوزيع ‪،‬سنة‪،2017‬ص ‪.344‬‬

‫‪44‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫املطلب الثاين‪:‬‬
‫أساس املسؤولية احملدودة والشروط املتصلة هبا‬
‫على غرار كل العقود امللزمة للجانبني وال سيما عقد النقل البحري للبضائع فإن‬
‫اإلخالل ابلتزام يرتبه العقد يؤدي إىل قيام املسؤولية العقدية للطرف الذي فشل يف الوفاء‬
‫بواجباته ‪ .‬و على هذا فإن مسؤولية الناقل احملدودة هي مسؤولية عقدية تثور عندما خيفق‬
‫الناقل يف إيصال البضاعة لصاحبها سليمة وكاملة العدد على النحو‪ ،‬الذي مت تدوينه يف سند‬
‫الشحن‪ .‬و ترتكز هذه املسؤولية عموما على ثالث أركان وهي اخلطأ ‪ ،‬الضرر والعالقة السببية‬
‫كم‬
‫بينهما و جيب على املضرور يف سبيل احلصول على التعويض إثبات هذه األركان حىت ُحي َ‬
‫على املسؤول عن الضرر مبا جيربه‪ .‬و إن كان األمر هكذا وفق القواعد العامة فما هو األساس‬
‫الذي اختذته االتفاقيات الدولية ملسؤولية الناقل البحري احملدودة ؟‬
‫إن اإلجابة على هذا التساؤل ستكون من خالل دراسة األساس الذي تقوم عليه‬
‫املسؤولية احملدودة يف االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري (فرع أول) وإىل جانبه‬
‫سنتطرق للشروط املدرجة يف عقد النقل ومدى جوازها من خالل دراسة الشروط الباطلة‬
‫بطالان مطلقا (فرع اثين)‪،‬مث يليه التعرض بعد ذلك للشروط الصحيحة (فرع اثلث)‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫أساس املسؤولية احملدودة يف االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري‬
‫مل تستقر التشريعات الدولية وحىت الداخلية على أساس واحد ‪،‬حىت وإن كانت قد‬
‫وضعت أساسا عاما إال أاها قررت أسس استثنائية ‪،‬حسب ما تقتضيه ظروف احلال‪ .‬وذلك‬
‫نظرا ألن بعض احلاالت تتطلب تغيري األساس الذي تقوم عليه املسؤولية احملدودة للناقل‬
‫البحري‪ .‬لذلك سنتعرض ألساس املسؤولية احملدودة وفق اتفاقية بروكسل ‪،‬مث يعقبه الوضع يف‬
‫اتفاقييت هامبورغ وروتردام و أخريا اإلشارة إىل ماجاء به القانون البحري اجلزائري يف هذا‬
‫الشأن ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫أساس املسؤولية احملدودة يف معاهدة بركسل‬
‫تنص املادة ‪ 3‬من معاهدة بروكسل على أنه‪:‬‬
‫"أوال‪ :‬على الناقل أن يبذل اهلمة الكافية قبل لسفر وعند البدء فيه ألغراض التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬جعل السفينة صاحلة يف حالة صاحلة للسفر‪.‬‬
‫ب‪-‬جتهيز السفينة و تطقيمها ومتوينها على الوجه املرضي‪.‬‬
‫ج‪-‬إعداد العنابر والغرف الباردة واملربدة وكافة األقسام األخرى ابلسفينة املعدة للشحن‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬مع عدم اإلخالل أبحكام املادة الرابعة على الناقل أن يقوم بشحن البضائع املنقولة‬
‫وتشوينها‪1‬ورصها ونقلها وحفظها والعناية هبا وتفريغها مبا يلزم لذلك من عناية ودقة "‪.‬‬
‫لقد اختلف الفقهاء يف تفسري الفقرة الثانية من هذا النص مما أاثر جدال كبريا حول‬
‫األساس الذي تقوم عليه مسؤولية الناقل البحري‪ ،‬فانقسمت اآلراء إىل اجتاهني‪ :‬إجتاه يرى أن‬
‫اتفاقية بروكسل تقيم املسؤولية على أساس اخلطأ املفرتض‪ ،‬أما اإلجتاه الثاين فريى خالف ذلك‬
‫ويؤكد فقه آخر أبن األساس الذي قصدته االتفاقية هو املسؤولية املفرتضة‪.‬‬
‫ذهب أصحاب اإلجتاه األول‪ 2‬إىل أن مسؤولية الناقل تقوم على أساس خطأ مفرتض‬
‫عند وقوع ضرر للبضاعة ‪،‬ألن معاهدة بروكسل ال تتطلب من الناقل يف كل ما ألقته عليه من‬
‫التزامات إال ببذل العناية واهلمة املعقولة ‪،‬حبيث لو أثبت الناقل بذله هلذه العناية ألفلت من كل‬
‫مسؤولية انشئة عن االلتزام املطلوب أداؤه وسوآءا تعلق األمر ابلسفينة أو ابلبضاعة‪ .‬معىن ذلك‬
‫أن التزام الناقل هو التزام بوسيلة‪ obligation de moyen‬وحىت يتخلص من هذه املسؤولية‬

‫‪ -1‬مل تعرف معاهدة بروكسل التشوين وكذلك املشرع اجلزائري غري أن هذا األخري اكتفى بذكر العمليات اليت يشملها التشوين وهي أتمني‬
‫االستالم والتأشري والتعرف يف اليابسة على البضائع املشحونة أو املنزلة وحراستها إىل أن يتم شحنها أو تسليمها إىل ملرسل إليه وهذا حسب‬
‫ما جاء يف نص املادة ‪ 920‬ق ب ج ‪.‬‬
‫‪ -2‬علي مجال الدين عوض ‪ ،‬القانون البحري ‪،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة‪ ، 1969‬ص ‪ ، 740‬حممود خمتار أمحد بريري ‪ ،‬قانون‬
‫التجارة البحرية ‪،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬سنة ‪، 2000‬ص ‪ 416‬وما يليها‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يكفيه طبقا للفقرة ‪ 2‬من املادة ‪ 3‬اثبات أنه بذل العناية املطلوبة‪ ،1‬أي عناية الرجل املعتاد وإن‬
‫كانت طبيعة هذه العناية ومداها خيتلف ابختالف طبيعة البضاعة املنقولة وهو أمر ال يقتصر‬
‫على الناقل فحسب بل هو مطلوب أيضا من اتبعيه الذين يستخدمهم يف تنفيذ التزاماته‪.‬كما‬
‫يرجع تقدير هذه العناية إىل معيار الشخص العادي متوسط املعين أبموره وهو ما مياثل مقدار‬
‫العناية املطلوبة لتنفيذ االلتزامات املنصوص عليها يف الفقرة األوىل من نفس املادة اليت توجب‬
‫على الناقل السعي يف جعل السفينة صاحلة للمالحة‪.2‬‬
‫أما اإلجتاه الثاين‪ 3‬فريى خالف ذلك أي أن التزام الناقل هو التزام بتحقيق نتيجة‬
‫وهي توصيل البضاعة ساملة إىل وجهة الوصول ‪،‬لذلك يكون‬ ‫‪obligation de résultat‬‬

‫مسؤوال عنها مبجرد ختلف هذه النتيجة ‪،‬عند هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول‬
‫دون أن يكلف الشاحن إبثبات خطأ الناقل ‪ ،‬فهذا ما يظهر بوضوح عند مقارنة الفقرة الثانية‬
‫من املادة الثالثة بنص الفقرة األوىل منها‪ .‬فبينما تنص هذه األخرية صراحة على التزام الناقل‬
‫ببذل اهلمة الكافية لتنفيذ التزاماته فإن الفقرة الثانية تنص على قيام الناقل بتنفيذ هذه‬
‫االلتزامات الواردة هبا بطريقة مناسبة‪ ،‬أي أن النص منصب على تنفيذ االلتزامات ال على‬
‫مقدار العناية الواجب القيام هبا يف تنفيذ ذلك‪ .‬وعليه ال ميكن اعتبار التزامات الناقل‬
‫املنصوص عليها يف الفقرة ‪2‬من املادة الثالثة التزامات ببذل عناية مماثلة اللتزامه ببذل اهلمة‬
‫الكافية يف جعل صاحلة للسفر الوارد يف الفقرة األوىل من نفس املادة‪.‬‬
‫إن اخلالف الفقهي املذكور ال ميكن الفصل فيه إال ابلرجوع إىل األعمال التحضريية‬
‫للمعاهدة اليت دارت يف مؤمتر الهاي ‪،‬حيث أن ما جاء فيها من أقوال صرحية تؤيد الرأي الثاين‬
‫أحد أعضاء املؤمتر ابلنسبة للتفرقة بني الفقرتني األوىل‬ ‫السيد"‪"Norman Hill‬‬ ‫من بينها ماقاله‬

‫‪ -1‬حممد غسان الصابوين‪ ،‬القضااي البحرية‪ ،‬منشورات فرع نقابة احملامني‪ ،‬دمشق‪ ،‬سنة ‪ ،1979‬ص ‪.34‬‬
‫‪ -2‬علي حسن يونس‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ ، 302‬حممود مسري الشرقاوي ‪،‬القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪، 270‬عاطف حممد‬
‫الفقي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 335‬‬
‫‪ - 3‬حممد غسان الصابوين‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.35‬‬

‫‪47‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫والثانية من املادة الثالثة و خالصته أن التزامات الناقل املنصوص عليها يف الفقرة الثانية هي‬
‫التزامات مطلقة وليست التزامات ببذل عناية‪ .‬فال يعترب الناقل أنه قد وىف ابلتزاماته مبجرد بذل‬
‫اليقظة املعقولة بل البد من حتقيق الغاية املقصودة من تنفيذها ‪،‬أي أاها التزامات بتحقيق نتيجة‬
‫وليست ببذل عناية‪.1‬‬
‫نتيجة لذلك فإن مسؤولية الناقل هي مسؤولية مفرتضة‪ .2‬و هذا ما أكدت عليه أيضا‬
‫حمكمة النقض الفرنسية من خالل قرارين صادرين عنها‪:‬‬
‫‪"-1‬لكي يعفى الناقل من املسؤولية اليت تفرتض جتاهه عن هالك البضاعة املنقولة أو تلفها‬
‫جيب عليه إثبات حالة من حاالت اإلعفاء املنصوص عليها يف املادة ‪ 2/4‬من اتفاقية‬
‫بروكسل"‪.3‬‬
‫‪"-2‬طاملا أن الناقل مل يستطع إثبات إحدى حاالت اإلعفاء من املسؤولية فيجب عليه أن‬
‫يتقبل افرتاض املسؤولية اليت تقع على عاتق كل انقل حبري مبقتضى معاهدة بروكسل"‪.4‬‬
‫بناءا على ما تقدم ذكره مل يبقى هناك شك يف أن األساس العام الذي قصدته معاهدة‬
‫بروكسل هو افرتاض املسؤولية خالل الرحلة البحرية‪ ،‬اليت تبدأ من شحن البضاعة على منت‬
‫السفينة إىل غاية تفريغها يف ميناء الوصول‪،5‬فهالك البضاعة أو تلفها خالل هذه الفرتة يفرتض‬
‫أن الناقل هو املسؤول الوحيد عما حدث للبضاعة‪.‬‬

‫‪ -1‬مشار إليه لدى حممد غسان الصابوين‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- René Rodiére, Droit maritime, d'après le précis du doyen Georges Ripert, Dalloz,‬‬
‫‪Paris 1966, p261 et s.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Cass.10 juill. , 2001, Navire Liyod pacificat, DMF2002, 247, ob, p-Y Nicolas,‬‬
‫‪Pierre Bonassises et Christian Scapel, Droit maritime, L.G.D.J, 2006, p675.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Cass 4 mars 2003, navire NL Gréte, DMF 2003 1096, Ob (ph) Delebecque. DM‬‬
‫‪F2004.Hors-SérieN0 08au N0 88, ibid.‬‬
‫‪ -5‬تنص املادة ‪/1‬ه من معاهدة بروكسل على أن ‪ ":‬نقل البضائع ينسحب إىل الوقت الذي ينقضي بني شحن البضائع يف السفينة وبني‬
‫تفريغها منها"‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫اجلدير ابلذكر أن األساس العام يف اتفاقية بروكسل قد ترد عليه بعض االستثناءات وهي‬
‫كالتايل‪:‬‬
‫‪-1‬حالة عدم صالحية السفينة للمالحة‪ ،‬حيث خرجت معاهدة بروكسل يف هذه احلالة عن‬
‫القاعدة العامة فقررت أن األساس الذي يسأل الناقل وفقا له هو اخلطأ املفرتض ‪ .‬و هو ما‬
‫جاء يف املادة ‪ 1/4‬من نفس املعاهدة ‪،‬اليت تقابلها الفقرة أ من املادة ‪ 803‬ق ب ج إذ‬
‫أوجبت هاتني األخريتني على الناقل بذل العناية الالزمة يف جعل السفينة يف وضع صاحل‬
‫للمالحة قبل بدء الرحلة البحرية‪ .‬ابإلضافة إىل جتهيزها ومتونينها بشكل مناسب ‪ ،‬ترتيب‬
‫وتنظيف عنابر السفينة حبيث تكون حبالة جيدة الستقبال البضائع ونقلها وحفظها‪ .‬وابلتايل‬
‫يعفى الناقل من املسؤولية إذا كان هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف وصوهلا انمجا عن‬
‫عدم صالحية السفينة و أثبت هذا األخري أنه قد بذل العناية املطلوبة منه يف الوفاء هبذا‬
‫االلتزام‪.‬‬
‫‪-2‬حالة عيب خفي ابلسفينة مل يظهر ابلرغم من االهتمام الكايف‪ .‬و هو ما ورد يف الفقرة ع‬
‫من املادة ‪ 4‬من معاهدة بروكسل واليت اقتبسها املشرع اجلزائري ووضعها يف الفقرة ط من املادة‬
‫‪ 803‬ق ب ج ‪ .‬لكن ما يالحظ على هذه الفقرة أاها مل أتيت جبديد فقد كانت عبارة عن‬
‫تكرار للحالة السابقة إذ ميكن االستغناء عنها ابلفقرة األوىل من املادة الرابعة‪ ،‬ألن صالحية‬
‫السفينة يدخل يف مضمواها العيب اخلفي‪ .‬ويف هذا الشأن أصدر القضاء الفرنسي قرارا يثبت‬
‫فيه مسؤولية الناقل البحري عن اإلخالل هبذا االلتزام فقررت احملكمة‪ 1‬أن الناقل مسؤول لعدم‬
‫احرتام إجراءات الفحص اخلاصة ابلسفينة وابلتايل عدم اختاذه العناية الكافية جلعل السفينة يف‬
‫حالة صاحلة للمالحة قبل السفر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Versailles ,12eme ch, sec 2,20 décembre 2001, D M F N0 624, mars 2002, p257,‬‬
‫‪- CA.‬‬
‫‪Ob Yves tassel.‬‬
‫‪49‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪-3‬حالة احلريق إذا كان من فعل أو خطأ الناقل‪ .‬ذلك وفقا ملا جاء يف الفقرة ‪ 2‬من املادة ‪4‬‬
‫من هذه االتفاقية‪ 1‬وهي تتطابق متاما مع الفقرة ج من املادة ‪ 803‬ق ب ج‪ .‬وعلى هذا فإن‬
‫الناقل يعفى من املسؤولية إذا أثبت أن اهلالك أو التلف أو التأخري كان بسبب احلريق‪ .‬ويف‬
‫اجلهة املقابلة جيب على املضرور من أجل احلصول على التعويض أن يثبت أن خطأ الناقل هو‬
‫ما كان سبب نشوب احلريق ‪،‬أو أنه مل يتخذ التدابري للوقاية منه ‪ ،‬أو أنه هتاون يف إمخاد احلريق‬
‫مما أدى إىل تفاقم األضرار‪ ،‬اليت أصابت البضاعة من جراء احلريق‪ .‬وعليه فإن خطأ الناقل يف‬
‫هذه احلالة هو واجب اإلثبات على املدعي (الشاحن أو املرسل إليه)‪.‬‬
‫‪-4‬حالة إنقاذ أو حماولة انقاذ األرواح واألموال يف البحر ويبىن فيها أساس املسؤولية أيضا على‬
‫اخلطأ الواجب اإلثبات وهو ما ورد يف الفقرة ل من املادة السابقة من املعاهدة ‪،‬اليت تقابلها‬
‫الفقرة ي من املادة ‪ 803‬ق ب ج ‪ .‬يف هذا الوضع تكمن حالة إعفاء أخرى لصاحل الناقل‬
‫وحىت يعفى هذا األخري من املسؤولية جيب عليه أن يثبت أن هالك البضاعة أو تلفها أو ما‬
‫حلقها من أتخري كان سببه انقاذ األرواح البشرية أو األموال ‪،‬أو أنه كان بسبب حماولته يف‬
‫ذلك‪ .‬وعلى املضرور يف هذه احلالة أن يثبت خطأ الناقل أبنه مل يبذل العناية املطلوبة يف جندة‬
‫األشخاص‪ ،‬أو انقاذ األموال ‪،‬أو مل يسعى يف حتقيق ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬تنص املادة ‪ " :2/4‬ال يسأل الناقل أو السفينة عن اهلالك الناتج أو الناشئ عن‪:‬‬
‫أ‪-‬أعمال أو إمهال أو خطأ الرابن أو البحار أو املرشد أو مستخدمي الناقل يف املالحة ‪،‬ب‪ -‬احلريق مامل حيدث بفعل الناقل أو خطئه ‪،‬‬
‫ج‪ -‬خماطر البحر أو املياه الداخلية األخرى أو أخطارها أو حوادثها ‪،‬د‪ -‬القضاء والقدر ‪ ،‬ه‪ -‬حوادث احلرب ‪ ،‬و‪ -‬أعمال األعداء‬
‫العمومني ‪ ،‬ز‪ -‬إيقاف أو إكراه صادر من احلكومة أو سلطة أو شعب أو حجز قضائي ‪،‬ح‪ -‬قيود احلجر الصحي ‪ ،‬ط‪ -‬عمل أو سهو‬
‫من جانب الشاحن أو مالك البضاعة أو وكيله أو ممثله ‪ ،‬ي‪ -‬اإلضراابت عن العمل أو اإلغالق أو إيقاف أو العوائق العارضة أثناء العمل‬
‫ألي سبب سواءا كان كليا أو جزئيا ‪،‬ك‪-‬الفنت أو االضطراابت األهلية ‪،‬ل‪ -‬إنقاذ أو حماولة إنقاذ األرواح أو األموال يف البحر ‪ ،‬م‪ -‬العجز‬
‫يف احلجم أو الوزن أو أي هالك أو تلف آخر انتج عن عيب خفي أومن طبيعة البضاعة أو عيب خاص هبا ‪ ،‬ن‪ -‬عدم كفاية التغليف ‪،‬‬
‫س‪ -‬عدم كفاية أو عدم اتقان العالمات ‪ ،‬ع‪ -‬العيوب اخلفية اليت ال تكتشفها اليقظة املعقولة ‪ ،‬ف‪ -‬أي سبب آخر غري انشئ عن فعل‬
‫الناقل أو خطئه أو فعل وكالء الناقل أو مستخدميه أو أخطائهم ‪،‬إمنا يقع على من يرغب يف االستفادة من هذا االستثناء و حيق له أن‬
‫يثبت أنه ليس للخطأ الشخصي وال لفعل الناقل وال لفعل وكالء الناقل أو مستخدميه أو أخطائهم أي صلة ابهلالك أو التلف "‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫أساس املسؤولية احملدودة يف معاهدة هامبورغ‬
‫لقد أضاف واضعي اتفاقية هامبورغ ملحقا خاصا ابالتفاقية حتت عنوان "تفاهم عام أقره‬
‫مؤمتر األمم املتحدة اخلاص بنقل البضائع بطريق البحر"‪ ،‬جاء فيه أنه من املفهوم بوجه عام أن‬
‫مسؤولية الناقل مبوجب هذه االتفاقية تقوم على مبدأ اخلطأ أو اإلمهال املفرتض ‪ .‬و مؤدى‬
‫ذلك كقاعدة عامة أن يقع عبء اإلثبات على الناقل إال أن أحكام االتفاقية تعدل من هذه‬
‫القاعدة فيما يتعلق ببعض احلاالت‪.1‬‬
‫يالحظ من خالل قراءة هذا امللحق أنه يتضمن شطرين‪ :‬األول ينص على قاعدة عامة‬
‫وهي قيام مسؤولية الناقل على أساس اخلطأ أو اإلمهال املفرتض‪ .‬أما الثاين فينبأ عن تعديالت‬
‫تستثىن من القاعدة العامة‪،‬هلذاسنتطرق أوال‪ :‬لقاعدة اخلطأ أو اإلمهال املفرتض ‪،‬اثنيا‪ :‬التعرض‬
‫لالستثناءات الواردة على هذا األساس العام‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اخلطأ املفرتض‬
‫تنص املادة ‪ 1/5‬من معاهدة هامبورغ على أنه ‪":‬يسأل الناقل عن اخلسارة الناجتة عن‬
‫هالك البضائع أو تلفها وكذلك الناجتة عن التأخري يف التسليم ‪،‬إذا وقع احلادث الذي تسبب‬
‫يف اهلالك أو التلف أو التأخري أثناء وجود البضائع يف عهدته على الوجه املبني يف املادة‪،24‬‬
‫مامل يثبت الناقل أنه قد اختذ هو أو مستخدموه أو وكالؤه مجيع ما كان من املعقول تطلب‬
‫اختاذه من تدابري لتجنب احلادث وتبعاته "‪.‬‬

‫‪ -1‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 224‬‬


‫‪ -2‬تنص هذه املادة على مدة مسؤولية الناقل البحري واليت تبدأ من استالم الناقل البضائع إىل غاية تسليمها إىل املرسل إليه أو وضعها حتت‬
‫تصرفه وفقا ال تفاق أو القانون أو العرف املتبع يف ميناء التفريغ ‪ ،‬كما ميكن أن يكون التسليم إىل سلطة أو طرف اثلث خمول مبوجب‬
‫القوانني واألنظمة يف ميناء التفريغ ومثال ذلك هيئات ومؤسسات القطاع العام اليت تتوىل عمليات الشحن والتفريغ مبوجب قوانني خاصة‬
‫به كمؤسسة املوانئ يف األردن املخولة بتلك املهام مبوجب قانون مؤسسة املوانئ رقم ‪ 36‬لسنة ‪ 1985‬أو شركة اخلدمات البحرية املتعاقدة‪:‬‬
‫حممود حممد عنانبة‪ ،‬أحكام عقد النقل(النقل البحري‪ ،‬النقل الربي ‪ ،‬النقل اجلوي ) ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪،‬األردن ‪،‬‬
‫سنة ‪ ، 2015‬ص ‪. 142‬‬

‫‪51‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يظهر جليا من هذا النص أن معاهدة هامبورغ تقيم مسؤولية الناقل على أساس اخلطأ أو‬
‫اإلمهال املفرتض‪ .‬ومعىن ذلك أن الناقل البحري يعترب مسؤوال عما أصاب البضائع من هالك‬
‫أو تلف أو أتخري عندما ال يقدم الدليل على أنه و اتبعيه ‪،‬أو وكالؤه قد قاموا بكل اإلجراءات‬
‫والتدابري املعقولة لتجنب وقوع احلادث واألضرار النامجة عنه‪1‬واملفرتض القيام هبا من انقل‬
‫حريص يتواجد بنفس الظروف‪.2‬‬
‫اثنيا‪ :‬االستثناءات الواردة على األساس العام‬
‫طبقا مللحق التفاهم الذي أقره مؤمتر األمم املتحدة وابلرجوع إىل قواعد هامبورغ ميكن‬
‫القول أن هناك ثالث حاالت خترج عن قاعدة اخلطأ املفرتض ابعتباره أساسا عاما لمساءلة‬
‫الناقل البحري وهي حالة احلريق ‪ ،‬النقل اخلاص ابحليواانت احلية ‪ ،‬حالة تنفيذ التزام قانوين‬
‫واملتمثل يف انقاذ األرواح واملمتلكات يف عرض البحر ‪.‬‬
‫أ‪-‬حالة احلريق‪:‬‬
‫تنص املادة ‪ 4/5‬من معاهدة هامبورغ على أنه‪( ":‬أ)‪-‬يسأل الناقل ‪:‬‬
‫‪-1‬عن هالك البضائع أو تلفها أو التأخري يف التسليم بسبب احلريق ‪،‬إذا أثبت املطالب أن‬
‫احلريق قد نشأ عن خطأ أو امهال من جانب الناقل أو مستخدميه أو وكالئه‪.‬‬
‫‪ -2‬عن هالك أو التلف أو التأخري يف التسليم إذا أثبت املدعي أن ذلك نتج عن خطأ أو‬
‫امهال من جانب الناقل أو مستخدميه أو وكالئه ابختاذ مجيع التدابري املعقولة إلمخاد احلريق‬
‫وجتنب تبعاته أو التخفيف منها‪.‬‬
‫وفقا هلذا النص على املضرور أن يثبت خطأ الناقل ‪،‬أو اتبعيه إبقامة الدليل على أنه‬
‫السبب الذي أدى إىل نشوب احلريق ‪،‬أو أن يثبت أن الناقل أو اتبعيه مل يتخذوا التدابري‬

‫‪ -1‬سعيد حيي ‪،‬مسؤولية الناقل البحري وفقا التفاقية األمم املتحدة لنقل البضائع ابلبحر لعام ‪( 1978‬قواعد هامبورغ) ‪ ،‬املكتب احلديث‬
‫‪،‬مصر ‪ ،‬بدون اتريخ نشر ‪ ،‬ص ‪. 35‬‬
‫‪-Abdelkerim kouka, le contrat de transport maritime de marchandises en France et en‬‬
‫‪Tunisie : Théorie et pratique, Thèse de Doctorat, Université de Panthéon –Assas‬‬
‫‪(Paris II), octobre 2011, p302.‬‬
‫‪ -2‬حممود حممد عنانبة‪ ،‬املرجع السابق ‪. 143 ،‬‬

‫‪52‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫املعقولة إلمخاد احلريق وجتنب تبعاته أو التخفيف منها ‪ .‬إذن يف هذه احلالة ال يوجد خطأ أو‬
‫إمهال مفرتض وإمنا خطأ واجب إثباته من جانب الشاحن‪ .1‬و ال سبيل للناقل يف اخلالص من‬
‫هذه املسؤولية إال إبثبات السبب األجنيب الذي أدى إىل احلريق وابلتايل ال يسعه اثبات أنه قد‬
‫اختذ هو ومستخدميه أو وكالئه كافة التدابري املعقولة لتفادي احلادث وجتنب خملفاته‪ .‬يرتتب‬
‫على ذلك أنه يف حالة بقاء سبب احلريق جمهوال فإن الناقل ال يتحمل أية مسؤولية على اعتبار‬
‫أن الشاحن قد فشل يف إثبات خطأه‪.2‬‬
‫نظرا للصعوبة اليت تتعلق ابثبات خطأ الناقل أو إمهاله يف حالة احلريق قررت االتفاقية يف‬
‫البند ب من الفقرة ‪ 4‬من املادة ‪ 5‬منها على أنه‪ " :‬يف حالة نشوب حريق على السفينة تتأثر‬
‫به البضائع ‪ ،‬جيب أن جترى إن شاء املطالب أو الناقل معاينة وفقا للممارسات املالحية‬
‫للوقوف على سبب احلريق ومالبساته‪ .‬وعند الطلب توضع نسخة من تقرير املعاينة حتت‬
‫تصرف الناقل أو املطالب"‪ ،‬فهذا احلكم من شأنه مساعدة املضرور يف اإلثبات وترد خبصوصه‬
‫بعض املالحظات اهلامة وهي كاآليت‪:‬‬
‫ى إال إذا طلبه أحد الطرفني (املضرور أو الناقل)‪ ،‬فإذا مل يطلبه أي منهما‬
‫أ‪-‬أن التحقيق ال جير َ‬
‫فال يكون واجبا‪.‬‬

‫‪ -1‬إن األخذ بفكرة اخلطأ الواجب اإلثبات يف حالة اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم الناشئ عن احلريق وإن كان يشكل عبئا ثقيال يف‬
‫اإلثبات على الشاحن ‪ ،‬ميكن رده إىل سببني ‪:‬أوهلا أن االتفاقية تفرض على الناقل اختاذ تدابري الوقاية من احلريق والغالب أال يقتصر الناقل‬
‫عليها وإمنا يضيف إليها تدابري أخرى زايدة احليطة ‪ ،‬واثنيها أن احلريق إذا شب يف السفينة ال يلتهم البضاعة وحدها وإمنا أييت على السفينة‬
‫أيضا فيكون الناقل أول ضحاايه وقد يكون أكثرهم أتثرا به ‪ :‬كمال محدي ‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع لعام ‪، 1978‬‬
‫املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 43‬‬
‫‪-Hind Adil, la responsabilité du transporteur maritime international de marchandises‬‬
‫‪sous connaissement mémoire présenté en vue de l'obtention du grade de maitre en‬‬
‫‪droit université de Montréal (canada), décembre 2005, p75.‬‬
‫‪ -2‬وجد ي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 223‬‬

‫‪53‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ب‪-‬أنه ال جيوز طلب التحقيق إال يف حالة حدوث حريق يف السفينة‪ ،‬فإذا وقع احلريق على‬
‫رصيف امليناء ‪،‬أو يف املخازن داخل امليناء فإن السلطات احمللية هي اليت تتوىل التحقيق والذي‬
‫يتبع بشأنه أحكام القانون احمللي‪.‬‬
‫ج‪-‬تراعى يف إجراء التحقيق القواعد واألعراف املتبعة يف النقل البحري كمواعيد املعاينة وأجزاء‬
‫السفينة اليت ميكن معاينتها وكيفية استجواب البحارة وعمل التجارب وغري ذلك من األمور‬
‫اليت تقتضيها املعاينة ويستلزمها التحقيق‪.‬‬
‫د‪ -‬مل يشر النص إىل اجلهة اليت يقدم إليها طلب التحقيق‪ .‬وعلى ذلك فإنه إذا مل يتفق الطرفان‬
‫على إجراءات التحقيق ومن بينها كيفية إجرائه والشخص الذي يتواله ‪،‬جاز ملن يطلب‬
‫التحقيق أن يتقدم ابلطلب إىل اجلهة املختصة‪ ،‬وفقا لقانون امليناء الذي توجد فيه السفينة‪.1‬‬
‫ب‪-‬نقل احليواانت احلية‬
‫نصت املادة ‪ 5/5‬من االتفاقية على أنه‪" :‬فيما يتعلق ابحليواانت احلية ال يسأل الناقل‬
‫عن اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم الناتج عن أي خماطر خاصة تالزم هذا النوع من‬
‫النقل مىت أثبت الناقل أنه راعى أية تعليمات خاصة أصدرها إليه الشاحن فيما يتعلق‬
‫ابحليواانت احلية و أن اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم قد يعزى يف مثل هذه احلالة إىل‬
‫هذه املخاطر ‪ ،‬يفرتض أن اهلالك أو التلف أو التأخري قد نتج عن هذه املخاطر مامل يتوفر‬
‫الدليل على أن اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم قد نتج كله أو بعضه عن خطأ أو إمهال‬
‫من جانب الناقل أو مستخدميه أو وكالئه"‪.‬‬

‫‪ -1‬حمسن شفيق‪ ،‬املرجع اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع(اتفاقية هامبورغ بتاريخ ‪ 31‬من مارس ‪،1978‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬سنة ‪،2000‬ص‪.95‬‬

‫‪54‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يبدوا من مضمون النص السابق أنه خفف من مسؤولية الناقل يف حالة نقل احليواانت‬
‫احلية آخذا بعني االعتبار املخاطر اخلاصة اليت تنتج عن حركة احليواانت احلية‪ .1‬واليت ال ميكن‬
‫السيطرة عليها ‪،‬فاألضرار اليت تلحق هبا يفرتض أاها نتجت عن هذه املخاطر‪ .‬نتيجة لذلك‬
‫اليسأل الناقل عما حيدث هلذه احليواانت من هالك أو جروح أو أمراض أو أتخر يف‬
‫تسليمها‪ ،2‬إال إذا أثبت املضرور خطأ هذا األخري‪ .‬وهو أمر صعب للغاية خاصة إذا قدم‬
‫الناقل دليال على تنفيذه لكل التعليمات‪ ،‬اليت تلقاها من الشاحن خبصوص احليواانت احلية‬
‫املنقولة‪.3‬‬
‫ج‪ -‬إنقاذ األرواح واملمتلكات يف البحر‬
‫نصت الفقرة ‪ 6‬من املادة ‪ 5‬على أنه ‪":‬يف فيما عدا العوارية العامة‪ 4‬ال يسأل الناقل إذا‬
‫كان اهلالك أو التلف أو التأخري انجتا عن تدابري إلنقاذ األرواح أو عن التدابري معقولة إلنقاذ‬
‫املمتلكات يف البحر"‪.‬‬

‫‪ -1‬قد يثور التساؤل عن ماهية احليواانت احلية وما إذ اكان املراد منها مطلق احليواانت احلية أم فقط تلك اليت يرتك هلا قسط من احلرية‬
‫واحلركة أثناء نقلها دون غريها من احليواانت احلية كاحملار والقواقع اليت تنقل يف صناديق أو طرود مغلقة ‪ ،‬فطاملا أن هذه احليواانت وهي يف‬
‫صناديق أو طرود مغلقة فهي على هذا النحو ال حتتاج إىل رعاية خاصة فشأاها كشأن البضائع األخرى ومن مث ال خيضع نقلها ألحكام‬
‫اخلاصة بنقل احليواانت احلية ‪ :‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 92‬‬
‫‪ -2‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬النقل البحري للبضائع‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪ ،1992‬ص ‪.637‬‬
‫‪ -‬و الوضع ال خيتلف كثريا عند الرجوع إىل معاهدة روتردام فقد أجازت للناقل االتفاق مع الشاحن عند نقله للحيواانت احلية أن يشرتط‬
‫اعفائه من املسؤولية يف هذه احلالة أو حتديد مبلغ للتعويض عنها ‪،‬لكن ذلك ال يكون أي أثر إذا ارتكب الناقل أو اتبعيه سلوكا يدخل يف‬
‫دائرة سوء السلوك العمدي ‪،‬طبقا ملا ورد يف املادة ‪ 81‬من هذه املعاهدة‪.‬‬
‫– ‪- Paulette veaux, Daniel Veaux, commerce Maritime responsabilité du transporteur‬‬
‫‪3‬‬

‫– ‪Régime international : convention de Bruxelles et règles de Hambourg - jurés‬‬


‫‪classeur transport, cote : 11, 2005 .‬‬
‫حممود خمتار أمحد بريري ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 428‬‬
‫‪ -4‬يقصد ابلعوارية العامة اخلسائر البحرية املشرتكة وهي اقدام رابن السفينة ابلتضحية ابلبضاعة املشحونة على ظهرها أو إلقاء جزء من‬
‫السفينة من أجل أتمني سالمة الرحلة البحرية وانقاذها من خطر مشرتك يهددها ومجيع النفقات االستثنائية واملصروفة للمجاهبة هذا اخلطر‬
‫ويتحمل كل من شارك يف هذه التضحية جزءا من اخلسارة‪ :‬علي بن غامن ‪،‬التأمني البحري وذاتية نظامه القانوين –دراسة مقارنة بني القانون‬
‫اجلزائري والقانون الفرنسي واإلجنليزي ‪،‬ط ‪ 2‬ديوان املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬سنة ‪ ، 2005‬ص ‪، 65‬بن عيسى حياة ‪ ،‬التهديدات‬
‫البحرية الراهنة وجهود مكافحتها ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للقانون البحري والنقل ‪ ،‬خمرب القانون البحري والنقل ‪ ،‬العدد األول ‪ ، 2014‬جامعة أيب‬
‫بكر بلقايد بتلمسان ‪،‬ص‪. 142‬‬

‫‪55‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫لقد كان أمرا منطقيا أن يتماشى هذا النص مع ما جاءت به معاهدة بروكسل اخلاصة‬
‫بتوحيد بعض القواعد املتعلقة ابملساعدة واإلنقاذ البحريني لسنة ‪1910‬واإلتفاقية الدولية‬
‫املتعلقة إبنقاذ األرواح البشرية يف البحر واللتان أقرات بواجب املساعدة واإلنقاذ ‪ .‬بناءا عليه فإن‬
‫الناقل يعفى من املسؤولية عن هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف تسليمها بسبب التدابري‬
‫اليت تتخذ إلنقاذ األرواح أو املمتلكات‪.1‬‬
‫ارتباطا مبا سبق فإن قواعد هامبورغ متيز بني انقاذ األرواح وإنقاذ املمتلكات ‪،‬فإذا تعلق‬
‫األمر إبنقاذ األرواح فهنا يعفى الناقل من املسؤولية عن اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم‬
‫إذا وقع ذلك بسبب عمليات اإلنقاذ دون قيد أو شرط ‪،‬كما لو اضطرت السفينة إىل‬
‫االحنراف عن خط سريها إلنقاذ األرواح‪ .‬والعلة يف ذلك أن انقاذ األشخاص يف حالة خطر‬
‫يعترب التزاما قانونيا يقع على عاتق الرابن إذ يعرضه للعقاب إذا امتنع عن القيام به ‪،‬ألن األرواح‬
‫البشرية ال يعادهلا مال‪.2‬‬
‫أما إذا تعلق األمر إبنقاذ أموال أو ممتلكات يف البحر فال يعفى الناقل من املسؤولية إال‬
‫إذا كانت بسبب التدابري املعقولة اليت يتخذها إلنقاذ هذه األموال وذلك ألن انقاذ األموال هو‬
‫أمر اختياري ال يلتزم الرابن به‪3‬ومن جهة أخرى ألن املفاضلة بني مال ومال آخر‪،‬فيكون خريا‬
‫للناقل احملافظة على مال أؤمتن عليه من أن يضحي مبال ال يعنيه‪.4‬‬

‫‪ -1‬كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع لعام ‪ ، 1978‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 90‬‬
‫‪ -2‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.345‬‬
‫‪ -3‬حممد السيد الفقي ‪،‬املعتصم ابهلل لغرايين ‪،‬أساسيات القانون التجاري والبحري ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ابإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪، 2009‬ص‪.269‬‬
‫‪ -4‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1987‬ص‪.535‬‬

‫‪56‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫أساس املسؤولية يف قواعد روتردام‬
‫تتميز معاهدة روتردام على االتفاقيات اليت سبقتها أبن قواعدها تتضمن مزجيا بني عدة‬
‫أسس إذ أقامت مسؤولية الناقل البحري على أساس اخلطأ املفرتض ويف أحيان أخرى شددت‬
‫من هذه املسؤولية فجعلتها مسؤولية مفرتضة ‪ ،‬كما أراحت الناقل من عبئ االثبات يف بعض‬
‫احلاالت فجعلت مسؤوليته قائمة على اخلطأ الواجب اإلثبات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اخلطأ املفرتض‬
‫تقوم مسؤولية الناقل عن هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف تسليمها على أساس‬
‫اخلطأ املفرتض‪ ،‬إذا أثبت املطالب (املدعي) أن الضرر الذي حلق ابلبضاعة قد وقع أثناء مدة‬
‫التزام الناقل‪ .1‬تبدأ هذه املسؤولية منذ تسلم الناقل ‪،‬أو الطرف املنفذ‪ 2‬البضاعة إىل غاية‬
‫تسليمها إىل املرسل إليه‪ ،‬أو من ينوب عنه وفقا ألحكام املادة‪ 12‬من االتفاقية‪ .‬وال يُطالب‬
‫املتضرر إبثبات خطأ الناقل فهو مفرتض يف تلك املدة الزمنية وإمنا يف سبيل أن حيصل الناقل‬
‫على إعفاء من املسؤولية كليا أو جزئيا‪ 3‬وجب عليه نفي اخلطأ أبن يثبت أنه مل يرتكب أي‬
‫خطأ هو واتبعيه أدى إىل وقوع الضرر‪.4‬‬

‫‪-Stéphane piedéliévre et Dominique Gency –Tandonnet, droit des transport ,Lexis‬‬


‫‪1‬‬

‫‪Nexis Sa, Paris 2013,p 550.‬‬


‫وائل محدي أمحد‪ ،‬عقد النقل البحري اإللكرتوين الدويل للبضائع‪ ،‬دار النهضة العربية ابلقاهرة‪ ،‬طبعة ‪ ،2013‬ص ‪ 97‬مشار إليه لدى‬
‫عبد احلميد مرسي عنرب‪ ،‬شركات النقل البحري‪ ،‬دار الكتب املصرية‪ ،‬سنة‪ ،2104‬ص ‪.344‬‬
‫‪ " -2‬الطرف املنفذ هو أي شخص غري الناقل يؤدي أو يتعهد أبن يؤدي أاي من واجبات الناقل مبقتضى عقد النقل فيما يتعلق بتسلم‬
‫البضائع أو حتميلها أو مناولتها أو تستيفها أو نقلها أو اإلعتناء هبا أو تفريغها أو تسليمها ‪ ،‬مىت كان ذلك الشخص يتصرف بصورة مباشرة‬
‫أو غري مباشرة بناءا على طلب الناقل أو حتت إشرافه أو سيطرته"‪ :‬حسب ما ورد يف نص املادة‪ 6/1‬من قواعد روتردام‪.‬‬
‫‪ -3‬تنص املادة ‪": 2/17‬يعفى الناقل من كامل مسؤوليته اليت تقضي هبا الفرة‪ 1‬من هذه املادة أو جزءا منها إذا أثبت أن سبب اهلالك أو‬
‫التلف أو التأخر أو أحد أسبابه ال يعزى إىل خطأ ارتكبه هو أو أي شخص مشار إليه يف املادة‪." 18‬‬
‫‪ -4‬شريف حممد غنام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪57‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫اثنيا‪ :‬املسؤولية املفرتضة‬
‫لقد أضافت معاهدة روتردام إىل مسؤولية الناقل أساسا آخر مثلما هو عليه احلال يف‬
‫معاهدة بروكسل والذي يبىن على افرتاض املسؤولية ‪ ،‬فقد كان من شأن هذا النظام تعزيز وضع‬
‫الناقلني عما كان عليه يف اتفاقية هامبورغ يف هذا الصدد‪ .2‬وبذلك أصبح للناقل خيارا آخر‬
‫لدفع مسؤوليته النامجة عن الضرر الالحق ابلبضاعة أثناء دخوهلا يف عهدته و املتمثل يف إثبات‬
‫إحدى حاالت اإلعفاء الواردة يف الفقرة‪ 3‬من املادة ‪.317‬‬
‫يف غالب األحيان ما يضطر الناقل عند نفيه الرتكاب أي خطأ سوآءا من جانبه أو من‬
‫جانب اتبعيه أن يلجأ إىل اثبات مصدر هذا الضرر ‪،‬أي أن يثبت السبب األجنيب كالقوة‬
‫القاهرة مثال ‪،‬أو العيب الذايت ‪،‬أو فعل الشاحن ‪،‬أو فعل الغري‪ .‬و هو نفس الطريق للتخلص‬
‫من املسؤولية يف حال ما كان نوع االلتزام بتحقيق نتيجة وعلى هذا ميكن القول أن اتفاقية‬
‫روتردام تتخذ يف شأن مدى التزام الناقل منهجا يقرتب من جعله التزاما بتحقيق نتيجة أو غاية‬
‫أكثر منه التزاما ببذل عناية ‪ ،‬فالنتيجة أو الغاية املستهدف حتقيقها هي نقل البضائع وتسليمها‬
‫حبالة سليمة إىل املرسل إليه يف الوقت املتفق عليه أو الوقت املعقول‪.4‬‬
‫من زاوية أخرى يرى الفقه الفرنسي والعريب ابلقياس على أحكام معاهدة بروكسل أن‬
‫كلميت "عناية والدقة" الواردتني يف املادة ‪ 2/3‬من معاهدة بروكسل وكذلك يف نص املادة ‪13‬‬
‫من اتفاقية روتردام على الرغم من أن ظاهر الكلمتني يوحي أبن التزام الناقل يف نقل البضاعة‬

‫‪ -1‬يفرق الفقه بني ما يعرف بقرينة املسؤولية وقرينة اخلطأ ‪ ،‬فقرينة اخلطأ تعين اعتبار التزام الناقل ببذل عناية مع افرتاض ارتكابه خطأ‬
‫افرتاضا بسيطا أما قرينة املسؤولية فهي أشد من ذلك فالتزامه فيها هو التزام بتحقيق نتيجة مع افرتاض خطأه افرتاضا قطعيا ويكمن‬
‫الفا رق بينهما أيضا يف الكيفية اليت جيوز للناقل أن يدفع هبا املسؤولية عن نفسه‪ ،‬إذ يف قرينة املسؤولية ال جيوز للناقل دفع املسؤولية إال‬
‫إبثبات السبب األجنيب وابلتايل ال يكفي اثبات الناقل أنه واتبعوه قد اختذوا كافة التدابري ملنع وقوع الضرر عكس قرينة اخلطأ الذي يكفيه‬
‫فيها اثبات اختاذ تلك التدابري ‪ :‬عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪ ، 2005‬ص‪. 175‬‬
‫‪ :‬جالل وفاء حممدين ‪ ،‬قانون التجارة البحرية ‪ ،‬املكتبة القانونية ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ، 1997‬ص ‪. 295‬‬
‫‪ -2‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 359‬‬
‫‪ -3‬حممود حممد عنانبه ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 179‬وما يليها ‪.‬‬
‫‪ -‬إميان اجلميل‪ ،‬سند الشحن و دوره يف النقل البحري‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2013‬ص‪.110‬‬
‫‪4‬‬

‫‪58‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪obligation‬‬ ‫هو التزام ببذل عناية إال أنه يف الواقع التزام موضوعي أو التزام بتحقيق نتيجة‬
‫‪.1déterminée‬‬
‫اثلثا‪ :‬اخلطأ الواجب اإلثبات‬
‫أمام إعطاء الناقل فرصة إلتباع أحد اخليارين لدفع مسؤوليته على النحو املتقدم ‪ ،‬فقد‬
‫وازنت االتفاقية بني مصاحل الشاحن والناقل ‪،‬حيث قامت مبنح الشاحن أو املرسل إليه عدة‬
‫خيارات لدعم دعواه يف املطالبة ابلتعويض‪ .2‬وتقوم مسؤولية الناقل البحري على أساس اخلطأ‬
‫الواجب اإلثبات يف احلاالت التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬إذا أثبت املطالب ابلتعويض أن خطأ الناقل ‪،‬أو أحد اتبعيه ‪،‬أو الطرف املنفذ قد تسبب أو‬
‫ساهم يف احلدث ‪،‬أو يف حالة من حاالت اإلعفاء اليت يستند إليها الناقل يف فقرة‪3‬من‬
‫املادة‪.17‬‬
‫ب‪-‬إذا أثبت املطالب أن حداث أو ظرفا آخر غري مذكور يف الفقرة السابقة قد شارك يف‬
‫احلدث أو يف حالة من حاالت اإلعفاء اليت يدفع هبا الناقل املسؤولية عنه ‪.‬‬
‫ج‪-‬حالة عدم تسليم البضائع يف ميناء الوصول بسبب رفض املرسل إليه تسلمها ‪،‬أو إذا مل‬
‫يسمح للناقل بتسليمها ملن أرسلت إليه مبقتضى قانون أو لوائح مكان التسليم‪ ،‬الذي مينع‬
‫دخول بعض البضائع إىل البالد ‪،‬أو إذا تعذر على الناقل تسليمها ألسباب أخرى فإنه مبوجب‬
‫الفقرة ‪ 5‬من املادة ‪ 48‬ال يسأل الناقل عما حيدث للبضاعة من هالك أو تلف أثناء الوقت‬
‫الذي تبقى فيه غري مسلمة‪ ،‬إال إذا أثبت املطالب أن ذلك اهلالك أو التلف قد جنم عن عدم‬
‫اختاذ الناقل ما كان يعقل اختاذه يف الظروف املالئمة‪ ،‬من تدابري للحفاظ على البضائع وأن‬
‫الناقل كان على علم أو كان من املفروض أن يكون على علم أبن عدم اختاذ تلك التدابري‬
‫سيؤدي إىل هالك البضاعة أو تلفها ‪ .‬و مثال ذلك أن يثبت أن حفظ البضاعة مل يكن يف‬
‫مكان مناسب للمحافظة عليها نظرا للرطوبة السائدة يف املخازن‪.‬‬

‫‪ -1‬مشار إليه لدى إميان اجلميل‪ ،‬سند الشحن و دوره يف النقل البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪ -‬حممود حممد عنانبه ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 180‬‬
‫‪2‬‬

‫‪59‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يظهر يف اخلالصة أن األسس القانونية اليت يقوم عليها املسؤولية احملدودة للناقل البحري‬
‫يف االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري كانت تتأرجح بني الشدة والتخفيف‪ .‬والعلة‬
‫يف ذلك ترجع الختالف األسباب املؤدية إىل احداث الضرر ‪،‬مما يتطلب معه تغيري األساس‬
‫القانوين الذي تقوم عليه املسؤولية وفق ظروف احلال‪.‬‬
‫فإذا أثبت املضرور أن اهلالك أو التلف أو التأخري قد وقع يف الفرتة الزمنية اليت يسأل‬
‫فيها الناقل قامت مسؤوليته على افرتاض خطأه أو افرتاض مسؤوليته على حسب االتفاقية اليت‬
‫حتكم النزاع أو القانون واجب التطبيق ‪.‬كما أنه يف أحيان أخرى ال يكفي املضرور يف دعواه‬
‫ضد الناقل اثبات الضرر بل يتعداه إىل إقامة الدليل على خطأ الناقل وأنه هو السبب املباشر‬
‫لذلك الضرر ‪ .‬و على هذا األخري أن يبعد املسؤولية عنه أبن يثبت أنه قد بذل العناية الالزمة‬
‫لضمان سالمة البضاعة ووصوهلا يف األجل احملدد إذا كانت قائمة على خطأ مفرتض‪ .‬أو‬
‫إبثبات السبب األجنيب إذا كانت مسؤوليته مفرتضة‪ ،‬فإذا فشل يف اثبات ذلك التزم عندئذ‬
‫جبرب األضرار اليت حلت ابلبضاعة أو عن ما نتجت عن أتخريها من خسائر وفقا للحد‬
‫األقصى للتعويض‪ ،‬املنصوص عليه يف التشريعات الدولية أو الوطنية‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة‪:‬‬
‫أساس املسؤولية احملدودة يف القانون البحري اجلزائري‬
‫‪1‬‬
‫لقد حرص املشرع اجلزائري يف القانون البحري على أن تكون مسؤولية الناقل مفرتضة‬
‫طبقا للمادتني ‪ 802‬ق ب ج ‪،‬املادة ‪ 803‬ق ب ج ‪،‬حيث يبدأ سراياها منذ تكلف الناقل‬
‫ابلبضاعة ‪،‬أي منذ استالمها من الشاحن إىل غاية تسليمها إىل املرسل إليه أو ممثله القانوين‬
‫وهو التزام بتحقيق نتيجة‪ 2‬واملتمثلة يف إيصال البضاعة إىل صاحبها على احلالة اليت استلمت‬
‫هبا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬‫‪Antoine vialard, le code maritime algérien, DMF N0377 mai 1980, p299, Fatima‬‬
‫‪Boukhatmi, thèse précité, p186.‬‬

‫‪ -2‬بوكعبان العريب‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري اجلزائري ‪،‬دار الغرب للنشر والتوزيع ‪،‬وهران ‪،‬طبعة ‪، 2002‬ص ‪. 126‬‬

‫‪60‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫فإذا أخفق يف ذلك قامت مسؤولية الناقل وال خالص له منها إال إبثبات إحدى‬
‫حاالت اإلعفاء الواردة يف املادة ‪ 803‬ق ب ج‪ 1‬واليت تنشأ مبجرد حصول ضرر للبضاعة ‪،‬‬
‫فال يلتزم املضرور إبثبات خطأ الناقل و إمنا يكفيه إثبات الضرر فقط‪ .‬و هو أمر يسري عن‬
‫طريق تقدمي سند الشحن‪ ،‬الذي يدل على عدد البضائع و نوعها وكميتها ‪...‬إخل ‪،‬كما يثبت‬
‫حتفظات هذا األخري بشأن ما حدث للبضاعة عند وصوهلا إىل امليناء املتفق عليه‪.‬‬
‫يف هذا الشأن يرى بعض الفقه‪ 2‬أن املسؤولية املفرتضة تعد مبدأ أساسيا لقيام مسؤولية‬
‫الناقلني البحريني ‪،‬ألن األخذ هبذا املبدأ جيعل الناقل جمربا على التكفل ابخلسارة حىت وإن ضل‬
‫سببها جمهوال‪،‬كما يرد أيضا على هذا األساس بعض االستثناءات قد متت اإلشارة إليها نظرا‬
‫لتطابقها مع احلاالت اليت ورد ذكرها يف معاهدة بروكسل‪.3‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫الشروط الباطلة يف عقد النقل البحري للبضائع‬
‫تتفق املعاهدات الدولية‪ 4‬على أن قواعد مسؤولية الناقل البحري من النظام العام ‪،‬فال‬
‫ميكن للناقل أن يشرتط يف عقد النقل البحري شروط ختفف من مسؤوليته أو تعفيه منها‪.‬‬
‫ابلرغم من ذلك فإن بعضا من الفقه من قال بصحتها ‪،‬لكن التشريعات الدولية والقوانني‬
‫الداخلية قد اختذت موقفا صرحيا ببطالن تلك الشروط بطالان مطلقا‪ .‬وهذا من أجل محاية‬
‫الطرف الضعيف (الشاحن) يف عقد النقل البحري من حرمانه من حقه يف التعويض عن كل‬
‫خسارة تلحقه أويف جزء منها‪ ،‬مما جيعل األمر ابلغ األمهية يف التعرض ألنواع الشروط الباطلة‬
‫الواردة بسند الشحن‪.‬‬

‫‪ -1‬وهي حاالت مشاهبة حلاالت اإلعفاء من املسؤولية الواردة يف املادة ‪ 4‬من معاهدة بروكسل غري أن املشرع أخذ منها ‪ 12‬حالة و ألغى‬
‫مخس حاالت وهي ما ورد ابلفقرات التالية ‪ :‬و‪ -‬األعداء لعمومني ‪،‬ز‪ -‬إيقاف أ و إكراه صادر من حكومة أو سلطة أو شعب أو حجز‬
‫قضائي ‪ ،‬ج – قيود احلجر الصحي ‪ ،‬ك‪ -‬الفنت أو االضطراابت األهلية ‪ ،‬ه‪ -‬حوادث احلرب‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Pierre Bonassises et Christian Scapel, op.cit, p674.‬‬
‫‪ -3‬متت اإلشارة إىل ذلك يف الصفحة رقم ‪ 48‬وما يليها من هذه الرسالة‪.‬‬
‫‪ -4‬املادة ‪ 8/3‬من اتفاقية بروكسل ‪،‬املادة‪ 23‬من معاهدة هامبورغ‪ ،‬املادة ‪79‬من قواعد روتردام‪ .‬وقد تبعها يف ذلك القانون البحري اجلزائري‬
‫حسب ماجاء يف املادة ‪ 811‬منه‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫شروط إعفاء الناقل من املسؤولية عن أخطائه الشخصية‬
‫قبل ظهور معاهدة بروكسل كان الفقه والقضاء يف فرنسا حيكمان بصحة الشروط اليت‬
‫يثبتها الناقل يف سندات الشحن إبعفائه من املسؤولية عن أخطائه الشخصية‪ .‬ومن أمثلة هذه‬
‫األخطاء كأن يؤخر الناقل أبوامره احبار السفينة ‪،‬أو يعدل خط سريها فيسبب بذلك أتخريا يف‬
‫وصول البضاعة مما يُلحق ضررا مبالكها‪ .‬كما يتدخل أبوامر حمددة يف عمليات الشحن أو‬
‫الرص أو التفريغ على وجه ال يتالءم مع طبيعتها فتصاب البضاعة املنقولة بضرر ‪ ،‬غري أن أهم‬
‫فعل شخصي ميكن أن يصدر من الناقل هو ترك السفينة تبحر دون أن جيعلها يف حالة‬
‫صالحية كاملة للمالحة ‪ .‬سوآءا أكان ذلك لنقص يف جتهيزها أو تطقيمها أم لعدم إجراء‬
‫الفحص الفين هلا قبل اإلحبار‪.1‬‬
‫يف تلك األثناء كانت مسؤولية الناقل البحري ختضع للقواعد العامة للمسؤولية املدنية‬
‫كما قررها القانون املدين وقد استفاد أصحاب شركات النقل البحري من تلك األحكام‬
‫ليضمنوا عقودهم شروطا تقضي إبعفائهم من كل املسؤولية‪.2‬‬
‫أتسيسا على ذلك فإنه جيب على الشاحن أو املرسل إليه وفقا للقواعد العامة أن يثبت‬
‫عدم وصول البضاعة أو وصوهلا يف حالة خمالفة ملا وصفت هبا يف سند الشحن ‪ ،‬أو وصوهلا‬
‫متأخرة عن املوعد املتفق عليه حىت تنعقد مسؤولية الناقل ‪ .‬ومع ذلك فإن شرط اإلعفاء يقلب‬
‫عبء اإلثبات فيصبح على الشاحن أو املرسل إليه إضافة إىل ما سبق ذكره أن يثبت صدور‬
‫غش أو خطأ جسيم من جانبه وابلتايل يبقى الناقل يف وضع سليب من حيث اإلثبات‪ .3‬ابلرغم‬

‫‪.‬‬ ‫‪ -1‬إبراهيم مكي إبراهيم‪ ،،‬دعوى املسؤولية على الناقل البحري ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة عني مشس ‪،‬مصر‪ ،‬سنة ‪، 1973‬ص‪226‬‬
‫‪ -2‬هشام فرعون‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬مطبعة كرم ‪ ،‬دمشق‪ ،‬سنة ‪ ،1976/1975‬ص ‪.227‬‬
‫‪ -3‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬سنة ‪ ،1969‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.708‬‬

‫‪62‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫من أن القضاء الفرنسي كان أيخذ بشرط اإلعفاء يف حاليت اخلطأ العمدي واخلطأ اجلسيم إال‬
‫أن اثباهتما صعب على صاحب احلق يف البضاعة‪.1‬‬
‫لقد كان الفقه الراجح يف فرنسا يرى أن شرط اإلعفاء من املسؤولية الشخصية الذي‬
‫يثبته الناقل يف سند الشحن يعترب انفذا طبقا حلرية التعاقد "العقد شريعة املتعاقدين" ‪.‬فإذا متكن‬
‫صاحب احلق يف البضاعة من اثبات خطأ الناقل اجلسيم و العمدي استطاع مقاضاته واحلصول‬
‫منه على تعويض الضرر على أساس املسؤولية التقصريية استنادا إىل املادة ‪ 1382‬ق م ف ‪.‬‬
‫هذا الشرط يرتب ختلص الناقل من املسؤولية العقدية ‪،‬لكنه يرتك املتعاقدين لسلطان القواعد‬
‫القانونية العامة يف املسؤولية املدنية‪ .2‬و بذلك فقد اتسع نطاق البطالن ليشمل األخطاء‬
‫اجلسيمة والعمدية وخيرج عن هذا النطاق األخطاء اليسرية ‪.‬‬
‫غري أن الوضع مل يستقر على ذلك ‪،‬فبظهور معاهدة بروكسل‪ 3‬تغريت األحوال ‪ ،‬حيث‬
‫أبطلت هذه األخرية كل الشروط اليت تعفي الناقل من املسؤولية عن أخطائه الشخصية‪ ،‬فلم‬
‫يعد يف إمكان الناقل أن يشرتط إعفائه حىت عن اخلطأ اليسري‪4‬وهو ما أخذت به معاهديت‬
‫هامبورغ وروتردام و القانون البحري اجلزائري‪.5‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم مكي إبراهيم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Georges‬‬ ‫‪Ripert, op.cit, p723.‬‬
‫‪ -‬وهوما تضمنته املادة ‪ 3‬يف الفقرة ‪ 8‬من معاهدة بروكسل‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -4‬علي حسن يونس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.332‬‬


‫‪ -5‬تنص املادة ‪ 811‬من القانون البحري اجلزائري إذ تنص هذه األخرية على أنه‪ ":‬يعد ابطال وعدمي املفعول كل شرط تعاقدي يكون هدفه‬
‫أو أثره املباشر أو غري مباشر ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬إبعاد أو حتديد املسؤولية اخلاصة ابلناقل البحري والنامجة عن ‪ 770‬و‪ 773‬و‪ 780‬و‪ 802‬و‪ 803‬و‪ 804‬من هذا الكتاب ‪.‬‬
‫ب‪-‬حتديد املسؤولية مببلغ يقل عن املبلغ الذي حيدد يف املادة ‪ 805‬أعاله ماعدا يف حالة ما جاء يف املادة ‪. 808‬‬
‫ج‪ -‬منح الناقل االستفادة من التأمني على البضائع"‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫شروط اعفاء الناقل من املسؤولية عن أخطاء اتبعيه‬
‫يعترب من اتبعي الناقل البحريني كل من الرابن‪ ،‬أفراد طاقم السفينة سوآءا كانوا إداريني أم‬
‫فنيني ‪،‬أم عماال يدويني ‪،‬ابإلضافة إىل مرشد السفينة و قد خيصهم الناقل بشرط لإلعفاء من‬
‫‪clause de‬‬ ‫املسؤولية عن أخطائهم‪،‬فهذا ما جرى تسميته يف امليدان بشرط اإلمهال‬
‫‪ . négligence1‬وقد تكون األخطاء اليت يرتكبها التابعني إما أخطاء مالحية أو أخطاء جتارية‬
‫وللتمييز بينهما جيب حتديد اجلهة اليت وقع عليها اخلطأ ‪،‬فإذا وقع على اجلزء املخصص‬
‫للبضاعة كان اخلطأ جتاراي ومثال ذلك اخلطأ الذي يرتكب يف شحن البضاعة أو يف رصها أو‬
‫تفريغها ‪،‬أما إذا وقع على اجلزء املخصص لتشغيل اآلالت وسالمة السفينة وقيادهتا كان اخلطأ‬
‫مالحيا‪. 2‬‬
‫لقد استخدم القضاء الفرنسي منذ زمن بعيد مفهوم السالمة وتوازن السفينة كمعيار‬
‫لتكييف اخلطأ املالحي عن غريه من األخطاء‪ ،‬لكن سرعان ما تراجع عن موقفه مبوجب قراره‬
‫الصادر يف ‪ 26‬فيفري ‪، 31991‬حيث تبىن معيار وحيد وهو هدف العملية املسببة للضرر‬
‫وليست النتيجة املرتتبة عنها ‪،‬مما يستنتج أن اخلطأ املتعلق ابلبضاعة حىت ولو هدد سالمة‬
‫السفينة فإنه يضل خطأً جتاراي‪.‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم مكي إبراهيم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.230‬‬


‫‪ -‬نشأ هذا الشرط أصال يف إجنلرتا و خيتلف نطاق الشرط حبسب صيغته ‪ ،‬فقد يرد عاما حبيث يعفي الناقل من املسؤولية عن امهاله أو‬
‫امهال اتبعيه وقد يقتصر نطاق الشرط على اعفاء الناقل عن اتبعيه البحريني دون الربيني ‪ :‬حممود الشرقاوي ‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬املرجع‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪. 276‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪eme‬‬
‫‪-René Rodiére, Droit maritime,7‬‬ ‫‪édition ,Dalloz ,Paris 1977,p317.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Cass .com ,26février 1991:‬‬
‫مشار إليه لدى جبارة نورة‪ ،‬نطام اعفاء الناقل من املسؤولية ‪-‬دراسة مقارنة – رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬سنة ‪2007‬‬
‫‪، 2008/‬ص ‪. 93‬‬

‫‪64‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫كما أاثر شرط إعفاء الناقل من املسؤولية عن أخطاء اتبعيه البحريني والربيني نقاشا كبريا‬
‫حول صحته ‪ ،‬فاعرتف الفقه‪ 1‬عموما يف فرنسا أبنه شرط صحيح‪ ،‬أما القضاء فكان أحياان‬
‫حيكم بصحته خالفا ملا أيخذ به ابلنسبة لعقود النقل الربي حيث أبطله القانون اخلاص ‪ .‬لكن‬
‫القضاء ابلنسبة لشروط اإلعفاء من املسؤولية عن أخطاء التابعني يف عقد النقل البحري يفرق‬
‫بني شرط اإلعفاء من أخطاء التابعني الربيني واستمر على احلكم ببطالنه و شرط اإلعفاء من‬
‫املسؤولية عن أخطاء الرابن والتابعني البحريني وانتهى إىل صحته‪.2‬‬
‫يف أواخر القرن التاسع عشر أصدرت بعض احملاكم وخاصة حماكم االستئناف أحكاما‬
‫ضد إعمال شرط اإلمهال عن األخطاء التجارية واقتصرت أحكامها على صحة شروط اإلعفاء‬
‫عن األخطاء املالحية ‪ .3‬و بذلك ال ميكن للناقل التهرب من أخطاء اتبعيه التجارية إبدراجه‬
‫شرطا يؤدي إىل اعفائه منها ‪،‬فكل شرط يقضي بذلك أيخذ حكم البطالن وال أثر له ‪،‬ألن‬
‫األخذ بصحة هذا الشرط يؤدي إىل نتائج خطرية إذا استند للقواعد العامة ‪،‬اليت جتيز للمدين‬
‫أن يشرتط اعفاءه من املسؤولية النامجة عن غش أو اخلطأ اجلسيم‪ ،‬الذي يقع من أشخاص‬
‫يستخدمهم يف تنفيذ التزامه‪ .‬و ابلتايل جيوز للناقل أن يدرج يف عقد النقل شرطا يعفيه من‬
‫املسؤولية عن غش اتبعيه‪ ،‬كسرقة البضاعة أو عن خطئهم اجلسيم وال خيفى على أحد ما يف‬
‫ذلك من خطورة على حقوق أصحاب البضائع ‪،‬فالقضاء يف ُوسعه أن يتدخل لتعديل الشروط‬
‫التعسفية ‪،‬أو يعفي الطرف املذعن ( الشاحن) من هذه الشروط مبا خوله القانون‪ 4‬من سلطة‬
‫خاصة يف عقود اإلذعان‪ ،‬وفقا ملا تقضي به مبادئ العدالة و طبقا لنص املادة ‪ 110‬ق م ج‪.‬‬

‫‪ - 1‬من بينهم هؤالء الفقهاء ‪ :‬جورج ريرب‪ ،‬ليون كان ‪ ،‬رينو ‪ ،‬داجنون‪ :.‬مشار إليهم لدى حممود مسري الشرقاوي‪:‬القانون البحري ‪،‬املرجع‬
‫السابق ‪،‬ص ‪.274‬‬
‫‪ -2‬جازيت احملاكم املختلطة ألساتذة ساك ازان عدد ‪، 8‬ص ‪، 27‬والتون ‪ ، 139-9‬مسري ينيا ديس ‪ : 82- 23‬مشار إليهم لدى علي‬
‫مجال عوض ‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬سنة ‪ ، 1969‬ص ‪. 709‬‬
‫‪ -3‬مارسيليا ‪ 9‬نوفمرب و‪ 14‬ديسمرب ‪ ، 1920‬اجمللة الدولية للقانون البحري ‪، 105- 33‬األول من مارس و‪ 19‬مارس ‪-33، 1921‬‬
‫‪ ، 407‬قرار حمكمة بوردو ‪ 7‬يناير و‪ 4‬مارس ‪: 267 -2- 1921 gazette du palais 1921‬مشار إليهما لدى إبراهيم مكي‬
‫إبراهيم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 233‬‬
‫‪ -4‬حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬القانون البحري املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 275‬‬

‫‪65‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫جممل القول أن ما أخذ به القضاء الفرنسي هو خالف للقواعد العامة ‪،‬إذ يستقيم مع ما‬
‫جاءت به املادة ‪ 2/4‬واليت تنص على أنه‪ ":‬ال يسأل الناقل أو السفينة عن اهلالك أو التلف‬
‫الناتج أو الناشئ عن أعمال أو امهال أو خطأ الرابن أو البحارة أو الرابن أو املرشد أو‬
‫مستخدمي الناقل يف املالحة أو يف إدارة السفينة"‪ .‬وهو ما تضمنه القانون البحري اجلزائري يف‬
‫املادة ‪/803‬ب إذ نصت على أن ‪ ":‬الناقل يعفى من املسؤولية املذكورة يف املادة السابقة إذا‬
‫كانت اخلسائر أو األضرار الالحقة ابلبضائع انشئة أو انجتة عما يلي‪:‬‬
‫‪.....‬ب‪ -‬األخطاء املالحية اليت يرتكبها الرابن أو املرشد أو املندوبون البحريون األخرون عن‬
‫‪1‬‬
‫الناقل‪." .....‬‬
‫أتسيسا على هاذين النصني ميكن للناقل أن يستفيد من اإلعفاء عن أخطاء اتبعيه‬
‫البحريني املالحية دون حاجة لالتفاق على ذلك‪ ،‬أما األخطاء التجارية لتابعني فال ميكن‬
‫للناقل أن يشرتطها يف عقد النقل‪ .‬و الدليل على ذلك أن التشريعات أبطلت شروط اإلعفاء‬
‫من املسؤولية ويف مقابلها أقرت حباالت اعفاء قانونية ومن بينها األخطاء املالحية لتابعي الناقل‬
‫وهذا ما أكدت عليه بعض احملاكم العربية‪.2‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫شرط حتديد املسؤولية ابعتبار احلاوية وما اشتملت عليه طردا واحدا‬
‫إذا تضمن سند الشحن عدد الطرود املوجودة داخل احلاوية فإن االتفاق على حتديد‬
‫مبلغ التعويض ابعتبار احلاوية وما احتوته من بضائع طردا واحدا هو شرط ابطل‪ .‬أكدت على‬
‫ذلك حمكمة التمييز الكويتية بقوهلا‪ ":‬أن الطاعنة تدفع بسببني الثالث والرابع على احلكم‬
‫املطعون فيه خطأ يف تطبيق القانون ويف بيان ذلك تقول أن الناقل والشاحن قد ضمنا سند‬

‫‪ -1‬لقد ألغت أحكام قواعد هامبورغ ومعاهدة روتردام من بني حاالت اإلعفاء القانوين اليت وردت يف نصوصهما اعفاء الناقل عن اخلطأ‬
‫املالحي لتابعي الناقل ‪،‬مما يعين أن الناقل يف ضل أحكام هاتني املعاهدتني ال جيوز له أن يشرتط اعفاء نفسه عن أخطاء اتبعيه وسوآءا يف‬
‫ذلك أكانت جتارية أ م مالحية ‪.‬‬
‫‪ -2‬حمكمة اإلسكندرية اجلزئية ‪ 21‬مارس ‪ ،1951‬النشرة القانونية حملكمة اإلسكندرية االبتدائية ‪ :26-1-‬مشار إليه لدى علي حسن‬
‫يونس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.333‬‬

‫‪66‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الشحن اتفاقهم يف البند ‪ 3/4‬منه على أن البضاعة قد نقلت يف حاوايت وقد حددا مسؤولية‬
‫الناقل ابعتبار احلاوية الواحدة مبا حتتويه من بضائع مبثابة طرد واحد وهو اتفاق ال يتعارض مع‬
‫معاهدة بروكسل املطبقة على واقعة النزاع واليت أجازت يف املادة ‪ 7‬منها االتفاق على أية‬
‫شروط أو إعفاءات بصدد مسؤولية الناقل عن اهلالك أو التلف سوآءا حدث ذلك قبل الرحلة‬
‫البحرية ‪،‬أو أثناءها ‪،‬أو بعدها وقد كانت الفقرة ‪ 4‬من هذه املادة جتعل التعويض عن كل طرد‬
‫أو وحدة مائة جنيه اجنليزي أو ‪ 250‬دينار كوييت أخذا بتحفظ الكويت‪ 1‬على املعاهدة يف‬
‫حالة عدم بيان جنس البضاعة وقيمتها يف سند الشحن وإذا كانت عدد احلاوايت اليت مل تسلم‬
‫عشرين حاوية وقد خال سند الشحن موضوع الدعوى من بيان قيمة البضاعة ‪ ،‬فكان على‬
‫احلكم املطعون فيه أن يقدر التعويض على هذه األسس‪ .‬وإذا خالف هذا النظر وقضى مبا‬
‫جياوزه فإنه قد يكون قد أخطأ يف القانون وحيث أن هذا الدفع يف غري حمله ‪،‬ذلك أن معاهدة‬
‫بروكسل يف الفقرة ‪ 8‬من املادة ‪ 3‬تنص على أن ‪":‬كل شرط أو اتفاق يف عقد النقل يتضمن‬
‫اعفاء الناقل أو السفينة من املسؤولية عن اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع والناشئ عن‬
‫اإلمهال أو اخلطأ أو التقصري يف الواجبات‪ ،‬أو االلتزامات املنصوص عليها يف هذه املادة‬
‫يتضمن ختفيف هذه املسؤولية على وجه خيالف ما هو منصوص عليه يعترب ابطال بطالان‬
‫مطلقا"‪.‬‬
‫و إذا كان الثابت يف الدعوى ومن مطالعة سند الشحن ‪،‬الذي جاء خاليا من بيان‬
‫قيمة البضاعة واكتفى بذكر ‪ 39‬حاوية حتتوي ‪ 311‬صندوق من األانبيب ‪،‬األمر الذي يغدو‬
‫معه حتديد الطرود من واقع سند الشحن وهو بعدد الصناديق وملا كان سند الشحن الذي‬

‫‪ -1‬انضمت الكويت إىل اتفاقية بروكسل ابلقانون رقم ‪ 21‬لسنة ‪ 1969‬املنشور يف ‪ 8‬جوان ‪، 1969‬لكنها حتفظت يف نص هذا القانون‬
‫ذاته فيما يتعلق ابحلد األقصى للتعويض ‪ ،‬فنصت املادة األوىل من هذا القانون ‪":‬ووفق على انضمام دولة الكويت إىل املعاهدة الدولية‬
‫املرفقة نصوصها اخلاصة بتوحيد بعض القواعد املتعلقة بسندات الشحن البحري واملوقعة بربوكسل يف أوت ‪ 1924‬مع التحفظ فيما يتعلق‬
‫ابحلد األقصى املنصوص عليه ابلفقرة اخلامسة من املادة الرابعة من تلك املعاهدة وهبذا التحفظ أراد املشرع تعطيل النص اخلاص ابحلد‬
‫األقصى للتعويض الذي يقدرب ‪ 100‬جنيه إسرتليين وبدال عنه جاء مببلغ ‪ 250‬دينار كوييت ‪ ،‬بغية يف رفع احلد األقصى للتعويض عن‬
‫احلد املقرر يف هذه االتفاقية ‪:‬علي مجال الدين عوض ‪ ،‬التحديد القانوين ملسؤولية الناقل البحري الدويل يف اتفاقية بروكسل يف القضاء‬
‫الكوييت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 332‬‬

‫‪67‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫متسكت به الطاعنة ينص على حتديد املسؤولية يف حالة خسارة البضاعة ‪،‬أو تلفها ابعتبار‬
‫احلاوية وما اشتملت عليه طردا واحدا وهو شرط يتضمن ختفيفا ملسؤولية الناقل عن القدر‬
‫الذي حددته معاهدة بروكسل ‪،‬فيكون شرطا ابطال عمال ابملادتني ‪ 5/4، 8/3‬من هذه‬
‫املعاهدة‪.1‬‬
‫الفقرة الرابعة‪:‬‬
‫شرط قلب عبئ اإلثبات على الشاحن‬
‫تضع االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري على عاتق الناقل التزاما بتحقيق نتيجة‬
‫أو بذل عناية حسب األحوال على حنو ما سبق ذكره‪ ،2‬فال جيوز للناقل أن ينقل عبء‬
‫اإلثبات على الشاحن ويشرتط عليه اثبات خطأ الناقل ‪،‬أو اثبات سبب وقوع احلادث املؤدي‬
‫للهالك أو التلف أو التأخري فمثل هذه الشروط ابطلة ألاها تؤدي قلب عبء اإلثبات من‬
‫الناقل إىل الشاحن وهو خمالف للقواعد اآلمرة اليت تبطل االتفاق على خمالفتها بطريق مباشر‬
‫أو غري مباشر‪ .3‬و احلكمة من ذلك أن شرط تعديل عبء اإلثبات ونقله من الناقل إىل‬
‫الشاحن حيمل يف طياته ختفيفا ملسؤولية الناقل وهوما تصدت له النصوص القانونية وحكم‬
‫القضاء الفرنسي عليه ابلبطالن املطلق‪.4‬‬
‫كذلك توجد بعض التشريعات الداخلية اليت صرحت ببطالن شرط قلب عبء االثبات‬
‫على الشاحن و نذكر منها على سبيل املثال‪ :‬القانون الفرنسي الصادر يف ‪ 2‬أفريل ‪ 1936‬يف‬
‫مادته التاسعة فقرة ‪ 1‬إذ أبطل كل شرط يقصد الناقل به بطريقة مباشرة أو غري مباشرة قلب‬

‫‪ -1‬الطعن ابلتمييز رقم ‪ 1982/155‬جتاري جلسة ‪ : 1983/3/3‬مشار إليه لدى أمحد حممود حسين ‪ ،‬النقل الدويل للبضائع طبقا‬
‫ملعاهدة بروكسل لسندات الشحن مع اإلشارة إىل القوانني البحرية العربية ومعاهدة هامبورغ ‪ ،‬منشأة املعارف ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،‬‬
‫سنة ‪ ، 1989‬ص ‪ 213‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬سبق التفصيل يف هذا األمر يف الفرع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬حممد هبجت عبد هللا قايد ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 106‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Marseille com. 13 mai 1949, DMF1950, p42, Rouen 26 novembre 1952,DMF‬‬
‫‪1953,p228:‬‬
‫مشار إليهما لدى عبد الرمحن سليم‪ ،‬شروط االعفاء من املسؤولية‪ ،‬رسالة دكتوراه جبامعة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪ ،1955‬ص‪.251‬‬

‫‪68‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫عبء اإلثبات على الشاحن‪ .‬و هو ما يكاد يتطابق متاما مع نص املادة ‪ 1/172‬من القانون‬
‫البحري املصري‪. 1‬‬
‫الفقرة اخلامسة‪:‬‬
‫شروط اإلعفاء من املسؤولية املتعلقة ابلتـأمني‬
‫يف جمال النقل البحري للبضائع هناك نوعان من الشروط ‪،‬فالنوع األول مفاده اشرتاط‬
‫الناقل اإلعفاء من املسؤولية عن املخاطر اليت ميكن التأمني عليها ‪،‬أما النوع الثاين مضمونه أن‬
‫يتنازل الشاحن عن احلقوق الناشئة عن التأمني على البضائع‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شرط اإلعفاء من املسؤولية عن املخاطر اليت ميكن التأمني عليها‬
‫لقد حددت املادة ‪ 4‬من معاهدة بروكسل‪ ،‬املادة ‪ 4/5‬من معاهدة هامبورغ واملادة‬
‫‪ 3/17‬من قواعد روتردام املخاطر اليت يعفى منها الناقل فال حيتاج إىل أن يشرتط ذلك يف‬
‫عقد النقل البحري وقضت ببطالن كل شروط اليت من شأاها إعفاء الناقل من املسؤولية أو‬
‫ختفيفها‪ .‬يستنتج من هذا أن أي شرط يقصد من ورائه اعفاء الناقل من مسؤوليته عن األخطار‬
‫اليت ميكن التأمني عليها(والغالبية الكربى من األخطار هي كذلك) يعترب ابطال بطالان مطلقا‬
‫وال أثر له مامل تندرج هذه املخاطر يف عداد احلاالت اليت نصت عليها النصوص القانونية‬
‫اخلاصة ابإلعفاء القانوين للناقل من املسؤولية‪.2‬‬
‫اثنيا‪ :‬شرط التنازل عن احلقوق الناشئة عن التأمني على البضائع‬
‫هذا الشرط هو اندر الوجود يف عقد النقل البحري ألن النصوص الدولية املتمثلة يف‬
‫الفقرة ‪ 8‬املادة ‪ 3‬من معاهدة بروكسل‪ ،‬املادة ‪ 23‬من اتفاقية هامبورغ و املادة ‪ 79‬من قواعد‬
‫روتردام قد صرحت ببطالنه‪ .‬و السبب يف تقرير بطالن شرط التنازل إىل الناقل عما يستحقه‬
‫الشاحن مبوجب عقد التأمني على البضائع يرجع إىل أن الناقل يصبح مستفيدا من هذا العقد‬

‫‪ -‬عبد الرمحن سليم‪،‬املرجع السابق‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪ -2‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 256‬وما يليها‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ويسمح له بتغطية املسؤولية عن أخطائه على نفقة الشاحن‪ ،‬أي بفضل أقساط التتأمني اليت مت‬
‫دفعها من قبل الشاحن ويف هذا حتايل على عدم جواز إعفاء الناقل من مسؤوليته‪.1‬‬
‫ضف إىل ذلك أن تنازل الشاحن أو املرسل إليه عن حقوقه يف التأمني للناقل جيعل شركة‬
‫التأمني تتحمل وحدها التعويض املقرر للمضرور مع حرمااها من الرجوع على الناقل املسؤول‬
‫الذي أصبح صاحب احلق يف التأمني‪.2‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن معاهدة روتردام هي الوحيدة من بني االتفاقيات الدولية اليت مددت‬
‫نطاق البطالن ليشمل االتفاق على إحالة حقوق التأمني لتابعي الناقل ‪،‬الذين مت ذكرهم يف‬
‫املادة ‪ .18‬و هبذا فقد سدت هذه االتفاقية الباب أمام إخفاء الناقل لذلك الشرط حتت ستار‬
‫تنازل صاحب البضاعة عن حقوقه الناجتة عن التأمني لصاحل اتبعي الناقل‪.3‬‬
‫الفقرة السادسة‪:‬‬
‫شرط اجلهل بوزن البضاعة‬
‫يعترب شرط عدم معرفة وزن البضاعة وما شاهبه من شروط يف حكم البطالن ‪،‬إذا مل‬
‫يثبت الناقل األسباب اجلدية اليت حتمله على الشك يف صحة البياانت اليت يقدمها الشاحن‬
‫‪،‬أو أنه مل يكن لديه الوسائل الكافية للتحقق من هذه البياانت‪ .4‬وذلك ملا يرتبه هذا الشرط‬
‫من عكس عبء اإلثبات و حتويله من الناقل إىل الشاحن‪ ،‬حبيث يلتزم هذا األخري إبثبات‬
‫القدر احلقيقي للبضاعة اليت سلمها للناقل لشحنها ونقلها وهوما يعترب ختفيفا على مسؤولية‬
‫الناقل‪.5‬‬

‫‪ -1‬علي البارودي ‪ ،‬مبادئ القانون البحري ‪ ،‬منشأة املعارف ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬بدون اتريخ نشر ‪ ،‬ص ‪. 218‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Francis Sauvage et Jean Talendier, op.cit, p52.‬‬
‫ويف نفس املعىن هاين دويدا ر ‪ ،‬قانون النقل‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪ ، 2014‬ص ‪. 57‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪/79‬ج من معاهدة روتردام‪.‬‬
‫‪ -4‬املادة ‪ 3/3‬من معاهدة بروكسل ‪ ،‬املادة ‪ 16‬من اتفاقية هامبورغ ‪ ،‬املادة ‪ 40‬من قواعد روتردام واملادة ‪ 755‬من القانون البحري‬
‫اجلزائري‪.‬‬
‫‪ -5‬حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 300‬‬

‫‪70‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫كما أن القضاء الفرنسي‪ 1‬اعترب شروط اجلهل ابلوزن من قبيل شروط اإلعفاء من‬
‫املسؤوليةو قد أكد على بطالاها‪.‬‬
‫يف قضية أخرى طرحت أمام حمكمة النقض املصرية‪ 2‬حيث مل تعرتف ابلتحفظ الذي‬
‫دونه الناقل يف سند الشحن للداللة على جهله مبحتوايت البضاعة املسلمة إليه ‪،‬أو بصحة‬
‫البياانت املدونة عنها يف هذا السند‪ .‬و قضت هذه احملكمة أبن هذا التحفظ ال يكون له‬
‫اعتبار يف دفع مسؤولية الناقل عن فقد البضاعة إال إذا كانت لديه أسباب جدية للشك يف‬
‫صحة البياانت اليت قدمها الشاحن ‪،‬أو مل تكن لديه األسباب الكافية للتحقق من صحتها‬
‫ويقع عبء اثبات هذه األمور على عاتق هذا األخري‪.‬‬
‫فإن عجز عن هذا اإلثبات تعني عدم التعويل على التحفظ السابق ‪،‬فإذا كان احلكم‬
‫املطعون فيه ال يبني أن الطاعنتني قامتا إبثبات شيء مما سبق وكانت الفقرة ‪ 4‬من املادة ‪ 3‬من‬
‫معاهدة بروكسل تنص على أنه‪ ":‬يعترب سند الشحن احملرر هبذه الكيفية املبينة ابلفقرة الثالثة‬
‫من نفس املادة قرينة على أن الناقل قد تسلم البضاعة ابلكيفية املوصوفة هبا طبقا للفقرة ‪( 3‬أ‬
‫‪،‬ب ‪،‬ج) من هذه املادة ‪،‬أي أنه تسلمها يف حالة جيدة وببياانت صحيحة عنها مامل يقم‬
‫الدليل على خالف ذلك‪ .‬و عليه فإن الطاعنتني ال تستفيدان من شرط اجلهل ابلوزن املدون‬
‫يف سند الشحن‪.‬‬
‫الفقرة السابعة‪:‬‬
‫التعويض على أساس قيمة الفاتورة يف ميناء الشحن أو مع النفقات‬
‫يرد هذا الشرط غالبا يف الصيغة اآلتية ‪ ":‬يف حالة اخلسارة أو التلف يف الظروف اليت‬
‫تنطوي على مسؤولية الناقل فإن هذه املسؤولية حتتسب مبا ال يزيد يف أية حالة من األحوال‬

‫‪ -1‬حمكمة استئناف أكس يف ‪ 2‬جوان ‪ ، 1959‬جملة القانون الفرنسي سنة ‪ ، 1960‬ص ‪ :347‬مشار إليه لدى حممود مسري الشرقاوي ‪،‬‬
‫القانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬الطعن رقم ‪ 305‬سنة ‪ 32‬ق جلسة ‪ 1967/1/24‬س ‪ 18‬ص ‪ :172‬مشار إليه لدى أمخد حممود حسين‪ ،‬قضاء النقض البحري‪،‬‬
‫منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون اتريخ نشر‪ ،‬ص ‪.94‬‬

‫‪71‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫على صايف قيمة فاتورة الشحن واملصروفات ‪،‬أو مائة جنيه عن كل طرد خمصوما منها مجيع‬
‫النفقات املقتصدة أيهما أقل"‪.1‬‬
‫يذهب الفقه يف فرنسا‪ 2‬ومصر‪ 3‬إىل اعتبار هذا الشرط ابطال حيث أنه يسمح للناقل‬
‫بدفع مبلغ التعويض على أساس قيمة البضاعة يف ميناء الشحن بدون احتساب أجرة النقل‬
‫والرسوم اجلمركية و دون الزايدة يف قيمة البضاعة اليت تكون نتيجة الرتفاع سعرها يف ميناء‬
‫الوصول‪ .‬وهذا الشرط حيمل يف طياته ختفيفا ملسؤولية الناقل املسؤولية عما قررته معاهدة‬
‫بروكسل ويرتتب عن ذلك بطالن هذا الشرط‪.‬‬
‫لقد سارت حمكمة النقض املصرية يف هذا االجتاه بقوهلا يلتزم الناقل بتعويض صاحب‬
‫البضاعة عما حلقه من خسارة وما فاته من كسب على أساس قيمة السوق للبضاعة املفقودة‪،‬‬
‫أو اهلالكة يف ميناء الوصول إذا كانت هذه القيمة تزيد على سعر شرائها على أال يتجاوز‬
‫التعويض احلد األقصى املقرر يف املادة ‪ 4‬من معاهدة بروكسل ‪،‬كما أضافت هذه احملكمة أن‬
‫الضرر املتوقع الذي يسأل عنه الناقل جيب أن يتوقع فيه مقدار الضرر ومداه وال يكفي توقع‬
‫سبب الضرر ‪،‬فالناقل العادي ال ميكنه أن يتوقع مقدار السعر اجلربي الذي فرضته وزارة‬
‫التموين لتبيع النب للتجار احملليني‪ ،‬ذلك أن الضرر الذي حلقها نتيجة عدم بيعها للنب الذي‬
‫فقد أو تلف هبذا السعر ليس مما ميكن توقعه عادة وقت التعاقد‪.‬‬
‫و بناءا عليه فإن الناقل ال يكون مسؤوال عن فوات هذا الكسب وإمنا يسأل عما فات‬
‫الطاعنة من كسب بسبب زايدة سعر البضاعة التالفة أو الفاقدة يف سعر السوق احلرة يف ميناء‬
‫الوصول‪.4‬‬

‫‪ -1‬أمحد حممود حسين‪ ،‬النقل البحري للبضائع‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،1989‬ص ‪. 215‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Georges Marais, les transports internationaux de marchandises par mer et la‬‬
‫‪jurisprudence en droit compare, libraire général de droit et jurisprudence, Paris 1949,‬‬
‫‪p107 .‬‬
‫‪ - 3‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬أصول القانون البحري‪ ،‬طبعة أوىل ‪،‬دار نشر الثقافة ‪،‬مصر‪،‬سنة ‪، 1952‬ص‪.53‬‬
‫‪ -4‬الطعن رقم ‪، 145‬سنة ‪ 38‬ق جلسة ‪ 1973/4/17‬س ‪ 24‬ص ‪: 616‬مشار إليه لدى أمحد حممود خليل ‪ ،‬موسوعة التشريعات‬
‫البحرية أتصيال و فقها و قضاءا ‪،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪، 2010‬ص ‪ 398‬وما يليها‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫الشروط الصحيحة يف عقد النقل البحري‬
‫وردت تفاصيل كثرية يف االتفاقيات الدولية خبصوص الشروط الباطلة وما قررته من‬
‫استثناءات بشأاها حيث أاها أعطت لتلك الشروط الباطلة إمكانية أن أتخذ حكم اجلواز يف‬
‫حاالت يقتضي البحث بيااها (أوال) ‪ ،‬مث يليه التعرض للنماذج عن الشروط الصحيحة اليت مت‬
‫تداوهلا يف امليدان البحري حيث تبقى هذه الشروط صحيحة يف كل األحوال(اثنيا) ‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫الغاء احلضر على الشروط الباطلة‬
‫إن ما ورد يف الفرع السابق خبصوص بطالن شروط إعفاء الناقل من مسؤوليته عن هالك‬
‫البضاعة أو تلفها أو التأخري يف وصوهلا ليس معناه أنه مل تعد للناقل مصلحة يف إدراجها يف‬
‫سند الشحن ‪،‬على العكس جند كثريا من سندات الشحن ال زالت تتضمن الشروط املذكورة‬
‫اليت جرى العمل هبا قبل جميء معاهدة بروكسل‪ . 1‬و تبدوا فائدة ذلك أن هذه الشروط ال‬
‫تبطل إال ابلنسبة للضرر الذي يقع يف املرحلة البحرية‪ ،2‬أما خبصوص املرحلة السابقة والالحقة‬
‫للمرحلة البحرية فإن شرط عدم املسؤولية قبل وضع البضائع حتت روافع السفينة قبل الشحن‬
‫يف ميناء الشحن ‪،‬أو بعد وضعها حتت الروافع يف ميناء الوصول بعد التفريغ يكون صحيحا يف‬
‫النطاق الذي ال خيالف فيه مبادئ القانون الوطين الواجب التطبيق على تلك املرحلة اخلارجة‬
‫عن قواعد معاهدة بروكسل‪.3‬‬

‫‪ -1‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1987‬ص ‪.301‬‬
‫‪ -2‬ملا كان عقد النقل البحري ال خيتص ابملرحلة البحرية فحسب بل يشمل الفرتة الواقعة بني استالم البضائع من الشاحن وتسليمها للمرسل‬
‫إليه فإن العقد يف ظل معاهدة بروكسل لنوعني من األحكام ‪ :‬األول حيكم الفرتة السابقة للشحن والالحقة للتفريغ وفيها يستطيع‬
‫املتعاقدين أن يضمنوا عقد النقل ما بدا هلم من شروط أو إعفاءات من املسؤولية طبقا لنص املادة ‪، 7‬أما الثاين فيحكم الفرتة الواقعة بني‬
‫الشحن والتفريغ وقد نظمته املعاهدة تنظيما الزاميا ال يسمح للمتعاقدين مبخالفته ‪ :‬علي حسن يونس ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 335‬‬
‫‪ -3‬طيب إبراهيم ويس‪ ،‬أتثري قواعد روتردام ‪ 2008‬واملادة ‪ 812‬من القانون البحري اجلزائري على مبدأ وحدة عقد النقل البحري ‪ ،‬جملة‬
‫صوت القانون‪ ،‬العدد الثاين صادرة عن جامعة جياليل بو نعامة ‪،‬مخيس مليانة ‪،‬أكتوبر ‪، 2014‬ص ‪. 76‬‬

‫‪73‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫فإذا مل يعرف وقت وقوع الضرر فإن الضرر يفرتض وقوعه يف املرحلة البحرية ‪،‬أي يفرتض‬
‫بطالن شرط اإلعفاء من املسؤولية‪ .‬و على الناقل أن يثبت أن الضرر قد وقع يف الفرتة السابقة‬
‫للشحن أو الالحقة على التفريغ ألنه يطالب بتطبيق شرط يعترب خروجا على القاعدة‪ ،‬فضال‬
‫على أنه أعلم من أي شخص آخر بظروف حصول الضرر‪ .1‬وابإلضافة إىل ما سبق ذكره فإن‬
‫شروط اإلعفاء من املسؤولية تصح‪ 2‬يف هذه االتفاقية أيضا ابلنسبة للحاالت التالية‪:3‬‬
‫‪-1‬نقل احليواانت احلية ويرجع ذلك للمخاطر الكبرية اليت تصاحب نقلها وألنه يف غالب‬
‫األحيان ما يرافقها اتبع للشاحن‪.‬‬
‫‪-2‬نقل البضائع على سطح السفينة وهذا ألن البضائع املشحونة على ظهر السفينة تتعرض‬
‫ملخاطر متعددة كالسرقة والتبلل مبياه البحر ‪،‬أو مبياه األمطار‪ ،‬أو السقوط يف البحر مما يدعو‬
‫إىل اإلبقاء على احلرية التعاقدية بشأاها‪.4‬‬
‫‪ -3‬النقل االستثنائي ويف هذه احلالة جيوز للناقل طبقا للمادة السادسة من املعاهدة أن يربم‬
‫مع الشاحن اتفاقا يشمل أي شرط بصدد مسؤوليات الناقل والتزاماته ويكون لذلك االتفاق‬
‫أثره القانوين الكامل غري أنه يلزم توافر فيه بعض األمور و هي‪:‬‬
‫أ‪-‬أن يكون النقل ذا طابع استثنائي خاص إما بسبب طبيعة البضاعة مثل البضائع القابلة‬
‫للتلف بسرعة‪ ،‬أو نقل متحف آاثر‪ ،‬أو مواد ذرية‪ .‬وإما بسبب ظروف النقل كما لو اقتضى‬

‫‪ -1‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬سنة ‪ ،1987‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.302‬‬
‫‪ -2‬وهو ما نص عليه املشرع اجلزائري صراحة يف املادة ‪ 812‬ق ب ج‪ ":.‬يرخص بكل الشروط املتعلقة بتحديد املسؤولية أو التعويض كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬عن املدة الواقعة ما بني استالم البضاعة من قبل الناقل لنقلها لغاية البدء بتحميلها على منت السفينة وحىت اهاية تفريغها ولغاية تسليمها‪.‬‬
‫ب‪ -‬يف نقل احليواانت ونقل البضائع على سطح السفينة"‪ ،‬غري أن املشرع قد أغفل ذكر النقل االستثنائي كحالة جتيز االتفاق على االعفاء‬
‫من املسؤولية أو حتديدها‪.‬‬
‫‪ -3‬مل تنظم معاهدة بروكسل نقل احليواانت احلية والبضائع اليت يذكر يف عقد النقل أن نقلها يكون على ظهر السفينة وتكون قد نقلت‬
‫فعال هبذه الطريقة والنقل االستثنائي بل تركت ذلك التفاق طريف عقد النقل وللقواعد العامة يف القانون الواجب التطبيق‪.‬‬
‫‪ -4‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪ ، 1987‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 291‬‬

‫‪74‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫نقل البضاعة خرق حصار حبري مفروض على ميناء الوصول أثناء احلرب‪،1‬أو نقل محولة‬
‫سفينة أصاهبا عطب‪.‬‬
‫ب‪-‬أال يصدر سند الشحن يف هذا النوع من النقل‪ ،‬بل تدون شروط النقل يف وثيقة خاصة‬
‫ينص فيها على عدم قابليتها للتداول‪.2‬‬
‫ج‪-‬و أخريا أال يتضمن عقد النقل شرطا خمالفا للنظام العام وفقا للقواعد العامة‪.‬‬
‫أما الوضع يف اتفاقية هامبورغ فهو على العكس من ذلك‪ ،‬إذ تضل شروط اإلعفاء من‬
‫املسؤولية أو ختفيفها ابطلة وال جمال لنفاذها يف نطاق أحكام هذه املعاهدة ‪،‬اليت تبدأ منذ‬
‫استالم الناقل البضاعة من الشاحن إىل غاية تسليمها إىل املرسل إليه‪.‬كما أاها مل تورد أحكاما‬
‫خاصة ابلنقل االستثنائي مما يعين أاها ال تعرتف بصحة شروط اإلعفاء من املسؤولية مهما‬
‫كانت الظروف أو نوع البضاعة الذي يقتضي ذلك‪.‬‬
‫غري أن البعض من الفقه يرى أبن قواعد هامبورغ تبطل كل اتفاق خيالف أحكامها يكون‬
‫واردا يف سند الشحن أو أية وثيقة أخرى مثبتة لعقد النقل البحري‪ .‬و عليه فإن االتفاق الباطل‬
‫هو الذي يتم قبل وقوع احلادث الذي ينشأ عنه الضرر حتما ألنه يعاصر ابرام عقد النقل‬
‫البحري للبضائع‪ ،3‬فال يوجد ما حيول بني االتفاق على تعديل أحكام مسؤولية الناقل بعد‬
‫وقوع احلادث الذي أدى إىل نشأة الضرر‪ ،4‬فهو شرط صحيح إذ يف هذه احلالة يكون االتفاق‬
‫حينئذ أي ضغط ميكن أن‬‫ٍ‬ ‫بني طرفني متساويني ال سلطان ألحدمها على اآلخر‪ 5‬وال يتصور‬
‫ميارسه الناقل على إرادة الشاحن األمر الذي تنتفي معه احلاجة إىل محايته‪.6‬‬

‫‪ -1‬حممود مسري الشرقاوي‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 291‬‬


‫‪ -2‬مسيحة القليويب ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 423‬‬
‫‪ -3‬هاين حممد دويدار ‪ ،‬قانون النقل ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 252‬‬
‫‪ -4‬جالل وفاء حممدين ‪ ،‬قانون التجارة البحرية ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 322‬‬
‫‪ -5‬سوزان علي حسن ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 162‬‬
‫‪ -6‬حممد السي د الفقي ‪ ،‬املعتصم ابهلل الغرايين‪ ،‬أساسيات القانون التجاري والبحري ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪، 2009‬‬
‫ص‪. 277‬‬

‫‪75‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ابلرجوع إىل قواعد روتردام فإن بطالن شروط اإلعفاء من املسؤولية أو ختفيفها هي‬
‫ابطلة على غرار ما قررته معاهدة هامبورغ يف املدة اليت حيكمها عقد النقل البحري‬
‫الدويل‪،1‬لكنها تتحول إىل شروط صحيحة يف أربع حاالت‪:‬‬
‫‪-1‬جتيز املادة ‪ 2/13‬من قواعد روتردام أن يتفقا طرفا عقد النقل البحري على أن يتحمل‬
‫الشاحن أو الشاحن املستندي أو املرسل إليه بعض االلتزامات املقررة للناقل مبوجب الفقرة‬
‫األوىل من نفس املادة وهي االلتزام ابلشحن ‪،‬أو التفريغ ‪،‬أو مناولة البضائع أو تستيفها وجيب‬
‫اإلشارة إىل ذلك يف تفاصيل العقد وبطبيعة احلال إذا كان الشاحن املستندي‪ 2‬هو من يتوىل‬
‫القيام بعمليات الشحن والتفريغ بدال من الشاحن فإنه يستطيع القيام بكل هذه األعمال‬
‫كالشاحن متاما ‪ .‬أما إذا كان املرسل إليه هو من يتوىل القيام هبذه األعمال عوضا عن الشاحن‬
‫فإنه لن يستطيع القيام سوى ببعض هذه العمليات مثل التفريغ‪ ،‬ألن دوره حبسب األصل أييت‬
‫بعد وصول البضاعة إىل ميناء الوصول‪،‬غري أن هذا االتفاق هو ابطل يف ظل أحكام معاهديت‬
‫بروكسل وهامبورغ ألنه خمالف للنظام العام الدويل‪.3‬‬

‫‪ -1‬وسعت اتفاقية روتردام من النطاق الزمين للمسؤولية عما كان عليه يف اتفاقييت بروكسل وهامبورغ حيث جعلت مسؤولية الناقل متتد‬
‫حسب نص املادة ‪ 3/12‬إىل املدة اليت يتفق عليها طريف عقد النقل فأجازت هلما االتفاق على وقت ومكان استالم البضاعة وتسليمها‬
‫وابلتايل فإن هذا النص ينسجم مع متطلبات النقل من الباب أو من املخازن إىل املخازن ومن جهة أخرى فإن متديد النطاق الزمين وتركه‬
‫إلرادة األطراف هو يف صاحل شركات التأمني‪ ،‬إذ يسهل عليها حتديد مدة عقد التأمني بدقة أكثر وتقدير موقفها عند التعاقد ‪،‬إال أن هذا‬
‫االتفاق هو مرهون بشرطني وإال كان ابطال ومها‪ :‬أ‪ -‬أال يكون وقت تسلم البضاعة ال حقا لتحميلها األويل‪.‬‬
‫ب‪ -‬أال يكون تسليم البضاعة إىل املرسل إليه سابقا على متام تفريغها النهائي ‪:‬حممد الدالبيح ‪ ،‬ندوة التعويضات يف التأمني البحري ‪،‬‬
‫بتاريخ ‪ 2014 /2/10‬مشار إليه لدى حممود حممد عنانبه ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 182‬‬
‫‪ -2‬تعرف الفقرة ‪9‬من املادة األوىل الشاحن املستندي أبنه أي شخص غري الشاحن يقبل أبن يسمى ابلشاحن يف مستند النقل أو سجل‬
‫النقل اإللكرتوين ‪.‬‬
‫‪ -3‬حممد شريف غنام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 80‬وما يليها‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫مهما يكن فقد مسحت هذه االتفاقية فقط ابالتفاق على بعض االلتزامات وليس كلها‬
‫و يرتتب على ذلك أن يكون نطاق تطبيق الفقرة األوىل (القاعدة العامة يف مسؤولية الناقل )‬
‫أوسع من الفقرة الثانية (االستثناء)‪ . 1‬ترتيبا على ذلك ال جيوز االتفاق بني طريف عقد النقل‬
‫على أن يتوىل الشاحن عمليات نقل البضائع وحفظها واالعتناء هبا وتسليمها إىل املرسل إليه‪.‬‬
‫وهو أمر منطقي ألن الناقل ال يستطيع أن يتخلص ابالتفاق من مسؤوليته عن عمليات‬
‫التسليم والنقل واحلفظ ويعفى كليةً من املسؤولية‪.2‬‬
‫ارتباطا مبا سبق فإن االتفاق على حتمل الشاحن بعض التزامات الناقل يعد صحيحا‬
‫وهو يؤدي إىل إعفاء الناقل من املسؤولية عن تلك االلتزامات مامل يقم الناقل أو الطرف املنفذ‬
‫بذلك النشاط نيابة عن الشاحن أو الشاحن املستندي أو املرسل إليه طبقا للمادة ‪/17‬ط‪.‬‬
‫‪-2‬االتفاق يف العقد الكمي ‪ contrat de volume‬ويقصد ابلعقد الكمي عقد النقل الذي‬
‫ينص على نقل كمية حمددة من البضائع يف سلسلة من الشحنات خالل فرتة زمنية متفق عليها‬
‫‪،‬كما أنه يتضمن حتديد الكمية حبد أقصى أو أدىن من البضائع طبقا للمادة‪ 2/1‬من هذه‬
‫االتفاقية‪.‬‬
‫لقد استثنت معاهدة روتردام يف املادة ‪1/80‬منها األحكام املتعلقة ابلعقود الكمية من‬
‫صفتها اآلمرة املنصوص عليها يف املادة ‪، 79‬اليت تبطل كل شرط يستبعد واجبات الناقل‬
‫املتعاقد أو الطرف املنفذ البحري(الناقل الفعلي) املنصوص عليها يف هذه االتفاقية‪ ،‬أو أي بند‬

‫‪ -1‬تنص املادة ‪ 13‬من قواعد روتردام ‪ -1 ":‬يقوم الناقل أثناء مدة مسؤوليته حسبما حددت يف املادة ‪ 12‬ورهنا أبحكام املادة ‪ 26‬بتسلم‬
‫البضائع وحتميلها ومناولتها و تستيفها ونقلها وحفظها واالعتناء هبا وتفريغها وتسليمها على حنو مالئم وبعناية‪.‬‬
‫‪-2‬بصرف النظر عن الفقرة ‪ 1‬من هذه املادة ودون املساس بسائر أحكام الفصل ‪ 4‬وابلفصول‪ 5‬إىل ‪ ، 7‬جيوز للناقل والشاحن أن يتفقا‬
‫على أن يتوىل الشاحن أو الشاحن املستندي أو املرسل إليه حتميل البضائع أو مناولتها أو تستيفها ويشار إىل ذلك االتفاق يف تفاصيل‬
‫العقد"‪.‬‬
‫‪ -2‬حممد شريف غنام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪77‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫يستبعد املسؤولية أو حيد منها وكذلك نفس احلكم ابلنسبة للمرسل إليه ‪،‬أو الطرف املسيطر‬
‫‪،‬أو احلائز ‪،‬أو الشاحن املستندي‪ .‬وابلتايل جيوز للناقل والشاحن أن يتفقا على حقوق‬
‫وواجبات ومسؤوليات أكثر ‪،‬أو أقل مما فرضته هذه االتفاقية ‪،‬لكن بشرط أن يتضمن العقد‬
‫الكمي بياان جليا أبنه خيرج عن نطاق أحكامها‪.2‬‬
‫اجلدير ابلذكر أن الفقرة الرابعة من املادة ‪ 80‬جلأت إىل استثناء بعض الواجبات‬
‫اجلوهرية لكل من الشاحن والناقل من جواز الزايدة ‪،‬أو التقليل منها مثل التزام الناقل جبعل‬
‫السفينة صاحلة للمالحة والتزامه بتطقيم السفينة وتزويدها ابملعدات واإلمدادات على النحو‬
‫املالئم طيلة الرحلة البحرية حسب الفقرة أ و ب من املادة ‪ ، 14‬كالتزام الشاحن بتزويد الناقل‬
‫مبا خيص البضائع من معلومات وتعليمات و مستندات طبقا للمادة ‪ 1/29‬وكذلك البياانت‬
‫اخلاصة ابلبضائع اخلطرة وفقا للمادة ‪.32‬‬
‫‪ -3‬أجازت املادة ‪/81‬أ من قواعد روتردام للناقل أن يتفق مع الشاحن على استبعاد واجبات‬
‫كل من الناقل املتعاقد أو الفعلي ومسؤوليتهما أو حيد منها يف حالة نقل احليواانت احلية ‪،‬‬
‫بشرط أال يكون املطالب ابلتعويض قد أثبت أن هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف‬
‫تسليمها كان بسبب فعل عمدي أو إمهال من جانب الناقل أو اتبعيه ‪.‬‬

‫‪ -1‬الطرف املسيطر حسب املادة ‪ 1/51‬من معاهدة روتردام هو الشاحن أو املرسل إليه أو الشاحن املستندي أو أي شخص عند ابرام‬
‫عقد النقل وتصبح هذه اإلحالة انفذة املفعول فيما خيص الناقل عندما يبلغه احمليل هبا ويصبح احملال إليه هو الطرف املسيطر وقد عرفت‬
‫املادة ‪ 50‬من هذه ا ملعاهدة حق السيطرة أبنه حق خيول صاحبه صالحية توجيه أو تعديل تعليمات خاصة ابلبضائع يف ميناء التوقف‬
‫املقرر أو يف أي مكان على مسار يف حالة النقل الداخلي ابإلضافة إىل استبدال املرسل إليه أبي شخص آخر ويضل حق السيطرة قائما‬
‫طوال مدة املسؤولية الناقل حسبما قضت به املادة ‪ 12‬وينضي ابنقضائها‪ .‬وحلق السيطرة أمهية كبرية حيث ميَكن العميل من تفادي‬
‫عمليات الغش واالفالس االحتيايل ومثاله عندما يكتشف البائع أن املشرتي مل يعد قادرا على الوفاء ابلثمن ‪،‬فيقرر استبداله مبشرتي آخر‬
‫وكذلك يف التصدي لسرقة املعلومات الواردة على شبكة األنرتنت أو التالعب هبا متهيدا للقيام بصفقة غري مشروعة وغريها من األعمال اليت‬
‫أصبحت هتدد التجارة الدولية ‪:‬قماز ليلى إلدايز ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 197‬‬
‫‪ -2‬إميان حسن اجلميل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.115‬‬

‫‪78‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪-4‬احلالة الرابعة وهي مشاهبة ملا جاءت به املادة ‪ 6‬من معاهدة بروكسل تتمثل يف حالة النقل‬
‫االستثنائي ‪،‬إذ جيوز لطريف عقد النقل االتفاق على استبعاد واجبات الناقل أو الناقل من‬
‫الباطن أو مسؤولياهتما حسب ما قضت به الفقرة ب من املادة ‪ 81‬من معاهدة روتردام لكنها‬
‫قيدت ذلك بتوافر شرطني‪:‬‬
‫أ‪-‬وجود مسوغ يربر ابرام هذا االتفاق اخلاص‪.‬‬
‫ب‪ -‬أال يصدر هبذا النوع من النقل مستند نقل قابل للتداول أو سجل نقل إلكرتوين‪ .‬يعين‬
‫هذا أن املعاهدة أرادت أن حتصر هذا النوع من النقل واخلروج عن أحكام االتفاقية ابألطراف‬
‫فقط ‪،‬فاالتفاق يف هذه احلالة يكون اتفاقا خاصا بني طريف العقد و ال يسري حبق طرف اثلث‬
‫‪،‬أما إذا ورد هذا االتفاق يف مستند نقل قابل للتداول ‪،‬أو سجل نقل إلكرتوين فإنه يعترب كأن‬
‫مل يكن وتطبق أحكام االتفاقية على النقل برمته‪.1‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫مناذج عن الشروط الصحيحة‬
‫خالفا ملا سبق ذكره يف الفقرة السالفة تعترب شروطا صحيحة يف عقود النقل البحري‬
‫للبضائع كل الشروط اليت ال تؤدي إىل اعفاء الناقل من املسؤولية أو ختفيفها أو الشروط‪ ،‬اليت‬
‫ال هتدف إىل حتقيق مزااي خاصة للناقل على حساب الشاحن أو املرسل إليه ‪،‬أو تلك‬
‫االتفاقات اليت يكون موضوعها الزايدة يف مسؤولية الشاحن أو يف التزاماته‪ .2‬إعماال هلذا املبدأ‬
‫تقع صحيحة يف نصوص االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري بعض الشروط واليت‬
‫جرى تداوهلا يف جمال النقل البحري وهي كالتايل‪ :‬شرط مهاالاي ‪، Himalaya‬شرط كاسبياان‬
‫‪،‬شرط جاسون اجلديد‬ ‫‪F.I.O‬‬ ‫‪ ،‬شرط فيو‬ ‫‪Paramount‬‬ ‫‪،‬شرط ابرامونت‬ ‫‪caspiana‬‬

‫‪.New Jason‬‬

‫‪ -1‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 407‬‬


‫‪-2‬كمال محدي‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪،1997‬ص ‪. 748‬‬

‫‪79‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫‪The Himalaya Clause‬‬ ‫أوال‪ :‬شرط ِمهاالا‬


‫من املبادئ األساسية يف القانون بوجه عام أن الطرف يف العقد هو وحده من ميكنه أن‬
‫يستند إليه ‪،‬أو يتقاضى مبوجبه وابملثل فإن احلماية اليت تقدمها شروط العقد ال ميكن لغري‬
‫أطرافه أن يعتمدوا عليها‪ .‬و بناءا على هذا فإن فائدة أي شرط من شروط اإلعفاء من‬
‫املسؤولية أو ختفيفها يرد يف عقد النقل ال ميكن ألي شخص ليس طرفا يف هذا العقد أن‬
‫يستند إليها ‪،‬مبعىن أن الرابن و أفراد الطاقم و املقاول املستقل ال يستفيدون من هذه الشروط‬
‫حىت لو سامهوا يف تنفيذ العقد ‪ .‬لذلك فمن الالزم ألي انقل يريد أن حيمي رابنه أو طاقمه أو‬
‫مقاوليه املستقلني أن يدرج يف سند الشحن عبارات خاصة تعرب عن اعفاء هؤالء من‬
‫املسؤولية‪ .‬وقد أطلق على هذا االتفاق بشرط مهاالاي بعد قضية ‪ Adler v Dickson‬واخلاصة‬
‫إبصابة بدنية على ظهر السفينة هيماالاي حيث كان شرط االعفاء عن أخطاء اتبعي الناقل‬
‫مدرجا يف تذكرة السفر‪.1‬‬
‫يف هذا الصدد يالحظ أنه مبوجب املادة ‪ 4‬مكرر من بروتوكول ‪ 1968‬املعدل ملعاهدة‬
‫بروكسل و ألول مرة فيما يتعلق ابلنقل البحري للبضائع ميتد انتفاع اإلعفاءات القانونية‬
‫املمنوحة للناقل إىل اتبعيه أو وكالئه بشرط أن ال يكون هذا التابع أو الوكيل مقاوال مستقال‬
‫وهو ما أخذت به قواعد هامبورغ يف املادة ‪ 22/7‬والقانون البحري اجلزائري يف املادة ‪ 814‬ق‬
‫بج‪.‬‬

‫‪ -1‬املبدأ الذي قررته قضية ‪ Adler‬أنه يف نقل األشخاص كما يف نقل البضائع ‪،‬للناقل أن يشرتط اإلعفاء ألولئك الذين يستخدمهم‬
‫لتنفيذ العقد وأنه عندما يتقرر سوآءا أكان هذا االشرتاط مت بعبارات صرحية أو ضمنية فإنه يكون لذلك أثر يف محاية أولئك الذين يؤدون‬
‫خدمات يف نطاق العقد رغم أاهم ليسوا أطرافا فيه شريطة أن يوافق املضرور على إعفاء هؤالء األشخاص‪ :‬مشار إليه لدى كمال محدي‬
‫‪،‬عقد الشحن والتفريغ ‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪،2002‬ص ‪. 252‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Diego Ramirez Vincent ,la limitation de responsabilité dans le transport multimodal‬‬
‫‪,Mémoire présenté à la faculté des etudes superieures en vue de lobtion du grade‬‬
‫‪L.L.M,Université de montreal,Aout 206,p38 .‬‬
‫‪80‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫شرط كاسبياان ‪The caspiana Clause‬‬ ‫اثنيا‪:‬‬


‫هذا الشرط‪1‬يعطي الناقل صالحيات معينة يف حالة فرض حصار على ميناء التفريغ‬
‫جد به تكدس للبضائع ‪ ،‬أو اضطراابت حتول دون دخول السفينة الناقلة‬
‫املقصود أو يف حالة ُو َ‬
‫إىل هذا امليناء ومن بني هذه الصالحيات نذكر ما يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬أن تتجه السفينة إىل ميناء مناسب يرتك حتديده الختيار الناقل حيث تفرغ البضائع فيه‪.‬‬
‫ب‪-‬أن يعود الرابن ابلبضائع إىل ميناء الشحن و يتم تفريغها هناك‪.‬‬
‫ج‪-‬أن حيتفظ الرابن ابلبضائع على ظهر السفينة حىت يعود هبا على ذات السفينة ‪،‬أو على‬
‫سفينة بديلة إىل ميناء التفريغ‪.2‬‬
‫عندما يتم التخلي عن البضائع أو تفرغ فإن تبعية املخاطر ونفقات ذلك تكون على‬
‫املرسل إليه وحده وهذا ما يعترب تنفيذا كامال واهائيا لعقد النقل وعلى الناقل أن خيطر املرسل‬
‫إليه هبذا التفريغ إذا كان معروفا‪ .‬كما يفرتض احلصول على أجرة نقل كاملة واملصاريف معا‪،‬‬
‫فضال عن املصاريف اإلضافية اليت قد تنفق ويكون للناقل حق امتياز على البضائع فيضمن‬
‫بذلك حصوله على كل تلك املستحقات املالية‪.3‬‬
‫‪Clause The Paramount‬‬ ‫اثلثا‪ :‬شرط برامونت‬
‫من املقرر طبقا للمادة العاشرة من بروتوكول ‪ 1968‬واملادة ‪ 3/2‬من معاهدة هامبورغ‬
‫واملادة ‪ 76‬من قواعد روتردام أنه جيوز ألطراف عقد النقل أن يتفقا على إخضاع عقد النقل‬
‫أي اتفاقية دولية أو لقانون دولة ينفذ أحكامها وهو ما يعرف بشرط‬ ‫ألحكام‬

‫‪ -1‬أصبح هذا الشرط معروفا ابسم شرط كاسبياان نسبة للسفينة ‪ Caspiana‬ففي قضية " ‪ " Rentony palmyra‬يف سنة‬
‫‪ 1957‬كان على السفينة أن تتجه من املوانئ الكندية إىل لندن إال أاها حتولت إىل هامبورغ بسبب االضطراابت اليت منعتها من دخول إىل‬
‫امليناء واخلروج منه مرة اثنية يف أمان دون أتخري حسبما ذكر يف سند الشحن وقد احتمى الرابن ابحلق املخول له يف السند يف مثل هذه‬
‫الظروف أن يتجه إىل أي ميناء آمن فاجتهت السفينة إىل مدينة هامبورغ وقد رفضت دعوى اسرتداد التكاليف والنفقات اليت حتملها املرسل‬
‫إليهم يف سبيل إعادة البضائع من هامبورغ إىل لندن ‪ :‬حممود أمحد حسين ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 177‬‬
‫‪ -2‬عبد احلميد الشواريب ‪ ،‬القانون التجاري (العقود التجارية) ‪ ،‬منشأة املعارف ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪، 1992‬ص ‪. 274‬‬
‫‪ -3‬حممود أمحد حسين‪ ،،‬النقل البحري للبضائع ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.177‬‬

‫‪81‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ابرامونت‪.1‬وبذلك يستفيد الناقل بعدم خضوعه لقواعد القانون الوطين عند الوصول إىل ميناء‬
‫التفريغ‪.2‬‬
‫لقد سبق أن أخذت حمكمة النقض املصرية مبفعول شرط ابرامونت بقوهلا ‪ ":‬من املقرر‬
‫على ما جرى به قضاء هذه احملكمة أنه جيوز لطريف عقد النقل إذا كان سند الشحن ال خيضع‬
‫ملعاهدة بروكسل الدولية لسنة ‪ ،1924‬طبقا للشروط اليت حددهتا املادة العاشرة منها أن يتفق‬
‫على خضوعه هلا وتطبيق أحكامها عليه بتضمينه شرط ابرامونت‪.3‬‬
‫يرى بعض الفقه أنه يف حالة عدم خضوع سند الشحن ألي معاهدة بقوة القانون ‪،‬فإن‬
‫اتفاق أطراف العقد على تضمني السند شرط ابرامونت ‪،‬مىت كان النقل دوليا فإنه يتعني‬
‫اعمال هذا الشرط وال جيوز استبعاده حلساب القانون الوطين ولو كانت نصوصه آمرة‪ .‬ال‬
‫يكون هذا القانون واجب اإلعمال إال يف األمور اليت خترج عن نطاق تطبيق املعاهدات ‪،‬إذ‬
‫أن القواعد املتعلقة ببيان نطاق تطبيق االتفاقيات من النظام العام فال جيوز النص يف سند‬
‫الشحن على اإلعفاء من أحكامها ‪،‬بينما على العكس جيوز النص يف هذا السند على سراين‬
‫أحكام املعاهدات يف احلاالت اليت ال تسري فيها هذه األحكام‪. 4‬‬
‫‪The F.I.O Clause‬‬ ‫رابعا‪ :‬شرط فيو‬
‫يقصد هبذا الشرط وضع مصاريف عمليات الشحن والتفريغ على عاتق الشاحن أو‬
‫املرسل إليه إذ ال شأن هلذا الشرط مبسؤولية الناقل عن تسليم البضاعة ابحلالة اليت وصفت هبا‬
‫يف سند الشحن‪ .‬و هو شرط صحيح فمضمونه خيول الناقل فقط حق مطالبة الشاحن أو‬

‫‪ -1‬لقد أشار املشرع اجلزائري لشرط ابرامونت يف املادة ‪ 747‬ق ب ج وأقر بصحته وهو ما يستفاد من مضمون هذه املادة إذ نصت ‪":‬ال‬
‫تسري أحكام هذا الباب مع التحفظ الستثناءات احملددة فيمايلي إال يف حالة وجود اشرتاطات أخرى مل يتفق عليها صراحة وتسري عند‬
‫احلاجة ألحكام اخلاصة التفاقية الدولية اليت تتناول هذا امليدان واليت انضمت إليها اجلزائر وذلك يف النقل البحري املتمم بني املوانئ اجلزائرية‬
‫واملوانئ األجنبية"‪.‬‬
‫‪ -2‬حممود حممد عنانبه‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 174‬‬
‫‪ -3‬طعن ‪ 1497‬سنة ‪ 55‬ق جلسة ‪ :1993/7/19‬مشار إليه لدى أمحد حممود خليل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ -4‬عبد احلميد الشواريب ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 273‬‬

‫‪82‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫املرسل إليه مبصاريف الشحن والتفريغ و مصاريف ايداع البضاعة وختزينها‪، 1‬لكنه ال يعفيه عن‬
‫هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف وصوهلا ومن مثة عليه أن ال يرتك البضاعة على الرصيف‬
‫عرضة للسرقة والضياع بل عليه أن يودعها يف خمازن آمنة حلساب املرسل إليه‪.2‬‬
‫هذا ما أتكد من خالل قرار حمكمة النقض املصرية حيث أقرت بصحة هذا الشرط‬
‫‪،‬كما فصلت بينه وبني مسؤولية الناقل حيث جاء يف قرارها ما يلي‪ ":‬ملا كان الثابت يف حمضر‬
‫التسليم أنه حرر بعد االنتهاء من عمليات التفريغ والتسليم اليت استغرقت أربعة أايم وأسفرت‬
‫عن عجز ‪ 228‬عبوة وهذا ما ثبت بتقرير مكتب املراقبة واملعاينة املقدم أبوراق الطعن‪ .‬وقد‬
‫كانت هذه األوراق قد خلت مما يدل على أن تسليما قانونيا قد مت على ظهر السفينة قبل‬
‫التفريغ‪ ،‬فإن احلكم االبتدائي املؤيد ألسبابه ابحلكم املطعون فيه قد اختذ من قيام املرسل إليه‬
‫ابلتفريغ دليال على أنه قد تسلم الشحنة كاملة على ظهر السفينة‪ .‬كما أن العجز والتلف قد‬
‫حداث أثناء عمليات التفريغ وبسببها يكون قد أخطأ يف تطبيق القانون ‪،‬حيث أهدر داللة‬
‫حمضر التسليم و تقرير مكتب مراقبة ومعاينة البضائع املشار إليهما مبا يشوبه القصور يف‬
‫التسبيب وخمالفة الثابت ابألوراق ‪،‬فال يغري ما متسكت به الشركة املطعون ضدها يف حمضر‬
‫التسليم‪ ،‬من أن احلمولة قد وردت حتت شرط ‪ F.I.O‬وابفرتاض صحة االتفاق عليه يعين أن‬
‫الناقل ال يتحمل مصروفات الشحن والتفريغ فحسب‪ ،‬إذ ال شأن هلذا النظام مبسؤولية الناقل‬
‫عن تسليم البضاعة كاملة وسليمة إىل املرسل إليه يف ميناء الوصول‪.3‬‬

‫‪-1‬كمال محدي‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.625‬‬


‫‪ -2‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬أصول القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 534‬‬
‫‪ -3‬طعن رقم ‪ 832‬سنة ‪ 48‬ق جلسة ‪:1983/1/31‬مشار إليه لدى أمحد الشريف الطباخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.144‬‬

‫‪83‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫‪New Jason Clause‬‬ ‫خامسا‪ :‬شرط جاسون اجلديد‬


‫هذا الشرط هو اآلخر مطلوب بكثرة يف النقل البحري للبضائع ‪،‬نظرا ألن "قواعد يورك‬
‫وانفرس" لسنة ‪ 11974‬املتعلقة بتسوية اخلسائر البحرية املشرتكة ال يعمل هبا يف بعض الدول‬
‫كالوالايت املتحدة ‪.‬و يدرج هذا الشرط يف سند الشحن ليعطي األثر املعادل لتلك القواعد‬
‫ويقرأ على النحو التايل ‪ ":‬يف حالة وقوع حادث‪ ،‬أو خطر ‪،‬أو ضرر‪ ،‬أو كارثة قبل أو بعد‬
‫بداية الرحلة نتيجة ألي سبب سوآءا كان راجعا لإلمهال أم ال وال يكون الناقل مسؤوال عنه‬
‫‪،‬أو عن نتائجه مبوجب القانون‪ ،‬أو العقد ‪،‬أو أي سبيل آخر فإن البضائع ‪،‬أو الشاحنني ‪،‬أو‬
‫املرسل إليهم ‪،‬أو مالك البضائع سيسهمون مع الناقل يف اخلسارة املشرتكة ‪،‬اليت قد حتصل لدفع‬
‫أية تضحيات ‪،‬أو خسارات أو مصاريف هلا طبيعة اخلسارة املشرتكة قد حتصل أو تنفق ‪،‬كما‬
‫سيدفعون مكافأة اإلنقاذ والنفقات اخلاصة اليت تتفق يف شأن البضائع وإذا كانت السفينة‬
‫املنقذة مملوكة للناقل أو كان يستغلها فإن مكافأة اإلنقاذ تدفع له متاما كما لو كانت السفينة‬
‫أو السفن املنقذة ختص غرابء والتأمني الذي قد يراه الناقل أو وكالئه كافيا لتغطية املسامهة‬
‫املقدرة للبضائع وأية مكافأة انقاذ ونفقات خاصة من هذا النوع سوف تدفعها البضائع‪ ،‬أو‬
‫الشاحنني ‪،‬أو املرسل إليهم‪ ،‬أو مالك البضائع إىل الناقل قبل التسليم إذا كانت مطلوبة"‪.2‬‬

‫‪ -1‬أول ظهور "لقواعد يورك وانفرس" كان سنة ‪ 1864‬مث عرفت هذه األخرية تدرجيا مجلة من التغريات بني احلذف واإلضافة والتعديل‬
‫هبدف مسايرة الثورة التقنية والقانونية اليت عرفها امليدان البحري حيث عدلت يف سنة ‪ 1974‬وسنة ‪ 1994‬وآخر تعديل كان سنة‬
‫‪ 2004‬وأهم ما جاء به التعديل األخري ميكن تلخيصه يف أربع نقاط رئيسية‪:‬‬
‫أ‪-‬مل تعد أجور ومصاريف الرابن وكذا مصاريف الطاقم مقبولة كخسارة مشرتكة مثل حالة املكوث يف ميناء امللجأ‬
‫ب‪-‬وضع سقف أعلى لقيمة اإلصالحات املؤقتة اليت ميكن أن تدرج ضمن اخلسارة املشرتكة حيث أصبحت قيمتها ال تتجاوز يف معدهلا‬
‫كأقصى حد جمموع التكاليف اإلصالحات املوقتة واإلصالحات النهائية داخل ميناء االلتجاء ‪،‬ج‪-‬قاعدة جديدة مل تكن معروفة سابقا‬
‫وهي أن احلقوق والضماانت تسقط مبرور سنة بعد دخول نظام اخلسارة املشرتكة حيز التنفيذ أو بعد مرور ‪ 6‬سنوات ابتداءا من اتريخ اهاية‬
‫املغامرة البحرية املشرتكة ‪:‬سعيد بلوق‪ ،‬األسس القانونية لنظام اخلسائر املشرتكة‪:‬‬
‫‪www.isurance4 arab.com/2013/11/bolg.post_376 8html‬‬
‫اتريخ الدخول إىل املوقع‪ ،2016/8/6 :‬الساعة‪.19:30 :‬‬
‫‪ -2‬حممود أمحد حسين‪،‬النقل البحري للبضائع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬

‫‪84‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫خالصة القول أن الفائدة اليت تعود على الناقل من وراء شرط "جاسون " هي استفادته‬
‫من مسامهة الشاحنني أو املرسل إليهم يف اخلسارة اليت تلحق البضائع ابإلضافة إىل مصاريف‬
‫ومكافئات اإلنقاذ‪ .‬وهذا الشرط ال يكون انفذا إال يف حالة عدم مسؤولية الناقل عن احلادث‪،‬‬
‫أو ما يرتب عنه من نتائج وفقا للقانون والعقد‪. 1‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫نطاق تطبيق احل ّد األقصى للتعويض‬
‫يف جمال النقل البحري الدويل للبضائع ال يطبق نظام احلد األقصى للتعويض بصورة‬
‫تلقائية على كل عقد نقل دويل وامنا يقتصر األمر على احلاالت اليت تنطبق فيها االتفاقيات‬
‫البحرية الدولية ‪،‬حيث اختصت هذه األخرية بنوع معني من العقود يتمثل يف عقد النقل‬
‫الثابت بسند الشحن ‪،‬أو أبي وثيقة مماثلة و استبعدت النقل الذي يتم مبشارطة اجيار السفينة‬
‫إال إذا انتقل سند الشحن الصادر مبناسبة عقد اجيار السفينة إىل الغري احلائز بواسطة التظهري ‪،‬‬
‫عندئذ القواعد اآلمرة على عالقة الغري ابلناقل سوآءا كان مؤجرا ‪،‬أو مستأجرا‬ ‫ٍ‬ ‫فتطبق‬
‫للسفينة‪.2‬‬
‫كما أن االتفاقيات الدولية الثالث السالفة الذكر مل جتعل حق االستفادة من احلد‬
‫األقصى مقتصرا على الناقل وحده بل منحته أيضا لبعض األشخاص‪ ،‬الذين جتمعهم ابلناقل‬
‫ارتباطات تدخل يف إطار تنفيذ النقل البحري نظرا ملا تقتضيه طبيعة عمل هؤالء‪ .‬و ترتيبا على‬
‫ذلك فقد اقتضت دراسة هذا املبحث من خالل مطلبني‪ :‬نطاق تطبيق احلد األقصى للتعويض‬
‫من حيث املوضوع (مطلب أول) و نطاق تطبيقه من حيث األشخاص (مطلب اثين )‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد احلميد الشواريب ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 275‬‬


‫‪ -2‬طبقا ملا جاء يف املادة ‪ 2/5‬من اتفاقية بروكسل ‪،‬املادة ‪ 3/2‬من معاهدة هامبورغ ‪،‬املادة‪ 7‬من قواعد روتردام وهو ما أخذ به املشرع‬
‫اجلزائري أيضا يف املادة ‪ 746‬من القانون البحري‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫املطلب األول‪:‬‬
‫نطاق تطبيق احلد األقصى للتعويض من حيث املوضوع‬
‫تضع االتفاقيات الدولية( بروكسل ‪ ،‬هامبورغ و روتردام) مجلة من الشروط أمام سراين‬
‫قاعدة احلد األقصى للتعويض و ذلك حىت يطبق على ما ينشأ من نزاعات عن عقد النقل‬
‫الدويل به ‪،‬فإن ختلف أي شرط منها سيؤدي هذا حتما إىل تعطيل هذه القاعدة‪ .‬و ابلتايل‬
‫سيفسح اجملال أمام اتفاق املتعاقدين أو سلطة القاضي لتقدير مبلغ التعويض املرتتب على ما‬
‫يلحق البضائع من تلف أو هالك أو ضرر ينجم عن أتخريها يف التسليم ‪.‬و تتمثل هذه‬
‫الشروط يف‪ :‬وجود عقد نقل حبري دويل (فرع أول)‪،‬إصابة البضاعة أبضرار أثناء فرتة املسؤولية‬
‫(فرع اثين)‪،‬عدم سقوط حق الناقل يف االستفادة من احلد األقصى(فرع اثلث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫وجود عقد نقل حبري دويل‬
‫كما هو معلوم أن استغالل السفينة يف النقل البحري للبضائع يتم وفق نوعني من العقود‬
‫األول عقد مشارطة اجيار السفينة ‪ ،‬والثاين عقد نقل بضائع عرب البحر‪.1‬‬
‫‪-1‬عقد مشارطة اجيار السفينة‬
‫قد حيدث عمال أن يكون مالك السفينة غري قادر على استغالل السفينة‪2‬فيؤجرها لغريه‬
‫لقاء مقابل ويقوم هذا الغري املستأجر ابستغالهلا حلسابه ‪،‬كما يتخذ اجيار السفينة صورتني‪ :‬إما‬
‫أن يرد على السفينة عارية أي غري جمهزة وينصب اإلجيار يف هذه احلالة على السفينة ذاهتا دون‬
‫أن يزودها املالك املؤجر ابملؤن والبحارة وإما أن يكون موضوعه السفينة جمهزة مبا يلزمها من‬

‫‪1‬‬
‫‪-Mohammed‬‬ ‫‪Benamar ,la concession en matière de transport maritime en droit‬‬
‫‪algérien ,DMF N0 609,Nov 2000 ,p928.‬‬
‫‪ -2‬اشرتط املشرع اجلزائري ملمارسة نشاط استئجار السفن من طرف شخص طبيعي أن يكون ذو جنسية جزائرية (دون حتديد إن كانت‬
‫أصلية أو مكتسبة ) ‪ ،‬أما إذا مت مزاولته من جانب شركة فيجب أن تكون خاضعة للقانون اجلزائري وأن تكون هلا صفة جمهز إضافة إىل‬
‫إلزامية أن يكون مركز نشاطها الرئيسي داخل اجلزائر ‪:‬‬
‫‪-Boukhatmi Fatima,les nouvelles dispositions de la loi 98-05 portant code maritime‬‬
‫‪algerian ,DMF N0 610 ,Déc. 2000,p1047.‬‬
‫‪86‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫مواد وحبارة ‪ ،‬فيكون على املؤجر يف احلالة األوىل أن يقدم السفينة للمستأجر النتفاع هبا كما‬
‫يشاء ويكون هلذا األخري السيطرة املطلقة عليها من حيث التسيري املالحي والتجاري‪.1‬‬
‫لكن الوضع خيتلف يف احلالة الثانية إذ يعترب الرابن والبحارة من اتبعي املالك وليس‬
‫املستأجر وتبقى السفينة يف حيازة املؤجر وحتت سيطرته إدارة واشرافا ‪. 2‬‬
‫خالفا لعقد مشارطة اجيار السفينة‪ ،3‬فإن مضمون العقد ينصب على النقل يف حد ذاته‬
‫دون السفينة أو طاقمها و الغالب يف استغالل السفينة أن يكون مبوجب عقد النقل وعليه فإن‬
‫االتفاقيات الدولية اقتصرت على تنظيم هذا النوع من النقل ‪،‬فأخرجت مشارطة اجيار من‬
‫نطاق تطبيق قواعدها ‪ ،‬اتركة مسألة تنظيمها إىل إرادة طريف العقد كأصل عام و إىل القوانني‬
‫الداخلية‪.4‬‬
‫يف هذا االطار يثور التساؤل التايل‪ :‬ما الذي جعل نظام احلد األقصى للتعويض ينطبق‬
‫على عقد النقل دون مشارطة اإلجيار؟‬
‫ال شك أن اإلجابة عن هذا اإلشكال تكمن يف اختالف القوى االقتصادية حيث أن‬
‫من يسعى الستئجار سفينة سوآءا ابلكامل أو جزئيا هو رجل أعمال من كبار التجار أو‬
‫رجال الصناعة ‪،‬حيث يقف ندا ملؤجر السفينة يساومه وحيدد شروطه‪ .‬و لذلك فإن النصوص‬

‫‪ -1‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬النقل البحري للبضائع‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪، 1992‬ص ‪ 101‬و‪. 108‬‬
‫‪ -2‬يقصد ابإلدارة البحرية للسفينة كل ما يتعلق بقيادة السفينة و أجهزهتا وما يتصل هبا عموما ‪،‬أما اإلدارة التجارية فيقصد منها يتوقف‬
‫على نوع املالحة الذي تقوم به السفينة فتشمل ابرام عقود النقل ‪،‬استالم البضاعة وتسليم البضاعة ابلنسبة للسفن التجارية ‪ :‬حممود مسري‬
‫الشرقاوي ‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 232‬‬
‫‪ -3‬عرفته اللجنة املنعقدة بلندن اخلاصة مبناقشة قانون حول استئجار السفن والنقل البحري بقوهلا ‪ ":‬هو عقد مبوجبه يقوم املؤجر يف مقابل‬
‫أجر حيدد جزافيا أو وفقا لقواعد معينة بوضع سفينة حتت تصرف املستأجر أوجزءا منها لغرض نقل حبري "‪ ،‬كما قامت ندوة األمم املتحدة‬
‫للتجارة والتنمية ‪ CNUCED‬واللجنة البحرية ملؤمتر البلطيق الدويل ‪ BIMCO‬بوضع مناذج مكتوبة لعقد استئجار السفن وكيفية‬
‫استعماهلا‪ Charte- Partie Type-‬وهبذا تطورت النماذج احلديثة للمشارطات األكثر تداوال واليت صبح عددها يتعدى الثمانني‬
‫عقدا منوذجيا ‪ :‬حممد بن عمار ‪ ،‬اإلطار القانوين الستغالل السفينة ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية ‪،‬العدد ‪، 01‬سنة ‪ ، 1998‬ص ‪89‬‬
‫وما يليها ‪.‬‬
‫‪ -4‬تنص املادة ‪ 641‬ق ب ج على أنه ‪":‬حتدد التزامات وشروط االستئجار بني األطراف عن طريق عقد يتفق عليه بكل حرية"‪.‬‬
‫بيد أنه ال جيوز ألطراف ادراج اشرتاطات يف عقد االستئجار ختالف املبادئ العامة يف القانون اجلاري العمل به وإذا مل يدرج اشرتاط يف عقد‬
‫استئجار السفينة خيضع هذا العقد ألحكام هذا الباب "‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫املنظمة لعقود اجيار السفينة جيوز ألطراف استبعادها وخيتلف األمر متاما إذا بدأان يف معاجلة‬
‫عقد النقل البحري ‪ ،‬فبالرجوع إىل الواقع العملي نالحظ أن الناقل يتمثل يف شركة أو مؤسسة‬
‫ضخمة ‪،‬تضع عقودا معدة سلفا وتستأثر بتحديد شروطها وليس للشاحن سوى قبوهلا أو‬
‫رفضها ‪،‬أو البحث عن انقل آخر و لكنه لن يكون أرحم من الناقل األول‪ ،‬فكل الناقلني‬
‫متشاهبني يف وضع شروط تالئمهم دون اعتبار ملصلحة الشاحن‪ .‬ويف هذه احلالة نكون بصدد‬
‫عقد اذعان ‪ ،‬اتضحت عيوبه نظرا النتشار وتقدم وسائل املالحة البحرية وازدايد حركة التبادل‬
‫التجاري وظهور خطوط املالحة املنتظمة‪ ،‬اليت أدت إىل ظهور فئات جديدة من الشاحنني‬
‫بل هلم وال حاجة هلم إىل استئجار السفينة أو جزء منها وكل ما يشغلهم‬
‫الصغار‪ ،‬الذين ال ق َ‬
‫هو نقل بضائعهم ذات احلجم أو الكميات املتواضعة ‪،‬لكنه يفاجأ بفرض بشروط من قبل‬
‫الناقل ال طاقة له على مناقشتها‪. 1‬‬
‫‪ -2‬عقد النقل البحري الدويل‬
‫إن عدم مقدرة الشاحنني على املساومة يف عقد النقل البحري دفعت ابالتفاقيات‬
‫الدولية إىل تدخل من أجل محايتهم بوضع حد أقصى ملبلغ التعويض و الذي ال جيوز االتفاق‬
‫على أقل منه‪ ،2‬غري أن االتفاقيات الدولية يف تطبيق ذلك وضعت بعض الشروط منها‪ :‬أن‬
‫يكون عقد النقل اثبتا بسند الشحن‪ 3‬و أبي وثيقة مماثلة أو بسندات شحن صادرة مبناسبة‬
‫مشارطة اجيار السفينة و أن يكون هذا العقد دوليا يف مفهوم تلك املعاهدات ‪.‬‬

‫‪ -1‬حممود خمتار أمحد بريري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 309‬‬


‫‪ -‬مت التفصيل يف ذلك يف الصفحة رقم‪ 27‬من هذه الرسالة ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬يعرف الفقه الغريب سند الشحن ‪connaissement‬أو ‪ Bill of lading‬بتأنه وثيقة يسلمها الناقل إىل الشاحن يعرتف مبوجبها‬
‫األول ابستالم البضاعة من الثاين ومن أجل نقلها إىل ميناء حمدد‪ :‬مشار إليه حممد السيد الفقي‪ ،‬قانون التجارة الدولية‪ ،‬دار الفكر‬
‫اجلامعي‪ ،‬سنة ‪ ،2008‬ص‪.286‬كما تفق التشريعات الوطنية والدولية على اعتبار وثيقة الشحن أداة إلثبات عقد النقل وليست العقد‬
‫نفسه فسند الشحن إضافة إىل ذلك يعد إيصاال داال على استالم البضائع‪ :‬عبد القادر حسن العطري‪ ،‬الوسيط يف شرح قانون التجارة‬
‫البحرية‪ ،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان –األردن‪ ،‬سنة ‪ ،1999‬ص ‪.278‬‬

‫‪88‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫عقد النقل الثابت بسندات الشحن‬
‫يعرف عقد النقل البحري للبضائع أبنه اتفاق بني الناقل والشاحن على نقل بضاعة من‬
‫مكان آلخر مقابل أجرة معينة يف وقت حمدد ‪،‬فال خيتلف عقد النقل البحري عن سائر العقود‬
‫الرضائية ‪،‬إذ ينعقد مبجرد اقرتان إراديت الشاحن والناقل الصحيحتني والسليمتني من عيوب‬
‫اإلرادة ‪،‬فهو ليس عقدا شكليا ألن القانون البحري اجلزائري مل يشرتط ذلك ‪،‬أي أن يكون‬
‫مكتواب وامنا كتابته يف سند الشحن ماهي إال وسيلة إلثباته وليست ركنا النعقاده ‪،‬حيث يضل‬
‫عقد نقل صحيحا يف غياهبا ‪،‬إذ يعترب عقد النقل عقدا جتاراي جيوز اثباته بكل الوسائل وفقا‬
‫ملبدأ حرية االثبات يف املواد التجارية طبقا لنص املادة ‪ 30‬من القانون التجاري‪.1‬‬
‫لكن هذا األمر ليس هبذه السهولة عند الرجوع إىل معاهديت بروكسل وروتردام‪ 2‬واللتان‬
‫اشرتطتا من أجل تطبيق احلد األقصى للتعويض أن يكون عقد النقل اثبتا بسند الشحن‪ .3‬ومع‬
‫هذا فإن القضاء الفرنسي مل يقف عند التفسري احلريف للمادة ‪/1‬ب من معاهدة بروكسل بل‬
‫حاول تطبيق أحكام االتفاقية على كافة عقود النقل البحري الدولية ‪ .‬فقد طُبقت االتفاقية يف‬
‫احلالة اليت يطلب فيها الشاحن اصدار سند الشحن ويتقاعس الناقل عن إصدارها هتراب من‬
‫تطبيق االتفاقية على عقد النقل‪ ،‬بينما يذهب رأي آخر إىل القول بضرورة االعتماد على‬
‫العرف التجاري السائد يف ميناء الشحن ‪،‬فإذا جرى العرف يف ميناء الشحن على اصدار سند‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 30‬من األمر ‪ 59-75‬املؤرخ يف ‪ 26‬سبتمرب ‪ 1975‬املعدل واملتمم ابلقانون رقم ‪ 02-05‬املؤرخ يف ‪ 6‬فرباير ‪2005‬‬
‫املتضمن القانون التجاري ‪،‬ج ر العدد ‪ 11‬لسنة ‪.2005‬‬
‫‪ -2‬طبقا للمادة ‪/1‬ب من معاهدة بروكسل واملادة ‪ 6‬من معاهدة روتردام‪.‬‬
‫‪ -3‬قواعد روتردام ابإلضافة إىل تنظيمها لسند الشحن الورقي ‪ ،‬نصت على نوع جديد من سندات الشحن وهو ما امسته بسجل النقل‬
‫اإللكرتوين وذلك نظرا للتطور التقين الذي عرفه قطاع النقل البحري وتطور التجارة اإللكرتونية ‪،‬غري أن هذه االتفاقية جعلت من أمر‬
‫استخدام املستندات اإللكرتونية يف النقل البحري مرهوان ابتفاق الشاحن والناقل ويف حالة االتفاق على ذلك فإن سجل النقل اإللكرتوين‬
‫يكون له ذات القوة اليت حيظى هبا مستند النقل الورقي من حيث حيازته أو احالته ‪ :‬حممد شريف غنام ‪ ،‬التزامات الشاحن ومسؤوليته يف‬
‫قواعد روتردام ‪، 2008‬دار اجلامعة اجلديدة ابإلسكندرية ‪،‬سنة ‪ ، 2012‬ص ‪ 38‬وما يليها ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الشحن فإن االتفاقية تطبق على هذه احلالة ابلرغم من عدم وجود سند الشحن مادام هناك‬
‫عرف يقضي بذلك‪.1‬‬
‫أما الوضع يف معاهدة هامبورغ فهو خمتلف‪ ،‬إذ أنه ال يشرتط لتطبيق نظام احلد األقصى‬
‫الذي جاءت به هذه املعاهدة توافر سند الشحن إلثبات عقد النقل وامنا يطبق على كل عقود‬
‫النقل الدولية اليت ختضع هلذه االتفاقية ‪،‬لكنها جعلت صدور سند الشحن أو الوثيقة املماثلة‬
‫له يف دولة مصادقة على االتفاقية أو منضمة هلا إحدى حاالت تطبيق قواعدها‪ ،‬طبقا لنص‬
‫املادة ‪/2‬د ‪ .‬وخالصة القول أن هذه االتفاقية ال تعترب سند الشحن أو الواثئق املشاهبة له من‬
‫حيث الوظائف شرطا لإلثبات عقد النقل ‪،‬ذلك ألن الغالبية العظمى من الدول أتخذ مببدأ‬
‫رضائية العقود وابألخص يف عقد النقل البحري ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫عقد النقل الثابت بسندات مماثلة‬
‫أجازت معاهدة بروكسل بشأن تطبيق قواعدها لطرفا عقد النقل استعمال واثئق مماثلة‬
‫لسند الشحن و هذا حسب ما ورد يف الفقرة األوىل من املادة األوىل ‪،‬أي أن هذه الواثئق‬
‫ابمكااها أن حتل حمل سند الشحن من حيث اثبات عقد النقل‪ .2‬و ابلتايل ميكن للمستفيد‬
‫منها توظيفها يف املطالبة ابحلقوق وااللتزامات الناشئة عن العقد‪ .‬و يتساوى مع سند الشحن‬
‫‪Recived for‬‬ ‫االيصال املؤقت ‪، Mate's receipt‬السند من أجل الشحن أو برسم الشحن‬
‫بشرط أن تكون هذه املستندات موقعة من‬ ‫‪Deliviery order‬‬ ‫أوامر التسليم‬ ‫‪،shipment‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-CA .Toulouse 13/5/1977 .DMF 1977,p721,Scurton on charte-parties and bills 18ed‬‬
‫‪,1974 ,p146:‬‬
‫‪ -‬مشار إليهما لدي حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 111‬‬
‫‪ -2‬ونفس احلكم أخذت به معاهدة هامبورغ يف املادة ‪ 18‬حيث جاء فيها أنه ‪ ":‬مىت أصدر الناقل وثيقة أخرى غري سند الشحن لإلثبات‬
‫تسلم البضائع الواجب نقلها واعتربت هذه الوثيقة قرينة ظاهرة على ابرام عقد النقل وتلقي الناقل البضائع كما هي موصوفة يف تلك‬
‫الوثيقة"‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الناقل ويستوي يف ذلك أن يصدر سند الشحن امسيا‪ ،‬أو اذنيا ‪،‬أو حلامله وال يلزم أن أيخذ‬
‫السند شكال معينا‪.1‬‬
‫أوال‪ :‬اإليصال املؤقت‬
‫بتسليم الشاحن عند شحن البضائع‬ ‫‪First officier‬‬ ‫يقوم الضابط األول يف السفينة‬
‫على ظهر السفينة ايصاال وقتيا ريثما يتم اعداد سند الشحن و يتم توقيعه من قبل الرابن أو‬
‫من قبل ٍ‬
‫ممثل عن الناقل‪.‬ويتقدم الشاحن ليستبدل االيصال املؤقت فإن مل تتم عملية االستبدال‬
‫أعترب هذا االيصال مبثابة سند الشحن يف يد الشاحن‪.2‬‬
‫هبذا الشأن اثر جدل فقهي حول اعتبار االيصال املؤقت سندا للشحن من عدمه ‪،‬‬
‫حيث يرى االجتاه األول مبا أنه من الناذر تناوله لعدم اشتماله على شرط اإلذن فيمكن اعتباره‬
‫على األقل مبثابة سند شحن امسي وابلتايل خيضع للمعاهدة‪.3‬‬
‫أما االجتاه الثاين‪ 4‬فريى خالف الرأي األول وحجتهم يف ذلك مبا أنه يتعذر اصدار سند‬
‫الشحن فور االنتهاء من عملية الشحن ‪،‬حيث تكون السفينة مشغولة ابستالم البضائع خمتلفة‬
‫لعدة شاحنني وبنفس الوقت يضمن الناقل إبعطاء هذا االيصال املؤقت عدم وقوع سند‬
‫الشحن عند صدوره يف شخص غري مفوض ابستالمه ملا يرتتب عنه من نتائج ابلغة اخلطورة‪.‬‬
‫وهلذا ال يقوم الناقل أو وكيله بتسليم سند الشحن عند صدوره إال ملن يتقدم إليه و سواءا يف‬
‫ذلك أكان هو الشاحن أم وكيله أم موظف عنده مادام سيسرتد منه االيصال املؤقت‪ ،‬فالغرض‬
‫إذن منه ضمان تسليم سند الشحن لصاحب العالقة ‪ ،‬فال يصح على هذا اعتباره وثيقة مماثلة‬
‫لسند الشحن أو إعطائه حكم هذا األخري من أجل انطباق معاهدة بروكسل‪.‬‬

‫‪ -1‬حممود خمتار أمحد بريري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 409‬‬


‫‪ -2‬ملزي عبد الرمحن ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 132‬‬
‫‪ -3‬مشار إليه لدى إبراهيم مكي إبراهيم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.303‬‬
‫‪ - 4‬املرجع السابق‪،‬ص ‪. 304‬‬

‫‪91‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫من خالل التعرض لآلراء الفقهية ميكن القول أن وجهة نظر االجتاه األول كانت صائبة‪،‬‬
‫ألن حجتهم كانت مستمدة من امليدان العملي وما تفرضه التجارة الدولية ‪،‬لكن هذا احلكم ال‬
‫جيب أن أيخذ به على اطالقه بل جيب أن تتوافر يف االيصال املؤقت بعض الشروط حىت‬
‫تكون له نفس فاعلية سند الشحن و هي أن يكون هذا اإليصال امسيا غري قابل للتداول و‬
‫موقعا من طرف الناقل شخصيا ‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬سند من أجل الشحن‬
‫عندما ال تعني السفينة يف سند الشحن فإن هذا السند يسمى بسند من أجل الشحن‬
‫‪،‬أو سند برسم الشحن وذلك لتمييزه عن سند الشحن‪ ،‬الذي تكون السفينة معينة فيه وقد‬
‫ذاع استعمال السند من أجل الشحن ألسباب ثالثة وهي‪:‬‬
‫كن الشاحن من ارسال السند إىل املرسل إليه قبل شحن البضاعة‪.‬‬
‫أ‪-‬أنه ميَُ ُ‬
‫ب‪-‬أن شركات النقل اليت تسلم إليها البضاعة لنقلها ال تسمح هلا الظروف دائما بتعيني‬
‫السفينة اليت ستنقل عليها البضاعة‪.1‬‬
‫ج‪-‬أن الناقل يستطيع املطالبة أبجرة النقل دون حاجة النتظار شحن البضاعة‪.2‬‬
‫و مع ذلك فإن السند من أجل الشحن ال خيلو من عيوب كشف عنها واقع النقل‬
‫البحري ‪،‬ألن املرسل إليه ال ميكنه معرفة مكان البضاعة واذا ما كانت هذه البضاعة قد‬
‫شحنت أم ال و مىت يتم وصوهلا‪ .‬و هو ما أدى مبعاهدة بروكسل ابلنص على أنه إذا كان‬
‫الشاحن قد استلم أية وثيقة تثبت له احلق يف البضائع املشحونة فله بعد الشحن أن يطالب‬
‫الناقل ‪،‬أو الرابن أبن يسلمه سند الشحن مؤشر عليه بكلمة "مشحون"‪ ،‬مقابل رد هذه الوثيقة‬
‫واملقصود بذلك تسليم الشاحن سند شحن يتضمن بيان اسم السفينة اليت مت شحن البضاعة‬
‫عليها‪ ،‬يف نظري اسرتداد السند من أجل الشحن‪. 3‬‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 231‬‬
‫‪ -2‬محاد مصطفى عزب ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 305‬‬
‫‪ -3‬مصطفى اجلمال‪ ،‬دروس يف القانون البحري‪ ،‬املكتب املصري احلديث للطباعة والنشر‪ ،‬سنة ‪ ،1968‬ص ‪.194‬‬

‫‪92‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫و هو ذات احلكم الذي أخذ به املشرع من معاهدة بروكسل ووظفه يف نص املادة ‪751‬‬
‫ق ب ج ‪.‬كما أن املعاهدة تقر ابستعمال السند من أجل الشحن بدليل أاها علقت التزام‬
‫الناقل إبصدار سند الشحن املذكور به اسم السفينة الناقلة بناءا على طلب الشاحن نفسه‪،‬‬
‫فإذا مل يطلبه ضل السند من أجل الشحن مبثابة سند لنقل البضائع حبرا‪.1‬‬
‫اثلثا‪ :‬أوامر التسليم‬
‫يقصد أبمر التسليم الوثيقة اليت يصدرها الناقل أو وكيل السفينة يف ميناء الوصول‬
‫ويسلمها للشاحن‪،‬أو حلامل سند الشحن يف مقابل اسرتداد سند الشحن‪ ،‬الذي يسحب من‬
‫املرسل إليه‪ .‬وأمر التسليم ُميكن حامله من استالم البضاعة ‪،‬حيث يقوم املرسل إليه ابلتقدم‬
‫للرابن أو ملخزن اجلمارك لتسلم البضائع الثابتة بسند الشحن الذي سحب منه‪. 2‬ابإلضافة إىل‬
‫أنه يسمح للشاحن الذي بيده سند شحن واحد يف بيع الشحنة أثناء السفر ألكثر من‬
‫مشرتي و من مثة كانت الضرورة تقتضي وجود مستند خاص حبصة كل مشرتي وهو ما يتحقق‬
‫بوجود أمر التسليم‪.3‬‬
‫لقد أظهر العمل البحري أن أمر التسليم ال خيرج عن ثالث أنواع‪ :‬النوع األول و هو‬
‫أمر التسليم الذي يوقعه البائع وحده‪ ،‬أما الثاين فهو الذي يوقعه الرابن أو أحد ممثلي اجملهز‬
‫ونوع اثلث يوقعه أمني احلمولة‪ .‬وال يعترب سندا مماثال لسند الشحن سوى أمر التسليم املوقع‬
‫من الناقل أو أحد ممثليه‪.‬كما جتدر اإلشارة إىل أنه ليس من قبيل أمر التسليم ما يطلق عليه‬
‫إذن التسليم و هو املستند الذي جرى العمل على أن يصدره الناقل يف ميناء التفريغ يف مقابل‬
‫سند الشحن الذي أيخذه من املرسل إليه ‪ ،‬فإن أمر التسليم ليس معدا لتقسيم الشحنة وامنا‬
‫غرضه األساسي هو تسليم البضائع عند وصوهلا‪.4‬‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 232‬‬


‫‪ -2‬إميان اجلميل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -3‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.157‬‬
‫‪ -4‬ملزي عبد الرمحن ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 135‬‬

‫‪93‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫سندات الشحن الصادرة مبناسبة مشارطة اجيار السفينة‬
‫سبقت اإلشارة إىل أن االتفاقيات الدولية الثالث ال تسري أحكامها على مشارطة‬
‫اجيار السفينة‪ ،1‬غري أن املادة ‪/1‬ب من اتفاقية بروكسل واليت تتطابق معها أحكام املادتني‬
‫‪ 3/2‬من اتفاقية هامبورغ واملادة ‪ 7‬من قواعد روتردام تفيد أن املعاهدة تطبق على سند‬
‫الشحن الصادر بسبب مشارطة االجيار ابتداءا من الوقت الذي ينظم فيه هذا السند العالقات‬
‫بني الناقل وحامل سند الشحن ‪،‬فمالك السفينة عندما يصدر سند شحن للمستأجر ال يلتزم‬
‫بتطبيق إحدى أحكام االتفاقيات الدولية عندما تكون هذه األخرية هي اليت حتكم منازعة‬
‫التعويض‪ .‬إال أنه إذا قام املستأجر بتظهري سند الشحن فإنه بتصرفه هذا يعطي املظهر إليه‬
‫محاية خمتلفة متاما وبذلك يفرض على مالك السفينة التزاما جديدا ‪،‬أي مبا أن مالك السفينة‬
‫إبصداره سند الشحن للمستأجر فإنه خيوله تفويضا ضمنيا بتظهري سند الشحن‪ .‬وابلتايل يؤدي‬
‫هذا إىل الزام املالك ابلتزامات غري واردة يف مشارطة االجيار‪ ،‬فيكون هذا األخري مسؤوال يف‬
‫مواجهة حامل السند طبقا ألحكام االتفاقيات الدولية حىت ولو سبق أن تعهد املستأجر بعدم‬
‫تظهري سند الشحن‪.2‬‬
‫خالصة القول أن قابلية سند الشحن للتداول تبدوا معها احلاجة حلماية الغري‪ ،‬الذي مل‬
‫يكن طرفا يف مشارطة االجيار‪ .‬و احلكمة من هذا االستثناء تقتضي االقتصار على تطبيق‬
‫أحكام االتفاقيات الدولية على سند وحده دون مشارطة االجيار ‪ ،‬بشرط أن يكون حامل‬
‫السند عند الوصول شخصا غري الشاحن‪، 3‬أما إذا كان حامل السند عند الوصول هو نفسه‬

‫‪ - 1‬مت توضيح ذلك يف الصفحة ‪ 85‬من هذه الرسالة ‪.‬‬


‫‪ -2‬أمحد حممود حسين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -3‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪.178 ،‬‬

‫‪94‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الشاحن أو ممثله القانوين فإن النقل يضل خاضعا ملشارطة االجيار والقانون الداخلي الواجب‬
‫التطبيق عليها‪.1‬‬
‫الفقرة الرابعة‪:‬‬
‫ضرورة أن يكون عقد النقل دوليا‬
‫كما هو معلوم أن نظام احلد األقصى للتعويض املقرر يف االتفاقيات الدولية ال ينطبق‬
‫إال على عقد النقل البحري الدويل‪ ،‬أما عقد النقل الداخلي فيخضع لنصوص القوانني الوطنية‬
‫والتساؤل الذي يطرح هنا مىت يكون عقد النقل دوليا؟‬
‫اإلجابة على ذلك تقتضي البحث يف املعايري اليت جاءت هبا االتفاقيات لتمييز عقد‬
‫النقل الدويل عن غريه وهلذا سنتطرق هلذه املعايري يف كل من اتفاقية بروكسل‪،‬هامبورغ وروتردام‪.‬‬
‫أوال‪ :‬يف معاهدة بروكسل‬
‫تقضي املادة العاشرة من معاهدة بروكسل أبن تطبق أحكام هذه املعاهدة على مجيع‬
‫سندات الشحن املكتوبة يف دولة موقعة على املعاهدة ‪،‬قد يتبادر إىل الذهن من هذه العبارات‬
‫أن أحكام املعاهدة واجبة التطبيق يف كل حالة يتوافر فيها انعقاد عقد نقل حبري يف إقليم دولة‬
‫موقعة على االتفاقية دون االعتداد جبنسية أطراف هذا العقد‪ .‬و ابلتايل فإن األخذ ابملعىن‬
‫احلريف لنص املادة العاشرة يؤدي إىل تعطيل القواعد الوطنية‪ 2‬وعلى هذا فقد انقسمت أراء‬
‫الفقهاء إىل اجتاهني ‪:‬اجتاه أيخذ مبعيار شخصي و آخر يرى بضرورة الرجوع إىل املعيار‬
‫املوضوعي‪.‬‬
‫‪-1‬املعيار الشخصي‪:‬‬
‫استقر الرأي الراجح يف الفقه والقضاء على أن معاهدة بروكسل كغريها من معاهدات‬
‫املالحة البحرية ال تسري إال إذا نشب تنازع بني القوانني وتعلق األمر بنقل دويل‪ .‬ويكون النقل‬

‫‪ -1‬علي البارودي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ ، 205‬علي مجال الدين عوض ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 729‬‬
‫‪ -2‬مسيحة القيلويب ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 417‬‬

‫‪95‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫دوليا مىت كان طرفا عقد النقل خمتلفي اجلنسية ‪،‬بشرط أن يكوان اتبعني لدولتني متعاقدتني‪.‬‬
‫وهذا ما أتكد من خالل قرار حمكمة النقض املصرية‪ ،‬إذ جاء فيه أنه يشرتط لتطبيق أحكام‬
‫معاهدة بروكسل أن تكون العالقة بني الناقل والشاحن ذات عنصر أجنيب و أن ينتمي طرفاها‬
‫جبنسيتهما إلحدى الدول املوقعة على املعاهدة أو املنضمة إليها و أن يكون النقل بني ميناءين‬
‫اتبعني لدولتني خمتلفتني‪ .1‬فال يكفي العتبار النقل دوليا أن يكون الشحن يف ميناء دولة‬
‫أجنبية ومىت كان الشاحن والناقل من جنسية واحدة‪.2‬‬
‫عندما تتوافر شروط انطباق املعاهدة على النحو املذكور فإاها تبقى منطبقة على النزاع‬
‫ولو ترتب على تداول سند الشحن أن أصبح الناقل واملظهر إليه األخري من جنسية واحدة ‪،‬‬
‫أما إذا كانت جنسية الناقل هي نفسها جنسية الشاحن فاألصل عدم انطباق معاهدة‬
‫بروكسل‪ .‬غري أنه إذا انتقل سند الشحن بعد ذلك إىل حامل أجنيب ختتلف جنسيته عن‬
‫جنسية الناقل فمن حق احلامل األخري مىت كان اتبعا لدولة موقعة على املعاهدة‪،‬أو منضمة‬
‫إليها أن ينتفع حبماية معاهدة بروكسل‪.3‬‬
‫‪-2‬املعيار املوضوعي‬
‫لقد ذهب بعض الفقهاء إىل خمالفة الرأي السابق وقالوا بوجوب األخذ مبعيار موضوعي‬
‫للتفرقة بني النقل الدويل والنقل الوطين ‪،‬حيث أن النقل يكون دوليا عندما يتم بني ميناءين يقع‬
‫كل منهما يف دولة غري اليت يقع فيها الطرف اآلخر ‪ .‬فالنظر يكون إىل مسرية البضاعة يف‬
‫رحلتها ال إىل أشخاص التعاقد‪ .4‬و يكفي أن يتم النقل بني ميناءين يقعان يف دولتني خمتلفتني‬
‫بصرف النظر عن تبعية ميناء الشحن أو التفريغ لدول متعاقدة على االتفاقية‪.‬‬

‫‪ -1‬نقض مصري يف‪ 10‬ماي ‪، 1966‬جمموعة النقض السنة ‪ 17‬ص ‪ : 1050‬مشار إليه لدى بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‬
‫‪، 81‬طعن رقم ‪ 1114‬سنة ‪ 52‬ق جلسة ‪ : 1989 /2//4‬مشار إليه لدي حممود خليل ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 405‬وما يليها ‪.‬‬
‫‪ -2‬حمكمة السني التجارية يف ‪ ، 1960/4/ 26‬جملة القانون الفرنسي ‪ ، 1961‬ص ‪ : 503‬مشار إليه لدى حممود مسري الشرقاوي ‪،‬‬
‫القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 284‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم مكي إبراهيم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 265‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -4‬مشار إليه لدى حممود مسري الشرقاوي‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 285‬‬

‫‪96‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يؤيد الفقيهني "برودر و ميدس" األخذ ابملعيار املوضوعي‪ 1‬و قد قدما اقرتاحا أقرته‬
‫اجلمعية الفرنسية للقانون الدويل يف اجتماعها يف ‪ 1949/2/14‬يدعو اجلمعية الدولية إىل‬
‫تعديل املادة العاشرة من معاهدة بروكسل إبضافة الفقرة التالية إليها ‪":‬يشرتط أن يتعلق األمر‬
‫بنقل من دولة إىل أخرى وبدون أن يؤخذ ابالعتبار جنسية األطراف"‪ .‬لكن اجلمعية البحرية‬
‫الدولية بعد أن انقشت االقرتاح يف "أمسرتدام" يف سبتمرب ‪ 1949‬مل تقر به ألاها رأت أن إقرار‬
‫مثل هذا االقرتاح حيتاج إىل عقد مؤمتر دبلوماسي ومن الصعب عقد مؤمتر كهذا لغرض تعديل‬
‫مادة واحدة من املعاهدة وخاصة أن هذه املشكلة مل تعاين منها أية دولة غري فرنسا‪ .2‬و األمر‬
‫مل يستقر على هذا احلال فبعد تعديل املعاهدة يف سنة ‪ 31968‬كانت املادة العاشرة من بني‬
‫املواد اليت عدهلا هذا الربوتوكول‪ ،‬حيث نصت املادة اخلامسة منه على أنه‪ ":‬تلغى املادة ‪10‬‬
‫من املعاهدة ويستبدل هبا النص اآليت ‪:‬‬
‫تنطبق نصوص املعاهدة احلالية على كل سند شحن يتعلق بنقل بضائع من موانئ اتبعة‬
‫لدولتني خمتلفتني عندما‪:‬‬
‫أ‪-‬يصدر سند الشحن يف دولة متعاقدة‪.‬أو‬
‫ب‪ -‬يبدأ النقل من ميناء دولة متعاقدة ‪.‬أو‬

‫‪ -1‬وقد ذهب الفقيه ‪ Paul Chauveau‬يف نقده العنيف للمشرع الفرنسي يف مسلكه ابلتصديق على معاهدة بروكسل من جهة‬
‫وإبصداره قانوان داخليا(‪ 9‬أفريل ‪ ) 1936‬خيالف بعض نصوصها إىل القول أبن هذا يدل على أن فرنسا مل حترتم توقيعها على املعاهدة‪:‬‬
‫"‪-:"…..il semble bien que la France n'ait pas respect sa signature.‬‬
‫مشار إليه لدى إبراهيم مكي إبراهيم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.269‬‬
‫‪ -‬مشار إليهما لدى املرجع السابق‪ ،‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬تقرر يف بروتوكول توقيع املعاهدة على أنه من حق الدول املتعاقدة أن حتفظ لنفسها احلق يف أن تطبق املادة السادسة فيما يتعلق ابملالحة‬
‫الساحلية الوطنية على كافة أنواع البضائع دون مراعاة القيد املبني ابلفقرة األخرية من املادة املذكورة ومن مثة جيوز للدولة املوقعة على املعاهدة‬
‫أو املنضمة إليها أن خترج املالحة الساحلية الوطنية من نطاق تطبيقها ابلنسبة إىل كافة أنواع البضائع ولو تعلق األمر بنقل عادي ليس له‬
‫طابع االستثناء ‪،‬إمنا يشرتط لذلك أال يصدر سند شحن ‪،‬بل يثبت النقل بوثيقة غري قابلة للتداول مؤشر عليها مبا يفيد ذلك وفقا للفقرة‬
‫األوىل من املادة السادسة ‪ :‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 290‬وما يليها‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ج‪-‬ينص سند الشحن على انطباق نصوص املعاهدة احلالية‪،‬أو أي تشريع آخر يطبقها أاي‬
‫كانت جنسية السفينة ‪،‬أو جنسية الناقل ‪،‬أو جنسية الشاحن ‪،‬أو جنسية أي شخص آخر‬
‫يعنيه األمر"‪.‬‬
‫تطبق كل دولة نصوص املعاهدة احلالية على سندات الشحن املشار إليها سابقا وال‬
‫ينال حكم هذه املادة من حق أية دولة متعاقدة يف أن تطبق نصوص املعاهدة احلالية على‬
‫سندات الشحن غري املشار إليها يف الفقرات السابقة‪.‬‬
‫من خالل ما سبق يتبني أن بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬يقضي بتطبيق املعاهدة يف‬
‫ثالث حاالت وهي كاآليت‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪:‬‬
‫هي اليت يتعلق األمر فيها بنقل بضائع بني موانئ اتبعة لدولتني خمتلفتني وذلك إبصدار‬
‫سند الشحن يف دولة متعاقدة ‪،‬أو إذا ما بدأ النقل من ميناء يقع يف دولة متعاقدة ‪،‬فالتعديل‬
‫إذن صريح يف األخذ ابملعيار املوضوعي لتحديد املقصود من النقل الدويل ‪ ،‬فالعربة ابختالف‬
‫دوليت الشحن والتفريغ بصرف النظر عما إذا كانت هااتن الدولتان متعاقدتني‪ ،‬أو غري‬
‫متعاقدتني إال أنه يتعني توافر أحد شرطني التاليني‪:‬‬
‫أ‪-‬أن يصدر سند الشحن يف دولة متعاقدة‪.‬‬
‫ب‪-‬أن يبدأ النقل من ميناء دولة متعاقدة‪ .‬و هذا كله دون النظر إىل جنسية السفينة أو طرفا‬
‫عقد النقل ‪،‬أو أي شخص له مصلحة يف البضاعة‪.1‬‬
‫احلالة الثانية‪:‬‬
‫إذا مل تكن املعاهدة واجبة التطبيق وفق احلالة األوىل يلجأ املتعاقدين إىل تضمني سند‬
‫‪،2‬أي االتفاق على خضوع العقد ألحكام‬ ‫"ابرامونت"‪Paramount Clause‬‬ ‫الشحن شرط‬
‫املعاهدة ‪ .‬وال حيدث هذا الشرط أثره إال إذا مت النص عليه يف سند الشحن‪ ،‬أو أية وثيقة‬
‫‪ -1‬حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 287‬‬
‫‪ -2‬مت التفصيل يف هذا الشرط ضمن الشروط الصحيحة يف عقد النقل البحري‪ ،‬ص ‪ 80‬من هذه الرسالة‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أخرى مماثلة و اعترب النقل دوليا يف حكم املعاهدة‪ .‬و مثال ذلك أن يصدر سند الشحن يف‬
‫دولة غري متعاقدة مبناسبة نقل حبري ‪،‬أو أن يبدأ أو ينتهي يف دولة غري متعاقدة إذ يكفي أن‬
‫يكون النقل دوليا ابملعىن الوارد يف املادة اخلامسة من هذا الربوتوكول‪ ،‬أي اختالف دوليت‬
‫الشحن والتفريغ‪.1‬‬
‫يف هذا الشأن هناك قضية عرضت على حمكمة النقض األمريكية تتلخص وقائعها يف‬
‫لنقل بضائع من الصني إىل‬ ‫‪Hanjin‬‬ ‫تعاقدت مع املستأنف‬ ‫‪L.G sourcing‬‬ ‫أن شركة‬
‫ابلوالايت املتحدة األمريكية كمكان للتسليم ‪ ،‬فنقلت البضاعة إىل‬ ‫‪Indiana‬‬ ‫"إندايان"‬
‫كاليفورنيا بدون وقوع أي حادث وبعدها نقلت ابلرب إىل شيكاغو وقبل وصوهلا إىل هناك‬
‫أعلمت اخلدمة اجلمركية األمريكية الشاحنني أن البضاعة قد اختريت إلجراء فحوص عليها‪.‬‬
‫وبعد اجراء الكشوفات الالزمة وضعت البضاعة يف ساحة مفتوحة األمر الذي أدى إىل فقدااها‬
‫؟‬ ‫‪،‬فثار اخلالف هل يطبق القانون األمريكي‪ Cogsa‬أم اتفاقية بروكسل‬
‫لقد حكم القاضي األمريكي "‪ "Dame p Wood‬يف قضية احلال بقوله أنه عند وجود‬
‫شرط ابرامونت فإن املعاهدة تطبق على كل مراحل نقل الشحنة جبزئيها البحري والربي‪.2‬‬
‫يف احلقيقة أن ما أخذ به هذا القاضي مل يكن سليما من الناحية القانونية ‪،‬ألن قواعد‬
‫اتفاقية بروكسل من النظام العام ‪،‬حيث نصت على أن تطبق قواعدها منذ شحن البضائع إىل‬
‫تفريغها‪ ،‬أما خارج املرحلة البحرية فال تطبق ‪،‬أي يف الفرتة السابقة على الشحن والالحقة‬
‫للتفريغ و مبا أن الضرر قد وقع خارج هذه املرحلة‪ ،‬فقد كان على القاضي األمريكي يف القضية‬
‫املذكورة أن يستبعد شرط برامونت يف هذه احلالة ملخالفته القواعد اآلمرة يف املعاهدة ويبحث‬
‫عن القانون الواجب التطبيق لوجود تنازع يف القوانني ‪ .‬ألن تعويض الضرر يف مرحلة الالحقة‬

‫‪ -1‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 85‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Indemnity Insurance v.Hanjin Shiping Gienit ,31 Oct 2003,United court of appeal‬‬
‫‪for the seventh circuit :‬‬ ‫مشار إليه لدى املرجع السابق ‪،‬ص‪.86‬‬

‫‪99‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫للتفريغ ال حتكمه اتفاقية بروكسل ‪،‬إذ كيف إلرادة األطراف يف اتفاق من أن تعدل من اإلرادة‬
‫اآلمرة للمجتمع الدويل يف االتفاقية ‪.‬‬
‫احلالة الثالثة‪:‬‬
‫يشري نص املادة ‪ 5‬الوارد ابلربوتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬يف اهايته على حالة من‬
‫حاالت تطبيق املعاهدة على صعيد النقل الدويل وهي أنه من حق كل دولة متعاقدة أن ينص‬
‫قانواها على توسيع نطاق األخذ أبحكام املعاهدة على سندات شحن غري تلك اليت وردت‬
‫ابلفقرات السابقة يف النص املذكور‪ .‬و يرى بعض الفقه أن املقصود من ذلك اعتبار معاهدة‬
‫بروكسل متعلقة ابلنظام العام فال تستطيع الدولة املتعاقدة أن متنح لطريف السند احلق يف أن‬
‫ينصوا على تطبيق قانون ينتقص من الضماانت اليت متنحها املعاهدة للشاحن مبقتضى‬
‫نصوصها اآلمرة وإمنا جيوز هلا أن توسع من نطاق تطبيق املعاهدة ‪ .‬فال يعين هذا أن النص‬
‫يقرر رخصة للدول أبن تتضمن تشريعاهتا الداخلية نصا يقضي مبد تطبيق املعاهدة إىل أبعد ما‬
‫ورد من ضماانت للشاحن‪ ،‬ألن الدول ليست حباجة إىل تقرير هذه الرخصة هلا من سيادة‬
‫تشريعية‪، 1‬لذلك قال البعض أن هذا احلكم مل يكن مثة حاجة إليراده‪. 2‬‬
‫اثنيا‪ :‬الوضع يف معاهدة هامبورغ‬
‫لقد أخذت اتفاقية هامبورغ ابملعيار اجلغرايف للنقل الدويل على غرار بروتوكول بروكسل‬
‫لسنة ‪ 1968‬املعدل ملعاهدة بروكسل وهو وقوع النقل بني ميناءين واقعني يف دولتني خمتلفتني‬
‫ومن مثة فهي تستبعد من نطاق تطبيقها النقل البحري‪ ،‬الذي يتم بني ميناءين واقعني يف دولة‬
‫واحدة ‪،‬حىت ولو كانت تلك الدولة متعاقدة‪ ،3‬طبقا لنص املادة ‪ 2‬من هذه املعاهدة‪.‬‬
‫كما نصت الفقرة األوىل من نفس املادة على حاالت سراين االتفاقية على النقل البحري‬
‫الدويل بشرط أن تتوافر إحدى احلاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬مشار إليه لدى حممود مسري الشرقاوي ‪،‬القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 288‬‬
‫‪ -2‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 89‬‬
‫‪ -3‬أمحد شريف الطباخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.203‬‬

‫‪100‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أ‪-‬أن يقع ميناء الشحن احملدد يف عقد النقل البحري يف دولة متعاقدة فالعربة مبا تضمنه هذا‬
‫العقد حىت لو مت الشحن لظروف طارئة يف ميناء يقع يف دولة غري متعاقدة ‪.‬‬
‫ب‪-‬أن يقع ميناء التفريغ احملدد يف العقد يف دولة متعاقدة‪.‬‬
‫ج‪-‬إذا تضمن العقد حتديد عدة موانئ اختيارية للتفريغ وكان احدامها يقع يف دولة متعاقدة ومت‬
‫التفريغ فيه فعال ‪.‬فهنا ال يكفي ذكر أحد املوانئ الواقعة يف دولة متعاقدة ‪،‬إذ ال تسري االتفاقية‬
‫إذا مت التفريغ يف ميناء من املوانئ االختيارية اليت تقع يف دولة غري متعاقدة‪.‬‬
‫د‪-‬إذا صدر سند الشحن أو وثيقة مثبتة لعقد النقل البحري يف دولة متعاقدة‪ ،‬فهذا يكفي‬
‫النطباق املعاهدة مادام النقل سيتم بني دولتني خمتلفتني‪ .‬وال أمهية ألن تكون كالمها أو‬
‫إحدامها دولة متعاقدة‪ ،‬فاملعاهدة تسري يف هذه احلالة حىت لو كان النقل البحري بني ميناءين‬
‫يقع كالمها يف دولتني غري متعاقدتني‪. 1‬‬
‫ه‪-‬إذا مل تتوافر حالة من احلاالت السابقة ‪،‬فإن االتفاقية ميكن هلا أن تطبق نتيجة إلعمال‬
‫إرادة األطراف وذلك إذا تضمن سند الشحن ‪،‬أو الوثيقة املثبتة لعقد النقل شرطا يقضي‬
‫إبخضاع العقد إلتفاقية ‪،‬أو لقانون دولة ينفذ أحكام هذه االتفاقية‪ .‬و يكون القاضي الوطين‬
‫ملزما بتطبيق أحكام االتفاقية عند وجود شرط ابرامونت على أساس احرتام إرادة املتعاقدين‬
‫‪،‬اليت اختارت أحكام االتفاقية لتكون هي القانون الواجب التطبيق على عقد النقل ‪ .‬كما‬
‫ميكن للقاضي أن ميتنع عن تطبيق هذه األحكام إذا كانت خمالفة للنظام العام أو للقواعد‬
‫اآلمرة يف قانونه الوطين‪.2‬‬

‫‪ -1‬حممود خمتار أمحد بريري ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 413‬‬


‫‪ -2‬كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع سنة ‪ ،1978‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬

‫‪101‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫اثلثا‪ :‬الوضع يف معاهدة روتردام‬


‫تعرضت املادتني ‪ 5‬و‪ 6‬من اتفاقية روتردام لنطاق تطبيق املعاهدة فقررت أن يكون وفقا‬
‫للحاالت التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬إذا كان ميناء الذي تبدأ به عملية النقل وميناء جهة الوصول يقعان يف دولتني خمتلفتني‬
‫وكانت كال الدولتني منضمتني إىل االتفاقية‪.‬‬
‫ب‪-‬إذا كان مكان تسلم البضاعة أو تسليمها‪ ،‬أو ميناء الشحن‪ ،‬أو التفريغ واقعني يف دولة‬
‫مشاركة يف االتفاقية‪.1‬‬
‫ابإلضافة إىل ذلك فإن االتفاقية تقيم من خالل نصوصها نظاما قانونيا موحدا أيخذ يف‬
‫اعتباره العديد من التطورات التكنولوجية والتجارية اليت حصلت يف جمال النقل البحري بعد‬
‫قدم االتفاقيات السابقة هلا ‪،‬مركزة اهتمامها على النقل ابحلاوايت والنقل متعدد الوسائط الذي‬
‫يتضمن خدمة النقل من ابب خمزن املصدر إىل ابب خمزن املستورد مبوجب عقد واحد‪ .‬أيضا‬
‫من بني مظاهر الوحدة اليت حرصت عليها االتفاقية هي سد الثغرة بني النقل أحادي الواسطة‬
‫ونظام النقل متعدد الوسائط ‪،Transport Multimodal‬الذي ظهر أثناء تطبيق االتفاقيات‬
‫الدولية أحادية الواسطة واليت وقفت نصوص هذه األخرية عاجزة أمامه‪.2‬‬
‫مهما قدمت قواعد روتردام من خدمة للتجارة البحرية وتعزيز للتبادل التجاري بني‬
‫الدول إال أاها مل أتت ملعاجلة كل أنواع النقل متعدد الوسائط وإمنا فقط عقد النقل البحري‬
‫الذي يقبل فيه الناقل البحري مد خدماته إىل النقل بواسطة أخرى سابقة أو الحقة للنقل‬
‫البحري ‪ .‬لذلك يذهب بعض الفقهاء إىل القول أن قواعد روتردام ال تُعتبَتر اتفاقية متعددة‬

‫‪ -1‬حممود حممد عنانبه‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 174‬‬


‫‪ -2‬شريف حممد غنام ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 20‬‬

‫‪102‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الوسائط حقيقة بل اتفاقية للنقل البحري والزائد عليه ‪ ، Maritime plus‬ألن النقل بوسائط‬
‫أخرى ما هو إال امتداد وتكملة للنقل البحري فقط‪.1‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫إصابة البضاعة أبضرار أثناء فرتة املسؤولية‬
‫يطبق نظام احلد األقصى للتعويض كما هو وارد يف املادة ‪ 5/4‬من معاهدة بروكسل‬
‫‪،‬املادة ‪ 1/7‬من اتفاقية هامبورغ واملادتني ‪ 59‬و‪ 60‬من قواعد روتردام إذا أخل الناقل ابلوفاء‬
‫ابلتزامه الرئيسي واملتمثل يف إيصال البضائع سليمة وكاملة إىل املرسل إليه يف ميناء الوصول‬
‫املتفق عليه‪ ،‬يف الوقت احملدد‪ .‬ويتحقق ذلك يف ثالث أحوال وهي هالك البضاعة أو تلفها أو‬
‫التأخري يف تسليمها‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫اهلالك‪Perte‬‬
‫يقصد هبالك البضاعة زواهلا أو انعدامها ‪،‬كما يعترب الضياع صورة من صور اهلالك‬
‫حيث يتعذر على الناقل تسليم البضاعة إىل املرسل إليه يف احلالتني‪ .‬غري أن الضياع يعين فقدان‬
‫الشيء دون التأكد من مصريه‪ ،‬فقد يكون بسبب زواله أو بسبب آخر كسرقته أو عدم‬
‫التمكن من اسرتداده‪ .2‬أي أن اهلالك يف معناه الدقيق يشمل فقدان البضاعة وعدم وصوهلا إىل‬
‫يد املرسل إليه ألي سبب من األسباب كما لو احرتقت البضاعة أثناء الرحلة البحرية ‪،‬أو‬
‫‪1‬‬
‫‪-Francesco‬‬ ‫‪Berlingieri, aspects multimodaux des règles de Rotterdam, DMF NO708-‬‬
‫‪2009,p 18 ,Stéphane Miribèle , signature des régles de Rotterdam , DMF n 708 , 11-‬‬
‫‪2009,p1.‬‬
‫‪-‬مل تكن فكرة جيدة أن جتمع اتفاقية روتردام بني النقل البحري أحادي الواسطة والنقل متعدد الوسائط يف اتفاقية واحدة ألن النقل متعدد‬
‫الوسائط يثري مشاكل مجة زايدة على مشاكل النقل البحري أحادي الواسطة‪ ،‬منها صعوبة حتديد مرحلة وقوع الضرر بدقة بسبب طول‬
‫رحلة البضائع وهي بداخل احلاوايت وتغري وسائل النقل من برية وجوية واختالف حدود التعويض الذي يدفعه وكيل ابلعمولة للنقل (متعهد‬
‫النقل ) إىل الشاحن ابعتباره املسؤول عن كافة مراحل النقل اليت تدخل يف النقل متعدد الوسائط ‪،‬فيختلف هذا التعويض ابختالف املرحلة‬
‫اليت يقع فيها الضرر هذا إن مت اكتشافه فيها ولعل هذا ما جعل الدول ختشى من املصادقة على هذه االتفاقية ‪،‬كما ان اتفاقيات النقل‬
‫متعدد الوسائط مل تلقى القبول لدى أغلب الدول نظرا لتلك األسباب وقد أتكد ذلك من خالل اتفاقية النقل املتعدد الوسائط "جنيف"‬
‫لسنة ‪1980‬اليت مل تدخل حيز النفاذ حلد اآلن‪.‬‬
‫‪ -2‬علي حسن يونس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.156‬‬

‫‪103‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪،‬أو‬ ‫‪partielle‬‬ ‫‪،‬أو جزئيا‬ ‫‪Totale‬‬ ‫غرقت يف مياه البحر‪،1‬كما قد يكون هالك البضاعة كليا‬
‫حكمي‪.supposé‬‬
‫أ‪-‬اهلالك الكلي‪:‬‬
‫يكون اهلالك كليا يف األحوال اليت يصل فيها الناقل إىل ميناء الوصول ومل يسلم شيئا‬
‫من البضاعة اليت تسلمها من الشاحن وتعهد بتسليمها إىل املرسل إليه‪ ،‬أو إىل من له احلق‬
‫عليها‪ .‬كما يلحق ابهلالك الكلي تسليمها يف ميناء الوصول أو يف مكان آخر‪ 2‬إىل شخص‬
‫غري املرسل إليه‪ ،‬الذي قد يتمسك يف مواجهة املرسل إليه بقاعدة احليازة يف املنقول سند‬
‫امللكية‪.3‬‬
‫تعترب البضائع هالكة كليا إذا أصاهبا عيب أخرجها من عداد مثيالهتا من البضائع‪ ،‬أي‬
‫أاها فقدت صفاهتا األساسية اليت تتمتع هبا يف األحوال العادية ‪،‬فاألرز اجلاف مثال الذي‬
‫أصابته رطوبة ال يعد صاحلا من وجهة النظر التجارية وللمرسل إليه أن يرفض استالمه ‪،‬لكنه‬
‫مع ذلك يبقى حمتفظا بوصفه التجاري كأرز و من مثة فإنه ال يعترب هالكا كليا ‪ .‬على العكس‬
‫من ذلك فإن شحنة التمور اليت تصل إىل ميناء الوصول وهي يف حالة صاحلة للتقطري ولكنها‬
‫مل تعد تتمتع بصفات التمر ابملفهوم التجاري وهلذا تعترب يف عداد اهلالك الكلي‪.4‬‬
‫ب‪-‬اهلالك اجلزئي‪:‬‬
‫يتجسد اهلالك اجلزئي يف حالة تسليم البضاعة إىل املرسل إليه انقصة من حيث الوزن‪،‬‬
‫أو العدد‪ ،‬أو الكمية كما لو سلمت مخسة صناديق من بضاعة معبئة بثمانية صناديق أو‬
‫أكثر‪.5‬‬

‫‪ -1‬يعقوب يوسف صرخوه ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 137‬‬


‫‪ -2‬دمانة حممد ‪،‬دفع املسؤولية املدنية للناقل ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة تلمسان ‪ ،‬السنة اجلامعية ‪، 2011/ 2010‬ص ‪. 229‬‬
‫‪ -3‬عبد اجمليد إبراهيم سلمان الطائي ‪،‬عقود التجارة البحرية والتأمني عليها وفق التشريعات العربية واالتفاقيات الدولية ‪،‬منشورات حليب‬
‫احلقوقية ‪،‬لبنان ‪،‬سنة ‪،2017‬ص‪.80‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Lord Ghorley end oc giles Shipping law, london1976, p356:‬‬
‫مشار إليه لدى املرجع السابق‪ ،‬ص ‪138‬‬
‫‪ -5‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر و التوزيع ‪ ،‬األردن ‪،‬سنة ‪ ، 1998‬ص ‪. 123‬‬

‫‪104‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫و مع ذلك ال يسأل الناقل عن النقص املعتاد عرفا ‪ ،‬الذي يصيب البضاعة أثناء‬
‫‪Déchet de‬‬ ‫نقلها بسبب راجع إىل طبيعتها ‪،‬أو إىل عملية النقل وهو ما يعرف بعجز الطريق‬
‫‪ route‬مثل ما هو عليه احلال عندما تكون البضاعة عبارة عن مواد سائلة ويتبخر منها جزء‬
‫بسبب عوامل اجلو ‪،‬أو كانت حبواب وسقطت منها كمية صغرية أثناء الشحن‪.1‬‬
‫ج‪-‬اهلالك احلكمي‪:‬‬
‫على خالف احلاالت السابقة اليت تعترب هالكا حقيقيا فإن البضائع تعترب هالكة حكميا‬
‫إذا مل تسلم إىل املرسل إليه بعد مضي مدة معقولة من انتهاء امليعاد املتفق عليه‪ ،‬أو الذي‬
‫يقضي به العرف‪.2‬‬
‫يف هذا الصدد تنفرد معاهدة هامبورغ ابلنص على اهلالك احلكمي خالفا ملعاهديت‬
‫بروكسل و روتردام يف املادة ‪ 3/5‬منها ‪،‬حيث ورد فيها أن البضائع تعترب يف حكم اهلالك‬
‫الكلي إذا مل تسلم خالل ‪ 60‬يوما ابتداءا من التاريخ الذي كان جيب أن تسلم فيه ‪.‬‬
‫وابلرجوع إىل القانون البحري اجلزائري يف املادة ‪ 32/788‬ق ب ج فيالحظ أن املشرع قد‬
‫أشار للهالك احلكمي غري أنه مل يبني هذه املدة‪ .‬وبناءا عليه فإن مقاضاة الناقل ستكون على‬
‫أساس اهلالك احلكمي وليس على أساس التأخري‪.4‬‬

‫‪ -1‬عادل مقدادي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ ،. 129‬عبد احلميد مرسي عنرب ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 341‬ومسألة تقدير اهلالك اجلزئي‬
‫تكون مبقارنة ما هو وارد بسند الشحن من بياانت تتعلق بوزن البضاعة أو مقاسها أو حجمها أو عددها مع ما مت تسليمه إىل املرسل إليه‬
‫عند الوصول والفرق يف ذلك يتحمله الناقل إال إذا كان قد أورد حتفظا يف سند الشحن عن وزن البضاعة أو مقدارها ‪ ،‬عندئذ يتوجب على‬
‫الشاحن أو املرسل إليه اثبات املقدار احلقيقي للبضاعة عند استالمها ‪،‬فإذا استطاع اثبات ذلك فإن الناقل يسأل عن اهلالك اجلزئي وعليه‬
‫أن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض الوارد يف االتفاقية التابعة هلا دولته ‪ :‬املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬عبد القادر حسني العطري‪ ،‬الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية –دراسة مقارنة‪،-‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ابألردن ‪ ،‬سنة‬
‫‪، 1999‬ص‪.418‬‬
‫‪ -3‬تنص املادة ‪....": 2/788‬ويف حالة الفقدان أو الضرر األكيدين أو املفرتضني‪."......‬‬
‫‪ -4‬عبد الفتاح ترك‪ ،‬عقد النقل البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.348‬‬

‫‪105‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫التلف‪Avaries‬‬
‫يقصد ابلتلف أن تصل البضاعة إىل املرسل إليه يف ميناء الوصول كاملة من حيث‬
‫مقدارها لكنها معيبة على حنو ينقص من قيمتها‪ ،‬كفاكهة فسدت‪ ،‬أو أجهزة حتطمت‪ ،‬أو‬
‫عطب أصاب جزء من البضاعة مع بقاء صالحية اجلزء اآلخر ‪،‬إذ يستوي أن يشمل العيب‬
‫البضاعة كلها أو جزءا منها‪.1‬‬
‫لكن ما هو احلكم لو تلف جزء من البضاعة حبيث ال يصلح الباقي لالستعمال فيما‬
‫أعد له؟‬
‫ذهب جانب من الفقه إىل أنه يف هذا الفرض نكون أمام هالك كلي للبضاعة وهناك‬
‫من ال يتفق مع هذا الرأي ‪،‬ذلك أن الفاصل بني اهلالك الكلي للبضاعة واهلالك اجلزئي الذي‬
‫أيخذ حكم التلف هو حصول التسليم من عدمه ‪ .‬فإذا كانت البضاعة قد سلمت إىل املرسل‬
‫إليه ومهما كان قدر أو شأن التلف الالحق جبزء منها والذي يؤدي إىل عدم صالحية اجلزء‬
‫الباقي لالستعمال فيما أعدله فإن األمر ال يرقى حبال إىل القول أن مثة هالك كلي ‪،‬فالفرض يف‬
‫اهلالك الكلي أنه ليس مثة تسليم للبضاعة عند الوصول‪ ،‬أما إذا حصل تسليم ولو كان التلف‬
‫شامال البضاعة كلها فإننا نكون بصدد تلف كلي إن صح التعبري وليس هالك كلي‪.2‬‬
‫ويرى فقه آخر أن نوع التلف يتحدد حسب طبيعة البضاعة ويضل األمر متعلقا بتلف‬
‫حىت ولو مشل كل البضاعة‪ ،‬فاتساع نطاق التلف ال حيوله إىل هالك كلي أو جزئي‪ .‬فهذا ما‬
‫يقتضيه التحديد الدقيق ملنع اخللط بينهما‪ .‬لذلك ليس مقبوال أن أيخذ اهلالك اجلزئي حكم‬
‫التلف‪.3‬‬

‫‪-1‬كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع سنة ‪ ،1978‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪ -2‬مشار إليهما لدى املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬حممود خمتار أمحد بريري‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 370‬وما يليها‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫غري أن الفقه الفرنسي يرى أن اخلوض يف مسألة التمييز بني اهلالك اجلزئي والتلف الذي‬
‫يصيب البضاعة إضافة إىل صعوبتها فهي ال متثل أية أمهية قانونية‪ ،‬فإنه من غري اجملدي الرتكيز‬
‫عليها وذلك راجع ألن قيمة التعويض عن الضرر الناتج عن كليهما هو نفسه‪.1‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫التأخري يف تسليم البضائع‬
‫التأخري يف معناه هو جماوزة األجل احملدد سلفا لتنفيذ عملية النقل ابتفاق بني طريف عقد‬
‫النقل‪ .‬أي عدم تسليم البضاعة إىل املرسل إليه‪2‬يف ميناء الوصول يف ذلك امليعاد‪،‬كما أن‬
‫التأخري خيتلف عن اهلالك والتلف من حيث أنه ليس ضررا بذاته وإمنا الضرر يكمن يف النتائج‬
‫اليت ترتتب عليه‪،3‬فالتأخري يعترب ضررا اقتصاداي ملا يلحق املرسل إليه من خسارة مالية رغم‬
‫تسليمه البضاعة خالية من كل تلف ‪،‬أو اخلسارة اليت يتعرض هلا إثر اخنفاض قيمة البضاعة‬
‫املسلمة يف السوق ابملقارنة مع سعرها لو سلمت إىل املرسل إليه يف موعدها‪. 4‬كذلك اخلسارة‬
‫اليت يتعرض هلا هذا األخري نتيجة تسلمه البضاعة متأخرة عن موعدها مما يشكل صعوبة يف‬
‫تصريفها أو بيعها‪.5‬‬
‫ابلرجوع إىل االتفاقيات الدولية ميكن القول أن معاهدة بروكسل مل تكن صرحية مثلما‬
‫هو عليه احلال يف اتفاقييت هامبورغ وروتردام عند تعرضهما ملسؤولية الناقل البحري عن التأخري‬
‫‪ .‬حيث أنه ال يوجد نص يف معاهدة بروكسل األصلية ‪،‬أو بروتوكويل تعديلها يصرح ابنطباق‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض املقرر يف حاليت اهلالك ‪،‬أو التلف على حالة التأخري يف تسليم‬

‫‪1‬‬
‫‪- René Rodiére, Traité général de droit maritime, tome II, Affrètement et transports,‬‬
‫‪les contrats de transport de marchandises, édition Dalloz, paris1968, p242.‬‬
‫‪ -2‬حممد السيد الفقي‪ ،‬تطور قواعد قانون النقل البحري حتت استخدام احلاوايت‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ابإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬ص‬
‫‪.122‬‬
‫‪-3‬كمال محدي‪ ،‬عقد الشحن والتفريغ ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 313‬‬
‫‪ -4‬عبد اجمليد إبراهيم سلمان الطائي ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -5‬حلو أبو حلو‪ ،‬التأخري يف تسليم البضائع يف عقد النقل البحري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬جملة املنارة‪ ،‬اجمللد ‪ ،13‬العدد ‪ ،8‬سنة ‪ ،2007‬ص‬
‫‪.128‬‬

‫‪107‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫البضائع‪ . 1‬هذا ما يدفعنا لطرح التساؤل التايل‪ :‬هل ميكن تطبيق احلد األقصى املقرر حلاليت‬
‫اهلالك والتلف على حالة الضرر الناجم عن التأخري‪ ،‬عندما تكون اتفاقية بروكسل واجبة‬
‫التطبيق على موضوع النزاع ؟‬
‫يرى بعض الفقه أن احلد األقصى للتعويض طبقا ملعاهدة بروكسل ال يشمل إال حاليت‬
‫اهلالك والتلف دون التأخري ‪ .‬لذلك خيضع التعويض يف هذه احلالة للقواعد العامة ‪ ،‬فيقدر‬
‫على أساس الضرر الفعلي الذي يلحق مالك البضاعة‪.2‬‬
‫خالفا لذلك يذهب الرأي الراجح إىل أن احلد األقصى للتعويض ما هو إال استثناء عن‬
‫القاعدة العامة اليت تقضي ابلتعويض عن الضرر بصورة كاملة وككل استثناء جيب أن يفسر‬
‫بصورة حصرية ويقتصر تطبيقه على اخلسائر واألضرار الالحقة ابلبضاعة‪ .‬وابلتايل ال يشمل‬
‫حالة التأخري إال إذا أحلق ضررا ابلبضاعة‪ .3‬ابإلضافة إىل أن ألفاظ املعاهدة جاءت واسعة‬
‫على حنو ميكن معه إدراج التأخري حتت قواعدها و يكون ذلك عندما يتسبب هذا التأخري يف‬
‫خسارة للبضائع أو ضرر اقتصادي لصاحبها‪.‬كما أن املعاهدة نصت على حاليت اهلالك أو‬
‫التلف دون أن توضح طابع الضرر القابل للتعويض أو مصدره ‪،‬مما يعين أن التأخري كسبب‬
‫حلدوث الضرر ميكن أن يكون حمال للتعويض‪.4‬‬
‫أما يف معاهدة هامبورغ فقد كانت أكثر وضوحا من سابقتها حيث قررت يف املادة‬
‫‪/6‬ب‪ 5‬حدا أقصى للتعويض يدفعه الناقل عند ثبوت مسؤوليته عن التأخري يف تسليم البضاعة‬
‫إىل املرسل إليه ‪ .‬كما أعطت تعريفا للتأخري بنصها يف الفقرة ‪2‬من املادة اخلامسة ‪،‬حيث جاء‬
‫فيها ‪":‬يقع التأخري يف التسليم إذا مل تسلم البضائع يف ميناء التفريغ‪ ،‬الذي نص عليه عقد النقل‬
‫‪1‬‬
‫‪-Raymond Achard, la responsabilité résultant du retard dans le transport international‬‬
‫‪de marchandises par mer, DMF 1990, p670.‬‬
‫‪ -2‬مشار إليه لدى بسام عاطف املهتار ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 175‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- René Rodiére, Droit maritime, tome 2,op-cit,p310.‬‬
‫‪ -4‬حممد السيد الفقي‪ ،‬تطور قواعد قانون النقل البحري حتت استخدام احلاوايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -5‬تنص املادة ‪/6‬ب ‪ ":‬حتدد مسؤولية الناقل البحري وفقا ألحكام املادة ‪ 5‬عن التأخري يف التسليم مببلغ يعادل مثلي ونصف مثل أجرة‬
‫النقل املستحقة الدفع عن البضائع املتأخرة على أال يتجاوز هذا املبلغ جمموع أجرة النقل املستحقة الدفع مبوجب عقد النقل البحري‬
‫للبضائع "‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫البحري ‪،‬يف حدود املهلة املتفق عليها ويف حالة غياب ذلك ففي مدة معقولة يقتضي إمتام‬
‫التسليم خالهلا من انقل يقظ مع ظروف احلالة "‪.‬‬
‫يستفاد من هذا النص أن تقرير معدل حصول التأخري يتم وفق حالتني‪ :‬فاحلالة األوىل‬
‫تكون عند أتخري البضاعة يف التسليم عن امليعاد املتفق عليه بني املتعاقدين يف عقد النقل ‪،‬أما‬
‫احلالة الثانية تكون عند عدم االتفاق على موعد فيكون التأخري عند جتاوز مدة التسليم‬
‫البضاعة عن الفرتة الزمنية الالزمة لنقلها إىل ميناء الوصول‪ .‬و يتم اللجوء إىل العرف البحري‬
‫املتبع يف هذا امليناء لتحديد تلك املدة ‪،‬فال يكفي جمرد حصول التأخري بل البد من اثبات‬
‫العالقة السببية بني الضرر والتأخري كإثبات وصول اهلدااي واأللعاب بعد فوات يوم العيد‪.1‬‬
‫كذلك فعلت معاهدة روتردام‪ 2‬فقد نصت على غرار سابقتها على حد أقصى بشأن‬
‫حالة أتخري البضائع يف التسليم إىل من أرسلت إليه ‪ ،‬فنصت يف املادة ‪ 60‬على أنه"‪:‬‬
‫‪...‬حيسب التعويض وفقا للمادة ‪ 22‬عن هالك البضائع أو تلفها الناجم عن التأخر وتكون‬
‫املسؤولية عن اخلسارة االقتصادية النامجة عن التأخر حمدودة مببلغ يعادل ضعفي ونصف أجرة‬
‫النقل الواجب دفعها عن البضائع املتأخرة"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Federation Insurance company of Canada V-goret Accessories Inc. ,and Hirsh 1968‬‬
‫‪,2Lioyds Rep p,109:‬‬
‫مشار إليه لدى حممد السيد الفقي‪ ،‬تطور قواعد قانون النقل البحري حتت استخدام احلاوايت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪ -2‬عرفت قواعد روتردام التأخري يف مادتني ‪ ،‬فنصت يف املادة ‪ 21‬على أنه ‪ ":‬حيدث التأخر يف التسليم عندما ال تسلم البضائع يف مكان‬
‫املقصد املنصوص عليه يف العقد" ‪،‬غري أن املعاهدة قد تداركت ما شاب هذه املادة من قصور فجاءت ابملادة ‪ 43‬واليت نصت على أنه‪":‬‬
‫عند وصول البضائع إىل مقصدها جيب على املرسل إليه الذي يطالب بتسليم البضائع إيه مبقتضى عقد النقل أن يقبل تسلم البضائع يف‬
‫الوقت أو الفرتة الزمنية واملكان املتفق عليما يف عقد النقل أو يف حالة عدم وجود اتفاق من ذلك القبيل ‪،‬يف الوقت واملكان اللذين ميكن‬
‫بصورة معقولة توقع التسليم فيهما ‪ ،‬مع مراعاة أحكام العقد أو العادات أو األعراف أو املمارسات املتبعة يف املهنة وظروف النقل"‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ابلرجوع إىل القانون البحري اجلزائري‪ 1‬فإنه ابلرغم من أن اجلزائر دولة منضمة إىل‬
‫معاهدة بروكسل‪ ،‬إذ أخذ املشرع الكثري من أحكامها غري أنه تفادى ما وقعت فيه هذه‬
‫املعاهدة من إشكال بشأن سراين احلد األقصى على حالة التأخري يف التسليم ‪،‬حيث نصت‬
‫املادة ‪ 1/805‬على أنه‪... ":‬ومبقدار يعادل مرتني ونصف من أجرة النقل املستحقة الدفع عن‬
‫البضائع املتأخرة اليت مل تسلم يف الوقت املتفق أو يف الوقت املعقول املطلوب من انقل حريص‬
‫أن يسلم فيه البضائع ‪ "...‬وما يالحظ على هذه الفقرة أاها كانت عبارة عن ترديد ملا جاءت‬
‫به املادة ‪/6‬ب من معاهدة هامبورغ‪.‬‬
‫بناءا على ما تقدم فإن احلد األقصى للتعويض ال يسري إال عندما هتلك البضاعة أو‬
‫تتلف أو عندما يرتتب ضرر على أتخريها يف الوصول‪ .‬ويف غياب ذلك فإنه ال يسري هذا‬
‫النظام وحيل حمله التعويض الكامل‪ ،‬املطابق للضرر الذي حيصل‪ .‬و كذلك أيخذ نفس احلكم‬
‫عند رفع الدعوى على الناقل ملطالبته ابلتعويض عن الضرر الذي يلحق املضرور لعدم تنفيذ‬
‫عقد النقل كلية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫عدم سقوط حق الناقل يف االستفادة من احل ّد األقصى للتعويض‬
‫يتطلب الشرط الثالث لسراين احلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف االتفاقيات‬
‫الدولية والقانون البحري اجلزائري أال يسقط حق الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض‪.‬‬
‫ويفقد الناقل يف التمسك حبقه يف ذلك يف ثالث حاالت‪ :‬أما األوىل فتتمثل يف تقدمي الشاحن‬

‫‪ -1‬لقد تطرق املشرع اجلزائري يف املادة ‪793‬ق ب ج حلالة رفض املرسل إليه إستالم البضائع أو كان غري معروف وهنا جيب على الناقل‬
‫إيداع البضاعة يف مستودع آمن على نفقة و تبعة املرسل إليه ويقوم كذلك على الفور إبعالم الشاحن واملرسل إليه إذا كان معروفا ‪،‬كما‬
‫جتيز النصوص القانونية للناقل بيع البضائع إذا جتاوزت مدة بقائها يف املخزن شهرين وقبل ذلك إذا كانت البضاعة سريعة التلف أو‬
‫مصاريف إيداعها تزيد عن قيمتها (املادة ‪795‬ق ب ج )‪،‬فإذا مل يكفي مثن البيع البضائع لتسديد مجيع ديون الناقل ومصاريفه املتعلقة‬
‫إبيداع البضائع ومصاريف بيعها يبقى الشاحن مدينا ابلباقي(املادة ‪796‬ق ب ج )‪:‬‬
‫‪-Philippe delebecque L'équivalence des législations à l'épreuve, du droit maritime,‬‬
‫‪algérien et du droit maritime français, études de droit, Mélanges en hommage à‬‬
‫‪Abdallah Benhamou, ouvrage publié avec le sou tien du recteur de l'université Abou-‬‬
‫‪bekr Belkaid de Tlemcen, kounouz édition, année 2012, p 324.‬‬
‫‪110‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫بيان عن قيمة البضاعة وجنسها ‪،‬أما الثانية فتكون عندما يتنازل الناقل عن ميزة احلد األقصى‬
‫للتعويض وأما الثالثة فتتجسد حالة ارتكاب الناقل سلوكا حيرمه من التعويض احملدود‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫تقدمي الشاحن بيان عن قيمة البضاعة و جنسها‬
‫وفقا للمادة ‪ 5/4‬بند ‪ 1‬من معاهدة بروكسل ال ينطبق احلد األقصى للتعويض إال يف‬
‫احلالة اليت مل يبني فيها الشاحن قيمة البضاعة وجنسها قبل الشحن ‪ .‬أما إذا قام هذا األخري‬
‫بتقدمي بيان جبنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن وأدرج هذا البيان يف سند الشحن ‪،‬فال جيوز‬
‫للناقل أن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض عند ثبوت مسؤوليته بشأن البضاعة اليت تكفل‬
‫لزم الناقل بتعويض الضرر كامال على أساس القيمة املصرح‬
‫بنقلها حبرا و يرتتب على ذلك أن يُ َ‬
‫هبا‪.1‬أما اتفاقية روتردام يف املادة‪1 /59‬فقدسارت على خطا اتفاقية بروكسل غري أاها اقتصرت‬
‫على احلالة اليت يذكر فيها الشاحن قيمة البضائع فقط يف تفاصيل العقد(مستند النقل أو سند‬
‫النقل اإللكرتوين) ‪،‬دون وجوب أي شرط خبصوص جنس البضاعة و ذلك حىت يقصى الناقل‬
‫من التمتع بتعويض حمدود عما يلحق البضائع من ضرر عند انعقاد مسؤوليته‪.‬‬
‫على خالف االتفاقيتني السابقتني مل أتت اتفاقية هامبورغ‪2‬بنص مماثل يوجب بيان قيمة‬
‫البضاعة وجنسها يف سند الشحن يف سبيل حرمان الناقل من دفع التعويض وفق حد أقصى‪.‬‬
‫وأمام هذا الصمت فإن مسؤولية الناقل هي حمدودة وفق هذه املعاهدة سوآءا بني قيمة البضاعة‬
‫و جنسها يف سند الشحن أم ال‪ ،‬مامل يرتكب الناقل فعال حيرمه من هذه القاعدة والذي يدخل‬
‫ضمن اخلطأ العمدي وعدم االكرتاث من جانبه يف إيصال البضاعة ساملة دون أتخري ‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 316‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 6‬من اتفاقية هامبورغ لسنة ‪. 1978‬‬

‫‪111‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫تنازل الناقل عن ميزة احل ّد األقصى للتعويض‬
‫تقضي الفقرة األوىل من اتفاقية بروكسل أبنه‪ ":‬للناقل أن يتنازل عن احلقوق واإلعفاءات‬
‫املخولة له كلها أو بعضها‪ ،‬كما جيوز له أن يزيد يف مسؤوليته والتزاماته على الوجوه املبينة يف‬
‫االتفاقية احلالية‪ ،‬بشرط أن يكون هذا التنازل أو هذه الزايدة يف املسؤولية واردا يف سند الشحن‬
‫املسلم للشاحن" ‪ .‬كما نصت الفقرتني‪4‬و‪ 5‬من املادة ‪ 4‬من نفس املعاهدة على أنه‪ ":‬جيوز‬
‫للناقل ‪،‬أو الرابن ‪،‬أو وكيل الناقل االتفاق مع الشاحن على تعيني حد أقصى خيتلف عن احلد‬
‫املنصوص عليه يف هذه الفقرة بشرط أن ال يكون احلد األقصى املتفق عليه أقل من املبلغ‬
‫السابق ذكره‪."1‬‬
‫ملا كانت معاهدة بروكسل قد نصت يف ذات املادة على أنه ال يلزم الناقل يف أي حال‬
‫من األحوال بسبب اهلالك أو التلف مببلغ يزيد عن مائة جنيه إسرتليين عن كل طرد ‪،‬أو وحدة‬
‫فإنه جيوز االتفاق بني طريف العقد على أن يسأل الناقل يف حالة اهلالك ‪،‬أو التلف مببلغ يزيد‬
‫عن احلد األقصى املنصوص عليه ‪،‬أي جيوز أن يتفق على الزام الناقل مببلغ ‪ 150‬جنيه‬
‫إسرتليين عن كل طرد أو وحدة مامل يكن الضرر احلقيقي أقل من التعويض املتفق عليه‪.2‬بل‬
‫أكثر من ذلك ليس هناك ما مينع الناقل البحري أن يتفق على رفع احلد األقصى الذي يقابل‬
‫تبعته كأن يتفق على تعويض الضرر كامال‪.3‬‬
‫أما فيما يتعلق ابلشرط الذي ورد يف النص األول بشأن التنازل ‪،‬أو الزايدة يف املسؤولية‬
‫والذي أوجب أن يكون االتفاق واردا يف سند الشحن ‪ ،‬فهو ال يعترب ذا قيمة كبرية للمطالب‬
‫ابلبضاعة عند الوصول إذا كان هو الشاحن نفسه فله من غري شك أن يتمسك ابالتفاق املربم‬

‫‪ -1‬مل ينص املشرع اجلزائري يف القانون البحري صراحة على جواز االتفاق بني الشاحن والناقل على أن يكون التعويض أكرب من احلد‬
‫األقصى للتعويض لكن مبفهوم املخالفة للفقرة ب من املادة ‪ 811‬يعترب هذا االتفاق جائزا‪.‬‬
‫‪ -2‬مسيحة القيلويب ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 456‬‬
‫‪ -3‬وهيب األسرب ‪،‬القانون البحري ‪ ،‬املؤسسة احلديثة للكتاب بلبنان ‪،‬سنة ‪ ،2008‬ص ‪. 235‬‬

‫‪112‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫بينه وبني الناقل ولو مل يدون يف سند الشحن‪ .‬وال يتغري احلكم إذا كان املطالب ابلبضاعة عند‬
‫الوصول هو الغري حامل سند الشحن ‪،‬إذ له مبقتضى حقه اخلاص أن يتمسك جبميع شروط‬
‫العقد املربم بني الناقل والشاحن‪.1‬‬
‫بشكل مماثل جتيز معاهدة هامبورغ للناقل أن يتنازل عن ميزة احلد األقصى للتعويض‬
‫املنصوص عليها يف املادة ‪ 1/6‬وهو ما ورد يف الفقرة ‪ 4‬من نفس املادة حيث جاء فيها‪ ":‬جيوز‬
‫ابالتفاق بني الناقل والشاحن تعيني حدود للمسؤولية تتجاوز احلدود املنصوص عليها يف الفقرة‬
‫‪." 1‬كما أضافت هذه االتفاقية نصا آخر مشابه لنص املادة ‪ 2/5‬من معاهدة بروكسل وهو‬
‫نص املادة ‪ 2/23‬حيث جاء فيها ‪ ":‬للناقل أن يزيد من مقدار مسؤوليته والتزاماته مبوجب‬
‫هذه االتفاقية"‪ .‬و هذا كله كاف لتغطية هذه احلالة ‪،‬إذ أن قبول الناقل إدراج البيان الذي‬
‫يقدمه الشاحن يف سند الشحن حيمل معىن االتفاق على جتاوز احلدود القانونية للتعويض حىت‬
‫تبلغ قيمة البضاعة املذكورة أو قيمتها احلقيقية إال إذا أثبت الناقل عدم صحة القيمة األوىل‪.2‬‬
‫مل تشأ قواعد روتردام إال أن تسري يف االجتاه الذي سارت عليه من سبقتها من اتفاقيات‪،‬‬
‫إذ قررت أنه ميكن للناقل أن يتفق على زايدة احلد األعلى للمسؤولية أو الغاء هذا احلد ليجعل‬
‫التعويض يغطي كافة األضرار الالحقة ابلبضاعة‪ .‬و هذا ما ورد يف املادة ‪ 1 / 59‬من‬
‫‪3‬‬
‫املعاهدة‪،‬كما أن هذا النص ال خيالف أحكام املادة ‪،79‬اليت جاءت للقضاء على االتفاقات‬
‫اليت تصب يف غري مصلحة الشاحن ‪.‬‬
‫فضال عن ذلك هناك حجة أخرى تستمد من البند ‪ 2‬من املادة ‪ 19‬من نفس‬
‫املعاهدة ‪،‬حيث اعتربت هذه األخرية أنه يف حالة ما إذا وافق الناقل على حتمل واجبات غري‬
‫تلك املفروضة عليه مبقتضى االتفاقية ‪،‬أو وافق على أن يتجاوز حدود مسؤوليته فال يكون‬
‫الطرف املنفذ البحري(الناقل الفعلي) ملزما هبذه املوافقة مامل يوافق صراحة على ذلك‪ .‬وهو ما‬

‫‪ -1‬عبد الرمحن سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.262‬‬


‫‪-2‬كمال محدي ‪،‬مسؤولية الناقل البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 203‬‬
‫‪ -3‬لقد مت التفصيل يف ذلك سابقا يف الشروط الباطلة يف ص‪ 61‬من هذه الرسالة‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يعين أن املعاهدة اعرتفت ضمنا بزايدة التزامات الناقل ومسؤولياته أبكثر مما فرضته عليه ‪،‬كما‬
‫ذهبت املعاهدة إىل نفس ما قررته اتفاقية هامبورغ إذ مل تشرتط يف االتفاق السابق أن يكون‬
‫واردا يف بند من بنود سجل النقل االلكرتوين أو مستند النقل‪ .‬وابلتايل جيوز االحتجاج مبثل‬
‫هذا االتفاق يف مواجهة الناقل سوآءا من قبل الطرف اآلخر يف عقد النقل أومن قبل الغري‪.1‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أنه يف مقابل تنازل الناقل عن حقه يف املساءلة وفق تعويض حمدود‬
‫أقصاه وحتمل الضرر حسب القيمة احلقيقية للبضاعة‪ ،‬فإنه يف الغالب ما يكون ذلك مبقابل‬
‫وهو إضافة رسم إضايف يتحمله الشاحن مع أجرة النقل‪.2‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫عدم ارتكاب الناقل سلوكا حيرمه من التمسك ابلتعويض احملدود‬
‫يقوم نظام احلد األقصى على فكرة التوازن بني املصاحل املتعارضة يف عقد النقل الدويل‬
‫وبناءا عليه جيب أن يطبق هذا النظام يف إطاره الصحيح وال خيرج عن التوازن الذي كان هدفا‬
‫سعت إليه االتفاقيات الدولية بتقريرها لنظام احلد األقصى للتعويض‪.‬وهلذا جيب على الناقل أال‬
‫يرتكب سلوكا ‪،‬أو أن ميتنع عن القيام أبي فعل خيرج به عن اطار حسن النية يف املعامالت‪.‬‬
‫يف هذا الشأن نص بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬يف الفقرة ه املضافة ابملادة ‪ 2‬حيث‬
‫ألغت هذه األخرية الفقرة ‪ 5‬من املادة ‪، 4‬إذ جاء يف نصها ما يلي‪ ":‬ال جيوز للناقل أو‬
‫السفينة االستفادة من حتديد املسؤولية املنصوص عليه يف هذه الفقرة إذا ثبت أن الضرر قد‬
‫نشأ عن فعل أو امتناع صدر من الناقل سوآءا بقصد احداث الضرر ‪،‬أو بعدم اكرتاث مع‬
‫علمه ابحتمال وقوع الضرر"‪.‬‬

‫‪ -1‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 400‬وما يليها‪.‬‬


‫‪-2‬كمال محدي ‪،‬مسؤولية الناقل البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪. 203‬‬
‫‪ -3‬سيتم التعرض للسلوكات اليت حترم الناقل واتبعيه من التمسك ابحلد األقصى للتعويض يف الباب الثاين من هذه الرسالة ابعتبارها تؤدي‬
‫إىل تطبيق نظام التعويض الكامل‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يالحظ من خالل هذا النص أن هذا الربوتوكول يستبعد تطبيق نظام احلد األقصى‬
‫للتعويض املقرر يف نفس املادة يف الفقرة "أ" إذا أثبت املضرور أن الضرر قد جنم عن فعل الناقل‬
‫أو امهاله الشخصي املرتكب بنية احداث الضرر‪ ،‬أو املرتكب عن قصد مع علمه أنه من‬
‫املتوقع أن ينتج عنه ضرر‪.1‬‬
‫أما موقف معاهدة هامبورغ فقد كان أكثر تشددا من سابقتها حيث وسعت من نطاق‬
‫احلرمان من التمسك ابحلد األقصى للتعويض إذ مل يقتصر على الناقل بل مشل حىت مستخدميه‬
‫ووكالئه ‪.‬و هو ما ورد يف نص املادة ‪ 8‬اليت جاءت كما يلي‪":‬‬
‫‪-1‬ال حيق للناقل االستفادة من حتديد املسؤولية املنصوص عليها يف املادة ‪، 6‬إذا أثبت أن‬
‫اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم قد نتج عن فعل أو تقصري من الناقل ارتكبه بقصد‬
‫التسبب يف هذا اهلالك أو التلف أو التأخري أو ارتكب عن استهتار وعلم ابحتمال أن ينتج‬
‫عنه هذا اهلالك أو التلف أو التأخري‪.‬‬
‫‪-2‬خالفا ألحكام الفقرة ‪ 2‬من املادة‪ 7‬ال حيق ملستخدم الناقل أو وكيله االستفادة من حتديد‬
‫املسؤولية املنصوص عليه يف املادة ‪ 6‬إذا ثبت أن اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم قد‬
‫نتج عن فعل أو تقصري من جانب املستخدم أو الوكيل ارتكب بقصد التسبب يف هذا اهلالك‬
‫أو التلف أو التأخري أو عن استهتار وعلم ابحتمال أن ينتج عنه هذا اهلالك أو التلف أو‬
‫التأخري‪.‬‬
‫خيلص القول من خالل هذا النص أن الناقل أو اتبعيه أو انئبه يفقدون حقهم يف حتديد‬
‫املسؤولية يف حالتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬إذا كان الفعل أو االمتناع قد صدر من الناقل ‪،‬أو من أحد اتبعيه ‪،‬أومن انئبه‬
‫بقصد احداث الضرر وهو ما يتطابق مع مفهوم الغش‪.‬‬

‫‪ -1‬وهيب األسرب ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 234‬‬

‫‪115‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫احلالة الثانية‪ :‬إذا كان الفعل أو االمتناع الصادر من الناقل أومن أحد اتبعيه أو انئبه كان انجتا‬
‫عن عدم االكرتاث مصحوب إبدراك أن الضرر ميكن أن حيدث‪ .‬وهذا ما يسمى ابخلطأ الغري‬
‫مغتفر‪.1‬‬
‫و ترتيبا على ما تقدم فإن الناقل ال يفقد حقه يف حدود املسؤولية إذا صدر منه أو من‬
‫انئبه أو أحد اتبعيه خطأ جسيم غري مقرتن إبدراك أن ضررا ميكن أن حيدث‪.2‬‬
‫ابلرجوع إىل معاهدة روتردام فيالحظ أن هذه االتفاقية مل ختتلف يف شيء مع اتفاقيات‬
‫الدولية األخرى ‪،‬حيث قررت سقوط حق الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض إذا أثبت‬
‫املدعي أن اخلسارة انمجة عن هالك البضائع‪ ،‬أو تلفها ‪،‬أو التأخري يف تسليمها إىل صاحبها‬
‫يرجع إىل فعل أو اغفال ارتكبه الناقل شخصيا ‪،‬إما بقصد إحداث تلك اخلسارة وإما عن‬
‫إمهال مع علم ابحتمال حدوث تلك اخلسارة‪.‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن العبارة الواردة ابلفقرة ‪ 2‬من املادة ‪ 61‬واملتمثلة يف ‪":‬ال حيق للناقل‬
‫وال ألي من األشخاص املذكورين يف املادة‪ 18‬من أن ينتفع ابحلد من املسؤولية‪"...‬جعلت‬
‫البعض يفسر هذه الفقرة أبن حرمان الناقل من احلد األقصى للتعويض ال يتأتى بسبب فعل أو‬
‫امتناع يصدر منه شخصيا فقط ‪.‬كما ذهبت إليه معاهدة هامبورغ وإمنا حيرم الناقل من ذلك‬
‫احلد حىت يف احلالة اليت يصدر فيها الفعل أو االمتناع عن أحد اتبعيه املذكورين يف املادة ‪. 18‬‬
‫و يعد هذا احلكم من األمور اليت انفردت هبا قواعد روتردام ‪،‬على أساس أن الفعل العمدي‬
‫واخلطأ الغري مغتفر ال يقع عادة من الناقل بذاته وإمنا من اتبعيه ‪،‬مما جعل استبعاد هؤالء من‬
‫نص املادة ‪ 8‬من اتفاقية هامبورغ فارغ احملتوى وهذا ما حاولت قواعد روتردام تفاديه مبوجب‬
‫املادة ‪.361‬‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪، 1998‬ص‪ 287‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.298‬‬
‫‪ -3‬فاروق ملش ‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة بشأن عقود نقل البضائع الدويل ابلبحر كليا أو جزئيا ‪،‬احلسنات واالجيابيات ‪:‬‬
‫‪http:www.arabfes.org/db-bin/doc-doc-pdf-449-pdf:‬‬
‫املقال املذكور مل يعد متاحا على اإلنرتنت ‪:‬مشار إليه لدى قماز إلدايز ليلى‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.403‬‬

‫‪116‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أما يف القانون البحري اجلزائري فاملشرع هو اآلخر مل جيد أفضل مما جاء به بروتوكول‬
‫‪ 1968‬املعدل ملعاهدة بروكسل إذ اقتصر يف حصره حلاالت سقوط احلق الناقل يف االستفادة‬
‫من حد األعلى للمسؤولية على الفعل العمدي واالمهال الصادر منه وليس من اتبعيه‪ ،1‬فنص‬
‫يف املادة ‪ 809‬ق ب ج على أنه‪ ":‬ال حيق االستفادة من حدود املسؤولية املذكورة يف املادة‬
‫‪ 805‬أعاله ‪،‬إذا تبني أبن اخلسارة أو الضرر الذي حلق ابلبضائع نتج عن عمل ‪،‬أو إمهال من‬
‫قبل الناقل سوآءا كان عن تعمد إلحداث الضرر ‪،‬أو ابجملازفة مع التيقن من حدوث الضرر‬
‫على األرجح"‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬‬
‫نطاق تطبيق احل ّد األقصى للتعويض من حيث األشخاص‬
‫بعد مت التعرض يف املطلب السابق للنطاق الذي يسري فيه نظام احلد األقصى للتعويض‬
‫من حيث املوضوع وتكملة هلذا النطاق يتبني من نصوص االتفاقيات الدولية والقانون البحري‬
‫اجلزائري‪ ،‬املتعلقة ابألشخاص الذين هلم احلق يف االستفادة من التعويض احملدود‪ .‬و ابتداءا‬
‫مبعاهدة بروكسل يتبني من خالل قواعدها أاها خصت الناقل فقط دون غريه يف االستفادة من‬
‫احلد األقصى للتعويض‪ ،‬عند انعقاد مسؤوليته بشأن البضائع اليت تعهد بنقلها حبرا وهو ما جاء‬
‫يف نص املادة ‪.5/4‬‬
‫و ابلتايل فإن األشخاص اآلخرين املتدخلني يف عملية النقل أو اتبعي الناقل يسألون‬
‫وفق التعويض الكامل واملطابق لقيمة البضاعة عند حصول هالك للبضاعة أو تلف أو أتخري‬
‫يف تسليمها إىل املرسل إليه‪.‬‬
‫لكن هذه االتفاقية قد تراجعت عن موقفها وهوما يتضح من املادة ‪ 4‬مكرر ‪ 22‬من‬

‫‪ -1‬قرارية قويدر‪ ،‬النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري للبضائع بني التشديد وضرورة التشجيع على االستثمار‪ ،‬جملة القانون والعلوم‬
‫السياسية ‪،‬العدد اخلامس‪ ،‬مشورات معهد احلقوق والعلوم السياسية ‪،‬املركز اجلامعي صاحلي أمحد ابلنعامة ‪،‬جانفي ‪،2017‬ص‪.467‬‬
‫‪ -2‬ابلرغم من عدم مصادقة اجلزائر على برتوكول ‪ 1968‬إال أن املشرع اجلزائري أخذ ببعض أحكامه‪ ،‬حيث تضمنت ذلك املادة ‪ 814‬ق‬
‫ب ج أنه إذا أقيمت الدعوى على أساس املسؤولية التقصريية على أحد مندويب الناقل جاز هلذا املندوب التمسك ابلتحديدات واالعفاءات‬
‫من املسؤولية اليت ميكن للناقل أن يتمسك هبا وفقا للفصل األول من الباب الثالث من القانون البحري‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫برتوكول تعديلها لسنة ‪، 1968‬حيث وسعت هذه األخرية من نطاق االستفادة ليشمل اتبعي‬
‫الناقل عندما ترفع الدعوى عليهم‪.‬كذلك قضت املادة ‪ 2/7‬من معاهدة هامبورغ على أن‬
‫تسري حدود املسؤولية على مستخدم الناقل ‪،‬أو وكيله عند اثباته أن ما قام به من تصرف‬
‫والذي كان سببا يف حدوث الضرر يدخل يف إطار وظيفته ‪.‬‬
‫أما قواعد روتردام فقد كانت أكثر دقة من نظرياهتا إذ بينت األشخاص املستفيدين من‬
‫حدود املسؤولية حصراي وهم‪ :‬الناقل(املتعاقد) أو الطرف املنفذ البحري(الناقل الفعلي) ‪ ،‬رابن‬
‫السفينة ‪ ،‬أو طاقمها ‪ ،‬مستخدمي الناقل أو الطرف املنفذ البحري ‪،‬أو أي شخص يؤدي‬
‫خدمات على منت السفينة‪ .‬و هلذا كان من الضروري تسليط الضوء على هؤالء األشخاص‬
‫وقد استلزم تقسيم هذا املطلب إىل ثالث فروع‪ :‬الناقل(الفرع األول)‪ ،‬وكيل الناقل(فرع‬
‫اثين)‪،‬اتبعي الناقل(فرع اثلث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫الناقل ‪transporteur‬‬
‫عند ابرام عقد النقل البحري قد يتوىل الناقل الذي أبرم هذا العقد تنفيذه بنفسه ‪،‬أو أن‬
‫يوكل هذه املهمة إىل انقل آخر و الذي يسمى ابلناقل الفعلي ‪،‬أو الناقل من الباطن و ذلك‬
‫بسبب عدم قدرة الناقل املتعاقد على القيام ابلرحلة البحرية نظرا لعطب يف السفينة ‪،‬أو يف‬
‫حالة ما تعذر عليه ذلك لسبب آخر ‪.‬‬
‫غري أنه يف الواقع العملي قد تلحق صفة الناقل مبساعد من مساعديه فيستفيد من ميزات‬
‫هذه الصفة ويطلق عليه يف هذه الصورة ابلناقل الظاهر‪ ،‬كما أن تطور النقل طول املسافات‬
‫جعلت من الناقلني يشعرون بعجزهم عن توصيل البضائع لألماكن البعيدة مما اضطر أصحاب‬
‫البضائع إىل اللجوء إىل سلسلة من الناقلني لتوصيل بضائعهم ‪ .‬وهو ما جنم عنه مشاكل مجة‬
‫للشاحنني والناقلني أنفسهم ‪،‬فمن جهة كان أمرا صعبا على أصحاب البضائع إجياد عدد كاف‬
‫من الناقلني يف وقت مناسب ومن جهة أخرى ليس من السهل حتديد املسؤول عن الضرر يف‬

‫‪118‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫حالة التلف أو هالك البضاعة ‪ .‬هذا فضال عن أاهم كانوا مضطرين إىل حترير وثيقة نقل‬
‫جديدة يف بداية كل مرحلة من هذه املراحل ‪ ،‬فأدى ذلك إىل ارهاق أصحاب البضائع الذين‬
‫كانوا مضطرين للتواجد يف كل ميناء ليتمكنوا من مراجعة الواثئق ومعرفة الظروف اليت يتم فيها‬
‫نقل البضائع‪ .1‬لذلك كان ال مفر من اللجوء إىل الوكيل ابلعمولة للنقل ‪،‬الذي كان خيلصهم‬
‫من عناء تلك املشاق‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫الناقل املتعاقد‬
‫عرفت اتفاقية بروكسل الناقل املتعاقد يف املادة األوىل منها‪ ،‬حيث جاء فيها أن ‪":‬الناقل‬
‫يشمل مالك السفينة ‪،‬أو مستأجرها املرتبط مع الشاحن بعقد نقل "‪ .‬أما معاهدة هامبورغ‬
‫فقد نصت املادة األوىل على أنه ‪ ":‬يراد مبصطلح الناقل كل شخص أبرم عقدا مع الشاحن‬
‫لنقل البضائع بطريق البحر "‪.‬كما عرفته قواعد روتردام يف الفقرة ‪ 5‬من املادة األوىل على النحو‬
‫التايل ‪ ":‬الناقل يعين الشخص الذي يربم عقد النقل مع الشاحن"‪.‬‬
‫أما يف أوساط الفقه ذهب بعضهم إىل تعريفه على أنه ذلك الطرف الذي يلتزم بنقل‬
‫البضاعة املسلمة له من الشاحن لفائدة املرسل إليه والتعرف على الناقل أمر سهل‪ .‬و ميكن‬
‫ذلك ابلعودة إىل وثيقة الشحن حيث يكون امسه مدوان فيها ‪،‬فإذا صدرت هذه الوثيقة خالية‬
‫من ذكر اسم الناقل أعترب جمهز السفينة هو الناقل املتعاقد‪.2‬‬
‫أما القانون البحري اجلزائري فلم أيت أبي تعريف للناقل وإمنا حدد كيفية التعرف عليه‬
‫من خالل حاالت استئجار السفينة ملدة معينة وليس للمرسل إليه أو صاحب احلق يف‬
‫البضاعة سوى الرجوع إىل بياانت وثيقة الشحن للتعرف على الناقل‪ .‬وذلك من خالل‬
‫احلاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬سوزان على حسن‪ ،‬اإلطار القانوين للوكالة ابلعمولة للنقل ‪،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪ ، 2003‬ص‪. 11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Patrick Simon, qui est le transporteur maritime ?, DMF Janvier 1995, p26.‬‬

‫‪119‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أ‪-‬يف حالة استئجار السفينة ملدة معينة فاملستأجر هو من له صفة الناقل‪1‬وليس املالك وذلك‬
‫طبقا للمادة ‪ 701‬ق ب ج‪.‬‬
‫ب‪-‬يف حالة استئجار السفينة على أساس الرحلة مهما كانت املدة‪ ،‬يبقى املؤجر حمتفظا‬
‫ابلتسيري التجاري للسفينة وابلتايل تكون له صفة الناقل البحري‪ ،‬حسب ما ورد يف نص املادة‬
‫‪ 651‬ق ب ج‪.‬‬
‫ج‪ -‬يف حالة استئجار السفينة هبيكلها يتمتع املستأجر ابلتسيري التجاري وبذلك يتصف بصفة‬
‫الناقل‪ ،‬فيحق لصاحب البضاعة يف حالة هالكها أو تلفها أو وصوهلا متأخرة أن يرجع عليه‬
‫بدعوى التعويض ‪،‬حسب ما قضت به املادة ‪ 730‬ق ب ج ‪،‬اليت نصت على أنه‪ ":‬املستأجر‬
‫يتمتع ابلتسيري املالحي والتجاري للسفينة‪ .‬وهلذا الغرض يكون هو املسؤول الوحيد عن مجيع‬
‫االلتزامات اليت عقدها الرابن خلدمة السفينة وهو يضمن املؤجر ابلنسبة جلميع طلبات الغري"‪.‬‬
‫هناك حالة أخرى ميكن التعرف فيها على الناقل بدون العودة إىل وثيقة الشحن و هي‬
‫عندما يكون مالك السفينة هو الناقل فإن التعرف عليه يكون ابلرجوع إىل دفرت تسجيل‬
‫السفينة‪ ،‬حيث يتم تدوين اسم مالكها فيه وفقا للمادة ‪ 35‬ق ب ج‪.‬كما أن املادة ‪ 43‬ق‬
‫ب ج تسمح ألشخاص املعنيني هبذا الشأن أن يطلبوا من أمني السجل شهادات قيد أو‬
‫خالصات عن السفينة‪.‬‬

‫‪ -1‬قبل تعديل القانون البحري يف سنة ‪ 1998‬ابلقانون ‪ 05-98‬مل يكن ابستطاعة األفراد ممارسة نشاط النقل البحري ألنه قائم على‬
‫احتكار فعلي من الدولة بنص املادة ‪ 571‬ق ب ج ‪":‬ينشأ احتكار الدولة على نشاطات النقل البحري‪"....‬و بعد التعديل أصبحت‬
‫صياغة هذه املادة كما يلي‪ ":‬النقل البحري ملكية عامة وميكن أن يكون موضوع امتياز "‪.‬وتضيف املادة ‪/571‬فقرة ‪1‬و‪ 2‬أن خدمات‬
‫النقل البحري يستغلها أشخاص طبيعيون من جنسية جزائرية أو مؤسسات عمومية جزائرية أو أشخاص اعتباريون خاضعون للقانون‬
‫اجلزائري وهلم صفة جمهزي السفن و جيب أن يكون املركز الرئيسي لنشاطهم يف القطر اجلزائري ‪،‬كما مينح اإلمتياز على أساس دفرت الشروط‬
‫وفقا للشروط والكيفيات احملددة عن طريق املرسوم التنفيذي رقم ‪ 08-57‬مؤرخ يف ‪ 2008/2/13‬الذي حيدد شروط منح امتياز‬
‫استغالل خدمات النقل البحري وكيفياته وعليه فإن التعديل قد حرر جمال االستثمار يف النقل البحري وأصبح إبمكان األفراد ممارسة هذا‬
‫النشاط إضافة للشركات األجنبية وهو ما ساهم يف دفع عجلة االقتصاد إىل األمام‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يستفاد من كل ما تقدم ذكره أن النصوص القانونية السابقة الواردة يف االتفاقيات‬
‫الدولية والقانون البحري اجلزائري مل تشرتط الكتساب صفة الناقل أن يكون مالكا للسفينة‬
‫وإمنا ميكن أن تكون هذه الصفة ملستأجر السفينة‪ ،‬أو جمهزها‪ ،‬أو من كان حائزا هلا مادام أنه‬
‫قد قام إببرام عقد نقل مع الشاحن إليصال البضائع إىل املرسل إليه و الذي قد يكون نفسه‬
‫الشاحن‪ ،‬أو غريه الذي له احلق على البضائع‪ .‬و ابلتايل يستطيع لكل من يكتسب صفة‬
‫الناقل املتعاقد أن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض‪ ،‬عندما ترفع الدعوى ضده و الناشئة عن‬
‫هالك البضاعة‪ ،‬أو تلفها ‪،‬أو أتخريها يف التسليم‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫الفعلي‪Transporteur substitue‬‬ ‫الناقل‬
‫يقصد ابلناقل الفعلي الناقل الثاين الذي يتفق مع الناقل املتعاقد من أجل تنفيذ عملية‬
‫النقل كلها أو جزءا منها‪.1‬وابلرجوع إىل االتفاقيات الدولية ال سيما عند تتبع نصوص معاهدة‬
‫بروكسل يالحظ أاها أمهلت تعريف الناقل الفعلي وكذلك هو احلال ابلنسبة للقانون البحري‬
‫اجلزائري ‪،‬إال أن هذا األخري قد اكتفى بذكر ما على الناقل فعله يف حالة توقف الرحلة لسبب‬
‫من األسباب ‪،‬حيث جيب عليه القيام مبسافنة البضائع ‪ .‬أي توفري سفينة أخرى لنقلها إىل‬
‫امليناء املتفق عليه وذلك يكون إما عن طريق سفينة أخرى مملوكة له أو إببرام عقد نقل مع انقل‬
‫آخر ملواصلة الرحلة البحرية إن مل يكن لديه وسيلة نقل أخرى‪ .‬وذلك كله حتت طائلة التعويض‬
‫عما يصيب البضاعة من ضرر جراء ذلك التوقف‪.2‬‬
‫أما معاهدة هامبورغ فقد كانت أكثر حرصا على تعريف الناقل الفعلي ‪،‬أو ما يطلق‬
‫عليه ابلناقل البديل‪، 3‬أو الناقل من الباطن إذ نصت يف املادة ‪ 2/1‬على أن‪ ":‬الناقل الفعلي‬

‫‪ -1‬سعيد حيى‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪65‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 776‬ق ب ج ‪.‬‬
‫‪-3‬كمال محدي ‪،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 78‬‬

‫‪121‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫هو كل شخص عهد إليه الناقل بتنفيذ نقل البضائع ‪،‬أو بتنفيذ جزء من هذا النقل‪ .‬ويشمل‬
‫كذلك أي شخص آخر عهد إليه هبذا التنفيذ"‪.‬‬
‫لقد ذهبت معاهدة روتردام إىل استحداث مفهوم جديد وهو الطرف املنفذ البحري‬
‫‪،‬الذي خصته بتعريف يف املادة ‪ 7/1‬فهو الشخص الذي يتعهد بتأدية إحدى واجبات امللقاة‬
‫على عاتق الناقل املتعاقد منذ وصول البضائع إىل غاية مغادرهتا من ميناء التفريغ‪ .‬و من بني‬
‫تلك الواجبات نقل البضاعة إىل ميناء الوصول املتفق عليه وبذلك يعد انقال فعليا مبفهوم هذه‬
‫االتفاقية وابلتايل يكون للشاحن أو املرسل إليه الرجوع على الناقل املتعاقد للمطالبة ابلتعويض‬
‫عن األضرار اليت حتدث أثناء تنفيذ عقد النقل‪ ،‬سوآءا عهد إليه بتنفيذ عملية النقل برمتها أو‬
‫جبزء منها فقط‪ .‬و للشاحن أيضا الرجوع على الناقل الفعلي مطالبا ابلتعويض عن األضرار اليت‬
‫وقعت أثناء اجلزء الذي قام بتنفيذه من عملية النقل ‪،‬على أن يكون على طالب التعويض يف‬
‫هذه احلالة اثبات أن الضرر قد وقع أثناء وجود البضائع يف عهدته‪ .‬ابإلضافة إىل اثبات الضرر‬
‫ومقداره ‪،‬كما ميكن للمطالب ابلتعويض أن يوجه دعواه إىل الناقل املتعاقد و الناقل الفعلي معا‬
‫ابلتضامن‪. 1‬‬
‫ابلرغم من عدم وجود عالقة تعاقدية بني الشاحن والناقل الفعلي‪ ،‬الذي قام بتنفيذ‬
‫النقل كليا أو جزءا منه إال أن رجوعه ال يؤسس على قواعد املسؤولية التقصريية وإمنا على ذات‬
‫األسس اليت يتم وفقها الرجوع على الناقل املتعاقد‪ ،‬أي أن مسؤولية الناقل الفعلي ختضع لذات‬
‫أحكام مسؤولية الناقل املتعاقد أو الناقل البحري بوجه عام‪ ،‬طبقا لنص املادة ‪ 10‬من معاهدة‬
‫هامبورغ ‪ .2‬إذن ميكن للناقل الفعلي يف حال ما رفعت عليه الدعوى أن يتمسك ابحلد‬
‫األقصى للتعويض وفقا للنصوص القانونية الواردة يف االتفاقيات الدولية أو يف القانون الداخلي‬
‫الواجب التطبيق ‪.‬‬

‫‪ -1‬كمال محدي ‪،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫الناقل الظاهر‬
‫لقد كشف الواقع العملي يف النقل البحري أنه يف بعض احلاالت قد تكون البياانت‬
‫الواردة يف وثيقة الشحن غري صحيحة وخاصة تلك املتعلقة ابلصفة احلقيقية للناقل ‪ ،‬فمثال‬
‫عندما يتضمن سند الشحن اسم الناقل مضافا إليه الرمز "‪ "Logo‬قد ال يكون هذا األخري‬
‫انقال وامنا قد يكون مساعدا للناقل أو وكيل عبور ‪،‬أو وكيل محولة‪ ،‬أو وكيل السفينة حيث يريد‬
‫أحد هؤالء أن يظهر وكأنه انقل مستقل ألسباب جتارية ‪ .‬لكنه يف احلقيقة ليس كذلك ألنه ال‬
‫يستغل السفينة وامنا عمله يقتصر على مجع البضائع اليت سيتكلف الناقل احلقيقي بنقلها‪. 1‬‬
‫ابلرجوع إىل أحكام القضاء الفرنسي يتضح منها أاها قد أحلقت وصف الناقل املتعاقد‬
‫على كل من ليست له هذه الصفة‪ ،‬بسبب سعيه يف تقمص دور الناقل ‪،‬مما يُظهر للشاحنني‬
‫على أنه هو املهين احملرتف يف عملية النقل فيتعاملون معه بناءا على الوضع الظاهر‪ .‬وعلى‬
‫‪2‬‬
‫هذا فإن احلاق صفة الناقل ابملتظاهر يرتتب عليه اعتباره مسؤوال وفق ألحكام مسؤولية الناقل‬
‫العقدية و من مثة حيق ملن تعامل معه أن يرفع الدعوى ضده‪.3‬‬
‫تعترب هوية الناقل ابلغة األمهية ابعتباره الطرف األساسي يف عقد النقل فقد نصت املادة‬
‫‪ 1/15‬من معاهدة هامبورغ واملادة ‪ 2/37‬من قواعد روتردام على أن يكون اسم الناقل من‬
‫بني البياانت الواجب توافرها يف سند الشحن ‪.‬‬
‫ابإلضافة إىل ذلك فإن املادة األخرية قد افرتضت يف احلالة اليت خيلو فيها سند الشحن‬
‫من ذكر اسم الناقل أن مالك السفينة اليت محلت عليها البضائع والذي ورد امسه يف وثيقة‬
‫‪1‬‬
‫‪- Commissionnaire de transport, article collectif des étudiants en magister de droit‬‬
‫‪maritime activités et portuaire, de faculté de droit, universitié d'Oran, revue le phare‬‬
‫‪NO84 avril 2006.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- paris26/1/1982 DMF 1982, Versailles 3 nov 2005, B.T2005, p767:‬‬
‫مشار إليه لدى بسعيد مراد‪ ،‬عقد النقل البحري للبضائع وفقا للقانون البحري اجلزائري و االتفاقيات الدولية‪ ،‬رسالة دكتوراه يف القانون‬
‫اخلاص‪ ،‬السنة اجلامعية ‪ ،2012/2011‬ص ‪.44‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪er‬‬
‫‪-Aix Provence ,1 février 1974, DMF1975, p272:‬‬
‫مشار إليه يف املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫النقل هو الناقل ‪،‬إال إذا أثبت الناقل وقتها أنه قد أجرها عارية‪ .‬غري أنه إذا حددت هوية‬
‫مستأجر السفينة فإن هذا األخري حيكم أبنه هو الناقل ‪،‬كما ميكن للمالك املسجل يف وثيقة‬
‫النقل أن يدفع افرتاض صفة الناقل عنه بتحديد هوية الناقل وبيان عنوانه ‪،‬كذلك نفس الشيء‬
‫ملستأجر السفينة عارية ‪.‬‬
‫كما أضافت نفس املادة يف فقرهتا الثالثة أنه ليس يف هذه املادة ما مينع من اثبات هذه‬
‫صفة الناقل ألي شخص غري حمدد يف تفاصيل العقد ‪ .‬فقد ال يكون دائما الناقل البحري هو‬
‫اجملهز كما يف حالة أتجري السفينة ابملدة ففي هذه احلالة يعترب اجملهز انقال مامل يثبت خالف‬
‫ذلك و هذا أتسيسا على األوضاع الظاهرة‪.1‬‬
‫ذلك ما أخذ به املشرع اجلزائري يف القانون البحري‪ ،‬حينما افرتض صفة الناقل يف‬
‫جانب جمهز السفينة اليت حتمل البضائع على متنها يف احلالة اليت ال يذكر اسم الناقل يف وثيقة‬
‫الشحن‪ ،‬أو يذكر بشكل غري دقيق ‪،‬أو غري صحيح طبقا للمادة ‪ 754‬ق ب ج ‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة‪:‬‬
‫‪commissionaire de transport‬‬ ‫الوكيل ابلعمولة للنقل‬
‫نظرا للدور اهلام الذي يقوم به الوكيل ابلعمولة للنقل يف إزالة عناء عن الشاحنني يف ابرام‬
‫العقود مع الناقلني املتعددين خاصة إذا كانت مسافة النقل طويلة وشاقة‪ ،‬ألجل ذلك يعهد‬
‫اليه أصحاب البضاعة مهمة إيصال البضائع من بداية النقل إىل اهايته‪ .‬وقد بني املشرع‬
‫اجلزائري يف القانون التجاري الدور الذي يؤديه هذا األخري من خالل تعريف الوكالة ابلعمولة‬
‫للنقل يف املادة ‪ 37‬منه‪ ":‬يعترب عقد العمولة للنقل اتفاق يلتزم مبقتضاه اتجر أبن يباشر ابمسه‬
‫اخلاص أو ابسم موكله أو شخص من الغري بنقل أشخاص أو أشياء وأن يقوم عند االقتضاء‬
‫ابألعمال الفرعية املرتبطة ابلنقل"‪.‬‬

‫‪ -1‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 48‬‬

‫‪124‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يبدوا من مضمون هذا النص أن املشرع اجلزائري إما أنه قد أخلط بني الوكالة ابلعمولة‬
‫اليت جيريها الوكيل ابمسه وحلساب املوكل وبني الوكالة التجارية اليت ُجترى ابسم املوكل ‪،‬أو أنه‬
‫أراد التأكيد على أن الوكالة ابلعمولة للنقل تقوم على فكرة التخفيف والضمان وليس على‬
‫فكرة السرية واالستتار‪ ،‬اليت تقوم عليها الوكالة ابلعمولة العادية‪ .1‬لذلك مل يشرتط املشرع‬
‫اجلزائري يف هذه املادة أن يتعاقد الوكيل ابلعمولة ابمسه الشخصي‪ .‬ومن مث ال يغري من صفته‬
‫أن حيرر الوكيل ابلعمولة للنقل سند النقل ابسم موكله الشاحن‪.2‬‬
‫نذكر من بني أهم التعريفات اليت أملت ابلعناصر األساسية لعقد الوكالة للعمولة للنقل‬
‫التعريف الذي جاءت به حمكمة النقض الفرنسية بقوهلا‪ ":‬الوكالة ابلعمولة للنقل هي اتفاق‬
‫يتعهد مبقتضاه الوكيل ابلعمولة للنقل جتاه موكله إبجناز األعمال القانونية‪ ،‬اليت يستلزمها نقل‬
‫البضائع من جهة إىل أخرى ابمسه وحتت مسؤوليته حلساب العميل‪ .‬وتتميز هذه الوكالة ابلقدر‬
‫الكبري من احلرية اليت يتمتع هبا الوكيل ابلعمولة يف تنظيم عملية النقل ابلطرق والوسائل اليت‬
‫خيتارها‪ ،‬كما أاها تتميز بشموهلا للنقل من أوله إىل آخره‪.3‬‬
‫من خالل هذا التعريف يستخلص أن معيار التفرقة بني الوكيل ابلعمولة للنقل والوكيل‬
‫العادي هو التعاقد الشخصي فالوكيل ابلعمولة يتعاقد ابمسه الشخصي وحلساب موكله‪.4‬‬

‫‪-1‬يف الفرق بني الوكيل ابلعمولة والوكالة ابلعمولة للنقل‪ :‬يعقوب يوسف صرخوه ‪ ،‬العقود التجارية ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬الكويت‪ ،‬سنة ‪،1986‬‬
‫ص ‪. 345‬‬
‫‪ -2‬قماز ليلى إلدايز‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 108‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Cass,16fevrier ,1988,B.T1988,p1988,p491:‬‬
‫مشار إليه لدى سوزان على حسن ‪ ،‬اإلطار القانوين للوكالة ابلعمولة للنقل ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- René Rodiére , Emmanuel du Pontavice ,Droit maritime,12éme édition ,Dalloz‬‬
‫‪delta,paris1997, p261.‬‬
‫‪125‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫و هلذا املعيار قدر من الكفاءة اليت تسمح بتفادي أي خلط بني الوكيل ابلعمولة وابقي‬
‫وسطاء النقل كالوكيل العبور ووكيل السفينة‪ .‬و نتيجة لذلك ال يعترب وكيال ابلعمولة للنقل‬
‫الشركة اليت تتعاقد ابسم الغري وال يظهر امسها يف وثيقة النقل‪.1‬‬
‫يف سنة ‪ 1994‬أصدر وزير النقل املرسوم التنفيذي رقم ‪ 94-231‬املؤرخ يف ‪ 72‬جوان‬
‫‪ 1994‬احملدد لشروط ممارسة مهنيت وسيط الشحن ووكيل نقل البضائع وكيفياهتا‪.2‬وعرف‬
‫الوكيل ابلعمولة للنقل مستعمال تسمية وكيل نقل البضائع يف املادة‪ 14‬على أنه‪ ":‬كل شخص‬
‫طبيعي أو معنوي يلتزم بنقل بضائع حتت مسؤوليته وابمسه اخلاص حلساب زبون ما مع مراعاة‬
‫الشروط اليت حددها القانون التجاري" إال أن هذا املرسوم ألغي مبوجب املرسوم التنفيذي رقم‬
‫‪ 05-473‬املؤرخ يف ‪ 13‬ديسمرب ‪ 2005‬احملدد لشروط نشاطات مساعدي الناقل عرب‬
‫الطرقات وكيفيات ممارستها‪.3‬‬
‫فإذا كان الوكيل ابلعمولة للنقل يربم عقد النقل ابمسه الشخصي وحلساب موكله فإنه‬
‫على هذا يكتسب صفة الناقل والسند القانوين الذي يؤكد ذلك يرجع إىل املادة ‪ 1/1‬من‬
‫قواعد هامبورغ اليت تقرر دون سواها من االتفاقيات الدولية‪ ،‬اليت حتكم عقد النقل البحري‬
‫للبضائع حيث جاء فيها ‪":‬أن الناقل هو من أبرم عقد نقل مع الشاحن أو أُبرم العقد ابمسه "‬
‫وترتيبا على ذلك يكون من حق املضرور الرجوع على الوكيل ابلعمولة للنقل على أساس أنه‬
‫انقل حبري وليس على بصفته وكيال ابلعمولة للنقل‪ .‬وابلتايل يكون للوكيل ابلعمولة للنقل احلق‬
‫ابلتمسك ابحلد األقصى للتعويض الوارد يف املادة ‪ 1/6‬من نفس املعاهدة على أساس أنه قد‬
‫اكتسب صفة الناقل‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Lyoun18mai 1978,DMF1978,DMF1980,p73;paris28oct,1981,DMF1982,p304 note‬‬
‫‪J Bouchet:‬‬
‫مشار إليه لدى سوزان على حسن ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 40‬‬
‫‪-2‬ج ر عدد ‪ 50‬ل‪30‬أوت ‪. 1994‬‬
‫‪-3‬ج ر عدد ‪ 81‬ل‪ 14‬ديسمرب ‪. 2005‬‬
‫‪ -4‬حمسن شفيق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬

‫‪126‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫من مجع ما تقدم ميكن القول أن األشخاص الذين يلحقهم وصف الناقل هم كل من‪:‬‬
‫أ‪-‬يربم عقدا مع الشاحن‪.‬‬
‫ب‪-‬أُبرَم عقد النقل ابمسه مع الشاحن‪.‬‬
‫ج‪-‬من يتوىل تنفيذ عقد النقل البحري كليا أو جزءا منه(الناقل الفعلي)‪.‬‬
‫د‪-‬من تظاهر أبنه انقل(الناقل الظاهر)‪.‬‬
‫ه‪ -‬الوكيل ابلعمولة للنقل ‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫وكالء الناقل‬
‫أقرت املادة ‪ 4‬مكرر املضافة بربوتوكول ‪ 1968‬واملادة ‪ 2/7‬من اتفاقية هامبورغ‬
‫وكذلك املادة ‪ 4‬من قواعد روتردام حبق وكيل الناقل يف االستفادة من احلد األقصى للتعويض‬
‫إذا ما رفعت على الوكيل دعوة للمطالبة ابلتعويض عما حلق البضاعة من هالك أو تلف أو‬
‫أتخري يف التسليم عندما تكون يف حيازته ‪،‬غري أن النصوص القانونية السابقة مل تبني من يكون‬
‫وكيل الناقل وقد تضاربت آراء الفقهاء حول مدى اعتبار كل وكيل السفينة والرابن من وكالء‬
‫الناقل البحري ‪ .‬و هلذا كان البد من البحث يف الطبيعة القانونية للعقد الذي يربط وكيل‬
‫السفينة ابلناقل ونفس الشيء ابلنسبة للرابن‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫‪consignataire du navire‬‬ ‫وكيل السفينة‬
‫مل يكن يف مقدور شركات املالحة إنشاء فروع هلا يف كافة املوانئ اليت متر عليها سفنها‬
‫فكان اللجوء إىل وكيل السفينة أمرا ال مفر منه للقيام ببعض االلتزامات لصاحل اجملهز ‪،‬فبمجرد‬
‫وصول السفينة إىل امليناء يقوم وكيل السفينة بسداد مبالغ عمليات اإلرشاد ‪،‬القطر ‪،‬الرسو‬
‫‪.‬وتنظيم مجيع عمليات التفتيش‪ ،‬اليت تتم من اجلهات اخلارجية حبيث تكون حتت اشرافه‬

‫‪127‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ومراقبته‪ ،1‬كما يقوم بتسليم البضائع وحراستها واحملافظة عليها‪ 2‬وحتصيل أجرة الشحن وأجرة‬
‫النقل من املرسل إليه‪ ،‬إذا كانت مستحقة األداء من طرف هذا األخري يف ميناء الوصول‪.3‬‬
‫فضال عن ذلك ميثل وكيل السفينة‪ 4‬الناقل يف الدعاوى اليت ترفع منه أو عليه ويتم هذا‬
‫التمثيل يف نظري أجر حيصل عليه من قبل الناقل وهوما ورديف املادة ‪ 613‬ق ب ج والذي‬
‫يهمنا من البحث يف موضوع وكيل السفينة هو بيان الطبيعة القانونية للعقد الذي جيمع بني‬
‫هذا الوكيل والناقل ‪ ،‬فمن خالل حتديد هذه الطبيعة نستطيع اجلزم ابلقول أن وكيل السفينة‬
‫يعترب من وكالء الناقل أم ال‪ .‬وهو ما تتوقف عليه إمكانية دخول هذا األخري نطاق االستفادة‬
‫من احلد األقصى للتعويض ‪.‬‬
‫لقد اختلفت آراء الفقه حول الطبيعة القانونية للعقد الذي جيمع وكيل السفينة ابلناقل‪،‬‬
‫فمنهم من يرى أن العالقة اليت تربطهما هي عقد عمل ختضع للقواعد العامة اخلاصة بقانون‬
‫العمل الربي‪ .‬وابلتايل يعترب وكيل السفينة اتبعا للناقل ‪،‬غري أنه ال ميكن األخذ هبذا الرأي ألن‬
‫عقد العمل يفرتض وجود عالقة تبعية وخضوع بني العامل وصاحب العمل وهذا ماال ميكن‬
‫تصوره يف العالقة األخرية ‪،‬ألن وكيل السفينة ال خيضع لسلطة واشراف الناقل‪ .‬وبذلك تنتفي‬
‫التبعية القانونية اليت تعترب املعيار الرئيسي املعتمد لتحديد عقود العمل ‪،‬كما أن وكيل السفينة‬

‫‪1‬‬
‫‪- Mohammed‬‬ ‫‪ben Amar, les auxiliaires du transport maritime étude comparée, thèse‬‬
‫‪doctorat d'Etat, université d’Aix Marseille, ânnée de soutenance1994, p184.‬‬
‫‪-2‬كمال محدي‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬منشأة املعارف ابإلسكندرية سنة ‪، 1997‬ص ‪. 392‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Mohammed ben Amar, thèse,précité. p187.‬‬
‫‪ -4‬يطلق عليه تسميات أخرى كأمني السفينة ‪،‬الوكيل البحري ‪،‬الوكيل املالحي وقد عرفه املشرع اجلزائري يف املادة ‪ 609‬ق ب ج على أنه‬
‫‪ ":‬يعترب وكيال للسفينة كل شخص طبيعي أو معنوي يلتزم مقابل أجر ومبوجب وكالة من اجملهز أو الرابن ابلقيام ابلعمليات املتعلقة‬
‫ابحتياجات السفينة وحلساهبا أثناء الرحلة واليت ال يقوم هبا الرابن شخصيا وكذلك العمليات املعتادة األخرى واملرتبطة برسو السفينة يف‬
‫امليناء" ‪.‬وقد نص املرسوم التنفيذي ‪ 183/09‬املتعلق بشروط ممارسة مهنة مساعدي النقل البحري على اليت جيب توافرها يف مهنة وكيل‬
‫السفينة وهي كاآليت‪ -:‬أال يقل السن عن ‪ 25‬والتمتع ابألخالق واملصداقية وأن ال يكون الشخص مسبوق قضائيا‪.‬‬
‫‪-‬أال يكون موضوع افالس قضائي‪-،‬دفع كفالة مالية قدرها ‪ 500.000‬دج واليت حددها القرار الوزاري املشرتك بني وزير املالية ووزير‬
‫البحرية التجارية لسنة ‪ 2010‬الصادر يف ‪-، 2010/6/23‬خربة مهنية متصلة ابلنشاط ملدة ‪ 3‬سنوات بدون انقطاع‪-،‬حيازة شهادة يف‬
‫التعليم العايل أو شهادة عليا يف امليكانيك البحرية أو يف علم املالحة البحرية أو يف التسيري ويف اإلدارة البحرية ويف تسيري املوانئ وكذا يف‬
‫امليدان اللوجستيكي للنقل البحري‪ ،‬إثبات التأمني من املسؤولية املدنية واملهنية ‪ :‬ج ر ‪ 31‬الصادرة يف ‪ 24‬ماي ‪. 2009‬‬

‫‪128‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يتمتع يف مهنته بقسط وافر من االستقالل وقد يتوىل عمليات الوكالة لصاحل العديد من‬
‫الناقلني‪.1‬‬
‫كما ذهب اجتاه آخر إىل اعتبار العقد الذي جيمع وكيل السفينة ابلناقل أبنه عقد وكالة‬
‫عادية‪ ،‬ألن وكيل السفينة يتعامل ابسم الناقل وحلسابه وليس ابمسه الشخصي كما هو احلال يف‬
‫الوكالة ابلعمولة للنقل‪ .2‬و عليه جيوز للناقل أن يعزل الوكيل يف أي وقت ولو وجد اتفاق‬
‫خيالف ذلك ويكون الناقل ملزما بتعويض الوكيل عن الضرر الذي حلقه من جراء عزله يف وقت‬
‫غري مناسب أو بغري عذر مقبول‪.‬كما جيوز لوكيل السفينة أن ينزل يف أي وقت عن الوكالة ولو‬
‫وجد اتفاق يقضي بغري ذلك مع الزامه بتعويض الضرر الذي يلحق ابلناقل من جراء التنازل‪،‬‬
‫وفقا للقواعد العامة املنصوص عليها يف القانون املدين‪.3‬‬
‫خالفا لذلك هناك جانب من الفقه يرى أبن وكيل السفينة يعترب وكيال عن الناقل‬
‫تتحدد حقوقه والتزاماته على أساس الوكالة التجارية ‪ .4‬ضف إىل ذلك أن وكيل السفينة‬
‫صاحب مهنة حيرتفها وهي مهنة التوكيالت البحرية ‪،‬فهو اتجر يعمل ابمسه وحلساب الغري وال‬
‫خيضع لتوجيهات الناقل إال يف حدود ما تسمح به القواعد العامة يف العالقة بني املوكل والوكيل‬
‫واليت ال تتعارض مع الطبيعة التجارية للوكالة البحرية‪.5‬‬
‫من بني احلجج اليت ساندت أصحاب الرأي األخري أن ما يقوم به وكيل السفينة من‬
‫شراء املؤن الالزمة للسفينة عند وصوهلا إىل امليناء‪ ،‬الذي يعمل به وذلك بتكليف من الناقل‬
‫‪.‬كما قد يكلف إبعداد سندات الشحن ‪،‬التعاقد مع مقاويل الشحن والتفريغ يف كل ما يتعلق‬

‫‪-1‬مسيحة القليويب‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪، 291‬وهيب األسرب ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 141‬‬
‫‪ -‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬سنة ‪ ،1969‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬الرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 203‬‬


‫‪ -4‬مصطفى اجلمال ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪، 259‬حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 213‬‬
‫‪ -5‬حممود خمتار أمحد بريري ‪ ،‬املرجع السابق ‪. 259،‬‬

‫‪129‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫بتجهيز السفينة واعدادها والتعاقد مع شركات التأمني وشركات النقل‪ ،‬فيعترب يف هذه احلالة‬
‫وكيال جتاراي للناقل وكأنه فرع عن شركة املالحة اليت كلفته هبذه األعمال‪.1‬‬
‫خيلص القول أنه بعد تتبع اآلراء السابقة ال ميكننا إال أن أنخذ ابلرأي األخري ألنه أقام‬
‫الدليل على جتارية وكالة السفينة‪،‬كما بني احلدود اليت ال جيب جتاوزها عند الرجوع إىل‬
‫األحكام العامة للوكالة املقررة يف القانون املدين‪ .‬يضاف إىل ذلك أن هناك سندا قانونيا يؤيد‬
‫أصحاب هذا االجتاه وهو نص املادة ‪ 1/34‬من القانون التجاري اجلزائري ‪،‬اليت تعرف عقد‬
‫الوكالة التجارية أباها اتفاقية يلتزم بواسطتها الشخص عادة إبعداد وابرام البيوع والشراءات‬
‫وبوجه عام مجيع العمليات التجارية ابسم وحلساب اتجر والقيام عند االقتضاء بعمليات جتارية‬
‫حلسابه اخلاص ولكن دون أن يكون مرتبطا بعقد اجارة اخلدمات‪ .‬وترتيبا على ذلك فإن وكيل‬
‫السفينة يعترب وكيال جتاراي عن الناقل وابلتايل حيق له التمسك ابحلد األقصى للتعويض عندما‬
‫ترفع ضده من املرسل إليه استنادا إىل املسؤولية التقصريية عن أخطائه الشخصية اليت تقع منه‬
‫أثناء قيامه بوظيفته طبقا للقواعد العامة‪ .2‬وعلى أساس اخلطأ الواجب االثبات‪ ،3‬فهو مسؤول‬
‫عن خطئه يف عدم احملافظة على البضائع أو يف تفريغ البضاعة أو تسليمها ‪،‬على أن مسؤولية‬
‫وكيل السفينة ال تعفي الناقل من املسؤولية عن هذه األعمال ابعتبارها صادرة عن وكيله أثناء‬
‫تنفيذ عقد الوكالة‪.4‬‬
‫لكن إذا كان الضرر الذي حلق ابملرسل إليهم انشئا عن خطأ ينسب إىل الناقل نفسه‬
‫كأن يصيب البضاعة املشحونة تلف أو عجز أثناء عملية النقل‪ ،‬فهل من املمكن حماكمة‬
‫وكيل السفينة يف هذه احلالة؟‬

‫‪ -1‬مشار إليه لدى مسيحة القليويب‪ ،‬املرجع السابق ‪. 290 ،‬‬


‫‪ -2‬تنص املادة ‪ 617‬ق ب ج ‪":‬يعد وكيل السفينة مسؤوال عن أخطائه الشخصية اليت يرتكبها خالل ممارسة مهامه مبقتضى أحكام‬
‫القانون العام"‬
‫‪ -3‬طبقا للمادتني ‪ 172‬و‪ 323‬من القانون املدين‪.‬‬
‫‪ -4‬مسيحة القليويب‪ ،‬املرجع السابق ‪. 291 ،‬‬

‫‪130‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ال ميكن للمرسل إليه مقاضاة وكيل السفينة عما يقع من خطأ يف تنفيذ عقد النقل إال‬
‫بوصفه وكيال عن الناقل‪ .1‬و هو ما استقر عليه القضاء اللبناين حيث جاء يف قرار استئناف‬
‫بريوت الصادر يف ‪ ":1996/5/21‬ال يسأل وكيل السفينة إال عن أخطائه الشخصية دون‬
‫األخطاء املنسوبة للناقل ‪ ،‬غري أنه ليس هناك مانع من مقاضاته بوصفه وكيال عن اجملهز"‪.2‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫‪Le capitaine‬‬ ‫الرابن‬
‫يعترب الرابن أهم شخص يف أشخاص املالحة البحرية و قد جاءت هذه األمهية نتيجة‬
‫لتمتع الرابن بسلطات واسعة منحها له القانون و العرف البحري‪ .‬تقتضي مهمة املالحة يف‬
‫البحر أن تتوافر شروط معينة و مؤهالت خاصة يف شخص الرابن تؤهله للتمتع ابلسلطات‬
‫املقررة له ‪،‬فال بد أن يكون على قدر كايف من اخلربة واملهارة لتعينه يف هذه الوظيفة الصعبة‬
‫‪،‬فهو يقود سفينة حتمل عدد كبري من األرواح ‪،‬البضائع واملمتلكات ليسري هبم يف ظالم الليل‬
‫وأطراف النهار‪.3‬‬
‫و يعرف الرابن أبنه كل شخص يتوىل قيادة السفينة‪.4‬وللرابن مركز قانوين خاص يتميز‬
‫به عن التابعني عامة‪ ،‬فهو ممثل للسلطة العامة على ظهر السفينة ‪،‬كما يرتأس رجال طاقم‬
‫السفينة مجيعا من ضباط ومهندسني ومالحني‪.5‬‬

‫‪ -1‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬النقل البحري للبضائع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ -2‬مشار إليه لدى وهيب األسرب ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 144‬‬
‫‪ -3‬إميان اجلميل ‪ ،‬الرابن (املركز القانوين‪-‬احلقوق وااللتزامات‪-‬املسؤوليات –السلطات)‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة‬
‫‪، 2014‬ص ‪. 7‬‬
‫‪ -4‬اشرتط املرسوم التنفيذي رقم ‪ 143-02‬املؤرخ يف ‪ 16‬أفريل ‪ 2002‬والذي حيدد الشهادات والكفاءات اخلاصة ابملالحة البحرية‬
‫وشروط إصدارها يف املادة ‪ 3‬منه الشهادات والكفاءة املطلوبة لقيادة السفن وهي كما يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬ابلنسبة للسفن لقيادة السفن التجارية ‪:‬شهادة مالح حبري مؤهل ‪،‬رخصة نقل املسافرين ‪ ،‬شهادة األهلية يف املالحة الساحلية ‪ ،‬شهادة‬
‫كفاءة مالح حبري عضو فريق نوبة مالحية على منت السفن اليت تعادل محولتها اإلمجالية املسجلة ‪ 500‬طن أو تفوقها ‪ ،‬شهادة كفاءة‬
‫ضابط مكلف ابلنوبة املالحية على منت سفن تقل محولتها اإلمجالية املسجلة عن ‪ 6‬آالف طن أو تعادهلا ‪ ،‬شهادة كفاءة رابن اثن على‬
‫منت سفن تقل أو تعادل محولتها االمجالية‪6‬آالف طن أو تفوقها ‪ ،‬شهادة كفاءة رابن على منت سفن تقل أو تعادل محولتها اإلمجالية‬
‫املسجلة ‪ 6‬آالف طن أو تفوقها‪.‬‬
‫‪ -5‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.161‬‬

‫‪131‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫كما عرفه املشرع اجلزائري ابختصار يف املادة ‪ 384‬ق ب ج فقرة د و اليت نصت على‬
‫أنه‪ ":‬يعين الرابن قائد السفينة ورئيس طاقم السفينة"‪.‬‬
‫ملا كانت السفينة مبن عليها وهي يف عرض البحر بعيدة عن سلطات الدولة اليت ترفع‬
‫علمها فقد اقتضى األمر ختويل الرابن ابعتباره رئيسا على كل من يف السفينة اختصاصات‬
‫الدولة يف حفظ النظام العام ‪ ،‬األمن على ظهر السفينة‪ .‬ويف اثبات ما يقع على ظهرها من‬
‫وقائع أو تصرفات قانونية‪،1‬كإثبات ما قد حيدث أثناء السفر من تسجيل بياانت خاصة‬
‫ابألحوال املدنية من ميالد ‪،‬أو وفاة ‪،‬سندات الوكالة ‪،‬املوافقة ‪،‬اإلذن ‪،‬الوصااي‪2‬وغريها‪.‬‬
‫يتعني على الرابن أن يتخذ مجيع التدابري الضرورية حلماية السفينة والبضائع واألشخاص‬
‫املوجودين على متنها وله سلطة التحقيق يف كل ما يقع من جرائم أثناء الرحلة‪ .‬و له أيضا‬
‫صالحية القبض على املتهم وحبسه احتياطيا طبقا للمادة ‪ 454‬ق ب ج ‪.‬كما جيب عليه‬
‫يف حالة وقوع أضرار معتربة للسفينة أو ألشخاص املوجودين على متنها أو حلمولتها حترير تقرير‬
‫مفصل يبني فيه ظروف احلادث و عليه أيضا أن يقدمه إىل السلطة البحرية املختصة للميناء‬
‫ويستلم ايصاال بذلك‪ .3‬ضف إىل ذلك فالرابن على غرار وكيل السفينة يستطيع متثيل اجملهز‬
‫أمام القضاء سوآءا كان مدعيا أو مدعى عليه‪ ،‬إال إذا عني الناقل هلذا الغرض ممثال آخر طبقا‬
‫للمادة ‪ 588‬ق ب ج‪.‬‬
‫إن اجلانب الذي جيلب اإلهتمام من أمر الرابن هو الطبيعة القانونية للعالقة اليت تربطه‬
‫ابلناقل حيث اثر جدل فقهي بشأاها و مما زاد من حدة هذا اجلدل و غموضه أحياان تنوع‬
‫وظائف الرابن وأتثرها ابلتطورات التقنية يف جمال االتصاالت‪ .‬والذي أدى إىل وجود قدر من‬
‫الصحة وقدر من اخلطأ يف أي حماولة إلجياد قالب من أحكام القانون املدين الستيعاب وتفسري‬
‫املركز القانوين للرابن‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 596‬ق ب ج ‪.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ 604+‬ق ب ج ‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ال ريب يف أن الرابن شأنه شأن أي حبار يرتبط مع الناقل بعقد عمل حبري وهو ما يربر‬
‫مباشرة فكرة التابع فنكون بصدد عالقة عقد عمل‪ ،‬يقف فيها الرابن موقف التابع والناقل‬
‫موقف املتبوع ويسأل هبذه الصفة عن أعمال اتبعه‪.‬‬
‫لكن تطرد صحة هذا النظر فكرة الوقوف عند وظيفة قيادة السفينة و هنا نكون أمام‬
‫أعمال مادية يباشرها الرابن حبكم مؤهالته وختصصه‪ ،‬إذ يستطيع تنفيذ مقتضياهتا دون الرجوع‬
‫إىل الناقل‪ .‬وله أيضا خمالفة هذا األخري إذا صدرت منه تعليمات تتناقض مع األصول الفنية ‪،‬‬
‫لكن الرابن عندما يقوم بتصرفات قانونية فهو يتعاقد مع العمال والشاحنني ومع شركات‬
‫اإلصالح والصيانة ويقرتض حىت بضمان السفينة مما جيعل فكرة التابع يشوهبا القصور‪.1‬لذلك‬
‫تعددت احملاوالت إلجياد حل إلشكال املتعلق بطبيعة العالقة القانونية اليت جتمعه ابلناقل‪.‬‬
‫يرى بعض الفقه‪ 2‬بصدد اإلشكال القائم أننا أمام مزيج من عقد العمل وعقد الوكالة‬
‫‪،‬فالرابن يعترب عامال ‪،‬أو مستخدما حني قيامه ابلقيادة الفنية‪ .‬ومن جهة أخرى يعترب وكيال عن‬
‫الناقل حينما يباشر أعماال قانونية حلساب هذا األخري‪ ،‬إال أنه يف حقيقة األمر هناك تبعية بني‬
‫الرابن والناقل ‪،‬أو صاحب العمل نظرا لظروف العمل على ظهر السفينة وبتُعد َها عن الناقل‪،‬‬
‫الذي يدعوان للقول أن صاحب العمل يرتبط مع الرابن بعقد عمل وذلك لتوافر رابطة التبعية‬
‫بينهما‪.‬‬
‫وذلك على عكس الوكيل الذي ال خيضع يف مباشرة نشاطه لسلطة واشراف األصيل‬
‫والعكس صحيح فالقول بتوافر تبعية الرابن للناقل سنده توافر عمل حبري يربط بينهما‪.‬‬
‫من جهة أخرى فالقول أبن الرابن يرتبط مع الناقل بعقد خمتلط بني عقد عمل وعقد‬
‫وكالة معا مل يكن كافيا‪ ،‬ألنه يتجاهل ما للرابن من سلطة عامة على منت السفينة‪ ،‬كسلطة‬
‫التأديب ‪،‬التوثيق والتحقيق وما يتمتع به من سلطان مطلق يف تنفيذ أوامر الناقل وحقه يف ابرام‬

‫‪ -1‬حممود خمتار أمحد بريري‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.232‬‬


‫‪ -2‬مشار إليه لدى عبد الرحيم عوض العمودي‪ ،‬املركز القانوين للرابن وسلطاته‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬ص‬
‫‪.45‬‬

‫‪133‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫تصرفات قانونية رغم معارضة الناقل‪ ،‬إذا كان ذلك يف صاحل السفينة وحقه أيضا يف التعامل‬
‫مع الغري مما يتعذر إحلاق عقد استخدامه أبحد العقود املدنية املعروفة‪.1‬‬
‫الحظ جانب آخر من الفقه‪ 2‬أن الرابن وإن كان يعترب انئبا قانونيا للناقل فإن هناك‬
‫صعوبة مصدرها أن هذه النيابة القانونية إمنا تنشأ عند العقد املربم بني الناقل والرابن ‪،‬فكيف‬
‫ميكن التوفيق بني اعتبار نيابة الرابن القانونية وبني كون هذه النيابة تنشأ عن اتفاق بينهما ؟‬
‫وهلذا يذهب هذا الرأي إىل القول أن العقد املربم بني الناقل والرابن ما هو إال عمل قانوين‬
‫‪،‬أي أنه شرط لتطبيق نظام تكفل القانون بتقريره من قَبل ومل يدع‬ ‫شرطي‪Acte condition‬‬

‫لألفراد حرية تعديله وفق مشيئتهم‪.‬‬


‫لقد أدت االنتقادات األخرية إىل هتيئة املناخ العام الستقبال الفكرة اجلديدة اليت تبناها‬
‫الفقه الغالب واملعاصر‪ 3‬اليت جتعل من الرابن ممثال قانونيا ‪،‬فهو ليس وكيال يتلقى سلطاته من‬
‫عقد الوكالة ألن العقد ال يفسر اتساع سلطاته‪ ،‬اليت خيوهلا املشرع يف مباشرة بعض مهماته‬
‫وقيامه بتمثيل السلطة العامة للدولة اليت ينتمي إليها وامنا يستمد نيابته من القانون مباشرة‪ ،‬ال‬
‫من العقد املربم بينه وبني الناقل‪.‬‬
‫بناءا على ما تقدم حيق للرابن أن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض يف حالة رجوع‬
‫املضرور عليه ابملطالبة ابلتعويض األضرار عما يلحق البضاعة من أضرار نتيجة خطأ الرابن‬
‫الشخصي الذي يقع أثناء أتدية وظيفته‪ .‬ويرجع ذلك لكون الرابن انئب قانوين للناقل‪.4‬‬
‫تعترب مسؤولية الرابن يف مواجهة املضرور مسؤولية تقصريية أساسها الفعل الغري مشروع‬
‫كما لو هجر السفينة ‪،‬أو صدم سفينة أخرى خبطأ منه ‪،‬على أنه من الناذر أن يرجع املضرور‬
‫على الرابن يف هذه احلالة مفضال الرجوع على الناقل نظرا ملالءته‪ .‬و ال يسأل الرابن عن‬

‫‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬الرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.167‬‬ ‫‪ -1‬مصطفى كمال طه‬
‫‪ -2‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫‪ -3‬حممود خمتار أمحد بريري ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬مسيحة القليويب‪ ،‬موجز يف القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 226‬‬
‫‪ -4‬لقد أخذ املشرع اجلزائري برأي الفقه احلديث يف املادة ‪ 701‬ق ب ج حيث اعترب الرابن حبكم القانون ممثال عن الناقل وأوجب عليه‬
‫التقيد بتعليماته ‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫األخطاء اليت يرتكبها بسبب أوامر الناقل إذا تعلق األمر أبفعال ال تدخل يف وظيفته الفنية‪ ،‬أما‬
‫يف مواجهة الناقل فإن الرابن يعد مسؤوال عن كل خطأ يصدر منه ولو كان يسريا فيلتزم‬
‫ابلتعويض عن نتائج هذا اخلطأ وتعترب مسؤوليته تعاقدية يف هذا الفرض أساسها العقد املربم مع‬
‫الناقل‪.1‬‬
‫ومن زاوية أخرى ال يسأل الرابن عن أخطاء البحارة ألاهم يعتربون اتبعني للناقل ال‬
‫للرابن ‪،‬غري أنه يكون مسؤوال عن أخطائهم يف حالة إذا ما ثبت أن اخلطأ الذي صدر من‬
‫أحدهم يرجع إىل تقصري الرابن يف االشراف على أعماهلم ‪،‬لكنها ال تعد من قبيل مسؤولية‬
‫املتبوع عن فعل اتبعيه‪.2‬كما أن اثبات خطأ الرابن يكون يف معظم األحوال صعبا للغاية‬
‫‪،‬بسبب الظروف اخلاصة اليت يؤدي فيها الرابن عمله بعيدا عن كل رقابة‪.3‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫اتبعي الناقل‬
‫من خالل استقراء القواعد الدولية املتمثلة يف نص املادة ‪ 4‬مكرر من بروتوكول ‪1968‬‬
‫املعدل التفاقية بروكسل ‪،‬املادة ‪ 2/7‬من قواعد هامبورغ واملادة ‪/4‬ج من قواعد روتردام يظهر‬
‫أنه من حق اتبعي الناقل االستفادة من احلد األقصى للتعويض‪ .‬و بناءا عليه كل من حيمل‬
‫صفة التابع أن يتمسك هبذا النظام عندما ترفع عليه الدعوى من املضرور‪ ،‬للمطالبة ابلتعويض‬
‫الناجم عن حاالت اهلالك أو التلف الذي يلحق ابلبضاعة من جراء خطئه الشخصي ‪ ،‬غري‬
‫أن النصوص الدولية السابقة مل تبني من هم اتبعي الناقل وامنا تركت ذلك للقواعد العامة يف‬
‫القوانني الداخلية‪ .‬وابلرجوع إىل القانون املدين ال سيما املادة‪136‬منه‪ ،‬اليت تنص على أنه‬
‫‪":‬يكون املتبوع مسؤوال عن الضرر الذي حيدثه اتبعه بعمله غري املشروع مىت كان واقعا منه يف‬

‫‪ -1‬حممود مسري الشرقاوي ‪،‬القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 170‬‬


‫‪ -2‬إميان اجلميل ‪ ،‬الرابن (املركز القانوين‪-‬احلقوق وااللتزامات‪-‬املسؤوليات –السلطات)‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث ‪ ،‬سنة ‪، 2014‬ص‬
‫‪.55‬‬
‫‪ -3‬حممود مسري الشرقاوي ‪،‬القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 171‬‬

‫‪135‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫حالة أتدية وظيفته أو بسببها وتتحقق عالقة التبعية ولو مل يكن املتبوع حرا يف اختيار اتبعه مىت‬
‫كان هذا األخري يعمل حلساب املتبوع "‪.‬‬
‫يظهر من خالل هذا النص أنه حىت تقوم مسؤولية املتبوع جيب توافر بعض الشروط و‬
‫هي كاآليت‪:‬‬
‫أ‪-‬وجود عالقة تبعية ‪،‬أي أن يكون للمتبوع سلطة فعلية يف الرقابة والتوجيه ختوله حق اصدار‬
‫األوامر للتابع والزام هذا األخري ابإلنصياع هلذه األوامر‪ ،‬حىت ولو مل يكن املتبوع حرا يف اختيار‬
‫اتبعه وسوآءا أكانت هذه السلطة دائمة أو مؤقتة ‪.1‬‬
‫ب‪-‬ثبوت مسؤولية التابع وهي مسؤولية تقصريية ‪،‬ذلك أنه ليس بني اتبع الناقل والشاحن أو‬
‫املرسل إليه عقد ‪،‬فال يتصور رجوع املضرور على التابع إال تقصرياي‪ .‬ويقتضي هذا وجوب‬
‫اثبات خطأ التابع والضرر الالحق ابلبضاعة والعالقة السببية بينهما‪.2‬‬
‫ج‪-‬أن يقع خطأ التابع عند أتديته الوظيفة أو بسببها أو مبناسبتها ‪،‬أي أن التابع قد ارتكب‬
‫خطأً أثناء القيام مبهامه بناءا على عمله املخصص له ‪،‬أو كان ذلك بسبب عمله‪ .‬هذا إما ألنه‬
‫مل يكن ليستطيع ارتكاب هذا اخلطأ لوال عمله وإما ألنه مل يكن ليفكر يف ارتكابه لوال وظيفته‬
‫‪،‬أو أن هذه األخرية قد سهلت له ارتكاب اخلطأ ‪،‬أو ساعدت عليه ‪،‬أو هيأت له الفرصة‬
‫الرتكابه‪.3‬‬
‫لقد أورد املشرع اجلزائري يف املادة ‪ 814‬من القانون البحري مصطلح املندوب والذي‬
‫قصد به التابع ‪،‬حيث جاء يف هذه املادة أنه حيق هلذا األخري االستفادة من احلد األقصى‬
‫للتعويض عندما ترفع الدعوى ضده عما يلحق البضاعة من هالك أو تلف أو أتخري يف‬
‫التسليم ‪،‬بينما تضمنت املادة ‪ 815‬ق ب ج نفس احلكم الذي ورد يف الفقرة‪ 3‬من املادة ‪4‬‬

‫‪-1‬كمال محدي‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.216‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد الرزاق السنهوري ‪،‬الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ‪ ،‬اجلزء األول ‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام ‪ ،‬الطبعة الثالثة اجلديدة ‪ ،‬بريوت‪-‬‬
‫لبنان‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬

‫‪136‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫مكرر من الربوتوكول املعدل التفاقية بروكسل لسنة ‪ ، 1968‬فجاء فيها ال ميكن أن تتعدى‬
‫مبالغ التعويضات اليت تكون على عاتق الناقل و مندوبيه احلدود املنصوص عليها يف املادة‬
‫‪ 805‬أعاله"‪.‬‬
‫يبدو جليا من النصني السابقني أن املشرع قد سد الباب أمام الشاحن الذي يريد‬
‫التهرب من أحكام احلد األقصى للتعويض‪ .‬وذلك برفع الدعوى على التابع على أساس‬
‫املسؤولية التقصريية عوض رفعها على الناقل ليحصل على التعويض كامال‪ ،‬كما جعل الناقل و‬
‫مندوبيه ال يدفعون أكثر من احلد األقصى الوارد يف نص املادة ‪ 805‬ق ب ج‪. 1‬‬
‫يف هذا اإلطار فقد اثر اخلالف يف الفقه حول اعتبار املرشد البحري ومقاول الشحن‬
‫والتفريغ من اتبعي الناقل‪ ،‬لذلك كان ال بد من الفصل يف العالقة اليت جتمع كل من املرشد‬
‫ومقاول الشحن والتفريغ ابلناقل‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫املرشد البحري‬
‫املرشد هو الشخص الذي يساعد الرابن يف توجيهه على خط السري الواجب اتباعه‬
‫أثناء الدخول واخلروج من املوانئ أو القنوات‪.2‬‬
‫كما يعرف االرشاد البحري أبنه اتفاق مقتضاه خدمة قصرية املدة يؤديها املرشد بطلب‬
‫من الرابن ‪،‬أو وكيل السفينة ابعتبارمها انئبني عن الناقل و يقوم مبوجب ذلك إبرشاد السفينة‬
‫وقت دخوهلا‪ ،‬أو خروجها من امليناء مقابل أجرة معينة‪.‬كما عرفه املشرع اجلزائري يف املادة‬
‫‪ 171‬ق ب ج أبنه‪ ":‬املساعدة اليت تقدم إىل الراببنة من قبل مستخدمي الديوان الوطين‬

‫‪ -1‬ملزي عبد الرمحن ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.175‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-René Rodiére, Emmanuel du Pontavice, Droit maritime, op.cit, p 240.‬‬
‫وترجع العلة من وراء تقرير نظام االرشاد إىل أن املوانئ تزخر ابلصخور والشعاب أو حبطام السفن الغارقة اليت تعرقل سري السفينة وتعرضها‬
‫للخطر فيما لو ارتطمت أبحد هذه العوائق ‪ ،‬فضال عما يرتتب على ذلك من شل حركة املالحة يف امليناء لزمن غري قصري مما يتطلب أن‬
‫يستعني الرابن ابملرشد إلملامه بعوائق امليناء ومسالكه‪ :‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.193‬‬

‫‪137‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫للموانئ املرخص هلم من قبل الدولة لقيادة السفن عند الدخول إىل املوانئ والفرض واملياه‬
‫الداخلية واخلروج منها"‪.‬‬
‫ينقسم اإلرشاد البحري إىل نوعني‪ :‬ارشاد إجباري واختاري ‪،‬فالسفن اليت ختضع‬
‫إلجبارية االرشاد هي كل السفن اجلزائرية و األجنبية ابستثناء السفن الواردة يف املادة ‪ 178‬ق‬
‫ب ج وذلك يف حدود اإلدارية لكل ميناء ‪،‬أما السفن اليت يعترب اإلرشاد اختياراي ابلنسبة إليها‬
‫وهي احملصورة يف نص املادة األخرية هي كاآليت‪:‬‬
‫أ‪-‬السفن الشراعية حبمولة أقل من ‪ 100‬طن‪،‬‬
‫ب‪-‬السفن ذات الدفع اآليل حبمولة صافية تقل عن ‪ 100‬طن‪،‬‬
‫ج‪-‬السفن ذات الدفع اآليل واملخصصة فقط لتحسني وصيانة ومراقبة املوانئ ومداخلها‬
‫كالقاطرات والناقالت واجلرافات والصنادل البحرية‪،‬‬
‫د‪-‬سفن املنارات و العالمات‪.‬‬
‫ال يعترب املرشد موظف عام‪، 1‬فإذا كانت الدولة تتدخل يف تعيني املرشدين وترقيتهم‬
‫وأتديبهم ‪،‬فهذا يشبه ما هو عليه احلال يف تدخلها يف تعيني املالحني وتنظيم عملهم فهي‬
‫مدفوعة بذلك ابلرغبة يف محاية مصاحل تقتضي ذلك ‪،‬دون أن يصل األمر إىل حد اعتبارهم‬
‫موظفني عموميني‪ .‬و من هنا فإن املرشد ال تربطه ابلدولة رابطة الوظيفة العامة ‪ ،‬رغم متتع‬

‫‪1‬‬
‫‪-Fatima Boukhatmi, les auxiliaires du transport maritime en droit en doit algérien,‬‬
‫‪DMF 690,Mars 2008,p267.‬‬
‫‪-‬وضع املرسوم ‪ 08-06‬املتعلق بتنظيم االرشاد واملؤهالت املهنية للمرشدين وقواعد ممارسة عملية االرشاد يف املوانئ املؤرخ يف‬
‫‪، 2006/1/9‬ج ر ‪ 02‬الصادرة يف ‪، 2006/1/15‬شروطا ملمارسة مهنة اإلرشاد وهي كما يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬حيازة شهادة كفاءة رابن على السفن اليت تفوق محولتها ‪ 500‬طن أو شهادة القوات البحرية معرتف مبعادلتها من طرف الوزير املكلف‬
‫ابلبحرية‪.‬‬
‫ب‪ -‬ممارسة وظيفة رابن أو رابن اثين خالل ‪ 5‬سنوات على األقل يف قيادة سفن مدنية أو عشر سنوات يف قيادة سفن القوات البحرية اليت‬
‫يعادل طوهلا ‪60‬مرت أو أكثر‪.‬‬
‫ج‪-‬شهادة جناح خاصة بتكوين خاص ابملرشد مدته ‪ 12‬شهر على األقل حتت قيادة مرشد رئيس اتبع للميناء املعين أو مدرب معني هلذا‬
‫الغرض‪.‬‬
‫د‪-‬حصول على اعتماد مينحه الوزير املكلف ابلبحرية التجارية حسب املادة ‪ 11‬من هذا املرسوم‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الدولة ابحتكار مهنة االرشاد وخضوع املرشد إلشرافها اإلداري وهو ما يستخلص من التشريع‬
‫اجلزائري املنظم هلذه املهنة‪.‬‬
‫أما يف العالقة اليت جتمع املرشد ابلناقل فقد اختلف الفقه حول تكييفها وانقسم بشأاها‬
‫إىل اجتاهني‪ ،‬اجتاه ذهب إىل القول أبنه عقد مقاولة من نوع خاص‪ ،‬حيث ميكن تقريبه من‬
‫العقد الذي يربط بني اخلبري و العميل‪ .‬و أساس ذلك أن املرشد وإن كان يلتزم أبن يضع‬
‫نشاطه وخربته حتت تصرف الناقل إال أنه مع ذلك حيتفظ ابستقالله ‪،‬فهو ال يعمل حتت‬
‫سيطرة متبوعة ألن هذا األخري ال يصدر إليه أية أوامر عن طريق الرابن ‪،‬فاملرشد هو الوحيد‬
‫الذي يقرر ماذا يفعل إلرشاد السفينة‪ .1‬و ابلتايل تنتفي عالقة التبعية بني املرشد والناقل‪.‬‬
‫يرى أصحاب الرأي الراجح من الفقهاء أن عقد اإلرشاد عقد عمل ‪،‬إذ تقوم هذه‬
‫العالقة بني الرابن ابعتباره انئبا عن الناقل وبني املرشد‪ .‬ويتوىل هذا األخري مبقتضى العقد ارشاد‬
‫الرابن لدى دخول السفينة إىل امليناء أو خروجها منه لقاء أجر حتدده اللوائح ‪،‬فتنحصر مهمته‬
‫يف ارشاد الرابن وتزويده ابملعلومات عن مسالك امليناء وخط السري الواجب اتباعه‪ .‬ويضل‬
‫الرابن رغم وجود املرشد حمتفظا بقيادة السفينة وإدارهتا وتنفيذ املناورات وليس للرابن أن يتنازل‬
‫عن سلطانه للمرشد بل عليه أن يراقب املرشد ويشرف عليه‪ ،‬كما له أن يرفض تنفيذ ما يشري‬
‫به املرشد إذا رأى فيه تعريض السفينة خلطر ‪ ،‬هذا ألن املرشد يعترب اتبعا للناقل أثناء قيامه‬
‫بعملية ارشاد السفينة وألنه يزاول نشاطه حلسابه ويؤدي عمله حتت اشراف الرابن وسلطانه‪.2‬‬
‫وهذا ما استقر عليه القضاء الفرنسي ‪،‬الذي قرر أبنه يف االرشاد البحري سوآءا كان اجباراي أو‬
‫اختياراي فاألصل أنه منذ اللحظة اليت يصعد فيها املرشد إىل السفينة يصبح كأحد أفراد الطاقم‬
‫وقد طبق هذا املبدأ أيضا القضاء العراقي‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Pierre‬‬ ‫‪Bonassies,Christian Scapel,op-cit,p171.‬‬
‫‪ -2‬مصطفى اجلمال ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪ ، 164‬مسيحة القليويب ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪، 308‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬الوجيز يف القانون‬
‫البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 198‬‬
‫‪ -3‬قرار حمكمة استئناف البصرة رقم ‪/ 165‬س‪ 2000/‬صادر يف ‪( 2000/11/12‬غري منشور) ‪:‬مشار إليه لدى عقيل فاضل محد‬
‫الدهان ‪ ،‬املركز القانوين للمرشد ‪ ،‬جملة جامعة كربالء العلمية ابلعراق ‪ ،‬اجمللد السابع ‪ ،‬العدد األول‪ ،‬سنة ‪، 2009‬ص ‪. 77‬‬

‫‪139‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫هذا ما أخذ به املشرع اجلزائري يف املادة‪ 183‬ق ب ج ‪،‬اليت تضمنت أن الناقل يكون‬
‫مسؤوال جتاه الغري عن األضرار الناجتة عن املرشد واليت تعد كأاها أضرار حاصلة من أحد أفراد‬
‫طاقم السفينة مما يفهم منه أن املشرع قد اعترب املرشد اتبعا للناقل‪ .‬وابلتايل فإن املرشد بصفته‬
‫هذه حيق له أن يستفيد من احلد األقصى للتعويض ‪.‬‬
‫يكون املرشد مسؤوال مدنيا قبل الناقل عن أخطائه الشخصية يف تنفيذ مهمته املذكورة‬
‫كما لو كان جاهال مبسالك امليناء وترتب ضرر عن ذلك ضرر للسفينة أو ما عليها ‪،‬أو‬
‫خروجه عن حدود مهمته كقبوله قيادة السفينة بنفسه ‪،‬كما يسأل قبل الغري عما يلحق هبم‬
‫من أضرار جراء خطئه يف االرشاد مثلما هو عليه احلال يف تصادم السفينة‪.1‬‬
‫و هبذا ميكن للمضرور إما رفع دعوى ضد املرشد عن خطأه الشخصي طبقا للمادة من‬
‫‪ 124‬ق م ج وإما أن يرفعها ضد انقل السفينة املرشدة على أساس مسؤولية املتبوع عن فعل‬
‫اتبعه حىت ولو كان االرشاد اجباراي طبقا للمادة ‪ 283‬ق ب ج ‪،‬ألن هذه املسؤولية قائمة‬
‫على اخلطأ يف الرقابة والتوجيه ولو مل يكن املتبوع حرا يف اختيار اتبعه مىت كانت له عليه سلطة‬
‫فعلية يف رقابته وتوجيهه طبقا للمادة ‪ 136‬ق م ج ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫مقاول الشحن و التفريغ‬
‫كانت السفينة يف القدمي تنتقل من ميناء إىل آخر لنقل البضائع حسب الطلب‪ ،‬أي‬
‫كانت بطريقة غري منتظمة نظرا ألن البضائع مل تكن كبرية الوزن فكان طاقم السفينة هو من‬
‫يقوم بعمليات الشحن يف ميناء الذهاب‪ .‬كما كان يقوم بفك هذه البضاعة وتفريغها يف ميناء‬

‫‪ -1‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬

‫‪140‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الوصول وبتطور وسائل النقل البحري وظهور رحالت منتظمة ‪،‬أيضا ارتفاع حجم احلمولة‬
‫برزت إىل الوجود مؤسسات خمتصة يف عمليات الشحن والتفريغ‪.1‬‬
‫ومل تقتصر مهمة هذه املؤسسات على اجلانب املادي بل امتدت إىل اجلانب القانوين‪،‬‬
‫املتمثل يف استالم البضاعة واحملافظة عليها يف انتظار شحنها ‪،‬أو تسليمها ألصحاهبا‪ .‬ويعرب‬
‫وعلى‬ ‫املينائية‪la manutention portuaire‬‬ ‫على العمليات ذات الطابع املادي ابملناولة‬
‫عمليات ذات الطابع القانوين ابلتشوين ‪.2l'aconage‬‬
‫مل يستقر الوضع على هذا احلال فبعد تعديل القانون البحري يف سنة ‪ 1998‬فصل‬
‫املشرع بني عمليات اليت يقوم هبا مقاول املناولة املينائية ومقاول التشوين يف فصلني مستقلني‬
‫وهو ما مل يكن موجودا يف أحكام القانون البحري لسنة ‪ 1976‬والسبب يرجع إىل أن كل‬
‫تلك النشاطات كانت مقتصرة على مؤسسة عمومية واحدة بصفة احتكارية‪.3‬‬
‫يعرف مقاول الشحن والتفريغ أبنه الشخص الطبيعي أو معنوي حيرتف أعمال شحن‬
‫البضائع يف السفن أو تفريغها ويعترب اتجرا يقدم خدماته للغري لقاء أجر حيدده العقد‪ ،‬الذي‬
‫يربط بينه وبني من يكلفه مبهمة الشحن أو التفريغ سوآءا كان الناقل ‪،‬أو وكيل السفينة ‪،‬أو‬

‫التشوين طبقا ألحكام اجلديدة للقانون البحري اجلزائري ‪ ،‬جملة احملاكم املغربية العدد ‪، 84‬ص ‪.89‬‬ ‫‪ -1‬حممد بن عمار ‪ ،‬املناولة املينائية و‬
‫‪ ، article droit .blogspot.com/2009/09/blog –post-9842.html :‬اتريخ الدخول إىل املوقع‪2016/8/30:‬‬
‫‪،‬الساعة‪.21:15 :‬‬
‫‪ - 2‬املرحع السابق‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬حممد بن عمار ‪ ،‬املناولة املينائية و التشوين طبقا ألحكام اجلديدة للقانون البحري اجلزائري ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫وقد بني املرسوم ‪ 363-08‬املعدل املؤرخ يف ‪ 2008/11/18‬املعدل للمرسوم التنفيذي رقم ‪ 139/06‬املؤرخ يف ‪2006 11/15‬‬
‫الذي حيدد شروط وكيفيات نشاطات قطر السفن وأعمال املناولة املينائية و التشوين‪ ،‬الشروط اليت جيب توافرها يف مقاول املناولة املينائية‬
‫والتشوين وهي كمايلي‪:‬‬
‫أ‪-‬اجلنسية اجلزائرية ابلنسبة ألشخاص الطبيعيني‪.‬‬
‫ب‪-‬احلصول على امتياز (االختيار حسب احلالة إما عن طريق املنافسة أو عن طريق التفاوض املباشر) ومدة هذا االمتياز‪ 40‬سنة‪.‬‬
‫ج‪-‬املؤهالت املهنية املطلوبة‪.‬‬
‫د‪ -‬االلتزام إبحرتام شروط االتفاقية ودفرت الشروط حسب املادة ‪ 3‬من هذا املرسوم ‪،‬ج ر رقم ‪ 64‬الصادرة يف ‪. 2008/11/17‬‬

‫‪141‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫راباها‪ .1‬لكن التساؤل الذي يطرح هنا هل يعترب مقاول الشحن والتفريغ اتبعا للناقل؟ وبصياغة‬
‫آخرى ما هو تكييف القانوين للعقد الذي جيمع هذا املقاول ابلناقل؟‬
‫تعددت النظرايت بشأن الطبيعة القانونية لعقد الشحن والتفريغ ما بني عقد عمل ‪،‬عقد‬
‫نقل وعقد مقاولة وقد ذهب جانب من الفقه إىل اعتبار مقاول الشحن والتفريغ اتبعا للناقل‬
‫مادام يؤدي أعماال مادية حلسابه‪ ،‬مما يعين أن عقد الشحن والتفريغ يعترب عقد عمل أو إجارة‬
‫أشخاص‪ .‬وغاية هذه النظرية جعل الناقل مسؤوال يف املقام األول قبل أصحاب البضاعة عن‬
‫األضرار ‪،‬اليت حتصل عند التشوين الذي يباشره املقاول ويكون للناقل بطبيعة احلال الرجوع بعد‬
‫ذلك على املقاول‪.‬‬
‫كما أن هناك من الفقه الفرنسي من ساند هذا الرأي بقوله أن املقاول يف عالقاته‬
‫ابلناقل و ابلنسبة جلانب من نشاطه مؤجر لتقدمي خدمة ‪،‬أو عمل وملا كان الناقل مسؤوال عن‬
‫األضرار اليت حتصل حلموالت الروافع فإن املقاول امنا يتدخل كتابع للسفينة وتبعيته تكمن يف‬
‫أداء عمله ابلنسبة للعمليات اليت جيريها على سطح السفينة‪ ،‬أي بني العنابر والروافع‪ .‬وهذا‬
‫اجلزء من العقد ال ميكن تكييفه إال إبجارة أشخاص‪،‬حيث تظهر جبالء رابطة التبعية اليت متيز‬
‫العالقة بني املتبوع والتابع‪ ،‬ذلك أن الرص جيب أن يباشر بدقة وفقا للبياانت احملددة خبطة‬
‫الشحن‪.2‬‬
‫غري أن الرأي السابق لقي رفضا من غالبية الفقه بسبب أنه ال توجد عالقة التبعية بني‬
‫املقاول والناقل‪ .‬والريب يف أن املقاول يباشر عمله على وجه االستقالل ‪،‬فله احلرية املطلقة يف‬
‫طريق أدائه له والرابن و إن كان حيدد للمقاول العمل الذي جيب عليه أن يؤديه واملكان‬
‫والطريقة اليت جيب أن ترص هبا كل بضاعة يف العنابر إال أنه له احلرية يف اختيار الوسائل‬
‫والطرق لتنفيذ ذلك ‪ .‬فإذا كان للرابن أن يراقب املقاول ‪،‬أو حىت يوجه له مالحظات فإنه ليس‬

‫‪ -1‬حممود خمتار أمحد بريري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 264‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-jauffret (E) les accident du palanquée DMF 1958 -67,note 14,15:‬‬
‫مشار إليه لدى كمال محدي‪ ،‬عقد الشحن والتفريغ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 158‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫له أن يصدر له أية أوامر فيما يتعلق بطريقة تنفيذ العمل ‪،‬فهذا األخري يضل يراقب الرص‬
‫بصفة خاصة ألنه مسؤول عن سالمة وثبات السفينة و عن سالمة املالحة‪.1‬‬
‫ذهب اجتاه آخر إىل اعتبار مقاول الشحن والتفريغ انقال على األقل يف الفرض الذي‬
‫يقوم به هذا األخري لتوصيل البضاعة من الرصيف إىل السفينة‪ ،‬أو العكس من السفينة إىل‬
‫الرصيف‪.2‬إذ يقوم هذا األخري بعمل مماثل لعمل الناقل الذي ينقل البضاعة من حمطة سكة‬
‫احلديد إىل مكان ال يصل إليه القطار ‪،‬لكن هذا الرأي مل يلق أتييدا ال يف الفقه وال القضاء‬
‫وذلك لسببني‪ :‬األول يتمثل يف أن وسيلة املقاول يف عملية النقل هي الصندل ‪، chaland‬أو‬
‫ما مياثله ومن املقرر أن هذه العائمات ال خترج عن دائرة امليناء وال تعترب سفننا ابملعىن القانوين‬
‫وبذلك يتخلف اعتبار عملية النقل حبرية‪ .‬أما السبب الثاين‪ :‬فيكمن يف أن مهمة املقاول‬
‫األساسية هي رص أو تستيف البضاعة ‪،‬فكها ‪،‬حزمها ‪،‬فرزها واستخدام اآلالت لرفعها ونقلها‬
‫أما نقلها فهو عمل اثنوي ابلنسبة إليه‪ ، 3‬مما ال ميكن معه القول بتبعية كل هذه العمليات‬
‫ملهمة النقل ‪،‬اليت تعد املهمة الرئيسية للناقل‪ .‬و هكذا ال ميكن اعتبار مقاول الشحن والتفريغ‬
‫انقال ال حبراي وال برايً‪.4‬‬

‫‪ -1‬مشار إليه يف املرجع كمال محدي‪ ،‬عقد الشحن والتفريغ‪ ،‬ص‪.159‬‬


‫‪ -2‬عندما السفن ال تستطيع الرسو يف امليناء بسبب اخنفاض عمق املياه به وارتفاع السفينة فكانت تبقى على مقربة من امليناء وكان مقاول‬
‫الشجن والتفريغ يستعمل قوارب صغرية كقوارب النجاة تسمى ابلصنادل لتحميل البضائع إىل السفينة أو بطريقة عكسية يف تفريغ البضائع‬
‫منها إىل رصيف امليناء ولعل هذا ما دفع هبذا الفقه إىل اعتبار مقاول الشحن والتفريغ انقال يف هذه احلالة‪.‬‬
‫‪ -3‬حمكمة اسكندرية االبتدائية ‪ 31‬يناير‪، 1959‬ويف القضاء الفرنسي حمكمة مرسيليا التجارية ‪ 28‬نوفمرب ‪ : 1967‬مشار إليهما لدى‬
‫علي مجا ل الدين عوض ‪ ،‬النقل البحري للبضائع ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 62‬‬
‫‪ -4‬يذهب الفقيه "سكبال" إىل اعتبار عقد النقل يف فرنسا ‪-،‬يف ظل قانون ‪ 2‬أفريل ‪، 1936‬الذي أدخل أحكام معاهدة بروكسل يف‬
‫التشريع الداخلي الفرنسي‪-‬قاصرا على املرحلة البحرية دون املرحلة السابقة على الشحن وتلك الالحقة على التفريغ ‪،‬فهااتن املرحلتان‬
‫خترجان عن نطاق عقد النقل البحري ‪،‬فإذا قام الناقل بعمليات حتريك البضاعة ونقلها يف هاتني الفرتتني ‪،‬فهو بذلك يقوم بدور الناقل‬
‫الربي ‪،‬كذلك لو قام هبذه العمليات شخص آخر غري الناقل البحري أخذ وصف الناقل الربي ولو استعمل الصنادل ‪ :‬مشار إليه لدى‬
‫مجال عوض‪ ،‬القضاء البحري احلديث يف مسائل الشحن والتفريغ ‪،‬العدد األول والثاين‪ ،‬السنة اخلامسة والعشرون ‪،‬مطبعة جامعة القاهرة‬
‫‪،‬سنة ‪، 1956‬ص ‪.21‬‬
‫بينما يذهب الفقيه "سوفاج" إىل اعتبار مقاول الشحن والتفريغ انقال فقط إذا كانت عملية النقل تفوق يف أمهيتها ابقي العمليات األخرى‬
‫اليت يقوم هبا هذا األخري‪:‬‬
‫‪-Francis Sauvage, Manuel pratique du transport des marchandises par mer,op.cit‬‬
‫‪, p158.‬‬
‫‪143‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫مبا أن اآلراء السابقة مل تكن مقنعة مبا فيه الكفاية مما جعل أكثر الفقه‪ 1‬والقضاء‬
‫‪contrat‬‬ ‫يصرفان النظر عنها ويذهبان إىل اعتبار عقد الشحن والتفريغ عقد مقاولة‬
‫‪، d'entreprise‬أي أن مقاول الشحن والتفريغ يتعهد بتنفيذ عمل معني على وجه االستقالل‬
‫فمحل عقد الشحن والتفريغ هو األعمال املادية‪ ،‬إذ أن غاية املتعاقدين هو شحن البضائع‬
‫على السفينة أو تفريغها منها‪ .3‬كما أن هذا العقد ال يفقد صفته كعقد مقاولة إذا أُسند إىل‬
‫املقاول جبانب األعمال املادية عمال قانونيا كالوكالة من الناقل ‪،‬أو الشاحن ‪،‬أو املرسل إليه‬
‫وامنا يكون ملقاول الشحن والتفريغ إضافة إىل كونه مقاوال خبصوص العمل األخري صفة‬
‫الوكيل‪.4‬‬
‫بناءا على الرأي الغالب فإن عالقة التبعية بني الناقل ومقاول الشحن والتفريغ تنعدم يف‬
‫العقد القائم بينهما وابلتايل فإن هذا األخري ليس اتبعا للناقل وال حيق له التمسك ابحلد‬
‫األقصى للتعويض الوارد يف النصوص القانونية السالفة الذكر‪.‬‬
‫حلسن حظ القضاء اجلزائري فإن االشكال املتعلق ابلطبيعة القانونية لعقد الشحن‬
‫والتفريغ مل يعد يشكل أي صعوبة تذكر‪ ،‬ألن تعديل القانون البحري لسنة ‪ 1998‬قد منح‬
‫ملقاول املناولة املينائية احلق يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املادة‪805‬‬
‫ق ب ج ‪ .‬بينما حرم مقاول التشوين من ذلك وعليه تكون مسؤولية هذا املقاول مطلقة‬
‫وختضع للقواعد العامة يف التعويض وبذلك يكون املشرع قد أزال االلتباس الذي كان قائما قبل‬
‫تعديل القانون البحري‪ ،‬فمصطلح مندوب الناقل يشمل اتبع الناقل ووكيله‪،‬الذي تربطه ابلناقل‬

‫‪1‬‬
‫‪- Maix‬‬ ‫‪Caillé, le statut juridique des acconiers, librairie General de droit et de‬‬
‫‪jurisprudence, Paris 1954, p48, Georges ripert ,op.cit,p 436.‬‬
‫‪ -‬حممد بن عمار ‪ ،‬املناولة املينائية و التشوين طبقا ألحكام اجلديدة للقانون البحري اجلزائري‪ ،‬املقال السابق ‪،‬ص‪ ، 89‬مسيحة القليويب ‪،‬‬
‫املرجع السابق ‪،‬ص ‪ ، 297‬مسري الشرقاوي ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 218‬‬
‫‪ -2‬استئناف أكس ‪، 1954/1/26‬استئناف ابريس ‪ ،1954/2/3‬مشار إليها لدى‪ :‬كمال محدي‪ ،‬عقد الشحن والتفريغ‪ ،‬املرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪ ،169‬نقض فرنسي ‪ 4‬جوان ‪ 1964‬مشار إليه لدى‪ :‬علي مجا ل الدين عوض ‪ ،‬النقل البحري للبضائع ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬‬
‫املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪-‬كمال محدي‪ ،‬عقد الشحن والتفريغ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.169‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -4‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.257‬‬

‫‪144‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫عالقة تبعية وأيمتر أبوامره مثل طاقم السفينة ووكيل السفينة يف امليناء‪ .1‬وهؤالء هم الذين هلم‬
‫احلق يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض مبوجب املادة ‪ 814‬ق ب ج‪.‬‬
‫أما مقاول املناولة املينائية فله ذلك احلق ال ابعتباره مندواب للناقل وامنا بصفته‬
‫الشخصية‪،2‬طبقا للمادة‪ 916‬ق ب ج ‪،‬اليت جاء يف نصها ‪":‬إذا حدثت األضرار ابلبضائع‬
‫خالل عمليات الشحن والتفريغ والنقل الذي استعملت فيه قوارب التحميل ‪،‬أو وسائل أخرى‬
‫للشحن املينائي ‪،‬فإن مقاول املناولة إبمكانه أن حيدد مسؤوليته وفقا للشروط احملددة يف‬
‫أحكام الفصل الرابع من الباب الثالث من الكتاب الثاين من األمر رقم ‪ 80-76‬املؤرخ يف‬
‫‪23‬أكتوبر ‪،" 1976‬أما مقاول التشوين فقد ُحرم من التمسك ابحلد األقصى للتعويض عند‬
‫ثبوت مسؤوليته بشأن عن البضائع ‪ ،‬مبقتضى املادة ‪925‬ق ب ج ‪ ، 3‬اليت نصت على أنه‬
‫‪":‬ال ميكن أن تتجاوز مسؤولية املقاول التعاقدية قيمة الضرر‪،‬الذي أُحلق فعال بطالب اخلدمات‬
‫وال ميكن يف مجيع احلاالت أن تعزى إليه هذه املسؤولية إذا بقيت البضائع ملدة تتعدى اآلجال‬
‫املسموحة إال يف حالة وجود تنصيصات خمالفة"‪.‬‬
‫ال يسأل مقاول املناولة املينائية إال عندما يثبت املتعاقد اآلخر خطأ املقاول ‪،‬أو خطأ‬
‫اتبعيه كأن يثبت أن اهلالك أو التلف الالحق ابلبضاعة قد حدث بسبب استخدام روافع ال‬
‫تقوى على رفع الطرود أو احلاوايت املوضوعة اليت وضعت فيها البضائع‪.4‬‬
‫أما يف حالة الضرر الناجم عن التأخري يف عمليت الشحن والتفريغ فإن املشرع اجلزائري يف‬
‫املادة‪ 917‬ق ب ج قد افرتض خطأ مقاول املناولة مبجرد انقضاء املدة املتفق عليها يف العقد‬
‫وجيوز للمقاول أن يدفع بعدم مسؤوليته إذا تبني أن جتاوز األجل ال يرجع إليه ‪.‬كما أن الطرف‬

‫‪ -1‬وسيم غايل‪ ،‬القانون البحري ومعامالت السفن لضباط أعايل البحار‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪ ،‬فرع اإلسكندرية‪، ،‬‬
‫سنة ‪ ،1979‬ص ‪.273‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫‪ -3‬و هو ما أخذ به املشرع اجلزائري من املادة ‪ 54‬من القانون الفرنسي لسنة ‪ 1966‬املتعلق ابلتجهيز وعقد النقل البحري واليت أعطت‬
‫مقاول الشحن والتفريغ احلق يف أن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض املنصوص عليه للناقل البحري عندما ترفع عليه دعوى التعويض عن‬
‫اهلالك أو التلف ألذي حيدث للبضاعة مىت كانت يف حوزة مقاول الشحن والتفريغ ‪.‬‬
‫‪ -4‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.260‬‬

‫‪145‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الذي يرجع إليه توقف عمليات الشحن والتفريغ هو املسؤول على املصاريف الناجتة عن هذا‬
‫التوقف وال ميكن اخلالص من هذه املسؤولية إال إبثبات القوة القاهرة‪.1‬‬
‫مما سبق ذكره خيلص القول أن احلد األقصى للتعويض هو نظام وجد تربيرا له يف ضرورة‬
‫التوزان العقدي ‪،‬يف حالة عدم تصريح الشاحن بقيمة البضاعة وجنسها وذلك من ابب العدالة‬
‫وحىت يتعرف الناقل على البضائع وعلى كيفية التعامل معها لكي ال تتضرر ويسهل أيضا من‬
‫عملية التأمني على البضائع ويدفع شركة التأمني ألن تقبل بذلك ‪.‬كما أن احلد األقصى‬
‫للتعويض ال يسري يف االتفاقيات الدولية(بروكسل‪،‬هامبورغ‪،‬روتردام) إال عند وجود ضرر واقع‬
‫يف مدة مسؤولية الناقل البحري كهالك البضاعة أو تلفها أو خسارة اقتصادية بسبب أتخري‬
‫البضاعة يف التسليم إىل صاحبها‪ ،‬مع ضرورة أن يكون العقد دوليا وفق نصوص االتفاقية‬
‫الواجبة التطبيق‪ .‬و هذا كله مع مراعاة أال يتنازل عن حقه املقرر يف التمسك بقاعدة احلد‬
‫األقصى التعويض وأال يرتكب الناقل فعال خيل حبسن النية يف العقود‪ ،‬كالغش أو اإلمهال مما‬
‫حيرمه من تلك القاعدة ‪.‬‬
‫كما أن حق االستفادة من هذه امليزة القانونية ال يقتصر على الناقل وحده بل يشمل‬
‫حىت اتبعيه ووكالئه شريطة أال يكون هؤالء مهنيني مستقلني عنه بل جيب أن تربطهم به عالقة‬
‫تبعية تفرض عليهم اخلضوع لسلطته واالمتثال ألوامره‪ .‬لكن من زاوية أخرى يقتضي تطبيق‬
‫نظام احلد األقصى معرفة املعايري أو الضوابط اليت ارتكزت عليها االتفاقيات الدولية يف سبيل‬
‫تقدير هذا التعويض احملدود‪ ،‬الواجب على الناقل دفعه عند وقوع ضرر للبضاعة‪ ،‬أو ماينجم‬
‫من ضرر عن أتخريها يف التسليم لصاحب احلق عليها‪.‬‬

‫‪ -1‬القوة القاهرة كما وضحها جيدا األستاذ ‪ Bénoit‬بقوله ‪":‬تبقى القوة القاهرة مفهوم نسيب يتطلب أن يرتاجع أمام التطورات واألحداث‬
‫املختلفة اليت تسمح أبحسن مقاومة لكل األحداث اليت حيتمل أن تكون حاالت القوة القاهرة ابستمرار حلاالت وابلتايل تتطلب أن تكون‬
‫ُمقدرة على أساس معيار إمكانيات مقاومة كل حالة من هذه احلاالت"‪ ،‬مشار إليه لدى‪:‬‬
‫‪-Kahloula Mohammed, le bruit inconvénient anormal de voisinage, thèse de de doctorat‬‬
‫‪de3éme cycle en droit privé, université de Poitiers, année de soutnance1978, p117.‬‬

‫‪146‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفصل الثاين‪:‬‬
‫تقدير احلد األقصى للتعويض‬
‫عندما تنعقد مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف املدة الزمنية اليت قررهتا االتفاقيات‬
‫الدولية عن حاالت اهلالك أو التلف أو التأخري يف تسليم البضاعة إىل من له احلق عليها ‪،‬مث‬
‫تتوافر شروط سراين نظام احلد األقصى للتعويض وجب على القاضي تطبيق هذا النظام على‬
‫عقد النقل الدويل‪.‬‬
‫و من أجل تقدير مبلغ التعويض وفق احلد األقصى للتعويض عن الضرر احلاصل‬
‫للبضاعة يقتضي األمر من هذا األخري التعرف على الضابط‪ ،‬الذي يتم على أساسه حساب‬
‫التعويض احملدود ‪ ،‬من خالل الرجوع إىل الضوابط اليت جاءت هبا املادة ‪4‬من اتفاقية بروكسل‬
‫وبروتوكويل تعديلها ‪،‬املادة من اتفاقية‪ 6‬هامبورغ واملادتني ‪ 59‬و‪ 60‬من قواعد روتردام أو املادة‬
‫‪ 805‬من القانون البحري اجلزائري إن كان هو واجب التطبيق على موضوع النزاع ‪.‬‬
‫فإذا استطاع التوصل للضابط الذي يتم وفقه تقدير احلد األقصى للتعويض ستثار أمامه‬
‫مشكلة أخرى أكثر صعوبة من ذلك وهي كيفية حتويل الوحدات احلسابية الواردة يف االتفاقية‬
‫الواجبة التطبيق ‪،‬أو القانون الداخلي من حيث التاريخ و السوق اللذين يتم فيهما حتويل مبلغ‬
‫احلد األقصى للتعويض إىل العمالت الوطنية‪ .‬و هذا ال يكون إال ابلرجوع إىل النشرات اليومية‬
‫الصادرة عن البنوك احمللية واليت على ضوئها ميكن ضبط مقدار العملة الوطنية قياسا على‬
‫الوحدة النقدية اليت ورد ذكرها يف النصوص الدولية السابقة ‪،‬أو القانون البحري الوطين‪.‬‬
‫أتسيسا على ما تقدم فقد مت استلزم تقسيم هذا الفصل إىل مبحثني ‪:‬ضوابط تقدير احلد‬
‫األقصى للتعويض (مبحث أول) ‪ ،‬التنظيم النقدي للحد األقصى للتعويض(مبحث اثين) ‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫املبحث األول‪:‬‬
‫ضوابط تقدير احلد األقصى للتعويض‬
‫لقد بينت اتفاقية بروكسل لسنة ‪1924‬وبروتوكول تعديلها لسنة ‪ ، 1968‬معاهدة‬
‫هامبورغ لسنة ‪ 1978‬وقواعد روتردام لسنة ‪ 2008‬الضوابط اليت حيتسب وفقها مبلغ احلد‬
‫األقصى للتعويض‪،‬فمن خالل استقراء نص املادة ‪ 5/4‬من معاهدة بروكسل يالحظ أن هذه‬
‫املعاهدة قد أخذت بضابطني ومها الطرد والوحدة ‪،‬كما أضاف بروتوكول تعديلها لسنة‬
‫‪1‬‬
‫‪،‬مع‬ ‫‪CMR‬‬ ‫‪ 1968‬ضابط الوزن متأثرا مبا أخذت به االتفاقية الدولية للنقل الربي الدويل‬
‫االبقاء على الضابطني املذكورين وهو ما استقر عليه احلال إىل غاية تعديل االتفاقية بربوتوكول‬
‫‪.1979‬‬
‫أما اتفاقيت هامبورغ و روتردام فقد مجعتا بني الضوابط الثالثة اليت وردت يف اتفاقية‬
‫بروكسل املعدلة‪ ،‬مع إضافة ضابط رابع وهو أجرة النقل‪ .‬وخبصوص القانون البحري اجلزائري‬
‫فيالحظ أن املشرع كان يف البداية يسري خلف اتفاقية بروكسل قبل تعديلها‪ ،‬حيث أخذ بنفس‬
‫توجهاهتا يف حساب احلد األقصى للتعويض فتبىن فكرة الطرد والوحدة‪ ،‬غري أنه بعد تعديله يف‬
‫سنة ‪1998‬أصبح أيخذ ابلضوابط األربعة اليت تضمنتها أحكام املعاهدتني السابقتني ‪ .‬لذلك‬
‫سيتم دراسة هذه الضوابط من خالل مطلبني‪ :‬الضوابط التقليدية يف حساب التعويض احملدود‬
‫(مطلب أول)‪ ،‬الضوابط املستحدثة للحد األقصى للتعويض (مطلب اثين)‪.‬‬

‫‪ -1‬لقد اعتمدت هذه االتفاقية على ضابط واحد وهو الوزن فنصت يف املادة ‪ 23‬منها أنه ال ميكن مساءلة الناقل أبكثر من ‪ 25‬فرنك ذهيب عن‬
‫كل كيلو غرام من البضاعة اهلالكة أو التالفة ‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫املطلب األول‪:‬‬
‫الضوابط التقليدية يف حساب التعويض احملدود‬
‫مع بداية اخلمسينيات وظهور الثورة التكنولوجية اليت عرفتها صناعة النقل البحري من‬
‫تنوع احلاوايت و التقنيات اجلديدة لتجميع البضائع‪ ،‬برزت مشكلة احلاوايت وعالقتها ابلطرود‬
‫املشحونة بداخلها مما جعل القضاء خيتلف يف تكييفها إن كانت حتسب طردا أم أاها حتسب‬
‫وفق عدد الطرود املوجودة داخلها ‪.‬لذلك كان من الواجب البحث عن حل يف اتفاقيات النقل‬
‫البحري ‪،‬فالثابت من اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬ابعتبارها أوىل االتفاقيات أن نصوصها‬
‫ظهرت يف حقبة زمنية مل تكن تعرف هذه املستجدات(احلاوايت) وعليه ال يوجد حكم‬
‫مناسب هلا وفق هذه االتفاقية ‪ ،‬مما دفع ابلدول إىل االجتماع وتعديل هذه األخرية يف‬
‫بروتوكول ‪ 1968‬وبيان كيفية حساب التعويض عند هالك أو تلف احلاوايت املشحونة على‬
‫منت السفينة‪ .‬و هذا ما اتبعته اتفاقييت هامبورغ وروتردام وكذلك القانون البحري اجلزائري وهلذا‬
‫تقتضي دراسة هذا املطلب التطرق إىل مفهوم الطرد (الفرع األول ) ‪،‬حكم البضائع املوجودة‬
‫داخل احلاوية(الفرع الثاين ) ‪ ،‬مفهوم الوحدة(الفرع الثالث) ‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫مفهوم فكرة الطرد ‪Colis‬‬
‫مل يكن أحد يتنبأ قبل سبعة ومخسني سنة ممن كان ضمن واضعي اتفاقية بروكسل لسنة‬
‫‪ 1924‬أن بعض القضاء سيعترب حاوية الشحن مبا حتتويه من طرود طردا واحدا يف إطار احلد‬
‫األقصى للتعويض‪ .‬وابلتايل تنتفي احلكمة من التشريع الذي وضع أصال حلماية الشاحن‬
‫واملرسل إليه وهو ما يدعو إىل بيان املقصود من الطرد ‪ ،‬من أجل حتديد التعويض العادل الذي‬
‫يلتزم بدفعه عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف التسليم إىل صاحبها يف ظل نظام‬
‫احلاوايت‪ ،‬حبيث تبقى املعادلة بني مصاحل الشاحنني والناقلني‪ .‬واليت وضعت يف ظل احلموالت‬

‫‪149‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫اجملزأة سارية يف عهد احلاوايت كذلك ‪،‬فال يستفيد طرف من أطراف عقد النقل على حساب‬
‫الطرف اآلخر‪.1‬‬
‫ابلرغم من أن التعريف املعجمي للطرد ال يكفي وحده إال أنه يعترب نقطة بداية يف هذا‬
‫املوضوع و يقصد ابلطرد لغة كما عرفه أحد املعاجم ‪":‬هو رزمة‪ 2‬أو صرة تعد مسبقا بقصد‬
‫النقل أو املناولة التجارية كشيء يكون بشكل مناسب ليصبح على تلك احلالة أداة من‬
‫األدوات التجارية ‪،‬أو تتم مناولته من يد ألخرى وهو ما جرى عليه العمل التجاري من تسميته‬
‫بطرد الشحن‪.3‬‬
‫عند الرجوع إىل االتفاقيات الدولية والتشريعات الداخلية فيالحظ أاها مل تتضمن تعريفا‬
‫يقضي على اخلالف احلاصل حول معىن الطرد‪ ،‬مما يقتضي تسليط الضوء على تعريفه فقهيا‬
‫وقضائيا‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫مفهوم الطرد يف الفقه الدويل‬
‫لقد اختلف الفقه حول بيان املقصود من الطرد وطبيعته‪ ،‬ابعتباره أهم الضوابط اليت يتم‬
‫وفقها حساب احلد األقصى للتعويض فانقسمت اآلراء الفقهية إىل عدة االجتاهات‪:‬‬
‫االجتاه األول‪:‬‬
‫يذهب أصحاب هذا االجتاه إىل أنه يقصد ابلطرد البضائع املغلفة بصندوق حيمل عالمة‬
‫مميزة‪ ،‬أو رقم معني ‪،‬أو تلك اليت جتمع يف رابط واحد متهيدا لنقلها وكل صندوق منها أو رزمة‬
‫يعد طردا ‪،‬مثل الرباميل و أجولة القماش وصناديق الكرتون أو اخلشب مادامت حتمل أرقاما‬

‫‪ -1‬عبد القادر حسني العطري ‪ ،‬احلاوايت و أثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ‪ ،‬الدار اجلامعية ‪ ،‬سنة ‪، 1983‬ص‬
‫‪ -2‬نظرا ملا أاثره مصطلح الطرد من إشكاالت حول حتديد مفهومه الدقيق فإن اتفاقية روتردام هي االتفاقية الوحيدة من بني االتفاقيات‬
‫البحرية الدولية اليت استعملت لفظ رزمة للخروج من اخلالف احلاصل بشأن الطرد ‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪th‬‬
‫‪-Henry Campbell M.A, Black's Law Dictionary, 4 , Black,west publishing company‬‬
‫‪,1968, p1262.‬‬
‫‪150‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪،‬أو عالمات متيزها عن غريها‪ .1‬و يذكر عدد هذه الطرود عادة يف سند الشحن وعلى أساس‬
‫هذا العدد يتشكل احلد القانوين األقصى للتعويض عند ثبوت مسؤولية الناقل البحري ‪ ،‬عما‬
‫يلحق صاحب البضاعة من ضرر ويرتتب على ذلك أن البضاعة اليت تشحن بدون تغليف ال‬
‫أتخذ وصف الطرد‪.‬‬
‫االجتاه الثاين‪:‬‬
‫خالفا ملا سبق يرى أنصار هذا االجتاه أبنه ال يشرتط أن يكون التغليف اتما حبيث ال‬
‫يسمح مبعرفة طبيعة الشيء الذي يكون بداخله‪ ،‬فكون احملتوايت غري اتمة التغليف فذلك ال‬
‫أثر له على معىن الطرد ‪. 2‬كما ال يشرتط يف وصف الطرد أن يكون حجمه كبريا أو صغريا ‪،‬‬
‫فاجلحم ال حيول دون اعتبار شيء ما طردا ويضاف إىل ذلك أنه ال عربة بثمن الشيء زاد أم‬
‫قل ‪،‬إذ مىت كان الطرد حيمل رقما واحدا فإنه يف حكم احلد األقصى للتعويض يعتربا واحدا‬
‫‪،‬فالعربة تكون ابلعدد والرتقيم الثابت يف سند الشحن‪.3‬‬
‫االجتاه الثالث‪:‬‬
‫يرى أصحاب هذا الرأي أن الطرد هو عبارة عن شيء صغري احلجم نسبيا ميكن نقله‬
‫ابليد أو عند االقتضاء بعربة يد‪ ،‬مما يعين أن اجلهاز الذي يبلغ وزنه مخسة أطنان مثال ال يعترب‬
‫طردا ‪.4‬‬
‫غري أن هذا االجتاه القى انتقادا شديدا من طرف الفقيه الفرنسي‪ Rodiére‬إذ يرى أنه‬
‫ليس هناك ما يربر األخذ ابلنظرية القائلة أبن الطرد جيب أن يكون مغلفا ‪،‬كما يرفض من‬

‫‪ -1‬مسيجة القليويب ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪ ، 447‬حممد علي هبجت عبد هللا قايد ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪، 113‬مدحت حافظ إبراهيم ‪،‬املرجع‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪ 37‬وما يليها ‪ ،‬على مجال الدين عوض ‪ ،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪، 1969‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 751‬‬
‫‪ -2‬أمحد حممود حسين ‪ ،‬التعليق على نصوص اتفاقية هامبورغ اخلاصة بنقل البضائع حبرا عام ‪ ، 1978‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‬
‫‪، 1998‬ص ‪. 74‬‬
‫‪ -3‬يوسف يعقوب صرخوه ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 198‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Besançon ,15 mai 1964 ,bt 1964 ,p347 et, sur pourvoi , comm.3janv 1967 ,160 , note‬‬
‫‪p.Durand:"de toute évidence quelque chose de faible volume que l'on peut transporter‬‬
‫‪à la main ,à la rigueur sur une brouette ,un triporteur,etc",cité par R.Rodiére, traité de‬‬
‫‪droit maritime,tomeII ,op.cit ,p301.‬‬
‫‪151‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫جهة أخرى الرأي الذي قال أبنه يشرتط يف الطرد أن يكون صغري احلجم ابعتباره غري صاحل يف‬
‫جمال النقل الربي ومن ابب أوىل أال يصدق يف النقل البحري‪ .‬وعلى ذلك يعترب طردا اجلهاز‬
‫الضخم الذي بشحن بدون غالف‪ ،‬فالطرد حسب نظره محولة منفردة ميزهتا عالمات‪ ،‬عدد‬
‫وترقيم اثبت يف سند الشحن بصرف النظر عن وزاها ‪،‬أو حجمها وسوآءا أكانت مغلفة أم‬
‫بدون تغليف‪.1‬‬
‫كما يرى الفقيه اإلجنليزي ‪ william tetly‬أن الطرد هو غالف‪ ،‬أو صندوق ‪،‬أو كرتون‬
‫‪ ،‬أو حاوية توضع به البضاعة من أجل نقلها وعليه جيب أن يكون هناك تغليف وإال جرى‬
‫حساب التعويض على أساس الوحدة‪.2‬‬
‫فضال عن ذلك هناك من الفقه من اقتصر يف تعريفه للطرد على الطرد النمطي‬
‫دون غريه مبراعاة استعماله وعلى ضوء املواد املصنوع منها حبيث‬ ‫‪Typical True Package‬‬

‫جيب أال يكون التغليف قد صمم ليستعمل يف أكثر من رحلة واحدة وأن يكون مصنوعا من‬
‫اخلشب ‪،‬أو الكرتون اجملعد ‪، corrugated cartons‬أو أكياس من القماش ‪،‬أو الورق متعدد‬
‫الطبقات وغريها ‪ .‬فهذه املواد تتلف عادة عند فتحها وهي منشأة بشكل حيفظ البضاعة أثناء‬
‫النقل من اهلالك ‪،‬أو السرقة ‪،‬كما جيب أن تكون هذه املواد مملوكة لصاحب البضاعة وهلذا‬
‫فإن ملكيتها تعترب مكملة مللكية البضاعة احملفوظة داخلها‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-"le colis est un element de cargaison, reconnu par des marques distinctives et porté‬‬
‫‪sur le titre de transport ……le colis est une chose in dividulisée et rien d'autre, il n'ya‬‬
‫‪pas à retenir l'idée, susceptible de restreindre notamment la notion, qu'un colis doit‬‬
‫‪être empaqueté, emballé": ibid .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-William Tetlly,Marine cargo claims ,1978,p435‬‬
‫مشار إليه لدى اندية حممد معوض السيد‪ ،‬مسؤولية متعهد النقل متعدد الوسائط ‪ ،‬رسالة دكتوراه يف احلقوق‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،‬سنة‬
‫‪، 1989‬ص‪ 456‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -3‬مشار ليه لدى عبد القادر حسني العطري ‪ ،‬احلاوايت و أثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪. 286‬‬

‫‪152‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫من خالل ما تقدم يتبني أن التعاريف الفقهية السابقة قد توسعت يف حماولة إلعطاء‬
‫تعريف دقيق للطرد‪ ،‬إال أن أغلب تلك اآلراء تتفق على أن الطرد جيب أن يكون مغلفا بدرجة‬
‫معينة ‪ .‬لكن الصعوبة تكمن يف بيان درجة التغليف أو التغطية حىت ميكن القول أبن البضاعة‬
‫تعترب طردا وهلذا السبب جند أن التشريعات البحرية الوطنية يف أحناء العامل ختتلف يف تعبريها عن‬
‫الطرد الذي يستعمل كضابط لتقدير احلد األقصى للتعويض كما هو وارد يف النصوص الدولية‪،‬‬
‫فالقانون الفرنسي مثال يطلق عليه ‪ colis‬واالسكندانيف ‪ kollo‬وهو تعبري ال يناسب بدقة‬
‫تعريف الطرد‪ .‬ألن اللفظ الذي أطلق عليه يف القانونني السابقني يشمل البضاعة اليت تشحن‬
‫يف غالف ‪ wrapper‬أو حاوية ‪ container‬اليت قد ال يوافقها أن تسمى طردا ‪ package‬مما‬
‫يدل على أن معىن كلمة الطرد ليست حمددة يف هذه القوانني‪.1‬‬
‫ترتيبا على ماتقدم فإن الطرد املتعارف عليه يف جمال النقل البحري هو حزم البضاعة‬
‫أو جزء منها أو تغليفها برابط واحد يتناسب مع طبيعتها وحيافظ عليها منذ تقدميها إىل الناقل‬
‫إىل غاية وصوهلا إىل يد صاحبها‪ ،‬دون أن يشرتط يف ذلك الغالف صالبته أو إمكانية‬
‫استعماله مرة أخرى ‪،‬كما جيب أن تكون هذه احلمولة مغلفة على انفراد بعالمات مميزة تسهل‬
‫من معرفتها وتبني كيفية التعامل معها أثناء شحنها ومناولتها‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫مفهوم الطرد يف القضاء‬
‫ابلرجوع إىل أحكام القضاء‪2‬يالحظ أاها كانت هي املصدر الذي بىن الفقه العريب‬
‫والغريب أفكاره سالفة الذكر يف الفقرة األوىل ‪ ،‬اليت توسعت و انقسمت على اختالف اجتاهاهتا‬
‫من أجل إجياد إطار يلم ابملقصود من الطرد‪ .‬هلذا كان من الضروري أن نشري إىل بعض‬
‫األحكام اهلامة اليت فصلت يف اإلشكالية اليت تدور حول معىن الطرد و ما استقر عليه القضاء‬
‫هبذا الشأن يف كل من الكويت‪ ،‬مصر‪ ،‬املغرب‪ ،‬فرنسا و إجنلرتا‪.‬‬
‫‪ -1‬عبد القادر حسني العطري ‪ ،‬احلاوايت و أثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬مل يتعرض القضاء اجلزائري إىل مفهوم الطرد سواءا على مستوى عقد النقل الداخلي أو الدويل إىل غاية اليوم‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬القضاء الكوييت‬


‫قضت حمكمة االستئناف العليا(دائرة التمييز)‪1‬أبن املقصود ابلطرد يف مفهوم الفقرة‬
‫اخلامسة من املادة الرابعة من معاهدة بروكسل واليت تقابلها املادة ‪ 2،3/193‬من قانون‬
‫التجارة البحرية اجلديد وعلى ما جرى به قضاء هذه احملكمة هو وحدة البضاعة املشحونة‬
‫معبأة يف أغلفة حبيث يتعذر على الناقل معرفة طبيعتها أو قيمتها اليت مل توضح يف سند‬
‫الشحن‪.‬وإذا كان الثابث يف الدعوى ومن مطالعة سند الشحن أنه ثبت أن البضاعة املشحونة‬
‫هي ‪ 26‬طردا عبارة عن ‪ 18‬لفة ومثانية أقفاص كيبل مملوءة ابلزيت وصهريج نفط وأن‬
‫البضاعة قد شحنت وهي يف وضع جيد من حيث احلالة الظاهرة ‪،‬فإن ذلك يدل على أن نية‬
‫املتعاقدين ال تكون قد انصرفت إىل اسباغ صفة الطرد على وحدات هذه البضاعة ‪،‬بل العربة‬
‫تكون حبقيقة حاهلا اليت ُوضحت للناقل مما تضمنه سند الشحن من بياانت عنها وما صادف‬
‫ذلك من شحن البضاعة ظاهرة دون تغليف‪ .‬وملا كان احلكم املطعون فيه قد خالف هذا النظر‬
‫وأسبغ على لفة األسالك الكهرابئية وصف الطرد فإنه قد أخطأ يف تطبيق القانون ويتعني‬
‫متييزه‪.‬‬
‫على هذا النهج سارت حمكمة التمييز الكويتية إذ عرفت الطرد على أنه‪ ":‬وحدة‬
‫البضاعة املعبأة يف أغلفة والعربة يف العدد والرتقيم مبا هو اثبت يف سند الشحن ‪،‬مبعىن أنه إذا‬
‫مجعت الطرود املشحونة يف صناديق أو غريها كرابطة مثال وذكر يف سند الشحن عدد الطرود‬
‫اليت تشملها هذه األوعية أعترب كل منها طردا مستقال فيما يتعلق بتعيني احلد األعلى‬
‫للمسؤولية"‪ .2‬ويف حكم آخر هلذه احملكمة حيث قضت أبنه‪ ":‬إذا كان الثابت من مطالعة‬
‫سند الشحن أنه ثبت أن البضاعة املشحونة عبارة عن ‪ 188‬ابلة حتتوي على ‪ 6768‬كرتونة‬

‫‪ -1‬جلسة ‪ 19‬يناير ‪ 1983‬طعن رقم ‪ 1982/99‬جتاري (غري منشور)‪ ،‬يف نفس املعىن حمكمة االستئناف العليا جلسة ‪1982/6/15‬‬
‫رقم ‪ 1982/ 555‬جتاري ‪( 3‬غري منشور) وكذلك حكمها الصادر يف ‪ 1981 /2/ 4‬رقم ‪ 1980/105‬جتاري (غري منشور) مشار‬
‫إليها لدى يسف يعقوب صرخوه ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 198‬‬
‫‪ -2‬الطعن رقم ‪ 77/31‬جلسة ‪ ، 1978/11/15‬مشار إليه لدى أمحد حممود حسين ‪ ،‬النقل البحري الدويل للبضائع‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬‬
‫ص ‪. 274‬‬

‫‪154‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫من زيت الذرة فإن العربة من واقع سند الشحن تكون بعدد الكراتني الداخلية اليت قدمت‬
‫للناقل على هذا األساس" ‪.1‬‬
‫اثنيا‪ :‬القضاء املغريب‬
‫تبىن اإلجتهاد القضائي املغريب وخاصة اجتهاد حمكمة استئناف البيضاء معيارين يف‬
‫بيان مفهوم الطرد ‪ ،‬يتمثل املعيار األول يف التغليف‪ ،‬أي أن يكون الطرد حماطا بدرجة معينة‬
‫من التغطية ‪،‬أما املعيار الثاين وهو أن حيمل عالمات وأرقام متيزه عن غريه ‪ ،‬ففي قرار صادر‬
‫عن هذه احملكمة بتاريخ ‪ 1989 /4/4‬متضمنا احليثية التالية ‪ ":‬حيث أنه يتعني االستجابة‬
‫لدفوعات الناقل البحري الرامية إىل تطبيق أحكام الفصل ‪ 266‬ق ت ب ابعتبار أن وثيقة‬
‫الشحن تضمنت بياانت عن الرسالة البحرية ‪ ،‬فأشارت إىل أن النقل يهم أربعة أمحال وتعد‬
‫ابلتايل أربعة طرود ‪ ،‬ابعتبار أن الطرد هو وحدة البضاعة املشحونة معبأة يف أغلفة واألساس‬
‫هو أن حتمل كل وحدة رقمها وعالماهتا املميزة كما هو عليه احلال يف النازلة‪.2"....‬‬
‫على هذا األساس فإن اجتهاد حمكمة استئناف البيضاء يعترب تغليف البضاعة شرطا‬
‫أساسيا لكي أتخذ وصف الطرد ويف هذا الصدد أكد على أن آلة احلصاد ال ميكن أن تشكل‬
‫طردا لكون الطرد يفرتض معه أن تكون البضاعة مغلفة حبيث ال يستطيع الناقل من معرفة‬
‫طبيعتها وال قيمتها بدون بياانت الشاحن املدرجة يف سند الشحن‪.3‬‬
‫أما خبصوص اجتهاد اجمللس األعلى املغريب فإنه يسري يف اجتاه خمالف وال يعتد بعنصر‬
‫التغليف يف حتديد صفة الطرد‪ ،‬هذا ما جاء يف قرار‪ 4‬له بتاريخ ‪ ": 1979/10/26‬حيث أن‬

‫‪ -1‬الطعن رقم ‪ 77/19‬جلسة ‪ 1979/3/12‬والطعن رقم ‪ 78/39‬جلسة ‪ 1980/2/13‬مشار إليهما لدى مشار إليه لدى أمحد‬
‫حممود حسين ‪ ،‬النقل البحري الدويل للبضائع‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.274‬‬
‫‪ -2‬قرار استئنافية البيضاء ‪ 1989/4/4‬رقم ‪ 747‬ملف ‪ ، 87/ 2295‬مث القرار الصادر يف ‪ 1988/10/19‬رقم ‪ 102‬ملف‬
‫‪ 86/1028‬والقرار الصادر يف ‪ 1995/3/5‬رقم ‪ 444‬ملف ‪ 85/467‬وكل هذه القرارات هي غري منشورة‪ :‬مشار إليها لدى بنونة‬
‫يونس‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.98‬‬
‫‪ -3‬قرار استئنافية البيضاء يف ‪ 1989/5/16‬رقم ‪ 1070‬ملف ‪ 87/1097‬غري منشور‪ :‬مشار إليه لدى نفس املرجع ‪،‬ص‪.99‬‬
‫‪ -4‬قرار اجمللس األعلى رقم ‪ 326‬ملف ‪ 41958‬غري منشور‪ ،‬مث القرار الصادر بتاريخ ‪ 1969/1/22‬رقم ‪ 88‬منشور مبجلة القضاء‬
‫والقانون لسنة ‪، 1970‬ص ‪: 479‬مشار اليه لدى بنونة يونس‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.99‬‬

‫‪155‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫عبارة كل طرد الواردة يف الفصل ‪ 266‬ق ت ب أعاله تعترب عامة وشاملة حبيث يدخل حتت‬
‫مفهومها كل قطعة من البضاعة املنقولة على ظهر السفينة أاي كان نوعها وصفتها وحاهلا ‪،‬‬
‫بصرف النظر عن كواها مغلفة أو غري ذلك وهل كان من املمكن االطالع على ما بداخلها‬
‫من اخلارج أم ال ‪،‬فاعتبار حمكمة االستئناف تبعا ملا قضت به احملكمة االبتدائية من أن السيارة‬
‫العارية املنقولة على ظهر السفينة ال تعد طردا‪ .‬وابلتايل تدخل حتت مفهوم مقتضيات الفصل‬
‫‪ 266‬ق ت ب يعد من طرفها خرقا ملقتضيات الفصل املذكور ويعرض قرارها للنقض‪."....‬‬
‫بناءا على ذلك فإن اجمللس األعلى ال يعتد بعنصر التغليف يف حتديد صفة الطرد و‬
‫بذلك يعد خمالفا للمفهوم اللغوي والفقهي للطرد نفسه ابعتباره رزمة تعد مسبقا بقصد النقل ‪،‬‬
‫ذلك أن املشرع املغريب حينما قرر أبن يكون مقدار احلد األقصى ملسؤولية الناقل البحري مببلغ‬
‫‪ 1000‬درهم للطرد افرتض معه عدم معرفة الناقل البحري لطبيعة البضاعة احململة يف الطرد‬
‫وكذا قيمتها‪ ،‬ألنه عادة ما يكون الطرد مغلفا خيفي هوية البضاعة عن الناقل‪.1‬‬
‫اثلثا‪ :‬القضاء املصري‬
‫استقر القضاء يف مصر على أن للطرد معىن واحد هو البضاعة احملاطة احاطة كاملة‬
‫بقفص أو صندوق أو ما شاهبها من أنواع التغليف ‪ ،‬حبيث ختفي هذه اإلحاطة هوية البضاعة‬
‫عن الناقل تعترب طردا ‪ .‬وقد انتهت حمكمة اإلسكندرية االبتدائية يف حكمها الصادر بتاريخ‬
‫‪ 21‬فرباير ‪ 1954‬إىل أن السيارة املشحونة بدون تغليف ال تعترب طردا وال وحدة يف معىن‬
‫املادة ‪ 5/4‬من اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬استنادا إىل أن الطرد جيب أن يكون مغلفا‪.‬‬
‫كذلك يف حكم حديث حملكمة النقض املصرية حيث ذهبت إىل قول إىل أن كلمة طرد‬
‫الواردة ابلنصني الفرنسي واالجنليزي ملعاهدة بروكسل لسندات الشحن‬ ‫‪package‬‬ ‫أو‬ ‫‪colis‬‬

‫تعين أن البضاعة قد شحنت بعد حزمها واحدة أو أكثر‪ ،‬سوآءا مت تغليفها بورق أو قماش أو‬
‫‪،‬أو يف أجولة أو أكتفي بتحزميها أبربطة أو‬ ‫‪coffre‬‬ ‫ما شاهبه ‪،‬أو بوضعها يف صندوق مثال‬

‫‪ -1‬بنونة يونس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 100‬‬

‫‪156‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫شنابر ‪ Grosquet‬أو ‪ Bundle‬حبيث تكون كل حزمة منها معينة بذاهتا و أن يذكر عدد هذه‬
‫الطرود يف سند الشحن‪ .‬وعلى أساس ذلك يتضح احلد األقصى للمسؤولية للناقل عن هالك‬
‫البضاعة أو تلفها أثناء الرحلة البحرية‪.1‬‬
‫رابعا‪ :‬القضاء الفرنسي‬
‫لقد تضاربت أحكام االجتهاد القضائي الفرنسي خبصوص اعتبار الشاحنة مبثابة طرد‬
‫واحد ‪ ،‬فذهبت بعض‪ 2‬قرارته إىل اعتبار الشاحنة املنقولة جمرد طرد واحد ومنح ابلتايل للناقل‬
‫البحري حق االستفادة من احلد األقصى للتعويض ‪ .‬يف حني ذهب يف قرارات أخرى‪3‬عكس‬
‫ذلك ومل يعترب السيارة املنقولة عارية يف عداد الطرود النعدام عنصر التغليف وعليه يلزم الناقل‬
‫البحري ابلتعويض الكامل ‪ .‬لكن القضاء الفرنسي مل يعد يعمل هبذه املفاهيم وذهب إىل أبعد‬
‫من ذلك يف حتديد صفة الطرد فاعتد بنية طريف عقد النقل البحري من خالل سند الشحن‬
‫إلضفاء صفة الطرد على البضاعة ‪،‬حبيث إذا اجتهت هذه النية إىل اعتبار البضاعة احملمولة طردا‬
‫فإن العربة ستكون هبذا التوجه‪.4‬‬
‫خامسا‪ :‬القضاء اإلجنليزي‬
‫مل يبتعد القضاء اإلجنليزي عن ما تبناه القضاء الفرنسي فقد كان يف البداية أيخذ مبعيار‬
‫التغليف لكن ما لبث أن تراجع عنه واعتنق معيار نية املتعاقدين‪ .‬وقد خلص "اللورد ديبلوك"‬
‫‪ ":‬لقد استقر قضاء احملاكم اإلجنليزية وقضاء هذا‬ ‫‪the white rose‬‬ ‫هذا االجتاه يف قضية‬
‫اجمللس على أن مفهوم املادة ‪ 5/4‬من اتفاقية بروكسل امللحقة بقانون نقل البضائع عن طريق‬
‫البحر لسنة ‪ 1971‬هو البضاعة املغلفة ‪،‬أو املغطاة اليت ختفى عن عني الناقل وحتمل عالمات‬

‫‪ -1‬الطعن رقم ‪ 1929‬سنة ‪ 53‬ق جلسة ‪ 1988/12/26‬مشار إليه لدى عديل أمري خالد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 203‬‬
‫‪ -2‬قرار احملكمة التجارية لباريس الصادر بتاريخ ‪، 1974 DMF،1973/3/14‬ص ‪ ، 161‬قرار آخر صادر عن نفس احملكمة بتاريخ‬
‫‪، 1974/11/15‬ص ‪ 352‬مشار إليهما لدى بنونة يونس ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 101‬‬
‫‪:‬مشار إليه لدى املرجع السابق‪،‬ص‪.102‬‬
‫‪ -3‬قرار احملكمة التجارية لوهافر الصادر بتاريخ ‪، 1971 DMF 1970/9/8‬ص ‪193‬‬
‫‪ -4‬قرار حمكمة النقض الفرنسية الصادر يف ‪، 1965 DMF 1964/10/12‬ص ‪ ، 18‬قرار حمكمة روان ‪ ROUEN‬بتاريخ‬
‫مشار إليه يف املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬ ‫‪، 1977 DMF 1976/10/22‬ص ‪: 234‬‬

‫‪157‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫مميزة ويدون عددها وعالماهتا يف سند الشحن ‪ .‬فإذا كان الشاحن يف قضية احلال قد وضع‬
‫‪ 10‬طرود يف صندوق خشيب ومل يذكر يف سند الشحن عدد الطرود الصغرية وامنا اكتفى بذكر‬
‫الصندوق الكبري فقط فإن هذا الصندوق كله يعترب طردا واحدا ألن نية املتعاقدين قصدت‬
‫اعتبار هذا الصندوق هو الطرد يف شأن حساب احلد األقصى للتعويض الذي يدفعه الناقل"‪.1‬‬
‫يتبني مما تقدم ذكره أن سبب اختالف الفقه والقضاء حول مفهوم الطرد يعود إىل‬
‫غياب التعريفات التشريعية ملعناه فبالرغم من التعديالت اليت تعاقبت على اتفاقية بروكسل إال‬
‫أن واضعي االتفاقية مل يهتموا بتقدمي تعريف يقضي على اإلشكاالت اليت دارت حول املعىن‬
‫القانوين للطرد وهو ما يؤدي إىل اختالف يف تقدير التعويض وفق ضابط الطرد مما قد ينجم‬
‫عنه اخنفاض مبلغ التعويض وابلتايل عدم وجود أية محاية دولية للشاحنني يف النقل البحري‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫حكم البضائع املشحونة داخل حاوية‬
‫إن النقل ابحلاوايت ليس ابتكارا جديدا ‪،‬فقد نشأ يف النقل ابلسكك احلديدية‬
‫سنة‪، 1846‬حيث استخدم على شبكة السكك احلديدية الربيطانية يف العشرينيات ‪،‬يف هذه‬
‫الفرتة كان الشاي ينقل يف صناديق معدنية عرب هذه الواسطة ويف الطرق الربية أيضا‪ .‬وال يزال‬
‫ينقل بتلك الطريقة إىل حد اآلن ‪،‬كما أسس يف فرنسا عام ‪ 1933‬ما يعرف ابسم املكتب‬
‫الدويل للحاوايت ‪ BIC‬من طرف الغرفة التجارية لتنظيم عمليات النقل ابحلاوايت بني الدول‬
‫األوروبية‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-LLelesing fors‬‬ ‫‪steamship co .LTN Rederiak tiebolget Rex ,(1999)2LI.R,p52:‬‬
‫مشار إليه لدى ملزي عبد الرمحن ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 251‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬قماز إلدايز ليلى ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 142‬‬

‫‪158‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫غري أن بداية استخدام احلاوايت‪ 1‬يف النقل البحري مل تكن إال يف سنة ‪ 1925‬ولكن‬
‫بصورة حمدودة جدا و تزايد استخدامها سنة ‪، 1950‬لكنه اقتصر على النقل من رصيف‬
‫الشحن إىل رصيف ميناء الوصول أي على مرحلة النقل البحري فقط ‪.‬أما يف الوقت احلايل‬
‫فقد انتشرت السفن املبنية خصيصا للنقل ابحلاوايت اليت تتكامل فيها مزااي احلاوايت مع‬
‫التكنولوجيا احلديثة املوجودة يف هذا النوع من السفن وخاصة من حيث عمليات الشحن‬
‫والتفريغ ‪.2‬‬
‫كما بلغ النقل ابحلاوايت أمهية ابلغة لدرجة أن هيئة األمم املتحدة ابلتعاون مع املنظمة‬
‫نظمت مؤمترا دوليا عقد يف جنيف سنة ‪1972‬‬ ‫‪IMCO‬‬ ‫االستشارية البحرية للحكومات‬
‫للنظر يف ابرام اتفاقيات دولية تنظم املسائل املتعلقة ابلنقل عن طريق احلاوايت أطلق عليه‬
‫وقد شارك يف هذا املؤمتر‬ ‫‪Conférence on international container UN/IMCO‬‬

‫مندوبون عن ‪ 120‬دولة وهيئة‪ ،‬فتم التوقيع على املعاهدة الدولية للنقل اآلمن ابحلاوايت‬
‫النموذجية واملعاهدة الدولية للجمارك اخلاصة ابحلاوايت النموذجية‪.‬‬
‫نظرا للضرورة اليت يفرضها ارتباط الطرد ابحلاوية ومدى أتثري ذلك على تقدير التعويض‬
‫كان البد من التطرق للتعريف املادي للحاوية وتكييفها القانوين (أوال)‪ ،‬مث أييت بعد ذلك‬
‫تفسري العالقة اليت تربط احلاوية ابلطرود املشحونة داخلها وأثرها على التعويض(اثنيا)‪.‬‬

‫‪ -1‬عرف استعمال احلاوايت تطورا فيب اجلزائر ابتداءا من سنة ‪ ، 1995‬فقد وصل النقل ابحلاوايت سنة ‪ 2001‬إىل ‪ %23‬وبلغت كمية‬
‫البضائع املنقولة ابحلاوايت إىل ‪ 2‬مليون طن يف هذه السنة ‪ ،‬كما تلقى ميناء اجلزائر ‪ %70‬من احلاوايت املستوردة ‪ %75،‬منها موجهة‬
‫إىل العاصمة وحوايل ‪ %10‬موجهة إىل مناطق أخرى تبعد عن العاصمة مبسافة ترتاوح ما بني ‪50‬و‪ 250‬كلم ‪:‬‬
‫‪-Définition et évaluation d'un réseau stratéguique d'infrastructures de transport en‬‬
‫‪méditerranée occidentel (Destin)-Annexe "A" Algérie,octobre 2003,p92.‬‬
‫‪ -‬سوزان علي حسن ‪،‬عقد نقل البضائع ابحلاوايت ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 12‬وما يليها‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪159‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ : ‫الباب األول‬

:‫الفقرة األوىل‬
‫التعريف املادي للحاوية‬
‫تعرف احلاوية على أاها عبارة عن صندوق قوي ذو أبعاد حمددة عامليا من قبل هيئة‬
‫ أو األملنيوم املقوى ابلصلب لتخفيف وزن احلاوية الفارغة‬،‫املقاييس الدولية مصنوع من الصلب‬
‫ كما أاها تصنع أيضا من األلياف الكيماوية املعاجلة جلعلها تتحمل الصدمات وتقاوم كثرة‬،
‫ و قد حاول بعض الشراح تبسيط تعريف احلاوية إىل درجة اعتبارها وعاء يصلح‬.1‫استعماهلا‬
‫ قد انتقد من‬3‫لكن هذا التعريف والوارد أيضا يف القواميس الفرنسية‬،2‫ألن نضع أشياء بداخله‬
‫الذي اعتربه فضفاضا فلو أخذان به العتربت العلبة الصغرية‬ Rodiére ‫طرف الفقيه الفرنسي‬
‫ مث يضيف قائال أنه لو اعتربان هذا جمرد هزل‬.‫اليت توضع بداخلها عيدان الكربيت حاوية‬
‫حقيبة السفر وحقيبة اليد مما يدخل‬، ‫وأردان أن نكون أكثر جدية فسيصبح صندوق النقل‬
.4‫ضمن تعريفهم للحاوية‬

. 199 ‫ص‬، 2002 ‫ سنة‬،‫ اإلسكندرية‬،‫ دار الفكر اجلامعي‬،‫ النظام القانوين للنقل لبحري واحلاوايت‬،‫ حممد غريب عبد العزيز‬-1
2
-EX.A.Tinayre:" un machine pour mettre des trucs dedans".Winnie:"A useful thing to
put thing in ":des definitions cite par henri shadee-le contenenue juridique du
conteneur-DMF 1967,p602 et s
. 11 ‫ص‬، 1975 ، ‫ مصر‬،‫ الطبعة "األوىل‬،‫ نظام النقل أبوعية الشحن "احلاوايت‬،‫مشار إليه لدى إبراهيم مكي‬
3
-le conteneur est un récipient de capacité et de formes diverses utilisé pour la
manutention, le stockage ou le transport de matières en Vrac ou de lots d'objet donc il
permet de simplifier l'emballage ''le grand dictionnaire encyclopédique : Larousse
T.4" ,Voir de "caisse métallique"le petit Robert ", ou de grand contenant pour le
transport des marchandises "Grand Robert", Dictionnaire historique de la langue
francaise.
-R.Rodiére,un faux probléme celui des containers:DMF 1968,p709:"….javais dit qu'
4

une boite d'allumettes répondait au critéres dégagé par la difinition proposé ,plus
sérieusement ,il faisait remarquer que les définitions de dictionnaire con viendraient
tout aussi bien (ou tout aussi mal) à une malle ,une cantine ou une valise".cité par
PauletteVeaux –Fournerie,daniel Veaux,transport par conteneur,Juris-classeur
.transport ,cote 05,2003,p09.
160
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ابلرجوع إىل االتفاقيات الدولية فقد عرفتها اتفاقية سالمة احلاوايت لسنة ‪،11972‬حيث جاء‬
‫يف املادة الثانية منها أن احلاوية وحدة من معدات نقل البضائع صاحلة لالستخدام املتكرر ذات‬
‫متانة تكفي للمناولة يف املوانئ وعلى السفن ‪ ،‬مصممة خصيصا لنقل البضائع بوسيلة أو أكثر‬
‫من وسائل النقل ‪ .‬ودون عملية إعادة حتميل وسيطة ولكي جيري رصها أو مناولتها بسرعة‬
‫‪،‬حبيث تكون مزودة بتجهيزات ركنية هلذه األغراض وذات حجم تكون فيه املساحة احملصورة‬
‫ابألركان السفلية اخلارجية األربعة إما ‪ 14‬مرت مربع على األقل "‪ 150‬قدما مربعا"أو ‪ 7‬أمتار‬
‫مربعة على األقل "‪ 75‬قدما مربعا" إذا كانت مزودة بتجهيزات ركنية عليا‪ .‬و خيرج من تعريف‬
‫احلاوية العرابت أو املركبات غري أنه يضم احلاوية احملمولة على هياكل‪.‬‬
‫عرفتها اتفاقية إسطنبول لسنة ‪ 21990‬كما يلي‪ ":‬يقصد بعبارة "حاوية" أحد أنواع‬
‫معدات النقل " سيارة رفع ‪ ،‬صهريج متحرك ‪،‬أو هيكل مماثل آخر" حبيث جيب أن يكون‪:‬‬
‫أ‪-‬مقفال كليا أو جزئيا ليشكل مقصورة معدة الحتواء البضائع‪.‬‬
‫ب‪-‬ذا صفة ومتينا بشكل كاف ليكون صاحلا لالستعمال املتكرر‪.‬‬
‫ج‪-‬معدا خصيصا لتسهيل نقل البضائع بواحدة أو أكثر من وسائط النقل‪ ،‬دون احلاجة‬
‫لعملية حتميل وسيطة‪.‬‬
‫د‪-‬معدا للمناولة السريعة وعلى اخلصوص عند نقله من وسيلة نقل إىل أخرى‪.‬‬
‫ه‪-‬معدا لتعبئته وتفريغه بسهولة‪.‬‬
‫و‪-‬أن يكون حجمه من الداخل مرتا مكعبا ‪،‬أو أكثر وتتضمن احلاوية اللوازم والتجهيزات اليت‬
‫تناسب مع نوعها شريطة أن تكون تلك اللوازم والتجهيزات حممولة على احلاوية‪ .‬وال يتضمن‬

‫‪ -1‬أبرمت االتفاقية الدولية لسالمة احلاوايت ‪ csc‬يف ‪ 2‬ديسمرب ‪ 1972‬ودخلت حيز النفاذ يف ‪، 1975/12/ 6‬صادقت عليها اجلزائر‬
‫مبوجب املرسوم رقم ‪ 01/78‬املؤرخ يف ‪، 1978/01/21‬ج ر عدد‪ 4‬ل‪.1978/01/24‬‬
‫‪ -2‬أبرمت اتفاقية إسطنبول لسنة ‪ 1990‬املتعلقة ابإلدخال املوقت املربمة بتاريخ ‪، 1990/06/26‬صادقت عليها اجلزائر مبقتضى املرسوم‬
‫الرائسي ‪ 03/98‬املؤرخ يف ‪، 1998/1/12‬ج ر رقم ‪ 2‬ل ‪، 1998/01/17‬ص ‪. 42‬‬

‫‪161‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫اصطالح "احلاوية"السيارات ولوازمها ‪،‬أو قطع غيارها أو مواد الطلبات وتعترب اهلياكل القابلة‬
‫للتفكيك حاوايت‪. 1‬‬
‫أما اتفاقية روتردام لسنة ‪ 2008‬فقد عرفت احلاوية يف الفقرة ‪ 26‬من املادة األوىل‬
‫أباها‪ ":‬تعين أي نوع من احلاوايت أو الصهاريج ‪،‬أو املسطحات القابلة للنقل ‪،‬أو من‬
‫احلاوايت البدالة ‪،‬أو أي وحدة تعبئة مشاهبة تستخدم يف جتميع البضائع وأي ملحقة بوحدة‬
‫التعبئة تلك"‪.‬‬
‫من خالل ما تقدم من تعريفات دولية يالحظ أن اتفاقييت سالمة احلاوايت لسنة‬
‫‪ 1972‬وإسطنبول لسنة ‪ 1990‬قد اتفقتا على أن احلاوية تعترب أداة نقل متينة تصلح‬
‫لالستعمال املتكرر ‪،‬حبيث تفي بغرض املناولة والتفريغ السريع يف املوانئ والسفن حبيث حتافظ‬
‫على البضائع اليت بداخلها يف عملية نقل واحدة ‪،‬أو أكثر و هي ذات تصميم خاص لنقل‬
‫البضائع دون حاجة إىل إعادة شحنها والبضائع مرصوصة بداخلها‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫التكييف القانوين للحاوات‬
‫اختلفت التطبيقات القضائية بشأن الطبيعة القانونية للحاوية فانقسمت إىل اجتاهني‬
‫‪:‬األول يعترب احلاوية وسيلة نقل واالجتاه الثاين ينظر إليها على أاها وسيلة تغلفة‪ .‬وبناءا عليه‬
‫حيرم الناقل يف الفرض األول من االستفادة من احلد األقصى للتعويض ويلزم بدفع التعويض‬
‫كامال عن الضرر احلاصل‪ ،2‬إال يف حالة الضرر الواقع على البضائع نفسها ‪ .‬بينما يسمح له‬
‫يف الفرض الثاين من أن يستفيد من التعويض احملدود‪ ، 3‬على اعتبار احلاوية وسيلة للتغلفة‬
‫وابلتايل تعترب يف مقام البضائع‪.‬‬

‫‪ -1‬امللحق ب‪ ، 3‬الفصل األول حتت عنوان تعاريف يف املادة األوىل ‪ ،‬الفقرة ج من اتفاقية إسطنبول لسنة ‪.1990‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Aix-en-provence 18Dec1981,DMF 1981 ,P559,NOTE R.A :‬‬
‫مشار إليه لدى سوزان على حسن ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 20‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Trib.com.Bordeau 18 Aout 1981 ,BT .1982,P125 ; -Trib.com .marseille 15 Oct 1991‬‬
‫‪.BT.1992,p120:‬‬ ‫مشار إليه يف نفس املرجع ‪،‬ص‪21‬‬

‫‪162‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ال ميكن اعتبار احلاوية وسيلة نقل مستقلة ألاها يف حد ذاهتا حتتاج إىل وسيلة لنقلها‬
‫‪cour‬‬ ‫عرب خمتلف الوسائط الربية ‪،‬البحرية واجلوية ‪ .‬هذا ما قضت به حمكمة اجملموعة األوروبية‬
‫مبناسبة تقدير املصاريف املتعلقة بنقل‬ ‫‪de justice des communnautés européennes‬‬

‫بضائع مت شراؤها من "هونج كونج" ومت نقلها بطريق البحر إىل هامبورغ أبملانيا مث تواصلت‬
‫الرحلة عن طريق البحر إىل "فرانك فورت"‪ .‬ويف سبيل حساب مصاريف النقل كان على‬
‫احملكمة أن تتبع أحد االجتاهني السابقني ‪،‬فكان جواهبا أبن احلاوية ليست وسيلة نقل مستندة‬
‫يف ذلك إىل املادة ‪ 15‬فقرة ‪ 2‬من قواعد اجملموعة األوروبية الصادرة بتاريخ ‪28‬ماي ‪1980‬‬
‫املتعلقة بقيمة البضائع يف اجلمارك‪.1‬‬
‫إذن فاحلاوية تعترب وسيلة للتغلفة وهذا ما أكد عليه أيضا القضاء الفرنسي من خالل‬
‫بتاريخ‬ ‫‪Aix en provence‬‬ ‫عدة أحكام‪،‬نذكر منها احلكم الصادر عن حمكمة‬
‫‪، 1979/11/19‬اليت اعتربت احلاوايت طريقة بسيطة للتغليف مثلها مثل أي حقيبة‬
‫ألغراض املسافرين‪.2‬‬
‫يضاف إىل ذلك القرار الصادر عن حمكمة النقض الفرنسية يف‪ 25‬نوفمرب ‪2008‬‬
‫واليت قضت فيه أبن قضية وضع البضاعة يف احلاوية حتضريا لنقلها عن طريق البحر يرجع احلكم‬
‫فيها إىل القواعد القانونية اخلاصة بتغليف البضائع و املقررة لتنظيم عقد املقاولة يف القانون‬
‫املدين‪ .‬وال ختضع إىل أحكام الشحن والتفريغ وهو ما يثري مسؤولية الشاحن عن األضرار اليت‬

‫‪1‬‬
‫‪-CJCE;6Juin‬‬ ‫‪1990,BTL,1991,P76:‬‬
‫مشار إليه لدى قماز إلدايز ليلى ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.148‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-CA.Aix en provence,2ch,19 Déc 1979-Navire Zim Ibéria-DMF 1980,p731 .‬‬

‫‪163‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يسببها رص البضاعة بشكل غري مناسب داخل احلاوية مثلما هو عليه احلال عندما يسأل عن‬
‫الضرر الذي ينجم عن سوء تغليف البضاعة‪.1‬‬
‫و يف قرار آخر صادر عن نفس احملكمة يف ‪10‬مارس ‪، 2009‬حيث طبقت فيه هذه‬
‫األخرية فكرة سوء التغليف على حالة تبديل احلاوايت ونقل البضاعة من حاوية إىل أخرى ومل‬
‫تقبل هذه احملكمة فكرة تشبيه تبديل احلاوايت بتفريغ البضاعة‪ .‬وإمنا نظرت إليه من زاوية أنه‬
‫يتعلق بتغليف البضاعة واختيار وعاء مالئم هلا والذي يعترب من بني االلتزامات اليت تقع على‬
‫الشاحن‪.2‬‬
‫خالصة القول أن احلاوية ماهي إال طريقة تغلفة من نوع جديد‪،3‬فهي ختتلف عن كل‬
‫طرق التغلفة اآلخرى حبجمها الكبري وإبمكانية استخدامها أكثر من مرة و مبا أاها أداة مستقلة‬
‫عن السفينة وعن أية وسيلة أخرى‪ .‬و هذا ما يتأكد من خالل جتربة التأمني ‪ ،‬حيث تعامل‬
‫شركات التأمني احلاوية معاملة البضائع وتستخرج هلا وثيقة أتمني مستقلة تسمى بوليصة أتمني‬
‫احلاوايت‪ .‬لذلك جيب أن تتم عملية النقل احلاوايت فارغة بعقد نقل حبيث يسمح للناقل يف‬
‫حالة الضرر االستفادة من احلد األقصى للتعويض الذي يطبق يف حالة الضرر الواقع على‬
‫البضائع‪.4‬‬
‫اجلدير ابإلشارة إىل أن ما سبق ينطبق فقط يف حالة ما إذا كان الشاحن هو الذي قدم‬
‫احلاوية للناقل وليس يف حالة ما كانت احلاوية مقدمة من الناقل‪ .‬ألنه يف احلالة األخرية يتم‬
‫استخدام احلاوية مبوجب عقد اجيار حاوايت و الذي خيضع لقواعد قانونية خمتلفة عن القواعد‬
‫اليت حتكم عقد النقل‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Cass.com-25 Nov 2008-Navire Husky Runner,obs Yves Tassel,DMF :2- 2009,N°‬‬
‫‪700.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ca .com,10 mars 2009,Navire Mv Panter, obs Ph.Delebecque ,DMF:4-2009,N°702.‬‬
‫‪ -3‬ويضيف الفقيه ‪ R .Gouilloud‬أن املفهوم املركب للحاوية جيعلها وسيلة تغلفة وبضاعة يف نفس الوقت‪:‬‬
‫‪Martine Remond .Gouilloud, Droit maritime,Edtion pedone, Paris 1993,n°574.‬‬
‫‪ -4‬سوزان على حسن ‪،‬عقد النقل ابحلاوايت ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Aix en provence 19 Fév 1987 ,DMF 1988,p756, paris 17 Nov 1994 DMF‬‬
‫‪1996,p282.‬‬
‫‪164‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫عالقة الطرد ابحلاوية وأثرها على التعويض‬
‫إن مسألة التعويض يف النقل ابحلاوايت وخاصة عند تضرر احلاوية والبضائع بداخلها‬
‫تثري االشكال التايل‪ :‬إذا كانت احلاوية بال شك فارغة تعترب من قبيل الطرود فما هو احلكم إذا‬
‫مت شحن جمموعة من الطرود داخل حاوية أو مستوعبة ‪ ،‬هل ينظر إىل احلاوية على أاها جمرد‬
‫طرد يضاف إىل جمموع الطرود اليت حتتويها أم أاها تعد مبا فيها طردا واحدا فقط ؟‬
‫الثابت من اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬أاها مل تعاجل كيفية حساب احلد األقصى‬
‫للتعويض عندما تشحن البضاعة داخل احلاوية وذلك راجع ألن النقل ابحلاوايت مل يكن‬
‫معروفا وقت انعقاد هذه االتفاقية‪ ،‬فكان ال بد من أن أتيت اإلجابة على هذا اإلشكال عن‬
‫طريق بروتوكول تعديلها لسنة ‪، 1968‬حيث نصت الفقرة ج من املادة ‪ 5/4‬املعدلة منه‬
‫واليت مسيت بشرط احلاوية‪ 1‬على ما يلي ‪:‬‬
‫‪....‬ج‪-‬يف حالة استخدام حاوية أو لوح شحن أو أية أداة مشاهبة يف جتميع البضاعة فإن كل‬
‫طرد ‪،‬أو وحدة مثبت يف سند الشحن أنه متضمن داخل هذه األداة يعترب طردا ‪،‬أو وحدة يف‬
‫املعىن املقصود هبذه الفقرة ‪ .‬و يف غري احلالة املنصوص عليها أعاله فإن أداة النقل تلك تعترب‬
‫كطرد أو وحدة"‪.‬‬
‫يعترب الفقه الفرنسي‪ 2‬هذه الفقرة مبثابة حكم عادل يف مسألة تقدير احلد األقصى‬
‫للتعويض اخلاص مبسؤولية الناقل يف حالة نقل احلاوايت‪ ،‬ألن الناقلني ال يعرفون حمتوايت هذه‬
‫احلاوايت إال من خالل حالتها الظاهرة أو ابالستناد إىل ما يقدمه الشاحن من تصريح ‪.‬‬
‫لذلك ليس من العدل إلزامهم بتعويض يتحدد على أساس جمموع ما بداخل احلاوية من طرود‬
‫‪،‬أو الوحدات يف حالة مل يقم الشاحن إبعالمهم بذلك‪ .‬أما إذا كان هذا األخري قد بني للناقل‬
‫عدد الوحدات أو الطرود املوجودة داخل احلاوية وأرقامها وقام إبثبات ذلك يف سند الشحن‬

‫‪ -1‬يعقوب يوسف صرخوه‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 202‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-R.Rodiére et E Du Pontavice ,Droit Maritime, op.cit,421.‬‬

‫‪165‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫فإن الناقل عندها يصبح مسؤوال عن كل طرد قد مت شحنه داخل احلاوية يف احلدود املقررة‬
‫قانوان‪.‬‬
‫يالحظ أن ما أخذت به القاعدة ج السابقة يتطابق مع ما توصلت إليه احملاكم يف تبين‬
‫معيار قصد املتعاقدين‪ ،‬فالقصد العام من هذه القاعدة هو قصد مزدوج يتمثل يف‪:‬‬
‫‪-1‬أنه أعطى لطريف عقد النقل اخليار ملعاملة احلاوية أو الطرود‪ ،‬اليت عبئت بداخلها على أاها‬
‫طرد أو الوحدة املقصودة يف حساب احلد األقصى للتعويض‪.‬‬
‫‪-2‬بني كيفية ممارسة هذا اخليار فإنه على الشخص أن ينظر إىل وجه سند الشحن لرؤية العدد‬
‫الوارد فيه‪.1‬‬
‫أتسيسا على ما تقدم فإنه يوجد يف هذا الشأن ثالث احتماالت‪:2‬‬
‫أ‪-‬إما أن ال يذكر يف سند الشحن تعداد حملتوايت احلاوية مثل‪:‬حاوية يقال أباها حتتوي على‬
‫ماكينات ففي مثل هذه احلالة تعترب احلاوية أداة نقل ويف نفس الوقت تعترب طردا أو وحدة‬
‫وابلتايل يكون احلد األقصى للتعويض على أساس عشرة آالف فرنك ذهيب أو ثالثني فرنكا‬
‫للكيلوغرام من البضاعة التالفة أو اهلالكة أي املبلغني أعلى وجب على القاضي احلكم به‪.‬‬
‫ب‪-‬وإما أن يتم تعداد مفردات محولة احلاوية يف سند الشحن بشكل شامل مثل ‪:‬حاوية‬
‫واحدة حتتوي على ‪ 500‬صندوق من املاكينات ففي هذه احلالة يتم تقدير احلد األقصى‬

‫‪ -1‬لقد أوضح رئيس جلنة الصياغة املسؤولة عن شرط احلاوية يف ‪22‬فيفري ‪ 1968‬وأمام مؤمتر عام للمفوضني األثر املقصود للشرط بقوله‬
‫‪ ":‬إن األمر مرتوك للشاحن والناقل ليقررا فيما إذا كاان يريدان معاملة احلاوية على أاها طرد لتحديد املسؤولية ومن مث تدفع أجرة مرتفعة‬
‫للشحن يف هذه احلالة ‪،‬فاملهم أن سند الشحن يف أي يد يقع ‪،‬يف يد املرسل إليه ‪،‬يف يد املصرف املمول للصفقة أو يف يد املؤمن يكشف‬
‫من جمرد النظر إىل وجه السند ما إذا كانت الطرود ألغراض حتديد املسؤولية هي احلاوية أم الطرود املنفردة داخلها وعلينا أن نرتك األمر‬
‫مفتوحا لصناعة النقل ليقرر فيها الشاحن وصاحب السفينة عل أسس جتارية ما إذا كاان يرغبان يف احلصول على أجور على أساس كل‬
‫حاوية وعندها تعامل احلاوية كطرد أو على أساس أجور الشحن العادية وعندها تعامل الطرود العادية داخل احلاوية كطرود منفصلة وكل ما‬
‫علينا أن نفعله هو النظر إىل العدد املدرج يف سند الشحن لنعرف املقصود بتحديد املسؤولية حىت يف وجود عبارة ‪:‬حاوية يقال أاها حتتوي‬
‫على ‪ 20‬ماكينة ‪ ،‬فالعربة ابلرقم الذي تقع عليه العني ‪،‬فلو قيل حاوية حتوي ماكينات ‪ ،‬فهي طرد واحد من أجل حدود املسؤولية‪:‬‬
‫‪Anthony Diamon ,The Hague –Visby Rules ,Lioyd's maritime and commercial law‬‬
‫‪quarterrly ,may 1978,p242:‬‬
‫مشار إليه لدى عبد القادر حسن العطري ‪ ،‬احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ‪،‬ص ‪. 311‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.312‬‬

‫‪166‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫للتعويض على أساس كل صندوق من الصناديق اخلمس مئة هو طرد أو وحدة‪ .‬وتقدر هذه‬
‫املسؤولية ابلداللة النقدية مببلغ ‪10000‬فرنك ذهيب حسب ما جاء يف بروتوكول ‪1968‬‬
‫املعدل ملعاهدة بروكسل ل‪. 1924‬‬
‫ج‪-‬وإما أن يذكر يف سند الشحن تعداد جزئي حملتوايت احلاوية ومثال ذلك ‪:‬حاوية حتتوي‬
‫على ‪ 10‬صناديق من املاكينات وسلع عامة ويف مثل هذه احلالة حساب احلد األقصى‬
‫للتعويض وفق كل صندوق من الصناديق العشرة الباقية طبقا ملا سبق ذكره يف البند األول‪.‬‬
‫بصياغة آخرى فإن العبارات الواردة يف سند الشحن املقدم من طرف الناقل تعترب‬
‫حامسة فإذا أشار هذا السند إىل احلاوية يقال على "أاها حتتوي سلع عامة" فإن احلاوية مبا فيها‬
‫تعترب طردا أو وحدة ولكنها إذا عددت أي محولة عبئت يف حاوية بشكل منفرد فإن كال من‬
‫تلك احلمولة تعتربا طردا منفصال أو وحدة ‪ .‬فإذا ذكر يف سند الشحن بشكل خاص محولة‬
‫احلاوية دون احملتوايت األخرى فإن األدوات املذكورة بشكل منفصل تعترب طرودا منفصلة من‬
‫أجل تقدير احلد األقصى للتعويض وختضع ابقي حمتوايت احلاوية هلذا احلد على أساس الوزن‪.1‬‬
‫إن أول قرار هام صدر عن احملاكم األمريكية خبصوص احلاوايت وتقدير احلد األعلى‬
‫للمسؤولية عن الطرد ‪،‬كان قرارا صادرا عن حمكمة االستئناف للوالايت املتحدة )الدائرة‬
‫الثانية( و تتلخص وقائع القضية‪ 2‬يف أن املدعي "‪ " Leather'sBest‬اشرتى أحد عشر طنا‬
‫من اجللود من مصدر يف أملانيا سنة ‪ 1967‬وقام الناقل إبرسال حاوية من فئة ‪ 40‬قدما طوال‬
‫إىل البائع بناءا على طلبه بواسطة سائق شاحنة اتبع لذلك الناقل‪ .‬فأخذ مستخدمي البائع‬
‫بتعبئة احلاوية ‪ 99‬ابلة من اجللود وأغلقوها وختموها وذلك حتت اشراف سائق الشاحنة الذي‬
‫استلم احلاوية بعد ذلك وسلم مستخدمي البائع ايصاال ابستالمها وقام بتسليمها لشركة النقل‬
‫البحري لشحنها على السفينة "‪ "Mormachynx‬يف ميناء "أنتويرب" ببلجيكا ‪ .‬مث قام ممثل‬

‫‪ -1‬عبد القادر حسن العطري ‪ ،‬احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Leather's.best IMC.V.SS.Mormachynx:a.m.c 1971,p2382 and2383:‬‬
‫اندية حممد معوض السيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.463‬‬

‫‪167‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الشركة يف روتردام هبولندا إبصدار سند شحن يعرف البضاعة حتت بند ‪:‬عدد ونوع الطرود‬
‫‪ 99‬ابلة من اجللد وكان سند‬ ‫حتوي"‪"said contain‬‬ ‫‪،‬أوصاف البضاعة‪-‬حاوية يقال أاها‬
‫الشحن حيتوي يف زوايته اليسرى على عبارة واضحة تفيد أبن الشاحن يوافق على حدود‬
‫مسؤولية الناقل مبقدار ‪ 500‬دوالر عن مجيع حمتوايت احلاوية إال إذا أعلن هذا الشاحن عن‬
‫قيمة أعلى للبضاعة املنقولة ودفع عن ذلك أجرا إضافيا حسب تعريفة األجور املقررة يف مؤمتر‬
‫القارة ومشال األطلسي‪.‬‬
‫عندما وصلت السفينة إىل ميناء "بروكلني" يف الوالايت املتحدة األمريكية ‪،‬كانت‬
‫احلاوية وأختامها سليمة ومت انزاهلا يف فناء امليناء التابع للشركة الناقلة" ‪" Moormac‬وبعد يومني‬
‫من انزاهلا وجدت مسروقة خارج امليناء وفارغة من حمتوايهتا‪.‬‬
‫و بعرض النزاع على حمكمة االستئناف للوالايت املتحدة األمريكية )الدائرة الثانية(‬
‫أقرت هذه احملكمة‪1‬ابعتبار أن كل ابلة من ابالت اجللود هي طرد لغرض احلد األقصى‬
‫للتعويض ملسؤولية الناقل و هبذا أبطلت ما ورد يف سند الشحن من حدود املسؤولية على‬
‫اعتبار أن احلاوية هي الطرد وقررت تعويض الشاحن على هذا األساس‪ .‬وعللت رأيها أبن‬
‫غرض املادة ‪ 5/4‬من قانون نقل البضائع حبرا لسنة ‪ 1936‬يف الوالايت املتحدة واليت تقابلها‬
‫املادة ‪ 5/4‬من اتفاقية بروكسل كان هو وضع رقم معقول ال يسمح للناقل بتحديد رقم أقل‬
‫منه وعلى ذلك فإن كلمة طرد تتعلق ابلوحدة اليت يعبئ فيها الشاحن بضاعته أكثر مما تتعلق‬
‫ابجلسم املعدين الكبري )احلاوية(‪.‬‬
‫بشكل مماثل كانت حمكمة استئناف ابريس تراعي هذه املقتضيات و هذا ما يظهر‬
‫من قرارها الصادر بتاريخ ‪ 1988/11/14‬يف قضية السفينة ‪، 2 " Marie Delmas‬حيث‬
‫قضت أبن العربة بعدد الطرود املدرجة يف سند الشحن واملوجودة داخل احلاوية و اليت على‬

‫‪1‬‬
‫‪-Revue‬‬ ‫‪Americain maritime cases (A.M.C)1970 ,p 1316:‬‬
‫مشار إليه اندية حممد معوض السيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 464‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- CA. paris,14 Nov1988,obs p Bonassaises, DMF 1990,p150.‬‬

‫‪168‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أساسها يتم حساب التعويض ‪،‬أما التصريح يف وثيقة الشحن على وجود حاويتني دون حتديد‬
‫عدد الطرود هبما فاحلاوية هنا تعترب يف جمموعها طردا واحدا بغض النظر عن ابقي الطرود اليت‬
‫حتتويها‪.‬‬
‫كما قد تدخل احلاوية يف حد ذاهتا يف حساب التعويض إذا كان سند الشحن خاليا من‬
‫بيان قيمة البضاعة ابعتبارها تشكل طردا واحدا يضاف إىل جمموع الطرود اليت حتتويها‪ ،‬فإذا‬
‫كانت احلاوية أو مستوعبة مملوكة للشاحن ومن مت إذا تضمنت احلاوية ‪ 20‬طردا مثال و ذكر‬
‫هذا العدد يف سند الشحن فإنه ينبغي أن يقدر التعويض وفقا لنظام احلد األقصى عن فقدان‬
‫أو هالك هذه احلاوية مبا فيها على أساس ‪ 21‬طرد‪ .1‬و ابلتايل يكون للشاحن أو املرسل إليه‬
‫احلق يف مبلغ ‪ 210000‬فرنك ذهيب‪ ،‬ألن احلد األقصى للتعويض ‪10000‬فرنك حسب‬
‫بروتوكول ‪ 1968‬واملادة ‪ 805‬ق ب ج‪.‬‬
‫و هو نفس احلكم الذي أخذت به معاهدة هامبورغ وابستقراء املادة ‪22/6‬يتضح أن‬
‫هذه املعاهدة قد اقتبست هذه القاعدة من بروتوكول ‪ 1968‬املعدل التفاقية بروكسل‬
‫لسنة‪ 1924‬وما استقر عليه الفقه والقضاء السالفني الذكر‪ ،‬غري أن معاهدة هامبورغ قد‬
‫أضافت حكما مهما قد غفل عنه بروتوكول بروكسل لسنة‪ 1968‬يتمثل يف حالة ما كانت‬
‫احلاوية مقدمة من الشاحن وأصاهبا هالك أو تلف‪ ،‬فإن جسم احلاوية يعترب وحدة شحن‬
‫مستقلة عن البضاعة اليت توجد بداخلها عند حساب احلد األعلى للتعويض‪.‬‬
‫ال شك يف أن الباعث من وراء اعتبار احلاوية الفارغة وحدة شحن تضاف إىل جمموع‬
‫البضائع التالفة ‪،‬أو اهلالكة يف هذا النوع من النقل يرجع إىل أن احلاوية يف حد ذاهتا تعترب مال‬

‫‪ -1‬بنونة يونس ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 102‬‬


‫‪ -2‬تنص املادة ‪ 2/6‬من معاهدة هامبورغ ‪....... " :‬أ‪ -‬يف حالة استخدام حاوية أو منصة نقالة أو أية أداة نقل مماثلة لتجميع البضائع ‪،‬‬
‫فإن الطرود أو وحدات الشحن األخرى املعددة يف سند الشحن واملذكور أاها معبأة يف أداة من أدوات النقل هذه‪،‬حتسب طرودا أو وحدات‬
‫شحن مستقلة ويف خالف ماتقدم تعترب البضائع املعبأة يف أداة النقل املذكورة وحدة شحن واحدة ‪.‬ب‪-‬يف حاالت هالك أداة النقل ذاهتا‬
‫أو تلفها ‪ ،‬تعد أداة النقل املذكورة عندما ال تكون مملوكة للناقل ‪،‬أو مقدمة منه أبي شكل آخر ‪،‬وحدة شحن مستقلة "‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ذو قيمة و قد تزيد قيمتها عن قيمة البضائع‪ ،‬اليت حتتويها يف بعض احلاالت وعليه فمن العدل‬
‫أن يستحق الشاحن تعويضا عن هالكها أو تلفها‪.1‬‬
‫عند الرجوع إىل قواعد روتردام وعلى غرار ما هو حاصل يف اتفاقية هامبورغ بشأن النقل‬
‫ابحلاوايت فقد تضمنت هي األخرى أحكاما مشاهبة وطبقا للفقرة ‪ 2‬من املادة ‪ 59‬من هذه‬
‫االتفاقية عندما تكون البضائع املنقولة يف حاوية ‪،‬أو أداة مشاهبة فإن عدد الطرود أو وحدات‬
‫الشحن حتسب على أساس عدد الطرود أو وحدات الشحن املذكورة يف تفاصيل العقد‪ .‬وإن مل‬
‫يذكر ذلك تعترب البضائع كلها املعبأة يف احلاوية أو األداة املشاهبة طردا واحدا ‪،‬أو وحدة شحن‬
‫واحدة ‪،‬على أن تعترب احلاوية أو األداة املماثلة حبد ذاهتا نوع من أنواع البضائع عندما ال تكون‬
‫مقدمة من الناقل أو ممن يقوم مقامه‪ .‬و ذلك مبقتضى البند ‪ 24‬من املادة األوىل‪، 2‬مما يعين أن‬
‫احلاوية أو األداة املشاهبة اليت ال يقدمها الناقل وال تقدم ابلنيابة عنه حتسب طردا واحدا‪ ،‬أو‬
‫وحدة شحن مستقلة عن عدد الطرود ‪،‬أو وحدات الشحن املوضوعة بداخلها‪.3‬‬
‫أما خبصوص القانون البحري اجلزائري فإن املشرع قبل تعديل املادة ‪ 805‬ق ب ج من‬
‫األمر ‪ 80/76‬مبوجب القانون ‪ 05/98‬مل يذكر شيئا عن احلاوية وعن حكم البضائع‬
‫املشحونة داخلها ‪،‬إال أنه بعد التعديل يف ‪ 1998/06/ 25‬مزج بني ما جاء به بروتوكول‬
‫‪ 1968‬واتفاقية هامبورغ من أحكام فجاءت الفقرة ‪ 2‬من نص املادة ‪ 805‬ق ب ج املعدلة‬
‫متأثرة هبذا الربوتوكول فنصت على ما يلي‪ ":‬يف حالة استخدام حاوية ‪،‬أو أية أداة أخرى‬
‫لتجميع البضائع فإن العربة يف حساب أي املبلغني أكرب لتحديد املسؤولية هي عدد الطرود‬
‫املدونة يف سند الشحن ‪،‬أو أية وثيقة أخرى تثبت عقد النقل البحري"‪.‬‬

‫‪-1‬مسيحة القليويب‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬سنة ‪،1987‬املرجع السابق‪، ،‬ص ‪. 312‬‬


‫‪ -2‬ينص البند ‪ 24‬من املادة األوىل من قواعد روتردام‪ ":‬البضائع تعين ما يتعهد الناقل بنقله مبقتضى عقد النقل من سلع وبضائع وأشياء أاي‬
‫كان نوعها ‪ ،‬وهي تشمل مواد الرزم وأي معدات وحاوايت ال يوفرها الناقل أو ال توفر نيابة عنه"‪.‬‬
‫‪ -3‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع ‪ ،‬السابق ‪ ،‬ص ‪. 410‬‬

‫‪170‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫غري أن الفقرة الثالثة من نفس املادة فقد أخذت ابحلكم الذي أتت به الفقرة ‪ 2‬من‬
‫املادة ‪ 6‬من معاهدة هامبورغ فنصت على أنه ‪":‬وإذا تضررت أداة النقل نفسها ومل تكن مملوكة‬
‫للناقل تعترب وحدة شحن أخرى"‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫الوحدة‪Unité‬‬ ‫ضابط‬
‫إن املشاكل اليت أاثرهتا املادة ‪ 5/4‬من اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬واليت تعترب إحدى‬
‫عيوب االتفاقية مل تتوقف عند مفهوم الطرد ومدى عالقته ابحلاوية فحسب وإمنا تزايدت‬
‫بسبب الغموض الذي أحاط ابملقصود من الوحدة مما أاثرت التساؤل التايل ‪:‬هل يقصد‬
‫‪ Fregiht‬كالطن املرتي أو‬ ‫)‪Unit (F.U‬‬ ‫ابلوحدة تلك اليت حتسب األجرة على أساسها‬
‫‪Physical‬‬ ‫احلجمي أو املرت املكعب أو الكيلوغرام؟ أم يقصد هبا وحدة الشحن العضوية‬
‫‪ shipping Unit‬واليت يستلمها الناقل من الشاحن مثل السيارة غري املغلفة أو اآللة أو الربميل‬
‫‪1‬‬
‫أو البالة أو الكيس؟‬
‫لإلجابة على االشكال جيب البحث أوال يف آراء الفقه وما قدمه من تفسري ملفهوم‬
‫الوحدة‪ ،‬مثيليه التطرق ملاجاءت به أحكام القضاء يف هذا الشأن‪.‬‬
‫أوال‪ :‬آراء الفقه حول تفسري الوحدة‬
‫لقد اختلفت آراء الفقهاء حول البضائع اليت يشملها لفظ الوحدة الوارد يف اتفاقية‬
‫بروكسل لسنة ‪ 1924‬وبروتوكول تعديلها لسنة ‪ ،1968‬فانقسمت اآلراء إىل أربع اجتاهات‪:‬‬
‫االجتاه األول‪:‬‬
‫يرى أنصار هذا االجتاه‪ 2‬أن كلمة وحدة تنطبق على البضاعة اليت ال يطلق عليها يف‬
‫اللغة اجلارية كلمة طرد مثل براميل الزيت وابالت القطن أو الصوف وجواالت املواد الغذائية‬

‫‪ -1‬عبد القادر حسني العطري ‪،‬احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 379‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬عبد الرمحن سليم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 284‬وما يليها ‪،‬ويف نفس املعىن حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬القانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‬
‫‪ ، 304‬مصطفى كمال طه ‪،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 315‬‬

‫‪171‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪،‬فإذا كانت البضاعة املشحونة ابالت قطن مثال يقدر احلد األقصى التعويض ملسؤولية الناقل‬
‫البحري مببلغ مائة جنيه اجنليزي وفقا للمعاهدة ‪.‬أما إذا كانت البضاعة مما يشحن مجلة أو صبا‬
‫‪ En Vrac‬كالفحم أو الغالل أو األخشاب فإن كلمة الوحدة يقصد هبا يف هذه احلالة وحدة‬
‫الوزن ‪،‬أو املقاس ‪،‬أو احلجم ‪،‬أو الكيل الذي يتخذ عادة كأساس لتحديد أجرة النقل كالطن‬
‫الوزين أو الطن احلجمي أو اهلكتولرت أو املرت املكعب أو القنطار‪.‬‬
‫فإذا كانت البضاعة املشحونة مخسني طنا من الفحم مثال يتحدد التعويض الواجب‬
‫على الناقل دفعه مببلغ أقصاه مخسون ضعفا ملبلغ املائة جنيه اجنليزي املقررة يف املعاهدة على‬
‫اعتبار أن الطن هو الوحدة‪.‬‬
‫االجتاه الثاين‪:‬‬
‫ذهب أصحاب هذا الرأي‪ 1‬إىل القول أبن البضائع اليت ينطبق عليها مصطلح الوحدة‬
‫هي البضائع السائبة ‪،‬اليت تشحن بدون تغليف فهي يف نظرهم تعترب وحدة واحدة وهلا مبلغ‬
‫واحد‪ .‬وخيرج عن هذا االطار البضاعة اليت تشبه الطرد كقطع احلديد و أعواد اخلشب ‪.‬‬
‫االجتاه الثالث‪:‬‬
‫يرى أنصاره‪ 2‬أبن املقصود بلفظ الوحدة هي الوحدة اليت جرى عرف امليناء على‬
‫اعتبارها وحدة ابلنسبة لنوع معني من البضاعة املنقولة أو املعدة للنقل‪.‬‬
‫االجتاه الرابع‪:‬‬
‫يرى جانب من الفقه‪ 3‬أن مفهوم كلمة وحدة هي ما انصرفت إليه نية املتعاقدين‬
‫ودونت يف سند الشحن ‪،‬فال جمال لالختالف يف استخالص نية الطرفني ‪،‬فإذا كانت احلمولة‬
‫مكونة من أجسام غري مغلفة كاجلرار مثال أو عربة سكة حديد أو حمول كهرابئي وذكر يف سند‬
‫الشحن على أنه وحدة ومت وضع أجرة الشحن على أساس ذلك ‪،‬فإن حساب مبلغ التحديد‬

‫‪ -1‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬سنة ‪ ، 1969‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 752‬‬
‫‪ -2‬مشار إليه لدى اندية حممد معوض السيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.458‬‬
‫‪ -3‬عبد القادر حسني العطري ‪ ،‬احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪. 281‬‬

‫‪172‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫النقدي للمسؤولية يكون وفق هذا اجلسم الذي يشكل وحدة واحدة لغرض احلد األقصى‬
‫للتعويض‪ .‬أما إذا ذكر وزنه وأن أجرة الشحن قدرت على أساس الطن احلجمي أو الوزين فإن‬
‫تقدير التعويض النقدي يف حالة استفادة الناقل من احلد األقصى للتعويض يكون بناءا على‬
‫وحدة أجرة الشحن أي الطن احلجمي أو الوزين ‪.‬‬
‫كما أنه يف حالة نقل البضاعة احلجمية فاملعتاد أن يذكر يف سند الشحن أن أجرة النقل‬
‫تستوىف بناءا على احلجم أو الوزن وابلتايل يكون احلد األعلى للمسؤولية وفق هذا األساس‬
‫فالذي حيدد الوحدة املعتمدة لتقدير احلد األقصى للتعويض هو قصد املتعاقدين الواضح من‬
‫سند الشحن‪ .‬لكن بشرط أن ال يتجه هذا القصد لتسمية شيء ما أبنه طرد تسميةً تشوه‬
‫املعىن املطابق للكلمة اليت استعملها القانون و إال كان نظام احلد األقصى للتعويض عبارة عن‬
‫عملية تضليل ختضع للمساومة‪.1‬‬
‫صفوة القول أنه ال ميكن األخذ ابلرأي األخري ألنه اعتمد على معيار شخصي وهو‬
‫القصد الذي ذهب إليه املتعاقدين و ألن حتديد الدقيق ملعىن الوحدة يتطلب معيارا موضوعيا‬
‫للفصل يف املسألة‪ .‬من جهة أخرى فإن تقييد قصد املتعاقدين بشرط مفاده أال تكون فيه‬
‫األشياء اليت تنتمي إىل الطرود ضمن ذلك القصد هو أمر صعب ومعقد ‪،‬كما ال ميكن األخذ‬
‫ابالجتاه الثالث فقد استند إىل معيار حملي وهو عرف امليناء والذي خيتلف ابختالف املوانئ‬
‫وابلتايل ال يساعد القضاة يف حتديد املعىن الصائب للوحدة يف عقود النقل الدولية وذلك‬
‫الختالف عرف مينائي الشحن والتفريغ ‪.‬‬
‫كذلك ال ميكن االستناد إىل االجتاه الثاين فقد اقتصر يف تعريفه للوحدة على البضاعة‬
‫السائبة دون األشياء اجلامدة مما ميكن القول أنه كان قاصرا‪ .‬وعليه فإن االجتاه األول هو‬
‫الراجح ألنه مجع بني البضائع غري املغلفة اليت خترج عن دائرة الطرود ‪،‬اليت يطبق عليها وحدة‬
‫الشحن العضوية والبضائع احلجمية اليت ال يذكر إال قياسها أو ووزاها أو كيلها دون عددها‬

‫‪ 1‬عبد القادر حسني العطري ‪ ،‬احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.282‬‬

‫‪173‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫كاحلبوب والسوائل ‪،‬اليت يطبق عليها وحدة أجرة الشحن وهو ما كان فيه إملام كايف مبفهوم‬
‫الوحدة‪.‬‬
‫اجلدير ابلذكر أن املشرع يف كل الدول العربية قد أشار إىل لفظ الوحدة يف كل من‬
‫القوانني الداخلية فمثال يف األردن (املادة حبري ‪214‬أردين) ‪،‬لبنان( املادة‪ 211‬حبري لبناين)‬
‫‪،‬الكويت(املادة ‪ 193‬من قانون التجارة البحرية لسنة ‪، ) 1980‬لكن املشرع العريب اكتفى‬
‫بتبين كلميت الطرد والوحدة دون أن يتدخل يف تعريف معنامها إن كانت تعين وحدة الشحن‬
‫العضوية أم وحدة أجرة الشحن‪. 1‬‬
‫أما يف الدول الغربية وخصوصا يف تشريع الوالايت املتحدة األمريكية املتعلق بنقل البضائع‬
‫‪،‬الذي تبىن قواعد بروكسل لسنة ‪ 1924‬فقد أخذ بشكل‬ ‫"‪"Cogsa‬‬ ‫حبرا لسنة ‪1936‬‬
‫صريح يف املادة ‪ 5/4‬منه بتفسري معىن الوحدة واليت تعين وحدة أجرة الشحن املعتادة ‪،‬فجاء يف‬
‫هذه املادة أن الناقل ال يسأل مبا ال يزيد عن ‪ 500‬دوالر للطرد من العملة القانونية للوالايت‬
‫املتحدة و يف حالة البضائع غري املشحونة يف طرود يكون التحديد لكل وحدة من أجرة شحن‬
‫وهو أوضح من النص الذي جاءت به املادة‪ 5/4‬من‬ ‫‪per customary freight unit‬‬ ‫معتادة‬
‫اتفاقية بروكسل لسنة ‪ .1924‬ومن ذلك يتضح أن الكوجنرس األمريكي مل يقصد تغيري معىن‬
‫ما جاءت به االتفاقية بل كان يقصد توضيح ما شاب تلك االتفاقية من قصور‪.2‬‬
‫أما اتفاقييت هامبورغ‪ 3‬وروتردام‪ 4‬فقد تفادات ما وقعت فيه اتفاقية بروكسل وبروتوكول‬
‫تعديلها لسنة ‪ 1968‬بشأن عدم إجياد تعريف واضح حول ملدلول الوحدة ‪،‬حيثا اتفقتا على‬
‫أن املقصود من األخرية هي وحدة الشحن ‪،‬أي الوحدة العضوية للشحن‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد القادر حسني العطري ‪،‬ابسم ملحم ‪،‬الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية – دراسة مقارنة – ‪،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬اإلصدار األول ‪،‬‬
‫دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪ ،‬سنة ‪، 2009‬ص ‪. 342‬‬
‫‪ -2‬عبد القادر حسني العطري ‪،‬ابسم ملحم ‪،‬املرحع السابق‪،‬ص‪.342‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ 1/6‬من اتفاقية هامبورغ ‪.‬‬
‫‪ -4‬املادة ‪ 1/59‬من قواعد روتردام ‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫عند العودة إىل القانون البحري اجلزائري يالحظ أن املشرع قد ساير اتفاقية هامبورغ ومل‬
‫يرتك أدىن شك حول املراد من لفظ الوحدة ‪،‬حيث نصت املادة ‪ 805‬ق ب ج "‪...‬فال يعد‬
‫الناقل مسؤوال عن اخلسائر أو األضرار اليت تصيب البضائع أو اليت تتعلق هبا مببلغ يزيد عن‬
‫‪ 10000‬وحدة حسابية عن كل طرد أو وحدة شحن‪.1‬‬
‫لكن التساؤل الذي يثور يف هذا الصدد هو عن حكم البضائع املشحونة اليت ال تنتمي‬
‫ال إىل الطرد و ال للوحدة‪ ،‬فكيف يتم التعويض عنها؟‬
‫جييب بعض الفقه‪ 2‬عن هذا التساؤل أبنه يف هذه احلالة يتعطل سراين قاعدة احلد‬
‫األقصى للتعويض عما يصيب تلك البضائع من ضرر ويصبح الناقل مسؤوال عن التعويض‬
‫كامال‪.‬‬
‫يف هذا الشأن قضت حمكمة النقض املصرية أبن السيارة املنقولة مكشوفة ال تعد طردا‬
‫أو وحدة يف مفهوم املادة ‪ 5/4‬من معاهدة بروكسل لسندات الشحن لسنة ‪ ،1924‬ألن‬
‫الطرد يفرتض أن تكون البضاعة مغلفة حبيث ال يتسىن للناقل أن يتبني طبيعتها أو قيمتها إال‬
‫ابلرجوع إىل البياانت اليت يدرجها الشاحن يف سند الشحن وأما الوحدة فهي قاصرة على‬
‫األشياء اليت تعترب يف حد ذاهتا وحدة كاملرت املكعب والطن ولذلك يسأل الناقل عن قيمة‬
‫السيارة كاملة ‪،‬لكنه غري مسؤول عن ضياع ما هبا من أشياء مل حيط هبا علما‪. 3‬‬

‫‪ -1‬ذهب القضاء اجلزائري يف حكم صادر عن احملكمة العليا والذي رفضت فيه تطبيق نظام احلد األقصى للتعويض وذهبت إىل أتييد قرار‬
‫اجمللس الذي قضى ابستبعاد نص املادة ‪ 805‬من القانون البحري ‪،‬يف قضية تلفت فيها ثالث بكرات من الكوابل أثناء عملية التفريغ من‬
‫السفينة ‪،‬فتمسك الناقل بتطبيق احلد األقصى للتعويض يف مسؤوليته عن الضرر احلاصل على أساس أن الشاحن مل يديل بسعر الوحدة يف‬
‫سند الشحن غري أن القاضي أثبت خالف ذلك وأبن وثيقة الشحن تتضمن تصرحيا بوصف البضاعة ووزاها ومثنها تفصيال ومن مث ال ميكن‬
‫تطبيق املادة ‪ 805‬أعاله ‪،‬ملف رقم ‪، 391372‬صادر بتاريخ ‪، 2007/02/70‬منشور يف اجمللة القضائية ‪،‬العدد األول ‪ ،‬سنة ‪2007‬‬
‫‪ ،‬ص‪. 351‬‬
‫‪ -2‬أمحد حممود حسين‪ ،‬النقل الدويل البحري للبضائع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،276‬كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري‬
‫للبضائع عام‪ ،1978‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،111‬علي حسن يونس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.322‬‬
‫‪ -3‬اسكندرية االبتدائية ‪ ، 1954/2/21‬جملة القانون الفرسي ‪، 1955‬ص ‪ 313‬مشار إليه لدى كمال محدي ‪ ،‬مسؤولية الناقل البحري‬
‫للبضائع يف قانون التجارة البحرية رقم ‪ 8‬لسنة ‪ 1990‬دراسة مقارنة مع اتفاقية هامبورغ ‪،‬منشأة املعارف جالل حزي وشركاه ‪ ،‬سنة‬
‫‪ ، 1995‬ص ‪.175‬‬

‫‪175‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫كما تبنت حمكمة التمييز الكويتية هذا الرأي يف العديد من أحكامها فلم تعترب السيارة‬
‫املشحونة دون تغليف طردا أو وحدة و قدرت التعويض عن تلفها تبعا لقيمتها اليت قدرها‬
‫اخلبري فقالت ‪ ":‬أما عن سيارة املرسيدس فإاها وقد شحنت ظاهرة دون تغليف كما هو واضح‬
‫من سند الشحن فإن نية املتعاقدين ال تكون قد انصرفت إىل اسباغ صفة الطرد عليها بل‬
‫تكون العربة حبقيقة حاهلا وإذا كان من الثابت أن اخلبري قد انتهى يف تقريره إىل تقدير قيمة‬
‫تلك السيارة أبلفي دينار فإن التعويض يكون وفق هذه القيمة"‪.1‬‬
‫كما طبقت ذات املبدأ على رافعتني قد مت شحنهما غري مغلفتني‪ ،‬فلم تعتربمها طردا وال‬
‫وحدة يف مفهوم املادة ‪ 5/4‬من معاهدة بروكسل لسنة ‪ 1924‬وأخضعتهما من حيث تقدير‬
‫التعويض املستحق عنهما حلكم القواعد املقررة يف قانون التجارة البحري رقم ‪ 28‬لسنة‬
‫‪ 1980‬الذي مت التعاقد يف ظله‪.2‬‬
‫اثنيا‪ :‬تفسري الوحدة يف القضاء‬
‫مل جيد القضاء األمريكي أي صعوبة يف البحث عن مفهوم الوحدة وذلك ألن املشرع‬
‫أراحه من عناء‬ ‫‪Cogsa‬‬ ‫األمريكي يف قانون نقل البضائع عن طريق البحر لسنة ‪1936‬‬
‫البحث عن املعىن احلقيقي للوحدة‪ .‬واليت تعين كما سبقت اإلشارة إليه وحدة أجرة النقل‬
‫املعتادة‪. 3‬‬
‫لقد ذهب هذا القضاء إىل تطبيق مفهوم قانون ‪ Cogsa‬لوحدة الشحن يف الكثري من‬
‫القضااي ‪ ،‬نذكر منها قضية ‪،4Géneral motors‬حيث اعتربت احملكمة الفدرالية األمريكية أن‬
‫فقدان ُمولد ُمصنع للقوة ‪Power plant‬مكون من مولدين ووحدة رقابة ومجيعها مل يكن مغلفا‬

‫‪ -1‬الطعن رقم ‪ 1982/85‬جتاري جلسة ‪ 1982/5/25‬مشار إليه لدى أمحد حممود حسين‪ ،‬النقل الدويل البحري للبضائع‪ ،‬املرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.277‬‬
‫‪ -2‬الطعن رقم ‪ 1983/95‬جتاري جلسة ‪ ،1984/1/4‬مشار إليه مشار إليه لدى أمحد حممود حسين‪ ،‬النقل الدويل البحري للبضائع‪،‬‬
‫املرجع السابق‪ ،‬ص‪.277‬‬
‫‪ -3‬ملزي عبد الرمحن ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.267‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Géneral motors .corp.v.morma coak (1971) Revue A.M.C,p1652 :‬‬
‫مشار إليه يف املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪،‬مينح الناقل احلق يف حدود املسؤولية ب ‪ 500‬دوالر ألن ُمولد القوة يشكل وحدة أجرة‬
‫الشحن املعتادة مبوجب املادة ‪5/4‬من قانون نقل البضائع األمريكي ‪ ،‬كما أفصح يف ذات‬
‫القضية أبن عبارة أجرة الشحن املعتادة يف هذا اجملال وعلى ضوئها التشريعي تشري إىل وحدة‬
‫الكمية ‪ ،‬أو الوزن ‪،‬أو املقاس اخلاص ابلبضاعة واليت تستعمل بشكل معتاد كأساس حلساب‬
‫أجرة الشحن اليت يراد تقاضيها ‪.‬‬
‫و قد أضافت حمكمة االستئناف‪ 1‬بقوهلا‪ " :‬أنه يف غياب التاريخ التشريعي اخلاص مبعىن‬
‫عبارة "أجرة الشحن املعتادة" فإن احملاكم ‪Over seas joyce،India Supply Mission :‬يف‬
‫يف سنة‪ 1978‬قد حكمتا أبن وحدة‬ ‫‪Kiku Maru،Sunble Bee‬‬ ‫سنة ‪ 1966‬وحمكميت‬
‫الشحن املعتادة ال تشري إىل وحدة الشحن العضوية ولكنها تشري إىل وحدة احلمولة واليت‬
‫حتتسب أجرة الشحن على أساسها سوآءا أكانت الوحدة وحدة للكمية أم للمقاس ‪.‬‬
‫مل يقتصر هذا التفسري على احملاكم األمريكية بل أخذت به حماكم بلدان أخرى فقد‬
‫حكمت احملكمة العليا الكندية أبن جرارا غري مغلف ومولدا للطاقة يشكل كل منهما وحدة‬
‫وأن تقدير التعويض وفق احلد األقصى للتعويض عن كال من اآللتني املذكورتني لوحدها هو‬
‫‪ 500‬دوالر ورفضت احملكمة اطالق وحدة الشحن على البضائع املغلفة ‪،‬مما يدل على أاها‬
‫اعتربت كال من الوحدتني وحدة شحن عضوية‪ .‬وذلك اعتمادا على ما جاء يف سند الشحن‬
‫حتت بند عدد الطرود واحملتوايت ‪":‬جرار و مولد " وهكذا تكون هذه احملكمة قد طبقت مبدأ‬
‫الوحدة كما أثبتها سند الشحن ورفضت هذه احملكمة تفسري كلمة الوحدة الواردة يف القانون‬
‫األمريكي وقررت أن الوحدة يف القانون الكندي‬ ‫‪Cogsa‬‬ ‫الكندي على حنو ما أورده قانون‬
‫تعين وحدة البضاعة أو أداة من أدوات البضاعة وليس وحدة أجرة الشحن‪. 2‬‬

‫‪-1‬حكم حمكمة اسئناف الوالايت املتحدة األمريكية (الدائرة الثانية) يف ‪ 17‬نوفمرب ‪:1971‬‬
‫مشار إليه لدى ‪ ،‬عبد القادر حسني العطري ‪ ،‬احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 282‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Falcondridge Nickle Mines V.chimo Shipping (1973) 2 Lioyd's Rep ,p469:‬‬
‫مشار إليه لدى ‪ ،‬عبد القادر حسني العطري ‪ ،‬احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.283‬‬

‫‪177‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أما القضاء الفرنسي فقد كان منذ سنة ‪ 1949‬يرى أبن وحدة الوزن أو احلجم أو‬
‫املقاس اليت أتخذ ابحلسبان عند تقدير احلد األقصى للتعويض هي الوحدة اليت تدون يف سند‬
‫الشحن ‪،‬كما تبىن هذا القضاء مفهوم الوحدة الذي يقتصر فقط على البضائع اليت تشحن‬
‫صبا ‪،‬ألنه يعترب جماهلا الطبيعي والذي يستلم فيه الناقل البضائع موصوفة ابلوزن أو احلجم أو‬
‫املقاس‪.1‬‬
‫كما مل يبتعد القضاء العريب عن هذه املفاهيم إذ أخذ بنفس الفكرة كحل إلشكال‬
‫احلاصل حول مفهوم الوحدة‪ .‬وذلك يف سبيل ضبط مقدار احلد األقصى للتعويض الواجب‬
‫على الناقل دفعه للمضرور عما يصيب بضاعته من خسارة‪ ،‬فقد قامت كل من حمكمة النقض‬
‫املصرية‪2‬وحمكمة التمييز الكويتية‪3‬إبعطاء تعريف للوحدة على أاها وحدة الوزن ‪،‬أو املقاس ‪،‬أو‬
‫احلجم ‪،‬أو الكيل الوارد بسند الشحن ابلنسبة للبضائع اليت ستشحن مجلة دون ربط ‪،‬أو‬
‫تغليف واليت مل متيز إال بوزاها أو قياسها أو حجمها دون عددها‪ .‬ويف هذه احلالة تتخذ هذه‬
‫الوحدة الثابتة يف سند الشحن أساسا لتقدير اهلالك أو التلف الذي يصيب البضاعة‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬‬
‫الضوابط املستحدثة حلساب احلد األقصى للتعويض‬
‫لقد اقتصرت اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬على ضابطني مها الطرد والوحدة حسب ما‬
‫جاء يف املادة ‪ 5/4‬منها ‪،‬غري أنه مبوجب تعديل هذه االتفاقية بربوتوكول‪41968‬قد مت إضافة‬

‫‪- "Antenu que l'unité ……ne peut disigner l'unité de pois ou de mesure que lorqu 'il‬‬
‫‪1‬‬

‫‪s'agait de marchandisees en vrac et que le transporteur apris en charge ,en‬‬


‫‪conséquence,un certain nombre de tonnes,d'héctolitrres ou de metres cubes d'une‬‬
‫‪marchandises qui ne lui est pas remise en colis ,balles ,futs ou sacs….": Cour‬‬
‫‪d'oran,7/2/1949,DMF1950,p126.‬‬
‫‪ -2‬الطعن رقم ‪ 1229‬سنة ‪ 53‬ق جلسة ‪ : 1988 /12/ 26‬مشار إليه لدى عديل أمري خالد ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.203‬‬
‫‪ -3‬الطعن رقم ‪ 88/145‬جلسة ‪ ، 1983 /3/3‬الطعن رقم ‪ 83/95‬جلسة ‪ : 1984/1/4‬مشار إليه لدى أمحد حممود حسين‪ ،‬النقل‬
‫الدويل البحري للبضائع ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.275‬‬
‫‪ -4‬تنص املادة ‪ 3/2‬من بروتوكول ‪ 1968‬على ما يلي ‪":‬مامل يعلن عن قيمة وطبيعة البضاعة قبل الشحن ويدون ذلك يف سند الشحن فال‬
‫يكون الناقل أو السفينة يف أي حال من األحوال مسؤوال عن أي هالك أو تلف مببلغ يزيد على ما يعادل عشرة آالف فرنك لكل طرد أو‬
‫وحدة أو ثالثني فرنكا لكل كيلو غرام من الوزن اإلمجايل للبضائع اهلالكة أو التالفة أيهما أعلى"‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ضابط اثلث من أجل تقدير احلد األقصى للتعويض وهو ضابط الوزن و الذي يعترب من‬
‫الضوابط اليت تقيم نوعا من العدالة بني الناقل والشاحن‪ ،‬عندما يكون الطرد أو الوحدة من‬
‫ذوات احلجم الكبري أو ذوات الوزن الثقيل وابلتايل فإنه مبقتضى ضابط الوزن أصبح الطرد‬
‫الكبري ال يستوي مع الطرد الصغري عند حساب احلد األقصى للتعويض‪.1‬‬
‫أما اتفاقية هامبورغ‪ 2‬فقد أخذت بضابط الوزن وأضافت معه ضابطا آخر يعترب من‬
‫املستحداثت اليت جاءت هبا االتفاقية ويتمثل يف ضابط أجرة النقل ‪،‬الذي وظفته يف حالة‬
‫وقوع ضرر للبضاعة بسبب التأخري يف تسليمها إىل املرسل إليه ‪،‬كما تبعتها يف هذا التوجه‬
‫اتفاقية روتردام ‪،‬فقد نصت يف املادة‪ 60‬منها على ما يلي‪.....":‬وتكون املسؤولية عن اخلسارة‬
‫االقتصادية النامجة عن التأخر حمدودة مببلغ يعادل ضعفي ونصف أجرة النقل الواجب دفعها‬
‫عن البضائع املتأخرة ‪.".....‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫ضابط الوزن‬
‫إن نتيجة اخلالف حول معىن الطرد والوحدة كان هلا أثر يف ظهور ضابط الوزن ‪ ،‬مما‬
‫دفع جمموعة العمل يف "اليونسرتال" ‪ UNICITRAL‬إىل البحث عن بديل ‪،‬حيث قال الوفد‬
‫النيجريي أن الدول النامية وهي دول شاحنة تفضل أن يعتمد يف نظام احلد األقصى للتعويض‬
‫على أساس الوزن‪ .‬وإذا كان احلل املثايل يكمن يف تبين نظام يؤسس على ضابط الوزن إال أن‬
‫مثل هذا النظام سيثري مشكالت أيضا يف حالة اهلالك اجلزئي والتلف وذلك عندما تصل‬
‫الطرود مكسورة ‪،‬لذلك انتهى الوفد الربيطاين إىل القول أنه يفضل نظام مزدوج يقوم على‬
‫أساس الطرد أو الوحدة والوزن وقد لقي هذا أتييدا من الوفد األمريكي‪.3‬‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.226‬‬


‫‪ -2‬تنص املادة ‪ 6‬من معاهدة هامبورغ ‪(........":‬ب)‪-‬حتدد مسؤولية الناقل وفقا ألحكام املادة ‪ 5‬عن التأخري يف التسليم مببلغ يعادل‬
‫مثلي ونصف مثل أجرة النقل املستحقة الدفع عن البضائع املتأخرة ‪،‬على أال يتجاوز هذا املبلغ جمموع أجرة النقل املستحقة الدفع مبوجب‬
‫عقد النقل البحري للبضائع"‪.‬‬
‫‪ -3‬أمحد حمود حسين ‪ ،‬التعليق على نصوص اتفاقية هامبورغ ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 77‬وما يليها ‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫كما يظهر مما تقدم أن هذه املعاهدة قد أبقت على النظام الثنائي للحساب التعويض‬
‫عن كل طرد ‪،‬أو وحدة ‪،‬أو عن كل كيلو غرام الذي جاء به بروتوكول ‪ 1968‬اخلاص بتعديل‬
‫معاهدة بروكسل ‪ .1924‬وبسبب القيمة املنخفضة نسبيا ألغلب البضائع املنقولة حبرا قرر‬
‫مؤمتر هامبورغ االحتفاظ أبقصى مبلغ للتعويض يف املسؤولية عن الكيلوغرام منخفضا مقارنة‬
‫أبقصى املبالغ املماثلة ابلنسبة لوسائل النقل األخرى ‪.‬‬
‫لقد كان من الضروري اإلبقاء على احلدود القصوى للتعويض وفق الطرد أو الوحدة‬
‫وذلك من أجل توفري محاية أفضل ألصحاب الطرود صغرية الوزن نسبيا ذات القيمة املرتفعة‬
‫وابلرغم من أن مؤمتر هامبورغ لسنة ‪ 1978‬قد وافق على أنه ينبغي بسبب التضخم أن تكون‬
‫حدود املبالغ املتعلقة ابهلالك أو التلف يف قواعد هامبورغ أعلى من احلدود اليت وضعها‬
‫بروتوكول بروكسل لسنة ‪، 1968‬فإن حجم الزايدة كان حمور النقاش واحلدود اليت مت االتفاق‬
‫عليها أخريا ال تزيد إال بنسبة مقدارها ‪ % 25‬تقريبا عن احلدود املنصوص عليها يف هذا‬
‫الربوتوكول وهو مبلغ فاقه التضخم منذ ذلك الوقت‪.1‬‬
‫أن وحدة الوزن‬ ‫‪Christian scapel ، Pierre Bonasaisses‬‬ ‫يرى الفقيهان‬
‫ابلكيلوغرام هي وحدة قائمة بذاهتا وعليه تبقى وحدة الوزن‪ 2‬ابلطن أو القنطار داخل جمال‬
‫وحدة الشحن ‪ ،‬فالوزن الذي يعتد به القاضي يف حساب احلد األقصى للتعويض هو الوزن‬
‫اإلمجايل للبضاعة وليس وزاها الصايف‪.3‬‬
‫فإذا كان اإلشكال املطروح يف النقل ابحلاوايت قد نشأ على اعتبار أن تقدير احلد‬
‫األقصى للتعويض يكون على أساس الطرد ‪ ،‬غري أن أاها ليست الطريقة الوحيدة حلساب‬
‫التعويض ‪،‬فإن اإلشكال الذي يثور هنا يدور حول ما إذا كان التعويض الذي يلتزم به الناقل‬
‫البحري للبضائع يتعرض لألغراض املوجودة داخل احلاوية للهالك أو التلف ‪ .‬و عليه هل سيتم‬

‫‪ -1‬مدحت حافظ إبراهيم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪ -2‬ضابط الوزن هو معمول به يف عدة اتفاقيات النقل الدولية غري حبرية كاتفاقية النقل الربي ‪ ،CMR‬االتفاقية الدولية لنقل البضائع‬
‫ابلسكك احلديدية ‪، CITIF-CIM‬اتفاقية وارسوا للنقل اجلوي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Pierre Bonasaisses et Christian scapel,op.cit,p712.‬‬

‫‪180‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ : ‫الباب األول‬
‫احتساب احلد األقصى للتعويض وفق الوزن اإلمجايل هلذا الغرض وحده أم حسب الوزن‬
1
‫اإلمجايل للحاوية ككل بوصفها بضاعة هالكة أو اتلفة؟‬
‫يف هذا الشأن ذهب القضاء الفرنسي يف حادثة تتعلق بعملية نقل يف إطار عقد نقل‬
‫ أطنان ضررا ابلغا‬10 ‫حيث تضررت مركبة ذات‬، 1924 ‫دويل حتكمه اتفاقية بروكسل لسنة‬
‫فقرر هذا القضاء تطبيق احلد األقصى للتعويض وفقا للوزن الكلي على اعتبار أن ما تضرر‬،
.2‫من أجزاء يشكل عنصر واحدا مع األجزاء السليمة األخرى‬
‫إذ كان تطبيقا لقانون‬، ‫ما يالحظ على هذا احلكم أنه جاء سليما من الناحية القانونية‬
‫ املعدلة ابملرسوم الصادر‬4/57 ‫ ال سيما املادة‬،1966 ‫التجهيز والنقل البحري الفرنسي لسنة‬
‫" إذا مل يتعرض للهالك أو التلف سوى جزء من‬: ‫اليت جاء فيها‬، 1987 ‫نوفمرب‬12 ‫يف‬
‫ال ينطبق إال على وزن اجلزء‬... ‫الطرود أو الوحدات فإن احلد األقصى املقرر ابلكيلوغرام‬
‫ما مل يكن اهلالك أو التلف قد أصاب الطرود أو‬، ‫اهلالك أو التالف من الطرود أو الوحدات‬
.3"‫الوحدات يف جمموعها أو جعلها غري قابلة لالستعمال‬
‫الواقع أن مطالب الدول الشاحنة املتمثلة يف أن يكون ضابط الوزن هو الضابط الوحيد‬
‫ دون األخذ ابلطرد أو وحدة الشحن هو‬،‫الذي على أساسه يتم تقدير احلد األقصى للتعويض‬

- PauletteVeaux –Fournerie,daniel Veaux, op.cit,p53.


1

- Aix .en.prvence 5 oct 1989 ,DMF 1991,p41,Sàgissant


2
d'un vehicule de 10 tonnes
gravement en dommagé ,et les juges appliquant la limitation au poids total ,les parties
endomagées faisant corps avec les parties intacts ,la chose affectant ainsi le "colis"
dans son ensenble :voir aussi cour d'appel de Nouméa ,17juill1997 -BT 1998-520,cité
par Pierre Bonasaisses et Christian scapel,op.cit,p712.
3
-Art 57, alnéa 04, du décrit du 31 décembre 1966 modifié par le décrit du 12
novembre 1987 (D-N°87-922, journal officiel 18 novembre 1987 JCP
1987,III,60801):" lorsque les pertes ou dommages ne portent que sur une partie d'un
colis ou d'une unité , la limite par kilogramme visée au a du paragraphe 5 de l'article 4
de la convention internationale pour l'unification de certaines règles en matière de
connaissement signée à Bruxelles le 24 aout 1924 et modifiée par des protocoles,
signée a Bruxelles le 23 février 1968 et le 21 décembre 1979 , ne s'applique qu'au
poids de la partie endommagée ou perdue de ce colis ou de cette unité, à moins que la
perte ou le dommage n'affecte la valeur du colis ou de l'unité dans son ensemble ou ne
le rende inutilisable en l'état ".
181
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أمر ال خيدم مصاحل هذه الدول و يؤدي إىل حكم غري عادل عند حساب احلد األقصى‬
‫للتعويض ويظهر هذا من خالل املثال التايل‪:‬‬
‫فلو أنه مت شحن طرد يزن ‪ 50‬كيلوغراما و لكن القيمة احلقيقية هلذا الطرد‬
‫تعادل‪5000‬دينار جزائري مثال ويف ذات الوقت مت شحن طرد آخر من نفس الوزن غري أن‬
‫قيمته ال تزيد ‪2000‬دينار جزائري فالتعويض وفق احلد األقصى للتعويض على أساس الوزن‬
‫يؤدي إىل احلكم مببلغ واحد لكل من الطردين ألاهما متعادالن يف الوزن‪ ،‬أي أنه يف الطرد‬
‫األول سيتم حساب احلد األقصى التعويض كما يلي‪ 1500=5000.30 :‬دينار جزائري‬
‫وابلنسبة للطرد الثاين ستكون نفس النتيجة واملشكلة أاهما متفاواتن يف الثمن وهو حكم غري‬
‫عادل ‪،‬هذا يف الفرض الذي مل يبني فيه الشاحن قيمة الطرد يف سند الشحن‪ .‬وبعبارة أخرى‬
‫فإن األخذ بضابط الوزن فقط بشأن البضائع خفيفة الوزن غالية الثمن يؤدي إىل حصول‬
‫املضرور على تعويض غري متعادل مع القيمة احلقيقة للطرد‪.1‬‬
‫ابلرجوع إىل املناقشات اليت دارت حول تقدير التعويض يف مؤمتر هامبورغ يالحظ أن‬
‫هناك انتصارا لالجتاه الذي يطالب بضابط الوزن والطرد معا لتقدير احلد األقصى للتعويض‬
‫‪،‬لذلك جاء نص املادة ‪/1/ 6‬أ من اتفاقية هامبورغ على النحو اآليت‪:‬‬
‫"حتدد مسؤولية الناقل وفقا ألحكام املادة ‪ 5‬عن اخلسارة الناجتة عن هالك البضائع أو تلفها‬
‫مبا يعادل ‪ 835‬وحدة حسابية عن كل طرد أو وحدة شحن أخرى ‪،‬أو ‪ 2.5‬وحدة حسابية‬
‫عن كل كيلوغرام من الوزن القائم للبضائع يهلك أو يتلف أيهما أكرب"‪.2‬‬
‫يظهر من خالل هذا النص أنه قد أعطى للمضرور حق اختيار أي ضابط من‬
‫الضوابط يتم وفقه تقدير احلد األقصى للتعويض مادام أنه قد مت إدراج بياانت عن الوزن وعدد‬
‫الطرود يف سند الشحن‪ .‬وعليه يستطيع املضرور عند حتقق مسؤولية الناقل البحري للبضائع‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 229‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫عن هالك البضاعة أو تلفها أن يرجع على هذا األخري وفق الضابط األنسب له‪ ،‬إما حسب‬
‫الوزن و إما حسب الطرد أو الوحدة ‪.‬‬
‫يف حالة ما إذا كان الوزن غري معروف فإن الطرد أو الوحدة يبقى هو املعيار املطبق‬
‫وابلتايل ال يسمح للشاحن إبعمال حريته يف اختيار إحدى الضوابط السابقة‪.‬كما أنه يف حالة‬
‫عدم تضمني سند الشحن عدد الطرود والوحدات املعبأة يف احلاوية فإن معيار الوزن ال يكون‬
‫قابال للتطبيق وهو ما عربت عنه العبارة األخرية من املادة ‪/2/ 6‬أ بقوهلا‪" :‬ويف خالف ما‬
‫تقدم‪ ،‬تعترب البضائع املعبأة يف أداة النقل املذكورة وحدة شحن واحدة"‪. 1‬‬
‫غري أن األستاذ حمسن شفيق يرى أن هذا احلكم ال جيب أن أيخذ على إطالقه بل هو‬
‫أمر يستشف من الرجوع إىل الكيفية اليت مت هبا حترير سند الشحن‪ .‬و بناءا على ذلك ال تعترب‬
‫احلاوية طردا واحدا إال إذا ذكرت يف سند الشحن دون أي بيان ‪،‬كأن يذكر مثال أن ما ُسلم‬
‫هو حاوية فحسب وهو وضع يكاد ال يقع يف الواقع العملي ‪،‬أما إذا قيل حاوية حجمها ثالثة‬
‫أمتار مكعبة ‪،‬فإن املرت املكعب يكون عندئذ وحدة شحن‪ .‬و ابلتايل يكون احلد األقصى‬
‫للتعويض هو‪3 :‬م‪ 30000=10000. 3‬فرنك و إذا قيل حاوية تزن ‪ 3000‬كغ فإن احلد‬
‫األقصى للتعويض يكون على أساس الوزن ويتم احلساب على النحو اآليت‪ 3000:‬كغ ‪30.‬‬
‫=‪ 90000‬فرنك‪.2‬‬
‫جممل القول أن ضابط الوزن قد قدم حال للمشكلة اليت اثرت يف ظل اتفاقية بروكسل‬
‫لسنة ‪ 1924‬وهي مشكلة السيارات و اآلت اليت تشحن بدون تغليف ‪،‬حيث مل يعتربها‬
‫القضاء املصري‪3‬من قبيل طرد أو الوحدة‪ .‬و كذلك أقام ضابط الوزن نوعا من العدل بني‬
‫الناقل والشاحن‪،‬عندما نكون أمام حاوية مل يتم ذكر ما بداخلها من عدد الطرود ‪،‬أو الوحدات‬
‫يف سند الشحن ‪،‬أو وثيقة النقل األخرى اليت تثبت عقد النقل ففي هذه احلالة تعترب احلاوية‬

‫‪ -1‬أمحد حممود حسين ‪ ،‬التعليق على نصوص اتفاقية هامبورغ ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 79‬‬
‫‪ -2‬حمسن شفيق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪ -3‬حكم حمكمة اإلسكندرية االبتدائية سبقت اإلشارة إليه‪ ،‬يف الصفحة ‪ 172‬من هذه الرسالة‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫طردا واحدا عند احتساب احلد األقصى للتعويض‪ .‬ويستحق الشاحن أو املضرور الرقم املبني‬
‫يف االتفاقية الواجبة التطبيق للطرد الواحد‪ .‬أما إذا ُدون يف سند الشحن وزن البضاعة اليت مت‬
‫نقلها عن طريق احلاوية فإن املضرور يف ظل أحكام وفق بروتوكول بروكسل لسنة ‪1968‬‬
‫‪،‬قواعد هامبورغ ‪،‬قواعد روتردام يستطيع أن يتمسك ابلتعويض على أساس ضابط الوزن وال‬
‫شك أن هذا الضابط أفضل بكثري من ضابط الطرد نظرا ملا حيققه من عدل يف حصول‬
‫املضرور على تعويض خيفف من اخلسارة اليت حلقته‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫أجرة النقل‬
‫كما هو معلوم أن اتفاقية بروكسل وبروتوكول تعديلها لسنة‪ 1968‬مل ينصا على‬
‫مسؤولية الناقل عن حالة التأخري يف وصول البضاعة إىل صاحبها وهو ما فتح الباب على‬
‫مصراعيه للخالف الفقهي السالف الذكر‪،1‬احلاصل حول إمكانية سراين احلد األقصى‬
‫للتعويض املقرر حلاليت اهلالك والتلف على الضرر الناتج عن التأخري‪.‬‬
‫أمام صمت هذه االتفاقية ‪،‬فقد جاءت اتفاقييت هامبورغ (املادة‪ )5‬وروتردام (املادة ‪60‬‬
‫)أبحكام صرحية تنظم احلد األقصى للتعويض عند ثبوت مسؤولية الناقل البحري عن حالة‬
‫التأخري والسبب يرجع يف ذلك إىل التطور التكنولوجي الذي مس صناعة النقل البحري وهو‬
‫ما انعكس على التجارة البحرية وزاد من وتريهتا ‪،‬مما اقتضى األمر أن يسأل الناقل عن أتخري‬
‫احلمولة يف التسليم إىل املرسل إليه مما قد ينجم عنه ضرر كتفويت صفقة بيعها‪.‬‬
‫لقد لقي احلد األقصى للتعويض املقرر حلالة التأخري و الذي فرضته الدول النامية‬
‫(الشاحنة) اعرتاضا من جانب شركات النقل العاملية ‪،‬حيث أصرت هذه األخرية بواسطة‬

‫‪ -1‬للمزيد من التفصيل يف ما أتى به الفقه يف هذا الشأن يرجى الرجوع إىل الصفحة ‪105‬ومايليها من هذه الرسالة‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫مندوبيها على استبعاد مسؤولية الناقل عن التأخري من نطاق قواعد هامبورغ ‪،‬أو وضع نظام‬
‫خاص هلذه املسؤولية‪ ،‬فجاء ضابط أجرة النقل ليوفق بني االجتاهني املتناقضني‪.1‬‬
‫بعد إقرار مسؤولية الناقل عن الضرر الناتج عن التأخري ‪،‬أثريت مسألة كيفية احتساب‬
‫التعويض عن هذه املسؤولية فذهب بعض الوفود يف مؤمتر هامبورغ إىل اعتبار الضرر الناتج عن‬
‫التأخري نوعا من التلف ومن مثة وجب اتباع أحد الضابطني اللذين يسراين على حالة التلف‬
‫ومها الطرد أو الوزن ‪ ،‬بينما ذهب البعض اآلخر للقول أن األفضل األخذ بضابط أجرة النقل‬
‫كأساس لتقدير احلد األقصى للتعويض عن حالة التأخري وذلك ملا فيه من إنصاف للناقل‬
‫‪،‬ألن أجرة النقل هي مقياس عادل للتكاليف اليت يتحملها هذا األخري يف نقل البضائع وعليه‬
‫جيب أال تتجاوز مسؤوليته جمموع األجرة اليت حيصل عليها الناقل لقاء ما ينقله من البضائع‪.2‬‬
‫بناءا على هذا فقد جاءت املادة‪ 6‬من قواعد هامبورغ أتييدا للرأي الذي اندى بضابط‬
‫أجرة النقل يف تقدير احلد األقصى للتعويض يف حالة وقوع ضرر جراء التأخري ‪،‬حيث مت وضع‬
‫مقدار مرتني ونصف من أجرة النقل عن البضائع املتأخرة‪.‬‬
‫من أجل دراسة ضابط أجرة النقل على اعتبار أن االتفاقيات الدولية اقتصرت على‬
‫توظيفه يف تقدير احلد األقصى للتعويض عن الضرر الناجم عن أتخري البضائع يف التسليم إىل‬
‫املرسل إليه‪ ،‬فإن األمر يتطلب أن نتطرق أوال ملفهوم أجرة النقل‪ ،‬مث األسس اليت يتم وفقها‬
‫حتديد أجرة النقل وأخريا كيفية حساب احلد األقصى للتعويض عن الضرر الناجم عن التأخري‪.‬‬

‫‪ -1‬حمسن شفيق ‪،‬رئيس جلنة صياغة مؤمتر هامبورغ مارس ‪،1978‬ضوابط حتديد مسؤولية الناقل يف اتفاقية هامبورغ وتوافق املصاحل ‪،‬اجمللة‬
‫األكادميية العربية للنقل البحري ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،1983‬ص‪. 118‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Georges-o et Robert-Tissot, le connaissement direct titre de transport combinés‬‬
‫‪maritime, terrest, aérien, libraire général de droit et jurisprudence, Paris 1957,‬‬
‫‪p82.‬‬
‫محزة حداد‪ ،‬اتفاقية هامبورغ لسنة ‪، 1978‬مطبعة اجلامعات األردنية ‪ ،‬عمان ‪، 1980‬ص ‪ ، 81‬إبراهيم مكي ‪،‬أوعية الشحن ‪ ،‬املرجع‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪ ، 175‬حسني غنامي ‪ ،‬املصلحة يف التأمني على البضائع املنقولة حبرا ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪،1979‬ص‪.115‬‬

‫‪185‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫‪Freight ,fret‬‬ ‫أوال‪ :‬تعريف أجرة النقل‬


‫يقصد هبا املبلغ النقدي الذي يلتزم الشاحن أو املرسل إليه أبدائه للناقل مقابل التزام‬
‫هذا األخري بنقل البضاعة املتفق عليها عن طريق البحر‪.1‬‬
‫ابلرجوع إىل االتفاقيات الدولية فإن األجرة مل حتضى بتعريف ضمن أحكامها إال ما‬
‫ورد يف املادة ‪ 28/1‬من قواعد روتردام واليت جاء فيها‪" :‬أجرة النقل تعين األجر املستحق دفعه‬
‫للناقل مقابل نقل البضائع مبقتضى عقد النقل" ويتحدد مقدار األجرة يف األصل ابتفاق‬
‫الطرفني‪ .2‬وإذا مل يوجد اتفاق صريح على مقدارها فريجع تقديرها إىل العرف أو أبجرة املثل‬
‫وفقا لتقدير القاضي والواقع أنه ينذر أن تثور مشكلة حتديد األجرة إذ أن أساس حتديدها‬
‫يكون عادة منظما يف لوائح الناقل ومناذجه‪.3‬‬
‫غري أنه إذا تضمنت تفاصيل العقد العبارة "أجرة النقل املدفوعة سلفا" أو عبارة مشاهبة‬
‫فال جيوز للناقل أن يتمسك جتاه احلائز أو املرسل إليه أبن أجرة النقل مل تدفع ‪ ،‬فال تنطبق هذه‬
‫املادة إذا كان احلائز أو املرسل إليه هو أيضا هو الشاحن ‪،‬حسب ما تضمنته املادة ‪ 42‬من‬
‫معاهدة روتردام ‪،‬فإذا جاء سند الشحن خاليا من بيان ما هو مستحق من أجرة عند الوصول‬
‫قامت هنا قرينة مفادها أن الناقل قد قبض األجرة كاملة وختتلف قوة هذه القرينة على النحو‬
‫التايل‪:‬‬
‫أ‪-‬إذا اثر النزاع بني الناقل والشاحن فالقرينة تعترب بسيطة ‪،‬أي جيوز للناقل اثبات أنه مل‬
‫يقبضها‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا اثر النزاع مع الغري ويدخل املرسل إليه حتت هذا الوصف فإن القرينة تكون قاطعة‪،‬‬
‫حبيث ال يستطيع الناقل أن يثبت يف مواجهة املرسل إليه أو أي ذي مصلحة تتعلق بتسليم‬

‫‪ -1‬عديل أمري خالد ‪،‬أحكام دعوى مسؤولية الناقل يف ضوء قانون التجارة البحرية اجلديد واملستحدث من أحكام النقض‪ ،‬منشأة املعارف‬
‫ابإلسكندرية ‪،‬ص ‪. 62‬‬
‫‪ -2‬تنص املادة ‪ 1/797‬ق ب ج على أنه‪ ":‬ترتتب على الشاحن أجرة الشحن أو احلمولة واليت حدد مقدارها وكيفية دفعها مبوجب‬
‫اتفاقية األطراف "‪ ،‬هو نفس املعىن الذي ورد يف املادة ‪ 42‬من املرسوم الفرنسي رقم ‪ 1078- 66‬الصادر يف ‪. 1966/12/13‬‬
‫‪ -3‬علي البارودي ‪،‬القانون البحري ‪،‬الدار اجلامعية ‪،‬سنة ‪، 1988‬ص ‪. 229‬‬

‫‪186‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫البضاعة أنه مل يقبض األجرة إال إذا أثبت سوء نية هذا الغري‪ ،‬أي علمه أبن األجرة كلها أو‬
‫جزءا منها ال يزال مستحقا‪.1‬‬
‫لكن يف الواقع العملي و خبصوص حتديد أجرة عقد النقل الدويل هناك ما يعرف بنظام‬
‫املؤمترات البحرية ‪ 2conferences maritime‬والذي يقصد به االتفاقات اليت يعقدها اجملهزون‬
‫الذين يسريون سفنا على ذات اخلط أو اخلطوط املالحية هبدف وضع تعريفة موحدة لألجور‬
‫وتنظيم عمليات النقل فيما بني سفنهم ويقوم هذا النظام على ثالث أسس‪ :‬و هي أنه يقيم‬
‫بني أعضائه نوعا من التعايش السلمي ‪،‬يتفادى املنافسة الضارة ‪،‬يضمن هلم عمالء خملصني‬
‫وحيارب املنافسة اخلارجية ‪،‬فاملؤمتر ال يستبعد املنافسة الداخلية فيما بني أعضائه ولكنه مينع‬
‫التنافس فيما بينهم بتخفيض األجور ألنه مسلك يضر هبم مجيعا‪ .‬و بذلك يطمئن كل عضو‬
‫من أعضائه من هذه الناحية وميكنه من عمل حساابته مقدما وتقدير ربح كل سفينة وكل‬
‫رحلة فيكون بوسعه أن يضع برانجما ينظم به عملياته ومواعيد الصيانة‪.....‬إخل ‪.‬لكن ذلك ال‬
‫ينجح إال إذا نظمت مواعيد الرحالت ‪،‬إذ يضار األعضاء مجيعا لو أحبرت من نفس امليناء‬
‫عشر سفن يف يوم واحد مث تال ذلك مدة شهر دون إحبار لذلك يتضمن املؤمتر تنظيما ملواعيد‬
‫الرحالت مبا يسمح من جهة أخرى أبحسن استغالل ملرافق املوانئ وأقصى تشغيل للعمال‪.‬‬
‫وهذا التنظيم كله ال يتحقق إال ضمن املؤمتر ألعضائه قدار منتظما من عمليات النقل‪ ،‬عن‬
‫طريق اخالص عمالئه وهو ما يصل إليه إبغرائهم مبزااي تتحقق عن أحد طرقني‪:3‬‬
‫أ‪-‬وضع أجر خاص خمفض للعمالء املخلصني ‪.‬‬
‫ب‪-‬نظام رد جزء من األجرة السابق دفعها إىل العميل الذي يستمر خملصا ملدة معينة‪.‬‬

‫‪ -1‬حممود خمتار أمحد بريري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 362‬‬


‫‪-2‬كانت بداية ظهور هذا النظام اإلجنليزي يف سنة ‪، 1875‬حيث أبرم أول اتفاق من هذا النوع يف "كلكتا" ابهلند بني السفن الربيطانية‬
‫اليت تعمل على خط لندن اجتاه اهلند وبعد ذلك انتشرت املؤمترات يف دول أخرى ‪:‬على مجال الدين عوض ‪،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪1969‬‬
‫‪،‬ص ‪. 365‬‬
‫‪ -3‬على مجال الدين عوض ‪،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪، 1969‬ص ‪. 367‬‬

‫‪187‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫و يقوم املؤمتر بوضع تعريفة موحدة ألعضائه ‪،‬يكون عليهم أال ينزلوا عنها وابلطبع ال‬
‫يكون من مصلحة أحد منهم أن يهبط عنها ويراعى يف وضع هذه التعريفة أن تكون متفقة مع‬
‫السعر الذي يفرضه الوضع االقتصادي القائم ولذا فهي تعدل كلما تغريت املؤمترات‬
‫االقتصادية‪،1‬بغية يف حتقيق أحسن مردود للسفن ‪ ،‬غري أن التسعرية احملددة من طرف املؤمترات‬
‫البحرية ال تكون انفذة يف حق الشاحنني إال إذا أدرجت يف تسعرية الناقل‪.2‬‬
‫اثنيا‪ :‬أسس حتديد مقدار األجرة‬
‫خيضع تقدير أجرة النقل العتبارات كثرية لعل أمهها ما يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬جرت العادة على تقدير األجرة على حسب وزن البضاعة ‪،‬فيتفق على وزن معني عن كل‬
‫طن مرتي أو كيلوغرام من البضاعة وقد حتدد على أساس احلجم عن كل مرت مكعب أو‬
‫هكتولرت‪ .‬وتتبع هذه الطريقة يف نقل السوائل وتقدر على أساس وزن البضاعة و حجمها معا‬
‫كما هو الشأن يف نقل األخشاب ‪،‬أما يف نقل السيارات ومثيالهتا فتقدر على أساس وحدات‬
‫البضاعة املشحونة ويف نقل البضائع الثمينة وفق قيمتها مثلما هو احلال يف اجملوهرات والسبائك‬
‫الذهبية واللوحات الفنية وما شاهبها‪.3‬‬
‫و إذا كان أساس حتديد أجرة النقل اثبتا يف عقد النقل على حسب الوزن واحلجم إال‬
‫أنه سيكون بناءا على تصرحيات الشاحن املدونة يف سند الشحن‪ ،‬فإذا كانت احلمولة ضخمة‬
‫فإاها األجرة ستكون مرتفعة على حسب طبيعة األشياء املنقولة ‪.4‬‬
‫ب‪-‬يتحدد سعر األجرة حسب قانون العرض والطلب ومادام الطلب على نقل البضائع حبرا‬
‫إىل اجلزائر كبريا والعرض مسيطر عليه من طرف سفن أجنبية وهي اليت تقدر السعر ‪،‬ألن‬
‫السفن الوطنية ضعيفة يف نقل التجارة اخلارجية للوطن ‪،‬مع املالحظة أبن السعر حنو اجلزائر‬

‫‪ -1‬على مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬سنة ‪ ،1969‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.368‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Pierre Bonasaisses et Christian scapel, op.cit, p668.‬‬
‫‪ -3‬مصطفى كمال طه ‪،‬مبادئ القانون البحري ‪،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬سنة ‪ ، 1989‬الدار اجلامعية ‪،‬ص ‪. 226‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- R.Rodiére et E Du Pontavice, Droit Maritime,op.cit, 361.‬‬

‫‪188‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أعلى ب‪ %25‬إىل ‪ %40‬ابلنسبة للبلدان اجملاورة‪.1‬وعليه كلما زاد الطلب على خدمة النقل‬
‫زادت شركات النقل األجنبية يف أجرة النقل‪.‬‬
‫ج‪ -‬الطريق الذي تسلكه السفينة الناقلة وكذلك املسافة اليت تقطعها ألن طول املسافة يستتبع‬
‫غالبا نفقات أكرب وما يالحظ أن عامل املسافة ليس له األمهية األوىل وال تزيد األجرة فيه إال‬
‫بنسبة أقل من زايدة املسافة ‪،‬فإذا زادت بنسبة ‪ % 40‬سيؤدي هذا إىل زايدة أجرة النقل‬
‫بنسبة ‪ %10‬فقط‪ .‬ويدخل يف االعتبار كذلك ما إذا كانت السفينة ستعود من رحلة الذهاب‬
‫اعى ما إذا‬
‫فارغة أو حبمولة جديدة وهل تعود على نفس اخلط أم يف خط دائري‪ .‬وكذلك يُر َ‬
‫كانت هناك سفن أخرى منافسة على خط الرحلة ‪،‬أو إذا كانت هناك منافسة من وسيلة‬
‫أخرى كالنقل ابلسكك احلديدية أو النقل اجلوي‪. 2‬‬
‫د‪-‬مدى سرعة وسهولة شحن البضاعة وتفريغها‪ ،‬ألن هذه العمليات تكلف كثريا ويف بعض‬
‫صور النقل قد تصل ما تكلفته إىل ‪ %50‬من مصاريف نقلها‪.3‬‬
‫و‪-‬كون البضاعة مما قد يتسبب يف ضرر للبضائع األخرى املنقولة معها على السفينة‪ ،‬أو‬
‫للسفينة ذاهتا كواها تتطلب تدابري خاصة ملنع هذا الضرر ومثاله الفحم واملواد القابلة لالشتعال‪.‬‬
‫وكذلك مدى تعرض البضاعة يف حد ذاهتا للتلف‪ ،‬فأجرة نقل البضاعة القابلة للكسر أو‬
‫التلف السريع ترتفع بسبب ازدايد احتمال مسؤولية الناقل عنها وبسبب ما يبذله يف احملافظة‬
‫عليها وما يدبره لذلك من أجهزة خاصة ‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Kamel khelifa,comment appréhender les surcouts dans la chaine logistique? Le‬‬
‫‪phare N°122Juin 2009, p28.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-S.G sturmey ; les taux de fret maritime et la recherche économique, mémoire‬‬
‫‪présentée à la conférence des Nations Uties sur le commerce et le développement,‬‬
‫‪commission des transports maritimes , généré 18 juillet 1966:‬‬
‫مشار إليه لدى علي مجال الدين عوض ‪ ،‬مشارطات إجيار السفن ‪ ،‬دراسة عملية قانونية ألهم املشارطات والقانون املصري والفرنسي‬
‫واالجنليزي ‪،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬سنة ‪، 1987‬ص‪. 88‬‬
‫‪ -3‬علي مجال الدين عوض ‪ ،‬مشارطات إجيار السفن ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪The Bunker adjustement‬‬ ‫ز‪-‬عامل املطابقة أو ضبط األجرة عند ارتفاع وقود السفينة‪.1‬‬
‫‪factor‬‬
‫الذي يهدف إىل األخذ يف‬ ‫‪The currency adjustement factor‬‬ ‫ه‪-‬عامل ضبط العملة‬
‫احلسبان تغريات الدوالر ‪،‬ألن أجرة النقل يف الغالب ما حتدد ابلدوالر‪.2‬‬
‫اثلثا‪ :‬كيفية حساب التعويض عن التأخري‬
‫يعتمد القاضي يف كيفية حساب التعويض عن الضرر الناتج عن التأخري يف تسليم‬
‫البضاعة على ضابط وحيد وهو ضابط أجرة النقل‪ ،‬حسب ما قضت به املادتني ‪ 1/6 :‬البند‬
‫ب من اتفاقية هامبورغ وكذلك املادة ‪ 805‬من القانون البحري اجلزائري‪ .‬ووفق هذه النصوص‬
‫يقدر احلد األقصى للتعويض مببلغ يعادل مرتني ونصف من أجرة النقل املستحقة عن البضاعة‬
‫املتأخرة بشرط أال يتجاوز ذلك جمموع األجرة املستحقة عن البضاعة حمل عقد النقل البحري‬
‫ولتبسيط املعىن نضرب املثال التايل‪:‬‬
‫هناك شاحن أبرم عقد نقل مع انقل إليصال‪ 100‬صندوق من التفاح من ميناء إىل‬
‫ميناء آخر ‪،‬مع اإلشارة أن كلتا الدولتني اليت ينتمي إليها الطرفان هي من الدول املصادقة‬
‫على اتفاقية هامبورغ ومت االتفاق على تقدير أجرة النقل ب‪ 2000‬دوالر عن احلمولة إمجاال‬
‫وعلى هذا تكون أجرة الصندوق الواحد هي ‪20‬دوالر ‪ 200=100.‬دوالر ‪،‬غري أنه يف ميناء‬
‫اجلزائر اتضح أن هناك ‪30‬صندوق أتخرت يف الوصول‪ ،‬مما أحلق ضررا ابلشاحن‪ ،‬متثل يف‬
‫تفويت صفقة على هذا األخري يف بيع ما تبقى من بضاعته املتأخرة‪ .‬ويف هذه احلالة سيتم‬
‫حساب احلد األقصى للتعويض على النحو التايل‪200:‬دوالر‪ 30.‬صندوقا متأخرا =‪600‬‬
‫دوالر وهذا املبلغ عبارة عن أجرة نقل عن البضائع املتأخرة مث نطبق قاعدة احلد األقصى‬
‫للتعويض املقرر عن حالة التأخري وهي مرتني ونصف من هذه األجرة أي ‪ 60‬دوالر‪2.5.‬‬
‫=‪1500‬دوالر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Pierre‬‬ ‫‪Bonasaisses et Christian scapel,op.cit,p668.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ibid.‬‬

‫‪190‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يبدوا من خالل املثال الوارد أعاله أن هذه األجرة مل تتجاوز جمموع أجرة النقل‬
‫املستحقة مبوجب عقد النقل وهي ‪ 2000‬دوالر‪ ،‬غري أن احلكم سيتغري لو افرتضنا أن ‪50‬‬
‫صندوقا من احلمولة املنقولة أتخر يف التسليم فهنا يصبح حساب احلد األقصى للتعويض يف‬
‫هذه احلالة كاآليت‪200 :‬دوالر ‪1000= 50.‬دوالر وهو مقدار أجرة النقل عن البضائع‬
‫املتأخرة ‪،‬مث نضرب هذا املبلغ ‪ 2.5‬فيصبح التعويض ‪ 2500= 2.5. 1000‬دوالر ‪ .‬إن‬
‫هذا املبلغ يتجاوز جمموع األجرة املستحقة مبوجب عقد النقل و هي ‪ 2000‬دوالر يف املثال‬
‫السابق وعليه يتعني ختفيض احلد األقصى للتعويض إىل هذا املبلغ‪.1‬‬
‫إن ما تقدم ذكره يف املثال السابق ينطبق أيضا على ما جاءت به املادة ‪ 60‬من معاهدة‬
‫روتردام غري أن الفرق بني هذه االتفاقية واتفاقية هامبورغ يكمن يف أن معاهدة روتردام مل‬
‫تشرتط عدم جتاوز مبلغ التعويض الواجب دفعه يف حالة التأخري كامل أجرة النقل املستحقة‬
‫مبوجب عقد النقل‪.2‬‬
‫لكن قد حيدث عمال أن جيتمع ضررين أحدمها بسبب تلف البضاعة واآلخر نتج عن‬
‫التأخري يف تسليم البضاعة‪ ،‬فكيف يتم حساب التعويض يف مثل هذه احلالة؟‬
‫لقد حددت كلتا املادتني ‪ 1/6‬من معاهدة هامبورغ واملادة ‪60‬من قواعد روتردام مقدار‬
‫احلد األقصى للتعويض يف حالة إاثرة مسؤولية الناقل البحري يف أكثر من حالة مبناسبة تنفيذ‬
‫عقد النقل البحري للبضائع ‪،‬فتبنت هاتني االتفاقيتني ضابطا عاما جملموع التعويضات اليت يلتزم‬
‫الناقل البحري الوفاء هبا‪.‬‬
‫لو افرتضنا أن الناقل مسؤول عن تلف نصف البضائع املنقولة مثال كما أنه مسؤول عن‬
‫أتخري يف تسليم النصف اآلخر ‪ ،‬فيتم تعيني احلد األقصى للتعويض عن التلف من جانب و‬
‫عن التأخري من جانب آخر وعلى ضوء ذلك يتحدد مقدار التعويض الذي يلتزم الناقل‬
‫البحري بدفعه عن املسؤوليتني‪ .‬لكن جيب حساب التعويض الذي كان يلتزم الناقل بدفعه إذا‬

‫‪-1‬كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ‪ ،1978‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ -2‬قماز إلدايز ليلى‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪. 401‬‬

‫‪191‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫افرتضنا أن مجيع هذه البضائع قد هلكت هالكا كليا مع أخذ احلد األقصى للتعويض عن هذه‬
‫احلالة يف االعتبار ‪،‬فإذا اتضح أن جمموع مبلغ التعويض عن التلف وعن التأخري جياوز مبلغ‬
‫التعويض عن اهلالك الكلي بفرض حدوثه ‪،‬ال يكون الناقل البحري ملزما أبداء ما جياوز املبلغ‬
‫احملدد عن اهلالك الكلي‪ .‬غري أنه مىت كان جمموع مبالغ التعويض يقل عن املبلغ املقدر عن‬
‫اهلالك الكلي يف هذه احلالة يستطيع املضرور احلصول على جمموع املبلغني‪.1‬‬
‫يقتضي األمر من أجل توضيح املعىن أكثر أن نسوق املثال التايل‪:‬‬
‫كانت هناك شحنة من املوز معبأة يف ألف صندوق أتخر تسليمها ‪،‬فتلف نصفها وترتب عن‬
‫أتخريها ضياع فرصة ساحنة لبيعها بسعر مرتفع ‪،‬فعلى القاضي يف هذه احلالة أن يقدر تعويضا‬
‫عن التلف يراعى فيه أال جياوز احلد األعلى للتعويض عن التلف ‪،‬مث يقدر تعويضا عن التأخري‬
‫يراعى فيه بدوره أال جياوز احلد األعلى للتعويض عن التأخري مث يراعي القاضي أمرا اثلثا وهو‬
‫أال جياوز جمموع التعويضني احلد األعلى للتعويض لو هلكت البضاعة أبمجعها أي لو هلكت‬
‫هالكا كليا ‪،‬مث يكون احلد األقصى يف هذا املثال على أساس الطرد ابفرتاض أنه أعلى من‬
‫التقدير على أساس الوزن هو ‪ 1000‬طرد‪ 835.‬وحدة حسابية = ‪ 835000‬وحدة‬
‫حسابية ‪ .2‬هذا إن كانت معاهدة هامبورغ هي واجبة التطبيق على موضوع النزاع‪ ،‬أما يف ظل‬
‫معاهدة روتردام لن يتغري احلكم إال يف قيمة احلد األقصى للتعويض عن الطرد الوارد هبذه‬
‫االتفاقية (املادة ‪ )59‬فيكون مبلغ التعويض هو ‪ 875. 1000‬وحدة حسابية=‪875000‬‬
‫وحدة حسابية‪ .‬وهذا ما ميكن احلكم به على الناقل البحري عند ثبوت مسؤوليته على أقصى‬
‫تقدير‪ .‬و هو التعويض عن اهلالك الكلي للبضائع اليت يسأل عنها وذلك أاي كانت حالة‬
‫املسؤولية اليت تثار ‪.‬‬

‫‪ -1‬هاين دويدار ‪،‬قانون النقل ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 260‬‬


‫‪-2‬كمال محدي ‪،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع لسنة ‪ ، 1995‬املرجع السابق‪،‬ص‪ 183‬وما يليها ‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫اضطرت اتفاقييت هامبورغ وروتردام إىل تبين الضابط العام جملموع التعويضات الواجبة‬
‫على الناقل البحري بسبب اختالف طريقة تعيني احلد األقصى للتعويض عن اهلالك والتلف‬
‫من جهة وعن التأخري من جهة أخرى‪.‬‬
‫أما املشرع يف القانون البحري اجلزائري فقد تفادى التعقيدات يف حساب التعويض‬
‫املستحق للمضرور و ابلتايل فإنه عند تطبيق هذا القانون على املثال السابق سيتم حساب‬
‫التعويض عن تلف البضاعة بشرط أال جياوز‪ 10000‬وحدة حسابية عن الطرد أو وحدة‬
‫الشحن ‪.‬كما يشرتط أال يتجاوز ‪ 30‬وحدة حسابية عن كل كيلوغرام من الوزن اإلمجايل‬
‫للبضاعة ‪،‬فيأخذ القاضي أبعلى مبلغ ابملقارنة بني تقدير التعويض وفق الطرد أو الوحدة وبني‬
‫تقديره وفق الكيلوغرام ‪،‬فيأخذ أبعلى قيمة بينهما‪ .‬مث يضاف إليها املبلغ الذي حيسب عن‬
‫التأخري يف تسليم البضاعة (يتم حسابه وفق قاعدة مثلني ونصف أجرة النقل بشرط أال يتجاوز‬
‫أجرة النقل املستحقة عن كامل احلمولة )‪ .‬و هو املبلغ الذي يستقر عليه التعويض وفق احلد‬
‫األقصى عن ضررين أحدمها كان تلفا وآخر انجم عن التأخري يف تسليم البضاعة املنقولة حبرا‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫التنظيم النقدي للح ّد األقصى للتعويض‬
‫بعد أن تطرقنا يف املبحث السابق للضوابط اليت على أساسها تتوضح كيفية حساب‬
‫احلد األقصى للتعويض يف خمتلف االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري ‪،‬سنتعرض يف‬
‫هذا املبحث إلكمال اجلزء املتبقي واملتعلق بتقدير احلد األقصى للتعويض وفق ما جاءت به‬
‫النصوص القانونية من وحدات نقدية‪.‬‬
‫و يف هذا الشأن فقد شهد العامل تطورا كبريا يف جمال النقد الدويل مما انعكس على نظام‬
‫التعويض‪،‬لذلك ميكن تقسيم املراحل اليت تعاقبت على نظام النقد الدويل إىل ثالث مراحل‪:‬‬
‫املرحلة األوىل تتمثل يف قاعدة اجلنيه اإلسرتليين واليت أتت هبا معاهدة بروكسل لسنة ‪1924‬‬
‫وتبعها يف ذلك القانون البحري اجلزائري قبل تعديله ‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أما املرحلة الثانية فهي مرحلة الفرنك البوانكاريه وهي اليت تبناها بروتوكول بروكسل لسنة‬
‫‪ 1968‬والقانون البحري بعد تعديل املادة ‪ 805‬منه يف سنة ‪.1998‬‬
‫أما املرحلة الثالثة واألخرية فهي املرحلة اليت ظهرت فيها وحدة السحب اخلاص ‪،‬املعتمدة‬
‫يف كل من معاهدة هامبورغ ‪ ،‬بروتوكول ‪ 1979‬اخلاص بتعديل معاهدة بروكسل و يف قواعد‬
‫روتردام‪ .‬و نتيجة لذلك سيتم تقسيم هذا املبحث إىل ثالث مطالب‪ :‬مقدار التعويض وفق‬
‫قاعدة اجلنيه اإلسرتليين (مطلب أول)‪،‬التعويض عن طريق قاعدة الفرنك البوانكاريه (مطلب‬
‫اثين)‪،‬قاعدة حقوق السحب اخلاصة(مطلب اثلث)‪.‬‬
‫املطلب األول‪:‬‬
‫مقدار التعويض وفق قاعدة اجلنيه اإلسرتليين‬
‫قضت املادة‪ 5/4‬من اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬على أنه‪" :‬ال يلتزم الناقل يف أي‬
‫حال من األحوال بسبب اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع‪ ،‬أو ما يتعلق هبا مببلغ يزيد على‬
‫مائة جنيه إسرتليين عن كل طرد أو وحدة أو على ما يعادل هذه القيمة بنقد عملة أخرى"‪.‬‬
‫مث بعد ذلك نصت املادة ‪ 1/9‬من ذات االتفاقية على أنه "يراد ابلوحدات النقدية هبذه‬
‫املعاهدة القيمة الذهبية "‪ .‬من خالل استقراء هاذين النصني يتبني أن احلد األقصى للتعويض‬
‫حيسب على أساس مائة جنيه إسرتليين عن كل طرد أو وحدة و هو ما يعادل قيمة مائة جنيه‬
‫اجنليزي ذهبا‪ .‬و بناءا عليه سنتعرض بداية لدوافع اختيار اجلنيه اإلسرتليين و املقصود به (فرع‬
‫أول)‪ ،‬خروج إجنلرتا على قاعدة الذهب وأثره على أحكام القضاء املصري (فرع اثين)‪ ،‬حتويل‬
‫القيمة الذهبية إىل العمالت الوطنية (فرع اثلث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫دوافع اختيار اجلنيه اإلسرتليين واملقصود به‬
‫قبل اخلوض يف تفسري مفهوم اجلنيه اإلسرتليين حسب ما جاءت به اتفاقية بروكسل‬
‫لسنة ‪ 1924‬جيب أوال أن نبحث عن التساؤل الذي يطرح حول األسباب اليت أدت بواضعي‬

‫‪194‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫هذه املعاهدة الختيار قيمة ‪ 100‬جنيه إسرتليين الذهيب كحد أقصى للتعويض عن هالك‬
‫الطرد أو الوحدة أو تلفهما وعن املعايري اليت مت وفقها هذا االختيار ‪،‬مث نتطرق بعد ذلك‬
‫للمقصود ابجلنيه اإلسرتليين‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫دوافع اختيار ‪ 100‬جنيه إسرتليين كحد أقصى للتعويض‬
‫من بني األسباب اليت كانت وراء اختيار اجلنيه اإلسرتليين كوحدة نقدية يتم على إثرها‬
‫حساب احلد األقصى للتعويض‪ ،‬الوارد يف معاهدة بروكسل هو الثبات الذي كان يتمتع به‬
‫اجلنيه اإلسرتليين يف ذلك الوقت من حيث التقلبات النقدية‪ .‬ويضاف إىل ذلك أن معظم‬
‫نصوص هذه املعاهدة اتسمت ابلطابع األجنلوسكسوين‪ ،‬الذي ساد على أعمال مؤمتر الهاي‬
‫وقد جتلى ذلك يف أن معظم املناقشات اليت جرت يف املؤمتر كانت بني ممثلني إجنليز عن الدولة‬
‫الناقلة وممثلني عن الشاحنني هم أيضا إجنليز ‪،‬أي كانت أغلب املناقشات تدور بني اإلجنليز‬
‫فيما بينهم و لذلك كان من الطبيعي أن خيتار أعضاء املؤمتر اجلنيه االسرتليين كوحدة حسابية‬
‫للحد األقصى للتعويض‪.1‬‬
‫كما كان موضوع تقرير ٍ‬
‫حد ملسؤولية الناقل مبلغ اثبت ابلعملة اإلجنليزية حمل جدل‬
‫مندوب‬ ‫‪DeRoussiers‬‬ ‫شديد بني أعضاء مؤمتر الهاي لسنة ‪ 1921‬فاقرتح‬
‫اجملهزين(الناقلني)الفرنسيني يف املؤمتر أبن يكون الناقل مسؤوال يف حدود تقدر مببلغ مسا ٍو‬
‫ألضعاف أجرة النقل املستحقة على البضاعة اهلالكة أو التالفة‪ .‬ومل حيدد هذا املندوب مقدار‬
‫هذه األضعاف إن كانت مخسة أضعاف األجرة أو عشرة أمثاهلا ‪،‬بل ترك أمر تقدير ذلك إىل‬
‫املؤمتر ذاته‪.‬كما بني ‪ De Roussiers‬للمؤمتر مزااي هذا االقرتاح وأمهيته يف تفادي الصعوابت‬

‫‪1‬‬
‫‪-William‬‬
‫‪Tetly,An Update on the pacheage limitation and national intentions‬‬
‫‪regarding future carriage of goods by sea legislation, J.n.l.c (1983), p 432:‬‬
‫مشار إليه لدى ملزي عبد الرمحن‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 280‬‬

‫‪195‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫اليت تنتج عن مشكلة النقود والتغريات النقدية الدولية وال يهم بعد ذلك أن تكون أجرة النقل‬
‫ابلدوالرات ‪،‬أو الفرنكات ‪،‬أو الشلنات وغريها مادام التعويض الذي حيصل عليه الشاحن‬
‫سيكون أضعافا هلذه األجرة‪.1‬‬
‫يف هذا الشأن اختلفت االقرتاحات يف أعمال مؤمتر الهاي لسنة ‪ ، 1922‬فقد اقرتح‬
‫املندوب اإلجنليزي ‪ Norman Hill‬أحد أعضاء هذا املؤمتر أن يكون احلد األقصى للمسؤولية‬
‫للناقل البحري هو‪ 20‬جنيه اجنليزي أُسوةً مبا كان متبعا يف سندات الشحن اإلجنليزية ‪،‬مث‬
‫توالت بعد ذلك االقرتاحات متأرجحة بني هذا املبلغ و ‪ 200‬جنيه اجنليزي كأقصى حد‬
‫ملسؤولية الناقل عن كل طرد‪ .‬وأخريا مت االتفاق على االقرتاح الذي تقدم به املندوب الفرنسي‬
‫‪ Dor‬وهو مبلغ ‪ 100‬جنيه اجنليزي كحد أقصى حيكم به على الناقل عند ثبوت مسؤوليته ‪،‬‬
‫عن كل طرد أو وحدة هالكة أو اتلفة ‪،‬أو ما يعادل هذه القيمة بنقد عملة أخرى ‪.‬غري أنه يف‬
‫جلنة مؤمتر بروكسل الدبلوماسي أثري اقرتاح جديد وهو استبدال مبلغ مائة دوالر ابملبلغ املتفق‬
‫عليه يف مؤمتر الهاي(‪ 100‬جنيه اجنليزي) ‪،‬إال أن هذا االقرتاح قوبل ابلرفض حبجة عدم‬
‫إجراء أي تغيري جتاري مت احلصول عليه بصعوبة بني الناقلني والشاحنني‪ .‬وهكذا ثبت مبلغ‬
‫املائة جنيه اجنليزي كحد أقصى ملسؤولية الناقل والذي يقابل تعويضا وسطا عن الضرر الذي‬
‫يلحق الشاحن يف حالة إذا ما مل يذكر جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن طبقا للمادة ‪5/4‬‬
‫من املعاهدة‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Si‬‬ ‫‪vous établissez une règle de ce genre, dit de Rousiers, il n'y aura aucun‬‬
‫‪inconvénient du fait que le fret sera prélevé en dollars ou en francs ou en livres ou en‬‬
‫‪shillings ou en quoi que ce soit, parce qu'il y a toujours le rapport entre la monnaie‬‬
‫‪dans laquelle le fret a été prélevé et la monnaie dans laquelle l'indemnité sera versé au‬‬
‫‪chargeur ''compte rendu sténographique de la conférence de la Haye : RIDM33-1016.‬‬
‫مشار إليه لدى عبد الرمحن سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.271‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ، ،‬املوضع نفسه‬

‫‪196‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫استمرت املناقشات كما أعيد مرة اثنية االقرتاح املتعلق بوضع مبلغ يعادل أضعاف أجرة‬
‫النقل من طرف مندوب فرنسا يف املؤمتر الذي عقدته اجلمعية البحرية الدولية يف" أمسرتدام"‬
‫هبولندا سنة ‪ 1949‬لكن املؤمتر مل ينته إىل نتيجة يف هذا املوضوع ‪،‬أما يف إجنلرتا فقد عقد‬
‫بني كبار اجملهزين والشاحنني واملؤمنني يف أوت ‪1950‬‬ ‫‪Gentle Men's agreement‬‬ ‫اتفاق‬
‫نص يف مادته الثانية على أن يقدر احلد األقصى للتعويض ملسؤولية الناقل البحري ب‪200‬‬
‫جنيه إسرتليين من العملة الورقية مامل يكن الشاحن قد بني جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن‬
‫وأن يُدو َن ذلك يف سند الشحن على أن يكون هذا االتفاق انفذا ملدة مخس سنوات من اتريخ‬
‫عقده‪.1‬‬
‫رئيس املؤمتر الذي عقدته اجلمعية‬ ‫‪Giannini‬‬ ‫هذا الرأي هو اآلخر لقي انتقادا من‬
‫وبني‬
‫البحرية الدولية يف "انبويل" عام ‪ 1951‬والذي حذر من مثل هذه االتفاقات اخلاصة ن‬
‫للمؤمتر خطورهتا‪ ،‬إذ لو ع نمت لقضت على اجلهود اليت تبذهلا اجلمعية البحرية الدولية من أجل‬
‫توحيد التشريعات البحرية بني سائر الدول‪.2‬‬
‫يرى أحد الفقهاء أن االختيار الذي استقر عليه املؤمتر وهو اقرتاح املندوب الفرنسي‬
‫‪ Dor‬واملقدر ب ‪ 100‬جنيه إسرتليين كحد أقصى للتعويض عن حاالت اهلالك أو التلف يف‬
‫ظل معاهدة بروكسل لسنة ‪ 1924‬مل يتم على أساس دراسات حقيقية ملتوسط أسعار السلع‬
‫اليت تنقل عرب البحر وإمنا هو اقرتاح وسط لالقرتاحات املختلفة اليت تقدم هبا أعضاء مؤمتر‬
‫الهاي واليت تراوحت بني ‪ 20‬إىل ‪ 200‬جنيه‪ .‬وترتيبا على ذلك فإن حتديد مقدار احلد‬
‫األقصى للتعويض جيب أن يتحدد على ضوء دراسة حقيقية ملتوسط أسعار السلع املنقولة حبرا‬
‫مع مراعاة املخاطر‪ ،‬اليت يتعرض هلا الناقل البحري ومدى مشاركة الشاحن يف حتمل جزء من‬
‫هذه املخاطر‪،3‬يف سبيل الوصول إىل إعادة التوازن العقدي املفقود بني طريف عقد النقل‪.‬‬

‫‪ -1‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 187‬‬


‫‪ -2‬عبد الرمحن سليم ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.282‬‬
‫‪ -3‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.253‬‬

‫‪197‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫املقصود ابجلنيه اإلسرتليين‬
‫ال ريب أن اجلنيه الذي أشارت إليه معاهدة بروكسل لسنة ‪ 1924‬هو اجلنيه اإلسرتليين‬
‫الربيطاين الذي حدد يف سنة ‪ 1717‬من قبل "إسحاق نيوتن" عندما كان رئيسا لدار صك‬
‫النقود ‪،‬حيث كانت يف ذلك الوقت األوقية من الذهب عيار ‪ 22‬قرياط تساوي يف العملة‬
‫اإلجنليزية ‪ 3‬جنيه إسرتليين‪ .‬وتساوي أيضا ‪ 1.5‬دوالر و‪ 17‬شلن وبعبارة أخرى فإن اجلنيه‬
‫اإلسرتليين يساوي ‪ 284‬أوقية من الذهب وقد استمر اجلنيه على ذلك القدر حىت سبتمرب‬
‫‪ 1931‬عندما أعفت احلكومة اإلجنليزية بنك إجنلرتا من التزاماته مبوجب قاعدة الذهب‬
‫وأصبح اجلنيه اإلسرتليين عملة غري مستقرة‪.1‬‬
‫غري أنه يف حتضري مسودة االتفاقية ظهرت بعض الصعوابت إذ ورد يف النص اإلجنليزي‬
‫للمادة الرابعة فقرة‪ 5‬أن مسؤولية الناقل‪:‬‬
‫‪"100 per package or unit ,or the equivalent of sum in othe currency‬‬
‫يف حني أن النص الفرنسي ورد على الشكل التايل‪:‬‬
‫‪"100 livres sterling par colis ou unité ,ou l'équivalent de cette somme en autre‬‬
‫"‪monnaie‬‬
‫فثار االلتباس هل يؤخذ مبا يقابل ‪ 100‬جنيه من العملة الورقية أو يؤخذ بقيمتها ذهبا؟‬
‫نصت الفقرة األوىل من املادة التاسعة على أنه‪" :‬يراد ابلوحدات النقدية الواردة هبذه‬
‫املعاهدة القيمة الذهبية"‪ .‬وليس معىن ذلك أن حيصل الشاحن أو املضرور على التعويض ذهبا‬
‫وإمنا أن حيصل هذا األخري على التعويض املستحق له ابلنقد الورقي حمسواب على أساس قيمة‬
‫الذهب‪ .‬و احلكمة من ادخال هذه الفقرة هو حتقيق االستقرار ولتجنب تضخم سعر اجلنيه‬
‫اإلسرتليين‪ ،‬حبيث يصبح احلد األقصى للتعويض غري مرتبط بسعر صرف اجلنيه االسرتليين‪.2‬‬

‫‪ -1‬أمحد حمود حسين ‪،‬النقل الدويل البحري للبضائع ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 278‬‬
‫‪ -2‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 186‬‬

‫‪198‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫و قد كانت املعاهدة تقصد من وراء ذلك محاية الشاحنني من تغري سعر العملة الورقية‬
‫من وقت آلخر و كذلك مراعاة املساواة بني أطراف عقد النقل يف الدول املختلفة حبيث يشعر‬
‫اجلميع بثبات املبالغ اليت تدفع‪.1‬‬
‫لكن قد حيدث عمال أن خيتلف الناقل والشاحن يف إختيار عملة الوفاء فقد خيتار‬
‫األول عملة بلد معني وخيتار الثاين عملة بلد آخر فما هو املعيار الذي حيدد به القاضي أساس‬
‫التعويض؟‬
‫‪kinelic s vgross‬‬ ‫لقد سبق وأن طرح هذا االشكال على القضاء اإلجنليزي يف قضية‬
‫‪2‬‬
‫واليت تتلخص وقائعها يف أنه خالل الرحلة البحرية من فينا إىل الكويت تعرضت‬ ‫‪sea‬‬

‫لطقس رديء يف خليج عدن مما أدى إىل ضياع البضائع وقد كان‬ ‫‪Moxonici‬‬ ‫السفينة‬
‫الطرفان متفقان قبل احملاكمة يف حال وقوع نزاع أن يتم حله وفق احلد األقصى املنصوص عليه‬
‫يف اتفاقية بروكسل وتعديالهتا لعام ‪، 1968‬طالب الناقل أن يتم الوفاء ابللرية اإليطالية ألن‬
‫البضائع صنعت إبيطاليا‪ .‬ومت الدفع ابللرية االيطالية أما املرسل إليهم فطلبوا الوفاء ابلدوالر‬
‫األمريكي ‪،‬فكان االشكال الذي قام هو أي عملة يدفع هبا مبلغ التعويض؟‬
‫يف القضية املذكورة على النحو التايل ‪ :‬ابلرغم‬ ‫‪Steel.J‬‬ ‫لقد جاء احلكم من القاضي‬
‫من أن شركة النقل إيطالية (املدعية)و دفع مثن البضاعة ابلعملة اإليطالية يف مصنع إيطايل إال‬
‫أن الشركة الناقلة كانت عضوا يف فريق أمريكي‪ .‬وكذلك الفرقاء قد ضمنوا العقد أنه جيب‬
‫الوفاء عن أضرار عدم التسليم أو التأخري يف التسليم ابلدوالر األمريكي ‪،‬لذلك قرر أن تكون‬
‫عملة الوفاء ابلدوالر األمريكي‪.3‬‬

‫‪ -1‬مدحت حافظ إبراهيم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- English commercial court , 16 February 2001 (LIOYD'S R-P 313 Read the note by‬‬
‫‪David Martim-clarke- DMC'S. note case:‬‬
‫مشار إليه لدى بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 187‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- House of lords, 1994, I-L-J // www.onLine,co.uk :‬‬
‫مشار يف املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ما يالحظ على هذا احلكم أنه أخطأ يف االستدالل ‪،‬ألنه استند إىل اتفاق األطراف ومل‬
‫يراعي مصلحة املضرور ومدى جواز هذا االتفاق يف اتفاقية بروكسل ‪،‬فقد كان من األجدر‬
‫على القاضي أن حيسب أوال مبلغ التعويض حسب اللرية اإليطالية‪ ،‬مث وفقا لقيمته ابلدوالر‬
‫األمريكي مث جيري بعد ذلك مقارنة بني التعويضني‪ .‬ويف األخري يصدر حكمه ابلتعويض وفق‬
‫العملة اليت تكون أكرب قيمة من احلد األقصى للتعويض الوارد يف االتفاقية وليس أقل منه ‪،‬حىت‬
‫ال يقع يف شرط ابطل طبقا ملا قضت به املادة ‪ 8/3‬من اتفاقية بروكسل ‪.‬‬
‫مبعىن أوضح أنه جيب على هذا األخري أال حيكم مببلغ يقل عن احلد األقصى للتعويض‬
‫‪،‬الذي حددته هذه األخرية وذلك من أجل محاية أصحاب احلق يف البضاعة املتضررين وحتقيقا‬
‫للمساواة العقدية ‪،‬فالقوة االتفاقية اليت خيضع هلا احلكم جيب أن تتماشى مع ما جاءت به‬
‫نصوص املعاهدة وال تتعارض مع حكمتها التشريعية يف سبيل محاية الطرف الضعيف يف عقد‬
‫النقل‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫خروج إجنلرتا على قاعدة الذهب وأثره على أحكام القضاء املصري‬
‫إن اخلوض يف مسألة خروج إجنلرتا على قاعدة اجلنيه الذهيب وانعكاساته على أحكام‬
‫القضاء يف القضاء املصري يفرض علينا إعطاء صورة عن األحداث اليت دفعت إبجنلرتا للخروج‬
‫على النظام الذهيب‪ ،‬مع بيان األسباب اليت أدت إىل فشل هذا النظام ‪،‬مث التعرض بعد ذلك‬
‫للخالف الفقهي احلاصل حول استبعاد القضاء املصري لقاعدة اجلنيه الذهيب‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫اهنيار النظام الذهيب وأسباب فشله‬
‫نظرا ملا قدمه نظام التعامل ابلذهب قبل أن يشهد تقلبات يف أسعاره حبيث ضل هو‬
‫السائد يف املعامالت بني الدول غري أنه مل يستطع الصمود يف وجه األزمات ‪،‬حيث ااهار خملفا‬

‫‪200‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ورائه مشكلة دولية يف البحث عن بديل عنه‪ ،‬لذلك سنبني كيف اندثر هذا النظام مع ختلي‬
‫إجنلرتا عنه‪ ،‬مث يعقبه تلخيص ألهم األسباب اليت أدت إىل فشله‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اهنيار النظام الذهب وخروج إجنلرتا عليه‬
‫فرضت احلرب العاملية األوىل على الدول املشاركة فيها ضرورة التوسع يف اإلصدار‬
‫النقدي ومن أجل متويل نفقاهتا الباهظة على عكس ما تقتضيه قاعدة الذهب وهو اإلصدار‬
‫الصارم يف النقد الذي يتوافق مع كمية الذهب‪ ،‬مما اقتضى على أغلب الدول فيها اتباع سياسة‬
‫نقدية مستقلة لتحقيق استقرار االقتصاد الداخلي كأول هدف هلا‪ .‬وعقب انتهاء احلرب‬
‫جرت عدة حماوالت حقيقية من أجل إحياء قاعدة الذهب ولكن كلها ابءت ابلفشل حيث‬
‫كانت أغلب العمالت مقومة تقوميا خاطئ‪ ،‬كما أن ميزان مدفوعات أغلب الدول كان يف‬
‫وضعية خمتلة‪ ،‬حيث عادت اجنلرتا إىل قاعدة الذهب يف عام ‪ 1925‬ومتسكت بنفس سعر‬
‫التعادل القدمي ابلنسبة للدوالر (‪1‬جنيه = ‪.1( $ 4.87‬‬
‫مل يكن هذا السعر منصفا ابلنسبة للدوالر الذي كان أقوى بكثري من اجلنيه ‪%44‬‬
‫وهذا ما اضطر اجنلرتا إىل اخلروج عن قاعدة الذهب يف ‪ 21‬سبتمرب ‪ 1931‬بعد فقدااها‬
‫حوايل ‪ 27‬مليون إسرتليين‪ .‬كما فقدت الكثري من استثماراهتا يف اخلارج ويف ‪ 14‬أبريل‬
‫‪ 1933‬خرجت أكرب قوة مساندة لقاعدة الذهب وهي الوالايت املتحدة وقد قامت بتخفيض‬
‫قيمته ‪ 1934‬من أجل تشجيع صادراهتا وخاصة بعد ااهيار ( وول سرتيت) يف أكتوبر‬
‫‪ 1929‬وقد جتمع معظم الرصيد أو االحتياطي الذهيب يف يد احلكومة األمريكية بعد فرضها‬
‫على مواطنها تسليم ما ميلكون من ذهب مقابل شهادات إلثبات دائنيتهم ‪.2‬‬

‫‪ - 1‬مكتبة احملاضرات و البحوث وامللتقيات والكتب يف جمال العلوم االقتصادية‪،‬ص‪:70‬‬


‫‪http://www.4shared.com/dir/10226342/d69ba7c9/sharing.html‬‬
‫اتريخ الدخول إىل املوقع‪،2017/03/20:‬التوقيت‪.22:30:‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫كما أنه مل يتبقى من دول العامل سوى مخس دول فقط ظلت ملتزمة بقاعدة الذهب‬
‫الذهب" ‪gold‬‬ ‫وهي فرنسا‪ ،‬بلجيكا‪ ،‬هولندا‪ ،‬ايطاليا‪ ،‬سويسرا‪ .‬وقد يطلق عليها "جبهة دول‬
‫‪Bloc‬إال أنه حبلول عام ‪ 1936‬خرجت فرنسا وسويسرا من هذه اجلبهة وقامت بتخفيض‬
‫عملتها ‪ .‬و قد قامت بعض الدول إبتباع نظام الرقابة على الصرف لتخفيف حدة األزمات‬
‫اليت تواجهها مستهدفة بذلك توفري احتياطات من النقد األجنيب لسداد مدفوعاهتا اخلارجية‬
‫حيث قامت احلكومات هذه الدول بفرض رقابة على خروج ودخول النقد األجنيب لكي حتد‬
‫من تصدير رؤوس األموال إىل اخلارج حىت ال تتعرض حلدوث عجز يف ميزان مدفوعاهتا‬
‫اخلارجية ‪،‬مما يشكل ضغطا على سعر صرف العملة يهدد بتخفيضها‪ ،‬هذا من جانب‬
‫ابإلضافة لذلك كي تعمل على احلد من استرياد السلع غري الضرورية وادخار رؤوس األموال‬
‫األجنبية السترياد السلع اإلنتاجية وكما كانت تلزم املواطنني ببيع ما لديهم من أرصدة النقد‬
‫األجنيب املتولدة عن نشاطهم التصديري مقابل حصوهلم على العملة الوطنية‪.1‬‬
‫اثنيا‪ :‬أسباب فشل نظام الذهب‬
‫ميكن تلخيص أهم األسباب اليت أدت إىل ااهيار قاعدة الذهب يف ما يلي‪: 2‬‬
‫أ‪-‬التفاوت بني إنتاج الذهب ومنو التجارة الدولية‪ ،‬ففي الوقت الذي ينمو فيه إنتاج الذهب‬
‫سنواي مبعدل ‪ %2‬تنمو التجارة الدولية مبعدل ‪.%11‬‬
‫ب‪-‬كما أن نشوب احلرب العاملية الثانية أدى إىل تركيز الذهب بيد الدول املتحاربة لغرض‬
‫استخدامه ملشرتايت العسكرية‪.‬‬
‫ج‪-‬خالل مرحلة اعمار أوراب تطلب التوسع النقدي واحلاجة من اإلحتياجات من الذهب‬
‫والدوالر واجلنيه اإلسرتليين مما انعكس ذلك على اإلحتياطات الدولية‪.‬‬

‫‪ - 1‬مكتبة احملاضرات و البحوث وامللتقيات والكتب يف جمال العلوم االقتصادية ‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪71‬و ما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬خالد املرزوك‪ ،‬النظام النقدي الدويل‪،‬كلية اإلدارة و اإلقتصاد ‪،‬قسم العلوم املالية والنقدية ‪،‬جامعة اببل ‪،‬العراق‪،‬ص‪:80‬‬
‫‪2‬‬

‫‪staff.uobabylon.edu.iq‬‬
‫اتريخ الدخول إىل املوقع‪ ،2018/01/16:‬التوقيت‪.16:30:‬‬

‫‪202‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫اخلالف الفقهي حول استبعاد القضاء املصري لقاعدة اجلنيه الذهيب‬
‫نتيجة خلروج إجنلرتا على قاعدة الذهب ابلقانون الصادر يف ‪ 21‬سبتمرب ‪1931‬‬
‫‪،‬الذي جعل اجلنيه اإلسرتليين الورق له قوة إلزامية يف الدفع‪ .‬و قد أتثرت بذلك بعض احملاكم‬
‫املصرية‪ 1‬فذهبت إىل القول أبنه مل يعد هناك حمل لتطبيق نص املادة التاسعة من معاهدة‬
‫بروكسل لسنة ‪ 1924‬من الناحية العملية‪ ،‬إذ أصبح هذا النص غري ذي موضوع ‪،‬ألن اجلنيه‬
‫الورق املتداول يف إجنلرتا هو وحده الذي جيب أن يكون حمل اعتبار يف تطبيق احلد األقصى‬
‫للتعويض وكل ما تستند إليه هذه احملاكم من حجج هي كاآليت‪:‬‬
‫‪-1‬أن النص الوارد يف املعاهدة اخلاص بشرط دفع الذهب قد وضع قبل خروج إجنلرتا من‬
‫قد النص قيمته وأن مصر خرجت كذلك عن قاعدة الذهب‪.‬‬
‫قاعدة الذهب وخبروجها منها فَ َ‬
‫وصدر هبذا الشأن القانون رقم ‪ 45‬لسنة ‪ 1935‬مبطال لشرط الذهب‪.‬‬
‫‪-2‬أن شرط الدفع ابلذهب الوارد يف املعاهدة يعترب ابطال ملخالفته النظام العام يف مصر‪ ،‬إذ‬
‫أن القانون الصادر يف سنة ‪ 1914‬منع شرط الدفع ابلذهب يف املعامالت الداخلية‪ .‬و‬
‫كذلك القانون رقم ‪ 45‬لسنة ‪ 1935‬قد بسط هذا املنع على املعامالت اخلارجية ما عدا ما‬
‫تعلق ابتفاقات اهلاتف والتلغراف والربيد‪.2‬‬
‫خالفا لذلك قال أغلب الفقه‪ 3‬أبن األحكام السالفة الذكر غري سليمة ويعاب عليها‬
‫هذا املسلك لألسباب اآلتية‪ :4‬أ‪-‬تعترب معاهدة بروكسل اليت انضمت إليها مصر مبوجب‬

‫‪ -1‬استئناف اسكندرية بتاريخ ‪ 3‬ماي ‪، 1953‬حكم حمكمة اسكندرية االبتدائية الصادر يف ‪ 16‬ديسمرب ‪ 1950‬وكذلك نقض ‪11‬‬
‫فرباير ‪ 1960‬يف الطعن رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 25‬ق‪ :‬مشار إليهم لدى علي حسن يونس ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 322‬‬
‫‪ -2‬عبد الرمحن سليم‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪. 275‬‬
‫‪ -3‬مصطفى اجلمال ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ ، 250‬حممود مسري الشرقاوي ‪،‬القانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪، 307‬مصطفى كمال طه‬
‫‪،‬التوحيد الدويل للقانون البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪،124‬علي حسن يونس‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 323‬‬
‫‪ -4‬حممود مسري الشرقاوي ‪،‬القانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 307‬وما يليها‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫القانون رقم ‪ 18‬لسنة ‪ 1940‬قانوان داخليا واجب التطبيق ابتداءا من ‪ 29‬ماي ‪1944‬‬
‫‪،‬حيث جيب على القاضي املصري تطبيق أحكام املعاهدة كقانون من قوانني الدولة‪.‬‬
‫ب‪-‬تتعلق أحكام معاهدة بروكسل ابلنظام العام‪.‬‬
‫ج‪-‬إذا حدث تعارض بني قانونني داخلني متعلقان ابلنظام العام يتعني إعمال القاعدة العامة‬
‫اليت تقضي أبن القانون الالحق ينسخ السابق فيما يتعارض فيه القانونني‪.‬‬
‫د‪-‬يعترب احتساب التعويض على أساس اجلنيه اإلجنليزي الورق ختفيفا ملسؤولية الناقل وهو غري‬
‫جائز قانوان وخمالفا ألحكام املعاهدة‪.‬‬
‫ه‪-‬هتدف املعاهدة إىل أن يكون دفع التعويض على أساس قيمة الذهب‪ ،‬و أن توحد األساس‬
‫الذي حيتسب عليه التعويض يف خمتلف الدول وهو غرض خيالف احملاكم املصرية‪.‬‬
‫و‪-‬مل مينع القانون رقم ‪ 45‬لسنة ‪ 1935‬شرط الذهب يف املعامالت اخلارجية بصفة مطلقة‬
‫وإمنا أجازه يف معامالت معينة مثل اتفاقات التليفون والتلغراف والربيد ‪،‬فإذا أجاز القانون رقم‬
‫‪ 18‬لسنة ‪ 1940‬إبصدار معاهدة بروكسل املتعلقة بسندات الشحن شرط الذهب فيما يتعلق‬
‫بعقود النقل البحري وهو قانون الحق للقانون رقم ‪ 45‬لسنة ‪ 1935‬فإن ذلك يعد استثناءا‬
‫من بطالن شرط الذهب ميكن أن يضاف إىل االستثناءات الواردة يف القانون األخري‪.1‬‬
‫غري أن هناك من الفقهاء‪ 2‬من ساند األحكام القضائية السابقة بقوله حىت وإن كان يف‬
‫الواقع أن معاهدة بروكسل قصدت صراحة الدفع على أساس ما يعادل قيمة العملة اإلجنليزية‬
‫ابلذهب فإنه يبدو أن ذلك وفقا للتشريع املصري يصعب تطبيقه يف الواقع العملي‪ ،‬حيث‬
‫يصطدم بصراحة نصوص القانون رقم ‪ 35‬لسنة ‪ ،1935‬الذي يبطل شرط الدفع ابلذهب‬
‫ويعترب هذا الشرط ابطال يف مجيع الفروض ومنها الدفع ابلعملة الورقية على أساس ما يعادل‬
‫قيمة الذهب‪ .‬ولذلك جلأت احملاكم إىل تقدير اجلنيه اإلجنليزي الورقي ابلعملة الوطنية بناءا على‬
‫عدم ذكر املشرع املصري صراحة اعتبار عقود النقل البحري ضمن االستثناءات الواردة على‬

‫‪ -1‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.250‬‬


‫‪-2‬مسيحة القليويب‪ ،‬موجز يف القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 448‬‬

‫‪204‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫سبيل احلصر وقد جلأ مشروع التقنني البحري إىل حتديد مسؤولية الناقل مببلغ مائة ومخسني‬
‫جنيها مصراي‪ ،1‬حسب املادة ‪196‬من القانون املصري ‪.‬‬
‫إن احلكمة من وراء ذلك هو مراعاة لعدم ختفيف املسؤولية الناقل ومحاية الشاحن عندما‬
‫الحظ أن القضاء قد استقر على حساب التعويض على أساس تقدير اجلنيه اإلسرتليين الورقي‬
‫ابلعملة الوطنية ‪،‬فاحلكم الذي أخذ به مشروع القانون البحري يعد متفقا مع نصوص القانون‬
‫رقم ‪ 45‬لسنة ‪ 1935‬واخلاص مبنع شرط الدفع ابلذهب‪ .‬وكذلك تعترب األحكام املشار إليها‬
‫سابقا متفقة مع ما استقرت عليه أحكام حمكمة النقض املصرية من عدم اعتبار التعويض يف‬
‫عقد النقل البحري استثناءا بعدم جواز الدفع ابلذهب‪.2‬‬
‫من مجع ما تقدم فإنه ينبغي عدم األخذ هبذا الرأي والذي مل يستطع الصمود يف وجه‬
‫إمجاع الفقه يف مصر ويف فرنسا‪، 3‬كما أن ما أتى به أصحاب الرأي األول من حجج كان‬
‫كافيا يف بيان املعىن الذي يتفق مع الغرض من احلد األقصى للتعويض مببلغ معني‪ .‬ألن هذا‬
‫احلد يكون عدمي الفائدة إذا ترك للتقلبات النقدية‪ ،‬يف حني ال يكون هناك أتثري من هذه‬
‫التقلبات إذا روعي يف التعويض أن يكون حمسواب على أساس اثبت‪ ،‬كما أن املشرع املصري‬
‫قرر ابنضمام مصر إىل املعاهدة سندات الشحن واقتضى ذلك سراين هذه املعاهدات على‬
‫العالقات الدولية فال مانع من القول أبن املشرع بعد أن منع شرط الذهب عاد واستثىن من‬
‫ذلك حالة املسؤولية احملدودة للناقل البحري للبضائع يف ظل املعاهدة ‪،‬حبيث يتعني على الناقل‬
‫تعويض الضرر الذي يصيب كل طرد أو وحدة يف حدود ‪ 100‬جنيه اجنليزي حيسب وفق‬
‫قيمة الذهب‪.4‬‬

‫‪-1‬كذللك املشروع الذي أعدته اللجنة البحرية الدولية يف مؤمتر "ستوكهومل" يف جوان ‪ 1963‬بتعديل معاهدة بروكسل لسندات الشحن‬
‫بتحديد مسؤولية الناقل البحري مببلغ فرنك ‪ 10000‬وهو ما يعادل ‪ 235‬جنيه اجنليزي ورق ‪ :‬مسيحة القليويب‪ ،‬موجز يف القانون‬
‫البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 450‬‬
‫‪ -2‬مسيحة القليويب‪ ،‬موجز يف القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬ممدوح زكي احملامي ‪،‬التحديد القانوين ملسؤولية الناقل البحري وعن شروط الدفع على أساس الذهب طبقا ملعاهدة سندات‬
‫الشحن(معاهدة بروكسل لسنة ‪،)1924‬جملة احملاماة‪ ،‬العدد األول السنة السادسة والثالثون ‪،‬ص‪.142‬‬
‫‪ -4‬علي حسن يونس‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 223‬‬

‫‪205‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫من جهة أخرى فإن الرأي األخري‪ ،‬الذي دافع عن أحكام القضاء املذكورة قد أخلط‬
‫وما‬ ‫‪Gold coin clause‬‬ ‫بقيمة الذهب وشرط الوفاء ذهبا‬ ‫‪Gold clause‬‬ ‫بني شرط الوفاء‬
‫قصدته املعاهدة بنص املادة التاسعة كما سبق ذكره آنفا أن يكون الوفاء ابلنقد الورقي حمسواب‬
‫على أساس قيمة الذهب‪ 1‬ال أن يكون الوفاء ابلتعويض ذهبا‪.2‬‬
‫كما يؤكد على صحة ذلك أيضا اتفاق ‪ Gentle Men's agreement‬الذي اُتفق فيه‬
‫على اعتبار ‪ 100‬جنيه ذهبا تعادل ‪ 200‬جنيه اجنليزي من العملة الورقية ‪،‬إذ تنتفي احلاجة‬
‫إىل مثل هذا االتفاق لو كانت املائة جنيه تدفع ورقا بعد خروج إجنلرتا على قاعدة الذهب‪.3‬‬
‫خيلص القول أن اتفاق الدول يف اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬على توحيد مبلغ احلد‬
‫األقصى للتعويض ينصب أساسا على قاعدتني ‪:‬‬
‫أ‪-‬اجلنيه اإلسرتليين كوحدة حلساب التعويض‪.‬‬
‫ب‪-‬حتديد سعر اجلنيه بقيمته ذهبا‪.‬‬
‫إذن ال حمل للقول أبن اجلنيه اإلسرتليين وحده هو أساس التعويض ‪،‬خصوصا إذا علمنا‬
‫أنه عند ابرام املعاهدة سنة ‪ 1924‬مل تكن الدول يف حاجة إىل أن حترص على أن تقرر سعر‬
‫اجلنيه اإلسرتليين يكون مقوما ابلذهب ‪،‬ألن اجلنيه اإلسرتليين يف ذلك الوقت كان مرتبطا بسعر‬
‫الذهب ومل تكن إجنلرتا قد خرجت بعد من نظام الذهب الكامل ولو كان املراد أن يتخذ‬

‫‪ -1‬و هو ما أخذ ت به حمكمة استئناف ‪ Rouen‬اليت قضت أيضا ابلزام الناقل بدفع ‪ 200‬جنيه إسرتليين عن ضياع طردين من البضاعة‬
‫املنقولة وفقا لقيمة اجلنيه التجارية حسب سعر الصرف يف البورصة يوم وصول السفينة إىل امليناء وكذلك حمكمة استئناف ‪ Paris‬الفرنسية‬
‫عند حساب التعويض بقيمة اجلنيه اإلسرتليين ذهبا‪ ،‬حيث كان حتويل ‪100‬جنيه إىل الفرنك الفرنسي يقدر ب‪ 4.576‬أي ما يعادل أربعة‬
‫أضعاف قيمة اجلنيه اإلسرتليين ورقا ‪:‬‬
‫‪-CA. Rouen 10/02/1967,DMF1967,p675.‬‬
‫‪-CA. Paris ,18/04/1974,E.T.L 1975,p384.‬‬
‫أما يف القضاء العريب فقد أصدرت حمكمة استئناف أبو ظيب قرارا يف ‪ 1986 /12/ 31‬اعتدت فيه ابلقيمة املالية للجنيه اإلسرتليين ذهبا‬
‫‪:‬مشار إليه لدى أمحد حمود حسين ‪،‬النقل الدويل البحري للبضائع ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 124‬‬
‫‪ -2‬عبد الرمحن سليم ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪، 276‬ويضيف أكثم خويل مدعما احلجج السابقة اننا لسنا أمام شرط الذهب وإمنا أمام نص‬
‫تشريعي عام االنطباق‪ :‬حممود مسري الشرقاوي ‪،‬القانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪. 309‬‬
‫‪ -3‬مصطفى كمال طه ‪،‬التوحيد الدويل للقانون البحري ‪ 278،‬وما يليها‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫اجلنيه اإلسرتليين كوحدة أساسية للتعويض ملا كانت الدول يف حاجة إىل أن حتدد الوحدة‬
‫النقدية بقيمة الذهب يف املادة التاسعة‪. 1‬‬
‫كما أن مبلغ املائة جنيه إسرتليين مقومة ابلذهب قُصد به اختيار حد أقصى للتعويض‬
‫هذا من جهة ومن جهة أخرى حتديد سعر اثبت دون القيمة الفعلية للبضاعة وقد كان يتوخى‬
‫من هذا التحديد أن سعر الذهب هو ممثل للقوة الشرائية وابلتايل أقرب ما يكون ممثال لقيمة‬
‫البضاعة‪ .‬وعلى ذلك استقر الرأي عند ابرام املعاهدة بني شركات املالحة والشاحنني على‬
‫متوسط القيمة التقريبية لكل طرد ‪،‬فإذا استحق الشاحن ‪ 100‬جنيه عن كل طرد فهو يستحق‬
‫القيمة احلقيقية على وجه التقريب للبضاعة املفقودة أو التالفة على متوسط هذه القيمة‪. 2‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫حتويل القيمة الذهبية إىل العمالت الوطنية‬
‫إن األصل يف دين التعويض أو أي دين آخر أن يغطى ابلنقد الوطين للدائن وفقا‬
‫للقواعد العامة ‪،‬حىت ولو كان الدين انشئا عن حكم صادر بنقد آخر ‪.‬ويف هذه احلالة األخرية‬
‫جيب احتساب سعر الصرف يوم الوفاء و هذه القاعدة تتعلق ابلنظام العام نظرا ألاها تتعلق‬
‫حبماية النقد الوطين‪.3‬‬
‫لكن معاهدة بروكسل جاءت بنظام خمتلف بشأن الدول اليت ترفض أن يتم الوفاء بغري‬
‫عملتها‪ ،‬حيث نصت يف املادة ‪ 2/9‬من منها على أنه للدول املتعاقدة واليت ال تستعمل‬
‫اجلنيه اإلسرتليين كوحدة نقدية ‪،‬أن حتتفظ حبق حتويل املبالغ املبينة إىل أرقام صحيحة وفق‬
‫نظامها النقدي‪ .‬وهذا التحويل جيب أن يتخذ اجلنيه اإلسرتليين أساسا حمسواب طبقا لقيمته‬

‫‪ -‬ممدوح زكي احملامي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.143‬‬


‫‪1‬‬

‫‪ -2‬نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬


‫‪ -3‬أمحد حممود حسين‪ ،‬النقل الدويل البحري للبضائع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.281‬‬

‫‪207‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ذهبا وإذا مل يتم التحويل فإنه ميكن للقوانني الوطنية االحتفاظ للمدين حبق الوفاء ابلنقود‬
‫الوطنية طبقا لسعر القطع‪1‬يوم وصول السفينة إىل ميناء تفريغ البضائع‪.2‬‬
‫ال حيتاج األمر إىل بيان مدى االعرتاض على هذا النص‪ ،‬إذ أن النقد دائما يف حالة‬
‫نزول سوآءا كان ظاهرا أو خفيا ويف هذه احلالة يكفي الناقل أن يؤخر دفع التعويضات‬
‫والفوائد اليت يلتزم هبا مبوجب حكم صادر من حمكمة أول درجة ويف االستئناف من بعد وذلك‬
‫للحصول على ختفيض كبري لدينه وعلى مهلة الوفاء يف نفس الوقت‪ .3‬إال أنه من الواضح أن‬
‫املناقشات اليت دارت يف مؤمتر بروكسل الدبلوماسي لسنة ‪ 1922‬أن سبب اختيار سعر‬
‫الصرف يوم وصول السفينة إىل ميناء التفريغ هو أن هذا اليوم اثبت وأكثر سهولة يف حتديده‬
‫من األايم األخرى‪.4‬‬
‫أمام صراحة النص يف املعاهدة فإن القضاء يطبقه وحيتسب سعر الصرف يوم وصول‬
‫السفينة إىل ميناء التفريغ ‪،‬كما ميكن االتفاق يف سند الشحن على يوم آخر يتخذ أساسا‬
‫لتحديد سعر الصرف مع مراعاة ما يلي‪:5‬‬
‫‪-1‬عدم جواز االتفاق على حتديد سعر صرف معني ‪،‬إذ أن ذلك سيؤدي يف كثري من‬
‫األحوال إىل ختفيف مسؤولية الناقل ابعتباره الطرف القوي يف العقد وهو ابطل طبقا‬
‫للمعاهدة(‪.)8/3‬‬
‫‪-2‬جيب أن يكون اتريخ اليوم املتفق عليه على حتديد سعر الصرف واردا يف فرتة سراين عقد‬
‫النقل ‪،‬أي من وقت إصدار سند الشحن حىت متام تسليم البضاعة‪ .‬وعليه ميكن االتفاق على‬

‫‪ -1‬سعر القطع هو تعبري خاطئ وترمجة غري دقيقة لألصل الفرنسي ‪ cours de change‬والرتمجة الصحيحة للعبارة املشار إليها أعاله‬
‫هو سعر الصرف ‪،‬أما سعر القطع فهو سعر اخلصم وهناك فرق شاسع بني املعنيني‪.‬‬
‫‪ -2‬بسام عاطف املهتار ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.186‬‬
‫‪ -3‬أمحد حممود حسين‪ ،‬النقل الدويل البحري للبضائع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.282‬‬
‫‪ -4‬عبد الرمحن سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.282‬‬
‫‪ -5‬أمحد حممود حسين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫اختاذ يوم إصدار سند الشحن‪ ،‬أو يوم تسليم البضاعة ‪،‬أو يوم الوفاء أساسا لتحديد سعر‬
‫الصرف‪.‬‬
‫يرى بعض الفقه أنه كان من ابب أوىل على واضعي اتفاقية بروكسل أن ينصوا يف املادة‬
‫‪ 3/9‬على حساب التعويض على أساس سعر اجلنيه الذهيب يوم الوفاء ألن ذلك أعدل‬
‫للمضرور ‪،‬حيث توجد فرتة زمنية بني يوم الوفاء ويوم الوصول واليت قد تنتج فيها بعض‬
‫التغريات االقتصادية اهلامة يف القيمة الذهبية للجنيه اإلسرتليين‪.1‬‬
‫تربأ ذمة الناقل من التزامه ابلتعويض إذا وىف ابلنقود الوطنية على أساس سعر الصرف‬
‫يوم وصول السفينة إىل ميناء التفريغ وإن مضت بينه وبني الوفاء مدة طويلة ‪.‬وهبذا قضت‬
‫حمكمة النقض املصرية حيث جاء يف قرارها ما يلي‪ ":‬وحيث أن هذا النعي مردود ‪،‬ذلك أن‬
‫املادة ‪ 3/9‬من معاهدة بروكسل اخلاصة بتوحيد بعض القواعد املتعلقة بسندات الشحن تنص‬
‫على أنه ميكن للقوانني االحتفاظ للمدين حبق الوفاء ابلنقود طبقا لسعر القطع يوم وصول‬
‫السفينة إىل ميناء تفريغ البضائع املقصودة و كانت مصر قد انضمت إىل هذه املعاهدة وصدر‬
‫مرسوم ابلعمل هبا ابتداءا من ‪."1944/5/29‬‬
‫كما ميتنع طبقا للقوانني املصرية الوفاء يف مصر بغري العملة املصرية وكان نص املادة‬
‫السالفة الذكر قد قرر حساب العملة الوطنية على أساس سعر الصرف‪ ،‬يف يوم وصول السفينة‬
‫إىل ميناء التفريغ قد جاء عاما مطلقا ومل يفرق بني الوفاء الفوري أو الوفاء املرتاخي ألجل ‪،‬كما‬
‫مل يفرق بني الوفاء االختياري والوفاء االجباري‪ .‬وذلك بقصد وضع معيار اثبت لسعر الصرف‬
‫يسهل حتديده وهو يوم وصول السفينة إىل ميناء التفريغ وإن مضت بينه وبني يوم الوفاء مدة‬
‫طويلة ‪،‬فإن مؤدى ذلك أن تربأ ذمة الناقل من التزامه إذا وفاه بنقود وطنية على هذا األساس‪.‬‬
‫وملا كان ذلك احلكم املطعون فيه قضى للطاعنة ابلتعويض قدره ‪ 274784,2‬فرنكا‬

‫‪ -1‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬سنة ‪ ،1969‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.753‬‬

‫‪209‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫سويسراي مقوما ابلعملة املصرية على أساس السعر الرمسي للفرنك السويسري يوم وصول‬
‫السفينة إىل ميناء التفريغ يف ‪ 1948/1/1‬فإنه يكون قد خالف القانون"‪.1‬‬
‫طبقا للحق املخول مبقتضى الفقرة الثانية من هذا النص‪ ،‬حددت بعض الدول تعويضا‬
‫يتفق مع نظامها النقدي وضمنته يف تشريعاهتا الداخلية‪ ،‬ففي بلجيكا ُحدد أقصى حد‬
‫للتعويض عن الطرد ب‪17,500‬ألف فرنك بلجيكي‪ .‬ويف فرنسا مببلغ ‪8000‬فرنك فرنسي‬
‫مبوجب القانون الصادر يف أفريل سنة ‪ ،1926‬مث عُدل إىل ‪50‬ألف فرنك ابلقانون ‪22‬‬
‫نوفمرب لسنة ‪ ،1948‬مث عُدل مرة اثلثة إىل ‪ 100‬ألف فرنك يف ‪ 25‬سبتمرب ‪، 1953‬أما يف‬
‫أمريكا فقد حدد ب‪ 500‬دوالر‪.2‬‬
‫يف هذا اإلطار جيب التفرقة بني أمرين‪ :‬األول أن هذا التحديد قاصر على العالقات‬
‫داخل الدولة اليت أصدرت تشريعاهتا ‪،‬أما العالقات اليت تتنازع فيها القوانني فإن العربة عندئذ‬
‫بتطبيق أحكام املعاهدة دون هذه التشريعات‪ ،‬فيجب لذلك التزام نص الفقرة األوىل من املادة‬
‫التاسعة اليت حتدد التعويض على أساس سعر الذهب ‪.‬‬
‫على صعيد آخر يالحظ أن القضاء الفرنسي يفرق بني العالقات الداخلية وبني‬
‫العالقات اليت يسودها تنازع القوانني‪ ،‬ففي احلالة األوىل يطبق التعويض على أساس القانون‬
‫الصادر يف عام ‪.1936‬‬
‫ويف احلالة الثانية يطبق أحكام املادة التاسعة من معاهدة بروكسل واخلاصة بتحديد التعويض‬
‫على أساس ‪ 100‬جنيه مقومة ابلذهب وهبذا قضت حمكمة استئناف ابريس يف حكمها‬
‫الصادر يف ‪6‬جوان‪.31952‬و هذا احلكم قاطع الداللة يف إعمال نص املادة التاسعة من‬
‫املعاهدة يف حالة تنازع القوانني ‪.‬‬

‫‪ -1‬الطعن رقم ‪ 246‬لسنة ‪ 30‬ق جلسة ‪ 1967/11/21‬س ‪ 18‬ص ‪ :1713‬مشار إليه لدى شريف أمحد الطباخ‪ ،‬املرجع السابق‬
‫‪،‬ص ‪. 159‬‬
‫‪ -2‬ممدوح زكي احملامي‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-"S'agissant d'un transport maritime effectué de Marseille à Shanghai par navire‬‬
‫‪français pour le compte d'un expéditeur étranger et destination d'une firme étrangère,‬‬
‫‪la limitation de la responsabilité à8000 frcs par colis (aujourd'hui 5000 frcs ) preuve‬‬
‫‪210‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫من خالل كل ما قيل بشأن قاعدة اجلنيه اإلسرتليين خيلص القول أن املادتني‪5/4 :‬‬
‫و‪ 2/9‬من اتفاقية بروكسل مل تكوان دقيقتني ابلقدر الذي يقضي على اإلشكاليات اليت جتعل‬
‫الشاحن يف أسوأ مركز يف مواجهة الناقل‪ .‬و ذلك بسب اختالف القضاء يف دول العامل يف‬
‫تفسري هاتني املادتني األخريتني‪ ،‬مما جعل تقدير مبلغ التعويض خيتلف من دولة لألخرى حيث‬
‫يؤاخذ على املادة ‪ 5/4‬من جهة غياب املعيار املوضوعي يف حتديد مبلغ ‪ 100‬جنيه اجنليزي‬
‫كقاعدة حلساب احلد األقصى للتعويض‪ .‬ومن جهة أخرى الغموض الذي كان يدور حول‬
‫هذه املادة من حيث أاها مل حتدد عيار الذهب ووزنه‪.‬‬
‫أما احلرية اليت منحتها الفقرة الثانية من املادة التاسعة للدول املتعاقدة واليت ال يستعمل‬
‫فيها اجلنيه اإلسرتليين كعملة ‪،‬حيث حيق هلا اختيار رقم التحديد يف عملتها الوطنية أبرقام‬
‫صحيحة وقد فسر ذلك على أنه يعين أن التحويل ميكن أن يتم يف أي وقت وال توجد حاجة‬
‫إىل حتديثه‪ ،‬فكانت النتيجة أنه رغم ختفيض العمالت مع الزمن فإنه ما إن مت اختيار رقم للحد‬
‫األقصى للتعويض للمرة األوىل حىت بقي دون تغيري وقد كان يؤمل من أن تكون قيمة الذهب‬
‫اثبتة ‪،‬أو على األقل تعكس بشكل واقعي التضخم الطبيعي أو احلركات االنكماشية‪.1‬‬
‫لكن الذهب لسوء احلظ تعرض لتغريات ملحوظة يف قيمته احلقيقية ابتداءا من‬
‫سنة‪ 1924‬فصاعدا حبيث أن كثري من الدول تبنت يف حدود املسؤولية للطرد أو الوحدة‬
‫بعمالهتا الوطنية يف تشريعاهتا احمللية‪ ،‬مما مجد األمل كليا يف احلصول على قيمة عاملية للذهب‬
‫‪،‬ففي فرنسا مثال حددت املسؤولية مبقدار ألفي فرنك للطرد أو الوحدة ويف الوالايت املتحدة‬
‫حددهتا مبقدار مخسة مائة دوالر للطرد أو وحدة الشحن املعتادة ‪.‬‬

‫‪par l'art 5 de la loi du 2/4/1936 ne peut être appliquée ,le transport litigieux ayant le‬‬
‫‪caractère d'un international et se trouvant soumis à la convention de Bruxelles du 25‬‬
‫‪aout 1924 ,aux termes de laquelle ,la responsabilité du transporteur est limitée‬‬
‫‪à100.or"(Arrêt Cour D'appel de paris au 6/6/1952, DMF N°44du mois d'aout 1952,‬‬
‫‪p421:‬‬
‫مشار إليه لدى املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه ‪.‬‬
‫‪ -1‬عبد القادر‪ ،‬حسن العطري ‪ ،‬احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 324‬وما يليها ‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أما الوضع يف البلدان العربية فيمكن القول أبنه اتسم بعدم اهتمام املشرع يف معاجلة وإجياد‬
‫حلول اليت حتفظ حقوق املواطنني ومسايرة االجتاهات الدولية يف هذا الشأن‪ ،‬من أجل حتقيق‬
‫‪1‬‬
‫االستقرار والثبات يف املعامالت التجارية ‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬‬
‫مقدار التعويض وفق قاعدة الفرنك البوانكاريه‬
‫تعود التوصية ملراجعة معاهدة بروكسل لسنة ‪ 1924‬إىل ابعثني ‪ ،‬األول هو وجوب‬
‫التخلي عن قاعدة اجلنيه اإلسرتليين الذهب‪،‬اليت سبق وأن رأينا أاها تسببت يف الكثري من‬
‫الصعوابت‪ ،‬حىت يف بريطانيا إذ أن القانون مل حيدد قيمة اجلنيه الذهب ومل حتدده إال احملاكم‪.‬‬
‫أما الباعث الثاين فهو الرغبة يف رفع معدل التعويض بعد أن تبني أنه أصبح من التفاهة مبكان‬
‫خاصة فيما يتعلق ابحلاوايت و املستوعبات‪ ،2‬بسبب مرور فرتة طويلة على التحديد وما‬
‫يرافقها من ارتفاع يف األسعار ويف أجور النقل وتقلبات يف قيمة العمالت‪ .3‬وهذا األمر اقتضى‬
‫البحث عن وحدة أخرى ترضي الشاحنني على اختالف دوهلم وابلفعل فقد مت االتفاق يف‬
‫بروتوكول‪ 1968‬املعدل لالتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬على إحالل الفرنك البوانكاري ‪،‬أو‬
‫الفرنسي حمل اجلنيه اإلسرتليين‪.4‬وبناءا عليه سنعاجل هذا املطلب من خالل فرعني‪ :‬عوامل ظهور‬
‫الفرنك البوانكاري (الفرع األول)‪،‬حتويل الفرنك البوانكاري للعمالت الوطنية(الفرع الثاين)‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر‪ ،‬حسن العطري ‪ ،‬احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.325‬‬
‫‪ -2‬أمحد حممود حسين‪ ،‬النقل الدويل البحري للبضائع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.287‬‬
‫‪ -3‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.142‬‬
‫‪ -4‬هذه الوحدة أخذت هبا عدة اتفاقيات دولية من قبل نذكر منها‪ :‬اتفاقية وارسو للنقل اجلوي لسنة ‪( 1929‬املادة ‪،) 4/22‬معاهدة‬
‫بروكسل اخلاصة بنقل الركاب لسنة ‪(1961‬املادة ‪ ) 1/6‬ومعاهدة بروكسل لسنة ‪ 1962‬اخلاصة مبسؤولية مستغلي السفن الذرية(املادة‬
‫‪.)1/3‬‬

‫‪212‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬‬
‫ظهور الفرنك البوانكاري واألليات اليت ارتكز عليها‬
‫تقتضي دراسة الفرنك البوانكاري أو الذهيب كقاعدة حلساب احلد األقصى للتعويض‬
‫املرتتب عن اخلسارة الالحقة ابلشاحن أو صاحب البضاعة أن نبني أوال كيف كان ظهوره وما‬
‫املقصود منه‪ ،‬مث بيان اآلليات اليت شجعت على التعامل به و يليه أخريا كيفية تقدير التعويض‬
‫وفق الفرنك البوانكاري ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬ظهور الفرنك البوانكاري واملقصود به‬
‫أ‪-‬عوامل ظهور الفرنك البوانكاري‪:‬‬
‫لقد كانت املناقشات حول وضع حد أقصى للتعويض ابلفرنك البوانكاري يف املؤمتر‬
‫الدبلوماسي الذي عقد يف ‪ 23‬فرباير ‪ 1968‬طويلة وثرية ‪،‬حيث تعددت املشروعات رغم‬
‫اإلمجاع على وجوب رفع املعدالت القدمية وعدم االقتصار على معدل واحد وهو الطرد‬
‫والوحدة(االقرتاحات االسكندانفية)‪ ،‬بينما ذهب آخرون إىل حتديد أرقام للطرد أو الوحدة‬
‫وقدرت ب‪ 12500‬فرنك بوانكاري وللكيلوغرام ب‪ 25‬أو ‪ 30‬فرنك بوانكاري على أن‬
‫أيخذ القضاء مبا هو أصلح للشاحنني( االقرتاحات اإلجنليزية و األملانية) ‪ .‬ويف النهاية أخذ‬
‫بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬هبذا النظام اجلديد الذي يعترب أكثر تعقيدا من نظام املعاهدة‬
‫وهو أمر مل يكن من السهل تفاديه‪،1‬حيث ألغى يف مادته الثانية الفقرة اخلامسة من املادة‬
‫الرابعة من املعاهدة األصلية وقرر أن يستعاض عنها ابآليت‪:‬‬
‫أ‪-‬ال يلزم الناقل أو السفينة يف أي حال من األحوال بسبب الفقد أو التلف الالحق ابلبضاعة‬
‫أو ما يتعلق هبا مببلغ يزيد على ما يعادل عشرة آالف فرنك عن كل طرد أو وحدة أو ثالثني‬

‫‪ -1‬أمحد حممود حسين‪ ،‬النقل الدويل البحري للبضائع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.288‬‬

‫‪213‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫فرنك عن كل كيلو من الوزن القائم من البضاعة املفقودة أو التالفة أيهما أكرب ‪،‬مامل يكن‬
‫الشاحن قد بني طبيعة البضاعة وقيمتها قبل الشحن وأثبت ذلك يف سند الشحن‪.1"...‬‬
‫ب‪-‬املقصود من الفرنك البوانكاري‬
‫يعرف الفرنك البوانكاري ‪ Franc Poincaré‬على أنه عملة افرتاضية مقومة ابلذهب‬
‫ويتم حتويلها إىل العمالت الوطنية على أساس كمية الذهب اليت حددها بروتوكول ‪1968‬‬
‫واملقدرةب‪65,5‬مليغرام من الذهب عيار ‪900‬من األلف من الذهب اخلالص‪ .‬كما يعرفه‬
‫بعض الفقه ابختصار هي وحدة مصطنعة حتتوي على‪65,5‬مليغرام من الذهب عيار ‪900‬من‬
‫األلف‪.2‬‬
‫لقد اقتبس بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬هذه الوحدة من املادة ‪ 22‬من اتفاقية‬
‫وارسو لسنة ‪ 1929‬للنقل اجلوي الدويل ويفضل الفقه والقضاء يف بريطانيا تسميته ابلفرنك‬
‫متيزا له عن الفرنك الفرنسي املتداول كعملة وطنية قبل أن حيل حمله‬ ‫‪Gold Franc‬‬ ‫الذهيب‬
‫‪Franc Poincaré‬‬ ‫‪ .‬وهناك من الفقه من يفضل تسميته الفرنك البوانكاري‬ ‫‪Euro‬‬ ‫اليورو‬
‫نسبة إىل منشئه "رميون بوانكاري" وزير املالية يف فرنسا يف سنة ‪،31928‬حيث كانت هذه‬
‫الكمية من الذهب متثل قيمة الفرنك الفرنسي بعد هبوط قيمة النقد يف ‪ 25‬جوان من نفس‬
‫السنة‪.4‬‬
‫اثنيا‪ :‬اآلليات اليت ارتكز عليها الفرنك البوانكاري‬
‫‪Bretton woods‬‬ ‫يعود الفضل يف وجود النظام النقدي الدويل التفاقية بريتون وودز‬
‫املربمة يف ‪ 22‬جويلية‪ 1944‬واليت أنشأت كال من صندوق النقد الدويل والبنك الدويل‬
‫لإلنشاء والتعمري ‪،‬حيث ربطت اتفاقية النقد الدويل بني النقود والذهب مؤكدة بذلك تبنيها‬
‫لقاعدة الذهب يف جمال النقد الدويل ولكن بصيغة معدلة ‪،‬فحرصت انطالقا من ذلك على‬
‫‪ -1‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬النقل البحري للبضائع‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪، 1992‬ص ‪. 600‬‬
‫‪ -2‬عبد القادر حسني العطري ‪،‬ابسم ملحم ‪،‬الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية –دراسة مقارنة ‪، -‬املرجع السابق‪،‬ص‪. 344‬‬
‫‪ -3‬ملزي عبد الرمحن ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 293‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Pierre‬‬ ‫‪Bonasaisses et Christian scapel, op.cit,p290.‬‬
‫‪214‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫وضع جمموعة من االلتزامات على عاتق الدول األعضاء يف الصندوق ‪،‬ورد ذكرها يف املادة‬
‫الرابعة منها واليت تعترب مبثابة حجر الزاوية يف نظام النقد الدويل أبكمله وتدور هذه االلتزامات‬
‫حول فكرتني أساسيتني‪:1‬‬
‫‪le système de parité:‬‬ ‫أ‪-‬نظام التعادل‬
‫نصت الفقرة األوىل من املادة الرابعة السالفة الذكر على أن التعادل األساسي لعملة‬
‫أي عضو يف الصندوق سيعرب عنها ابلذهب كأساس مشرتك أو ابلدوالر األمريكي ومعىن ذلك‬
‫أن تلتزم كل دولة بتحديد القيمة األساسية لوحدة النقد الوطنية بوزن معني من الذهب‪ ،2‬أو‬
‫ابلدوالر األمريكي طبقا لوزنه ودرجة نقائه يف أول جويلية عام ‪ 1944‬وقد كان الدوالر‬
‫األمريكي يف التاريخ األخري يقدر ب ‪ 0,888671‬جرام من الذهب‪.‬‬
‫ب‪-‬مبدأ ثبات سعر الصرف‪:‬‬
‫قررت االتفاقية مبدأ ثبات أسعار الصرف فيما بني العمالت الوطنية يف إطار حرية‬
‫التحويل وال يقصد هبذا املبدأ مجود أسعار الصرف‪ ،‬أو ثباهتا املطلق بل املقصود هو الثبات مع‬
‫املرونة‪ .‬أي أن االتفاقية قد أخذت حبل وسط بني أنصار الثبات املطلق وأنصار تقلبات‬
‫الصرف‪ ،‬فهي تسمح يف حاالت حمددة بتعديل سعر الصرف وجتيز يف ظروف معينة فرض‬
‫القيود على حتويل العمالت لبعضها البعض وهو ما نتج عنه عدم وجود اختالف بني السعر‬
‫الرمسي للذهب وبني سعره يف السوق احلر ومرُد ذلك إىل ما يلي‪:3‬‬
‫أ‪-‬ما قررته الفقرة الثالثة من املادة الرابعة من التزام الدول األعضاء بعدم بيع الذهب أو شرائه‬
‫أبسعار تتجاوز حدود التقلبات اليت عينها الصندوق وبعدم السماح مبباشرة عمليات الصرف‬
‫داخل أراضيها أبسعار تزيد على‪ %1‬من القيمة األساسية للعملة‪.‬‬

‫‪ -1‬حممد فريد العريين ‪،‬القانون اجلوي (النقل اجلوي الداخلي والدويل)‪،‬دار املطبوعات اجلامعية ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪، 1999‬ص ‪ 347‬وما‬
‫يليها‪.‬‬
‫بقاعدة الذهب‪.‬‬‫‪ 2‬هذا ما يطلق عليه‬
‫‪ -3‬حممد فريد العريين ‪،‬القانون اجلوي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.350‬‬

‫‪215‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ب‪-‬ما تعهدت به الوالايت املتحدة األمريكية ابلنظر إىل ما كانت متلكه يف ذلك الوقت من‬
‫كميات احتياطية ضخمة من الذهب‪ ،‬يف أقبية "فورت نوكس" و"مااهاتن" من تثبيت أسعار‬
‫الذهب عند حد ‪ 35‬دوالرا لألوقية‪ .‬ولعل خري دليل على ما تقدم أن سعر الذهب مل يتجاوز‬
‫عند إعادة افتتاح السوق احلر للذهب يف لندن عام ‪ 1954‬حدود التقلبات‪ ،‬اليت قررها‬
‫صندوق النقد الدويل ومل يتعد سعر التعادل املعلن بني الدوالر والذهب وهو‪ 35‬دوالر لألوقية‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬كيفية تقدير التعويض وفق الفرنك البوانكاري ‪.‬‬
‫نصت الفقرة األوىل من املادة الثانية من بروتوكول ‪ 1968‬على أنه حيسب احلد‬
‫األقصى للتعويض على أساس عشرة آالف فرنك بوانكاري عن كل طرد أو وحدة هتلك أو‬
‫تتلف من البضاعة اليت تعهد الناقل بنقلها أو ‪ 30‬فرنكا عن كل كيلوغرام من البضاعة اهلالكة‬
‫أو التالفة ‪،‬فاخليار بني احلدين هو حق مقرر للمطالب ابلبضاعة وهو حيقق عدالة التعويض فال‬
‫يتساوى يف ظله الطرد الكبري والطرد الصغري‪ .1‬و يلتزم القاضي حبساب التعويض مرتني مرة‬
‫على أساس عدد الطرود أو حدات الشحن ومرة على أساس الوزن القائم للبضائع وأيخذ يف‬
‫النهاية أبعلى حد بينهما‪.2‬‬
‫لتوضيح املعىن أكثر نضرب املثال التايل‪ :‬هلك طرد يزن ‪ 800‬كيلوغرام وحيسب‬
‫التعويض هنا وفق ضابط الوزن والذي يقدر احلد األقصى فيه ب‪ 30‬فرنك بوانكاري‪ ،‬ففي‬
‫هذه احلالة يقوم القاضي بضرب وزن الطرد يف ذلك احلد‪ 24000= 30.800‬بوانكاري مث‬
‫يقوم بعد ذلك حبساب التعويض وفق ضابط الطرد والذي قدره الربوتكول ب‪10000.‬فرنك‬
‫بوانكاري ‪.‬طرد واحد=‪10000‬فرنك وعليه يبقى املبلغ نفسه ألنه طرد واحد‪ .‬ويف األخري‬
‫حيكم القاضي مببلغ ‪ 24000‬بوانكاري مث حيوله للعملة الوطنية ألنه األصلح للمضرور ‪.‬‬
‫لكن ليس يف كل األحوال يكون من مصلحة املضرور أن يرجع على الناقل ابلتعويض‬
‫وفق ضابط الوزن ‪،‬فقد يكون الطرد خفيف الوزن مثال ‪20‬كلغ فيكون حساب التعويض يف‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه‪ ،‬أساسيات القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 280‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-CA Paris 7 novembre 1990 ,DMF Mars 1992,p185.‬‬

‫‪216‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫هذه احلالة على النحو اآليت‪ 20:‬كلغ ‪ 30.‬فرنك بوانكاري=‪ 600‬فرنك بوانكاري‪ ،‬فرياعي‬
‫القاضي مصلحة املضرور ‪،‬حيث أنه من األفضل للمضرور أن يرجع على الناقل وفق ضابط‬
‫الطرد‪ ،‬حيث حيصل على مبلغ تعويض يعادل‪ 10000‬فرنك بوانكاري فيحكم القاضي به‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫حتويل الفرنك البوانكاري إىل العمالت الوطنية‬
‫تدور دراسة هذا الفرع حول كيفية حتويل الفرنك البوانكاري إىل العمالت الوطنية‬
‫ويتطلب ذلك البحث عن اتريخ حتويل مبالغ احلد األقصى للتعويض(أوال) ‪،‬حتديد سعر‬
‫الصرف الذي يتم على أساسه حتويل الفرنك الذهيب إىل العمالت الوطنية(اثنيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اتريخ حتويل مبالغ احل ّد األقصى للتعويض‬
‫نصت الفقرة د من املادة الثانية من الربوتوكول ‪ 1968‬على أنه حيدد اتريخ حتويل مبلغ‬
‫التعويض و املقدر ابلفرنك البوانكاري إىل العملة الوطنية مبقتضى قانون اجلهة القضائية‪ ،‬اليت‬
‫يرفع النزاع أمامها ولكن كيف يكون احلكم إذا مل يتضمن قانون‪ 1‬بلد احملكمة املختصة ابلنزاع‬
‫اتريخ حتويل مبلغ التعويض احملكوم به؟‬
‫إن اإلجابة على هذا اإلشكال تقتضي التعرض آلراء الفقه واليت انقسمت هبذا الشأن‬
‫إىل عدة اجتاهات‪:‬‬
‫يرى االجتاه األول أنه إذا مل يصدر املشرع يف دولة ما قانوان حيدد التاريخ الذي يعتد به‬
‫يف حتديد سعر العملة فهنا على القاضي أن يقوم بنفسه هبذا التحويل ولعل أقرب احللول‬
‫املمكنة إىل العدالة هو حتديد سعر العملة يوم وصول السفينة إىل امليناء املقصود ‪،‬أو يف اليوم‬
‫الذي كان جيب أن تصل فيه‪ .‬وهذا ما كانت معاهدة بروكسل‪ 2‬قد نصت عليه قبل تعديلها‬

‫‪ -1‬لقد فصل املشرع اجلزائري يف القانون البحري يف هذه املسألة ‪،‬حيث قرر أن يتم التحويل يف حالة رفع دعوى قضائية حسب قيمة‬
‫الذهب للعملة املذكورة بتاريخ النطق ابحلكم حسب ما ورد يف آخر فقرة من‪ 805‬ق ب ج ‪،‬ونذكر من بني الدول العربية اليت ليس فيها‬
‫تشريع خاص يف هذا الشأن على سبيل املثال لبنان مما يشكل صعوبة على القاضي يف اختيار التاريخ املناسب لتاريخ التحويل‪:‬‬
‫وجدي حاطوم ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 205‬‬
‫‪ -‬املادة ‪ 9‬من معاهدة بروكسل لسنة ‪.1924‬‬
‫‪2‬‬

‫‪217‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يف سنة ‪،1968‬إذ قضت أبن حيول مبلغ التعويض إىل العملة الوطنية على أساس سعر‬
‫الصرف يوم وصول السفينة إىل ميناء التفريغ‪.1‬‬
‫بينما ذهب االجتاه الثاين إىل القول أبن األخذ بسعر العملة يوم الوفاء ألنه األنسب‬
‫ملصلحة الشاحن فالقاضي يقوم بتحديد اتريخ التحويل آخذا بسعر الصرف يوم الوفاء ال بيوم‬
‫وصول السفينة‪ ،‬إذ أن هاذين اليومني قد تطول املدة بينهما فيتغري سعر الذهب خالهلا تغريا‬
‫كبريا تتأثر به حقوق الشاحن‪.2‬‬
‫أما االجتاه الثالث فريى أنه من األفضل احتساب احلد األقصى التعويض املنصوص‬
‫عليه يف املادة ‪ 2‬من بروتوكول بروكسل ‪ ،1968‬عندما ال يكون هناك نص يف القانون‬
‫الداخلي املعروض على حماكمه على واقعة النزاع على أساس سعر الصرف يوم وقوع اهلالك أو‬
‫التلف الذي حيدث للبضاعة حمل عقد النقل البحري‪ .‬وإذا استحال معرفة هذا التاريخ حيسب‬
‫احلد األقصى التعويض ابلعملة الوطنية على أساس سعر الصرف يف يوم وصول السفينة ألنه‬
‫اتريخ اثبت وحمدد‪. 3‬‬
‫من خالل اآلراء السابقة على اختالفها يالحظ أن بعضها كان يراعي مصلحة املضرور‬
‫أبن حيصل على أكرب قدر من التعويض ‪،‬يف حني كان البعض اآلخر حياول اختيار يوم يسهل‬
‫حتديده‪ ،‬لكن عدم االتفاق على اتريخ واحد لتحويل سعر الفرنك البوانكاري سينجر عنه‬
‫حتما اختالف مبالغ التعويض وهي النتيجة اليت كانت االتفاقية حتاول أن تتفاداها يف سبيل‬
‫حتقيق توحيد القانون الدويل للنقل عرب البحر‪ .‬ولعل الفكرة الصائبة كانت فيما جاء به املشرع‬
‫اجلزائري وهي نقطة حتسب لصاحله واليت جتسدت يف األخذ بتاريخ صدور احلكم‪ ،4‬ألنه اتريخ‬

‫‪ -1‬حممود مسري الشرقاوي ‪،‬القانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪ 306‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬بسام عاطف املهتار ‪،‬املرجع السابق ‪.190،‬‬
‫‪ -3‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 277‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -4‬و هو ما اقتبسه املشرع اجلزائري من الفقرة ‪ 5‬من املادة ‪ 11‬من بروتوكول الهاي لسنة ‪ 1955‬املعدل التفاقية وارسوا للنقل اجلوي‬
‫لسنة ‪. 1929‬‬

‫‪218‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أسهل حتديدا وفيه فائدة للمضرور و مبا أن االتفاقيات الدولية يف النقل األخرى قد سبقت إىل‬
‫األخذ به ملا فيه من فائدة للمضرور‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬سعر الصرف الذي يتم وفقه حتويل الفرنك الذهيب‬
‫ابتداءا من عام ‪ 1960‬بدأت بوادر ااهيار النظام النقدي الدويل الذي أرسته اتفاقية‬
‫بروتون وودز بسبب عوامل كثرية ميكن اجياز أمهها يف ما يلي‪ :‬املضارابت الكبرية اليت تعرض هلا‬
‫الدوالر والعجز املستمر يف ميزان املدفوعات األمريكي وهروب رؤوس األموال قصرية األجل إىل‬
‫خارج الوالايت املتحدة األمريكية وازدايد كمية الدوالرات الورقية‪ ،‬اليت حتتفظ هبا السلطات‬
‫النقدية األجنبية كعملة احتياط مما جعل إمكانية حتويلها إىل ذهب مسألة نظرية حبتة وزايدة‬
‫املضارابت على الذهب مما أدى إىل اتساع الفجوة بني سعر الذهب املعلن (السعر الرمسي)‬
‫وسعره الفعلي (السعر احلر)‪.‬وذلك بسبب قرار البنوك املركزية للدول اليت أنشأت ما يسمى‬
‫مبجمع الذهب‪ pool de l'or‬والذي مفاده فض هذا اجملمع وابالمتناع عن تثبيت سعر‬
‫الذهب يف السوق احلر عند حد مقارب لسعره الرمسي وهو ‪ 35‬دوالر لألوقية‪.1‬‬
‫أجربت هذه العوامل وغريها الرئيس األمريكي "نيكسون" على اإلعالن عن توقف‬
‫الوالايت املتحدة األمريكية عن حتويل الدوالر إىل ذهب اعتبارا من ‪ 15‬أوت عام ‪.1971‬‬
‫و قد أدى ذلك اإلعالن إىل انتشار الفوضى يف األسواق النقدية‪ .‬وإىل قيام العديد من الدول‬
‫بتعومي‪2‬عمالهتا الوطنية ‪.‬‬

‫‪ -1‬صدر هذا القرار يف ‪ 17‬مارس عام ‪ 1968‬وترتب عليه أن وصل سعر الذهب يف السوق احلر بلندن إىل ‪ 15‬دوالرا لألوقية يف الوقت‬
‫الذي كان فيه السعر الرمسي هو ‪ 35‬دوالرا لألوقية‪ :‬مشار إليه لدى حممد فريد العريين ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 350‬‬
‫‪ -2‬تعومي العملة ‪:‬هو جعل سعر صرف العملة النقدية حمررا بشكل كامل ‪،‬حبيث ال تتدخل فيه احلكومة أو املصرف املركزي يف حتديده‬
‫بشكل مباشر وإمنا يتم افرازه تلقائيا يف سوق العمالت من خالل آلية العرض والطلب اليت تسمح بتحديد سعر الصرف العملة الوطنية‬
‫مقابل العمالت األجنبية وتتقلب أسعار صرف العملة العائمة ابستمرار مع كل تغيري يشهده العرض والطلب على العمالت األجنبية حىت‬
‫أاها ميكن أن تتغري عدة مرات يف اليوم الواحد ‪.‬وأشكال التعومي تتخذ وجهني إما أن يكون التعومي خالصا أو يكون موجها فالتعومي اخلالص‬
‫يرتك حتديد سعر الصرف لقوى السوق وآلية العرض والطلب بشكل كامل ومتتنع الدولة عن أي تدخل مباشر أو غري مباشر‪،‬أما التعومي‬
‫املوجه فيرتك حتديد سعر الصرف لقوى السوق وآلية العرض والطلب‪ ،‬لكن الدولة تتدخل عرب مصرفها املركزي حسب احلاجة من أجل‬
‫توجيه أسعار الصرف يف اجتاهات معينة من خالل التأثري يف حجم العرض أو الطلب على العمالت األجنبية‪:‬‬
‫‪www.aljazeera.net/ehcyclopcdia/economy/‬‬
‫‪219‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫كما أعقب تلك األحداث ختفيض يف قيمة الدوالر لتصبح العالقة بينه وبني الذهب تقدر ب‬
‫‪ 42,222‬دوالرا لألوقية‪.1‬‬
‫مل يشكل حتويل الفرنك الذهيب إىل العمالت الوطنية أي صعوابت يف العمل عندما‬
‫كانت مرتبطة بطريق مباشر أو غري مباشر ابلذهب وبعالقة اثبتة عندما كان للذهب سعر‬
‫رمسي ‪،‬لكن املشكلة الكربى جاءت مع دخول اتفاقية مجايكا املعدلة التفاقيات "بروتون‬
‫وودز" حيز النفاذ اعتبارا من أول أفريل عام ‪ 1978‬فاتضحت صعوبة عملية يف حتويل الفرنك‬
‫البوانكاري إىل عمالت وطنية‪ .‬وذلك بسبب احلظر املسلط على الدول األعضاء يف الصندوق‬
‫النقد الدويل يف ربط عمالهتا الوطنية ابلذهب وبسبب إلغائها السعر الرمسي هلذا األخري ‪.‬‬
‫ارتباطا مبا سبق فإنه عندما نتتبع نصوص بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬والقانون‬
‫البحري اجلزائري جند أاهما مل يبينا سعر الصرف الذي يتم وفقه مبلغ التعويض املقدر ابلذهب‬
‫إىل العملة الوطنية يف دولة القاضي الفاصل يف النزاع ‪ ،‬مما يثري االشكال التايل‪ :‬هل حيسب‬
‫احلد األقصى للتعويض على أساس سعر الرمسي للذهب أم وفق سعره يف السوق احلرة ؟ أم‬
‫غريمها ؟‬
‫لقد تعددت احللول اليت جاء هبا الفقه واستخدمها القضاء كحل ملشكلة حتويل الفرنك‬
‫الذهيب إىل عملة احمللية و اليت تبنتها االجتاهات التالية‪:‬‬
‫االجتاه األول‪:‬‬
‫يرى أنصار هذا االجتاه بوجوب حتويل الفرنك البوانكاري إىل العملة الوطنية على‬
‫أساس سعر الذهب الرمسي ويسوق أنصاره حججا ميكن لردها إىل اعتبارين‪:2‬‬
‫أ‪ -‬أنه يصعب عمال حتديد سعر الذهب يف السوق احلرة ألنه خيتلف من مكان ألخر‪ ،‬فسعره‬
‫يف لندن غريه يف "ابريس" ‪،‬أو "نيويورك" ‪،‬أو "زريخ" ‪،‬أو "هونج كونج" وسعره يف اإلقفال‬
‫خيتلف عند افتتاح البورصة ‪.‬‬
‫‪ -‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -2‬ملزي عبد الرمحن ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪. 265‬‬

‫‪220‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫ب‪ -‬أن األخذ ابلسعر الرمسي للذهب هو الذي يتفق مع روح االتفاقية ومقاصد واضعيها يف‬
‫اختيار الوحدة النقدية‪ ،‬حيث حيقق هلا الثبات واالستقرار ‪ .‬وحىت ال تتفاوت حدود املسؤولية‬
‫تبعا الختالف سعر الذهب يف السوق احلرة وهو ما يفوت غرض توحيد القانون والذي من‬
‫أجله مت إقرار مبدأ احلد األقصى للتعويض ويضر يف نفس الوقت مبصاحل الناقل البحري وهو ما‬
‫أوصت به اللجنة القانونية للمنظمة البحرية الدولية منذ سنة ‪،1974‬كماأخذ به القضاء يف‬
‫كثري من الدول‪.1‬‬
‫االجتاه الثاين‪:‬‬
‫خالفا للرأي السابق ذهب بعض الفقه إىل أن حتويل مبلغ احلد األقصى احملكوم على‬
‫الناقل واملرتتب على هالك البضاعة أو تلفها جيب أن يتم على أساس سعر الذهب يف السوق‬
‫احلرة ‪،‬ألن السعر الرمسي للذهب ما هو إال سعر حتكمي ومنبت الصلة ابلواقع‪ .‬أما سعر‬
‫الذهب يف السوق احلرة على العكس فيعرب بصدق عن الغرض من فرض شرط الذهب يف‬
‫تعديل اتفاقية بروكسل وغريها من االتفاقيات الدولية‪.2‬و هناك بعض من الفقه الغريب‪ 3‬من‬
‫يؤيد هذا الرأي و قد أخذ به أيضا القضاء اليوانين واإليطايل‪.4‬‬
‫االجتاه الثالث‪:‬‬
‫هذا االجتاه قالت به حمكمة استئناف ابريس‪ 5‬يف قضية ‪ chamie‬وشايعتها يف ذلك‬
‫بعض احملاكم الفرنسية‪ ،‬إذ ترى أن حتويل الفرنك الذهيب إىل العملة الوطنية يتم استنادا إىل‬
‫‪1‬‬
‫‪-Trib.gr.Inst.paris,‬‬ ‫‪10Fev 1978 ,p DMF 1978,p212,Cour d'app-Aix-en-‬‬
‫‪provence31Oct1980,DMF1981,1981,p258.‬‬
‫‪ -2‬فاروق أمحد زاهر ‪،‬حتديد مسؤولية الناقل اجلوي الدويل‪-‬دراسة يف اتفاقية فارسوفيا والربوتوكوالت املعدلة هلا ‪،‬رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة‬
‫القاهرة ‪،‬سنة ‪، 1985‬ص‪.152‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Ip Heller, The Warsaw conventions journal of world trade law 1973,7,p126,GR‬‬
‫‪Larsen ,Legal problem in compensation under the gold clause of private international‬‬
‫‪agreements, George town law journal ,1975,63,p817 et sq ,GMiller,Laibility in‬‬
‫‪international air transport ,New York 1977,p178:‬‬
‫مشار إليها لدى املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬يف القضاء اليوانين‪ :‬حمكمة استئناف أثينا ‪ 10‬جانفي ‪، 1974‬أما يف القضاء اإليطايل‪ :‬حمكمة استئناف ميالنو ‪ 9‬جوان ‪1981‬‬
‫مشار إليها لدى نفس املرجع ‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬ ‫‪،‬حمكمة استئناف روما يف ‪ 29‬جوان ‪: 1981‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪CA. Paris, 5emech, 31 janv1980, DMF1980, p286.‬‬
‫‪221‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫معادلة هذا الفرنك ابلعملة الفرنسية‪ ،‬اليت خلفته بعد الغاء قاعدة الذهب مبقتضى اتفاق‬
‫جاميكا‪ .‬و من مثة يتم تقدير مبالغ التعويض املنصوص عليها يف املادة ‪ 2‬من بروتوكول‬
‫‪ 1968‬ابلفرنك اجلديد‪ .‬و قد أُخذ على هذا الرأي أن اعتبار الفرنك اجلديد مساواي للفرنك‬
‫الذهيب يعين اخللط بني الفرنك كوحدة حساب وبني الفرنك كوحدة دفع ‪،‬فالفرنك اجلديد ال‬
‫ميكن إال أن يكون وحدة دفع ال وحدة حساب ‪ .‬فضال عن ذلك فإن مصري املضرورين يف‬
‫شىت أحناء العامل يبقى رهينا ابلسياسة النقدية الفرنسية يف حتديد قيمة الفرنك الفرنسي صعودا‬
‫وهبوطا‪.1‬‬
‫االجتاه الرابع‪:‬‬
‫يذهب أنصار هذا االجتاه إىل القول أن حتويل الفرنك البوانكاري جيب أن يتم على‬
‫أساس حقوق السحب اخلاصة ‪ DTS‬اليت ابتدعها صندوق النقد الدويل‪ . 2‬وتعادل الوحدة‬
‫منها مخسة عشر فرنكا ذهبيا ‪،‬حيث ميكن لوحدات حقوق السحب اخلاصة أن متأل الفراغ‬
‫الذي ختلف جراء إلغاء قاعدة الذهب يف املعامالت الدولية منذ عام ‪ ،1978‬على اعتبار أن‬
‫صندوق النقد الدويل قد استحدث نظاما نقداي عاما‪ ،‬حلت فيه قاعدة قياس جديدة يعمل هبا‬
‫يف حتديد املقابل النقدي للوحدات احلسابية املشار إليها يف بروتوكول ‪. 31968‬‬

‫‪ -1‬يزيد دالل ‪،‬مسؤولية الناقل اجلوي لألشخاص يف النقل اجلوي الداخلي والدويل‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪،‬السنةاجلامعية‪، 2010/2009:‬جامعة‬
‫تلمسان‪،‬ص‪ 269‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬يف جانفي ‪ 1976‬مت التوقيع على التعديل الثاين التفاقية بروتن وودز املعروف ابتفاق جاميكا ‪ Acord de jamaique‬والذي دخل‬
‫حيز النفاذ يف أول أفريل ‪، 1978‬حيث نص يف املادة الرابعة منه على أن ‪":‬يكون لكل دولة احلق يف أن ترتبط عملتها الوطنية حبقوق‬
‫السحب اخلاصة‪ ،‬أو بعملة دولة أخرى عضو يف الصندوق ‪،‬أو بسلة من العمالت ‪،‬أو أبي قاسم مشرتك من اختيارها بشرط أال يكون هذا‬
‫القاسم هو الذهب ويرتك للصندوق حتديد األساس الذي على ضوئه تقدير قيمة هذه احلقوق"‪ .‬وهبذا فقد انفصل كل ارتباط كان قائم قبل‬
‫التعديل بني العمالت الوطنية والذهب وذلك إبلغاء سعر الذهب الرمسي وجتريده من صفته النقدية‪ :‬رفعت فخري ‪،‬فريد العريين ‪،‬دراسات‬
‫يف القانون البحري واجلوي ‪،‬الدار اجلامعية ‪ ،‬مصر ‪، 1992‬ص‪176‬و‪.178‬‬
‫‪ -3‬يزيد دالل‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪. 270‬‬

‫‪222‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫االجتاه اخلامس‪:‬‬
‫أخذ هبذا االجتاه القضاء املصري استنادا إىل بطالن شرط الذهب يف املعامالت‬
‫الداخلية واخلارجية على السواء يف التشريع املصري وهلذا قررت حمكمة النقض‪ 1‬أن كل ما يلزم‬
‫به الناقل اجلوي وفقا للفقرتني األوىل والرابعة من املادة ‪ 22‬من اتفاقية فارسوفيا هو عدد من‬
‫اجلنيهات املصرية الورقية املساوي لعدد اجلنيهات الذهبية املشتملة على وزن ذهب يعادل‬
‫‪ 125‬ألف فرنسي على أساس أن وزن الذهب يف اجلنيه املصري الواحد هو ما حدده القانون‬
‫لسنة ‪ 1951‬فقالت احملكمة‪.....":‬ذلك أنه وإن كانت الفقرة األوىل من املادة ‪ 22‬من‬
‫اتفاقية فارسوفيا ‪....‬قد نصت على أن تكون مسؤولية الناقل اجلوي قبل كل راكب حمدودة‬
‫مببلغ مقداره ‪ 125‬ألف فرنك‪ .‬ونصت الفقرة الرابعة منها على أن يكون تقدير املبلغ بواقع‬
‫الفرنك الفرنسي‪ ،‬الذي يشتمل على ‪ 65,5‬من الذهب عيار‪ 900‬يف األلف ذهبا خالصا‬
‫وأن يكون هذا املبلغ قابال للتحويل إىل أرقام دائرة يف كل عملة وطنية‪ ،‬إال أنه ليس ملا ورد يف‬
‫هذه الفقرة األخرية أثر ما على التشريع اخلاص بشرط الذهب يف مصر‪ .‬وهو ما صدر بشأنه‬
‫األمر العايل يف ‪ 3‬أوت ‪ 1914‬بفرض السعر االلزامي للعملة الورقية مث املرسوم بقانون رقم‬
‫‪ 45‬لسنة ‪ 1935‬الذي نص على بطالن شرط الذهب يف العقود اليت يكون االلتزام ابلوفاء‬
‫فيها ذا صبغة دولية ‪.‬‬
‫ملا كانت أحكام هاذين التشريعني من النظام العام ومن مقتضاها بطالن شرط الذهب‬
‫يف املعامالت الداخلية واخلارجية على حد سواء‪ .‬و هو أمر راعى الشارع فيه املصلحة العامة‬
‫املصرية فإنه ال ميكن القول أبن انضمام مصر إىل اتفاقية فارسوفيا ابلقانون ‪ 593‬لسنة‬
‫‪ 1955‬من شأنه التأثري يف هذا التشريع اخلاص مبا يعد إلغاءا له ‪،‬أو استثناءا من بطالن شرط‬
‫الذهب يضاف إىل االستثناءات الواردة على سبيل احلصر‪ .‬ومن مث ال يعتد ابلشرط الوارد يف‬
‫االتفاقية ‪،‬الذي يقضي أبداء التعويض مبا يعادل قيمة الذهب املبينة فيه من العملة الوطنية ‪،‬إذ‬

‫‪-1‬حكم صادر يف ‪ 27‬أفريل‪، 1967‬الطعن رقم‪ 387‬لسنة ‪ :33‬مشار إليه لدى مشار إليه لدى حممد فريد العريين‪ ،‬القانون اجلوي‪،‬ص‬
‫‪.395‬‬

‫‪223‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أن اشرتاط الوفاء ابلعملة الورقية على أساس قيمتها ذهبا ليس إال حتايال على القانون الذي‬
‫فرض للعملة الورقية سعرا الزاميا وال جدوى من ابطال شرط الدفع ابلذهب إذا مل يتناول‬
‫البطالن هذه الصورة‪. 1"......‬‬
‫بناءا على ذلك يتضح أن القضاء املصري يرفض اختاذ سعر الذهب أساسا لتحويل‬
‫الفرنك البوانكاري إىل العملة الوطنية‪ .‬ويرى أن التعويض يكون بعدد من اجلنيهات املصرية‬
‫املساوي لعدد اجلنيهات الذهبية املشتملة على ذهب يعادل وزن الذهب‪ ،‬الذي تشتمل عليه‬
‫الفرنكات البوانكاري ‪،‬املقررة من االتفاقية كحد ملسؤولية الناقل و ال شك أن هذا احلل إزاء‬
‫اخنفاض قيمة اجلنيه املصري هو ليس يف صاحل املضرور أو ورثته ‪.2‬‬
‫االجتاه السادس‪:‬‬
‫يرى بعض الفقهاء أنه انطالقا من نظرية تغري الظرف اجلوهري غري املتوقع واليت تعترب‬
‫إحدى األسباب اليت تؤدي وفقا ألحكام القانون الدويل العام إىل انقضاء املعاهدات ‪،‬فمن‬
‫األمور املعلومة أن املالبسات والظروف اليت تدعو الدول يف وقت معني إىل عقد املعاهدات‬
‫بني بعضها البعض لتنظيم عالقتها املتبادلة قد تتحول أو تتغري أو تزول مع تقدم الزمن ‪،‬حبيث‬
‫إن كانت املعاهدة تبدو وقت عقدها ضرورية ومتفقة يف أحكامها مع االنصاف مث تصبح هذه‬
‫املعاهدة زائدة ال تستجيب حلقوق أطرافها وواجباهتم ومصاحلهم املتبادلة‪ ،‬مما يربر ألي منهم‬
‫التحلل من أحكامها‪. 3‬‬
‫لكن من أجل إحداث ذلك األثر جيب أن يتوفر يف الظرف املتغري شروط معينة نصت‬
‫عليها املادة ‪ 62‬من اتفاقية فينا لعام ‪ 1969‬يف شأن قانون املعاهدات‪ ،‬بقوهلا ال جيوز‬

‫‪ -1‬نقض مدين مصري ‪ 27،‬أفريل ‪ 1967‬مشار إليه لدى فاروق أمحد زاهر‪ ،‬الرسالة السابقة‪ ،‬ص ‪. 150‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.151‬‬
‫‪ -3‬حممد فريد العريين‪ ،‬القانون اجلوي املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 261‬‬

‫‪224‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫االستناد إىل التغري اجلوهري غري املتوقع يف الظروف‪ ،‬اليت كانت سائدة عند ابرام املعاهدة‬
‫إلاهائها أو االنسحاب منها إال إذا توافر الشرطان التاليان‪:1‬‬
‫أ‪-‬إذا كان وجود هذه الظروف قد كون أساسا الرتضاء األطراف االلتزام ابملعاهدة‪.‬‬
‫ب‪-‬وإذا ترتب على التغيري تبديل اجلذري يف نطاق االلتزامات اليت ستنفذ مستقبال طبقا‬
‫للمعاهدة"‪.‬‬
‫يبدوا أن ما جاء به هذا الفقه هو قول خطري لو أخذ به لقضى على نظام احلد‬
‫األقصى للتعويض وهو استبعاد تطبيق املعاهدات الدولية ‪،‬اليت حتدد التعويض بوحدات حسابية‬
‫حبجة اإللغاء الرمسي لالرتباط بني الذهب والنقود مبقتضى التعديل الثاين التفاقية بروتون وودز‬
‫وما أدى إليه من انتهاء العمل مببدأ ثبات أسعار الصرف قد توفرت فيه الشروط اليت تضمنتها‬
‫املادة ‪ 62‬من اتفاقية فينا ‪،‬فهذا اإللغاء يعترب تغيريا جوهراي وغري متوقع يف الظروف‪ ،‬اليت كانت‬
‫سائدة وقت ابرام تلك املعاهدات املتخذة من األطراف كأساس هام الرتضاء االلتزام‬
‫أبحكامها ‪.‬كما أنه فضال عن ذلك حيدث تبديال جذراي يف نطاق االلتزامات الناشئة عن‬
‫املعاهدات املذكورة ومن بينها االلتزام بتحويل مبلغ التعويض املعرب عنه ابلفرنك الذهب إىل‬
‫عمالت وطنية حبسب سعر الصرف الرمسي هلذه األخرية قياسا ابلذهب‪.2‬‬
‫الواقع أن اختالف اآلراء السابقة قد ترتب عنها تفاوت يف حتويل الفرنك البوانكاري‬
‫إىل العمالت الوطنية ‪،‬مما أدى يف النهاية إىل اختالف يف مبالغ احلد األقصى للتعويض و‬
‫بذلك أصبح عائقا أمام املساواة بني الشاحنني يف احلصول على تعويض موحد و جعل من‬
‫التعامل ابلفرنك البوانكاري أمرا صعبا‪ .‬وهلذا السبب فقد متت الدعوة العتماد بروتوكول إضايف‬
‫من أجل البحث عن وحدة حسابية جديدة و هذا ما مت االتفاق عليه فعال بني الدول يف‬
‫بروتوكول بروكسل لسنة ‪.31979‬‬

‫‪ -1‬حممد فريد العريين‪ ،‬القانون اجلوي املرجع السابق ‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 362‬‬
‫‪ -3‬مدحت حافظ ابراهيم ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.28‬‬

‫‪225‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫املطلب الثالث‪:‬‬
‫قاعدة حقوق السحب اخلاصة‬
‫يف يوم ‪ 31‬ديسمرب ‪ 1979‬وقع بروتوكول بروكسل وهو التعديل الثاين ملعاهدة بروكسل‬
‫املتعلقة بتوحيد بعض قواعد سندات الشحن لسنة ‪ 1924‬ومن بني أهم ما جاء به هو‬
‫استبدال حق السحب اخلاص ابلفرنك فأصبح احلد األقصى للتعويض يقدر ب ‪666,67‬‬
‫حق سحب خاص عن الطرد و الوحدة و‪ 2‬حق سحب خاص عن كل كيلوغرام من البضاعة‬
‫اهلالكة أو التالفة‪.1‬‬
‫حيث أنه بقدر ما بدأ نفاذ هذا الربوتوكول خفت احلالة الصعبة الناشئة عن حدود‬
‫التعويض املقررة يف معاهدة بروكسل األصلية وبروتوكول تعديلها لسنة ‪ 1968‬والذي قام على‬
‫أساس حتديد التعويض بقيمة الذهب ‪،‬غري أنه لألسف مل تصادق على بروتوكول ‪ 1979‬إال‬
‫‪ 11‬دولة وعليه مل تصبح الوحدة احلسابية‪ ،‬اليت ميكن تطبيقها عامليا واملستخدمة استخداما‬
‫أكرب ‪ .‬وعلى هذا سيزداد يف املستقبل التفاوت يف تطبيق حدود املسؤولية مبوجب معاهدة‬
‫بروكسل لسنة ‪ 1924‬وبرتوكول تعديلها لسنة ‪.21968‬‬
‫كما تضمنت املادة ‪ 26‬من هامبورغ و املادة‪ 59‬من روتردام أن الوحدة احلسابية‬
‫املعمول هبا يف تقدير احلد األقصى للتعويض هي وحدة السحب اخلاص‪ .‬وأتسيسا على ذلك‬
‫سنعاجل هذا املطلب من خالل ثالث فروع‪ :‬املقصود حبق السحب اخلاص(فرع أول)‪ ،‬تعديل‬
‫حقوق السحب اخلاصة واحللول املقرتحة للمشاكل اليت تعرتضها (فرع اثين)‪،‬حتويل وحدة‬
‫السحب اخلاص إىل العمالت الوطنية(فرع اثلث)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Ce protocole amendant le précédent, convertit le franc or en DTS (droit de tirage‬‬
‫‪specieux) sur la base du rapport 1 a15, les 10000 franc or devient 666,67 DTS et les 30‬‬
‫‪francs or equivalent 2 DTS: Boukhatmi Fatima,Thèse precité,p210.‬‬
‫‪ -2‬مدحت حافظ إبراهيم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪226‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬‬
‫املقصود حبق السحب اخلاص ‪DTS‬‬
‫يف البداية قبل التعرض ملفهوم حق السحب اخلاص جيب أن نبني أوال األصل التارخيي‬
‫حلقوق السحب اخلاصة كفكرة قبل جتسيدها على أرض الواقع‪ ،‬مث يتبعه تعريف لوحدة حق‬
‫السحب اخلاص‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫األصل التارخيي حلقوق السحب اخلاصة‬
‫تعود فكرة حقوق السحب اخلاصة إىل سنة ‪ ، 1959‬عندما اقرتح البلجيكي "روربرت‬
‫يف كتابه الذهب وأزمة الدوالر ‪L'or et la crise du dollar‬زايدة‬ ‫‪Robert triffin‬‬ ‫تريفني"‬
‫احتياطات صندوق النقد الدويل وابتكار أداة جديدة لالحتياطات الدولية‪.1‬‬
‫إن جتسيد هذه فكرة كان مبناسبة التعديل األول الذي طرأ على نظام صندوق النقد‬
‫الدويل ‪،‬حيث بدأ العمل به يف ‪ 6‬أوت ‪، 1969‬أما عن النقاش حول انشاء حقوق السحب‬
‫فقد بدأ داخل جمموعة العشر‪ .‬وقد كان اقرتاح فرنسا يف البداية داخل تلك اجملموعة أن تكون‬
‫‪Instrument‬‬ ‫حقوق السحب اخلاصة عبارة عن قرض بدل أن تشكل أداة نقد دولية‬
‫‪،‬كما اقرتحت أيضا وضع شروط صارمة على عملية احلصول‬ ‫‪monétaire international‬‬

‫على حقوق السحب اخلاصة ومنها متتع البلدان اليت تكون عملتها ضمن احتياطي صندوق‬
‫النقد الدويل مبوازين مدفوعات متوازنة ‪.‬أما الوالايت املتحدة األمريكية فكانت ترى يف حقوق‬
‫السحب اخلاصة أداة نقدية دولية ومل يتم األخذ ابلفكرة الفرنسية نظرا لكثرة البلدان اليت تعاين‬
‫من عجز يف ميزان مدفوعاهتا وابلتايل يف حاجة إىل سيولة نقدية تساعدها على ختطي‬
‫الصعوابت اليت تعانيها‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Rachid‬‬ ‫‪Boudjema, le F.M.I En question, atlas édition, Alger, 1995, p71.‬‬
‫‪ -2‬قادري عبد العزيز ‪،‬دراسات يف القانون الدويل االقتصادي(صندوق النقد الدويل اآلليات والسياسات)‪،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‬
‫‪،‬اجلزائر‪ ،‬سنة ‪، 2013‬ص ‪. 91‬‬

‫‪227‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫لقد كانت قيمة ‪ DTS‬يف بدايتها تساوي‪ 0,888,671‬غ من الذهب ‪،‬بينما كانت‬
‫‪ 35‬وحدة من ‪ DTS‬تساوي أوقية من الذهب وتساوي أيضا دوالرا أمريكيا واحدا وكان‬
‫التساوي بني قيمة ‪ DTS‬والدوالر يسهل من حتويل هذه األخرية على العمالت األخرى‪ ،‬عرب‬
‫حساب قيمة تلك العمالت ابلنسبة للدوالر األمريكي بكونه العملة اليت تتوسط النظام‬
‫النقدي وحتدد خمتلف دول العامل قيمة عمالهتا مقارنة به وتشكل معظم احتياطاهتا منه‪.‬غري أن‬
‫األشياء قد تطورت بعد عامني من إنشاء وحدة ‪، DTS‬عندما ألغت أمريكا حتويل الدوالر‬
‫إىل ذهب ‪،‬مث تقريرهم يف فيفري ‪ 1973‬ختفيض قيمة تلك العملة حبيث أصبحت وحدة‬
‫‪ DTS‬تساوي‪1,20635‬دوالر‪.1‬‬
‫ابلرغم من تلك الوضعية إال أنه مل يتم التخلي عن العالقة بني ‪ DTS‬والدوالر‬
‫األمريكي ‪،‬لكن أن ذلك الوضع قد تغري انطالقا من ‪ 28‬جوان ‪ 1974‬عندما أخذت‬
‫الوالايت املتحدة مبعدل الصرف املعوم وكذا تراجع دور الذهب وهو ما دفع بسلطات صندوق‬
‫النقد الدويل إىل التخلي عن قيمة ‪ DTS‬مقارنة ابلدوالر األمريكي ‪،‬أي أن وحدة ‪ DTS‬مل‬
‫قارنة بكمية معينة من الذهب مادامت قيمة الدوالر مل تعد حمددة مقارنة بكمية معينة‬
‫تعد ُم َ‬
‫من ذلك املعدن الثمني ولقد مت األخذ أنداك بطريقة حتديد قيمة السحب اخلاص مقابل سلة‬
‫مكونة من ‪ 16‬عملة‪ .‬و هذه الطريقة اجلديدة يف العمل قد أنشأت سنة ‪ 1972‬هبدف‬
‫اصالح النظام النقدي الدويل ومتت املوافقة عليها يف أفريل ‪ 1978‬مبناسبة التعديل الثاين‬
‫لنظام صندوق النقد الدويل‪ ،‬أما عن معدل مشاركة كل عملة من العمالت اليت كانت تدخل‬
‫يف تكوين السلة املذكورة ما بني ‪ 1974‬و‪ 1978‬فكان حيسب وفق مشاركة كل منها يف‬
‫عمليات التصدير العاملية بنسبة تزيد عن ‪ % 1‬ومادام ثقل كل عملة يتغري حسب الظروف‬

‫‪ -1‬قادري عبد العزيز‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬

‫‪228‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫فإن تشكيل السلة وكذلك نسب مشاركة كل عملة يتغريان إذن وفق تغيري الظروف أو ثقل‬
‫العمالت يف التجارة الدولية ‪.1‬‬
‫هذا و قد تغري عدد العمالت املكونة للسلة اليت حدد وفقها قيمة ‪ DTS‬فأصبح‬
‫يتمثل انطالقا من سنة ‪ 1981‬يف مخس عمالت هي‪ :‬الدوالر األمريكي بنسبة ‪ % 42‬يف‬
‫تكوين السلة واملارك األملاين ب‪% 19‬وكل من الفرنك الفرنسي والني الياابين واجلنيه اإلسرتليين‬
‫ب‪ % 13‬لكل عملة منها‪ .‬أما يف سنة ‪ 1982‬وخبصوص قيمة وحدة السحب اخلاص فقد‬
‫كان ‪1‬دوالر =‪،21 DTS‬لكن األمر مل يستقر على هذا احلال فبحلول سنة ‪ 1991‬وبسبب‬
‫تغري الظروف وموازين القوى النقدية على حنو ما ذكر أصبح الدوالر األمريكي يدخل يف‬
‫تكوين السلة بنسبة ‪، % 38,90‬املارك ب‪، % 21,68‬الني الياابين ب‪% 17,27‬‬
‫‪،‬الفرنك الفرنسي ب‪ % 11,26‬واجلنيه اإلسرتليين ب‪ % 10,89‬فأصبحت قيمة ‪1‬‬
‫‪ 1,082 =DTS‬دوالر‪.3‬‬
‫كما تواصل حتديد حقوق السحب اخلاصة على أساس جمموعة من العمالت القوية‬
‫يف العامل وهي مخسة‪ :‬الدوالر األمريكي ‪،‬الني الياابين ‪،‬املارك األملاين ‪،‬اجلنيه اإلسرتليين و‬
‫الفرنك الفرنسي‪ 4‬وكان جمللس إدارة الصندوق حق تعديل نسب مسامهة أي عملة من هذه‬
‫العمالت يف تقومي حق السحب اخلاص‪.5‬‬

‫‪ -1‬قادري عبد العزيز‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Khaladi Mokhtar, Introduction aux relations économiques internationales, office des‬‬
‫‪publications universitaires, Alger 07 /2010, éditionN°5116, p142.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Josef Gold, DTS, monnaies et or septième exposé sur les changements intervenus‬‬
‫‪dans le domaine juridique, Fonds Monétaire international, Washington, D.C, 1987,p2.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Josef Gold, op.cit, p119.‬‬
‫‪ -5‬هاين دويدار ‪،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬ص ‪، 2001‬ص ‪. 299‬‬

‫‪229‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫تعريف حق السحب اخلاص‬
‫حق السحب اخلاص هو نظام مايل أوجده صندوق النقد الدويل ويتم مبقتضاه حساب‬
‫سعر عملة معينة طبقا ألسعار جمموعة خمتارة من عمالت بعض الدول ذات قيمة الكربى يف‬
‫التجارة الدولية‪ .‬كما أنه ليس بعملة ميكن تداوهلا ولكنه وحدة مفرتضة ابتكرها هذا الصندوق‬
‫مبوجب التعديل األول الذي أدخل على املواد اخلاصة ابتفاقية إنشائه‪.1‬‬
‫هناك من يعرفه أبنه أصل احتياطي‪ ،‬دويل أنشأه صندوق النقد الدويل يف أكتوبر‬
‫‪ 1969‬نتيجة لقلق البلدان األعضاء من احتمال عدم كفاية املخزون من الذهب والدوالر‬
‫األمريكي أنداك وكذلك من النمو املتوقع يف االحتياطات الدولية لدعم التوسع يف التجارة‬
‫العاملية‪.2‬‬
‫يعرف حق السحب اخلاص أيضا على أنه حق ممنوح ألعضاء صندوق النقد الدويل‬
‫بناءا على طلبهم بغية يف احلصول على قرض من نوع خاص يتجسد يف القدرة الشرائية هلؤالء‬
‫الدول‪.3‬‬
‫و قد أطلق على هذه احلقوق اسم الذهب الورقي ‪ ،or papier‬نظرا ألن قيمة كل‬
‫وحدة منها قد حددت بوزن اثبت من الذهب اخلالص قدره ‪ 0,888,671‬جراما‪ ،‬أي نفس‬
‫وزن الذهب الذي كان يشتمل عليه الدوالر األمريكي حىت اتريخ إلغاء قابليته للتحويل إىل‬
‫ذهب‪ .‬وكان الدور املرصود هلا عند استحداثها هو استخدامها كنوع من األصول االحتياطية‬

‫‪ -1‬ايسر احلويش ‪،‬حقوق السحب اخلاصة مفهومها وواقعها ومستقبلها‪ ،‬جملة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية –اجمللد ‪ 30‬العدد‬
‫الثاين ‪،‬سنة ‪، 2014‬ص ‪ ، 13‬اندية حممد معوض السيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.467‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-www.marefa.org/index.php/‬‬
‫اتريخ الدخول للموقع‪ ،2017/02/12:‬التوقيت‪.23:20‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Khaladi‬‬ ‫‪Mokhtar, op.cit, p141.‬‬
‫‪230‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ملواجهة السيولة الدولية اليت ال غىن للتجارة الدولية عنها بسبب تواضع معدالت الزايدة يف‬
‫الذهب والعمالت الصعبة القابلة للتحويل‪.1‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫تعديل حقوق السحب اخلاصة واحللول للمشاكل اليت تعرتضها‬
‫كافحت االتفاقيات الدولية منذ سنني ألجل تعديل وحدة حق السحب اخلاص على‬
‫الوجه الذي جيعلها تصمد أمام االضطراابت اليت يعرفها النظام النقدي الدويل ‪ ،‬إال أن هذه‬
‫الوحدة تعاين من عدة مشاكل تعرتض طريقها ‪،‬لذلك سنتعرض أوال للتعديل الذي عرفته‬
‫حقوق السحب اخلاصة وأثره على التعويض‪ ،‬الواجب على الناقل دفعه للمضرور عن اخلسائر‬
‫الالحقة ابلبضاعة أو عن أتخريها يف التسليم ‪ ،‬مث يعقبه القاء نظرة على املشاكل اليت تواجه‬
‫وحدة السحب اخلاص‪ .‬و يليه بعدها التعرض للحلول املقرتحة من أجل بقاء هذه الوحدة‬
‫كأحسن قاعدة حلساب احلد األقصى للتعويض‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫تعديل حقوق السحب اخلاصة وأثره على التعويض‬
‫قرر اجمللس التنفيذي لصندوق النقد الدويل أبنه سيتم إدراج اليوان الصيين كعملة خامسة‬
‫يف السلة املكونة حلقوق السحب اخلاصة اعتبارا من ‪ 1‬أكتوبر ‪،2016‬حيث أصبحت سلة‬
‫حقوق السحب اخلاصة تتألف من أقوى مخس عمالت يف العامل وهي‪ :‬اليوان الصيين ‪،‬الدوالر‬
‫األمريكي ‪،‬الني الياابين ‪،‬اليورو واجلنيه اإلسرتليين وتتحدد قيمة ‪ DTS‬يف مقابل الدوالر‬
‫األمريكي‪.‬كما تنشر يوميا يف موقع الصندوق على شبكة األنرتنت‪.2‬وحتسب هذه القيمة على‬

‫‪ -1‬حممد فريد العريين‪ ،‬القانون اجلوي ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪. 354‬‬


‫‪ -2‬صندوق النقد الدويل‪ ،‬حقوق السحب اخلاصة ‪،‬صحيفة وقائع‪:‬‬
‫‪http: // www.imf.org/ar/About/Fact sheets/Sheets/2016/08/01/14/51/Special-Drawing-‬‬
‫‪Right-DSR.‬‬
‫‪231‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫أساس جمموع املبالغ احملددة لكل عملة يف السلة ابلدوالر األمريكي‪ ،‬ابستخدام أسعار الصرف‬
‫املعلنة ظهر كل يوم يف بورصة لندن‪.1‬‬
‫ابتداءا من التاريخ املذكور أصبحت أوزان العمالت تقدر ب‪ %41,73‬للدوالر‬
‫األمريكي‪ %30.93 ،‬لليورو‪ %10.92 ،‬لليوان الصيين‪ %8.33 ،‬للني الياابين‪%8.09 ،‬‬
‫للجنيه اإلسرتليين‪ .‬و بناءا على ذلك تكون قيمة حقوق السحب اخلاصة مشكلة من جمموع‬
‫قيم املبالغ التالية لكل عملة كما هو موضح يف اجلدول اآليت‪:2‬‬
‫‪1.0174‬‬ ‫اليوان الصيين‬
‫‪0.38671‬‬ ‫اليورو‬
‫‪11.900‬‬ ‫الني الياابين‬
‫‪0.085946‬‬ ‫اجلنيه االسرتليين‬
‫‪0.58252‬‬ ‫الدوالر األمريكي‬
‫حتسب هذه املبالغ لعمالت السلة حبيث تظل قيمة حقوق السحب اخلاصة أمام‬
‫و َ‬
‫الدوالر األمريكي دون تغيري يف السلة اجلديدة عن قيمة حقوق السحب اخلاصة السائدة‬
‫اليوم‪ ،‬حبيث تتوافق نسبة كل عملة يف قيمة حقوق السحب اخلاصة‪ ،‬مبتوسط أسعار الصرف‬
‫لفرتة ثالثة أشهر املنتهية من يوم (‪ 1‬جويلية وحىت ‪ 30‬سبتمرب ‪ ،)2016‬مع الوزن الذي‬
‫وافق عليه اجمللس التنفيذي لتكون بذلك اخلطوة النهائية حنو تنفيذ نتائج املراجعة األخرية‬
‫ألسلوب تقييم حقوق السحب اخلاصة‪.3‬ويف ظل هذه املستجدات التساؤل الذي يطرح هنا‬
‫ماهو األثر الذي يرتبه ضم اليوان الصيين إىل حق السحب اخلاص و على النظام النقدي‬
‫الدويل بشكل عام وعلى التعويض الذي يستحقه املضرور بشكل خاص؟‬

‫‪ -1‬اهلادي خالدي‪ ،‬املرآة الكاشفة لصندوق النقد الدويل‪ ،‬املطبعة اجلزائرية للمجالت واجلرائد‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬سنة ‪، 1996‬ص‪. 116‬‬
‫‪ -2‬صندوق النقد الدويل‪ ،‬مراجعة سلة حقوق السحب اخلاصة‪ ،‬صحيفة وقائع‪ ،‬ص ‪:2‬‬
‫‪https://www.imf.org/ar/About/tact sheets/2016/08/02/19/35/Review-of-theSpecial-‬‬
‫‪Drawing-Right-DSR.-Currency-Basket‬‬
‫اتريخ الدخول إىل املوقعني أعاله يف ‪ ،2018/03/23‬التوقيت ‪.23:40‬‬
‫‪ - 3‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‬

‫‪232‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫يعترب تغيري سلة حقوق السحب اخلاصة بتوسيعها من األمور اإلجيابية ابلنسبة حلقوق‬
‫السحب اخلاصة و للنظام النقدي الدويل حبيث يساهم ذلك يف حترير التجارة الدولية‬
‫وابألخص النقل البحري للبضائع ‪،‬حيث أن دخول اليوان الصيين جيعل من النظام النقدي‬
‫الدويل أكثر قوة‪ ،‬مما ينعكس ابإلجياب على مصاحل أصحاب البضائع املتضررين و يساهم يف‬
‫استقرار قيمة وحدة السحب اخلاص‪ .‬وابلتايل يؤدي إىل ثبات مبالغ التعويض املستحقة هلم‬
‫فهو بذلك يقدم محاية وقائية من تقلبات االقتصادية اليت تعرفها سوق العمالت النقدية‬
‫خاصة منها الدوالر‪ ،‬الذي كان ينخفض أحياان فجائيا‪ ،‬إذ مل يعد هذا األخري على احلال‬
‫الذي كان عليه يف بداية مسرية صندوق النقد الدويل‪.‬‬
‫على هذا فإن دخول اليوان الصيين حيمي وحدة السحب اخلاص من االختالل إذ‬
‫يعوض النقص الذي تعرفه هذه الوحدة‪ ،‬بسبب تدهور الدوالر يف تشكيل وحدة السحب‬
‫اخلاص ‪.‬كما يعرب عن التكامل اإلجيايب للحماية املنشودة للشاحن أو املرسل إليه واليت تسعى‬
‫إليها اتفاقيات النقل البحري ‪،‬خاصة تلك اليت أخذت بوحدة السحب اخلاص كمعيار‬
‫حلساب مبالغ احلدود القصوى التعويض ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫املشاكل اليت تواجه حقوق السحب اخلاصة‬
‫ابلرغم مما حققته وحدة السحب اخلاصة من أهداف و إجنازات إال أن األمر ال خيلو‬
‫من بعض املشاكل تعرتض طريقها وأمام استخدامها كعملة احتياط عاملية‪ .‬ومن بني أهم هذه‬
‫املشاكل ما يلي‪:1‬‬
‫‪-1‬إن صندوق النقد الدويل حاليا ال يستطيع أن يصدر كميات كافية من ‪ DTS‬للوفاء‬
‫ابستخدامها كعملة احتياط دولية‪ ،‬كما أن الكميات اليت أصدرها هذا الصندوق تعد ضئيلة‬

‫‪ -1‬عبد الكرمي شنجار العيساوي ‪ ،‬عبد املهدي رحيم العويدي ‪ ،‬السيولة الدولية يف ظل األزمات االقتصادية واملالية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬دار‬
‫الصفاء للنشر والتوزيع ‪،‬عمان ‪ ،‬سنة ‪، 2014‬ص ‪ 289‬و ما يليها‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫جدا مقارنة مع حجم السيولة الدولية واملعامالت اليومية يف سوق النقد األجنيب على‬
‫املستوى الدويل‪.‬‬
‫‪-2‬إن النظام احلايل لتوزيع هذه الوحدات املصدرة على أساس حصة كل عضو يف رأمسال‬
‫الصندوق ال يضمن يف حال تبين العامل هلا كعملة احتياط عاملية حصول كل دولة على‬
‫احتياطاهتا من تلك العملة ألغراض االحتياط ويعطي الدول ذات احلصة األعلى يف‬
‫الصندوق ثقال يف تعادالت هذه العملة دوليا ‪،‬خاصة فيما يتعلق إبقراض فوائد حصتها إىل‬
‫الدول األخرى ‪،‬مما جيعل هذه العملة عرضة للضغوط اليت ميكن أن متارسها تلك الدولة‪.‬‬
‫‪-3‬إاها عملة بدون اقتصاد يعرب عن قوهتا أو بنك مركزي يدافع عنها أو احتياطات كافية‬
‫تساندها ‪،‬لكون صندوق النقد الدويل ال ميكنه حاليا االضطالع بدور املصدر لعملة العامل ‪.‬‬
‫‪-4‬إن استخدام وحدة ‪ DTS‬يقتصر حاليا على البنوك املركزية فقط ‪،‬مما جيعل استخدامه‬
‫حمدودا‪ ،‬بينما ال تصبح العملة دولية إال إذا استخدمت بشكل واسع على املستوى الدويل‬
‫‪،‬فقد كانت هنالك حماوالت سابقة من قبل الصندوق الستخدام وحدات حقوق السحب‬
‫اخلاصة من قبل شركات متعددة اجلنسيات والقطاع اخلاص ولكنها فشلت‪.1‬‬
‫‪-5‬ولعدم إمكانية استعماهلا من قبل األطراف غري الرمسية فهي ال تصلح كعملة احتياط‬
‫دولية يستخدمها بنك مركزي يف دولة ما يف سوق الصرف األجنيب للدفاع عن عملته احمللية‬
‫‪،‬لعدم متكنه من التدخل يف بيعها أو شرائها هبدف التأثري يف سعرها ‪ ،‬كواها تقتضي موافقة‬
‫مسبقة من قبل أعضاء الصندوق‪ .‬ومن مث ال جيد البنك املركزي الديناميكية السوقية الالزمة‬
‫للتدخل يف عمليات بيعها أو شرائها‪.‬‬

‫‪-George Hoguet and solmon Tadesse,The Role of SDR –denominated securities in‬‬
‫‪1‬‬

‫‪official and private portfolies ,Bis papers N°58,p169,170,Available at:‬‬


‫‪//www.bis.org/pub/bppdf/bis pap58h.pdf.‬‬
‫اتريخ الدخول للموقع‪ ،2017/04/25:‬التوقيت‪.22:15‬‬
‫‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫‪ -6‬إن إمكانية استخدامها كعملة احتياط دولية ال يعين إمكانية استخدامها كعملة ائتمان‬
‫على املستوى الدويل خارج نطاق التعامالت الرمسية بني البنوك املركزية يف دول العامل‪ ،‬مما يقلل‬
‫من قيمتها وخيفض من حجم العوائد‪ ،‬اليت ميكن أن حتققها هذه البنوك من احتياطاهتا بتلك‬
‫العملة‪.‬‬
‫‪-7‬إن استخدام حقوق السحب اخلاصة كعملة احتياطية يتطلب تغيريا هيكليا يف الدور‬
‫الذي يقوم به الصندوق دوليا وحجم املوارد املالية املتاحة له ونسب مسامهة كل دول العامل يف‬
‫رأمساله ودوره يف سياسات االستقرار االقتصادي دوليا ‪،‬األمر الذي قد جيد معارضة شديدة‬
‫من قبل القوى االقتصادية العاملية بصفة عامة والوالايت املتحدة بصورة خاصة‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫احللول املقرتحة لنجاح حقوق السحب اخلاصة‬
‫يرى بعض الفقهاء أنه إذا ما أريد حلقوق السحب اخلاصة أن تكون عملة االحتياط‬
‫العاملية ال بد توافر الشروط التالية‪:1‬‬
‫أ‪-‬زايدة حجم املخزون منها واملتاح لتحويله إىل أصول مفضلة إذ مل يصل أكثر ختصيص‬
‫حلقوق السحب اخلاصة إىل ‪ 250‬مليار دوالر‪ ،‬يف أعقاب اجتماع جمموعة العشرين سنة‬
‫‪ 2009‬سوى ‪ % 4‬من امجايل السيولة الدولية‪ .‬ولتوسيع حجمها ال بد من تغيري املتطلبات‬
‫القانونية‪.‬‬
‫ب‪-‬إطالق األصول املقومة هبذه الوحدات يف النظام النقدي الدويل هلذا الغرض‪ ،‬كما ينبغي‬
‫استخدام سنداته من قبل الصندوق كوسيلة للتسعري‪.‬‬
‫ج‪-‬ينبغي على الدول الغنية حتويل الفائض الذي حبوزهتا مباشرة إىل حقوق السحب اخلاصة‬
‫الرتفاع احلاجة للموارد‪ .‬والبد للصندوق أن يقوم بتيسري هذه األموال وفق احلاجة إليها‬

‫‪ -1‬عبد الكرمي شنجار العيساوي ‪ ،‬عبد املهدي رحيم العويدي املرجع السابق‪،‬ص‪ 291‬وما يليها‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫وبدرجة عالية من الشفافية ‪،‬كما ينبغي استخدامها جملموعة من األغراض مبا يف ذلك التنمية‬
‫االقتصادية الدولية طويلة األجل‪.‬‬
‫د‪-‬جعل حقوق السحب اخلاصة كوسيلة للدفع وليست جمرد احتياطي لألصول ‪،‬يف هذه‬
‫احلالة فإاها تنطوي على بعض املخاطر تتمثل يف احتمال أن تكون غري كافية لتلبية الطلب‬
‫عليها‪ .‬و ميكن التغلب على هذه املشكلة من خالل تصحيح طريقة التعامل هبا‪.‬‬
‫ه‪ -‬تشجيع استعماهلا يف التجارة اخلارجية و تسعري السلع ويف االستثمارات األجنبية اخلاصة‬
‫وبني الشركات‪،‬مما يساعد على تعزيز دورها الدويل ويقلل من تقلبات األصول املقومة ابلعملة‬
‫الوطنية واملخاطر املرتبطة هبا‪ .‬و إنتاج أصول مالية مقومة بوحدات السحب اخلاصة وتوسيع‬
‫العمالت اليت تشكل أساس تقييمها‪.‬‬
‫يف احلقيقة ومن خالل متابعة التطورات املالية والنقدية الدولية فإن حقوق السحب‬
‫اخلاصة حتتاج إىل الكثري من الوقت لكي يتم حتقيق هذه اإلصالحات ‪،‬كما حتتاج إىل الكثري‬
‫من اجلدية واالصرار من قبل أصحاب الشأن واجلهات الفاعلة يف النظام االقتصادي العاملي‬
‫كدول جمموعة العشرين وال سيما الدول الناشئة كي أتخذ دورها التارخيي يف حتقيق ما يصبو‬
‫إليه العامل اليوم ويف املستقبل القريب من استقرار وأمان‪ .‬والذي مت تغييبه خالل مرحلة "بريتون‬
‫وودز" األوىل والثانية ‪،‬إذ يعول على هذه الوحدات أن أتخذ حمل الدوالر بعد املزيد من‬
‫اإلصالحات‪.1‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫حتويل وحدة السحب اخلاص إىل العمالت الوطنية‬
‫لقد نصت املادة ‪/ 5/4‬د من معاهدة بروكسل املعدلة بربوتوكول ‪، 1979‬املادة ‪26‬‬
‫من اتفاقية هامبورغ واملادة ‪ 3/59‬من قواعد روتردام على بيان الكيفية اليت يتم هبا حتويل‬
‫حقوق السحب اخلاصة املقررة للحد األقصى التعويض عندما تنعقد مسؤولية الناقل البحري‬

‫‪ - 1‬عبد الكرمي شنجار العيساوي ‪ ،‬عبد املهدي رحيم العويدي ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.292‬‬

‫‪236‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف التسليم ‪،‬كما مل تغفل هذه النصوص الدولية عن‬
‫ذكر التاريخ الذي يتم فيه حتويل الوحدات احلسابية‪.‬أتسيسا على ذلك سنتعرض ملا جاءت‬
‫به املعاهدات الدولية املذكورة من أحكام خبصوص كيفية حتويل حقوق السحب اخلاصة إىل‬
‫العمالت الوطنية(أوال)‪،‬مث لتاريخ حتويل هذه الوحدات احلسابية( اثنيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬كيفية التحويل‬
‫نظرا الختالف الدول من حيث اإلنضمام إىل صندوق النقد الدويل و وجود دول‬
‫منضمة هلذا الصندوق و دول أخرى ليست عضوة فيه‪ ،‬لكن بعضا منها جييز نظامها النقدي‬
‫حساب عملتها الوطنية ابلقياس إىل حق السحب اخلاص وبعضها اآلخر ال يسمح نظامها‬
‫بذلك‪ .‬وهلذه األسباب ركزت اتفاقية هامبورغ وبرتوكول ‪ 1979‬املعدل ملعاهدة بروكسل‬
‫اهتماماهتما يف توضيح الطريقة اليت يتم هبا حتويل مبلغ احلد األقصى للتعويض ابلنسبة لكل‬
‫طائفة من هذه الدول‪ .‬وذلك على النحو اآليت‪: 1‬‬
‫الطائفة األوىل‪:‬‬
‫هي الدول األعضاء يف صندوق النقد الدويل وحتسب قيمة العملة هلذه الدول ابلقياس‬
‫إىل حق السحب اخلاص وفقا لطريقة التقييم اليت يطبقها الصندوق‪ .‬وتكون سارية يف اليوم‬
‫الذي يتم فيه التحويل و يعرف هذا من خالل النشرة اليومية اليت يصدرها البنك املركزي‪.‬‬
‫الطائفة الثانية‪:‬‬
‫تتمثل يف الدول غري األعضاء يف صندوق النقد الدويل واليت جتيز أنظمتها النقدية‬
‫حساب قيمة عملتها ابلقياس إىل حق السحب اخلاص وحتسب هذه العملة الوطنية ابلقياس‬
‫إىل ‪ DTS‬ابلطريقة اليت حتددها كل دولة‪ ،‬بشرط أن يكون من شأن هذه الطريقة أن يبلغ‬
‫التقدير بقدر املستطاع نفس املبالغ املعرب عنها ابلوحدات احلسابية‪.‬‬

‫‪-1‬كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ‪ ،1978‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 108‬وما يليها‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ : ‫الباب األول‬

:1‫الطائفة الثالثة‬
‫هي الدول غري األعضاء يف صندوق النقد الدويل واليت ال جتيز أنظمتها النقدية‬
‫ فيحسب احلد األعلى‬، ‫حساب قيمة عملتها الوطنية ابلقياس إىل حق السحب اخلاص‬
.‫ وحدة نقدية‬12500 ‫للتعويض يف حالة التقدير على أساس الطرد أو الوحدة مببلغ يعادل‬
‫ وحدة‬37,5‫ويف حالة التقدير وفق ضابط الوزن حيسب احلد األقصى للتعويض مببلغ يعادل‬
‫أو التالفة وتعادل الوحدة النقدية‬، ‫نقدية عن كل كيلوغرام من الوزن اإلمجايل للبضاعة اهلالكة‬
‫ أما يف ظل‬.‫من ألف أي نفس قيمة فرنك بوانكاري‬900 ‫ مليغرام من الذهب عيار‬65,5
‫ وحدة نقدية عن‬1000 ‫ يكون التقدير ب‬1979 ‫التعديل األخري ملعاهدة بروكسل لسنة‬
‫ وحدة نقدية عن كل كيلوغرام من الوزن اإلمجايل للبضاعة‬30‫كل طرد أو وحدة شحن وب‬
.2‫اهلالكة أو التالفة‬
‫حتول هذه الوحدات النقدية إىل العملة الوطنية لكل دولة وفقا ألحكام قانواها‬
‫الداخلي بشرط أن يبلغ التقدير بقدر املستطاع إىل أن يعادل نفس املبالغ املعرب عنها‬

.‫ وما يليها‬247 ‫ ص‬،‫املرجع السابق‬، ‫ وجدي حاطوم‬-1


2
-ARTICLE 2:" 1 L'alinéa du paragraphe 5 de l'article 4 de la convention et remplacé
par le texte suivant:
………….toutefois , un Etat qui n'est pas membre du Fonds Monétaire international
et dont la législation ne permet pas l'application des dispositions prévues aux phrases
précédentes peut au moment de la ratification du protocole de 1979 ou de l'adhésion à
celui –ci ou encore à tout moment par la suite , déclarer que les limites de la
responsabilité prévues dans cette commentions et applicables sur le territoire, sont
fixées de la manière suivante :
i) en ce qui concerne la somme 666,67 unités de compte mentionnés à
l'alinéa a) du paragraphe 5 du présent article ,10,000 unités monétaires
ii) en ce qui concerne la somme de 2 unités de compte mentionnée à l'unité
monétaire à l'alinéa a) du paragraphe 5 du présent article ,30 unités
monétaires , l'unité monétaire à laquelle il est fait référence à la phrase
précédente correspond à 65,6 milligrammes , d'or au titre 900milliemes de
fin. La conversion en monnaie nationale des sommes mentionnées dans
cette phrase , s'effectuera conformément à la législation de l'état en cause .
le calcul et la conversion mentionnés au phrases précédentes seront fait de
manière à exprimer en monnaie nationale de l'état , dans la mesure du
possible en la même valeur réel pour les sommes mentionnées à l'alinéa a)
du paragraphe 5 du présent article , que celle exprimés en unités de
compte".
238
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ابلوحدات احلسابية الواردة يف النصوص الدولية ‪،‬أي ابلطريقة اليت تقرب املبالغ احملولة ابلعملة‬
‫احمللية من احلد األقصى للتعويض اليت حددهتا االتفاقية أو بروتوكول‪.11979‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أنه جيب على الدول املنضمة إىل املعاهدة أن تضع بني وديع‬
‫املعاهدة (األمني العام لألمم املتحدة) األسلوب املتبع يف تقييم الوحدات احلسابية وفق‬
‫الطريقة املتبعة من الصندوق أو بقياس الفرنك البوانكاري حبسب األحوال‪.2‬‬
‫أما خبصوص معاهدة روتردام فيصح كل ما قيل سابقا حول تقييم العملة الوطنية‬
‫مقابل حق السحب اخلاص يف ظل اتفاقية هامبورغ وبروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1979‬ما عدا‬
‫احلالة‪ ،‬اليت تكون فيها دولة غري املنضمة إىل الصندوق النقد الدويل فيجوز هلا تقييم عملتها‬
‫الوطنية مقابل حق السحب اخلاص‪ ،‬ابلطريقة اليت تقررها تلك الدولة دون تقييدها أبية‬
‫شروط‪.‬‬
‫خالفا لذلك فإن اتفاقية روتردام مل متيز خبصوص الدول األعضاء يف الصندوق النقد‬
‫الدويل بني الدول اليت جييز نظامها النقدي حساب عملتها الوطنية ابلقياس إىل حق السحب‬
‫اخلاص واليت ال جييز نظامها ذلك‪ .‬فهذه الدول املنضمة إىل الصندوق النقد الدويل مجيعها‬
‫جيب أن تتبع يف تقيم عملتها على أساس حق السحب اخلاص‪ ،‬وفقا للطريقة املعمول هبا‬
‫لدى صندوق النقد الدويل يف التاريخ املعين فيما خيص عملياته ومعامالته‪ ،‬دون التفريق بني‬
‫بني دولة يسمح نظامها بذلك أم ال ‪،‬طبقا للمادة ‪ 95‬من هذه املعاهدة‪.3‬‬

‫‪ -1‬لطيف جرب كوماين ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 153‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 2/26‬البند ‪ 4‬من معاهدة هامبورغ واملادة ‪ 2‬فقرة أخرية من بروتوكول ‪( 1979‬التعديل األخري ملعاهدة بروكسل لسنة ‪) 1924‬‬
‫‪ -3‬وجدي حاطوم‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪409‬‬
‫‪-‬يف احلقيقة و يف شأن الدول غري األعضاء ما يالحظ على اتفاقية هامبورغ عند عودهتا إىل ما قرره بروتوكول ‪ (1968‬تعديل معاهدة‬
‫بروكسل) من وحدة الفرنك الذهيب وما أاثرته هذه القيمة املشكلة من الذهب يف حتويلها إىل العمالت الوطنية يف الفقه والقضاء كما سبق‬
‫ذكره ‪،‬فإن هذه االتفاقية كانت بطريقة حكيمة حتاول من وراء ذلك دفع الدول إىل االنضمام إىل صندوق النقد الدويل بغية يف احلصول‬
‫شاحنيها على تعويض عادل ال خيتلف عن شاحنني الدول األعضاء يف الصندوق‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬

‫اثنيا‪ :‬اتريخ التحويل‬


‫لقد قضت اتفاقية هامبورغ يف الفقرة األوىل من املادة ‪ 26‬بتحويل مبالغ التعويض إىل‬
‫العملة الوطنية تبعا لقيمة هذه العملة على النحو التايل‪:‬‬
‫أ‪-‬اتفاق األطراف‪:‬‬
‫أعطت املادة املذكورة أعاله لطريف عقد النقل األولوية يف اختيار التاريخ الذي يراه‬
‫هاذين األخريين مناسبا لتحويل حقوق السحب اخلاصة اليت حيتويها مبلغ التعويض وهنا ما‬
‫على القاضي إال تطبيق إرادة املتعاقدين‪.‬‬
‫ب‪-‬اتريخ صدور احلكم‪:‬‬
‫يكون اتريخ صدور احلكم هو اتريخ حتويل مبلغ احلد األقصى للتعويض يف حالة عدم‬
‫وجود اتفاق سابق بني الطرفني على خالف ذلك‪ ،‬عندئذ يقوم القاضي بتحويل حقوق‬
‫السحب اخلاصة إىل سعر الصرف يف يوم النطق حبكم التعويض املستحق للمضرور‪ .‬لكن‬
‫االشكال الذي يثور هنا هو بشأن املادة ‪ 26‬من اتفاقية هامبورغ يتمثل يف احلرية اليت‬
‫منحتها هذه املعاهدة لطرفا عقد النقل يف االتفاق على اتريخ لتحويل حقوق السحب‬
‫اخلاصة إىل العملة الوطنية من جهة واتريخ احلكم من جهة أخرى‪ ،‬فهل كان ذلك رأاي‬
‫صائبا؟‬
‫يرى بعض الفقه‪ 1‬أنه ابلرغم من اتفاقية هامبورغ قد أوجدت احللول العملية اليت تتفق‬
‫مع املفاهيم االقتصادية والنقدية احلديثة ‪،‬دون أن يؤدي ذلك لعرقلة حلركة التجارة الدولية‬
‫النامجة عن اختالف األنظمة االقتصادية يف العامل ‪،‬غري أاها أخطأت يف عدم ضبط اتريخ‬
‫موحد لتحويل مبلغ احلد األقصى للتعويض ‪،‬حيث أن اتريخ احلكم يثري تساؤال عمن يتحمل‬
‫خماطر تقلبات سعر الصرف ابتداءا من اتريخ احلكم حىت اتريخ الوفاء‪.‬فضال عن ذلك أن‬
‫ترك االعتداد بتاريخ سعر الصرف ألطراف النزاع جيرد االتفاقية من هدف توحيد القانونني‬

‫‪ -1‬عبد القادر‪ ،‬حسن العطري ‪ ،‬احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪. 332‬‬

‫‪240‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الذي تسعى إليه‪.‬كما يضيف هذا الفقه أن االعتداد بيوم الوفاء كتاريخ لسعر الصرف هو‬
‫أفضل مما جاءت به االتفاقية‪ ،‬ألنه يوفر االستقرار يف املعامالت ويساهم يف حتقيق املساواة‬
‫بني املضرورين‪ ،‬من حيث مبالغ التعويض اليت حيصل عليها كل منهم‪.‬‬
‫اجلدير ابلذكر أن اتفاقية هامبورغ يف سبيل محاية الشاحنني من التقلبات االقتصادية‬
‫بشأن أسعار الصرف العاملية جاءت بنص فريد من نوعه وهو نص املادة ‪، 33‬الذي يندرج‬
‫حتت عنوان إعادة النظر يف مقادير التحديد والوحدة احلسابية ‪،‬حيث أوجبت على األمني‬
‫العام لألمم املتحدة أن يدعوا إىل عقد مؤمتر يكون الغرض منه تغيري مقادير مبالغ احلد‬
‫األقصى للتعويض‪ ،‬املتعلق إبحدى الوحدتني احلسابيتني اللتني وردات ابلفقرتني األوىل(وحدة‬
‫حق السحب اخلاص) والثالثة(الوحدة النقدية‪ 65,5‬مليغرام من الذهب عيار ‪900‬من‬
‫ألف) من املادة ‪، 26‬أو إلغاء كليهما بوحدات حسابية أخرى‪.‬‬
‫و ال جيري تغيري تلك املقادير املذكورة إال إذا حدث تغيري جوهري يف قيمتها احلقيقية‬
‫الواردة ابملادة ‪ 6‬املادة ‪ .2/ 26‬ومن جهة أخرى فإن دعوة األمني العام لألمم املتحدة‬
‫إلعادة النظر هي مرهونة بطلب ذلك من ربع الدول املتعاقدة‪.1‬‬
‫ابلرجوع إىل نصوص التعديل األخري ملعاهدة بروكسل لسنة ‪ 1979‬يالحظ أنه مل ميس‬
‫بقاعدة التحويل وحدة السحب اخلاصة إىل العملة احمللية اليت جاء هبا بروتوكول ‪1968‬‬
‫وهي ترك االختيار لقانون اجلهة القضائية‪ ،‬اليت يرفع أمامها النزاع لتحديد مبلغ التعويض‬
‫حسب ما جاء يف املادة ‪ 2‬فقرة ‪ 4‬بند ‪ 2‬من هذا الربوتوكول‪. 2‬‬
‫أما قواعد روتردام فهي على غرار اتفاقية هامبورغ تقضي أبن حتول املبالغ املشار إليها‬
‫خبصوص احلد األقصى للتعويض احملسوبة بداللة وحدات السحب اخلاصة إىل العملة الوطنية‬
‫ألي دولة وفقا لقيمة تلك العملة بتاريخ صدور احلكم القضائي ‪،‬أو يف التاريخ الذي يتفق‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 33‬الفقرة ‪ 2‬من معاهدة هامبورغ‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-"La somme montionnée à l'alinéa a de ce paragraphe sera convertie dans la monnaie‬‬
‫‪nationale suivant la valeur de cette monnaie à une date qui sera determinée par la loi‬‬
‫‪de la juridiction saisie de l'affaire".‬‬
‫‪241‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫عليه الطرفان ‪،‬غري أاها أضافت عبارة أو قرار التحكيم‪ 1‬إذ يفرتض ذلك يف حالة وجود اتفاق‬
‫بني طريف عقد النقل على عرض النزاع على التحكيم وهو أمر الغالب يف النقل البحري‬
‫الدويل والعقود التجارية‪.‬‬
‫مما تقدم ذكره ال يسعنا إال أن نعرتف مبا قدمته هذه االتفاقية من ميزة كبرية للشاحنني‬
‫أبن رفعت احلد األقصى للتعويض احملكوم به على الناقل عند هالك البضاعة أو تلفها وذلك‬
‫ابملقارنة مع االتفاقيات الدولية اليت سبقتها يف تنظيم عقد النقل البحري للبضائع ‪،‬األمر‬
‫الذي سيؤدي إىل حصول أصحاب البضائع الذين تضرروا على تعويض مرض وميكن أن‬
‫يقلل من تلك األضرار اليت تصيبهم سوآءا كان النقل ابلرزمة أو احلاوية ‪،‬أو الوحدة ‪،‬أو كان‬
‫ابلكيلوغرام وسنوضح تلك الزايدة يف مبالغ التعويض ابلدوالر مقارنة مع احلدود اليت جاءت‬
‫هبا اتفاقية بروكسل وتعديالهتا وقواعد هامبورغ من خالل اجلدول اآليت‪:2‬‬
‫التعويض عن الطرد أو الوحدة التعويض عن الكيلوغرام‬ ‫اسم املعاهدة‬
‫مل تنص على الوزن‬ ‫معاهدة بروكسل لسنة ‪ 808,77 1924‬دوالر‬
‫‪ 2, 41‬دوالر‬ ‫‪ 908,19‬دوالر‬ ‫بروتوكول سنة ‪1968‬‬
‫‪ 2,75‬دوالر‬ ‫‪ 908,89‬دوالر‬ ‫بروتوكول سنة‪1979‬‬
‫‪3,41‬دوالر‬ ‫اتفاقية هامبورغ لسنة‪ 1138,34 1978‬دوالر‬
‫‪4, 092‬دوالر‬ ‫‪ 1192,87‬دوالر‬ ‫قواعد روتردام لسنة ‪2008‬‬
‫أما التعويض عن حالة أتخري يف تسليم البضاعة إىل صاحبها مل يرد نص بشأنه يف‬
‫معاهدة بروكسل وابلنسبة التفاقييت هامبورغ وروتردام فتتساوى فيها مبالغ احلد األقصى‬
‫للتعويض‪،‬املقررة عن التأخري حيث تقدر بضعف أجرة النقل مرتني ونصف‪.‬‬
‫من زاوية أخرى فقد اختلف بعض فقهاء القانون حول ارتفاع احلدود القصوى‬
‫للتعويض الذي متيزت به قواعد روتردام‪ ،‬فمنهم من يرى أنه يشكل خطورة على الناقلني يف‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 3/59‬من اتفاقية روتردام ‪.‬‬


‫‪ -2‬حممد شريف غنام ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 33‬‬

‫‪242‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫الدول البحرية الكربى ‪،‬مما سيدفع ابحتادات الناقلني يف هذه الدول الضغط على حكوماهتم‬
‫من أجل االحجام عن االنضمام إىل هذه االتفاقية ‪،1‬غري أن هناك من يرى العدالة يف هذه‬
‫الزايدة يف احلدود القصوى للتعويض ويسوقون تربيرا لذلك مبا شهده العامل من تضخم مايل‬
‫كبري و يضاف إليه ارتفاع األسعار خاصة منذ زمن التوقيع على اتفاقية هامبورغ‪. 2‬‬
‫ابلرجوع إىل نصوص القانون البحري اجلزائري و خاصة املادة‪ 805‬بعد تعديلها يف‬
‫سنة ‪ 1998‬يظهر أن املشرع قد ختلى عن اإلحالة إىل وحدة اجلنيه االسرتليين‪3‬اليت أخذت‬
‫هبا اتفاقية بروكسل األصلية وتبىن نفس الوحدة احلسابية اليت جاء هبا بروتوكول ‪1968‬‬
‫ابلرغم من عدم مصادقة اجلزائر على هذا األخري وقام بتعريفها يف الفقرة الرابعة من املادة‬
‫األخرية ‪،‬حيث نصت على أنه ‪":‬يقصد ابلوحدة احلسابية يف هذا األمر وحدة حساب‬
‫متشكلة من مخسة وستني مليغراما ونصف من الذهب على أساس تسعة مائة من األلف يف‬
‫النهاية"‪.‬‬
‫إن هذا املوقف يبدوا غريبا فليس هناك ما يدعوا إليه‪ ،‬خاصة وأن اجلزائر عضوة‪ 4‬يف‬
‫صندوق النقد الدويل ‪ ،‬إذ ما يالحظ على املشرع الوطين أنه من جهة مل حيرتم اتفاقية بروكسل‬
‫األصلية اليت انضمت إليها اجلزائر و اليت اختذت اجلنيه الذهيب كقاعدة حلساب احلد األقصى‬
‫للتعويض‪ .‬ومن جهة أخرى فقد كان عليه من ابب أوىل أن ينسحب من هذ األخرية‬

‫‪ -1‬مشار إليه إميان حسن اجلميل ‪،‬سند الشحن ودوره يف النقل البحري‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪، 108‬ولألسف حلد اليوم مل تدخل هذه‬
‫االتفاقية حيز النفاذ (‪.) 2017/02/25‬‬
‫‪ -2‬مشار إليه لدى املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه ‪.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ 805‬ق ب ج قبل تعديلها بقانون‪1998‬كانت تنص على ما يلي ‪":‬إذا مل يصرح الشاحن بنوع وقيمة البضائع قبل نقلها ومل‬
‫يذكر هذا التصريح يف وثيقة الشحن أو وثيقة نقل أخرى ‪،‬فال يعد الناقل مسؤوال عن اخلسائر واألضرار اليت تلحق ابلبضائع أو اليت تتعلق‬
‫هبا مبا يزيد عن املبالغ احملسوبة وفقا للقواعد املوضوعة هلذا الغرض مبوجب االتفاقيات الدولية واملصادق عليها من قبل اجلزائر"‪.‬‬
‫‪ -4‬انضمت اجلزائر إىل اتفاقييت بروتن وودز اخلاصة إبنشاء صندوق النقد الدويل واخلاصة ابلبنك الدويل لإلنشاء و التعمري ل ‪ 22‬جويلية‬
‫‪، 1944‬ابلقانون رقم ‪ 320/63‬املؤرخ يف ‪ 31‬أوت ‪، 1963‬ج ر عدد ‪ 63‬لسنة ‪، 1963‬كما صادقت اجلزائر على التعديل األول‬
‫التفاقية صندوق النقد الدويل ‪ FMI‬ل‪ 31‬ماي ‪، 1969‬مبوجب األمر ‪ 78/69‬املؤرخ يف ‪ 1969/09/18‬املتضمن املصادقة على‬
‫التعديالت الواردة على القانون األساسي لصندوق النقد الدويل والرتخيص ابملشاركة يف حقوق السحب اخلاصة‪ ،‬ج ر عدد ‪ 93‬لسنة‬
‫‪. 1969‬‬

‫‪243‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫ويلتحق مبعاهدة هامبورغ لسنة ‪، 1978‬اليت اختذت هي األخرى حقوق السحب اخلاصة‬
‫كوحدة لقياس احلدود القصوى للتعويض عن األضرار النامجة عن النقل البحري و هو احلل‬
‫األمثل ملا تتمتع به هذه االتفاقية من نصوص ختدم مصاحل الشاحنني والتوازن يف عقد النقل‬
‫و حىت يسري املشرع أيضا يف طريق التوحيد اليت تسعى إليه االتفاقية ‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى جيعلها ال خترج على احرتام انضمامها للقانون األساسي لصندوق‬
‫النقد الدويل ويضمن يف نفس الوقت تعويضا اثبتا لصاحل الشاحن ‪،‬أو املضرور ابعتبار اجلزائر‬
‫من الدول الشاحنة‪ ،‬اليت الزالت يف حاجة ماسة خلدمة النقل البحري و البحث عن اتفاقية‬
‫دولية حتمل يف طياهتا أحكاما ترفع الغنب عن الشاحنني املنتمني هلذه الدول و تعيد التوازن‬
‫احلقيقي لعقد النقل البحري الدويل ‪،‬بدال مما فعله املشرع اجلزائري من اقتباس وحدة الفرنك‬
‫الفرنسي الذهيب اليت كما رأينا يف الفرع السابق أاها أاثرت الكثري من املشاكل والصعوابت يف‬
‫احملاكم على املستوى الدويل ‪،‬من حيث احتساب التعويض وفق هذه الوحدة‪ .‬و هذا كله‬
‫كان جراء تغافل التشريع الدويل والوطين عن بيان السوق اليت يتخذ سعر الذهب فيها مما‬
‫أاثر مشكلة يف معرفة سعر الصرف الذي يتم وفقه حتويل الفرنك البوانكاري ‪.‬‬
‫خيلص القول من مجع ما تقدم أنه جيب على القاضي عند تقديره للحد األقصى‬
‫للتعويض يف حال ثبوت مسؤولية الناقل البحري عما يلحق البضائع من هالك أو تلف أن‬
‫يراعي أوال مدى توافر شروط تطبيق قاعدة احلد األقصى للتعويض ‪،‬مث يبحث بعد ذلك عن‬
‫الضوابط اليت يتم وفقها احتساب التعويض وهي الطرد واحلاوية ‪،‬الوحدة والوزن وعليه التأكد‬
‫من البضاعة تشكل طردا وفقا للنية املشرتكة للطرفني واملستخلصة من البياانت الواردة لسند‬
‫الشحن‪.‬‬
‫مث يقوم يف األخري يف بعملية حساب التعويض طبقا للضوابط املذكورة فيختار منها‬
‫الضابط األنسب لصاحب البضاعة و الذي حيقق له أكرب مبلغ من التعويض حسب ما‬

‫‪244‬‬
‫نظام احلد األقصى للتعويض‬ ‫الباب األول ‪:‬‬
‫تقتضيه االتفاقية الفاصلة يف النزاع وهذا طبقا لربوتوكول بروكسل لسنة ‪،1968‬أو املعاهدة‬
‫هامبورغ ‪،‬أو لقواعد روتردام‪.‬‬
‫أما يف حالة وجود ضرر ترتب عن أتخري يف تسليم البضاعة فإن األمر ال يشكل أية‬
‫صعوبة فهناك ضابط وحيد وهو أجرة النقل ‪،‬أي مبا يعادل مرتني ونصف هذه األجرة بشرط‬
‫أال يتجاوز ذلك جمموع األجرة املستحقة عن البضاعة حمل عقد النقل البحري وفقا التفاقييت‬
‫هامبورغ وروتردام ‪.‬ويف األخري يبقى عليه أن يقوم بتحويل املبلغ احملكوم به للمضرور إىل‬
‫العملة الوطنية وفقا لقانون دولته أي دولة القاضي الذي رفع النزاع أمامه إذا كان بروتوكول‬
‫‪1968‬هو واجب التطبيق‪ .‬أما إذا كانت قواعد روتردام أو اتفاقية هامبورغ هي املطبقة على‬
‫موضوع النزاع فيكون حتويل مبلغ التعويض طبقا لقيمة تلك العملة بتاريخ صدور احلكم‬
‫القضائي ‪،‬أو يف التاريخ الذي يتفق عليه الطرفان‪ ،‬أو احلكم التحكيمي‪.‬‬
‫لكن قد تتوافر حاالت تطبيق احلد األقصى للتعويض إال أن حق الناقل يسقط يف‬
‫التمسك هبا ابلرغم من توافر شروطها‪ .‬وابلتايل حيل حمله التعويض الكامل‪ ،‬هذا األمر أوجب‬
‫على االتفاقيات الدولية أن حتصر السلوكات اليت ختل بتوازن عقد النقل البحري و اقتضى‬
‫منها ذلك أيضا التوفيق بني األنظمة القانونية للدول املشاركة فيها كالدول الالتينية و نظريهتا‬
‫األجنلوسكسونية‪ ،‬يف ظل اختالف املفاهيم القانونية لألفعال اليت تدخل يف دائرة سوء النية‪.‬‬
‫و ذلك يف سبيل جمازاة الناقل الذي انعقدت مسؤوليته بسب تلك األفعال املخلة مببدأ حسن‬
‫النية حبرمانه من التمسك بقاعدة احلد األقصى للتعويض و الزامه بدفع مبلغ من التعويض‬
‫للمضرور يكون طبقا لنظام التعويض الكامل‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫ن‬
‫الباب البا ى‪:‬‬
‫ي‬ ‫ت‬ ‫ل‬‫ا‬
‫نظام عو ض الكامل‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫بعد أن تطرقنا يف الباب األول ملفهوم احلد األقصى للتعويض ونطاق تطبيقه مع‬
‫التفصيل يف كيفية تقديره وفق االتفاقيات الدولية موضحني يف ذلك موقفها منه‪ .‬حيث أن‬
‫اتفاقية بروكسل اعتربته استثناءا عن القاعدة العامة يف التعويض املدين الناشئ عن املسؤولية‬
‫العقدية وهوما سارت عليه معاهدة روتردام مقتفية آاثر االتفاقية السابقة‪.‬‬
‫لكن اتفاقية هامبورغ غريت وجهتها معتربة نظام احلد األقصى للتعويض األصل يف‬
‫التعويض عن األضرار واخلسائر الالحقة ابلبضائع املنقولة عرب البحر مبقتضى عقد نقل دويل‪.‬‬
‫وابلتايل فإن التعويض الكامل عن تلك األضرار واخلسائر يف ظل هذه املعاهدة ال يعد إال‬
‫استثناءا عن قاعدة احلد األقصى للتعويض‪.‬‬
‫إن التعويض الكامل الذي كان لزاما علينا معاجلته يف هذا الباب ما هو إال تعويض‬
‫يتناسب مع القيمة احلقيقية للضرر الذي يصيب البضاعة اهلالكة أو التالفة‪ ،‬أو الذي يتطابق‬
‫مع اخلسارة اليت تلحق املضرور من جراء التأخري يف وصول البضاعة إىل صاحبها‪ .‬وال جيوز‬
‫للقاضي احلكم به إال يف حالة سقوط حق الناقل يف االستفادة من نظام احلد األقصى‬
‫للتعويض ‪.‬واحلكمة من وراء ذلك أن التشريعات الدولية وحىت الداخلية ال حتفظ للناقل حقه‬
‫يف التعويض عند ارتكابه بعض األفعال اليت أتخذ وصف سوء السلوك العمدي و الذي خيرج‬
‫عما تقتضيه املعامالت واليت تنعدم فيها النزاهة وفيها تفريط حلقوق املتعاقدين وهي ما يتناىف‬
‫مع مبادئ العدالة‪.‬‬
‫من جهة أخرى ليس هناك مانع من أن يتفق طرفا عقد النقل على أن يتنازل الناقل عن‬
‫حقه يف أن يسأل وفق تعويض حمدود‪ ،‬عند انعقاد مسؤوليته خبصوص البضائع اليت تعهد‬
‫بنقلها‪ .‬و يرتتب على ذلك أن يدفع هذا األخري مبلغ التعويض كامال حىت تربأ ذمته‪ .‬إن يف‬
‫االتفاق السابق زايدة ملسؤوليات الطرف القوي يف عقد النقل‪ ،‬لذلك جتيزه أغلب التشريعات‬
‫دولية أو داخلية‪ .‬و ترتيبا على ما تقدم سيتم معاجلة هذا الباب من خالل فصلني‪ :‬سوء‬
‫السلوك االرادي للناقل (فصل األول)‪ ،‬التعويض الكامل االتفاقي(فصل اثين)‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفصل األول‪:‬‬
‫سوء السلوك االرادي للناقل‬
‫لقد سبق يف الباب األول من هذه الدراسة اإلجابة عن االشكال الذي دار حول‬
‫شرعية نظام احلد األقصى للتعويض ‪،‬فكان املربر الذي دفع ابالتفاقيات الدولية من وراء تقرير‬
‫هذا النظام هو توازن املصاحل املتعارضة بني الشاحن والناقل‪ ،‬ألنه من متطلبات التوازن العقدي‬
‫‪،‬الذي ال يتحقق إال إذا كان الناقل حسن النية يف تنفيذ التزاماته‪ ،‬عند كل مرحلة من مراحل‬
‫النقل ابتداء منذ أخذ البضاعة على عاتقه إىل غاية تسليمها يف حالة جيدة‪ ،‬أو على احلالة‬
‫اليت مت استالمها عليها من الشاحن أو انئبه‪.‬‬
‫نتيجة لذلك لو صدر من الناقل فعال سيئا أو تقصريا يف إيصال البضاعة سليمة و غري‬
‫انقصة فإن التوازن الذي بُين عليه نظام احلد األقصى للتعويض سيختل وينهار ‪ ،‬ومل يبقى هناك‬
‫ما يربره ‪ .‬إذن فإنه من املنطقي أن حيرم الناقل من االستفادة منه و ال يكون أمام القاضي‬
‫عندئذ إال أن حيكم بتعويض نقدي كامل يقدر بقيمة الضرر الذي يصيب البضاعة من هالك‬
‫أو تلف‪ ،‬أو ضرر حيدث جراء أتخريها يف التسليم وهو ما تقتضيه مبادئ العدالة ‪.‬‬
‫من خالل استقراء نصوص معاهدة بروكسل األصلية لسنة ‪ 1924‬يالحظ أاها على‬
‫خالف االتفاقيات اآلخرى مل تبني حاالت سقوط نظام احلد األقصى للتعويض مما شكل‬
‫صعوبة على القضاء يف الفصل يف النزاعات اليت حتكمها هذه االتفاقية وهذا ما فسح اجملال‬
‫أمام الفقه يف البحث عن احلل ‪.‬‬
‫غري أن هذا األمر بقي حمل خالف مما اضطر الدول اليت شاركت يف اتفاقية بروكسل‬
‫االجتماع إلضافة نص يف بروتوكول تعديلها سنة ‪ 1968‬لبيان تلك احلاالت واليت وردت يف‬
‫املادة ‪ / 2‬ه منه و هي تتمثل يف ارتكاب الناقل لفعل أو امتناع بقصد احداث الضرر ‪،‬أو‬
‫بعدم اكرتاث مع علمه ابحتمال وقوع الضرر ‪ .‬و هذا ما لقي قبوال لدى معاهديت هامبورغ‪ 1‬و‬

‫‪ -‬املادة ‪ 8‬من معاهدة هامبورغ‪.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪247‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫روتردام‪ .1‬و بناءا على ذلك فقد مت تقسيم هذا الفصل إىل مبحثني‪ :‬أثر الغش و اخلطأ اجلسيم‬
‫‪Wilful‬‬ ‫على التعويض(مبحث أول)‪،‬اهلدف املنشود من وراء فكرة سوء السلوك العمدي‬
‫(مبحث اثين)‪.‬‬ ‫‪Misconduct‬‬

‫املبحث أول‪:‬‬
‫أثر الغش واخلطأ اجلسيم على التعويض‬
‫ال خيفى على أحد أن الغش واخلطأ اجلسيم يعدان من بني األفعال أو السلوكات اليت‬
‫جتعل الناقل غري جدير ابلرعاية القانونية إذ ستجعله يفقد حقه يف أن يتمسك بنظام احلد‬
‫األقصى للتعويض عند ثبوت مسؤوليته عن البضائع‪ ،‬اليت تعهد بنقلها‪ .‬و يعترب الغش وجها‬
‫مضادا حلسن النية أو األمانة يف التعامل بني املتعاقدين ‪،‬لذلك حيرم مرتكبه من االستفادة مما‬
‫قررته له التشريعات دولية كانت أم وطنية ‪.‬‬
‫إن قاعدة الغش يفسد كل شيء هي مأخوذة من مبادئ األساسية يف الشريعة‬
‫اإلسالمية و ابلتايل فإن هذا املبدأ يتماشى مع العدالة‪ ،‬حيث يقوم على اعتبارات خلقية‬
‫واجتماعية وحيارب اخلديعة واالحتيال وعدم االحنراف عن جادة حسن النية‪ ،‬الواجب توافرها‬
‫يف العقود‪.‬لذلك يُعمل به يف كافة فروع القانون عموما حلماية مصلحة األفراد ويُعمل به بصدد‬
‫مجيع التصرفات القانونية واالجرائية بغري نص‪.2‬‬
‫كما يلحق اخلطأ اجلسيم من حيث األثر ابلغش إال أن مدلوهلما خيتلف وخيرج من هذه‬
‫الدائرة اخلطأ البسيط و كل هذه املفاهيم هي متداولة يف األنظمة الالتينية‪ ،‬أما األنظمة‬
‫االجنلوسكسونية فهي ال تعرف معىن الغش أو فكرة اخلطأ اجلسيم إال أاها تعرف مبا يسمى‬
‫اخلطأ االرادي‪ .Wilful Misconduct 3‬وبناءا على ذلك تطلبت دراسة هذا املبحث تقسيمه‬

‫‪ -‬املادة ‪ 61‬من قواعد روتردام‪.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪ -2‬سيد أمحد حممود ‪،‬الغش االجرائي ‪،‬الغش يف التقاضي والتنفيذ ‪،‬دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع ابملنصورة ‪،‬مصر ‪،‬سنة ‪ ، 2017‬ص‬
‫‪.5‬‬
‫‪ -3‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬ص‪.202‬‬

‫‪248‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫إىل مطلبني‪ :‬موقف الفقه والقضاء من الغش (مطلب أول)‪ ،‬اخلطأ اجلسيم ومدى أتثريه على‬
‫التعويض (مطلب اثين)‪.‬‬
‫املطلب األول‪:‬‬
‫موقف الفقه و القضاء من الغش‬
‫قبل تعديل معاهدة بروكسل يف سنة ‪ 1968‬كان الغموض خييم على اتفاقية بروكسل‬
‫وخاصة يف املادة ‪ ، 5/4‬اليت نصت على أنه‪" :‬ال يلتزم الناقل أو السفينة يف أي حال من‬
‫األحوال بسبب اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع أو ما يتعلق هبا ‪،‬مببلغ يزيد على مائة جنيه‬
‫إجنليزي عن كل طرد أو وحدة أو على ما يعادل هذه القيمة بعملة أخرى‪ ،‬ما مل يكن الشاحن‬
‫قد بني جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن‪ .‬وأن يكون هذا البيان قد دون يف سند الشحن"‪.‬‬
‫ما يلفت االنتباه عند قراءة هذه املادة عبارة "يف أي حال من األحوال" أن معاهدة‬
‫بروكسل أغفلت عن اجلانب األخالقي يف حتديد املسؤولية مطلقا بل ومؤكدة على وجوب‬
‫مراعاة التحديد يف مجيع األحوال ‪. in any event‬وعلى هذا فقد شكلت هذه العبارة جدال‬
‫كبريا يف أوساط الفقه والقضاء فتساؤل اجلميع إزاء هذا االطالق ‪،‬هل جتب مراعاة حدود‬
‫املسؤولية حىت ولو ارتكب الناقل واتبعوه غشا أو خطأ جسيما ؟ أال ينبغي أن يكون من شأن‬
‫‪1‬‬
‫هذا الغش أو اخلطأ اجلسيم حتطيم حدود املسؤولية واطالق التعويض ليغطي الضرر أبكمله؟‬
‫و على هذا كان من الضروري دراسة هذا املطلب من خالل ثالث فروع ‪ :‬املادة ‪ 4‬من‬
‫معاهدة بروكسل ومدى تطبيقها على التعويض الكامل(فرع أول) ‪،‬مفهوم الغش وكيفية اثباته‬
‫(فرع اثين)‪.‬‬

‫‪ -1‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 111‬وما يليها‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع أول‪:‬‬
‫املادة ‪ 4‬من معاهدة بروكسل ومدى تطبيقها على التعويض الكامل‬
‫لقد اختلفت اآلراء الفقهية حول تفسري عبارة "يف أي حال من األحوال" الواردة يف‬
‫الفقرة ‪ 5‬من نص املادة ‪ 4‬و حول األفعال اليت تلغي إمكانية متسك الناقل ابحلد األقصى‬
‫للتعويض الواردة يف املعاهدة ومما صعب األمر أن املعاهدة جاءت خالية من نص صريح بشأن‬
‫هذا املوضوع ‪ .‬لذلك تباينت ارآء الفقه و تعارضت أحكام القضاء وهلذا سنتعرض للتفسريات‬
‫اليت برزت خبصوص العبارة الغامضة من خالل ثالث اجتاهات‪:‬‬
‫االجتاه األول‪:‬‬
‫يذهب أصحاب هذا االجتاه إىل القول أبن الناقل جيوز له أن يتمسك يف مجيع‬
‫احلاالت ابحلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املعاهدة مهما كان نوع اخلطأ الذي ارتكبه‬
‫هو أو أحد اتبعيه حىت ولو بلغ اخلطأ درجة اجلسامة وال يستثىن من ذلك سوى الغش‪، 1‬إذ‬
‫هذه الصورة وحدها هي اليت يفرتض أن املشرع الدويل استبعدها من هذا اجملال‪ .‬و يف هذه‬
‫ٍ‬
‫تعويض كامل لصاحب‬ ‫احلالة األخرية يتعطل العمل ابحلد األقصى للتعويض ويلتزم الناقل بدفع‬
‫البضاعة‪ .2‬ومن بني احلجج اليت يستند إليها أنصار هذا االجتاه ما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬إن وجود عبارة "يف أي حال من األحوال" ‪ en aucun cas‬يف النص يستدعي تطبيقه يف‬
‫مجيع احلاالت حىت ولو كانت املسؤولية انشئة عن خطأ جسيم ‪،‬إذ أاها عبارة عامة ومطلقة ال‬
‫ترتك جماال ألي استثناء ‪ .‬و من جهة أخرى فإن احلد األقصى للتعويض قد خرج بنص املادة‬
‫‪ 4‬فقرة ‪ 5‬من نطاق الدائرة التعاقدية ليدخل يف نطاق الدائرة القانونية اليت تتعلق ابلنظام العام‬
‫‪،‬لذلك فال حمل لتطبيق أحكام القضاء اليت سادت قبل املعاهدة واليت قضت ببطالن آاثر‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Antoine Villard, op.cit, p420, Boukhatmi Fatima, thèse précité, p213.‬‬
‫عبد الرمحن سليم املرجع السابق ‪،‬ص ‪، 290‬حممود مسري الشرقاوي و حممد القليويب ‪،‬القانون البحري (الطبعة الرابعة)‪،‬دار النهضة العربية‬
‫‪،‬القاهرة ‪ ،‬سنة ‪،1993‬ص ‪.437‬‬
‫‪ -2‬حممد هبجت عبد هللا قايد‪ ،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف اتفاقية هامبورغ(دراسة مقارنة بني اتفاقية بروكسل لسندات الشحن‬
‫والقانون البحري رقم‪ 8‬لسنة‪، 1992‬دار النهضة العربية ابلقاهرة ‪،‬سنة ‪،1992‬ص‪.117‬‬

‫‪250‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الشروط املتعلقة حبدود املسؤولية اليت اتُفق عليها يف سندات الشحن ‪،‬يف حالة ما ارتكب‬
‫الناقل أو أحد اتبعيه غشا أو خطأ جسيما‪.1‬‬
‫‪-2‬أن النص جاء عاما ال يفرق بني اخلطأ اجلسيم وغريه وهو نص آمر ال ميكن اخلروج عليه‬
‫أو أتويله‪.‬‬
‫‪ -3‬أن فكرة اخلطأ اجلسيم هي غري معروفة عند كثري من البلدان اليت وقعت على املعاهدة‬
‫وبصفة خاصة يف الدول األجنلو سكسونية‪.2‬‬
‫‪-4‬أن املؤمترين يف بروكسل مل يتناولوا مسألة اخلطأ اجلسيم ‪ ،‬خالفا ملا فعلته بعض املؤمترات‬
‫الدولية األخرى كمؤمتر فرسوفيا اخلاص ابملالحة اجلوية لسنة ‪،1929‬أو مؤمتر روما اخلاص‬
‫ابلنقل الدويل ابلسكك احلديدية لسنة ‪ 1934‬مما يدل على أن اخلطأ اجلسيم ليست له أمهية‬
‫خاصة ابلنسبة ملعاهدة بروكسل وبصفة خاصة فيما يتعلق حبق الناقل يف التمسك ابحلد‬
‫األقصى للتعويض ‪،‬حيث جعلت له املعاهدة ذلك يف أي حال األحوال‪.3‬‬
‫االجتاه الثاين‪:‬‬
‫يذهب جانب من الفقه‪ 4‬إىل أبعد من الرأي األول يف تفسريه لعبارة "يف أي حال من‬
‫األحوال" الواردة يف نص املادة ‪ 5 /4‬إىل أن الناقل واتبعيه يفقدون حقهم يف التمسك ابحلد‬
‫األقصى للتعويض يف حالة الغش ‪.‬كما يسقط حقهم أيضا يف حالة اخلطأ اجلسيم وابلتايل‬
‫يسري عليهم التعويض الكامل للضرر احلاصل عن البضاعة وذلك يف كل األحوال مهما‬
‫ارتكبوا من غش أو خطأ جسيم ‪.‬‬
‫و يقدم بعضهم احلجة على ذلك أبن احلد القانوين للمسؤولية قد حل حمل الشرط‬
‫االتفاقي هلذا التحديد ويرتتب عنه أنه ال حمل لتطبيق احلد القانوين األقصى للتعويض كلما كان‬

‫‪1‬‬
‫‪- Georges Marais, les transports internationaux de marchandises par mer et la‬‬
‫‪jurisprudence en droit comparé, op.cit, p206.‬‬
‫‪ -2‬علي حسن يونس‪ ،‬العقود البحرية‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪ ،1978‬ص‪.119‬‬
‫‪ -3‬نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Michelle Pourcelet, Le Transport maritime sous connaissement (droit canadien,‬‬
‫‪Américain, anglais), Les Presses de L'université de Montréal, canada1972, p151.‬‬
‫‪251‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الضرر راجعا إىل غش أو خطأ جسيم صادر منه أو من اتبعيه وابلتايل تنعقد مسؤولية الناقل‬
‫مطلقة ‪.1‬‬
‫كما يضيف بعضهم‪ 2‬أنه ملا كانت أحكام املعاهدة قد وضعت خصيصا ملراعاة مصاحل‬
‫الشاحنني ومنع ختفيف املسؤولية عن الناقل‪ .‬إذن ال ميكن اعمال النص القانوين يف هاتني‬
‫احلالتني اللتني كان القضاء يرفض فيهما أصال األخذ ابلتحديد االتفاقي وإال أصبحت نصوص‬
‫املعاهدة أخف أثرا على الناقل من الشروط االتفاقية حلدود املسؤولية ‪ ،‬فهذا ما مل تقصده‬
‫املعاهدة على االطالق‪.‬‬
‫لقد عرضت على القضاء الفرنسي ذات اإلشكالية األخرية حول تفسري العبارة الغامضة‬
‫من املادة املذكورة فحكمت حمكمة ابريس يف سنة ‪ 1954‬حبرمان الناقل يف حاليت الغش‬
‫واخلطأ اجلسيم من التعويض وفق احلد األقصى للتعويض ‪،‬فطُعن أمام حمكمة النقض واليت‬
‫نظرت إىل املوضوع من نظرة ال ختلو من اعتبار الواقع الذي يفرض مراعاة مصاحل الناقلني‬
‫الفرنسيني يف ميدان املنافسة الدولية‪ .‬والحظت أن كثريا من التشريعات تقرر محاية للناقلني‬
‫الوطنيني وقدرت أن هذه احلماية ال تتحقق إال إذا مسحت للناقل الفرنسي أبن يتمسك ابحلد‬
‫األقصى للتعويض يف مجيع احلاالت مامل يصدر منه شخصيا غش‪.3‬‬
‫حكمت هذه احملكمة أبن العبارة العامة اليت وردت يف نص القانون الفرنسي الصادر يف‬
‫سنة ‪ 1936‬وهو يردد عبارة نص املعاهدة تشمل كافة حاالت املسؤولية ابستثناء حالة الغش‬
‫‪،‬كما أعيدت القضية إىل حمكمة استئناف ‪ Rouen‬إلعادة الفصل فيها ‪،‬فأصرت احملكمة على‬
‫ذات قضاء حمكمة ابريس وقضت بدوائرها اجملتمعة ابستبعاد حالة اخلطأ اجلسيم ‪،‬فلما عادت‬
‫القضية أمام حمكمة النقض أكدت على قضاءها السابق ‪.4‬‬

‫‪ - 1‬مشار إليه لدى علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬لسنة ‪، 1969‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 784‬‬
‫‪ -2‬مسيحة القليويب ‪ ،‬القانون البحري لسنة ‪ ،1987‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 319‬‬
‫‪ - 3‬قرار صادر يف ‪ 11‬مارس ‪ 1960‬مشار إليه لدى على مجال الدين عوض ‪ ،‬تعليقات على القضاء التجاري البحري ‪،‬جملة القانون‬
‫واالقتصاد للبحث يف الشؤون القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد األول ‪ ،‬السنة احلادية والثالثون‪ ،‬مارس ‪، 1961‬ص ‪. 15‬‬
‫‪ -4‬نفس املرجع ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫االجتاه الثالث‪:‬‬
‫اندى أنصار هذا االجتاه‪ 1‬بتطبيق احلد األقصى للتعويض الوارد ي املادة ‪ 5/4‬من‬
‫معاهدة بروكسل يف كل األحوال حىت ولو صدر من الناقل ‪،‬أو أحد اتبعيه غشا أو خطأ‬
‫جسيما‪ ،‬ألن عبارة "يف كل حال من األحوال" الواردة يف هذه املادة جاءت قاطعة الداللة‬
‫على تطبيق احلد األقصى للتعويض يف مجيع احلاالت اليت تنعقد فيها مسؤولية الناقل‪ ،‬حىت‬
‫ولو كانت انمجة عن غشه‪ .‬و هذا ما حكم به القضاء يف بعض احملاكم املغربية‪ 2‬والفرنسية‪. 3‬‬
‫إن األخذ هبذا الرأي سيشكل خطورة على مصاحل الشاحن أو املرسل إليه ‪،‬كما أن‬
‫التفسري الظاهري للنص والوقوف عند حرفيته ليس ضراب من املوضوعية والبد من البحث عن‬
‫القصد الذي كانت هتدف إليه املعاهدة‪ ،‬مع مراعاة مبادئ العدالة وإال فقدت هذه االتفاقية‬
‫مصداقيتها واهتمت ابالحنياز للناقل الذي يعترب الطرف األقوى يف عقد النقل‪.‬‬
‫من جهة أخرى فإن تغافل االتفاقية عن ذكر حاالت سقوط احلق يف االستفادة من‬
‫ميزة احلد األقصى للتعويض ال يعين ابلضرورة أن الدول اليت شاركت يف املعاهدة كانت تود‬
‫على اختالفها أن يستفيد الناقل أو اتبعيه يف حال ارتكاهبم غشا أو خطأ جسيما ‪.‬‬
‫االجتاه الرابع‪:‬‬
‫يفرق أصحاب هذا االجتاه‪ 4‬بني الغش الصادر من الناقل والذي يرتكبه أحد اتبعيه‪،‬‬
‫فإذا ارتكب الناقل شخصيا غشا يف تنفيذ عملية النقل فإنه سيحرم من التمسك من احلد‬
‫األقصى للتعويض ويلزم بدفع مبلغ التعويض كامال عن الضرر الالحق عن البضاعة اهلالكة‪ ،‬أو‬

‫‪1‬‬
‫‪-Francis Sauvage, Manuel pratique du transport des marchandises par mer, op.cit,‬‬
‫‪p83.‬‬
‫مصطفى كمال طه‪ ،‬أصول القانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪، 559‬ص‪239‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- Cour‬‬ ‫‪de Rabat 19/3/1948: Georges Marais , op.cit ,p206.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Trib‬‬‫‪. Genes. 30/01/1956 Dir. Marettimo 1956,p418 , Trib Naples 30/09/1955, Dir‬‬
‫‪Maritimo.1956, Genes 09/10/1952,p 248; René Rodiére , traité général de droit‬‬
‫‪maritime, Tome II , op.cit ,p308.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Georges Ripert, droit maritime, crédit maritime, fortune de mer, transport maritime,‬‬
‫‪tome II 4eme édition, Rousseau, paris 1952 ,p714.‬‬
‫‪253‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫التالفة ‪،‬أما ابلنسبة عن فعل اتبعي الناقل فإنه جيوز إعمال احلد األقصى للتعويض سوآءا كان‬
‫الفعل الذي جنم عنه الضرر كان صادرا منهم عمدا أو عن خطأ جسيم ويبقى حق الناقل قائما‬
‫‪1‬‬
‫يف التمسك من احلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املادة ‪ 5/4‬من معاهدة بروكسل‬
‫‪،‬لكن إذا ما رفعت الدعوى على اتبع الناقل ‪،‬أو وكيله عند ارتكاب أحدهم غش أو خطأ‬
‫جسيم فإنه حيرم من احلدود القصوى للتعويض‪ .‬ويلزمه دفع مبلغ التعويض كامال عن الضرر‬
‫الذي يصيب البضائع‪.‬‬
‫من خالل تتبع اآلراء الفقهية السابقة فإنه يرجح أصحاب االجتاه األخري ‪،‬الذين رأوا‬
‫بوجوب سقوط حق الناقل واتبعيه يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض يف حاليت الغش واخلطأ‬
‫اجلسيم‪ .‬ألن مبادئ العدالة تتطلب أن يصب تفسري عمومية العبارة الواردة يف فقرة ‪ 5‬املادة ‪4‬‬
‫حرمان الناقل أو اتبعيه من ميزة احلد األقصى للتعويض واحالل حمله التعويض الكامل كحكم‬
‫عادل عن ما يصيب البضاعة من ضرر ‪ ،‬استنادا للحجج اآلتية‪:2‬‬
‫‪-1‬ابلرجوع إىل األعمال التحضريية واليت تعترب خلفية للسند القانوين ‪،‬فاملناقشات اليت دارت‬
‫يف مؤمتر الهاي حول النص اخلاص ابحلد األقصى للتعويض والذي يتضمن عبارة "يف أي‬
‫حال من األحوال " ‪ "en aucun cas‬يستدل منها صراحة على أن هذه العبارة يقصد هبا أي‬
‫حال من األحوال كانت عليها قيمة البضاعة املشحونة‪ .‬مبعىن أن الناقل ال يلزم بسبب اهلالك‬
‫أو الضرر الالحق ابلبضاعة أو ما يتعلق هبا مببلغ يزيد عن مائة جنيه اجنليزي مهما كانت قيمة‬
‫هذه البضاعة ‪،‬أي حىت ولو كانت قيمتها مرتفعة جدا عن املبلغ األخري مادامت مل تذكر هذه‬
‫القيمة يف سند الشحن ‪ .‬ومل تعاجل املناقشات اطالقا يف هذا الصدد اخلطأ الذي يرتكبه الناقل‬
‫ودرجته جسيما كان أو هينا مما يستنتج معه حتما أن التفسري‪ ،‬الذي ذهب إليه أصحاب‬

‫‪ -1‬مسيحة القليويب ‪ ،‬القانون البحري( السفينة‪ ،‬أشخاص املالحة البحرية‪ ،‬العقود البحرية ) ‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪، 1982‬ص‬
‫‪. 220‬‬
‫‪ -2‬عبد الرمحن سليم املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 294‬وما يليها‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الرأي الثاين من أن العبارة العامة تستبعد بعمومتيها وإطالقها كل استثناء وتشمل كل صور‬
‫املسؤولية‪ ،‬حىت ولو كانت انشئة عن خطأ جسيم تفسري غري موفق‪.‬‬
‫‪ -2‬الدليل املستمد من معاهدة وارسوا اخلاصة ابملالحة اجلوية (‪ 12‬أكتوبر‪)1929‬ومعاهدة‬
‫روما اخلاصة ابلنقل الدويل بواسطة السكك احلديدية (‪16‬مارس‪ )1934‬هو دليل غري مقنع‬
‫إذ أن املعاهدتني األخريتني كان النص فيهما على أن الغش أو اخلطأ اجلسيم حيول دون تطبيق‬
‫احلد األقصى للتعويض الذي نصتا عليه ملسؤولية الناقل‪ ،‬فهذا ليس دليال على أن نية واضعي‬
‫معاهدة بروكسل واليت جاءت خالية من مثل هذا النص قد انصرفت إىل العكس خاصة وأن‬
‫هاتني املعاهدتني قد صدرات بعد صدور معاهدة سندات الشحن(بروكسل ل‪ 25‬أوت ‪1924‬‬
‫)‪.‬‬
‫من جهة أخرى فإن املعاهدتني قد نصتا على الغش واخلطأ اجلسيم كحائلني دون تطبيق‬
‫احلد األقصى للتعويض املقرر ملسؤولية الناقل وجاءت معاهدة بروكسل خالية من النص على‬
‫أي منهما‪،‬فإذا كان أصحاب الرأي األول قد استنتجوا من ذلك أن نية واضعي معاهدة‬
‫سندات الشحن قد انصرفت إىل عدم اعتبار اخلطأ اجلسيم حائال دون تطبيق التحديد القانوين‬
‫ملسؤولية الناقل البحري كان عليهم أن يستنتجوا أيضا أن الغش كذلك وهو غري منصوص عليه‬
‫أيضا يف املعاهدة ال حيول دون تطبيق هذا احلد القانوين‪ ،‬حىت يكون استنتاجهم اتما‪ .‬ومع‬
‫ذلك ففي رأيهم أن اخلطأ اجلسيم وحده دون الغش هو الذي ال حيول دون تطبيق هذا احلد‬
‫القانوين ال يبدوا هذا سببا مقنعا‪.‬‬
‫‪ -3‬فكرة اخلطأ اجلسيم اليت ادعى بعض الفقه‪ 1‬أاها جمهولة يف كثري من الدول اليت اشرتكت‬
‫يف املعاهدة (الدول األجنلو سكسونية ) ‪،‬لذلك فإن مسألة هذا اخلطأ مل تكن حمل نقاش يف‬
‫مؤمتر بروكسل الدبلوماسي‪ .‬ويتُرد على ذلك أبن بعض الدول األخرى اليت اشرتكت يف إمتام‬
‫املعاهدة كفرنسا مثال تعرف جيدا فكرة اخلطأ اجلسيم ‪،‬كما أن ممثلي الدول األجنلو سكسونية‬

‫‪1‬‬
‫‪- Georges‬‬ ‫‪Ripert, droit maritime. , tome II 4eme éditioin, op.cit ,p714.‬‬
‫‪255‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫على وجه اخلصوص الذين كانوا ميثلواها كان معظمهم من الفقهاء القانونيني الذين ال يتطرق‬
‫الشك إىل إملامهم بفكرة اخلطأ اجلسيم وهي فكرة قدمية ترجع إىل عهد الرومان‪ .‬فإذا جاء مؤمتر‬
‫خاليا من مناقشات حول اخلطأ اجلسيم وجاءت املعاهدة بعد ذلك خالية من النص يف هذا‬
‫الشأن فهذا ال يقطع أبن نية واضعي املعاهدة قد انصرفت إىل تطبيق احلد األقصى للتعويض‬
‫‪،‬حىت ولو ارتكب الناقل أو أحد اتبعيه خطأ جسيما‪.‬‬
‫بل أكثر من ذلك فلو افرتض وكان هناك شك فالشك جيب أن يؤول لصاحل الشاحن‬
‫وال يقصد بذلك أن معاهدة سندات الشحن يراد هبا ختصيص املنفعة لصاحل الشاحن وإمنا‬
‫يقصد به أن الغرض األساسي من املعاهدة هو إحياء حقوق الشاحن يف عقد النقل بعد أن‬
‫كادت تزول من آاثر شروط اإلعفاء من املسؤولية‪ ،‬أو حتديدها ‪ .‬لذلك إذا وجد هناك شك‬
‫فيجب أن يفسر لصاحل الشاحن‪.1‬‬
‫‪-4‬إن القول الذي يستفاد من قضاء حمكمة النقض الفرنسية أن الغش الذي يرتتب عليه‬
‫سقوط حق الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض هو الغش‪ ،‬الذي يصدر من الناقل‬
‫شخصيا دون اتبعيه فالغش يف احلالة األخرية ليس له أتثري على ذلك ‪ .‬فهذا الرأي ال ميكن‬
‫االقرار به على هذا النحو ملنافاته العدالة وخمالفته املبادئ القانونية وذلك أن تنفيذ عقد النقل‬
‫وما يصاحبه من أخطاء أو أفعال يتم عادة من قبل اتبعي الناقل أو وكالئه ‪.‬‬
‫هذا فضال عن أن الغش والسرقة يقعان يف الغالب من اتبعي الناقل وال يتصور وقوعهما‬
‫عمال من الناقل شخصيا‪ ،‬األمر الذي يرتتب عليه حرمان املضرور من التعويض الكامل يف‬
‫حالة الغش حبجة عدم صدوره من الناقل شخصيا‪ .‬و هلذا وجب على حمكمة النقض أن تعدل‬
‫عن هذا التفسري الضيق للغش والتسوية بني الغش الصادر من الناقل والصادر من اتبعيه من‬
‫حيث األثر‪ ،‬خاصة وأن بروتوكول ‪ 1968‬قد عدل الفقرة اخلامسة من املادة الرابعة وأزال كل‬

‫‪ -1‬ابعتبار عقد النقل من عقود اإلذعان والشاحن هو الطرف املذعن يف هذا العقد وعليه وفقا للقواعد العامة قضت املادة ‪2/112‬من‬
‫القانون املدين اجلزائري‪... ":‬غري أنه ال جيوز أن يكون أتويل العبارات الغامضة يف عقود اإلذعان ضارا مبصلحة الطرف املذعن"‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫لبس يف هذا اخلصوص‪ .‬و قرر أن احلد األقصى املشار إليه يف املعاهدة وهو عشرة آالف‬
‫بوانكاريه يستبعد يف حالة الغش الناقل أو خطئه غري املغتفر ‪. 1faute inexcusable‬‬
‫يعترب هذا اخلطأ أكثر درجة من اخلطأ اجلسيم‪، 2‬أما الغش أو اخلطأ بنوعيه سواءا‬
‫جسيما أو غري مغتفر والصادرين عن اتبعيه‪ ،‬أو وكالئه فال يؤثر على حق الناقل يف التمسك‬
‫من حدود املسؤولية املقررة له وفق املعاهدة‪ .‬لكن يف حالة ما رفعت الدعوى على اتبع الناقل‬
‫أو وكيله عند ارتكاب أحدهم غش ‪،‬أو خطأ جسيم ‪،‬أو غري مغتفر فإنه حيرم من احلد األقصى‬
‫للتعويض ويلزمه دفع التعويض كامال عن الضرر الالحق ابلبضاعة‪.3‬‬
‫إن احلل‪ 4‬الذي جاء به بروتوكول األخري يف االفصاح عن النية احلقيقية للدول يف عدم‬
‫استقادة الناقل أو اتبعيه من احلد األقصى للتعويض‪ ،‬املقرر هلم قانوان عند سوء نيتهم أو‬
‫ارتكاهبم خلطأ جسيم و الذي يلحق حكمه ابلغش حسب ما تقضي به املادة ‪178‬ق م ج‬
‫‪،‬فهذا مايعترب دليال كافيا إلبعاد اخلالف بني الفقه والقضاء حول املوضوع والذي جيب أن‬
‫يتخذ كأساس للداللة على املراد من الفقرة الغامضة من املادة ‪ 4‬من املعاهدة‪.5‬‬
‫اجلدير ابلذكر و خبصوص التفسري الذي أخذت به حمكمة النقض الفرنسية ونظرهتا‬
‫املنفردة يف تربير حكمها على أساس اتباع اهج التشريعات‪ ،‬اليت تقرر محاية للناقلني الوطنيني‬
‫لتأسيس حكمها يف مراعاة مصاحل الناقلني الفرنسيني ‪ .‬وذلك ابلسماح للناقل ابالستفادة مما‬
‫قررته له معاهدة بروكسل من املسؤولية احملدودة يف كل األحوال حىت يف حالة اخلطأ اجلسيم وال‬
‫خيرج عن ذلك إال الغش ‪،‬فهذا احلكم ال يتحلى ابملوضوعية وتطغى عليه املصلحة الوطنية‬
‫ويؤدي إىل عدم التوازن العقدي الذي يفتقده عقد النقل البحري للبضائع ‪.‬‬

‫‪ -1‬حممد هبجت عبد هللا قايد‪ ،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف اتفاقية هامبورغ ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.117‬‬
‫‪- 2‬لقد مت التمييز بني اخلطأ اجلسيم واخلطأ غري املغتفر يف الصفحة ‪ 285‬وما يليها من هذه الرسالة‪.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ 3‬فقرة ‪ 4‬من بروتوكول بروكسل لسنة ‪.1968‬‬
‫‪ -‬وهوما أخذت به معاهدة هامبورغ مبوجب املادة‪، 1/8‬معاهدة روتردام يف نص املادة ‪. 61‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ -5‬قرارية قويدر ‪،‬أثر الغش واخلطأ اجلسيم على التعويض يف النقل البحري للبضائع ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للقانون البحري والنقل ‪،‬العدد السادس‬
‫‪،‬منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد تلمسان(اجلزائر) ‪،‬دار كنوز للنشر والتوزيع ‪،‬سنة‪،2017‬ص‪.103‬‬

‫‪257‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫من زاوية أخرى فإن بقاء حق الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض عند انعقاد‬
‫مسؤوليته‪ ،‬عما أصاب البضاعة من ضرر و كان مرده إىل غش أو خطأ جسيم صادر من‬
‫اتبعيه أو وكالءه‪ .‬فما يالحظ على هذا احلكم أنه جاء مسايرا للقواعد العامة يف القانون‬
‫املدين‪1‬و مبادئ العدالة‪ .‬ألن الناقل قد ال يعلم بغش التابع أو الوكيل فكيف حياسب على‬
‫شيء خارج عن ارادته ويقصى من حقه يف االستفادة من ميزة احلد األقصى للتعويض ‪،‬اليت‬
‫قُرَرت من أجل اقامة التوازن بني مصاحل الطرفني وخشية من مبالغة الشاحن يف تقدير قيمة‬
‫البضاعة اهلالكة ‪،‬عند عدم ذكر قيمتها وجنسها يف سند الشحن‪. 2‬‬
‫بعد البحث عن تفسري الفقرة‪ 4/5‬من معاهدة بروكسل بقي لنا أن نوضح مفهوم‬
‫الغش يف الفقه والقضاء وكيفية اثباته وفق النظرية التقليدية واحلديثة و أيها أسهل على املضرور‬
‫يف االثبات‪ ،‬من أجل احلصول على تعويض كامل‪ ،‬الذي جيب على الناقل أن يدفعه له عوضا‬
‫عن بضاعته اليت هلكت أو تلفت‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫مفهوم الغش وكيفية اثباته‬
‫مل تتعرض االتفاقيات البحرية الدولية الثالث لتعريف الغش وهو ما يالحظ أيضا من‬
‫نصوص التشريعني اجلزائري و الفرنسي‪ ،‬غري أن هذا األخري أورد عدة تطبيقات تبني مضمون‬
‫الغش اتركا للفقه والقضاء االجتهاد يف بيان املقصودبه‪.‬و قد مرت فكرة الغش بعهدين خمتلفني‬
‫لذلك وجب بيان االختالف الفقهي يف معناها التقليدي واحلديث‪.‬‬

‫‪ -1‬تنص املادة ‪ 178‬ق م ج ‪ ":‬جيوز االتفاق على اعفاء املدين من أية مسؤولية ترتتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي ‪،‬إال ما ينشأ عن‬
‫غشه ‪،‬أو عن خطئه اجلسيم غري أنه جيوز للمدين أن يشرتط اعفاءه من املسؤولية النامجة عن الغش ‪،‬أو اخلطأ اجلسيم الذي يقع من‬
‫أشخاص يستخدمهم يف تنفيذ التزامه "‪.‬‬
‫‪ -‬قرارية قويدر ‪،‬أثر الغش واخلطأ اجلسيم على التعويض يف النقل البحري للبضائع ‪،‬املقال السابق ‪،‬ص‪.104‬‬
‫‪2‬‬

‫‪258‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫أوال ‪:‬الفكرة التقليدية للغش‬


‫مل جيد الفقه‪ 1‬صعوبة يف حتديد معىن الغش إذ سبق وأن عرف القانون الروماين القدمي‬
‫فكرة الغش (‪، )dolus‬كما عين فقهاء القانون الفرنسي ومنهم الفقيهان "ريبرب" و "بالنيول"‬
‫بتحديد معناه فالغش هو انصراف إرادة الناقل إىل ارتكاب الفعل أو الرتك غري املشروع ‪،‬فضال‬
‫عن انصرافها إىل احداث ضرر للبضاعة املنقولة أو يف أتخريها للتسليم‪ .‬وال يلزم أن تستوعب‬
‫إرادة الناقل مقدار الضرر‪ ،‬الذي قصد إليه بل يكفي أن يكون املقصود احداث الضرر‬
‫‪،‬فالغش يتميز أساسا ابإلرادة والقصد اخلبيث أو سوء القصد ‪،‬فهو حالة نفسية تدل على‬
‫سوء النية ‪،‬كما أنه يتميز أيضا ابلسعي وراء الضرر‪.2‬‬
‫و بناءا عليه فإن الغش حسب املفهوم التقليدي يبىن على ثالث عناصر‪:‬‬
‫‪-1‬انصراف إرادة الناقل إىل ارتكاب فعل أو امتناع‪.‬‬
‫‪ -2‬اجتاه اإلرادة إىل تلف البضاعة أو هالكها أو أتخريها يف التسليم إىل املرسل إليه‪.‬‬
‫‪ -3‬توافر سوء نية يف االضرار لدى الناقل ‪.‬‬
‫يتضح من هذا املفهوم أن الفقه قد ساوى بني الغش واخلطأ العمدي ابعتبار أن كليهما‬
‫يعرب عن وجود نية اإلضرار ‪،‬مبعىن أن املتسبب يف الضرر قد سعى إليه مما دعا البعض إىل‬
‫القول أبن الغش حالة نفسية تدل على سوء النية سوآءا أكان ذلك بعمل إجيايب أم كان بطريق‬
‫سليب‪.3‬‬

‫‪ -1‬مل يعرف الغش يف النصوص القانونية ألن التشريعات الوضعية كما جرت العادة ال هتتم كثريا بوضع التعريفات العلمية الدقيقة‬
‫للمصطلحات أو املسميات القانونية وامنا يفسح اجملال يف ذلك لعمل الفقه ليقوم بتعريفها وحتديد املقصود هبا على ضوء ما يتوصل إليه من‬
‫حبث واجتهاد ‪:‬علي حسن ع بد هللا الشريف ‪،‬الباعث وأثره يف املسؤولية اجلنائية ‪،‬رسالة دكتوراه ‪،‬كلية احلقوق جبامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪1986‬‬
‫‪،‬ص ‪. 28‬‬
‫‪ -2‬حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬تقدير التعويض بني اخلطأ و والضرر‪ ،‬موسوعة الثقافة اجلامعية للنشر والتوزيع ابإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون اتريخ‬
‫نشر‪ ،‬ص ‪. 357‬‬
‫‪ -3‬حممد السروي ‪،‬الغش يف املعامالت املدنية (دراسة مقارنة يف القانون املدين والفقه اإلسالمي‪ ،‬رسالة دكتوره ‪،‬جامعة املنصورة ‪،‬كلية‬
‫احلقوق ‪،‬قسم القانون املدين ‪،‬مصر ‪،‬سنة‪، 2008‬ص ‪. 49‬‬

‫‪259‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫كما تبنت حمكمة النقض الفرنسية ذلك االجتاه معتربة أن الغش تصرف يتم بقصد اإلضرار مع‬
‫توافر بواعث نفسية تدفعه هلذا السلوك‪. 1‬‬
‫غري أنه ابلرجوع إىل أرض الواقع وخاصة يف جمال النقل البحري للبضائع فإنه يتعذر‬
‫حتقق عناصر الغش الثالثة حىت وإن كان من غري املستبعد أن يعمد اتبعوا الناقل إىل سرقة‬
‫بعض البضائع املنقولة وذلك ابلتالعب يف أوزان الطرود بقصد االستيالء على بعض البضائع‬
‫الثمينة اليت بداخلها ‪،‬أو عدم توفري احلراسة ليال على خمازن البضائع املوجودة ابمليناء بقصد‬
‫تسهيل عملية السرقة‪....‬إخل ‪.‬وبذلك ال يتصور حتقق فكرة الغش وفق الفكرة التقليدية لتطلبها‬
‫نية اإلضرار‪ ،‬إذ أن التابع حني يسعى إىل اختالس البضاعة فإمنا يقصد حتقيق مصلحة غري‬
‫مشروعة وذلك ابالستحواذ عليها وال يكون يف نيته اإلضرار صاحبها‪.2‬‬
‫اثنيا‪ :‬الفكرة احلديثة للغش‬
‫لقد تغري مفهوم الغش عن مفهومه القدمي‪ ،‬حيث وسع الفقه الفرنسي احلديث‪3‬من‬
‫نطاق معناه فأصبح يتُ َعرف ابنصراف إرادة الناقل إىل إحداث فعل أو االمتناع عنه مع ادراكه‬
‫أبنه من شأن هذا السلوك أن يرتتب عليه هالك أو تلف أو أتخري للبضاعة املنقولة‪ ،‬حىت ولو‬
‫مل تتوافر للناقل نية اإلضرار‪ 4‬بصاحب البضاعة أو الغري ‪.‬‬
‫و تعترب حمكمة النقض الفرنسية هي أول من أرست هذا االجتاه احلديث يف حكمها‬
‫الصادر يف ‪ 4‬أفريل ‪ .51969‬و قد أكدت عليه يف عدة أحكام أخرى‪ ،‬كما أتثرت به بعض‬
‫احملاكم يف فرنسا ‪.6‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cass‬‬ ‫‪.civ 15 Octobre 1981:‬‬
‫مشار إليه لدى حممد السروي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫‪ -2‬ثروت أنيس األسيوطي‪ ،‬مسؤولية الناقل اجلوي يف القانون املقارن ‪ ،‬رسالة دكتوراه يف احلقوق‪ ،‬مصر‪ ،‬اتريخ املناقشة يوم الثالاثء ‪20‬‬
‫أكتوبر ‪ 1959‬ص‪.597‬‬
‫‪ -3‬نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬حممد كما ل عبد العزيز ‪،‬التقنني املدين يف القضاء والفقه اجلزء األول ‪،‬الطبعة الثانية ‪،‬سنة ‪، 1980‬ص ‪. 793‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Cour de cassation 4/4/1969, note J .Mazeaud, DMF1969, p601.‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪re‬‬
‫‪- Cass.civ1 21Avr .1971,10 Fev 1972 ,20Fev1973, CA. Aix . Provence du‬‬
‫‪15/2/1980:‬‬ ‫مشار إليه لدى اندية معوض‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 489‬و ‪.492‬‬

‫‪260‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫إىل جوار ذلك تقرتب فكرة الغش من األفكار القانونية املقابلة هلا يف القوانني األخرى‬
‫نص عليها يف القانون‬ ‫‪vorsatz‬‬ ‫فالقانون األملاين يعرف فكرة تقابل فكرة الغش يطلق عليها‬
‫املدين يف املادة ‪ 276‬منه ولكي تتحقق هذه الفكرة جيب أن تنصرف إرادة الناقل إىل الفعل‬
‫والنتيجة دون اشرتاط نية اإلضرار ابلغري ‪،‬أي أن الناقل األملاين ال يتطلب بشأنه أن تكون لديه‬
‫نية اإلضرار ابلشاحن أو صاحب البضاعة لكي حيرم من التمسك ابحلد األقصى للتعويض يف‬
‫حالة هالك البضاعة حمل النقل أو تلفها أو أتخريها يف الوصول إىل املرسل إليه‪.1‬‬
‫من خالل ما سبق يتضح أن مفهوم الغش وفق النظرية التقليدية خيتلف عن معناه وفق‬
‫النظرية احلديثة إذ مل تشرتط هذه األخرية توافر نية اإلضرار واقتصرت على اجتاه إرادة الناقل‬
‫إىل الفعل أو الرتك مع إدراك الناقل أن ذلك السلوك سيؤدي إىل تلف البضاعة أو هالكها أو‬
‫أتخريها يف الوصول إىل املرسل إليه على عكس النظرية األوىل اليت ضيقت من مفهوم الغش ‪.‬‬
‫أتسيسا على ما تقدم فإن احلد األقصى للتعويض يتأرجح بني النظريتني وهو ما يظهر‬
‫من خالل املثال التايل‪:‬كانت هناك سفينة يف رحلتها من ميناء تركيا إىل ميناء اجلزائر لنقل‬
‫شحنة من البضائع ‪،‬غري أاها احنرفت عن خط سريها‪ 2‬وتوجهت إىل مصر للتزود ابلوقود الالزم‬
‫إلكمال هذه الرحلة‪ .‬وذلك نظرا الخنفاض الذي طرأ على أسعار الوقود يف مصر‪ ،‬مما ترتب‬
‫عنه تضرر البضاعة مع علم الناقل أبن تغيري الوجهة سينجم عنه أتخري يؤثر على البضاعة و‬
‫بدوره سيؤدي إىل تلفها ومع ذلك أقدم على هذا الفعل‪ ،‬لكن دون أن تتوافر لديه نية اإلضرار‬
‫ابلشاحن وإمنا كان هدفه كان حتقيق مزيدا من الربح والتساؤل الذي يطرح هنا ما هو الوصف‬
‫الذي أيخذه تصرف الناقل يف هذه احلالة؟‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.326‬‬


‫‪ -2‬جيب على الناقل أن يتبع يف رحلته خط السري املتفق عليه يف عقد النقل ‪،‬فإذا مل يتفق يف العقد على خط السري وجب اتباع خط السري‬
‫املعتاد أي الطريق املاحي الذي تسلكه السفن عادة يف رحالهتا بني ميناء الشحن وميناء الوصول حىت ال تتعرض السفينة أو البضاعة‬
‫للخطر‪:‬‬
‫‪-Michelle Pourcelet, Le Transport maritime sous connaissement (droit canadien,‬‬
‫‪Américain, anglais, op.cit, p53.‬‬
‫‪261‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫بال شك أن فعل الناقل حسب االجتاه التقليدي مل يرتكب غشا لغياب نية اإلضرار ‪،‬أما‬
‫وفق االجتاه احلديث التصرف الصادر من هذا األخري يعترب غشا وابلتايل يتجرد الناقل من حقه‬
‫يف االستفادة من احلد األقصى للتعويض‪ ،‬الوارد يف إحدى املعاهدات البحرية املطبقة على عقد‬
‫النقل الدويل السالفة الذكر‪ .‬وعليه سيدفع هذا األخري مبلغ التعويض كامال ‪،‬أي مبلغا يعادل‬
‫القيمة احلقيقية للبضائع اهلالكة أو التالفة أو الضرر الذي يلحق املرسل إليه من جراء أتخريها‬
‫يف الوصول‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬كيفية اثبات الغش‬
‫الثابت أنه ال جمال الفرتاض الغش يف النقل البحري للبضائع‪ ،‬ألن حسن نية هو أمر‬
‫مفرتض ابتداءا من جانب الناقل يف إيصال البضاعة واحملافظة عليها‪ .1‬وما يتفرع عنه من‬
‫التزامات تقتضي ذلك ويف سبيل حرمان الناقل من التمسك حبدود التعويض و احلصول على‬
‫تعويض كامل جيب على املضرور أن يثبت أبن هناك فعال يتصف ابلغش قد صدر من طرف‬
‫الناقل أدى إىل تضرر البضاعة من خالل إقامة الدليل على أمرين وفق االجتاه احلديث‪:‬‬
‫‪-1‬اجتاه إرادة الناقل إىل القيام ابلفعل أو االمتناع‪.‬‬
‫‪-2‬وكذلك انصراف إرادة هذا األخري إىل اهلالك أو التلف الالحق ابلبضاعة النامجة عن الفعل‬
‫أو االمتناع‪.‬‬
‫أما وفق االجتاه التقليدي فال يكفي اثبات العنصريني السابقني بل جيب تقدمي الدليل‬
‫على موضوع ابلغ األمهية وهو سوء نية الناقل يف اإلضرار ابلبضاعة ‪ .‬يف احلقيقة هو أمر‬
‫صعب االثبات‪ ،2‬ألنه موضوع ذايت يدور يف إطار البحث عن النية أو القصد خبالف اخلطأ‬
‫على تعدد أنواعه والذي يقاس مبعيار موضوعي جمرد وهو معيار الرجل املعتاد‪.3‬وابلتايل فإن‬
‫تقدير الغش ال ميكن أن يكون فيه املعيار إال شخصيا ‪ concerto‬ألن الغش منشأه نية سيئة‬

‫‪ -1‬كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ‪ ، 1978‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 118‬‬
‫‪ -2‬حممد شريف غنام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -‬حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 375‬‬
‫‪3‬‬

‫‪262‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫مما يتحتم على القاضي املدين أن يستظهر تلك النية على حنو ما يقوم به القاضي اجلنائي‪،‬‬
‫ابستقراء الظروف اليت البست نية الناقل يف انصرافها إىل إحداث الضرر بصاحب البضاعة‪. 1‬‬
‫يف هذا الشأن قضت حمكمة التمييز الكويتية أن تقدير األدلة هو من سلطة قاضي‬
‫املوضوع ال معقب عليه يف ذلك‪ ،‬مىت كان تقديره هلا ال خروج فيه على ما هو اثبت ابألوراق‬
‫املقدمة إليه ومن املقرر أن استخالص حسن النية وسوأها من مسائل الواقع اليت تستقل هبا‬
‫حمكمة املوضوع مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب مقبولة وأن هذه األخرية قد وجدت‬
‫ابلقضية األدلة والشواهد ما يكفي لتكوين اقتناعها للفصل فيها ابلرأي الذي انتهت إليه‪ ،‬فإاها‬
‫ال تكون حباجة بعد ذلك إىل اختاذ املزيد من إجراءات االثبات بتحقيق جتريه أو خبري تندبه‪.2‬‬
‫كذلك قضي أبنه ‪":‬وإن كانت مسؤولية الناقل تضحى مطلقة دون حمل لتطبيق التحديد‬
‫القانوين ملسؤوليته املنصوص عليه يف معاهدة بروكسل إذا كان الضرر راجعا إىل غش ذلك‬
‫الناقل‪ ،‬إال أنه من املقرر أن استخالص عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقدير ثبوت هذا‬
‫الغش من عدمه من مسائل الواقع اليت يستقل هبا قاضي املوضوع‪.3‬‬
‫غري أن الوصف القانوين لوقائع الغش تعترب مسألة قانونية ختضع لرقابة حمكمة النقض‬
‫وذلك كالفصل فيما إذا كان جمرد الكذب أو الكتمان يكفي لقيام الغش‪ ،‬أي تقدير ما إذا‬
‫كانت الوسائل املستعملة تعترب غري مشروعة أم ال‪.4‬‬
‫ترتيبا على ما تقدم فاملضرور هو من يقع عليه اثبات الغش بشروطه وجيوز له هذا‬
‫االثبات جبميع طرق االثبات‪ ،‬ألنه ينصب على واقعة مادية ‪،‬أما حتقيق الوقائع املكونة للغش‬
‫هي مسألة موضوعية ومن ذلك مثال الغش الصادر من اتبعي الناقل ابلتواطؤ مع هذا الناقل‬

‫‪ -1‬سيد أمحد حممود ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.286‬‬


‫‪ -2‬متييز كوييت ‪ ،1982/3/10‬طعن رقم‪ 1981/221‬جتاري‪ ،‬جملة القضاء والقانون‪ ،‬السنة احلادية عشر‪ ،‬العدد األول‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ -‬متييز كوييت ‪ ،1984/1/4‬طعن رقم‪ 1983/99‬جتاري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.49‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -4‬نقض مدين ‪ ،2001/5/32‬طعن رقم ‪ 4659‬لسنة ‪ ،63‬نقض مدين ‪ :1936 /2/ 20‬مشار إليهما لدى حممد السروي ‪ ،‬املرجع‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪ 234‬وما يليها‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫وهنا يقع على عاتق املضرور (صاحب احلق على البضاعة ) أن يثبت بكافة طرق االثبات أبن‬
‫الناقل كان يعلم هبذا الغش‪ ،‬أو كان من املفروض حتما أن يعلم به‪. 1‬‬
‫خالصة القول أنه من اختالف معىن الغش وفق االجتاهني السابقني أن االجتاه احلديث‬
‫للغش( يرجع الفضل فيه حملكمة النقض الفرنسية) خيدم مصلحة الشاحن أو املضرور يف‬
‫حصول على تعويض كامل عند ارتكاب الناقل غشا‪ .‬وذلك بتسهيل املهمة يف اثبات غش هذ‬
‫األخري ‪،‬كما يزيل عنه عناء اثبات نية االضرار لدى الناقل عندما يصدر منه فعل عمدي أو‬
‫امتناع ينجر عنه إصابة البضاعة بتلف أو هالك ‪ .‬إذن حيرم الناقل من التمسك من احلد‬
‫األقصى للتعويض يف هذه احلالة ‪،‬دون حاجة إىل إثبات نية اإلضرار لدى الناقل واليت تعد من‬
‫املسائل الشاقة على املضرور ‪.‬‬
‫إذا كانت صعوبة اثبات الغش راجعة الختباء سوء النية يف نفسية الناقل فاحلال ال يقل‬
‫صعوبة عنه يف اخلطأ اجلسيم من حيث حتديد درجته ‪،‬كما أن األثر الذي رتبه القانون عليهما‬
‫واحد و هو ما جيعل الناقل يفقد حقه يف احلدود القانونية للمسؤولية عند ارتكابه ألحد‬
‫السلوكني‪ .‬ونتيجة لذلك جيب عليه دفع مبلغ التعويض كامال‪ ،‬عند ثبوت مسؤوليته عن‬
‫البضاعة اهلالكة أو التالفة مبوجب عقد النقل ‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬‬
‫اخلطأ اجلسيم ومدى أتثريه على التعويض‬
‫ال يكفي أن َحيدث الضرر بفعل الناقل حىت يلزم بدفع تعويض كامال بل جيب أن يكون‬
‫ذلك الفعل خطأ ‪،‬ألن اخلطأ شرط لقيام املسؤولية املدنية بل األساس الذي تقوم عليه ومل‬
‫يعرف املشرع اخلطأ بل ترك ذلك للفقه ‪ .‬وقد كثرت التعاريف وتنوعت ومل خيلو تعريف واحد‬
‫من نقد يوجه إليه‪ ،‬حىت أصبح االختيار بينها ليس ابألمر اهلني‪.2‬‬

‫‪ -1‬حممد السروي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.235‬‬


‫‪ -2‬سليمان مرقس‪ ،‬الفعل الضار‪ ،‬الطبعة الثانية منقحة ومزيدة‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬مصر ‪،‬سنة‪،1956‬ص‪.47‬‬

‫‪264‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫لقد اجته القضاء والتشريع يف فرنسا بصورة تدرجيية إىل استبدال احلد األقصى للتعويض‬
‫بتعويض رادع يبلغ مرتبة التعويض الكامل‪،‬كلما انطوى الفعل الضار على خطأ موصوف حىت‬
‫اكتمل له الطريق يف سبيل إرساء مبدأ الربط بني اخلطأ املوصوف والتعويض الكامل‪ .‬وهذا ما‬
‫نلمسه يف مفاهيم الغش ‪،‬اخلطأ الذي ال يغتفر و اخلطأ اجلسيم خبصوص مسؤولية الناقل‬
‫البحري والناقل اجلوي وكذلك يف قانون عقد التأمني‪.1‬‬
‫فهذه األنواع الثالثة من اخلطأ املوصوف ختتلف يف جسامتها حسب مدى تطابقها مع‬
‫اخلطأ األخالقي وإن كانت يف جمموعها تشكل تعداي على القاعدة األخالقية وتوجب تقرير‬
‫التعويض الرادع ‪ .‬لكنه نظرا لعدم اتباع التشريع و القضاء خلطة واحدة يف املساواة بني‬
‫األخطاء املوصوفة ‪،‬حيث يتطلب لقيام الوظيفة الرادعة للتعويض وجود درجة معينة من اخلطأ‬
‫املوصوف كالعمد ‪،‬أو اخلطأ الذي ال يغتفر دون اخلطأ اجلسيم‪. 2‬‬
‫إىل جانب الصعوابت يف ضبط املفهوم الدقيق للخطأ اجلسيم نشأت هناك مشكلة‬
‫تشبيهه ابلغش‪ ،‬مما أدى إىل اختالط بني املفهومني‪ .‬لذلك اقتضى هذا املطلب دراسته من‬
‫خالل ثالث فروع‪ :‬ابتداء من القاء الضوء على فكرة اخلطأ يف القواعد العامة والقانون البحري‬
‫(فرع أول )‪ ،‬متييز اخلطأ اجلسيم عن غريه من األخطاء (فرع اثين)‪،‬مشكلة تشبيه اخلطأ اجلسيم‬
‫ابلغش (فرع اثلث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫فكرة اخلطأ يف القواعد العامة والقانون البحري (األجنلوسكسوين والالتيين)‬
‫يرى األستاذ ‪ Chauveau‬أن القانون البحري وإن كان يتمتع بذاتية واستقالل إال أن ذلك‬
‫ال مينع من أن تطبق على مشاكله القواعد العامة‪ ،‬املطبقة يف بقية فروع القانون األخرى كاملبادئ‬

‫‪ - 1‬حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.355‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق‪،‬ص‪.365‬‬

‫‪265‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫العامة الواجب توافرها يف انعقاد العقود عامة ‪1‬و كذلك يف أركان املسؤولية املدنية من توافر خطأ‬
‫‪،‬ضرر وعالقة سببية بينهما‪.‬‬
‫من أجل فهم فكرة اخلطأ يف جمال النقل البحري الدويل البد من التطرق أوال إىل تعريفها يف‬
‫القواعد العامة وحتديد عناصرها عن طريق البحث يف االختالف الذي ساد الفقه من أجل وضع‬
‫تعريف شامل للخطأ ‪،‬مث الرجوع إىل جذورها يف القانون البحري نظرا للصلة الوثيقة اليت جتمع‬
‫بينهما‪ ،‬من خالل إلقاء نظرة على التشريعات الالتينية و األجنلوسكسونية‪.‬‬
‫أوال‪:‬تعريف اخلطأ يف القواعد العامة‬
‫لقد حاول الفقهاء القدامى منذ صدور قانون انبليون تعريف اخلطأ و تعاريفهم إايه كثريا‬
‫ما كانت تتباين وفقا لنزعاهتم الشخصية وحسب ظروف اجملتمع الذي يعيشون فيه من‬
‫الناحيتني اإلقتصادية واإلجتماعية ومتطلبات هذا التطور‪ ،‬فبينما ذهب األوائل يف ذلك مذهبا‬
‫يضيق من دائرة اخلطأ‪ .‬و ابلتايل حيد من قيام املسؤولية املدنية وااللتزام ابلتعويض‪،‬سلك‬
‫احملدثون طريق التوسع يف تعريف اخلطأ لتسهيل قيام املسؤولية ولتيسري حصول املضرورين على‬
‫تعويض ما أصاهبم من ضرر‪. 2‬‬
‫يعرف الفقيه "رييرب" اخلطأ أبنه إخالل ابلتزام سابق انشئ عن القانون أو العقد أو‬
‫قواعد األخالق وهو تعريف أيخذ به الكثري من الفقهاء ‪،‬غري أن هذا الفقيه يضيف إليه أن‬
‫قواعد األخالق تلحق هبا القواعد القانونية لتستفيد من اجلزاء املقرر هلا وأن القاعدة اخللقية‬
‫اليت تنهى عن اإلضرار ابلغري من شأاها أن جتعل القانون يفرض على الناس أن يسلكوا مسلكا‬
‫حسنا حىت ال يرتكبوا فعال يضر ابلغري‪.3‬‬

‫‪. 29‬‬ ‫‪ -1‬مشار إليه لدى مسيحة القليويب‪ ،‬موجز القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‬
‫‪ -2‬سليمان مرقس‪ ،‬حبوث وتعليقات على األحكام يف املسؤولية املدنية وغريها من موضوعات القانون املدين‪ ،‬مجع وتنسيق هدى النمري‪،‬‬
‫إيريين للطباعة (مطبعة السالم)‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬مصر ‪،‬سنة‪،1987‬ص‪.4‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Georges Ripert, la régle morale dans les obligations civil. ,4eme édition, L.G.D.J,‬‬
‫‪paris1949, p198 et s.‬‬
‫‪266‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫كما يعرفه األخوان "هنري" و"ليون مازو" ومعهم " أندري تونك" ‪،‬من خالل ما قام به‬
‫هؤالء من دراسة كل التعريفات املتعلقة ابخلطأ فدرسوا االنتقادات اليت وجهت هلا و على ضوء‬
‫ذلك قدموا تعريفا للخطأ يرى فيه كثري من الفقهاء أنه األقرب للصواب‪ ،‬ألنه تضمن عنصرا‬
‫اخلطأ املادي واملعنوي على حد سواء‪ ،‬فقد عرفوا اخلطأ أبنه احنراف يف سلوك الشخص‬
‫العادي‪ ،1‬لو وجد يف ذات الظروف اخلارجية اليت أحاطت ابملدعى عليه‪.2‬‬
‫ومن املتفق عليه يف الواقع أن االمتناع عن الفعل قد يكون احنرافا يتحقق فيه معىن اخلطتأ‬
‫كالفعل متاما‪.3‬‬
‫من خالل استعراض تعاريف اخلطأ السالفة الذكر خيلص القول أنه حىت نقول على‬
‫تصرف ما أنه خطأ جيب توافر ثالث عناصر‪: 4‬‬
‫‪ -1‬املساس حبق الغري دون وجه حق‪ ،‬أو اإلخالل بواجب قانوين‪.‬‬
‫‪ -2‬قصد اإلضرار ابلغري‪ ،‬أو على األقل توقع النتائج الضارة لذلك الفعل املكون للعنصر‬
‫املادي أو اإلمتناع‪.‬‬

‫‪ -1‬حممد كحلولة ‪،‬مقياس االلتزامات للسنة الثانية ‪ LMD‬قانون خاص ‪،‬سنة ‪،،2014/2013‬ص‪:28‬‬
‫‪https://drive.google.com‬‬
‫اتريخ الدخول للموقع ‪ ،2018/1/12‬التوقيت‪.22:16:‬‬
‫‪ -2‬مشار إليه لدى مصطفى بوبكر‪ ،‬املسؤولية التقصريية بني اخلطأ والضرر يف القانون املدين اجلزائري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫سنة ‪، 2015‬ص ‪ 49‬وما يليها‪.‬‬
‫كما حاول هؤالء الفقهاء جاهدين يف البحث عن الطريقة اليت تصلح كمعيار يقاس به سلوك الشخص للقول أبنه خمطئ أم ال‪ ،‬فهل هي‬
‫الطريقة الذاتية أو املعيار الشخصي ‪ APPRECIATION IN COCRECTO‬أم الطريقة املوضوعية أو املعيار اجملرد‬
‫‪ APPRECIATION IN ABSTRACTO‬وقالوا أن األخذ ابلطريقة األوىل جتعل من اخلطأ عبارة عن فكرة شخصية وذاتية‬
‫فقط ‪،‬فالبحث عما إذا كان الشخص قد ارتكب خطأً وفق هذه الطريقة جيب أن أنخذ بعني االعتبار الظروف الشخصية للمسؤول وعليه‬
‫جيب مراعاة درجة ذكائه ‪،‬جنسه ‪،‬سنه ومن أجل الزام شخص بعدم ارتكاب خطأ جيب أن يكون يف مقدوره ذلك ‪،‬فليس من املنطق أن‬
‫نكلف شخصا أكثر مما يطيق وهكذا جيب أن ال نبحث عما كان سيفعله شخص آخر لو وجد يف وضع املسؤول ‪،‬بل نبحث عما ميكن‬
‫أن نسائل به الشخص املسؤول بنفسه وحسب ظروفه‪:‬‬
‫‪- (H) et (L) Mazeaud et( A) Tunk, Traité Théorique et pratique de la responsabilité‬‬
‫‪civile,tome1 ,sixième edition ,Montchrestein,paris 1965,p491.‬‬
‫‪ -3‬كحلولة حممد ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -4‬سليمان مرقس‪ ،‬حبوث وتعليقات على األحكام يف املسؤولية املدنية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.5‬‬

‫‪267‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪-3‬االحنراف عن سلوك الشخص العادي‪ ،‬الذي يكون يف نفس الظروف اخلارجية للطرف‬
‫املخل اباللتزام‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬فكرة اخلطأ يف القانون البحري (الالتيين و األجنلوسكسوين)‬
‫يعترب النظامني الالتيين واألجنلوسكسوين من األنظمة الرائدة يف العامل فال تكاد االتفاقيات‬
‫الدولية البحرية ختلو من مها‪ ،‬لذلك كان من الضروري البحث عن فكرة اخلطأ وفق هاذين‬
‫النظامني‪.‬‬
‫‪ -1‬يف النظام الالتيين‬
‫متيزت مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف ظل األنظمة الالتينية ابلتدوين املبكر‬
‫ألحكامها املستقاة من العادات واألعراف البحرية‪ ،‬اليت نشأت عن ممارسات التجار الفينيقيني‬
‫واإلغريق واإليطاليني على مر العصور‪ .‬وقد دونت هذه األحكام يف جمموعات ليست هلا صفة‬
‫التشريع و طابع اإللزام وإمنا تستمد قوهتا اإللزامية من قبول وتراضي األطراف على االنصياع‬
‫هلا‪ .‬وقد ظهر أول تقنني حبري (األمر امللكي) عام يف ‪ 1681‬يف عهد "لويس" الرابع عشر‬
‫‪1‬‬
‫والذي استمد معظم أحكامه من العادات البحرية املوجودة يف تلك اجملموعات القدمية‬
‫‪.‬ويعرف ابسم أمر البحرية ‪.2ordonnance de la marine‬‬
‫عندما صدر القانون التجاري الفرنسي سنة ‪ 1807‬تضمن أربعة كتب و احتوى‬
‫الكتاب الثاين منه على قواعد القانون التجاري البحري‪ .‬ومل يكن هذا الكتاب سوى نسخة‬
‫من األمر امللكي الصادر سنة ‪ 1961‬مع استبعاد ما ورد يف هذا األمر من قواعد القانون‬

‫‪1‬‬
‫‪-R.Rodiére et E Du Pontavice, op.cit, p12et s.‬‬
‫‪ - 2‬حممود مسري الشرقاوي ‪،‬القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪12‬ومايليها‬
‫‪ -‬و يعترب هذا القانون أول تدوين لقواعد القانون البحري رمسيا والذي أخذ عنه الكتاب الثاين من التقنني التجاري الفرنسي‪ ،‬الصادر يف‬
‫سنة‪ 1907‬واخلاص ابلتجارة البحرية‪ :‬مصطفى اجلمال‪ ،‬دروس يف القانون البحري‪ ،‬املكتب املصري احلديث للطباعة والنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫ص‪13‬‬

‫‪268‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫البحري العام‪.1‬و ال خيفى التأثري الكبري هلذا القانون يف العديد من البلدان ومن بينها اجلزائر‬
‫اليت طبقت هذا التقنني منذ االستقالل إىل غاية سنة ‪.1975‬‬
‫منذ تلك العادات البحرية القدمية والقضاء الفرنسي مستقر على أن خطأ الذي يسأل‬
‫عنه الناقل هو خطأ اثبت أي مفرتض افرتاضا قطعيا وتقوم هذه القرينة مبجرد هالك البضاعة‬
‫أو تلفها أو أتخرها يف التسليم فالناقل يعد ضامنا لألشياء املراد نقلها فإذا هلكت أو تلفت‬
‫وهي يف عهدته يفرتض أن اهلالك أو التلف قد وقع بسبب إمهاله أو إمهال اتبعيه‪ .‬وال يستطيع‬
‫أن يتخلص من هذه القرينة إال إذا أثبت أن سبب الضرر كان راجعا لسبب أجنيب ال يد له‬
‫فيه‪. 2‬‬
‫و ال ميكن للناقل أن ينفي هذا اخلطأ إبقامة الدليل على أنه عمل كل ما يف وسعه‬
‫لتنفيذ التزامه أو أنه مل يكتب إمهاال و عدم احتياط يف إيصال البضاعة سليمة إىل صاحبها‬
‫دون أتخري ألن طبيعة التزامه يف هذه حلالة هي التزام بتحقيق نتيجة‪.3‬‬
‫‪-2‬يف النظام األجنلوسكسوين‬
‫مل تبتعد الدول األجنلو سكسونية عن املفهوم الذي أخذت به نظريهتا الالتينية‪ ،‬فقد‬
‫اعترب الفقه االجنليزي الناقل مبثابة مؤمن على البضاعة‪ ،‬اليت ينقلها فالشاحن ليس حباجة إىل‬
‫التأمني على األضرار‪ ،‬اليت تصيب البضاعة أثناء النقل طاملا أن سيحصل على التعويض يف‬
‫مجيع حاالت الضرر من الناقل وال يتحمل خماطر ضياع البضاعة إال يف احلاالت النادرة ‪ ،‬اليت‬
‫يثبت فيها الناقل السبب األجنيب و الذي حصره اللورد "هولت" يف قضية ‪ morse v slue‬يف‬
‫القضاء و القدر‪ ،‬األعداء العمومني(القراصنة البحريني) ‪،‬العيب الذايت للبضاعة ‪،‬اخلسائر‬
‫املشرتكة ‪،‬حيث تتلخص وقائع هذه القضية يف أن شحنة من احلبوب والقطن شحن على‬
‫الراسية مبيناء "سوانزي" بفرض نقلها إىل إسبانيا قد تعرضت للسطو من‬ ‫‪johanva‬‬ ‫سفينة‬

‫‪ -1‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬


‫‪ -2‬ملزي عبد الرمحن ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ -3‬حممد هبجت قايد ‪،‬القانون البحري ‪،‬الطبعة األوىل‪، ،‬دار النهضة العربية القاهرة ‪،‬سنة ‪، 1984‬ص ‪.244‬‬

‫‪269‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫مجاعة من اللصوص قبل إقالعها واالستيالء على البضاعة بكاملها وقضى جملس اللوردات‬
‫مبسؤولية الناقل على الرغم من اثبات عدم وجود امهال من جانبه ‪،‬إذ أنه احتفظ بعدد كاف‬
‫من طاقم السفينة من أجل محايتها‪. 1‬‬
‫غري أن االختالف بني الدول األجنلو سكسونية و نظريهتا الالتينية يكمن من حيث‬
‫‪2‬‬
‫االستدالل ‪ ،‬فشريعة العامة االجنليزية ‪ the Common law‬اليت تقوم على السوابق القضائية‬
‫ال تَتعرف التقسيم الثنائي لاللتزام الذي تعرفه الدول الالتينية والذي يتمثل يف االلتزام ببذل‬
‫أم‬ ‫‪In Contrat‬‬ ‫عناية و االلتزام بتحقيق نتيجة وإمنا تعرف التزاما واحدا سوآءا كان عقداي‬
‫تقصرياي ‪ In Tort‬وهو االلتزام أبخذ احليطة ‪ ، Duty to take care‬فإذا مل يبذل الناقل احليطة‬
‫يف احملافظة على البضاعة إىل غاية تسليمها عد مرتكبا خلطأ ‪.‬‬
‫لذلك فإن القاضي اإلجنليزي ال يكلف نفسه عناء البحث يف حتديد عناصر املسؤولية‬
‫إال إذا تعرف على إلتزام املدعى عليه هل هو ملزم ببذل احليطة أم ال‪ ،‬فإذا متكن من معرفة‬
‫ذلك‪ ،‬انتقل بعدها إىل تكليف املدعي إبثبات أن الناقل قد أخفق يف اختاذ هذه احليطة وأنه‬
‫قد تكبد ضررا من جراء هذا اإلخفاق‪.3‬‬
‫يف الواقع إن اثبات خطأ الناقل هو أمر صعب على الشاحن ‪،‬ألنه ليس على دراية‬
‫ابألخطاء املهنية اليت حتدث يف جمال النقل البحري وتعقيداهتا ‪.‬كما أن الناقل حبكم ما لديه‬
‫من إمكانيات ووسائل معروفة وخربة فنية ابملالحة البحرية‪ ،‬يكون دائما يف وضع أفضل من‬

‫‪1‬‬
‫‪-(1691)1.L.R,p190,coggr‬‬ ‫‪v bernord 1703)1.L.R,p413:‬‬
‫مشار إليه لدى ملزي عبد الرمحن ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ -2‬تعرف السابقة القضائية بكواها القرار القضائي املتخذ يف قضية حمددة واملتصف بطبيعة الزامية واملعمول به بوصفه مصدرا للقانون عند‬
‫النظر يف القضااي املماثلة ‪ :‬حسني عبد علي عيسى‪ ،‬مصادر القانون اجلزائي اإلنكليزي –دراسة مقارنة‪،-‬جملة الرافدين للحقوق ‪،‬اجمللد ‪15‬‬
‫‪،‬العدد ‪،55‬السنة ‪،17‬ص‪:162‬‬
‫‪https://www.iasj.net/iasj?...Hussein%20Abd%20Ali%20Issa%202%.‬‬
‫اتريخ الدخول للموقع ‪ ،2017/03/27‬التوقيت‪.20:30‬‬
‫‪ -3‬ملزي عبد الرمحن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪270‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الشاحن من حيث أنه ابستطاعته تقدمي توضيحات عن سبب احلادث‪ .1‬و ابلتايل يبعد اخلطأ‬
‫عن شخصه و كذلك عن اتبعيه‪.‬‬
‫الظاهر"‪res‬‬ ‫لعل ذلك هذا ما دفع القضاء اإلجنليزي إبفادة الشاحن بقاعدة "الدليل‬
‫‪،‬اليت ابتدعها‬ ‫‪the Common law‬‬ ‫‪ ipsa loquitur‬و هي استثناء على القاعدة العامة‬
‫القضاء اإلجنليزي يف مطلع القرن السادس عشر وهي أشبه ابلقرينة القانونية يف القانون الالتيين‬
‫"الشيء الذي‬ ‫"‪res ipsa loquitur‬‬ ‫وهذه القاعدة هي قرينة على اإلمهال وتعين عبارة‬
‫يتحدث لذاته" ‪،‬أو "الوقائع تفصح عن ذاهتا" ‪.‬و قد ترسخت هذه القاعدة يف حكم القاضي‬
‫‪،‬فقرر ما‬ ‫‪Scott v London docks‬‬ ‫‪،‬الذي عني مضمواها على بدقة يف قضية‬ ‫‪Erle‬‬ ‫ايرل‬
‫يلي‪:2‬‬
‫" ينبغي أن يتوافر دليل على اإلمهال ‪،‬ولكن عندما يتبني أن الشيء الذي سبب الضرر‬
‫كان حتت سيطرة املدعى عليه ‪،‬أو اتبعيه وكان احلادث حسب اجملرى العادي لألمور ال ميكن‬
‫أن يقع لو بذل من السيطرة على هذا الشيء قدرا معقوال من العناية‪ .‬وطاملا مل يقدم املدعى‬
‫عليه إيضاحا معقوال ببذل هذه العناية ‪،‬فإن وقوع احلادث يدل بذاته على إمهال املدعى عليه‪.‬‬
‫كما أن الفقه قد اشرتط لتطبيق هذه النظرية الشروط اآلتية‪:3‬‬
‫‪-1‬أن خيضع الشيء(وهو هنا السفينة) الذي تسبب يف احداث الضرر لسيطرة الناقل وحده‪.‬‬
‫‪-2‬أن احلادث ما كان ليقع حسب اجملرى العادي لألمور‪.‬‬

‫‪ -1‬ملزي عبد الرمحن‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.20‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Carver (s), Carriage of goods by sea, Butter worth's, 12ed, London 1971, p36.‬‬
‫مشار إليه يف نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ -3‬حممد موسى حممد دايب‪ ،‬فكرة اخلطأ يف اتفاقية فارسوفيا ومسؤولية الناقل اجلوي يف النقل اجلوي الدويل (دراسة مقارنة) ‪ ،‬رسالة دكتوراه‬
‫‪،‬جامعة القاهرة ‪،‬سنة ‪،1986‬ص ‪ 284‬وما يليها‪.‬‬
‫‪-‬غري أن هناك اختالفا يف الفقه خبصوص الشرط الثالث ‪،‬حيث يرى البعض بوجوب أن يكون سبب الفعل املنشئ للضرر غري معلوم أي‬
‫أال يكون هناك دليل على السبب الفعلي للحادث وهذا الشرط ال حيتاج ألي تعليق ألنه يف الواقع إذا ما كان سبب احلادث معروفا فإن‬
‫القاضي يستطيع أن حيدد ما إذا كان هناك خطأ أم ال وال نكون حباجة إىل االستعانة بقاعدة " الشيء يتحدث عن نفسه"‬
‫" ‪ " R.I.I‬وحماولة املدعي اثبات الواقعة وفشله يف اثبات بعض أفعال اإلمهال املعينة يف جانب الناقل ال حيرم املدعي من االستفادة من‬
‫هذه القاعدة ‪ :‬حممد نصر الرفاعي‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪،277‬ص‪.281‬‬

‫‪271‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪-3‬ال يساهم املضرور على أي وجه يف احداث الضرر‪.‬‬
‫خالصة القول أن نظرية "الشيء يتحدث عن نفسه" ماهي إال قرينة تشبه القرائن‬
‫العادية يف القوانني األوروبية تستند إىل قاعدة احتمالية‪ .‬وهلدم هذه القرينة ليس من الضروري‬
‫إقامة دليل يقيين ولكن ابحتمال كاف ‪،‬ذلك أن ظاهر األمور يوحي أن السبب احملتمل‬
‫للحادث هو امهال الناقل وعلى األخري أن ينفي هذا الظاهر ‪.‬كما يتبني من هذه املبادئ أن‬
‫استحالة حتديد سبب احلادث اليتحمله الناقل تلقائيا ‪،‬فهذه القرينة تعترب يف بعض الفروض‬
‫داللة على اإلمهال مضافة إىل الظروف األخرى للدعوى و مؤدية ملسؤولية الناقل‪،‬الذي مل‬
‫يتمكن من حتديد السبب املباشر للحادث ‪،‬ميكنه إقامة الدليل على مباشرة احليطة املتطلبة‬
‫وهذا يكفي إلعفائه‪.1‬‬
‫على هذا فإن الناقل البحري إذا استطاع أن يثبت صالحية السفينة للمالحة قبل‬
‫اإلقالع أبن كشف عليها ميكانيكيون أخصائيون وأذنوا هلا ابلرحيل فيفرتض استمرار هذه‬
‫الصالحية إىل حلظة وقوع احلادث‪ .‬فال يكفي أن يقدم الناقل الدليل على حسن تصرفه بصدد‬
‫ظرف معني ‪،‬بل عليه أن يثبت قيامه بواجب بذل العناية الالزمة ‪. 2‬‬
‫لكن قد يقال أن اإلخالل بواجب جوهري هو أجسم من اإلخالل بواجب اثنوي وإن‬
‫ذلك ليعرب عن التفاوت يف أمهية الواجبات اليت حيصل اإلخالل هبا وال يعد تعبريا عن درجة‬
‫اإلخالل يف ذاته أو درجة اخلطأ ‪،‬لذلك نبذ واضعوا التقنني الفرنسي فكرة تدرج اخلطأ اليت‬
‫كانت سائدة يف القانون القدمي‪ .‬ومل يفرقوا يف املسؤولية املدنية بني خطأ جسيم أو خطأ يسري‬
‫إذ جعلوا أثرمها واحدا وهو االلتزام بتعويض كل الضرر ‪،‬غري أن احملاكم جرت على مراعاة درجة‬
‫جسامة اخلطأ عند تقدير التعويض‪ 3‬و هبذا أخذ املشرع أيضا يف القانون املدين اجلزائري ‪. 4‬‬

‫‪ -1‬حممد موسى حممد دايب‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.288‬‬


‫‪ -2‬نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬سليمان مرقس‪ ،‬الفعل الضار‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 64‬وما يليها ‪.‬‬
‫‪ -4‬املادة ‪ 178‬من القانون املدين اجلزائري‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫تقدير اخلطأ اجلسيم ومتييزه عن غريه من األخطاء‬
‫لقد استقر الفقه الراجح كما سبق ذكره‪1‬حول تفسري عبارة "يف أي حال من األحوال"‬
‫الواردة يف نص املادة ‪4‬فقرة ‪ 5‬إىل فقدان الناقل واتبعيه من حقهم يف التمسك ابحلد األقصى‬
‫للتعويض يف حاليت الغش و اخلطأ اجلسيم‪ .‬وابلتايل يسري عليهم التعويض الكامل للضرر‬
‫احلاصل عن البضاعة‪ .‬و يف هذا اجملال حاول البعض من الفقه ترتيب درجات اخلطأ من حيث‬
‫القوة إىل‪ :‬اخلطأ الذي ال يغتفر وهو أعالها درجة‪ ،‬مث يليه اخلطأ اجلسيم‪ ،‬وأخر درجة هي‬
‫للخطأ اليسري‪. 2‬‬
‫‪faute‬‬ ‫كما ابتكر القضاء الفرنسي خطأً من نوع آخر أطلق عليه اخلطأ املكسب‬
‫‪3lucrative‬ومن هنا نشأت احلاجة للبحث عن كيفية للتمييز بني ما يعترب خطأً جسيما‬
‫‪ faute lourde‬وعن غريه من األخطاء املشاهبة كاخلطأ غري املغتفر واخلطأ املكسب‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫معايري تقدير اخلطأ اجلسيم يف الفقه والقضاء‬
‫مل يتمكن الفقه والقضاء من التقيد بتعريف موحد للخطأ اجلسيم وذلك لغياب تعريف‬
‫قانوين له من انحية و لتعدد صور اخلطأ اجلسيم بتعدد أوجه استخدامه من انحية أخرى ‪ ،‬هلذا‬
‫فقد اجته الفقه الفرنسي يف البداية إىل قياس اخلطأ اجلسيم مبدى اجلسامة اليت يتصف هبا‬
‫تقصري الناقل أو هتاونه يف الوفاء ابلتزاماته العقدية أو غريها ويف هذا الصدد فقد ذهب رأي إىل‬
‫أن اخلطأ اجلسيم هو الذي يبدو للقاضي متجاوزا جبسامته ونتائجه اليت يرتبها اإلمهال البسيط‬
‫من الناقل والتقصري التافه ألحكام العقد‪ .‬لكن هذا التحديد كان حمل انتقاد من جانب آخر‬
‫من الفقه من جهتني‪ :‬من جهة أنه ميييز اخلطأ اجلسيم جبسامته و هو ينتهي هبذا التعريف إىل‬

‫‪ -1‬سبق التفصيل يف احلجج اليت أدىل هبا الفقه الراجح يف الصفحة ‪ 254‬وما يليها من هذه الرسالة‪.‬‬
‫الوجيز يف مصادر االلتزام‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون اتريخ نشر‪ ،‬ص‪.305‬‬
‫‪ -2‬حممد حسني منصور‪،‬‬
‫‪ -3‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬تعليقات على القضاء التجاري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.64‬‬

‫‪273‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أن يصبح عدمي الفائدة كما أنه أخلط بني تقدير اخلطأ وتقدير الضرر وكالمها مسألة مستقلة‬
‫عن األخرى‪.1‬‬
‫فالتساؤل الذي يثور هنا كيف ميكن قياس هذه اجلسامة يف اخلطأ ؟ هل هو ذلك‬
‫املعيار املعروف يف القانون الروماين من أن اخلطأ اجلسيم يتمثل يف عدم ادراك ما يدركه كل‬
‫من أن اخلطأ اجلسيم هو عدم إعطاء‬ ‫‪Pothier‬‬ ‫الناس ‪،‬أو هو التعريف الذي قال به الفقيه‬
‫الغري العناية اليت يبذهلا أقل الناس إدراكا وأكثرهم غباءا يف شؤواهم اخلاصة‪2‬؟‬
‫إن هذا التعريف ال يصلح لتحديد فكرة اخلطأ اجلسيم يف العصر احلديث ‪،‬فالناقل الذي‬
‫يضع إبمهاله ابالت النسيج إىل جوار براميل الزيت يرتكب خطأ جسيما رغم أنه قد يكون‬
‫انساان ماهرا أو يقظا ‪. 3‬‬
‫لقد كان للخطأ اجلسيم يف القانون الروماين تعريف مشهور يتمثل يف أنه ‪ ":‬اخلطأ‬
‫الذي ال يرتكبه أبسط األشخاص"‪ .‬وبقي هذا التعريف إىل غاية العصر احلديث يف كتاابت‬
‫الفقهاء ويف أحكام القضاء ‪،‬لكنه مع ذلك ال يتحمل أيسر انتقاد فاخلطأ اجلسيم على هذا‬
‫التحديد ال ميكن وجوده ‪،‬ألن جمرد وقوعه يدل على وجود شخص يقل كفاية عن "أقل الناس‬
‫كفاية" و الذي ُإخت َذ معيارا له ‪،‬إذ ال ميثل احلد األدىن للكفاية اإلنسانية‪.4‬‬
‫أبنه ‪":‬عدم إدراك ما كان يدركه الكافة وليس هذا‬ ‫‪Ulpien‬‬ ‫كما يعرفه الفقيه "ألبيان"‬
‫التعريف أبفضل من سابقه ‪،‬ألن عبارة "الكافة" أو "مجيع الناس" الواردة فيه إما أن يقصد هبا‬
‫الشخص العادي ‪ ،‬فيختلط ضابط اخلطأ اجلسيم‪ ،‬الذي جاء به التعريف ابلضابط العام‬
‫للخطأ ‪،‬وإما أن يقصد به أقل "األشخاص كفاية" لنعود إىل التعريف األول ‪ .‬أما إذا أريد هبذا‬
‫التعريف يف صورتيه التعبري عن جسامة اخلطأ فإنه يهبط إىل جمرد توجيه زهيد الفائدة يف الواقع‬

‫‪ - 1‬مشار إليه لدى حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 275‬وما يليها ‪.‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.276‬‬
‫‪ -3‬نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه ‪.‬‬
‫‪ -4‬حممود مجال الدين زكي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.97‬‬

‫‪274‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪،‬ألنه يفهم من وصف اجلسامة الذي يضفى على اخلطأ‪ .1‬ومع ذلك فال زال للتعريف الروماين‬
‫مكان يف القضاء الفرنسي‪ ،‬فقد أقرت حمكمة النقض الفرنسية يف حكم حديث هلا بتعريف‬
‫قضاة االستئناف للخطأ اجلسيم أبنه‪ ":‬إمهال ال يقع من أقل الناس يقظة يف إدارة أعماله"‪.2‬‬
‫لقد ذهبت بعض أحكام القضاء الفرنسي إىل األخذ ابملعيار الذايت والذي يتمثل يف‬
‫اعتبار الظروف الشخصية أو الذاتية للفاعل‪ .3‬ومن ذلك اعتبار خطأ املسؤول املؤمن من‬
‫املسؤولية خطأ جسيما‪ ،‬إذ مل يكن ليقدم على هذا اخلطأ إال احتماءا ابلتأمني من املسؤولية ويف‬
‫شرط االعفاء من املسؤولية يكون الناقل قد ارتكب خطأً جسيما حمتميا هبذا الشرط مبا خيالف‬
‫عنايته املعتادة ‪.‬غري أن ما أخذ على املعيار الذايت أنه يؤدي إىل نتائج غري عادلة فالناقل املهمل‬
‫يف مهنة النقل قد يفلت من اخلطأ اجلسيم وفقا هلذا املعيار‪ ،‬بينما الناقل شديد احلرص يف‬
‫مهنته يعامل معاملة قاسية إذ اخلطأ اليسري ابلنسبة لغريه يعد خطأ جسيما له‪.4‬‬
‫لذلك كان البد من تغيري الوجهة واعتماد املعيار املوضوعي (اجملرد) من أجل قياس‬
‫اخلطأ اجلسيم‪ ،‬حيث يعرفه األستاذ حممد بن عمار بقوله ‪":‬اخلطأ اجلسيم هو إمهال كبري صادر‬
‫عن مهين يف النقل"‪.5‬و يكون اخلطأ جسيما إذا كان مرتكبه قد ابتعد كثريا عن املسلك الذي‬
‫نتوقعه من شخص مسؤول يوجد يف نفس ظروفه اخلارجية املعتادة وينتمي إىل مهنته ‪،‬فاخلطأ‬
‫اجلسيم يتميز إذن عن اخلطأ اليسري ابجلسامة اليت تفصح عن القصور وعدم الكفاءة من‬
‫جانب الناقل يف إيصال البضاعة ساملة بدون أتخري‪.6‬‬

‫‪ -1‬حممود مجال الدين زكي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه ‪.‬‬


‫‪ -2‬نقض فرنسي أول مارس سنة ‪، 1983‬دالوز ‪ : 1983‬مشار إليه يف نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪-Philipe Delbecque, la faute inexcusable en droit maritime commercial, Gazette de‬‬

‫‪chambre, lettre d'information de la chambre arbitrale maritime de paris, Numéro 39-‬‬


‫‪Hiver2015/2016, p1:www. Arbitrage- maritime.org:‬‬
‫اتريخ الدخول إىل املوقع ‪،.2017/6/20:‬التوقيت‪.23:30:‬‬
‫‪ -3‬نفض فرنسي يف ‪ 5‬يناير ‪،1961‬دالوز ‪ :‬مشار إليه لدى حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 278‬‬
‫‪ -‬حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.280‬‬
‫‪4‬‬

‫‪- Mohammed ben Amar, thèse, précité., p374 .‬‬


‫‪5‬‬

‫‪ -6‬مشار إليه لدى حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 281‬‬

‫‪275‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يف هذا الصدد يرى جانب من الفقه بوجوب حتديد جسامة اخلطأ على أساس حتديد‬
‫مسلك الناقل املعتاد‪،‬كماأيخذ يف االعتبار نتائج تصرفه وعلى األخص مدى الضرر الذي‬
‫ميكن أن يرتتب على مسلكه ‪ .‬لكي نَصف سلوك الناقل املتسبب يف ضرر أبنه خطأ جسيم‬
‫جيب القول أن الناقل املعتاد الذي وجد يف نفس ظروفه اخلارجية كان جيب عليه أن يتصور‬
‫مدى االحنراف يف مسلكه وأن يتصور النتائج الضارة لفعله كأمر مؤكد ‪،‬أو قريب االحتمال‪.‬‬
‫وعليه تكون جسامة اخلطأ أمرا ظاهرا إذا مل يهتم الناقل ابالحتمال الكبري للنتائج الضارة اليت‬
‫ميكن أن تلحق بصاحب البضاعة نتيجة فعله ‪،‬فكلما زاد مدى التوقع الضرر زادت درجة‬
‫جسامة اخلطأ ‪،‬مما يرتتب عنه إذا كان الناقل املعتاد يف نفس الظروف اخلارجية للمسؤول‬
‫ومهنته يثور لديه احتمال وقوع الضرر من تصرفه أو فعله فهنا نكون بصدد خطأ جسيم‪.1‬‬
‫اليزال البحث مستمرا حول اخلطأ اجلسيم واالشكال الذي يثور هنا كيف ميكن معرفة‬
‫أن الضرر كان حمتمل الوقوع لدى الناقل أم ال؟ وبصياغة أخرى ما هو املعيار الذي يبىن عليه‬
‫احتمال وقوع الضرر؟‬
‫لقد اتبع الفقه والقضاء عدة معايري خمتلفة يصعب مجعها يف اجتاهات رئيسية وعلى‬
‫ذلك فقد ذهب بعض الفقهاء إىل دراسة العالقة بني نطاق االلتزام وقدر اخلطأ يف اإلخالل به‬
‫‪،‬فكلما كان االلتزام شديدا كلما كان اخلطأ يف تنفيذه جسيما فالقضاء عادة ما يعترب أتخر‬
‫الناقل يف تسليم البضائع راجعا إىل خطأ جسيم منه إذا كان املرسل قد اختار النقل السريع ولو‬
‫كان يف احلاالت األخرى يعتربه راجعا إىل خطأ يسري‪ . 2‬أدت هذه الفكرة ابلقضاء الفرنسي‬
‫إىل التفرقة يف االلتزامات الناشئة عن العقد بني اجلوهرية والثانوية ‪،‬ليعرتف بوصف اجلسامة‬
‫للخطأ يف تنفيذ االلتزامات األوىل ويكون أقل تساهال يف االعرتاف به للخطأ يف االلتزامات‬
‫الثانية ‪ ،‬فالتزام الناقل بتسليم احلمولة إىل املرسل إليه يعترب التزاما رئيسيا على عاتقه مبقتضى‬

‫‪ - 1‬حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬


‫‪ -2‬نقض فرنسي ‪ 18‬جانفي ‪ ، 1984‬اجمللة الفصلية للقانون املدين ‪،‬سنة ‪ ، 1984‬ص ‪: 727‬حممود مجال الدين زكي ‪،‬املرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪.103‬‬

‫‪276‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫عقد النقل ‪،‬بل هو الغرض األساسي منه ولذلك اعتربت حمكمة النقض الفرنسية تسليم رسالة‬
‫البضائع إىل غري املرسل إليه يعد خطأً جسيما منه‪ ،‬فقيام الناقل بتسليم البضائع املعهود هبا له‬
‫إىل الغري الذي ال صفة له يف تسلمها يكون خطأً جسيما من جانبه يف تنفيذ عقد النقل‪.1‬‬
‫هذه الفكرة جتد هلا تطبيقا أيضا يف مسألة سند الشحن غري املؤرخ ‪،‬حيث جيب أن‬
‫يشري سند الشحن إىل اتريخ حمدد وفقا للفقرة السابعة من املادة الثالثة من معاهدة بروكسل‬
‫‪2‬‬
‫لسنة ‪ 1924‬والفقرة ‪ 15‬من املادة ‪ 1‬من اتفاقية هامبورغ لسنة ‪، 1978‬حيث أن التاريخ‬
‫الذي على اجملدد على وجه سند الشحن له مغزى مهم خاصة فيما يتعلق بثمن البضائع‬
‫املشحونة والذي خيتلف ابلطبع من شهر إىل آخر ‪.‬‬
‫كما أن هذا التاريخ ستكون له أمهية كبرية خاصة إذا كان البيع البحري يتم يف اطار‬
‫اعتماد مستندي و قد حيدث أن يتضمن سند الشحن شرطا يقضي بشحن البضائع املتعلقة‬
‫ابالعتماد املستندي قبل اتريخ حمدد ‪،‬فلو صدر سند الشحن بعد هذا املوعد النهائي املتطلب‬
‫لالعتماد فسيكون غري مقبول ويلزم القيام إبعادة التفاوض بشأن االعتماد املستندي‪.3‬‬
‫ابلرغم من أمهية التاريخ املوجود على سند الشحن ‪،‬فقد حتدث أتخريات يف الشحن‬
‫بسبب اكتظاظ امليناء ‪،‬أو بسبب املشاكل اليت تصادف نقل و حتميل من املستودعات إىل‬

‫‪ -1‬نقض فرنسي ‪ 30‬نوفمرب ‪:1925‬مشار إليه لدى حممود مجال الدين زكي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬التاريخ املوضوع على سند الشحن يعتمد على نوع السند ذاته فإذا كان سند الشحن من نوع سند ألجل الشحن‬
‫‪ Connaissement pour embarquement‬فإن التاريخ ا حملدد على السند هو اتريخ اليوم الذي وصلت فيه البضائع إىل‬
‫رصيف امليناء ويصدر هذا السند عندما تصل البضائع إىل امليناء قرب السفينة لشحنها وأما إذا كان سند الشحن من نوع مشحون‬
‫‪ embarque‬فهذا يعين أن البضائع قد محلت على ظهر سفينة معينة والتاريخ الذي يظهر على السند هو اليوم الذي ستبحر فيه‬
‫السفينة‪:‬‬
‫‪-Michelle Pourcelet, Le Transport maritime sous connaissement (droit canadien,‬‬
‫‪Américain, anglais, op.cit, p30.‬‬
‫‪-‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬قانون التجارة البحرية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،286‬هامش رقم ‪.2‬‬
‫‪ -3‬حممد مرسي عبده‪ ،‬التصدي لالحتيال البحري املتعلق ابلواثئق البحرية وفقا القانون القطري واالتفاقيات الدولية‪ ،‬اجمللة القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬مركز الدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬قطر‪ ،‬ص ‪:167‬‬
‫‪www.almeezan.qa/ReferenceFiles.aspx?id=63&type=doc...ar‬‬
‫اتريخ الدخول للموقع ‪ ،2017/7/20‬الساعة ‪.23:43‬‬

‫‪277‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ظهر السفينة وهذا ما قد حيدث ارتباكا لألطراف عندما يرون أن بضائعهم ستبحر متأخرة عن‬
‫املدة املتطلبة يف االعتماد املستندي ‪،‬مما يدفع ابلطرف الذي يتضرر من هذا الوضع وغالبا ما‬
‫يكون الشاحن (البائع ) إىل أن يتفق مع الناقل أبن يصدر له سند شحن يف اتريخ سابق على‬
‫التاريخ الفعلي لشحن البضاعة ليتوافق مع التاريخ احملدد يف االعتماد املستندي‪،‬ألن املشرتي لو‬
‫علم هبذا سيطالب خبفض الثمن‪ ،1‬وعلى هذا اعترب القضاء الفرنسي أن االتفاق على تقدمي‬
‫اتريخ سابق يف سند الشحن قبل عملية شحن البضائع يعد من األخطاء اجلسيمة‪.2‬‬
‫أما الفقه يف مصر فإنه يرى أن حتديد اخلطأ اجلسيم ومتييزه عن اخلطأ اليسري هو أمر ابلغ‬
‫الصعوبة ‪،‬على أن الضابط األكثر رواجا يف الفقه و الذي يستخلص من عدة أحكام يتأسس‬
‫على درجة احتمال الضرر ‪،‬أو بعبارة أدق على درجة توقع احتمال وقوع الضرر و هنا ميكن‬
‫التمييز بني عدة فروض‪:3‬‬
‫‪-1‬ميكن أن يكون الضرر مرغواب فيه‪ ،‬أو نظر إليه على أنه حمقق الوقوع‪ ،‬مبعىن أن فاعله أراد‬
‫حتقيقه‪ ،‬أو واجه وقوعه ابعتباره نتيجة حتمية لفعله‪.‬‬
‫‪-2‬و ميكن أن ينظر إليه على أنه حمتمل الوقوع‪ ،‬أي أن فاعله قد واجه وقوعه ابعتباره نتيجة‬
‫حمتملة لفعله‪.‬‬
‫‪-3‬أن ينظر إليه على أنه ممكن الوقوع وليس حمتمال ومعناه أن فاعله قد واجه وقوعه ابعتباره‬
‫نتيجة ممكنة لفعله‪.‬‬
‫‪-4‬وأخريا ميكن أن ال يكون متوقعا‪ ،‬مبعىن أن فاعله مل يتوقع وقوعه أصال ‪،‬ففي احلالة األوىل‬
‫يتوافر الغش ويف الثانية يوجد اخلطأ اجلسيم ويف الثالثة يكون اخلطأ يسريا ويقع بعدها نطاق‬
‫القوة القاهرة‪ .‬ولتقدير مدى احتمال وقوع الضرر فال يرجع إىل إرادة الناقل ملعرفة ما إذا كان‬
‫قد واجه الضرر على أنه حمقق أو حمتمل أو ممكن ‪،‬بل يرجع إىل قاعدة جمردة وهي الناقل‬

‫‪ -1‬حممد مرسي عبده‪،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- CA. Rouen 28 Octobre 1999,Navire Melody, DMF2000,p1021.‬‬
‫‪ -3‬حممد موسى حممد دايب‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 375‬وما يليها‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫العادي ‪،‬حبيث يتعني على القاضي أن يقدر ما إذا كان الناقل العادي يف الظروف‪ ،‬اليت‬
‫أحاطت ابلناقل املسؤول يواجه الضرر على أنه حمقق أو حمتمل أو ممكن فيتوافر اخلطأ اجلسيم‬
‫إذا كان الناقل العادي يدرك أن الضرر الذي وقع كان نتيجة حمتملة للفعل أو االمتناع الذي‬
‫صدر منه‪.‬‬
‫يضيف أنصار هذا الرأي أن احلكمة يف التفرقة بني احتمال وقوع الضرر وإمكان وقوع‬
‫الضرر ‪،‬تتجسد يف اعتبار خطأ الناقل يسريا يف احلالة األوىل إذ قد قَب َل بوقوع الضرر ما دام قد‬
‫أدرك حدوثه ولكنه يف احلالة الثانية قد اعتمد على عدم وقوعه بشرط أنه مل يرى سوى امكان‬
‫حتققه ويتعني على القاضي يف كل حالة أن يقدر مدى احتمال وقوع الضرر‪ ،‬الذي يرتتب‬
‫عليه تكييف جسامة اخلطأ ويقاس أيضا ابلظروف اليت أحاطت ابلواقعة ‪،‬كتكرار وقوع الضرر‬
‫فسرقة البضائع املنقولة يف السفينة إذا سبقتها سرقات مماثلة فهنا يكون اخلطأ جسيما من‬
‫جانب الناقل‪ ،‬ألن احلادثة األوىل كان جيب أن تدفعه إىل زايدة يقظته إزاء السرقة‪.1‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫معايري تقدير اخلطأ اجلسيم يف القانون الالتيين واألجنلو سكسوين‬
‫من بني األمور اهلامة اليت ال مناص من التعرض إليها يف تقدير اخلطأ اجلسيم و اليت‬
‫تكشف عن التقارب يف وجهات النظر القانونية يف النظام الالتيين و األجنلوسكسوين‪.‬‬
‫أوال‪ :‬معايري تقدير اخلطأ اجلسيم يف األنظمة الالتينية‬
‫الواقع أن فكرة اخلطأ اجلسيم كانت أول ما طرحت يف اتفاقية فارسوفيا لسنة ‪1929‬‬
‫للنقل اجلوي الدويل من حيث إحلاقها ابخلطأ العمدي يف تقدير التعويض وقد صدر هذا‬
‫االقرتاح من طرف مندوب أملانيا‪ .‬وبناءا عليه جيدر أن نبدأ بتحديد هذا االصطالح يف القانون‬
‫األملاين ‪ ،‬إذ تقرر املادة ‪ 276‬مدين أملاين أن املدين يتحمل تبعة خطئه العمد واإلمهال‬
‫‪ Fahrlassigkeit‬وتضع نفس املادة معيارا لإلمهال فتقول أبنه جمانبة املدين للعناية الواجبة اليت‬

‫‪ -1‬حممد موسى حممد دايب‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 286‬‬

‫‪279‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫فمعيار اإلمهال هو معيار‬ ‫املعامالت‪die im verkehr erforderliche sorgfalt‬‬ ‫تتطلبها‬
‫موضوعي حمض ‪،‬فيصرف النظر عن العناية اليت اعتادها الفاعل يف تصرفاته ويقتضي الصاحل‬
‫العام أال يلقي الفرد بتبعة محاقته على عاتق اآلخرين‪ .‬ولإلمهال صوراتن‪ :‬أن يعي الفاعل‬
‫احتمال وقوع الضرر‪ ،‬ومع ذلك يقدم على فعله وهو أيمل أن الضرر لن يقع ‪،‬فيجانب بذلك‬
‫العناية اليت تقتضيها املعامالت وهذا هو اإلمهال الواعي ‪،‬أو ال يعي الفاعل أن ضرر ما هو‬
‫حمتمل الوقوع ‪،‬لكن كان ميكنه أن حييط هبذا االحتمال لو أنه بذل العناية اليت حتتاجها‬
‫الواعي‪.1 unbewusste Fahrlassigkeit‬‬ ‫املعامالت وهذا ما يتمثل يف اإلمهال غري‬
‫أما اإلمهال اجلسيم فهو جمانبة العناية اليت تتطلبها املعامالت بقدر معني من اجلسامة‬
‫‪،‬فمعيار اإلمهال اجلسيم كمعيار االمهال هو أيضا موضوعي وال خيتلف الوضع يف القانون‬
‫الفرنسي فقد وضعت املادة ‪1137‬ق م ف معيارا لإلمهال فألزمت املدين ببذل عناية أب‬
‫و هو معيار موضوعي‪،‬أما اخلطأ اجلسيم فوفق‬ ‫‪. bon père de famille‬‬ ‫األسرة املعتاد‬
‫تعريف ‪ pothier‬هو جمانبة العناية اليت يبذهلا الرجل املهمل نفسه‪ .‬ويستنتج من أحكام القضاء‬
‫أنه جمانبة عناية أب األسرة املعتاد بقدر جسيم‪.2‬‬
‫ما يالحظ عند الرجوع إىل القوانني الالتينية‪3‬وخاصة التشريعات الفرنسية االستثنائية‬
‫اليت صدرت أثناء احلرب العاملية الثانية مثل قانون ‪ 27‬جويلية سنة ‪ 1940‬املعدل بقانون ‪29‬‬
‫ماي ‪،1941‬الذي وسع من مفهوم اخلطأ اجلسيم لتخفيف مسؤولية انقلي البضائع مراعاة‬
‫لظروف احلرب واهلزمية وما أعقبها من اضطراب وقصرها يف حالة فقدان البضاعة أو تلفها أو‬

‫‪ -1‬ثروت أنيس األسيوطي ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.598‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪599‬ومايليها‪.‬‬
‫‪ -3‬يقصد ابلنظام الالتيين كل األنظمة اليت تستمد أفكارها القانونية من القانون الروماين‪ ،‬ذلك القانون الذي يتصف ابمتداده من حيث‬
‫الزمان إىل أكثر من ألف عام ومن حيث املكان ليشمل كل شعوب شبه اجلزيرة اإليطالية مث إىل شعوب البحر األبيض املتوسط ‪،‬كما يتميز‬
‫القانون الروماين ابنتقال الكثري من مبادئه عرب فقهاء العصر الوسيط إىل التقنينات األوروبية احلديثة‪ ،‬مثل اجملموعة املدنية الفرنسية الصادرة‬
‫عام ‪ 1804‬واجملموعة املدنية األملانية الصادرة عام ‪،1900‬كما انتقل العديد من هذه املبادئ إىل اجملموعة املدنية املصرية الصادرة عام‬
‫‪ 1883‬واملعدلة يف ‪ : 1948‬ابراهيم الدسوقي ابو ليل املسؤولية املدنية بني التشديد واالطالق‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون اتريخ‬
‫نشر‪،‬ص‪.28‬‬

‫‪280‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أتخريها على اخلطأ اجلسيم الذي يثبت من جانبهم‪ .1‬وتبدو صور اخلطأ اجلسيم يف النقل‬
‫البحري للبضائع واألكثر شيوعا يف حاليت شحن البضاعة على السطح دون احلصول على‬
‫موافقة الشاحن ‪،‬عدم بذل الناقل العناية الالزمة يف تقدمي سفينة صاحلة للمالحة وإن كان يف‬
‫احلالة األوىل وجود اخالل يعد احنرافا على عقد النقل ‪،‬أما يف احلالة الثانية ال تعترب كذلك‬
‫وهو ما حكم به القضاء األمريكي‪.2‬‬
‫كما يعترب القضاء األملاين‪ 3‬اخلطأ جسيما ترك حارس املخزن بعض الغرابء يدخلونه يف‬
‫الثالثة صباحا جملرد ادعائهم أباهم عمال أتوا إلجراء بعض اإلصالحات ‪،‬فاتضح أاهم لصوص‬
‫ما إن دخلوه حىت سرقوا البضاعة والذوا ابلفرار‪ .‬وكذلك احلال إذا مت العمل يف مؤسسة الناقل‬
‫وحدثت فوضى غري عادية مكنت من اختفاء بعض الطرود املنقولة دون أن ترتك أثرا ودون أن‬
‫تدرج يف دفاتر حساابت الناقل و بناءا عليه يوجد تطابق بني فكرة اخلطأ اجلسيم يف كل من‬
‫انب الناقل العناية املتطلبة جمانبة‬
‫القانون األملاين و الفرنسي‪ ،‬فكالمها يعترب اخلطأ جسيما إذا َج َ‬
‫كبرية‪.‬‬
‫‪Broche Hennessy Contre Air‬‬ ‫هذا ما اتبعته حمكمة استئناف ابريس يف قضية‬
‫‪4 France‬مؤيدة حلكم حمكمة ‪ 5Seine‬املدنية‪ ،‬الصادر يف ‪ 24‬أفريل‪ 1952‬و الذي استبعد‬

‫‪ -1‬حممود مجال الدين زكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،108‬هامش رقم ‪.4‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-US 15 SEP 1969, ,Dr.europ,1970,AMC 1975,33 :René Rodiére, Droit maritime,‬‬
‫‪Mise a jour au 10 juin1978, jurisprudence générale Dalloz,PARIS1978 ,p96.‬‬
‫‪ -3‬حكم حمكمة الرايش ‪26‬سبتمرب ‪ ،1919‬مشار إليه لدى ثروت أنيس األسيوطي ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.600‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- cour de paris arrêt du 25 Février1954: " l'interprétation que la jurisprudence‬‬
‫‪française donne de la notion de la faute lourde est plus sévère pour le transporteur que‬‬
‫‪celle des tribunaux belges ou que celles des juridiction britanniques et américaines sur‬‬
‫‪le "Wilful Misconduct" et s'il n'est pas indispensable qu'ils sont prouvés que l'auteur‬‬
‫‪du dommage ait agit consciemment de propos délibéré sans égard aux conséquences‬‬
‫‪probables de son acte , il incombe néanmoins à Hennessy (demandeur) d'établir que la‬‬
‫‪compagnie Air France ou son équipage ont agi avec une négligence , une insouciance‬‬
‫‪ou témérité spécialement graves. Ni puis isolément ni considérés dans leur ensemble,‬‬
‫‪la faite actuellement prouvés ne présentent le caractère de faite lourde": Henri Zoghbi,‬‬
‫‪op.cit., p88, note 205.‬‬
‫‪ -5‬حممد موسى حممد دايب‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.382‬‬

‫‪281‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫عنصر االدراك من اخلطأ اجلسيم‪1‬و لكنها عدلت من أسباب احلكم وقالت أبنه إذا كان‬
‫التفسري الذي أعطاه القضاء الفرنسي ملفهوم اخلطأ اجلسيم هو أكثر قسوة ابلنسبة للناقل من‬
‫احملاكم البلجيكية ‪،‬أو القضاء الربيطاين ‪،‬أو األمريكي حول سوء السلوك العمدي وإذا كان ال‬
‫يلزم ثبوت أن مرتكب الفعل قد تصرف بقصد عمدي دون النظر للنتائج احملتملة لفعله فانه‬
‫يقع على ‪( Hennessy‬املدعي) اثبات أن الشركة الفرنسية الناقلة أو طاقمها قد تصرفوا إبمهال‬
‫أو عدم مباالة أو رعونة بصفة جسيمة خاصة وأنه ال يوجد يف الوقائع سوآءا كل عنصر منها‬
‫على حدى أويف جمموعها ما يثبت وجود صفة اخلطأ اجلسيم‪.‬‬
‫الثابت أن القانون الالتيين يرى أن درجة اخلطأ اجلسيم تكمن يف اجملانبة الكبرية للعناية‬
‫املنتظرة من الناقل املعتاد‪،‬حسبما تقتضيه املعامالت فكيف كان الوضع يف القانونني اإلجنليزي‬
‫واألمريكي؟ وهل كان مفهوم اخلطأ اجلسيم معروفا لدى التشريعات األجنلو سكسونية؟‬
‫اثنيا‪:‬معايري تقدير اخلطأ اجلسيم يف األنظمة األجنلو سكسونية‬
‫مفهوم يقصد به خروج‬ ‫‪negligence‬‬ ‫عند استقراء التشريع األجنلوسكسوين فاإلمهال‬
‫األفراد على منط السلوك ‪ standard‬الذي يرمسه النظام القانوين حلماية الغري من خطر االضرار‬
‫به دون مربر‪ ،‬فمعيار اإلمهال هو معيار موضوعي يتمثل يف عدم بذل العناية اليت كان ليبذهلا‬
‫الرجل العاقل إذا وضع يف نفس الظروف‪ .‬وهذا املعيار وضعه القانون اإلجنليزي منذ أكثر من‬
‫قرن من الزمن ومازال القضاء األمريكي يتجه إليه لغاية اآلن‪ ،‬أما اإلمهال اجلسيم وخاصة مبا‬
‫يتعلق ابلقانون اإلجنليزي فإنه قد حدثت حماولة منذ قرنني ونصف ترمي إىل االعرتاف بفكرة‬
‫اخلطأ اجلسيم ‪،‬غري أاها ابءت ابلفشل ‪،‬مث حدثت حماولة أخرى يف العصر احلديث فرفض‬
‫القضاء التسليم بذلك ‪ .‬وقال إن اإلمهال ال خيتلف معياره من حالة إىل أخرى ‪،‬فهو عدم بذل‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬‫‪Trib 1er instance du Bruxelles 6mai 1950 (Fiche et Ct /La Sabina): Henri Zoghbi,‬‬
‫‪op.cit, p94, note 216, Michelle Pourclet, Le Transport maritime sous connaissement‬‬
‫‪(droit canadien, Américain, anglais, op.cit, p53.‬‬

‫‪282‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫العناية اليت تتطلبها الظروف‪ ،‬فاخلطأ اجلسيم ‪ gross negligence‬هو أمر جتهله الشريعة العامة‬
‫االجنليزية‪، Common law 1‬إذن يرفض القانون اإلجنليزي األخذ بفكرة اخلطأ اجلسيم ولكنه‬
‫ال جيهلها‪.‬‬
‫خيتلف األمر يف القانون األمريكي‪ ،‬حقيقة يذهب الرأي الغالب يف القضاء والفقه‪ 2‬إىل‬
‫نبذ فكرة تقسيم اخلطأ إىل درجات‪ ،‬غري أن القضاء واملشرع يف بعض الوالايت يعتنقان هذه‬
‫الفكرة ‪ ،‬فاخلطأ قد يكون عاداي وهو جمانبة عناية الناقل العاقل الذي يوجد يف نفس الظروف‬
‫وقد يكون اتفها ويتحقق يف عدم بذل العناية اليت يبذهلا الناقل احلريص حرصا غري معتاد ‪.‬‬

‫كما قد يكون اخلطأ جسيما متمثال يف جمانبة العناية اليت يبذهلا الناقل املهمل نفسه (وهذا‬
‫وهو احنراف شديد عن معيار العناية الواجبة‪ .‬وهذا ما يقابل‬ ‫‪) Pothier‬‬ ‫يقرتب من تعريف‬
‫معىن اخلطأ اجلسيم يف القانون األملاين والفرنسي ويستخدم هذا املفهوم يف القضاء فيقصر من‬
‫مسؤولية املودع إليه بدون أجر على اخلطأ اجلسيم ويبطل شرط االعفاء من املسؤولية يف حالة‬
‫اخلطأ اجلسيم ‪.3‬‬
‫لقد عرضنا فيما تقدم املعايري اليت أدىل هبا الفقه و اليت استخلصها من القضاء لتحديد‬
‫اخلطأ اجلسيم و كذلك يف التشريعات بنوعيها الالتينية و األجنلوسكسونية فلم جند يف أيها‬
‫حتديدا مقنعا وإن كان بعضها يتضمن احياءات بفكرته ‪،‬فاخلطأ اجلسيم فكرة تستعصي على‬
‫‪1‬‬
‫‪-Goddard C.J.In Pentecost and Another v.London District Auditor and Another‬‬
‫‪k.b.Div, Jaune 13, 14, 1951, 2 all .E.Rep.330, 332H, Scott.L.J. in Anglo-saxone‬‬
‫‪Petroleum Co, Ltd, and Another v,Damant, Cour of Appeals,April,May,June1947, 2‬‬
‫‪all Rep. 465( 467-468):‬‬
‫مشار إليه لدى ثروت أنيس األسيوطي ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 600‬وما يليها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Altman v Arenson et al ,supr,Jud.Ct.of Massachusetts ,jan.8,1919,121N.E505( 506‬‬
‫‪col.1):‬‬
‫مشار إليه لدى املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.602‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Weld et al.v.Postal Telegraph cable Co ,New work Cour of Appeals,30Dec‬‬
‫‪,1913,103N.E957(961 col.1),Hogan J:"Irespective of the decisions of other‬‬
‫‪jurisdictions the court of this state have uniformly recognized a distinction between‬‬
‫‪ordinary and negligence gross":‬‬
‫مشار إليه يف نفس املرجع ‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫التحديد الدقيق‪ ،‬ألن اختالف ظروف الوقائع وتنوع مالبساهتا جيعلها ال ختضع لقاعدة جامدة‬
‫و كل ما ميكن قوله أن اخلطأ اجلسيم هو وليد استهتار ابلغ ابلعالقات العقدية‪ ،‬أو هو عجز‬
‫كبري عن الوفاء اباللتزامات ‪،‬لغباء أو جهل أو غفلة وإن كانت هذه العبارات ال تقدم كثريا يف‬
‫اإلحاطة حبدوده ‪،‬إذ يظل التساؤل قائما يف كل حالة عما إذا كان سلوك الناقل له هذا‬
‫الوصف أو ذاك أو يضل رغم احنرافه بريئا منه‪.1‬‬
‫مع ذلك الريب يف أن جسامة اخلطأ اليت تنسب إىل الناقل املقصر يف إيصال البضاعة‬
‫ساملة إىل املرسل إليه عن يقظته يف أعماله الشخصية أو يتهاون يف الوفاء به اعتمادا على بند‬
‫االعفاء من املسؤولية ‪.‬كذلك نفس احلكم يف وجوب التشدد يف تقدير خطأ الناقل إذا دلت‬
‫الظروف كعلو كفاءته أو ارتفاع املقابل مما يقتضي منه يقظة كبرية وحرصا ابلغا يف الوفاء‬
‫ابلتزامه وإضفاء وصف اجلسامة على اخلطأ الذي يصدر منه‪. 2‬‬
‫يبدوا مما تقدم أيضا أن القضاء قد توسع يف مفهوم اخلطأ اجلسيم على وجه جعله بعيدا‬
‫عن التعريف الروماين و الذي يراه يف عدم فهم ما يفهمه اجلميع ومل جيد الفقه فرقا بني اخلطأ‬
‫اجلسيم واخلطأ البسيط‪ .‬كما يتضح أن احملاكم حينما أعفت الناقل من مسؤوليته كان ذلك يف‬
‫الغالب راجعا إىل عدم ثبوت خطأ منه بل وأحياان إىل ثبوت القوة القاهرة ويظهر التوسع على‬
‫وجه اخلصوص يف حتديد اخلطأ اجلسيم الذي يؤدي إىل احباط أثر شروط االعفاء من املسؤولية‬
‫أو حتديدها‪.3‬‬
‫من زاوية أخرى فإن ترك مسألة حتديد اخلطأ اجلسيم للسلطة املطلقة حملاكم املوضوع‬
‫ليست شرا يف ذاهتا‪ ،‬ألن تعدد القضااي وتعقد ظروف النقل البحري توجبان أن يرتك لقضاة‬
‫املوضوع مثل هذه السلطة‪.‬‬

‫‪ - 1‬حممود مجال الدين زكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق ‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.109‬‬

‫‪284‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫و إذا قيل أبن حتكم القضاة يتضمن بعض املخاطر كاحلكم بتعويضات متفاوتة تفاوات‬
‫كبريا يف حاالت متشاهبة ظاهراي ‪ ،‬فإن عالج هذه املخاطر ال ميكن أن يكون بتحويل هؤالء‬
‫القضاة إىل جمرد آالت لتطبيق نصوص يفرتض‪ 1‬أاها وقعت يف جماالت خمتلفة ‪،‬إذ أن الواقع‬
‫العملي هو الذي يعرف القاضي كيفية استخالص درجة اخلطأ اجلسيم من كل حالة على‬
‫حدى بدون رقابة عليه من احملكمة العليا‪ .‬وكما قال الفقيه "جيفور"‪ ":‬أن حتكم القاضي الذي‬
‫املوحد الذي ال يعرف‬
‫خيفف من حدته هو معرفته بوقائع ‪ ،‬لذلك يعد أفضل من حتكم املشرع َ‬
‫إال التجريد‪.2‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫متييز اخلطأ اجلسيم عن اخلطأ غري املغتفر‬
‫إن مفهوم اخلطأ غري املغتفر ‪ Faute Inexcusable‬هو ليس بفكرة جديدة يف القانون‬
‫الفرنسي‪ ،‬فقد كان أول ظهور هلا يف قانون العمل الصادر يف الثامن أفريل من سنة‬
‫‪،1898‬غري أنه مل يعط تعريفا حول بيان معناها‪ .3‬و هو نوع من اخلطأ تنعدم فيه نية اإلضرار‬
‫الشيء الذي مييزه عن اخلطأ العمد والذي جيب أن تتوافر فيه‪ .‬و كذلك خيلو من معىن الغش‬
‫‪،‬كما خيتلف عن اخلطأ اجلسيم الذي يعرفه القانون الروماين ابخلطأ الذي ال يرتكبه الشخص‬
‫قليل العناية والذكاء‪. 4‬‬
‫يعرف اخلطأ غري املغتفر يف النقل البحري أبنه الفعل أو االمتناع املرتكب من جانب‬
‫الناقل ‪،‬أو أحد اتبعيه أثناء أتديتهم لوظائفهم و يكون انجتا عن هتور ووعي ابحتمال وقوع‬

‫‪ -1‬إبراهيم صاحل عطية اجلبوري‪ ،‬العوامل املؤثرة يف تقدير التعويض عن الفعل الضار ‪ ،‬منشورا ت احلليب احلقوقية ‪ ،‬بريوت (لبنان)‪،‬سنة‬
‫‪، 2013‬ص ‪.116‬‬
‫‪ -2‬جيفور ‪ ،‬التعويض عن الضرر األديب ‪ ،‬رسالة دكتوراه من جامعة كاري نوبل ‪،‬سنة ‪، 1938‬ص ‪ :، 254‬مشار إليها لدى املرجع‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪. 117‬‬
‫‪- Isabel Corbier, de la faute inexcusable de l’armateur ou du droit de l’armateur à‬‬
‫‪3‬‬

‫‪limiter sa responsabilité, DMF2002, p403,Bonassaises et Scapel, cité par: Stéphane‬‬


‫‪Miribel, la Conception de Subjective de la faute inexcusable, limitation accordée‬‬
‫‪,DMF2011, p158.‬‬
‫‪ -4‬سليمان مرقس‪ ،‬املسؤولية املدنية يف التقنينات العربية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 258‬وما يليها‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الضرر‪ .1‬و هو اخلطأ الذي بلغ حدا استثنائيا من اجلسامة وكل من أاته قد قصده يف ظرف‬
‫يوجب عليه أن يتوقع نتيجته وأن يعي خطره و كان توقعه له ممكنا ومل يكن له يف هذا الظرف‬
‫أي عذر يربر ارتكاب الفعل‪ ،‬أو جييز التسامح عنه واقعا‪. 2‬‬
‫طبقا هلذه التعاريف يتكون اخلطأ غري املغتفر من عنصرين‪ :‬عنصر موضوعي يتمثل‬
‫يتضح من اخلطورة االستثنائية للفعل أو االمتناع‪ 3‬و عنصر ذايت يظهر يف الوعي ابحتمال‬
‫حدوث الضرر الناتج عن الفعل أو االمتناع عن الذي صدر من طرف الناقل أو من اتبعيه‬
‫‪.4‬و من ذلك عدم اختاذ االحتياطات الالزمة للحفاظ على بضائع سريعة التلف يف درجة‬
‫حرارة غري منخفضة‪.‬‬
‫مل تبتعد حمكمة النقض الفرنسية كثريا عن ذلك بقوهلا أنه من مكوانت اخلطأ غري املغتفر‬
‫أوال أن يكون الفعل ‪،‬أو الرتك اراداي ‪،‬اثنيا أن يعي الشخص خطورة فعله ‪،‬أو أن يكون عليه‬
‫أن يعلم ذلك تبعا للظروف احمليطة ‪،‬غري أن هذه احملكمة أضافت عنصران آخران ومها أال‬
‫يكون هناك سبب من أسباب اإلابحة‪ 5‬أي عدم وجود عذر يربر مثل هذا اخلطأ واجلسامة غري‬
‫العادية للفعل أو الرتك‪.‬‬
‫يتضح من هذا التعريف أنه يشرتط يف اخلطأ الذي ال يغتفر توافر العناصر الواردة به‬
‫دون افرتاضها‪ ،‬فالعنصران الثالث والرابع(اليت جاءت هبما حمكمة النقض الفرنسية) مها‬
‫موضوعيان مبعىن أن قياس جسامة الفعل أو الرتك وقياس األعذار املربرة اليت يتذرع هبا الناقل‬
‫املخطئ يتم بطريقة موضوعية جمردة قوامها مسلك الناقل املعتاد وال دخل فيها العتبارات‬
‫الشخصية أو األدبية ‪،‬أما العنصر الثاين فيكون ذاتيا ويقاس فيه مبعيار شخصي وذلك إبثبات‬
‫‪ -1‬هدى الساسي ‪،‬مسؤولية الناقل اجلوي يف مادة نقل البضائع جوا طبقا التفاقية فرسوفيا والربوتوكوالت املعدلة هلا‪ ،‬جملة الدراسات‬
‫القانونية والبحوث السياسية االجتماعية ‪،‬يوم ‪ 21‬ماي ‪،2017‬ص‪ 19‬اتريخ الدخول للموقع ‪:2017/6/22‬الساعة ‪:16:40‬‬
‫‪polyjuris.com‬‬
‫‪ -2‬عاطف النقيب ‪،‬النظرية العامة للمسؤولية عن الفعل الشخصي‪ ،‬منشورات حليب احلقوقية ‪،‬بريوت‪ ،‬سنة ‪، 1999‬ص ‪.205‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Philipe Delbecque, Précis droit maritime,13 édition ,op.cit, p632.‬‬
‫‪ -‬هدى الساسي ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪5‬‬
‫‪- Cass.Com 15 juillet 1941D 1941, p17, Cass.Com22Octobre1975D1976, p101:‬‬
‫مشار إليهما لدى وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪. 213‬‬

‫‪286‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أن الناقل كان على علم ابخلطر الذي ميكن أن ينتج عن الفعل أو الرتك‪، 1‬فإذا مل يسعفنا هذا‬
‫املقياس الشخصي وتذرع هذا األخري بعدم علمه هبذا اخلطر فنلجأ بعد ذلك إىل املعيار‬
‫املوضوعي وهو معيار الناقل املعتاد الذي يوجد يف نفس الظروف اخلارجية اليت وجد فيها‬
‫الناقل املخطئ ملعرفة مدى امكان علمه ابخلطر الذي قد ينتج من الفعل أو االمتناع‪ ،‬أما‬
‫العنصر األول فهو عنصر شخصي أو ذايت ‪،‬إذ جيب أن تتجه اإلرادة إىل الفعل أو االمتناع‬
‫ومبعىن أدق جيب أن يكون الفعل أو الرتك مقبوال من جانب الناقل املخطئ ولكن ال تصل إىل‬
‫حد تعمد الضرر وإال كنا بصدد خطأ عمدي‪.2‬‬
‫يف بعض األحيان قد يضطر الناقل جتنبا للمصاريف اليت تدفع للميناء يف حال أتخر‬
‫املرسل إليه تسليمه سند الشحن عند وصول البضاعة ‪،‬ابإلضافة إىل عدم تعطيل السفينة يف‬
‫ميناء الوصول انتظارا لتفريغها ‪،‬هلذا يلجأ الناقل إىل االتفاق مع املرسل إليه على أن يصدر هذا‬
‫األخري خطاب الضمان ‪، lettre de garantie au chargement‬حيث يتعهد فيه على تغطية‬
‫كافة األضرار اليت تلحق الناقل نتيجة قيامه بتسليم البضاعة دون سند الشحن و الضامن غالبا‬
‫ما يكون البنك ‪. 3‬‬
‫لقد أظهرت هذه املمارسة العملية نوعا من االحتيال حيث يظهر الشخص احملتال‬
‫ويقدم للناقل خطاب الضمان دون سند الشحن‪ ،‬الذي مل يقم الشاحن إبرساله إليه ألي‬
‫سبب من األسباب إىل الناقل‪ ،‬فيقوم هذا األخري بتسليمه البضائع حىت ال يضيع الوقت يف‬
‫ميناء التفريع من أجل احلصول على سند الشحن ‪.4‬و بال شك أن تصرف الناقل هبذا الشكل‬
‫يعد خطأً منه يف تسليم البضاعة لصاحب البضاعة احلقيقي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Isabel‬‬‫‪Corbier, la faute inexcusable de l’armateur ou du droit de l’armateur à limiter‬‬
‫‪sa responsabilité, op.cit, p408.‬‬
‫‪ -2‬حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.266‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- CA. Rouen 27juin 1979,DMF1979,p734, obs vannier.‬‬
‫‪ -‬حممد مرسي عبده‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.162‬‬
‫‪4‬‬

‫‪287‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫هذا ما قضت به حمكمة النقض الفرنسية ‪ ،1‬حني قررت أن خطاب الضمان يعترب‬
‫عقدا مستقال عن عقد النقل وأن هذا اخلطاب قد يستغل يف االحتيال يف جمال النقل البحري‬
‫لذلك جيب على الناقل تسليم البضائع يف مقابل استالمه لسند الشحن وليس مقابل خطاب‬
‫الضمان‪ .‬و عليه يعد الناقل مرتكبا خلطأ عقدي إذا قبل تسليم البضاعة مقابل احلصول على‬
‫خطاب الضمان‪ .‬و هو ما نصت عليه املادة‪ 1‬يف فقرة‪7‬من اتفاقية هامبورغ‪ 2‬و املادة ‪/46‬أ‬
‫من معاهدة روتردام‪.3‬‬
‫كذلك قررت حمكمة استئناف ‪ 4Rouen‬أن خطاب الضمان الذي يصدره املرسل إليه‬
‫أو مستلم البضاعة ليس بديال عن سند الشحن وال حيرر املرسل إليه من التزامه بتسليم سند‬
‫الشحن إىل الناقل لكي يستلم البضائع ‪.‬كما أن الناقل ال يستطيع أن يتهرب من مسؤوليته‬
‫العقدية قبل الشاحن ‪،‬إىل جانب مسؤوليته يف مواجهة املرسل إليه وليس لديه سوى الرجوع‬
‫على البنك الضامن املوقع على خطاب الضمان ‪،‬غري أن هذه احملكمة و إن أقامت مسؤولية‬
‫الناقل فإاها مل تبني نوع هذا اخلطأ‪.‬‬
‫يف مثل هذه احلالة أكدت حمكمة مرسيليا التجارية‪ 5‬أيضا على مسؤولية الناقل على‬
‫غررا احملكمتني السابقتني‪ ،‬لكن حكمها سلط الضوء على اخلطأ الذي يقع فيه الناقل عند‬
‫تسليمه البضاعة بدون سند الشحن ومقابل خطاب الضمان‪ .‬كما أاها بينت شدة اخلطأ الذي‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cass. Ch.com. 17juin 1997, Navire Happy Buccanaer, DMF1997, p785, Rapport de‬‬
‫‪Rémery dans meme sens : Cass. Ch.com. 9 juillet 1991, DMF1992, p665.‬‬
‫‪ -2‬املادة‪ 7/1‬من اتفاقية هامبورغ ‪...":‬يقصد بسند الشحن وثيقة تثبت انعقاد عقد النقل وتلقي الناقل للبضائع أو‬
‫شحنه هلا ويتعهد الناقل مبوجبها بتسليم البضائع مقابل اسرتداد هذه الوثيقة‪.".....‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ 46‬من معاهدة روتردام ‪ ":‬يف حال إصدار مستند النقل غري قابل للتداول يشري إىل وجوب تسليمه من أجل تسلم البضائع‪ :‬يسلم‬
‫الناقل البضائع إىل املرسل إليه يف الوقت واملكان املشار إليهما يف املادة ‪ 43‬عندما يثبت الناقل هويته على حنو واف بناءا على طلب الناقل‬
‫ويسلم مستند نقل غري قابل للتداول وجيوز للناقل أن يرفض تسليم البضائع إذا مل يثبت الشخص الذي يدعي أنه املرسل إليه هويته على حنو‬
‫واف ع ندما يطلب الناقل ذلك ويرفض الناقل التسليم يف حال عدم تسليم املستند غري قابل للتداول وإذا كان قد أصدر أكثر من نسخة‬
‫واحد من املستند غري قابل للتداول فيكفي تسليم نسخة أصلية واحدة وال يعود للنسخ األصلية األخرى غري مفعول أو صالحية‪."....‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- CA. Rouen 9Novemenbre 1999,DMF 2000 ,p729,obs .y. Tassel, voir aussi : CA .‬‬
‫‪Rouen 19 Octobre 1989, DMF1990, p96.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Trib.com de Marseille 10 avril 2007 .BLT 2007, p519.‬‬

‫‪288‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ارتكبه الناقل آخذة ابملعيار املوضوعي يف هذا التحديد‪ ،1‬فأحلقت وصف خطأه يف هذه احلالة‬
‫ابخلطأ غري املغتفر‪.‬‬
‫خيلص القول أن اخلطأ غري املغتفر ماهو إال الصورة القصوى للخطأ اجلسيم فالناقل ليس‬
‫لديه قصد االضرار ‪،‬غري أنه يقبل إمكانية وقوع الضرر‪ ،‬اليت تتسم بدرجة كبرية من االحتمال‬
‫وال يتوافر يف هذا اخلطأ ركن القصد‪ ،‬الذي يوجد يف اخلطأ العمدي و لكنه ذو خطورة‬
‫استثنائية ترجع إىل قيام بعمل أو ترك ارادي‪ ،‬مع إدراك الناقل خلطورة التسليم لغري املرسل إليه‬
‫احلقيقي ودون أن يتوافر لديه سبب جدي يربر تصرفه ‪.2‬‬
‫الفقرة الرابعة‪:‬‬
‫متييز اخلطأ اجلسيم عن اخلطأ املكسب‬
‫حملاربة شروط اإلعفاء من‬ ‫‪faute lucrative‬‬ ‫لقد ابتكر القضاء الفرنسي اخلطأ املربح‬
‫املسؤولية يف عقد النقل البحري‪ .‬وذلك قبل اصدار القانون الفرنسي لسنة‪ 1936‬اآلمر ‪،‬الذي‬
‫منع هذه الشروط ‪،‬فكان يستبعد تطبيق الشرط كلما حتقق عن اخلطأ أو قصد به حتقيق‬
‫مصلحة للناقل‪.‬‬
‫و مثال ذلك شحن البضاعة على السطح بينما األجرة املدفوعة عنها هي أجرة الشحن‬
‫يف العنابر ‪،‬أو عدم الرص البضاعة بعناية وإمهال تستيفها لتتسع السفينة حلمولة أكرب‪ ،‬أو‬
‫لشحن عدد كبري جدا من احليواانت أكثر مما يتسع له مكان الشحن ‪،‬مما يؤدي إىل موت‬
‫عدد منها‪ .‬و يف هذه احلاالت قرر القضاء استبعاد الشرط ألن الناقل خرج عندئذ عن النطاق‬
‫التعاقدي ‪،‬بينما شرط اإلعفاء يواجه تنفيذ الناقل اللتزاماته تنفيذا خمال ‪،‬أي يواجه ختفيف‬
‫مسؤولية الناقل وليس اعفاءه من بعض التزاماته‪. 3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Antoine‬‬
‫‪Vialard,droit maritime ,op.cit, p 421, Bonassaises et Scapel,op.cit,‬‬
‫‪p717,Stéphane Piedeliévre ,Dominique Gency-Tadonnet, droit des‬‬
‫‪transports,op.cit,p155.‬‬
‫‪ -2‬حممد حسني منصور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.306‬‬
‫‪ -3‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬تعليقات على القضاء التجاري البحري‪ ،‬املقال السابق‪ ،‬ص ‪ 64‬وما يليها‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫لقد أصدرت حمكمة استئناف "أكس" حكما يف ‪ 29‬سبتمرب ‪ 1959‬مفاده أن اخلطأ‬
‫املربح يستبعد احلد األقصى للتعويض من مسؤولية الناقل ويؤدي إىل دفع تعويض كامل متطابق‬
‫مع قيمة البضاعة املتضررة‪. 1‬‬
‫ترتيبا على ماتقدم نستطيع القول أنه إذا اعتربان اخلطأ املربح نوعا من اخلطأ اجلسيم كان‬
‫احلكم األخري هلذه احملكمة خمالفا ملا حكمت به حمكمة النقض الفرنسية‪ . 2‬أما إذا نظران إليه‬
‫على أنه نوع من الغش‪ 3‬فهو يتفق مع اجتاه حمكمة النقض ألن وجه الشبه بينهما يكمن يف أنه‬
‫خطأ عمدي‪ ،‬إذ تعترب خمالفة عمدية من الناقل ملقتضى التنفيذ السليم اللتزاماته العقدية‪ .‬كما‬
‫جيب أن يكون صادرا من الناقل شخصيا وليس من اتبعيه ولو كان التابعون قد ارتكبوه بقصد‬
‫حتقيق مصلحة للناقل أو إذا كان هذا القصد قد كشف عن مشاركة و تفاهم من الناقل معهم‬
‫على ارتكاب اخلطأ‪.4‬‬
‫يدخل يف هذا السياق أيضا بعض األحكام‪ 5‬اليت ذهبت إىل استخالص اخلطأ اجلسيم‬
‫من الفائدة اليت يرمي إليها املسؤول إىل حتقيقها من وراء اخلطأ ويشمل احلاالت اليت يرمي فيها‬
‫الناقل إىل حتقيق ربح أو اقتصاد يف النفقات على حساب مصلحة الشاحن ‪.‬‬
‫لعل أهم مثال يضرب عن فكرة اخلطأ املربح يتجسد من خالل وقائع قضية السفينة‬
‫واليت تتلخص وقائعها يف أن هذه السفينة كانت يف رحلة هلا من جزر "البهاما"‬ ‫‪Cepheuis‬‬

‫إىل جزر "أالسكا" لنقل شحنة من البضائع ‪،‬غري أاها احنرفت عن خط سريها وتوجهت إىل‬

‫‪1‬‬
‫‪- DMF 1960,p60:‬‬ ‫مشار إليه لدى علي مجال الدين عوض ‪،‬املقال السابق ‪ ،‬ص ‪. 65‬‬

‫‪ -2‬حكم حمكمة النقض الفرنسية الصادر يف ‪ 11‬مارس‪1960‬و الذي حسم يف اخلالف الذي وقع بني احملاكم الفرنسية بشأن سقوط حق‬
‫الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض عن هالك البضاعة أو تلفها‪ ،‬سبقت اإلشارة إليه يف الصفحة ‪248‬من هذه الرسالة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Trib .Com. Angers 4 Nov1971,Dr.europ,1972,p512:‬‬
‫‪René Rodiére, Droit maritime, Mise a jour au 10 juin1978, op.cit, p96.‬‬
‫‪ -4‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬املقال السابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ -5‬مثل جلوء الناقل إىل وسائل تفريغ ضارة ابلبضائع لتفريغ السفينة أبقصى سرعة ممكنة (حكم حمكمة مرسيليا يف ‪ 27‬جويلية ‪ 1927‬و‪4‬‬
‫جويلية ‪، 1928‬وحمكمة أكس الفرنسية ‪ 27‬أكتوبر ‪ 1934‬أو تغيري اجلهة املرسل إليها من جانب الناقل أو نقل البضائع من سفينة إىل‬
‫أخرى ‪ ،‬وقد كان هناك خالف يف الرأي يف حالة اخلطأ املكسب إلدخاله يف نظرية االثراء بال سبب بدال من فكرة اخلطأ اجلسيم ‪ :‬حممد‬
‫إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.287‬‬

‫‪290‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫"لوس أجنلس" للتزود ابلوقود الالزم إلكمال هذه الرحلة وذلك نظرا الخنفاض سعر الوقود يف‬
‫لوس أجنلس فحكم يف القضية أبن احنراف السفينة عن خط سريها هو احنراف غري معقول‬
‫واستند أن جمرد استفادة الناقل من أسعار الوقود املنخفضة يف ميناء معني ال ميكن اعتباره مربرا‬
‫معقوال الحنراف السفينة عن خط سريها‪.1‬‬
‫غري أنه ال جيوز اخللط بني اخلطأ املكسب واخلطأ اجلسيم ‪،‬فاخلطأ اجلسيم ال يعد‬
‫جسيما ألنه حيقق منفعة ملرتكبه فاخلطأ والفائدة فكراتن مستقلتان عن بعضهما متاما ‪،‬فقد‬
‫حيقق اخلطأ اليسري فائدة كبرية للناقل وقد ال حيقق اخلطأ اجلسيم أي فائدة كما ميكن االلتجاء‬
‫إىل فكرة الغش إذا كان هناك وراء اخلطأ املكسب سوء نية‪ .‬و ذلك ال يعين أن فكرة الفائدة‬
‫تدخل يف تقدير جسامة اخلطأ كعنصر من عناصر التقدير و كل ما يف األمر أن اخلطأ اجلسيم‬
‫يقدر فقط من وجهة نظر مسلك الناقل املعتاد‪. 2‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫مشكلة تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش‬
‫‪Culpa lata‬‬ ‫يرجع أصل قاعدة "تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش" إىل القانون الروماين‬
‫‪،‬حيث كان هناك جانب من املدينني يف حالة الوديعة (املودع لديه‬ ‫‪dolo aequiparatur‬‬

‫)بدون أجر والوكالة بدون أجر(الوكيل اجملاين)‪ .‬وال يسألون إال يف حالة الغش عن عدم تنفيذ‬
‫التزامهم‪ ،‬بينما يسأل ابقي املدينني عن جمرد اخلطأ‪ .‬ويف قانون "جستنيان" تطورت نظرية‬
‫األخطاء بتشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش ‪،‬على أنه ال جيب اخللط معىن هذا التشبيه ‪،‬ذلك أنه ال‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cepheuis,Arb,1990,A.M.C,1058,(Arbit.N.Y.1990):‬‬
‫مشار إليه لدى عمر فؤاد عمر ‪ ،‬إعفاء الناقل من املسؤولية دراسة مقارنة يف عقد النقل البحري للبضائع ‪،‬رسالة دكتوراه يف احلقوق‬
‫‪،‬جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪،2000‬ص ‪.574‬‬
‫‪ -2‬نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يهدف إىل إخضاع اخلطأ اجلسيم لنظام استثنائي مثل الغش ولكن معناه مساءلة املدين يف‬
‫مجيع العقود ليس فقط عن غشه ولكن أيضا عن خطئه اجلسيم ‪.1‬‬
‫مبادئ قانون‬ ‫‪Pothier‬‬ ‫لقد نقل شراح يف القرن الثامن عشر وبصفة خاصة الفقيه‬
‫"جستنيان" واهتموا مبشكلة األخطاء و أعطى ‪ Pothier‬للخطأ اجلسيم مكاان هاما ‪،‬إذ جعل‬
‫منه أحد مصطلحات التقسيم الثالثي املعروف لألخطاء مع اخلطأ البسيط والتافه يف اجملال‬
‫التعاقدي ‪،‬لذلك فإن أي انقل يسأل عن غشه وكذلك عن خطئه اجلسيم‪ ،‬الذي يعترب بسبب‬
‫اخلطأ اجلسيم ابلغش ‪،‬فإمنا كان يعين انشغال‬ ‫‪Pothier‬‬ ‫جسامته مشبها ابلغش وحينما شبه‬
‫املسؤولية ال حجمها وقد نقل الفقه بعد ذلك قاعدة التشبيه ‪،‬أما فيما يتعلق ابلتعويض فلم‬
‫وهو ما يظهر حينما تعرض للغش مل يشر للخطأ‬ ‫‪Pothier‬‬ ‫يكن للخطأ اجلسيم أي دور عند‬
‫اجلسيم‪.2‬‬
‫يف هذا الشأن يظهر أن القانون املدين الفرنسي أيخذ بتدرج األخطاء للقانون الروماين‬
‫لكنه مل أيت على ذكر للقاعدة الرومانية‪ 3‬والتساؤل الذي يثور هنا كيف تعامل الفقه والقضاء‬
‫مع مشكلة تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش؟‬
‫مل يتفق الفقه والقضاء حول هذه املشكلة فتباينت أراءهم إىل مؤيد بفكرة التشبيه‬
‫ومعارض هلا‪ ،‬يرى بضرورة التفرقة بني الغش واخلطأ اجلسيم‪ ،‬لذلك سيتم التفصيل يف هذا‬
‫املوضوع من خالل التعرض ألهم احلجج اليت استند إليها أصحاب االجتاهني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Yassad‬‬
‫‪Horia, le contrat de vente internationale de marchandises, thèse doctorat en‬‬
‫‪droit, université mouloud Mammeri de Tizi –Ouzou, anné2008, p180.‬‬
‫حممد موسى حممد دايب‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 348‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.349‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Henri Zoghbi, La responsabilité aggravée du transporteur aérien (Dol et la faute‬‬
‫‪équivalente au dol étude devloppée du protocole de la Haye), libraire général de droit‬‬
‫‪et jurisprudence, Paris 1962, p76.‬‬
‫‪292‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫االجتاه األول‪:‬‬
‫استند أنصار املساواة و التشبيه‪1‬بني الغش واخلطأ اجلسيم إىل ثالث حجج‪2‬و هي كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪-1‬حجة ذات طابع اترخيي فقاعدة التشبيه مصدرها القانون الروماين وأخذ هبا الشراح‬
‫القدامى كما أخذ هبا أيضا املشرع الدويل يف اتفاقية روما‪. 3‬‬
‫‪-2‬حجة أخرى ذات طابع نفسي ترتكز على املفهوم الواسع ملفهوم النية فريون أن اخلطأ‬
‫اجلسيم والغش من طبيعة واحدة وبيان ذلك أنه يكفي لوجود النية لدى مرتكب الفعل أبن‬
‫يكون لديه اإلدراك أن تصرفه ميكن أن حيدث ضررا ابلغري ‪ ،‬رغم أنه ال يرغب يف حتقيق‬
‫النتيجة وابلتايل ميكن تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش دون صعوبة‪ ،‬فالغش يتضمن اإلدراك بوقوع‬
‫ضرر على الغري ويصر فاعله على سلوكه دون الرغبة أيضا يف حتقيق النتيجة‪.‬‬
‫‪-3‬وحجتهم األخرية هي ذات طابع عملي تستمد من االثبات ‪،‬إذ توجد هنا قرينة مؤداها أن‬
‫اخلطأ اجلسيم يؤدي إىل افرتاض اخلطأ العمدي وهذه قرينة بسيطة تقبل اثبات العكس وجيب‬
‫على مرتكب اخلطأ اجلسيم اثبات أنه مل يرتكب خطأ عمداي أي انعدام النية‪.‬‬
‫لقد أخذت هبذا الرأي بعض احملاكم الفرنسية‪ 4‬خبصوص مسؤولية الناقل البحري‬
‫‪،‬حيث قررت فقدان الناقل حقه يف االستفادة من تعويض حمدود يف حاليت الغش واخلطأ‬
‫اجلسيم معتربة الغش معادال للخطأ اجلسيم وأيخذ حكمه‪ .‬و ابلتايل يلزم بدفع تعويض كامل‬
‫عن قيمة البضاعة اهلالكة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- René Rodiére,‬‬ ‫‪Droit maritime, les contrat de transport de marchandises, 6eme‬‬
‫‪édition, librairie Dalloz,Paris1974,p316, Francis Sauvage ,Manuel pratice du transport‬‬
‫‪des marchandises par mer , op.cit ,p88, Georges Marais, op.cit ,p207.‬‬
‫‪ -2‬حممد موسى حممد دايب‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 350‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -3‬اتفاقية روما املوقعة يف ‪ 17‬اكتوبر ‪ 1952‬املتعلقة ابألضرار الواقعة للغري على سطح األرض من قبل الطائرات األجنبية (املادة ‪.)12‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Cass de Paris 12/6/1951,DMF1951,p283, Cass deRouen7/5/1955, DMF1955,p483.‬‬
‫‪Cour de cassation 23/6/1982,DMF 1983,P26,Cour d'appel Rouen14/10/1980,BT,‬‬
‫‪p105:‬‬
‫مشار إليها لدى حممد موسى حممد دايب‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.351‬‬

‫‪293‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫االجتاه الثاين‪:‬‬
‫ذهب أنصار معارضي فكرة التشبيه بني اخلطأ اجلسيم والغش إىل انتقاد االجتاه السابق‪،1‬إذ‬
‫يرون أن اخلطأ اجلسيم يعد قرينة قابلة إلثبات العكس وعلى قيام الغش‪ ،‬فاملساواة بني الغش‬
‫واخلطأ اجلسيم ال تستند إىل الوحدة بينهما يف الطبيعة‪ ،‬فاخلطأ مهما كان جسيما ال يعين أن‬
‫مرتكبه قد رغب يف حتقق الضرر‪ .‬لذلك فهو خطأ غري عمدي يتمثل يف غلط ‪،‬أو إمهال ‪،‬أو عدم‬
‫احليطة وابلتايل يعترب من األخطاء غري العمدية لكنه يتميز عنها يف درجة اجلسامة‪. 2‬‬
‫كما أنه إذا كانت فكرة النظام العام وفكرة الشرط اإلرادي تربران إلغاء شروط عدم‬
‫املسؤولية يف حالة الغش فإن ذلك ال يصدق على اخلطأ اجلسيم من حيث التربير‪ .‬ولكن‬
‫املشاهبة بني الغش واخلطأ اجلسيم تتعلق ابإلثبات فقط ‪،‬فالناقل مرتكب الغش يتقنع دائما‬
‫بقناع الغباء‪ ،‬فهو يعرتف جبسامة خطئه ولكنه يدعي حسن نيته و ميثل دور األمحق ابعرتافه‬
‫أنه قد سلك سلوكا غري سوي ولكن حبماقة و بدون نية سيئة ‪،‬فيجب إذن أن نضع حدا‬
‫هلذه الطريقة السهلة للدفاع أبن نرتب على اخلطأ اجلسيم نفس نتائج املرتتبة على الغش ‪.‬كما‬
‫‪3‬‬
‫أنه إذا كان اخلطأ اجلسيم يفرتض الغش ولكن هذه القرينة قابلة إلثبات العكس ألن القرينة‬
‫القانونية ال تكون قاطعة إال مع وجود نص قانوين يقضي بذلك ‪.‬وابلتايل فاخلطأ اجلسيم‬

‫‪1‬‬
‫‪- Michelle Pourcelet,‬‬ ‫‪Le Transport aérien international et La responsabilité, Les‬‬
‫‪Presses de L'université de Montréal, Canada mars1964, p 99,Cheveau, L'accident des‬‬
‫‪açores , Les responsabilité du transporteur aérien R.D.F.A,1952,p239:‬‬
‫‪Mohammed Farid Alariny, La responsabilité du transporteur aérien pour retard d'après‬‬
‫‪l'article19 de convention de Varsovie 1929, thèse doctorat d'Etat en droit, université‬‬
‫‪de paris, ânée de soutenance1970, p285.‬‬
‫‪ -2‬مشار إليه لدى حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.280‬‬
‫‪ -3‬يقصد اب لقرينة ما يستنبطه املشرع أو القاضي من أمر معلوم الداللة على أمر جمهول وهي تنقسم إىل نوعني ‪:‬قرائن قانونية وأخرى قضائية‬
‫‪ ،‬فالقرينة القانونية ما يستنتجه املشرع بنفسه من حاالت يغلب وقوعها عمال يف صيغة عامة وجمردة ‪ ،‬فهي ال تعترب أدلة مبعىن الكلمة وإمنا‬
‫هي تنق ل عبء االثبات من على عاتق املكلف به إن كانت بسيطة ‪ ،‬أو تعفي من االثبات اهائيا إن كانت قاطعة وأما القرينة القضائية‬
‫فهي ما يستنبطه القاضي من وقائع الدعوى املعروضة عليه وذلك ابستخدام الوقائع اليت تثبت له للداللة على وقائع أخرى‪ :‬شريف أمحد‬
‫الطباخ ‪،‬املسؤولية املدنية التقصريية والعقدية (اجلزء األول )‪،‬دار الفكر والقانون ‪،‬مصر ‪،‬سنة ‪،2012‬ص‪. 516‬‬

‫‪294‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يفرتض أنه غش حىت يثبت العكس ويف هذه احلدود وحدها يظهر التشابه بني الغش واخلطأ‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫اجلسيم‬
‫غري أن هذه الفكرة القت رفضا استنادا ملا هو مستقر عليه يف علم القانون من أن‬
‫حسن النية هو أمر مفرتض وعلى املضرور أن يثبت سوء نية املخطئ‪ .‬وأن من شأن القول‬
‫بوجود تشابه بني كل خطأ جسيم يشكل غشا ابعتبار سوء النية هو القاعدة وحسن النية‬
‫هو االستثناء‪ ،‬هذا ابإلضافة إىل أن القرينة ال تكون مقبولة يف املسائل القانونية وامنا تقبل يف‬
‫مسائل الوقائع ‪.2‬‬
‫من جهة أخرى فقد ذهب بعض الشراح الفرنسيني إىل ضرورة التفرقة يف التفسري بني‬
‫نص القانون الفرنسي الداخلي ‪،‬الذي يسوي بني الغش واخلطأ اجلسيم ألن املبادئ القانونية‬
‫تقضي ابملساواة بينهما ‪،‬يف حني أنه بشأن تفسري وتطبيق معاهدة بروكسل ال ميكن تسوية‬
‫اخلطأ اجلسيم ابلغش‪ ،‬ألن التسوية غري معروفة يف بعض البلدان املوقعة على املعاهدة ‪.‬لذلك‬
‫فنصوصها جيب أن تفسر طبقا ألعماهلا التحضريية دون التقيد ابملبادئ املستقر عليها يف‬
‫فرنسا‪.3‬‬
‫‪5‬‬
‫لقد أتثر القضاء املصري‪ 4‬هبذه احلجة ‪،‬إذ جاء يف حكم حملكمة النقض املصرية‬
‫أنه‪":‬ال يعترب اخلطأ اجلسيم حالة من حاالت حرمان الناقل من النظام القانوين للمسؤولية‬
‫الذي نصت عليه املادة ‪( 5/4‬معاهدة بروكسل لسندات الشحن لسنة‪ )1924‬بعبارة مطلقة‬
‫تفيد أن درجة اخلطأ ليست حمل نظر عند تطبيقه‪.‬خالفا للغش الذي يتجاوز اخلطأ ويتضمن‬

‫‪ -1‬مشار إليه لدى حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 281‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.282‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Francis Sauvage, Manuel pratique du transport des marchandises par mer , op.cit.‬‬
‫‪,p85et s.‬‬
‫‪-4‬كما أصدرت ذات احملكمة حكمني آخرين متالحقني ترفض فيهما التسوية بني اخلطأ اجلسيم والغش يف ‪22‬جويلية ‪ 1961‬ويف ‪9‬‬
‫نوفمرب ‪: 1961‬مشار إليهما لدى إبراهيم مكي إبراهيم ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 388‬‬
‫‪ -5‬نقض مصري صادر بتاريخ ‪11‬فيفري ‪ :1960‬سعيد أمحد شعلة‪ ،‬قضاء النقض البحري‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2001‬ص ‪.173‬‬

‫‪295‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫قصد اإلضرار وإذا كان املشرع قد ساوى بني اخلطأ اجلسيم والغش يف أكثر من موضع يف‬
‫القانون املدين ‪،‬فإن ذلك ال ينهض دليال على اجتاه إرادة املشرع الدويل ابألخذ بنفس احلكم‬
‫‪،‬ألن تنظيم عقد النقل البحري الدويل يتميز بنوع من الذاتية خترجه عن القواعد العامة"‪.‬‬
‫أما القضاء الفرنسي فقد أصرت حمكمة النقض الفرنسية بدوائرها اجملتمعة على التفرقة‬
‫بني معىن الغش واخلطأ اجلسيم صادر يف ‪11‬مارس‪.11960‬و ميتاز هذا احلكم أبنه يلقي‬
‫بعض الضوء على األساس القانوين للحل الذي اعتمدته احملكمة‪ ،‬فهي تقول ‪ ":‬أن الناقل‬
‫البحري الذي حرمه قانون‪2‬أفريل ‪ 1936‬يف املادة التاسعة منه أن يدرج يف سند الشحن‬
‫الذي يصدره أي شرط يؤدي بطريق مباشر أو غري مباشر إىل إعفائه من املسؤولية اليت تلقيها‬
‫على عاتقه القواعد العامة أو أحكام هذا القانون ‪،‬ال ميكن أن تتجاوز مسؤوليته عن األضرار‬
‫اليت تصيب البضاعة املبلغ الذي حيدده النص املتقدم ‪،‬مامل يعلن الشاحن طبيعة البضاعة‬
‫وقيمتها يف سند الشحن ‪.‬‬
‫و إذا كان الغش كالتدليس خيرج عن نطاق هذه القواعد ومينع انطباق هذا التحديد‬
‫القانوين ‪،‬فإن العبارة العامة اآلمرة للنص األخري متنع كل تسوية يف احلكم بني اخلطأ اجلسيم‬
‫والغش ‪،‬يف حني أن مسؤولية الناقل البحري ال تتحدد ابإلرادة احلرة لألطراف وإمنا أبحكام‬
‫من النظام العام‪ ،‬حددت متاشيا مع القواعد الواردة ابتفاقية بروكسل الدولية مدى التزامات‬
‫املتعاقدين املتبادلة وأقامت بذلك التوازن بينهما"‪.2‬‬
‫و يف حكم آخر هلا‪ 3‬بقوهلا ‪":‬و إن كان الغش حيرم الناقل من حدود املسؤولية فإن‬
‫اخلطأ اجلسيم الصادر من الناقل أو اتبعه ال يقف حاجزا أمام تطبيق احلد األقصى للتعويض‬
‫واملفروض بعبارة مطلقة يف نص يعترب من النظام العام"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-René Rodiére ,‬‬ ‫‪Emmanuel du Pontavice ,Droit maritime,11éme édition Dalloz ,paris‬‬
‫‪1991, p295.‬‬
‫‪ -2‬مشار إليه لدى على مجال الدين عوض‪ ،‬تعليقات على القضاء التجاري البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.16‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Cour de cassation 2/7/1969, DMF1970, p14.‬‬

‫‪296‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪Delaby‬‬ ‫كذلك مل يبتعد القضاء البلجيكي عن نظريه الفرنسي ‪،‬حيث جاء يف قضية‬
‫واليت تتلخص وقائعها يف أن انقال ترك سفينته تغادر ميناء الشحن وهي حمملة‬ ‫‪somat‬‬

‫بشحنة من السكر دون عرضها على شركة املراقبة اخلاصة بصالحية السفينة للمالحة‪ ،‬بعد‬
‫خروجها من احلوض اجلاف حيث خضعت لبعض الرتميمات‪ ،‬فتضررت شحنة السكر بسب‬
‫دخول مياه البحر يف أسفل العنرب‪ 1‬الثالث بسبب وجود صمام األمان بدون مطاط خاص‬
‫بتثبيته‪ ،‬فاعتربت احملكمة أن التصرف الذي صدر من الناقل هو خطأ جسيم ولكن ال يصل‬
‫إىل درجة الغش ومن مث ال حيرم الناقل من حدود املسؤولية على أساس ‪ 4000‬فرنك‬
‫بلجيكي عن كل طرد من البضاعة اهلالكة‪.2‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أنه ابعتبار القانون املدين اجلزائري ينتمي إىل طائفة األنظمة الالتينية‬
‫اليت تتزعمها فرنسا فالغش واخلطأ يعتربان من املفاهيم املتداولة فيه إال أن املشرع قد تفادى‬
‫النقد الذي القته القاعدة الرومانية اخلاصة بتشبيه الغش ابخلطأ اجلسيم إذ اعرتف ابلفرق‬
‫الذي يفصل بينهما يف املعىن ‪،‬لكنه رتب عليها نفس احلكم من حيث املسؤولية الشخصية‪.3‬‬
‫مازال اجلدل مستمرا يف فرنسا حول ما إذا كانت قاعدة التشبيه هي أحد املبادئ‬
‫أن احلكم‬ ‫‪Georges ripert‬‬ ‫الرئيسية يف القانون الفرنسي أم ال ‪،‬إذ يرى الفقيه الفرنسي‬
‫الصادر عن الدوائر اجملتمعة حملكمة النقض الفرنسية بعدم تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش ‪،‬هو‬
‫تطبيق لقواعد القانون املدين‪،‬إذ أن قاعدة التشبيه ال تعترب من إحدى املبادئ الرئيسية للقانون‬
‫العكس فقاعدة التشبيه هي مقبولة يف‬ ‫‪Rodiére‬‬ ‫الفرنسي"‪ ،‬بينما يرى الفقيه الفرنسي‬
‫القانون الفرنسي‪ ،‬إال أن هذه القاعدة التقليدية قد استبعدها القانون سنة ‪، 1936‬كما‬

‫‪ -1‬العنرب هو جزء من السفينة وهو الغرفة املخصصة واملصممة لوضع البضائع ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Trib.com de Bruxelles 6/5/1963.E.T.L( 1963),p721:‬‬
‫مشار إليه لدى عبد الرمحن ملزي‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 232‬‬
‫‪ -3‬تنص املادة ‪ 178‬ق م ج‪.....":‬وكذلك جيوز االتفاق على إعفاء املدين من أية مسؤولية ترتتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي ‪،‬إال ما‬
‫ينشأ عن غشه أو عن خطئه اجلسيم ‪،‬غري أنه جيوز للمدين أن يشرتط إعفاءه من املسؤولية النامجة عن الغش أو اخلطأ اجلسيم الذي يقع‬
‫من أشخاص يستخدمهم يف تنفيذ التزامه‪.".....‬‬

‫‪297‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يالحظ من انحية أخرى أن حمكمة النقض الفرنسية قد استبعدت قاعدة التشبيه ابلنسبة‬
‫للطرود الربيدية يف حكمها الصادر يف ‪32‬مارس سنة ‪. 11973‬‬
‫ارتباطا مبا سبق و كل ما قيل عن تقليص العمل بقاعدة تشبيه الغش ابخلطأ اجلسيم‬
‫فقد تساءل بعض الفقه عما بقي من هذه القاعدة‪ ،‬فهي اترة تستبعد بواسطة املشرع واترة‬
‫أخرى بواسطة القضاء يف جماالت متعددة و أن الشراح الذين يؤيدون التشبيه كلهم متفقني‬
‫على استبعاد هذه القاعدة يف اجملاالت األتية‪:2‬‬
‫‪-1‬يف موضوع النقل ابلسكك احلديدية‪ ،‬منذ عرضت املشكلة على حمكمة النقض الفرنسية‬
‫عام ‪.1869‬‬
‫‪-2‬يف موضوع النقل البحري والنهري منذ احلكم الصادر يف سنة ‪ 1960‬من الدوائر اجملتمعة‬
‫حملكمة النقض‪.‬‬
‫‪-3‬يف موضوع التأمني وذلك منذ أجاز املشرع بقانون ‪ 13‬جويلية ‪ 1930‬التأمني عن اخلطأ‬
‫اجلسيم وحظر التأمني عن الغش ‪.‬‬
‫‪ -4‬يف جمال نقل الطرود الربيدية‪ ،‬منذ احلكم الصادر من حمكمة النقض الفرنسية يف ‪23‬‬
‫مارس سنة ‪.1973‬‬
‫مهما يكن من اختالف يف الفقه والقضاء حول وجود أساس قانوين لتربير التسوية بني‬
‫الغش واخلطأ اجلسيم ‪،‬إال أن هناك بعضا من الفقه أتثر هبذه الفكرة ‪،‬حيث تتجه حركة‬
‫التشريع فيما بني الدول يف نطاق القانون اخلاص إىل األخذ هبا وإن كانت هذه احلركة قد‬
‫انكمشت نتيجة تباين االصطالحات القانونية السائدة يف بعض الدول عن األخرى‪.3‬‬

‫‪ -1‬مشار إليهما لدى حممد موسى حممد دايب‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 360‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 361‬‬
‫‪ -3‬حممود مجال الدين زكي ‪،‬مشكالت املسؤولية املدنية‪ ،‬اجلزء الثاين يف االتفاقات املتعلقة ابملسؤولية (اتفاقات رفع وختفيف املسؤولية‬
‫والشرط اجلزائي والتأمني من املسؤولية )‪،‬مطبعة جامعة القاهرة ‪،‬سنة ‪، 1990‬ص‪ 89‬وما يليها‪.‬‬

‫‪298‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫خيلص القول من خالل أهم ما جاء به الفقه و أحكام القضاء أن اخلطأ اجلسيم‬
‫خيتلف عن الغش يف طبيعته‪ ،‬فبينما يكمن الغش على األقل يف االخالل ابلتزام عقدي مع‬
‫إدراك الضرر الذي ينجم عنه فإن اخلطأ اجلسيم ال ينطوي على سوء القصد‪ ،‬إذ ال يتعمد‬
‫الناقل الذي يرتكبه اإلضرار بصاحب البضاعة‪ ،‬فال خيرج عن كونه إمهاال أو عدم احتياط مل‬
‫يرده هذا األخري ومل يقصده يف إحداث الضرر‪ ،‬الذي نشأ عنه ويعترب بوجه عام خطأ غري‬
‫عمدي ال خيتلف يف طبيعته عن بقية األخطاء غري العمدية فال تعين التسوية بينهما يف اآلاثر‬
‫القانونية احتادمها يف طبيعتهما وصفاهتما وقد كان النقد الذي وجه لقاعدة التشبيه الختالف‬
‫طبيعة كل منهما فال حمل للتشابه بينهما‪. 1‬‬
‫كما أن هذه التسوية ال تقوم على أسس قانونية تتعلق ابإلثبات اليت يف جمملها هتدف إىل‬
‫إحباط دفاع الناقل سيئ النية الذي يدعي اخلفة والغفلة ويتذرع ابخلطأ اجلسيم ليتخلص من‬
‫آاثر الغش الذي ارتكبه‪ ،‬لينادي ابعتبار سلوكه يعد خطأ جسيما إىل أن يثبت العكس واليت‬
‫تعترب قرينة على توافر الغش وإمنا تتأسس التسوية على اعتبارات اجتماعية أدت إىل بقائها‬
‫يف القانون احلديث‪.2‬‬
‫كما أن اخلطأ اجلسيم لكونه وليد عدم االكرتاث ابلغ يف احملافظة على البضاعة املنقولة‬
‫وإيصاهلا ساملة إىل صاحب احلق عليها واستهتار كبري هبذه احلقوق يقرتب يف خطورته على‬
‫العالقات القانونية من اخلطأ العمدي و الغش فيتعني من مث إخضاعهما إىل نظام قانوين‬
‫واحد‪ ،‬فإذا كان الفارق بينهما كبريا يف الناحية اخللقية بني مسؤولية الناقل الذي يرتكب غشا‬
‫وانقل آخر الذي أييت خطأ جسيما فإاهما يقرتابن من الناحية االجتماعية ومن مث جيب‬
‫التسوية بينهما يف القواعد القانونية‪ ،‬فإذا كان التساوي يف بعض الفروض يف املعاملة مع اخلطأ‬

‫‪ -1‬حممود مجال الدين زكي املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.90‬‬

‫‪299‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫العمدي أو الغش فليس ذلك لوحدة الطبيعة بينهما ولكنها جمرد مساواة يف اآلاثر اليت‬
‫يرتبهما مع استقالل كل منهما خبصائصه املميزة ‪.1‬‬
‫ابإلضافة إىل ذلك فاخلطأ اجلسيم يتميز عن اخلطأ الذي ال يغتفر بعدم اشرتاط العنصر‬
‫االرادي للفعل أو الرتك غري املشروع وعن اخلطأ اليسري جبسامة االحنراف عن الناقل املعتاد‬
‫وأن له خاصية هامة متيزه يف ذلك وهي توافر عنصر توقع حدوث الضرر نتيجة للفعل غري‬
‫املشروع لدى الناقل ابملعيار املوضوعي اجملرد أو املعيار الذايت وأنه ميكن الوصول إىل هذا‬
‫التوقع حلدوث الضرر حسب مضمون االلتزام ‪،‬كما أنه ينفصل عن اخلطأ املكسب لعدم‬
‫وجود اتصال دائم بني اخلطأ اجلسيم وفكرة املصلحة أو الفائدة‪.2‬‬
‫هذه اخلصائص هي اليت متيز اخلطأ اجلسيم عن غريه ‪،‬فتستند إىل القاعدة األخالقية‬
‫كأساس لتقييم درجات اخلطأ ‪،‬فاخلطأ اجلسيم وإن كان ال يطابق اخلطأ األخالقي شأن اخلطأ‬
‫العمدي أو الغش فإنه يقرتب من حيث توافر احلالة النفسية لدى الناقل واليت توجد لديه‬
‫توقع حدوث الضرر وهذا ما يربر تدخل املعيار الذايت كمعيار احتياطي إلثبات توافر هذا‬
‫التوقع لدى الناقل وهذا أيضا هو سبب معاملة اخلطأ اجلسيم معاملة الغش يف كثري من‬
‫الفروض‪. 3‬‬
‫خالصة القول أن املادة ‪ 5/4‬من اتفاقية بروكسل تسببت يف كثري من اجلدل وأدت‬
‫إىل تفاوت يف التعويض كما سبق وأن رأينا ‪ ،‬حيث انقسمت احملاكم فمنها من قضت بعدم‬
‫جتاوز احلد األقصى ملبلغ التعويض يف حاليت الغش واخلطأ اجلسيم و أخرى قضت ابلتعويض‬
‫الكامل فأدى ذلك إىل تفويت الفرصة من أجل التوحيد القانون الدويل خبصوص النقل‬
‫البحري للبضائع يف اتفاقية بروكسل ‪.‬‬

‫‪ -1‬حممود مجال الدين زكي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 91‬‬


‫‪ -2‬حممد إبراهيم الدسوقي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.290‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.291‬‬

‫‪300‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫هذا األمر دفع ابلدول املصادقة على املعاهدة إىل االجتماع من أجل استدراك النقص‬
‫الذي حلقها بتعديل هذه األخرية يف بروتوكول سنة ‪ 1968‬من خالل النص الذي ورد ‪5/2‬‬
‫منه ‪،‬الذي بني حاالت سقوط عدم استفادة الناقل من احلد األقصى للتعويض وابلتايل دفع‬
‫تعويض كامل يتطابق مع القيمة احلقيقية للضرر الذي أصاب البضاعة حمل عقد النقل و‬
‫يكون ذلك حسب ما جاء يف هذه املادة عند حالة ارتكاب الناقل أو اتبعيه فعال يتصف‬
‫‪. Wilful Misconduct‬‬ ‫بسوء السلوك العمدي‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫اهلدف املنشود من وراء فكرة سوء السلوك العمدي‬
‫لقد كان حمور املناقشات يف بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬يدور حول تقريب‬
‫املفاهيم القانونية لدى الدول األجنلو سكسونية والدول الالتينية لكي ال يكون هناك احنياز يف‬
‫االتفاقية إىل فكرة يف نظام قانوين معني‪،‬رمبا قد جتهلها بعض النظم القانونية األخرى‪ .‬لذلك‬
‫فال مفر من تعديل حيسم االختالف بنص واضح وهلذا كان من أهم أهداف الربوتوكول هو‬
‫بيان حاالت التعويض الكامل للضرر الذي يصيب البضاعة حمل عقد النقل البحري‬
‫الدويل‪.1‬‬
‫نتيجة لتلك املناقشات اجته هذا الربوتوكول إىل حرمان الناقل سيء النية أو الغارق يف‬
‫اإلمهال من االستفادة من احلد األقصى للتعويض‪ .‬ولكنه مل يستعمل لفظ الغش أو عبارة‬
‫اخلطأ اجلسيم ألن هلذا اللفظ مدلوالت ختتلف من نظام قانوين عن آخر كالنظام األجنلو‬
‫سكسوين الذي ال أيخذ ابصطالح اخلطأ اجلسيم وما يشري إليه من تدرج يف مراتب اخلطأ‪.‬‬
‫وكان على الربوتوكول أن يبحث عن صياغة تلتقي عندها خمتلف األنظمة القانونية فلم جيد‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 342‬وما يليها‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫خريا مما فعلته اتفاقية وارسوا‪ 1‬اخلاصة ابلنقل اجلوي لسنة ‪ 1929‬املعدلة بربوتوكول الهاي‬
‫لسنة ‪.1955‬‬
‫و على هذا فقد أخذ بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬اخلاص ابلنقل البحري بفكرة‬
‫‪3‬‬
‫سوء السلوك العمدي‪ 2Wilful Misconduct‬وكذلك تبعته يف هذا التوجه اتفاقييت هامبورغ‬
‫وروتردام‪.4‬بناءا على ذلك فقد مت تقسيم هذا املبحث إىل مطلبني ‪ :‬فكرة سوء السلوك‬
‫العمدي ومدى جناعتها ‪( ،‬مطلب أول)‪ ،‬تطبيقات التعويض الكامل وتقديره (مطلب اثين)‪.‬‬
‫املطلب األول‪:‬‬
‫فكرة سوء السلوك العمدي ومدى جناعتها‬
‫عندما انعقدت الدورة اخلاصة لفريق العمل املكلف إبعداد مشروع قواعد فيسيب‬
‫(بروتوكول بروكسل لسنة ‪) 1968‬كان هناك اقرتاح من طرف مندوب فرنسا وبلجيكا أبن‬
‫يدرج اخلطأ العمدي واخلطأ غري املغتفر كموانع للتمسك ابحلد األقصى للتعويض ‪.‬لكن هذا‬
‫االقرتاح قد قوبل ابلرفض من جانب بعض وفود الدول األجنلو سكسونية وقد كانت علة هذا‬
‫الرفض أن هناك بعض الدول جتهل فكرة الغش واخلطأ غري املغتفر ‪.‬لذلك ستجد صعوبة‬

‫‪ -1‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 113‬وما يليها‪ ،‬حممود خمتار أمحد بريري‪،‬‬
‫املرجع السابق ‪،‬ص ‪.390‬‬
‫‪ -2‬يقابلها مصطلح ابلفرنسية ‪ faute dolosive‬وقد أخذ بذلك املشرع اجلزائري يف نص املادة ‪809‬ق ب ج عندما قرر للمضرور‬
‫استيفاء التعويض ابلكامل و املطابق لقيمة البضاعة‪ ،‬عند ارتكاب الناقل سلوكا يندرج حتت فكرة سوء السلوك العمدي‪:‬‬
‫‪-Fatima Boukhatmi, aperçu du droit algérien des transports et de marchandises par‬‬
‫‪mer, études de droit, Mélanges en hommage à Abdallah Benhamou, ouvrage publié‬‬
‫‪avec le sou tien du recteur de l'université Abou-bekr Belkaid de Tlemcen, kounouz‬‬
‫‪édition, année 2012 p301.‬‬
‫‪ -3‬قضت املادة ‪8‬من معاهدة هامبورغ أبنه ‪":‬ال حيق للناقل االستفادة من حتديد املسؤولية املنصوص عليه يف املادة ‪، 6‬إذا ثبت أن اهلالك‬
‫أو التلف أو التأخري يف التسليم قد نتج عن فعل أو تقصري من ارتكبه بقصد التسبب يف هذا اهلالك أو التلف أو التأخري أو ارتكب عن‬
‫استهتار وعلم ابحتمال أن ينتج عنه هذا اهلالك أو التلف أو التأخري ‪ ".......‬وهذه الصياغة هي ركيكة وما يؤخذ عليها التكرار الزائد‬
‫للكلمات كان األجدر هبا االختصار على حنو ما جاء به بروتوكول ‪ 1968‬املشار إليه أعاله‪.‬‬
‫‪-4‬نصت املادة ‪ 61‬من قواعد روتردام على أنه‪ ":‬ال حيق للناقل وال ألي من األشخاص املشار إليهم أن ينتفع ابحلد من املسؤولية حسبما‬
‫تنص عليه املادة ‪، 59‬أو حسبما ينص عليه عقد النقل ‪،‬إذا أثبت املطالب أن اخلسارة النامجة عن إخالل الناقل بواجبه مبقتضى هذه‬
‫االتفاقية تعزى إىل فعل أو إغفال شخصي من جانب الشخص املطالب ابحلق يف احلد من املسؤولية ارتكب بقصد احداث تلك اخلسارة‬
‫أوعن استهتار و عن علم ابحتمال حدوث تلك اخلسارة‪."....‬‬

‫‪302‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫كاملة يف اختيار الفكرة املقابلة لفكرة الغش يف نطاقها القانوين وهلذا طلبت تلك الدول‬
‫ابقتباس مفهوم سوء السلوك اإلرادي ‪ Wilful Misconduct‬من بروتوكول ‪ 1955‬الهاي‬
‫املعدل التفاقية وارسوا اخلاصة ابلنقل اجلوي ‪.‬‬
‫لقد انتصر االجتاه األخري فجاء النص مؤسسا على املانع من التمسك من احلد‬
‫األقصى للتعويض و ابلتايل حلول التعويض الكامل مكانه يف احلاالت‪ ،‬اليت تندرج حتت‬
‫فكرة سوء السلوك العمدي ‪، 1 Wilful Misconduct‬لذلك سنتعرض ملفهومها (فرع أول )‬
‫‪،‬تقييم هذه الفكرة وكيفية اثباهتا(فرع اثين)‪.‬‬
‫الفرع األول ‪:‬‬
‫مفهوم سوء السلوك العمدي‬
‫سوء السلوك العمدي مفهوم قدمي ومعروف يف القانون األجنلوسكسوين وهو يتضمن‬
‫كلمتني ‪ "Mis-Conduct":‬و " ‪ " Wilful‬وهلما مفهوم حمدد وهذا ما يستخلص من كلمة‬
‫يف قضية ‪ Lewis C.G.W.Rly‬وهي كما يلي‪ ":‬إذا علم الفاعل أن ما‬ ‫"‪"Butte‬‬ ‫القاضي‬
‫يفعله أو ما ميتنع عنه يؤدي إىل اإلضرار ابألشياء املرسلة وأصر على ذلك عمدا ‪،‬دون اهتمام‬
‫بوقوع ضرر أم ال ‪،‬أان أرى أنه يقوم بشيء خاطئ وهذا هو سوء السلوك "‪"Mis-Conduct‬‬
‫" ويرتجم‬ ‫"‪Wilful Mis-Conduct‬‬ ‫وإذا قام به عمدا فهو مرتكب لسوء السلوك العمدي‬
‫الفقه هذه العبارة يف فرنسا ابللغة الفرنسية إىل "‪ "Inconduite délibérée‬وترمجتها "سوء‬
‫السلوك العمدي"‪.2‬‬
‫من الضروري حتليل مفهوم سوء السلوك العمدي فهو غري معروف لدى الدول اليت‬
‫تتبع القانون الالتيين وإليضاحه يكفي أن نرجع إىل تعريف الفقيهان "شاو كروس" و "بومو"‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪C.M.I, Year book,(1969), p138.‬‬
‫‪ - 2‬مشار إليه لدى حممد موسى حممد دايب‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.398‬‬

‫‪303‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يف القانون اإلجنليزي و يقصد بسوء السلوك العمدي أنه فعل أو امتناع عمدي وفاعله يعرف‬
‫بشيئني‪ :‬أنه خيالف واجبا و يعرف أيضا ابحتمال وقوع الضرر على الغري‪.1‬‬
‫كما يوضح الفقيهان يف تعريف آخر هلما‪ ":‬أنه من الضروري التنبيه أبن سوء السلوك‬
‫وليس السلوك يف حد ذاته جيب أن يكون عمداي‪ ،‬فالسلوك السيء العمدي هو سوء السلوك‬
‫الذي تكون فيه اإلرادة عنصرا و هو يواجه عرضا أو إبمهال هذا هو العنصر السيء الذي‬
‫جيب أن يكون عمداي ‪ ،‬وليس السلوك العمدي يف حد ذاته"‪ .2‬ومن خالل هذا التعريف‬
‫يتضح أن مفهوم سوء السلوك العمدي يتكون من عنصرين اخلطأ العمدي و عدم االكرتاث‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اخلطأ العمدي‬
‫اخلطأ العمدي هو التصرف الذي ينطوي على قصد احداث الضرر ابلغري ‪،‬فال يكفي‬
‫لوصف السلوك أبنه خطأ عمدي أن يقصد الفاعل هذا التصرف ‪،‬بل جيب أن يهدف منه‬
‫قاصدا إىل إحداث الضرر ابلغري فتعمد اإلسراع يف قيادة السفينة ‪،‬إذا تسبب عنها إصابة‬
‫البضاعة بضرر ال جيعل خطأ الناقل عمداي ‪،‬فهو ال يكون كذلك إال إذا تعمد إصابة البضائع‬
‫املنقولة‪.3‬‬
‫إن السبب يف ذلك يرجع إىل أن اإلرادة يف اخلطأ العمدي ال تتجه فقط إىل الفعل‪،‬‬
‫بل تتجه أيضا إىل إحداث الضرر ‪،‬فال يشرتط أن يكون الضرر هو الغاية الوحيدة للفعل ‪،‬بل‬
‫ميكن أن يكون أحد الدوافع‪ 4‬كالناقل الذي يتسبب يف أتخري البضاعة سريعة التلف ‪ ،‬بقصد‬
‫اهلرب من القراصنة البحريني أو خطر آخر حمدق به ‪،‬مما أدى إىل تضررها ‪.‬‬

‫‪ -1‬مشار إليه إليه لدى حممد موسى حممد دايب‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-"La mauvaise conduite délibérée est inconduité à laquelle la volonté est partie . c'est‬‬
‫‪quelque chose qui s'oppose à accidentel ou négligeant . c'est son élément mauvais,‬‬
‫‪non la conduite , qui doit être volontaire:‬‬
‫مشار إليه يف املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.399‬‬
‫‪ -3‬مجيل الشرقاوي ‪،‬النظرية العامة لاللتزام (مصادر االلتزام)‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬سنة ‪، 1976‬ص‪.462‬‬
‫‪ -4‬حممد حسني منصور‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،304‬شريف أمحد الطباخ ‪،‬املسؤولية املدنية (التقصريية والعقدية)‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪،460‬سوزان علي حسن ‪،‬عقد نقل البضائع ابحلاوايت ‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.332‬‬

‫‪304‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ترتيبا على ما تقدم ميكن القول أنه من مقتضيات الفعل العمدي للناقل البحري‬
‫سوآءا كان فردا أو شركة‪ ،‬جيب أن يتوافر عنصران جمتمعني معا لتوافر حالة العمد وإذا ختلف‬
‫أحدمها ال نكون بصدد خطأ عمدي و مها كاآليت‪:‬‬
‫‪-1‬انصراف إرادة الناقل إىل الفعل أو االمتناع‬
‫يعد انصراف إرادة الناقل إىل الفعل أو االمتناع من األسس اليت تقوم عليها فكرة‬
‫العمد ‪،‬لذلك إذا مل تنصرف إرادة الناقل البحري إىل ارتكاب فعل معني ‪،‬أصبح من املستحيل‬
‫اعتباره من األفعال العمدية اليت حترم الناقل من التمسك ابحلد األقصى للتعويض ‪،‬ألن‬
‫اإلرادة هي نشاط نفسي يهدف إىل حتقيق غرض معني أبي طريقة كانت وجيب أن يتوافر‬
‫لدى الناقل حرية االختيار ‪،‬أي أن يقدم الناقل البحري على ارتكاب الفعل مبحض ارادته‬
‫دون اكراه أو اضطرار ‪،‬مع ادراكه التام أن من شأن هذا الفعل أن يؤدي به إىل عدم تنفيذه‬
‫التزامه العقدي ‪ ،‬فإذا كانت إرادة الناقل حرة وكان مدركا أن من شأن هذا الفعل حيول دون‬
‫وفائه ابلتزامه املرتتب على عقد النقل أخذ هذا السلوك وصف الفعل العمدي ‪.1‬‬
‫من أجل توضيح الفكرة إىل األذهان أكثر نسوق املثال التايل‪ :‬إذا استخدم الناقل‬
‫سفينة غري صاحلة للمالحة و كان على علم كامل أبن هبذا األمر سيرتتب عنه إصابة‬
‫البضائع هبالك أو تلف جراء عدم قدرة السفينة على احملافظة على سالمة البضاعة إىل غاية‬
‫وصوهلا لصاحبها ‪،‬فإن إرادة الناقل تكون قد انصرفت إىل الفعل وهو هنا استخدام سفينة‬
‫غري صاحلة للمالحة البحرية ‪.‬‬
‫على هذا يتطلب األمر من املضرور اثبات الفعل العمدي للناقل من خالل مسألتني‬
‫‪:‬فأما األوىل ميكن اثباهتا عن طريق تقدمي شهادة تثبت عدم صالحية السفينة للنقل البحري‬
‫‪،‬حيث تستخرج هذه الشهادة من قبل السلطة املينائية املختصة قبل انطالق الرحلة البحرية‪.‬‬

‫‪ -1‬ملزي عبد الرمحن ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 236‬وما يليها‪.‬‬

‫‪305‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫و أما الثانية فتتمثل يف اثبات اجتاه إرادة الناقل إىل التسبب يف اهلالك أو التلف و هو‬
‫ليس ابألمر اليسري ‪ ،‬فإذا أفلح الشاحن أو املرسل إليه يف ذلك عُدت مغامرة الناقل بسفينة‬
‫غري صاحلة للمالحة عمال عمداي يفقد الناقل من ورائه املزااي القانونية املقررة لصاحله مبوجب‬
‫االتفاقيات الدولية(برتوكول هامبورغ وروتردام)‪ .‬وهنا يتدخل اجلزاء الردعي وهو تعويض‬
‫صاحب البضاعة تعويضا كامال عن الضرر الالحق به‪.‬‬
‫‪ -2‬انصراف النية إىل احداث الضرر‬
‫ال يتوافر العمد ابنصراف إرادة الناقل إىل الفعل أو االمتناع فقط‪ ،‬بل جيب أن يضاف‬
‫إليه أن تنصرف اإلرادة إىل إحداث الضرر املرتتب عن هذا الفعل أو ذلك االمتناع و بناءا‬
‫عليه جيب أن تنصرف إرادة الناقل الذي يستخدم سفينة غري صاحلة للمالحة إىل النتيجة‬
‫وهي هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول ‪،‬أو تنصرف إرادة الناقل إىل حرمان‬
‫الشاحن من التعويض الكامل يف حالة إصداره لسند الشحن خال من بيان عدد الطرود‬
‫املقدم من الشاحن أو وكيله‪1‬طبقا للمادة ‪ 4‬من اتفاقية بروكسل واملادة ‪ 59‬من قواعد‬
‫روتردام أو عندما يصدر تعليمات بعدم تدوين عدد من الطرود املشحونة داخل احلاوية حىت‬
‫ال يستحق املضرور تعويضا على أساس عدد الطرود املذكورة يف سند الشحن‪.‬‬
‫والتساؤل الذي يثور هنا كيف السبيل إىل اثبات انصراف إرادة الناقل إىل اهلالك أو‬
‫التلف أو التأخري؟‬
‫تنصرف إرادة الناقل إىل النتيجة املرتتبة على الفعل أو االمتناع إذا كان على علم اتم‬
‫أبن هناك هالكا أو تلفا أو أتخريا سوف حيدث‪ ،‬من جراء الفعل الذي يرتكبه ‪،‬أو كان جيب‬
‫عليه أن يعلم بذلك‪ .‬و من بني احلاالت اليت تنبئ بذاهتا عن انصراف اإلرادة إىل الضرر ما‬
‫يلي‪:2‬‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.377‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.378‬‬

‫‪306‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أ‪-‬الناقل الذي يريد احلصول على مبلغ التأمني املستحق يف حالة هالك السفينة‪ ،‬فيضع مواد‬
‫انسفة لتفجري السفينة أثناء وجودها يف عرض البحر‪ ،‬فتهلك السفينة وما هبا من بضائع من‬
‫جراء املواد الناسفة اليت وضعها الناقل‪.‬‬
‫ب‪-‬الناقل الذي يعمل على تصادم السفينة من أجل حصول على مبلغ التأمني املستحق يف‬
‫حالة وقوع تصادم حبري‪ ،‬فيرتتب على التصادم هالك البضاعة حمل عقد النقل البحري الدويل‬
‫أو تلفها‪.‬‬
‫ج‪-‬املخالفة الصرحية من قبل الناقل لالتفاق املربم بينه وبني الشاحن على نقل البضاعة داخل‬
‫عنابر السفينة‪ .‬وبعبارة أخرى نقل البضائع على السطح ابلرغم من وجود اتفاق خاص على‬
‫نقل البضاعة داخل عنابر السفينة ‪.‬‬
‫د‪-‬استخدام سفينة غري صاحلة للمالحة يف نقل البضائع‪.‬‬
‫و‪-‬االمتناع عن تقدمي املياه والغذاء الالزم للحيواانت ‪.‬‬
‫ه‪-‬االمتناع عن تغطية شحنة من املائعات مما أدى إىل تبخرها‪.‬‬
‫ي‪-‬السرقة اليت تتعرض هلا البضاعة أثناء النقل‪.‬‬
‫‪Reckless disrgard‬‬ ‫اثنيا‪ :‬عدم االكرتاث‬
‫إىل جوار فكرة العمد يعرف القانون األجنلوسكسوين فكرة أخرى هي عدم االكرتاث‬
‫وتتحقق عندما يعلم الفاعل أن فعله اإلرادي أو امتناعه من احملتمل جدا وفقا جملرايت األمور‬
‫أن يرتتب عليه هالك أو تلف البضائع ويقدم مع ذلك على ارتكاب هاذين السلوكني غري‬
‫مكرتث ابلضرر الذي سوف حيدث وبناءا عليه ينطوي عدم االكرتاث على عنصرين‪:1‬‬
‫العنصر األول‪:‬أن يتصرف الناقل تصرفا اراداي واعيا ‪،‬أي أن تتجه ارادته إىل ارتكاب الفعل‬
‫أو االمتناع الذي قد يؤدي إىل إحلاق الضرر ابلبضائع فإذا كان الفعل غري ارادي فإنه ال يعد‬
‫عدم اكرتاث ويكون من حق الناقل التمسك ابحلد األقصى للتعويض‪.‬‬
‫‪-1‬كمال محدي ‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل لبحري للبضائع عام ‪( 1978‬قواعد هامبورغ)‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪،123‬وجدي حاطوم‬
‫‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،212‬سوزان علي حسن ‪،‬عقد نقل البضائع ابحلاوايت ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.334‬‬

‫‪307‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫العنصر الثاين‪:‬أن يكون الفاعل حلظة إتيان الفعل أو االمتناع على علم اتم ابحتمال حدوث‬
‫هالك و تلف أو أتخري يف تسليم البضائع حمل عقد النقل كأثر مرتتب على الفعل أو االمتناع‬
‫‪،‬بل أكثر من هذا فإن عدم االكرتاث يتوافر يف احلالة اليت جيب فيها على الناقل أن يعي‬
‫ابحتمال حدوث النتيجة الضارة املرتتبة على الفعل أو االمتناع الذي يصدر منه‪ .‬مبعىن أنه‬
‫كان عليه أن يعلم ابحتمال حدوث ذلك الضرر للبضاعة الواجب نقلها وتسليمها للمرسل‬
‫إليه ‪.‬‬
‫فضال عن ذلك فهذه احلالة هي قريبة الصلة من العمد و لذلك يطلق عليها أحياان‬
‫شبه العمد ‪،‬ففي حالة العمد يريد الفاعل النتيجة أو يعلم أاها أكيدة ‪،‬أما يف حالة شبه العمد‬
‫يعلم أاها كبرية االحتمال فحسب‪ ،‬لذلك يلحق عدم االكرتاث ابلعمد من حيث آاثر معينة‬
‫‪،‬فيباح التعويض التأدييب يف احلالتني ‪،‬كما أنه ال أثر خلطأ املضرور على مسؤولية الفاعل وقد‬
‫دعا القضاء إىل الربط بني فكريت العمد وعدم االكرتاث وأطلق عليهما معا فكرة سوء‬
‫السلوك اإلرادي ‪.1Wilful Misconduct‬‬
‫لقد ذهب بعض الفقه‪ 2‬إىل أن العمد يتكون من إرادة الفعل والنتيجة وأن عدم‬
‫االكرتاث يتكون أيضا من إرادة الفعل والنتيجة وتظهر هذه إرادة النتيجة يف عدم االكرتاث‬
‫يف أن الناقل كان على علم ابحتمال حدوث اهلالك أو التلف أو التأخري ومع ذلك ارتكب‬
‫الفعل فهذا دليل على أنه قبل النتيجة وما دام قد قبلها فذلك دليل كايف على انصراف ارادته‬
‫إليها‪.‬‬
‫ال ميكن التسليم هبذا الرأي على إطالقه ‪،‬ذلك ألن كال من فكريت العمد وعدم‬
‫االكرتاث وإن كانتا متقاربتني من انحية إرادة الفعل‪ ،‬غري أنه ال ميكننا من القول أباهما‬
‫متقاربتان يف إرادة النتيجة وإال ما كان هناك فرق بني فكريت العمد وعدم االكرتاث‪ .‬و قد‬
‫‪1‬‬
‫‪- Haffman‬‬ ‫‪v Bukingham transp.co.of Colorado .Inc,Cire.Cit of App,10Th Sep‬‬
‫‪15,1938,98 F.2d916:‬‬
‫مشار إليه لدى ثروت أنيس األسيوطي‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.603‬‬
‫‪ -2‬مشار إليه لدى اندية حممد معوض السيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 498‬‬

‫‪308‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫كان يف ما جاءت به النصوص السابقة يف عبارهتا األخرية نوع من الزايدة ال مربر هلا وهو ما‬
‫ال ميكن التسليم به من انحية الضرر إذا كان مرغواب فيه أو نظر إليه على أنه حمقق الوقوع‬
‫‪،‬مبعىن أن فاعله قد واجه وقوعه ابعتباره نتيجة حتمية لفعله فهذه احلالة تنطبق على املقصود‬
‫من اخلطأ العمدي ومن انحية أخرى يف احلالة يكون الضرر حمتمل الوقوع لدى الناقل ‪،‬أي‬
‫أنه قد واجه وقوعه ابعتباره نتيجة حمتملة لفعله مما يتطابق مع معىن عدم االكرتاث‪.‬‬
‫إن املفهوم األخري هو ما قصده بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬وكذلك اتفاقية‬
‫هامبورغ ومعاهدة روتردام ‪،‬حيث تعترب هذه الفكرة العنصر الثاين الذي يدخل يف تكوين سوء‬
‫السلوك العمدي‪ ،‬إذ يطلق عليها عدم االكرتاث‪ ،‬فالفاعل مل يقصد النتيجة لكنه مل يبايل‬
‫ابحتمال حدوثها‪ .‬و حىت تكون فكرة عدم االكرتاث واضحة أكثر ال بد من استعراض‬
‫بعض حاالهتا سوآءا ابلنسبة للناقل البحري أو اتبعيه أو وكالئه‪.‬‬
‫‪-1‬حاالت عدم االكرتاث ابلنسبة للناقل البحري‪:‬‬
‫من بني حاالت عدم االكرتاث ابلنسبة للناقل البحري أن يتسلم الناقل البضاعة من‬
‫الشاحن يف ميناء الشحن مث يرتك البضاعة على األرصفة يف امليناء دون حراسة مع علمه أبن‬
‫هناك احتماال كبريا لسرقة هذه البضاعة ‪،‬نظرا لعدم وجود حراسة عليها وهي على األرصفة‬
‫استعدادا للشحن ومن احلاالت أيضا أن ميتنع الناقل البحري عن اصالح تلف حدث جلزء‬
‫من أجزاء السفينة بعد بدء الرحلة البحرية‪ ،‬مع علمه ابحتمال حدوث هالك أو تلف‬
‫للبضاعة احململة هبا السفينة ومع ذلك مل يبادر إىل إصالحه‪.‬‬
‫و مثال هذه احلالة أن يتفق شاحن جزائري مع شركة نقل إيطالية على نقل عدد من‬
‫طرود حتمل حلوما جممدة من ميناء أبسرتاليا إىل ميناء اجلزائر ومت شحن هذه الطرود داخل‬
‫عنابر السفينة اجملهزة بثالجات حلفظ هذه اللحوم حىت تصل سليمة إىل ميناء اجلزائر وبعد‬
‫البدء الرحلة من أسرتاليا توقفت الثالجات عن العمل نظرا لعطب أحد األجهزة هبا ‪،‬فأبلغ‬

‫‪309‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الرابن الشركة الناقلة هبذا التلف فامتنعت الشركة الناقلة عن اصالح هذه الثالجات مع‬
‫علمها التام أبن هناك احتماال لتلف البضاعة املشحونة‪. 1‬‬
‫يضاف إىل ذلك حالة تشغيل الناقل لسفينة قدمية قد انتهى عمرها االفرتاضي مما‬
‫جيعلها غري قادرة على املالحة البحرية‪ ،‬لكن الناقل يستغلها يف نشاطه مع علمه الكامل أبن‬
‫هناك احتماال حلدوث اهلالك أو التلف أو التأخري من جراء تشغيلها‪ .‬و يعترب أيضا من صور‬
‫عدم االكرتاث أن يبحر الرابن بناءا على تعليمات الناقل يف وسط ظروف طبيعية سيئة‬
‫للغاية‪ ،‬حبيث يكون هناك احتماال لدى الناقل أبن من شأن هذا اإلحبار يف وسط هذه‬
‫الظروف أن يرتتب عليه تلف البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول‪. 2‬‬
‫‪-2‬حاالت عدم االكرتاث ابلنسبة لتابعي ووكالء الناقل‬
‫إذا رفعت الدعوى على التابع أو الوكيل فإن هاذين األخريين يكون هلما احلق يف‬
‫التمسك ابحلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املادة ‪/2‬أ بروتوكول بروكسل لسنة‬
‫‪،1968‬املادة ‪ 6‬من اتفاقية هامبورغ ‪،‬املادة ‪ 59‬من معاهدة روتردام‪.‬‬
‫وال تسري هذه املواد يف حالة ارتكاب اتبع الناقل أو وكيله فعال أو امتناعا عمداي أو‬
‫كان يف حالة عدم اكرتاث مصحواب ابدراك أبن من احملتمل أن حيدث ضرر للبضاعة حمل‬
‫النقل عقد النقل‪ .‬و أمثلة صور عدم االكرتاث ابلنسبة للتابع أو الوكيل كثرية نذكر أمهها‪:3‬‬
‫أ‪-‬ترك السفينة يف أحد املوانئ من قبل الرابن لقضاء يوم أو أكثر خارج امليناء‪ ،‬مع علمه‬
‫الكامل أبن هناك احتماال كبريا جدا لتأخري تسليم البضاعة يف امليعاد املتفق عليه وأن هذا‬
‫التأخري سوف يرتب ضررا للمرسل إليه‪.‬‬
‫ب‪-‬عدم مراعاة طبيعة البضاعة وخصائصها عند الرص أو التستيف من قبل الرابن‪.‬‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 390‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 392‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 392‬وما يليها‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ج‪-‬سكر الرابن ورجال الطاقم أثناء قيادهتم للسفينة مع علمهم الكامل أن من شأن هذا‬
‫السكر أن يؤدي إىل احتمال حدوث هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها‪.‬‬
‫ه‪-‬خمالفة الرابن للقواعد الدولية ملنع التصادم يف البحر‪ ،‬مع علمه التام أبن ابحتمال حدوث‬
‫ضرر للبضاعة أو أتخريها‪ ،‬مثال ذلك عدم اخالء الطريق للسفينة اليت هلا أولوية املرور أو‬
‫عدم اإلضاءة اليت تبني مكان السفينة ليال‪.1‬‬
‫و‪-‬تسلم وكيل السفينة بضائع يف شكل مواد غذائية لشحنها على السفن التابعة للناقل ‪،‬مث‬
‫تركها على ألرصفة ألشعة الشمس والرطوبة‪ ،‬مما أدى إىل تلفها مع توافر العلم الكامل لديه‬
‫أبن هناك احتماال كبريا للتلف ‪،‬ألن البضاعة معرضة ألشعة الشمس اهارا والرطوبة‪.‬‬
‫أتسيسا على ما تقدم ميكن استخالص أن فكرة سوء السلوك االرادي ما هي إال‬
‫فكرة مركبة‪ ،‬هلا معىن أكثر اتساعا يشمل حاليت العمد وعدم االكرتاث فهذه األخرية تعين أن‬
‫الناقل أو وكالئه أو اتبعيه عند ارتكاهبم إلحدى األفعال سالفة الذكر كانت لديهم النية يف‬
‫احلصول على النتيجة أو تصرف على وجه يُعلم فيه ابلنتائج احملتملة ومع ذلك أصروا على‬
‫فعلهم بتهور‪. 2‬و على هذا تقوم هذه الفكرة على ثالث عناصر‪:3‬‬
‫أ‪-‬إنصراف إرادة الناقل إىل ارتكاب الفعل أو االمتناع ‪.‬‬
‫ب‪-‬إدراك الفاعل نتائج فعله أو الوعي هبا ‪،‬واصراره على احداثها يف الصورة األوىل وهي‬
‫الفعل العمدي ‪،‬أو علمه الكامل أبن من شأن فعله أو امتناعه احتمال حدوث الضرر ومع‬
‫ذلك ميضي يف سلوكه غري عابئ مبا قد يرتتب عليه من نتائج‪ .‬وهي الصورة الثانية لسوء‬
‫السلوك االرادي واملسماة بعدم االكرتاث‪.‬‬

‫‪ -1‬للمزيد من التفصيل أكثر‪ :‬عبد الفتاح ترك‪ ،‬التصادم البحري ودور العنصر البشري يف وقوعه‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬سنة ‪،2003‬‬
‫ص ‪ ،84‬أمحد حممود حسين‪ ،‬احلوادث البحرية التصادم واإلنقاذ‪ ،‬منشأة املعارف ابإلسكندرية‪ ،‬بدون اتريخ نشر‪ ،‬ص ‪ ، 66‬ملك شقلب‬
‫‪ ،‬خماطر التصادم البحري يف ظل االتفاقيات الدولية والتشريع العريب ‪،‬الطبعة األوىل ‪،‬مكتبة الوفاء القانونية ابإلسكندرية ‪،‬سنة ‪، 2016‬‬
‫ص‪. 65‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪o‬‬
‫‪- Henri Zoghbi, op.cit, p102, n 224.‬‬
‫‪ -3‬اندية حممد معوض السيد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.501‬‬

‫‪311‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ج‪-‬وجود العالقة السببية بني الضرر والفعل أو االمتناع‪ ،‬مبعىن أوضح أن يكون احلادث‬
‫املتولد منه الضرر انشئا عن الفعل أو االمتناع‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫تقييم فكرة سوء السلوك العمدي وكيفية اثباهتا‬
‫لقد سبقت اإلشارة يف تقدمي املبحث الثاين من هذا الفصل أن برتوكول بروكسل قد‬
‫استمد فكرة سوء السلوك العمدي من اتفاقية وارسوا(فارسوفيا) اخلاصة ابلنقل جلوي الدويل‬
‫لسنة ‪ 1929‬واحلقيقية أن مالمح اخلطورة قد كانت ظاهرة عند اقرتاح فكرة سوء السلوك‬
‫العمدي ‪ ،‬إذ عند مناقشة نص املادة ‪ 25‬اليت تضمنت هذه الفكرة ‪ ،‬اعرتض عليها‬
‫املندوب الربيطاين "ألفريد دنيس" ‪ Alfred Dennis‬حيث قال أنه يصعب على الناطقني‬
‫ابإلجنليزية فهم عبارة "فعل عمد غري مشروع" ‪ ،‬كذلك اعرتض هذا املندوب على اقرتاح‬
‫ابلفعل العمد غري املشروع من‬ ‫‪La Faute lourde‬‬ ‫املندوب األملاين ابحلاق اخلطأ اجلسيم‬
‫حيث أثره‪ ،‬يف حرمان الناقل من احلد األقصى للتعويض وهو االقرتاح الذي طرحه املندوب‬
‫(مندوب فرنسا) يبدي خماوفه‬ ‫‪Georges Ripert‬‬ ‫السويسري وهو ما جعل الفقيه الفرنسي‬
‫من هذه املسألة يف مؤمتر فرسوفيا لسنة‪،1929‬ألن فكرة اخلطأ اجلسيم غري حمددة املعامل‬
‫وقال املندوب الربيطاين أن فكرة اخلطأ اجلسيم كمرادف لفكرة اخلطأ العمدي هي غري معروفة‬
‫يف القانون اإلجنليزي‪ .‬و أنه ال ميكن ترمجة هذه العبارة إىل اإلجنليزية حبيث تعطي مفهوم‬
‫قانوين حمدد إال إذا أريد فهمه(أي اخلطأ اجلسيم) على أنه ليس إال درجة من درجات اإلمهال‬
‫"‪.1" it is question of négligence‬‬
‫كما أضاف املندوب الربيطاين بقوله‪":‬لدينا اصطالح "‪"Wilful Misconduct‬أعتقد‬
‫أنه ميثل كل ما تريدون قوله يدخل يف نطاقه أفعال العمد‪ ،‬بل ويشمل كذلك أفعال عدم‬
‫االكرتاث دون مباالت ابلنتائج"‪ .‬و قد علق مندوب لكسمبورغ أبن هذا االختيار سيجنب‬

‫‪ -1‬حماضر جلسات مؤمتر فرسوفيا ‪،‬ص ‪: 41،41‬مشار إليها لدى فاروق أمحد زاهر‪ ،‬الرسالة السابقة‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.477‬‬

‫‪312‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الغش) الذي ال يوجد له نظري يف القانون االجنليزي‬ ‫‪(Dol‬‬ ‫استخدام االصطالح الفرنسي‬
‫وقبل االقرتاع على النص مل يفت املندوب الربيطاين أن يصرح مبا فهمه من املناقشات اليت‬
‫دارت حول النص املذكور أن هذه االصطالحات يقصد هبا الغش واخلطأ اجلسيم وترتجم إىل‬
‫اإلجنليزية مبفهوم ‪ .Wilful Misconduct‬وهو مصطلح معروف جيدا يف و ذو مضمون‬
‫حمدد متاما يف القانون اإلجنليزي وطلب ادراج هذه املالحظة يف حمضر اجللسة‪.1‬‬
‫إن اإلشكال الذي يثور يف هذا الصدد هو كالتايل‪ :‬هل حقيقة يوجد تطابق بني‬
‫فكريت الغش واخلطأ اجلسيم معا مع فكرة سوء السلوك العمدي ؟‬
‫فإذا كانت اجلواب ابإلجياب فال يوجد هناك أي جمانبة للصواب من القاضي‬
‫األجنلوسكسوين إذا طبق قانونه وتقيد ابصطالح ‪ Wilful Misconduct‬كما هو معروف له‬
‫وكان على القاضي يف النظم الالتينية أيضا تطبيق فكريت الغش واخلطأ اجلسيم كما مها‬
‫وفكريت الغش‬ ‫‪Wilful Misconduct‬‬ ‫معروفتان له ‪،‬أما إذا مل يكن هناك تطابق بني فكرة‬
‫واخلطأ اجلسيم كان معىن ذلك أن بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬ومن تبعه من اتفاقيات قد‬
‫وقعوا يف خلط يف اختيار مفهوم يوحد املفاهيم القانونية لدى النظام األجنلوسكسوين ونظريه‬
‫الالتيين وعليهم تصحيح الوضع‪.2‬‬
‫بناءا على ذلك سنبحث عن إجابة هلذا التساؤل من خالل تقييم فكرة سوء السلوك‬
‫العمدي(أوال)‪،‬مث يليه التطرق للصعوبة اليت تعرتي سوء السلوك االرادي من حيث‬
‫االثبات(اثنيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تقييم فكرة سوء السلوك العمدي‬
‫من بني الدول الالتينية اليت أتخذ بفكرة اخلطأ اجلسيم اجلزائر‪ ،‬مصر و فرنسا ‪،‬كما‬
‫تتضمن هذه التشريعات أيضا فكرة سوء السلوك العمدي‪ .‬وهلذا ذهب الفقه املصري سعيا‬
‫يف دراسته هلذا الفكرة‪ ،‬إىل أن الناقل وفق قانون التجارة البحرية املصري ال حيرم من ميزة احلد‬

‫‪ -1‬حماضر جلسات مؤمتر فرسوفيا ‪،‬ص‪ ،140‬مشار إليها لدى نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.478‬‬
‫‪ -2‬ثروت أنيس األسيوطي ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.594‬‬

‫‪313‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫األقصى للتعويض إال إذا أثبت الشاحن أن الضرر قد نشأ عن فعل أو امتناع صادر من‬
‫الناقل بقصد إحداث الضرر (وهو الغش)‪،‬أو بعدم اكرتاث مصحوب بوعي وإدراك أبن ضررا‬
‫ميكن أن حيدث‪( 1‬وهو اخلطأ اجلسيم أو اخلطأ غري املغتفر كما يسميه القضاء احلديث)‬
‫‪،‬كما يوجه هذا الفقه نظره إىل املعىن االصطالحي للخطأ اجلسيم واخلطأ الواعي كمرتادفني‪.2‬‬
‫يف احلقيقة أن عدم االكرتاث املصحوب إبدراك أن ضررا ميكن أن حيدث ليس هو‬
‫اخلطأ اجلسيم ‪،‬كذلك فإن اخلطأ اجلسيم ليس هو اخلطأ غري املغتفر‪، 3‬فاخلطأ اجلسيم يتوافر‬
‫حيث يكون الناقل قد واجه وقوع الضرر كنتيجة حمتملة لفعله أو امتناعه دون أن يكرتث مع‬
‫ذلك واحلال أن سلوك عدم االكرتاث املصحوب إبدراك أن ضررا ميكن أن حيدث ال يتحقق‬
‫إذا كان الناقل يعلم ابحتمال وقوع الضرر فقط وإمنا أيضا يف حالة اليت يكون من املفروض‬
‫عليه أن يعلم‪ ،‬وتلك هي عناصر اخلطأ غري املغتفر‪.4‬‬
‫فإذا كانت فكرة اخلطأ العمدي تقرتب من فكرة الغش ‪،‬فإن فكرة عدم االكرتاث‬
‫تقرتب بدورها من فكرة اخلطأ غري املغتفر فكالمها يقوم على أساس انصراف اإلرادة إىل‬
‫ارتكاب فعل ‪،‬أو امتناع عن فعل مع العلم ابحتمال حدوث ضرر من جراء ذلك‪ .‬و هذا‬
‫التقارب ال يعين متاثال بني الفكرتني الختالف النظام الذي نشأت فيه كل فكرة منهما‬
‫‪،‬فحني يعرف القانون األجنلوسكسوين فكرة عدم االكرتاث فإن فكرة اخلطأ غري املغتفر اليت‬
‫‪5‬‬
‫‪Rodiére‬‬ ‫يعرفها القانون الفرنسي هي املقابل لعدم االكرتاث وقد ذهب الفقيه الفرنسي‬
‫إىل أن قواعد هامبورغ قد أضافت إىل فكرة الغش فكرة اخلطأ غري املغتفر ‪،‬حينما نصت يف‬

‫‪ -1‬نصت املادة ‪ 809‬ق ب ج على أنه‪ ":‬ال حيق للناقل االستفادة من حدود املسؤولية املذكورة يف املادة ‪805‬أعاله‪ ،‬إذا تبني أبن اخلسارة‬
‫أو الضرر نتج عن عمل أو إمهال من قبل الناقل‪ ،‬سوآءا كان عن تعمد إلحداث الضرر أو ابجملازفة مع تيقن من حدوث الضرر على‬
‫األرجح ‪.‬‬
‫‪-‬كمال محدي ‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل لبحري للبضائع عام ‪( 1978‬قواعد هامبورغ)‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.124‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬مت التعرض للتمييز بني اخلطأ اجلسيم واخلطأ غري املغتفر يف الصفحة ‪ 281‬و ما يليها من هذه الرسالة‪.‬‬
‫‪-‬كمال محدي ‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ‪( 1978‬قواعد هامبورغ)‪،‬املرجع السابق ‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪5‬‬
‫‪- René Rodiére, La responsabilité du transporteur maritime suivant les règles de‬‬
‫‪Hambourg1978, DMF 1979,p 463.‬‬
‫‪314‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫املادة ‪ 8‬على أن ‪":‬عدم االكرتاث مصحوب إبدراك أبن من احملتمل حدوث هالك أو تلف‬
‫أو أتخري"‪.‬‬
‫صفوة القول أن فكرة سوء السلوك العمدي تتطابق مع فكريت الغش و اخلطأ غري‬
‫املغتفر‪ 1‬ومبا أن القضاء الفرنسي قد أوجد فكرة اخلطأ اجلسيم حىت تكون مقابال لفكرة عدم‬
‫االكرتاث اإلجنليزية ‪،‬اليت تتضمن فضال عن اخلطأ الذي يتمثل يف عدم االكرتاث الواعي أبن‬
‫هناك ضررا ميكن أن حيدث نتيجة هلذا اخلطأ ‪،‬فهو إن صح هذا التعبري اخلطأ الواعي‪.2‬‬
‫فال يسعنا إال أن أنخذ بفكرة أن اخلطأ غري املغتفر وهو املقابل لعدم االكرتاث يف‬
‫على حق يف وجهة نظره من وراء استخدام‬ ‫‪Rodiére‬‬ ‫القانون الفرنسي وعليه كان الفقيه‬
‫فكرة اخلطأ الذي ال يغتفر الذي هو حقيقة يتطابق مع عدم االكرتاث ‪.3‬‬
‫هكذا وهبذه االستنتاجات الفقهية تتبني إحدى عيوب بروتوكول بروكسل لسنة‪1968‬‬
‫حيث أن فكرة سوء السلوك العمدي مل تلقى جناحا حىت ابلنسبة يف النقل اجلوي حيث وقع‬
‫املؤمترين يف خلط بني املفاهيم القانونية وهذا يف سبيل توحيد األنظمة املختلفة حيث ظن‬
‫املتأصلة يف الدول األجنلوسكسونية‬ ‫‪Wilful Misconduct‬‬ ‫هؤالء أن سوء السلوك العمدي‬
‫تقابل فكريت الغش واخلطأ اجلسيم املتداولتني يف الدول الالتينية ولكن األمر مل يكن كذلك‪.‬‬
‫كما مل تسلم فكرة سوء السلوك العمدي من االنتقادات و قد كانت مالحظات‬
‫يف البداية يف حملها من حيث أن جهل الدول األجنلوسكسونية‬ ‫‪Ripert‬‬ ‫األستاذ الفرنسي‬
‫لفكرة اخلطأ اجلسيم تثري ختوفا من املغامرة بفكرة السلوك العمدي ‪،‬فكيف من كل ما قيل‬
‫سابقا أن أيخذ بروتوكول بفكرة مل تستطع أن حتقق توحيدا قانونيا لنظامني خمتلفني يف اتفاقية‬
‫وارسوا للنقل اجلوي ويراد هلا أن تنجح يف النقل البحري الدويل‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Henri‬‬ ‫‪Zoghbi, op.cit, p89, note 207.‬‬
‫‪ -2‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬
‫‪ -3‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.397‬‬

‫‪315‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫إن هذا القول ينطبق أيضا على اتفاقييت هامبورغ وروتردام اللتان سلكتا الطريق اخلاطئ‬
‫يف اتباعهما لربوتوكول بروكسل لسنة ‪ .1968‬و بناءا عليه جيب على هذه االتفاقيات‬
‫تصحيح الغلط احلاصل يف مفهوم "سوء السلوك االرادي" والبحث عن مصطلح آخر واضح‬
‫أو عدة مصطلحات بسيطة تستطيع توحيد القانون يف الدول الالتينية و األجنلوسكسونية‪.‬‬
‫اثنيا ‪:‬اثبات سوء السلوك العمدي‬
‫من خالل استقراء املواد ( املادة من‪ 5/2‬بروتوكول بروكسل لسنة ‪، 1968‬املادة من‬
‫هامبورغ ‪،‬املادة ‪ 61‬من قواعد روتردام) يفهم أنه يقع عبء اثبات سوء السلوك العمدي‬
‫على املدعي الذي يريد احلصول على تعويض كامل ويف نفس الوقت حرمان الناقل من‬
‫التمسك من حدود القصوى للتعويض ‪،‬فهذا املدعي هو املكلف إبثبات أن الفعل أو‬
‫االمتناع صادر من الناقل بقصد احداث الضرر ‪،‬أي بغش أو بعدم اكرتاث مصحوب أبن‬
‫ضررا ميكن أن حيدث‪ .‬وهذا وذاك اثبات عسري يضعف من فاعلية اجلزاء الوارد يف نصوص‬
‫االتفاقيات الدولية‪.1‬‬
‫من جهة أخرى فإن حرمان الناقل من التمتع حبد أقصى للتعويض ال يتأتى إال‬
‫بسبب فعل أو امتناع يصدر منه شخصيا وال يشمل هذا احلكم ما يصدر عن سائر اتبعي‬
‫الناقل من أفعال ولو بلغت هذه األفعال درجة العمد كالسرقة واالتالف أو عدم االكرتاث‬
‫كوقوف البحارة متفرجني إزاء امتداد النريان إىل البضائع مع إمكااهم التدخل إلطفائها‪.2‬‬
‫يالحظ أن وضع عبئ االثبات على عاتق املضرور فيه اجحاف كبري حبقه ‪،‬ألنه ال‬
‫يعاصر ظروف ومالبسات‪ ،‬اليت تتم فيها عملية النقل وغالبا ما يفشل املضرور يف اثبات أن‬

‫‪ -1‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.115‬‬
‫‪ -2‬فاروق ملش ‪،‬النقل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية )‪ ،‬الشهباين للطباعة والنشر ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪، 1997‬ص ‪ 236‬وما‬
‫يليها‪.‬‬
‫‪-‬وهو نفس احلكم ابلنسبة لتابع الناقل أو وكيله غري املستقل عن الناقل بنشاط آخر مثل مقاول الشحن والتفريغ ‪،‬عندما يرفع املضرور‬
‫دعوى للمطالبة ابلتعويض على التابع أو الوكيل ‪،‬فعليه أن يثبت أن التابع أو الوكيل قد ارتكب فعال أو امتناعا خمتار غري مكرها بقصد‬
‫احداث الضرر أي غشا أو بعدم االكرتاث مصحوب أبن ضررا ميكن أن حيدث‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الناقل كان يف حالة عدم اكرتاث مصحوب ابدراك احتمال وقوع اهلالك أو التلف أو التأخري‬
‫مما يرتتب عليه تعطيل املواد األخرية من االتفاقيات الدولية‪.1‬‬
‫و يف كل األحوال للمضرور اثبات سوء السلوك العمدي بكل وسائل االثبات‬
‫والتساؤل الذي يطرح هنا ‪ :‬ما هو املعيار الذي جيب على املضرور اتباعه عند اثبات سوء‬
‫السلوك العمدي للناقل؟ و بعبارة أخرى ما هو املسلك املتبع يف االتفاقيات الدولية هل هو‬
‫املعيار املوضوعي أم املعيار الشخصي؟‬
‫لإلجابة على هذا التساؤل جيب يف البداية أن نتطرق إىل املعيار الذي أخذ به‬
‫القانون والقضاء اإلجنليزي ابعتبارمها املنبع الذي حدد املعيار الواجب اتباعه إلثبات فكرة‬
‫سوء السلوك العمدي بشقيه حالة العمد وعدم االكرتاث ‪ ،‬وإن كانتا يف األصل حالتان‬
‫نفسيتان إال أن القانون االجنليزي قد اكتفى فيهما ابملعيار املوضوعي‪، 2‬أي أن املضرور‬
‫يستطيع اثبات العمد أو عدم االكرتاث وفق مقياس الناقل احلريص وضع يف نفس الظروف‬
‫اخلارجية ‪ 3‬واليت يوجد فيها الفاعل دون االعتداد ابلطباع الشخصية للناقل املسؤول‪.4‬‬
‫وعلى املدعي أن يثبت أن الناقل كان يعلم أن فعله أو امتناعه سيؤدي ال حمالة إىل‬
‫تضرر البضاعة أو أتخريها أو كان يعلم أبن هناك احتماال كبريا لوقوع الضرر أو التأخري‬
‫سينجم عن فعله أو امتناعه‪ ،‬فالقاضي عند النظر يف دعوى التعويض يتخذ منوذج املقارنة‬
‫لناقل حريص متوسط احلرص‪. 5‬‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد املرجع السابق ‪،‬ص‪.399‬‬


‫‪ -2‬ثروت أنيس األسيوطي‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 608‬‬
‫‪ -3‬حممد موسى حممد دايب‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.450‬‬
‫‪ -4‬حممد نصر رفاعي ‪،‬الضرر كأساس للمسؤولية املدنية يف اجملتمع املعاصر‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة‪،‬سنة‪، 1978‬ص ‪.260‬‬
‫‪ -5‬نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أيخذ القضاء اإلجنليزي هو اآلخر ابملعيار املوضوعي يف تقدير هذا اخلطأ‪ ،‬كما‬
‫حددت معامله احملاكم اإلجنليزية منذ قرون ‪ ،‬ففي قضية حديثة نسبيا حيث قارن القاضي‬
‫‪ Chapman‬سلوك الناقل الذي بعث سفينته يف البحر حتت قيادة رابن شطب امسه من دفرت‬
‫السكر بسلوك سائق السيارة الذي خياف تعليمات املرور فيسري‬
‫البحارة ‪،‬نظرا إلدمانه على ُ‬
‫يف االجتاه املعاكس للمرور يف منحى خطري غري مكرتث بسلوكه هذا و غري مبال ابلنتائج‬
‫احملتملة هلذا السلوك ‪،‬مث أضاف قائال أن طبيعة الفعل هي اليت حتدد درجة احتمال النتائج‬
‫وليس البحث يف نفسية الفاعل‪.1‬‬
‫ابلرجوع إىل برتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬واتفاقييت هامبورغ وروتردام ونظرا للصياغة‬
‫املتشاهبة بينهما يالحظ أاهما أيضا قد اختاروا املعيار املوضوعي لتوظيفه يف اثبات سوء‬
‫السلوك العمدي للناقل ‪ ،‬مقتفيني أثر القضاء االجنليزي يف توجهه هذا ونستند على ذلك‬
‫ابألدلة التالية‪:2‬‬
‫‪-1‬أن املواد‪ 5/2 :‬من بروتوكول بروكسل لسنة ‪، 1968‬املادة‪8‬واملادة ‪ 61‬من قواعد‬
‫روتردام مل تنص على عبارة ‪ " avec conscience‬مع وعيه" إذن هذه العبارة تدل بوضوح‬

‫‪1‬‬
‫‪-Philip‬‬ ‫‪Golman V.Thai International Shipping Line,3Q.B.D(1991),p809:‬‬
‫مشار إليه لدى ملزي عبد الرمحن ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.242‬‬
‫ويالحظ أن القضاء الفرنسي الذي يعترب الرائد يف الدول الالتينية ‪ ،‬مل يستقر على رأي واحد‪ ،‬ففي ظل قانون ‪ 2‬مارس ‪1957‬‬
‫استخدمت احملاكم الفرنسية املعيار الشخصي يف تقدير اخلطأ غري املغتفر الذي يقابل كما رأينا فكرة عدم االكرتاث ‪ ،‬فقالت حمكمة‬
‫‪ seine‬يف حكم صادر هلا ‪ 18‬أكتوبر ‪ 1963‬أن هذا القانون األخري يستلزم يف قياس اخلطأ وجود وعي الفاعل خبطورة فعله مع قبوله‬
‫النتائج احملتملة املرتتبة على هذا الفعل وعندما دخل بروتوكول الهاي مرحلة التنفيذ يف فرنسا بتاريخ ‪1‬أوت ‪، 1963‬استمرت احملاكم‬
‫الفرنسية يف استخدام املعيار املوضوعي لتقدير اخلطأ املشدد للمسؤولية يف مفهوم هذا الربوتوكول (حكم صادر عن حمكمة ابريس يف ‪24‬‬
‫مارس ‪،) 1965‬غري أن حمكمة النقض الفرنسية قد اهجت اهجا مغايرا ‪،‬يف البداية أخذت ابملعيار الشخصي املمزوج بعناصر موضوعية يف‬
‫حكم صادر هلا يف ‪ 5‬مارس ‪ 1964‬ولكنها ما لبثت أن حتولت إىل املعيار املوضوعي ‪،‬كما أكدت عليه يف تقدير اخلطأ غري املغتفر وقد‬
‫هوجم هذا القضاء من طرف الفقه الفرنسي ألنه يتعارض مع التفسري الصحيح للمادة ‪ 25‬املعدلة بربوتوكول الهاي‪ .‬ويبدوا أن احملكمة‬
‫العليا الفرنسية قد رجعت مؤخرا للمعيار املوضوعي يف حكم صادر هلا بتاريخ ‪ 15‬ديسمرب ‪ 1981‬قضية ‪ Entiope‬تقرر أنه ‪":‬جيب‬
‫الستبعاد أحكام املسؤولية احملدودة ‪،‬جيب إقامة الدليل على وقوع خطأ غري مغتفر على صلة مباشرة ابحلادث ويعترب خطأً غري مغتفر يف‬
‫مفهوم املادة ‪ 25‬معدلة يف الهاي ‪،‬ذلك اخلطأ الذي يرتكب إما بقصد احداث الضرر وإما برعونة مقرونة ابلعلم ابحتمالية الضرر وقبوله‬
‫يف هتور دون سبب معقول‪ :‬مشار إليه لدى فاروق أمحد زاهر‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪523‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬حممد عبد احلميد املرجع السابق ‪،‬ص‪.399‬‬

‫‪318‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫على املعيار الذايت‪،‬الذي مبقتضاه يتم اثبات قيام العلم لدى الناقل مرتكب الفعل‪ .‬وهلذا‬
‫يالحظ وجود اختالف‪ 1‬بينها وبني املادة ‪ 13‬من بروتوكول الهاي لسنة ‪ 1955‬املعدل‬
‫التفاقية وارسوا‪.2‬‬
‫‪-2‬من األصلح للمضرور اثبات سوء السلوك العمدي وفق املعيار املوضوعي لعدالة هذا‬
‫املعيار وختفيفا على املضرور من وطأة عبئ االثبات الذي هو ابقي على عاتقه‪ .‬وغالبا ما‬
‫خيفق يف اثبات فكريت العمد وعدم االكرتاث اليت يتكون منها سوء السلوك العمدي ‪،‬مما‬
‫يؤدي إىل تعطيل املواد الواردة يف االتفاقيات الدولية واملذكورة أعاله ومثة يفقد املضرور فرصته‬
‫يف احلصول على تعويض كامل ملا أصاب بضاعته من ضرر ‪،‬أو من جراء أتخريها‪.‬‬
‫‪-3‬املعيار املوضوعي يقيم نوعا من التوازن بني مصلحة الناقل ومصلحة املضرور ‪،‬فالناقل ال‬
‫يلتزم ابلتعويض الكامل إال إذا ارتكب فعال من األفعال‪ ،‬اليت تندرج حتت فكرة العمد أو‬
‫عدم االكرتاث املصحوب ابدراك احتمال وقوع اهلالك أو التلف أو التأخري‪ .‬وإذا كانت‬
‫أحكام االتفاقيات الدولية قد راعت مصلحة الناقل يف هذا الشأن فيجب عليها أيضا أن‬
‫تراعي مصلحة املضرور حىت يتحقق التوازن الذي هتدف إليه هذه القواعد الدولية ويتم هذا‬
‫التوازن إذا سلمنا بتطبيق املعيار املوضوعي عند اثبات فكرة سوء السلوك العمدي‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا كان بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬واتفاقييت هامبورغ وروتردام قد اقتبسوا فكرة‬
‫سوء السلوك االرادي بفكرتيه العمد وعدم االكرتاث من القانون األجنلوسكسوين‪ ،‬الذي‬
‫أيخذ ابملعيار املوضوعي يف حالة اثبات عناصر العمد وعدم االكرتاث ‪،‬فإن صمتهم دليل‬
‫كايف على أن واضعي القواعد قد قبلوا األخذ ابملعيار املوضوعي‪ .‬ولو كان يف نيتهم ما خيالف‬
‫هذا األصل لنصوا عليه يف صلب املواد ‪ 5/2‬من بروتوكول بروكسل ‪،‬املادة ‪ 8‬من هامبورغ‬

‫‪1‬‬
‫‪-René‬‬ ‫‪Rodiére, La responsabilité du transporteur maritime suivant les règles de‬‬
‫‪Hambourg op.cit,p 463.‬‬
‫‪ -2‬لقد أخذ بروتوكول الهاي ابملعيار الشخصي وتطلب فحص نفسية الفاعل وتوافر علمه احلقيقي ابحتمال حدوث الضرر ‪،‬غري أن هذا‬
‫املعيار ال مينع من استخدام عناصر موضوعية ‪،‬فقد قال مندوب فرنسا يف مؤمتر الهاي إن النص ال مينع من القضاء من اثبات العلم بكافة‬
‫الطرق ومنها القرائن املستخلصة من واقع احلال‪ :‬ثروت أنيس األسيوطي‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 658‬‬

‫‪319‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫واملادة ‪ 61‬من اتفاقية روتردام وبناءا على ما تقدم يتأكد لنا املعيار املوضوعي عند اثبات‬
‫سوء السلوك العمدي للناقل وفقا لربوتوكول بروكسل ومعاهديت هامبورغ وروتردام‪.‬‬
‫هناك حالة أخرى تضاف إىل سوء السوك العمدي جيد فيها التعويض الكامل طريقا‬
‫له و قد سبقت اإلشارة إليها يف هذه الدراسة‪ 1‬فعلى القاضي أال يطبق عليها قاعدة احلد‬
‫األقصى للتعويض و هي احلالة اليت يكون الضرر الالحق ابلبضاعة أو الناجم عن أتخريها يف‬
‫الوصول أقل من احلد األقصى للتعويض أو مساواي له‪ .2‬و هو ما يستفاد مبفهوم املخالفة‬
‫للمواد املتعلقة بسراين احلد األقصى للتعويض‪ ،3‬عند انعقاد مسؤولية الناقل بشأن البضاعة‬
‫اليت تعهد بنقلها مبقتضى عقد ٍ‬
‫نقل دويل عرب البحر‪.‬‬
‫خيلص القول مما تقدم أن التعويض الكامل وفق بروتوكول تعديل اتفاقية بروكسل لسنة‬
‫‪ 1968‬واتفاقييت هامبورغ وروتردام ينطبق على احلاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬إذا ارتكب الناقل سلوكا أيخذ وصف الفعل العمدي‪.‬‬
‫‪-2‬إذا ارتكب الناقل فعال أو امتناع بعلمه التام ابحتمال حدوث هالك أو تلف أو أتخري يف‬
‫تسليم البضائع حمل عقد النقل ‪،‬أو كان عليه أن يعلم ابحتمال حدوث ذلك الضرر للبضاعة‬
‫حمل عقد النقل‪.‬‬
‫‪-3‬إذا كان الضرر أقل من احلد األقصى القانوين للتعويض أو مساواي له‪.‬‬

‫‪ -1‬سبقت اإلشارة إليها يف الفصل األول من الباب األول من هذه الرسالة‪ ،‬ص‪ 28‬و ما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬التوحيد الدويل للقانون البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪122‬وجدي حاطوم ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪، 208‬مسيحة‬
‫القليويب ‪،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪ 1982‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪، 209‬حممود مسري الشرقاوي وحممد القليويب ‪ ،‬املرجع لسابق ‪،‬ص‪. 434‬‬
‫‪-Georges Ripert, Précis de droit maritime, 5eme édition, libraire Dalloz, Paris 1949,‬‬
‫‪p284.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ /2‬أ من بروتوكول بروكسل ‪ ،‬املادة ‪6‬اتفاقية هامبورغ ‪ ،‬املادة ‪ 59‬من قواعد روتردام ‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫املطلب الثاين‪:‬‬
‫تطبيقات التعويض الكامل و تقديره‬
‫تنفرد معاهدة هامبورغ لسنة ‪1978‬عن االتفاقيات البحرية (بروكسل لسنة ‪1924‬‬
‫‪،‬روتردام لسنة‪ )2008‬إبعطائها تطبيقات عن سوء السلوك العمدي للناقل وهو ما ورد على‬
‫سبيل املثال‪ ،‬فقد نصت على ذلك يف مواد متفرقة ‪:‬املادة ‪ 23،17،9‬من اتفاقية هامبورغ‪.‬‬
‫يف هذا الشأن يرى بعض الفقه‪ 1‬أن املادة ‪ 8‬من هذه االتفاقية واليت جاءت لتبني‬
‫حاالت التعويض الكامل قد جاءت عرجاء ضعيفة األثر و كان ميكن أن يكون نصيبها يف‬
‫التطبيق العملي منعدما أو يكاد لوال أن االتفاقية ذكرت يف مواضع متفرقة أمثلة ألفعال‬
‫تصدر من الناقل وتعترب مما يدخل يف مدلول املادة ‪ 8‬واليت حترمه من ميزة احلد األقصى‬
‫للتعويض وابلتايل جيب على الناقل عند انعقاد مسؤوليته دفع مبلغ التعويض كامال عن اهلالك‬
‫أو التلف أو الضرر الذي يلحق البضاعة جراء أتخريها يف الوصول ومن أمثلة هذه األفعال‬
‫ما أييت ‪:‬‬
‫‪-1‬شحن البضائع على سطح السفينة ابملخالفة لشروط العقد(املادة ‪ 9‬فقرة أخرية)‪.‬‬
‫‪-2‬إصدار سند الشحن خال من التحفظات مقابل خطاب الضمان بقصد اإلضرار ابلغري‬
‫(املادة ‪17‬فقرة)‪.‬‬
‫‪-3‬إدراج شروط خمالفة ألحكام االتفاقية يف عقد النقل وعدم ذكر خضوع النقل ألحكام‬
‫االتفاقية يف سند الشحن (املادة ‪ 23‬فقرة)‪.2‬‬
‫أتسيسا على ما تقدم سنتعرض للتطبيقات التعويض الكامل‪ ،‬اليت جاءت هبا أحكام‬
‫اتفاقية هامبورغ ابملقارنة مع ما ورد ذكره يف اتفاقييت بروكسل وروتردام من خالل ثالث فروع‬
‫‪:‬نقل البضائع على سطح السفينة (فرع أول)‪ ،‬حتفظات الناقل وعدم تدوينها بقصد اإلضرار‬
‫ابلغري(فرع اثين)‪،‬تقدير التعويض الكامل (فرع اثلث)‪.‬‬
‫‪ -1‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫‪ -2‬سبق التفصيل يف الشروط الباطلة للمعاهدة يف الصفحة‪ 61‬وما يليها من هذه الرسالة‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع األول‪:‬‬
‫السفينة‪Le chargement en ponté‬‬ ‫شحن البضائع على سطح‬
‫تعترب عنابر السفينة املكان األصلي لوضع البضاعة ‪،‬ألن شحن البضائع أو رصها على‬
‫سطح السفينة يثري الكثري من املشكالت البارزة يف جمال النقل البحري ‪،‬نظرا للمخاطر اليت‬
‫حتيط هبذا النوع من الشحن‪،‬حيث متر السفينة يف رحلتها من ميناء املغادرة إىل ميناء الوصول‬
‫جمتازة البحار واحمليطات يف خمتلف الظروف اجلوية كالشمس‪ ،‬الرطوبة والعواصف اليت تلقي‬
‫هبا إىل البحر األمر الذي يعرضها إىل أخطار أكثر مما تتعرض له وسائل النقل األخرى‪.1‬‬
‫كما أن هناك خطر من نوع آخر وهو أن البضائع اليت يضطر الرابن إللقائها يف البحر‬
‫ال تدخل يف حساب اخلسارات املشرتكة وتضيع قيمتها اهائيا على صاحبها إذا كانت‬
‫مشحونة على سطح السفينة‪.2‬‬
‫ضف إىل ذلك أنه قد ينجم عن شحن البضاعة على سطح السفينة تعريضها إىل‬
‫خماطر مالحية‪ ،‬فهو يؤثر على توازن السفينة ويعرقل حركة البحارة أثناء أتدية لواجباهتم يف‬
‫إدارة السفينة مما قد يشكل خطرا على السفينة ذاهتا أو رمبا على حياة البحارة أيضا ‪،‬كذلك‬
‫تكون البضاعة املرصوصة على سطح السفينة الضحية األوىل اليت تلقى يف البحر عند مواجهة‬
‫اخلطر للحفاظ على السالمة العامة‪ ،‬فضال عن رص البضاعة على السطح الذي قد يؤدي‬
‫إىل تشققه وتسرب مياه البحر أو مياه األمطار إىل العنابر‪.3‬و هلذا سندرس كيف نظمت‬

‫‪ -1‬يعقوب يوسف صرخوه ‪ ،‬الوضع القانوين لرص البضائع واحلاوايت على سطح السفينة (دراسة مقارنة )‪،‬جملة احلقوق الكويتية‪ ،‬السنة‬
‫السادسة عشر ‪،‬العدد األول والثاين ‪،‬جوان ‪ ، 1992‬ص‪. 11‬‬
‫‪ -2‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬سنة ‪ ،1969‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،669‬مسيحة القليويب ‪ ،‬موجز القانون البحري ‪ ،‬املرجع‬
‫السابق ‪،،‬ص ‪.366‬‬
‫هناك بعض القوانني العربية ومنها القانون اللبناين وابلضبط يف املادة ‪ 266‬فقرة ‪1‬منه واليت تلزم أن تدخل البضائع املشحونة على‬
‫السطح يف اخلسائر املشرتكة إن هي أنقذت ‪:‬مصطفى كمال طه ‪،‬التأمني البحري (الضمان البحري)‪،‬الدار اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة‬
‫‪، 1992‬ص‪.161‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم مكي‪ ،‬نظام النقل أبوعية الشحن (احلاوايت )‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.46‬‬

‫‪322‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫االتفاقيات الدولية الثالث مسألة الشحن على سطح السفينة ابتداءا ابتفاقية بروكسل ‪،‬مث‬
‫يليه الوضع يف معاهديت هامبورغ و روتردام‪.‬‬
‫الفقرة األوىل ‪:‬‬
‫موقف اتفاقية بروكسل من مسألة الشحن على سطح السفينة‬
‫عندما أبرمت معاهدة بروكسل لسنة ‪ ، 1924‬املتعلقة بتوحيد بعض سندات الشحن‬
‫جاء يف الفقرة ج من مادهتا األوىل‪ 1‬ما مفاده أن أحكام هذه االتفاقية تستبعد بشأن البضائع‬
‫اليت تشحن على سطح السفينة‪،‬أي ال تسري أحكامها على هذه احلالة ‪ .‬و على هذا فقد‬
‫تركت أمرها للقواعد العامة يف القوانني الوطنية و التفاق األطراف املعنية وقد كانت وجهة‬
‫التربير يف ذلك أن رص البضاعة(تستيفها) على السطح حييط بنقلها خماطر كبرية‪ ،‬مما يقتضي‬
‫وجود ٍ‬
‫نظام خاص حلرية التعاقد على شروط النقل‪.2‬‬
‫يفهم من ذلك أن هذه الفقرة جتسد احلرية ال املنع من الشحن على السطح ‪،‬فيجوز‬
‫للناقل وفق أحكام املعاهدة أن يتمسك مبا أدرجه يف سند الشحن من شرط يعفيه من‬
‫املسؤولية عن أي هالك أو تلف يصيب البضاعة املشحونة على سطح السفينة‪ .3‬و خاصة‬
‫أن الشاحنني أنفسهم كثريا ما يرغبون يف شحن بضائعهم على سطح السفينة سعيا وراء أجرة‬
‫نقل منخفضة‪، 4‬كما أن مثة بضائع من أحجام ومقاسات وأوصاف معينة ال ميكن رصها إال‬
‫على سطح السفينة‪. 5‬‬
‫لقد وضعت معاهدة بروكسل شرطني ميكن استخالصهما من الفقرة ج من املادة‬
‫األوىل منها‪ ،‬إذ جيب توافرمها جمتمعني حىت خيرج هذا النقل من نطاق تطبيقها ومها‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يذكر يف سند الشحن أن البضاعة قد رصت على سطح السفينة‪.‬‬

‫‪ -1‬تنص املادة ‪/1‬ج على أنه‪....":‬ج‪ -‬بضائع‪ :‬تشمل األموال واألشياء والبضائع واملواد من أي نوع ماعدا احليواانت احلية واملشحوانت‬
‫اليت يذكر يف عقد النقل أن نقلها على ظهر السفينة‪ ،‬وتكون قد نقلت فعال هبذه الطريقة"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Georges Marais, les transports internationaux de marchandises par mere,op.cit,p46.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪o‬‬
‫‪-Antione Vialard, Droit maritime, op.cit, n 460.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-ibid.‬‬
‫‪ -5‬إبراهيم مكي‪ ،‬نظام النقل أبوعية الشحن (احلاوايت )‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.47‬‬

‫‪323‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ب‪-‬أن تتم عملية النقل فعال هبذه الكيفية أي والبضاعة مرصوصة على سطحها‪.‬‬
‫من الواضح أن هذه املعاهدة و نصوصها ذات طابع آمر‪ ،‬حيث أاها ابتغت ابلشرطني‬
‫السابقني افساح اجملال للحرية التعاقدية من جهة ومحاية محلة سندات الشحن من جهة‬
‫أخرى ولذلك قررت يف الشرط األول وجوب اثبات االتفاق على رص البضاعة على سطح‬
‫السفينة كتابة يف سند الشحن (على األقل يف النسخة املتداولة منه ) وأن يكون الشاحن قد‬
‫وقع على ذلك السند(على األقل يف النسخة اليت بيد الرابن) ‪ .‬كما يرى الشراح و األستاذ‬
‫إبراهيم مكي معهم يف ذلك أن شرط االتفاق على رص البضائع على سطح السفينة جيب‬
‫أن يرد صرحيا يف سند الشحن وليس على شكل رخصة تقرر للرابن احلق يف الرص على‬
‫سطح السفينة و رصها يف العنابر حسب اختياره‪.1‬‬
‫إن األمهية البالغة هلذه املسألة تربز من خالل ارتباطها آباثر عقد التأمني‪ ،‬فيما بني‬
‫شركة التأمني املؤمنة على البضاعة وصاحب احلق على تلك البضاعة ‪،‬فواثئق التأمني املتعلقة‬
‫ابلبضائع املنقولة حبرا يرد هبا شرط يقضي أبن على املؤمن له أن يبلغ املؤمن إذا كانت‬
‫البضاعة مشحونة أو ستشحن على سطح السفينة وإال كان عقد التأمني الغيا‪.2‬‬
‫أما الشرط الثاين يف املعاهدة فيقرر على أنه ال يكفي أن يثبت يف سند الشحن أن‬
‫البضاعة قد رصت على السطح لكي تستبعد املعاهدة وامنا جيب أن يتم نقلها فعال وهي‬
‫على هذه احلالة‪.3‬وذلك من أجل محاية الشاحنني وأصحاب احلق على البضائع املنقولة حبرا‪.‬‬
‫ألن القول خبالف هذا االجتاه قد يؤدي إىل أن يتخذ الناقلون من ذلك ذريعة للتملص‬
‫من نصوص معاهدة بروكسل اآلمرة‪ ،‬أبن يثبتوا يف سند الشحن أن البضاعة قد رصت على‬
‫السطح ويدرجون يف سندات الشحن شروطا لإلعفاء من املسؤولية أو ما يف حكمها ‪،‬مث‬

‫‪ -1‬إبراهيم مكي‪ ،‬نظام النقل أبوعية الشحن (احلاوايت)‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.49‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Cour‬‬ ‫‪de cassation 23 Juin 1982, DMF 1983.p26.‬‬
‫‪324‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يقوموا برص البضاعة فعال يف عنابر السفينة ألن سطحها ال يتسع إىل كل محولة السفينة من‬
‫البضائع‪،1‬فيتحايلون بذلك على املعاهدة ويتخلصون من مسؤوليتهم‪.‬‬
‫إن املشاكل اليت تثور يف حالة النقل على سطح السفينة تظهر من خالل صور خمتلفة‪،‬‬
‫مثال‪ :‬إذا ما نقلت بضاعة على السطح دون أن يذكر يف سند الشحن أاها نقلت كذلك‬
‫‪،‬فالناقل يسأل عن أي ضرر يلحق ابلبضاعة أثناء وجودها على السطح‪ ،‬ألنه يكون بتصرفه‬
‫قد أخل بعقد النقل إخالال جوهراي‪. 2‬‬
‫كما يؤدي هذا االخالل إىل انعدام العقد و ابلتايل ال تنطبق نصوص االتفاقيات‬
‫الدولية ألاها تتطلب وجود عقد صحيح بني الناقل والشاحن ‪،‬بل أكثر من ذلك فقد ذهبت‬
‫بعض األحكام‪3‬إىل اعتبار الناقل الذي يقوم برص البضاعة فوق سطح السفينة مع علمه أن‬
‫سند الشحن األصلي خيلو من اإلشارة إىل ذلك مرتكبا للغش أو التدليس حبق أي شخص‬
‫ينتقل إليه سند الشحن حبسن نية ‪،‬فإذا كان الشاحن يعلم بذلك أيضا فهو متواطئ يف عملية‬
‫التدليس‪.‬‬
‫أما إذا أعطى سند الشحن اخليار للناقل يف الشحن على السطح فإن إعفاء الناقل من‬
‫املسؤولية النامجة عن مثل هذا الرص ال يتقرر إال إذا كانت هناك إفادة يف سند الشحن تشري‬
‫‪General liberty‬‬ ‫إىل أن البضاعة قد شحنت على السطح ‪،‬ذلك أن شرط اخليار العام‬
‫الذي مينح للناقل احلق يف الشحن على السطح ال يرقى إىل مرتبة اإلفادة أبن‬ ‫‪clause‬‬

‫البضائع نقلت فعال على السطح‪ .‬ومن مث يسأل الناقل عن األضرار النامجة عن مثل هذا‬

‫‪ -1‬إبراهيم مكي‪ ،‬نظام النقل أبوعية الشحن (احلاوايت )‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.49‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Michelle Pourcelet, Le Transport maritime sous connaissement, op.cit, p73,‬‬
‫‪William Tetley, Inexécution fondamentale du contrat suivant les règles de la Haye‬‬
‫‪Visby uncitral, DMF1979, p605.‬‬
‫‪ -3‬احلكم البلجيكي الصادر يف ‪ 1976/11/26‬منشور يف جملة القانون األوريب والذي اعترب أن الرص على السطح دون أن يذكر ذلك‬
‫يف سند الشحن أبنه اخالل ابلعقد جيعله ابطال أو قابال لإلبطال من طرف الشاحن ‪ :‬يعقوب يوسف صرخوه ‪ ،‬الوضع القانوين لرص‬
‫البضائع واحلاوايت على سطح السفينة‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.40‬‬

‫‪325‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫النوع من النقل إن مل يشر إىل ذلك على وجه سند الشحن ابلرغم من وجود شرط اخليار‬
‫العام يف سند الشحن‪. 1‬‬
‫من بني الشروط اإلعتيادية اليت تدرج يف سندات الشحن الشرط الذي ينص أنه‬
‫‪":‬للناقل حرية نقل البضائع على السطح وال يكون املالك (مالك السفن)مسؤولني عن أي‬
‫هالك أو تلف ينشأ عن ذلك " ويف حالة عدم وجود بيان على وجه سند الشحن ما يفيد‬
‫أن البضائع قد نقلت على السطح فإن اجلزء الثاين من الشرط املشار إليه يكون ابطال‬
‫ابعتباره ختفيفا ملسؤولية الناقل عما هو منصوص عليه يف املعاهدة طبقا للمادة ‪3‬فقرة ‪.28‬‬
‫يف احلقيقة أن هذا الشرط يف حالة عدم اثبات بيان على وجه سند الشحن يفيد أبن‬
‫البضائع قد نقلت فعال على السطح يعطي الناقل احلرية يف تستيف البضائع على السطح‬
‫‪،‬إال أنه يبقى ملتزما مبا تفرضه عليه املعاهدة من الشحن و التستيف مبا يلزم لذلك من عناية‬
‫ودقة وعليه إذا كان هناك امهال يف التستيف على السطح ونشأ عنه هالك أو تلف ترتبت‬
‫مسؤولية الناقل وال يسعفه يف اإلفالت من املسؤولية شرط االعفاء املدرج يف سند الشحن إذ‬
‫أنه شرط ابطل طبقا للمادة األخرية ‪.3‬‬
‫ميكن القول يف األخري أن استبعاد أحكام االتفاقية بشأن شحن البضائع على‬
‫السطح إذا توافرت الشروط املقررة له على النحو الذي سبق بيانه من مسائل القانون يف‬
‫الدعوى ‪،‬إال أن استخالص توافر هذه الشروط إمنا هو من مسائل الواقع‪ ،‬الذي يستقل هبا‬
‫قاضي املوضوع دون رقابة حمكمة النقض إذا كان قد أقام قضاءه على استخالص سائغ مبا‬
‫هو اثبت يف األوراق واملستندات‪،‬هذا ويالحظ أن قواعد الهاي فيسيب(برتوكول تعديل‬

‫‪ - 1‬يعقوب يوسف صرخوه ‪ ،‬الوضع القانوين لرص البضائع واحلاوايت على سطح السفينة‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬حممد فهمي غامن‪ ،‬مرجع القضاء التجاري‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬دار نشر الثقافة اجلامعية‪ ،‬مطابع عابدين‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،1954‬ص ‪،91‬‬
‫أمحد حممود حسين‪ ،‬النقل الدويل البحري للبضائع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫االتفاقية لسنة ‪ ) 1968‬مل تغري من الوضع القانوين خبصوص محولة السطح ‪،‬حيث ال يزال‬
‫تعريف البضائع يستبعد محولة السطح منها‪. 1‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫موقف اتفاقية هامبورغ من مسألة الشحن على سطح السفينة‬
‫نظمت قواعد هامبورغ حالة شحن البضاعة على سطح السفينة ‪،‬فنصت على أن‬
‫املبدأ هو عدم جواز هذا النوع من النقل إال استثناءا يف حاالت معينة‪ 2‬ورد ذكرها يف املادة‬
‫‪ 9‬وهي ابلشكل اآليت‪:‬‬
‫‪-1‬ال حيق للناقل شحن البضائع على السطح إال إذا مت هذا الشحن مبوجب اتفاق مع‬
‫الشاحن أو وفقا للعرف املتبع والعادات البحرية يف نوع من البضائع‪ .‬كما هو احلال يف نقل‬
‫السيارات و القاطرات واألخشاب‪ ،‬اليت ال تسمح طبيعتها بشحنها يف عنابر السفينة‪ ،‬أو إذا‬
‫اقتضته قواعد أو لوائح قانونية و هي اليت تكون انفذة يف ميناء الشحن‪.3‬‬
‫‪-2‬إذا اتفق الناقل والشاحن على شحن البضائع على سطح السفينة ‪،‬أو على جواز شحنها‬
‫على هذا النحو فعلى الناقل أن يدرج هذا البيان هبذا املعىن يف سند الشحن ‪،‬أو الوثيقة‬
‫األخرى املثبتة لعقد النقل‪ .‬ومىت حتقق هذا الشرط وحدث أن هلكت البضاعة املشحونة أو‬
‫تلفت فإن الناقل ال يسأل عن هذا اهلالك أو التلف مىت ذكر يف سند الشحن أاها منقولة‬
‫على سطح السفينة واستطاع هذا األخري أن يثبت أن اهلالك أو التلف كان انشئا عن‬
‫املخاطر اخلاصة هبذا النوع من النقل‪. 4‬‬

‫‪ -1‬يعقوب يوسف صرخوه ‪ ،‬الوضع القانوين لرص البضائع واحلاوايت على سطح السفينة‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -2‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪ -3‬مسيحة القليويب ‪،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪،1987‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 295،‬هامش ‪. 2‬‬
‫‪ -4‬حممد هبجت عبد هللا قايد ‪،‬املوجز يف القانون البحري ‪،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪، 2010/2009‬ص ‪.163‬‬

‫‪327‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫فإذا مل يقم الناقل إبدراج البيان املذكور حتمل هذا األخري عبء اثبات وجود اتفاق على‬
‫شحن البضائع على السطح ‪.‬كما ال جيوز له االحتجاج مبا يف هذا االتفاق جتاه الطرف‬
‫الثالث و هو املرسل إليه‪ ،‬الذي يكون قد حصل على سند الشحن حبسن نية ‪.‬‬
‫‪-3‬إذا مت شحن البضائع على سطح السفينة خالفا ألحكام الفقرة ‪1‬من املادة السالفة الذكر‬
‫أي بدون اتفاق أو فق العرف اجلاري التجارة ‪،‬أو مل تقتضه قواعد أو لوائح ‪،‬أويف حالة عدم‬
‫جواز االحتجاج من قبل الناقل بوجود اتفاق على الشحن على السطح يضل الناقل مسؤوال‬
‫خالفا ألحكام الفقرة األوىل من املادة ‪ 15‬عن هالك البضائع أو تلفها و كذلك عن أتخري‬
‫البضائع يف التسليم‪ ،‬الناشئ فقط عن الشحن على السطح‪ .‬و يتحدد مدى التعويض الذي‬
‫يدفعه الناقل عن مسؤوليته وفقا ألحكام املادة ‪( 6‬املتعلقة ابحلد األقصى للتعويض )أو املادة‬
‫‪( 8‬اخلاصة ابلتعويض الكامل) حسب مقتضيات احلالة‪.‬‬
‫‪ -4‬يعترب شحن البضائع على سطح السفينة مبا خيالف اتفاقا صرحيا مع الشاحن على نقلها‬
‫يف عنابر السفينة فعال أو تقصريا يدخل يف مدلول سوء السلوك العمدي‪ .‬وعليه حيرم الناقل‬
‫من التمسك ابحلد األقصى للتعويض‪ ،‬عما يصيب البضائع من ضرر أو أتخري يف التسليم‪.‬‬
‫وال تربأ مسؤوليته إال بدفع التعويض كامل يتطابق مع القيمة احلقيقة للضرر احلاصل‪.‬‬
‫ابلرجوع إىل القانون البحري اجلزائري فيالحظ أن املشرع‪2‬مل يسمح ابلتحميل على‬
‫سطح السفينة إال يف حالة ما إذا كان هذا النوع من النقل متعارفا عليه‪ .‬كان ال حيد من أمن‬
‫الرحلة‪ ،‬مع وجوب إعالم الشاحن‪ .‬و من البديهي أن يستثىن من هذا اإلعالم احلالة اليت‬
‫حيصل فيها االتفاق بني هذا األخري والناقل على الشحن على السطح‪.‬‬

‫‪ -1‬تتضمن هذه املادة مسؤولية الناقل عن هالك البضاعة وتلفها أو أتخريها يف التسليم إذا أخفق يف اثبات أنه اختذ هو واتبعوه كافة التدابري‬
‫املعقولة يف احلفاظ على البضاعة ‪ ،‬لتجنب احلادث وتبعاته ‪.‬‬
‫‪ -2‬تنص املادة ‪ 774‬ق ب ج ‪ ":‬ال جيوز حتميل البضائع على سطح السفينة إال ضمن الشروط اليت حتد من أمن الرحلة وعندما يكون هذا‬
‫التحميل نظاميا ومتعارفا بوجه العموم ‪،‬ويف حالة حتميل البضائع على سطح السفينة جيب على الناقل إعالم الشاحن بذلك ‪،‬ماعدا يف‬
‫حالة ما إذا كان التحميل قد مت ابالتفاق مع الشاحن "‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫كما يفهم من عبارة املشرع "و كان ال حيد من أمن الرحلة" أنه قصد هبا السفن اليت‬
‫صممت خصيصا ليتم النقل على سطحها‪ .‬وهو ما توفره سفن احلاوايت‪ ،‬كما أن القضاء‬
‫هو اآلخر يفرق يف حالة نقل البضائع على السطح بني نوعني من السفن ومها‪ :‬السفن‬
‫العادية(التقليدية)و سفن اخلاصة بنقل احلاوايت (احلديثة)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شحن احلاوات على سطح السفن العادية‬
‫يقصد ابلسفن التقليدية السفن املعدة لشحن البضائع العادية بصورة أساسية‬
‫والبضائع احملتواة داخل احلاوايت بصورة استثنائية‪ .‬وتقضي احملاكم مبسؤولية الناقل يف حال‬
‫قيامه بشحن البضائع على سطح السفينة بدون احلصول على موافقة الشاحن‪.1‬‬
‫لقد سبق و أن تعرض القضاء األمريكي يف سنة ‪ 1969‬إىل مسألة شحن احلاوايت‬
‫و اليت تتلخص‬ ‫‪Encyclopedia Britanica‬‬ ‫على سطح السفن التقليدية من خالل قضية‬
‫وقائعها يف عملية نقل عدد من احلاوايت حتتوي على كتب (معاجم)‪ .‬وكان الناقل قد حرر‬
‫سند الشحن مدرجا فيه شرط احلرية العامة‪ ،‬الذي يقضي حبرية الناقل يف شحن البضائع على‬
‫السطح أو حتته مامل يتم إخباره كتابيا يف وقت الحق أبن املطلوب هو شحن البضائع حتت‬
‫السطح و ملا مل يقم الشاحن إبخبار الناقل برغبته يف شحن احلاوايت يف العنابر ‪،‬قام الناقل‬
‫بشحن ستة حاوايت على السطح و حاويتني يف عنابر السفينة‪ .‬وأثناء الرحلة تعرضت‬
‫السفينة لعواصف شديدة ‪،‬األمر الذي أدى إىل تلف حمتوى حاويتان من جمموع احلاوايت‬
‫املشحونة على السطح بسبب مياه البحر واليت تسربت إىل داخل احلاوايت وأمام القضاء‬
‫طالب الشاحن الناقل بدفع قيمة املعاجم املوجودة داخل احلاويتني كاملة ‪،‬ابإلضافة إىل‬
‫احلاوايت اليت أصاهبا تلف كبري ‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Paris 1er Oct.1986, BT.1986, p661, Aix -en-Provence 22 Fév. 1985, BT.1986, p154:‬‬
‫مشار إليه لدى سوزان علي حسن ‪ ،‬عقد نقل البضائع ابحلاوايت‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.56‬‬
‫‪- 2‬مشار إليه لدى نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪329‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫لكن حمكمة الدرجة األوىل رفضت طلبات الشاحن مستندة يف حكمها إىل العالقة‬
‫التعاقدية اليت متت بني الشاحن والناقل و إىل أن الشاحن مل خيرب الناقل برغبته يف الشحن يف‬
‫العنابر‪ .‬و عندما عرض األمر على حمكمة االستئناف قضت هذه األخرية ابالستجابة إىل‬
‫طلبات الشاحن ومساءلة الناقل وإلزامه بدفع مبلغ التعويض للشاحن عن كامل الضرر‬
‫استندت احملكمة يف ذلك إىل أن سند الشحن مل يتضمن ما يشري إىل أن الشحن سوف يتم‬
‫على السطح‪ ،‬األمر الذي يفيد أن الناقل مل حيصل على موافقة الشاحن قبل تستيف البضائع‬
‫على سطح السفينة‪.1‬‬
‫قد يلجأ الناقلون هبدف التحرر من االلتزام إبخطار الشاحن حلظة الشحن إىل إدراج‬
‫شرط يستطيعوا مبوجبه الشحن على السطح بدون إخطار الشاحن‪ .‬وهو شرط لقي أتييدا‬
‫من طرف الفقهاء الفرنسيني ونذكر منهم الفقيه ‪. 2Rodiére‬‬
‫غري أنه للقضاء الفرنسي موقف خمتلف ‪ ،‬فقد كان أكثر قسوة مع هذه الشروط‬
‫ابلرغم من صالحيتها فال يعفى الناقل من إخطار الشاحن بذلك حلظة الشحن الفعلي‬
‫للحاوايت على سطح السفينة‪ .‬وهو ما قضت به حمكمة النقض الفرنسية مستندة يف‬
‫حكمها إىل أن توقيع الشاحن على سند الشحن املتضمن الشرط اخلاص ابلشحن على‬
‫السطح ال يعادل موافقته على هذا الشرط‪ .‬و هلذا جيب على الناقل إخطار الشاحن حلظة‬
‫الشحن حىت يتسىن له التأمني على البضائع ضد خماطر الشحن على السطح‪.3‬‬
‫كما يالحظ من زاوية أخرى أن شركات التأمني تكون غري مسؤولة عن األخطار اليت‬
‫تصيب البضائع املشحونة على سطح السفينة ولو كان للرابن احلق يف شحن البضائع على‬
‫السطح بناءا على شروط سند الشحن ذاته ‪.‬إذ أن العربة يف تنظيم العالقة ما بني املؤمن‬
‫واملستأمن إمنا هي بشروط عقد التأمني الذي يربطهما ‪،‬فإذا مل تسمح وثيقة التأمني الشحن‬

‫‪ -1‬مشار إليه لدى سوزان علي حسن ‪ ،‬عقد نقل البضائع ابحلاوايت‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.57‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- R.Rodiére, traité général de droit maritime, Tome II, op.cit, p158, n°522.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Cass 18 Janv 1994,BT1994:‬‬
‫مشار إليه لدى سوزان علي حسن ‪ ،‬عقد نقل البضائع ابحلاوايت‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.58‬‬

‫‪330‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫على سطح السفينة وشحنت البضائع على هذا النحو ‪،‬كان ذلك تغيريا ملكان املخاطر وكان‬
‫املؤمن غري مسؤول عنها‪.1‬‬
‫خيلص القول أن التعويض الكامل جيد تطبيقا له يف حالة الشحن على السطح‬
‫املخالف للقانون‪ ،‬أو ألعراف ميناء الشحن‪ ،‬أو لالتفاق املربم بني الشاحن والناقل‪ .‬و يعترب‬
‫خطأ الناقل يف هذه احلالة جتسيدا لفكرة سوء السلوك العمدي املرتكب من جانبه‪ .‬وهو ما‬
‫جيب احلكم به على هذا األخري يف صورتني ‪ :‬األوىل عندما يقوم الناقل بشحن البضائع على‬
‫سطح السفينة دون احلصول على موافقة الشاحن ‪.‬أما الثانية فهي تتجسد يف عدم إخبار‬
‫الناقل إبخطار الشاحن حلظة قيامه ابلشحن على السطح‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬شحن احلاوات على السفن املتخصصة‬
‫سفن احلاوايت‬ ‫‪Purpose built containers ships‬‬ ‫يقصد ابلسفن املتخصصة‬
‫املعدة خصيصا لنقل احلاوايت بنوعيها على السواء‪ ،‬أي تلك اليت مت حتويلها من سفن بضائع‬
‫عامة وسفن صهاريج إىل سفن حاوايت أو تلك اليت بنيت أصال لتكون سفن حاوايت‬
‫ويراعى يف تصميم هذه السفن إمكانية نقل ما يرتاوح بني ‪ 25‬و‪ %40‬من محولتها على‬
‫السطح ‪.‬كما يصمم هيكلها حبيث يقلل من ضغط املياه على بدن السفينة ومحولتها ‪،‬فضال‬
‫عن تزويدها خبزاانت للتقليل من متايل السفينة وأخريا تزود أسطحتها مببايت ومساكات‬
‫لتثبيت احلاوايت على سطحها حبيث تصبح احلاوايت جزءا من بدن السفينة ‪،‬مما يقل معه‬
‫إىل حد بعيد إحتمال سقوط احلاوايت يف البحر وبذلك يتوافر هلذه السفن احلماية والسالمة‬
‫الكافية للبضاعة املنقولة داخل احلاوايت‪.2‬‬
‫مبا أن سفن نقل احلاوايت قد حققت تقدما كبريا يف احملافظة على البضائع عند نقلها‬
‫على السطح مما أنساان النظرة القدمية ملشاكل الشحن على السطح يف النقل بواسطة السفن‬
‫التقليدية‪.‬ابإلضافة إىل أن هذه السفن قد صممت لتكون ثلث البضائع على سطحها وال‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه ‪،‬التأمني البحري (الضمان البحري)‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.161‬‬


‫‪ -2‬سوزان علي حسن ‪ ،‬عقد نقل البضائع ابحلاوايت‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 59‬‬

‫‪331‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يكون االستغالل االقتصادي كامال إذا طرح هذا اجلزء من احلمولة و بذلك أصبح النقل هبذا‬
‫الشكل يفرض السماح للناقل برص احلاوايت اليت حتمل البضائع على سطح السفينة ‪.‬وال‬
‫يعد احنرافا عن عقد النقل عندما يقوم هذا األخري بذلك‪ ،‬دون أن حيصل على موافقة‬
‫الشاحن ‪،‬شريطة أن تكون السفينة خمصصة هلذا النوع من النقل‪.1‬‬
‫استنادا إىل هذه السالمة اليت توفرها السفن املتخصصة للحاوايت املشحونة على‬
‫سطحها‪ ،‬بدرجة ال تكاد ختتلف عما يتحقق هلا نتيجة للشحن داخل عنابر السفينة مل جيد‬
‫الناقلون ما يدعو إىل ضرورة احلصول على موافقة الشاحنني بشأن شحن حاوايهتم على‬
‫السطح‪ .‬و عليه فقد أعد الناقلون ومنظماهتم شروطا خاصة تتعلق بنقل احلاوايت على سطح‬
‫السفن و أدرجوها يف سندات الشحن حىت ال يكاد خيلو سند شحن حديث من مثل هذه‬
‫‪Deck Stowge of Containers‬‬ ‫الشروط ‪،‬كشرط ‪ Deck Cargo and Stowge‬وشرط‬
‫وغريها و ينصرف املضمون األساسي هلذه الشروط إىل أحقية الناقل يف شحن احلاوايت‬
‫على السطح أو حتت السطح دون احلصول على موافقة الشاحن أو حىت إخطاره بذلك ‪،‬مع‬
‫عدم االلتزام ببيان كيفية هذا الشحن يف سند الشحن‪.2‬‬
‫املهم يف األمر أن تلك األحكام الصادرة عن احملاكم اإلجنليزبة و األمريكية جاءت‬
‫‪The‬‬ ‫مؤيدة للشروط اليت وضعها الناقلون بشأن نقل احلاوايت على السطح ففي قضية‬
‫‪3‬‬
‫اليت كانت حمل نظر القضاء األمريكي ‪ ،‬حيث قامت الشركة الشاحنة‬ ‫‪Mormacvega‬‬

‫برص ‪ 38‬طبلية من مادة الراتنج داخل حاوية وسلمتها إىل الناقل البحري لنقلها من ميناء‬
‫نيويورك إىل ميناء روتردام ‪،‬حيث أصدر الناقل سند شحن للشركة الشاحنة‪ ،‬دون أن يبني فيه‬
‫أن نقل احلاوية سيتم على السطح يف حني أن النقل قد مت ابلفعل على السطح ‪،‬فسقطت‬
‫احلاوية يف البحر أثناء النقل واستندت الشركة الشاحنة (املدعية) إىل أن جلوء الناقل إىل‬

‫‪ -1‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.75‬‬


‫‪ -2‬فاروق ملش ‪،‬النفل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية)‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.243‬‬
‫‪ -3‬مشار إليه لدى املرجع السابق ‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪332‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫شحن احلاوية على السطح يعترب خرقا صرحيا لعقد النقل ومن مث يتعني حرمان الناقل من‬
‫احلق يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض ‪،‬أما الناقل فقد ادعى وجود عرف يقضي جبواز‬
‫نقل احلاوايت على السطح ‪.‬‬
‫غري أن حمكمة االستئناف‪ 1‬رفضت األخذ أبي الدفاعني ‪،‬إال أاها حكمت لصاحل‬
‫املدعى عليه وهو الناقل ‪،‬على أساس أن الشركة الشاحنة تقدمت مبحض اختيارها وحجزت‬
‫مكاان للحاوية اململوكة هلا على سفينة صممت أساسا لكي حتمل احلاوايت على سطحها‬
‫‪،‬كما أن سطح سفينة احلاوايت يعد مكاان مناسبا لنقل احلاوايت وأنه ليس من الضروري‬
‫التدليل على وجود عرف خاص جبواز نقل احلاوايت على السطح يف حالة السفن املصممة‬
‫خصيصا لنقل احلاوايت‪.‬‬
‫كما أن القضاء األجنلوسكسوين قد أجاز للناقل أن يرفض أو يتجاهل تعليمات‬
‫الشاحن بنقل حاوايته حتت السطح ‪،‬بل وأن ينقلها فوقه على الرغم مما لديه من تعليمات‬
‫‪Rosenburch v American‬‬ ‫خمالفة ‪،‬دون أن يسأل الناقل عن تصرفه هذا ففي قضية‬
‫‪،2Export‬اليت عرضت أيضا على القضاء األمريكي ‪،‬حيث‬ ‫‪Isbrandtsen Lines Inc‬‬

‫جرى تظهري سند الشحن مبعرفة ممثل الشاحن بعبارة "‪،" Stow under deck‬غري أن الناقل‬
‫قام بشطب هذه العبارة وتوىل شحن احلاوية على السطح‪ .‬وأثناء الرحلة من نيويورك إىل‬
‫هامبورغ ‪،‬سقطت احلاوية يف البحر فقضت احملكمة أبن للناقل احلق يف النقل على السطح‬
‫طاملا مل يقبل طلب الشاحن يف أن يكون النقل حتت السطح‪.‬‬
‫يف اجلهة املقابلة ومن بني القوانني الالتينية اليت عاجلت مسألة الشحن على سطح‬
‫سفن احلاوايت القانون الفرنسي رقم ‪ 66-420‬الصادر يف ‪ 18‬جوان ‪ ،1966‬املتعلق‬

‫‪1‬‬
‫‪-The‬‬ ‫‪Mormacvega -(1974) Lloyd's Rep,p 296:‬‬
‫مشار إليه لدى فاروق ملش ‪،‬النفل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية)‪ ،‬املرجع السابق‪ 243 ،‬وما يليها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-(1974) Lloyd's Rep, p119:‬‬
‫مشار إليه يف نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.244‬‬

‫‪333‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ابلنقل البحري يف املادة ‪ 22‬الفقرة ‪2‬منه‪، 1‬على أنه‪ ":‬تفرتض موافقة الشاحن يف حالة‬
‫شحن احلاوية على السفن اجملهزة خصيصا هلذا النوع من النقل "‪.‬‬
‫يفهم من هذه املادة أنه يف مواجهة الشاحن ال يتطلب من الناقل أي إجراء عند‬
‫شحنه البضائع يف سفينة صممت خصيصا من أجل نقل احلاوايت و ال يهم سوآءا وافق‬
‫الشاحن على الشحن هبذه الكيفية أم مل يقبل هبا‪ ،‬ألن موافقته يف هذه احلالة هي مفرتضة‬
‫مبوجب نص من القانون ‪،‬نظرا ملا تتمتع به سفن احلاوايت من تطور كبري جعلها حترر الناقل‬
‫من احلصول على موافقة الشاحن على سطحها لعدم وجود دواعي كانت توجد يف السفن‬
‫طر هذا األخري أبن البضائع سيتم شحنها على السطح ‪.‬‬
‫العادية تربر من أن ُخي َ‬
‫هذا ما أكدت عليه حمكمة النقض الفرنسية‪ 2‬يف قرارها الصادر يف ‪ 18‬مارس‬
‫‪RAM‬‬ ‫‪ 2008‬والذي صدر يف قضية تتعلق حباوية مت شحنها من قبل الشركة األمريكية‬
‫(شاحن ومرسل إليه يف نفس الوقت) على سفينة ‪ Ville de Tanya‬لنقلها من الصني إىل‬
‫بنقل احلاوايت على‬ ‫‪CMA-CGM‬‬ ‫الربازيل ‪ ،‬حيث قام الناقل البحري واملتمثل يف شركة‬
‫سطح السفينة‪ .‬وتعرضت حوايل ‪ 120‬حاوية للسقوط يف البحر نتيجة إعصار صادف‬
‫السفينة أثناء رحلتها البحرية يف اتريخ ‪ 31‬أوت ‪، 2000‬فقالت هذه احملكمة أبن الشاحن‬
‫سوف يكون‬ ‫‪Ville de Tanya‬‬ ‫يفرتض فيه العلم واملوافقة أبن شحن احلاوية على السفينة‬
‫على السطح مادامت هذه السفينة مزودة بتجهيزات وضعت خصيصا لتتالءم مع شحن‬
‫احلاوايت على سطحها وهوما حيقق توازن السفينة و ضمان سالمة البضائع‪.‬‬
‫ترتيبا على ما تقدم ميكن القول أن الفرق شاسع بني الشحن على السفن العادية‬
‫وسفن احلاوايت ‪ ،‬لكن ابلرغم من ذلك التطور الذي شهدته سفن احلاوايت إال أن هذا‬
‫األمر ال خيلو من احتمال حصول هالك أو تلف للبضائع املنقولة على هذا الشكل ‪ ،‬حيث‬
‫‪1‬‬
‫‪-Art‬‬
‫‪22/2:"le consentement du chargeur est supposé donné en cas de chargement en‬‬
‫"‪contenu a bord de navires munis d'installations appropriées pour ce type de transport.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Cassation (ch. com),18 mars 2008,navire Ville de Tanya,DMF2008,juin 2008,Obs‬‬
‫‪Yves Tassel :" le régime juridique de chargement en pontée: un arrêt d'espèce‬‬
‫‪malheureux,p538.‬‬
‫‪334‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يضل االحتمال واردا‪ .‬و هو ما أثبته الواقع العملي يف النقل البحري‪ ،‬فقد كان على‬
‫التشريعات البحرية مراعاة مسألة مصلحة الشاحن يف التأمني على البضائع‪ ،‬حيث أن إخطار‬
‫الناقل حلظة الشحن البضائع على السطح من املسائل اهلامة ابلنسبة إليه وحىت ال تفوت على‬
‫الشاحن فرصة التأمني على البضائع املشحونة فوق السطح ‪.‬‬
‫من جهة أخرى يرتتب عن عدم إعالم الشاحن لشركة التأمني بوضعية البضائع‬
‫املشحونة على سطح السفنينة جيعل هذه األخرية ال تضمن هذا النوع من الشحن ‪.‬و العلة‬
‫يف ذلك أن عقد التأمني مل ينص إال على ضمان الشحن اخلاص ابلبضائع اليت هي يف عنابر‬
‫السفينة فقط‪،‬مما يبطل عقد التأمني و جيعل الشاحن حيرم من احلصول على التعويض على‬
‫بضائعه اهلالكة أو التالفة ابلرجوع على شركة التأمني ‪ .‬و من مثة ال يكون أمامه إال طريق‬
‫واحد وهو الرجوع على الناقل للمطالبة ابلتعويض‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫موقف اتفاقية روتردام من مسألة الشحن على سطح السفينة‬
‫على غرار اتفاقية هامبورغ عاجلت اتفاقية روتردام مسألة شحن البضائع على السطح‬
‫وهذا ما يستشف من نص املادة ‪ 25‬منها ‪،‬املدرجة حتت عنوان البضائع املنقولة على السطح‬
‫‪،‬فجاء فيها ما يلي‪":‬‬
‫‪-1‬الجيوز نقل البضائع على سطح السفينة إال‪:‬‬
‫أ‪-‬إذا اقتضى القانون ذلك النقل ‪،‬أو‬
‫ب‪-‬إذا نقلت البضائع يف حاوايت أو عرابت مهيأة للنقل على سطح السفينة أو فوق تلك‬
‫احلاوايت أو العرابت‪ ،‬وكان السطح مهيأ خصيصا لنقل تلك احلاوايت أو العرابت أو‬
‫ج‪ -‬إذا كان النقل على سطح السفينة متوافقا مع عقد النقل أو العادات أو األعراف أو‬
‫املمارسات يف التجارة املعنية‪.....‬إذا اتفق الناقل والشاحن صراحة على نقل البضائع حتت‬

‫‪335‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫سطح السفينة ‪،‬فال حيق للناقل أن ينتفع ابحلد من املسؤولية عن أي هالك أو تلف للبضائع‬
‫أو أتخر يف تسليمها مىت كان ذلك اهلالك أو التلف أو التأخر انمجا عن نقلها على السطح‪.‬‬
‫ما يالحظ على هذه املادة أاها جاءت مسايرة للمادة ‪ 9‬من معاهدة هامبورغ‪ ،‬غري‬
‫أاها متيزت عليها وعلى املادة ‪/1‬ج من اتفاقية بروكسل‪ 1‬ابلنص صراحة على حالة الشحن‬
‫على السطح عند النقل عن طريق السفن املتخصصة (احلاوايت)‪ .‬و هوما غاب عن قواعد‬
‫هامبورغ واليت سوف تصطدم عند التطبيق ابلواقع العملي ‪،‬عند اللجوء إىل التحكيم يف‬
‫عقود النقل البحري أو يف ساحات القضاء و لعل أن السبب يف ذلك يرجع إىل أن االتفاقية‬
‫مل أتخذ يف حسبااها ظهور سفن احلاوايت ذات اإلمكانيات التكنولوجية املتقدمة واليت ميكن‬
‫هلا أن توفر درجات عالية من احلماية والسالمة للحاوايت سوآءا ما يشحن منها على‬
‫السطح أو حتت السطح‪. 2‬‬
‫خالفا لذلك فإن اتفاقية روتردام قد ظهرت يف وقت يعاصر التطور التكنولوجي الذي‬
‫شهدته صناعة النقل البحري مما مسح هلا أن تفصل يف مسألة شحن احلاوايت على ظهر‬
‫السفينة ‪،‬حيث جتيزه هذه املعاهدة عندما تكون البضائع معبأة داخل حاوايت أو عرابت‬
‫مهيأة هلذا النوع من النقل ‪،‬ألن احلاوية وما تتمتع به من صالبة قد صممت ألجل احملافظة‬
‫على البضاعة‪ ،‬اليت بداخلها كما لو كانت مبثابة جزء من بدن السفينة وابعتبار السطح قد‬
‫ُهيأ خصيصا للنقل على السطح وهو ما يتوافر يف النقل على سفن حامالت احلاوايت‪. 3‬‬

‫‪ -1‬ال يؤاخذ على أحكام اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬األصلية عدم تنظيم حالة النقل ابلسفن املتخصصة ألنه يف ذلك الوقت مل تبلغ‬
‫صناعة السفن البحرية أوجها من تطور مثلما هو حاصل اآلن ‪،‬لكن ما يعاب عليها أاها مل تتدارك هذا النقص يف تعديالهتا الالحقة اليت‬
‫وضعت يف سنيت ‪ 1968‬و‪.1979‬‬
‫‪ -2‬فاروق ملش ‪،‬النفل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية)‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.245‬‬
‫‪ -‬قماز ليلى إلدايز ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ .193‬وهو ما سبق وأن اندى به الفقيه الفرنسي ‪:Rodiére‬‬
‫‪3‬‬

‫‪-R.Rodiére, traité général de droit maritime, Tome II, op.cit., p155, n°519:" s’il ya sur‬‬
‫‪le pont un local ou les marchandises soient à l'abri, leur arrimage en ce lieu est‬‬
‫"‪correct, car les marchandises y saurent aussi bien protégées dans la cale.‬‬
‫‪336‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫مبفهوم املخالفة لنص املادة ‪ 25‬فقرة ب من هذه املعاهدة إذا كانت احلاوايت غري‬
‫مهيأة للنقل على السطح كاحلاوايت املفتوحة‪ ،1‬فإن هذا النقل هو غري جائز وهذا ما‬
‫يتماشى مع ما ذهبت إليه حمكمة النقض الفرنسية يف حكمها الصادر يف ‪ 7‬فيفري‬
‫‪.22006‬‬
‫هكذا و بعد أن مت التطرق لوضعية الشحن على سطح السفينة يف كل من اتفاقية‬
‫بروكسل‪ ،‬هامبورغ وروتردام ‪،‬إال هناك مشكلة أخرى تتعلق بتوضيح معىن السطح املقصود يف‬
‫النظام القانوين الذي حيكم النقل على السطح ‪،‬ذلك ألن أسطح السفن تتعدد تبعا لألغراض‬
‫املصممة من أجلها بشكل ميكن معه القول بوجود ختصص يف استعمال األنواع من األسطح‬
‫ليناسب كل منها نوعا معينا من البضائع ‪،‬حبيث أن يتوفر فيه أكرب قدر من األمان واحلماية‬
‫للبضائع احملمولة فوقه‪ .‬و التساؤل الذي يثور هنا أي األسطح هو املقصود يف معىن تستيف‬
‫البضائع حتته أو فوقه من الناحية القانونية ؟ ذلك ألن املعىن اللغوي لعبارة "حتت السطح "‬
‫"‪"Blow Deck‬تعين الرص حتت السطح الرئيسي" ‪"Main Deck‬و هذا ما يزيد من تعقيد‬
‫تعريف السطح املقصود يف التشريعات الدولية‪.3‬‬
‫يرى بعض الفقه أن السطح هو عبارة عن أي جزء يعلو السفينة فيشمل مقدمتها‬
‫ووسطها وما يتخللها من ممرات‪ .‬و إذا وضعت فوقه البضاعة كانت البضاعة معرضة ألخطار‬
‫كبرية‪ ،4‬مثل عوامل املناخ كأشعة الشمس ومياه البحر والسرقة وغريها مما تتعرض له البضائع‬
‫خارج أسقف العنابر ‪،‬مما يفهم معه أنه يف حالة ما إذا نقلت البضاعة يف أي مكان على‬

‫‪ - 1‬هي حاوايت ذات سقف مفتوح تشبه حاوايت ذات االستعمال العام ابستثناء وجود سقف متحرك وقابل للنقل مصنوع من القماش‬
‫أو البالستيك وميكن تثبيته ابلنواحي األربعة للسقف ويستعمل هذا النوع يف نقل البضائع الثقيلة جدا أو ذات احلجم الكبري ‪،‬كما تستخدم‬
‫لشحن البضائع اليت ال ميكن رفعها إال ابملرافع العلوية‪ :‬النقل واألنشطة اللوجيستية ‪commerce-logistique.alafdal.net :‬‬
‫اتريخ الدخول إىل املوقع‪،2018/05/1:‬التوقيت‪4:30:‬‬
‫‪- P.Bonassies, droit du transport maritime du conteneurs à l’orée du 21 éme siècle,‬‬
‫‪2‬‬

‫‪DMF 01- 2009, n°609-2,p 95.§3.‬‬


‫‪ -3‬يعقوب يوسف صرخوه‪ ،‬الوضع القانوين لرص البضائع واحلاوايت على سطح السفينة‪ ،‬املقال السابق ‪،‬ص‪.15‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪o‬‬
‫‪- Antione Vialard, Droit maritime, op.cit, n 459.‬‬

‫‪337‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫السطح وضع خصيصا لنقل البضاعة وكانت البضاعة بداخله يف مأمن من خماطر السقوط يف‬
‫البحر واألمطار وتقلبات اجلوية‪ ،‬فإن هذا املكان أيخذ وصف عنرب السفينة ‪.1‬‬
‫يف هذا الشأن هناك إحدى القضااي‪ ،2‬اليت حكم فيها القضاء اإلجنليزي حيث اعترب‬
‫أبن البضاعة املرصوصة يف بيت السطح ‪ House Deck‬هي حممولة على السطح وليس يف‬
‫جزء املعتاد للنقل من السفينة إال أنه أضاف أبنه ال جيب أن يعترب ذلك قاعدة عامة ‪،‬كما‬
‫أن اعتبار البضاعة مرصوصة حتت السطح أو فوقه هي مسألة واقع جيب أن تبحث كل حالة‬
‫على حدى ‪.‬‬
‫فإذا أخذان يف االعتبار السفن احلديثة فإنه ال ميكن القول أبن البضاعة جيب أن ترص‬
‫دوما أسفل السطح الرئيسي حىت ميكن اعتبارها مرصوصة يف املكان املعتاد للتحميل يف‬
‫السفن‪ .‬وعليه تظهر العربة يف تقدير الرص على السطح أو حتته يرجع إىل إمكانية إيواء‬
‫البضائع يف أماكن حتميها من التقلبات اجلوية كاحلرارة ‪،‬الربودة ‪،‬األمطار ‪،‬العواصف وأمواج‬
‫البحر ‪.‬كما أن تقرير ذلك خيتلف ابختالف األحوال اليت ترص فيها البضاعة وترجع هذه‬
‫املسألة إىل تقدير قاضي املوضوع‪ ،‬الذي يبين حكمه على أساس مدى احلماية اليت تتمتع هبا‬
‫بضاعة السطح‪ ،‬ابملقارنة مع احلماية املتوفرة للبضاعة املرصوصة حتت السطح ‪،‬أي أن الضرر‬
‫الذي يصيب البضاعة املشحونة على السطح ال يعين ابلضرورة أن الرص على السطح أكثر‬
‫خطورة من الرص أسفله‪.3‬‬
‫ابلرغم من أن االتفاقيات الدولية مل أتت بنص دقيق يوضح معىن السطح املقصود يف‬
‫‪4‬‬
‫أحكامها إال أن اإلجابة احلامسة عن هذا اجلدل قد وردت يف بعض التشريعات العربية‬
‫حينما قرر املشرع يف هذه البلدان أن مسؤولية الرابن عن كل هالك أو تلف يلحق ابلبضائع‬
‫‪1‬‬
‫‪-Georges‬‬ ‫‪Ripert, droit maritime, tome II 4eme édition, op.cit, no1499.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Royal Exchange Shipping Co .v. Dixon (1887)12 app.cass. 11:‬‬
‫مشار إليه لدى يعقوب يوسف صرخوه ‪ ،‬املقال السابق ‪،‬ص‪.16‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬املادة ‪ 122‬حبري أردين‪ ،‬املادة ‪ 123‬حبري لييب‪ ،‬املادة ‪ 119‬حبري لبناين‪ ،‬املادة ‪ 44‬حبري مصري قدمي‪ ،‬املادة ‪ 119‬حبري سوري‪،‬‬
‫املادة ‪ 98‬حبري عماين‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫املنقولة على السطح السفينة األول أي على سطحها األعلى مامل حيصل على رضا الشاحن‬
‫الذي قد يظهر بشكل توقيع على وثيقة الشحن أو إذا كانت العادات البحرية جتيز هذا‬
‫الشحن على السطح ‪ .‬و ينزل منزلة السطح األعلى كل ملجأ على السطح واألسقف كغرفة‬
‫البحارة أو ما مياثلها إذا كان معدا أو صاحلا إليواء البضاعة مع استثناء املالحة الساحلية من‬
‫الشحن على السطح‪.1‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫حتفظات الناقل وعدم تدوينها بقصد اإلضرار ابلغري‬
‫سند الشحن هو األساس الذي يرتكز عليه إيصال البضاعة املشحونة‪ ،‬لذلك جيب أن‬
‫يتضمن تعيينا للبضاعة املشحونة من حيث طبيعتها ومقدارها والعالمات اليت متيزها وكذلك‬
‫حالتها الظاهرة أن يقدم الشاحن كتابة البياانت املتعلقة ابلبضائع عند تسليمها إىل الناقل‬
‫والذي يقوم بتقيدها يف سند الشحن وللناقل إبداء حتفظات إن كانت لديه أسباب جدية‬
‫للشك يف صحتها أو مل تكن لديه الوسائل العادية للتأكد من صحتها ‪.‬كما جيب أن تذكر‬
‫أسباب التحفظ على قيد البياانت يف سند الشحن‪.2‬‬
‫قد ال يكون يف وسع الناقل التحقق من صحة البياانت اليت أدىل هبا الشاحن عن‬
‫البضاعة ‪ ،‬دون أن يؤدي ذلك إىل تعطيل السفينة عن القيام ابلرحلة يف الوقت املناسب‬
‫‪،‬لذلك يلجأ إىل أن يذكر يف سند الشحن أن البياانت اخلاصة ابلبضاعة غري معتمدة من‬
‫القيمة‪. 3‬‬ ‫طرفه‪ ،‬أو أن البضاعة جمهولة الوزن‪ ،‬أو املقدار ‪،‬أو احلالة‪ ،‬أو‬
‫و من أمثلة هذه التحفظات‪ ،‬النص يف سند الشحن أن البضاعة سيئة التغليف أو‬
‫‪avariée ou en‬‬ ‫" ‪،‬أو أن البضاعة اتلفة أو هبا أضرار‬ ‫"‪mal emballée‬‬ ‫احلزم‬

‫‪ -1‬مشار إليه لدى يعقوب يوسف صرخوه ‪ ،‬املقال السابق ‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ -2‬إميان اجلميل‪ ،‬سند الشحن ودوره يف النقل البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -3‬حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن‪ ،‬جملة إدارة قضااي احلكومة ‪،‬العدد الثالث ‪،‬السنة التاسعة عشر ‪،‬سبتمرب‬
‫‪، 1975‬ص ‪ 808‬وما يليها ‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫"‪، " dommagée‬أو أصاهبا الصدأ "‪، " Rouillée‬أو أاها يف حالة تعفن أو سخونة داخلية‬
‫وكذلك النص على أن البياانت اخلاصة ابلبضاعة "حسب قول الشاحن أو غري معتمدة‬
‫‪"que dit être,sans approuver‬‬ ‫"‬
‫‪،‬أو أن البضاعة جمهولة الوزن أو املقدار أو املقاس أو احملتوايت أو احلالة أو القيمة‬
‫" ‪.1Poids ,contenu, conditionnement et valeur in connus‬‬
‫يف الواقع أن وجود حتفظات بسند الشحن سوف يضعف من قيمة السند ‪،‬ابعتباره‬
‫ميثل البضاعة وحيازهتا متثيال رمزاي وسيجعل من الصعب على الشاحن إقناع املرسل إليه ‪،‬أو‬
‫مشرتي البضاعة ‪،‬أو الدائن املرهتن هلا ‪،‬أو املؤمن عليها ‪،‬أو البنك فاتح االعتماد املستندي‬
‫بقبول السند ‪،‬أي أن وجود التحفظات سوف يعوق إمتام عمليات البيع ‪،‬أو الرهن ‪،‬أو‬
‫التأمني ‪،‬أو االئتمان اليت تكون البضائع املنقولة حمال هلا يف العادة ‪.‬كما أن وجود مثل هذا‬
‫السند املتضمن للتحفظات سيفتح ابب أمام الناقل لإلفالت من مسؤوليته عما يصيب‬
‫البضائع من هالك أو تلف‪.2‬‬
‫ملا كان من شأن هذه التحفظات اضعاف فاعلية سند الشحن كأداة لإلثبات وعرقلة‬
‫وظيفته يف متثيل البضاعة فقد اهتمت االتفاقيات الدولية الثالث ( بروكسل ‪،‬هامبورغ‬
‫وروتردام)بتنظيمها للحد من مثاليتها‪ .3‬و ابتداءا ابتفاقية بروكسل‪ ،‬فقد أجازت هذه املعاهدة‬
‫للناقل أن ميتنع عن ادراج البياانت املتعلقة بعالمات البضاعة أو بعددها أو بوزاها أو كميتها‬
‫يف حالتني‪ 4‬على سبيل احلصر ‪ ،‬ال ميكن التوسع فيهما أو القياس عليهما ومها كاآليت‪: 5‬‬
‫‪-1‬إذا كانت لدى الناقل أسباب معقولة للشك يف صحة البيان املقدم من الشاحن ‪،‬كأن‬
‫توضع كمية من البضاعة على الرصيف ال تتناسب مع تصرحيات الشاحن ‪.‬‬

‫‪ -1‬محد هللا حممد محد هللا‪ ،‬اتفاقات الضمان البحري بني اإلبقاء واإللغاء(دراسة مقارنة)‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1997‬ص‪.37‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -3‬حمسن شفيق اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪ -4‬املادة‪3‬فقرة ‪ 2‬من معاهدة بروكسل لسنة ‪.1924‬‬
‫‪ -5‬حممد إبراهيم موسى‪ ،‬خطاابت الضمان املالحية (دراسة مقارنة )‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2016‬ص ‪.77‬‬

‫‪340‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪-2‬وإذا مل تتهيأ له وسائل كافية للتحقق من صحة البيان وهو ما حيصل عندما يقدم‬
‫الشاحن البضاعة قبل مغادرة السفينة بفرتة وجيزة‪.‬‬
‫جيب على الناقل أن يبني يف سند الشحن األسباب اليت دعته إىل الشك يف بياانت‬
‫الشاحن ‪،‬أو األسباب اليت تبني عدم كفاية الوسائل للتحقق من هذه البياانت ويقع على‬
‫الناقل عند اخلالف عبء اثبات أسباب هذه األمور ‪،‬فإن عجز عن هذا االثبات تعني عدم‬
‫التعويل على ما يصدر منه من حتفظات يف هذا الشأن‪ .‬ويتبني من ذلك أن الناقل ال جيوز له‬
‫ادراج حتفظات دون أن يبني األسباب اليت دعته إىل إدراجها‪.1‬‬
‫من انحية أخرى ال جيوز هلذا األخري حىت يف احلالتني السابقتني أن يدرج حتفظات‬
‫تتعلق حبالة البضاعة وشكلها الظاهر وإمنا جيوز له ذلك فقط يف ما خيص عالمات البضاعة‬
‫ووزاها ومقدارها وذلك بصريح نص الفقرة الثالثة من املادة الثالثة من املعاهدة ‪،‬إذ أن الناقل‬
‫يف وسعه دائما ويف مجيع األحوال أن يتحقق من حالة البضاعة وشكلها الظاهر‪.2‬‬
‫إذن حىت يكون التحفظ صحيحا ومنتجا ألاثره على النحو املبني جيب أن يكون‬
‫‪3‬‬
‫مكتواب بطريقة واضحة وأال يكون بصيغة عامة أو مطلقة‪ ،‬بل جيب أن يكون حمددا ودقيقا‬
‫‪.‬كما جيب أن يكون التحفظ مربرا ومدوان على نفس سند الشحن‪.4‬‬
‫بناءا على ذلك يصبح من شأن تضمني سند الشحن حتفظات صحيحة وفق هذه‬
‫الشروط جمتمعة أن تفقد البياانت اخلاصة ابلبضاعة حجيتها يف االثبات ‪،‬حبيث ال يعترب سند‬
‫الشحن حبالته هذه دليال على تسلم الناقل البضاعة كما وصفت يف سند الشحن‪ .‬و بذلك‬
‫يقيم قرينة لصاحل الناقل على أن العجز أو التلف الالحق ابلبضائع كان سابقا على الشحن‬
‫‪ -1‬إذا وضع التحفظ دون أية إشارة إىل الشك يف صحة البيان أو إىل عدم توافر وسائل التحقق من صحته كان ابطال ال أثر له يف حجية‬
‫سند الشحن خبصوص هذا البيان ومن الواضح أن اتفاقية بروكسل استطاعت أن تقضي على استعمال التحفظات املبهمة التقليدية من‬
‫أمثال" الوزن أو العدد غري معروف "‪ :‬حمسن شفيق ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه ‪.‬‬
‫‪ -2‬حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن‪ ،‬املقال السابق ‪ ،‬ص ‪ 809‬وما يليها ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Claude Chaiban, causes légales d'exonération du transporteur maritime dans le‬‬
‫‪transport de marchandises, TOME XIII, préface Michel de Juglart, libraire général de‬‬
‫‪droit et jurisprudence, Paris 1965, p76.‬‬
‫‪ -4‬محد هللا حممد محد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.45‬‬

‫‪341‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪،‬إال أاها تبقى قرينة بسيطة حبيث ميكن للشاحن أن يثبت عكسها بكافة طرق االثبات‬
‫‪،‬فيثبت أن العجز أو التلف قد نشأ عن خطأ الناقل أو اتبعيه‪. 1‬‬
‫تتجه القوانني احلديثة و آراء الفقه وأحكام القضاء‪ 2‬إىل تقرير بطالن أو عدم نفاذ‬
‫التحفظ الذي ال تتوافر فيه هذه اخلصائص كأن يذكر مثال "من غري ضمان للوزن‬
‫واحملتوايت" ‪،‬أو "الوزن مل يفحص أو الوزن جمهول " ‪،‬أو "العدد مل يضبط أو العدد على غري‬
‫املعتاد" ‪...‬إخل ‪،‬فمثل هذه التحفظات تكون ابطلة و ال تسري عليها األحكام القانونية‬
‫اخلاصة ابلتحفظات الصحيحة ‪،‬إذن جيب توضيح األسباب اجلدية اليت تدعو إىل الشك يف‬
‫صحة البياانت‪ ،‬اليت يقدمها الشاحن أو األسباب اليت تدعو إىل عدم توافر الوسائل الكافية‬
‫للتحقق منها‪ . 3‬و هذا ما أكدت عليه حمكمة النقض الفرنسية‪ ،‬حيث قضت أبن شرط‬
‫الذي ينص على عبارة "حسب قول الشاحن" يعد شرطا منطيا " ‪ " Clause de style‬وليس‬
‫حتفظا مربرا وال يرتتب عليه إعفاء الناقل من قرينة استالمه البضاعة طبقا ملا ذكر يف سند‬
‫الشحن‪.4‬‬
‫على غرار اتفاقية بروكسل فقد أفردت اتفاقية هامبورغ للتحفظات أحكاما خاصة‬
‫وهيئت هلذا الغرض فقرتني األوىل والثانية من املادة‪16‬وطبقا للفقرة األوىل اليت ختص‬
‫التحفظات ابملعىن الدقيق فإن للناقل‪،‬أو من ينوب عنه إصدار سند الشحن مثبتا فيه‬
‫حتفظات تتعلق ابلطبيعة العامة للبضائع ‪،‬أو العالمات الرئيسية املميزة هلا ‪،‬أو عدد الطرود ‪،‬أو‬
‫وحدات الشحن ‪،‬أو وزن البضائع ‪،‬أو كميتها‪ .‬وذلك إذا كان يعلم أن البياانت اليت قدمها‬

‫‪ -1‬أمحد حممود حسين‪ ،‬سند الشحن ودوره يف التجارة البحرية‪ ،‬جملة إدارة قضااي احلكومة‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬السنة التاسعة عشر‪ ،‬سبتمرب‬
‫‪ ،1975‬ص ‪ 267‬وما يليها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Claude Chaiban,op.cit,n°609.‬‬
‫‪P.Bonassaises, le droit positif Français en 1985; Cour de Rouen 21 mars 1985; Cass‬‬
‫‪22 Fév. 1985;DMF1986,p75:‬‬
‫مشار إليه لدى محد هللا حممد محد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Cass 12 Fév. 1983,DMF 1984,p137 et s note R.ACHARD.‬‬
‫‪342‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الشاحن فيما خيص تلك األوصاف ال تعرب عن احلقيقة ‪،‬أو إذا كانت لديه شك يف صحة‬
‫تلك البياانت ‪،‬أو إذا مل تتوفر لديه الوسائل للتحقق من هذه البياانت‪. 1‬‬
‫لكن حىت يكون التحفظ ذو قيمة فإن النص املشار إليه يلزم الناقل أبن حيدد وجه‬
‫عدم الصحة يف البياانت املقدمة من الشاحن‪ .‬و هذا يفرتض علمه بعدم الصحة أو بتوضيح‬
‫السبب الذي يستند إليه للشك يف صحة‪ ،‬أو دقة البيان‪ ،‬أو سبب عدم توافر الوسائل‬
‫للتحقق من صحة البياانت‪ ،‬فإذا مل حيرتم الناقل تلك الشروط فإن التحفظ ال يكون له أي‬
‫أثر‪.2‬‬
‫أما الفقرة الثانية من املادة ‪ 16‬من معاهدة هامبورغ فقد جاءت حبكم جديد حول‬
‫احلالة الظاهرة للبضاعة‪ ،‬فأنشأت قرينة ملصلحة الشاحن أبن البضاعة سلمت يف حالة ظاهرة‬
‫سليمة إذا مل يسجل أي حتفظ بشأاها يف سند الشحن‪،3‬حيث جاء نص الفقرة املذكورة كما‬
‫يلي ‪":‬إذا مل يقم الناقل أو أي شخص آخر يصدر سند الشحن نيابة عنه إبثبات احلالة‬
‫الظاهرة للبضائع يف سند الشحن ‪،‬اعترب أنه أثبت يف سند الشحن أن البضاعة كانت يف‬
‫حالة سليمة ظاهرة "‪.‬‬
‫لقد علق البعض من الفقه على أن املالحظة اليت يوردها الناقل أو من ميثله بشأن‬
‫احلالة الظاهرة ال تعترب حتفظا ابملعىن املقصود للتحفظات وال تسري عليها أحكام التحفظات‬
‫فيجوز مثال أن‬ ‫‪،contre-indication‬‬ ‫الواردة ابملعاهدة ‪،‬امنا تعترب من قبيل البيان املضاد‬
‫يذكر الناقل يف صدد احلالة الظاهرة للبضاعة عبارات مثل "األوعية ممزقة " ‪،‬أو "الصناديق‬
‫مهشمة" أو غريها من املالحظات اليت تفيده يف تفويض القرينة‪ ،‬اليت تستخلص من سكوته‬
‫وتفرتض أنه تسلم البضاعة حبالة ظاهرة سليمة‪. 4‬‬

‫‪ - 1‬حممود مسري الشرقاوي وحممد القليويب ‪ ،‬القانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.449‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.450‬‬
‫‪ -3‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.72‬‬
‫‪ -4‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬

‫‪343‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫عند الرجوع إىل اتفاقية روتردام فهي األخرى تتيح للناقل ابداء حتفظاته ‪،‬هلذا ينبغي‬
‫على هذا األخري عندما يديل الشاحن له ابلبياانت الالزمة املتعلقة ابلبضائع إلدراجها يف‬
‫تفاصيل مستند النقل ‪،‬أو سجل النقل االلكرتوين وعلى هذا الناقل أن يتأكد من صحة‬
‫املعلومات الواردة فيها قبل اصدار مستند أو سجل النقل وذلك آخذا ابحلسبان أنه عليه‬
‫تسليم البضائع ابحلالة اليت تسلمها هبا والواردة يف تفاصيل العقد ‪.‬‬
‫لقد أوردت هذه املعاهدة نفس احلالتني السابقتني‪ 1‬اللتني ذكرات يف اتفاقييت بروكسل و‬
‫هامبورغ خبصوص صحة التحفظ ‪ ،‬كما أجازت يف حاالت أخرى للناقل ابداء حتفظات على‬
‫تلك املعلومات‪ 2‬و ذلك وفق التفصيل التايل‪:3‬‬
‫‪ -1‬عندما ال يتسلم الناقل أو الطرف املنفذ البضائع يف حاوية أو عربة مغلقة بغرض نقلها‪،‬‬
‫أو يف حالة ما يتسلمها يف حاوية أو عربة مغلقة و يتفقدها الناقل أو الطرف املنفذ (الناقل‬
‫الفعلي) ابلفعل إذا ما توافرت إحدى احلالتني ‪:‬‬
‫أ‪-‬أال يتوافر لديه وسيلة عملية أو معقولة من الوجهة التجارية للتحقق من املعلومات املقدمة‬
‫من الشاحن‪ .‬وله يف هذه احلالة اإلعالن عن املعلومات ابلنسبة للبياانت الواردة يف تفاصيل‬
‫العقد واليت تعذر عليه التحقق منها‪.‬‬
‫ب‪-‬عندما تكون لديه أسباب وجيهة لالعتقاد أبن املعلومات‪ ،‬اليت قدمها الشاحن غري‬
‫صحيحة وله يف هذه احلالة ادراج بند يبني فيه ما يعتربها إىل حد معقول معلومات دقيقة ‪.‬‬
‫‪ -2‬عندما يتسلم الناقل أو الناقل الفعلي البضائع يف حاوية‪ ،‬أو عربة مغلقة من أجل نقلها ‪،‬‬
‫فيجوز للناقل ادراج التحفظات على البياانت املشار إليها أعاله ‪،‬ما عدا البيان املتعلق بوزن‬

‫‪ -1‬تنص املادة ‪ 1/40‬من قواعد روتردام على أنه ‪ ":‬يتحفظ الناقل على املعلومات املشار إليها يف الفقرة ‪ 1‬من املادة ‪، 36‬لكي يبني‬
‫الناقل أن ال يتحمل املسؤولية عن عدم صحة املعلومات اليت قدمها الشاحن ‪،‬إذا ‪:‬‬
‫أ‪ -‬كان لدى الناقل علم فعلي أبن أاي من البياانت اجلوهرية الواردة يف مستند النقل أو سجل النقل االلكرتوين زائف أو مضلل أو‬
‫ب‪-‬كانت لدى الناقل أسباب وجيهة لالعتقاد أبن بياان جوهراي يف مستند النقل أو سجل النقل االلكرتوين زائف أو مضلل‪".‬‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 2/40‬من قواعد روتردام ‪.‬‬
‫‪ -3‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 315‬وما يليها‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫البضاعة إذا مل يتوافر هذان الشرطان جمتمعني ‪:‬األول إذا مل يكن الناقل أو الناقل الفعلي قد‬
‫تفقدا فعليا البضائع املوجودة داخل تلك احلاوية أو العربة ‪،‬الثاين إذا مل يكن الناقل أو الناقل‬
‫الفعلي على علم مبحتوايهتما من مصدر آخر غري الشاحن ‪.‬‬
‫أما ابلنسبة للبياانت املتعلقة بوزن البضاعة املقدم من الشاحن ‪،‬فيجوز للناقل ادراج‬
‫حتفظ يف شأاها وليس ابلشيء احملال فهي ليست من املعلومات اليت يستحيل التأكد منها‬
‫ولكن املعاهدة نظمت هذه املسألة عند توافر إحدى احلالتني‪:1‬‬
‫احلالة األوىل‪:‬‬
‫إذا مل يقم الناقل املتعاقد أو الناقل الفعلي بوزن احلاوية أو العربة ومل يكن هناك اتفاق‬
‫بني الشاحن والناقل قبل شحن البضاعة على‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن توزن احلاوية أو العربة‪.‬‬
‫ب‪ -‬و على أن يدرج الوزن يف تفاصيل العقد‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪:‬‬
‫تتمثل احلالة عند وجود اتفاق بني الشاحن والناقل على أن توزن احلاوية أو العربة‪ ،‬وأن‬
‫يدرج الوزن يف تفاصيل العقد‪ ،‬لكن مل يكن مثة وسيلة عملية أو معقولة جتاراي للتحقق من‬
‫وزن احلاوية أو العربة‪.‬‬
‫إذا كان األمر كذلك‪ ،‬فإن إدراج البيان مقرتان ابلتحفظ يف سند الشحن من شأنه أن‬
‫يبعث القلق يف نفسية املؤمن فيضطره إىل رفع أقساط التأمني ‪.‬و نظرا خلطورة التحفظات يف‬
‫التجارة الدولية فإن الشاحن غالبا ما حياول قدر املستطاع أن يقنع الناقل أبن يصدر سند‬
‫شحن خال من التحفظات‪ .‬ويف نظري هذا يتعهد الشاحن بتعويض الناقل عن األضرار اليت‬
‫تلحقه من جراء عدم صحة البياانت الواردة يف سند الشحن‪ .‬ويتم ذلك عن طريق منح‬

‫‪ -1‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.316‬‬

‫‪345‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الناقل البحري خطاب الضمان ‪،‬الذي يستطيع الناقل مبوجبه الرجوع على الشاحن للمطالبة‬
‫ابلتعويض عن األضرار اليت حلقته من جراء تدوين البيان بدون حتفظ يف سند الشحن‪.1‬‬
‫لقد جرى على العمل على تسمية سند الشحن يف هذه احلالة بسند الشحن النظيف‬
‫وهو اتفاق بني الشاحن والناقل على أن يصدر هذا األخري حتفظاته يف سند الشحن حىت‬
‫ميكن تداول السند بسهولة ‪،‬على أن حيرر الشاحن ورقة يطلق عليها ب"خطاب الضمان"‬
‫‪ "lettre‬و يذكر فيها كل التحفظات اليت كان الناقل يريد أن يضمنها يف‬ ‫"‪de garantie‬‬

‫سند الشحن ‪،‬حىت يتفادى رجوع الشاحن عليه مبوجب سند الشحن النظيف إذا حدث‬
‫عجز أو تلف يف البضاعة عند التسليم ‪.2‬‬
‫و ملا كان من شأن خطاابت الضمان نقل عبء االثبات على عاتق الشاحن إذا ما‬
‫تبني للغري عدم مطابقة البضاعة حلقيقة البياانت املدرجة يف سند الشحن‪ .‬و هذا ما يدفعنا‬
‫لطرح التساؤل التايل‪ :‬إىل أي مدى تكون خطاابت الضمان صحيحة وما أثرها على ما تقرره‬
‫االتفاقيات الدولية خبصوص التعويض الكامل؟‬
‫نصت املادة ‪ 3/3‬من اتفاقية بروكسل ‪،‬على الزام الناقل البحري أبن يسلم للشاحن‬
‫بناءا على طلبه سند شحن يتضمن وصفا مضبوطا للبضاعة ‪،‬كما حتظر نفس املادة يف فقرهتا‬
‫الثامنة من املعاهدة كل اتفاق خيفف من مسؤولية الناقل املنصوص عليها يف قواعدها وبناءا‬
‫عليه يذهب جانب من الفقه إىل أن تطبيق املادة ‪ 3،8/3‬املذكورة يقتضي بطالن اتفاق‬
‫الضمان ألنه يتضمن خمالفة للمادة املذكورة وألن حترير االتفاق ال يعين اعفاء الناقل من‬
‫اصدار سند شحن يتضمن بياانت صحيحة وصادقة عن حالة البضاعة ‪،‬كما أنه ال يرتتب‬

‫‪ -1‬هاين حممد دويدار‪ ،‬موجز القانزن البحري ‪ ،‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بريوت ‪،‬سنة ‪، 1997‬ص‪.234‬‬
‫‪-R.Rodiére, droit maritime, Septième édition, op.cit, p 301, n°304.‬‬
‫‪ -2‬حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن‪ ،‬املقال السابق ‪ ،‬ص ‪.810‬‬

‫‪346‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫على االتفاق األخري اعفاء الناقل من املسؤولية أو التخفيف منها يف مواجهة الغري حسن النية‬
‫الذي ال يعلم بوجود اتفاق الضمان‪.1‬‬
‫كما يفسر البعض سكوت معاهدة بروكسل عن تنظيم أحكام اتفاق الضمان أن‬
‫االتفاقية استهدفت تدعيم الثقة يف سند الشحن ‪،‬فألزمت الناقل بوصف البضاعة كما قُدمت‬
‫له و استثناءا من ذلك جيوز له أن يضمن سند الشحن بعض التحفظات إذا كان هلا ُموجب‬
‫بشرط أن تظهر يف سند الشحن ذاته‪ .‬وعلى هذا فإن إخفاء التحفظات عن مستلم البضاعة‬
‫وتدوينها يف اتفاق الضمان يرتتب عليه بطالن هذا االتفاق حىت بني طرفيه‪ 2‬ألنه يتعارض مع‬
‫النظام العام ويهدف إىل اعفاء الناقل من التزاماته اليت فرضها عليه املشرع الدويل طبقا‬
‫للفقرتني ‪ 3‬و‪ 8‬من املادة ‪ 3‬من معاهدة بروكسل‪.3‬‬
‫أما ابلنسبة للغري كاملرسل إليه واحلملة املتعاقبني لسند الشحن فإن األمر ال يتعلق‬
‫ابلبطالن بل بعدم نفاذ اتفاق الضمان يف مواجهتهم‪ 4‬و عدم ترتيبه أي أثر قبلهم إذ ال جيب‬
‫القضاء على القوة احلامسة لسند الشحن بواسطة اتفاقات مل تدرج به‪ 5‬وعلى الرغم من ذلك‬
‫يعرتف أصحاب هذا الرأي أبن اتفاقية بروكسل مل تغري شيئا يف الواقع العملي السابق هلا‪.6‬‬
‫كما يرى بعض الفقه أنه إذا تعمقنا يف األمر فإننا جند خطاابت الضمان ليست يف‬
‫جوهرها سوى حتفظات مسح القانون للناقل إبدراجها يف سند الشحن وفقا ألحكام املعاهدة‪.‬‬
‫وذلك عندما جيد سببا قواي إلدراجها ‪،‬إذ أنه يف مثل هذه احلالة اليت أجازهتا املعاهدة قد يرى‬

‫‪ -1‬مشار إليهما لدى حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن‪ ،‬املقال السابق ‪ ،،‬ص ‪ 63‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬و هو ما أخذ به املشرع اجلزائري ‪،‬حينما مل يعرتف خبطاابت الضمان وأقصاها من نطاق تطبيق الباب الثالث املخصص لنقل البضائع‬
‫وهو ما يتضح من نص املادة ‪ 747‬ق ب ج ‪ ":‬ال تسري أحكام هذا الباب ‪،‬مع التحفظ لالستثناءات احملددة فيما يلي ‪،‬إال يف حالة‬
‫وجود اشرتاطات أخرى مل يتفق عليها صراحة وتسري عند احلاجة األحكام اخلاصة لالتفاقية الدولية اليت تتناول هذا امليدان واليت انضمت‬
‫إليها اجلزائر وذلك يف النقل البحري املتمم بني املوانئ اجلزائرية واملوانئ األجنبية"‪.‬‬
‫‪ - 3‬محد هللا حممد محد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪.64 ،‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Michelle Pourcelet, Le Transport maritime sous connaissement (droit canadien,‬‬
‫‪Américain, anglais, op.cit, n° 31.‬‬
‫‪ -5‬محد هللا حممد محد هللا‪ ،‬نفس املرجع ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪-Francis Sauvage, Manuel pratique du transport des marchandises par mer ,‬‬
‫‪op.cit,n°84.‬‬
‫‪347‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الشاحن من مصلحته حترير خطاابت ضمان مستقلة يشري فيها إىل التحفظات اليت جيد‬
‫الناقل مربرا هلا ‪،‬حىت يصبح سند الشحن نظيفا خاليا مما ال يعوق التعامل على البضاعة‪.‬‬
‫وبناءا على هذا يصبح الناقل مسؤوال مسؤولية كاملة يف مواجهة الغري‪. 1‬‬
‫أما يف مواجهة الشاحن فهي تؤدي إىل جمرد قلب عبء االثبات وهو ما سيكون عليه‬
‫احلال متاما لو أدرجت هذه التحفظات صراحة يف صلب السند مع بقاء مسؤولية الناقل إن‬
‫كان هلا وجه ‪،‬هذا ابإلضافة إىل أن حترير خطاابت الضمان عند وجود سبب جدي إىل‬
‫حتريرها يؤدي إىل تطبيق احلكمة اليت أرادهتا معاهدة بروكسل وهي جعل سند الشحن نظيفا‬
‫محاية للغري ولسهولة التعامل على البضاعة مع اإلبقاء يف نفس الوقت على حقيقة العالقة‬
‫بني الشاحن والناقل‪.2‬‬
‫يعترب اإلجتاه الثاين هو الرأي الراجح نظرا ملنطقية حتليله وبه أخذت حمكمة النقض‬
‫املصرية‪ 3‬معتربة أبن خطاابت الضمان حجة على عاقديها وحدمها (الشاحن والناقل ) وال‬
‫جيوز االحتجاج به على الغري من حاملي سندات الشحن ‪.‬و ال خمالفة فيها ملعاهدة بروكسل‬
‫طاملا املقصود منها دحض قرينة االثبات املستمدة من سند الشحن يف العالقة بني الشاحن‬
‫والناقل ومل تتضمن اتفاقا على إعفاء الناقل من املسؤولية ومل تكن مشوبة عند إصدارها بقصد‬
‫ايهام الغري وإدخال الغش عليه عند تداول سند الشحن ‪.‬‬
‫ترتيبا على ما تقدم ميكن القول أنه ملا كان مفعول خطاب الضمان ينحصر يف‬
‫العالقة بني الشاحن والناقل فقط وال ميكن االدالء به جتاه الغري‪ ،‬أو جتاه املرسل إليه ‪،‬ألن‬
‫هذا اخلطاب يكون عدمي األثر وال وجود له بني الناقل واملرسل إليه أو الغري‪ .‬و يتحمل‬
‫الناقل التعويض عن التلف أو النقص على أن يعود الناقل على الشاحن بعد ذلك‪ .‬و قد‬

‫‪- 1‬مسيحة القليويب ‪،‬القانون البحري لسنة ‪،1987‬ص‪. 302‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق‪،‬ص‪.303‬‬
‫‪ -3‬الطعن رقم ‪ ،339‬سنة ‪ 40‬ق جلسة ‪، 1975/6/22‬ص ‪ :1227‬أمحد شريف الطباخ ‪،‬التعويض يف النقل الربي ‪،‬البحري ‪،‬اجلوي‪،‬‬
‫املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.191‬‬

‫‪348‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫واليت تتعلق أبحكام سند‬ ‫‪The Pavida‬‬ ‫أرست احملكمة اإلجنليزية‪ 1‬هذا املوقف يف قضية‬
‫شحن خال من التحفظات أبن قالت "‪ :‬هذه القضية تلقي الضوء على التزام الرابن بتوقيع‬
‫سند الشحن وابألخص سند شحن نظيف الذي يشكل قرينة بسيطة بني الشاحن والناقل‬
‫أبن البضاعة قد مت استالمها حبالة جيدة‪ .‬و لكن عندما تُظهر الوثيقة لطرف اثلث حسن‬
‫النية فإاها تصبح دليال حامسا على أن البضاعة حبالة جيدة وحيرم مالك السفينة (الناقل) من‬
‫املطالبة مبواجهة الشخص الثالث أن البضاعة مل تكن حبالة جيدة"‪ .‬كما تضيف أن إصدار‬
‫سند شحن نظيف يعرض الناقل جملازفة كبرية‪ ،‬مستندة يف قرارها على املادة الثالثة من معاهدة‬
‫بروكسل يف فقرتيها الثالثة والرابعة‪.‬‬
‫أما يف اتفاقية هامبورغ فقد عمل واضعوا االتفاقية على تفادي اخلالف أو اجلدل الذي‬
‫أثري إابن اتفاقية بروكسل حول صحة وحجية اتفاقات الضمان ‪،‬لذلك وضعت اتفاقية‬
‫هامبورغ عدة قواعد حتكم هاتني املسألتني على النحو املوايل‪:2‬‬
‫القاعدة األوىل‪:‬‬
‫طبقا للفقرة الثانية من املادة ‪ 17‬كل خطاب للضمان أو اتفاق يتعهد مبقتضاه‬
‫الشاحن أبن يعوض الناقل عن كل ضرر ينشأ عن قيام الناقل أو انئبه إبصدار سند شحن‬
‫دون حتفظات ختص البياانت املقدمة من الشاحن لتدوينها يف سند الشحن أو ختص احلالة‬
‫الظاهرة للبضائع يكون معدوم األثر يف مواجهة الغري مبا يف ذلك املرسل إليه‪ ،‬الذي انتقل إليه‬
‫سند الشحن‪ .‬و معىن ذلك أن الناقل ال يستطيع أبي حال أن يتمسك خبطاب الضمان‬
‫ضد الغري حسن النية والغري هو من مل يكن طرفا يف االتفاق‪ ،‬الذي أفضى إىل خطاب‬
‫الضمان ويستوي أن يكون ذلك الغري املرسل إليه ‪،‬أو املؤمن على البضائع ‪،‬أو البنك فاتح‬
‫االعتماد املستندي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- English‬‬ ‫‪Admiralty Court ,Colmant 31 May 2002:‬‬
‫مشار إليه لدى بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ -2‬حممود مسري الشرقاوي وحممد القليويب ‪ ،‬القانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 451‬وما يليها‪ ،‬محد هللا حممد محد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪،‬‬
‫‪65‬وما يليها‪ ،‬مسيحة القليويب ‪،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪،1987‬ص‪ 303‬وما يليها‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫القاعدة الثانية‪:‬‬
‫هذه القاعدة ختص العالقة فيما بني الناقل و الشاحن‪ ،‬أي طرفا االتفاق والذي‬
‫أصدر الشاحن مبقتضاه خطاب الضمان للناقل ويف هذا الصدد تذهب الفقرة الثالثة من‬
‫املادة ‪ 17‬إىل اعتبار خطاب الضمان صحيحا بني طرفيه ومنتجا آلاثره إذ يشرتط النص‬
‫إلعمال هذه القاعدة أن يكون الناقل حسن النية‪ .‬ويفضي ذلك إىل أنه مىت ثبت أن الناقل‬
‫قد أغفل ذكر التحفظات بقصد االضرار ابلغري‪ ،‬الذي تصرف اعتمادا على وصف البضائع‬
‫املدون يف سند الشحن فإن الناقل ال يكون له أي حق يف مطالبة الشاحن ابلتعويض املتفق‬
‫عليه يف خطاب الضمان وهو ما يعترب جزاءا عادال توقعه املعاهدة على الناقل سيء النية‪.‬‬
‫القاعدة الثالثة‪:‬‬
‫هذه القاعدة تقررها الفقرة الرابعة من نفس املادة املذكورة ‪،‬اليت تقضي أبنه إذا ثبت‬
‫تواطأ الناقل مع الشاحن على اإلضرار ابلغري أبن أغفل ذكر التحفظات اليت كان جيب عليه‬
‫ادراجها يف السند مقابل تلقيه خطاب الضمان من الشاحن فإن الناقل يكون ضامنا لتعويض‬
‫الغري عن كل ضرر يصيبه‪ ،‬دون أن حيق له أبن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض اليت تقررها‬
‫املعاهدة‪.‬‬
‫أما يف اتفاقية روتردام فمن خالل تتبع قواعدها يالحظ أاها جاءت خالية من أي‬
‫تنظيم خلطاب الضمان و هي نفس احلالة اليت سكتت عنها اتفاقية بروكسل من قبل ولعل‬
‫سكوت اتفاقية عن تنظيم هذه املسألة ال ميكن تفسريه إال مبا فسره الفقه الراجح‪ 1‬يف ظل‬
‫اتفاقية بروكسل نظرا للتشابه بني االتفاقيتني يف هذه املسألة ‪،‬حيث اعترب هذا الفقه أبن‬
‫اتفاقات الضمان ابطلة وعدمية األثر ابلنسبة للغري ‪،‬إال أنه ميكن التمسك هبا يف مواجهة‬
‫الشاحن مادامت مل تتضمن هذه االتفاقات أي إشارة لإلعفاء الناقل من املسؤولية أو‬
‫ختفيفها‪ .‬و تبقى خطاابت الضمان صحيحة بني طرفيها (الشاحن والناقل) فقط وهو ما‬

‫‪ -1‬سبقت اإلشارة إليه يف الصفحة ‪ 347‬وما يليها من هذه الرسالة‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أمجع عليه الفقه اللبناين وكذلك االجتهاد القضائي يف لبنان ‪،‬حيث قضت حمكمة‬
‫اإلستئناف‪ 1‬أبنه ‪":‬من املتفق عليه علما واجتهادا أن كتاب الضمان الذي يوقعه الشاحن‬
‫للناقل ينتج مفاعيله بني الشاحن والناقل فقط ولكنه ال يسري على الغري خاصة أنه ال ميكن‬
‫االدالء به اجتاه املرسل إليه ‪،‬فيحق دائما للمرسل إليه التذرع مبا ورد يف وثيقة الشحن عن‬
‫حالة البضاعة ومطالبة الناقل ابلتعويض عن األضرار الثابتة عند وصول البضاعة"‪.‬‬
‫و يف قرار آخر هلا قالت احملكمة‪ ":2‬إن تذرع الناقل بكتاب الضمان ومضمونه للقول‬
‫أبن البضاعة كانت انضجة ومعرضة للتلف منذ شحنها وأن هذا األمر من شأنه أن يغري‬
‫مظهر التحفظات‪ ،‬الواردة على واثئق سند الشحن وجيعلها حتفظات وليس بند اعفاء هو أمر‬
‫يتعارض مع القوة الثبوتية‪ ،‬اليت جيب أن تتمتع هبا وثيقة الشحن ‪ .‬مبعىن أن وضع شركة‬
‫الضمان(التأمني) يف القضية احلاضرة هو وضع الغري‪ ،‬إذ أن هذا األمر كان وضعها فيما لو‬
‫حلت حمل املرسل إليه ‪ ،‬حيث يقضي ابلتايل اعتبار أن التحفظات على واثئق الشحن‬
‫تشكل بند اعفاء من املسؤولية وتعترب ابطلة عمال ابملادة ‪ 212‬من قانون التجارة البحرية"‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫تقدير التعويض الكامل‬
‫طبقا للمادة ‪5/2‬من برتوكول بروكسل لسنة ‪ ،1968‬املادة‪1/8‬من معاهدة هامبورغ‬
‫و املادة ‪ 61‬من قواعد روتردام إذا حتققت مسؤولية الناقل عن البضائع اليت تعهد بنقلها عن‬
‫طريق البحر وارتكب الناقل فعال حيرمه من احلد األقصى للتعويض ‪،‬أو يف حالة تنازله عن‬
‫حقه يف املساءلة وفق حد أقصى للتعويض عند استحقاقه وفقا لالتفاقية واجبة التطبيق فإن‬
‫التعويض الكامل هو الذي جيب أن حيكم به على الناقل عند انعقاد مسؤوليته‪ .‬و قد مر‬
‫تقدير التعويض مبراحل ‪،‬فقد كان ينظر إليه من الناحية الشخصية فقط حيث يقدر مبقدار‬
‫جسامة اخلطأ الذي ارتكبه الناقل فكانت الغاية من التعويض هي ردع املسؤول عن الضرر‪،‬‬
‫‪ -1‬منفرد مدين بريوت‪ ،‬قرار صادر بتاريخ ‪: 1954/2/26‬مشار إليه لدى وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ -2‬استئناف بريوت‪ ،‬قرار رقم ‪ 1480‬صادر بتاريخ ‪ :1968/1/28‬مشار إليه يف املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه ‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫بينما يف اجتاه الحق لذلك فقد نُظر إليه من انحية إصالح الضرر بغض النظر عن جسامة‬
‫اخلطأ ‪،‬يف حني يرى اجتاه آخر بضرورة أن يهدف التعويض إىل الردع واإلصالح معا‪.1‬‬
‫من خالل استقراء القواعد الدولية األخرية يظهر أاها أغفلت مسألة كيفية تقدير‬
‫التعويض الكامل واقتصرت ببيان حاالت التعويض الكامل املطابق لقيمة الضرر الالحق‬
‫ابلبضائع ‪،‬عند فقدان الناقل حقه يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض ‪،‬بسبب ارتكابه‬
‫سلوكا يدخل يف دائرة سوء السلوك العمدي‪ ،‬أو عند تنازله عن ذلك مبقتضى اتفاق بينه‬
‫وبني الشاحن واإلشكال الذي يثور هنا كيف ميكن تقدير التعويض الكامل؟‬
‫إن اإلجابة على هذا اإلشكال جاءت يف بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬إذ بني‬
‫صراحة كيفية تقدير التعويض الكامل ‪،‬عن قيمة اهلالك أو التلف الذي يصيب البضاعة‬
‫وهوما ورد يف املادة ‪/2‬ب من بروتوكول ‪،‬حيث نصت على ما يلي‪ ":‬حيسب املبلغ الكلي‬
‫للتعويض على أساس قيمة البضاعة يف املكان والزمان اللذان مت فيهما تفريغ البضاعة طبقا‬
‫لشروط عقد النقل ‪،‬أو يف اليوم واملكان اللذان كاان جيب تفريغ البضاعة فيهما و حتدد قيمة‬
‫البضاعة وفقا لألسعار يف البورصة فإن مل يوجد ‪،‬فوفقا للسعر اجلاري يف السوق ‪،‬فإن مل يوجد‬
‫هذا أو ذاك ‪،‬فبموجب سعر املثل من البضائع ذات الطبيعة ويف احلالة ذاهتا"‪.‬‬
‫ترتيبا على ذلك فإنه على القاضي يف الدول املصادقة على بروتوكول بروكسل لسنة‬
‫‪ 1968‬أن حيسب التعويض الكامل لقيمة التلف أو اهلالك وفق سعر البضاعة‪ ،‬يف يوم‬
‫وصول السفينة مليناء الوصول طبقا إىل قيمتها يف سعر البورصة ‪،‬فإن مل يوجد هلا سعر يف‬
‫البورصة يف ميناء الوصول فريجع إىل سعر السوق الذي يتحدد على ضوء العرض والطلب‬
‫‪،‬فإن تعذر هذا وذاك فيكون حساب التعويض الكامل وفق سعر مثيالهتا من البضائع العادية‬
‫اهلالكة أو التالفة من نفس النوع والصنف‪.‬‬

‫‪ -1‬لطيف جرب كوماين ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 206‬وما يليها ‪ ،‬وملزيد من التفاصيل أكثر حول غاية التعويض أو هدفه ‪،‬يرجى الرجوع إىل‪:‬‬
‫حممد إبراهيم الدسوقي ‪ ،‬تقدير التعويض بني اخلطأ والضرر ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪ 325‬وما يليها‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫لكن إذا كان األمر قد حسم ابلنسبة للدول اليت تنتمي للربوتوكول بروكسل لسنة‬
‫‪ ،1968‬فما هي الطريقة السديدة اليت جيب اتباعها يف تقدير التعويض الكامل يف الدول‬
‫التابعة التفاقية بروكسل األصلية أو هامبورغ أو روتردام؟‬
‫يالحظ أن بعضا من الفقه والقضاء الفرنسي قد اعتمدا على قيمة البضاعة يف ميناء‬
‫التفريغ ‪،‬بينما اجتهت عدة أحكام أخرى من القضاء الفرنسي إىل أن يكون التعويض مساواي‬
‫لقيمة البضاعة يوم صدور احلكم‪، 1‬ابعتبار أن ذلك ميثل املبلغ الذي ميكن املرسل إليه من‬
‫شراء بضاعة مماثلة ‪،‬أي وضعه ابحلالة اليت كان عليها لو أن العقد قد مت تنفيذه بشكل سليم‬
‫‪،‬بينما يذهب جانب من الفقه اللبناين مع القانون البحري الفرنسي لسنة ‪ 1936‬إىل‬
‫خالف ذلك و إىل اعتماد تقدير التعويض الكامل للبضاعة اهلالكة أو التالفة وفق سعرها يف‬
‫ميناء الشحن ‪،‬بينما يرى البعض اآلخر أن يكون التعويض الكامل مطابقا لقيمة البضاعة يف‬
‫ميناء التفريغ وسنتعرض فيما يلي إبجياز للحجج اليت ساقها انصار كل اجتاه‪:‬‬
‫االجتاه األول‪:‬‬
‫استند أصحاب هذا الرأي و الذين قالوا ابعتماد قيمة البضاعة يف ميناء الشحن إىل‬
‫احلجج‪ 2‬التالية ‪:‬‬
‫‪-1‬وقد استندوا إىل ما تقضي به القواعد املسؤولية العقدية حبيث يشرتط يف الضرر أن يكون‬
‫متوقعا و هو ما عليه احلال كذلك يف النقل البحري ‪،‬إذ يتجسد يف قيمة البضاعة املدرجة يف‬
‫سند الشحن و اليت متثل قيمتها يف ميناء الشحن‪.‬‬

‫‪ -1‬من الفقه ‪ William Tetley‬ومن القضاء يف فرنسا حمكمة النقض الفرنسية ‪ 25‬تشرين األول ‪ ، 1974‬حمكمة مرسيليا التجارية‬
‫‪21‬آذار ‪ 1950‬و االجتاه اآلخر متثله حمكمة استئناف ابريس ‪ 10‬تشرين الثاين ‪، 1953‬وحمكمة هافر التجارية كانون الثاين ‪، 1953‬‬
‫وحمكمة السني التجارية ‪ 9‬كانون األول ‪: 1953‬مشار إليها لدى لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق ‪ 208،‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 209‬‬

‫‪353‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪-2‬ينسجم هذا التوجه مع نص قانون ‪ ،1936‬الذي يقضي ابلتعويض عن األضرار اليت‬
‫تصيب البضاعة وليس األضرار اليت تلحق املرسل إليه وما يصيب البضاعة من ضرر واملتمثل‬
‫يف قيمتها يف ميناء الشحن‪.‬‬
‫‪-3‬قياسا على ما جرى عليه العمل ابلنسبة للنقل ابلسكك احلديدية‪ ،‬حيث ينص املرسوم‬
‫الفرنسي الصادر يف ‪ 1939‬على أن تعويض األضرار جيب أن يكون حمددا بقيمة البضاعة‬
‫يف يوم ومكان التحميل عند فقدان البضاعة‪.‬‬
‫االجتاه الثاين‪:‬‬
‫اندى أنصار هذا االجتاه أبن يكون التعويض الكامل مطابقا لقيمة البضاعة يف ميناء‬
‫التفريغ فاستندوا على صحة رأيهم ابحلجج اآلتية‪:1‬‬
‫‪-1‬إن الشرط الوارد يف سند الشحن‪ ،‬الذي اعتمد عليه االجتاه األول‪ ،‬جيب أن يكون ابطال‬
‫وغري ذي أثر لتعارضه مع املادة ‪ 9‬من قانون ‪.1939‬‬
‫‪-2‬إن احلجة املستند إليها على النص ليست هلا أي قيمة وهي منبوذة بكل وضوح من قبل‬
‫الفقه‪.‬‬
‫‪-3‬إن القياس الوارد يف الفقرة ‪ 3‬من احلجج السابقة غري مقبول ‪،‬ألن مرسوم ‪ 1939‬مل‬
‫يصدر إال من أجل األخذ بعني االعتبار الصعوابت اليت تتضمنها حالة احلرب ‪،‬فهو إذن‬
‫نص استثنائي ال يصلح للقياس‪.‬‬
‫‪ -4‬كما هو معلوم أن يكون الضرر الذي نشأ من هالك البضاعة كليا أو الذي نشأ من‬
‫تلفها أو هالكها اجلزئي يكون بقدر قيمة األجزاء الناقصة يف ميناء التفريغ ويف وقت وصول‬
‫السفينة ويف حالة التلف‪ ،‬فيكون التعويض مساواي للفرق بني سعر البضاعة اتلفة وسعرها ولو‬
‫أاها مل تصب بتلف أو هالك فإذا بيعت البضاعة وكأاها ليست اتلفة فال يوجد ضرر‪.‬‬

‫‪ -1‬لطيف جرب كوماين ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 210‬‬

‫‪354‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫خيلص القول أن االختالف السابق حول طريقة احلساب بشأن التعويض الكامل كان‬
‫سببه غياب نص يف االتفاقيات الدولية (بروكسل‪ ،‬هامبورغ وروتردام) و احلل األنسب هلذه‬
‫املشكلة يكمن يف وجوب الرجوع إىل القانون البحري الداخلي يف بلد القاضي املعروض عليه‬
‫النزاع ‪،‬إن وجد به نص فيجب اتباع الطريقة اليت قررها القانون‪، 1‬أما إذا مل يوجد به نص يف‬
‫القانون البحري الوطين فيجب عندئذ الرجوع إىل القواعد العامة خللو القانون البحري‬
‫اجلزائري من نص يبني كيفية تقدير التعويض الكامل‪.‬‬
‫ابلرجوع إىل القواعد العامة فإن قاضي املوضوع يف حساب التعويض الكامل عن‬
‫اهلالك أو التلف الالحق ابلبضاعة أو عن الضرر الناجم عن التأخري جيب أن يشمل التعويض‬
‫ما حلق الشاحن أو صاحب البضاعة من خسارة وما فاته من كسب‪ .2‬و يتم تقدير اخلسارة‬
‫الالحقة و فوات الكسب على أساس القيمة السوقية للبضاعة التالفة‪ ،‬أو اهلالكة يف ميناء‬
‫الوصول شريطة أن تزيد هذه القيمة عن على سعر شراء البضاعة‪ ،3‬وفقا لقواعد العرض‬
‫والطلب‪.4‬‬
‫من مجع ما تقدم يتضح أن اثبات خطأ الناقل اجلسيم ‪،‬أو غشه‪ ،‬أو سوء سلوكه‬
‫العمدي هو أمر صعب على املضرور يف سبيل استبعاد مسؤولية الناقل وفق احلد األقصى‬
‫للتعويض و املطالبة ابلتعويض الكامل‪،‬الذي يتطابق مع القيمة احلقيقة للضرر الالحق‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.424‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 182‬من القانون املدين اجلزائري‪.‬‬
‫‪ -3‬علي حسن يونس‪ ،‬العقود البحرية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪ -4‬وهبذا قضت حمكمة النقض املصرية يف تقدير التعويض الكامل عن فقد البضاعة أو هالكها أثناء الرحلة البحرية بقوهلا ‪":‬إن الناقل يلتزم‬
‫بتعويض صاحبها عما حلقه من خسارة وما فاته من كسب ويقتضي ذلك حساب التعويض على أساس القيمة السوقية للبضاعة الفاقدة أو‬
‫اهلالكة يف ميناء الوصول إذ ا كانت هذه القيمة تزيد عن سعره شراء البضاعة واملقصود ابلقيمة السوقية للبضاعة هو سعرها يف السوق اليت‬
‫ختضع لقواعد العرض والطلب وال يعتد يف تقرير التعويض ابلسعر الذي فرضته وزارة التموين لتبيع به النب (وهو البضاعة يف خصوص‬
‫القضية للتجار احملليني ‪ ،‬وذلك ألن الضرر الذي حلقها نتيجة عدم بيعها النب الذي فقد وتلف هبذا السعر ليس مما كان ميكن توقعه عادة‬
‫وقت التعاقد ألن هذا السعر اجلربي هو سعر حتكمي فرضته الوزارة نفسها ودخلت يف حتديده عوامل غريبة عن التعاقد وقد راعت الوزارة يف‬
‫حتديده أن جتين من ورائه رحبا كبريا تعوض ما ختسره يف سبيل توفري مواد التموين األخرى الضرورية للشعب ‪،‬هذا عالوة على أن السعر قابل‬
‫للتغيري يف أي وقت ألن حتديده خيضع للظروف االستثنائية اليت دعت إىل فرضه‪".‬نقض ‪ 13‬ماي ‪ 24 ، 1965‬جوان ‪ ،1971‬جمموعة‬
‫النقض ‪ 16‬ص ‪، 570‬ص ‪ :728‬علي مجال الدين عوض ‪ ،‬النقل البحري للبضائع ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.527‬‬

‫‪355‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ابلبضاعة املنقولة حبرا ‪،‬أو مع قيمة الضرر الناجم عن أتخريها يف التسليم ‪،‬لذلك كان ال بد‬
‫من البحث عن طريق آخر خيلص صاحب البضاعة من تلك املشاكل والصعوابت من أجل‬
‫ٍ‬
‫ابتفاق مع‬ ‫محاية حقه من الضياع ويف احلصول على تعويض كامل‪ .‬و ال يكون ذلك إال‬
‫الناقل يف عقد النقل على أن يكون مبلغ التعويض كامال ‪،‬أي متناسبا مع ما يلحق الشاحن‬
‫من ضرر متمثال يف هالك بضاعته أو تلفها أو أتخريها عن امليعاد املتفق عليه أو وفق ما‬
‫يقضي به العرف‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪:‬‬
‫التعويض الكامل االتفاقي ومنازعاته‬
‫تعترب من بني السبل القانونية اليت اتبعتها االتفاقيات الدولية (بروكسل ‪ ،‬هامبورغ‬
‫‪،‬روتردام) يف حتقيق التوازن بني طريف عقد النقل هو إعطاء الناقل والشاحن احلرية يف االتفاق‬
‫على استبعاد احلد األقصى للتعويض و على احالل مكانه التعويض الكامل املطابق للقيمة‬
‫احلقيقة للهالك‪ ،‬أو التلف الذي يصيب البضائع ‪،‬اليت تعهد الناقل بنقلها‪ .‬و عليه فإن جواز‬
‫مثل هذا االتفاق يعطي للناقل احلق يف التنازل عن ميزة احلد األقصى عند انعقاد مسؤوليته‬
‫عن ما يصيب البضائع مقابل الزايدة يف أجرة النقل هذا من جهة‪.‬‬
‫و من جهة أخرى يستفيد الشاحن من احلصول على تعويض كامل عند حدوث‬
‫هالك أو تلف لبضائعه‪ .‬و يكون ذلك إبحدى وسيلتني ‪ :‬األوىل تكون عند بيان جنس‬
‫البضاعة وقيمتها يف سند الشحن أو يف وثيقة آخرى مشاهبة هلا تعمل على اثبات عقد النقل‬
‫الدويل ‪،‬أما الثانية تتمثل يف االتفاق الصريح بني الشاحن والناقل على االلتزام بدفع تعويض‬
‫كامل للشاحن يتطابق مع قيمة اهلالك أو التلف الذي يلحق البضاعة ‪.‬‬
‫كثرية هي النزاعات اليت تنشب بني الطرفني خبصوص احلصول على التعويض الكامل‬
‫عند تضرر صاحب احلق على البضاعة من جراء هالكها ‪،‬أو تلفها ‪،‬أو أتخريها‪ ،‬إذ تثور‬
‫عدة مسائل حول األشخاص الذين هلم احلق يف رفع الدعوى على الناقل ‪،‬ابعتباره امللتزم‬

‫‪356‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫اجتاه الشاحن ‪،‬أو املرسل إليه يف إيصال البضاعة سليمة وكاملة يف الوقت احملدد ‪،‬على النحو‬
‫الذي استلمها عليه مبقتضى عقد النقل ‪.‬كذلك من حيث اإلجراءات الواجب اتباعها يف‬
‫الدعاوى الرامية لفض املنازعات املتعلقة ابلتعويض عند اللجوء إىل القضاء ابعتباره الطريق‬
‫العادي أو إىل التحكيم كحل بديل عنه يف حال اتفاق الطرفان على اختياره ‪،‬لذلك فقد مت‬
‫تقسيم هذا الفصل إىل‪ :‬التعويض االتفاقي على ضوء قيمة البضاعة وجنسها( مبحث‬
‫أول)‪،‬تسوية منازعات التعويض ضد الناقل البحري (مبحث اثين)‪.‬‬
‫املبحث األول‪:‬‬
‫التعويض االتفاقي على ضوء قيمة البضاعة وجنسها‬
‫طبقا للمادة ‪ 5/4‬من معاهدة بروكسل األصلية لسنة ‪ 1924‬ال يلزم الناقل أو‬
‫السفينة يف أي حال من األحوال بسبب اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع أو ما يتعلق هبا‬
‫مببلغ يزيد مائة جنيه ‪،‬مامل يكن الشاحن قد بني جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن وأن‬
‫يدون هذا البيان يف سند الشحن ‪.1‬‬
‫كما اقتفت اتفاقية روتردام يف املادة‪ 1 /59‬أثر اتفاقية بروكسل يف هذا التوجه إال أن‬
‫أاها اختلفت عنها يف الشق الثاين من الشرط املذكور واملتعلق بوجوب اعالن الشاحن عن‬
‫جنس البضاعة واليت مل تلق له معاهدة روتردام أية أمهية‪.‬‬
‫خالفا هلاتني االتفاقيتني مل تنص معاهدة هامبورغ على وجوب بيان القيمة احلقيقية‬
‫للبضاعة وجنسها يف سند الشحن‪ ،‬حىت يستطيع الشاحن احلصول على تعويض كامل على‬
‫ذلك فإن مسؤولية الناقل وفق هذه معاهدة هامبورغ هي حمدودة يف كل األحوال‪ ،‬ماعدا يف‬

‫‪ -1‬يالحظ أن بروتوكول ‪ 1968‬املعدل ملعاهدة بروكسل لسنة ‪ 1924‬مل يغري شيئا من مضمون هذه الفقرة غري أن أعاد صياغتها بطريقة‬
‫جديدة فجاء يف املادة ‪ 1/2‬منه كما يلي‪ ":‬إذا مل تكن طبيعة البضائع و مثنها قد صرح هبما الشاحن قبل الشحن ومت اثبات ذلك يف‬
‫سند الشحن ‪،‬فال يسأل الناقل أو السفينة يف أي حال من األحوال بسبب اهلالك البضائع أو تلفها ‪،‬أو ما يتعلق هبا مببلغ يزيد أو يساوي‬
‫عشرة آالف فرنك ‪.".....‬‬

‫‪357‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫حالة ارتكاب الناقل فعال حيرمه من ميزة احلد األقصى للتعويض املقررة له على النحو الذي‬
‫سبق ذكره يف الفصل السابق‪. 1‬‬
‫بناءا على ما ذكر فقد مت تقسيم هذا املبحث إىل مطلبني‪ :‬بيان جنس البضاعة‬
‫وقيمتها يف سند الشحن يف اتفاقييت بروكسل وروتردام (مطلب أول)‪،‬االتفاق على التعويض‬
‫الكامل(مطلب الثاين)‪.‬‬
‫املطلب األول‪:‬‬
‫بيان قيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن‬
‫يلتزم الناقل طبقا التفاقية بروكسل بدفع تعويض كامل عن ما يصيب البضائع من‬
‫هالك أو تلف أو الضرر الالحق بصاحب احلق يف البضاعة من جراء أتخريها يف التسليم يف‬
‫الوقت احملدد ‪،‬عند وجود بيان لقيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن ‪،‬أما يف ظل قواعد‬
‫روتردام فيكفي ذكر الناقل ادراج البيان املقدم من الشاحن واملتعلق بقيمة البضاعة‪ .‬وجيب أن‬
‫يكون هذا البيان متطابقا مع احلقيقة دون كذب أو خداع منه ‪.‬‬
‫فإذا كان األمر يسري وفق هذه املعطيات و حدث أن هلكت البضاعة ‪،‬أو تلفت‬
‫وثبتت مسؤولية الناقل عنها كان من حق الشاحن احلصول على تعويض من هذا األخري‬
‫يعادل املبلغ الذي سبق تدوينه يف سند الشحن ‪ .‬لكن إذا كانت قيمة البضاعة املدرجة يف‬
‫هذا السند ليست كما هي عليه يف احلقيقة‪ ،‬فإن هذا األخري ال حيق له وفق النصوص الدولية‬
‫أخذ تعويض مطابق هلذه القيمة املخالفة للواقع‪ .‬وأتسيسا عليه فإن دراسة هذا املطلب‬

‫‪ -1‬يعترب بعض الفقه أن بيان جنس البضاعة وقيمتها ضراب من ضروب االتفاق الضمين على زايدة مبلغ التعويض حىت يصل إىل التعويض‬
‫الكامل الذي يتطابق مع قيمة البضاعة ولكن هذا األمر ليس صحيحا ألن مثل هذا االتفاق يشرتط فيه تطابق اجياب الشاحن مع قبول‬
‫الناقل فال يعترب ابلضرورة قبوال ابلتعويض الكامل من هذا األخري عند قيامه بتدوين قيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن أو يف وثيقة‬
‫أخرى تثبت عقد النقل البحري الدويل للبضائع ‪،‬كما ال جيب االستناد إىل معاهدة بروكسل يف ذلك ألن املعاهدة اعتربته يف هذه احلالة‬
‫تعويضا قانونيا تقرره نصوصها اآلمرة وليس تعويضا اتفاقيا فيما بني الشاحن والناقل بدليل أن الناقل يستطيع أن يقيم احلجة على أن قيمة‬
‫البضاعة وجنسها اليت أدىل هبا الشاحن يف تصرحياته غري صحيحة ويستطيع ذلك بكل طرق االثبات‪.‬‬

‫‪358‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫تقتضي تقسيمه إىل ثالث فروع ‪:‬البيان املطابق للقيمة احلقيقية للبضاعة(فرع أول)‪ ،‬البيان غري‬
‫الصحيح عن قيمة البضاعة(فرع اثين)‪،‬اثبات البيان الكاذب (فرع اثلث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫البيان املطابق للقيمة احلقيقية للبضاعة‬
‫حتدد الفقرة اخلامسة من املادة الرابعة من معاهدة بروكسل مسؤولية الناقل مببلغ أقصاه‬
‫مائة جنيه اجنليزي عن كل طرد أو وحدة ‪،‬مامل يكن الشاحن قد بني جنس البضاعة وقيمتها‬
‫قبل الشحن وأن يكون هذا البيان قد ُدون يف سند الشحن وهو الفرض الذي يتقدم فيه‬
‫الشاحن ببيان ‪ déclaration‬عن جنس البضاعة وقيمتها ويطلب من الناقل إبدراجه يف سند‬
‫الشحن ‪،‬كأن يذكر مثال أن البضاعة عبارة عن سبيكة من الذهب قيمتها مئة ‪100‬ألف‬
‫دينار جزائري ‪،‬أو لوحة فنية ألحد مشاهري الرسامني قيمتها نصف مليون دينار‪ ،‬أو جهاز‬
‫إلكرتوين دقيق قيمته مليوانن دينار ‪ .‬و يقصد هبذا البيان لفت نظر الناقل إىل أمهية البضاعة‬
‫وارتفاع قيمتها‪ ،‬ليبذل يف حفظها عناية أكرب و يقبل الناقل هبذا االلتزام مقابل زايدة يف أجرة‬
‫النقل وتذكر كل هذه الوقائع يف سند الشحن‪. 1‬‬
‫يتضح من ذلك أن املعاهدة توقف العمل ابحلد األقصى للتعويض املقرر ملسؤولية‬
‫الناقل يف حالة إذا ما قدم الشاحن بياان إىل الناقل عن جنس البضاعة وقيمتها وابلتايل يتحرر‬
‫الشاحن من القيد املفروض على التعويض ووفقا لنص املادة ‪ 5/4‬من املعاهدة‪ ،‬فيصبح‬
‫إبمكانه مطالبة الناقل بتعويضه عن الضرر الذي حلق البضاعة تعويضا كامال ‪،‬حىت ولو كانت‬
‫قيمة هذا التعويض تتجاوز احلد األقصى املقرر ملسؤولية الناقل وهو مئة جنيه اجنليزي‪ .‬ذلك‬
‫ألنه ُمينع على الناقل التمسك هبذا احلد األقصى إذا كانت تلك البياانت مدرجة بسند‬

‫‪ -1‬مسيحة القليويب‪ ،‬موجز القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.454‬‬

‫‪359‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الشحن‪ .1‬و إذا كان األمر على هذا النحو فماهي الشروط الواجب توافرها يف البيان حىت‬
‫ينتج أثره ؟‬
‫يظهر من خالل الفقرة اخلامسة من املادة الرابعة املذكورة أن هناك شروطا جيب أن‬
‫تتوافر جمتمعة يف البيان املقدم من الشاحن لكي يؤدي مفعوله‪ .‬و هي أن يكون هذا البيان‬
‫خاصا جبنس البضاعة وقيمتها‪ ،‬أن يتم تقدمي البيان قبل الشحن‪ ،‬أال تزيد القيمة املصرح هبا‬
‫عن مبلغ احلد األقصى للتعويض و أخريا أن يدون البيان يف سند الشحن‪.‬‬
‫الشرط األول‪ :‬أن يكون هذا البيان خاصا جبنس البضاعة وقيمتها‬
‫من الضروري أن يتضمن البيان املقدم من الشاحن طبيعة البضاعة وقيمتها معا ‪،‬كما‬
‫جيب أن يكون حمددا و واضحا دون لبس على أساس إذا تضمن معلومات عن طبيعة‬
‫البضاعة فقط‪ ،‬أو قيمتها فقط فإن هذا ال يكفي لكي حيصل الشاحن على تعويض كامل‬
‫‪،‬ضف إىل ذلك جيب أن يتم حتديد جنس البضاعة ونوعها بطريقة واضحة وأن يكتب امسها‬
‫العلمي بكل وضوح دون امسها التجاري ‪ .‬غري أنه إذا كانت البضاعة من النوع املألوف أي‬
‫املعلوم لدى مجيع الناقلني فمن املمكن االكتفاء يف هذه احلالة ابالسم التجاري للبضاعة دون‬
‫حاجة المسها العلمي و دون أي مواصفات وخصائص أخرى متيزها ومثال ذلك أن مسحوق‬
‫اجلري ‪ Bleacling Powder‬هو معلوم لدى اجلميع ومن مثة يكفي كتابة هذا االسم يف‬
‫سند الشحن دون أية إشارة المسه العلمي هلذه الشحنة وهو ‪.2 chloride of lime‬‬
‫فضال عن ذلك جيب أن يوضح البيان املشار إليه جنس البضاعة متاما كما هو مدون‬
‫بعقد البيع مثال حمددا وحده ‪،‬فال يكفي أن يكون بيان جنس البضاعة وقيمتها ابلتقريب أو‬
‫أن يكون حمتواي على حالة البضاعة وشكلها الظاهر فقط‪ .‬وتكمن أمهية البيان املتعلق جبنس‬
‫البضاعة يف التسهيل على الناقل فيما بعد مراقبة صحة البيان الذي يذكره الشاحن واخلاص‬
‫بقيمة البضاعة ‪،‬حيث أن الناقل لو متكن من اثبات عدم صحة هذا البيان فإنه سيعفى من‬

‫‪ -1‬مسيحة القليويب‪ ،‬موجز القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.455‬‬


‫‪ -2‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬عقد النقل البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬ص ‪.269‬‬

‫‪360‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫املسؤولية قانوان طبقا للمادة الرابعة فقرة ‪، 5‬بند أخري من املعاهدة‪، 1‬كما ما سيأيت بيانه‬
‫الحقا‪.‬‬
‫يالحظ يف هذا الصدد أن هناك حكما قد جانبه الصواب وهو ما أصدرته حمكمة‬
‫استئناف الدار البيضاء ابملغرب بتاريخ ‪ ، 1984/3/10‬الذي قضى بتطبيق القواعد العامة‬
‫وفقا لقيمة البضاعة اهلالكة دون استفادة الناقل من احلد األقصى للتعويض ‪،‬ابلرغم أن‬
‫الشاحن مل يصرح بقيمة البضائع اهلالكة ‪،‬على أساس أن البضاعة املشحونة كانت ماركة‬
‫معروفة وسعرها حمدد رمسيا يف السوق ومشحونة بشكل ظاهر مما جيعل الناقل احملرتف ليس‬
‫حباجة إىل تصريح الشاحن بقيمتها‪ .‬ولكن سرعان ما تراجعت احملكمة عن قضائها يف‬
‫حكمها الصادر يف ‪، 1988/02/16‬حيث ألغت حكم حمكمة أوىل درجة الذي اعتمد‬
‫نفس التحليل السابق ‪.2‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬أن يكون يتم تقدمي البيان قبل الشحن‬
‫تشرتط معاهدة بروكسل أيضا أن يكون تقدمي البيان اخلاص ببيان جنس البضاعة‬
‫وقيمتها قبل الشحن والغرض من هذا الشرط هو ترك الفرصة أمام الناقل للتعرف على نوع‬
‫البضائع وقيمتها من أجل وضع البضاعة يف املكان الالئق هبا يف السفينة حسب طبيعتها‬
‫ويتسىن له أيضا اختاذ اإلجراءات القانونية املالئمة عند الشحن ‪،‬أو الرص ‪،‬النقل ‪،‬احلفظ‬
‫والتفريغ ‪،3‬كما يدفعنا هذا الشرط للتساؤل عن مفهوم الشحن وعن مدته؟‬
‫يقصد ابلشحن وضع البضاعة املراد نقلها على ظهر السفينة‪ 4‬وهي عملية مادية تتم‬
‫بواسطة آالت خاصة ختتلف حبسب طبيعة البضاعة‪ 5‬ويتم الشحن عادة برافعات السفينة أو‬
‫رافعات الرصيف ‪،‬أو ابلرافعات العائمة ‪،‬أو أبانبيب إذا تعلق األمر بسوائل كالبرتول‪ ،‬أو‬

‫‪ -1‬عبد الرمحن سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.300‬‬


‫‪ -2‬مشار إليهما لدى ملزي عبد الرمحن ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.206‬‬
‫‪ -3‬علي حسن يونس‪ ،‬العقود البحرية ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪،121‬وجدي حاطوم ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫‪ -4‬مسيحة القليويب‪ ،‬القانون البحري لسنة ‪ ، 1969‬ص ‪.347‬‬
‫‪ -5‬حممود مسري الشرقاوي ‪،‬القانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.252‬‬

‫‪361‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫بشفاطات إذا تلعق األمر حببوب‪ 1‬أو بواسطة مصاعد مثلما هو عليه احلال ابلنسبة لشحن‬
‫الفحم يف بعض املوانئ األجنبية‪.2‬‬
‫حيث أن الشحن يبدأ منذ اللحظة اليت تتصل فيها البضائع ماداي أبدوات الشحن على‬
‫اختالفها وينتهي الشحن بوضع آخر جزء من البضاعة على ظهر السفينة‪ .‬لذلك قصدت‬
‫اتفاقييت بروكسل و روتردام الرتكيز على التصريح ابلبياانت املتعلقة ابلبضاعة قبل الشحن حىت‬
‫يتمكن الناقل من إجياد الطريقة املناسبة لشحن البضاعة املقدمة إليه من الشاحن من أجل‬
‫نقلها ‪.‬‬
‫كما أنه من األفضل أن يقدم الشاحن البيان كتابة إىل الناقل حىت يكون من السهل‬
‫تقدير كفاية البياانت‪ ،‬كذلك إذا مل يقدم الشاحن البيان إال بعد شحن البضائع كان للناقل‬
‫رفضها والتمسك ابحلد األقصى للتعويض‪.3‬‬
‫كما أنه جيوز للناقل أن ميتنع عن تغيري موضع البضاعة‪ ،‬اليت شحنت فيه على ظهر‬
‫السفينة وأن ميتنع أيضا عن تدوين جنس البضاعة وقيمتها يف سند الشحن‪ .‬وال يلزم يف هذه‬
‫احلالة أن يعوض الناقل عند اصابة البضائع بضرر مببلغ يزيد عن احلد األقصى املنصوص عليه‬
‫يف املعاهدة مهما بلغت قيمة البضائع ‪ .‬ومع ذلك إذا مل يعرتض الناقل على البيان املقدم من‬
‫ودونهُ يف سند الشحن فإن هذا البيان يرتتب أثره‬
‫الشاحن بعد حصول الشحن وقَب َل به َ‬
‫ويقوم الناقل ابلتعويض عن كامل الضرر‪.4‬‬
‫يف هذا الشأن جتدر اإلشارة إىل أن القانون اهلولندي لسنة ‪ 1952‬كان أحسن‬
‫القوانني تنظيما هلذه املسألة ‪،‬حيث نص على وجوب أن يقدم الشاحن بياان عن جنس‬
‫البضاعة وقيمتها إىل الناقل قبل انعقاد عقد النقل ‪،‬أو وقت انعقاده فإذا قُدم البيان بعد هذا‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 241‬‬
‫‪ -2‬حممد غسان الصابوين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -3‬علي حسن يونس‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ -4‬عبد الرمحن سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.303‬‬

‫‪362‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫التاريخ فإنه ال ينتج أثره وال حيول دون تطبيق احلد األقصى للتعويض اخلاص مبسؤولية الناقل‬
‫البحري ‪.‬إن هذا القانون يقوي مركز الناقل إذ ميكنه منذ انعقاد العقد من أن يتعرف على‬
‫مدى مسؤوليته فيتخذ اإلجراءات الضرورية يف هذا الشأن‪ ،‬دون أن خيشى مما يكن أن‬
‫يتعرض له من مفاجئات غري سارة عند الشحن ‪.1‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أن تزيد القيمة املصرح هبا عن املبلغ األقصى‬
‫من مستلزمات هذا الشرط أن تكون القيمة املصرح هبا أكرب من املبلغ املقرر للحد‬
‫األقصى للتعويض املقرر ملسؤولية الناقل البحري ‪،‬أما إذا كان البيان يتضمن أقل من ذلك‬
‫املبلغ ويعين هذا أن االتفاق على أن يكون التعويض أقل من احلد األقصى للتعويض هو‬
‫ابطل بطالان مطلقا‪ .2‬و ابلتايل فإن البيان على هذا النحو ال يؤدي مفعوله وال يرتب أي أثر‬
‫ويبقى حق الناقل قائما يف أن يستفيد من تعويض حمدود ‪،‬إال إذا كانت قيمة البضاعة أقل‬
‫من هذا احلد األقصى فينحصر التعويض يف هذه القيمة املعلنة يف البيان‪.3‬‬
‫عالوة على ما تقدم فإن الغرض األساسي من البيان املقدم من الشاحن هو استبعاد‬
‫احلد األقصى للتعويض‪ ،‬املقرر مبوجب االتفاقية واحلصول على تعويض كامل للضرر احلاصل‬
‫للبضاعة‪ .‬و هو ما ال يتحقق إال إذا كانت القيمة املعلنة أعلى من احلد القانوين للتعويض‪.4‬‬
‫لكن هناك من الفقهاء‪ 5‬من ذهب إىل القول جبواز أن تكون القيمة املعلن عنها يف‬
‫البيان املقدم من الشاحن أبقل من احلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املادة ‪5/4‬‬
‫وحجتهم يف هذا التوجه أن املناقشات‪ ،‬اليت دارت يف مؤمتر بروكسل لسنة ‪ 1922‬عندما‬
‫أعلن مندوب إجنلرتا أنه ال يوجد يف االتفاقية مانع من أن يقدم الشاحن بياان أبقل قيمة من‬
‫قيمة البضاعة احلقيقية‪ .‬و عليه يلتزم الناقل مببلغ األقل دون الثمن احلقيقي للبضاعة ‪،‬كما‬

‫املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬ ‫‪ -1‬عبد الرمحن سليم‪،‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-R.Rodiére,‬‬ ‫‪Droit maritime, Tome II, op.cit, p315.‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪.307 ،‬‬
‫‪ -4‬كمال محدي ‪،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف قانون التجارة ‪،‬سنة ‪، 1995‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-Lsllie Scot deligee de gouvernement anglais: Georges Marais, op.cit, p212.‬‬

‫‪363‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يضيف صاحب هذا الرأي حجة أخرى لتدعيم رأيه وتتمثل يف أنه إذا كان للشاحن احلق يف‬
‫ذكر قيمة الطرد الذي يفوق مئة جنيه إجنليزي ‪،‬فمن ابب أوىل أن يكون له حلق يف أن يقدم‬
‫بياان أبقل من هذه القيمة‪.‬‬
‫غري أنه ال ميكن األخذ هبذا الرأي فهو ليس على شيء من الصحة‪ ،‬ألن الغرض‬
‫األساسي من البيان املقدم هو استبعاد احلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املادة ‪5/4‬‬
‫وتطبيق التعويض الكامل املعلن عنه من قبل الشاحن وال تتحقق مثاره إال إذا كانت القيمة‬
‫املبينة يف البيان املقدم أعلى من احلد األقصى للتعويض الوارد ابالتفاقية ‪،‬فضال على ذلك أن‬
‫عبارة الواردة يف املادة املذكورة "مامل يكن الشاحن قد بني جنس البضاعة وقيمتها ‪ "...‬تدل‬
‫بوضوحعلى استبعاد احلد األقصى للتعويض عندما يكون هناك بيان مقدم من الشاحن بقيمة‬
‫أكرب من ذلك احلد القانوين‪، 1‬كما أن ذلك الرأي مل يلق قبوال لدى القضاء‪. 2‬‬
‫الشرط الرابع ‪ :‬أن تنصرف إرادة الشاحن إىل التعويض الكامل‬
‫يرى بعض الفقه أن معاهدة بروكسل يف الفقرة اخلامسة من املادة الرابعة منها مل تقرر‬
‫هذا البيان إال بقصد زايدة مسؤولية الناقل عن احلد القانوين‪ .3‬لذلك جيب أن تنصرف إرادة‬
‫الشاحن يف بيان قيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن إىل استبعاد احلد األقصى املقرر‬
‫ملسؤولية الناقل و احلصول على مبلغ التعويض كامال ‪،‬فقد حيصل عمال أن يتقدم الشاحن‬
‫ببيان عن جنس البضاعة وقيمتها لكن ليس بقصد زايدة مسؤولية الناقل وإمنا تنفيذا لبعض‬
‫اللوائح اإلدارية املقررة يف موانئ الشحن والتفريغ واليت تتعلق بشؤون اجلمارك ‪،‬أو التصدير‬
‫واالسترياد ‪،‬أو اإلحصاء ‪،‬أو ما شاكل ذلك ويف هذه احلالة ال يعترب الناقل ملزما إال يف‬
‫حدود احلد األقصى للتعويض‪.4‬‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.450‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- CA. Aix-en- Provence 10/3/1994,le Navire MIDIPAS STAR, DMF1996,P250.‬‬
‫‪ -3‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬سنة ‪ ،1969‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.755‬‬
‫‪ - 4‬إبراهيم مكي إبراهيم ‪،‬دعوى املسؤولية على الناقل البحري ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.394‬‬

‫‪364‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫هلذا جند الكثري من سندات الشحن املستعملة من شركات النقل الكربى ختصص‬
‫يف السند مربعني لقيمة البضاعة أحدمها مطبوع يف أعاله‪ :‬القيمة لألغراض اجلمركية والثاين‬
‫مطبوع يف أعاله‪ :‬القيمة للنقل ‪،‬فإذا كانت اللوائح اإلدارية توجب ذكر قيمة البضاعة يف‬
‫وهي‬ ‫الثالثة‪N.V.D:‬‬ ‫السند و أثبت مثنها يف اخلانة األوىل وكتبت يف اخلانة الثانية األحرف‬
‫خمتصر عبارة‪ . No value declared :‬و هذا األمر ال خمالفة فيه للنص وخاصة أن الشاحن‬
‫سيلزم الشاحن بدفع أجور‬
‫نفسه كثريا ما حيرص عليه ألنه يف حالة تشديد مسؤولية الناقل ُ‬
‫نقل أعلى من تعريفة النقل العادية‪. 1‬‬
‫بناءا على ذلك جيب أن يكون املراد من وراء بيان جنس البضاعة وقيمتها زايدة‬
‫مسؤولية الناقل عن احلد األقصى للتعويض عند ما تثور مسؤوليته عن البضائع حمل عقد‬
‫النقل‪ .‬وحىت يكون البيان مؤثرا يف التعويض ويؤدي إىل حصول الشاحن على التعويض‬
‫الكامل ملا أصاب بضائعه من هالك أو تلف‪.2‬‬
‫الشرط اخلامس‪ :‬أن يدرج البيان يف سند الشحن‬
‫تشرتط املعاهدة كذلك حىت ينتج البيان املتعلق جبنس البضاعة وقيمتها أثره وجوب‬
‫تدوينه يف سند الشحن ذاته‪ ،‬فال يغين عن ذلك ادراجه يف مستند آخر ‪،‬كإحالة نوع و قيمة‬
‫البضاعة إىل فاتورة الشراء ‪،‬أو أي ورقة أخرى مماثلة كاالعتماد املستندي ‪،‬أو إذن الشراء ‪،‬أو‬
‫الشهادة اجلمركية ما عدا يف حالة تواجد التصريح يف سند برسم الشحن‪ .‬و هذا أمر طبيعي‬
‫على اعتبار أن هذا السند يصدر عند تسليم الشاحن البضائع للناقل وقبل قيام هذا األخري‬
‫بشحنها على منت السفينة‪،3‬فإذا مل يُدون هذا البيان يف السند كان للناقل التمسك ابحلد‬
‫األقصى للتعويض‪. 4‬‬

‫‪ - 1‬إبراهيم مكي إبراهيم ‪،‬دعوى املسؤولية على الناقل البحري ‪،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.394‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.395‬‬
‫‪ -3‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.217‬‬
‫‪ -4‬علي حسن يونس‪ ،‬العقود البحرية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬

‫‪365‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫فإذا سقطت هذه البياانت الواردة يف تصريح الشاحن عن نوع البضاعة‪ 1‬و قيمتها ومل‬
‫تدرج يف سند الشحن سهوا ‪،‬أو عمدا ‪،‬أو خطأً من الناقل فإن حق هذا األخري يف التمسك‬
‫ابحلد األقصى للتعويض يسقط معها ‪ .‬و يبقى الناقل ملزما بدفع التعويض كامال عن اهلالك‬
‫أو التلف الالحق ابلبضاعة ‪،‬لكن يقع على الشاحن هنا واجب اثبات خطأ الشاحن يف‬
‫عدم تدوين التصريح قبل الشحن‪.2‬‬
‫لقد نصت معاهدة بروكسل يف املادة‪4‬فقرة ‪ 2‬بند ‪ 2‬على أن‪ ":‬البيان الوارد هبذه‬
‫الكيفية يف سند الشحن يعترب قرينة بسيطة جيوز اثبات عكسها وال تقيد الناقل الذي ميكنه‬
‫أن ينازع فيها"‪ .‬مما يفهم معه أن حجية سند الشحن يف االثبات فيما يتعلق ابلبياانت الواردة‬
‫به واخلاصة جبنس البضاعة وقيمتها تعترب حجية نسبية‪ ،3‬مبعىن أن للناقل أن يثبت أن تلك‬
‫البياانت اليت ذكرت يف سند الشحن غري صحيحة ويكون ذلك بكافة طرق االثبات‪.4‬كما‬
‫أن للناقل مصلحة يف اجراء هذا االثبات سوآءا يف مواجهة الشاحن أو يف مواجهة أي‬
‫شخص آخر ينتقل إليه سند الشحن‪.5‬‬
‫يستنتج الفقيهان مسيرتز و ونكلمون ‪ Winkelmonlen , Smeeters‬من اختالف‬
‫صيغة نص املادة ‪ 3‬فقرة ‪4‬من معاهدة بروكسل ‪،‬اليت تقضي أبنه ‪ ":‬يعترب سند الشحن احملرر‬
‫هبذه الكيفية قرينة على أن انقل البضاعة قد تسلمها ابلكيفية املوصوفة هبا طبقا للمادة ‪/3‬أ‪،‬‬
‫ب‪ ،‬ج من هذه املادة مامل يقم الدليل على خالف ذلك "وصيغة نص املادة ‪5/4‬بند ‪ 2‬من‬
‫نفس املعاهدة ‪،‬اليت تقضي أبنه ‪":‬يعترب البيان الوارد هبذه الكيفية يف سند الشحن قرينة جيوز‬

‫‪ - 1‬تنص املادة الثالثة من قانون اجلمارك املتعلق ابلعالمات على مايلي ‪ ":‬تعترب عالمة السلعة أو اخلدمة الزامية لكل سلعة أو خدمة‬
‫مقدمة‪ ،‬بيعت أوعرضت للبيع عرب أحناء الرتاب الوطين ‪.‬‬
‫جيب وضع العالمة على الغالف ‪ ،‬أو على احلاوية عند استحالة ذلك ‪....‬اليطبق هذا االلزام على السلع أو اخلددمات اليت التسمح‬
‫طبيعتها وخصائصها من وضع العالمة عليها وكذلك السلع اليت حتمل تسمية املنشأ"‪،‬األمر ‪ 06/03‬الصادر يف ‪19‬جويلية ‪ 2003‬املتعلق‬
‫ابلعالمات التجارية‪ ،‬ج رعدد ‪،44‬الصادرة يف‪ 23‬جويلية ‪.2003‬‬
‫‪ -2‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.217‬‬
‫‪ -3‬عبد الرمحن سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.304‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Georges Marais, op.cit, p210.‬‬
‫‪ -5‬علي حني يونس‪ ،‬العقود البحرية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬

‫‪366‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫اثبات عكسها ولكنها ال تقيد الناقل الذي له أن ينازع فيها"‪ .‬و وجه اخلالف بينهما العبارة‬
‫األخرية اليت تقضي أبن بيان جنس البضاعة يعترب قرينة "ال تقيد الناقل الذي له أن ينازع فيها‬
‫"‪.1‬‬
‫يفهم من ذلك أن نية واضعي املعاهدة قد انصرفت إىل أن يكون لسند الشحن‬
‫حجية يف االثبات فيما يتعلق مبا جاء فيها من بياانت خاصة بعالمات البضاعة ‪،‬كميتها‬
‫‪،‬وزاها ‪،‬حالتها وشكلها الظاهر لصاحل الغري حامل سند الشحن أقوى من حجيتها يف‬
‫االثبات فيما يتعلق مبا ورد من فيها من بياانت خاصة جبنس البضاعة وقيمتها‪ .‬وإذا كان‬
‫للناقل أن يثبت عكس ما جاء يف سند الشحن من بياانت خاصة جبنس البضاعة وقيمتها يف‬
‫مواجهة الشاحن والغري حامل سند الشحن فليس للشاحن مثل هذا احلق ‪،‬مبعىن أن الشاحن‬
‫ال جيوز له أن يتقاضى تعويضا يفوق قيمة البضاعة اليت ذكرها يف سند الشحن مهما كانت‬
‫القيمة احلقيقية للبضاعة ‪ ،‬حىت ولو كانت هذه القيمة تتجاوز القيمة املدونة يف سند الشحن‬
‫بناءا على البيان املقدم من الشاحن‪. 2‬‬
‫أتسيسا على ما تقدم فإن إغفال جنس البضاعة يف الشروط املتطلبة يف البيان املقدم‬
‫من الشاحن يف قواعد روتردام كان نقصا يوجب تداركه وقد أحسنت اتفاقية بروكسل صنعا‬
‫حني ألزمت الشاحن أبن يذكر يف البيان جنس البضاعة وقيمتها معا‪ .‬وذلك نظرا لالرتباط‬
‫الوثيق بني جنس البضاعة وقيمتها يف املساعدة على حفظ البضاعة و ملا له من معرفة جنس‬
‫البضاعة من أمهية ‪،‬حيث أاها تسهل للناقل العناية ابلبضاعة حسب ما تتطلبه طبيعتها من‬
‫عناية وميكنه من رصها رصا مالئما واختيار املكان املناسب هلا على ظهر السفينة ‪ ،‬إذ أن‬
‫بعض العنابر يف السفينة قد تصلح لرص نوع معني من البضائع هبا وال تصلح لنوع آخر‪.3‬‬

‫‪ -‬مشار إليهما لدى عبد الرمحن سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.304‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -2‬املرجع السابق‪،‬ص‪.305‬‬
‫‪ -3‬نبيل أمحد علي الفيشاين ‪،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع وفقا للقانونني اليمين واملصري واالتفاقيات الدولية (دراسة مقارنة )‪،‬أطروحة‬
‫لنيل درجة دكتوراه يف القانون ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪،‬كلية احلقوق ‪،‬قسم القانون التجاري والبحري ‪،‬سنة ‪ ،2016‬ص‪.357‬‬

‫‪367‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪1‬‬
‫خيلص القول أنه عندما تتوافر الشروط اخلمسة املذكورة يف اتفاقييت بروكسل و وروتردام‬
‫بشأن البيان الذي يقدمه الشاحن إىل الناقل واخلاص جبنس البضاعة وقيمتها ومل يكن هذا‬
‫البيان خمالفا للحقيقة‪ ،‬ترتب عنه تعطيل العمل بقاعدة احلد األقصى للتعويض الواردة يف‬
‫االتفاقيتني وابلتايل يوجب ذلك البيان على الناقل أبن يدفع مبلغ التعويض كامال و املعادل‬
‫لقيمة البضاعة املصرح هبا من طرف الشاحن و املدونة يف سند الشحن ‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫البيان غري الصحيح عن أوصاف البضاعة و قيمتها‬
‫يظهر من خالل واقع سند الشحن املعمول به يف جمال النقل البحري الدويل واملتعلق‬
‫ابلبيان غري الصحيح عن قيمة البضاعة وجود حالتني جيب التمييز بينهما ‪:‬احلالة األوىل‬
‫تتمثل يف البيان غري الصحيح املتعلق ابلعالمات ‪،‬عدد وكمية البضاعة ووزاها‪ .‬أما احلالة الثانية‬
‫فتخص البيان املخالف للحقيقة والذي يتعلق جبنس البضاعة وقيمتها‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫البيان غري الصحيح املتعلق بعالمات البضاعة ‪،‬عددها ‪،‬وزهنا وكميتها‬
‫لقد تشددت االتفاقيات الدولية (بروكسل ‪،‬هامبورغ وروتردام) بشأن التزام الشاحن‬
‫بتقدمي بيان غري صحيح عن وزن البضاعة ‪،‬عددها ‪،‬كميتها حيث جعلت هذا األخري ضامن‬
‫لصحة هذه املعلومات طبقا للمادة ‪ 5/3‬من اتفاقية بروكسل‪ .‬و اليت تتطابق مع ما جاءت‬
‫به اتفاقية هامبورغ‪. 2‬‬
‫نصت هذه املادة على أنه‪ ":‬يعترب الشاحن وقت الشحن ضامنا صحة العالمات‪،‬‬
‫العدد‪ ،‬الوزن والكمية حسب البياانت اليت قدمها وعلى الشاحن أن يعوض الناقل عن أي‬
‫هالك أو تلف وكذلك املصاريف الناشئة أو املتسببة عن عدم صحة هذه البياانت"‪ .‬كما لو‬

‫‪ -1‬هي نفس الشروط الواجبة يف البيان املقدم من الشاحن يف املادة ‪ 1/ 59‬من اتفاقية روتردام ابستثناء شرط وجوب ذكر جنس البضاعة‬
‫يف هذا البيان‪.‬‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 17‬من معاهدة هامبورغ‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أخفى مثال قابليتها للكسر أو تلفها السريع عند أتخريها يف الوصول‪ .1‬و هذا األمر ال‬
‫خيلص الناقل من مسؤوليته مبوجب عقد النقل اجتاه من انتقل إليه سند الشحن‪ ،‬حىت ولو‬
‫كان حسن النية‪ ،‬أي ال يعلم بعدم صحة البيان الذي قدمه الشاحن حول العالمات ‪،‬العدد‬
‫‪،‬الوزن وكمية البضاعة‪.‬‬
‫أما معاهدة روتردام فقد فرقت بني التزامني خبصوص تقدمي الشاحن معلومات ‪،‬أو‬
‫تعليمات ‪،‬أو مستندات غري صحيحة وكانت غري متاحة له من مصدر آخر واليت تتعلق‬
‫ابلبضائع من حيث كيفية مناولتها ونقلها يف ظروف مناسبة مبا يف ذلك من االحتياطات‬
‫الواجبة على الناقل أو الناقل الفعلي أن يتخذها حسب ظروف احلال‪ .‬وهلذا فقد قضت‬
‫املادة ‪30‬من االتفاقية أبن الشاحن مسؤول عن كل ضرر أو خسارة كانت انمجة عن التزامه‬
‫بعدم صحة املعلومات والتعليمات واملستندات اخلاصة ابلبضاعة وأقامت مسؤولية الشاحن يف‬
‫هذه احلالة على أساس خطأ واجب االثبات‪.‬‬
‫أما االلتزام الثاين وهو تقريبا يتشابه مع االلتزام األول لكن االتفاقية أفردت له حكما‬
‫أشد‪،2‬على غرار ما جاء يف املادتني ‪ 5/3‬من معاهدة بروكسل واملادة ‪ 17‬من معاهدة‬
‫هامبورغ و مفاده أن الشاحن ضامن لصحة املعلومات املنصوص عليها يف الفقرة األوىل من‬
‫هذه املادة‪ .‬وهي ختص املعلومات الالزمة إلعداد تفاصيل عقد النقل (وصف البضاعة‬
‫‪،‬عددها ‪،‬وزن البضائع إذا أورده الشاحن ابإلضافة إىل العالمات الالزمة‪ ،‬اليت تسمح‬
‫ابلتعرف على البضائع)‪.‬‬
‫و هبذا تكون املعاهدات الدولية قد أمجعت على ترتيب جزاء قاسي على الشاحن عن‬
‫عدم صحة هذه املعلومات‪،‬حيث وضعت على عاتقه التزاما بضمان األضرار الناجتة للناقل‬
‫عن معلومات غري صحيحة املقدمة منه‪ .‬و تقضي قاعدة الضمان هذه إبلزامه ابلتعويض‬

‫‪ -1‬قرارية قويدر ‪،‬مسؤولية الشاحن يف عقد النقل البحري للبضائع ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للقانون البحري والنقل ‪،‬العدد الرابع ‪،‬منشورات خمرب‬
‫القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد تلمسان(اجلزائر) ‪،‬دار كنوز للنشر والتوزيع ‪،‬سنة‪،2016‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 31‬من معاهدة روتردام‪.‬‬

‫‪369‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫بغض النظر عما إذا ارتكب خطأ يف تقدمي معلومات غري صحيحة عن سهو‪ ،‬أو حسن نية‬
‫أم ال‪ .‬وعليه تبقى مسؤوليته قائمة‪ ،‬حىت ولو أثبت أن سبب هذه املعلومات يعود إىل سبب‬
‫أجنيب‪ ،‬مامل يكن هذا السبب الذي دعا الشاحن إىل تقدمي معلومات خمالفة للحقيقة يف‬
‫إعداد تفاصيل العقد هو فعل الناقل بتحريضه على التصريح مبعلومات خاطئة‪ ،‬إما للتواطؤ‬
‫هبدف خداع الغري‪ ،‬وإما لتمرير بضائع على وجه غري مشروع‪.1‬‬
‫الفقرة الثانية‬
‫البيان غري الصحيح اخلاص جبنس البضاعة و قيمتها‬
‫جتيز معاهدة بروكسل دون سواها من االتفاقيات الدولية الالحقة هلا للناقل يف املادة‬
‫‪،5/4‬بند ‪ 22‬منها إثبات عكس ما ورد يف سند الشحن‪ .‬أي أن البياانت اليت أدىل هبا‬
‫الشاحن خبصوص جنس البضاعة وقيمتها غري صحيحة يف مواجهة الشاحن‪ ،‬أو يف مواجهة‬
‫الشخص الذي انتقل إليه سند الشحن ‪،‬فإن عدم صحة هذا البيان يكون يف فرضني ال‬
‫اثلث هلما‪ ،‬إما أن يكون خمالفا للحقيقة حبسن نية‪ ،‬وإما أن يكون هذا البيان كاذاب بسوء‬
‫نية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬البيان غري الصحيح الصادر حبسن نية‬
‫هذه احلالة تكون عندما يتقدم الشاحن إىل الناقل أو وكيله ببيان عن جنس البضاعة‬
‫بتدوين هذا البيان يف سند الشحن ‪،‬مث يثبت هذا األخري أن البيان‬
‫وقيمتها ‪،‬فيقوم الناقل َ‬
‫املدون غري مطابق للحقيقة ‪،‬لكنه يكتشف بعد ذلك أن عدم صحة البيان إمنا كانت عن‬
‫حسن نية الشاحن‪.‬‬
‫من أجل توضيح الفكرة أكثر نسوق املثال اآليت‪ :‬اتفق شاحن جزائري مع انقل‬
‫اجنليزي على نقل ‪ 1000‬ابلة من القطن املصري من ميناء اإلسكندرية إىل ميناء الغزوات‬

‫‪ -1‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ 354،‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ -2‬هذا ما أخذ به املشرع اجلزائري يف املادة ‪ 807‬ق ب ج ‪ ":‬تعد قيمة البضائع املصرح هبا من قبل الشاحن واملدرجة يف وثيقة الشحن أو‬
‫يف أي وثيقة أخرى مؤيدة للنقل ‪،‬اثبتة ابلقرينة ‪،‬إال إذا ثبت العكس ‪،‬بيد أن هذه القيمة ال تلزم الناقل الذي ميكنه املنازعة فيها‪.".‬‬

‫‪370‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ابجلزائر ‪،‬مث قدم الشاحن اجلزائري بياان عن جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن وقام الناقل‬
‫إبدراج هذا البيان يف سند الشحن ‪،‬مث اتضح أن البيان يف شق منه واخلاص بقيمة البضاعة‬
‫غري مطابق حلقيقة البضاعة‪،‬حيث أن الشاحن قد أعلن أن قيمة البالة الواحدة هو‪500‬جنيه‬
‫اسرتليين ‪.‬‬
‫مث بعد ذلك يتبني للناقل أن مثن البالة الواحدة يف يوم وصول السفينة إىل ميناء‬
‫الوصول وفقا لسعر السوق أو البورصة ال يزيد على ‪400‬جنيه اسرتليين وبسؤال الشاحن عن‬
‫البيان املقدم منه أثبت أن مثن البضاعة يف الشهر املاضي كان عبارة عن ‪500‬جنيه اسرتليين‬
‫الواحدة وهلذا اعتقد أن السعر مل يتغري منذ الشهر املاضي‪ .‬ومن مثة َدون مبلغ ‪500‬جنيه‬
‫اسرتليين كثمن عن البالة الواحدة‪. 1‬‬
‫فإذا هلكت ابلة واحدة من القطن وانعقدت مسؤولية الناقل عنها ومتكن هذا األخري‬
‫من اثبات أن عدم صحة القيمة املذكورة يف البيان فهل تعود مسؤوليته إىل احلدود القانونية؟‬
‫‪،‬أي ما يعادل‪ 100‬جنيه اسرتليين الذهيب أم أاها تتخطى هذه احلدود لتقف عند القيمة‬
‫احلقيقية للبضاعة؟‪ 2‬لقد انقسمت آراء الفقه حول هذا االشكال إىل اجتاهني‪:‬‬
‫االجتاه األول‪:‬‬
‫يرى أصحاب هذا الرأي‪ 3‬أبنه يف مثل هذه احلالة يلزم الناقل أبن يدفع للشاحن‬
‫تعويضا متطابقا مع القيمة حلقيقية للبضاعة اهلالكة وهي ‪ 400‬جنيه إسرتليين يف املثال‬
‫السابق ‪،‬لكن بشرط أن يثبت أن هذه القيمة هي صحيحة خالف ملا هو مدون يف سند‬
‫الشحن من قيمة خاطئة‪.‬‬

‫‪ -1‬حممد عبد اجلميد ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 462‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ -2‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-R.Rodiére, traité général de droit maritime, Tome II, op.cit., p 423.‬‬
‫ويف الفقه العريب حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪371‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫االجتاه الثاين‪:‬‬
‫ذهب أنصار‪1‬هذا االجتاه إىل نقيض القول السابق‪ ،‬حيث يرون أبن الشاحن الذي‬
‫كانت نيته حسنة وأدىل ببيان غري صحيح عن قيمة البضاعة وجنسها فإنه ال حيق له‬
‫احلصول على تعويض كامل عن هالك بضاعته‪ .‬و ابلتايل يكون التعويض الذي حيصل عليه‬
‫الشاحن من الناقل يف هذه احلالة وفق احلد األقصى املنصوص عليه يف االتفاقية‪.‬‬
‫ابإلضافة إىل ذلك يدعم أصحاب هذا الرأي‪ 2‬وجهة نظرهم ابملناقشات اليت دارت بني‬
‫املؤمترين حول املادة ‪ 5/4‬من اتفاقية بروكسل عند اعدادها سنة ‪ 1924‬واليت يستدل منها‬
‫أن حسن نية الشاحن مل يكن أبدا سببا من أسباب استبعاد قاعدة احلد األقصى للتعويض‬
‫‪،‬كما أنه ليس من مربرات هذه القاعدة أاها جاءت ملعاقبة الشاحن إذا كان سيء النية ‪،‬أو‬
‫جمازاته إذا كانت نيته حسنة‪ .‬لذلك جيب معاملة الشاحن الذي يقدم بياان غري صحيح عن‬
‫جنس البضاعة وقيمتها وهو حسن النية مثل الشاحن الذي مل يقدم بياان على اإلطالق‪.‬‬
‫بناءا على ذلك يكون من حق الناقل أن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض يف حدود‬
‫مئة جنيه إسرتليين عن كل طرد أو وحدة من البضاعة اهلالكة ‪،‬أو التالفة‪ .‬وعلة هذه املساواة‬
‫كن الناقل من اختاذ اإلجراءات الالزمة للمحافظة‬
‫أن البيان غري الصحيح مثل انعدامه ال مي ُ‬
‫على البضاعة ولعل هذا هو الرأي الواجب اتباعه ألنه يتماشى مع روح االتفاقية وحيافظ على‬
‫ثبات امليزان الذي وازنت به االتفاقية بني مصاحل الناقل ومصاحل الشاحن ‪.‬‬
‫كما يالحظ أن هذا الرأي يتدرج منطقيا من األعلى إىل األسفل وفق مبدأ العدالة‬
‫‪،‬فيتدرج من حرمان الناقل من قاعدة احلد األقصى للتعويض يف حالة البيان احلقيقي املطابق‬
‫جلنس البضاعة و قيمتها إىل السماح له ابلتمسك هبذه القاعدة إذا كان التصريح خمالفا‬

‫‪ -1‬حممد هبجت قايد ‪،‬مسؤولية الناقل البحري ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪، 118‬عبد الرمحن سليم ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ ،307‬علي حسن‬
‫يونس ‪ ،‬العقود البحرية ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.122‬‬
‫‪ -2‬مشار إليه لدى ملزي عبد الرمحن ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.212‬‬

‫‪372‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫للحقيقة حبسن نية الشاحن ‪،‬مث اعفاء الناقل من املسؤولية متاما إذا كان هذا التصريح كاذاب‬
‫حبيث تَعمدهُ الشاحن من أجل مغالطة الناقل‪.1‬‬
‫اثنيا‪ :‬البيان الكاذب الصادر بسوء نية‬
‫جاء يف املادة ‪5/4‬بند‪ 4‬من املعاهدة أنه‪ ":‬ال يسأل الناقل أو السفينة يف أية حالة‬
‫اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع أو ما يتعلق هبا إذا تعمد الشاحن تدوين بيان غري صحيح‬
‫عن جنس البضاعة أو قيمتها يف سند الشحن "‪.‬‬
‫من خالل هذا النص‪ 2‬يتضح أن املعاهدة قد أعفت الناقل من املسؤولية كجزاء‬
‫للشاحن على تقدميه بياانت غري صحيحة عن البضاعة ‪،‬عن عمد ومع العلم التام بعدم‬
‫صحتها وإلعمال هذا النص جيب توافر ثالث شروط‪:3‬‬
‫أ‪-‬صدور بيان كاذب من الشاحن بشأن جنس البضاعة وقيمتها‪.‬‬
‫ب‪-‬أن يكون البيان قد مت عن علم وعمد‪.‬‬
‫ج‪-‬ثبوت هذا البيان يف سند الشحن‪.‬‬
‫الشرط األول‪ :‬صدور بيان كاذب من الشاحن بشأن جنس البضاعة وقيمتها‪.‬‬
‫إن البيان الكاذب املقصود هنا هو املتعلق بطبيعة البضاعة أو قيمتها ‪ ،‬فال أثر للبيان‬
‫الكاذب إن كان واردا على عالمات البضاعة أو وزاها وال يشرتط لتطبيق املادة ‪ 5/4‬بند ‪4‬‬
‫أن يكون البيان كاذاب فيما يتعلق جبنس البضاعة وقيمتها معا بل يكفي أن يكون البيان كاذاب‬
‫ابلنسبة ألحدمها‪.4‬‬

‫‪ -1‬ملزي عبد الرمحن ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.213‬‬


‫‪-2‬إن مضمون هذه املادة هو ما ردده املشرع اجلزائري يف القانون البحري ‪،‬حيث نصت املادة ‪ 810‬منه ما يلي‪ ":‬ال يعد الناقل مسؤوال‬
‫عن اخلسارة أو الضرر املسبب للبضائع أو ما يتبعها ‪،‬إذا ارتكب الشاحن بتعمد تصرحيا كاذاب بشأن نوعها أو قيمتها يف وثيقة الشحن أو‬
‫وثيقة أخرى مؤيدة للنقل"‪.‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم مكي إبراهيم‪ ،‬دعوى املسؤولية على الناقل البحري ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.396‬‬
‫‪ -4‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.397‬‬

‫‪373‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ويف الغالب ما يصعب على الناقل اكتشاف الغش يف البياانت املتعلقة جبنس البضاعة‬
‫وقيمتها‪ ،‬نظرا ملا يتطلبه ذلك من فحص دقيق للبضاعة‪ .‬وهو يقتضي وقتا طويال مما ال يتفق‬
‫والسرعة الواجبة يف العمليات البحرية‪.1‬‬
‫من بني القضااي اليت طبق فيها القضاء الفرنسي‪ 2‬هذا النص حيث أعفى الناقل من‬
‫املسؤولية بسبب تصرحيات الشاحن غري الصحيحة‪ ،‬يف قضية تتلخص وقائعها يف أن عملية‬
‫نقل متت بني ميناء انبويل إىل ميناء مرسيليا وكانت البضاعة كانت عبارة عن ‪1860‬‬
‫صندوق من قطع غيار السيارات وقد دونت يف سند الشحن بناءا على تصرحيات الشاحن‬
‫واليت مفادها أن البضاعة قطع غيار وأن مثن الصندوق الواحد هو ‪1000‬دوالر‪،‬إال أن الناقل‬
‫اراتب يف صحة هذا البيان ومع ذلك قام بتدوين هذا القيمة املصرح هبا وبعد ذلك قام‬
‫بتحري هذا األمر ‪،‬فتبني له أن سعر الصندوق الواحد ال يتجاوز ‪ 475‬دوالر أمريكي ‪.‬‬
‫لكن عند الوصول إىل ميناء مرسيليا وصلت البضاعة وقد هلك منها‪ 18‬صندوقا‬
‫‪،‬فطالب الشاحن من الناقل دفع مبلغ التعويض عن هذه اخلسارة وفق قيمة‪ 18000‬دوالر‪،‬‬
‫أي حسب القيمة املبينة يف سند الشحن وهي ‪ 1000‬دوالر عن الصندوق الواحد‪ ،‬فقام‬
‫الناقل إبثبات أن سعر الصندوق الواحد هو ‪ 475‬دوالر فقط وأن الشاحن قد تعمد‬
‫التصريح مببلغ ‪ 1000‬دوالر و مبا أن اتفاقية بروكسل هي الواجبة التطبيق على النزاع ‪،‬‬
‫فقضت حمكمة استئناف مرسيليا إبعفاء الناقل من املسؤولية خبصوص اهلالك الذي أصاب‬
‫البضاعة وحبرمان الشاحن من أي تعويض استنادا للمادة ‪،5/4‬بند‪.4‬‬
‫كما قضت حمكمة ابريس التجارية يف حكمها الصادر يف ‪ 1977/3/23‬بسقوط‬
‫حق الشاحن يف رفع دعوى على الناقل‪ ،‬ألنه صرح أبن البضاعة عبارة عن ألعاب وهي يف‬
‫احلقيقة عبارة عن قداحات (‪.3)Briquet‬‬

‫‪ -1‬عبد الرمحن سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.310‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪CA. Marseille ,7/7/1978, DMF1979, p 397.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Cité‬‬ ‫‪par: Francis Sauvage, op.cit, p104.‬‬
‫‪374‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الشرط الثاين‪:‬أن يكون البيان قد مت عن علم وعمد‬


‫يقصد بذلك أن يكون الشاحن سيء النية ‪،‬مبعىن أن يقوم بتقدمي البيان غري الصحيح‬
‫عن جنس البضاعة وقيمتها عن قصد ‪،‬كما ينبغي أن يكون على علم اتم ابلقيمة احلقيقية‬
‫للبضاعة وطبيعتها‪ .1‬أما إذا كان البيان غري صحيح قد مت نتيجة خطأ‪ ،‬أو إمهال من الشاحن‬
‫فإنه عندئذ يكون حسن النية وال سبيل للناقل أبن يتمسك يف مواجهته ابجلزاء املنصوص‬
‫عليه يف النص ‪ 5/4‬بند‪. 24‬‬
‫من املسلم به يف الفقه أن اجلزاء الذي رتبه النص األخري واملتمثل يف اعفاء الناقل من‬
‫املسؤولية بشأن البيان الكاذب الصادر عن الشاحن‪ ،‬إذ يعترب من قبيل العقوبة املدنية املسلطة‬
‫عليه‪ ،‬فتطبق حىت ولو مل يكن للبيان غري الصحيح أثر ما يف حتقق الضرر‪ ،‬فمسؤولية الناقل‬
‫تنتفي مبوجب هذا النص حىت لو كان هذا البيان غري الصحيح قد أدرج بدون قصد غش‬
‫الناقل أو خداعه ولكن كان اهلدف من وراءه أسباب أخرى كالتهرب من اجلمارك مثال‪.3‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬ثبوت البيان الكاذب يف سند الشحن‪.‬‬
‫يف سبيل أن يكون البيان الكاذب حجة على الشاحن وعلى محلة سند الشحن من‬
‫بعده ‪،‬فإنه جيب أن يكون هذا البيان مثبتا يف سند الشحن بناءا على ما قدمه الشاحن‬
‫للناقل‪ ،4‬فإذا ثبت يف وثيقة أخرى كالتصريح اجلمركي فال حمل عندئذ إلعمال النص‪. 5‬‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه ‪،‬أساسيات القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ ،279‬بسام عاطف املهتار ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪ -2‬يوسف يعقوب صرخوه‪ ،‬النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري عن البضائع يف القانون البحري الكوييت اجلديد‪ ،‬املقال السابق ‪،‬ص‬
‫‪ ،210‬هبجت علي قايد ‪،‬مسؤولية الناقل البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.118‬‬
‫‪ -3‬مصطفى اجلمال ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪،252‬وهو كذلك ما قضت به حمكمة اجلزائر يف ‪ 16‬مارس ‪ 1950‬يف قضية ذكر الشاحن أن‬
‫البضاعة عبارة عن أدوات صناعية مع أن الطرد جيتوي على ثالجة ‪،‬نظرا ألن أجرة نقل الطن من الثالجات يزيد على األدوات الصناعية‬
‫‪:‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 169‬هامش رقم ‪.1‬‬
‫‪ -4‬إبراهيم مكي إبراهيم‪ ،‬دعوى املسؤولية على الناقل البحري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.403‬‬
‫‪ -5‬يوسف يعقوب صرخوه‪ ،‬النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري عن البضائع يف القانون البحري الكوييت اجلديد‪ ،‬املقال السابق‬
‫‪،‬ص‪.118‬‬

‫‪375‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫هذا ما أتكد من خالل قرار حملكمة استئناف ‪ Aix‬الفرنسية‪ 1‬يف قضية طرحت أمامها‬
‫واليت مفادها أن شاحنا َعه َد إىل انقل بثالثة صناديق (أاثث ولوازم شخصية) لنقلها من ميناء‬
‫الدار البيضاء إىل ميناء مرسيليا ‪،‬حيث أثبت الشاحن يف اإلقرار اجلمركي عند الشحن مثنا‬
‫منخفضا للبضاعة‪ ،‬يف حني قام بنفس الوقت ابلتأمني عليها مببلغ يعادل ثالثة أمثال املبلغ‬
‫الذي صرح به للسلطات اجلمركية ‪.‬‬
‫قام الناقل بعد اطالعه على بياانت الشاحن لسلطات اجلمارك إبثبات قيمة البضاعة‬
‫‪،‬كما أن سند الشحن قد اقتصر على اثبات أن‬ ‫‪Billet de bord‬‬ ‫تلك يف أوراق السفينة‬
‫البضاعة قد شحنت يف عنابر السفينة وليس فيه أي بيان عن قيمة البضاعة‪ .‬و عند وصول‬
‫الصناديق إىل مرسيليا تبني أن الناقل قد رصها على السطح وأاها أصيبت بتلف كبري وملا رفع‬
‫الشاحن الدعوى مطالبا ابلتعويض دفع الناقل أبنه معفى من كل مسؤولية بسبب البيان‬
‫الكاذب عن قيمة البضاعة ‪.‬‬
‫قضت احملكمة يف هذه القضية مبسؤولية الناقل وقالت أبن مثل هذا البيان ال يعترب‬
‫بياان كاذاب ابملعىن املقصود يف املادة ‪5/4‬بند ‪ 4‬مادام الناقل قد حرره بنفسه ‪،‬حبيث ال يعترب‬
‫أي عنصر من عناصره مقدما من الشاحن ابلذات وال عربة بعدم اعرتاض الشاحن على ذلك‬
‫طاملا خال سند الشحن من أي ذكر لقيمة البضاعة ‪.‬كما مل تقبل احملكمة األخذ ابالختالف‬
‫بني القيمة املصرح فيها يف اإلقرار اجلمركي والقيمة املؤمن عليها دليال ضد الشاحن ‪،‬مقررة‬
‫أبن الشاحن وحده من يدرك مسؤولياته وأهدافه من وراء القيمة‪ ،‬اليت يقر هبا أمام السلطات‬
‫اجلمركية ‪،‬أو يؤمن هبا على بضاعته لدى شركة التأمني وأن البيان الكاذب الذي يؤدي إىل‬
‫اجلزاء املنصوص يف املعاهدة هو البيان‪ ،‬الذي يقدمه الشاحن إىل الناقل ويتم اثباته يف سند‬
‫الشحن الصادر بنقل البضاعة‪.2‬‬

‫‪ -1‬حكم صادر بتاريخ ‪ 11‬أفريل‪: 1967‬مشار إليه لدى املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 403‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم مكي إبراهيم‪ ،‬دعوى املسؤولية على الناقل البحري‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.404‬‬

‫‪376‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫هذا و يشرتط جانب من الفقه‪ 1‬إضافة إىل ما سبق أن يكون البيان املقدم من‬
‫الشاحن أعلى من قيمة البضاعة احلقيقية ‪،‬إذ يكون هناك حمل يف هذه احلالة لتوقيع‬
‫اجلزاء(اعفاء الناقل من املسؤولية) على الشاحن ألنه يسعى إىل االثراء على حساب الناقل‪،‬‬
‫فإذا كان البيان أبقل من هذه القيمة فال يعفى الناقل من املسؤولية ويستندون يف ذلك على‬
‫احلجج اآلتية‪:2‬‬
‫‪-1‬أن الشاحن إذا كان له احلق يف أن يدون يف سند الشحن أي بيان عن قيمة البضاعة‬
‫ومع ذلك فله احلق طبقا لنصوص املعاهدة يف تعويض ال يتجاوز مئة جنيه اجنليزي عن كل‬
‫طرد‪ ،‬أو وحدة فمن ابب أوىل أن حيق له ذلك إذا ذكر يف سند الشحن بياان يقل عن قيمة‬
‫البضاعة احلقيقية‪ .‬وال يعترب هذا البيان سببا يف اعفاء الناقل من املسؤولية ‪،‬إذ ال يتفق واملنطق‬
‫أن يستحق الشاحن تعويضا ال يتجاوز مئة جنية اجنليزي إذا جاء سند الشحن خاليا من أي‬
‫بيان عن قيمة البضاعة‪ .‬وال يستحق الشاحن شيئا وابلتايل يعفى الناقل من املسؤولية إذا دون‬
‫يف سند الشحن بياان أبقل من قيمة البضاعة احلقيقية‪.‬‬
‫‪-2‬لقد تضمن بروتوكول توقيع املعاهدة فقرة تقضي ‪":‬أبن للجهات العليا املتعاقدة أن حتفظ‬
‫لنفسها احلق تقرير أبن البند األخري من املادة‪ 5/4‬ال ينطبق يف حالة ما إذا قدم الشاحن‬
‫بياان أقل من القيمة احلقيقية"‪ .‬و هذه الفقرة وأن حذفت من بروتوكول التوقيع‪ ،‬إال أن روح‬
‫اليت أملت نص املادة ‪ 5/4‬من املعاهدة تكفي لتقريرها‪.‬‬
‫‪-3‬ابالستناد إىل العلة من وجود النص األخري وهي محاية الناقل من مغاالة الشاحن يف‬
‫تقدير قيمة البضاعة بقصد احلصول على تعويض أكثر مما يستحق وحتميل الناقل مسؤولية‬
‫أشد ‪،‬فإذا كانت قيمة البضاعة يف البيان املقدم من الشاحن أقل من قيمتها احلقيقية فال‬

‫‪1‬‬
‫‪- Georges‬‬ ‫‪Ripert, droit maritime, tome II 4eme édition, op.cit, n°1818, Georges‬‬
‫‪Marais , op.cit ,p213, Antione Villard, Droit maritime,op.cit,p422.‬‬
‫علي مجال الدين عوض ‪،‬القانون البحري لسنة‪ ، 1969‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪،757‬كمال محدي ‪،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف‬
‫قانون التجارة البحرية رقم ‪ 8‬لسنة ‪،1990‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.197‬‬
‫‪ -2‬عبد الرمحن سليم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 311‬وما يليها‪.‬‬

‫‪377‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫شك أن هذه العلة تنتفي‪،1‬إذ أن التعويض الذي حيصل عليه الشاحن ينحصر يف القيمة‬
‫املدونة يف البيان‪ ،‬الذي قدمه مهما كانت أقل من القيمة احلقيقية‪.‬‬
‫‪-4‬و يضيف الفقيه "جورج ماري" ‪2Georges Marais‬دليال آخر على صحة هذا الرأي‬
‫وهو مستمد من األعمال التحضريية للمعاهدة ‪،‬فقد جاء على لسان مندوب احلكومة‬
‫اإلجنليزية يف مؤمتر ‪1922‬أبنه ال يوجد يف نصوص االتفاقية ما مينع الشاحن أبن يقدم بياان‬
‫عن طرد أبن قيمته ‪ 500‬جنيه اجنليزي‪ ،‬غري أن قيمته احلقيقية يف الواقع هي‪ 1000‬جنيه‬
‫اجنليزي‪ .‬و يف هذه احلالة يسأل الناقل مببلغ تعويض يف حدود ‪500‬جنيه اجنليزي ‪.‬‬
‫خالفا لذلك يذهب اجتاه آخر‪ 3‬إىل أنه يستوي أن يكون البيان الكاذب الوارد على‬
‫القيمة قد تضمن قيمة أكرب أم أقل‪ ،‬فهو نص مطلق وال وجه لتقييده‪ .‬كما ذهبت حمكمة‬
‫النقض الفرنسية إىل أن نص املادة ‪،5/4‬بندأخري حيرم الشاحن من املطالبة الناقل ابلتعويض‬
‫إذا تعمد تدوين بيان غري صحيح عن قيمة البضاعة من غري متييز بني ما إذا كان هذا البيان‬
‫أعلى من القيمة احلقيقية للبضاعة أو أقل منها‪.4‬‬
‫من خالل آراء الفقه ميكن القول أن التفسري‪ ،‬الذي ذهبت إىل حمكمة النقض الفرنسية‬
‫هو األوىل ابالتباع وأن احلجج اليت ساقها أصحاب االجتاه األول يف تدعيم رأيهم إمنا هي‬
‫أسانيد مردودة مبا يلي‪: 5‬‬
‫‪-1‬فالقول أبن العلة تتمثل يف اجلزاء مبنع الشاحن من التصريح بقيمة أعلى بغية يف زايدة‬
‫مسؤولية الناقل قول ال سند له على ذلك‪ ،‬ألن العلة الصحيحة هي اليت تستنبط من النص‬

‫‪ -1‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.170‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Leslie Scott :" Rien dans la convention n'empêche un chargeur expédiant un colis de‬‬
‫‪1000 de la déclarer pour 500, mais dans ce cas, cette somme sera la limité de‬‬
‫‪résponsabilité de l'armateur" cité par : Georges Marais, op.cit, p212.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Rodiére, traité général de droit maritime, Tome II, op.cit., p769.‬‬
‫‪ -‬علي حسن يونس ‪ ،‬العقود البحرية ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪،123‬إبراهيم مكي إبراهيم ‪ ،‬دعوى املسؤولية على الناقل البحري‪ ،‬املرجع‬
‫السابق ‪ ،‬ص‪،397‬عبدالرمحن سليم ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.313‬‬
‫‪ -4‬نقض فرنسي ‪: 1943/12/27‬مشار إليه لدى بسام عاطف املهتار ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪ -5‬إبراهيم مكي إبراهيم ‪ ،‬دعوى املسؤولية على الناقل البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 399‬وما يليها‪.‬‬

‫‪378‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫والعلة اليت يقول هبا أولئك الشراح علة متومهة ‪ .‬فضال عن ذلك فإن البيان بقيمة أقل قد‬
‫يرتتب عليه ضرر للناقل إذا كانت أجرة النقل تقدر على أساس قيمة البضاعة ‪.‬‬
‫‪-2‬أما عن حذف العبارة اليت كان يتضمنها بروتوكول التوقيع على معاهدة بروكسل واليت‬
‫حتفظ للدول املتعاقدة حق تقرير عدم انطباق البند األخري من املادة ‪ ، 5/4‬يف حالة ما قدم‬
‫الشاحن بياان أقل من القيمة احلقيقية فمعىن ذلك أنه دليل على العدول عن هذا املعىن وعلى‬
‫سراين أحكام املعاهدة وخاصة منها االعفاء‪ ،‬الذي قرره النص األخري للناقل من مسؤوليته‬
‫‪،‬عندما يقدم له الشاحن البيان أبقل قيمة‪ ،‬من القيمة احلقيقية للبضاعة حمل عقد النقل‬
‫الدويل‪.‬‬
‫‪-3‬كما أن القول الذي يرى أنه مادام الشاحن يستطيع أال يصرح بقيمة البضاعة إطالقا فله‬
‫من ابب أوىل أن يصرح بقيمة أدىن من القيمة احلقيقية هلا هو قياس فاسد‪ .‬ويكفي للرد عليه‬
‫القول أنه يف حالة عدم التصريح فإن مسؤولية الناقل تتحدد ابحلد القانوين املنصوص عليه‬
‫ابملعاهدة وهو مائة جنيه إجنليزي (ذهيب) عن كل طرد أو وحدة ‪.‬و هذا مبلغ مرتفع يف أغلب‬
‫األحوال اليت تشحن فيها الطرود حبرا ‪،‬يف حني أن التصريح بقيمة أدىن من القيمة احلقيقية قد‬
‫جير إىل أن ميلي الناقلون و هم الطرف القوي يف عقد النقل على الشاحنني التصريح بقيمة‬
‫أدىن من القيمة احلقيقية ومن احلد القانوين للتعويض توصال منهم إىل ختفيف مسؤوليتهم‪،‬‬
‫ذلك التخفيف الذي منعته نصوص اآلمرة للمعاهدة‪.‬‬
‫وهلذا يقول الدكتور مصطفى كمال طه‪ 1‬أنه إذا ُدون يف سند الشحن بيان عن قيمة‬
‫البضاعة يقل عن قيمتها احلقيقية نتيجة تواطئ بني الناقل والشاحن وبقصد ختفيف مسؤولية‬
‫األول فإنه يكون ابطال بطالان مطلقا‪ ،‬طبقا لنص املادة‪. 8/3‬‬
‫كما يرى بعض الفقه أنه من الغريب أن يذهب الفقيه "سوفاج"‪ Sauvage 2‬إىل تربير‬
‫التصريح بقيمة أدىن حبجة أن الشاحن مل يفعل أكثر من ختفيف مسؤولية الناقل القانونية ‪،‬يف‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه ‪،‬أصول القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق‪،‬سنة‪،1952‬ص ‪.549‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Francis‬‬ ‫‪Sauvage ,op.cit , n°61.‬‬
‫‪379‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫حني أن أحدا مل جيز ختفيف مسؤولية هذا األخري يف عقود النقل البحري‪ ،‬اليت تنطبق عليها‬
‫معاهدة بروكسل حىت ولو كان ذلك برضا الطرفني ‪،‬على أنه وإن مل يكن هناك تواطؤ أو‬
‫شرط مفروض فإن القياس يبقى فاسدا‪ ،‬ألن الشاحن الذي مل يصرح جبنس البضاعة أو‬
‫قيمتها مل يرتكب خطأً فليس مثة نص أيمره بذلك ‪،‬يف حني أنه يف البيان الكاذب يرتكب‬
‫خطأ عمداي اهاه عنه نص آمر‪.‬‬
‫‪-4‬السماح ابلتصريح بقيمة أدىن من احلد األقصى للتعويض قد يفتح اباب واسعا ينفذ منه‬
‫الناقلون إىل ختفيف مسؤوليتهم وهم يف وضع ُميكنهم من ذلك ليس فقط عن طريق إمالء‬
‫الشروط مباشرة ‪،‬وإمنا أيضا عن طريق استدراج الشاحنني لذلك إبغرائهم أبجرة نقل أدىن‬
‫مقابل التصريح بقيمة أدىن كذلك ‪.‬‬
‫كما يضيف أحد الفقهاء‪1‬حجة أخرى تدعم صحة الرأي الثاين وهي مستمدة من‬
‫‪Leslie Scott‬‬ ‫مندوب فرنسا والسيد‬ ‫‪Georges Ripert‬‬ ‫املناقشات اليت دارت بني الفقيه‬
‫عن حكم البيان‬ ‫‪Ripert‬‬ ‫مندوب بريطانيا يف املؤمتر الدبلوماسي بربوكسل‪ ،‬حيث تساءل‬
‫على هذا التساؤل‬ ‫‪Leslie Scott‬‬ ‫الذي يدون يف سند الشحن أبقل قيمة فأجاب السيد‬
‫بعدم مسؤولية الناقل البحري عن حالة اهلالك أو التلف عندما يكون البيان املدون يف سند‬
‫الشحن أبقل من القيمة احلقيقية ‪،‬طاملا كان الشاحن متعمدا تدوين هذا البيان من أجل عدم‬
‫دفع أجرة نقل تعادل القيمة احلقيقية للبضاعة ‪.‬‬
‫يبدوا أن هذا الرأي إضافة إىل منطقيته فهو يتسم ابلعدل و ذلك ملا ينجم على تصريح‬
‫الشاحن بقيمة أقل من القيمة احلقيقية يف عدم بذل العناية الواجبة للمحافظة على البضاعة‪،‬‬
‫حيث يدخل الناقل يف اعتباره القيمة املصرح هبا ‪.‬‬
‫و قد يرتتب عليه أيضا أن العناية الواجبة اليت بذهلا الناقل بناءا على بيان الشاحن ال‬
‫تتناسب مع العناية اليت حتتاجها القيمة احلقيقية للبضاعة مما يؤدي إىل اهلالك أو التلف‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.474‬‬

‫‪380‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪،‬فالشاحن هنا يكون قد ارتكب خطأً عندما تقدم ببيان أقل من القيمة احلقيقية وخري‬
‫تعويض للناقل عن هذا اخلطأ هو اعفاؤه من املسؤولية عن حالة اهلالك أو التلف اليت نتجت‬
‫من جراء خطأ الشاحن‪.1‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫اثبات البيان الكاذب‬
‫طبقا للمادة ‪ 5/4‬بند‪ 1‬يعترب البيان املدون يف سند الشحن صحيحا حىت يثبت‬
‫العكس وليس اثبات العكس سهال يف مجيع حاالته ‪،‬فكثريون خيسرون دعواهم ابلرغم أاهم‬
‫أصحاب احلق فيما يدعون ألاهم عجزوا عن إقامة الدليل الذي يوصل إىل إقناع القاضي‬
‫‪،‬هلذا كانت معرفة الطرف الذي يتحمل عبء االثبات مسألة ذات أمهية كربى من الناحية‬
‫العملية ‪،‬فَكون أحد اخلصمني غري مكلف ابإلثبات يعترب ميزة له من انحية مركز اخلصوم يف‬
‫الدعوى ‪،‬ألن هذا يؤدي به إىل كسب الدعوى إذا عجز خصمه عن االثبات‪. 2‬‬
‫كما أن األحكام اليت تتعلق بتعيني من يكلف ابإلثبات يسيطر عليها مبدأ عام هو‬
‫مبدأ احرتام الوضع الثابت والوضع قد يثبت للشخص بصفة أصلية ‪،‬أو بصفة عرضية ‪،‬أو‬
‫حبسب الظاهر فعلى من يدعي هذا الوضع الثابت أصال ‪،‬أو عرضا ‪،‬أو ظاهرا له أن يثبت ما‬
‫يدعي به‪.3‬‬
‫إذن طبقا للمبدأ العام فالناقل يف هذه احلالة هو املدعي ‪ ،‬لذلك يقع عليه عبء‬
‫اثبات عدم صحة البيان الصادر من الشاحن‪، 4‬أي إثبات أن طبيعة البضاعة املبينة يف سند‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪474‬ومايلها‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد املنعم فرج الصدة‪ ،‬االثبات يف املواد املدنية ‪،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬مطبعة مصطفى البايب احلليب و أوالده‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪،1955‬ص‪.44‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ .45‬ويف هذا الشأن تنص املادة ‪ 323‬ق م ج ‪":‬على الدائن اثبات االلتزام وعلى املدين التخلص منه "‪.‬‬
‫‪ -4‬علي حسن يونس‪ ،‬العقود البحرية ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪،123‬وجدي حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.219‬‬

‫‪381‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الشحن ختتلف عن الطبيعة احلقيقية للبضاعة‪ ،‬أو أن القيمة املثبتة يف السند تقل أو تزيد عن‬
‫القيمة احلقيقية‪. 1‬‬
‫لقد قضت املادة ‪ 5/4‬بند ‪ 3‬من معاهدة بروكسل إبعفاء الناقل من مسؤوليته عن‬
‫هالك البضاعة أو تلفها أو ما يتعلق هبا إذا تعمد الشاحن تدوين بيان غري صحيح عن‬
‫جنس البضاعة أو قيمتها ‪ ،‬مما يعين أنه من أجل اعفاء الناقل من مسؤوليته خبصوص اهلالك‬
‫أو التلف الالحق البضاعة جيب أن يكون الشاحن قد تعمد التصريح ابلبيان غري صحيح‬
‫عن قيمة البضاعة أو قيمتها‪.‬‬
‫غري أن هذه املعاهدة مل تبني مسألة من يكون عليه اثبات تعمد الشاحن البيان‬
‫الكاذب‪ ،‬هلذا يطرح التساؤل عما إذا كان يكفي الناقل اثبات البيان الكاذب الصادر من‬
‫الشاحن بشأن قيمة البضاعة أو جنسها من أجل االعفاء من املسؤولية ؟ أي يفرتض هبذا‬
‫االثبات أمرا آخر و هو تعمد الشاحن أو سوء نيته يف التصريح ببيان كاذب ؟أم يلزمه اثبات‬
‫األمرين معا ؟‬
‫اختلفت وجهات النظر يف اإلجابة عن هذ االشكال وانقسمت إىل ثالث اجتاهات‪:‬‬
‫االجتاه األول‪:‬‬
‫ذهب بعض الفقه‪ 2‬إىل افرتاض العمد من جانب الشاحن عندما يقوم الناقل إبثبات‬
‫الناقل أن البيان الصادر عن الشاحن غري مطابق للحقيقة فإنه إبثبات ذلك يفرتض أن‬
‫الشاحن قد قام ابلتصريح غري الصحيح عن سوء نية وإذا أراد الشاحن اثبات العكس فعليه‬
‫اثبات حسن نيته‪.‬‬

‫‪ -1‬يوسف يعقوب صرخوه‪ ،‬النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري عن البضائع يف القانون البحري الكوييت اجلديد‪ ،‬املقال السابق‬
‫‪،‬ص‪.210‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Georges Marais, op.cit, p215.‬‬
‫هبجت علي قايد ‪،‬مسؤولية الناقل البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ ،118‬عبد القادر حسني العطري‪ ،‬الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية‬
‫‪(،‬دراسة مقارنة )‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬بدون اتريخ نشر ‪ ،‬ص‪.435‬‬

‫‪382‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫االجتاه الثاين‪:‬‬
‫يرى أصحاب هذا االجتاه إىل أنه مىت أثبت الناقل عدم صحة البيان املدون يف سند الشحن‬
‫فإن من حقه أن يستمع إىل التفسري الذي يقدمه الشاحن تعليال لذلك و يكون للمحكمة‬
‫تقدير هذا التعليل للفصل يف حسن أو سوء نية الشاحن‪.1‬‬
‫ابلتمعن يف هذا االجتاه يتضح أنه هو اآلخر على غرار سابقه يعفي الناقل من عبء‬
‫اثبات العمد لدى الشاحن وهلذا يالحظ وجود صلة بني االجتاه األول واالجتاه الثاين ألن كل‬
‫منهما يعفي الناقل من عبء هذا االثبات‪.2‬‬
‫االجتاه الثالث‪:‬‬
‫يذهب مجهور‪ 3‬الفقهاء إىل إلقاء عبئ االثبات على الناقل يف سبيل االعفاء من‬
‫مسؤوليته أن يثبت وجود البيان الكاذب وأنه قد مت عن قصد وعمد‪ .‬و يستندون على صحة‬
‫رأيهم ابحلجتني اآلتيتني‪: 4‬‬
‫‪-1‬أن األصل يف االنسان حسن النية وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل على ما‬
‫يدعيه‪.‬‬
‫‪-2‬حنن بصدد نص استثنائي يستفيد من انطباقه الناقل ‪،‬إذ يتوصل به إىل التخلص من‬
‫مسؤوليته وعليه إذن توافر شرطني معا‪ :‬وجود البيان الكاذب وكونه مت بعلم ودراية من‬
‫الشاحن‪.‬‬

‫‪ -1‬علي حسن يونس‪ ،‬عقد النقل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.330‬‬


‫وقد أخذت هبذا التوجه الجتاه حمكمة ‪ Seine‬الفرنسية يف حكمها الصادر بتاريخ ‪13‬جوان ‪ 1950‬وحمكمة اجلزائر بتاريخ ‪ 17‬أوت‬
‫‪ 1949‬مشار إليهما يف املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.484‬‬
‫‪ -3‬علي مجال الدين عوض ‪،‬القانون البحري لسنة‪ ، 1969‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪،757‬مصطفى كمال طه ‪،‬أساسيات القانون البحري ‪،‬‬
‫املرجع السابق ‪،‬ص ‪ ،279‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ ،170‬إبراهيم مكي إبراهيم ‪ ،‬دعوى املسؤولية على الناقل البحري‪،‬‬
‫املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪،404‬مسيحة القليويب ‪،‬موجز القانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ ،454‬عبدالرمحن سليم ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‬
‫‪ ،318‬عبد القادر حسني العطري‪ ،‬الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.434‬‬
‫‪ -‬إبراهيم مكي إبراهيم ‪ ،‬دعوى املسؤولية على الناقل البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.404‬‬
‫‪4‬‬

‫‪383‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫بناءا على الرأي الغالب فإن الناقل يف سبيل االعفاء من املسؤولية عن هالك البضاعة‬
‫أو تلفها‪ ،‬يف حالة البيان الكاذب الصادر من الشاحن ال يكفيه اثبات هذا البيان الكاذب‬
‫فحسب‪ ،‬بل جيب عليه أن يثبت أيضا سوء نية الشاحن ‪،‬أو تعمده التصريح ببيان غري‬
‫صحيح عن نوع البضاعة وقيمتها‪.‬‬
‫على صعيد آخر فقد اثرت عدة تساؤالت حول ضرورة إثبات الناقل للعالقة السببية‬
‫بني عدم صحة البيان الصادر من الشاحن وهالك البضائع أو تلفها من عدمه ويرى البعض‬
‫أن الناقل يعفى من املسؤولية حىت ولو تكن هناك عالقة سببية بني تعمد الشاحن ذكر‬
‫بياانت غري صحيحة وبني الضرر‪ ،‬ذلك أن املشرع الدويل إمنا أراد حرمان الشاحن من‬
‫التعويض كنوع من العقوبة على غشه للمتعاقد معه وليس ألن غشه هو املتسبب يف احداث‬
‫الضرر أو ساهم فيه‪ .‬وأتسيسا على ذلك فإنه ال يقبل من الشاحن إقامة الدليل على عدم‬
‫وجود العالقة السببية بني البياانت غري الصحيحة والضرر‪.1‬‬
‫هذا ما ذهب إليه الفقيهان ‪ Christian Scapel،Pierre Bonassies‬يف تفسري املادة‬
‫‪ 36‬من القانون الفرنسي لسنة ‪، 1966‬حيث قاال أبنه عندما تثور مسؤولية الشاحن يف‬
‫حال اإلخالل ابلتزامه بتقدمي تصرحيات صحيحة بشأن قيمة البضاعة وجنسها‪ ،‬فإن الناقل ال‬
‫يتطلب منه اثبات العالقة السببية بني عدم صحة التصرحيات واهلالك ‪،‬أو التلف الالحق‬
‫ابلبضاعة‪.2‬‬
‫خيلص القول مما سبق أن املعاهدات الدولية الثالث تتفق على تشديد مسؤولية‬
‫الشاحن خبصوص البيان غري الصحيح واملتعلق بعالمات البضاعة ‪،‬عددها ‪،‬وزاها وكميتها‬
‫وذلك بتقريرها لقاعدة الضمان وإلزامه بتعويض الناقل عن أية أضرار تنجر عن البيان غري‬
‫الصحيح‪ ،‬بصرف النظر عما إذا مت تقدمي تلك املعلومات غري الصحيحة خبطأ منه سهوا أو‬

‫‪ -1‬سوزان علي حسن ‪ ،‬عقد نقل البضائع ابحلاوايت‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.154‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Pierre Bonassies et Christian Scapel,op.cit, p666, en même sense :AntioneVillard,‬‬
‫‪Droit maritime,op.cit,p422.‬‬

‫‪384‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫حبسن نية أو بسوء نية ‪ ،‬بل يبقى مسؤوال حىت ولو أثبت أن سبب املعلومات املقدمة غري‬
‫الصحيحة راجع إىل سبب أجنيب ‪.‬‬
‫أما بشأن البيان غري الصحيح عن قيمة البضاعة وجنسها يتعني التفريق بني حالتني‪:‬‬
‫حالة األوىل فتتمثل يف كون الشاحن حسن نية وأخذا ابلرأي الراجح يف هذه احلالة جيب أن‬
‫يساوى بني الشاحن الذي يقدم بياان غري صحيح عن جنس البضاعة وقيمتها وكان حسن‬
‫النية و الشاحن الذي مل يقدم بياان على اإلطالق‪.‬‬
‫على هذا ال جيب أن حيرم الشاحن حسن النية من التعويض كله بل حيق له أن‬
‫أيخذ تعويضا وفق حد أقصى‪ ،‬يف حدود مئة جنيه إسرتليين عن كل طرد أو وحدة من‬
‫البضاعة اهلالكة أو التالفة ‪،‬أما احلالة الثانية فتكون عند صدور بيان كاذب من الشاحن‬
‫بسوء نية فإن معاهدة بروكسل قد أعفت الناقل من املسؤولية صراحة كجزاء للشاحن على‬
‫تقدميه بياانت كاذبة‪ ،‬عن جنس البضاعة وقيمتها عن قصد ‪.‬ومع ادراكه التام بعدم صحتها‬
‫ولكي يستفيد الناقل هنا من هذا االعفاء جيب عليه أن يثبت أمرين‪ :‬البيان الكاذب وأيضا‬
‫سوء نية الشاحن ‪،‬أو تعمده التصريح ببيان غري صحيح عن جنس البضاعة وقيمتها‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬‬
‫التعويض االتفاقي الكامل املباشر ومزااه‬
‫لقد اعتربت معاهدة بروكسل‪ 1‬و روتردام‪ 2‬أن بيان قيمة البضاعة وجنسها صورة غري‬
‫مباشرة من صور التعويض الكامل عن هالك أو التلف الالحق ابلبضاعة كما سبق التفصيل‬
‫فيه يف املطلب األول ‪،‬لكن أحياان قد يلجأ الشاحن إىل االتفاق مع الناقل بغية يف احلصول‬
‫على تعويض كامل بسبب أن عدم تصرحيه بقيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن‪ ،‬خوفا‬
‫من دفع رسوم مجركية على قيمة البضاعة سيؤدي به إىل حصول على تعويض وفق قاعدة‬
‫احلد األقصى‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -1‬املادة ‪ 5/4‬من معاهدة بروكسل األصلية لسنة ‪، 1924‬املادة ‪/2‬أ من بروتوكول ‪ 1968‬املعدل هلذه االتفاقية‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 59‬من قواعد روتردام ‪.‬‬

‫‪385‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫كما يعترب الناقل هو املستفيد من هذه القاعدة ‪،‬فقد جرت العادة يف جمال النقل‬
‫البحري أن يقبل الناقل ابالتفاق املباشر مع الشاحن على حصول تعويض كامل مقابل دفع‬
‫الشاحن أجرة نقل تالئم القيمة احلقيقية للبضاعة‪ .‬ويشمل هذا االتفاق كل حاالت هالك‬
‫البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف التسليم‪ .‬بناءا على ذلك سيتم تقسيم هذا املطلب إىل‬
‫فرعني‪ :‬الفروق اجلوهرية بني التعويض االتفاقي الكامل والشرط اجلزائي(فرع أول)‪ ،‬مزااي‬
‫االتفاق على التعويض الكامل و شروطه صحته (فرع الثاين)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫الفروق اجلوهرية بني التعويض االتفاقي الكامل والشرط اجلزائي‬
‫نصت املادة ‪ 183‬من القانون املدين اجلزائري على أنه‪ ":‬جيوز للمتعاقدين أن حيددا‬
‫مقدما قيمة التعويض ابلنص عليها يف العقد‪ ،‬أو يف اتفاق الحق وتطبق يف هذه احلالة‬
‫أحكام املواد ‪ 176‬إىل ‪."181‬‬
‫بناءا على األساس هذا فإنه جيوز للشاحن والناقل أن يتفقا مسبقا على حتديد مبلغ‬
‫التعويض قبل وقوع ضرر ألحد املتعاقدين ويطلق على هذا التحديد يف املفهوم القانوين‬
‫ابلشرط اجلزائي‪ .‬ومسي بذلك ألنه يوضع عادة كشرط ضمن شروط العقد األصلي‪ ،1‬الذي‬
‫يُستحق التعويض على أساسه ولكن ال شيء مينع من أن يكون يف اتفاق الحق طبقا ملا‬
‫جاء يف النص املذكور أعاله‪.‬‬
‫نظرا للتشابه الكبري بني التعويض االتفاقي والشرط اجلزائي كان البد من تسليط الضوء‬
‫أوال على الشرط اجلزائي من حيث تعريفه ‪،‬طبيعته وخصائصه وشروط استحقاقه‪ ،‬مث بعد‬
‫ذلك يليه التعرض لنقاط االختالف الفاصلة بني الشرط اجلزائي والتعويض الكامل االتفاقي‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين ‪،‬اجلزء الثاين‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.851‬‬

‫‪386‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫أوال‪ :‬تعريف الشرط اجلزائي‬


‫يعرف الشرط اجلزائي أبنه تقدير للعوض عن الضرر احملتمل ومجيع املعاين املناسبة ملفهوم‬
‫الشرط اجلزائي فيها معىن مقابلة الضرر ابلعوض االتفاقي وفيه أيضا شبه ابلعقوبة وإن مل يكن‬
‫عقوبة حمضة ‪،‬فهو قضاء حلق املشرتط املتضرر وفيه كفاية وإغناء عن طلب التعويض‬
‫القضائي‪.1‬‬
‫كما يعرف ابختصار أبنه تقدير اتفاقي للتعويض وعلى وجه التفصيل أبنه مبلغ جزايف‬
‫يقدر فيه الطرفان مقدما التعويض الذي يستحق ألحدمها عما يلحقه من ضرر‪ ،‬نتيجة خطأ‬
‫يقرتفه الطرف اآلخر‪.‬كما يعترب اتفاقا يتعلق ابملسؤولية ويفرتض من مثة توافر مجيع عناصرها‬
‫‪،‬ألنه ال يعدو أن يكون استبداال ابلتقدير القضائي للتعويض وتقديرا اتفاقيا له ‪،‬فال يرتتب‬
‫على ذلك أدىن تغيري يف طبيعته القانونية‪.2‬‬
‫اثنيا‪ :‬طبيعته القانونية‬
‫الشرط اجلزائي هو قبل كل شيء اتفاق بني طرفني وهو هبذه الصفة خيضع ملبدأ‬
‫سلطان اإلرادة وتسري عليه أحكام العقود من حيث أركانه وشروطه وآاثره وبوجه خاص من‬
‫حيث اعتبار العقد شريعة املتعاقدين‪ .‬وفوق ذلك اتفاق على تقدير التعويض مببلغ معني‬
‫‪،‬حيث يقوم هذا التقدير مقام تقدير القاضي للتعويض عند عدم االتفاق ‪،‬األمر الذي جيعل‬
‫املبلغ املتفق عليه يف الشرط اجلزائي تعويضا عن عدم التنفيذ ‪،‬أو التأخري فيه ويقتضي ابلتايل‬
‫خضوعه ألحكام التنفيذ مبقابل‪.3‬‬

‫‪ -1‬حممد بن عبد العزيز بن سعد اليمين‪ ،‬الشرط اجلزائي وأثره يف العقود املعاصرة(دراسة فقهية مقارنة)‪ ،‬رسالة دكتوراه يف الدراسات اإلسالمية‬
‫ختصص فقه وأصوله‪ ،‬قسم الثقافة اإلسالمية –كلية الرتبية – جامعة امللك سعود‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬سنة ‪1425‬ه‪،1426-‬‬
‫ص‪.48‬‬
‫‪ -2‬حممود مجال الدين ‪ ،‬مشكالت املسؤولية املدنية ‪،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.188‬‬
‫‪ -3‬سليمان مرقس ‪ ،‬أحكام االلتزام (آاثر االلتزام وأوصافه وانتقاله وانقضاءه)‪،‬دار النشر للجامعات املصرية‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪،1957‬ص‬
‫‪.137‬‬

‫‪387‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫لكن قد تتعارض األحكام املرتتبة على كون الشرط اجلزائي اتفاقا خيضع لشريعة‬
‫املتعاقدين مع األحكام املرتتبة على اعتباره تعويضا‪ ،‬فيخضع لقواعد التنفيذ مبقابل إذ يقتضي‬
‫األمر تغليب إحدى الصفتني على األخرى‪ .1‬و مثال ذلك إذا تفق الشاحن والناقل على‬
‫التزام األخري أبن يدفع لألول مبلغ ‪ 100000‬دينار تعويضا عن عدم تنفيذ التزامه إبيصال‬
‫البضاعة يف الوقت احملدد بصرف النظر عن حصول أي ضرر للشاحن ‪،‬فإن تغليب حكم‬
‫العقد على أحكام التنفيذ مبقابل يؤدي إىل الزام الناقل هبذا الشرط اجلزائي دون تكليف‬
‫الشاحن ابعتباره دائنا إبثبات أهم شروط استحقاق التعويض وفقا للقواعد العامة وهو شرط‬
‫وقوع ضرر له (هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول) جراء عدم تنفيذ الناقل عملية‬
‫النقل ‪.‬‬
‫كما يؤدي ذلك أيضا إىل الزام الناقل ابعتباره مدينا مببلغ ‪100000‬دينار كاملة ولو‬
‫كان الضرر الذي أصاب الشاحن أقل من هذه القيمة ‪،‬أو مل يكن هناك ضرر قد أصابه‬
‫وابلعكس من ذلك فإن تغليب أحكام التنفيذ مبقابل على حكم العقد جييز للقاضي أال‬
‫حيكم ابلشرط اجلزائي مىت مل يلحق الشاحن ضرر من عدم التنفيذ‪ ،‬أو من التأخري يف‬
‫التنفيذ‪.2‬كما جييز له أيضا أن خيفض قيمة الشرط اجلزائي إذا كانت قيمة الضرر الذي وقع‬
‫أقل من القيمة املتفق عليها‪.3‬‬
‫يرى بعض الفقه أبن السري يف هذا االجتاه األخري من شأنه أن يُفقد االتفاق على‬
‫التعويض أمهيته العملية مادام حيول دون خروجه عن حكم القواعد العامة للتنفيذ مبقابل وهذا‬
‫ال يتفق مع اخلدمة احلقيقية اليت يؤديها الشرط اجلزائي يف العمل ‪ .‬لذلك كان من الواجب‬
‫التسليم أبن الشرط اجلزائي ينطوي أيضا على فكرة اثلثة هي فكرة اجلزاء أو العقوبة اخلاصة‬

‫‪ - 1‬سليمان مرقس‪ ،‬أحكام االلتزام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.138‬‬


‫‪ -2‬عز الدين الديناصوري و عبد احلميد الشواريب ‪،‬املسؤولية املدنية يف ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬القاهرة احلديثة للطباعة‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪،1989‬‬
‫ص ‪.1016‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪،‬ص ‪.1014‬‬

‫‪388‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫واملقررة برضا الطرفني ‪،‬إذ أن هذه الفكرة من شأاها أن تسهل التوفيق بني الفكرتني السابقتني‬
‫من حيث إضافة فكرة اجلزاء إىل فكرة التعويض وتسمح أبن تكون قيمة الشرط اجلزائي أكرب‬
‫من قيمة الضرر ‪،‬أو أبن يطبق الشرط اجلزائي دون حاجة إىل اثبات الضرر طاملا أنه مل يثبت‬
‫عدم وقوع ضرر وبذلك يقرتب حكم الشرط اجلزائي من حكم العقد وتسمح ابلقول أبن‬
‫الشرط اجلزائي هو إىل حد كبري شريعة املتعاقدين‪.1‬‬
‫اثلثا‪ :‬خصائص الشرط اجلزائي‬
‫يتبني مما تقدم أن الشرط اجلزائي اتفاق يقصد به اخلروج عن أحكام التقدير القضائي‬
‫للتعويض املستحق عند االخالل بعقد النقل البحري للبضائع ‪،‬ويتميز ابخلصائص اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬الشرط اجلزائي اتفاق عادي‪:‬‬
‫يرتتب على كونه اتفاقا أن تسري عليه مجيع أحكام العقد‪ ،‬من حيث أركانه وشروطه‪،‬‬
‫فريد عليه البطالن وقابلية العقد لإلبطال وفقا للقواعد العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬التزام تبعي‪:‬‬
‫أي أنه اتبع لعقد النقل فهو ليس ابلتزام أصيل ‪،‬أما االلتزام األصيل الذي يتبعه االلتزام‬
‫ابلشرط اجلزائي فهو ما التزم به الناقل أصال من إيصال البضاعة سليمة يف الوقت واملكان‬
‫املتفق عليهما مبقتضى عقد النقل البحري مث يتفق مع الشاحن على مبلغ معني يقدران به‬
‫التعويض عند اخالل الناقل ابلتزامه املذكور‪ .‬ويرتتب على ذلك أن االلتزام الشرطي اتبع‬
‫لاللتزام األصلي أمران‪ :‬األول يتمثل يف أن العربة اباللتزام هو االلتزام ابلناشئ عن عقد النقل‬
‫ال ابلشرط اجلزائي‪ ،‬أما الثاين فيتجسد يف أن بطالن عقد النقل يستتبع الشرط اجلزائي ‪،‬أما‬
‫بطالن الشرط اجلزائي فال يستتبع بطالن عقد النقل‪.2‬‬

‫‪ -1‬مشار إليه لدى سليمان مرقس‪ ،‬أحكام االلتزام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫‪ -2‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين ‪،‬اجلزء الثاين‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 860‬ومايليها‪.‬‬

‫‪389‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫أ‪-‬العربة بعقد النقل ال ابلشرط اجلزائي‪:‬‬


‫ال يستطيع الشاحن أن يطالب الناقل إال بنقل البضاعة إذا كان تنفيذه ممكنا ‪،‬كما ال‬
‫جيوز للناقل أن يعرض على الشاحن إال ذلك ‪،‬بينما يستطيع الناقل أن يطالب ابلشرط‬
‫اجلزائي ويستطيع أيضا الشاحن أن يعرضه على الناقل ‪،‬إذا أصبح تنفيذ عقد النقل مستحيال‬
‫خبطأ من الشاحن ‪ .‬أما إذا كانت االستحالة بسبب أجنيب فنقضي هذا االلتزام وال جيوز‬
‫عندئذ للشاحن املطالبة ابلشرط اجلزائي ‪،‬ألن الشرط اجلزائي ليس إال تقديرا لتعويض مستحق‬
‫و ابلتايل ال يستحق هذا األخري تعويضا ‪.1‬‬
‫بناءا على ذلك فإن الشرط اجلزائي ال يعترب التزاما ختيرياي أو بدليا ‪،‬فهو ليس ابلتزام‬
‫ختيريي ألن الشاحن ال يستطيع أن خيتار بني عقد النقل والشرط اجلزائي فيطلب تنفيذ أيهما‬
‫‪،‬بل هو ال يستطيع إال أن يطالب بتنفيذ عملية النقل إذا كانت ابإلمكان وألن الناقل هو‬
‫اآلخر ال ميلك هذا اخليار بل ال يستطيع إال أن يعرض تنفيذ التزامه ابلنقل ما أمكنه ذلك‪.‬‬
‫والشرط اجلزائي ليس ابلتزام بديل ألن الناقل ال ميكنه أن يعدل عن تنفيذ التزامه بنقل البضائع‬
‫مادام ممكنا وينتقل إىل تنفيذ الشرط اجلزائي كبديل عنه‪. 2‬‬
‫ب‪ -‬بطالن عقد النقل يستتبع الشرط اجلزائي‪:‬‬
‫يرتتب على تبعية الشرط اجلزائي لعقد النقل أنه إذا نشأ هذا العقد ابطال أو قضي‬
‫ببطالنه استلزم ذلك بطالن الشرط اجلزائي‪ ،‬لكن العكس غري صحيح ‪.‬كما أنه إذا انفسخ‬
‫عقد النقل والذي تضمن شرطا فاسخا أو فسخ سقط االلتزام األصلي وهو االلتزام ابلنقل‬
‫ويلحقه الشرط اجلزائي ويقتصر سند القانوين للشاحن يف املطالبة ابلتعويض‪ ،‬وفقا للقواعد‬
‫العامة وعلى أساس املسؤولية التقصريية دون نظر ملا كان يتضمنه العقد من شرط جزائي‪.‬‬

‫‪ -1‬عز الدين الديناصوري و عبد احلميد الشواريب ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1015‬‬
‫‪ -2‬عبد املنعم حسين‪ ،‬املوجز يف النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬ملحق العدديني الثالث والرابع‪ ،‬دار الطباعة احلديثة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪،1999‬‬
‫ص‪.163‬‬

‫‪390‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪1‬‬
‫لذلك إذا استحال على الناقل تنفيذ التزاماته لغري سبب أجنيب مل ينفسخ العقد‬
‫ويكون للشاحن اخليار أن يطلب التنفيذ مبقابل أي التعويض فيعمل ابلشرط اجلزائي وبني أن‬
‫يطلب الفسخ مع التعويض ويف هذه احلالة ال يعمل ابلشرط اجلزائي‪. 2‬‬
‫يف هذا الشأن قضت حمكمة النقض املصرية‪ 3‬أبن‪ ":‬الشرط اجلزائي وعلى ما جرى به‬
‫قضاء هذه احملكمة التزام اتبع لاللتزام األصلي إذ هو اتفاق على جزاء االخالل هبذا االلتزام‬
‫‪،‬فإذا سقط االلتزام األصلي فُسخ العقد وسقط معه الشرط اجلزائي‪ .‬وال يعتد ابلتعويض‬
‫املقدر مبقتضاه‪ ،‬فإن استحق تعويض للدائن توىل القاضي بتقديره وفقا للقواعد العامة‪ ،‬اليت‬
‫جتعل عبء اثبات الضرر وحتققه ومقداره على عاتق الدائن"‪.‬‬
‫‪-3‬الشرط اجلزائي اتفاق سابق على اإلخالل بعقد النقل‬
‫ينتج عن أسبقية الشرط اجلزائي على اإلخالل بعقد النقل أنه إذا مت االتفاق على تقدير‬
‫التعويض بعد حصول الضرر فإن هذا االتفاق يعترب صلحا وتطبق عليه أحكام الصلح ال‬
‫أحكام الشرط اجلزائي‪.4‬‬
‫‪ -4‬خروجه على القواعد العامة‬
‫يرتتب على كونه اتفاقا خيرج ابلتعويض عن حكم التقدير القضائي أن نصوصه تعترب‬
‫مبثابة نصوص استثنائية جيب تفسريها بدقة أي بدون توسع‪.5‬‬

‫‪ -1‬شريف أمحد الطباخ ‪ ،‬املسؤولية املدنية (التقصريية والعقدية )‪ ،‬اجلزء الرابع‪ ،‬دار الفكر والقانون ابملنصورة ‪،‬مصر‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬ص‬
‫‪.28‬‬
‫‪ -2‬حممد كمال عبد العزيز‪ ،‬التقنني املدين يف ضوء القضاء والفقه ‪،‬اجلزء األول يف االلتزامات‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬مؤسسة روز اليوسف‪،‬‬
‫‪،‬مصر‪،‬سنة‪،1981‬ص ‪.819‬‬
‫‪ -3‬طعن مدين مصري صادر بتاريخ ‪ ،1978 /4/18‬رقم ‪ 663‬لسنة‪ 44‬ق‪ ،‬طعن رقم ‪ 3647‬لسنة ‪70‬ق بتاريخ‬
‫‪: 2001/12/11‬سعيد أمحد شعلة ‪،‬قضاء النقض املدين يف املسؤولية والتعويض(جمموعة القواعد القانونية اليت قررهتا حمكمة النقض يف‬
‫خالل اثنني وسبعني عاما ‪1931‬إىل‪،2003‬توزيع منشأة املعارف ‪،‬سنة ‪،2003‬ص‪،384‬ص‪.391‬‬
‫‪ - 4‬سليمان مرقس‪ ،‬أحكام االلتزام‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.140‬‬
‫‪- - 5‬املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪391‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫رابعا‪ :‬شروط استحقاق الشرط اجلزائي‬


‫إذا كان الشرط اجلزائي اتفاقا على تقدير التعويض فإنه ليس سببا الستحقاقه ومن مث ال‬
‫يستحق املبلغ املعني فيه إال إذا توافرت شروط استحقاق التعويض ‪،‬ألن الشرط اجلزائي ليس‬
‫إال تقديرا للتعويض ‪،‬أو يف عبارة واضحة حتديدا لقدره بعد نشوء احلق فيه‪ .‬وعلى ذلك ال‬
‫يعمل ابلشرط إذا مل يثبت خطأ من طرف الناقل و ضرر من جانب الشاحن وعالقة سببية‬
‫ما بني اخلطأ والضرر ويتعني أخريا الستحقاقه إعذار الناقل‪ .1‬ومع وضوح هذه املبادئ أيخذ‬
‫القضاء الفرنسي ابلشرط اجلزائي ويعمل حكمه بني طرفيه ولو مل يلحق الشاحن ضرر ابعتباره‬
‫دائنا نتيجة إلخالل الناقل ابلتزامه يف نقل البضائع على النحو املتفق عليه ‪،‬أتسيسا على‬
‫إرادة املتعاقدين اللذان أرادا إبدراج الشرط اجلزائي إلزام الناقل يف كل األحوال ‪،‬مبجرد عدم‬
‫تنفيذه للعقد بدفع مبلغ حمدد فيه‪.2‬‬
‫أما املشرع اجلزائري‪ 3‬فقد ختلى عن الفكرة العقابية للشرط اجلزائي وأخذ بفكرة اصالح‬
‫الضرر‪ ،‬فلم يستلزم وقوع ضرر للمدين وبناءا عليه فال يؤدي جمرد عدم تنفيذ الناقل اللتزاماته‬
‫مبوجب عقد النقل إىل تطبيق الشرط اجلزائي تلقائيا ‪،‬بل يتعني لتطبيقه أن يلحق الشاحن‬
‫ضرر كهالك البضاعة أو تلفها أو فوات صفقة بيعها من جراء أتخريها يف الوصول للميناء‬
‫املتفق عليه‪ ،‬ألن الشرط اجلزائي ال ينتج أثره إال إذا ثبت الضرر ومن مث يصبح بدون أساس‬
‫إذا مل يلحق الشاحن شيئا منه‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬التمييز بني التعويض الكامل االتفاقي و الشرط اجلزائي‬
‫يبدوا من الوهلة األوىل أن هناك تقاراب بني التعويض الكامل االتفاقي والشرط اجلزائي‬
‫ابعتبارمها اتفاقا مسبقا على تقدير التعويض‪ ،‬الذي يستحقه الشاحن يف حالة عدم تنفيذ‬
‫عقد النقل وذلك إبيصال البضاعة سليمة ‪،‬كاملة العدد إىل امليناء املتفق عليه و يف الوقت‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين ‪،‬اجلزء الثاين‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.855‬‬
‫‪ -2‬حممود مجال الدين زكي‪ ،‬نظرية االلتزام يف القانون املدين املصري‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪،1974‬ص‪.32‬‬
‫‪ -‬املادة ‪ 1/184‬من القانون املدين اجلزائري‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪392‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫املناسب‪ .‬ومع هذا ال ميكننا القول أباهما متطابقان يف املعىن ‪،‬حيث يوجد بينهما اختالف‬
‫وهذا ما يستشف من الفروق اليت متيز بني التعويض الكامل االتفاقي وفكرة الشرط اجلزائي‪1‬و‬
‫هي تتمثل يف ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬القيمة املتفق عليها يف التعويض الكامل االتفاقي ال بد من أن تكون مطابقة للقيمة‬
‫احلقيقية للبضاعة حمل عقد النقل البحري ‪،‬بينما يكون للمتعاقدين يف حالة الشرط اجلزائي‬
‫احلق يف االتفاق على مبلغ أكرب من الضرر الذي يتوقعانه ‪،‬أي أكرب من القيمة احلقيقية‬
‫للبضاعة‪ .‬ويعترب الشرط اجلزائي يف مثل هذه احلالة مبثابة هتديد مايل لتنفيذ عقد النقل‬
‫البحري‪ ،‬فضال عن ذلك أن تقدير التعويض يف حالة الشرط اجلزائي يتم بطريقة جزافية ‪،‬بينما‬
‫يف التعويض الكامل االتفاقي يقوم على أسس اثبتة إذ يقوم الشاحن بتقومي بضاعته على‬
‫أساس سعر السوق يف ميناء الوصول‪.2‬‬
‫كما أن الصفة التهديدية اليت تقرتن ابلشرط اجلزائي هي ليست سوى أثر عارض له‬
‫ال ميس جبوهره وال يغري من طبيعته ‪،‬ألنه يف قوامه تقدير اتفاقي للتعويض عن عدم تنفيذ‬
‫التزام معني ‪،‬أو عن عيب يف تنفيذه‪ ،‬أو عن أتخري يف تنفيذه أو عدم فسخ العقد لعدم‬
‫تنفيذه ‪ .‬لكنه خيضع لقاعدة التفسري الضيق فإذا اشرتط عن االخالل ابلتزام معني ‪،‬أو نوع‬
‫معني من اإلخالل به ‪،‬أو نوع خاص من الضرر ‪،‬بقيت االلتزامات أو األنواع األخرى من‬
‫اإلخالل ‪،‬أو من األضرار مبنأى عن نطاقه وختضع يف تقدير التعويض عنها للقواعد العامة‪.3‬‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.505‬‬


‫‪ -‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.506‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬حممود مجال الدين ‪ ،‬مشكالت املسؤولية املدنية ‪،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.190‬‬

‫‪393‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫‪ -2‬وجود سلطة للقاضي يف ختفيض الشرط اجلزائي إذا أثبت الناقل أن تقدير التعويض كان‬
‫مبالغا فيه بدرجة كبرية‪،1‬أو أن عقد النقل قد نفذ جزءا منه كأن سلم هذا األخري بعض‬
‫البضاعة اليت التزم بتسليمها ويكون ختفيض مبلغ التعويض‪ 2‬احملدد يف الشرط اجلزائي وفقا‬
‫للفقه الفرنسي بنسبة الفرق بني الفائدة اليت جناها الشاحن من التنفيذ اجلزئي والفائدة اليت‬
‫كان سيجنيها من التنفيذ الكلي ولو كان الضرر الذي حلق املضرور يقل يف احلقيقة عنه‪.3‬‬
‫و ال حيكم القاضي هبذه القيمة إال إذا أثبت الشاحن أن الناقل قد ارتكب غشا أو‬
‫خطأً جسيما حسب ما جاء يف املادة ‪ 185‬ق م ج‪ .‬وهو ما ينعدم يف التعويض الكامل‬
‫االتفاقي إذ جيب على القاضي تطبيق قاعدة النسبية وال يوجد هناك ما يدعوه إىل خفض‬
‫مبلغ التعويض أي ال ميكن أن حيصل الشاحن أو املرسل إليه إال على تعويض مساوي للضرر‬
‫الذي يصيب البضاعة‪ .‬و مثاله أن شاحن اتفق مع انقل على أن يكون مبلغ التعويض يف‬
‫حالة اهلالك أو التلف الطرد أو الوحدة من البضاعة ب‪ 10000‬دينار جزائري وهي قيمته‬
‫احلقيقية‪ ،‬فإذا تلفت البضاعة بنسبة ‪ %70‬فإن التعويض سوف حيسب وفق قيمة الضرر ‪،‬‬
‫أي ال يلزم الناقل يف هذه املثال إال بدفع ‪ 7000‬دينار جزائري وابلتايل فإن القاضي ال‬
‫ينبغي له إال أن حيكم هبذا املبلغ‪.‬‬

‫‪ -1‬مىت كان تقدير التعويض يف الشرط اجلزائي مفرطا فيه إىل درجة كبرية والفرض يف هذه احلالة أن الناقل مل يقم بتنفيذ عملية النقل أصال‬
‫أو أتخر يف ايصال البضائع مدة استحق من أجلها التعويض املنصوص عليه يف الشرط ‪،‬ألن الشرط اجلزائي املبالغ فيه هو مبثابة عقوبة‬
‫فرضها الشاحن على الناقل ومن مث يكون هذا الشرط ابطال ويتدخل القاضي بتقدير التعويض وفقا للقواعد العامة ‪،‬كما أنه ليس سببا يف‬
‫استحقاق التعويض بل هو قاصر على تقديره مقدما وفقا ملا كان ظاهرا وقت االتفاق بني الطرفني من اعتبارات وظروف ‪،‬فإذا اتضح بعد‬
‫ذلك أن الضرر الذي وقع مل يكن ابلقدر الذي توقعه الطرفان قبل وقوعه وأن تقديرمها للتعويض عنه كان مبالغا فيه ‪،‬فإن األمر ال خيلو‬
‫عندئذ من غلط يف التقدير وقع فيه املتعاقدان أو ضغط وقع على الناقل فقبل شرطا يعلم مقدما أنه جمحف ويف احلالتني يكون الواجب‬
‫ختفيض الشرط اجلزائي إىل احلد الذي يتناسب مع الضرر إال أنه رغم ذلك ال تزال فائدته حمققة للشاحن من وجوه ثالث‪–1:‬جيعل الضرر‬
‫مفروضا ال يكلف الشاحن إبثباته ‪،‬فإذا ادعى الناقل أن الشاحن مل يلحقه ضرر فعليه يقع عبء االثبات ‪-2،‬يضع قرينة على أن تقدير‬
‫التعويض املتفق عليه مساو للضرر ‪،‬فإذا ادعى الناقل أنه مبالغ فيه كان عليه عبء اثبات ذلك ‪-3،‬يف حالة ما إذا أخفق هذا األخري يف‬
‫اث بات أن التقدير مبالغ فيه إىل حد كبري ‪،‬فال جيوز للقاضي يف هذه احلالة ختفيض الشرط اجلزائي حىت ولو زاد التقدير الوارد فيه على الضرر‬
‫زايدة كبرية ‪،‬وحىت إذا استطاع اثبات ذلك وخفض القاضي الشرط اجلزائي ‪،‬فإن التخفيض يكون إىل حد يتناسب مع الضرر وال يتحتم أن‬
‫يكون مساواي للضرر‪ :‬عز الدين الديناصوري و عبد احلميد الشواريب ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1014‬‬
‫‪ -‬املادة ‪ 2/184‬ق م ج‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬مشار إليه لدى حممود مجال الدين زكي‪،‬نظرية االلتزام يف القانون املدين املصري ‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.36‬‬

‫‪394‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫‪-3‬عندما يبطل الشرط اجلزائي وكذلك هو احلال إذا اختار الشاحن عند اخالل الناقل‬
‫ابلتزامه األصلي يف إيصال البضاعة فسخ عقد النقل بدال من املطالبة بتنفيذ الشرط اجلزائي‪،‬‬
‫سقط االلتزام ابلنقل مبجرد فسخ العقد وسقط معه الشرط اجلزائي‪ .‬وحيق للشاحن املضرور‬
‫أن يطالب يف حاليت بطالن الشرط اجلزائي و فسخه ابلتعويضات املعادلة للضرر احلاصل‬
‫وفقا للقواعد العامة يف التعويض‪.1‬‬
‫بناءا على ذلك حيصل املضرور على ما حلقه من خسارة وما فاته من كسب ‪،‬بينما‬
‫يف حالة بطالن االتفاق على التعويض الكامل أو فسخه فإن االتفاق ال يكون انفذا و‬
‫يصبح غري ذي أثر‪ .‬و ابلتايل حيسب التعويض وفق نظام احلد األقصى للتعويض‪ ،‬املقرر يف‬
‫االتفاقية الواجبة التطبيق و هو ‪ 100‬جنيه إسرتليين طبقا ملعاهدة بروكسل‪.‬‬
‫أما إذا كانت معاهدة هامبورغ هي واجبة التطبيق على النزاع فعلى القاضي أن حيكم‬
‫ابلتعويض على أساس‪ 835‬وحدة حق سحب خاص‪ ،‬عن كل طرد ‪،‬أو وحدة شحن ‪،‬أو‬
‫‪ 2.5‬وحدة عن الكيلوغرام من البضاعة اهلالكة أو التالفة‪ ،‬أو مثلني ونصف لألجرة‬
‫املستحقة عن البضاعة اليت حلقها التأخري‪. 2‬لكن عند تطبيق قواعد روتردام فيختلف األمر إذ‬
‫جيب احلكم للمضرور بتعويض ال يتجاوز ‪ 875‬وحدة حق سحب خاص عن كل رزمة أو‬
‫وحدة شحن أو‪ 3‬وحدات عن كل كيلوغرام من الوزن االمجايل للبضاعة موضوع املطالبة أو‬
‫النزاع‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد املنعم حسين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.163‬‬


‫‪ -2‬هو نفس مقدار احلد األقصى للتعويض املقرر حلالة أتخري البضائع يف الوصول الذي جاءت به قواعد روتردام‪.‬‬

‫‪395‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫مزاا االتفاق على التعويض الكامل و شروطه صحته‬
‫يتمتع هبا االتفاق على التعويض الكامل أبمهية ابلغة ابلنسبة للشاحن و املرسل إليه مما‬
‫يدفعنا ذلك إىل تسليط الضوء على مزااي هذا االتفاق (أوال)‪ ،‬مث التطرق لشروط صحته‬
‫(اثنيا)‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫مزاا االتفاق على التعويض الكامل‬
‫يعترب االتفاق الذي يربمه الشاحن مع الناقل على تعويض كامل ذو مزااي عديدة إذ‬
‫سيحصل على إثره الشاحن على مبلغ يتعادل مع قيمة اهلالك أو التلف الذي يلحق‬
‫ابلبضاعة ‪ ،‬لذلك كثريا ما يلجأ املتعاقدان إليه وهو شرط متداول يف عقود املقاولة وعقود‬
‫التوريد وعقود النقل‪ .1‬وابألخص يف النقل البحري للبضائع ‪،‬نظرا لوجود نظام احلد األقصى‬
‫ملسؤولية الناقل والذي يقف أمام الشاحن كعائق مينع حصوله على تعويض كامل يتناسب مع‬
‫القيمة احلقيقية للبضاعة حمل عقد النقل يف أحكام هامبورغ يف كل األحوال ما عدا يف حالة‬
‫هالك البضاعة و تلفها بسبب تصرف الناقل الذي أيخذ وصف سوء السلوك العمدي ‪.‬‬
‫أما يف اتفاقية بروكسل فيتسع التعويض الكامل القانوين ليشمل حالة بيان قيمة‬
‫البضاعة وجنسها ‪،‬كما أن قواعد روتردام اشرتطت من أجل ذلك بيان قيمة البضاعة فقط‬
‫‪،‬لكن الشاحن قد ال يستطيع التصريح بقيمة البضاعة وجنسها ألسباب مالية ‪،‬أو هتراب من‬
‫مبالغ الرسوم اجلمركية‪ ،‬اليت تزيد مع ارتفاع مثن البضاعة ‪،‬أو خوفا من السرقة يف حالة ما إذا‬
‫كانت هذه املمتلكات مثينة كسبائك من الذهب وغريها‪.‬‬
‫مهما كانت املعاهدة املطبقة على عقد النقل البحري‪ ،‬فإنه من مصلحة الشاحن‬
‫احلصول على موافقة الناقل املسبقة ابالتفاق معه على تعويض كامل عند هالك بضاعته أو‬

‫‪ -1‬سليمان مرقس‪،‬أحكام اإللتزام ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.136‬‬

‫‪396‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫تلفها أو أتخريها يف التسليم وهو ما جتيزه االتفاقيات الدولية املذكورة كلها وتتعدد مزااي‬
‫التعويض الكامل اإلتفاقي إمجاال فيما يلي‪:1‬‬
‫‪ -1‬إذا كانت الطريقة املثلى يف توحيد القانون البحري تكمن يف توحيد التشريعات الوطنية‬
‫وذلك بعقد معاهدات دولية تتضمن قانوان موحدا حيل حمل التشريع الدويل‪، 2‬غري أن هذا ال‬
‫يكون له أي فعالية إذا مل تتوحد التطبيقات القضائية‪ .‬وهو ما يتحقق يف االتفاق على‬
‫التعويض الكامل‪،‬إذ يف وجوده ال يكون هناك أي تباين ألحكام التعويض‪ ،‬ألن لب‬
‫االتفاقيات الدولية وجوهرها هو تقرير التعويض العادل عند تسوية املنازعات اليت تنشأ بني‬
‫الناقلني والشاحنني‪ .‬لذلك فإن االتفاق على التعويض الكامل يساهم يف توحيد االختالف‬
‫بني أحكام التعويض املرتتبة عن نفس الفعل املرتكب من الناقلني يف دول خمتلفة ‪.‬‬
‫‪-2‬يصبح الناقل مبقتضى هذا االتفاق أكثر اهتماما ابلبضاعة أثناء الشحن والتفريغ ‪،‬أي أن‬
‫الناقل سيتخذ كل االحتياطات الالزمة لوصول البضاعة سليمة ‪،‬حىت ال يضطر إىل دفع‬
‫تعويض ٍ‬
‫معادل للقيمة احلقيقية للبضاعة‪.‬‬
‫‪-3‬الشاحن وحده من يستطيع تقومي بضاعته ‪،‬فإذا صدر منه اجياب وكان مطابقا للحقيقة‬
‫وقبل الناقل بذلك أصبح هذا التقومي هو التعويض األمثل ‪،‬حيث حيصل الشاحن على‬
‫التعويض الكامل املعادل للضرر الذي حيدث ‪ .‬فضال على ذلك أن االتفاق يضمن للشاحن‬
‫عدم اختالل ذمته املالية نتيجة هالك البضاعة أو تلفها‪ ،‬فهو إما أن حيصل على تعويض‬
‫كامل‪ ،‬أو أن تصل البضاعة سليمة إىل ميناء الوصول فيوفر عليه ذلك الكثري من الوقت‬
‫واملال عند رجوعه على الناقل للمطالبة ابلتعويض عن الضرر‪ ،‬الذي أصابه من جراء هالك‬
‫البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول‪.‬‬

‫‪ -1‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 499‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ -2‬مصطفى كمال طه ‪،‬التوحيد الدويل للقانون البحري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.9‬‬

‫‪397‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪-3‬االتفاق على التعويض الكامل يقلل إىل حد كبري املنازعات اليت ميكن أن تثور بشأن ركن‬
‫الضرر من حيث وقوعه أو عدمه ومن حيث اعتبار الضرر مباشرا أو غري مباشر ‪،‬متوقعا أو‬
‫غري متوقع ومن حيث قيمته‪ .‬ألنه يتضمن تسليما من الناقل أبن اخالله ابلتزامه يرتب عليه‬
‫ضرر للشاحن مما يستوجب دفع التعويض املتفق عليه‪ ،‬فيخفف ذلك من عبء االثبات عن‬
‫الشاحن ويسهل مهمة القضاة يف تقدير التعويض‪. 1‬كما يقضي على كل شبهة يف خطأ من‬
‫القاضي حول تقدير التعويض الكامل للضرر الذي حيدث‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫الشروط الالزمة لصحة االتفاق على التعويض الكامل‬
‫هناك مجلة من الشروط اليت جيب توافرها يف االتفاق املربم بني الناقل والشاحن بشأن‬
‫التعويض الكامل وهي كما يلي‪:2‬‬
‫أ‪-‬أن تنعقد مسؤولية الناقل البحري الدويل عن حالة اهلالك أو التلف أو التأخري‪،‬طبقا‬
‫لالتفاقيات الدولية (بروكسل‪ ،‬هامبورغ ‪،‬روتردام) وبناءا عليه إذا مل يكن هناك ضرر فال تنعقد‬
‫املسؤولية ومن مث ال يلزم الناقل البحري بدفع أي تعويض‪ .‬ومثال ذلك ‪ :‬أن شاحن جزائري‬
‫أبرم عقد نقل مع انقل إيطايل على نقل ‪ 500‬صندوق من السكر من ميناء ايطاليا إىل‬
‫ميناء اجلزائر‪ .‬ومت االتفاق على ميعاد معني للتسليم يف ميناء اجلزائر ‪،‬على أن يكون التعويض‬
‫يف حالة التأخري هو جرب الضرر كامال ‪،‬مث حدث أتخري يف تسليم البضاعة وابلفحص‬
‫والتحليل اتضح أنه مل يرتتب على التأخري أي ضرر للشاحن ‪،‬يف هذه احلالة ال تنعقد‬
‫املسؤولية ومن مث ال يلزم الناقل بدفع أي تعويض لعدم وجود ضرر الحق ابلشاحن ‪.‬‬
‫ب‪-‬أال يقع غلط أو تدليس أثناء االتفاق املربم بني الناقل والشاحن والذي مبقتضاه حيصل‬
‫الشاحن على تعويض معادل للضرر‪ ،‬الذي حيدث للبضاعة الواجب نقلها مبقتضى عقد‬

‫‪ -1‬سليمان مرقس‪،‬أحكام اإللتزام ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.136‬‬


‫‪ -2‬حممد عبد احلميد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.500‬‬

‫‪398‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫النقل البحري ‪،‬فإذا متسك الناقل إببطال عقد النقل على أساس الغلط أو التدليس ففي هذه‬
‫احلالة يبطل العقد ويصبح كأن مل يكن‪ .‬وابلتايل إذا مل يكن هناك اتفاق على استبعاد احلد‬
‫األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املواد ‪ 5/4‬من معاهدة بروكسل ‪ 1/6،‬من اتفاقية‬
‫هامبورغ واملادة ‪ 59‬من قواعد روتردام فال مناص من تطبيق هذا احلد القانوين ‪.‬‬
‫ج‪ -‬أال يتنازل الشاحن للناقل عن حقه يف الرجوع على شركة التأمني ‪،‬يف حالة ما إذا كان‬
‫املؤمن على بضاعته أو أي شرط مماثل من شأنه حصول املضرور على التعويض من غري ذمة‬
‫الناقل املالية ‪،‬فمثل هذا الشرط يفضي إىل عدم حتمل الناقل املسؤولية عن هالك أو تلف‬
‫البضائع و يكون على حساب من قام بتعويض املضرور والذي حيرم الشاحن من الرجوع‬
‫على الناقل البحري ابملسؤولية‪.1‬‬
‫بناءا على هذا إذا وافق الناقل على ابرام اتفاق يزيد عن مقدار احلد األقصى‬
‫للتعويض املذكور يف االتفاقيات الدولية الثالث يف نظري أن يتنازل الشاحن للناقل عن‬
‫التعويض‪ ،‬الذي تدفعه شركة التأمني يف حالة هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول‬
‫إىل املرسل إليه فإن هذا االتفاق هو ابطل‪، 2‬ألنه يؤدي إىل إعفاء الناقل البحري من دفع‬
‫تعويض بطريق غري مباشر وإذا أبطل االتفاق اعترب كأن مل يكن‪ .‬ومن مث ينطبق احلد األقصى‬
‫للتعويض الوارد ابالتفاقيات الدولية املذكورة ‪ ،‬نظرا لعدم وجود اتفاق على استبعاده من قبل‬
‫املتعاقدين‪.3‬‬
‫د‪-‬جيب أن تفوق القيمة املتفق عليها مقدار احلد األقصى للتعويض الوارد يف املادة ‪ 5/4‬من‬
‫اتفاقية بروكسل ‪،‬املادة ‪ 1/6‬من معاهدة هامبورغ و املادتني ‪ 60، 59‬من قواعد روتردام‪.‬‬
‫وعلة ذلك أن اتفاق الناقل والشاحن على تعويض أقل من مقدار احلد األقصى يدخل ضمن‬

‫‪ -1‬عاطف حممد الفقي ‪،‬قانون التجارة البحرية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ،346‬وجدي حاطوم ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.197‬‬
‫‪ -2‬طبقا للمواد‪ 8/3 :‬من معاهدة بروكسل ‪،‬املادة ‪ 23‬من اتفاقية هامبورغ واملادة ‪ 79‬من اتفاقية روتردام‪.‬‬
‫‪ -3‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪116‬وما يليها‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫االتفاقات الباطلة وعلة البطالن يف هذه أن احلالة احلد األقصى للتعويض يعترب نوعا من‬
‫احلماية القانونية للشاحن ‪.‬‬
‫لذلك ال ميكن هلذا األخري أن يتنازل عما قررته االتفاقيات من محاية قانونية مبحض‬
‫ارادته وعلى العكس ابلنسبة للناقل إذ يعترب احلد األقصى للتعويض ميزة له وكل ميزة جيوز‬
‫التنازل عنها‪.1‬و هذا البطالن بال شك يقضي على احلاالت اليت يستغل الناقل فيها حاجة‬
‫الشاحن إىل النقل ويفرض عليه مبالغ ال تتطابق مع القيمة احلقيقية للبضاعة حمل عقد النقل‬
‫البحري‪.‬‬
‫ه‪-‬يف حالة اهلالك الكلي جيب أن يكون مقدار التعويض املتفق عليه معادال للقيمة احلقيقية‬
‫للبضاعة ‪،‬فإذا كانت القيمة املتفق عليها أقل من القيمة من احلقيقية وأكرب من مقدار احلد‬
‫األقصى للتعويض املنصوص عليه يف االتفاقيات الدولية(بروكسل ‪،‬هامبورغ ‪،‬روتردام)‪،‬فإن‬
‫الشاحن ال يستحق سوى املبلغ املتفق عليه ‪،‬أما إذا كان املتفق عليه أقل من القيمة احلقيقية‬
‫للبضاعة ‪،‬فإن الشاحن يف هذه حلالة مل حيصل على تعويض معادل للضرر الذي حدث‪.‬‬
‫من أجل تبسيط هذه الفكرة أكثر نقدم املثال التايل ‪:‬أُبرم عقد نقل بني شاحن‬
‫جزائري وانقل اجنليزي على نقل ‪ 5000‬طرد من احلليب اجملفف من ميناء مرسيليا إىل ميناء‬
‫اجلزائر العاصمة ‪،‬مث اتفق الطرفان على أن يكون مقدار التعويض ‪ 100‬جنيه اسرتليين‪ 2‬يف‬
‫حالة هالك الطرد الواحد أو تلفه ‪،‬يف حني أن القيمة احلقيقية للطرد الواحد ‪ 125‬جنيه‬
‫اسرتليين وعند وصول البضاعة اتضح أن هناك هالكا ل‪ 500‬طرد من جممل البضاعة‬

‫‪ -1‬يكون الناقل يف مركز قوي ابلنسبة للشاحن وال حيتاج هذه احلماية اليت حيتاجها هذا األخري ‪،‬لذلك تعترب القواعد اليت قررهتا املعاهدات‬
‫الثالث (بروكسل ‪،‬هامبورغ ‪،‬روتردام) احلد األدىن ملسؤولية الناقل البحري ‪،‬كما تسمح للناقل أن يتنازل عن حقوقه واالعفاءات املخولة له‬
‫‪،‬أو أن يزيد يف مسؤولياته والتزاماته ‪،‬فاملعاهدات ال هتتم سوى إببطال شروط االعفاء من املسؤولية أو ابلشروط اليت تنزل مبسؤولية الناقل‬
‫عن احلد الذي قررته ‪،‬أما غري ذلك من الشروط اليت تتضمن تشديد مسؤولية الناقل أو زايدة أعبائه فال اختالف حول صحتها ‪:‬علي حسن‬
‫يونس ‪،‬عقد النقل ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪338‬وما يليها‪ ،‬حمسن شفيق ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ -2‬طبقا للمادة ‪ 5/4‬من معاهدة بروكسل ابعتبارها التشريع الدويل الواجب على القاضي اجلزائري تطبيقه على النزاع(بسبب انضمام اجلزائر‬
‫هلذه املعاهدة)‪.‬‬

‫‪400‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫فطالب الشاحن اجلزائري الناقل الفرنسي ابلتعويض عن الطرود اهلالكة‪ ،‬والسؤال الذي يطرح‬
‫هنا كيف يتم احتساب التعويض؟‬
‫يف هذه احلالة يتم تقدير التعويض على أساس ‪50000= 5000.100‬جنيه‬
‫واحلكمة من ذلك أن الناقل ملزم بدفع القيمة املتفق عليها مع الشاحن ‪،‬كما ال جيوز‬
‫للشاحن أن يطالب أبكثر من القيمة املتفق عليها مع الناقل‪ .‬وإذا كان احلال كذلك فإن‬
‫الشاحن اجلزائري مل حيصل على تعويض معادل للضرر الذي حدث ‪،‬حيث أنه حصل على‬
‫تعويض يقدر ب ‪100‬جنيه اسرتليين ‪،‬يف حني القيمة احلقيقية للبضاعة للطرد الواحد وهي‬
‫‪ 120‬جنيه‪.‬‬
‫لكن قد يستحق الشاحن تعويضا كامال مطابقا للضرر الذي يلحق ابلبضاعة عندما‬
‫يرتكب الناقل فعال يدخل حتت فكرة سوء السلوك العمدي واملكونة من العمد وعدم‬
‫االكرتاث وابلتايل يف هذه احلالة على القاضي أن حيكم مببلغ يساوي القيمة احلقيقية ‪،‬وفقا‬
‫ملبلغ ‪ 120‬جنيه إسرتليين للطرد الواحد ‪.‬أما ما يصدر عن مستخدمي الناقل أو وكالئه من‬
‫أفعال فإنه ال حيول دون دفع الناقل املبلغ املتفق عليه وهو ‪ 100‬جنيه ولو بلغت تلك‬
‫األفعال مرتبة الغش أو عدم االكرتاث‪.1‬‬
‫خالصة القول أن كل الشروط املذكورة أعاله جيب أن تتوافر جمتمعة يف االتفاق الذي‬
‫يربم بني طريف عقد النقل حىت حيصل الشاحن على تعويض كامل‪ ،‬مطابق لقيمة الضرر الذي‬
‫يكمن يف هالك البضاعة أو تلفها أو ما ينجم عن أتخريها يف التسليم إىل املرسل إليه‪.‬‬
‫ويتطلب احلصول على التعويض عموما اتباع بعض اإلجراءات الشكلية اخلاصة برفع الدعوى‬
‫هبا ضد الناقل ابعتباره املسؤول األول عما يلحق البضائع اليت تعهد بنقلها حىت تقبل هذه‬
‫الدعوى املرفوعة أمام القاضي املختص بفض النزاع‪ ،‬إذا جلأ طرفا عقد النقل البحري إىل‬

‫‪ -1‬كمال محدي ‪،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ‪( 1978‬قواعد هامبورغ)‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.124‬‬

‫‪401‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫القضاء كطريق أصيل لتسوية املنازعات البحرية‪ .‬وكذلك إذا اختارا التحكيم البحري كبديل‬
‫آخر للفصل يف املنازعات ابحلدود اليت رمستها االتفاقيات البحرية الدولية ‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪:‬‬
‫تسوية منازعات التعويض ضد الناقل البحري‬
‫يقصد بدعوى التعويض املرفوعة ضد الناقل البحري دعوى املسؤولية املرفوعة على هذا‬
‫األخري‪ ،‬عن األضرار الالحقة ابلبضائع أثناء تنفيذ عقد النقل البحري ‪.‬كما اختلفت‬
‫االتفاقيات البحرية الدولية (بروكسل ‪،‬هامبورغ ‪،‬روتردام) حول حتديد األضرار احلاصلة يف‬
‫املرحلة البحرية احملضة عن ما خيرج عن نطاقها ‪،‬حيث اقتصرت اتفاقية بروكسل كما سلف‬
‫و اليت تبدأ من شحن البضاعة إىل‬ ‫‪La partie maritime‬‬ ‫ذكره على املرحلة البحرية فقط‬
‫تفريغها ‪.‬‬
‫لقد كانت املعاهدة حمل انتقاد الفقه يف هذا الشأن بسبب القصور يف توفري احلماية‬
‫للشاحن الذي كان واضحا على نصوص املعاهدة‪ .1‬و هذا خالفا اتفاقييت هامبورغ وروتردام‬
‫اللتان قامتا بتوسيع تلك املرحلة وجعلها تبدأ منذ استالم الناقل البضاعة إىل غاية تسليمها‬
‫إىل صاحبها يف امليناء املتفق عليه‪ ،‬فتضل رحلة البضائع مابني اإلستالم والتسليم طويلة‬
‫الوصول‪.‬‬ ‫وحمفوفة ابملخاطر البحرية مما قد يعرضها للهالك والتلف أو التأخري يف‬
‫فإذا مل تصل البضائع إىل امليناء املتفق عليه سليمة وكاملة العدد‪ ،‬عندئذ يقتضي األمر‬
‫من املضرور املطالبة ابلتعويض عما حلق بضاعته من هالك أو تلف أو ضرر انجم عن‬
‫أتخريها يف الوصول‪ ،‬عن طريق خيارين و يشكل القضاء أحدها ‪،‬لكن هذا اخليار يبقى‬
‫األقل نصيبا يف العالقات التجارية الدولية ‪،‬نظرا ألن إجراءات التقاضي فيه تكون‬

‫‪1‬‬
‫‪- Francis Sauvage, Manuel pratique du transport des marchandises par mer ,‬‬
‫‪op.cit,p129.‬‬
‫‪402‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫علنية‪1‬وتستغرق وقتا طويال ‪،‬كما تعتمد نتائجه يف كثري من األحيان على اعتبارات قانونية‬
‫وليس على اعتبارات الواقع العملي‪.2‬‬
‫ألجل ذلك ال بد كان من البحث عن طريق بديل يقضي على عيوب القضاء‪ ،‬فظهر‬
‫التحكيم مربزا أمهيته البالغة يف املنازعات البحرية املتعلقة بتنفيذ عقود النقل البحري وعمليات‬
‫التجارة البحرية بني دول العامل ‪،‬حيث يتميز هذا األخري عن قضاء الدولة الداخلي ابلسرعة‬
‫يف الفصل يف املنازعة البحرية‪ ،‬ابإلضافة إىل سهولة اجراءاته وسريته التامة‪ .3‬على هذا فقد‬
‫اقتضت دراسة هذا املبحث من خالل مطلبني‪ :‬تسوية املنازعات عن طريق القضاء(مطلب‬
‫أول) ‪،‬التحكيم البحري كبديل عن االختصاص القضائي (مطلب اثين)‪.‬‬
‫املطلب األول‪:‬‬
‫تسوية املنازعات عن طريق القضاء‬
‫تتعلق أحكام الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري مبسائل املرافعات وهلذا تركتها‬
‫االتفاقيات الدولية للقانون الواجب التطبيق فاقتصرت على تنظيم بعض املسائل القليلة منها‬
‫‪،‬فقدرت أن وضع أحكام موحدة بشأاها مما يعني على استقرار املعامالت الدولية‪ ،‬فقد‬
‫عاجلت اتفاقييت هامبورغ وروتردام مسائل خمتلفة منها اإلخطارات ‪،‬التقادم ‪،‬االختصاص‬
‫القضائي والتحكيم ‪.‬‬
‫خالفا لذلك فلم تتكلم اتفاقية بروكسل إال يف مسألة اإلخطارات وتقادم دعوى‬
‫التعويض ‪،‬كما أضاف بروتوكول تعديلها لسنة ‪ 1968‬إىل املادة ‪ 3‬فقرة جديدة بشأن تقادم‬
‫دعوى الرجوع ‪ .4‬و بناءا على هذا تتطلب دراسة دعوى املسؤولية املرفوعة أساسا على الناقل‬

‫‪ -1‬نص املادة ‪7‬من القانون رقم ‪ 09-08‬املؤرخ يف ‪ 25‬فرباير ‪ 2008‬املتضمن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اجلزائري واليت جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫"اجللسات علنية مامل متس العلنية ابلنظام العام أو اآلداب العامة أو حرمة األسرة"‪ :‬ج ر عدد ‪ 31‬صادر يف ‪.2008/02/23‬‬
‫‪ -2‬عمر سعد هللا ‪ ،‬قانون التجارة الدولية (النظرية املعاصرة)‪،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ببوزريعة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2009‬ص‪.262‬‬
‫‪ -‬إميان فتحي حسن اجلميل‪ ،‬اتفاق التحكيم البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2015‬ص‪.3‬‬
‫‪3‬‬

‫اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.166‬‬ ‫‪ -4‬حمسن شفيق‪،‬‬

‫‪403‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫البدء بتحديد أطراف دعوى التعويض (فرع أول) وما تتطلبه االتفاقيات الدولية من إجراءات‬
‫سابقة على رفع الدعوى وآاثر إمهاهلا (فرع اثين)‪،‬اجلهة املختصة ابلفصل يف النزاعات الناشئة‬
‫عن عقد النقل البحري(فرع اثلث)‪،‬تقادم دعوى التعويض(فرع رابع)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫أطراف دعوى التعويض‬
‫يف أي نزاع يعرض على القضاء البد من و وجود مدعٍ و مدعى عليه وعلى هذا‬
‫سنتطرق‪ :‬أوال للمدعي يف دعوى التعويض املرتتب على هالك البضاعة أو تلفها أو الضرر‬
‫الناجم عن أتخريها يف التسليم‪ ،‬اثنيا نتعرض للمدعى عليه يف هذه الدعوى‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫املدعي يف دعوى التعويض‬
‫كما هو معلوم أن الشاحن يرتبط مع الناقل مبوجب عقد نقل‪ ،‬يثبته سند الشحن وقد‬
‫يبقى هذا السند بيد الشاحن أو وكيله ‪،‬فيكون هو صاحب احلق يف تسلم البضاعة ومىت‬
‫أخل الناقل بتنفيذ التزامه بتسليم البضاعة على صورته املتطلبة‪ ،‬عندئذ حيق للشاحن مقاضاته‬
‫للمطالبة ابلتعويض عن األضرار اليت تلحق البضاعة ‪،‬أو اليت تنجم عن أتخريها يف التسليم‪.‬‬
‫وقد ينتقل سند الشحن ابلطرق التجارية (التظهري) إىل شخص آخر هو املرسل إليه‪.1‬‬
‫إذن حيق لكل من الشاحن أو املرسل إليه أو من ينوب عنهما سوآءا نيابة اتفاقية أو‬
‫قانونية مقاضاة الناقل ومطالبته ابلتعويض ‪ ،‬مع املالحظة أن وكيل احلمولة ال ميلك بصفته‬
‫هذه إال اختاذ التدابري الالزمة حلفظ حقوق أصحاب الشأن يف البضاعة ‪،‬أما رفع الدعوى‬
‫على الناقل فهو من شأن أصحاب احلق يف البضاعة‪ ،‬إال إذا أانبوا عنهم وكيل احلمولة بعد‬
‫إخطارهم من قبله مبا حلق البضاعة من أضرار‪. 2‬‬

‫‪ -1‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 162‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ -2‬حممود خمتار أمحد بريري ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.394‬‬

‫‪404‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫غالبا ما يقوم الشاحن ابلتأمني على البضائع مما قد تالقيه يف رحلتها البحرية ‪ ،‬فإذا‬
‫أصيبت البضاعة بضرر يكون من الواجب على شركة التأمني دفع مبلغ التعويض للمضرور‬
‫بناءا على عقد التأمني‪.‬و من مث يكون من حق الشركة املؤمنة الرجوع على الناقل مببلغ‬
‫التعويض‪ .‬أتسيسا على ذلك سنبني األساس‪ ،‬الذي يستند إليه حق كل من الشاحن ‪،‬املرسل‬
‫إليه و املؤمن يف رفع دعوى املسؤولية للمطالبة ابلتعويض‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الشاحن‬
‫يعترب الشاحن طرفا يف عقد النقل ألنه هو من قام إببرام عقد النقل مع الناقل وكما‬
‫تقضي قواعد املسؤولية العقدية أن يكون لكال طريف العقد احلق يف مطالبة الطرف اآلخر‬
‫‪،‬الذي امتنع عن تنفيذ ما ألقاه على عاتقه العقد من التزامات ‪،‬أو إذا ما نفذها تنفيذا معيبا‬
‫ابللجوء إىل القضاء إلرغامه على التنفيذ العيين إن كان ممكنا ‪،‬أو املطالبة بتعويض األضرار‬
‫النامجة عن االمتناع ‪،‬أو االخالل ابلتنفيذ‪ .‬وابلتايل فالشاحن ابعتباره طرفا أصيال يف عقد‬
‫النقل له احلق يف املطالبة القضائية ابلتنفيذ العيين عادة‪ ،‬ألن الناقل حيتمي وراء ما تقرره له‬
‫النصوص من حدود املسؤولية ‪.1‬‬
‫إن املطالبة ابلتعويض تكون وفقا ملا تعرضت له البضاعة من أضرار بسبب اهلالك أو‬
‫التلف أوالضرر املرتتب عن التأخري يف التسليم ‪ .‬ويرتبط هذا احلق بعقد النقل الذي ارتبط به‬
‫‪،‬حيث مينح الشاحن حق تسلم البضائع ابحلالة املوصوفة يف سند الشحن يف مكان التنفيذ‬
‫‪،‬فيصبح من حقه املطالبة ابلتعويض‪ ،‬يف حالة إخالل الناقل ابلتزاماته الناشئة عن العقد‬
‫وابلتايل ال يرتبط حق املطالبة القضائية ابلتعويض على الناقل مبوجب دعوى مبلكيته‬
‫للبضاعة‪.2‬‬

‫‪ - 1‬حممود خمتار أمحد بريري ‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.16‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق ‪،‬الوضع نفسه‪.‬‬

‫‪405‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫اثنيا‪ :‬املرسل إليه‬


‫ال شك يف أن املرسل إليه يعترب أجنبيا عن عقد النقل ‪،‬فهذا العقد يربم ابتفاق بني‬
‫الشاحن والناقل دون أن يكون املرسل إليه طرفا فيه‪ .1‬و مقتضى ذلك أال يرتب العقد أثرا‬
‫ابلنسبة له حقا كان هذا األثر أو التزاما تطبيقا للقواعد العامة يف نسبية أثر العقد ومع ذلك‬
‫فمن املسلم أن عقد النقل يرتب حقوقا والتزامات للمرسل إليه يف عالقته ابلناقل ‪،‬فيحق‬
‫للمرسل إليه مبجرد حصوله على سند الشحن أن يطالب الناقل بتسليم البضاعة إليه‪ .‬وله أن‬
‫يباشر قبلَه دعوى املسؤولية عن هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف نقلها وإذا كانت‬
‫األجرة مستحقة عند الوصول ‪،‬يكون املرسل إليه ملزما هبا اجتاه الناقل الذي يستطيع مطالبته‬
‫هبا واستعمال حق حبس البضاعة يف مواجهته‪.2‬‬
‫لقد ظهرت عدة نظرايت يف تفسري أساس هذه احلقوق وااللتزامات‪ ،‬اليت ترتتب عن‬
‫العالقة بني الناقل واملرسل إليه ‪،‬فمنها من أسستها على الدعوى غري مباشرة اليت يباشرها‬
‫الدائن ابعتباره انئبا عن مدينه ‪،‬بينما ذهبت نظرية آخرى يف حماولة لإلدخال املرسل إليه يف‬
‫العقد عن طريق القول أن هناك إجيااب موجها إليه من الشاحن والناقل فإذا حاز سند الشحن‬
‫فقد قَبل هذا اإلجياب وأصبح طرفا يف العقد‪. 3‬‬
‫كما حاول البعض االلتجاء إىل فكرة النيابة الناقصة ومقتضى هذه الفكرة أن يتعاقد‬
‫شخص ابمسه ولكن إبذن الغري وحلسابه‪ .‬كما هو عليه احلال ابلنسبة للشاحن الذي يتعاقد‬
‫مع الناقل ابمسه ولكن إبذن املرسل إليه و حلسابه ‪.4‬‬

‫‪ -1‬حممود مسري الشرقاوي ‪،‬عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن ‪،‬املقال السابق ‪،‬ص‪.795‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Pierre Bonassaises et Christian Scapel,op.cit,598.‬‬
‫‪ -‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.224‬‬
‫‪ -3‬لكن اإلصطناع هو واضح من هذا الرأي ‪،‬إذ أن املرسل إليه ال تتجه ارادته إىل اإلرتباط بعقد النقل وامنا اىل جمرد تسليم البضاعة عند‬
‫وصوهلا ودفع أجرة نقلها ‪،‬فضال عن أن هذا التصور من شأنه القول ابشرتاك الشاحن والناقل قبلهُ يف املسؤولية خالفا ملا هو مسلم به من‬
‫انفراد الناقل هبا ‪:‬مشار إليه لدى املرجع السابق‪ ،‬ص‪.225‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Georges Ripert, Droit maritime, tome II , op.cit, p548.‬‬
‫‪ -‬مصطفى كمال طه‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري‪،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪ ،249‬مشار إليه لدى عباس مصطفى املصري‪ ،‬املركز القانوين للمرسل‬
‫إليه يف عقد النقل البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪،2002‬ص ‪.100‬‬

‫‪406‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫غري أن هناك بعض الفقه من يرى أبن عقد النقل يتضمن اشرتاطا ملصلحة املرسل إليه‬
‫فيكتسب هذا األخري حقا مباشرا قبَل الناقل بتنفيذه و يعترب قابال هلذا اإلشرتاط عندما‬
‫يتسلم البضاعة فعال ‪.‬وينطوي على قبوله حتمل االلتزام بدفع أجرة النقل ابعتباره التزاما مرتبطا‬
‫ابإلشرتاط الذي مت ملصلحته وقبل به ‪. 1‬‬
‫من زاوية أخرى تذهب إحدى النظرايت يف تفسري حقوق املرسل إليه والتزاماته عن‬
‫طريق طبيعة سند الشحن ‪،‬فهذا السند كما تقدم يعترب أداة لتمثيل البضاعة فيكون من حق‬
‫حائزه استالمها‪ .‬ولكن ملا كان الرابن حائزا فعليا للبضاعة حلساب حائزها القانوين وهو حائز‬
‫السند ‪،‬فهذا األخري ال يستطيع إجبار الناقل على تسليمها إليه إال بعد دفع أجرة النقل‪.2‬‬
‫يف األخري و لعله أرجح اآلراء ما قال به الدكتور مصطفى اجلمال خمالفا النظرايت‬
‫السابقة يف إجياد أساس لعالقة الناقل ابملرسل إليه يف عقد النقل ‪،‬فهذه العالقة تربرها‬
‫املصلحة التجارية وحدها ويرسم العرف حدودها و معاملها دون التقيد ابلنظرايت القانونية‬
‫املختلفة ‪،‬اليت ال تفسر متاما مقتضيات احلياة التجارية‪. 3‬‬
‫و مع ذلك ميكن اسناد حق املرسل إليه يف رفع دعوى املسؤولية على الناقل للمطالبة‬
‫ابلتعويض على حنو ما ذهب إليه البعض يف املادة‪146‬من القانون املدين املصري‪ 4‬اجلديد‪،‬‬
‫اليت تنص على أنه‪" :‬إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك‬
‫إىل خلف خاص ‪،‬فإن هذه االلتزامات تنتقل إىل هذا اخللف يف الوقت الذي ينتقل فيه‬
‫الشيء ‪،‬فإذا كانت من مستلزماته وكان اخللف اخلاص يعلم هبا وقت انتقال الشيء إليه"‪،‬‬
‫فاملرسل إليه ميكن اعتباره خلفا خاصا للشاحن وعقد النقل ميكن اعتباره من مستلزمات‬
‫البضاعة‪.5‬‬

‫‪ - 1‬مشار إليه لدى أمحد حممود حسين‪ ،‬البيوع البحرية الدولية‪ ،‬منشأة املعارف ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬سنة ‪،1983‬ص‪. 55‬‬
‫‪ -2‬حممود مسري الشرقاوي‪،‬القانون البحري ‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪.263‬‬
‫‪ -‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪..226‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -4‬وهو ما يتطابق مع نص املادة ‪ 109‬من القانون املدين اجلزائري‪.‬‬


‫‪ -5‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‬

‫‪407‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫اثلثا‪ :‬املؤمن (دعوى احللول)‬


‫تتعرض البضائع املنقولة حبرا للتأمني من األخطار مرتني ‪،‬األول يكتتب من طرف‬
‫الشاحن‪ 1‬لدى شركة التأمني على األضرار لتغطية خطر نقلها‪، 2‬أما الثاين فيكتتب من طرف‬
‫الناقل لدى نوادي احلماية والتعويض للتأمني على مسؤوليته املدنية جتاه األشخاص والبضائع‬
‫‪OVERLAP‬‬ ‫املنقولة وجتاه الغري من نفس اخلطر‪ .‬وهو ما يسمى ابزدواج املسؤولية‬
‫‪.INSURANCE‬‬
‫ارتباطا مبا سبق يتضح أن الشاحن ملزم ابلتأمني على بضاعته املنقولة حبرا لدى إحدى‬
‫شركات التأمني املعتمدة ابجلزائر‪ ،‬فإذا حصل الضرر أو التلف للبضاعة بسبب اخلطر‬
‫املضمون ابلتأمني كان للشاحن أن خيتار إما الرجوع على الناقل للمطالبة ابلتعويض‪ .‬و إما‬
‫الرجوع على شركة التأمني للحصول على التعويض و لكن ال جيوز له الرجوع عليهما معا ألن‬
‫يف ذلك مجع بني تعويضني و ال جتيزه القواعد العامة‪.3‬‬
‫غالبا ما يفضل الشاحن احلصول على التعويض من شركة التأمني نظرا لسهولته ورحبا‬
‫للوقت الذي سيضيع يف طول إجراءات التقاضي وحىت صدور احلكم ‪،‬فإذا دفعت شركة‬
‫التأمني تعويضا للشاحن عن الضرر‪ ،‬أو التلف الذي أصاب بضاعته رجعت على الناقل‬
‫بدعوى احللول للمطالبة الناقل برد املبالغ‪ ،‬اليت دفعها للشاحن يف حدود مسؤولية الناقل‬

‫‪ -1‬تنص املادة ‪ 194‬من قانون التأمينات من األمر رقم ‪ 07-95‬مؤرخ يف ‪ 25‬يناير سنة ‪ 1995‬املعدل واملتمم ابلقانون ‪11-11‬‬
‫املؤرخ يف ‪ 18‬جويلية ‪ 2011‬و املتضمن قانون املالية التكميلي لسنة ‪،2001‬على ما يلي‪":‬يتعني على كل مستورد يرغب يف أتمني‬
‫البضائع أو مواد التجهيز املنقولة حبرا اكتتاب أتمني لدى شركة أتمني معتمدة ابجلزائر‬
‫غري أن البضائع ومواد التجهيز املستوردة اليت تستفيد من متويل خاص ال ختضع إللزامية التأمني حتدد شروط و كيفيات تطبيق هذه املادة‬
‫عن طريق التنظيم"‪.‬‬
‫‪ -2‬تنص املادة ‪193‬من نفس القانون على أنه‪ " :‬جيب على كل انقل حبري أن يكتتب أتمينا لدى شركة أتمني معتمدة ابجلزائر لتغطية‬
‫مسؤوليته املدنية جتاه األشخاص والبضائع املنقولة و جتاه الغري جيب أال يقل املبلغ املؤمن عليه لتعويض األضرار اليت تلحق األشخاص‬
‫املنقولني عن مقدار مسؤولية الناقل احملددة يف التشريع اجلاري به العمل يف هذا اجملال"‪.‬‬
‫‪ -3‬بلحاج العريب‪ ،‬النظرية العامة اللتزام يف القانون املدين اجلزائري ‪ ،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬طبعة ‪ ، 1999‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص‬
‫‪.34‬‬

‫‪408‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫مبقتضى عقد النقل ودعوى احللول املمنوحة للمؤمن هي مستمدة من القواعد العامة (املادة‬
‫‪261‬ق م ج)‪.1‬‬
‫ومع ذلك فإن املشرع اجلزائري قد أكد عليه بنص خاص يف قانون التأمينات ‪،‬حيث‬
‫جاء يف نص املادة ‪ 118‬من األمر ‪ 07-95‬على أنه‪ ":‬حيل املؤمن حمل املؤمن له يف حقوقه‬
‫ودعواه ضد الغري املسؤول يف حدود التعويض الذي يدفعه للمؤمن له" ‪.‬‬
‫و هبذا يكون املؤمن ملزما ابلتعويض مبوجب عقد التأمني وال جيوز له االمتناع عن ذلك‬
‫بدعوى أن الناقل مسؤول عما أصاب البضاعة وحلول املؤمن حمل املؤمن له يستمد حقه يف‬
‫ذلك مباشرة من النص القانوين‪ .‬لذلك ال جيوز للمحكمة رفض دعوى احللول‪ ،2‬املرفوعة من‬
‫املؤمن على الناقل بدعوى أن املدعي مل يقدم عقد احللول ‪،‬ألن احللول هنا هو قانوين وليس‬
‫حلوال اتفاقيا‪.‬‬
‫كما تنص املادتني ‪ 114‬و‪ 118‬من القانونني املذكورين على ما يلي‪" :‬حيل املؤمن‬
‫حمل املؤمن له يف حقوقه ودعاويه ضد األطراف املسؤولة يف حدود مبلغ التعويض الذي يدفعه‬
‫للمؤمن له" وانطالقا من مقتضيات قانون التأمني املشار إليه أعاله واملادة ‪744‬من القانون‬
‫البحري‪ ،‬أوضحت احملكمة العليا أن هناك شرطني جيب احرتامها من قبل الشركة املؤمنة لرفع‬
‫الدعوى الرجوع ومها‪:‬‬
‫الشرط األول‪:‬‬
‫يتمثل يف تقدمي عقد احللول يوم رفع الدعوى وهو عقد موقع عليه‪ ،‬من قبل املؤمن له‬
‫من جهة وشركة التأمني من جهة أخرى يوضح اخلسائر اليت دفعها للمرسل إليه‪.3‬ويف هذا‬
‫الصدد قررت احملكمة العليا بعدم قبول دعوى الشركة اجلزائرية لتأمينات النقل والذي كان‬

‫‪ -1‬ملزي عبد الرمحن‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.118‬‬


‫‪ -2‬إن الدعوى اليت ترفعها شركة التأمني تسمى بدعوى احللول وهي املنصوص عليها يف املادة ‪ 744‬ق ب ج واملادة ‪ 114‬من القانون رقم‬
‫‪ 07/80‬املؤرخ يف ‪ 9‬أوت ‪ 1980‬املتضمن قانون التأمينات واملادة ‪ 118‬من األمر املؤرخ يف ‪ 1995/01/25‬املتضمن قانون التأمينات‬
‫اجلديد‪.‬‬
‫‪ -3‬حسان بوعروج ‪ ،‬مسؤولية الناقل البحري ‪ ،‬اجمللة القضائية ‪ ،‬عدد خاص ‪ ،‬سنة ‪ ، 1999‬ص ‪.15‬‬

‫‪409‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫مطابقا ألحكام املادة ‪ 144‬من القانون رقم ‪ 07/80‬املؤرخ يف ‪09‬أوت ‪ 1980‬واملتضمن‬
‫قانون التأمينات‪ ،‬ألن الشركة املدعية مل تقدم عقد احللول الذي يسمح هلا ابحللول حمل شركة‬
‫سيدار (املرسل إليه)‪.1‬‬
‫يف قرار آخر هلا قضت على أنه جيب أن حيمل عقد احللول اترخيا سابقا لرفع الدعوى‬
‫‪،‬فهذا الذي ُميكن شركة التأمني من أن حتل حمل املؤمن له يف حقوقه ودعاويه ضد املسؤول‬
‫‪،‬يف حدود التعويض املسدد للمرسل إليه‪. 2‬‬
‫ابإلضافة إىل ذلك تشرتط هذه احملكمة أن يكون عقد احللول صحيحا يوم رفع‬
‫الدعوى أمام احملكمة املختصة وهو الذي يعطيها الصفة يف التقاضي‪.‬كما جيب أن يتضمن‬
‫على وجه اخلصوص اتريخ حتريره ومبا أن عقد احللول يف القضية الراهنة ال يشري إىل أي اتريخ‬
‫‪ ،‬فإنه ال يسمح مبعرفة وقت التسديد للمرسل إليه وحق املؤمن يف رفع دعوى الرجوع‪.3‬‬
‫الشرط الثاين‪:‬‬
‫جيب أن تتوافر يف دعوى الرجوع املهلة احملددة قانوان ملمارستها حسب رأي احملكمة‬
‫العليا‪ ،‬فإذا رفعت الدعوى خالل املهلة حسب املادة ‪ 743‬ق ب ج تكون مقبولة شكال‬
‫وليس مث أي إشكال‪ ،‬أما إذا رفعت خارج سنة فإاها ال تكون مقبولة إال يف خالل ‪ 3‬أشهر‬
‫من تسديد املبلغ املطالب به‪ ،‬حسب ما جاء يف نص املادة ‪ 744‬ق ب ج‪.4‬‬
‫هذا ما أكدت عليه هذه احملكمة من خالل قرارها‪،‬الذي قضى بنقض القرار املطعون‬
‫الصادر عن جملس قضاء اجلزائر‪،‬حيث رفض دعوى شركة التأمني اهلادفة إىل تعويض اخلسائر‬
‫الالحقة ابلبضائع املنقولة حبرا‪ ،‬على أساس أن تلك الدعوى رفعت يف ‪ 1991/11/30‬وأن‬

‫‪ -1‬قرار الغرفة التجارية و البحرية رقم ‪ 153253‬بتاريخ ‪ 22‬جويلية ‪ ،1997‬منشور ابجمللة القضائية ‪ ،‬عدد خاص ‪ ،‬سنة ‪،1999‬ص‬
‫‪،15‬احملكمة العليا يف قراراهتا تستعمل مصطلح دعوى احللول و اترة أخرى مصطلح دعوى الرجوع على الدعاوى اليت حتل فيها شركة‬
‫التأمني حمل املؤمن له و هذا يدل على أاها تعتربمها دعوى واحدة‪.‬‬
‫‪ -2‬قرار الغرفة التجارية و البحرية رقم ‪ 138267‬املؤرخ يف ‪ 1995/02/27‬منشور يف املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -3‬قرار الغرفة التجارية والبحرية رقم‪ 151326‬املؤرخ يف ‪ 1997/05/6‬منشور يف نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -4‬حسان بوعروج ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪410‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫عقد احللول أبرم يف ‪ ،1991/5/6‬أي خارج مهلة ثالثة أشهر املنصوص عليها يف املادة‬
‫‪744‬ق ب ج‪.1‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫املدعى عليه يف دعوى التعويض‬
‫ترفع دعوى املسؤولية للمطالبة ابلتعويض على الناقل وال يثري األمر صعوبة إذا تعلق‬
‫األمر بناقل واحد مت التعاقد معه مباشرة ‪،‬أما إذا تعدد الناقلون سوآءا تعلق األمر بناقل‬
‫متعاقد وآخر فعلي ‪،‬أو تعلق األمر يف النقل ابستخدام سند شحن مباشر‪،2‬فيحق للمدعي‬
‫رفع دعواه يف احلالة األوىل على الناقل املتعاقد حىت ولو تعلق األمر بضرر حلق ابلبضاعة وهي‬
‫حتت يد الناقل الفعلي ‪.‬كما ميلك املدعي مقاضاة هذا األخري أو مقاضاة االثنني معا ‪،‬أما يف‬
‫حالة النقل بسند مباشر فللمدعي أن يرفع دعواه على الناقل األول أاي كان وقت وقوع‬
‫الضرر ‪،‬أو املرحلة اليت وقع فيها‪.3‬‬
‫يف هذا اإلطار يقوم سند الشحن املباشر بدور مزدوج من جهة يضمن تنفيذ الناقل‬
‫للعقد بشروط واردة فيه وذلك عن املرحلة اليت يتوىل تنفيذها بنفسه ومن جهة أخرى يضمن‬
‫كذلك تنفيذ املراحل األخرى ‪،‬طبقا لشروط السند املباشر بوصفه وكيال للعمولة للنقل‪،‬‬
‫ضامنا للشاحن إيصال البضاعة ساملة إىل املرسل إليه يف الوقت احملدد ‪،‬حيث يربم هذا‬
‫األخري العقود التالية ابمسه الشخصي ولكن حلساب موكله الشاحن‪ .‬وهلذا فهو يضمن له‬
‫أعمال الناقلني الالحقني ‪،‬أي أن يكون ضامنا سالمة العملية من بدايتها إىل اهايتها ‪.4‬‬

‫‪ -1‬قرار الغرفة التجارية والبحرية رقم ‪ 151318‬املؤرخ يف ‪ 1997/05/06‬منشور لدى حسان بوعروج‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -2‬هو يصدر سند شحن واحد مباشر يف نقل متتابع حبري يف مجيع مراحله يغطي الرحلة أبكملها وهذا السند املباشر سند نقل يتعهد يف‬
‫الناقل بنقل البضاعة جبزء من الرحلة بوسائله اخلاصة ويعهد بتكملة األجزاء األخرى إىل انقل أو انقلني آخرين‪ :‬علي مجال الدين عوض‬
‫‪،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪،1987‬املرجع السابق ‪،‬ص‪209‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -3‬حممود خمتار أمحد بريري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.397‬‬
‫‪ - 4‬املرجع السابق ‪.398،‬‬

‫‪411‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يرتتب عن ذلك أن الناقل يسأل مبوجب سند الشحن املباشر عن الرحلة البحرية‬
‫للبضائع أبكملها مامل يكن الشاحن هو الذي اختار الناقلني الالحقني ‪،‬أو أثبت أن سبب‬
‫الضرر الذي حلق البضاعة وقع أثناء وجودها يف حراسة انقل الحق‪.1‬‬
‫من جهة أخرى يتمتع الناقل الذي يدفع تعويضا لصاحب البضاعة نظرا ملسؤوليته‬
‫التكافلية والتضامنية الناجتة عن وثيقة شحن مباشرة حبق الرجوع على الناقلني اآلخرين ‪ ،‬غري‬
‫أنه ال ميكن ممارسة هذا الرجوع ضد انقل يثبت أبن الضرر مل حيصل يف املسافة اليت قام فيها‬
‫بعملية النقل‪.2‬و إذا مل يكن ابإلمكان إثبات يف أي جزء من النقل التابع هلذا السند حصلت‬
‫األضرار للبضائع عُد كل من الناقلني مسؤوال بنسبة أجرة احلمولة اليت قبضها‪.3‬‬
‫مثلما ترفع الدعوى على الناقل ميكن أن ترفع أيضا على الرابن بوصفه انئبا قانونيا عنه‬
‫و كذلك على وكيل السفينة‪ .‬ويستطيع املدعي عالوة على كل ما تقدم أن يرفع دعواه على‬
‫اتبعي الناقل ‪،‬بشرط اثبات اخلطأ وأنه وقع أثناء أتدية التابع لوظيفته أو بسببها‪.4‬‬
‫إذا اقرتن عقد النقل إبصدار سند الشحن فللمدعي أن يرفع دعواه على من أصدر‬
‫هذا السند وإذا تعلق األمر إبجيار السفينة فقد حيدث غموض يف حتديد مصدر سند الشحن‬
‫الذي‪ ،‬خيلو من أي توقيع أو ختم ميكن قراءته وقد اجته القضاء الفرنسي‪ 5‬يف هذه احلالة إىل‬
‫إابحة الرجوع على مالك وجمهز السفينة بعد االنتقادات‪ ،‬اليت وجهت حلكم سابق رفض‬
‫الدعوى املرفوعة على املالك استنادا إىل خلو ما يفيد إصداره لسند الشحن‪.‬‬

‫‪ -1‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري لسنة ‪ ،1987‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.210‬‬
‫‪ -‬يف هذا الشأن تنص املادة ‪ 765‬ق ب ج‪":‬إن الناقل البحري الذي وضع وثيقة مباشرة‪ ،‬يلزم ابلتنفيذ املالئم لاللتزامات املرتتبة على الناقل‬
‫يف كل املسافة اليت تسري عليها الوثيقة حىت تسليم البضاعة إىل املرسل إليه‪ .‬ويسأل كل من الناقلني اآلخرين عن تنفيذ هذه االلتزامات يف‬
‫مسافة النقل الذي قام به وذلك ابلتكافل والتضامن مع الناقل الذي وضع وثيقة شحن الشحن املباشرة"‪.‬‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 766‬ق ب ج‪.‬‬
‫‪ -3‬املادة‪ 767‬ق ب ج‪.‬‬
‫‪ -4‬حممود خمتار أمحد بريري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪397‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -5‬استئناف روان ‪،1984/6/15‬أكس أون بروفنس ‪ 1984/2/14‬وعكس ذلك يف رفض الرجوع على الناقل نقض ‪1983/5/10‬‬
‫وقد تعرض هذا القضاء للنقد من طرف روديري ص ‪ 455‬ومقال ‪: Achard‬الدعوى املباشرة حلملة سندات الشحن ضد مالك السفينة‬
‫يف املشارطات الزمنية دورية القانون البحري الفرنسي لسنة ‪:1984‬مشار إليهم يف نفس املرجع ‪،‬ص ‪.398‬‬

‫‪412‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫اإلخطار ابهلالك أو التلف أو التأخري‬
‫يفرض املنطق القانوين يف منازعات النقل البحري للبضائع أن تبدأ مطالبة الناقل‬
‫ابلتعويض عن هالك البضائع أو تلفها أو أتخريها يف التسليم إبخطار الناقل بتلك األضرار‪.1‬‬
‫و ذلك حىت يعلم الناقل مبا حدث ويفحص األمر ‪،‬مث يتخذ بعد ذلك قرارا فيه‪ ،‬إما بفض‬
‫النزاع وداي دون حاجة إىل الدخول مع املضرور يف خصومة قضائية وإما برفض هذه الطلبات‬
‫والتأهب للدعوى‪.‬لذلك أمجعت االتفاقيات الدولية على وجوب قيام املرسل إليه إبخطار‬
‫الناقل ابهلالك أو التلف أو التأخري‪ 2‬وقت استالم البضاعة و بعد اجراء مطابقة بني هذه‬
‫البضائع املستلمة وبني ما هو وارد يف سند الشحن‪.‬‬
‫وحسب هذه املعطيات كان البد من التطرق لإلخطار عن الضرر الالحق ابلبضاعة‬
‫وفقا ملا قضت به االتفاقيات البحرية الدولية (بروكسل ‪،‬هامبورغ وروتردام)‪ ،‬مع اإلشارة إىل‬
‫أحكام القانون البحري اجلزائري هبذا الشأن ‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫اإلخطار يف معاهدة بروكسل لسنة ‪1924‬‬
‫ال معىن لدعوى مسؤولية الناقل البحري إذا مل يستطع املدعي اثبات الضرر الذي حلق‬
‫به وتسهيال لعملية االثبات وضعت اتفاقية بروكسل قواعد خاصة إذا ما اتبعها املضرور تيسر‬
‫عليه إقامة الدليل على الضرر احلال به‪. 3‬‬
‫يف هذا الصدد نصت املادة ‪ 6/3‬من املعاهدة على أنه ‪":‬إذا مل حيصل اخطار كتايب‬
‫يف حاليت اهلالك أو التلف و مباهية هذا اهلالك أو التلف وللناقل أو وكيله يف ميناء التفريغ‬

‫‪ -1‬نفس االجراء أتخذه الدعوى ملطالبة الشاحن بتعويض الناقل عما أصابه من خسارة أو ضرر إبخطار الشاحن بتلك اخلسارة أو ذلك‬
‫الضرر‪.‬‬
‫‪ -2‬كمال محدي ‪،‬اتفاقية األمم املتحدة لعام ‪( 1978‬هامبورغ)‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.157‬‬
‫‪ -3‬وجدي حاطوم ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.256‬‬

‫‪413‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫قبل أو وقت تسليم البضائع إىل املرسل إليه‪ ،‬طبقا لعقد النقل فإن هذا التسليم يعترب إىل أن‬
‫يثبت العكس قرينة على أن الناقل قد سلم البضاعة ابلكيفية املوصوفة يف سند الشحن‪.‬‬
‫و إذا كان اهلالك أو التلف غري ظاهر فيجب أن حيصل اإلخطار يف مدة ثالثة أايم من‬
‫التسليم‪....‬وال يرتتب أي أثر على هذه اإلخطارات املكتوبة إذا حصلت معاينة يف مواجهة‬
‫املستلم عند استالمه هلا "‪.1‬‬
‫يبدوا من خالل هذا النص أن املعاهدة مل أتخذ ابلدفع بعدم مساع الدعوى املنصوص يف‬
‫بعض التشريعات الداخلية كالقانون املصري‪ 2‬مثال ‪ .‬وأخذت بدال منه بنظام االحتجاج‬
‫إلثبات ما أصاب البضاعة من هالك أو تلف فقررت أن يكون عبء االثبات على عاتق‬
‫املرسل إليه عند استالمه البضاعة و إال أُعترب أنه تسلمها على حالتها املوضحة بسند‬
‫الشحن‪.3‬‬
‫كما يالحظ أن هذا النص قد استوىف أربعة أحكام أحاطت يف جمملها بشكل‬
‫اإلخطارات أو التحفظات‪ ،‬املهلة املقررة إلجراء اإلخطارات‪ ،‬احلاالت اليت ال جدوى فيها‬
‫من اإلخطارات و أخريا صاحب احلق بتوجيه األخطار‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شكل اإلخطارات أو التحفظات‬
‫على املضرور أن يوجه إىل الناقل حتفظات خطية وصرحية تبني له وجه الضرر‪ ،‬أو طبيعته‬
‫ومل توجب قواعد معاهدة بروكسل والقانون البحري اجلزائري أن أتخذ الكتابة املطلوبة أي‬
‫شكل معني‪ ،‬فقد تكون بكتاب رمسي أو بكتاب عرب بريد مع اشعار ابالستالم أو عرب‬

‫‪ -1‬لقد استقى املشرع اجلزائري أغلب هذه األحكام مع بعض الفروق البسيطة يف الصياغة ‪،‬فقد نصت املادة ‪ 790‬ق ب ج ‪ ":‬إذا حصلت‬
‫خسائر أو أضرار للبضاعة ‪،‬يقوم املرسل إليه أو من ميثله بتبليغ الناقل أو ممثله كتابيا يف ميناء التحميل ‪،‬قبل أو يف وقت تسليم البضاعة وإذا مل يتم‬
‫ذلك تعترب مستلمة حسبما مت وصفها يف وثيقة الشحن لغاية ثبوت العكس ‪.‬‬
‫و إذا مل تكن اخلسائر واألضرار ظاهرة‪ ،‬فيبلغ عنها خالل ثالثة أايم عمل‪ ،‬اعتبارا من استالم البضائع‪.‬‬
‫وال جدوى من التبليغ الكتايب إذا كانت حالة البضائع حمققا فيها حضوراي عند استالمها"‪.‬‬
‫‪ -2‬املادتني ‪ 275، 274‬من قانون التجارة البحرية املصري‪.‬‬
‫‪ -3‬مسيحة القليويب‪،‬موجز القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.458‬‬

‫‪414‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الفاكس أو التلكس ‪.‬كما قد ترد الكتابة يف سند الشحن ذاته‪ ،‬أو على أذوانت التسليم اليت‬
‫يعيد املرسل إليه تسليمها إىل الناقل عند استالم البضاعة منه ‪،‬كل ذلك بشرط أن يكون‬
‫التحفظ أو اإلخطار صرحيا اثبت التاريخ‪ .‬وال يغين عن هذه الكتابة علم الناقل اليقني ابلتلف‬
‫أو اهلالك ‪،‬حيث يقتضي أن تكون تلك التحفظات صرحية ‪،‬واضحة وحمددة تشري إىل الضرر‬
‫ونوعه وطبيعته على وجه التحديد ‪،‬كعدد الطرود اهلالكة ونوع التلف ونسبته ويرتتب على‬
‫ذلك عدم األخذ ابلتحفظات املصاغة بعبارات عامة ‪،‬قائمة على االفرتاضات والتكهنات‪.1‬‬
‫إن مسألة حتديد جدية التجفظات وفعاليتها يف الدعوى مسؤولية الناقل هي من‬
‫صالحيات قاضي املوضوع ‪،‬حيث أن له السلطة التقديرية الواسعة يف تقدير ما إذا كانت‬
‫التحفظات تسري وفق املادة ‪ 6/3‬أو املادة ‪790‬ق ب ج ليأخذ هبا أو يردها آخذا بعني‬
‫االعتبار الظروف اليت حصلت فيها هذه التحفظات ونوع البضائع ويف ذلك قُضي أنه‪" :‬إذا‬
‫حصل التفريغ يف مرات مرتاوحة وكانت البضاعة أكياسا من األرز متشاهبة ‪،‬فال يطلب يف‬
‫هذه احلالة من املرسل إليه أن يبني بوضوح الضرر الالحق بكل كيس"‪.2‬‬
‫اثنيا‪ :‬املهلة املقررة إلجراء اإلخطارات‬
‫يتضح من نص املادة ‪ 6/3‬أن املعاهدة قد فرقت يف اإلجراءات الواجب اتباعها‬
‫إلثبات الضرر بني حالتني‪ :‬حالة اهلالك أو التلف الظاهر وحالة اهلالك أو التلف غري‬
‫الظاهر‪.‬‬
‫‪ -1‬حالة اهلالك أو التلف الظاهر‪:‬‬
‫يستفاد من النص األخري أنه إذا كان اهلالك أو التلف الذي حلق ابلبضاعة ظاهرا كما‬
‫‪3‬‬
‫ب على املرسل إليه أن يرسل إىل‬
‫لو كان عدد الطرود انقصا أو كانت األكياس ممزقة ‪ُ ،‬وج َ‬

‫‪ -1‬استئناف بريوت رقم ‪ 1427‬صادر بتاريخ ‪ ،1974/11/27‬استئناف بريوت رقم ‪ 1480‬صادر بتاريخ ‪ ،1968/11/12‬استئناف‬
‫بريوت رقم ‪ 876‬صادر بتاريخ ‪:1969/06/19‬مشار إليهم لدى وجدي حاطوم ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.258‬‬
‫‪ -2‬استئناف بريوت رقم ‪ 518‬صادر بتاريخ ‪ :1963/3/21‬مشار إليه يف املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‬
‫‪ -3‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.324‬‬

‫‪415‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الناقل أو من ينوب عنه إخطارا كتابيا موضحا به طبيعة اهلالك أو التلف ‪،‬مداه وأسبابه ‪.‬كما‬
‫يشرتط أن يتم هذا االخطار حلظة استالم البضاعة يف مرفأ التفريغ وقبل عملية سحب‬
‫البضاعة أو خالهلا وقبل وضعها يف حراسة الشخص‪ ،‬الذي حيق له استالمها مبوجب اتفاقية‬
‫النقل‪. 1‬‬
‫بصياغة آخرى فاالخطار جيب أن يوجه يف الوقت الذي خترج فيه البضاعة من حيازة‬
‫الناقل وتدخل يف حيازة املرسل إليه وإال قامت قرينة على أن الناقل سلم البضاعة ابحلالة‬
‫املوصوفة بسند الشحن ‪،‬إال أن هذه القرينة تقبل العكس‪، 2‬كما سبقت اإلشارة إليه‪.‬‬
‫‪-2‬حالة اهلالك أو التلف الغري ظاهر‬
‫راعت املعاهدة أنه قد حيدث يف بعض احلاالت أن يكون التلف أو اهلالك غري ظاهر‬
‫عند استالم البضاعة ‪ ،‬لذلك منحت املرسل إليه مهلة قدرها ثالثة أايم تبدأ منذ تسليم‬
‫البضاعة للمرسل إليه ليقوم خالهلا إبخطار الناقل كتابيا‪ .‬وقد نصت على هذه املهلة اخلاصة‬
‫حبالة التلف أو اهلالك غري الظاهر ذات املادة الثالثة فقرة السادسة بند‪.3 2‬‬
‫يقصد بتسليم البضاعة كميعاد قانوين لتقدمي اإلخطار التسليم الفعلي واملادي للمرسل‬
‫إليه حىت يتمكن من الكشف عنها وفحصها والتحقق من هالكها أو تلفها ‪ .4‬و عليه تبدأ‬
‫مهلة ارسال التحفظات من اتريخ التسليم الفعلي ال من اتريخ استالم إذن التسليم ‪،‬ألن هذا‬
‫اإلذن ال يفيد أن املرسل إليه قد استلم البضاعة ‪،‬إذ يتوجب عليه بعد استالمه هلا القيام‬
‫ببعض املعامالت‪ ،‬اليت تستغرق بعض الوقت قبل تسلم البضاعة ابلفعل‪ .‬و يف هذه املدة ال‬
‫حيتسب يوم التسليم‪ ،‬وفقا للقواعد العامة و ال تدخل أايم العطل يف عداد هذه املهلة‪.5‬‬

‫‪ -1‬مسيحة القليويب‪،‬موجز القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪458‬و ما يليها‪.‬‬


‫‪ -2‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.199‬‬
‫‪ -3‬مسيحة القليويب‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.459‬‬
‫‪ -4‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬قانون التجارة البحرية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.365‬‬
‫‪ -5‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.200‬‬

‫‪416‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ملا كان سند الشحن حيرر عادة من عدة نسخ فقد حيدث أن تصل هذه النسخ‬
‫ألشخاص خمتلفني نتيجة ٍ‬
‫خطأ ‪،‬أو نتيجة ٍ‬
‫غش من الشاحن ‪،‬الذي يبيع البضاعة أكثر من‬
‫مرة ويسلم كل مشرتي نسخة من سند الشحن‪ .‬ويف هذه احلالة يثور التساؤل عمن يكون له‬
‫احلق يف تسلم البضاعة من محلة نسخ سند الشحن ‪،‬حيث تربأ ذمة الناقل إذا ما سلم الرابن‬
‫البضاعة إليه وال صعوبة يف األمر إذا ابدر أحد محلة النسخ ابلتقدم الستالم البضاعة قبل‬
‫غريه دون علم الرابن بوجود عدة نسخ للسند حتت يد أكثر من شخص ‪،‬إذ تربأ ذمة الناقل‬
‫يف هذه احلالة بتسليم البضاعة إىل الشخص‪ ،‬الذي يتقدم أوال بنسخة من سند الشحن‪.1‬‬
‫لكن الصعوبة تثور يف احلالة اليت يعارض فيها محلة السند النسخ املختلفة يف تسليم‬
‫البضاعة ألحدهم أثناء السفر‪ ،‬أو عند وصول البضاعة ‪،‬أو يف حالة إذا ما تقدم محلة سند‬
‫الشحن املتعددون الستالم البضاعة يف وقت واحد ‪،‬فكيف ميكن التفضيل بني محلة النسخ‬
‫املتعددة من السند؟‬
‫يف الواقع أنه جيب تسليم البضاعة يف هذه احلالة ملن يتقدم ابلنسخة اليت حتمل أقدم‬
‫تظهري إذ أن القواعد العامة يف القانون املدين تقضي ابنتقال امللكية يف املنقول مبجرد ابرام‬
‫العقد‪ .‬ومن مث يكون الشاحن عند تظهريه لنسخة اثنية من سند الشحن قد تصرف فيما ال‬
‫ميلك‪ ،‬طبقا للمادة ‪397‬ق م ج‪ 2‬واخلاصة ببيع ملك الغري ‪،‬فإذا قام الناقل بتسليم البضاعة‬
‫لشخص حتمل النسخة اليت يف يده تظهريا الحقا كان مسؤوال عن هذا التسليم‪.3‬‬
‫فإذا كان صاحب النسخة اليت حتمل تظهريا الحقا قد تقدم أوال الستالم البضاعة‬
‫فسلمت إليه ‪،‬فإنه ال جيوز بعد ذلك لصاحب النسخة اليت حتمل أول تظهري وهو من كان‬
‫مالكا للبضاعة قانوان وصاحبا للحق يف تسلمها أن يسرتدها منه ‪،‬تطبيقا لقاعدة احليازة يف‬

‫‪ -1‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ -2‬تنص املادة ‪ 397‬من القانون املدين اجلزائري ‪":‬إذا ابع شخص شيئا معينا ابلذات وهو ال ميلكه فللمشرتي احلق يف طلب االبطال البيع‬
‫‪...‬ويف كل حالة ال يكون هذا البيع انجزا يف حق مالك الشيء املبيع ولو أجازه املشرتي"‪.‬‬
‫‪ -3‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫املنقول بسبب صحيح سند امللكية‪ ،‬مع حسن نية حائز السند ‪،‬إذ أن امللكية تنتقل مبجرد‬
‫حيازته للبضاعة‪.1‬‬
‫يف هذا الصدد تنص الفقرة األوىل من املادة ‪ 813‬من القانون املدين اجلزائري على‬
‫أن ‪":‬تسليم السندات املعطاة عن البضائع املعهود هبا إىل أمني النقل أو املودعة يف املخازن‬
‫يقوم مقام تسليم البضاعة ذاهتا ‪،‬مما يفهم منه أن احليازة تكون يف هذه احلالة لصاحب‬
‫النسخة اليت حتمل أول تظهري‪ .‬و ابلتايل تكون امللكية له أيضا وفقا لقاعدة احليازة املذكورة‬
‫‪،‬غري أن الفقرة الثانية من نفس املادة ذهبت صراحة للقول أبنه إذا تسلم شخص هذه‬
‫السندات وتسلم آخر البضائع ذاهتا و كان كالمها حسن النية ‪،‬فإن األفضلية تكون ملن تسلم‬
‫البضاعة‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬أثر اإلخطار‬
‫يرتتب على اإلخطار يف امليعاد القانوين قيام قرينة قانونية لصاحل املرسل إليه مفادها أن‬
‫الناقل مل يسلم البضاعة كما هي مبينة يف سند الشحن وأن الضرر قد حصل أثناء النقل‬
‫وعندئذ تفرتض مسؤولية الناقل‪ .‬وجيوز هلذا األخري يف هذه احلالة هدم هذه القرينة إبثبات‬
‫العكس بكافة الطرق ويكون ذلك أبن يثبت سببا من األسباب ثالثة‪:2‬‬
‫أ‪-‬أن يثبت أن اإلخطار ال حمل له‪ ،‬ألن البضاعة سلمت فعال أبكملها أو حبالة جيدة‪ ،‬كما‬
‫هي موصوفة يف سند الشحن‪ .‬وذلك طبقا حملضر حيرر يف مواجهة املرسل إليه مثال‪.‬‬
‫ب‪ -‬أو أن الضرر يرجع إىل عيب خفي أو إىل حالة مستثناة من املسؤولية(حالة من حاالت‬
‫اإلعفاء القانونية الواردة ابالتفاقية والسيما املادة ‪ 4‬منها )‪.‬‬

‫‪ -1‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 222‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ -2‬علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬سنة ‪ ،1987‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.305‬‬

‫‪418‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫ج‪ -‬أو يقوم إبثبات أن الضرر كان سابقا على الشحن أو الحقا على التفريغ ‪،‬أو أنه ال‬
‫يسأل طبقا للقواعد العامة ‪،‬أو مبقتضى الشروط الصحيحة الواردة بسند الشحن ‪،‬فإذا مل‬
‫يثبت شيئا من ذلك ظل مسؤوال وكان على املرسل إليه سوى اثبات قدر الضرر‪.‬‬
‫أما إذا مل حيصل اإلخطار يف األجل القانوين فال يرتتب على ذلك سقوط الدعوى أو‬
‫عدم قبوهلا بل تقوم قرينة قانونية لصاحل الناقل تفرتض أبنه قد سلم البضاعة كما هي مبينة‬
‫يف سند الشحن وهذه القرينة بسيطة جيوز للمرسل إليه اثبات عكسها بكافة الطرق ‪،‬كأن‬
‫يثبت أن اهلالك أو التلف قد حدث أثناء عملية النقل‪ .1‬لكن إذا تعذر حتديد وقت حدوث‬
‫افرتض وقوعه أثناء املرحلة البحرية ويرجع أساس ذلك إىل األعمال‬
‫العجز أو التلف ُ‬
‫التحضريية للمعاهدة‪.2‬‬
‫رابعا‪ :‬حاالت اليت ال جدوى من االخطار فيها‬
‫هناك حالتان ليس للتحفظ أو االخطار أي مفعول فيهما ومها كما أييت‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬الكشف على البضائع حبضور الناقل واملرسل إليه‬
‫إذا متت املعاينة حبضور كل من الناقل واملرسل إليه‪ ،‬أو من ينوب عنهما فإن ذمة الناقل‬
‫تربأ من املسؤولية وال أثر لإلخطارات‪ ،‬اليت يرسلها املرسل إليه بعد ذلك وقد نصت على هذا‬
‫املادة ‪3‬فقرة ‪ 6‬بند ‪ 3‬من املعاهدة‪ .‬وهو حكم يتفق مع العدالة ‪،‬حيث أنه كان إبمكان‬
‫املرسل إليه إبداء ما يشاء من اعرتاض أو احتجاج حلظة معاينة البضاعة عند حضور الناقل‪.3‬‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.325‬‬


‫‪ -2‬نقض مصري ‪ 17‬مارس ‪ :1980‬مشار إليه لدى علي مجال الدين عوض‪ ،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪ ،1987‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.305‬‬
‫‪ -3‬مسيحة القليويب‪،‬موجز القانون البحري‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.460‬‬

‫‪419‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫احلالة الثانية‪ :‬هالك الكلي للبضائع‬


‫ال حمل لإلخطار يف حالة اهلالك الكلي‪ ،‬حيث يعترب اإلخطار يف هذه احلالة دون‬
‫موضوع لعدم وجود تسليم أصال‪ ،‬ألن اهلالك الكلي ال يتصور فيه التسليم فاإلخطار قاصر‬
‫على احلاالت اليت حيصل فيها تسلم البضاعة ‪،‬كذلك ال حمل لإلخطار يف حالة التأخري ألنه‬
‫ال يتضمن تسليما مامل ينشأ عن التأخري من تلف ابلبضاعة‪ .‬و خيلص من ذلك أن االخطار‬
‫يقتصر توجيهه على حالة هالك البضاعة هالكا جزئيا (النقص أو العجز)‪ .‬وحالة التلف دون‬
‫حاليت اهلالك الكلي‪ ،‬أو التأخري‪.1‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن املعاهدة قد أوجبت يف الفقرة األخرية من البند السادس من املادة‬
‫‪ 3‬منها على الناقل ومستلم البضاعة أن يتعاوان يف تقدمي التسهيالت على قدر املستطاع‬
‫للكشف عن البضائع والتحقق من عدد الطرود وطبيعة التلف ونسبته ‪،‬يف حالة وقوع ضرر‬
‫أكيد‪ ،‬أو عندما يدعي املستلم حدوث هالك أو تلف‪. 2‬‬
‫خامسا‪ :‬صاحب احلق يف توجيه اإلخطار أو التحفظ‬
‫األصل أن من له احلق يف اإلخطار هو املرسل إليه إال أنه ال يوجد مانع من أن يتم‬
‫توجيهه من كل شخص ذي مصلحة يف الشحنة ‪،‬فيجوز إرساله من جانب حامل سند‬
‫الشحن ولو كان دائنا مرهتنا ومن مشرتي البضاعة ولو مل تصله السندات ‪.‬كما ميكن توجيه‬
‫التحفظ من ممثل املضرور القانوين أو وكيله كوكيل السفينة أو وكيل احلمولة‪ ،‬أو املقاول‬
‫البحري إذا عهد إليه املرسل إليه ابستالم البضائع‪ .‬وكثريا ما يكلف املرسل إليه شركة املرفأ‬
‫استالم البضائع حلسابه وايداعها يف مستودعاهتا ‪،‬ففي هذه احلالة يصح توجيه التحفظ من‬
‫هذه الشركة‪. 3‬‬

‫‪ -1‬مصطفى كمال طه ‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.324‬‬


‫‪ -2‬وجدي حاطوم ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.261‬‬
‫‪ -3‬وكل ما قيل خبصوص اتفاقية بروكسل بشأن صاحب احلق يف توجيه اإلخطار ينطبق أيضا على أحكام معاهديت هامبورغ و روتردام‪.‬‬

‫‪420‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫غري أنه يقتضي أن يكون التحفظ متعلقا حبالة البضائع جلهة التلف أو اهلالك احلال‬
‫هبا عند استالمها فورا وليس عن حالتها أثناء عمليات إدخاهلا إىل املستودعات‪ ،‬أو أثناء‬
‫ختزينها و يوجه التحفظ إىل الناقل(املتعاقد)‪،‬أو الناقل الفعلي‪ ،‬أو الناقل الالحق إذا اقتضى‬
‫األمر يف حال كانت األضرار قد حصلت أثناء مرحلة تنفيذ النقل‪.‬كما جيوز توجيه التحفظ‬
‫إىل أي شخص يتصرف نيابة عن الناقل سوآءا كان انئبا قانونيا كالرابن ‪،‬أو اتفاقيا كوكيل‬
‫السفينة‪.1‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫اإلخطار يف اتفاقية هامبورغ لسنة‪1978‬‬
‫تتشابه اتفاقية هامبورغ مع معاهدة بروكسل يف عدة أحكام خاصة منها ما يتعلق‬
‫بشكل االخطار‪ ،‬غري أن اتفاقية هامبورغ متيزت على سابقتها من حيث إطالة آجال اجراء‬
‫اإلخطار من جهة املرسل إليه ومن حيث القيام ابإلخطار يف حالة التأخري يف التسليم‪.‬‬
‫كذلك فيما يتعلق ابلزام الناقل بعمل اخطار للشاحن عند وقوع ضرر للسفينة جراء البضائع‬
‫املنقولة عليها خالفا التفاقية بروكسل اليت مل تعاجل هذا األمر‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شكل اإلخطار‬
‫قضت قواعد هامبورغ على غرار اتفاقية بروكسل أبن يكون إخطار الناقل ابهلالك أو‬
‫التلف كتابة حسب ما ورد يف املادة‪ 19‬منها إال أاها ذهبت إىل توضيح شكل الكتابة اليت‬
‫يتم وفقها اإلخطار يف الفقرة ‪ 8‬من املادة األوىل‪ ،‬اليت تضمنت مجلة من التعاريف فبينت أن‬
‫مصطلح كتابة يشمل الربقية والتلكس‪ .‬وجيب أن يتضمن اإلخطار حتديدا للطبيعة العامة‬
‫للهالك أوالتلف‪. 2‬‬

‫‪-1‬كمال محدي ‪ ،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 228‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬

‫‪421‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫اثنيا‪ :‬ميعاد توجيه اإلخطار‬


‫خيتلف ميعاد االخطار يف حالتني حسب ما إذا كان اهلالك أو التلف ظاهرا أو غري‬
‫ظاهر‪.‬‬
‫أ‪ -‬حالة اهلالك أو التلف الظاهر‬
‫إذا كان اهلالك أو التلف ظاهرا على البضاعة‪ ،‬فيجب على املرسل إليه القيام‬
‫ابإلخطار يف يوم العمل التايل لتاريخ استالم البضائع‪ .‬وذلك خالفا التفاقية بروكسل‪ ،‬اليت‬
‫تلزم املرسل إليه القيام ابإلخطار فور استالم البضائع‪. 1‬‬
‫و إضافة عبارة "يوم عمل" يعين عدم احتساب أايم العطل و هو مامل تشر إليه معاهدة‬
‫بروكسل ‪،‬لكن االتفاقية املذكورة بينت أنه ابإلمكان اثبات عكس القرينة اليت يرتبها على‬
‫التسلم بغري احتجاج‪ .‬وإذا كانت اتفاقية هامبورغ مل تبني هذا احلق ‪،‬فإنه يفهم من طبيعة هذه‬
‫القرينة القانونية أاها قرينة بسيطة‪ ،‬ألن النص (املادة ‪ )19‬مل يذكر أباها قاطعة وابلتايل جيوز‬
‫اثبات خالفها وعليه يف حالة َكون الضرر ظاهراي‪ ،‬فإن االتفاقية متنح للمرسل إليه فرصةً يف‬
‫تقدمي االخطار املكتوب يف أثناء التسلم‪ ،‬أو يف يوم العمل التايل له‪.2‬‬
‫ب‪ -‬حالة اهلالك أو التلف غري الظاهر‬
‫أما إذا كان اهلالك أو التلف غري ظاهرين فيتعني على املرسل إليه توجيه إخطار كتايب‬
‫يف خالل مخسة عشر يوم املتصلة اليت تعقب مباشرة يوم تسليم البضائع إىل املرسل إليه‬
‫وتتميز اتفاقية هامبورغ يف هذه اجلزئية على معاهدة بروكسل من حيث أاها أعطت متسعا من‬
‫الوقت حىت يتسىن للمرسل إليه أن يفحص بضائعه من أجل اكتشاف الضرر وجتهيز نفسه‬
‫لرفع دعواه ضد الناقل ‪،‬فاالتفاقية األخرية متنح املرسل إليه مدة ثالثة أايم فحسب وهي مدة‬

‫‪ -1‬هبجت عيد هللا قايد‪ ،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.204‬‬
‫‪ -2‬لطيف جرب كوماين ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.196‬‬

‫‪422‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫قصرية نسبيا ‪،‬ال تكفي صاحب البضاعة لعمل إخطار خاصة إذا كانت خمازنه بعيدة عن‬
‫ميناء التسليم ‪.1‬‬
‫اثلثا‪ :‬أثر االخطار‬
‫من حيث األثر الذي يرتبه اإلخطار فال ختتلف اتفاقية هامبورغ عن اتفاقية بروكسل إذ‬
‫أن امهال عمل إخطار ال يرتتب عليه سقوط حق املرسل إليه يف إقامة دعوى املسؤولية على‬
‫الناقل‪ .‬وإمنا يرتتب عليه نشوء قرينة بسيطة ميكن هدمها ‪،‬على أن الناقل قد قام بتسليم‬
‫البضائع املنقولة كما هي موصوفة يف سند الشحن وعمل االخطار ال يرتتب عليه انعقاد‬
‫مسؤولية الناقل ‪،‬ابل يقيم قرينة لصاحل املرسل إليه على أن تسليم البضائع مل يكن مطابقا‬
‫لسند الشحن ‪،‬لكن يف وسع الناقل بدوره دحض هذه القرينة وإثبات أبن التسليم كان‬
‫مطابقا لسند الشحن‪.2‬‬
‫كذلك فرضت املادة ‪ 5/19‬من اتفاقية هامبورغ وعلى خالف معاهدة بروكسل التزاما‬
‫على عاتق املرسل إليه بعمل إخطار كتايب للناقل عند التأخري يف تسليم البضائع‪ .‬وذلك‬
‫خالل مدة ستني يوما التالية لتسليم البضائع للمرسل إليه‪ .‬وهذا اإلخطار خيتلف عن‬
‫اإلخطار السابق‪ ،‬الذي نصت عليه الفقرتني األوىل والثانية من املادة ‪ 19‬من عدة أمور هي‪:‬‬
‫‪-1‬أن هذا اإلخطار يعترب إضافة جديدة من اتفاقية هامبورغ تتعلق مبسؤولية الناقل عن‬
‫التأخري مل يكن هلا وجود من قَبل يف ظل اتفاقية بروكسل ‪.‬‬
‫‪-2‬كذلك خيتلف اإلخطار املتعلق حبالة التأخري يف التسليم عن اإلخطار املتعلق حباليت‬
‫اهلالك و التلف الالحق ابلبضائع‪ .‬و ما يالحظ على اتفاقية هامبورغ أاها تتسم ابلتشدد إزاء‬
‫اجلزاء املتعلق ابإلخطار عن حالة التأخري يف التسليم إذ قررت سقوط حق املرسل إليه يف‬
‫احلصول على تعويض يف حالة التأخري عند إمهال القيام به‪ ،‬فهو مبثابة دفع بعدم مساع‬
‫الدعوى يتمسك به الناقل يف مواجهة الشاحن‪ ،‬عند عدم تلقيه إخطار من طرف هذا األخري‬
‫مسؤولية الناقل البحري للبضائع ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.204‬‬‫‪ -1‬هبجت عيد هللا قايد‪،‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪423‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫خالل املدة احملددة ‪،‬كما يرتتب على إمهال توجيهه سقوط حق املرسل إليه يف إقامة دعوى‬
‫على الناقل ملطالبته ابلتعويض‪ ،‬عن الضرر الناجم عن التأخري يف التسليم‪.1‬‬
‫إن الدفع بعدم قبول الدعوى يعترب دفعا موضوعيا جيوز إبداؤه يف أي مرحلة كانت‬
‫فيها الدعوى (أي سوآءا كانت أمام أول درجة أو اثين درجة ) ‪،‬غري أنه ال جيوز إاثرته أمام‬
‫حمكمة العليا‪ .‬و ال يعترب الدفع بعدم قبول الدعوى من النظام العام ‪،‬فال تستطيع احملكمة أن‬
‫تقضي به من تلقاء نفسها بل جيب أن يتمسك به الناقل أمامها ‪.‬كما جيوز للناقل النزول‬
‫عنه مقدما يف عقد النقل‪ ،‬أو بعد ثبوت احلق فيه‪.2‬‬
‫‪-3‬من مظاهر التجديد يف اتفاقية هامبورغ حكم مل أتت على ذكره اتفاقييت بروكسل وروتردام‬
‫يتعلق ابإلخطار املوجه للشاحن والذي يسمح للناقل إبقامة الدعوى عليه للمطالبة بتعويض‬
‫األضرار اليت حلقت سفينته واليت حصلت بسبب بضائع الشاحن ‪،‬فعلى الناقل أن يقدم هذا‬
‫اإلخطار الذي يُبني الضرر خالل تسعني يوما متصلة‪ ،‬ابتداءا من اتريخ حصول الضرر أو‬
‫من اتريخ التسليم‪ 3‬أيهما أطول‪ .4‬و يف حالة عدم تقدمي اإلخطار يف تلك املدة يعين تفعيل‬
‫قرينة قانونية ختدم مصلحة الشاحن واتبعيه ووكالئه‪ .‬وبناءا عليه جيوز للناقل‪ ،‬أو الناقل الفعلي‬
‫حىت ولو انتهت املدة املقررة ‪ ،‬غري أن هذه القرينة تعترب بسيطة ميكن نفيها ابلدليل العكسي‬
‫حسبما جاء يف املادة ‪.57/19‬‬

‫‪ -1‬هبجت عيد هللا قايد‪ ،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.205‬‬
‫‪ -2‬سوزان علي حسن ‪،‬عقد نقل البضائع ابحلاوايت‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.264‬‬
‫‪ -3‬حممود حممد عنانبه ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.164‬‬
‫‪ -4‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬
‫‪ -5‬قرارية قويدر‪ ،‬اإلخطار ابألضرار الالحقة ابلبضاعة املنقولة حبرا وأثره يف االتفاقيات الدولية ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للقانون البحري والنقل ‪،‬العدد‬
‫السابع ‪،‬منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد تلمسان(اجلزائر) ‪،‬دار كنوز للنشر والتوزيع ‪،‬سنة‪،2018‬ص‪.287‬‬

‫‪424‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫اإلخطار يف اتفاقية روتردام‬
‫تنص املادة ‪ 23‬من قواعد روتردام على ما يلي ‪":‬‬
‫‪-1‬يفرتض أن يكون الناقل يف غياب ما يثبت العكس قد سلم البضائع وفقا لوصفها الوارد‬
‫يف تفاصيل العقد ‪،‬مامل يكن قد وجه إشعارا حبدوث هالك أو تلف أو البضائع ‪،‬يبني الطبيعة‬
‫العامة لذلك اهلالك أو التلف إىل الناقل ‪،‬أو الطرف املنفذ البحري الذي سلم البضائع ‪،‬قبل‬
‫وقت التسليم أو عنده ‪،‬أو يف غضون سبعة أايم عمل يف مكان التسليم بعد تسليم البضائع‬
‫إذا مل يكن اهلالك أو التلف ظاهرا"‪.‬‬
‫‪-2‬ال جيوز أن يفضي عدم توجيه اإلشعار املشار إليه يف هذه املادة إىل الناقل‪ ،‬أو الطرف‬
‫املنفذ إىل املساس ابحلق يف املطالبة ابلتعويض عن هالك البضائع أو تلفها مبقتضى هذه‬
‫االتفاقية وال إىل املساس بتوزيع عبء اإلثبات املبني يف املادة ‪.17‬‬
‫‪-3‬ال يلزم توجيه اإلشعار املشار إليه يف هذه املادة فيما يتعلق ابهلالك أو التلف‪ ،‬الذي‬
‫يتأكد حدوثه من خالل تفقد البضائع يشارك فيه الشخص‪ ،‬الذي سلمت إليه البضائع‬
‫والناقل‪ ،‬أو الطرف املنفذ البحري‪ ،‬الذي جيري حتميله املسؤولية‪.‬‬
‫‪-4‬ال يدفع أي تعويض فيما يتعلق ابلتأخري مامل يوجه إىل الناقل يف غضون واحد وعشرون‬
‫يوما متتاليا من تسليم البضائع اشعارا ابخلسارة النامجة عن التأخري‪.‬‬
‫‪ -5‬عندما َيوجه اإلشعار املشار إليه يف هذه املادة إىل الطرف املنفذ الذي سلم البضائع‪،‬‬
‫يكون له نفس املفعول كما لو كان قد ُوجهَ إىل الطرف املنفذ البحري‪.‬‬
‫‪ -6‬يف حال وقوع أي هالك أو تلف فعلي أو وجود ختوف من وقوعه يوفر كل طرف يف‬
‫النزاع لألطراف األخرى مجيع التسهيالت املعقولة من أجل تفقد البضائع ومطابقتها مع‬
‫بياانت الشحن ‪،‬ويتيح هلا االطالع على السجالت واملستندات املتصلة ابلبضائع"‪.‬‬

‫‪425‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يبدو من خالل هذا النص أن معاهدة روتردام قد اقتفت أثر اتفاقييت بروكسل و‬
‫هامبورغ من حيث املفعول الذي يؤديه اإلخطار‪ ،‬يف حالة هالك البضاعة أو تلفها ‪.‬وما‬
‫يرتتب عليه من قرينة قانونية لصاحل الناقل عند غيابه‪،1‬أيضا فيما يتعلق بعدم جدوى اإلخطار‬
‫عندما تتم معاينة البضائع حبضور الناقل أو الطرف املنفذ(الناقل الفعلي) ‪.‬‬
‫كما أوجبت اإلتفاقية على كل طرف يف النزاع توفري مجيع التسهيالت املعقولة من‬
‫أجل تفقد البضائع ومطابقتها مع بياانت سند الشحن مع متكينه من االطالع على الواثئق‬
‫اليت تتعلق بنقل البضاعة‪ ،2‬غري أن اإلختالف بني املعاهدة ومن سبقتها من اإلتفاقيات كان‬
‫يدور حول بعض النقاط كشكل اإلخطار‪ ،‬أجل اإلشعار ابهلالك أو التلف أو التأخري ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫أوال‪ :‬شكل اإلخطار(اإلشعار)‬
‫من خالل النص األخري يالحظ أن معاهدة روتردام مل تشرتط أن يصب اإلخطار‬
‫املذكور يف شكل معني و أمام صمت اإلتفاقية ميكن القول أن اإلشعار يتم أبية وسيلة‬
‫مكتوبة ميكن معها أن توضح الطبيعة العامة لذلك اهلالك‪ ،‬أو التلف‪ ،‬كالفاكس‪ ،‬أو التلكس‬
‫أو وبوسائل االتصال اإللكرتونية‪.4‬‬
‫اثنيا‪ :‬أجل اإلخطار‬
‫خيتلف ميعاد اإلشعار حبسب حالة اهلالك أو التلف ظاهرا كان أم خفيا ‪،‬كما خيتلف‬
‫األمر عن هاتني احلالتني إذا كان بصدد أتخري يف تسليم البضاعة وهو ما سنعاجله من خالل‬
‫فروق ثالث‪:5‬‬

‫‪ -1‬يتطابق مفعول اإلخطار يف اتفاقية هامبورغ مع ما جاءت به املادة‪ 2/23‬من قواعد روتردام ‪.‬‬
‫‪ -2‬البند السادس فقرة أخرية من املادة‪3‬من اتفاقية بروكسل و املادة ‪ 4/19‬من اتفاقية هامبورغ‪.‬‬
‫‪ -3‬استعملت املعاهدة لفظ اشعار بدال من لفظ اإلخطار الوارد يف اتفاقييت بروكسل وهامبورغ وال أبس يف ذلك فمعنامها واحد‪.‬‬
‫السابق ‪،‬ص‪.288‬‬ ‫‪ -4‬قرارية قويدر‪ ،‬اإلخطار ابألضرار الالحقة ابلبضاعة املنقولة حبرا وأثره يف االتفاقيات الدولية ‪ ،‬املقال‬
‫‪ -5‬وجدي حاطوم ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.435‬‬

‫‪426‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫‪ -1‬أجل اإلخطار يف حاليت التلف أو اهلالك الظاهر‪:‬‬


‫على غرار اتفاقية بروكسل تفرض اتفاقية روتردام أن يكون اإلخطار يف هاتني احلالتني‬
‫موجها للناقل قبل التسليم ‪،‬أو يف اليوم الذي يتم فيه التسليم على أقصى تقدير‪ .‬وهي مدة‬
‫قصرية من شأاها أن تضيع حقوق الشاحن‪ ،‬أو صاحب البضائع إذ ليس لديه متسع من‬
‫الوقت إال يوم التسليم‪.‬‬
‫‪ -2‬أجل اإلخطار يف حاليت اهلالك أو التلف غري الظاهر‪:‬‬
‫يف هاتني احلالتني جيب على املرسل إليه أن يوجه اإلخطار للناقل خالل سبعة أايم‬
‫عمل بعد تسليم البضائع ‪،‬يضاف إىل هذه املهلة يوم التسليم وأايم العطل الرمسية املعمول هبا‬
‫يف مكان التسلم ‪.‬وهذه املهلة تعترب معقولة غري مضيقة وال مفرطة اإلطالة ‪،‬فالوقت احملدد‬
‫كاف على ما يبدو لفتح الطرود وإزالة األغلفة‪ ،‬أو فتح احلاوايت وتفحص البضائع‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق مبسألة التمييز بني الضرر الظاهر واخلفي فإاها تعترب مسألة واقع يستقل‬
‫قاضي املوضوع بتقديرها على حسب ظروف احلال وإن كان الفقه يرى أن الضرر يكون‬
‫ظاهرا كقاعدة عامة يف كل مرة يكون فيها من املتيسر الكشف عنه ابلوسائل العادية املمكنة‬
‫عند اإلستالم‪ .1‬ويف هذا الشأن يرى الفقيه الفرنسي "رودير" أن العيب يعترب ظاهرا إذا أمكن‬
‫الكشف عنه مبجرد الفحص العادي دون حاجة إىل استخدام أدوات أو وسائل خاصة‪. 2‬‬
‫‪ -3‬أجل اإلخطار يف حالة التأخري‪:‬‬
‫عند حصول أتخري يف وصول البضاعة إىل املرسل إليه جيب على هذا األخري توجيه‬
‫اإلخطار خالل ‪ 21‬يوما متتاليا من تسلم البضائع وتتضمن هذه املدة أايم العطل الرمسية‬
‫املعمول هبا يف مكان التسليم‪ .‬يالحظ أن هذه املدة أقصر مما جاءت به إتفاقية معاهدة‬

‫‪ -1‬مشار إليه لدى قماز ليلى إلدايز‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 466‬وما يليها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Rodiére, traité général de droit maritime, Tome II, op.cit,n°601:"L'avarie qui est‬‬
‫‪décelée par un simple examen, ne nécessitant ni démontage, ni appareillage spécial est‬‬
‫‪une avarie apparente".‬‬
‫‪427‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫هامبورغ(‪ 60‬يوم) ‪،‬فكلما كانت مدة اإلخطار أطول كانت مفيدة للمرسل إليه أو الشاحن‬
‫وسامهت يف حفظ حقوقهما‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫اإلختصاص القضائي يف منازعات النقل البحري‬
‫إلتزمت معاهدة بروكسل بتعديالهتا املتعاقبة الصمت إزاء مسألة حتديد اجلهة القضائية‬
‫املختصة مبنازعات النقل البحري للبضائع وهو ما دعا املتعاملني يف النقل البحري إىل تضمني‬
‫سندات الشحن شروطا متعلقة بتحديد اإلختصاص القضائي‪ ،‬تلك الظاهرة اليت ازداد‬
‫انتشارها رغم انتقاد هذه الشروط أحياان وتردد القضاء يف اإلعرتاف هبا أحياان أخرى‪ ،1‬األمر‬
‫الذي دفع ابتفاقييت هامبورغ وروتردام معاجلة هذه املسألة وتنظيمها خالفا التفاقية بروكسل‪.‬‬
‫و بناءا عليه سنتطرق للمحكمة املختصة ابلفصل يف املنازعات النامجة عن نقل البضائع حبرا‬
‫يف كل من اتفاقييت هامبورغ وقواعد روتردام‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫احملكمة املختصة يف معاهدة هامبورغ‬
‫أعطت اتفاقية هامبورغ للمدعي مبوجب عقد النقل احلرية يف اختيار الدولة اليت تقام‬
‫أمام حماكمها دعوى املطالبة ابلتعويض‪ .‬وقد راعت اإلتفاقية يف هذا املقام مصلحة الشاحنني‬
‫‪،‬ألن الشاحن هو الذي يقيم الدعوى يف الغالب مطالبا بتعويض األضرار اليت تعرضت هلا‬
‫بضائعه يف حاالت اهلالك والتلف أو التأخري يف التسليم‪ .2‬وقد بينت تلك احملاكم الفقرة‬
‫األوىل من املادة ‪ ،21‬اليت جاء نصها كالتايل‪-1 ":‬يف مجيع حاالت التقاضي املتعلقة بنقل‬
‫البضائع مبوجب هذه اإلتفاقية للمدعي حسب اختياره‪،‬أن يقيم الدعوى أمام حمكمة تكون‬

‫‪ -1‬هبجت عيد هللا قايد‪ ،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.202‬‬
‫‪ -2‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.175‬‬

‫‪428‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫وفقا لقانون الدولة اليت تقع فيها احملكمة ذات اإلختصاص ويدخل يف نطاق واليتها أحد‬
‫األماكن التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬احملل الرئيسي لعمل املدعى عليه و إن مل يكن له حمل رئيسي فاحملل االعتيادي إلقامة‬
‫املدعى عليه‪ ،‬أو‬
‫ب‪-‬مكان إبرام العقد بشرط أن يكون للمدعى عليه فيه حمل عمل‪ ،‬أو فرع ‪،‬أو وكالة أبرم‬
‫العقد عن طريق أي منها ‪،‬أو‬
‫ج‪ -‬ميناء الشحن‪ ،‬أو ميناء التفريغ ‪،‬أو‬
‫د‪-‬أي مكان آخر يعني هلذا الغرض يف عقد النقل البحري‪. "......‬‬
‫إن األحكام اليت جاءت هبا هذه املادة املطولة ميكن أن نبينها على شكل نقاط كما‬
‫أييت‪:1‬‬
‫‪-1‬للمدعي اخليار يف إقامة الدعوى أمام احملكمة اليت يوجد هبا مقر العمل الرئيسي للمدعى‬
‫عليه ‪،‬أو إقامتها يف املكان الذي يقيم فيه الناقل اعتياداي‪ ،‬أو أن يقيمها يف مكان له صلة‬
‫مبكان إبرام العقد كأن يكون قد جرى االنعقاد بواسطة حمل‪ ،‬أو فرع‪ ،‬أو وكالة للمدعي ‪،‬على‬
‫أن ال يرقى ذلك إىل اعتبار احملل املعتاد لإلقامة‪.‬‬
‫كذلك يستطيع أن يقيمها يف احملكمة الواقعة يف دولة ميناء الشحن ‪،‬أو ميناء التفريغ‬
‫‪،‬أو يف أي مكان آخر حيدد يف العقد‪ .‬ويف ذلك توسيع الختيارات الشاحن أو املرسل إليه‬
‫‪،‬كما فيه أيضا تيسري على املدعي عندما ميكنه من اختيار املكان الذي يكون أسهل له يف‬
‫الوصول إىل التعويض‪.‬‬
‫‪-2‬تضيف الفقرة ‪/2‬أ خيارا آخر للمدعي و هو حماكم أي ميناء ‪،‬أو مكان يف دولة متعاقدة‬
‫إذا وقع احلجز يف إحدى موانئها على السفينة الناقلة للبضاعة ‪،‬أو على أي سفينة أخرى‬
‫مملوكة لنفس املالك‪ .‬واحلكمة من ذلك حىت يتمكن املضرور الذي قام ابحلجز على السفينة‬

‫‪ -1‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 176‬وما يليها‪.‬‬

‫‪429‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أو السفن األخرى اململوكة لصاحبها من اجلمع و التقريب بني مصاحله ‪،‬فتكون احملاكمة‬
‫واملال احملجوز عليه يف دولة واحدة‪.‬‬
‫‪-3‬إذا أقيمت الدعوى طبقا حلكم الفقرة ‪/2‬أ من املادة ‪ 21‬يف أي دولة حجزت السفينة يف‬
‫موانئها فإنه يلزم املدعي بنقل دعواه بناءا على طلب املدعى عليه‪ 1‬إىل إحدى احملاكم كما‬
‫حددهتا الفقرة ‪ 1‬يف عناصرها املتعددة ‪،‬على أن يقدم املدعى عليه كفالة تضمن الوفاء أبي‬
‫مبلغ حيكم به يف وقت الحق من قبل احملكمة اليت تنتقل إليها الدعوى‪.‬‬
‫‪-4‬خبصوص تقدير كفاية الكفالة أو عدمها يرتك األمر للمحكمة اليت حصل يف منطقتها‬
‫احلجز على السفينة وهو أمر عملي‪ ،‬ألن الكفالة ستكون مبقدار السفينة احملجوزة يف هذه‬
‫احلالة‪ ،‬ألن الدائن وهو حيجز على السفينة وما الذي جيعله يفك حجزها إال تقدمي ضمان‬
‫أكرب أو مساو للضمان الذي تقدمه السفينة ‪.‬‬
‫‪-5‬عندما يذكر حمكمة إبرام العقد أو حمكمة ميناء الشحن أو غريها فاملقصود به احملكمة‬
‫املختصة اليت تقع فيها هذه األماكن ‪،‬ويرتك حتديد احملكمة داخل الدولة وفقا لقانون‬
‫اإلجراءات املدنية فيها ‪،‬أي أن التحديد يكون بتحديد الدولة ‪،‬أما احملكمة املختصة داخلها‬
‫فتحدد طبقا لقوانني تلك الدولة واخلاصة ابلتنظيم القضائي‪.‬‬
‫‪-6‬بينت املادة أنه ال جيوز خمالفة ما ورد يف الفقرتني ‪1‬و‪ 2‬إبقامة الدعوى يف أماكن غري‬
‫تلك اليت حددت مبوجبها‪ .‬وال يعترب مبثابة إقامة دعوى طبقا ملنطوق الفقرة ‪ 3‬إختاذ إجراءات‬
‫قضائية تعترب من قبيل تدابري مؤقتة أو وقائية‪.‬‬
‫‪ -7‬تضع الفقرة الرابعة من املادة ‪ 21‬من اإلتفاقية الضوابط الالزمة ملنع تعدد الدعاوى بني‬
‫ذات األطراف خبصوص نفس النزاع‪ ،‬أو تعدد األحكام اليت تصدر فيها ‪،‬فال جيوز للمدعي‬
‫إقامة دعوى جديدة على نفس املدعى عليه استنادا إىل ذات األسباب أمام حمكمة أخرى‬
‫حبسبان أن حجية احلكم فيها حيول دون ذلك‪ ،‬إال أنه استثناءا جيوز له إقامة دعوى جديدة‬

‫‪ -1‬أمسته املادة ‪ 21‬من معاهدة روتردام التماس من قبل املدعى عليه‪.‬‬

‫‪430‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أمام حمكمة خمتصة إذا تبني له أن احلكم الذي صدر من احملكمة اليت أقام أمامها الدعوى‪،‬‬
‫أو أن احلكم الذي سيصدر من تلك احملكمة غري قابل للتنفيذ فيها ومرد هذا التوجه إىل أن‬
‫إقامة دعوى جديدة أمام حمكمة الدولة اليت يستطيع فيها تنفيذ احلكم هو سبيل املضرور‬
‫للتنفيذ على أموال الناقل يف هذه الدولة إذا مل يكن يف إمكانه طلب التنفيذ مبوجب حكم‬
‫أجنيب صادر أو الذي يصدر ملصلحته‪.1‬‬
‫طبقا لنفس الفقرة فإنه ال تعترب دعوى جديدة اإلجراءات املفروضة بقانون الدولة اليت‬
‫يراد تنفيذ احلكم فيها من أجل احلصول على صيغة التنفيذ و لو كانت من بني هذه‬
‫اإلجراءات إقامة دعوى للحصول على هذه الصيغة‪ .‬وكذلك ال يعترب مبثابة دعوى جديدة‬
‫نقل الدعوى من حمكمة إىل أخرى تقع يف نفس الدولة ‪،‬أو نقلها إىل حمكمة أخرى يف دولة‬
‫أخرى بناءا على طلب املدعى عليه‪ ،‬يف حالة إقامة الدعوى عليه ابتداءا يف الدولة اليت وقع‬
‫فيها احلجز على السفينة‪.2‬‬
‫‪-8‬جيوز اإلتفاق على اإلختصاص بعد قيام النزاع وكما ذكران أن من بني األسباب اليت‬
‫دعت االتفاقية إىل حصر األمكنة اليت جيوز أن تقام فيها الدعوى الناشئة عن عقد النقل‬
‫البحري التصدي للطرف األقوى يف العقد عندما يفرض شروط اختصاص ترهق الطرف‬
‫اآلخر وجتربه على إقامة الدعوى يف مكان بعيد أو أمام قضاء غريب عليه‪، 3‬فقد قضت‬
‫الفقرة األخرية من املادة ‪ 21‬بصحة اإلتفاق الذي يربم بعد قيام النزاع و الذي يكون‬
‫موضوعه تعميق املكان الذي جيب أن تقام فيه الدعوى ولو مل يكن من األمكنة املنصوص‬
‫عليها يف الفقرتني األوىل والثانية من املادة األخرية‪ .‬و بعبارة أخرى يكون اإلتفاق صحيحا إذا‬

‫‪-1‬كمال محدي ‪،‬اتفاقية األمم املتحدة لعام ‪( 1978‬هامبورغ)‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.189‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪-3‬مبفهوم املخالفة للفقرة ‪5‬من املادة ‪ 21‬فإن االتفاق قبل نشوء النزاع هو اتفاق ابطل إذا كان مضمونه يدور حول تنازل املدعي عن حقه‬
‫يف اختيار بني األماكن اليت منحتها له االتفاقية أو حصره يف مكان واحد من هذه األماكن‪ ،‬أما بعد نشوء النزاع فإنه يزول املربر الذي‬
‫أدى ابإلتفاقية لتقرير هذا النص وذلك بزوال عوامل الضغط على الشاحن واليت توثر يف على اختياره يف حتديد احملكمة اليت تفصل يف‬
‫النزاع‪.‬‬

‫‪431‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أبرم بعد قيام النزاع وكان موضوعه أمرين‪ :‬إما حرمان املدعي من حق االختيار بني األمكنة‬
‫املذكورة وإجباره على إقامة الدعوى يف مكان معني منها وإما تعني مكان آخر خيتلف عن‬
‫هذه األمكنة اليت عددهتا املادة السالفة‪.1‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫احملكمة املختصة يف معاهدة روتردام‬
‫اتبعت اتفاقية روتردام نفس املربرات التشريعية التفاقية هامبورغ واليت دعت إليها احلاجة‬
‫حلماية املدعي من ضغط الذي يُتوقع أن ميارس عليه من طرف الناقل ابعتباره املدعى عليه يف‬
‫قضااي التعويض عما يصيب البضائع من هالك أو تلف أو عما يلحق املضرور من ضرر‬
‫جراء أتخري البضاعة يف التسليم‪ .‬وهلذا تضمنت أحكام املعاهدة نصوصا ترشد املدعي ومتنحه‬
‫عدة إختيارات يف إنتقاء احملكمة املختصة ‪،‬يضاف هلذه اإلختيارات احملكمة‪ ،‬اليت يؤول هلا‬
‫إختصاص فض النزاع مبقتضى اتفاق بني الطرفني‪.‬‬
‫أوال‪ :‬احملكمة املختصة وفقا للمعاهدة‬
‫نصت املادة ‪ 66‬من معاهدة روتردام على جمموعة من احملاكم وردت على سبيل‬
‫احلصر و منحت للمدعي حق االختيار بني إحدى هذه احملاكم و اليت يقع يف نطاق واليتها‬
‫أحد األماكن التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬مقر الناقل ويقصد ابملقر طبقا للبند‪ 29‬من املادة األوىل املكان الذي يوجد فيه املقر‬
‫القانوين أو مكان التأسيس‪،‬أو املكتب املسجل املركزي أيها كان منطبقا ‪،‬أو اإلدارة املركزية‬
‫‪،‬أو مكان العمل الرئيسي لشركة ‪،‬أو شخص اعتباري آخر ‪،‬أو احتاد أشخاص طبيعيني أو‬
‫اعتباريني وإما يف املكان الذي يوجد فيه حمل اإلقامة املعتاد لشخص طبيعي‪.‬‬
‫ب‪ -‬مكان تسلم أو تسليم البضائع املتفق عليه يف عقد النقل‪.‬‬

‫‪ -1‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.190‬‬

‫‪432‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫ج‪-‬مكان أول ميناء شحن ُحتمل فيه البضائع على السفينة‪ ،‬أو آخر ميناء تفرغ فيه البضائع‬
‫ويكون ذلك يف النقل املتتابع البحري أو يف النقل متعدد الوسائط‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬احملكمة املختصة مبقتضى االتفاق‬
‫تضيف املادة ‪ 66‬من قواعد روتردام خيار آخر إىل جانب احملاكم اإلختيارية احملددة‬
‫حصراي وهو حق املدعي رفع دعوى على الناقل أمام احملكمة املتفق عليها ‪،‬لكن هذا ال يعين‬
‫إلزام املدعي هبذه احملكمة وحرمانه من ابقي اخليارات األخرى فأي اتفاق من هذا القبيل يعترب‬
‫ابطال ملخالفته أحكام املعاهدة‪.1‬‬
‫عالوة على ذلك تكون احملكمة املختصة مبوجب االتفاق ملزمة دون سواها ويقتصر‬
‫تقييد الطرفني على حتديد االختصاص وفق هذه احملكمة يف حالتني‪ :‬األوىل عند االتفاق على‬
‫احملكمة املختصة دون غريها من احملاكم على سبيل احلصر قبل نشوء النزاع ‪،‬أما احلالة الثانية‬
‫فيتم فيها اإلتفاق فيها على ذلك بعد حدوث النزاع‪.‬‬
‫‪-1‬االتفاق على احملكمة املختصة قبل نشوء النزاع‬
‫ال تعترب معاهدة روتردام‪ 2‬احملكمة املتفق على اختصاصها حمكمة خمتصة حصراي قبل‬
‫نشوء النزاع إال بتوافر بعض الشروط وهي كما يلي‪:3‬‬
‫أ‪-‬أن يرد االتفاق على احملكمة يف عقد كمي يبني فيه بوضوح إمسي الطرفني وعناوينهما‬
‫‪،‬وهوما يتناسب مع طبيعة العقد الكمي‪ ،‬الذي يتمتع أطرافه بقدر كبري من احلرية التعاقدية‬
‫‪،‬حيث يسمح هلم ابخلروج على أحكام املعاهدة فيما يتعلق ابحلقوق و االلتزامات‬

‫‪1‬‬
‫‪-Wei HOU , La liberté contractuel en droit des transport maritimes de‬‬
‫)‪marchandises (L'exemple du contrat de volume soumis aux règles de Rotterdam‬‬
‫‪,thèse de doctorat en droit, université de Paul Cézanne-Aix-Marseille III, date de‬‬
‫‪soutenance :20/12/2010 ,n°388.‬‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 67‬من قواعد روتردام‪.‬‬
‫‪ -3‬قماز ليلى إلدايز‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.491‬‬

‫‪433‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫واملسؤوليات اليت تفرضها االتفاقية‪، 1‬مبا يف ذلك التفاوض واالتفاق على احملكمة املختصة‬
‫ابلفصل يف النزاع ‪.‬‬
‫ب‪ -‬يشرتط أن يتضمن العقد الكمي ما يفيد أنه جرى التفاوض بني الناقل والشاحن ومت‬
‫االتفاق على حصر النزاعات مبحكمة خمتصة‪ ،‬أو أن يتضمن بياان واضحا أبن هناك اتفاق‬
‫على اختيار حصري للمحكمة اخلارجة عن نطاق أحكام املعاهدة ‪،‬مع حتديد أبواب العقد‬
‫الكمي الذي حيتويه االتفاق وكذا تسمية حماكم إحدى الدول املنضمة إىل املعاهدة لتكون‬
‫خمتصة يف الفصل يف النزاع‪.‬‬
‫و هبذا تكون كافة حماكم الدول املتعاقدة و املسماة خمتصة لتلقي دعوى الشاحن ضد‬
‫الناقل وفق التنظيم اإلجرائي لإلختصاص فيها ‪،‬أو أن يتم تسمية حمكمة أو أكثر إلحدى‬
‫الدول املنضمة إىل اتفاقية روتردام ‪،‬فتكون هذه احملكمة أو احملاكم احملددة مسبقا هي فقط‬
‫صاحبة اإلختصاص القضائي‪.‬‬
‫تقوم هذه الشروط أتسيسا على نص املادة ‪ 2/ 80‬من املعاهدة وحىت خيرج العقد‬
‫الكمي عن هذه االتفاقية وأيخذ طابع االلزام جيب أن يتم التفاوض على هذا العقد بصورة‬
‫منفردة ‪،‬أو أن يتضمن العقد بياان يفيد خروجه على اإلتفاقية‪ .‬ويضاف إىل ذلك شرط‬
‫آخر ابلغ األمهية يتمثل يف عدم ادراج ما يفيد اخلروج على االتفاقية يف عقد من عقود‬
‫اإلذعان غري قابل للنقاش على شروطه‪ .‬ويكمن الفرق بني املادتني ‪1/67‬و ‪ 2/80‬يف كون‬
‫األوىل ال تستبعد عقود اإلذعان ‪،‬أي أنه إذا كان العقد الكمي أيخذ وصف عقد اإلذعان‬
‫فإن اإلتفاق على شرط حتديد احملكمة املختصة حصراي يكون ملزما طاملا قد أشري إليه‬
‫صراحة‪.2‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 80‬فقرة أوىل من قواعد روتردام‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Wei‬‬ ‫‪HOU, op. cit, n°390.‬‬
‫‪434‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يتبني من الفقرة ‪ 2‬من املادة ‪ 67‬من ذات املعاهدة أن التحديد اإلتفاقي الوارد يف‬
‫العقد الكمي خبصوص احملكمة املختصة دون سواها ال يلزم إال طرفاه ‪،‬أما ما كان خارج‬
‫نطاق هذا العقد فال يتقيد به إال إذا اجتمعت مجلة من الشروط‪:‬‬
‫أ‪-‬أن تقع احملكمة املتفق عليها يف أحد األماكن اليت حددهتا املادة‪/66‬أ وهي مقر الناقل‪ ،‬أو‬
‫مكان تسلم أو تسليم البضائع املتفق عليه يف عقد النقل‪ ،‬أو مكان أول ميناء شحن ُحتمل‬
‫فيه البضائع على منت السفينة‪ ،‬أو آخر ميناء تفرغ فيه البضائع املنقولة‪.‬‬
‫ب‪-‬أن يرد االتفاق على احملكمة املختصة يف مستند النقل أو سجل النقل اإللكرتوين‪.‬‬
‫ج‪-‬أن يبلغ ذلك الشخص الذي ليس طرف يف العقد الكمي على وجه واضح وبوقت‬
‫مناسب ابحملكمة اليت ترفع فيها الدعاوى و حبصريتها ‪،‬على سبيل املثال إذا كان هذا‬
‫الشخص هو الناقل الفعلي الذي كلفه الناقل املتعاقد بنقل إحدى الكميات من البضائع‬
‫‪،‬فعلى هذا األخري أن يبلغ الناقل الفعلي قبل التعاقد معه أو عند ابرام العقد معه ‪،‬على أبعد‬
‫تقدير أن مثة حمكمة حصرية يؤول إليها اختصاص الفصل ابلنزاعات الناشئة عن تنفيذ العقد‬
‫الكمي ‪،‬أما إذا مت إبالغه بعد ابرام العقد معه فال يعد ذلك وقتا مناسبا لتبليغه ‪،‬ألنه لو علم‬
‫بوجوب رفع الدعوى بوجه الشاحن أمام حمكمة بعينها لرمبا قد يرفض االتفاق وتفتح أمامه‬
‫اخليارات اليت أتيحت له يف املعاهدة‪.1‬‬
‫د‪-‬أن يعرتف القانون الوطين للدولة املختارة اليت تقع هبا احملكمة املختصة أو احملاكم املتفق‬
‫عليها‪ ،‬جبواز إلزام الشخص الذي مل يدخل يف االتفاق على العقد الكمي ابتفاق االختيار‬
‫احلصري للمحكمة املختصة‪.2‬‬

‫املرجع السابق ‪،‬ص ‪.427‬‬ ‫‪ -1‬وجدي حاطوم‪،‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪، 2/ 67‬بند ‪ 4‬من قواعد روتردام‪.‬‬

‫‪435‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫‪ -2‬االتفاق على احملكمة املختصة قبل نشوء النزاع‬


‫إن التعداد الوارد ابملعاهدة للمحاكم اليت ميكن اللجوء إليها من أجل رفع الدعوى على‬
‫الناقل هو من حقوق الشاحنني أو من يقوموا مقامهم من مدعني ‪،‬فال جيوز االنتقاص من‬
‫هذا احلق ابتفاق بني األطراف قبل نشوء النزاع ‪،‬ما عدا االتفاق على حتديد حمكمة حصرية‬
‫ابلنزاع وفق الشروط الواردة أعاله واحلكمة من ذلك تكمن يف اخلشية من وقوع الشاحن‬
‫حتت ضغط الناقل وتعسفه شأاها يف ذلك شأن اتفاقية هامبورغ وهذه اخلشية تنتفي كما‬
‫سبقت اإلشارة إليه ضمن أحكام هذه األخرية و هلذه الضرورة فقد أاتحت املادة ‪ 72‬من‬
‫قواعد روتردام لطريف عقد النقل أن يتفقا على تسوية نزاعاهتما أمام أي حمكمة خمتصة‬
‫خيتارواها‪.1‬‬
‫إن املقصود ابحملكمة املختصة ليس أية حمكمة على اإلطالق إمنا هي إحدى احملاكم‬
‫املختصة املوجودة يف إحدى الدول املنضمة إىل املعاهدة ‪،‬على اعتبار أن اصطالح احملكمة‬
‫املختصة وفقا للمادة ‪ 30/1‬يعين احملكمة اليت توجد يف دولة متعاقدة و جيوز هلا وفقا لقواعد‬
‫التوزيع الداخلي لالختصاصات بني حماكم تلك الدولة أن متارس والية على النزاع ‪ ،‬فإذا َمثُ َل‬
‫املدعى عليه أمام هذه احملكمة دون أن يطعن يف مدى واليتها وفقا لقواعد التوزيع الداخلي‬
‫الختصاص احملاكم يف الدولة الواقعة فيها ‪،‬حيث يكون هلذه احملكمة الوالية القضائية الكاملة‬
‫على النزاع‪.‬‬
‫اجلدير ابلذكر أن املعاهدة قد نظمت مسألة االختصاص القضائي للدعوى املرفوعة‬
‫على الطرف املنفذ البحري‪ ،‬فإذا مت رفع دعوى املسؤولية الناجتة عن الضرر الالحق ابلبضاعة‬
‫على الطرف املنفذ البحري والذي عهد إليه الناقل بتنفيذ االلتزامات الواقعة عليه يف الفرتة‬
‫املمتدة بني وصول البضائع إىل ميناء الشحن وحىت مغادرة السفينة ميناء التفريغ وتتمثل هذه‬
‫الواجبات يف استالم احلاوايت‪ ،‬شحنها وتفريغها وتسليم البضائع إىل املرسل إليه‪ .‬و كنتيجة‬

‫‪ -1‬وجدي حاطوم ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.428‬‬

‫‪436‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫إلخالل الطرف املنفذ البحري بواجباته كان من حق املدعي وفقا لالتفاقية رفع الدعوى عليه‬
‫يف احملكمة املختصة اليت يقع ضمن واليتها األماكن التالية ‪:1‬‬
‫أ‪-‬مقر الطرف املنفذ البحري (الناقل الفعلي)‪.‬‬
‫ب‪-‬ميناء الشحن الذي يتسلم فيه الطرف املنفذ البحري البضائع‪ ،‬أو ميناء التفريغ والذي‬
‫يقوم فيه بتسليم البضائع‪ ،‬أو امليناء الذي يقوم فيه أبنشطة تتعلق ابلبضائع كميناء املسافنة‪.2‬‬
‫و تضيف املادة ‪ 69‬من املعاهدة املدرجة حتت عنوان عدم وجود أسس إضافية‬
‫للوالية القضائية و رهنا أبحكام املادتني ‪71‬و‪ 72‬أنه ال جيوز رفع أية دعوى قضائية على‬
‫الناقل أو الطرف املنفذ البحري أمام حمكمة آخرى مل ترد يف املادتني ‪66‬و‪ . 68‬وهبذا تكون‬
‫معاهدة روتردام قد قطعت الشك ابليقني يف أي دعوى قضائية ترفع على الناقل ‪،‬أو الطرف‬
‫املنفذ البحري جيب أن ال خيرج عن نطاق التعداد احملصور لرفع الدعاوى على هاذين‬
‫األخريين و إال رفضت الدعوى شكال ملخالفتها االختصاص القضائي‪.‬‬
‫كما تسمح معاهدة روتردام ابختاذ تدابري وقائية أو مؤقتة أو تنفيذية كاحلجز‬
‫االحتياطي أو التنفيذي على أموال الناقل أو الطرف املنفذ البحري أمام حمكمة غري خمتصة‪.‬‬
‫غري أنه ال ميكن هلذه احملكمة أن تتجاوز ما قررته االتفاقية من حدود التدابري املذكورة إىل حد‬
‫الفصل يف الدعوى ‪،‬إال إذا كانت تلك احملكمة من ضمن احملاكم املختصة يف الفصل يف‬
‫النزاع طبقا للشروط املقررة مبقتضى أحكام الوالية القضائية الواردة ابلفصل‪ 14‬من االتفاقية‪،‬‬
‫أو إذا وجدت اتفاقية دولية انفذة يف الدولة اليت تتخذ فيها التدابري متنحها احلق يف‬
‫االختصاص القضائي للفصل يف الدعوى‪.3‬‬
‫ابإلضافة إىل ما تقدم بشأن احملاكم اليت يؤول إليها االختصاص القضائي فإن االتفاقية‬
‫قد ختمت هذا املوضوع الذي أكثرت تفاصيله حبكمني‪ :‬األول يتعلق بضم الدعاوى الناشئة‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 68‬من قواعد روتردام‪.‬‬


‫‪ -2‬املسافنة هي شحن البضائع على سفينة أخرى عندما تصبح سفينة املقررة غري قادرة على مواصلة الرحلة البحرية بسبب عطب هبا‪.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪ 70‬من قواعد روتردام ‪.‬‬

‫‪437‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫عن حدث واحد ‪،‬أما احلكم الثاين فيخص االعرتاف ابألحكام الصادرة عن احملكمة املختصة‬
‫وتنفيذها‪.‬‬
‫‪-1‬ضم الدعاوى ونقلها‬
‫قد حيدث عمال أن ترفع دعوى واحدة على الناقل و الطرف املنفذ البحري معا يف آن‬
‫واحد و النامجة عن حدث واحد وطبقا للمادة ‪ 71‬من قواعد روتردام فإنه ال جيوز يف هذه‬
‫احلالة رفع تلك الدعوى إال أمام إحدى احملاكم احملددة يف املادة ‪ 66‬حسب اختيار املدعي‬
‫‪،‬أو إحدى احملاكم املذكورة يف املادة ‪ . 68‬ويف حال عدم وجود حمكمة من هذا القبيل‬
‫‪،‬فيجوز رفع الدعوى أمام احملكمة املختصة اليت يقع يف نطاق واليتها امليناء الذي يتسلم فيه‬
‫الطرف املنفذ البحري‪ ،‬أو امليناء الذي يزاول فيه الطرف املنفذ البحري أنشطته املتعلقة‬
‫ابلبضائع‪.1‬‬
‫ال جيوز ضم الدعاوى على هذا النحو إال إذا مت االتفاق بني طريف عقد النقل على‬
‫تسوية النزاع أمام حمكمة خمتصة حصراي‪ ،‬إذا توافرت فيها شروط املادتني ‪ 67‬و‪ 72‬اللتني‬
‫سبق ذكرمها ‪ .‬وهذا طبقا ملا ورد يف الفقرة األوىل من املادة‪ 71‬من قواعد روتردام‪.‬‬
‫أما الفقرة الثانية من النص األخري فتمنح للناقل‪ ،‬أو الطرف املنفذ البحري الذي يرفع‬
‫دعوى يعلن فيها بعدم مسؤوليته ‪،‬أو اختاذ إجراء حبرمان شخص من حقه يف اختيار إحدى‬
‫احملاكم احملددة يف املادة ‪، 66‬أو‪ 68‬احلق يف أن يسحب هذه الدعوى بناءا على طلب‬
‫املدعي‪ .‬وكان هذا األخري قد اختار إحدى احملاكم املذكورة يف املادتني األخريتني أيهما كانت‬
‫متاحة له و كان يف إمكان الناقل رفع دعواه أمام هذه احملكمة ‪.‬‬
‫‪-2‬االعرتاف ابألحكام الصادرة عن احملكمة املختصة و تنفيذها‪.‬‬
‫تقضي املادة ‪ 1/73‬من قواعد روتردام أبن القرارات الصادرة عن احملاكم املختصة‬
‫مبوجب يف إحدى الدول املنضمة إىل املعاهدة واليت تفصل يف دعاوى املسؤولية يعرتف هبا و‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 68‬فقرة ب من قواعد روتردام ‪.‬‬

‫‪438‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫تنفذ وفقا لقانون اإلجراءات املدنية املتبعة يف الدولة املتعاقدة األخرى واليت يطلب فيها‬
‫املدعي الذي صدر احلكم لصاحله تنفيذ هذا احلكم‪ ،‬لكن بشرط أن تكون كلتا الدولتان قد‬
‫أصدرات إعالان اباللتزام ابلفصل املتعلق ابالختصاص القضائي‪ ،‬طبقا للمادة ‪74‬من‬
‫املعاهدة‪.1‬‬
‫أيضا جتيز الفقرة الثانية من املادة ‪ 73‬للمحكمة اليت يرفع أمر االعرتاف ابلقرار‪ ،‬أو‬
‫تنفيذه أمامها رفض ذلك استنادا لألسباب املقررة‪ ،‬يف قانون الدولة اليت توجد فيها هذه‬
‫احملكمة‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫احملكمة املختصة يف القانون البحري اجلزائري‬
‫أحالت املادة ‪ 745‬من القانون البحري اجلزائري اختصاص الدعاوى الناشئة عن عقد‬
‫النقل البحري للبضائع إىل احملاكم احملددة وفقا للقواعد القانون العام (قانون اإلجراءات‬
‫املدنية) ‪،‬فنصت على أنه‪" :‬ترفع القضااي اليت تتعلق بعقد النقل البحري أمام اجلهات‬
‫القضائية املختصة إقليميا حسب قواعد القانون العام" وهو النص املكتوب ابللغة العربية‬
‫‪،‬لكن إذا رجعنا إىل النص املكتوب ابللغة الفرنسية جنده حيتوي على فقرة سقطت سهوا أثناء‬
‫ترمجتها إىل اللغة العربية وهي تنص على اختيارين آخرين إضافة إىل أحكام القانون العام ومها‬
‫احملكمتني الواقع يف دائرة اختصاصهما ميناء الشحن‪ ،‬أو ميناء التفريغ إذا كاان واقعني يف‬
‫الرتاب الوطين‪.2‬‬
‫يف هذا الشأن اثر اإلشكال حول من هو األوىل ابلتطبيق النص ابللغة العربية أم‬
‫ابللغة الفرنسية وهذا األخري هو الذي يتضمن الفقرة الثانية؟‬

‫‪ -1‬يظهر من مضمون املادة ‪ 74‬أن االختصاص القضائي ليس من النظام العام وال يلزم الدولة املتعاقدة إال إذا أعلنت عن التزامها بذلك‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Elle peuvent,on outre en,outre être portée devent la juridiction du port de‬‬
‫‪chargement ou devent la juridiction du port de déchargement ,si celui est stué sur‬‬
‫‪téritoire national".‬‬
‫‪439‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫لقد فصلت احملكمة العليا يف هذا الشأن بقوهلا‪ ":‬أن املادة ‪ 745‬ق ب ج‪ ،‬حيث‬
‫أعطت للمدعي حق اختيار احملكمة الفاصلة يف املواد البحرية حمكمة مقر إقامة املدعي عليه‬
‫أو حمكمة ميناء التفريغ وال ميكن لقضاة املوضوع أن مينعوا املدعي من االستفادة من هذا‬
‫احلق"‪.1‬‬
‫من بني أحكام القانون العام واليت أحالت إليها املادة ‪ 745‬ق ب نص املادة ‪37‬‬
‫من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اليت قضت على أنه ‪":‬يؤول االختصاص اإلقليمي‬
‫للجهة القضائية اليت يقع يف دائرة اختصاصها موطن املدعى عليه وإذا مل يكن له موطن‬
‫معروف ‪،‬فيعود االختصاص للجهة القضائية اليت يقع فيها آخر موطن له‪ .‬ويف حالة اختيار‬
‫املوطن يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية‪ ،‬اليت يقع فيها املوطن املختار مامل ينص‬
‫القانون خالف ذلك"‪.‬‬
‫أيضا تضيف املادة ‪ 39‬فقرة ‪ 4‬من نفس القانون أن ترفع الدعوى املتعلقة ابملواد‬
‫التجارية غري اإلفالس والتسوية القضائية أمام اجلهة القضائية اليت يقع يف دائرهتا الوعد ‪،‬أو‬
‫تسليم البضاعة‪ ،‬أو أمام اجلهة القضائية اليت يتم الوفاء يف دائرة اختصاصها"‪.‬‬
‫يف احلقيقة أن هذه املادة فيها تشابه مع املادة ‪ 745‬ق ب ج‪ ،‬ألننا إذا متعنا يف‬
‫احملكمة اليت يقع يف نطاق اختصاصها مكان الوعد سنجدها حمكمة ميناء الشحن وكذلك‬
‫حمكمة تسليم البضاعة سنجدها حمكمة ميناء التفريغ‪.‬‬
‫فضال عن ذلك ميكن لطريف عقد النقل أن يتفقا على جهة قضائية أخرى غري تلك‬
‫اجلهات املتاحة قانوان‪ ،‬مع بقاء هذا االتفاق خيارا إضافيا يندرج ضمن اخليارات األخرى‪.‬‬
‫وخيلص القول مما تقدم أن املشرع اجلزائري يف القانون البحري قد أعطى لرافع الدعوى‬
‫الناشئة‪ ،‬عن عقد النقل البحري عدة خيارات لرفع دعواه‪ .‬وهي إما أمام اجلهات القضائية‬
‫اليت حددهتا املادتني ‪ 37‬و‪ 39‬من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية وإما حسب املادة‬

‫‪ -1‬القرار رقم ‪ 162697‬بتاريخ ‪،1997/12/16‬مشور ابجمللة القضائية ‪،‬اإلجتهادا القضائي للغرفة التجارية والبحرية ‪،‬عدد خاص ‪،‬سنة‬
‫‪،1999‬ص‪.166‬‬

‫‪440‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪ 2/745‬من القانون البحري اجلزائري ومها حمكميت ميناء الشحن و ميناء التفريغ‪ ،‬إذا كانتا‬
‫واقعتني داخل الدولة اجلزائرية‪ .‬وأخريا حسب ما يتفق عليه الطرفان‪. 1‬‬
‫الفرع الرابع‪:‬‬
‫تقادم دعوى التعويض‬
‫يستطيع الناقل أن يدفع مسؤوليته عن الضرر الذي حلق ابلبضاعة ابلتمسك بعدم‬
‫مساع الدعوى لسقوط احلق يف رفعها ابلتقادم إذا توافرت شروطها ويالحظ أن مدة التقادم‬
‫تعترب قصرية يف أحكام القوانني الوطنية واالتفاقيات الدولية اخلاصة ابلنقل البحري وهذا ما‬
‫نلمحه قياسا مبدة التقادم اليت تقررها القواعد العامة‪. 2‬‬
‫صر هذه املدة اليت تقررت لصاحل الناقل ال تقوم على قرينة الوفاء وإمنا على رغبة‬
‫إن ق َ‬
‫يف إاهاء املنازعات املتعلقة ابلنقل البحري بسرعة‪ 3‬وبناءا عليه فقد اقتضى البحث يف موضوع‬
‫التقادم املتعلق بدعوى التعويض والتعرض ملا جاءت به اتفاقية بروكسل وبروتوكول‬
‫تعديلهالسنة‪1968‬أوال ‪،‬مث التطرق بعد ذلك ألحكام التقادم يف اتفاقييت هامبورغ وقواعد‬
‫روتردام ‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫التقادم يف اتفاقية بروكسل وبروتوكول تعديلهالسنة‪1968‬‬
‫اعتمدت اتفاقية بروكسل لسنة ‪ 1924‬التقادم السنوي أي عدم مساع دعوى التعويض‬
‫الرامية إىل املطالبة ابألضرار الناشئة عن النقل البحري مبضي سنة واحدة و يبدأ سراين هذه‬
‫املدة من اتريخ تسليم البضائع إىل املرسل إليه ‪،‬حيث جاء يف نص املادة ‪...": 6/3‬أنه و يف‬
‫مجيع األحوال ترتفع عن الناقل والسفينة كل مسؤولية انشئة عن اهلالك أو التلف إذا مل ترفع‬
‫الدعوى يف خالله سنة من تسليم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغي هلا فيه"‪.‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 747‬ق ب ج‪.‬‬


‫‪ -2‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.199‬‬
‫‪ -3‬مصطفى اجلمال‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.259‬‬

‫‪441‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫من خالل حتليل هذا النص يتضح أن احتساب املدة خيتلف يف حالة التلف عنه يف‬
‫حالة اهلالك الكلي‪ ،‬ألنه يف احلالة األوىل حيصل مثة تسليم‪ .‬لذلك يبدأ احتساب املدة من‬
‫انتهاء عملية التسليم وليس البدء فيه و هو التسليم املادي الكامل للمرسل إليه ‪ ،‬الذي ميكنه‬
‫من معرفة التلف أو النقص الذي حلق البضاعة ‪،‬أما يف حالة اهلالك الكلي فال يوجد هناك‬
‫تسليم للبضائع ‪ .‬وعليه حتتسب املدة من التاريخ‪ ،‬الذي يفرتض أن تصل فيه السفينة إىل‬
‫ميناء التفريغ وحسب ظروف احلال ‪،‬أما حالة التأخري فلم تشر االتفاقية إليها والسبب يف‬
‫ٍ‬
‫متمثل يف هالك أو تلف‬ ‫ذلك أاها مل تعتربها ضررا بذاهتا وإمنا ملا ينتج عنه من ضرر‬
‫البضائع‪.1‬‬
‫ابإلضافة إىل ذلك مل تشر االتفاقية إىل حاليت الغش واخلطأ اجلسيم وعليه يذهب اجتاه‬
‫يف الفقه إىل اعتماد التقادم السنوي املبين على املسؤولية التقصريية أي ثالث سنوات ‪، 2‬يف‬
‫حني يذهب اجتاه آخر إىل أنه مع وجود العقد فال ميكن البحث يف أحكام املسؤولية‬
‫التقصريية وإمنا يف قواعد املسؤولية العقدية وبذلك تكون املدة اليت تقررها القواعد يف نطاق‬
‫التجارة هي املعمول هبا‪ .‬وما التقادم القصري الذي تقرره االتفاقية والنصوص املشاهبة إال‬
‫امتياز ممنوح للناقل لتشجيعه على االستثمار يف امليدان البحري ‪،‬غري أنه يف حاليت الغش‬
‫واخلطأ اجلسيم فاملعيار جيب الرجوع فيه إىل األصل ‪،‬ألن الناقل يكون قد ختلى إبرادته عن‬
‫هذا االمتياز‪. 3‬‬
‫أما برتوكول تعديل املعاهدة لسنة ‪ 1968‬فلم يغري من مدة التقادم اليت نصت عليها‬
‫املعاهدة األصلية‪ ،‬غري أنه مسح للطرفني االتفاق على متديد هذه املدة بعد قيام سبب‬

‫‪ -1‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 201‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ -2‬يذكر من الدول اليت دعمت االجتاه األول (أمريكا ‪،‬روسيا ‪،‬الياابن ‪،‬فرنسا‪ ،‬اململكة املتحدة)ومن الدول اليت دعمت االجتاه الثاين‬
‫(اسرتاليا ‪،‬نيجراي ‪،‬اهلند)وميكن معرفة الدول بوضوح من أي نوع هي‪ ،‬حيث األوىل تعترب انقلة ‪،‬أما الدول الثانية فهي دول شاحنة ‪:‬مقال‬
‫القراءة يف مشروع االتفاقية اجلديدة ‪،‬جوزيف سويين‪ :‬مشار إليه لدى املرجع السابق ‪،‬ص‪.202‬‬
‫‪ -3‬نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪442‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الدعوى‪،1‬حسب ما ورد يف نص املادة األوىل فقرة‪ 2‬من هذا الربتوكول‪ .‬ويسري هذا التقادم‬
‫أايكانت املسؤولية سوآءا رفعت الدعوى على املسؤولية العقدية‪ ،‬أو تقصريية‪.‬‬
‫يتضح مما سبق ذكره أن التقادم يسري على الدعاوى املسؤولية املرفوعة ضد الناقل‬
‫للمطالبة ابلتعويض عن األضرار الالحقة ابلبضاعة ومن مث فهو ال يسري على دعوى الناقل‬
‫ضد الشاحن أو املرسل إليه للمطالبة أبجرة النقل‪ .‬ألن مثل هذه الدعوى وإن كانت انشئة‬
‫عن عقد النقل إال أاها ليست موجهة ضد الناقل ‪،‬كذلك ال تسري على دعوى الشاحن‬
‫واملرسل إليه للمطالبة برد أجرة النقل مدفوعة بغري حق ‪،‬ألن مثل هذه الدعاوى ليست دعوى‬
‫مسؤولية فإن أساسها ليس عقد نقل يف مفهوم املعاهدة‪. 2‬و ال جيوز االتفاق على انقاص‬
‫مدة التقادم واليت حددت بسنة يف املعاهدة بروكسل‪ ،‬أو بروتوكول تعديلها لسنة ‪1968‬‬
‫وذلك ملا فيه من ختفيف املسؤولية عن عاتق الناقل‪. 3‬‬
‫كما أضاف هذا الربوتوكول إىل املادة الثالثة فقرة ‪ 6‬مكرر‪ ،‬فأجاز مبوجبها إقامة‬
‫دعوى الرجوع ابلضمان حىت بعد انقضاء مهلة سنة ‪،‬بشرط رفع الدعوى خالل املدة احملددة‬
‫بقانون القاضي‪ ،‬حبيث ال تقل هذه املدة عن ثالثة أشهر من يوم قيام رافع دعوى الضمان‬
‫بتسوية املطالبة ‪،‬أومن يوم إقامة الدعوى عليه‪ .‬وخيضع هلذا احلكم دعاوى الناقل ضد‬
‫الشاحن ملطالبته ابلضمان بناءا على خطاب الضمان احملرر منه إلصدار سند شحن‬
‫نظيف‪.4‬‬

‫‪ -1‬و هو ما أخذ به املشرع اجلزائري يف املادة ‪743‬ق ب ج غري أن املشرع مسح إبطالة هذه املدة بسنتني ابتفاق بني الطرفني بعد وقوع‬
‫احلادث الذي ترتب عليه احلادث‪.‬‬
‫‪ -2‬يف هذا الشأن تقضي املادة ‪ 742‬ق ب ج تتقادم كل الدعاوى الناجتة عن عقد النقل لبحري مبرور سنتني من يوم تسليم البضاعة أو‬
‫من اليوم الذي كان جيب أن تسلم فيه ابستثناء ما هو مقرر من تقادم يف احلالتني التاليتني ‪ :‬األوىل اخلاصة الدعوى اليت ترفع على الناقل‬
‫الناجتة عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول حسب املادة ‪ 743‬ق ب ج والثانية اخلاصة بدعوى الرجوع اليت تتقوم برفعها‬
‫شركة التأمني على الناقل وهي مدة ثالثة بعد انقضاء مدة سنيتني حسب املادة‪ 744‬ق ب ج‪.‬‬
‫‪ -3‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 208‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -4‬مسيحة القليويب‪ ،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪ ،1987‬ص‪.224‬‬

‫‪443‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أما خبصوص وقف و انقطاع التقادم يف دعوى التعويض فيالحظ أن االتفاقيات‬
‫الدولية الثالث مل تتعرض ألحوال الوقف وانقطاعه‪ ،‬اتركة ذلك األمر للتشريعات الوطنية‪.‬‬
‫‪-1‬وقف التقادم ‪:‬‬
‫يقصد بوقف التقادم حصول مانع من شأنه أن يقف حائال دون رفع الدعوى يف‬
‫الوقت احملدد ويف هذا االطار تتدخل السلطة التقديرية لقاضي املوضوع يف حتديد ما إذا كان‬
‫املانع موقفا للتقادم أم ال ‪.‬كما يرتتب على الوقف عدم احتساب املدة اليت جرى عليها‬
‫التوقف ‪ ،‬فتضاف املدة السابقة على الوقف إىل املدة الالحقة له‪. 1‬‬
‫عمال ابملادة ‪ 1/316‬ق م ج ال يسري التقادم كلما وجد مانع مربر شرعا مينع‬
‫الدائن من املطالبة حبقه ويعين ذلك أن وقف التقادم يتطلب أن يكون رفع الدعوى من قبل‬
‫املدعي مستحيال استحالة مطلقة ويتجدد وقف التقادم كلما جتدد املانع مهما كان عدد‬
‫املرات خالل فرتة التقادم‪ .‬وإذا كانت املفاوضات ودية بني الناقل واملرسل إليه حول كيفية‬
‫تعويض األضرار الالحقة ابلبضاعة فإاها تعترب مانعا وفق املادة السابقة وتوقف التقادم إىل‬
‫حني انتهاء املفاوضات وقد تنتهي املفاوضات إبقرار الناقل بتعويض األضرار اليت حصلت‬
‫للبضاعة وابلتايل ينتهي النزاع ‪.‬كما قد تنتهي تلك املفاوضات بعدم قبوله ابلتسوية ‪،‬فينطلق‬
‫تقادم جديد بنفس املدة دون األخذ يف احلسبان املدة اليت توقف سراين التقادم خالهلا‪.2‬‬
‫‪-2‬انقطاع التقادم‪:‬‬
‫يرتتب على انقطاع التقادم زوال املدة اليت سبقت على انقطاع رفع الدعوى وبداية‬
‫حساب مدة جديدة للتقادم من اتريخ االنقطاع‪ .‬وقد اهتم املشرع اجلزائري يف القانون املدين‬
‫بتنظيم مسألة انقطاع التقادم يف املواد‪ 317‬وما يليها ‪،‬حيث نصت هذه األخرية على أنه‬

‫‪ -1‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 205‬‬


‫‪ -2‬بوعالم خليل ‪،‬إجراءات التقاضي يف املنازعات البحرية يف القانون اجلزائري واملعاهدات الدولية (معاهدة بروكسل لسنة ‪1924‬و معاهدة‬
‫هامبورغ لسنة ‪، 1978‬األكادميية للدراسات االجتماعية واإلنسانية ‪،‬العدد صفر ‪،،‬السداسي األول ‪،‬ص ‪. 75‬‬

‫‪444‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪":‬ينقطع التقادم ابملطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إىل حمكمة غري خمتصة ابلتنبيه أو‬
‫ابحلجز "‪.‬‬
‫و معناه أن املشرع قرر انقطاع مدة التقادم عندما يبادر الدائن برفع الدعوى ضد‬
‫املدين يطالبه بتسديد الدين وأن هذه املدة تنقطع حىت ولو رفعت هذه الدعوى أمام حمكمة‬
‫غري خمتصة‪.1‬‬
‫كذلك ينقطع التقادم يف حالة أخرى تضمنتها املادة ‪ 318‬ق م ج وهي حالة إقرار‬
‫املدين حبق الدائن ‪،‬أي أن يعرتف املدين أمام الدائن ابستعداده لدفع قيمة الدين مهما كانت‬
‫صيغة هذا اإلقرار صرحيا أو ضمنيا‪ ،‬على أن يتضمن اإلقرار االعرتاف حبق صاحب البضاعة‬
‫يف التعويض واملسؤولية عن هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف تسليمها‪ .‬فضال على أن‬
‫يكون االعرتاف قاطعا يف معناه ويف حالة ما إذا التجأ اخلصوم يف عقد النقل البحري إىل‬
‫التحكيم فإن مشارطة التحكيم والتوقيع عليها ال يقطع أيهما بذاته مدة التقادم بل تقطعه‬
‫الطلبات اليت يقدمها الدائن للمحكمني أثناء سري التحكيم إذا تضمنت متسكه حبقه وإذا‬
‫كان التحكيم بديال عن التقاضي ابرتضاء اخلصوم فإنه يتعني أن يكون له أثر يف انقطاع‬
‫التقادم‪ .‬و يرتتب على ذلك األثر جمرد حصول إجراءات التحكيم ‪،‬مع وجوب متسك الدائن‬
‫حبقه أمام هيئة التحكيم للقول ابنقطاع التقادم‪. 2‬‬
‫تنص املادة ‪ 319‬ق م ج على أنه ‪":‬إذا انقطع التقادم بدأ تقادم جديد يسري من‬
‫وقت انتهاء األثر املرتتب على سبب االنقطاع‪ .‬وتكون مدته هي مدة التقادم األول" ‪،‬مبعىن‬
‫أنه إذا كان التقادم سنواي وانقطع خالل سراينه بسبب من األسباب املذكورة يف القانون‬
‫كالدعوى القضائية‪ ،‬أو إقرار املدين فإنه يبدأ تقادم سنوي جديد منذ انتهاء األثر املرتتب‬
‫على سبب االنقطاع ‪.3‬‬

‫‪ -1‬بوعالم خليل‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬املوضع نفسه ‪.‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.75‬‬
‫‪ -3‬نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪445‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫أحكام التقادم يف معاهدة هامبورغ‬
‫لقد انقسمت الدول أثناء اعداد مشروع االتفاقية حول رد الدعوى ملرور الزمن ‪،‬بسبب‬
‫أرادت اإلبقاء على التقادم‬ ‫‪Carriage states‬‬ ‫كونه مقرر ملصلحة الناقل ‪،‬فالدول الناقلة‬
‫‪Shipper‬‬ ‫السنوي الذي كان مقررا يف اتفاقية بروكسل ‪،‬بينما سعت الدول الشاحنة‬
‫‪states‬إىل تقادم مماثل ملا اعتمدته اتفاقية وارسوا للنقل اجلوي ‪،‬حيث أصبحت املدة املقررة‬
‫للتقادم هي سنتني ‪،‬فصدرت االتفاقية ابعتماد االجتاه الذي تدعمه الدول الشاحنة‪ .‬وهو ما‬
‫ورد يف املادة ‪ 20‬من املعاهدة‪. 1‬‬
‫حسب هذا النص فإن مدة التقادم يف الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري مبا‬
‫فيها املرفوعة على الناقل عما يلحق البضاعة من أضرار تكون حمددة بسنتني‪ ،‬تبدأ من اليوم‬
‫الذي يلي تسليم البضائع ‪،‬أو جزء منها ‪،‬أومن اليوم الذي كان جيب فيه تسليم البضائع‪ .‬وال‬
‫يدخل اليوم األول والذي تبدأ فيه املدة يف حساهبا‪. 2‬‬
‫كما أاهت اتفاقية هامبورغ اخلالف حول مسألة ما إذا كانت إجراءات التحكيم تقطع‬
‫التقادم أم أاها ال تغطيه‪،‬فبينت يف الفقرة الثالثة كون البدء يف التحكيم يقطع التقادم وسعيا‬
‫وراء حق الناقل يف التنازل عن املزااي اليت قررهتا له أحكام االتفاقية‪ ،‬فله أن ميدد مدة التقادم‬
‫إبيضاح كتايب يوجهه إىل صاحب احلق يف الدعوى ‪،‬على أن يكون ذلك خالل مدة سنتني‬
‫ويستطيع أن يكرر من متديد املدة مرات عديدة ‪،‬حيث يعترب متديد املدة مبثابة جتديد هلا‪.3‬‬
‫خبصوص تقادم دعوى الرجوع فاملفروض أن للمدين الذي وجهت إليه الدعوى حق‬
‫الرجوع على شخص آخر و لعل أحسن مثال يضرب على ذلك رجوع الناقل املتعاقد الذي‬
‫توجه إليه دعوى املسؤولية أبن يرجع على الناقل الفعلي‪ ،‬الذي هلكت أو تلفت البضاعة‬

‫‪ -1‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 202‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ -2‬مسيحة القليويب‪ ،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪ ،1987‬ص‪.224‬‬
‫‪ -3‬لطيف جرب كوماين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 203‬وما يليها‪.‬‬

‫‪446‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أثناء وجودها يف حراسته‪ .‬واالشكال هنا حيتمل أن تنقضي مدة التقادم قبل أن يتمكن املدين‬
‫من الرجوع على الشخص الذي له احلق يف مطالبته‪، 1‬ففي املثال السابق قد ال توجه دعوى‬
‫املسؤولية إىل الناقل املتعاقد الختاذ إجراءات الرجوع على الناقل الفعلي قبل أن يكون التقادم‬
‫قد احتواها فما احلل؟‬
‫هذه املسألة جاء حلها يف الفقرة اخلامسة من املادة ‪ 20‬من اتفاقية هامبورغ واليت‬
‫تضمنت أنه حيق للشخص الذي ترفع عليه دعوى املسؤولية أن يرفع دعوى الضمان وحىت‬
‫بعد انقضاء مدة التقادم املنصوص عليها يف الفقرات السابقة ‪،‬إذا أقيمت الدعوى يف حدود‬
‫املهلة املسموح هبا يف قانون الدولة‪ ،‬اليت تتخذ فيها اإلجراءات وجيب أال تقل هذه املهلة عن‬
‫‪ 90‬يوم تبدأ من يوم قيام رافع دعوى الضمان بتسوية املطالبة‪ ،‬أو من يوم اتريخ إقامة‬
‫الدعوى عليه‪.2‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫أحكام التقادم يف اتفاقية روتردام‬
‫نصت املادة ‪ 62‬من معاهدة روتردام على ما يلي‪:‬‬
‫"‪-1‬ال جيوز أن تقام إجراءات قضائية أو حتكيمية فيما يتعلق ابملطالبات‪ ،‬أو النزاعات‬
‫النامجة عن اإلخالل بواجب من الواجبات املنصوص عليها يف هذه االتفاقية بعد انقضاء فرتة‬
‫سنتان‪.‬‬
‫‪-2‬تبدأ الفرتة املشار إليها يف الفقرة‪ 1‬من هذه املادة يف اليوم الذي سلم فيه الناقل البضائع‪،‬‬
‫أو يف احلاالت اليت مل تسلم فيها البضائع‪ ،‬أو مل يسلم سوى جزء منها يف آخر يوم كان ينبغي‬
‫أن تسلم فيه البضائع وال حيتسب ضمن هذه الفرتة الذي تبدأ فيه ‪.‬‬

‫‪ -1‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.174‬‬
‫‪ -2‬أمحد حممود حسين‪ ،‬النقل الدويل البحري للبضائع‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 335‬وما يليها‪ ،‬مسيحة القليويب ‪،‬القانون البحري ‪،‬سنة ‪1987‬‬
‫‪،‬ص‪.324‬‬

‫‪447‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪-3‬بصرف النظر عن انقضاء الفرتة املبينة يف الفقرة ‪ 1‬من هذه املادة‪ ،‬ال جيوز ألحد الطرفني‬
‫أن يستند إىل مطالبته على سبيل الدفاع أو بغرض املقاصة مقابل مطالبة يتمسك هبا الطرف‬
‫اآلخر"‪.‬‬
‫كما تنص املادة ‪ 63‬على أنه "ال ختضع الفرتة املنصوص عليها يف املادة ‪ 62‬للتعليق‬
‫أو القطع ‪ ،‬لكن جيوز للشخص الذي تُقدم املطالبة جتاهه أن ميدد تلك الفرتة يف أي وقت‬
‫أثناء سراياها بتوجيه اعالن إىل املطالب‪ .‬و جيوز متديد هذه الفرتة جمددا "إبعالن آخر أو‬
‫إعالانت أخرى"‪.‬‬
‫من خالل هاذين النصني يتضح أن اتفاقية روتردام أتثرت مبعاهدة هامبورغ ابلغ‬
‫التأثر‪ ،‬فقد أخذت عنها عدة أحكام كمهلة التقادم ومتديدها ‪،‬حيث أن كافة الدعاوى‬
‫القضائية والتحكيمية املتعلقة مبطالب ‪،‬أو نزاعات انمجة عن اإلخالل ابلواجبات املنصوص‬
‫عنها يف االتفاقية‪ .‬و يسقط احلق إبقامتها بعد مرور سنتني وتسري مدة التقادم هذه على أية‬
‫دعوى مرتبطة بتنفيذ التزام انشئ عقد النقل واخلاضع لإلتفاقية ومن هذه الدعاوى نذكر ما‬
‫يلي‪:1‬‬
‫أ‪-‬دعوى مسؤولية الناقل أو الطرف املنفذ البحري مبواجهة الشاحن‪ ،‬أو املرسل إليه عن هالك‬
‫البضائع أو تلفها أو التأخري يف تسليمها ‪.‬‬
‫ب‪-‬دعوى الشاحن‪ ،‬أو املرسل إليه على من يقوم مقام الناقل يف تنفيذ العقد‪ ،‬أو أي التزام‬
‫فيه عوضا عنه‪.‬‬
‫ج‪-‬دعوى الناقل إزاء الشاحن‪ ،‬أو الشاحن املستندي عن اإلخالل أو التخلف بتقدمي‬
‫املعلومات الالزمة بشأن البضائع اخلطرة‪ ،‬أو اإلخالل بغريه من االلتزامات املفروضة عليه‪.‬‬

‫‪ -1‬وجدي حاطوم ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.438‬‬

‫‪448‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يبدأ حساب مدة السنتني يف حالة التلف من اليوم الذي سلمت فيه البضائع ‪،‬أما يف‬
‫حالة اهلالك والتأخري يف التسليم فتبدأ هذه املدة من آخر يوم كان جيب أن حيصل فيه‬
‫التسليم‪ .‬وال يدخل يف حساب هذه الفرتة اليوم الذي تبدأ فيه‪.1‬‬
‫إال أن اتفاقية روتردام تفرتق عن من سبقتها من االتفاقيات يف اعتبار مدة السنتني‬
‫مهلة سقوط واليت مبناها رغبة املشرع الدويل تصفية رحلة النقل أبسرع وقت ممكن للحفاظ‬
‫على أدلة اإلثبات من جهة‪ .‬ولعدم تراكم املطالب على حنو يعجز املسؤولون عن الوفاء هبا‬
‫من جهة اثنية والدليل على أن هذه املهلة هي مدة اسقاط وليس مدة مرور الزمن ما جاء يف‬
‫نص املادة ‪، 63‬اليت قضت بعدم خضوع هذه املهلة لالنقطاع أو الوقف ‪،‬فهذه الصفة هي‬
‫من الصفات اليت متيز مهلة اإلسقاط عن مهلة مرور الزمن ‪.‬‬
‫كما أاتحت معاهدة روتردام على غرار اتفاقية هامبورغ إطالة مهلة اإلسقاط‪ 2‬من‬
‫قبل الشخص الذي تسري لصاحله يف أي وقت أثناء سراياها بشرط أن يوجه إعالن إىل‬
‫املدعي وجيوز اطالتها ملرات متتالية بذات الكيفية ‪،‬فإذا كانت دعوى املسؤولية من الشاحن‬
‫على الناقل فإنه جيوز هلذا األخري متديد هذه املهلة اجلارية ملصلحته‪ .‬والعكس صحيح أيضا‬
‫إذا كانت الدعوى من الناقل جتاه الشاحن‪. 3‬‬
‫يالحظ خبصوص مرور الزمن على دعاوى الرجوع أن املادة ‪ 64‬من االتفاقية األخرية‬
‫جاءت مطابقة ألحكام املادة ‪ 3/ 20‬من اتفاقية هامبورغ ‪،‬حيث تضمنت أنه ميكن‬

‫‪ -1‬الفقرة‪ 2‬من املادة ‪ 62‬من قواعد روتردام ‪.‬‬


‫‪ -2‬غري أنه للمحكمة املصرية ( أسيوط) رأي خمالف من حيث أاها ترى أبنه ال جيوز تعديل مواعيد السقوط إبرادة ذوي الشأن اال ابالمتداد‬
‫وال ابالنقاص خبالف مواعيد التقادم فإن ذلك جائز خبصوصها وكذلك ال جيوز التنازل مواعيد السقوط بعد سراياها وعلى القاضي مراعاة‬
‫هذا من تلقاء نفسه ويفرض القانون عليه وجوب احرتامها بغري أن يدفع أحد طريف اخلصومة هباو مىت مت سراين ميعاد السقوط انقضى احلق‬
‫بصفة مطلقة ‪،‬خبالف احلال يف التقادم (حكم صادر يف ‪ 22‬ديسمرب ‪: ) 1946‬مشار إليه لدى عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬الوسيط يف شرح‬
‫القانون املدين اجلديد ‪،‬اجلزء الثالث‪ ،‬الطبعة الثالثة اجلديدة‪ ،‬منشورات حليب احلقوقية ‪ ،‬الطبعة الثالثة اجلديدة ‪،‬بريوت‪ -‬لبنان ‪،‬سنة ‪،2000‬‬
‫‪،‬ص‪، 103‬هامش رقم ‪.1‬‬
‫‪ -3‬وجدي حاطوم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.339‬‬

‫‪449‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫للشخص الذي يتحمل املسؤولية عن شخص آخر‪ ،‬ابلرجوع على هذا األخري وذلك إذا‬
‫رفعت الدعوى خالل أبعد األجلني‪:‬‬
‫أ‪-‬خالل املدة اليت يسمح هبا القانون املطبق يف الدولة اليت ختتص حمكمتها ابلفصل يف النزاع‪.‬‬
‫ب‪ -‬أو خالل مدة ‪ 90‬يوما تبدأ من يوم قيام رافع دعوى التعويض بتسوية املطالبة بدفع ما‬
‫عليه من مبلغ التعويض ‪،‬أو من يوم تبليغه إبجراءات الدعوى املرفوعة ضده إذا كان مل يقم‬
‫بعد بتسديد مبلغ التعويض املستحق عليه أيهما أسبق‪.1‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬‬
‫تسوية منازعات التعويض عن طريق التحكيم‬
‫يقوم التحكيم يف الوقت احلاضر بدور هام يف تسوية املنازعات يف التجارة الدولية‬
‫‪،‬حيث تفضل املنشآت التجارية اإللتجاء إليه عوضا عن القضاء العادي ملا يوفره من مزااي‬
‫كسرعة الفصل يف اخلصومة وسرية اإلجراءات ومرونة األحكام‪ .‬وملا كان الغالب أن يكون‬
‫التحكيم وسيلة اتفاق بني ذوي الشأن يف عقد النقل البحري لتسوية ما ينشأ بينهم من‬
‫منازعات متعلقة هبذا العقد ‪.‬‬
‫حاولت اتفاقييت هامبورغ و روتردام تفادي القصور الذي اتسمت به اتفاقية بروكسل‬
‫وبروتوكويل تعديلها لسنة ‪1968‬وسنة ‪،1979‬يف عدم التعرض ملسألة التحكيم خبصوص‬
‫املنازعات البحرية‪ ،‬املتعلقة بنقل البضائع ‪،‬ال سيما فيما خيص مسؤولية الناقل البحري عن‬
‫ضياع ‪،‬أو تلف ‪،‬أو أتخري يف تسليم البضاعة إىل املرسل إليه‪،‬وفق ما تقتضيه مبادئ التجارة‪،2‬‬
‫فقد قامت االتفاقيتني بتنظيم بعض جوانبه هادفة من التحكيم البحري‪ ،‬مركزة على اتقاء‬

‫‪ -1‬إذا كانت املدة املسموحة هبا يف الدولة اليت تتخذ فيها اإلجراءات لرفع دعوى الرجوع أكثر من ‪90‬يوم تعتمد هذه املهلة ‪،‬وإذا كانت‬
‫أقل تعتمد مهلة ‪ 90‬يوما ‪،‬بغض النظر عن عما إذا كانت مدة مرور الزمن على الدعوى األصلية قد انقضت أمال ‪ :‬وجدي حاطوم‪ ،‬املرجع‬
‫السابق ‪،‬ص ‪. 440‬‬
‫‪ -2‬اميان حسن اجلميل ‪،‬اتفاق التحكيم البحري ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪450‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫أمرين ‪ :‬األول ضغط الطرف القوي على الطرف اآلخر لقبول اجراء التحكيم يف مكان‬
‫اليالئمه‪ ،‬الثاين اختاذ التحكيم وسيلة لإلفالت من القواعد اآلمرة اليت وضعتها االتفاقيتني‪.1‬‬
‫و بناءا على ذلك سيتم دراسة هذا املطلب من خالل أربعة فروع‪ :‬تعريف اتفاق التحكيم‬
‫وأنواعه (فرع أول)‪ ،‬مراكز التحكيم البحري(فرع اثين)‪ ،‬التحكيم يف االتفاقيات الدولية(فرع‬
‫اثلث) ‪،‬التحكيم التجاري الدويل وفق القانون اجلزائري ‪( 09/08‬فرع رابع)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬‬
‫املقصود ابتفاق التحكيم و أنواعه‬
‫قبل البدأ بتعريف التحكيم أو عقد التحكيم كما يطلق عليه أحياان إذ يرجع سبب‬
‫االختالف يف التعبري عن اتفاق التحكيم مبصطلح االتفاق‪ ،‬أو العقد إىل التفرقة بني العقد‬
‫هو توافق ارادتني أو أكثر على إنشاء‬ ‫‪convention‬‬ ‫واالتفاق عند بعض الفقهاء‪ ،‬فاالتفاق‬
‫فهو أخص من االتفاق ومعناه توافق‬ ‫‪contrat‬‬ ‫التزام أو نقله أو تعديله أو إاهائه ‪.‬أما العقد‬
‫ارادتني على انشاء التزام أو على نقله و يتضح من ذلك أن كل عقد يكون اتفاقا‪ ،‬أما‬
‫االتفاق فال يكون عقدا إال إذا كان منشئا اللتزام أو انقال له ‪،‬فإذا كان يعدل االلتزام أو‬
‫ينهيه فهو ليس بعقد‪.2‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫املقصود ابلتحكيم‬
‫ظهرت هناك عدة تعاريف للتحكيم من بعض التشريعات العربية الداخلية واالتفاقيات‬
‫الدولية كاتفاقية نيويورك اخلاصة ابالعرتاف وتنفيذ أحكام احملكمني األجنبية‪،‬كما قام القضاء‬
‫يف بعض الدول العربية بتعريف التحكيم كالقضاء املصري‪ ،‬لذلك ميكن تقسيمها حسب‬
‫مصدرها إىل ثالث تعريفات‪ :‬تعريف فقهي ‪ ،‬تشريعي وتعريف قضائي‪.‬‬

‫‪ -1‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪ -2‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ‪،‬اجمللد األول ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 137‬‬

‫‪451‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫أ‪-‬التعريف الفقهي للتحكيم‬


‫يعرف بعض الفقه اتفاق التحكيم الدويل أبنه اتفاق يقوم عن طريقه طرفان أو أكثر‬
‫بتعيني حمكم أو أكثر حلل منازعات قد تنشأ بينهم ‪،‬أو اليت وقعت واملتعلقة مبصاحل التجارة‬
‫الدولية‪.1‬‬
‫و يعرف التحكيم على العموم أبنه أحد الوسائل البديلة حلل نزاعات التجارة الدولية‬
‫اليت تقوم على اتفاق ما بني طرفني أو أكثر على تسوية منازعاهتم ابإلحالة إىل شخص واحد‬
‫‪،‬أو أكثر ليقوموا إبجياد حل هلذا النزاعات فيلتزم به الطرفان ‪،‬كما ميكن اعتباره اتفاق أو‬
‫عقد ما بني طرفني ‪،‬أو أكثر على حل منازعاهتم التجارية خالل مدة معينة حيددواها سلفا‬
‫ومن خالل إجراءات خيتارواها وقانون يرتضون تطبيقه‪ ،‬حىت صدور حكم يلتزمون به‪.2‬‬
‫أما يف مفهومه املبسط فيعرف على أنه اتفاق طريف عالقة قانونية معينة يف إطار‬
‫القانون اخلاص على تسوية نزاعاهتم التجارية واملالية عن طريق شخص ‪،‬أو أكثر يتم تعينه من‬
‫الطرفني مباشرة أو بطريقة مباشرة‪ .‬ويف حالة عدم االتفاق على مثل هذا التعيني فتكون عادة‬
‫وسيلة التعيني هي القضاء‪،‬بغية إصدار حكم اهائي ملزم بشأن النزاع بدال من القضاء‬
‫الرمسي‪.3‬‬
‫ب‪-‬التعريف التشريعي للتحكيم‬
‫عند الرجوع إىل القوانني املقارنة اخلاصة ابلتحكيم التجاري الدويل جند أن أغلبها مل‬
‫أتت بتعريف التفاق التحكيم ‪،‬غري أاها أتكد على نفس األفكار من حيث ابرام اتفاق‬
‫التحكيم ‪،‬الذي يربم عند نشوء النزاع أو قبله ‪،‬أي أن يكون اتفاقا قائما يف العقد األصلي‬
‫قبل وقوع األضرار أو مستقبليا ‪،‬إذ يكون بعد حصول األضرار‪ .‬وهو ما نستقرئه من القانون‬

‫‪1‬‬
‫‪-Philippe‬‬
‫‪Fauchard, Emmanuel Gaillard, Berthold Goldman, Traité de l'arbitrage‬‬
‫‪commercial international, Edition Litec (libraire de la cour de cassation),paris,‬‬
‫‪1996,p209.‬‬
‫‪ -2‬عمر سعد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.273‬‬
‫‪ -3‬نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪452‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الفرنسي لسنة ‪ 1981‬يف املادتني ‪ 1494 ،1493‬وقد حذا املشرع اجلزائري حذوه إذ مل‬
‫يعرف اتفاق التحكيم يف املرسوم التشريعي ‪ .109/93‬ولكنه يف التعديل اجلديد الذي جاء‬
‫به قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية فيالحظ على املادة ‪ 1011‬منه أاها قدمت تعريفا‬
‫بسيطا ‪،‬إذ نصت على أن ‪":‬اتفاق التحكيم هو االتفاق الذي يقبل األطراف مبوجبه عرض‬
‫نزاع سبق نشوؤه على التحكيم"‪ .‬و هو تعريف خص به املشرع اجلزائري التحكيم الداخلي‪.‬‬
‫أما خبصوص التحكيم التجاري الدويل فلم يعرفه املشرع اجلزائري‪ ،‬غري أنه بني املعيار‬
‫الذي يسهل على القاضي معرفته‪ ،‬فهو التحكيم الذي خيص النزاعات اليت تتعلق مبصاحل‬
‫االقتصادية لدولتني على األقل‪.2‬‬
‫لقد ذهبت بعض التشريعات العربية إىل تعريف اتفاق التحكيم بقوهلا "اتفاق التحكيم‬
‫هو اتفاق الطرفني لإللتجاء إىل التحكيم لتسوية كل ‪،‬أو بعض املنازعات اليت نشأت أو ميكن‬
‫أن تنشأ بينهما مبناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو غري عقدية "‪ .‬وقد أخذ هبذا‬
‫التعريف القانون التحكيم املصري لسنة ‪ 1994‬يف املادة ‪، 27‬قانون التحكيم العماين يف‬
‫املادة ‪ 10‬وقانون التحكيم الفلسطيين يف املادة‪. 5‬‬
‫ما يالحظ على هذا التعريف أنه جاء مشاهبا ألحكام املادة السابعة من القانون‬
‫النموذجي للجنة األمم املتحدة لقانون التحكيم التجاري الدويل لسنة ‪.1985‬كما عرفته‬
‫املادة الثانية من اتفاقية نيويورك اخلاصة ابالعرتاف وتنفيذ أحكام احملكمني األجنبية املوقعة‬
‫سنة‪31958‬بقوهلا ‪":‬التحكيم هو اتفاق مكتوب يلتزم مبقتضاه األطراف أبن خيضعوا‬
‫للتحكيم كل أو بعض املنازعات الناشئة ‪،‬أو اليت قد تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط‬
‫القانون التعاقدية أو غري تعاقدية املتعلقة مبسألة جيوز تسويتها عن طريق التحكيم ويقصد‬

‫‪ -1‬بودايل خدجية ‪ ،‬اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري (دراسة مقارنة )‪،‬رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص‪ ،‬جامعة تلمسان ‪،‬السنة اجلامعية‬
‫‪ ،2015/2014‬ص‪.58‬‬
‫‪ -2‬املادة ‪ 1039‬ق إ ج م إ‪.‬‬
‫‪ -3‬دخلت هذه االتفاقية حيز التنفيذ يف ‪ .1959‬صادقت اجلزائر عليها بتحفظ مبوجب املرسوم رقم ‪ 233-88‬املؤرخ يف ‪/11/5‬‬
‫‪ ،1988‬ج ر عدد ‪ 18‬لسنة ‪.1988‬‬

‫‪453‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ابالتفاق املكتوب شرط التحكيم الوارد يف عقد ‪،‬أو اتفاق حتكيم وقعته األطراف أو تضمنته‬
‫رسائل أو برقيات متبادلة بينهم"‪.‬‬
‫ج‪-‬التعريف القضائي‪:‬‬
‫تعرف حمكمة النقض املصرية التحكيم أبنه طريق استثنائي لفض املنازعات قوامه‬
‫اخلروج عن طرق التقاضي العادية وبه يتنازل اخلصوم عن االلتجاء إىل القضاء مع الزامهم‬
‫بطرح النزاع على حمكم ‪،‬أو أكثر‪ .‬و االتفاق على التحكيم ال يفرتض وإمنا جيب أن يكون‬
‫التعبري عنه واضحا ابنصراف إرادة اخلصوم إىل اتباع هذا الطريق وأن يتضمن على وجه‬
‫التحديد املنازعة أو املنازعات اليت ينصرف إليها‪.1‬‬
‫ال يتعلق شرط التحكيم ابلنظام العام ‪،‬إذ ال جيوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء‬
‫نفسها وإمنا يتعني التمسك به أمامها وجيوز النزول عنه صراحة أو ضمنا ويسقط احلق فيه لو‬
‫أثري متأخرا بعد الكالم يف املوضوع‪، 2‬إذ يعترب السكوت عن ابدائه قبل النظر يف املوضوع‬
‫نزوال ضمنيا عن التمسك به‪ .‬وإذا كان ما يصدر من اخلصم صاحب املصلحة يف التمسك‬
‫به قبل ابدائه من طلب احلكم يف الدعوى دون متسكه بشرط التحكيم و طلب التأجيل‬
‫للصلح واالتفاق على وقف الدعوى إلمتامه يفيد تسليمه بقيام النزاع أمام حمكمة خمتصة‬
‫ومواجهته موضوع الدعوى‪ ،‬فإنه بذلك يكون قد تنازل ضمنا عن الدفع املشار إليه مما‬
‫يسقط حقه فيه‪.3‬‬

‫‪ -1‬الطعن رقم ‪ 1579‬لسنة ‪ 49‬ق جلسة ‪ : 1986/02/10‬علي حسني مججوم ‪،‬جمموعة القواعد القانونية اليت قررهتا حمكمة النقض يف‬
‫مخس سنوات (‪)1985-1980‬اجمللد األول ‪،‬اجلزء األول مسائل األحوال الشخصية واجلزء الثاين القانون التجاري والبحري‪ ،‬جتليد‬
‫الفرماوي ‪،‬الفجالة ‪،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪،1987‬ص‪.104‬‬
‫‪ -2‬الطعن رقم ‪ 714‬لسنة ‪ 47‬ق جلسة ‪:1982/04/26‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫‪ -3‬الطعن رقم ‪ 194‬لسنة ‪ 37‬ق جلسة ‪:1972/02/15‬شريف أمحد الطباخ‪ ،‬التعويض عن النقل الربي والبحري واجلوي‪ ،‬املرجع‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.179‬‬

‫‪454‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫أنواع التحكيم البحري‬
‫ينقسم التحكيم البحري بوجه عام إىل نوعني ‪:‬حتكيم يرد يف العقد األصلي أي عقد‬
‫النقل الدويل وهوما يطلق عليه ب "شرط التحكيم" ‪ arbitration clause‬ومضمونه أن أي‬
‫خالف ينشأ يف املستقبل عن هذا العقد حيال إىل التحكيم‪ .‬ويستوي أن يرد يف أي موضع‬
‫من العقد (بدايته أو اهايته) أو أي موضع بينهما ‪،‬إال إذا تبني من الشرط أنه يقصد به‬
‫منازعات معينة انشئة عن العقد وليس مجيعها‪. 1‬‬
‫فمن خصائص شرط التحكيم أنه يتعلق بنزاعات مستقبلية حمتملة وليس بنزاعات‬
‫قائمة وقد يقع مثل هذا النزاع فعال فيحال إىل التحكيم وقد ال يقع فال يعمل بشرط التحكيم‬
‫تلقائيا ومن خصائصه أيضا أنه قد يتم يف شكل اتفاق الحق على ابرام العقد‪ ،‬فيقضي‬
‫إبحالة النزاعات اليت ستنجم عند ذلك العقد إىل التحكيم ‪،‬لكن قبل وقوع أي نزاع ‪.‬‬
‫أما النوع الثاين و هو ما يطلق عليه مبشارطة التحكيم أو وثيقة التحكيم اخلاصة‬
‫ويقصد هبا االتفاق الذي يربمه طرفا العقد األصلي بعد وقوع‬ ‫‪agreement submission‬‬

‫النزاع اخلاص بذلك العقد ‪،‬فيحيالن مبوجبه نزاعامها البحري الناجم عن عقد النقل إىل‬
‫التحكيم‪.2‬‬
‫لذلك فإن الفرق بني شرط التحكيم ومشارطة التحكيم يتمثل يف أن األول يتعلق‬
‫بنزاع مستقبلي حمتمل ‪،‬يف حني تتعلق املشارطة بنزاع أكيد وقع فعال ويفرتض يف احلالة‬
‫األخرية أن يتضمن االتفاق حتديدا للنزاع الذي سيعرض على هيئة التحكيم‪ .‬ومن الناحية‬
‫العملية تبدأ مشارطة التحكيم حبيثيات تتعلق ابلنزاع ومن مث اإلشارة إىل اتفاق الطرفني على‬
‫إحالته للتحكيم مع بيان أمساء احملكمني‪ .‬وتتلخص فائدة التمييز بني هذين النوعني من‬
‫التحكيم يف كون بعض القوانني الوطنية تتطلب يف مشارطة التحكيم حتديد طبيعة النزاع‪،‬‬
‫‪ -1‬اميان حسن اجلميل ‪،‬اتفاق التحكيم البحري ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.20‬‬
‫‪ -2‬عمر سعد هللا‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 277‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪455‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الذي وقع فعال حتت طائلة بطالن االتفاق ‪،‬خبالف شرط التحكيم الذي يتعلق بطبيعة احلال‬
‫بنزاع مستقبلي‪.1‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬‬
‫مراكز التحكيم البحري‬
‫يتم التحكيم البحري يف منازعات النقل الدولية عن طريق حتكيم مؤسسي و آخر‬
‫حتكيم حر و التحكيم املؤسسي هو التحكيم الذي يتفق فيه األطراف على إحالة املنازعات‬
‫على إحدى مؤسسات التحكيم الدائمة‪ ،‬مثل غرفة التحكيم البحري بباريس وحمكمة‬
‫التحكيم لغرفة التجارة الدولية‪ .‬أما التحكيم احلر فيتم بعيدا عن مؤسسات التحكيم البحري‬
‫إذ يقوم األطراف على إدارة تنظيم التحكيم أبنفسهم ‪ ،‬فيتفقون على تشكيل هيئة التحكيم‬
‫وعلى كافة القواعد املطبقة على إجراءات التحكيم وعلى اختيار القانون املطبق على النزاع‪.2‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫مراكز التحكيم البحري املؤسسي‬
‫يستند التحكيم البحري إىل هيئات حتكيمية ذاع صيتها يف اجملال النقل البحري‪ ،‬إذ‬
‫غالبا ما يلجأ إليها املتنازعني بسبب خربة وكفاءة حمكميها ‪ .‬لذلك فهي حتقق الثقة‬
‫واإلطمئنان لدى املتعاملني اللذين يتفقون على االحتكام إليها من أجل تسوية نزاعاهتم‪.‬‬
‫وبناءا عليه سنتعرض لبعض هذه اهليئات ابعتبارها الرائدة يف جمال التحكيم البحري كغرفة‬
‫التحكيم البحري بباريس‪ ،‬املنظمة الدولية للتحكيم البحري‪ ،‬غرفة اللويدز للتحكيم البحري‪.‬‬
‫أوال‪ :‬غرفة التحكيم البحري بباريس‪:‬‬
‫مت أتسيس غرفة التحكيم البحري بباريس سنة ‪ 1929‬وذلك مبوجب قانون ‪1‬جويلية‬
‫‪ 1901‬بواسطة اللجنة املركزية الفرنسية جملهزي السفن ومع بداية احلرب العاملية الثانية توقف‬

‫‪ -1‬عمر سعد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 278‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ -2‬عبد احلميد حممد احلوسين‪ ،‬التحكيم البحري وفقا لقانون اإلجراءات املدنية اإلمارايت والقانون املصري واالتفاقيات الدولية ‪،‬دار اجلامعة‬
‫اجلديدة ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪،2007‬ص‪ 53‬وما بعدها‪ ،‬عمر سعد هللا‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.277‬‬

‫‪456‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫نشاطها مث عاد مرة أخرى لالستمرار يف ‪ 8‬نوفمرب ‪ .1966‬وهي غرفة ختصصت للتحكيم‬
‫يف جمال النقل البحري وتضم يف عضويتها التخصصات البحرية كافة من مالك للسفن وراببنة‬
‫السفن ‪،‬الوكالء البحريني ومقاويل الشحن والتفريغ ‪،‬السماسرة البحريني ‪،‬شركات بناء السفن‬
‫وشركات التأمني وكل من له اهتمامات مباشرة أو غري مباشرة ابلنقل البحري‪ .‬وتتم مناقشة‬
‫حكم التحكيم بواسطة جلنة الغرفة بعد تقدميه هلا من احملكم أو من هيئة احلكيم وذلك قبل‬
‫إعالنه‪. 1‬‬
‫كما ميكن هلذه الغرفة أن تشري على هيئة التحكيم إبدخال أي تعديالت تراها مناسبة‬
‫‪،‬ابإلضافة إىل أاها تلفت نظر احملكمني للنظر يف القضية من منظور آخر ويفصل احملكمون يف‬
‫القضااي ابسم الغرفة بعد توقيع احلكم من رئيس الغرفة وحتفظ نسخة من احلكم يف الغرفة‪،‬‬
‫اليت حتتفظ حبقها يف اعالن األحكام أو عدم إعالاها ‪،‬مع مراعاة السرية يف ذكر أمساء‬
‫األطراف واسم السفينة‪.2‬‬
‫اثنيا‪ :‬املنظمة الدولية للتحكيم البحري‬
‫مع‬ ‫الدولية) ‪(CCI‬‬ ‫نظرا الزدايد املنازعات البحرية وتعقدها‪ ،‬قامت غرفة التجارة‬
‫اللجنة البحرية الدولية) ‪ (CMI‬بوضع الئحة حتكيم حبري تعرف بالئحة) ‪ (CCI- CMI‬عن‬
‫طريق خرباء من غرفة التجارة الدولية واللجنة البحرية الدولية سنة ‪ .1978‬ويقع تطبيق هذه‬
‫الالئحة على عاتق املنظمة الدولية للتحكيم البحري وهذه املنظمة الدولية ليست فرنسية إال‬
‫أن مقرها يقع يف ابريس‪.3‬‬
‫فضال عن ذلك تتدخل املنظمة الدولية للتحكيم البحري يف العملية التحكيمية من‬
‫عدة نواحي منها‪ :‬املساعدة يف تعيني احملكم أو تشكيل هيئة التحكيم ‪،‬إذ تقوم اللجنة‬

‫‪ -1‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية(دراسة مقارنة للتحكيم البحري يف لندن ونيويورك وابريس مع شرح أحكام قانون‬
‫التحكيم املصري يف املواد املدنية و التجارية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،1997‬ص‪.94‬‬
‫‪ -2‬نفس املرجع ‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬عبد احلميد حممد احلوسين‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.63‬‬

‫‪457‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الدائمة ابحللول حمل الطرف املتخلف عن تعيني ُحمكمه يف حالة تشكيل هيئة التحكيم ‪،‬كما‬
‫تفصل اللجنة الدائمة يف عدد احملكمني عندما ال يتفق األطراف مسبقا على ذلك‪ .‬تفصل‬
‫هذه اللجنة أيضا يف مشاكل رد احملكمني واستبداهلم يف حالة قيام أحد أطراف أي‬
‫اعرتاضات على اختيار احملكمني ‪،‬أو وجود ظروف طارئة متنعه من االستمرار يف العملية‬
‫التحكيمية‪ .‬وللمنظمة سكراترية يقع مقرها يف غرفة التجارة الدولية تسهر على تطبيق الئحة‬
‫التحكيم و تلقي طلبات التحكيم ‪،‬املستندات‪ ،‬امللفات واملذكرات من األطراف ‪،‬كما جتري‬
‫كافة االتصاالت بني األطراف و مستشاريهم وحمكميهم‪.1‬‬
‫اثلثا‪ :‬غرفة اللويدز للتحكيم البحري‬
‫تعد هذه الغرفة من أهم وأعرق مؤسسات التحكيم البحري اليت هلا ابع طويل يف‬
‫حتكيم القضااي اخلاصة ابحلوادث البحرية وتضم الغرفة عددا كبريا من أشهر احملكمني املعروفني‬
‫واملشهود هلم ابلكفاءة يف جمال املساعدات البحرية واإلنقاذ وعمليات النقل البحري‪ .‬وهلا‬
‫عدة مناذج شهرية مثل ‪:‬منوذج اللويدز للمساعدة البحرية واإلنقاذ‪ ،‬منوذج اللويدز لتسوية‬
‫قضااي التصادم البحري ‪ ،‬منوذج اللويدز للحكم يف قضااي اخلسارات البحرية املشرتكة‪. 2‬‬
‫إن الوجه املؤسسي لغرفة حتكيم اللويدز يظهر يف تنظيمها الكامل للعملية التحكيمية‬
‫عن طريق قيام سكراتريتها ابلسهر على تنظيم وإدارة التحكيم‪،‬كما تقوم إبجراء االتصاالت‬
‫الالزمة بني األطراف ومستشاريهم واحملكمني وتقدير رسوم ونفقات التحكيم ‪.‬‬

‫‪ -1‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬شرط التحكيم ابإلحالة وأساس التزام املرسل إليه بشرط التحكيم‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.175‬‬
‫‪ -2‬نفس املرجع‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬

‫‪458‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ابإلضافة إىل قيامها بتعيني احملكم الذي يفصل يف النزاع والذي يكون من جانبها فقط و كذا‬
‫تنظيم وإدارة حاالت االستئناف على احلكم التحكيمي‪ .‬و خبصوص القانون املطبق على‬
‫التحكيم وفق هذه اهليئة فهو القانون اإلجنليزي ‪. 1‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫احلر‬
‫مراكز التحكيم البحري ّ‬
‫يتمركز التحكيم البحري احلر يف أماكن تقع أغلبها يف إجنلرتا‪ ،‬الوالايت املتحدة‬
‫األمريكية و فرنسا‪ ،‬حيث يوجد يف لندن ونيويورك وابريس مراكز خدمة دائمة للتحكيم‬
‫البحري وذلك ملا تتمتع به من اعتبارات جغرافية‪ ،‬اترخيية و اقتصادية‪ .2‬و عليه سنتعرض‬
‫إبجياز ألهم هيئات التحكيم احلر املنتشرة يف العامل و هي‪ :‬مجعية احملكمني البحريني بلندن‪،‬‬
‫مجعية احملكمني البحريني بنيويورك‪ ،‬جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل (اليونسرتال‬
‫‪.)1976‬‬
‫أوال‪ :‬مجعية احملكمني البحريني بلندن‬
‫أُسست مجعية احملكمني البحريني بلندن يف سنة ‪ 1960‬وأخذت طريقها كغرفة‬
‫للتحكيم البحري واخلاصة ابحملكمني البحريني ملؤسسة البلطيق للتجارة والتبادل وتضم تقريبا‬
‫مخسني من األعضاء املؤسسني ‪،‬فضال على حنو مائتني من األعضاء اآلخرين من احملامني‬
‫واملستشارين القانونيني وجمهزي السفن وغريهم ‪ .‬و هلذه اجلمعية الئحة تضم مجيع األحكام‬
‫والقواعد اخلاصة هبا وتعرف بقواعد مجعية لندن للمحكمني البحريني لسنة ‪ 1978‬واملعدلة‬
‫يف سنة ‪،1991‬كما توجد الئحة للمنازعات الصغرية اليت ال تزيد قيمة النزاع فيها على حد‬
‫معني وذلك من أجل تبسيط اإلجراءات وتقليل النفقات يف املنازعات الصغرية‪.3‬‬

‫‪ -1‬م‪.‬م‪.‬أفراح عبد الكرمي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية‪ ،‬جملة الرافدين للحقوق‪ ،‬اجمللد ‪ ،14‬العدد ‪ ،50‬السنة‪،16‬ص‪:154‬‬
‫‪http://www.isaj.net/iasj?func=issues&jid=83&uilanguage=ar.‬‬
‫اتريخ الدخول إىل املوقع ‪ ،2015/3/22‬التوقيت‪.23:45 :‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.153‬‬
‫‪ -3‬وائل أنور بندق‪ ،‬موسوعة التحكيم‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‪ ،2009‬ص‪.203‬‬

‫‪459‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫ليس هلذه اجلمعية أي دور يف تنظيم وإدارة العملية التحكيمية ‪،‬أو حىت اإلشراف على‬
‫سري العمل التحكيمي‪ ،‬غري أاها تقوم بتسهيل عملية اختيار احملكمني البحريني من بني‬
‫أعضائها عن طريق وضع قائمة خاصة هبم ليتم االختيار منها من قبل أطراف العملية‬
‫التحكيمية ‪،‬ابإلضافة إىل حتديدها الئحة التحكيم اخلاصة ابجلمعية لكي يسري احملكم أو هيئة‬
‫التحكيم مبوجبها ‪،‬كما تقوم اجلمعية إبمداد هيئة التحكيم ابلنصائح واملشورة بناء على طلبها‬
‫فيما يتعلق ابلعملية التحكيمية‪.1‬‬
‫اثنيا‪ :‬مجعية احملكمني البحريني بنيويورك‬
‫أتسست مجعية احملكمني البحريني بنيويورك عام ‪ 1963‬من تسعة أفراد هلم خربة‬
‫ابلتحكيم وهم من السماسرة املرخص هلم ابلعمل يف اجملال البحري ووكالء السفن التجارية‪،‬‬
‫فقد شعر هؤالء بضرورة تكوين مؤسسة تقوم مبمارسة عمليات التحكيم البحري يف نيويورك‬
‫على حنو أكثر رمسية و ميكنها توفري جمموعة من احملكمني احملنكني‪ ،‬ميكن اللجوء إليهم يف‬
‫هذا اجملال‪ ،‬مع توافر الثقة يف كفاءهتم يف نظر املنازعات والفصل فيها‪.2‬‬
‫كما أنه مع مرور الوقت ازداد حجم األعضاء يف هذه اجلمعية حىت بلغ ما يزيد على‬
‫مائة وعشرين عضوا‪ .‬وقد قامت اجلمعية بوضع الئحة حتكيم وقواعد متثل املبادئ احلاكمة‬
‫لسلوكيات احملكم والئحة للمنازعات الصغرية ‪.3‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن مجعية احملكمني البحريني بنيويورك هي مجعية للتحكيم البحري‬
‫احلر وال هتدف إىل التحقيق الربح وامنا غرضها هو متكني املشاركني يف التحكيم البحري من‬
‫االستفادة من التحكيم على أفضل حال‪ ،‬من خالل وضع الئحة حتكيم وتدريب أعضائها‬

‫‪ - 1‬م‪.‬م‪.‬أفراح عبد الكرمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.155‬‬


‫‪ -2‬بودايل خدجية ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.116‬‬
‫‪ -‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪3‬‬

‫‪460‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫على املمارسات التحكيمية املختلفة‪ ،‬عن طريق عقد دورات تدريبية وحتسني العالقات العامة‬
‫بني أطراف التحكيم ‪،‬أو مستشاريهم واحملكمني وغريهم من املهتمني ابلتحكيم البحري‪.1‬‬
‫يف هذه اجلمعية يقع على عاتق احملكم حتديد أجرة الفصل يف النزاع املعروض عليه‬
‫‪،‬كما أن من حقه استيفاء هذا احلق قبل البدء يف العملية التحكيمية ‪،‬أو حسب االتفاق‬
‫وهكذا ميكن القول أن مجعية احملكمني بنيويورك ال تشرف بنفسها على تطبيق الئحتها وليس‬
‫هلا أي دور يف تسيري العملية التحكيمية وكل ما يف األمر أن هلذه اجلمعية الئحة تشمل على‬
‫جمموعة من القواعد واألحكام لإلسرتشاد هبا دون أي تدخل منها‪ .‬وإذا كانت هناك ضرورة‬
‫من التدخل فإن هذا التدخل أييت عن طريق طلب مساعدة من احملكمة األمريكية املختصة‬
‫بعد تقدمي طلب من جانب األطراف أو مستشاريهم أو حمكميهم‪.2‬‬
‫اثلثا‪ :‬جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل (اليونسرتال ‪)1976‬‬
‫تضم جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل يف عضويتها غالبية دول العامل املمثلة‬
‫ملختلف النظم القانونية الرئيسية و هدفها األمسى هو حتقيق االنسجام و التالئم بني القواعد‬
‫القانونية املنظمة للتجارة الدولية ومن أهم أعماهلا إعداد قواعد التحكيم اليت أجازهتا اجلمعية‬
‫العامة ألمم املتحدة يف ‪ 15‬ديسمرب ‪ 1976‬وهي قواعد تتشكل على الصعيد القانوين من‬
‫اتفاقيات منظمة التجارة العاملية ‪،‬ابإلضافة إىل حزمة من االتفاقيات والربوتوكوالت واألعراف‬
‫الدولية واليت تعترب مصدرا مهما هلذا القانون ‪.‬و تتميز هذه القواعد أباها تضع البنية األساسية‬
‫للتحكيم اخلاص للفصل يف نزاع معني ابلذات (‪ )Ad hoc‬وقد أسهمت إسهاما كبريا يف‬
‫تطوير هذا النوع من التحكيم‪.3‬‬

‫‪ -1‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬شرط التحكيم ابإلحالة وأساس التزام املرسل إليه بشرط التحكيم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.179‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪ -3‬عمر سعد هللا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.244‬‬

‫‪461‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫فضال عن ذلك قامت هذه اللجنة بوضع الئحة حتكيم منوذجية وهي اختيارية وشاملة‬
‫(الئحة اليونسرتال ‪ )1976‬ويف متناول اجلميع سوآءا لألطراف املتنازعة أو للمحكمني‬
‫للسري على قواعدها ابتفاق األطراف على تطبيقها و جيوز لألطراف األخذ ببعض قواعدها‬
‫وترك البعض اآلخر حسب رغباهتم ‪،‬أو حىت زايدة نصوص أخرى عليها وهذا كله خاضع‬
‫إلرادة األطراف‪.1‬‬
‫تشتمل هذه الالئحة على نصوص قادرة على تسيري العملية التحكيمية وهكذا فإن‬
‫جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل مل تنشئ مؤسسة حتكيمية بل وضعت الئحة‬
‫اختيارية ‪.‬أما فيما يتعلق ابللجوء إىل السكراترية العامة حملكمة التحكيم الدائمة بالهاي فما‬
‫ذلك إال ألسباب حمدودة كتعيني سلطة من أجل تعيني حمكم أو حمكمني عند عدم االتفاق‬
‫على التعيني بني األطراف مباشرة ‪،‬أو لتقدير نفقات التحكيم ‪،‬أو للفصل يف مسألة رد حملكم‬
‫‪،‬لذلك ميكن القول أن التحكيم البحري مبوجب الئحة اليونسرتال ‪ 1976‬يعترب حتكيما‬
‫حرا‪. 2‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫التحكيم يف االتفاقيات الدولية‬
‫سبق وأن أشران يف تقدمي هذا املطلب أن اتفاقية بروكسل وبروتوكويل تعديلها لسنة‬
‫‪1979 ،1968‬مل يتعرضا ملسألة التحكيم خبصوص املنازعات البحرية املتعلقة بنقل البضائع‬
‫عرب البحر واخلاصة مبسؤولية الناقل البحري عن اهلالك أو التلف الالحق ابلبضاعة ‪،‬أو الضرر‬
‫الناجم عن أتخريها يف التسليم إىل املرسل إليه‪ .‬على عكس ذلك قامت اتفاقييت هامبورغ‬
‫وروتردام بسن قواعد تنظم مسألة التحكيم يف حال كان األطراف يرغبون يف وضع ٍ‬
‫حد‬

‫‪ -1‬حممد عبد الفتاح ترك‪ ،‬التحكيم البحري(النطاق الشخصي‪ ،‬التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري)‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪ ،2005‬ص ‪.418‬‬
‫‪ -2‬وائل أنور بندق‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.216‬‬

‫‪462‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫لنزاعاهتم وفق ُحكمه‪ .‬وبناءا عليه سنقتصرعلى دراسة التحكيم البحري وفق هاتني االتفاقيتني‬
‫املذكورتني ‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫التحكيم وفقا التفاقية هامبورغ‬
‫ركزت معاهدة هامبورغ اهتمامها على عدة جوانب من التحكيم البحري متثلت يف‪:‬‬
‫االتفاق على التحكيم‪ ،‬مكان التحكيم ‪ ،‬القانون الذي حيكم منازعة التحكيم ‪،‬مدى جواز‬
‫االتفاق على خمالفة أحكام املادة ‪ 22‬بعد قيام النزاع ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬االتفاق على التحكيم‪:‬‬
‫لقد أجازت الفقرة األوىل من املادة ‪ 22‬من معاهدة هامبورغ االتفاق على أن يكون‬
‫التحكيم وسيلة لتسوية كل نزاع ينشأ عن عقد النقل البحري اخلاضع ألحكام االتفاقية‬
‫‪by agreement evidenced in writing‬‬ ‫واشرتطت لذلك أن يكون االتفاق مكتواب‬
‫ويتضح من صياغة النص أن الكتابة شرط لإلثبات فحسب ‪.‬كما أن االتفاقية مل تفرق بني‬
‫التحكيم السابق على قيام النزاع واالتفاق الالحق له وتركت أمره للقانون الواجب التطبيق ‪،‬‬
‫فإذا كان هذا القانون جييز االتفاق على التحكيم قبل قيام النزاع فإن هذا االتفاق يرد كشرط‬
‫يف عقد النقل البحري ‪،‬أو يف صورة اتفاق مستقل عن العقد ‪.‬أما إذا كان اتفاق التحكيم‬
‫الحقا على النزاع الذي وقع فإنه ال يرد حسب ظروف هذه احلالة إال يف صورة اتفاق‬
‫مستقل‪.1‬‬
‫فإذا ما تضمن سند الشحن شرط التحكيم فإن طرفاه (الناقل ‪،‬الشاحن) يلتزمان به‬
‫‪،‬كما يلتزم به املرسل إليه ابعتباره صاحب احلق ابلبضاعة واملصلحة التجارية جتعله يرتبط به‬
‫مثل الشاحن ومنذ ارتباط هذا األخري به‪ .‬فإذا تضمنت مشارطة اإلجيار (السفينة) شرط‬
‫التحكيم مث صدر سند شحن استنادا هلذه املشارطة وأحال إىل شرط التحكيم الوارد هبا فإن‬

‫‪ -1‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬

‫‪463‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الشرط املذكور يعترب ضمن شروط سند الشحن ومن مث يلتزم به املرسل إليه ‪،‬أما إذا مل ترد‬
‫بسند الشحن أية إشارة إىل شرط التحكيم‪ ،‬الذي ورد ابملشارطة والتزام حامل السند به فال‬
‫جيوز للناقل أن يتمسك هبذا الشرط‪ ،‬يف مواجهة حامل سند الشحن حسن النية‪.1‬‬
‫اثنيا‪ :‬مكان التحكيم‬
‫إن األمر الذي هتتم به االتفاقية يف هذا اخلصوص هو التصدي لتعسف الطرف القوي‬
‫يف العقد واجبار الطرف اآلخر على قبول اجراء التحكيم يف مكان بعيد يكلفه نفقات ال‬
‫تتناسب وما جينيه من الدعوى‪ .‬ومن أجل حتقيق هذا اهلدف أاتحت الفقرة الثالثة من املادة‬
‫‪ 22‬للمدعي خيارا مماثال للخيار املنصوص عليه يف الفقرة األوىل من املادة ‪ 21‬يف شأن‬
‫االختصاص القضائي ‪،‬فرتكت له إجراء التحكيم حسب اختياره يف أحد األماكن اآلتية‪:2‬‬
‫أ‪-‬مكان الذي يوجد يف الدولة اليت يقع هبا املركز الرئيسي للمدعى عليه‪ ،‬أو حمل اقامته‬
‫العادي‪.‬‬
‫ب‪-‬مكان يف الدولة اليت أبرم فيها عقد النقل البحري بشرط أال يكون للمدعى عليه يف هذه‬
‫الدولة حمل عمل‪ ،‬أو فرع‪ ،‬أو وكالة و أن يكون هذا احملل‪ ،‬أو الفرع‪ ،‬أو الوكالة هو الذي أُبرم‬
‫فيه العقد‪.‬‬
‫ج‪ -‬مكان يف الدولة اليت يقع فيها ميناء الشحن‪.‬‬
‫د‪ -‬مكان يف الدولة اليت يقع فيها ميناء التفريغ‪.‬‬
‫ح‪ -‬املكان املعني يف اتفاق التحكيم ونوجه النظر هنا كما وجهنا يف حالة االختصاص‬
‫القضائي إىل أن تعيني مكان التحكيم يف اتفاق التحكيم ال يعين الزام املدعي إبجراء التحكيم‬
‫يف هذا املكان وامنا هو يضيف إىل اخليار الذي يهيئه النص خيارا اتفاقيا آخر‪ .‬ويعترب حق‬

‫‪-1‬كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ‪ ،1978‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.192‬‬
‫‪ -2‬فاروق ملش ‪،‬النقل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية)‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪،260‬سوزان علي حسن ‪ ،‬عقد نقل البضائع‬
‫ابحلاوايت ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.252‬‬

‫‪464‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫املدعي يف هذا اخليار جزءا من اتفاق التحكيم وكل شرط على حرمانه منه ‪،‬أو على تقييده‬
‫يكون ابطال حسب الفقرة اخلامسة من املادة ‪.22‬‬
‫اثلثا‪ :‬القانون الذي حيكم منازعة التحكيم‬
‫عينت الفقرة الرابعة من املادة ‪ 22‬من االتفاقية القواعد اليت جيب على احملكم أو هيئة‬
‫احملكمني اتباعها للفصل يف موضوع النزاع و هي ذاهتا قواعد االتفاقية‪ .‬ذلك أن أحكام‬
‫االتفاقية تقيم وزان بني املصاحل املتعارضة ‪،‬خيشى اإلخالل به إذا أجيز للطرف القوي إجبار‬
‫الطرف اآلخر وقت ابرام العقد على قبول إعطاء احلرية للمحكمني يف عدم التقيد هبذه‬
‫األحكام واتباع قانون آخر ‪،‬إذ يعين ذلك إعطاء فرصة للناقل يف إخضاع النزاع لقانون أقل‬
‫محاية للمدعي‪.1‬‬
‫رابعا‪ :‬مدى جواز االتفاق على خمالفة أحكام املادة ‪ 22‬بعد قيام النزاع‬
‫لقد جعلت الفقرة اخلامسة من املادة ‪ 22‬األحكام الواردة ابلفقرتني الثالثة والرابعة‬
‫القواعد اخلاصة مبكان التحكيم من النظام العام وذلك بتقريرها أن تلك األحكام الواردة يف‬
‫االتفاقية تطبق دون غريها‪ .‬واعتربهتا جزءا من أي شرط أو اتفاق حتكيم ‪ ،‬فأي اتفاق خمالف‬
‫له يعترب ابطال وال غيا‪.‬‬
‫بناءا على ذلك فإنه يقع ابطال كل اتفاق مقتضاه تفويض حمكمني ابحلكم على غري‬
‫مقتضى االتفاقية ولو كانوا مفوضني ابلصلح‪ 2‬و احلكمة من وراء ذلك حىت ال جيري حتايل‬
‫على أحكام االتفاقية من خالل حرية اخلصوم يف اختيار القانون الواجب التطبيق بواسطة‬
‫احملكمني ‪،‬مما يؤدي يف النهاية إىل شل فاعلية االتفاقية‪ 3‬ابالتفاق على التحكيم و اطالق‬
‫احلرية للمحكم للفصل يف النزاع دون التقيد هبا‪.‬‬

‫‪ -1‬كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ‪ ،1978‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.194‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.195‬‬
‫‪ -3‬فاروق ملش ‪،‬النقل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية)‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.261‬‬

‫‪465‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫فضال عن ذلك تعترب اتفاقية هامبورغ هي واجبة اإلعمال بشأن مكان التحكيم و‬
‫خبصوص القانون الذي يطبق على منازعة التحكيم أيضا ‪،‬ألن األمر يتعلق بعقد نقل خاضع‬
‫لالتفاقية ‪ .‬وذلك دون أن يتأثر أبحكام القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدويل‪ ،‬الصادر‬
‫لسنة ‪1985‬‬ ‫(انسرتال‪( UNCITRAL‬‬ ‫عن جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل‬
‫والذي نصت املادة ‪ 1/20‬منه على أنه ‪":‬تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد‬
‫الطرفان‪.1"...‬‬ ‫اليت يتفق عليها‬
‫إن السبب وراء ذلك يكمن يف أن أحكام هذا القانون إمنا تتعرض للتحكيم بصفة‬
‫عامة ‪،‬يف حني أن اتفاقية هامبورغ امنا تتعرض حلالة خاصة وهي حالة التحكيم بصدد‬
‫النزاعات الناشئة عن نقل البضائع ابلبحر مل يعاجلها القانون النموذجي للتحكيم التجاري‬
‫الدويل‪ .‬و من املقرر أن احلكم العام يتقيد ابحلكم اخلاص‪ ،‬يف األمر الذي جاء التخصيص‬
‫بشأنه و لو كان احلكم العام الحقا له‪.2‬‬
‫من جهة أخرى ملا كان املقصود من احملظورات املنصوص عليها يف هذا النص منع‬
‫الضغوط اليت كان ميارسها الطرف القوي (الناقل) على الطرف الضعيف (الشاحن) وقت‬
‫ابرام عقد النقل البحري‪ ،‬فيجربه على قبول إجراءات التحكيم يف مكان ال يالئمه ‪،‬أو على‬
‫املوافقة على منح احملكم سلطة الفصل يف النزاع بغري ما تقضي به أحكام االتفاقية فإن‬
‫مفعول احملظور ينبغي أن يقتصر على االتفاق الذي يكون قبل نشوء النزاع ‪،‬أما بعد قيامه فال‬
‫حمل خلشية تسلط طرف على آخر ‪ .‬ومن أجل ذلك أعادت الفقرة السادسة من املادة ‪22‬‬
‫إىل الطرفني حرية تنظيم االتفاق الذي يربمانه بشأن التحكيم بعد قيام النزاع ابلكيفية اليت‬
‫تروق هلما ‪،‬فلهما أن يُعينا مكاان للتحكيم خيتلف عن األماكن املنصوص عليها وهلما أن‬
‫حيررا احملكم من قيد االلتزام أبحكام االتفاقية‪.3‬‬

‫‪ - 1‬كمال محدي‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ‪ ،1978‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق ‪،‬املوضع نفسه‪.‬‬
‫‪ -3‬حمسن شفيق‪ ،‬اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 148‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪466‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬‬


‫التحكيم وفقا التفاقية روتردام‬
‫متاشيا مع االجتاه الدويل السائد يف االتفاقيات الدولية ذات املواضيع احلقوقية املختلفة‬
‫يف تبين وسيلة التحكيم لفض النزاعات فقد اجته املشرع الدويل يف معاهدة روتردام إىل نفس‬
‫ما ذهبت إليه معاهدة هامبورغ‪ .‬وذلك حىت ال يكون التحكيم وسيلة للتهرب من‬
‫أحكامها‪ ،1‬فنظمت التحكيم على كل نزاع ينشأ عن نقل البضائع ابلتفصيل وعلى وجه‬
‫يراعى فيه التوازن بني مصاحل الناقلني ومصاحل الشاحنني على حد سواء‪ .‬لكن قبل دراسة‬
‫التحكيم يف االتفاقية البد أن نشري إىل أن قواعد التحكيم الواردة ابلفصل ‪ 15‬من االتفاقية‬
‫ال تطبق على الدول املنضمة إىل املعاهدة إال إذا أعلنت هذه الدول يف أي وقت التزامها‬
‫بقواعد هذا الفصل ‪،‬طبقا للمادة ‪ 78‬معطوفة على املادة ‪ ، 91‬كما نصت املادة ‪ 79‬أن‬
‫أي اتفاق حتكيمي يتفق مبقتضاه أن يطبق احملكم قواعد قانون دولة غري منضمة إىل االتفاقية‬
‫‪،‬أو قواعد العدالة يكون اتفاقا ابطال لكونه خيالف املعاهدة بطريق غري مباشر‪.2‬‬
‫تنظم اتفاقية روتردام مسألة املكان الذي جترى فيه إجراءات التحكيم‪ ،‬حيث وضعت‬
‫له أحكاما تفرق فيها بني نوعني من النقل ‪ :‬النقل املالحي املنتظم ‪،‬التحكيم يف النقل‬
‫املالحي غري املنظم‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬إجراءات التحكيم النقل املالحي املنتظم‬
‫يظهر من مضمون املادة ‪ 1/75‬من املعاهدة أن هذه األخرية تعرضت ملبدأ جواز‬
‫التحكيم حلل النزاع الذي قد ينجم عن عقد النقل ‪،‬إذ تسري عليه أحكام االتفاقية ‪ ،‬كما‬
‫أاها تعرضت يف الفقرات ‪ 4،3،2‬من نفس املادة للمكان الذي جيب أن جيرى فيه التحكيم‬
‫ابتفاق بني األطراف ‪،‬حيث تتيح هذه الفقرات للمدعي يف التحكيم على غرار املادة ‪22‬‬

‫‪ -1‬نظرا الحتمال حصول تعارض مع اتفاقية نيويورك ‪،‬فإن إجراءات االعرتاف ابألحكام التحكيمية واعطائها الصيغة التنفيذية قد ألغيت ‪:‬‬
‫غسان رابح ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.283‬‬
‫‪ -2‬وجدي حاطوم‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.442‬‬

‫‪467‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫من اتفاقية هامبورغ حق اختيار مكان مماثل للخيار املتعلق ابالختصاص القضائي و الذي‬
‫نصت عليه املادتني ‪ 66‬و‪ 67‬من املعاهدة ‪ .‬لذلك حنيل يف هذا اخلصوص إىل كل ما ذكر‬
‫سابقا ‪،‬ما عدا استثناءا واحدا يدور حول االتفاق اخلاص ابلزام األطراف مبكان التحكيم‬
‫حصراي ‪،‬أي الزامهم هبذا املكان املتفق عليه دون سواه و هذا عند وروده يف عقد كمي وفق‬
‫التفصيل السابق ‪،‬فإنه ال يقتضي بصدد التحكيم أن يكون جاراي يف إحدى الدول املنضمة‬
‫إىل املعاهدة‪ ،،‬بينما يف االختصاص القضائي يقتضي أن تكون احملكمة احلصرية املتفق عليها‬
‫تقع يف إحدى الدول املنضمة إىل االتفاقية‪. 1‬‬
‫تعترب أحكام الفقرات األربعة من املادة املذكورة جزءا من اتفاق التحكيم ويعد كل‬
‫اتفاق على خمالفتها ابطال ويستثىن من ذلك إضافة إىل البند املنصوص عليه يف العقد الكمي‬
‫ما جاءت به املادة ‪ 77‬من االتفاقية و اليت تتضمن جواز االتفاق على حل النزاع بعد قيامه‬
‫يف أي مكان خيتاره األطراف ‪،‬سوآءا اتفقوا على تطبيق اتفاقية روتردام أو قانون آخر غري‬
‫هذه االتفاقية‪. 2‬‬
‫اجلدير ابلذكر أن املعاهدة تستبعد من نطاق تطبيقها النقل املنتظم وابألخص يف‬
‫احلالة اليت يقوم فيها الناقل حبجز حيز على السفينة لنقل احلاوايت و يصدر استنادا لذلك‬
‫مستند نقل أو سجل نقل الكرتوين طبقا للمادة ‪ 6‬فقرة ‪ /1‬أ ‪ ،‬ب ‪،‬نطرا ملا يتم فيه من‬
‫التفاوض على شروط العقد حبرية بني أطرافه مثلها مثل العقود الكمية ‪،‬مبا يف ذلك من حتديد‬
‫مكان التحكيم ‪،‬هيئة التحكيم والقانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم وعلى‬
‫موضوع النزاع‪ ،‬إال أن هذا االستبعاد ألحكام االتفاقية يسري فقط يف العالقة اليت جتمع بني‬
‫األطراف األصليني املوقعني على عقد إجيار حيز من السفينة‪ .‬أي على مالك السفينة والناقل‬

‫‪ -1‬وجدي حاطوم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 442‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ -2‬تنص املادة ‪":77‬بعد نشوء نزاع ما‪ ،‬جيوز لطريف النزاع أن يتفقا على تسويته عن طريق التحكيم يف أي مكان‪ ،‬بصرف النظر عن أحكام‬
‫هذا الفصل والفصل ‪."14‬‬

‫‪468‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫مبا فيها شرط التحكيم ‪،‬يف حني تطبق بني الناقل املستأجر واملرسل إليه الذي مل يكن طرفا‬
‫أصيال يف مشارطة اإلجيار‪. 1‬‬
‫اثنيا‪ :‬التحكيم يف النقل املالحي غري املنتظم‪:‬‬
‫النقل املالحي غري املنتظم هو النقل الذي ال تكون فيه خدمة النقل مطروحة على‬
‫عموم الناس من خالل النشر‪،‬أو بوسيلة أخرى حبيث ال يشمل السفن اليت تعمل بصورة‬
‫منتظمة بني موانئ‪ ،‬وفقا جلداول زمنية خاصة مبواعيد اإلحبار ومتاحة للجميع‪.2‬‬
‫تستبعد قواعد روتردام من نطاق تطبيقها أيضا مشارطات اإلجيار يف النقل املالحي‬
‫غري املنتظم مبقتضى املادة ‪ 6‬فقرة ‪ 2‬من اخلضوع لالتفاقية ابلنسبة إىل أطرافها األصلني ‪،‬إال‬
‫أنه تطبيقا للمادة ‪ 7‬من املعاهدة خيضع لقواعد روتردام االتفاق التحكيمي الوارد يف مستند‬
‫النقل أو سجل النقل اإللكرتوين الصادرين مبناسبة مشارطة إجيار أو أي عقد آخر يتضمن‬
‫استخدام السفينة أو أي حيز عليها واحلاصل بني الناقل واملرسل إليه ‪،‬أو الناقل والطرف‬
‫املسيطر ‪،‬أو الناقل واحلائز‪ ،‬إذا كان هؤالء(غري الناقل) ليسوا أطرافا أصليني يف مشارطة‬
‫اإلجيار‪.3‬‬
‫و هذا مامل يكن مستند النقل أو سجل النقل اإللكرتوين قد وضح هوية طريف مشارطة‬
‫اإلجيار أو العقد اآلخر‪ .‬ويكون ذلك من خالل إشارة حمددة يف البند الذي حيتوي على‬
‫شروط اتفاق التحكيم يف مشارطة اإلجيار أو العقد اآلخر‪ ،‬أي يتضمن إحالة واضحة‬
‫وصرحية إىل بند التحكيم الوارد يف مشارطة اإلجيار‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 76‬فقرة ‪ 2‬من قواعد‬
‫روتردام‪.4‬‬

‫‪ -1‬ميناس ختشادوراين ‪،‬قواعد التحكيم وفقا التفاقية األمم املتحدة املتعلقة بعقود النقل الدويل للبضائع كليا أو جزئيا بطريق البحر ‪2008‬‬
‫‪،‬جملة التحكيم العاملية ‪،‬عدد‪ ،10‬السنة الثالثة ‪،‬أفريل ‪،2011‬لبنان‪،‬ص‪.95‬‬
‫‪ -2‬نصت املادة ‪ 4/1‬من معاهدة روتردام على أن ‪":‬النقل املالحي غري املنتظم" يعين أي نقل ال ميثل نقال مالحيا منتظما"‪ .‬و التعريف‬
‫الوارد أعاله هو مستشف مبفهوم املخالفة للفقرة ‪3‬من نفس املادة واخلاصة بتعريف النقل املالحي املنتظم ‪.‬‬
‫‪ -3‬ميناس ختشادوراين ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ -4‬قماز ليلى إلدايز ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.502‬‬

‫‪469‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫يشرتط القضاء الفرنسي يف عدة أحكام صادرة عنه أن تكون اإلحالة خاصة ‪،‬أي أن‬
‫يذكر االتفاق التحكيمي يف سند الشحن ‪،‬أو أن يرفق نص املشارطة ابلسند‪ .‬وهو ما ذهبت‬
‫إليه حمكمة استئناف ابريس يف قضية السفينة ‪،1 Aspillo‬حيث قررت أن اإلحالة البسيطة‬
‫بطريقة عامة إىل نصوص وشروط واعفاءات مشارطة اإلجيار ال تكفي للقول أبنه يوجد هناك‬
‫قبول مؤكد لدى حامل سند الشحن بشرط التحكيم الوارد ابملشارطة ‪،‬مادام أن هذا الشرط‬
‫التحكيمي مل يكن مطبوعا بسند الشحن ومل تكن مشارطة االجيار مدجمة يف هذا السند ‪.‬‬
‫أما يف القضاء اجلزائري فقد ذهبت احملكمة العليا‪ 2‬إىل أن اإلشارة لعقد اجيار السفينة‬
‫يف وثيقة الشحن جتعل املرسل إليه طرفا يف هذا العقد‪ .‬و حيق له بناءا على ذلك استعمال‬
‫بند التحكيم املدرج يف عقد اجيار السفينة‪.‬‬
‫خيلص القول مما تقدم أن اتقاقييت هامبورغ و روتردام حتصران اختيار البنود الشكلية‬
‫يف واثئق النقل البحري بتقدمي الئحة أبماكن إقامة دعاوى الشاحن ‪،‬أو إجراءات التحكيم يف‬
‫حال وجود بند حتكيمي و ابلتايل تعيني اخليار الوحيد لذلك املكان‪ ،‬احملدد ضمن غريه من‬
‫األمكنة و هذا ما ينسجم مع امليل العام وطنيا‪ ،‬أو دوليا حنو تقوية تلك البنود‪.3‬‬
‫غري أن هناك من الفقه من يرى أنه كان من األجدر ابتفاقيات النقل الدولية أال‬
‫تتضمن قواعد تشريعية للمحاكم ‪،‬أو قواعد حتكيمية ليحل حملها ما جاءت به اتفاقية نيويورك‬
‫ابلنسبة للمحاكم‪ ،‬املتفق عليها والقانون التجاري الدويل (القانون النموذجي لألمم املتحدة‬
‫املنظم للتحكيم) ‪،‬يف الوقت الذي تسعى فيه الدول للتعاون إلجياد نظام يقوي اختيار البنود‬
‫املتعلقة حبل النزاعات املتعلقة مبستندات النقل أو واثئق النقل البحري‪. 4‬‬

‫‪ -1‬قرار صادر يف ‪: 1985/6/4‬مشار إليه لدى عبد احلميد احلوسين‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.149‬‬
‫‪ -2‬قرار الغرفة التجارية و البحرية‪ ،‬ملف رقم ‪ 439517‬بتاريخ ‪، ،2008/4/9‬جملة التحكيم اللبنانية‪ ،‬االجتهاد القضائي اجلزائري ‪،‬عدد‬
‫‪، 4‬أكتوبر ‪ ، ، 2009‬ص ‪.248‬‬
‫‪ -3‬غسان رابح ‪،‬التحكيم التجاري البحري مع مقدمة يف حل املنازعات الدولية ‪،‬منشورات حليب احلقوقية ‪،‬لبنان ‪،‬سنة ‪، 2016‬‬
‫ص‪.284‬‬
‫‪ -4‬مشار إليه يف املرجع السابق‪ ،‬ص‪.285‬‬

‫‪470‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع الرابع‪:‬‬
‫التحكيم التجاري الدويل طبقا ألحكام القانون اجلزائري ‪09/08‬‬
‫يعترب قانون ‪ 1966‬املتضمن تنظيم اإلجراءات املدنية واإلدارية أول قانون صادر يف‬
‫اجلزائر ينص على التحكيم يف املواد من ‪ 442‬إىل ‪ ، 458‬غري أنه مل يسلم من أتثري القانون‬
‫الفرنسي آنذاك‪ ،‬الذي مل يكن يهضم بعد أمهية التحكيم و جواز اللجوء إىل احلكم‬
‫التحكيمي‪ .‬وقد منع هذا القانون األشخاص املعنويني التابعني للقانون العام أي الدولة‬
‫وتفرعاهتا والشركات واملؤسسات االقتصادية الوطنية من اللجوء إىل التحكيم ماعدا يف امليدان‬
‫التجاري الدويل ‪،‬كما مل يفرق هذا القانون بني التحكيم الداخلي واخلارجي إىل غاية صدور‬
‫املرسوم التشريعي ‪ 03/93‬املؤرخ يف ‪ 25‬أفريل ‪ 1993‬الذي أدخل مفهوم التحكيم الدويل‬
‫أتثرا ابحمليط القانوين الذي أخذ هبذا االجتاه ‪.1‬‬
‫بعد ذلك جاء قانون ‪ 09/08‬املتضمن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية الصادر يف‬
‫‪ 25‬فيفري ‪ 2008‬واجلديد الذي جاء به يتمثل يف أنه قسم التحكيم إىل نوعني‪ :‬حتكيم‬
‫داخلي و حتكيم دويل‪ .‬و ذلك ماورد يف الباب الثاين "التحكيم" من الكتاب اخلامس املعنون‬
‫"يف الطرق البديلة حلل النزاعات "‪ ،‬ابتداءا من املادة ‪ 1006‬إىل املادة ‪. 1065‬وعليه‬
‫سندرس التحكيم التجاري الدويل من خالل أربع فقرات متتابعة‪ :‬شروط صحة اتفاق‬
‫التحكيم ‪،‬حدود سلطات القاضي يف اختصاص التحكيم‪ ،‬مث يليه االعرتاف ابحلكم‬
‫التحكيمي وتنفيذه وأخريا الطعن يف احلكم التحكيمي‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬‬
‫شروط صحة اتفاق التحكيم‬
‫ينطبق على اتفاق التحكيم ابعتباره عقدا خيضع للقواعد العامة يف العقود‪ ،‬من رضا‬
‫‪،‬حمل ‪،‬سبب وكتابة وإذا ختلف ركن من هذه األركان كان مصري هذا اتفاق التحكيم‬

‫‪ -1‬عبد السالم ذيب‪ ،‬قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية اجلديد ‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬سنة ‪ ، 2009‬ص‪.420‬‬

‫‪471‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫البطالن‪ ،‬فالقاعدة األساسية اليت جيب أن يستند إليها الرتاضي بني أطراف اتفاق التحكيم‬
‫هي وجوب تطابق إرادة طريف االتفاق على اختاذ التحكيم وسيلة لفض النزاع الناشئ بينهم‬
‫‪،‬أو الذي سينشأ بينهم يف املستقبل ويشرتط قانون التحكيم أن يقع التعبري عن اإلرادة‬
‫صرحيا‪ .‬وال يكفي توافر الرضا ابلتحكيم بل ال بد أن يكون صحيحا خاليا من العيوب و‬
‫املتمثلة يف اإلكراه ‪،‬الغلط ‪،‬التدليس واالستغالل واليت ميكن الرجوع فيها إىل القواعد العامة يف‬
‫االلتزامات‪ ،‬فالبد من وجود الرضا وإال كان االتفاق ابطال ‪،‬أي أن تتجه إرادة األطراف‬
‫املتطابقة والصرحية إىل اللجوء إىل التحكيم والتنازل صراحة عن قضاء الدولة‪.1‬‬
‫يؤكد بعض الفقاء على ضرورة أن يكون الرضا ابلتحكيم رضاءا حقيقيا وليس مفرتضا‬
‫وهو ما أكد عليه القضاء الفرنسي بشأن إحالة سند الشحن إىل مشارطة السفينة املتضمنة‬
‫شرط التحكيم ‪. 2‬كما جيب أن يكون حمل وسبب اتفاق التحكيم مشروعني غري خمالفني‬
‫للنظام العام أو اآلداب وإال حكم ببطالنه‪.‬‬
‫آخر شرط يتعلق ابلناحية الشكلية فال يكون اتفاق التحكيم صحيحا اإل ابلكتابة‪،‬‬
‫طبقا ملا نصت عليه املادة‪ 1040‬ق إ ج م إ يف الفقرة الثانية منها إذ جاء فيها‪.... ":‬جيب‬
‫من حيث الشكل وحتت طائلة البطالن أن تربم اتفاقية التحكيم كتابة ‪،‬أو أبية وسيلة اتصال‬
‫أخرى جتيز الكتابة‪ ."...‬و من خالل هذا النص يتضح أن الكتابة ليست لإلثبات فقط‪ ،‬بل‬
‫أكثر من ذلك فهي تعد ركنا النعقاد اتفاق التحكيم‪ .‬وتتحقق الكتابة وفق هذا املعىن إذا ورد‬
‫اتفاق التحكيم يف رسائل أو برقيات متبادلة بني الطرفني و ميتد ذلك إىل كل وسيلة اتصال‬
‫مكتوبة بشرط أن يكون تبادل االجياب والقبول بشأن التحكيم حمققا‪.3‬‬
‫يُستوىف هذا الشرط إذا مت النص عليه يف العقد األصلي وعلى اإلحالة على وثيقة‬
‫تتضمن شرط التحكيم كاإلحالة إىل عقد منوذجي يف جمال النقل البحري ‪،‬لكن ال يلزم أن‬

‫‪ -1‬إميان حسن اجلميل‪ ،‬اتفاق التحكيم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 55‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -3‬مسيحة القليويب ‪،‬التحكيم التجاري ‪،‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع ‪،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪، 2009‬ص ‪. 56‬‬

‫‪472‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫تتضمن اإلحالة إىل ما يفيد اعتبار اتفاق التحكيم‪ ،‬الذي تضمنته هذه الوثيقة جزءا من‬
‫العقد األصلي ‪،‬حيث أن اإلحالة قد يتضح منها عدم دراية أحد األطراف بوجود اتفاق على‬
‫التحكيم ‪،‬مما ينفي إمكانية القول بوجود اتفاق و تراضي مكتوب على شرط التحكيم‪. 1‬‬
‫أما من الناحية املوضوعية فقد تضمنت الفقرة الثالثة من املادة املذكورة أنه يكون اتفاق‬
‫التحكيم صحيحا إذا استجاب للشروط‪ ،‬اليت يضعها القانون املتفق على اختياره من قبل‬
‫األطراف ‪،‬أو القانون املنظم ملوضوع النزاع والذي كان سببا يف اللجوء إىل التحكيم ‪،‬أو‬
‫القانون الذي يراه احملكم مالئما‪ .‬و يالحظ يف احلالة األخرية أنه للمحكم مطلق احلرية يف‬
‫اختيار أي قانون حسب وجهة نظره مناسبا‪ .‬وال يكون ذلك إال عندما يغفل األطراف يف‬
‫اتفاق التحكيم على حتديد القانون الذي يرجع إليه بشأن الشروط املوضوعية‪ ،‬اليت يتطلبها‬
‫اتفاق التحكيم من أجل صحته‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪:‬‬
‫حدود سلطات القاضي يف اختصاص التحكيم‬
‫يرتتب على اعتبار الدفع بوجود اتفاق حتكيمي من النظام العام أن القاضي ليس‬
‫إبمكانه إاثرة الدفع به من تلقاء نفسه إذا تبني له وجود اتفاق بني األطراف على حل النزاع‬
‫بواسطة التحكيم‪ ،‬فال حيق له إحالة الفرقاء على التحكيم إال إذا متسك أحدهم بذلك‪ .‬وهو‬
‫ما ورد يف املادة ‪ 1045‬ق إ ج م إ ‪ ،‬حيث تنص على أنه‪" :‬يكون القاضي غري خمتص‬
‫ابلفصل يف موضوع النزاع إذا كانت اخلصومة التحكيمية قائمة ‪،‬أو إذا تبني له وجود اتفاقية‬
‫التحكيم على أن يثار من أحد األطراف"‪.2‬‬

‫‪ -1‬مسيحة القليويب ‪،‬التحكيم التجاري ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬املوضع نفسه‪.‬‬


‫‪ -2‬سبق و أن نصت املادة ‪ 3/2‬من اتفاقية نيويورك املتعلقة ابالعرتاف و تنفيذ القرارات التحكيمية الصادرة عن مؤمتر األمم املتحدة يف ‪10‬‬
‫جوان ‪ 1958‬على أنه حيق للمحكمة الدول املتعاقدة اليت يطرح أمامها النزاع حول موضوع كان حمل اتفاق من األطراف ابملعىن الوارد يف‬
‫هذه املادة ‪ ،‬أن حتيل اخلصوم بناء على طلب أحدهم إىل التحكيم و ذلك ما مل يتبني للمحكمة أن هذا االتفاق ابطل و ال أثر له ‪،‬أو غري‬
‫قابل للتطبيق ‪.‬‬

‫‪473‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫لكن إذا كان اتفاق التحكيم عموما والتحكيم البحري بصفة خاصة ال يسمح‬
‫للقاضي للفصل يف موضوع النزاع القائم بني األطراف على وجه اإلطالق‪ ،‬فهل هذا احلظر‬
‫ميكن أيضا تطبيقه على احلاالت اليت تتطلب بعض األوامر على وجه السرعة من القضاء‬
‫اإلستعجايل؟ و بصياغة آخرى هل ميكن الدفع بوجود اتفاق حتكيمي أمام قاضي األمور‬
‫املستعجلة و الذي يطلب منه إختاذ تدابري مؤقتة أو حتفظية بشأن النزاع القائم بني األطراف ؟‬
‫وهل يفسر قبول املدعى عليه الدعوى االستعجالية املرفوعة ضده على أنه تنازل منه عن‬
‫االلتجاء إىل التحكيم؟‬
‫لقد أجابت املادة ‪ 1046‬ق إج م إ عن تلك التساؤالت من خالل منح اختصاص‬
‫األمر ابختاذ تدابري مؤقتة أو حتفظية حملكمة التحكيم كأصل عام‪ ،‬مامل يتفق األطراف على‬
‫خالف ذلك يف اتفاق التحكيم‪ ،‬كما جيوز حملكمة التحكيم أن تطلب تدخل القاضي‬
‫املختص وفق قانون دولته‪ .‬ويف حالة ما إذا رفض الطرف املعين بتنفيذ األمر اختياراي وهذا‬
‫طبقا ملا ورد يف الفقرة ‪ 2‬من املادة املذكورة ‪.‬‬
‫نتيجة لذلك فإن اتفاق التحكيم ال حيد من سلطة قاضي األمور املستعجلة من اصدار‬
‫أوامر تتعلق بتدابري مؤقتة أو حتفظية ‪،‬اليت يراها مناسبة وفقا لقانون اإلجراءات املدنية يف دولة‬
‫القاضي ‪،‬خاصة و أن التجاء أحد األطراف إىل القضاء الوطين طالبا األمر ابختاذ إجراء وقيت‬
‫‪،‬أو حتفظي معني ال يعين السماح هلذا القاضي أبن متتد صالحياته إىل الفصل يف اجلوانب‬
‫املوضوعية للنزاع وال يعترب قبوال أيضا تنازل املدعى عليه يف الدعوى االستعجالية على أنه‬
‫تنازل عن اتفاق التحكيم‪.1‬‬
‫من جهة أخرى فإن اختيار التحكيم من أجل فض النزاعات النامجة اليت قد تثور يف‬
‫مستقبال عن عقد النقل البحري ‪،‬أو حىت بعد قيامها ال مينع القضاء من ممارسة الرقابة‬

‫‪ -1‬انرميان عبد القادر ‪،‬اتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم املصري يف املواد التجارية واملدنية رقم ‪،1994/24‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة‬
‫‪،‬سنة ‪ ،1996‬ص ‪.303‬‬

‫‪474‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫الالحقة على احلكم التحكيمي الذي سيفصل يف النزاع و تتجسد هذه الرقابة من خالل‬
‫حالتني‪ :‬األوىل عند االعرتاف ابحلكم التحكيمي و الثانية عند الطعن ببطالنه‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪:‬‬
‫االعرتاف ابحلكم التحكيمي وتنفيذه‬
‫إن اهلدف الذي تسعى إليه حمكمة التحكيم هو الفصل يف النزاع املعروض عليها ويف‬
‫سبيل ذلك جيب عليها أن تتأكد أوال من أن النزاع يدخل ضمن اختصاصها وهو ما يعرف‬
‫مببدأ االختصاص ابالختصاص‪ .1‬وهذا ما أخذ به املشرع اجلزائري يف قانون اإلجراءات املدنية‬
‫واإلدارية‪ 2‬مث تنتقل هذه احملكمة بعد ذلك إىل تطبيق نصوص القانون الذي اختاره الطرفان و‬
‫يف غياب ذلك تستطيع اهليئة التحكيمية اختيار أي قانون وأعراف تكون مالئمة‪، 3‬لتحكم‬
‫به على النزاع املعروض عليها و بصدور حكم حتكيمي تعترب مهمة احملكمة قد انتهت لتبدأ‬
‫بعد ذلك مرحلة أخرى وهي تنفيذ هذا احلكم وهو ماال يتم إال بعد إدخال احلكم التحكيمي‬
‫يف النظام القانوين الوطين من خالل االعرتاف به واعطائه الصيغة التنفيذية‪.4‬‬
‫لكن هذا األمر سيصطدم بوجود فكرة السيادة واحرتام النظام العام يف دولة القاضي‬
‫‪،‬مما جيعل احلكم األجنيب يعامل معاملة خمتلفة عن احلكم الصادر عن القضاء الوطين و ال‬
‫شك أن تنفيذ حكم أجنيب صادر عن قضاء دولة أجنبية دون قيد يعين اخلضوع هلذه الدولة‬

‫‪- le principe "compétence –compétence",DMF2014,p107Cité par: Marina‬‬


‫‪1‬‬

‫‪Papadatou,La convention d'arbitrage dans le contrat de transport maritime de‬‬


‫‪marchandises: étude comparée des droits français , helléniqueet anglais, thèse de‬‬
‫‪doctorat en droit, université de Panthéon- Assas ,date de soutnance26mai2014,p132.‬‬
‫‪ -2‬تنص املادة ‪1044‬ق م إ ج‪":‬تفصل حمكمة التحكيم يف االختصاص اخلاص هبا‪ .‬وجيب إاثرة الدفع بعدم االختصاص قبل أي دفاع يف‬
‫املوضوع ‪.‬‬
‫تفصل حمكمة التحكيم حبكم أويل إال إذا كان الدفع بعدم االختصاص مرتبطا مبوضوع النزاع "‪.‬‬
‫‪ -3‬املادة ‪1050‬ق م إج إ‪.‬‬
‫‪ -4‬أبو زيد رضوان ‪،‬الضوابط العامة يف التحكيم التجاري الدويل ‪،‬القسم األول ‪،‬طبيعة التحكيم يف التجارة الدولية ‪،‬جملة احلقوق الكويتية‬
‫‪،‬السنة األوىل ‪،‬العدد الثاين‪ ،‬جوان ‪،1977‬ص ‪.52‬‬

‫‪475‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫‪ ،‬إذ سيمتثل األعوان املكلفون ابلتنفيذ ال ألوامر قضائهم و إمنا ألوامر قضاء أجنيب‪ 1‬و من‬
‫جهة أخرى قد يصدر احلكم يف اخلارج عن احملاكم األجنبية و يتضمن خمالفة للنظام العام‬
‫واآلداب العامة يف دولة القاضي‪ ،‬فهل من املنطق تنفيذ هذا احلكم دون أية قيد ابلرغم هذا‬
‫التعارض؟‬
‫إن هذه النتائج هي اليت جعلت الكثري من القوانني ومنها القانون اجلزائري ‪09/08‬‬
‫تقر بعدم إمكانية تنفيذ حكم أو االعرتاف به مباشرة و إمنا يستلزم اللجوء إىل القضاء الوطين‬
‫من أجل تقدمي طلب االعرتاف أو التنفيذ‪ 2‬وهو ما ينطبق أيضا على أحكام التحكيم الدولية‬
‫سوآءا صدرت يف اجلزائر أو يف دولة أجنبية‪.3‬‬
‫كما يتطلب االعرتاف ابحلكم التحكيمي الدويل وتنفيذه يف قانون اإلجراءات املدنية‬
‫و اإلدارية اجلزائري بعض الشروط طبقا للمادتني ‪ 1051‬و ‪ 1052‬من هذا القانون و هي‬
‫كاآليت‪:4‬‬
‫أ‪-‬إثبات وجود حكم التحكيم و هذا الوجود يثبت إبيداع النسخة األصلية مرفقا ابتفاقية‬
‫التحكيم أو بنسخ عنهما تستويف شروط صحتها(املادة‪ 1052‬ق إ ج م إ)‪.‬‬
‫ب‪-‬عدم خمالفة احلكم التحكيمي للنظام العام الدويل(املادة ‪ 1051‬ق إ ج م إ)‪.‬‬
‫من خالل الرجوع إىل الفقرة ‪ 2‬املادة ‪ 1051‬ق إ ج م إ يتبني أن هناك اختصاصني‬
‫بشأن طلبات االعرتاف ابألحكام التحكيم الدويل و تنفيذها األول اختصاص نوعي‪ :‬فيقدم‬
‫طلب االعرتاف أو التنفيذ إىل رئيس احملكمة‪ ،‬أما الثاين فهو اختصاص مكاين حبيث إذا كان‬

‫‪1‬‬
‫‪-J.B.Racine,‬‬ ‫‪L’arbitrage commercial international et l’ordre public L.G.D.J 1999, n°‬‬
‫‪1009.‬‬
‫‪ -2‬بن عصمان مجال‪ ،‬االعرتاف أبحكام التحكيم الدولية و تنفيذها يف ظل قانون االجراءات املدنية اجلديد ‪ ،‬جملة العلوم القانونية و االدارية‬
‫و السياسية ‪ ،‬كلية احلقوق تلمسان ‪ ،‬رقم ‪،11‬سنة ‪ ، 2011‬الصفحة ‪.96‬‬
‫‪-3‬تنص املادة ‪ 1051‬ق إ ج م إ ‪":‬يتم االعرتاف أبحكام التحكيم الدويل يف اجلزائر إذا أثبت من متسك هبا وجودها وكان هذا االعرتاف‬
‫غري خمالف للنظام العام الدويل ‪.‬‬
‫‪-‬و تعترب قابلة للتنفيذ يف اجلزائر وبنفس الشروط أبمر صادر عن رئيس احملكمة اليت صدرت أحكام التحكيم يف دائرة اختصاصها أو حمكمة‬
‫حمل التنفيذ إذا كان مقر حمكمة التحكيم موجودا خارج اإلقليم الوطين‪".‬‬
‫‪ -4‬عبد السالم ذيب‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.431‬‬

‫‪476‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫مقر اهليئة التحكيم متواجد يف اجلزائر فإنه يؤول إىل احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها‬
‫مكان صدور حكم التحكيم‪.‬‬
‫أما إذا كان مقر هيئة التحكيم متواجدا يف خارج اإلقليم اجلزائري فسيؤول االختصاص‬
‫إىل احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها حمل تنفيذ حكم التحكيمي‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة‪:‬‬
‫الطعن يف احلكم التحكيمي‬
‫جييز املشرع اجلزائري يف قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية للقضاء التدخل من خالل‬
‫تنفيذ حكم التحكيم أو من خالل الطعن فيه ‪،‬معتربا تدخله بعد إمتام مهمة التحكيم‬
‫وإصدار حكم فيه مبثابة رقابة الحقة واملفرتض فيها أن ال تكون عائقا حيول دون تنفيذ‬
‫أحكام التحكيم ‪.‬كما تضمنت األحكام اخلاصة بتنظيم التحكيم التجاري الدويل عدة طرق‬
‫سوآءا تعلقت ابألمر القاضي بتنفيذ أحكام التحكيم أو برفضها‪ .‬و هنا منيز بني ثالث‬
‫حاالت‪ :‬األوىل عند استئناف األمر الذي يقضي برفض أو قبول االعرتاف والتنفيذ والثانية‬
‫خاصة ابلطعن ابلبطالن‪ 1‬يف أحكام التحكيم بذاهتا‪ ،‬أما الثالثة فتتمثل يف إمكانية الطعن‬
‫ابلنقض يف القرارات الصادرة بشأن االستئناف أو الطعن ابلبطالن‪.2‬‬
‫أوال‪ :‬استئناف األمر الذي يقضي برفض أو قبول االعرتاف و التنفيذ‬
‫طبقا ملا جاء يف نص املادة ‪ 313‬ق إ ج م إ فإن االستئناف يصنف ضمن طرق‬
‫الطعن العادية وعمال ابملادة ‪ 1055‬ق إ ج م إ يكون األمر الذي قضى برفض االعرتاف أو‬

‫‪ -1‬تعرضت اتفاقية نيويورك لسنة ‪ 1958‬هلذا األمر من قبل وابلضبط يف املادة اخلامسة منها فقد ورد فيها إمكانية ابطال القرار التحكيمي‬
‫من جانب حماكم الدول اليت صدر فيها القرار التحكيمي أو من طرف الدولة اليت صدر القرار مبوجب قانواها وهذا ما يفهم من الفقرة ه‬
‫من املادة املذكورة‪ :‬فوزي حممد سامي ‪،‬التحكيم التجاري الدويل (دراسة مقارنة )‪،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪،‬األردن ‪،‬سنة ‪،2012‬ص‬
‫‪.392‬‬
‫‪ -2‬ليلى بن مدخن‪ ،‬مربرات الطعن يف أحكام التحكيم التجاري الدويل وحدود اختصاص القاضي الوطين للنظر يف الطعون بني فرض الرقابة‬
‫واحرتام إرادة األطراف‪ ،‬ص ‪:431‬‬
‫‪https://manifest.univ-ouargla.dz/documents/.../benmedakhan.pdf‬‬
‫اتريخ الدخول إىل املوقع‪ ،20017/08/31:‬التوقيت ‪.21:30‬‬

‫‪477‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫التنفيذ قابال لالستئناف دون تقييده بشروط أو حاالت معينة ‪،‬أما استئناف األمر الذي‬
‫يقضي ابالعرتاف والتنفيذ فقد حددت له املادة ‪ 1056‬ق إ ج م إ ستة أسباب جيب أن‬
‫يبىن عليها االستئناف وهي كاآليت‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا فصلت حمكمة التحكيم بدون اتفاقية حتكيم ‪،‬أو بناء على اتفاقية ابطلة أو‬
‫انقضاء مدة االتفاقية‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا كان تشكيل حمكمة التحكيم أو تعيني احملكم الوحيد خمالفا للقانون‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا فصلت حمكمة التحكيم مبا خيالف املهمة املسندة إليها‪.‬‬
‫‪ .4‬إذا مل يراعى مبدأ الوجاهية‪.‬‬
‫‪ .5‬إذا مل تسبب حمكمة التحكيم حكمها ‪،‬أو إذا وجد تناقض يف األسباب‪.‬‬
‫‪ .6‬إذا كان حكم التحكيم خمالفا للنظام العام الدويل‪.‬‬
‫من خالل هذا النص يفهم أنه ال يقبل الطعن ابالستئناف ضد األمر الذي يقبل‬
‫االعرتاف أو التنفيذ إال إذا توافرت إحدى تلك احلاالت الستة املذكورة أعاله‪ .‬و هي ترتبط‬
‫أساسا إما ابتفاقية التحكيم‪ ،‬أو هبيئة التحكيم واإلجراءات املتبعة و إما أن ترتبط تلك‬
‫احلاالت مبحتوى حكم التحكيم يف حد ذاته‪.1‬‬
‫اجلدير ابلذكر أنه ليس من اختصاص القاضي يف دولة التنفيذ أن يتعرض إىل موضوع‬
‫النزاع التحكيمي و امنا دوره يقتصر يف التأكد من مدى توافر الشروط الالزمة لقبول أو رفض‬
‫تنفيذ حكم التحكيم‪ .‬ومن مث عليه أال يتعرض للموضوع ابلفصل فيه من جديد وتقتضي‬
‫املادة ‪ 1057‬ق إ ج م إ من نفس القانون بضرورة رفع االستئناف أمام اجمللس القضائي‬
‫خالل مدة قدرها شهر من اتريخ تبليغ األطراف ابألمر‪.2‬‬

‫‪ -1‬بن صغري مراد ‪ ،‬حجية االعرتاف أبحكام التحكيم الدولية وتنفيذها على ضوء قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اجلديد ‪،‬ورقة عمل‬
‫مقدمة للملتقى الدويل حول تنفيذ األحكام والسندات األجنبية وقرارات التحكيم الدويل املنظم يومي‪24‬و‪ 25‬أفريل ‪، 2013‬كلية احلقوق‬
‫والعلوم السياسية ‪،‬جامعة قاصدي مرابح ‪،‬ورقلة (اجلزائر) ‪ ،‬ص ‪. 09‬‬
‫‪ -2‬ليلى بن مدخن‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.432‬‬

‫‪478‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬

‫اثنيا‪ :‬الطعن ابلبطالن يف أحكام التحكيم‬


‫إىل جانب إمكانية استئناف األمر الذي قضى ابعرتاف احلكم التحكيمي ‪،‬أو بتنفيذه‬
‫‪،‬أو حكم برفضه فإن املشرع اجلزائري جييز كذلك الطعن يف حكم التحكيم حبد ذاته مىت كان‬
‫احلكم صادرا يف اجلزائر ‪،‬حيث قضت املادة ‪ 1058‬ق إ ج م إ على أنه ميكن أن يكون‬
‫حكم التحكيم الدويل الصادر يف اجلزائر موضوع الطعن ابلبطالن يف احلاالت الستة السابقة‬
‫املنصوص يف املادة ‪ 1056‬ق إ ج م إ ‪،‬مما يفيد أنه ميكن إبطال أو إلغاء أحكام التحكيم‬
‫الدولية بشرط أن تكون صادرة داخل احلدود اإلقليمية اجلزائرية ‪،‬مع االستناد إىل احلاالت‬
‫احملددة على سبيل احلصر يف املادة املذكورة ‪ .‬وذلك متاشيا مع نص املادة اخلامسة من اتفاقية‬
‫نيويورك لسنة ‪ 1958‬اليت اعتمدت معيار مقر صدور احلكم و املعتمد يف أغلب التشريعات‬
‫اآلخذة إبمكانية الطعن ابلبطالن يف احلكم التحكيمي‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬الطعن ابلنقض يف أمر االعرتاف حبكم التحكيم أو تنفيذه‬
‫لقد نص املشرع اجلزائري صراحة على عدم جواز الطعن يف احلكم الصادر الذي‬
‫يتضمن املوافقة على طلب أمر االعرتاف والتنفيذ كما جاء يف نص املادة ‪ 1058‬ق إ ج م إ‬
‫يف الفقرة الثانية‪ ":‬ال يقبل األمر الذي يقضي بتنفيذ حكم التحكيم الدويل املشار إليه أعاله‬
‫أي طعن ‪،‬غري أن الطعن ببطالن حكم التحكيم يرتب بقوة القانون الطعن يف أمر التنفيذ ‪،‬أو‬
‫ختلي احملكمة عن الفصل يف طلب التنفيذ ‪،‬إذا مل يتم الفصل فيه"‪.‬‬
‫يبدوا من خالل هذا النص أن املشرع مل يرتك جماال للطعن يف األمر الذي قضى‬
‫بتنفيذ حكم التحكيم كأصل عام إال أنه يستثىن من هذا األصل دعوى بطالن‪1‬حكم‬
‫التحكيم ‪ ،‬يف هذه احلالة و بقوة القانون يتم الطعن يف أمر التنفيذ ‪ .‬أما إذا كانت احملكمة مل‬

‫‪ -1‬يرتتب على بطالن القرار التحكيمي أثران ‪،‬األول إبطال القرار وإعادة احلالة إىل احلالة اليت كانت عليها قبل إجراءات التحكيم ‪،‬أما األثر‬
‫الثاين فهو عدم إمكانية تنفيذ القرار موضوع الطعن ابلبطالن عمال بنص املادة ‪ 1058‬ق إ ج م إ واملادة ‪ 5‬من اتفاقية نيويورك لسنة‬
‫‪ :1958‬عبد الرمحن برابرة‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية (قانون رقم ‪،) 09-08‬طبعة اثنية مزيدة‪ ،‬منشورات بغدادي‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫سنة ‪، 2009‬ص‪.561‬‬

‫‪479‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫تفصل بعد يف أمر طلب التنفيذ فعليها الرتاجع و ابلتايل ميكن للطاعن أن يطلب من احملكمة‬
‫وقف تنفيذ احلكم إذا كان خيشى منه وقوع ضرر جسيم جراء هذا التنفيذ و كانت أسباب‬
‫الطعن ترجع معها إلغاء احلكم‪.1‬‬
‫ابإلضافة إىل ما قيل سابقا فإنه جيب على القاضي عند مراقبته لعدم خمالفة األمر‬
‫الصادر ابالعرتاف أو التنفيذ للنظام العام الدويل أن أيخذ بعني االعتبار األحكام اآلمرة دوليا‬
‫و اليت هلا عالقة وثيقة ابلنزاع مع إعطاء األولوية ألحكام اجلزائية و مراعاة قواعد التجارة‬
‫الدولية‪.2‬‬
‫من خالل مجع ما تقدم فإنه ال شك يف أن التعويض الكامل خيدم مصلحة الشاحن‬
‫وهو أيخذ طريقني إما اتفاقي جيريه هذا األخري مع الناقل أو قانوين تقرره اتفاقييت بروكسل‬
‫وروتردام عندما يقدم الشاحن بياان بقيمة البضاعة ونوعها يف سند الشحن ‪.‬‬
‫غري أن اتفاقية روتردام تقتصر على وجوب ذكر قيمة البضاعة فقط حىت حيصل املضرور‬
‫على تعويض كامل يتطابق مع قيمة البضاعة ‪،‬كما جيب أن يكون البيان صحيحا مطابقا‬
‫للقيمة احلقيقية للبضاعة‪،‬فاذا ثبت أن هذا البيان كان كاذاب فإن الناقل سيعفى من املسؤولية‬
‫‪،‬أو عندما يرتكب الناقل سلوكا أيخذ وصف سوء السلوك العمدي‪ ،‬الذي يتكون من شقني‬
‫الغش واخلطأ غري املغتفر يف برتوكول تعديل معاهدة بروكسل لسنة ‪.1968‬‬
‫كذلك نفس األمر يف اتفاقييت هامبورغ وروتردام وابلتايل فإنه من األصلح للشاحن‬
‫التعويض االتفاقي الكامل خاصة ابلنسبة للدول الشاحنة املنتمية التفاقية هامبورغ‪ ،‬ألن هذه‬
‫املعاهدة جتعل مسؤولية الناقل البحري حمدودة دون شرط ‪.‬هذا ما دفع ابلفقه إىل البحث هلا‬

‫‪ -1‬قوادري صامت جوهر‪ ،‬خوتة خبتة‪ ،‬الطعن يف احلكم التحكيمي ‪،‬األكادميية للدراسات االجتماعية و اإلنسانية‪ ،‬دورية دولية حمكمة‬
‫تصدرها جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬شلف ‪،‬ص ‪:56‬‬
‫‪www.univ-chlef.dz/fdsp/images/pdf/bilan-kouadri.pdf‬‬
‫اتريخ الدخول إىل املوقع‪ ،20017/08/31:‬التوقيت ‪.23:40‬‬
‫‪ -2‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل يف اجلزائر ‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬طبعة ‪ ، 2001‬ص ‪.73‬‬

‫‪480‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫عن خمرج معتربين أن التصريح الذي يقدمه الشاحن عن جنس البضاعة ونوعها اتفاقا ضمنيا‬
‫حيمل يف طياته التعويض املعادل لقيمة البضاعة حمل عقد النقل ‪.‬‬
‫لكن ذلك ليس صحيح ‪،‬ألن تدوين بياانت الشاحن يف سند الشحن خبصوص نوع‬
‫البضاعة وقيمتها ال يفيد قطعا أن إرادة الطرفان قد انصرفت إىل التعويض الكامل عند وقوع‬
‫ضرر للبضاعة املنقولة‪ .‬لذلك و تفاداي للخالف ال يوجد حل أفضل أمام الشاحنني وفق‬
‫املعاهدة املذكورة من االتفاق مع الناقل على التعويض الكامل املطابق للبضاعة ‪،‬عما يلحقها‬
‫من هالك أو تلف أو ضرر بسب أتخريها يف الوصول ‪.‬‬
‫كما أنه لطريف عقد النقل احلرية يف االتفاق على اجلهة اليت تفصل يف منازعاهتم إما‬
‫القضاء ابعتباره صاحب االختصاص األصيل وإما عن طريق التحكيم البحري و هو الغالب‬
‫يف امليدان البحري ‪،‬فإذا اختار الفرقاء القضاء كان على املرسل إليه وفق االتفاقيات الدولية‬
‫عند حصول ضرر للبضاعة إخطار الناقل أو ممثله ابهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم إال‬
‫يف حالة حضور هذا األخري ‪،‬كما يعترب االخطار وفق االتفاقيات الدولية الثالث اجراءا‬
‫متهيداي قبل رفع الدعوى ضد الناقل ‪،‬فيقوم املرسل إليه بتقدميه مبينا ماأصاب بضاعته من‬
‫ضرر أو أتخري عن الوقت احملدد‪،‬فهذا اإلخطار من شأنه أن ييسر على املضرور اثبات‬
‫األضرار الالحقة ابلبضاعة عند استالمها و حىت جيهز املضرور نفسه لرفع دعواه على الناقل‪.‬‬
‫من جهة أخرى ال يرتتب على عدم توجيه اإلخطار إىل الناقل أو ممثله يف حالة اهلالك‬
‫أو التلف خالل املهلة املقررة أي جزاء ‪،‬إال أن ذلك يصعب من عملية االثبات بعد انقضاء‬
‫تلك املدة وعلى العكس فإنه يف حالة أتخري البضائع توجب اتفاقييت هامبورغ وروتردام على‬
‫املرسل إليه توجيه اإلخطار يف األجل احملدد وفق أحكامهما وإال فقد حقه يف رفع الدعوى‬
‫على الناقل ‪ .‬وتطبق هاتني االتفاقيتني نفس التوجه من أجل محاية للشاحن واملضرور من‬
‫زاويتني‪ :‬الزاوية األوىل هي بشأن االختصاص القضائي حيث متنحان هلذا األخري حرية اخيار‬

‫‪481‬‬
‫نظام التعويض الكامل‬ ‫‪:‬‬ ‫الباب الثاين‬
‫اجلهة القضائية اليت تكون أقرب ملصاحله و ال جيوز االتفاق على حرمانه من حق االختيار‬
‫إبلزامه مبحكمة حمددة دون سواها‪.‬‬
‫أما الزاوية الثانية فتتعلق ابتفاق الطرفني على إحالة نزاعهما على التحكيم البحري‬
‫ابلرغم من أن االتفاقيتني أجازته إال أاهما مل تتوقفا يف السعي حلماية للشاحن واملضرور‪ .‬و‬
‫يتضح ذلك من خالل أاهما تقرران بطالن أي اتفاق على اختيار قانون آخر غري قواعدمها‬
‫وذلك ملنع هترب الناقلني من أحكامهما عندما يقبل الطرفان برتك احلرية هليئة التحكيم يف‬
‫اختيار قانون آخر غري االتفاقيتني‪ ،‬عند جلوئهما إىل التحكيم البحري‪.‬‬
‫يف األخري جتدر اإلشارة إىل أن صدور األحكام األجنبية سواءا قضائية أو حتكيمية‬
‫يتطلب من الدول يف سبيل التشجيع على التجارة البحرية الدولية اختاذ إجراءات بسيطة من‬
‫أجل إعطاء الصيغة التنفيذية لألحكام النهائية الصادرة القضاء والتحكيم يف اخلارج حىت‬
‫يكون هناك تكامل قانوين تتظافر فيه جهود األنظمة القانونية الداخلية واالتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫‪482‬‬
‫ت‬ ‫ل‬
‫ا ا ةم‬
‫خ‬
‫اخلامتة‬

‫اخلامتة‬
‫يف ختام هذا البحث و بعد حتليل حماوره الكربى‪ ،‬ميكن القول أن موضوع التعويض يف‬
‫النقل البحري للبضائع كان وال يزال على قمة املسائل القانونية اجلديرة ابلبحث والدراسة ‪،‬ملا‬
‫يهدف إليه من حلول للمشاكل الكثرية اليت تشهدها املنازعات النامجة عن نقل البضائع عرب‬
‫البحر ‪ .‬و ذلك من خالل دراسة ما جاءت به قواعد االتفاقيات الدولية و نصوص القانون‬
‫البحري اجلزائري‪ ،‬حيث أن هذه التشريعات حاولت محاية الطرف الضعيف يف عقد النقل و‬
‫سعت لتحقيق التوازن بني املصاحل املتعارضة يف هذا العقد‪ .‬و لعل أهم ما تعرضنا إليه هو‬
‫توحيد قانون الدويل للنقل البحري ‪،‬يف سبيل خالص املضرور من احنياز التشريعات الوطنية‬
‫للدول للناقلة خبصوص التعويض الذي ميكنه استيفاءه عند ثبوت مسؤولية الناقل أو اتبعيه ‪.‬‬
‫لقد مسحت لنا هذه الدراسة من خالل املقارنة اليت أجريت بني قواعد اتفاقية بروكسل‬
‫‪،‬هامبورغ وروتردام ابلكشف عن خبااي نظام احلد األقصى للتعويض و الذي يعترب حتديدا‬
‫قانونيا ملا ميكن أن يبلغه مدى التعويض عما يلحق البضاعة من هالك أو تلف أو أتخري‪.‬و‬
‫ابلتايل جيب على القاضي أال حيكم على الناقل أو اتبعيه أبكثر منه مهما جتاوزت قيمة الضرر‬
‫ذلك احلد ‪،‬كما أنه ذو طبيعة مزدوجة فهو من النظام العام يف حدوده الدنيا االتفاقية اليت‬
‫جتمع الشاحن ابلناقل‪ ،‬فيقع االتفاق أبقل منه حتت طائلة البطالن املطلق سوآءا كان ذلك يف‬
‫االتفاقيات الدولية أو القانون البحري و من جهة أخرى فهو ليس من النظام العام يف حدوده‬
‫العليا‪ ،‬إذ جيوز للشاحن أن يتفق مع الناقل على تعويض أكرب مما قررته يف النصوص القانونية ‪.‬‬
‫فضال عن ذلك فإن استعمال مصطلح "حتديد املسؤولية " من طرف اتفاقييت بروكسل و‬
‫هامبورغ و عبارة "حتديد مقدار التعويض" اليت كانت تتداول لدى البعض يف أوساط الفقه‬
‫للداللة على نظام احلد األقصى للتعويض اليصلحان ألن يكوان مرادفني هلذا النظام الختالف‬
‫املقصود لكل منهما ‪ ،‬هذا ماجعل أغلب فقهاء احلديث يتخلون عن استعمال املصطلحات‬
‫املنتقدة ‪ ،‬اليت ال تؤدي إىل املقصود من وراء النصوص الدولية أو الداخلية املتعلقة ابحلد‬

‫‪483‬‬
‫اخلامتة‬
‫األقصى للتعويض واتفقوا على أن املصطلح املناسب الذي يفي ابلغرض وال يرتك أي شك يف‬
‫معناه هو" احلد األقصى للتعويض"‪.‬‬
‫خبصوص اجلدل الفقهي احلاصل حول مربرات نظام احلد األقصى للتعويض مت التوصل‬
‫إىل أن هذا النظام يستمد شرعيته من ضرورة يقتضيها توازن املصاحل املتعارضة وذلك عندما‬
‫ال يصرح الشاحن بقيمة البضاعة ونوعها قبل الشحن‪،‬ألن اطالق التعويض يف هذه احلالة‬
‫ليصل التعويض الكامل فيه اجحاف حبق الناقل الذي ال يعلم حبقيقة البضاعة حىت يعاملها‬
‫وفق ما تتطلبه طبيعتها من أجل احلفاظ عليها ‪،‬إذن يعد توازن املصاحل يف عقد النقل املربر‬
‫الوحيد الذي يستخلص من نية اجملتمع الدويل من وراء تقرير هذا النوع من التعويض‪ ،‬املرتتب‬
‫على هالك البضاعة أو تلفها أو الضرر الناشئ عن أتخريها يف التسليم‪.‬‬
‫تبني كذلك من نصوص االتفاقيات الدولية أاها جعلت حق االستفادة من قاعدة احلد‬
‫األقصى للتعويض ال يقتصر على الناقل فحسب بل يكون ذلك أيضا ملندوبيه ‪،‬و يشمل‬
‫مصطلح مندوب الناقل اتبعه ووكيله والذي تربطه ابلناقل عالقة تبعية فيتبع أوامره مثل الرابن‬
‫وطاقم السفينة ووكيل السفينة يف امليناء وهؤالء من حيق هلم التمسك ابحلد األقصى للتعويض‬
‫‪،‬فأما مقاول الشحن والتفريغ فيعترب مقاوال مستقال وليس اتبعا وعلى هذا ال يستفيد من‬
‫احلد األقصى للتعويض‪.‬‬
‫أما مقاول املناولة املينائية فيستفيد من احلد األقصى للتعويض و ذلك ليس ابعتباره‬
‫اتبعا للناقل وامنا بناءا على صفته الشخصية اليت قرر هلا القانون البحري املعدل لسنة ‪1998‬‬
‫هذا احلق ‪،‬غري أن مقاول التشوين حيرم من حدود التعويض لصعوبة الدور الذي يقوم به‬
‫وهلذا تكون مسؤولية هذا املقاول مطلقة وختضع لنظام التعويض الكامل‪.‬‬
‫على أي حال فإن القانون البحري اجلزائري على وضعه احلايل ما زال بعيدا عن احلكمة‬
‫التشريعة اليت يقتضيها مبدأ العدالة و هو ما يبدوا عند قراءة نص املادة ‪ 811‬من القانون‬
‫البحري اجلزائري يلمح الباحث يف البداية نية املشرع ظاهرة يف توفري احلماية ملصاحل‬

‫‪484‬‬
‫اخلامتة‬
‫الشاحنني‪ ،‬من حيث النص على بطالن شروط االتفاقية اخلاصة ابستبعاد التزامات الناقل‬
‫قبل بدأ الرحلة و أثنائها‪ ،‬كذلك بطالن شرط حتديد مبلغ التعويض ابلنسبة هلذا األخري مببلغ‬
‫أقل مما حدده املشرع يف املادة ‪ 805‬ق ب ج‪ ،‬غري أنه عند مواصلة القراءة لتلك املادة فإنه‬
‫سيجد أن املشرع أضاف أمرا يتناقض مع ما جاء به يف ذات املادة املذكورة أعاله ‪،‬إذ وضع‬
‫استثناءا خص به الناقل األجنيب‪ ،‬الذي حددت له دولته مبلغا للتعويض فيدفع أقل املبلغني‬
‫حسب املادة ‪ 808‬ق ب ج‪ ،‬فهل يعقل أن يتكفل املشرع بتوفري احلماية للشاحن يف النقل‬
‫الداخلي مث يتخلى عنه يف عقود النقل الدولية !‬
‫إن ما توصلنا إليه يف هذا الشأن ينطبق على احلالة اليت يكون فيها القانون اجلزائري‬
‫واجب التطبيق عند تنازع القوانني و من زاوية أخرى فإن هذا األمر فيه أيضا تفضيل للناقل‬
‫األجنيب على الناقل الوطين‪ ،‬بل أكثر من ذلك أن ما جاءت به املادة املذكورة أعاله فيه‬
‫تعارض مع السيادة الوطنية ألننا هبذا النص منتثل ألحكام أجنبية‪،‬فهذا األمر يقتضي من‬
‫السلطة التشريعية التدخل إبلغاء املادة‪ 808‬ق ب ج‪.‬‬
‫على صعيد آخر ختتلف االتفاقيات الدولية خبصوص النطاق الزمين ملسؤولية الناقل‬
‫عن األضرار الالحقة ابلبضائع ‪ ،‬فقد ضيقت اتفاقية بروكسل من نطاق تطبيق قواعدها‪،‬‬
‫فاقتصرت على الفرتة اليت تبدأ منذ شحن البضائع إىل غاية تفريغها‪ ،‬فتكون بذلك قد فتحت‬
‫الباب على مصراعيه لتنازع القوانني يف الفرتة اليت خترج عن نطاقها‪ ،‬مما يؤدي إىل قصور يف‬
‫احلماية القانونية للشاحن هذا من جهة ومن جهة أخرى يؤدي إىل اخلروج عن توحيد القانون‬
‫الذي تسعى إليه جل االتفاقيات الدولية ‪،‬غري أن معاهديت هامبورغ وروتردام مل تستبعدا‬
‫املرحلة السابقة للشحن والالحقة للتفريغ‪ ،‬بتقريرمها أن مسؤولية الناقل تبدأ منذ تسلم هذا‬
‫االخري البضاعة إىل غاية تسليمها إىل املرسل اليه و هي نقطة حتسب لصاحلهما‪.‬‬
‫أيضا يف سبيل توسيع نطاق هذه املسؤولية وخالفا ملعاهدة بروكسل نظمت معاهديت‬
‫هامبورغ وروتردام حاليت الشحن على سطح السفينة ونقل احليواانت احلية وفيما يتعلق حبالة‬

‫‪485‬‬
‫اخلامتة‬
‫الشحن على السطح و حبكم حداثة اتفاقية روتردام وظهور السفن املتخصصة (احلاوايت)‬
‫مما جعل هذه املعاهدة حتسم اخلالف حول إمكانية شحن احلاوايت على ظهر السفينة‬
‫فأجازته عندما تكون البضائع معبأة داخل حاوايت أو عرابت مهيأة هلذا النوع من النقل‬
‫معتربة أن احلاوية كجزء من أجزاء السفينة ‪ ،‬مما يساعد يف احلفاظ على البضاعة وهو ما‬
‫تتوافر عليه سفن املخصصة للحاوايت ‪،‬أما إذا كانت احلاوايت غري مهيأة للنقل على السطح‬
‫كاحلاوايت املفتوحة فإن هذا النقل هو غري جائز طبقا للمعاهدة املذكورة‪.‬‬
‫كما أن الوضع ال خيتلف كثريا عند الرجوع إىل معاهدة روتردام‪ ،‬فقد أجازت للناقل‬
‫االتفاق مع الشاحن عند نقله للحيواانت احلية أن يشرتط اعفائه من املسؤولية يف هذه احلالة‬
‫أو حتديد مبلغ للتعويض عنها ‪،‬لكن ذلك ال يكون أي أثر إذا ارتكب الناقل أو اتبعيه سلوكا‬
‫يدخل يف دائرة سوء السلوك العمدي ‪.‬‬
‫يف ما يتعلق حباالت إعفاء الناقل من املسؤولية فإن تفوق اتفاقية هامبورغ على‬
‫نظرياهتا يبدوا جليا ‪،‬حيث قلصت هذه املعاهدة من تلك احلاالت‪ ،‬مقتصرة على ثالث‬
‫حاالت فقط يستطيع الناقل إبثبات إحداها اخلالص من مسؤوليته‪ ،‬متثلت يف حالة احلريق ‪،‬‬
‫حالة نقل احليواانت احلية وحالة إنقاذ األرواح واملمتلكات يف البحر ‪،‬بينما جاءت اتفاقييت‬
‫بروكسل وروتردام بوابل من حاالت إعفاء الناقل من مسؤوليته ‪،‬حيث بلغ عددها يف اتفاقية‬
‫بروكسل ب‪ 15‬حالة و‪ 17‬حالة يف ظل معاهدة روتردام وهو ما ال خيدم التوازن يف عقد‬
‫النقل البحري للبضائع‪ ،‬بل خيدم مصاحل الدول الناقلة على حساب الدول الشاحنة ‪.‬‬
‫لقد ساد الغموض على عدة نصوص من معاهدة بروكسل و منها ابألخص املادة‬
‫‪ 5/4‬منها ‪،‬إذ تسببت مبشاكل كثرية دارت حول مفهوم الطرد والوحدة‪ ،‬مما أدى إىل‬
‫اختالف الفقه والقضاء حول مفهومهما ابعتبارمها ضابطني يرجع القاضي إليهما يف حساب‬
‫احلد األقصى للتعويض وابلتايل ترتب عنه اختالف يف تقدير التعويض الذي يستحقه‬
‫املضرور‪.‬‬

‫‪486‬‬
‫اخلامتة‬
‫هلذا السبب وغريه ميكن القول أنه كان من األجدر بواضعي اتفاقية بروكسل اعادة‬
‫صياغة الفقرة اخلامسة من املادة الرابعة منها‪ ،‬نظرا ملا تركته من أثر ابلغ يف تقدير التعويض‪،‬‬
‫حيث أنه أدى إىل اختالف القضاة هبذا الشأن‪ ،‬إذ أن منهم من ذهب إىل الزام الناقلني أو‬
‫اتبعيهم بدفع التعويض وفق حد أقصى ومنهم من نظر إىل اجلانب األخالقي الذي مل تكن‬
‫االتفاقية واضحة خبصوصه ‪،‬فقررت أن حيكم على املسؤول ابلتعويض الكامل عن الضرر‬
‫الالحق ابلبضاعة ‪ ،‬لكن احلكم األول ال يتماشى مع العدالة ومبدأ حسن النية الذي جيب‬
‫أن يسود بني املتعاقدين‪.‬‬
‫إذن فاحلكم الثاين واملتمثل يف جمازاة الناقل إبلزامه بدفع مبلغ التعويض كامال عن‬
‫األضرار واخلسائر الالحقة ابلبضاعة املعهودة ابلنقل هو التفسري املنطقي للفقرة الغامضة من‬
‫املادة الرابعة من املعاهدة األصلية‪ .‬وهذا ما اتضح من أحكام بروتوكول تعديلها لسنة‬
‫‪، 1968‬حيث كشف عن النية احلقيقية للدول يف عدم استفادة الناقل واتبعيه من ميزة احلد‬
‫األقصى للتعويض املقررة هلم قانوان ‪،‬عند سوء نيتهم أو أخطائهم اجلسيمة اليت يلحق حكمها‬
‫ابلغش حسب القواعد العامة يف أغلب التشريعات الوطنية‪.‬‬
‫كما أن بقاء الفقرة الغامضة دون صياغة واضحة يف معاهدة بروكسل األصلية سيكون‬
‫له وقع كبري على الشاحنني املنتمني للدول املنضمة هلذه املعاهدة ‪ ،‬دون االنضمام إىل‬
‫بروتوكول تعديلها ‪،‬مما قد حيرم هؤالء من احلصول على تعويض كامل يتناسب مع ما أصاهبم‬
‫من خسائر أو أضرار‪ ،‬فيختل التوازن الذي أقيمت من أجله املعاهدة و متيل الكفة إىل جهة‬
‫الدول الناقلة وتكون هبذا املعىن تكون االتفاقية راعية ملصاحل الطرف القوي يف عقد النقل‬
‫البحري على حساب الطرف الضعيف‪.‬‬
‫مل يقف اجلدل عند هذا األمر فحسب و إمنا امتد إىل صمت معاهدة بروكسل يف‬
‫مايتعلق بتنظيم مسألة الضرر الناشئ عن أتخري البضاعة يف التسليم إىل املرسل إليه ‪ ،‬مما أدى‬
‫ذلك إىل اختالف آراء الفقهاء حول امكانية تطبيق احلد األقصى املقرر يف حاليت اهلالك‬

‫‪487‬‬
‫اخلامتة‬
‫والتلف على حالة التأخري ‪ .‬وابلتايل يعترب الصمت يف هذه االتفاقية مبثابة ثغرة قانونية خطرة‪،‬‬
‫ميكن أن حيرم الشاحن على إثرها من احلصول على التعويض عما يلحقه من ضرر جراء‬
‫التأخري يف التسليم البضاعة يف الوقت احملدد وخاصة يف قضاء الدول الناقلة الذي قد ينحاز‬
‫للناقلني املنتمني إليها ‪.‬‬
‫كما ال يسعنا يف هذا الصدد إال أن نشيد مبا صرحت به اتفاقية هامبورغ خبصوص‬
‫تقدير التعويض يف حالة الضرر الناشئ عن التأخري يف تسليم البضائع إىل من له احلق عليها‬
‫فقد قطعت بذلك الشك ابليقني يف تنظيم املعاهدة للتعويض املستحق عن حالة التأخري و‬
‫قد تبعتها اتفاقية روتردام يف ذلك‪.‬‬
‫مهما يكن من أمر فإن التعديالت اليت طرأت على وحدة حق السحب اخلاص يف‬
‫سنة ‪ 2016‬ابنضمام اليوان الصيين لسلة العمالت املكونة لوحدةحقوق السحب كان هلا‬
‫وقع كبري على هذه الوحدة فقد أصبحت بذلك متثل قوة نقدية على الصعيد العاملي‪ ،‬مما‬
‫انعكس اجيااب على ثبات مبالغ التعويض املستحقة للشاحنني يف عقود النقل الدولية ‪،‬على‬
‫عكس الوحدات احلسابية كاجلنيه اإلسرتليين الذهيب الذي جاءت به يف اتفاقية بروكسل‬
‫األصلية أو الفرنك البوانكاري الوارد يف تعديلها واللذان إضافة إىل فشلهما يف احملافظة على‬
‫قوهتما النقدية فقد خلفا إشكاالت صعبة حول كيفية التحويل مبالغ احلدود القصوى‬
‫للتعويض على أساس سعر الذهب يف السوق البورصة و يف السوق احلرة ‪،‬فأدى ذلك إىل‬
‫تفاوت مبالغ التعويض الختالف أحكام القضاء بسبب عدم وجود نص قاطع هبذا الشأن‬
‫وابلتايل نتج عنه عدم املساواة يف التعويض بني الشاحنني املتضررين يف خمتلف الدول‪.‬‬
‫أتيت اتفاقية روتردام يف املرتبة األوىل يف ترتيب االتفاقيات البحرية الدولية من حيث‬
‫ارتفاع احلدود القصوى للتعويض‪ ،‬املقررة للمضرور يف حاليت اهلالك والتلف الالحق ابلبضائع‬
‫‪،‬إذ يفوق مبلغ التعويض يف قواعدها احلد القانوين للتعويض الذي جاءت به مبعاهديت‬
‫هامبورغ ومعاهدة بروكسل بتعديالهتا ‪ ،‬أما خبصوص مبالغ احلد األقصى للتعويض عن حالة‬

‫‪488‬‬
‫اخلامتة‬
‫الضرر الناجم عن التأخري يف تسليم البضاعة إىل صاحبها فتتساوى فيها يف اتفاقية هامبورغ‬
‫وروتردام واملقدرة بضعف أجرة النقل مرتني ونصف‪.‬‬
‫كذلك يظهر من املستجدات اليت جاءت هبا هذه االتفاقية أاها تواكب التطور‬
‫التكنولوجي من حيث النص على مستندات النقل االلكرتونية وتنظيمها مبا يرجع من وراء‬
‫من فائدة على النقل البحري يف سرعة وصول تلك املستندات وقلة التكاليف ‪،‬كما حرصت‬
‫على محاية تلك املستندات من القرصنة االلكرتونية فقررت حق السيطرة للقضاء على الغش‬
‫واالحتيال البحري ‪.‬‬
‫غري أن ذلك ال خيلو من وجود عيب يف االتفاقية ظهر يف حماولة اجلمع بني نوعني‬
‫خمتلفني من النقل (النقل البحري ‪،‬النقل املتعدد الوسائط) يف اتفاقية واحدة ‪،‬نستطيع القول‬
‫أن هذه اخلطوة مل تكن فكرة صائبة ‪،‬ألن الدول لديها ما يكفيها من مشاكل النقل البحري‬
‫وليست حباجة إىل املزيد فوق ذلك مبا يثريه النقل متعدد الوسائط من مشاكل مجة وتعقيدات‬
‫خبصوص توحيد املسؤوليات ومداها ابختالف وسائط النقل من برية وحبرية وجوية وغريها‬
‫‪،‬ابإلضافة إىل صعوبة اكتشاف مكان وقوع الضرر بسبب طول الرحلة اليت تقضيها احلاوايت‬
‫احململة ابلبضائع وتعاقب وسائل النقل على تداوهلا ‪.‬‬
‫لعل هذا ما جعل الدول تصرف النظر عنها ‪،‬فدخوهلا حيز النفاذ أمر مستبعد ولعلها‬
‫ستلقى نفس املصري الذي القته اتفاقيات اليت سبقتها واليت تتعلق ابلنقل متعدد الوسائط‬
‫‪،‬فقد كان من األوىل على املشرع الدويل يف اتفاقية روتردام أن يقتصر على تنظيم مسائل‬
‫النقل البحري فقط فلرمبا استطاعت هذه االتفاقية بذلك جلب تصديقات الدول عليها‪،‬‬
‫ابلقدر الذي أيهلها للدخول حيز النفاذ و أال حتمل الدول املشاركة فيها مشقة البحث عن‬
‫حلول ملشاكل متباينة لنوعني من النقل يستحيل أن يلتقيا يف اتفاقية واحدة ‪.‬‬
‫من خالل دراستنا لفكرة سوء السلوك العمدي وجدان أن اتفاقييت هامبورغ وروتردام قد‬
‫اتفقتا على األخذ هبذه الفكرة على اهج بروتوكول بروكسل لسنة ‪ 1968‬و اليت اقتبسها هذا‬

‫‪489‬‬
‫اخلامتة‬
‫األخري من النظام األجنلوسكسوين ‪،‬حيث أاها تتكون من شقني األول اخلطأ العمدي و الثاين‬
‫عدم االكرتاث وهذا مايتطابق مع فكريت الغش و اخلطأ غري املغتفر يف النظام الالتيين وليس‬
‫بني‬ ‫‪Rodiére‬‬ ‫مع فكرة اخلطأ اجلسيم كما اعتقد جانب من الفقهاء ‪،‬لكن الفقيه الفرنسي‬
‫أن فكرة اخلطأ الذي ال يغتفر تتطابق مع فكرة عدم االكرتاث وهو أدرى بتلك املصطلحات‬
‫القانونية السائدة يف دولته وعلى هذا فقد وقَ َع بروتوكول بروكسل لسنة‪1968‬يف مصطلح‬
‫خاطئ ال يفي ابلغرض املنتظر منه لدى الدول الالتينية‪.‬‬
‫مبا أن الفشل قد حلق بفكرة سوء السلوك العمدي يف توحيد املفاهيم القانونية بني‬
‫الدول الالتينية والدول األجنلوسكسونية إذ أاها مل تفلح يف النقل اجلوي فكيف يراد هلا أن‬
‫النجاح يف جمال النقل البحري ‪،‬لذلك البد من تعديل للمصطلح اخلاطئ الوارد هبذه‬
‫االتفاقيات والبحث عن مصطلح سهل جيمع بني املفاهيم القانونية اليت تتداول يف الدول‬
‫الالتينية و األجنلوسكسونية حبيث يبني بدقة وصف التصرف الذي حيرم الناقل أو اتبعيه من‬
‫التمسك ابحلد األقصى للتعويض عند قيام مسؤوليته بشأن البضائع املنقولة حبرا‪.‬‬
‫من جانب آخر و خبصوص اإلجراءات املمهدة للدعوى يف النقل البحري للبضائع فإن‬
‫لإلخطار دور هام ‪ ،‬فهو يسهل على املضرور اثبات األضرار يف حاليت اهلالك أو التلف و ال‬
‫يرتتب على عدم ارسال املضرور اإلخطار إىل الناقل سقوط الدعوى املرفوعة ضد الناقل‬
‫البحري وامنا يؤدي إىل صعوبة إثبات تلك األضرار‪ .‬وهذا حسب أحكام االتفاقيات‬
‫الثالث(بروكسل ‪،‬هامبورغ ‪،‬روتردام) والقانون البحري اجلزائري ‪،‬أما يف حالة التأخري يف تسليم‬
‫البضائع فإن غياب تقدمي اإلخطارات يؤدي إىل سقوط احلق يف رفع الدعوى شكال طبقا‬
‫التفاقييت هامبورغ وروتردام ‪.‬‬
‫كما تبني من أحكام اتفاقية هامبورغ أن مدة اإلخطار احملددة ب‪15‬يوم يف حاليت‬
‫اهلالك والتلف غري الظاهر هي مدة أكرب مما قررته غريها من االتفاقيات البحرية ‪ ،‬فهي‬
‫بذلك متنح املرسل إليه متسعا من الوقت يكفيه لفحص بضائعه ولتحضري نفسه من أجل‬

‫‪490‬‬
‫اخلامتة‬
‫رفع دعواه ضد الناقل‪ .‬و كذلك يف حالة التأخري يف تسليم البضاعة ‪،‬حيث نصت على مدة‬
‫ستني يوما لإلخطار فيها وهي مدة أكرب بكثري مما حددهتا اتفاقية روتردام(‪21‬يوما) ‪،‬بينما مل‬
‫تعاجل اتفاقية بروكسل مسألة وجوب اإلخطار يف حالة التأخري و يضاف هذا األمر أيضا إىل‬
‫كل ما قيل بشأن قصورها التشريعي‪.‬‬
‫إىل جوار ذلك فإن السعي يف توفري احلماية للطرف الضعيف يف عقد النقل مل ينسي‬
‫املشرع الدويل يف اتفاقية هامبورغ احلفاظ على التوازن العقدي‪ ،‬فمن مظاهر التجديد فيها‬
‫مسألة اإلخطار املوجه للشاحن والذي يسمح للناقل إبقامة الدعوى عليه ملطالبته ابألضرار‬
‫اليت حلقت سفينته بسبب بضائع الشاحن بشرط أن يقدم هذا اإلخطار الذي حيدد الضرر‬
‫خالل مدة تسعني يوما متصلة‪ ،‬ابتداءا من اتريخ حصول الضرر أو من اتريخ التسليم‪ ،‬أيهما‬
‫أطول و هو ما مل تتعرض له اتفاقيي بروكسل وروتردام‪.‬‬
‫يتواصل التفوق لصاحل اتفاقية هامبورغ على مثيالهتا من االتفاقيات املذكورة يف اإلملام‬
‫مبسائل التعويض ‪،‬اليت تندرج حتت صيانة مصاحل الدول الشاحنة‪،‬حيث يعترب أحسن نص‬
‫قانوين من نصوص املعاهدة هو نص املادة ‪ 33‬و الذي يتعلق مبراجعة حدود التعويض يف‬
‫سبيل محاية الشاحنني من الظروف االقتصادية املتعلقة أبسعار الصرف الدويل‪ ،‬حيث أوجبت‬
‫على األمني العام لألمم املتحدة دعوة إىل عقد مؤمتر بناءا على طلب ربع الدول املتعاقدة‪،‬‬
‫يكون الغرض منه تغيري مقدار مبالغ احلد األقصى للتعويض إحدى الوحدتني احلسابيتني‪:‬‬
‫وحدة حق السحب اخلاص‪،‬أو الوحدة النقدية املقومة ب‪ 65,5‬مليغرام من الذهب عيار‬
‫‪900‬من ألف ‪،‬أو استبداهلما بوحدات حسابية أخرى‪ .‬و يكون ذلك عند وقوع تغيري‬
‫جوهري يف قيمتهما‪.‬‬
‫و هبذا فلم يبقى هناك شك يف أن معاهدة هامبورغ تعترب أفضل االتفاقيات من حيث‬
‫الوضوح و الدقة كما يتبني من أحكامها استجابت لتطلعات الدول الشاحنة واهتمت‬
‫مبصاحلها أكثر من غريها من االتفاقيات الدولية ‪،‬فهي بذلك تعترب مكسبا مثينا خيدم التوازن‬

‫‪491‬‬
‫اخلامتة‬
‫العقدي يف النقل البحري ‪ ،‬غري أن ذلك مل خيلو من وجود هفوة جيب على االتفاقية تداركها‬
‫‪ ،‬من حيث إعادة صياغة املادة ‪ 1/6‬املتعلقة ابحلد األقصى للتعويض فعلى واضعي االتفاقية‬
‫أن يضيفوا فقرة توضح هبا أن االستفادة من هذا احلد القانوين تكون يف حالة عدم ذكر‬
‫الشاحن قيمة البضاعة و نوعها ‪،‬ألن حماوالت الفقه يف البحث هلا عن خمرج ابءت ابلفشل‬
‫فقد استندوا إىل اعتبار بيان جنس البضاعة وقيمتها ضراب من االتفاق الضمين على التعويض‬
‫الكامل الذي يتطابق مع قيمة البضاعة‪.‬‬
‫لكن هذا األمر ليس صحيحا ألن مثل هذا االتفاق يشرتط فيه تطابق اجياب الشاحن‬
‫مع قبول الناقل ‪،‬فال يعترب ابلضرورة قبوال من هذا األخري ابلتعويض الكامل عندما يقوم‬
‫بتدوين قيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن أو يف وثيقة أخرى تثبت عقد النقل البحري‬
‫الدويل للبضائع ‪ .‬وال جيب أن يستند يف ذلك ابلقياس على معاهدة بروكسل‪ ،‬ألن املعاهدة‬
‫اعتربته يف هذه احلالة تعويضا قانونيا تقرره نصوصها وليس تعويضا اتفاقيا فيما بني الشاحن‬
‫والناقل بدليل أن الناقل يستطيع أن يقيم احلجة على أن قيمة البضاعة وجنسها اليت أدىل هبا‬
‫الشاحن يف تصرحياته هي غري صحيحة ويستطيع ذلك بكل طرق االثبات‪.‬‬
‫إىل هنا نكون قد وصلنا إىل اهاية الرسالة آملني أن نكون قد مجعنا كل ماتطلبه البحث‬
‫من حتليل و تفصيل‪ ،‬إال أن هذا البحث سيبقى إحدى احللقات املتعاقبة على موضوع‬
‫التعويض يف النقل البحري للبضائع من خالل زاوية أخرى تدفعنا لطرح التساؤل التايل‪ :‬إذ‬
‫كان احلد األقصى للتعويض قد وجد مربرات قانونية فرضت وجوده و استمراريته يف مسؤولية‬
‫الناقل البحري فهل ميكن للشاحن أن حيظى بنظام مماثل عند قيام مسؤوليته ؟أم أن ذلك‬
‫سيؤدي إىل امليل حنو كفة الشاحنني واالخالل ابلتوازن املنشود يف عقد النقل البحري‬
‫للبضائع؟‬

‫‪492‬‬
‫ج‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ت‬
‫قا مة رإ ع‬
‫م‬
‫قائمة املراجع‬

‫قائمة املراجع‬
‫*ابللغة العربية‪:‬‬
‫‪ -I‬الكتب واملؤلفات‪:‬‬
‫أ‪ -‬املراجع العامة‪:‬‬
‫‪-1‬أمحد موايف‪،‬الضرر يف الفقه اإلسالمي‪-‬رسائل جامعية‪،‬اجمللد األول‪،‬دار بن عفان للنشر والتوزيع‬
‫‪،‬اململكة العربية السعودية‪،‬سنة ‪.1997‬‬
‫‪ -2‬أمحدبن حممد بن علي املقري الفيومي املقرئ‪ ،‬املصباح املنري‪،‬مكتبة لبنان انشرون‪،‬لبنان‪ ،‬سنة‬
‫‪.2001‬‬
‫‪-3‬أمحدحممودخليل‪،‬موسوعة التشريعات البحرية أتصيالوفقها وقضاءا‪،‬املكتب اجلامعي احلديث‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪،‬سنة ‪. 2010‬‬
‫‪-4‬أمحد حممود حسين‪ -:‬النقل الدويل للبضائع طبقا ملعاهدة بروكسل لسندات الشحن مع اإلشارة إىل‬
‫القوانني البحرية العربية ومعاهدة هامبورغ ‪ ،‬منشأة املعارف ابإلسكندرية ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬سنة ‪. 1989‬‬
‫‪ -‬التعليق على نصوص اتفاقية هامبورغ اخلاصة بنقل البضائع حبرا عام ‪1978‬‬
‫‪ ،‬منشأة املعارف اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪. 1998‬‬

‫‪-‬البيوع البحرية الدولية‪ ،‬منشأة املعارف ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬سنة‬


‫‪. 1983‬‬
‫‪ -‬احلوادث البحرية التصادم واإلنقاذ‪ ،‬منشأة املعارف ابإلسكندرية‪ ،‬بدون اتريخ‬
‫نشر‪.‬‬
‫‪-5‬إبراهيم مكي‪ ،‬نظام النقل أبوعية الشحن "احلاوايت‪ ،‬الطبعة "األوىل‪ ،‬مصر‪.1975،‬‬
‫‪-6‬إميان اجلميل ‪ -:‬الرابن (املركز القانوين‪-‬احلقوق وااللتزامات‪-‬املسؤوليات –السلطات)‪ ،‬املكتب‬
‫اجلامعي احلديث‪،‬مصر ‪ ،‬سنة ‪. 2014‬‬
‫‪ -‬سند الشحن و دوره يف النقل البحري‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪،‬مصر‪ ،‬سنة‬
‫‪.2013‬‬
‫‪-7‬إبراهيم صاحل عطية اجلبوري‪ ،‬العوامل املؤثرة يف تقدير التعويض عن الفعل الضار ‪ ،‬منشورا ت احلليب‬
‫احلقوقية ‪ ،‬بريوت (لبنان)‪،‬سنة ‪.2013‬‬
‫‪-8‬بلحاج العريب‪ ،‬النظرية العامة اللتزام يف القانون املدين اجلزائري ‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫اجلامعية‪،‬وهران‪،‬سنة ‪.1999‬‬

‫‪493‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-9‬بوكعبان العريب‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري اجلزائري ‪،‬دار الغرب للنشر والتوزيع ‪،‬وهران ‪،‬سنة‬
‫‪.2002‬‬
‫‪-10‬بسام عاطف املهتار‪ ،‬معاهدة بروكسل وتعديالهتا (لتوحيد بعض القواعد املتعلقة ببوالص الشحن)‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪،‬منشورات احلليب احلقوقية‪،‬بريوت ‪ ،‬سنة ‪.2006‬‬
‫‪-11‬اهلادي خالدي‪ ،‬املرآة الكاشفة لصندوق النقد الدويل‪،‬ا ملطبعة اجلزائرية للمجالت واجلرائد‪،‬‬
‫‪،‬بوزريعة (اجلزائر)‪ ،‬سنة ‪. 1996‬‬
‫‪ -12‬بنونة يونس ‪ ،‬مسؤولية الناقل البحري على ضوء القانون املغريب (دراسة مقارنة مع اتفاقية هامبورغ‬
‫لستة ‪، 1978‬مجعية أصدقاء املكتبة ‪،‬املغرب ‪ ،‬سنة ‪.1993‬‬
‫‪ -13‬مجال الدين ابن مكرم (ابن منظور)‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬اجمللد السابع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار صادر‬
‫للطباعة و النشر‪ ،‬بريوت‪-‬لبنان‪ ،‬سنة ‪.2004‬‬
‫‪-14‬جالل وفاء حممدين‪ -:‬مدى فعالية قواعد مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف القانون البحري‬
‫اجلديد يف محاية الشاحن املصري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1995‬‬
‫‪ -‬قانون التجارة البحرية‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‬
‫‪.1997‬‬
‫‪-15‬هاين حممد دويدار‪ - :‬القانون البحري يف ضوء القانون اللبناين واالتفاقيات الدولية ‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية للطباعة والنشر بلبنان‪ ،‬بون اتريخ نشر ‪.‬‬
‫‪ -‬الوجيز يف القانون البحري ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر ابإلسكندرية ‪،‬ص‬
‫‪. 2001‬‬
‫‪ -‬قانون النقل ‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪.2014‬‬
‫‪ -‬موجز القانون البحري ‪ ،‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بريوت‬
‫‪،‬سنة ‪. 1997‬‬
‫‪-16‬هشام فرعون‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬مطبعة كرم ‪،‬دمشق‪ ،‬سنة ‪.1976/1975‬‬
‫‪-17‬وهيب األسرب ‪،‬القانون البحري ‪ ،‬املؤسسة احلديثة للكتاب ‪،‬لبنان ‪،‬سنة ‪. 2008‬‬
‫‪-18‬وسيم غايل‪ ،‬القانون البحري ومعامالت السفن لضباط أعايل البحار‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬اهليئة املصرية‬
‫العامة للكتاب‪ ،‬فرع اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪1979‬‬
‫‪ -19‬وجدي حاطوم ‪ ،‬النقل البحري يف ضوء القوانني و املعاهدات الدولية ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬املؤسسة‬
‫احلديثة للكتاب ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬سنة ‪. 2011‬‬
‫‪-20‬وائل محدي أمحد‪ ،‬عقد النقل البحري اإللكرتوين الدويل للبضائع‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫طبعة ‪.2013‬‬

‫‪494‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-21‬وائل أنور بندق‪ ،‬موسوعة التحكيم‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫سنة‪،2009‬‬
‫‪-22‬حسن اهلداوي ‪ ،‬تنازع القوانني (املبادئ العامة واحللول الوضعية يف القانون األردين –دراسة مقارنة‬
‫‪، )-‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع ‪،‬األردن ‪ ،‬سنة ‪. 1997‬‬
‫‪-23‬محاد مصطفى عزب‪ ،‬درورس يف القانون البحري‪ ،‬جامعة جنوب الوادي‪ ،‬بدون اتريخ نشر‪.‬‬
‫‪-24‬محزة حداد‪ ،‬اتفاقية هامبورغ لسنة ‪، 1978‬مطبعة اجلامعات األردنية ‪ ،‬عمان‪،‬سنة ‪. 1980‬‬
‫‪-25‬محد هللا حممد محد هللا‪ ،‬اتفاقات الضمان البحري بني اإلبقاء واإللغاء(دراسة مقارنة)‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬سنة ‪.1997‬‬
‫‪-26‬هاين حممد دويدار ‪ ،‬علي البارودي ‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬الدار اجلامعية ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون اتريخ‬
‫نشر‬
‫‪-27‬كمال محدي‪ -:‬القانون البحري‪ ،‬منشأة املعارف ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1997‬‬
‫‪ -‬عقد الشحن التفريغ‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2002‬‬
‫‪-28‬يعقوب يوسف صرخوه‪ -:‬العقود التجارية ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬الكويت‪ ،‬سنة ‪.1986‬‬
‫‪ -‬القانون البحري‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬األردن‪ ،‬سنة ‪.1998‬‬
‫‪-29‬حممدكحلولة‪ ،‬مقياس االلتزامات للسنة الثانية قانون خاص ‪،‬سنة ‪،،2014/2013‬ص‪:28‬‬
‫‪https://drive.google.com‬‬
‫‪-30‬حممد إبراهيم الدسوقي‪ :‬املسؤولية املدنية بني التشديد واالطالق‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون‬
‫اتريخ نشر‪.‬‬
‫‪-31‬حممد سنان جالل‪ ،‬التعويض املادي عن الضرر األديب أو املادي الغري مباشر الناتج عن اجلناية أو‬
‫الشكوى الكيدية‪ ،‬الدورة الثانية وعشرون للمجمع الفقهي اإلسالمي ‪ar.themwl.org‬‬
‫‪-32‬املوسوعة الفقهية اجلزء الثالث عشر‪ ،‬الطبعة الثانية طباعة ذات السالسل ‪،‬الكويت‪ ،‬سنة ‪.1983‬‬
‫‪ -33‬مصطفى بوبكر‪ ،‬املسؤولية التقصريية بني اخلطأ والضرر يف القانون املدين اجلزائري‪ ،‬دار اجلامعة‬
‫اجلديدة‪ ،‬سنة ‪. 2015‬‬
‫‪-34‬حممود مسري الشرقاوي‪ :‬القانون التجاري‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1984‬‬
‫‪-35‬حممود مسري الشرقاوي و حممد القليويب ‪،‬القانون البحري (الطبعة الرابعة)‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة‬
‫‪ ،‬سنة ‪.1993‬‬
‫‪-36‬حممود مجال الدين زكي ‪،‬مشكالت املسؤولية املدنية‪ ،‬اجلزء الثاين يف االتفاقات املتعلقة ابملسؤولية‬
‫(اتفاقات رفع وختفيف املسؤولية والشرط اجلزائي والتأمني من املسؤولية )‪،‬مطبعة جامعة القاهرة ‪،‬سنة‬
‫‪. 1990‬‬

‫‪495‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪ -37‬حممد السيد الفقي‪ ،‬القانون البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2016‬‬
‫‪-38‬مدحت خلوصي ‪ ،‬السفينة والقانون البحري ‪ ،‬الشنهايب للطباعة والنشر ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة‬
‫‪.1994‬‬
‫‪ -39‬حممود مجال الدين ‪ ،‬مشكالت املسؤولية املدنية ‪،‬اجلزء الثاين ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.188‬‬
‫‪-40‬حممد فهمي غامن‪ ،‬مرجع القضاء التجاري‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬دار نشر الثقافة اجلامعية‪ ،‬مطابع عابدين‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1954‬‬
‫‪-41‬حممد عبد الفتاح ترك‪ -:‬التحكيم البحري(النطاق الشخصي ‪،‬التفاق التحكيم يف عقد النقل‬
‫البحري) ‪،،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪. 2005‬‬
‫‪ -‬شرط التحكيم ابإلحالة وأساس التزام املرسل إليه بشرط التحكيم‪،‬دار‬
‫اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‪.2006‬‬
‫‪ -‬التصادم البحري ودور العنصر البشري يف وقوعه‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‬
‫للنشر‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬
‫‪-42‬حممد غريب عبد العزيز‪ ،‬النظام القانوين للنقل لبحري واحلاوايت‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫سنة ‪.2002‬‬
‫‪-43‬ملك شقلب ‪ ،‬خماطر التصادم البحري يف ظل االتفاقيات الدولية والتشريع العريب ‪،‬الطبعة األوىل‬
‫‪،‬مكتبة الوفاء القانونية ابإلسكندرية ‪،‬سنة ‪2016‬‬
‫‪-44‬حممد عبد القادر احلاج‪ ،‬الوجيز يف القانون البحري اليمين‪ ،‬الطبعةالثالثة‪ ،‬منشورات اجلامعة اليمنية‬
‫‪،‬سنة ‪.2002‬‬
‫‪-45‬حممد حسني منصور ‪،‬الوجيز يف مصادر االلتزام‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون اتريخ‬
‫نشر‪.‬‬
‫‪-46‬حممد كمال عبد العزيز‪ -:‬التقنني املدين يف ضوء القضاء والفقه ‪،‬اجلزء األول يف االلتزامات‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ ،‬مؤسسة روز اليوسف ‪،‬مصر‪،‬سنة‪.1981‬‬
‫‪ -‬نظرية االلتزام يف القانون املدين املصري‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬مطبعة جامعة‬
‫القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1974‬‬
‫‪-47‬حممد إبراهيم موسى‪،‬خطاابت الضمان املالحية (دراسة مقارنة )‪،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر ‪،‬‬
‫اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪.2016‬‬
‫‪-48‬حممد زهدور ‪ ،‬املسؤولية عن فعل األشياء ومسؤولية مالك السفينة يف القانون املدين اجلزائري ‪ ،‬دار‬
‫احلداثة ببريوت ‪ ،‬سنة ‪. 1990‬‬

‫‪496‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-49‬حممد السيد الفقي ‪،‬املعتصم ابهلل لغرايين‪،‬أساسيات القانون التجاري والبحري‪،‬دار اجلامعة اجلديدة‬
‫‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪. 2009‬‬
‫‪-50‬حممود خمتار أمحد بريري ‪ ،‬قانون التجارة البحرية ‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة‪،‬سنة‪.2000‬‬
‫‪-51‬حممد غسان الصابوين‪ ،‬القضااي البحرية‪ ،‬منشورات فرع نقابة احملامني ف‪ ،‬دمشق‪ ،‬سنة ‪.1979‬‬
‫‪-52‬حممود حممد عنانبه‪،‬أحكام عقد النقل(النقل البحري‪ ،‬النقل الربي ‪ ،‬النقل اجلوي ) ‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪،‬األردن ‪ ،‬سنة ‪. 2015‬‬
‫‪-53‬علي البارودي ‪ ،‬مبادئ القانون البحري ‪ ،‬منشأة املعارف ابإلسكندرية ‪ ،‬بدون اتريخ نشر ‪.‬‬
‫‪-54‬مصطفى كمال طه‪-:‬أصول القانون البحري ‪،‬دار نشر الثقافة ‪ ،‬طبعة أوىل‪،‬مصر‪ ،‬سنة ‪.1952‬‬
‫‪-‬أساسيات القانون التجاري والقانون البحري‪ ،‬الدار اجلامعية‪،‬مصر‪،‬بدون اتريخ‬
‫نشر‪.‬‬
‫‪-‬الوجيز يف القانون البحري‪ ،‬منشأة املعارف جالل حزي وشركاه‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫بدون اتريخ نشر‪.‬‬
‫‪ -‬التأمني البحري (الضمان البحري)‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‪.1992‬‬
‫‪ -‬القانون البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1998‬‬
‫‪ -‬أساسيات القانون البحري(دراسة مقارنة)‪ ،‬الطبعةاألوىل‪ ،‬منشورات احلليب‬
‫احلقوقية‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬سنة‪.2006‬‬
‫‪ -‬مبادئ القانون البحري‪،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‬
‫‪ -‬التوحيد الدويل للقانون البحري‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2007‬‬
‫‪-55‬حممود خمتار أمحد بريري ‪،‬قانون التجارة البحرية ‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪. 2000‬‬
‫‪-56‬حممد فريد العريين ‪،‬القانون اجلوي (النقل اجلوي الداخلي والدويل)‪،‬دار املطبوعات اجلامعية‬
‫‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪. 1999‬‬
‫‪-57‬حممد السيد الفقي‪ -:‬قانون التجارة الدولية‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬سنة ‪.2008‬‬
‫‪ -‬أساسيات القانون البحري والتجاري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪ ،‬سنة‬
‫‪.2009‬‬
‫‪-‬تطور قواعد قانون النقل البحري حتت استخدام احلاوايت‪،‬دار اجلامعة اجلديدة‬
‫‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2007‬‬
‫‪ -‬القانون البحري‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2016‬‬
‫‪ -58‬حممد هبجت عبد هللا أمني قايد‪ -:‬الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية ‪،‬اجلزء األول ‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪.2008/2007‬‬

‫‪497‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪ -‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف اتفاقية هامبورغ(دراسة‬
‫مقارنة بني اتفاقية بروكسل لسندات الشحن والقانون البحري رقم‪ 8‬لسنة‪، 1992‬دار النهضة العربية‬
‫ابلقاهرة ‪،‬سنة ‪.1992‬‬
‫‪ -‬القانون البحري‪ ،‬الطبعة األوىل‪، ،‬دار النهضة العربية القاهرة‬
‫‪،‬سنة‪.1984‬‬
‫‪ -‬العقود البحرية‪ ،‬الطبعةاألوىل‪،‬دارالنهضةالعربية‪،‬القاهرة‪،‬سنة‪.1996‬‬
‫‪ -‬املوجز يف القانون البحري‪ ،‬الطبعةالثالثة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬القاهرة‪،‬‬
‫سنة‪.2010/2009‬‬
‫‪-59‬حممد شريف غنام‪،‬التزامات الشاحن ومسؤوليته يف قواعد روتردام ‪، 2008‬دار اجلامعة اجلديدة‬
‫‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪. 2012‬‬
‫‪. 1989‬‬
‫‪-60‬سليمان مرقس‪ -:‬أحكام االلتزام (آاثر االلتزام وأوصافه وانتقاله وانقضاءه)‪،‬دار النشر للجامعات‬
‫املصرية‪ ،‬مصر‪،‬سنة ‪.1957‬‬
‫‪ -‬املسؤولية املدنية يف التقنينات العربية‪،‬معهد البحوث والدراسات العربية جلامعة‬
‫الدول العربية ‪،‬مصر‪ ،‬سنة‪.1971‬‬
‫‪-‬الفعل الضار‪،‬الطبعة الثانية منقحة ومزيدة‪،‬دارالنشر للجامعات ‪،‬مصر‪،‬سنة‪.1956‬‬
‫‪-61‬سعيد حيي ‪ ،‬مسؤولية الناقل البحري وفقا التفاقية األمم املتحدة لنقل البضائع ابلبحر لعام ‪1978‬‬
‫(قواعد هامبورغ) ‪ ،‬املكتب احلديث ‪،‬مصر ‪ ،‬بدون اتريخ نشر ‪.‬‬
‫‪-62‬مسيحة القليويب‪،‬التحكيم التجاري‪ ،‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة‪.2009‬‬
‫‪-63‬سوزان علي حسن ‪ - :‬عقد نقل ابحلاوايت‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة مبصر‪ ،‬سنة ‪. 2009‬‬
‫‪ -‬اإلطار القانوين للوكالة ابلعمولة للنقل ‪،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‬
‫ابإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪.2003‬‬
‫‪-64‬سيد أمحد حممود ‪،‬الغش االجرائي ‪،‬الغش يف التقاضي والتنفيذ ‪،‬دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع‬
‫ابملنصورة ‪،‬مصر ‪،‬سنة ‪. 2017‬‬
‫‪-65‬سعيد أمحد شعلة ‪،‬قضاء النقض املدين يف املسؤولية والتعويض(جمموعة القواعد القانونية اليت قررهتا‬
‫حمكمة النقض يف خالل اثنني وسبعني عاما ‪1931‬إىل‪،2003‬توزيع منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة‬
‫‪.2003‬‬
‫‪-66‬عبد املنعم حسين‪ ،‬املوجز يف النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬ملحق العدديني الثالث والرابع‪ ،‬دار الطباعة‬
‫احلديثة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.2015‬‬
‫‪498‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-67‬علي مجال الدين عوض‪ -:‬القانون البحري‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة‪ ،‬سنة‪. 1969‬‬
‫‪ -‬القانون البحري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1987‬‬
‫‪ -‬النقل البحري للبضائع‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪1992‬‬
‫‪ -‬مشارطات إجيار السفن ‪ ،‬دراسة عملية قانونية ألهم املشارطات‬
‫والقانون املصري والفرنسي واالجنليزي ‪،‬دار النهضة العربية‪،‬القاهرة ‪ ،‬سنة ‪. 1987‬‬
‫‪-68‬عبد الرزاق السنهوري ‪ - :‬الوس يط يف شرح القانون املدين اجلديد ‪ ،‬اجلزء األول ‪ ،‬نظرية االلتزام‬
‫بوجه عام ‪ ،‬الطبعة الثالثة اجلديدة ‪ ،‬بريوت‪ -‬لبنان‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬
‫‪ -‬الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫اجلديدة‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪ -‬لبنان‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬
‫‪ -‬الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ‪،‬اجلزء الثالث‪ ،‬الطبعة الثالثة‬
‫اجلديدة‪ ،‬منشورات حليب احلقوقية ‪ ،‬الطبعة الثالثة اجلديدة‪،‬بريوت‪ -‬لبنان ‪،‬سنة ‪.2000‬‬
‫‪-69‬عبد الرحيم عوض العمودي‪ ،‬املركز القانوين للرابن وسلطاته‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للنشر‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2005‬‬
‫‪-70‬عبد اجمليد إبراهيم سلمان الطائي ‪،‬عقود التجارة البحرية والتأمني عليها وفق التشريعات العربية‬
‫واالتفاقيات الدولية ‪،‬منشورات حليب احلقوقية ‪،‬لبنان ‪،‬سنة ‪.2017‬‬
‫‪-71‬عبد احلميد الشواريب ‪،‬القانون التجاري (العقود التجارية) ‪ ،‬منشأة املعارف ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة‬
‫‪.1992‬‬
‫‪-72‬غسان رابح ‪،‬التحكيم التجاري البحري مع مقدمة يف حل املنازعات الدولية ‪،‬منشورات حليب‬
‫احلقوقية ‪،‬لبنان ‪،‬سنة‪. 2016‬‬
‫‪-73‬رفعت فخري ‪،‬فريد العريين ‪،‬دراسات يف القانون البحري واجلوي ‪،‬الدار اجلامعية ‪ ،‬مصر ‪.1992‬‬
‫‪-74‬حممد فريد العريين ‪،‬القانون اجلوي (النقل اجلوي الداخلي والدويل)‪،‬دار املطبوعات اجلامعية‬
‫‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪. 1999‬‬
‫‪-75‬قادري عبدالعزيز‪ ،‬دراسات فيالقانوانلدولياالقتصادي(صندوق النقد الدولياآلليات والسياسات)‪،‬دار‬
‫هومة للطباعة والنشر والتوزيع ‪،‬اجلزائر‪ ،‬سنة ‪. 2013‬‬
‫‪-76‬فاروق زاهر‪ ،‬حتديد مسؤولية الناقل اجلوي الدويل ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪ ،‬سنة ‪. 1985‬‬
‫‪-77‬فاروق ملش‪ ،‬النقل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية )‪،‬الشهباين للطباعة و النشر‬
‫‪،‬االسكندرية‪ ،‬سنة ‪. 1997‬‬
‫‪ -78‬فوزي حممد سامي‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل (دراسة مقارنة )‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫سنة ‪.2012‬‬

‫‪499‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-79‬روابح فريد ‪،‬حماضرات يف القانون البحري ‪،‬جامعة سطيف(‪)2‬حممد األمني دابغني‪،‬كلية احلقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬السنة اجلامعية ‪.2014//2013‬‬
‫‪-80‬عبد الكرمي شنجار العيساوي‪،‬عبد املهدي رحيم العويدي ‪ ،‬السيولة الدولية يف ظل األزمات‬
‫االقتصادية واملالية‪،‬الطبعة األوىل ‪،‬دار الصفاء للنشر والتوزيع ‪،‬عمان ‪ ،‬سنة ‪.2014‬‬
‫‪-81‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬قانون التجارة البحرية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‬
‫‪.2008‬‬
‫‪-82‬عبد احلميد مرسي عنرب‪ ،‬شركات النقل البحري‪ ،‬دار الكتب املصرية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‪.2104‬‬
‫‪ -83‬عديل أمري خالد ‪،‬أحكام دعوى مسؤولية الناقل يف ضوء قانون التجارة البحرية اجلديد واملستحدث‬
‫من أحكام النقض‪ ،‬منشأة املعارف ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة‪.2000‬‬
‫‪-84‬عاطف النقيب ‪،‬النظرية العامة للمسؤولية عن الفعل الشخصي‪ ،‬منشورات حليب احلقوقية‪،‬بريوت‪،‬‬
‫سنة ‪.1999‬‬
‫‪-85‬سعيد أمحد شعلة‪ ،‬قضاء النقض البحري‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.2001‬‬
‫‪-86‬علي حسني مججوم ‪،‬جمموعة القواعد القانونية اليت قررهتا حمكمة النقض يف مخس سنوات‬
‫(‪) 1985-1980‬اجمللد األول ‪،‬اجلزء األول مسائل األحوال الشخصية واجلزء الثاين القانون التجاري‬
‫والبحري‪ ،‬جتليد الفرماوي ‪،‬الفجالة ‪،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪.1987‬‬
‫‪-87‬عز الدين الديناصوري و عبد احلميد الشواريب‪،‬املسؤولية املدنية يف ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬القاهرة‬
‫احلديثة للطباعة‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪.1989‬‬
‫‪ -88‬عبد احلميد حممد احلوسين‪ ،‬التحكيم البحري وفقا لقانون اإلجراءات املدنية اإلمارايت والقانون‬
‫املصري واالتفاقيات الدولية ‪،‬دار اجلامعة اجلديدة ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬سنة ‪.2007‬‬
‫‪-89‬عاطف حممد الفقي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية(دراسة مقارنة للتحكيم البحري يف لندن‬
‫ونيويورك وابريس مع شرح أحكام قانون التحكيم املصري يف املواد املدنية و التجارية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1997‬‬
‫‪-90‬عليوش قربوع كمال‪ ،‬التحكيم التجاري الدويل يف اجلزائر‪،‬ديوان املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬طبعة‬
‫‪.2001‬‬
‫‪-91‬عبد السالم ذيب‪ ،‬قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية اجلديد ‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬
‫‪-92‬عبد املنعم فرج الصدة ‪ ،‬االثبات يف املواد املدنية ‪،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬مطبعة مصطفى البايب‬
‫‪-93‬عباس مصطفى املصري‪ ،‬املركز القانوين للمرسل إليه يف عقد النقل البحري‪،‬دار اجلامعة اجلديدة‬
‫للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة‪.2002‬‬

‫‪500‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-94‬عبد القادر حسن العطري‪ -:‬الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية‪ ،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬سنة ‪.1999‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-95‬عبد القادر حسني العطري‪،‬ابسم ملحم ‪،‬الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية –دراسة مقارنة‬
‫‪،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬اإلصدار األول ‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن ‪ ،‬سنة ‪. 2009‬‬
‫‪-96‬انرميان عبد القادر‪،‬اتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم املصري يف املواد التجارية واملدنية رقم‬
‫‪،1994/24‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪.1996‬‬
‫‪ -97‬عادل علي املقدادي ‪ ،‬القانون البحري ‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع والدار الدولية ‪ ،‬عمان ‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪ ،‬اإلصدار الثالث ‪ ،‬سنة ‪. 2002‬‬
‫‪-98‬شريف أمحد الطباخ‪ -:‬املسؤولية املدنية التقصريية والعقدية ‪،‬جلزء األول ‪،‬دار الفكر والقانون ‪،‬مصر‬
‫‪،‬سنة ‪.2012‬‬
‫‪-99‬املسؤولية املدنية التقصريية والعقدية ‪ ،‬اجلزء الرابع‪ ،‬دار الفكر والقانون ابملنصورة ‪،‬مصر‪ ،‬سنة‬
‫‪.2012‬‬
‫ب‪ -‬املراجع املتخصصة‪:‬‬
‫‪-1‬أمحد حممود حسين‪ -:‬النقل الدويل للبضائع طبقا ملعاهدة بروكسل لسندات الشحن مع اإلشارة إىل‬
‫القوانني البحرية العربية ومعاهدة هامبورغ ‪ ،‬منشأة املعارف ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،‬سنة ‪. 1989‬‬
‫‪-2‬كمال محدي‪ -:‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري عام ‪( 1978‬قواعد هامبورغ)‪ ،‬منشأة املعارف‬
‫‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة ‪. 2008‬‬
‫‪ -‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف قانون التجارة البحرية رقم ‪ 8‬لسنة ‪1990‬‬
‫دراسة مقارنة مع اتفاقية هامبورغ ‪،‬منشأة املعارف جالل حزي وشركاه ‪ ،‬سنة ‪.1995‬‬
‫‪-3‬لطيف جرب كوماين ‪،‬مسؤولية الناقل البحري ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع‬
‫ودار الثقافة للنشر والتوزيع ‪،‬عمان ‪-‬األردن‪ ،‬سنة ‪.2001‬‬
‫حممد إبراهيم الدسوقي‪ -:‬تقدير التعويض بني اخلطأ والضرر ‪ ،‬موسوعة الثقافة اجلامعية للنشر والتوزيع ‪،‬‬
‫‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬بدون اتريخ نشر ‪.‬‬
‫‪-4‬مسيحة القليويب ‪ -:‬موجز يف القانون البحري ‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪،‬سنة ‪. 1969‬‬
‫‪ -‬القانون البحري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1982‬‬
‫‪ -‬القانون البحري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.1987‬‬
‫‪-5‬حممود مسري الشرقاوي‪ :‬القانون البحري‪ ،‬منشأة املعارف ‪،‬اإلسكندرية ‪ ،‬سنة‪.1978‬‬
‫‪-6‬حمسن شفيق‪ ،‬املرجع اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع(اتفاقية هامبورغ بتاريخ ‪ 31‬من‬
‫مارس ‪،1978‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬
‫‪501‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-7‬مصطفى اجلمال‪ ،‬دروس يف القانون البحري‪ ،‬املكتب املصري احلديث للطباعة والنشر‪ ،‬سنة‬
‫‪.1968‬‬
‫‪-8‬حممد هبجت عبد هللا أمني قايد‪ -:‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف اتفاقية هامبورغ(دراسة مقارنة‬
‫بني اتفاقية بروكسل لسندات الشحن والقانون البحري رقم‪ 8‬لسنة‪، 1992‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة‬
‫‪،‬سنة ‪.1992‬‬
‫‪ -‬العقود البحرية‪ ،‬الطبعةاألوىل‪،‬دارالنهضةالعربية‪،‬القاهرة‪،‬سنة‪.1996‬‬
‫‪-9‬علي حسن يونس‪ - :‬عقد النقل‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون اتريخ نشر‪.‬‬
‫‪ -‬العقود البحرية‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪.1978‬‬
‫‪-10‬عبد القادر حسن العطري‪ -:‬احلاوايت و أثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ‪ ،‬الدار اجلامعية‬
‫‪،‬بريوت‪ ،‬سنة ‪.1983‬‬
‫‪-11‬شريف أمحد الطباخ‪ :‬التعويض عن النقل الربي والبحري واجلوي‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫سنة ‪.2005‬‬
‫‪ -II‬الرسائل واملذكرات‪:‬‬
‫‪-1‬إبراهيم مكي إبراهيم ‪ ،‬دعوى مسؤولية على الناقل البحري ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة عني مشس مبصر‬
‫‪ ،‬سنة‪. 1973‬‬
‫‪-2‬بسعيد مراد‪ ،‬عقد النقل البحري للبضائع وفقا للقانون البحري اجلزائري و االتفاقيات الدولية‪،‬رسالة‬
‫دكتوراه يف القانون اخلاص‪ ،‬السنة اجلامعية ‪.2012/2011‬‬
‫‪-3‬بودايل خدجية‪ ،‬اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري (دراسة مقارنة )‪،‬رسالة دكتوراه يف القانون‬
‫‪.2015/2014‬‬ ‫اخلاص‪ ،‬جامعة تلمسان ‪،‬السنة اجلامعية‬
‫‪-4‬جبارة نورة‪،‬نطام اعفاء الناقل من املسؤولية ‪-‬دراسة مقارنة –رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص‪،‬جامعة‬
‫اجلزائر‪ ،‬سنة ‪. 2008/ 2007‬‬
‫‪-5‬دمانةحممد‪،‬دفع املسؤولية املدنية للناقل‪،‬رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة تلمسان‪،‬السنة اجلامعية ‪2010‬‬
‫‪.2011/‬‬
‫‪ -6‬حسني غنامي ‪ ،‬املصلحة يف التأمني على البضائع املنقولة حبرا ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬جامعة القاهرة‬
‫‪.1979‬‬
‫‪-7‬يزيد دالل ‪،‬مسؤولية الناقل اجلوي لألشخاص يف النقل اجلوي الداخلي والدويل‪ ،‬رسالة دكتوراه‬
‫‪،‬السنةاجلامعية‪، 2010/2009:‬جامعة تلمسان‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-8‬ليلى بعتاش ‪،‬أثر الغش يف عقد األساس على تنفيذ االعتماد املستندي‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة ابتنة‬
‫‪ ،‬السنة اجلامعية ‪. 2014/2013‬‬
‫‪-9‬حممد موسى حممد دايب‪ ،‬فكرة اخلطأ يف اتفاقية فارسوفيا ومسؤولية الناقل اجلوي يف النقل اجلوي‬
‫الدويل (دراسة مقارنة) ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة القاهرة ‪،‬سنة ‪.1986‬‬
‫‪ -10‬حممد عبد احلميد ‪ ،‬التعويض عن حاالت اهلالك والتلف والتأخري يف ضل قواعد هامبورغ‬
‫‪ ،1978‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬جامعة عني مشس ‪،‬مصر ‪ ،‬سنة ‪. 1984‬‬
‫‪-11‬حممد بن عبد العزيز بن سعد اليمين‪ ،‬الشرط اجلزائي وأثره يف العقود املعاصرة(دراسة فقهية‬
‫مقارنة)‪،‬رسالة دكتوراه يف الدراسات اإلسالمية ختصص فقه وأصوله‪ ،‬قسم الثقافة اإلسالمية –كلية الرتبية‬
‫– جامعة امللك سعود‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬سنة ‪1425‬ه‪.1426-‬‬
‫‪-12‬حممد السروي ‪،‬الغش يف املعامالت املدنية (دراسة مقارنة يف القانون املدين والفقه اإلسالمي‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوره ‪،‬جامعة املنصورة ‪،‬كلية احلقوق ‪،‬قسم القانون املدين ‪،‬مصر ‪،‬سنة‪. 2008‬‬
‫‪ -13‬ملزي عبد الرمحن‪ ،‬نظام املسؤولية احملدودة يف عقد النقل البحري‪ ،‬رسالة دكتوراه يف القانون‬
‫اخلاص ‪،‬جامعة اجلزائر‪،‬سنة‪.2007/2006‬‬
‫‪-14‬انديةحممد معوض السيد‪،‬مسؤولية متعهد النقل متعدد الوسائط ‪ ،‬رسالة دكتوراه يف احلقوق‪،‬جامعة‬
‫القاهرة ‪ ،‬سنة ‪.1989‬‬
‫‪-15‬نبيل أمحد علي الفيشاين‪،‬مسؤولية الناقل البحري للبضائع وفقا للقانونني اليمين واملصري‬
‫واالتفاقيات الدولية (دراسة مقارنة )‪،‬أطروحة لنيل درجة دكتوراه يف القانون ‪ ،‬جامعة القاهرة‪،‬كلية‬
‫احلقوق ‪،‬قسم القانون التجاري والبحري ‪،‬سنة ‪.2016‬‬
‫‪-16‬عبد الرمحن سليم‪ ،‬شروط االعفاء من املسؤولية‪ ،‬رسالة دكتوراه جبامعة اإلسكندرية‪،‬مصر‪ ،‬سنة‬
‫‪.1955‬‬
‫‪-17‬عمر فؤاد عمر‪ ،‬إعفاء الناقل من املسؤولية دراسة مقارنة يف عقد النقل البحري للبضائع ‪،‬رسالة‬
‫دكتوراه يف احلقوق ‪،‬جامعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪.2000‬‬
‫‪-18‬علي حسن عبد هللا الشريف ‪،‬الباعث وأثره يف املسؤولية اجلنائية ‪،‬رسالة دكتوراه ‪،‬كلية احلقوق جبامعة‬
‫القاهرة‪ ،‬سنة ‪. 1986‬‬
‫‪-19‬فاروق أمحد زاهر ‪،‬حتديد مسؤولية الناقل اجلوي الدويل‪-‬دراسة يف اتفاقية فارسوفيا والربوتوكوالت‬
‫املعدلة هلا ‪،‬رسالة دكتوراه ‪،‬جامعة القاهرة ‪،‬سنة ‪. 1985‬‬
‫‪ -20‬قماز ليلى إلدايز ‪ ،‬أحكام النقل الدويل متعدد الوسائط ‪ ،‬رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص ‪،‬‬
‫جامعة تلمسان ‪ ،‬السنة اجلامعية ‪. 2014/2013‬‬

‫‪503‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-21‬ثروت أنيس األسيوطي‪ ،‬مسؤولية الناقل اجلوي يف القانون املقارن ‪ ،‬رسالة دكتوراه يف احلقوق‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬اتريخ املناقشة يوم الثالاثء ‪ 20‬أكتوبر ‪. 1959‬‬
‫‪ -III‬املقاالت‪:‬‬
‫‪-1‬أمحد حممود حسين‪ ،‬سند الشحن ودوره يف التجارة البحرية‪ ،‬جملة إدارة قضااي احلكومة‪ ،‬العدد‬
‫الثالث‪ ،‬السنة التاسعة عشر‪ ،‬سبتمرب ‪.1975‬‬
‫‪ -2‬أبو زيد رضوان ‪،‬الضوابط العامة يف التحكيم التجاري الدويل ‪،‬القسم األول ‪،‬طبيعة التحكيم يف‬
‫التجارة الدولية ‪،‬جملة احلقوق الكويتية ‪،‬السنة األوىل ‪،‬العدد الثاين‪ ،‬جوان ‪.1977‬‬
‫‪-3‬بن عمار حممد‪ -:‬مفهوم السفينة يف القانون البحري اجلزائري‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية‬
‫واالقتصادية والسياسية‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة‪.1993‬‬
‫‪ -‬حتديد مسؤولية مالك السفينة ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية ‪،‬العدد الرابع ‪ ،‬سنة ‪. 1995‬‬
‫‪ -‬اإلطار القانوين الستغالل السفينة‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬جامعة‬
‫اجلزائر‪ ،‬عدد ‪، 4‬سنة ‪.1998‬‬
‫‪ -‬املناولة املينائية و التشوين طبقا ألحكام اجلديدة للقانون البحري اجلزائري ‪ ،‬جملة‬
‫احملاكم املغربية العدد ‪: 84‬‬
‫‪:article droit .blogspot.com/2009/09/blog –post-9842.htm‬‬
‫‪ -4‬الغوثي بن ملحة ‪ ،‬نظام التعويض عن األضرار النامجة عن حوادث املرور يف القانون اجلزائري ‪ ،‬اجمللة‬
‫اجلزائرية للعلو م القانونية‪ ،‬العدد الرابع ‪ ،‬سنة ‪. 1995‬‬
‫‪ -5‬بن عصمان مجال‪ ،‬االعرتاف أبحكام التحكيم الدولية و تنفيذها يف ظل قانون االجراءات املدنية‬
‫اجلديد ‪ ،‬جملة العلوم القانونية و االدارية و السياسية ‪ ،‬كلية احلقوق تلمسان ‪ ،‬رقم ‪ 11‬لسنة ‪. 2011‬‬
‫‪ -6‬بن عيسى حياة ‪ ،‬التهديدات البحرية الراهنة وجهود مكافحتها ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للقانون البحري‬
‫والنقل ‪ ،‬خمرب القانون البحري والنقل‪ ،‬جامعة أيب بكر بلقايد بتلمسان ‪ ،‬العدد األول‪ ،‬سنة ‪. 2014‬‬
‫‪-7‬بن صغري مراد ‪ ،‬حجية االعرتاف أبحكام التحكيم الدولية وتنفيذها على ضوء قانون اإلجراءات‬
‫املدنية واإلدارية اجلديد ‪،‬ورقة عمل مقدمة للملتقى الدويل حول تنفيذ األحكام والسندات األجنبية‬
‫وقرارات التحكيم الدويل املنظم يومي‪24‬و‪ 25‬أفريل ‪، 2013‬كلية احلقوق والعلوم السياسية ‪،‬جامعة‬
‫قاصدي مرابح ‪،‬ورقلة (اجلزائر) ‪.‬‬
‫‪-8‬بوعالم خليل‪-:‬إجراءات التقاضي يف املنازعات البحرية يف القانون اجلزائري واملعاهدات الدولية‬
‫(معاهدة بروكسل لسنة ‪1924‬و معاهدة هامبورغ لسنة ‪، 1978‬األكادميية للدراسات االجتماعية‬
‫واإلنسانية ‪،‬العدد صفر ‪،،‬السداسي األول ‪.‬‬
‫‪ -‬مسؤولية الناقل البحري ‪ ،‬اجمللة القضائية ‪ ،‬عدد خاص ‪ ،‬سنة ‪. 1999‬‬
‫‪504‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪ -9‬مجال الدين عوض ‪ ،‬تعليقات على القضاء التجاري البحري ‪،‬جملة القانون واالقتصاد للبحث يف‬
‫الشؤون القانونية واالقتصادية‪ ،‬العدد األول ‪ ،‬السنة احلادية والثالثون‪ ،‬مارس ‪. 1961‬‬
‫‪-10‬هدى الساسي‪،‬مسؤولية الناقل اجلوي يف مادة نقل البضائع جوا طبقا التفاقية فرسوفيا‬
‫والربوتوكوالت املعدلة هلا‪ ،‬جملة الدراسات القانونية والبحوث السياسية االجتماعية ‪،‬يوم ‪ 21‬ماي‬
‫‪،2017‬ص‪ 19‬اتريخ الدخول للموقع ‪:2017/6/22‬الساعة ‪polyjuris.com:16:40‬‬
‫‪-11‬حلو أبو حلو‪ ،‬التأخري يف تسليم البضائع يف عقد النقل البحري‪ ،‬دراسة مقارنة‪،‬جملة املنارة ‪،‬اجمللد‬
‫‪ ، 13‬العدد ‪ ، 8‬سنة ‪. 2007‬‬
‫‪-12‬حسني بن حممد املهدوي ‪ ،‬القوة الثبوتية للمعامالت االلكرتونية ‪،‬جملة البحوث القضائية ‪،‬العدد ‪7‬‬
‫‪،‬اليمن ‪ ،‬جوان ‪www.ysc.org.ye: 2007‬‬
‫‪-13‬طيب إبراهيم ويس‪،‬أتثري قواعد روتردام ‪ 2008‬واملادة ‪ 812‬من القانون البحري اجلزائري على‬
‫مبدأ وحدة عقد النقل البحري ‪ ،‬جملة صوت القانون‪ ،‬العدد الثاين صادرة عن جامعة جياليل بو نعامة‬
‫خبميس مليانة ‪،‬أكتوبر ‪. 2014‬‬
‫‪-14‬يعقوب يوسف صرخوه‪،‬النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري عن البضائع يف القانون البحري‬
‫الكوييت اجلديد (القسم األول‪ ،‬جملة احلقوق‪ ،‬العدد الثاين‪ ،‬السنة الثامنة‪ ،‬سنة ‪. 1984‬‬
‫‪-15‬ايسر احلويش‪،‬حقوق السحب اخلاصة مفهومها وواقعها ومستقبلها‪،‬جملة جامعة دمشق للعلوم‬
‫االقتصادية والقانونية –اجمللد ‪ 30‬العدد الثاين ‪،‬سنة ‪.2014‬‬
‫‪-16‬يعقوب يوسف صرخوه‪،‬الوضع القانوين لرص البضائع واحلاوايت على سطح السفينة (دراسة مقارنة‬
‫)‪،‬جملة احلقوق الكويتية‪ ،‬السنة السادسة عشر ‪،‬العدد األول والثاين ‪،‬جوان ‪. 1992‬‬
‫‪-17‬ليلى بن مدخن‪ ،‬مربرات الطعن يف أحكام التحكيم التجاري الدويل وحدود اختصاص القاضي‬
‫الوطين للنظر يف الطعون بني فرض الرقابة واحرتام إرادة األطراف‪:‬‬
‫‪https://manifest.univ-ouargla.dz/documents/.../benmedakhan.pdf‬‬
‫‪-18‬مسري بوختالة‪،‬حممد زرقون ‪،‬نوال بن عمارة‪ ،‬واقع وآفاق تطوير قطاع النقل يف اجلزائر ودوره يف‬
‫التنمية االقتصادية ‪،‬اجمللة اجلزائرية للتنمية االقتصادية ‪،‬جامعة قاصدي مرابح ‪،‬بورقلة ‪،،‬عدد‪،6‬جوان‬
‫‪.2017‬‬
‫‪-19‬حممد إبراهيم السقا‪،‬الدور اجلديد حلقوق السحباخلاصة‪ ،‬منشورعلى املوقع بتاريخ ‪:2011/11/2‬‬
‫‪http://wwww.aleqt.com/2009/08/09/article _26 0938html‬‬
‫‪-20‬حممد مرسي عبده‪ ،‬التصدي لالحتيال البحري املتعلق ابلواثئق البحرية وفقا القانون القطري‬
‫واالتفاقيات الدولية‪ ،‬اجمللة القانونية والقضائية‪ ،‬مركز الدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬قطر‪:‬‬
‫‪www.almeezan.qa/ReferenceFiles.aspx?id=63&type=doc...ar‬‬

‫‪505‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-21‬حممود مسري الشرقاوي ‪ ،‬عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن‪ ،‬جملة إدارة قضااي احلكومة ‪،‬العدد‬
‫الثالث ‪،‬السنة التاسعة عشر ‪،‬سبتمرب ‪. 1975‬‬
‫‪-22‬م‪.‬م‪.‬أفراح عبد الكرمي‪ ،‬التحكيم يف املنازعات البحرية‪ ،‬جملة الرافدين للحقوق‪ ،‬اجمللد ‪ ،14‬العدد‬
‫‪،50‬السنة ‪:16‬‬
‫‪http://www.isaj.net/iasj?func=issues&jid=83&uilanguage=arbah‬‬
‫@‪a@470‬‬
‫‪-22‬مدحت حافظ ابراهيم‪،‬دعوى مسؤولية الناقل البحريللبضائعفيضلقانوانلتجارةاملصريةواالتفاقيات‬
‫الدولية‪،‬جملة هيئة قضااي الدولة ‪ ،‬العدد األول ‪.1992‬‬
‫‪-23‬حمسن شفيق ‪،‬ضوابط حتديد مسؤولية الناقل يف اتفاقية هامبورغ وتوافق املصاحل ‪،‬اجمللة األكادميية‬
‫العربية للنقل البحري ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬سنة ‪.1983‬‬
‫‪-24‬ممدوح زكي احملامي‪،‬التحديد القانوين ملسؤولية الناقل البحري وعن شروط الدفع على أساس الذهب‬
‫طبقا ملعاهدة سندات الشحن(معاهدة بروكسل لسنة ‪، )1924‬جملة احملاماة‪ ،‬العدد األول ‪،‬مصر‪ ،‬السنة‬
‫السادسة والثالثون ‪.‬‬
‫‪-25‬ميناس ختشادوراين‪،‬قواعد التحكيم وفقا التفاقية األمم املتحدة املتعلقة بعقود النقل الدويل للبضائع‬
‫كليا أوجزئيا بطريق البحر ‪، 2008‬جملة التحكيم العاملية ‪،‬عدد‪ ،10‬السنة الثالثة ‪،‬لبنان‪ ،‬أفريل ‪.2011‬‬
‫‪ -26‬عبد القادر حسني العطري ‪ ،‬اتفاقية األمم املتحدة حول النقل متعدد الوسائط للبضائع ل‪1980‬‬
‫‪،‬جملة احلقوق الكويتية ‪ ،‬العدد الثالث ‪ ،‬السنة الثامنة ‪ ،‬سبتمرب ‪. 1984‬‬
‫‪ -27‬علي مجال الدين عوض ‪ ،‬التحديد القانوين ملسؤولية الناقل البحري الدويل يف اتفاقية بروكسل ويف‬
‫القضاء الكوييت ‪ ،‬جملة احلقوق والشريعة ‪ ،‬العدد الثاين ‪ ،‬سنة ‪. 1978‬‬
‫‪-28‬عقيل فاضل محد الدهان ‪ ،‬املركز القانوين للمرشد ‪ ،‬جملة جامعة كربالء العلمية ‪،‬العراق ‪ ،‬اجمللد‬
‫السابع ‪ ،‬العدد األول‪ ،‬سنة ‪. 2009‬‬
‫‪-29‬قرارية قويدر‪ -:‬مسؤولية الشاحن يف عقد النقل البحري للبضائع ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للقانون البحري‬
‫والنقل ‪،‬العدد الرابع ‪،‬منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد تلمسان(اجلزائر) ‪،‬دار‬
‫كنوز للنشر والتوزيع ‪،‬سنة‪.2016‬‬
‫‪ -‬النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري للبضائع بني التشديد وضرورة التشجيع على‬
‫االستثمار‪،‬جملة القانون والعلوم السياسية ‪،‬العدد اخلامس‪،‬مشورات معهد احلقوق والعلوم السياسية ‪،‬املركز‬
‫اجلامعي صاحلي أمحد ابلنعامة ‪ ،‬جانفي ‪.2017‬‬

‫‪506‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-‬نظام احلد األقصى للتعويض واخلالف الفقهي احلاصل حول مربراته ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية‬
‫للقانون البحري والنقل ‪،‬العدد اخلامس ‪،‬منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد‬
‫تلمسان(اجلزائر) ‪،‬دار كنوز للنشر والتوزيع ‪،‬سنة‪.2017‬‬
‫‪-‬أثر الغش واخلطأ اجلسيم على التعويض يف النقل البحري للبضائع ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للقانون‬
‫البحري والنقل ‪،‬العدد السادس ‪،‬منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد‬
‫تلمسان(اجلزائر) ‪،‬دار كنوز للنشر والتوزيع ‪،‬سنة‪.2017‬‬
‫‪-‬اإلخطار ابألضرار الالحقة ابلبضاعة املنقولة حبرا وأثره يف االتفاقيات الدولية‪ ،‬اجمللة‬
‫اجلزائرية للقانون البحري والنقل ‪،‬العدد السابع ‪،‬منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر‬
‫بلقايد تلمسان(اجلزائر) ‪،‬دار كنوز للنشر والتوزيع ‪،‬سنة‪.2018‬‬
‫‪-30‬قوادري صامت جوهر‪ ،‬خوتة خبتة‪ ،‬الطعن يف احلكم التحكيمي ‪،‬األكادميية للدراسات االجتماعية‬
‫و اإلنسانية‪ ،‬دورية دولية حمكمة تصدرها جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬شلف ‪:‬‬
‫‪www.univ-chlef.dz/fdsp/images/pdf/bilan-kouadri.pdf‬‬
‫‪-31‬خالص انفع أمني ‪ ،‬جملة الكوفة ‪ ،‬العدد السابع ‪،‬سنة‪:2010‬‬
‫‪www.ia.sj.met/ias.j?func=fulltext61504‬‬
‫‪-32‬خالد املرزوك‪ ،‬النظام النقدي الدويل‪،‬كلية اإلدارة واإلقتصاد ‪،‬قسم العلوم املالية والنقدية ‪،‬جامعة‬
‫‪staff.uobabylon.edu.iq‬‬ ‫اببل ‪،‬العراق‪،‬ص‪:80‬‬
‫‪ -IV‬النصوص القانونية‪:‬‬
‫أ‪-‬االتفاقيات والربوتوكوالت الدولية‪:‬‬
‫‪-1‬اتفاقية بروكسل لسنة‪ 1924‬املتعلقة بتوحيدبعض قواعدسندات الشحن دخلت حيز التنفيذ يف سنة‬
‫‪ ،1931‬صادقت عليها اجلزائر مبوجب املرسوم ‪ 70-64‬املؤرخ يف ‪ ،1964/04/07‬ج ر عدد ‪،29‬‬
‫الصادر يف ‪.1964/04/07‬‬
‫‪-2‬بروتوكول بروكسل لسنة‪(1968‬قواعد فيسيب)‪ ،‬وبروتوكول سنة ‪ 1979‬اخلاصني بتعديل االتفاقية‬
‫الدولية لتوحيد بعض القواعد املتعلقة بسندات الشحن لسنة ‪.1924‬‬
‫‪-3‬اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع ل‪31‬مارس ‪"1978‬قواعد هامبورغ "‪،‬دخلت حيز‬
‫النفاذ يف األول من شهر ديسمرب‪.1992‬‬
‫‪-4‬اتفاقية األمم املتحدة املتعلقة بعقود النقل الدويل للبضائع عن طريق البحر كليا أو جزئيا "قواعد‬
‫روتردام ‪ ،"2008‬قرار اجلمعية العامة رقم ‪ 2008/12/122،11/63‬مل تدخل حيز النفاذ ‪.‬‬

‫‪507‬‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪-5‬اتفاقية النقل اجلوي الدويل املوقعة يف مدينة وارسوا يف يوم ‪12‬أكتوبر ‪ 1929‬واملعدلةابلربوتوكول‬
‫املوقع بالهايفي ‪ ،1955/9/28‬صادقت عليهما اجلزائر مبوجب املرسوم رقم ‪ 74-64‬املؤرخ يف‬
‫‪2‬مارس ‪،1964‬ج رعدد‪26‬لسنة‪.1964‬‬
‫‪-6‬معاهدة بروكسل لسنة ‪ 1954‬اخلاصة ابملسؤولية احملدودة للمالك السفن ‪ ،‬انضمت اجلزائر بعد‬
‫استقالهلا هلذه االتفاقية مبوجب املرسوم‪174/64‬املؤرخ يف ‪،1964/06/8‬ج ر عدد‪ 13‬لسنة‬
‫‪.1964‬‬
‫‪-7‬االتفاقية الدولية املتعلقة ابلنقل الربي للبضائع لسنة ‪.CMR1956‬‬
‫‪-8‬اتفاقية الدولية للنقل ابلسكك احلديدية ‪ COTIF-CIM‬املوقعة يف ‪9‬ماي ‪ 1980‬صادقت‬
‫عليها اجلزائر بتحفظ بوجب املرسوم الرائسي رقم ‪264-91‬املؤرخ يف ‪ ،1991 /8/10‬ج ر رقم‪38‬‬
‫ل‪ ، 1991/8/14‬املعدلةبربوتوكول ‪3‬جوان ‪،1999‬صادقت عليها اجلزائر مبوجب املرسوم ‪433-01‬‬
‫ل‪،2001/12/26‬ج ر عدد ‪82‬ل‪.2001/12/31‬‬
‫‪-9‬االتفاقية الدولية لسالمة احلاوايت ‪ CSC‬يف ‪ 2‬ديسمرب ‪، 1972‬صادقت عليها اجلزائر مبوجب‬
‫املرسوم رقم ‪ 01/78‬املؤرخ يف ‪، 1978/01/21‬ج ر عدد‪ 4‬ل‪.1978/01/24‬‬
‫‪-10‬اتفاقية إسطنبول لسنة ‪ 1990‬املتعلقة ابإلدخال املؤقت املربمة بتاريخ ‪، 1990/06/26‬املصادق‬
‫عليها مبقتضى املرسوم الرائسي ‪ 03/98‬املؤرخ يف ‪، 1998/1/12‬ج ر رقم ‪ 2‬ل ‪. 1998/01/17‬‬
‫‪-11‬اتفاقية روما املوقعة يف ‪17‬اكتوبر ‪ 1952‬املتعلقة ابألضرار الواقعة للغري على سطح األرض من‬
‫قبل الطائرات األجنبية‪.‬‬
‫‪-12‬اتفاقييت بروتنوودز املتعلقتني إبنشاء صندوق النقد الدويل واخلاصة ابلبنك الدويل لإلنشاء و التعمري‬
‫ل ‪ 22‬جويلية ‪ 1944‬انضمت إليها اجلزائرابلقانون رقم ‪ 320/63‬املؤرخ يف ‪ 31‬أوت ‪، 1963‬ج ر‬
‫عدد ‪ 63‬لسنة ‪، 1963‬كما صادقت على التعديل األول التفاقية صندوق النقد الدويل ‪ FMI‬ل‪31‬‬
‫ماي ‪، 1969‬مبوجب األمر ‪ 78/69‬املؤرخ يف ‪ 1969/09/18‬املتضمن املصادقة على التعديالت‬
‫الواردة على القانون األساسي لصندوق النقد الدويل والرتخيص ابملشاركة يف حقوق السحب اخلاصة‪،‬ج‬
‫ر عدد ‪ 93‬لسنة ‪. 1969‬‬
‫‪-13‬اتفاقية نيويورك اخلاصة ابالعرتاف وتنفيذ أحكام احملكمني األجنبية املوقعة سنة‪،1958‬دخلت حيز‬
‫التنفيذ يف ‪ ،1959‬صادقت اجلزائر عليها بتحفظ مبوجب املرسوم رقم ‪ 233-88‬املؤرخ يف‬
‫‪،1988/11/05‬ج ر عدد ‪ 18‬لسنة ‪. 1988‬‬

‫‪508‬‬
‫قائمة املراجع‬

‫ب‪ -‬النصوص القانونية الداخلية‪:‬‬


‫‪-‬القوانني واألوامر‪:‬‬
‫‪-1‬األمر ‪ 58-75‬املؤرخ يف ‪ 1975/09/26‬املعدل و املتمم ابلقانون ‪ 10-05‬املؤرخ يف ‪ 20‬جوان‬
‫‪ 2005‬و القانون رقم ‪ 05-07‬املؤرخ يف ‪ 2007/05/13‬املتضمن القانون املدين اجلزائري‪، .‬ج ر‬
‫عدد ‪ 31‬الصادر يف ‪.2007/05/13‬‬
‫‪-2‬األمر ‪ 59-75‬املؤرخ يف ‪ 26‬سبتمرب ‪ 1975‬املعدل واملتمم ابلقانون رقم ‪ 02-05‬املؤرخ يف ‪6‬‬
‫فرباير ‪ 2005‬املتضمن القانون التجاري‪ ،‬ج ر العدد ‪.11‬‬
‫‪-3‬األمر ‪ 80-76‬املعدل و املتمم ابلقانون رقم ‪ 98-05‬املؤرخ يف ‪ 25‬جوان ‪ 1998‬و املعدل و‬
‫املتمم ابلقانون ‪ 04-10‬املؤرخ يف ‪ 15‬أوت ‪ ، 2010‬ج ر رقم ‪ 46‬يف ‪ 2‬أوت ‪ 2010‬املتضمن‬
‫القانون البحري اجلزائري‪.‬‬
‫‪-4‬القانون رقم ‪ 09-08‬املؤرخ يف ‪ 25‬فرباير ‪ 2008‬املتضمن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية‪ ،‬ج ر‬
‫عدد ‪ 31‬صادر يف ‪.2008/02/23‬‬
‫‪-5‬األمر رقم ‪ 07-95‬املؤرخ يف ‪ 1995/01/25‬املتعلق ابلتأمينات املعدل و املتمم ابلقانون رقم‬
‫‪ 11-11‬املؤرخ يف ‪ 18‬جويلية ‪ 2011‬و املتضمن قانون املالية التكميلي لسنة ‪.2011‬‬
‫‪-6‬قانون املالية التكميلي لسنة ‪ 2009‬يف األمر ‪ 01/09‬املؤرخ يف ‪ 22‬جويلية ‪ ، 2009‬ج ر عدد‬
‫‪. 44‬‬
‫‪-7‬األمر ‪ 15-74‬املؤرخ يف ‪ 1974/1/30‬املتعلق ابلزامية التأمني على السيارات وبنظام التعويض‬
‫عن األضرار ‪،‬ج ر رقم ‪ 15‬الصادرة يف ‪ 1974 /2/19‬واملعدل مبقتضى القانون رقم ‪ 31- 88‬املؤرخ‬
‫يف ‪.1988/7/19‬‬
‫‪-8‬قانون التأمينات من األمر رقم ‪ 07-95‬مؤرخ يف ‪ 25‬يناير سنة ‪ 1995‬املعدل واملتمم ابلقانون‬
‫‪ 11-11‬املؤرخ يف ‪ 18‬جويلية ‪ 2011‬و املتضمن قانون املالية التكميلي لسنة ‪.2001‬‬
‫‪-9‬القانون رقم ‪ 07/80‬املؤرخ يف ‪ 9‬أوت ‪1980‬املتضمن قانون التأمينات من األمر املؤرخ يف‬
‫‪ 1995/01/25‬املتضمن قانون التأمينات اجلديد‪.‬‬
‫‪-10‬األمر ‪ 06/03‬الصادر يف ‪19‬جويلية ‪ 2003‬املتعلق ابلعالمات التجارية‪ ،‬ج رعدد ‪،44‬الصادرة‬
‫يف‪ 23‬جويلية ‪.2003‬‬
‫‪ -11‬القانون الفرنسي رقم ‪ 1078- 66‬الصادر يف ‪1966/12/13‬املتعلق ابلنقل البحري‪.‬‬

‫‪509‬‬
‫قائمة املراجع‬

‫‪-‬املراسيم‪:‬‬
‫‪-1‬املرسوم ‪ 08-06‬املتعلق بتنظيم االرشاد واملؤهالت املهنية للمرشدين وقواعد ممارسة عملية االرشاد‬
‫يف املوانئ املؤرخ يف ‪، 2006/1/9‬ج ر ‪ 02‬الصادرة بتاريخ ‪. 2006/1/15‬‬
‫‪-2‬املرسوم التنفيذي رقم ‪ 08-57‬مؤرخ يف ‪ 2008/2/13‬الذي حيدد شروط منح امتياز استغالل‬
‫خدمات النقل البحري وكيفياته‪،‬ج ر عدد ‪،9‬الصادرةبتاريخ ‪.2008/02/24‬‬
‫‪ -3‬املرسوم التنفيذي ‪ 183/09‬املتعلق بشروط ممارسة مهنة مساعدي النقل البحري ‪،‬ج ر عدد ‪31‬‬
‫الصادرة بتاريخ‪ 24‬ماي ‪. 2009‬‬
‫‪-4‬املرسوم ‪ 363-08‬املعدل املؤرخ يف ‪ 2008/11/08‬املعدل للمرسوم التنفيذي رقم ‪139/06‬‬
‫املؤرخ يف ‪ 2006 11/15‬الذي حيدد شروط وكيفيات نشاطات قطر السفن وأعمال املناولة املينائيةو‬
‫التشوين يف املوانئ‪ ،‬ج ر عدد ‪ 64‬الصادرةبتاريخ ‪.2008/11/17‬‬
‫‪ -V‬األحكام القضائية‪:‬‬
‫‪-1‬قرار الغرفة التجارية و البحرية رقم ‪ 153253‬بتاريخ ‪ 22‬جويلية ‪ ،1997‬اجمللة القضائية ‪ ،‬عدد‬
‫خاص ‪ ،‬سنة ‪.1999‬‬
‫‪-2‬قرار الغرفة التجارية و البحرية رقم ‪ 138267‬املؤرخ يف ‪ ،1995/02/27‬اجمللة القضائية‪ ،‬عدد‬
‫خاص‪ ،‬سنة ‪.1999‬‬
‫‪-3‬قرار الغرفة التجارية والبحرية رقم‪ 151326‬املؤرخ يف‪ ،1997/05/6‬اجمللة القضائية‪ ،‬عدد خاص‪،‬‬
‫سنة ‪.1999‬‬
‫‪-4‬قرار الغرفة التجارية والبحرية رقم ‪ 151318‬املؤرخ يف ‪ ،/05/06‬اجمللة القضائية‪ ،‬عدد خاص‪ ،‬سنة‬
‫‪.1999‬‬
‫‪-5‬القرار رقم ‪ 162697‬بتاريخ ‪،1997/12/16‬اجمللة القضائية ‪،‬اإلجتهاد القضائي للغرفة التجارية‬
‫والبحرية ‪،‬عدد خاص ‪،‬سنة ‪.1999‬‬
‫‪-6‬القرار رقم ‪ 391372‬بتاريخ ‪ ، ،2007/02/70‬اجمللة القضائية‪،‬اإلجتهاد القضائي للغرفة التجارية‬
‫والبحرية‪،‬العدد األول ‪ ،‬سنة ‪. 2007‬‬
‫‪-7‬قرار الغرفة التجارية و البحرية‪ ،‬ملف رقم ‪ 439517‬بتاريخ ‪ ،2008/4/9‬اإلجتهاد القضائي‬
‫اجلزائري‪،‬جملة التحكيم اللبنانية‪ ،‬عدد ‪، 4‬أكتوبر ‪. 2009‬‬
‫**املراجع ابللغة الفرنسية‪:‬‬
‫‪I -Ouvrages:‬‬
‫‪1-AntoineVialard, Droit maritime, pressses universitaire de France, paris‬‬
‫‪1997.‬‬

‫‪510‬‬
‫قائمة املراجع‬
2-Claude Chainan, causes légales d'exonération du transporteur maritime
dans le transport de marchandises, TOME XIII, préface Michel de
Juglart, libraire général de droit et jurisprudence, Paris 1965.
3-Daniel Danjon, Manuel de Droit maritime, librairie générale de droit et de
jurisprudence, Paris 1921.
4-Francis Sauvage, Manuel pratice du transport des marchandises par
mer, librairie générale de droit et de jurisprudence, Paris 1955.
5-Français sauvage, Jean Taillandier, Manuel pratique du transport des
marchandises par mer, librairie générale de droit et de jurisprudence, paris
1965.
6-Georges Ripert:- Droit maritime, crédit maritime, fortune de mer,
transport maritime, tome II, édition Rousseau, 1930.
- Droit maritime, crédit maritime, fortune de mer,
transport maritime, tome II 4eme édition, Rousseau, paris 1952.
- la régle morale dans les obligations civiles. ,4eme
édition, L.G.D.Jparis1949.
- Précis de droit maritime, 5eme édition, libraire Dalloz,
Paris 1949.
7-Georges Marais, les transports internationaux de marchandises par mer
et la jurisprudence en droit compare, librairie générale de droit et de
jurisprudence, Paris 1949.
8-Georges-o et Robert-Tissot, le connaissement direct titre de transports
combinés maritime, terrest, aérien, libraire général de droit et jurisprudence,
Paris 1957.
9-Josef Gold,DTS ,monnaies et or septième exposé sur les changements
intervenus dans le domaine juridique, Fonds Monétaire
international,Washington,D.C,1987.
10-Henri Zoghbi, La responsabilité aggravée du transporteur aérien (Dol
et la faute équivalente au dol étude dévloppée du protocole de la Haye),
libraire général de droit et jurisprudence, Paris 1962.
11-Henry Campbell M.A, Black's Law Dictionary, 4th, Black, west
publishing company, 1968.
12-(H) et (L) Mazeaud et( A) Tunk ,Traité Théorique et pratique de la
responsabilité civile,tome1,sixième edition ,Montchrestein,paris 1965.
13-J.B.Racine, L’arbitrage commercial international et l’ordre public
L.G.D.J,paris, 1999.
14- mokhtar Khaladi, Introduction aux relations économiques
internationales, office des publications universitaires, Alger 07 /2010,
éditionN°5116.
15-Michelle Pourcelet:- Le Transport aérien international et La
responsabilité, Les Presses de L'université de Montréal, Canada
mars1964.

511
‫قائمة املراجع‬
-LeTransport maritime sous connaissement (droit
canadien, Américain, anglais), Les Presses de L'université de Montréal,
canada1972.
16-Martine Remond Gouilloud, Droit maritime,Edtionpedone, Paris
1993.
17-Maix Caillé, le statut juridique des acconiers, librairie Generale
de droit et de jurisprudence, Paris 1954.
18- Phillipedelebecque ,Droit maritime 13eme édition, Dalloz paris 2014.
19-Philippe Fauchard, Emmanuel Gaillard, Berthold Goldman, Traité de
l'arbitrage commercial international, Edition Litec (libraire de la cour de
cassation), paris 1996.
20-Pierre Bonassises et Christian Scapel, Droit maritime, L.G.D.J, paris
2006.
21-Stéphane piedéliévre et Dominique Gency –Tandonnet, droit des
transport ,LexisNexis Sa, Paris 2013.
22-Rachid Boudjema ,le F.M.I En question,atlas édition ,Alger ,1995.
23- René Rodiére:-Droit maritime, d'après le précis du doyen Georges
Ripert, Dalloz, Paris 1966.
- Droit maritime, les contrats de transport de
marchandises, tome II, librairie Dalloz, paris1968.
- Droit maritime, Mise a jour au 10 juin1978,
jurisprudence générale Dalloz,PARIS1978 .
- Droit maritime,Dalloz ,Paris 1980.
- Droit maritime, les contrat de transport de
eme
marchandises, 6 édition, librairie Dalloz,Paris1974.
- Droit maritime,7emeédition ,Dalloz ,Paris 1977.
24-René Rodiére, Emmanuel du Pontavice:- Droit maritime, 11éme édition
Dalloz ,paris 1991.
- Droit maritime, 12éme edtionDALLOZ,Paris 1997.
II -Théses:
1-Abdelkrim kouka, le contrat de transport maritime de marchandises en
France et en Tunisie : Théorie et pratique, Thèse de Doctorat, Université
de Panthéon –Assas (Paris II), octobre 2011.
2- Fatima Boukhatmi, Aspect du contrat de transport de marchandises par
mer en droit algérien et dans les conventions internationales, thèse
dedoctorat d'état en droit, université d'oran, 17/6/2002.
3-Diego Ramirez Vincent, la limitation de responsabilité dans le transport
multimodal, Mémoire présenté à la faculté des études supérieures en vue
de lobtion du grade L.L.M, Université de Montréal, Aout 2006.
4- Horia Yassad, le contrat de vente internationale de marchandises, thèse
doctorat en droit, université mouloud Mammeri de Tizi –Ouzou,
anné2008.

512
‫قائمة املراجع‬
5-Hind Adil, la responsabilité du transporteur maritime international de
marchandises sous connaissement mémoire présentée à la faculté études
en vue de l'obtention du grade de maitre en droit université de
Montréal(canada), décembre 2005.
6- Mohammed Benamar, les auxiliaires du transport maritime étude
comparée, thèse doctorat d'Etat, université d’Aix Marseille, ânée de
soutenance1994.
7- Mohammed Kahloula, le bruit inconvénient anormal de voisinage,
thèse de doctorat de3éme cycle en droit privé, université de Poitiers,
année de soutnance1978.
8-Mohammed Farid Alariny, La responsabilité du transporteur aérien
pour retard d'après l'article19 de convention de Varsovie 1929, thèse
doctorat d'Etat en droit, université de paris, ânée de soutenance1970.
9-Marina Papadatou, La convention d'arbitrage dans le contrat de
transport maritime de marchandises: étude comparée des droits français,
helléniqueet anglais, thèse de doctorat en droit, université de Panthéon-
Assas, date de soutnance26mai2014.
10-Wei HOU, La liberté contractuelle en droit du transport maritime de
marchandises (L'exemple du contrat de volume soumis aux règles de
Rotterdam), thèse de doctorat en droit, université de Paul Cézanne-Aix-
Marseille III, date de soutenance :20/12/2010.
III -Les articles:
1- Antoine vialard:- le code maritime algérien, DMFno377 mai 1980.
-La limitation de responsabilité,clé de doute pour le
droit maritime du 21emesiecle, DMF janvier 2009.
2- Fatima Boukhatmi:- aperçu du droit algérien des transports et de
marchandises par mer, études de droit, Mélanges en hommage à Abdallah
Benhamou, ouvrage publié avec le sou tien du recteur de l'université
Abou-bekrBelkaid de Tlemcen, kounouz édition, année 2012.
- les auxiliaires du transport maritime en droit en
doit algérien, DMF 690, Mars 2008.
- les nouvelles dispositions de la loi 98-05 portant
code maritime algérien, DMF N0610, Déc. 2000.
3-Pierre Bonassies, droit du transport maritime du conteneurs à l’orée du
21 éme siècle, DMF01- 2009,n°609.
4-Francesco Berlinghieri, aspects multimodaux des règles de Rotterdam,
DMF NO708-2009.
5- Groupe étudiants en magister de droit maritime activités et portuaire
Commissionnaire de transport, faculté de droit, universitaire d'oran, revue
le phare NO84 avril 2006.
6-George Hoguet and solmonTadesse, The Role of SDR –
Denominotedsecurites in official and private portfolies, Bis papers
N°58,pp.167.Available at:
513
‫قائمة املراجع‬
//www.bis.org/pub/bppdf/bis pap58h.pdf.
7-Kamel khelifa,comment appréhender les surcouts dans la chaine
logistique? Le phare N°122Juin 2009.
8- Mohammed Benamar:- Les autorités et les organes en charge de la
sûreté des navires et des installations portuaires en Algérie (code isps),
études de droit, Mélanges en hommage à Abdallah Benhamou, ouvrage
publié avec le sou tien du recteur de l'université Abou-bekrBelkaid de
Tlemcen, kounouz édition, année 2012.
- la concession en matière de transport maritime
en droit algérien, DMF N0 609,Nov 2000 .
9-Patrick Simon:- qui est le transporteur maritime ?, DMF Janvier 1995.
- qui est compètent pour statuer sur la limitation en cas
de procédure multipartite?; DMF Juin 2001.
10-Paulette Veaux –Fournerie, Daniel Veaux:- commerce Maritime
responsabilité du transporteur -Régime international : convention de
Bruxelles et règles de Hambourg - jurés – classeur transport, cote : 11,
2005.
-transport par conteneur, Juris-classeur transport, cote
05,2003.
11-René Rodiére:- un faux probléme celui des containers,DMF 1968.
- La responsabilité du transporteur maritime Suivant les
règles de Hambourg1978, DMF 1979.
- la limitation de responsabilité du propriétaire de navire,
passé présent et avenir, DMF1973.
12-Raymond Achard, la responsabilité résultant du retard dans le
transport international de marchandises par mer, DMF 1990.
13-Stéphane Miribel:- la Conception de Subjective de la faute
inexcusable, limitaion accordée, DMF 2011.
- signature des régles de Rotterdam, DMF n 708, 11-
2009.
14-Philippe delebecque:- L'équivalence des législations à l'épreuve, du
droit maritime, algérien et du droit maritime français, études de droit,
Mélanges en hommage à Abdallah Benhamou, ouvrage publié avec le sou
tien du recteur de l'université Abou-bekrBelkaid de Tlemcen, kounouz
édition, année 2012.
- la faute inexcusable en droit maritime
commercial, Gazette de chambre, lettre d'information de la chambre
arbitrale maritime de paris, Numéro 39-Hiver2015/2016:www. Arbitrage-
maritime.org.
15- Victor Emmanuel bokalli, la protection des chargeurs a travers les
règle de Hambourg , DMF, mars 1997.
16-William Tetley, Inexécution fondamentale du contrat suivant les
règles de la Haye Visby uncitral, DMF1979.

514
‫قائمة املراجع‬
IV -Les Jugement françaises:
1-Cour d'oran,7/2/1949,DMF1950.
2-Cour de cassation 4/4/1969, DMF1969
3-CA.Rouen14/10/1980,BT.
4-Cour de cassation 2/7/1969, DMF1970.
5-CA.Rouen 27juin 1979,DMF1979.
6-paris26/1/1982 DMF 1982.
7-Cour de cassation 23/6/1982,DMF 1983.
8-CA .Rouen 19 Octobre 1989, DMF1990.
9-CA .paris,14 Nov1988, DMF 1990.
10-Aix en provence 19 Fév1987 ,DMF 1988.
11-Cass. Ch.com. 17juin 1997, Navire Happy Buccanaer, DMF1997.
12- Cass. Ch.com. 9 juillet 1991, DMF1992.
13-CA. Paris 7 novembre 1990 ,DMF Mars 1992.
14-Trib.gr.Inst.paris, 10Fev 1978 , DMF 1978,p212,Cour d'app-Aix-en-
provence31Oct1980,DMF1981.
15-CA.Aix en provence,2ch,19 Déc 1979-Navire ZimIbéria-DMF 1980 .
16- CA .paris ,5emech,31 janv1980,DMF1980.
17-*Cass.com-25 Nov 2008-Navire Husky Runner,DMF :2- 2009.
18-Cass .com,10 mars 2009,Navire Mv Panter,DMF4-2009.
19-CA. Paris 17 Nov 1994, DMF 1996.
20-CA.Rouen 28 Octobre 1999,Navire Melody, DMF2000.
21-CA. Rouen 9Novemenbre 1999,DMF2000.
22-Cass. Ch.com. 17juin 1997, Navire Happy Buccanaer, DMF1997.
23-Cass. Ch.com. 9 juillet 1991, DMF1992.
24-Trib.com de Marseille 10 avril 2007 .BLT 2007.
25-Cass.(ch. com),18 mars 2008,navire Ville de Tanya,DMF2008,juin
2008.
26-Cass 12 Fév. 1983,DMF 1984.
27-CA.Aix-en- Provence 10/3/1994, le Navire MIDIPAS STAR,
DMF1996.
28-CA.Marseille ,7/7/1978, DMF1979.
29-CA. Versailles ,12emech , sec 2,20 décembre 2001,D M F N0 624 ,
mars 2002 .
V-sites internet:
1- www. Arbitrage- maritime.org:chambre arbitrale maritime de paris
2-www.uncitral.org:Comission des Nations Unies pour le droit
commercial international
3-www.legifrance.gouv.fr:lesite officiel de la législation française
4-www.ifm.org: fiche d'information du fonds monétaire international

515
‫ف‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫هرس‬
‫الفهرس‬
‫الفهرس‬
‫مقدمة‪1....................................................................................:‬‬
‫الباب األول‪ :‬نظام احلد األقصى للتعويض‪17..................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفهوم احل ّد األقصى للتعويض ونطاق تطبيقه‪18..................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مفهوم احلد األقصى للتعويض‪18.................................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تعريف احلد األقصى للتعويض وطبيعة القانونية و مربراته‪19..........................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬املقصود ابحلد األقصى للتعويض‪20.................................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬الطبيعة القانونية للحد األقصى للتعويض‪25..........................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬مربرات احلد األقصى للتعويض‪31..................................................‬‬
‫‪-1‬املربرات القائمة على مبدأ املالئمة‪31........................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬تشجيع الناقل البحري على االستثمار‪31...........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬املسامهة يف توحيد القانون البحري الدويل‪34........................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬التقليل من املنازعات واستقرار األوضاع‪36..........................................‬‬
‫‪-2‬املربرات السائرة على اهج مبدأ العدالة‪37.....................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬القياس على مسؤولية مالك السفينة ‪37............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الغاء شروط اإلعفاء من املسؤولية أو ختفيفها‪40.....................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬احلد األقصى للتعويض حيقق التوازن بني املصاحل‪42..................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أساس املسؤولية احملدودة والشروط املتصلة هبا‪45....................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أساس املسؤولية احملدودة يف االتفاقيات الدولية و القانون البحري اجلزائري‪45............‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬أساس املسؤولية احملدودة يف معاهدة بركسل‪46......................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أساس املسؤولية احملدودة يف معاهدة هامبورغ‪51.....................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬أساس املسؤولية احملدودة يف قواعد روتردام‪57........................................‬‬
‫الفقرة الرابعة ‪:‬أساس املسؤولية احملدودة يف القانون البحري اجلزائري ‪60..............................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬الشروط الباطلة يف عقد النقل البحري للبضائع‪61.....................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬شروط اإلعفاء الناقل من املسؤولية عن أخطائه الشخصية‪62..........................‬‬
‫الفقرة الثانية شروط اعفاء الناقل من املسؤولية عن أخطاء اتبعيه‪64.................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬شرط حتديد املسؤولية ابعتبار احلاوية وما اشتملت عليه طردا واحدا‪66.................‬‬
‫الفقرة الرابعة ‪:‬شرط قلب عبئ اإلثبات على الشاحن‪68...........................................‬‬

‫‪516‬‬
‫الفهرس‬
‫الفقرة اخلامسة‪ :‬شروط اإلعفاء من املسؤولية املتعلقة ابلتتأمني‪69...................................‬‬
‫أوال‪ :‬شرط اإلعفاء من املسؤولية عن املخاطر اليت ميكن التأمني عليها‪69............................‬‬
‫اثنيا‪ :‬شرط التنازل عن احلقوق الناشئة عن التأمني على البضائع‪69 ................................‬‬
‫الفقرة السادسة‪ :‬شرط اجلهل بوزن البضاعة‪70 ...................................................‬‬
‫الفقرة السابعة‪ :‬التعويض على أساس قيمة الفاتورة يف ميناء الشحن أو مع النفقات‪71.................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الشروط الصحيحة يف عقد النقل البحري‪73.........................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬الغاء احلضر على الشروط الباطلة‪73................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مناذج عن الشروط الصحيحة ‪79..………………………………….‬‬
‫أوال‪ :‬شرط مهاالاي ‪80…..…….………………........ The Himalaya Clause‬‬
‫اثنيا‪ :‬شرط كسبياان ‪81..…....…...………………….. The caspiana Clause‬‬
‫اثلثا‪ :‬شرط برامونت ‪81.......……...…………….….. Clause The Paramount‬‬
‫رابعا‪ :‬شرط فيو ‪82...................................................... The F.I.O Clause‬‬
‫خامسا‪ :‬شرط جاسون اجلديد ‪84.….……...……………… New Jason Clause‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬نطاق تطبيق احلد األقصى للتعويض‪85.............................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬نطاق تطبيق احلد األقصى من حيث املوضوع‪86...................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وجود عقد نقل حبري دويل‪86......................................................‬‬
‫‪-1‬عقد مشارطة اجيار السفينة‪86.............................................................‬‬
‫‪-2‬عقد النقل البحري الدويل‪88...............................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬عقد النقل الثابت بسندات الشحن‪89.............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عقد النقل الثابت بسندات مماثلة‪90...............................................‬‬
‫أوال‪ :‬اإليصال املؤقت‪91......................................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬سند من أجل الشحن‪92................................................................‬‬
‫اثلثا‪ :‬أوامر التسليم‪93........................................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬سندات الشحن الصادرة مبناسبة مشارطة اجيار السفينة‪94............................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬ضرورة أن يكون عقد النقل دوليا‪95...............................................‬‬
‫أوال‪ :‬يف معاهدة بروكسل‪95...................................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬الوضع يف معاهدة هامبورغ‪100...........................................................‬‬
‫اثلثا‪ :‬الوضع يف معاهدة روتردام‪102............................................................‬‬

‫‪517‬‬
‫الفهرس‬
‫الفرع الثاين‪ :‬إصابة البضاعة أبضرار أثناء فرتة املسؤولية‪103.......................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬اهلالك‪103...............................................................Perte‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التلف ‪106.......................................................... Avaries‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬التأخري يف تسليم البضائع‪107....................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬عدم سقوط حق الناقل يف االستفادة احلد األقصى للتعويض‪110....................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬تقدمي الشاحن بيان عن قيمة البضاعة و جنسها‪111...............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تنازل الناقل عن ميزة احلد األقصى للتعويض‪112...................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬عدم ارتكاب الناقل سلوكا حيرمه من التمسك ابلتعويض احملدود‪114..................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬نطاق تطبيق احلد األقصى من حيث األشخاص‪117..............................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الناقل ‪118......................................................transporteur‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬الناقل املتعاقد‪119..............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الناقل الفعلي ‪121..................................Transporteur substitue‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الناقل الظاهر‪123...............................................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬الوكيل ابلعمولة للنقل‪124...................commissionaire de transport‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬وكالء الناقل‪127................................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬وكيل السفينة ‪127............................... consignataire du navire‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الرابن ‪131................................................... Le capitaine‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬اتبعي الناقل‪135...............................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬املرشد البحري‪137.............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مقاول الشحن و التفريغ‪140.....................................................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬تقدير احلد األقصى للتعويض‪147..............................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬ضوابط تقدير احلد األقصى للتعويض‪148........................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الضوابط التقليدية يف حساب التعويض احملدود‪149................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم فكرة الطرد ‪149....................................................Colis‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬مفهوم الطرد يف الفقه الدويل‪150..................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مفهوم الطرد يف قضاء بعض الدول‪153............................................‬‬
‫أوال‪ :‬القضاء الكوييت‪154.....................................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬القضاء املغريب‪155......................................................................‬‬

‫‪518‬‬
‫الفهرس‬
‫اثلثا‪ :‬القضاء املصري‪156....................................................................‬‬
‫رابعا‪ :‬القضاء الفرنسي‪157...................................................................‬‬
‫خامسا‪ :‬القضاء اإلجنليزي‪157................................................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬حكم البضائع املشحونة داخل حاوية‪158 .........................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬التعريف املادي للحاوية‪160......................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التكييف القانوين للحاوايت‪162..................................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬عالقة الطرد ابحلاوية وأثرها على التعويض‪165......................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬ضابط الوحدة ‪167......................................................Unité‬‬
‫أوال‪ :‬آراء الفقه حول تفسري الوحدة‪171.......................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬تفسري الوحدة يف القضاء‪171...........................................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الضوابط املستحدثة حلساب احلد األقصى للتعويض‪178...........................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ضابط الوزن‪179................................................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬أجرة النقل ‪184................................................. Freight ,fret‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف أجرة النقل‪186...................................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬أسس حتديد مقدار أجرة النقل‪188.......................................................‬‬
‫اثلثا‪ :‬كيفية حساب التعويض عن التأخري‪193...................................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬التنظيم النقدي للحد األقصى للتعويض‪193.......................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مقدار التعويض وفق قاعدة اجلنيه اإلسرتليين‪194...................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬دوافع اختيار اجلنيه اإلسرتليين واملقصود به‪194......................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬دوافع اختيار ‪100‬جنيه إسرتليين كحد أقصى للتعويض‪195.........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬املقصود ابجلنيه اإلسرتليين‪198....................................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬خروج إجنلرتا على قاعدة الذهب وأثرها على القضاء املصري‪200......................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬ااهيار نظام الذهيب وأسباب فشله‪200.............................................‬‬
‫أوال ‪ :‬الفقرة األوىل‪ :‬ااهيار نظام الذهيب وخروج إجنلرتا عليه‪201...................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬أسباب فشل نظام الذهب‪202..........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اخلالف الفقهي حول استبعاد القضاء املصري لقاعدة اجلنيه الذهيب‪203...............‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬حتويل القيمة الذهبية إىل العمالت الوطنية‪207.....................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬مقدار التعويض وفق قاعدة الفرنك البوانكاري‪212.................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬عوامل ظهور الفرنك البوانكاري وأليات اليت ارتكز عليها‪213.........................‬‬
‫‪519‬‬
‫الفهرس‬
‫أوال‪ :‬ظهور الفرنك البوانكاري و املقصود به‪213................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬اآلليات اليت ارتكز عليها الفرنك البوانكاري‪214...........................................‬‬
‫اثلثا‪ :‬كيفية تقدير التعويض وفق الفرنك البوانكاري‪216..........................................‬‬
‫الفرع الثاين‪:‬حتويل الفرنك البوانكاري إىل العمالت الوطنية ‪217...................................‬‬
‫أوال‪ :‬اتريخ حتويل مبالغ احلد األقصى للتعويض‪217..............................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬سعر الصرف الذي يتم وفقه حتويل الفرنك الذهيب‪219......................................‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬قاعدة حقوق السحب اخلاصة‪226..............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬املقصود حبق السحب اخلاص‪227.......................................... DTS‬‬
‫الفقرة األوىل ‪:‬األصل التارخيي حلقوق السحب اخلاصة‪227........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تعريف حق السحب اخلاص‪230..................................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬تعديل حقوق السحب اخلاصة واحللول ملشاكل اليت تعرتضها‪231......................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬تعديل حقوق السحب اخلاصة وأثره على التعويض‪231..............................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬املشاكل اليت تواجه حقوق السحب اخلاصة‪233.....................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬احللول املقرتحة لنجاح حقوق السحب اخلاصة‪235..................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬حتويل وحدة السحب اخلاص إىل العمالت الوطنية‪236..............................‬‬
‫أوال‪ :‬كيفية التحويل‪237......................................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬اتريخ التحويل‪240......................................................................‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬نظام التعويض الكامل‪246......................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬سوء السلوك االرادي للناقل‪247...............................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬أثر الغش واخلطأ اجلسيم على التعويض‪248.......................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬موقف الفقه و القضاء من الغش‪249.............................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬املادة ‪ 4‬من معاهدة بروكسل ومدى تطبيقها على التعويض الكامل‪250................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬مفهوم الغش وكيفية اثباته‪258......................................................‬‬
‫أوال‪ :‬الفكرة التقليدية للغش‪259...............................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬الفكرة احلديثة للغش‪260................................................................‬‬
‫اثلثا‪ :‬كيفية اثبات الغش‪262..................................................................‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬اخلطأ اجلسيم ومدى أتثريه على التعويض‪264.......................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬فكرة اخلطأ يف القواعد العامة والقانون البحري (األجنلوسكسوين والالتيين)‪265..........‬‬

‫‪520‬‬
‫الفهرس‬
‫أوال‪ :‬تعريف اخلطأ يف القواعد العامة‪266.......................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬فكرة اخلطأ يف القانون البحري(األجنلوسكسوين والالتيين)‪268..............................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬تقدير اخلطأ اجلسيم ومتييزه غريه من األخطاء‪273....................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬معايري تقديري اخلطأ اجلسيم يف الفقه والقضاء‪273..................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬معايري تقديري اخلطأ اجلسيم يف القانون الالتيين واألجنلوسكسوين‪279..................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬متييز اخلطأ اجلسيم عن اخلطأ غري املغتفر‪285.......................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬متييز اخلطأ اجلسيم عن اخلطأ املكسب‪289.........................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬مشكلة تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش‪291............................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬اهلدف املنشود من وراء فكرة سوء السلوك العمدي‪301............................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬فكرة سوء السلوك العمدي ومدى جناعتها‪302...................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم سوء السلوك العمدي‪303......................... Wilful Misconduct‬‬
‫أوال‪ :‬اخلطأ العمدي‪304......................................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬عدم اإلكرتاث‪307.....................................................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬تقييم فكرة سوء السلوك العمدي وكيفية اثباهتا‪312...................................‬‬
‫أوال‪ :‬تقييم فكرة سوء السلوك العمدي‪313.....................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬اثبات سوء السلوك العمدي‪316.........................................................‬‬
‫املطلب الثاين‪:‬تطبيقات التعويض الكامل و تقديره‪321...........................................‬‬
‫الفرع األول‪:‬شحن البضائع على سطح السفينة‪322.....………..Le chargement en ponté‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬موقف اتفاقية بروكسل من مسألة الشحن على سطح السفينة‪323....................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬موقف اتفاقية هامبورغ من مسألة الشحن على سطح السفينة‪327....................‬‬
‫أوال‪ :‬شحن احلاوايت على سطح السفن العادية‪329............................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬شحن احلاوايت على السفن املتخصصة‪331..............................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬موقف اتفاقية روتردام من مسألة الشحن على سطح السفينة‪335.....................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬حتفظات الناقل وعدم تدوينها بقصد اإلضرار ابلغري‪339..............................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تقدير التعويض الكامل‪351......................................................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التعويض الكامل االتفاقي ومنازعاته‪356........................................‬‬
‫املبحث األول‪:‬التعويض االتفاقي على ضوء قيمة البضاعة وجنسها‪357............................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬بيان قيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن‪358..................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬البيان املطابق للقيمة احلقيقية للبضاعة‪359..........................................‬‬
‫‪521‬‬
‫الفهرس‬
‫الفرع الثاين‪ :‬البيان غري الصحيح عن أوصاف البضاعة و قيمتها‪368...............................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬البيان غري الصحيح املتعلق بعالمات البضاعة‪،‬عددها‪،‬وزاها وكميتها‪368................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬البيان غري الصحيح اخلاص جبنس البضاعة و قيمتها‪370..............................‬‬
‫أوال‪ :‬البيان غري الصحيح الصادر حبسن نية‪370..................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬البيان الكاذب الصادر عن سوء نية‪373...................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬اثبات البيان الكاذب‪381.........................................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬التعويض االتفاقي الكامل املباشر ومزاايه‪385.......................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الفروق اجلوهرية بني التعويض االتفاقي الكامل والشرط اجلزائي‪386.....................‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الشرط اجلزائي‪387................................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬طبيعته القانونية‪387.....................................................................‬‬
‫اثلثا‪ :‬خصائص الشرط اجلزائي‪389.............................................................‬‬
‫رابعا‪ :‬شروط استحقاق الشرط اجلزائي‪392......................................................‬‬
‫خامسا‪ :‬التمييز بني التعويض الكامل االتفاقي و الشرط اجلزائي‪392...............................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬مزااي االتفاق على التعويض الكامل و شروطه صحته‪396.............................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬مزااي االتفاق على التعويض الكامل‪396............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الشروط الالزمة لصحة االتفاق على التعويض الكامل‪398...........................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬تسوية منازعات التعويض ضد الناقل البحري‪402..................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تسوية املنازعات عن طريق القضاء‪403...........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أطراف دعوى التعويض‪404.......................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬املدعي يف دعوى التعويض‪404...................................................‬‬
‫أوال‪ :‬الشاحن‪405...........................................................................‬‬
‫اثنيا‪ :‬املرسل إليه‪406.........................................................................‬‬
‫اثلثا‪ :‬املؤمن (دعوى احللول)‪408..............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬املدعى عليه يف دعوى التعويض‪411...............................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬اإلخطار ابهلالك أو التلف أو التأخري‪413...........................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬اإلخطار يف معاهدة بروكسل لسنة ‪413....................................1924‬‬
‫الفقرة الثانية اإلخطار يف اتفاقية هامبورغ لسنة‪421.......................................1978‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬اإلخطار يف اتفاقية روتردام‪425...................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬االختصاص القضائي يف منازعات النقل البحري‪428................................‬‬

‫‪522‬‬
‫الفهرس‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬احملكمة املختصة يف اتفاقية هامبورغ‪428...........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬احملكمة املختصة يف معاهدة روتردام‪432...........................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬احملكمة املختصة يف القانون البحري اجلزائري‪439....................................‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬تقادم دعوى التعويض‪441.........................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬التقادم يف اتفاقية بروكسل وبروتوكول تعديلها لسنة‪446.......................1968‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أحكام التقادم يف معاهدة هامبورغ‪447.............................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬أحكام التقادم يف اتفاقية روتردام‪447...............................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تسوية املنازعات عن طريق التحكيم‪450...........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬املقصود ابتفاق التحكيم و أنواعه‪451..............................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬املقصود ابلتحكيم‪451...........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أنواع التحكيم البحري‪455........................................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬مراكز التحكيم البحري‪456........................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬مراكز التحكيم البحري املؤسسي‪456..............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مراكز التحكيم البحري احلر‪459...................................................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التحكيم يف االتفاقيات الدولية‪462................................................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬التحكيم وفقا التفاقية هامبورغ ‪463...............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التحكيم وفقا التفاقيةروتردام‪467...................................................‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬التحكيم التجاري الدويل طبقا ألحكام القانون اجلزائري ‪471...................09/08‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬شروط صحة اتفاق التحكيم‪471...................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حدود سلطات القاضي يف اتفاق التحكيم‪473......................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬االعرتاف ابحلكم التحكيمي وتنفيذه‪475...........................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬الطعن يف احلكم التحكيمي‪477...................................................‬‬
‫أوال‪ :‬استئناف األمر الذي يقضي برفض أو قبول االعرتاف و التنفيذ‪477...........................‬‬
‫اثنيا‪ :‬الطعن ابلبطالن يف أحكام التحكيم‪479...................................................‬‬
‫اثلثا‪ :‬الطعن ابلنقض يف أمر االعرتاف حبكم التحكيم أو تنفيذه‪479................................‬‬
‫خامتة‪483..................................................................................:‬‬
‫قائمة املراجع‪493..........................................................................:‬‬
‫الفهرس‪523...............................................................................:‬‬
‫متت حبمد هللا‬
‫‪523‬‬
:‫ملخص‬
‫ النوع األول يتمثل يف التعويض وفق حد أقصى‬:‫قررت االتفاقيات البحرية الدولية أن يتم التعويض يف النقل البحري للبضائع وفقا لنوعني‬
‫كما أتثرت به تشريعات أخرى يف جماالت متعددة كالنقل الدويل‬،‫ال ميكن للقاضي جتاوزه و هو ميزة كان امليدان البحري السباق اليها‬
‫أما النوع الثاين فهو التعويض الكامل املطابق ل قيمة الضرر الالحق ابلبضاعة أو الناجم عن أتخريها يف التسليم طبقا‬، ‫اجلوي والربي‬
‫للقواعد العامة و يستفيد الناقل أو اتبعيه من التمسك بنظام احلد األقصى للتعويض املقرر لصاحلهم عند انعقاد مسؤوليتهم لوجود مربرات‬
‫ غري أاهم جديرين بتلك الرعاية القانونية كلما ارتكبوا غشا أوخطأ جسيما ألن هذه األفعال أو السلوكيات تعد وجها‬،‫اقتضاها مبدأ العدالة‬
‫لذلك حيرم مرتكبه من االستفادة مما قررته له التشريعات الدولية‬، ‫معاكسا و خمالفا حلسن النية و األمانة يف التعامل بني املتعاقدين‬
.‫والداخلية‬
:‫الكلمات املفتاحية‬
. ‫ الوحدة‬،‫ احلاوية‬،‫ الطرد‬،‫ التأخري يف التسليم‬،‫ التلف‬،‫ اهلالك‬،‫ املسؤولية احملدودة‬،‫احلد األقصى للتعويض‬
Résumé:
Les conventions internationales relatives au transport de marchandises ont prévus
deux types d’indemnisation en cas de dommage ou de sinistre. Le premier type est
une indemnisation selon des plafonds fixés par les conventions.Ce type
d’indemnisation qui est considéré comme une caractéristique du droit maritime s’est
par la suite étendu à d’autres domaines. Le deuxième type est une indemnisation
complète du dommage survenu aux marchandises ou dû au retard dans leur livraison
conformément aux règles générales. Le transporteur ou ses préposés peuvent
bénéficier du système de plafonnement de l’indemnisation dans le cas ou leur
responsabilité est engagée. Ils perdent cependant ce droit en cas de fraude ou de faute
lourde car de tels actes sont contraires au principe de bonne foi et de confiance entre
les contractants. Pour ces raisons, le transporteur sera privé du bénéfice des
dispositions juridiques tant internationales que nationales.

Mot Cles:
La limitation maximale de la compensation, responsabilité limitée, destruction,
Dommages, Retards dans la livraison, perte colis, Conteneur, unité.
ABSTRAT:
International conventions have decided that the compensation in the maritime
transport of goods according to two types: the first compensation according to the
measure cannot be bypassed, a function that dispatched the race towards it and were
assigned in another law in several areas.Then secondly an integral compensation
corresponding to the value of damage to property or resulting from delay delivery in
accordance with the general rules and benefit the carrier or his subordinates to adhere
to the maximum system of compensation. This is due to their provision at the time of
their liability the existence of justifications required by the principle of justice. But
they are worthy of the legal care and lose their right each time they commit a fraud or
a serious error. Because such acts or behaviors are opposite and the contrary of the
good faiths and the Secretariats in the treatment between the contractors, therefore,
the author is not allowed to benefit from the provisions of international and domestic
ligislations.
Key Words:
Maximum compensation, limited liability, loss, damage, delay in delivery, parcel,
container, unit.

You might also like