Professional Documents
Culture Documents
القانوني للتعويض في النقل البحري للبضائع - دراسة مقارنة
القانوني للتعويض في النقل البحري للبضائع - دراسة مقارنة
قائمة املختصرات
جريدة رمسية:ج ر
صفحة:ص
مقدمة
خيتلف وصف القانون تبعا للمحيط الذي تسري فيه قواعده ،فهو إما أن يكون قانوان
براي ،أو حبراي ،أو جواي ،أو قانوان للفضاء اخلارجي .و ملا كانت بداية حياة اإلنسان على
اليابسة فالقانون ظهر براي ونشأت يف ظل هذا القانون عدة تقسيمات تقليدية لفروعه بني
قانون عام وقانون خاص ،لكن عندما يسر هللا لإلنسان ركوب البحر ،حيث اكتشف رزقه و
استخرج منه احللي و الزينة وهلذا فقد أصبح البحر مسرحا لنشاطات متنوعة تباشرها
اجملتمعات .و قد كانت أول بداية لظهور القانون البحري متجسدة يف شكل أعراف حبرية
حتكم تلك األنشطة ،1حيث عرفت عند البابليني ،الفينيقيني واإلغريق مث نقلها الرومان
مضيفني هلا بعض القواعد كتقرير نيابة رابن السفينة عن جمهزها وهذا ما كان يعترب خروجا
على القواعد العامة اليت كانت سائدة عندهم.
إال أن هذا القانون مل يقف جامدا إزاء التطور الذي شهدته املالحة البحرية أبداهتا
األساسية أال وهي السفينة 2وامنا تطور بتطورها ،فقد بدأت املالحة البحرية بسفن شراعية
تصنع من اخلشب وتندفع بقوة الرايح ،مث تطورت إىل سفن خبارية و ذات حمركات إىل أن
وصلت اآلن يف صناعتها من احلديد الصلب وتندفع ليس مبحركات قوية فحسب بل زاد
التطور إىل حد بعيد حيث جعلها تسري ابلطاقة الذرية .هلذا كان البد للقانون البحري من
جماراة هذا التطور حىت تتالءم أحكامه مع حاجات املالحة البحرية وتطورها.3
-1حممود خمتار أمحد بريري ،قانون التجارة البحرية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ، 2000ص .3
- 2يرى األستاذ Pierre Bonassisesأبن قواعد الشريعة اإلسالمية أعطت اهتماما كبريا للسفينة وهي ختضع يف تنظيم مسائلها يف
الوقت احلايل و أكثر من أي وقت مضى لقواعد أمنية صارمة جدا يف أغلب دول العامل:
Cité par Mohammed Benamar, Les autorités et les organes en charge de la sûreté des
navires et des installations portuaires en Algérie (code isps), études de droit, Mélanges
en hommage à Abdallah Benhamou, ouvrage publié avec le sou tien du recteur de
l'université Abou-bekr Belkaid de Tlemcen, kounouz édition, année 2012,p 287.
-3حممد هبجت عبد هللا أمني قايد ،الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية ،اجلزء األول ،الطبعة الثالثة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة
،2008/2007ص.9
1
مقدمة
يف حني يعترب النقل البحري للبضائع أهم موضوعات القانون البحري و من أبرز
العمليات اليت تقوم هبا السفينة نظرا الزدهار املبادالت التجارية بني خمتلف دول العامل ،حيث
وجد التبادل التجاري وسيلته املفضلة يف النقل البحري.1
َ
كما حيتل هذا النوع من النقل مركز الصدارة بني وسائط النقل األخرى كالنقل الربي،
اجلوي ،النهري يف سبيل نقل التجارة العاملية بنسبة تقدر حوايل %85من حجمها
اإلمجايل .و غالبا مايبقى النقل البحري على وضعه املتميز نظرا لقدرة السفينة على التكيف
بشكل سريع مع متطلبات التكنولوجيا احلديثة يف إنتاج السلع ،كذلك ما تتميز به من سعة
استيعابية متكنها من استقبال البضائع املختلفة من حيث األنواع و األحجام الضخمة خاصة
احملتوات داخل احلاوايت ونقلها إىل موانئ دول بعيدة يف العامل .ضف إىل ذلك أن النقل
البحري يعد من أرخص وسائط النقل تكلفة يف أجور الشحن.2
إىل جوار ذلك فاجلزائر تعترب بلدا حبراي يتمتع بطول ساحله ،املقدر ب 1200كلم
املطل على البحر األبيض املتوسط و الذي يقرب من مفتاح احمليط األطلسي ،كماتقع موانئه
الكثرية على خطوط مالحية مع أوراب .لذلك تعتمد الدولة اجلزائرية يف جتارهتا اخلارجية على
البحر بنسبة 3%98و تتم معظم أنشطتها التجارية الدولية عرب 11ميناءجتاري.4
يتم النقل البحري للبضائع مبوجب عقد بني الناقل والشاحن على غرار سائر العقود ،
فحواه إيصال البضاعة من ميناء إىل ميناء آخر لقاء أجر ،إال أن هذا العقد يضل من قبيل
عقود اإلذعان ،حيث يصدر الناقل البحري سند الشحن الذي حيدد فيه مسبقا الشروط اليت
-1عاطف حممد الفقي ،قانون التجارة البحرية ،الطبعة األوىل ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية ،سنة ،2008ص .272
-فاروق ملش ،النقل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية )،الشنهايب للطباعة والنشر ،اإلسكندرية ،سنة ،1997ص.9
2
-3حممد بني عمار ،مفهوم السفينة يف القانون البحري اجلزائري ،اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية ،جامعة اجلزائر ،عدد
،1سنة ،1993ص .108
-4تتمثل هذه املوانئ التجارية يف :ميناء اجلزائر ،وهران ،عنابة ،سكيكدة ،أرزيو ،جباية ،مستغامن ،غزوات ،جيجل ،تنس ودلس :مسري
بوختالة،حممد زرقون ،نوال بن عمارة ،واقع وآفاق تطوير قطاع النقل يف اجلزائر ودوره يف التنمية االقتصادية ،اجمللة اجلزائرية للتنمية
االقتصادية ،جامعة قاصدي مرابح ،بورقلة ،،عدد،6جوان ،2017ص.53
2
مقدمة
تالئمه وال ميكن للشاحنني مناقشة تلك الشروط ،اليت غالبا ما تكون يف غري صاحلهم وعلى
هذا خيتل التوازن العقدي .
هذا الوضع اضطر الشاحنني للقبول ابلشروط املقررة يف عقد النقل ،نظرا حلاجتهم
املاسة لنقل بضائعهم ابستمرار فال يستطيع هؤالء االستغناء عنها .و مما زاد يف القضاء على
أماهلم هو وقوف احتاد الناقلني أمامهم ملا أصبح يتمتع به هذا األخري من احتكار فعلي
،فضال عن متاثل شروط النقل يف سندات الشحن. 1
يف غالب األحيان ما كانت شروط اإلعفاء من املسؤولية هي السائدة يف النقل
،clauseفتضاعف إمهال الناقلني و style البحري إىل حد أن أصبحت شروطا مألوفة
اتبعيهم اعتمادا على عدم مسؤوليتهم ،حىت جاز القول أبن تنفيذ عقد النقل البحري أصبح
رهنا مبشيئة الناقل.
مل يكن التأمني البحري على البضائع لريفع وطأة هذه الشروط الرتفاع أقساط التأمني
بسبب عدم مسؤولية الناقل .و مل يكن الشاحنون وحدهم يف ميدان الكفاح ضد الناقلني بل
انضم اليهم املؤمنون ،الذين كان يستحيل عليهم الرجوع على الناقلني بعد قيامهم بتعويض
الشاحنني عن األضرار الالحقة ببضائعهم بسبب شروط اإلعفاء من املسؤولية .كما تضررت
البنوك من ضعف القيمة االئتمانية لسندات الشحن و هي اليت تقوم على أساسا على
االعتمادات املستندية ،اليت متنحها البنوك لعمالئها بسبب ما يدون الناقلون يف هذه
السندات من شروط ظاملة و من حتفظات خاصة ابلبضاعة املشحونة ،2مما أدى إىل تعطيل
الضمان املقرر للبنوك .
بينما ترتب على مطالبات الشاحنني املستمرة إبلغاء شروط الناقلني اخلاصة ابإلعفاء
من املسؤولية استجابة بعض الدول إىل هذه املطالب ،خاصة تلك اليت تعتمد أساسا يف
جتارهتا على التصدير دون النقل ،كما كان احلال عليه يف الوالايت املتحدة األمريكية .فقد
3
مقدمة
كانت فيما مضى تصنف من ضمن الدول الشاحنة، 1مما دفع أبمريكا إىل إصدار قانون
املسمى ابسم واضعه "هارتر" ،يف 13فرباير سنة Harterو "هارتر" األمريكي الشهري
،1893الذي قضى ببطالن شروط اإلعفاء من املسؤولية عن األخطاء التجارية املتمثلة يف
اخلطأ ،أو اإلمهال يف شحن البضاعة ،أو رصها و احملافظة عليها وتسليمها إىل املرسل إليه.
إن بطالن هذه الشروط هو من النظام العام إذ ال جيوز االتفاق على خالفه ،غري أنه يف
املقابل قضى القانون هارتر إبعفاء الناقل من املسؤولية عن األخطاء املالحية و دون احلاجة
للنص على ذلك يف سند الشحن صراحة .وتلك األخطاء هي ماينشأ عن فعل الرابن
والطاقم البحري املرافق له مبناسبة إدارة السفينة أو قيادهتا ،بشرط أن يثبت الناقل أنه قام
ببذل العناية الكافية جلعل السفينة جمهزة وصاحلة للمالحة البحرية.2
و هبذا ميكن القول أن قانون "هاتر" يعد أول قانون يُظهر الفرق بشكل واضح بني
األخطاء التجارية fautes commercialesواألخطاء املالحية fautes nautiquesابلنسبة
ملسؤولية الناقل البحري للبضائع .و قد فرضت الوالايت املتحدة األمريكية قانون "هارتر"
داخليا و حىت على مستوى اخلارجي يف عقود النقل الدولية ،اليت تربطها ابلدول األجنبية و
قد طبق القضاء األمريكي أحكام هذا القانون الزاميا على النقل املنطلق من موانئ الوالايت
املتحدة األمريكية وعلى النقل املتجه إليها. 3
على العموم فقد القى هذا قانون استحساان عاما لدى الدول ابعتباره أصبح يتسم
ابلعدالة و االتزان لذلك تضمنته بعض التشريعات الداخلية وحىت الدولية ،حيث أقدمت
1
- René Rodiére, Emmanuel du Pontavice, Droit maritime, 12éme édition Dalloz.
Delta 1997, p303.
-وتعترب اجلزائر من الدول الشاحنة حيث أن السفن اجلزائرية ال تنقل سوى حوايل %20من التجارة اخلارجية بينما ما يزيد عن% 80
منها تنقله السفن األجنبية :ملزي عبد الرمحن ،نظام املسؤولية احملدودة يف عقد النقل البحري ،رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص ،جامعة
اجلزائرسنة ،2007/2006ص.7
-2مسيحة القليويب ،القانون البحري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،1987ص.286
3
-René Rodiére et du pontavice, op.cit, p303et s.
4
مقدمة
L’association de droitعلى عقد مؤمتر الهاي international مجعية القانون الدويل
سنة . 1921و قد ضم هذا املؤمتر ممثلني عن كافة الدول البحرية يف حماولة إلقرار تشريع
دويل موحد يستمد نصوصه من قانون "هارتر" األمريكي ،فتم اخلروج من هذا املؤمتر
مبجموعة من القواعد اليت تنظم مسؤولية الناقل البحري تعرف بقواعد الهاي.1921
غري أن القواعد األخرية مل تكن ملزمة حيث اقتصر أثرها على احلاالت اليت يتفق
األطراف على األخذ هبا ،فالصفة االختيارية هلذه القواعد انلت من أمهيتها . 1و هو ما كان
حاجزا أمام توحيد القانون الدويل ،مما دفع ابلدول إىل االتفاق على وضع قواعد ملزمة حتكم
النقل البحري بسندات الشحن .إن التطبيق اإلجباري للقانون الدويل كان أهم دافع لظهور
معاهدة بروكسل لسنة 1924املتعلقة بتوحيد بعض األحكام سندات الشحن. 2
ضلت هذه االتفاقية أربعني عاما مل يرتفع خالهلا صوت يف األوساط العملية يطالب
بتعديلها ،لكن النظريون وجهوا إليها انتقادات كثرية ،كغموض نصوصها و امهال القواعد
اليت ختص نطاق تطبيق هذه املعاهدة و كذلك قصور األساس الذي اختذته لتعيني احلد
األقصى للمسؤولية .و لعل أكثر ما تناوله النقد كان خبصوص حاالت اإلعفاء من املسؤولية
السيما املتعلقة ابخلطأ املالحي الذي أسيئ استعماله يف امليدان حىت صار مبثابة ستار حيتمي
به الناقل ،كلما تعذر عليه التمسك ابلدفوع األخرى لإلفالت من املسؤولية.3
إن السبب الذي زاد األمر سوءا هو عندما جرى العمل على أوضاع احنرفت هبا
االتفاقية عن األهداف اليت كانت منتظرة منها ،من ذلك مثال ذيوع استعمال خطاابت
الضمان ،اليت يقدمها الشاحن إىل الناقل نظري قبول هذا األخري اصدار سند شحن نظيف
1
-Georges Ripert, droit maritime, crédit maritime, fortune de mer, transport maritime,
tome II, édition Rousseau, 1930, p778.
-2دخلت اتفاقية بروكسل لسنة 1924املتعلقة بتوحيد بعض قواعد سندات الشحن حيز التنفيذ يف سنة ،1931انضمت إليها اجلزائر
مبوجب املرسوم 70-64املؤرخ يف ،1964/04/07ج ر عدد ،29الصادر يف ،1964/04/07لكنها مل تصادق على بروتوكويل
تعديل هذه املعاهدة اللذان وقعا يف سنيت . 1979 ، 1968
- 3حمسن شفيق،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع(اتفاقية هامبورغ بتاريخ 31من مارس ،1978دار النهضة العربية،
القاهرة ،سنة ،2000ص 111وما يليها.
5
مقدمة
خال من التحفظات بشأن البضاعة مع وجود ما يربر إضافة هذه التحفظات ،مما أفسد الثقة
يف سند الشحن و زلزل األمل يف أن يكون حمل ثقة بعد ما أودعت فيه البياانت عن احلالة
احلقيقية للبضاعة.1
لقد جاء أول نداء لتعديل االتفاقية يف مطلع الستينات ،من طرف أكثر ذوي الشأن
رضاءا عنها و هم مالك السفن اإلجنليز .وذلك أعقاب صدور حكم جملس اللوردات يف
قضية السفينة 2 Muncaster Castleالذي أدان الناقل ابملسؤولية و رفض الدفع الذي
متسك به استنادا إىل أن الضرر حدث بسبب عيب خفي يف السفينة ،مل تكشف عنه العناية
الواجبة وهو من أسباب اإلعفاء ،املنصوص عليها يف املادة الرابعة من االتفاقية .و قد أقلق
الناقلني تشدد احملكمة يف تفسري هذا النص فعقدوا االجتماعات يف نواديهم ملناقشة احلكم و
غريه من مسائل االتفاقية و قرروا املطالبة بتعديلها ،دون أن تلقى مطالبهم ابدئ األمر أذان
صاغية لدى مالك السفن يف الدول األخرى.3
Comité Maritime International عقب ذلك أخذت اللجنة البحرية الدولية
على عاتقها عقد عدة مؤمترات يف "ستوكهومل" سنيت 1963و1967مث يف بروكسل سنة
1968ويف هذه الدورة مت االتفاق على مجلة من التعديالت وعلى إصدارها يف شكل
بروتوكول مت التوقيع عليه يف اجللسة اخلتامية بتاريخ 23فرباير .1968و قد دخل هذا
الربوتوكول حيز النفاذ يف 23جوان .1973
من بني املسائل اهلامة اليت عاجلها هذا الربتوكول هي توسيع نطاق تطبيق االتفاقية،
حسب ما ورد يف نص املادة ، 5اليت مبوجبها حذف نص املادة 10و مت استبدال الوحدة
احلسابية للحد األقصى للتعويض واضافة الوزن كضابط حلساب مبالغ التعويض عند استفادة
الناقل أو اتبعيه من حدود املسؤولية .كما وضح هذا األخري الطريقة اليت حيسب هبا التعويض
-1املرجع السابق،ص.112
2
-Voir: René Rodiére, Droit maritime, les contrats de transport de marchandises, tome
II, librairie Dalloz, paris1968, p371.
-3حمسن شفيق ،املرجع السابق ،ص 15وما يليها.
6
مقدمة
عن هالك البضائع أو تلفها يف حالة نقلها داخل حاوايت ،ابإلضافة إىل بيان حاالت
سقوط حق الناقل من التمسك ابحلد األقصى للتعويض .وذلك تطبيقا لنص املادة الثانية اليت
ألغت الفقرة 5من املادة 4من معاهدة بروكسل األصلية .
غري أن احلال مل يستقر على ذلك و انطالقا من نفس الغاية و يف حماولة من اجملتمع
البحري من أجل جتديد معاهدة بروكسل لسنة 1924وبقائها مت إقرار بروتوكول آخر
لتعديل بروتوكول لسنة 1968و هو ما يعرف بربوتوكول بروكسل لسنة ، 1979الذي
دخل حيز التنفيذ ابلنسبة للدول اليت صادقت عليه ،أو انضمت إليه يف 14فرباير .1984
و على العموم مل أيت بشيء هام إال فيما يتعلق بتغيري الوحدة احلسابية للتعويض.
ارتباطا مبا سبق فقد تطورت وسائل النقل بشكل كبري ،حيث مل يعد النقل البحري
ابخلطورة اليت كان عليها عندما وضعت قواعد بروكسل لسنة 1924و ذلك راجع إىل ما
أصبحت تتمتع به السفن من املتانة و قدرهتا على مواجهة خماطر البحر ،كذلك إىل التطور
التكنولوجي يف جمال التنبؤ ابلتقلبات املناخية مما أدى إىل ختفيض يف حجم األضرار و
تقليص حاالت اإلعفاء من املسؤولية ،اليت كان يتمتع هبا الناقلون يف ظل معاهدة بروكسل.
كما أن النقل البحري مل يعد حكرا على الدول املتقدمة بل انضمت إليه بعض الدول النامية
.وذلك ما ترتب عنه وجود احلاجة لوضع قواعد جديدة تنظم عمليات النقل عن طريق
البحر.1
ابلرغم مما أحرزته اتفاقية بروكسل من التقدم ،إال أاها تضل يف كثري من أحكامها يف
غري صاحل الشاحنني ،األمر الذي أدى حتت وطأة الضغط الشديد من جانب دول الشاحنة
و أغلبها تعترب دول انمية إىل إبرام معاهدة جديدة 2يف مدينة "هامبورغ" أبملانيا تعرف ابتفاقية
-لطيف جرب كوماين ،مسؤولية الناقل البحري ،الطبعة األوىل ،الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان -
1
7
مقدمة
األممم املتحدة للنقل البحري للبضائع يف 31مارس . 1978كما تعرف اختصارا بقواعد
هامبورغ و قد دخلت هذه االتفاقية حيز النفاذ اعتبارا من أول ديسمرب .1992و على
هذا فقد أصبح اجملتمع الدويل اليوم مقسما إىل ثالث طوائف يف العامل :طائفة من الدول
حتكمها معاهدة بروكسل لسنة 1924و طائفة أخرى حيكمها بروتوكول فيسيب لسنة
1968و آخر طائفة حتكمها معاهدة هامبورغ لسنة .1978
عقب تلك األحداث كانت هناك حماولة أخرى للجنة األمم املتحدة القانون التجاري
من أجل توحيد القانون البحري الدويل،حيث أخذت اللجنة على CNUDCI الدويل
عاتقها مشروع إعداد اتفاقية جديدة تتعلق بعقود النقل الدويل للبضائع عن طريق البحر
جزئيا أو كليا املسماة بقواعد روتردام لسنة .2008مل تدخل هذه املعاهدة حيز النفاذ
بسبب عدم وصوهلا النصاب القانوين و هو مصادقة 20دولة ،حسب ما جاء يف املادة94
من هذه األخرية .و ابلرغم من توقيع 21دولة عليها غري أاها مل حتظى سوى مبصادقة 3
دول فقط. 1
يف هذا اإلطار قضت هذه املعاهدة أبن قواعدها جتمع بني قواعد تنظم أحكام النقل
متعدد الوسائط و النقل البحري الذي يتم بواسطة واحدة.كما استندت يف بعض نصوصها
إىل االتفاقيات اليت سبقتها يف تنظيم النقل البحري للبضائع السيما اتفاقية بروكسل
وبروتوكول تعديلها لسنة 1968و كذلك إىل معاهدة هامبورغ لسنة .21978
ابإلضافة إىل ذلك هتدف معاهدة روتردام إىل توفري جمال قانوين أيخذ بعني االعتبار
العديد من التطورات التكنولوجية والتجارية اليت حصلت يف جمال النقل البحري منذ اعتماد
تلك االتفاقيات اليت سبقتها ،مبا يف ذلك املستجدات اليت شهدها النقل ابحلاوايت و الرغبة
يف خدمات النقل من ابب خمزن املصدر إىل ابب خمرن املستورد مبوجب عقد واحد .كما
-1الدول اليت صادقت عليها هي إسبانيا ،التوغو ،الكونغو، WWW.UNCITRAL.org :اتريخ الدخول إىل املوقع
، 2014/2/08التوقيت .13:40
-2اميان حسن اجلميل ،سند الشحن ودوره يف النقل البحري ،املكتب اجلامعي احلديث ،اإلسكندرية ،سنة ،2013ص.95
8
مقدمة
جاءت بثالث مبادئ جديدة و هي :النص على واثئق النقل اإللكرتونية ،حق السيطرة و
أحكام أخرى بشأن العقد الكمي. 1
على الصعيد الداخلي ابلنسبة للجزائر فبعد العهد العثماين و حبكم االستعمار
الفرنسي ضلت قواعد القانون التجاري الفرنسي الصادر يف 21807/09/15هي املطبقة
يف اجلزائر من أجل تسري أمورها البحرية .و ذلك مبوجب املرسوم ، 1916/07/18الذي
قضى بتطبيقه يف مجيع املستعمرات الفرنسية ،فقد بقي األمر على ذلك احلال حىت بعد
االستقالل مبقتضى األمر 157/ 62املؤرخ يف ،1962/12/31حيث نص على استمرار
العمل ابلقوانني الفرنسية إال ما خالف منها السيادة الوطنية .و مل يتوقف العمل ابلقوانني
الفرنسية إىل غاية صدور األمر رقم 29املؤرخ يف 5جويلية 1975الذي تقرر مبوجبه إلغاء
األمر .157/62
بينما كانت القوانني البحرية اجلزائرية يف بدايتها تصدر تدرجييا ابتداءا من سنة1963
،فقد كانت عبارة عن جمموعة من املراسيم و بعد صدور كل من القانون التجاري واملدين
سنة 1975قامت وزارة النقل إبعداد مشروع لتنظيم املعامالت البحرية مسي ب "قانون
املالحة البحرية" ،مث أدخلت عليه بعض التعديالت لتتم املصادقة عليه يف 1976/10/23
9
مقدمة
حتت اسم "القانون البحري" .1فقد أصدر مبوجب األمر 80/76و قد مت تعديله مبوجب
القانون 05/98بتاريخ . 21998/6/25
لقد اشتمل هذا التعديل على ستة مواد و هي كالتايل،805 ،739 ،765 :
801 ،801 ،802مكرر .1و لعل ما يهمنا من هذه املواد هي املادة 805ق ب ج اليت
تتعلق ابحلدود القصوى للتعويض،املرتتب عن هالك البضاعة أوتلفها أو الضرر الناجم
أتخريها يف الوصول.
يعترب التعويض جزاءا للمسؤولية الثابتة على الناقل البحري للبضائع ،إذا ينشأ احلق فيه
عندما تتعرض البضائع ألضرار أثناء نقلها يف البحر واليت قد تنجم عن متايل السفينة
واهتزازها .عالوة على خماطر املالحة البحرية اليت حتيط ابلسفينة أثناء رحلتها الطويلة فمن
بديهي و احلال كذلك أن تربز مسؤولية الناقل البحري ابعتبارها أهم ما يثور عمال أمام
احملاكم من بني شىت موضوعات النقل البحري و القانون البحري عموما.3
اقتضى هذا احلال من التشريعات الدولية و الداخلية الفصل يف النزاعات اليت تنشأ بني
املتعاقدين و احلكم على الناقل البحري عند قيام مسؤوليته بتعويض عادل جيرب الضرر الذي
يلحق البضاعة حمل عقد النقل الدويل .لذلك يُعترب التعويض لب القانون و جوهره ،مما
يضفي على موضوع البحث قيمة علمية هامة ،كانت من بني األسباب اليت دفعتين الختيار
البحث يف النظام القانوين للتعويض يف النقل البحري للبضائع كموضوع هلذه الرسالة .كما
حثين ذلك على املثابرة والصرب على املعاانة اليت صادفتها يف سبيل الوصول إىل النتيجة
املرجوة.
-1حممد بن عمار ،اإلطار القانوين الستغالل السفينة ،اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية ،جامعة اجلزائر ،عدد ،4سنة
،1998ص 84وما يليها.
-2الذي عدل بدوره ابلقانون 04-10املؤرخ يف 15أوت ، 2010ج ر رقم ، 46الصادرة يف 2أوت . 2010
-3حممد السيد الفقي ،أساسيات القانون البحري والتجاري ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،سنة ،2009اإلسكندرية ،سنة ،2016
ص.258
10
مقدمة
ابملوازاة مع ذلك فإن اجلزائر ال زالت تصنف من بني الدول الشاحنة األمر الذي حدد
اهلدف الذي نسعى إليه و هو الوصول إىل نتيجة ختدم مصاحل الشاحنني هبا .ومن جهة
أخرى إزالة الصعوابت أمام القاضي و املتقاضي يف فهم القواعد اليت تنظم مشكالت
التعويض عن األضرار النامجة يف النقل البحري للبضائع .و هذا ال يكون إال من خالل
دراسة جدية تكشف عن خبااي نصوص االتفاقيات الدولية وأعماهلا التحضريية حىت يتسىن
لنا احلكم على إحداها ابلتفوق يف توفري محاية قانونية أكثر للدول الشاحنة و حتقيق التوازن
يف املصاحل بني الدول املتعارضة دون تغليب طرف على آخر .
كما يقتضي ذلك منا أال ننسى املوضوعية يف البحث و أيضا الرجوع إىل التطبيقات
القضائية على اختالفها ،خاصة وأن القضاء اجلزائري على مستوى املنازعات الدولية مل
تصادفه قضااي يف هذا الشأن إال حكما وحيدا.1و ذلك ألنه غالبا ما يلجأ الفرقاء يف عقد
النقل الدويل إىل التحكيم البحري يف منازعات التعويض النامجة عن هذا العقد .
فضال عن ذلك تندرج هذه الدراسة حتت عنوان" :النظام القانوين للتعويض يف النقل
البحري للبضائع -دراسة مقارنة ."-و جتدر اإلشارة إىل أن هناك من تعرض جلزء من هذا
املوضوع يف رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص حتت عنوان ":نظام املسؤولية احملدودة يف النقل
البحري جبامعة اجلزائر ،يف سنة ،"2007/2006حيث تناول فيها الباحث ملزي عبد
الرمحن املسؤولية احملدودة للناقل البحري للبضائع يف اتفاقييت بروكسل و اتفاقية هامبورغ مع
إشارة ما جاء به املشرع اجلزائري يف القانون البحري .حيث أن ما جاء به هذا الباحث يبقى
أحد حمورين حيتويهما النظام القانوين التعويض يف النقل البحري للبضائع و الذي ال تكتمل
الدراسة إال مبعاجلة احملور الثاين و املتمثل يف التعويض الكامل .هذا ما يستشف عند سقوط
حق الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض ،أو عند تقدمي الشاحن بياان عن قيمة
- 1قرار صادر عن احملكمة العليا بتاريخ ،2007/02/70ملف رقم ، 391372منشور يف اجمللة القضائية ،،اإلجتهاد القضائي للغرفة
التجارية والبحرية ،العدد األول ،سنة ، 2007ص. 351
11
مقدمة
البضاعة ونوعها يف سند الشحن ،أو عندما يتفق الطرفان على مبلغ من التعويض يتطابق مع
القيمة احلقيقية للبضاعة .و هذا ما سيأيت التطرق إليه تفصيال يف الباب الثاين من هذه
الدراسة.
كذلك تعترب من بني األمور املستجدة يف هذه الدراسة هو إدخال اتفاقية جديدة يف
نطاق املقارنة و هي اتفاقية روتردام لسنة ، 2008مع ضرب األمثلة أحياان عن بعض
القوانني أو األحكام القضائية اليت تطلب ذكرها كأحسن مثال عند صمت االتفاقيات
الدولية يف تنظيم مسائل التعويض أو قصر نظرها بشأنه.
لكن عندما نبحث يف موضوع التعويض عن النقل البحري للبضائع فإننا نقصد به
ذلك التعويض املرتتب عن مسؤولية الناقل البحري و اليت تقوم على هذه الصفة ،أي بوصفه
انقال مرتبطا بعقد النقل .وعليه نستبعد من البحث املسؤولية اليت تنشأ على وصف آخر
غري كونه انقال . 1إن املسؤولية على هذا االعتبار تكون عقدية ،تقوم عند اإلخالل بتنفيذ
االلتزام الذي ألقاه على عاتقه عقد النقل 2و القواعد العامة و اجملموعة البحرية فيما يتفق مع
نصوصها مع طبيعة عقد النقل ،إذ يرتب عقد النقل يف ذمة هذا األخري التزاما أساسيا بنقل
البضاعة .كما يتفرع عن هذا اإللتزام التزامات أخرى تصب كلها يف إيصال البضاعة سليمة
و كاملة للمرسل إليه و يلزم الرجوع يف ذلك إىل النصوص القانونية وإىل العرف اجلاري و
بناءا على هذا الطرح فال يسأل الناقل إذا مل يقم مبا يقتضيه بواجب مل ينص عليه يف العقد و
أو القانون و مل جيري به عرف.3
على الرغم من ذلك فليس هناك ما يربر اعتبار مسؤولية الناقل تقصريية ،طاملا ارتبط
بعقد نقل مع الشاحن يثبته سند الشحن ،فال ميكن اللجوء إىل قواعد املسؤولية التقصريية
-1ما خيرج عن نطاق الدراسة هو املسؤولية التقصريية ملالك السفينة بسبب خطأ الرابن أو أحد أفراد الطاقم البحري عند وقوع تصادم بني
سفينتني أو أكثر وما يتسبب ذلك من أضرار للسفن وحلمولتها و ركاهبا أو مسؤوليته عن األضرار اليت تسببها السفينة لرصيف امليناء.
-2لطيف جرب كوماين ،املرجع السابق ،ص 30وما يليها.
-3علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،1987ص 255وما بعدها.
12
مقدمة
أبي حال من األحوال حىت و لو نشأ الضرر الذي تعرض له املرسل إليه من غش الناقل أو
خطأه اجلسيم إذ تبقى قواعد املسؤولية العقدية هي مدار املساءلة ألاها أخص من التقصريية ،
فهي حتدد املسؤول بشكل اثبت و هو الناقل .فيما تفرض قواعد املسؤولية التقصريية واجبا
عاما على اجلميع بعدم اإلضرار ابلغري و تقضي القواعد العامة تغليب اخلاص على العام
،بينما ذهب البعض إىل أن املسؤولية العقدية تتحول إىل تقصريية يف حاليت الغش و اخلطأ
اجلسيم وقد جاء ذلك مبناسبة تربير مشول التعويض عن الضرر يف احلالتني املذكورتني ملا كان
متوقعا منه ومامل يكن متوقعا.1
إن احلاالت اليت تدعو ملسؤولية الناقل و هي تعرب عن الضرر يف النقل البحري للبضائع
تنقسم إىل ثالث :هالك البضاعة ،أو تلفها ،أو اخلسارة اليت تنجم عن أتخريها يف التسليم
إىل املرسل إليه يف امليعاد املتفق عليه ،أو حسب ما يقضي به العرف إذا سكت العقد عن
بيان ذلك.
بشكل مماثل وسوآءا طبق القانون البحري الدويل أو كانت إحدى التشريعات الوطنية
هي واجبة التطبيق فإنه عند وقوع ضرر للبضائع ،اليت تعهد الناقل بنقلها فإن القواعد املتعلقة
ابلتعويض يف النقل البحري للبضائع ال خترج عن نظامني :
فأما النظام األول فهو نظام احلد األقصى للتعويض الذي يعترب نظاما استثنائيا انشق
عن التعويض الكامل وأصبح مسة ختص مسؤولية الناقل وقد كان القانون البحري 2السباق
اليها .و به أخذت االتفاقيات الدولية الثالث (بروكسل لسنة ،1924هامبورغ لسنة
14
مقدمة
معاانة الشاحنني من غياب نصوص دولية حتقق أماهلم يف حتقيق التوازن العقدي ومواصلة
كفاحهم ضد شروط اإلعفاء من املسؤولية ،الذي كان كما رأينا يف غالب األحيان لصاحل
الناقلني .يضاف إىل ذلك ما قدمه التطور التكونولوجي املستمر لصناعة السفن من سرعة يف
إمتام النقل البحري و ختفيض األضرار اليت كانت قليال ما تنجو منها احلمولة املنقولة و هذا
ما انعكس على النقل البحري للبضائع و اقتضى تعديل القواعد اليت مل تستطع جماراة هذه
الثورة التكنولوجية.
أما االعتماد على املنهج املقارن فإنه يرجع إىل ارتباط موضوع الدراسة بعقد نقل دويل
،إذ خيتلف فيه قانون ميناء الشحن عن قانون ميناء التفريغ مما يؤدي إىل تنازع القوانني
،لذلك كان توحيد القانون البحري ضرورة و غاية سامية البد لالتفاقيات الدولية من حتقيقها
،حىت ال تتباين القوانني و ابلتايل تتفاوت احلقوق ومييل قضاء الدول الناقلة لصاحل رعاايها و
تبقى الدول النامية حتت توجيهها .و يف سبيل حتقيق ذلك كان ينبغي علينا إجراء مقارنة بني
اتفاقية بروكسل لسنة ،1924اتفاقية هامبورغ لسنة ،1978اتفاقية روتردام لسنة 2008
حىت نكتشف عن القواعد القانونية اليت تكفل شيئا من احلماية للشاحن و ترفع الغنب عن
الدول املغلوب أمرها يف جمال النقل البحري للبضائع .فضال عن ذلك فاملنهج املقارن ال تكاد
الدراسات القانونية ختلو منه ألن أي نظام قانوين ال ميكن اكتشاف ما به من عيب أو قصور
إال مبقارنته مع غريه من القوانني.
كما اعتمدان على املنهج التحليلي ويظهر ذلك من خالل اجلداالت الفقهية الكثرية
اليت كشف عنها البحث ،اليت كانت بسبب الغموض الذي كان يشوب نصوص معاهدة
بروكسل املذكورة يف الغالب ،أو من خالل صمت االتفاقيات الدولية مجيعها حول إبراز
بعض التعريفات الضرورية كالطبيعة القانونية للحد األقصى للتعويض ،مفهوم الطرد ،الوحدة
و فكرة الغش و اخلطأ اجلسيم ،مما دفع ذلك بكل فقيه لكي يدلو بدلوه يف هذا الشأن .
15
مقدمة
فضال عن ذلك رجوعنا إىل التطبيقات اليت أخذ هبا القضاء الدويل وابألخص الفرنسي،
البلجيكي ،اإلجنليزي ،الكندي و األمريكي ،مع ضرب أمثلة عن قضاء بعض الدول العربية
كالكويت ،لبنان ،مصر و املغرب.
ترتيبا على ما تقدم سنتعرض لدراسة النظام القانوين للتعويض يف النقل البحري
للبضائع يف االتفاقيات الدولية ،من أجل استظهار مواطن التشابه واالختالف بني هذه
القواعد الدولية مع التعرض للتطورات اليت أثرت عليها ،دون أن ننسى اإلشارة إىل ما جاء به
القانون البحري اجلزائري يف كافة اجلزئيات اليت تضمنها الدراسة،من خالل خطة حاولنا
اعطاءها الدقة واالنسجام .لذلك اقتضى األمر تقسيم موضوع الدراسة إىل اببني :نظام احلد
األقصى للتعويض(ابب أول) ،نظام التعويض الكامل(ابب اثين).
16
الباب إلأول:
ي عت ل ل صق لا
نظام د إلأ ى و ض
ح
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يرجع تقدير التعويض املدين ،الناشئ عن املسؤولية العقدية كأصل عام إىل قاضي
املوضوع .و هذا ما مل يتفق طرفا العقد على مقدار معني من التعويض ،أو ينص القانون على
ذلك ،طبقا ملا تقضي به القواعد العامة يف القانون املدين .1فعندما تنعقد مسؤولية الناقل
البحري يكون من حق املضرور استيفاء مبلغ التعويض عن األضرار الالحقة ابلبضاعة اليت
تعهد إبيصاهلا سليمة و كاملة العدد ،يف الوقت والزمان املتفق عليها وفقا لعقد النقل.
أتسيسا على ذلك فإذا تضمن القانون نصاً يضع حدا أقصى ملبلغ التعويض فإن
القاضي يكون ملزما بعدم جتاوز ذلك احلد القانوين الوارد يف القانون البحري .و يف هذا االجتاه
حاولت االتفاقيات البحرية الدولية توحيد مبلغ التعويض املرتتب على مسؤولية الناقل البحري
،عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول إىل صاحبها مبقتضى عقد النقل الدويل.
كما أاثر نظام احلد األقصى للتعويض جدال فقهيا حول مربرات هذا النظام وعن مدى
أتثريه على التوازن العقدي يف جمال النقل البحري للبضائع ،مما يدفعنا إىل البحث يف هذا
املوضوع ،من خالل طرح التساؤل التايل :ماهي األسباب اليت دفعت بواضعي القواعد الدولية،
اليت حتكم عقد النقل البحري من تقرير حد للتعويض خالفا للقواعد العامة ،اليت تقضي أبن
جرب الضرر ال يكون إال ابلتعويض الكامل أو ابتفاق املتعاقدين؟
ابإلضافة إىل ذلك فإن وضع سقف للتعويض مببلغ معني ال يقتصر أثره على تقييد
سلطة القاضي و إمنا ميتد إىل حرية املتعاقدين يف االتفاق على تقدير مبلغ التعويض أيضا .و
احلد األقصى للتعويض الذي جاءت به االتفاقيات الدولية هو يف احلقيقة غري مطابق للقيمة
احلقيقية للضرر احلاصل يف حالة هالك البضاعة ،أو تلفها ،أو أتخري يف تسليمها و هو ما
يعترب خاصية متيزت هبا قواعد النظام القانوين لعقد النقل البحري للبضائع .بناءا على ما تقدم
فقد مت تقسيم هذا الباب إىل فصلني :األول يتعرض ملفهوم احلد األقصى للتعويض ونطاق
تطبيقه ،أما الثاين فيعاجل تقدير احلد األقصى للتعويض.
-1املادة 182ق م ج من األمر 58-75املؤرخ يف 1975/09/26املعدل و املتمم ابلقانون 10-05املؤرخ يف 20جوان 2005و
القانون رقم 05-07املؤرخ يف 2007/05/13املتضمن القانون املدين اجلزائري، .ج رعدد 31الصادر يف .2007/05/13
17
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفصل األول:
مفهوم احل ّد األقصى للتعويض ونطاق تطبيقه
لقد اعتاد التشريع الدويل 1على استعمال عدة مصطلحات للداللة على نظام احلد
األقصى للتعويض مثل حتديد املسؤولية ،كما أضاف بعض الفقه الفرنسي إىل ذلك عبارات
أخرى كتحديد مقدار التعويض .وكل هذه املصطلحات ال تؤدي وظيفتها للداللة على املعىن
املقصود من وراء استعماهلا و ذلك ألاها تثري غموضا ،أو فهما خاطئا لدى القارئني العوام.
ويستثىن من هذه الطائفة أهل االختصاص ورجال القانون ،الذين آلفوا تداول هذه العبارات
من خالل استقراء أحكام االتفاقيات الدولية .حىت و إن قصدت هذه األخرية من وراء تلك
األلفاظ املذكورة حدا أقصى للتعويض يلتزم الناقل بدفعه عند ثبوت مسؤوليته عن هالك
البضاعة أو تلفها أو التأخري يف تسليمها إىل املرسل إليه فإاها مل حتسن اختيار العبارات
الواضحة و الدقيقة للوصول إىل املعىن املراد على النحو املذكور .
كما أن االستفادة من حق املسآءلة وفق قاعدة احلد األقصى للتعويض هو ليس مقصورا
على الناقل وحده فقط و إمنا يتعداه إىل أن يستفيد اتبعوه منه .لكن لن يكون هلم احلق يف
ذلك إال بتحقق عالقة التبعية بني الناقل و هؤالء التابعني ،لذلك كان ال بد من التطرق ملفهوم
احلد األقصى للتعويض (مبحث أول) ،نطاق تطبيقه (مبحث اثين).
املبحث األول:
مفهوم احل ّد األقصى للتعويض
إذا كانت مسؤولية الناقل البحري للبضائع أهم موضوعات القانون البحري ،فإن نظام
احلد األقصى للتعويض هو جوهر هذه املسؤولية ،حيث أخذ هذا األخري اهتماما دوليا كبريا
نظرا ملا كانت تطمح إليه احلكمة التشريعية من خالل تقرير مبالغ قصوى يف مسؤولية الناقل
البحري ،عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول إىل املرسل إليه .أي على خالف
-1تتمثل هذه التشريعات الدولية يف اتفاقييت بروكسل لسنة 1924واتفاقية هامبورغ لسنة .1978
18
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
احلالة اليت مت وصفها هبا يف سند الشحن .و يعترب نظام احلد األقصى للتعويض نوعا جديدا
من التعويض الذي خيرج عن القواعد العامة ،لذلك يقتضي األمر البحث يف بيان حقيقة هذا
النظام و الضرورة اليت دفعت ابإلرادة الدولية لوضعه .و بناءا على هذه املعطيات كان من
الواجب التعرض للمقصود من احلد األقصى للتعويض،طبيعته القانونية و مربراته(مطلب
أول)،أساس املسؤولية احملدودة والشروط املتصلة هبا(مطلب اثين).
املطلب األول:
تعريف احلد األقصى للتعويض و طبيعة القانونية و مربراته
لقد لقيت فكرة احلد األقصى للتعويض استحساان عاما لدى الكثري من الدول لذلك
تضمنته التشريعات البحرية الداخلية ،كما انتقل إىل اتفاقيات دولية حتكم جماالت آخرى
CMR للنقل نذكر منها اتفاقية وارسو اخلاصة ابلنقل اجلوي لسنة،11929اتفاقية
لسنة 1956اليت حتكم عقد النقل الربي الدويل ،االتفاقية الدولية للنقل ابلسكك احلديدية
.2COTIF-CIM
من زاوية أخرى فإنه ابلرغم مما قدمته هذه الفكرة من حلول إال أاها كانت حمل جدل
فقهي حول تربير ما جاءت به من نظام استثنائي خيرج عن القواعد العامة يف التعويض.و بناءا
عليه يقتضي األمر التعرض ملقصود نظام احلد األقصى للتعويض (فرع أول)،طبيعته
القانونية(فرع اثين )،مربراته(فرع اثلث).
-1اتفاقية النقل اجلوي الدويل املوقعة يف مدينة وارسوا يف يوم 12أكتوبر 1929واملعدلة ابلربوتوكول املوقع بالهاي يف ،1955/9/28
صادقت عليهما اجلزائر مبوجب املرسوم رقم 74-64املؤرخ يف 2مارس ،1964ج رعدد 26لسنة.1964غري أاها مل تصادق اتفاقية
مونرتايل لسنة 1999اليت حلت مكان االتفاقية السابقة .
- 2وقعتتت هتتذه املعاهتتدة يف 9متتاي 1980صتتادقت عليهتتا اجلزائتتر بتتتحفظ بوجتتب املرستتوم الرائستتي رقتتم 264 -91املتتؤرخ يف /8/10
،1991ج ر رقتتم 38ل ، 1991/8/14كمتتا مت تعتتديل هتتذه االتفاقيتتة بروتوكتتول 3ج توان 1999وصتتادقت اجلزائتتر علتتى األختتري مبوجتتب
املرسوم 433-01ل،2001/12/26ج ر عدد 82ل.2001/12/31
19
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفرع األول:
املقصود ابحل ّد األقصى للتعويض
قبل اخلوض يف تعريف نظام احلد األقصى للتعويض يتطلب األمر إلقاء الضوء أوال على
معىن التعويض لغة واصطالحا ،نظرا لصلته الوثيقة مبوضوع الدراسة ،مث يعقبه بعد ذلك
الكشف عن املقصود بنظام احلد األقصى للتعويض ،كنقطة بداية للدخول يف خبااي التعويض
يف النقل البحري للبضائع .
أوال :تعريف التعويض لغة و اصطالحا
-1التعويض لغة:
وعوضته :أعطيته بدل
ضه واالسم معاوضة َ وع َاو َ
اضه َأصله الع َوض أي البَ َدل ،يقال َع َ
وتعوضه :سأله الع َوض.2
َ ه استعاض
َ ، ضوَ الع أخذ اعتاض: ، 1
ما ذهب منه
-2إصطالحا:
مل يشتهر عند الفقهاء القدامى استخدام مصطلح التعويض و إمنا استعملوا بدله لفظ
الضمان ،حيث اختلف عندهم معناه ،فمنهم من استعمله مبعىن التعويض ومنهم من عرب به
عن التعويض و غريه .ولعل أرجح التعاريف اليت تتوافق مع املعىن احلقيقي للتعويض يف أنه
عبارة عن جرب الضرر الذي حلق ابلغري،3أو دفع ما وجب من بدل مايل بسبب إحلاق ضرر
ابلغري .4وابختصار فالتعويض كما يراه أحد فقهاء القانون هو جزاء للمسؤولية.5
-1مجال الدين ابن مكرم (ابن منظور) ،لسان العرب ،اجمللد السابع ،الطبعة الثالثة ،دار صادر للطباعة والنشر بريوت-لبنان ،ستنة ،2004
ص .336
-2أمحد بن حممد بن علي املقري الفيومي املقرئ ،املصباح املنري ،مكتبة لبنان انشرون ،لبنان ،سنة ،2001ص.166
-3حممد سنان جالل ،التعويض املادي عن الضرر األديب أو املادي الغري مباشر الناتج عن اجلناية أو الشكوى الكيدية ،الدورة الثانية
وعشرون للمجمع الفقهي اإلسالمي ص، ar.themwl.org :9اتريخ الدخول إىل املوقع يوم 2106/6/15الساعة .11:30
-4املوسوعة الفقهية ،اجلزء الثالث عشر ،الطبعة الثانية طباعة ذات السالسل ،الكويت ،سنة ،1983ص.35
-5عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ،اجلزء األول ،نظرية االلتزام بوجه عام ،الطبعة الثالثة اجلديدة ،
بريوت -لبنان ،سنة ،2000ص.964
20
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
من مجع ما تقدم فالتعويض هو املبلغ املايل املرتتب عن مسؤولية املدين جراء إخالله
اباللتزامات امللقاة على عاتقه مبوجب العقد ،أو القانون ،أو العرف من أجل إصالح
الضرر1الالحق ابلدائن.
اثنيا :املقصود من احل ّد األقصى للتعويض
يقصد ابحلد األقصى للتعويض تقدير قانوين ملبالغ معينة تدفع للشاحن أو املرسل إليه
عند هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف وصوهلا .أي أنه عبارة عن حدود قصوى ملسؤولية
الناقل ،اليت ال جيوز احلكم أبكثر منها مهما بلغ حجم الضرر ،الذي أصاب البضاعة املنقولة
،أو الذي أصاب املضرور من جراء إخالل الناقل إبحدى التزاماته ،2سوآءا للمسؤوليته املرتتبة
عن خطأه ،أو النامجة عن فعل اتبعيه.3
فضال عن ذلك هناك من عرفه على أنه وضع ٍ
حد أعلى ملبلغ التعويض يلتزم به الناقل َ ُ
إذا ما حتققت مسؤوليته.4كما يعرف أيضا على أنه نوع معني من التعويض أو إحدى صوره
،اليت ال ختضع لالعتبارات اليت يقوم عليها التعويض املدين العام. 5
-1يقصد ابلضرر اإلخالل مبصلحة مشروعة للنفس أو الغري تعداي أو تعسفا أو ،أو إمهاال :أمحد موايف ،الضرر يف الفقه اإلسالمي ،رسائل
جامعيتة ،اجمللتتد األول ،دار بتتن عفتتان للنشتر والتوزيتتع ابململكتتة العربيتتة الستتعودية ،ستنة ، 1997ص.97وينقستتم الضتترر إىل نتتوعني :أ-ضتترر
متتادي وهتتو متتا يصتتيب املضتترور يف مالتته أو جستتمه ،كتتاملعري التتذي ال يستتتطيع استترتداد الشتتيء املعتتار ،أو كنقصتتان البضتتاعة املنقولتتة وزان أو
عددا أو تلفها أو فقدااها كلية أو أتخري الذي يف تسليم البضاعة مما ينتتج عنته تفويتت صتفقة بيعهتا وكتذلك الراكتب التذي يتؤدى يف ستالمته
عنتتد النقتتل ،أمتتا النتتوع األختتر فهتتو الضتترر املعنتتوي وهتتذا اندر يف املستتؤولية العقديتتة و يعتترف أبنتته متتا يصتتيب التتدائن يف شتتعوره أو عاطفتتته أو
كرامته أو شعوره وحنو ذلك :عبد الرزاق السنهوري ،املرجع السابق ،ص.680
-حممد هبجت عبد هللا قايد ،العقود البحرية ،الطبعة األوىل ،دار النهضة العربية ،القاهرة،سنة،1996ص111ومايليها.
2
-3محاد مصطفى عزب ،درورس يف القانون البحري ،جامعة جنوب الوادي،مصر ،بدون اتريخ نشر،ص.361
-4كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع لعام ،1978منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة ،2008ص.105
-5شريف أمحد الطباخ ،التعويض عن النقل الربي والبحري واجلوي ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية ،سنة ،2005ص .161
21
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ما يالحظ على التعاريف السابقة أاها مل تكن شاملة إلملام بنظام احلد األقصى للتعويض
،حيث اقتصر كل تعريف منها على جانب دون اآلخر .وإلعطاء تعريف دقيق يتطلب األمر
إجراء تنسيق بني تلك التعاريف للقول أن نظام احلد األقصى للتعويض هو تعويض غري كامل
وضع فيه القانون حدا أعلى ملبلغ التعويض ،يدفعه الناقل عند ثبوت مسؤوليته عن البضائع
اهلالكة أو التالفة أو املتأخرة يف الوصول وسوآءا أكان ذلك خبطئه أو خبطأ من اتبعيه .و هو
على خالف للقواعد العامة يف التعويض املدين فال جيوز للقاضي احلكم أبكثر منه مهما بلغت
جسامة الضرر .
لكن التعريف بنظام احلد األقصى للتعويض ال يثري إشكاال بقدر ما تطرحه بعض
املصطلحات اليت استخدمت يف الداللة عليه و اليت تعاقبت االتفاقيات على تداوهلا كمصطلح
"حتديد املسؤولية" ،أو ما استعمله الكثري من الفقه عبارات مثل "حتديد مقدار التعويض" .و
املتتبع لنصوص اتفاقية بروكسل يكتشف أن مصطلح "حتديد املسؤولية " ال وجود له ضمن
أحكامها ،غري أنه وارد يف بروتوكول تعديلها لسنة 1968و ابلضبط يف املادة /2ه .كما
استعمله الكثري من فقهاء القانون يف الدول الغربية والعربية للداللة على احلد األقصى للتعويض
وهو أيضا ما يظهر من قواعد هامبورغ يف املادة .1/8
يف هذا الصدد فقد اقتفى املشرع اجلزائري يف القانون البحري آاثر االتفاقيات الدولية
السابقة ،حيث نصت املادة 809ق ب ج على أنه" :ال حيق للناقل االستفادة من حتديد
املسؤولية املذكورة يف املادة 805ق ب ج .....إخل" .1حسب ما ورد يف النص ابللغة الفرنسية
2
لكن يف النص ابللغة العربية استبدل املشرع عبارة "حتديد املسؤولية" بعبارة "حدود املسؤولية"
دون تغيري لبقية النص .والتساؤل الذي يطرح هنا هل املقصود من النصوص السالفة الذكر
حتديد املسؤولية أم حتديد مقدار التعويض؟
-1املادة 809ق ب ج من األمر 80-76املعدل واملتمم ابلقانون رقم 98-05املؤرخ يف 25جوان 1998واملعدل واملتمم ابلقانون
04-10املؤرخ يف 15أوت ،2010ج ر رقم 46الصادرة يف 2أوت 2010املتضمن القانون البحري.
2
-Art 809: "le transporteur n'a pas le droit de bénéficier de la limitation de
responsabilité prévue a l'article 805….".
22
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
إن اإلجابة على هذا السؤال تتضح عند التمعن يف حمتوى تلك النصوص وحتليلها إذ جند
أن املقصود منها هو حتديد مدى التعويض .1و بناءا على ذلك فإن مصطلح حتديد املسؤولية
ال يؤدي إىل حتقيق املعىن املراد من النصوص السابقة ،أي أنه مصطلح وضع يف غري مكانه و
ابلتايل فإنه ال يهدف إىل املعىن الذي قصدته االتفاقيات الدولية .كما أن مصطلح حتديد
املسؤولية يعين حصر املسؤولية يف ذمة مالية معينة وهذا ما يالحظ عند الرجوع إىل مسؤولية
مالك السفينة 2والشريك يف الشركة ذات املسؤولية احملدودة. 3
يضاف إىل ذلك أن مصطلح حتديد املسؤولية قد حييل ذهن القارئ إىل النطاق الزمين
ملسؤولية الناقل من حيث بدايتها واهايتها و هو ما ركزت عليه معاهدة بروكسل ،فقد كانت
بذلك حمل انتقاد يف هذا الشأن ،حيث اقتصرت هذه األخرية يف مساءلة الناقل على الفرتة
اليت تبدأ منذ شحن البضاعة إىل غاية تفريغها يف ميناء الوصول دون الفرتة السابقة للشحن
والالحقة للتفريغ .كما قد يعتقد أن مصطلح حتديد املسؤولية أنه يعين أيضا حصر مسؤولية
الناقل البحري يف نوع من األخطاء مثلما هو عليه احلال أيضا يف ذات االتفاقية .وذلك عندما
يسأل الناقل عن األخطاء التجارية دون األخطاء املالحية، 4على خالف اتفاقييت هامبورغ
وروتردام اللتان مل تعفيا الناقل من األخطاء األخرية .
1
-Patric Simon, qui est compètent pour statuer sur la limitation en cas de procédure
multipartite?; DMF Juin 2001,p485.
-"J'emploi, comme tout le monde, a tort le mot "responsabilité" la' ou il faudrait dire
"réparation", on parle couramment de limitation de responsabilité alors que c'est la
reparation, la somme due a' titre d'indemnisation qui est limitée" : René Rodiére,
Droit maritime, les contrats de transport de marchandises, tome II, librairie Dalloz,
paris1968, p298.
-2حممد عبد احلميد ،التعويض عن حاالت اهلالك والتلف والتأخري يف ظل قواعد هامبورغ ،1978رسالة دكتوراه ،جامعة عني مشس
،مصر ،سنة ، 1984ص .66
-3هي شركة ميكن أن تؤسس من شخص واحد على األقل أو أكثر من ذلك بشرط أن يتجاوز عدد الشركاء 20شريكا وال يتحملون
اخلسائر إال يف حدود ما قدموه من حصص حسب املادتني 564و590من األمر 59-75املؤرخ يف 1975/9/26املعدل واملتمم
ابلقانون رقم 02-05املؤرخ يف 2005/2/6املتضمن القانون التجاري ،ج ر العدد 11لسنة .2005
-4نصت املادة 4فقرة أوىل من اتفاقية بروكسل لسنة " :1924ال يسأل الناقل أو السفينة عن هالك أو الضرر الناشئ أو الناتج عن عدم
صالحية السفينة للمالحة إال إذا كان عدم الصالحية عائد إىل عدم بذل الناقل هلمة الكافية الواجبة جلعل السفينة صاحلة للسفر"....
23
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ملا كانت عبارة "حتديد املسؤولية" ال تليق للداللة على احلد األقصى للتعويض اضطَر
الفقه1الستبداهلا بعبارة آخرى ال تقل غموضا عنها و هي "حتديد مقدار التعويض" ،فتحديد
مقدار التعويض بنصوص تشريعية هو أمر اندر ال يقدم عليه املشرع إال يف حاالت اندرة يقوم
فيها مربر قوي يقتضي مثل هذا اإلجراء .و يكون هذا املربر هو ما يكافئ الضرر ،الذي
ينجم عن انطواء نصوص تشريعية جامدة على مقادير معينة من التعويض ،يف حاالت متنوعة
قد ختتلف ظروفها و قد يتفاوت فيها الضرر الذي يقع يف كل حالة منها .و مع ذلك يبقى
مقدار التعويض عن هذا الضرر املتفاوت جامدا يف النص ال يتغري.2
اجلدير ابلذكر أنه من بني احلاالت النادرة للتعويضات اليت حددها القانون التعويض
اخلاص ابألضرار اجلسمانية الناشئة عن حوادث املرور . 3و بذلك فإن تقدير املشرع اجلزائري
للتعويض املمنوح للمتضرر أو لذويه ال يرت ك أي جمال للقاضي ملمارسة سلطته التقديرية يف
ذلك سواءا كان قاضيا مدنيا أم جزائيا.4
أتسيسا على ما تقدم فإن ما جاءت به النصوص القانونية الواردة ابالتفاقيات الدولية
اخلاصة ابحلد األقصى للتعويض 5مل يقم فيها املشرع بتحديد مقدار التعويض عند ثبوت
مسؤولية الناقل البحري عند هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول و إمنا نص على
حد أعلى للتعويض ال ميكن جتاوزه ،حىت لو فاقت قيمة الضرر احلاصل للبضائع قيمة احلد
1
-Antoine Vialard, Droit maritime, presses universitaire de France, paris 1997,422,
Victor Emmanuel bokalli, la protection des chargeurs a travers les règles de
Hambourg : DMF, mars 1997, p238.
-2عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ،اجلزء الثاين ،الطبعة الثالثة اجلديدة ،منشورات احلليب احلقوقية
،بريوت -لبنان ،سنة ،.2000ص . 880
-3األمر 15-74املؤرخ يف 1974/1/30املتعلق ابلزامية التأمني على السيارات وبنظام التعويض عن األضرار ،ج ر رقم 15الصادرة
يف 1974 /2/19واملعدل مبقتضى القانون رقم 31- 88املؤرخ يف 1988/7/19حيث أضاف إىل امللحق جدول التعويضات
املمنوحة عن األضرار اجلسمانية التعويض الناجم عن التأمل pretium dolorisوعن الضرر املعنوي préjudice moral
-4الغوثي بن ملحة ،نظام التعويض عن األضرار النامجة عن حوادث املرور يف القانون اجلزائري ،اجمللة اجلزائرية للعلو م القانونية العدد الرابع
،سنة ، 1995ص . 997
-5املادة 5/4من اتفاقية بروكسل لسنة 1924و املادة /2أ من معاهدة بروتوكول تعديلها ،املادة 6من معاهدة هامبورغ ،املادة 59من
قواعد روتردام ،ويقابلهم يف املعىن نص املادة 805ق ب ج .
24
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
القانوين للتعويض .و يرتتب على ذلك أن مصطلح "حتديد مقدار التعويض" ال يصلح ألن
يكون مرادفا أو مصطلحا اثنيا يستعمل للداللة على احلد األقصى للتعويض الختالف
املقصود لكل منهما ،لذلك كان من األفضل أن توضع العبارات يف مكااها الصحيح.
عند تتبع نصوص االتفاقيات الدولية ميكن القول أن واضعي معاهدة روتردام قد أحسنوا
الصنع ابنتقائهم ملصطلح "املسؤولية احملدودة" 1و الذي كان أقرب للمعىن املقصود .ابإلضافة
إىل ذلك فإن أغلب الفقه قد ختلى عن استعمال املصطلحات املنتقدة السالفة الذكر واليت ال
تتناسب مع املعىن احلقيقي للنصوص الدولية أو الداخلية و اتفق على أن املصطلح األوفق
والذي يفي ابلغرض هو" احلد األقصى للتعويض".2
الفرع الثاين:
الطبيعة القانونية للحد األقصى للتعويض
قبل اخلوض يف اخلالف الفقهي احلاصل بشأن بيان الطبيعة القانونية ،فإنه من الضروري
سرد النصوص القانونية اليت تعاجل نظام احلد األقصى يف ظل االتفاقيات الدولية .و ابتداءا
مبعاهدة بروكسل ،اليت نصت يف املادة 5/4على أنه" :ال يلتزم الناقل أو السفينة يف أي حال
من األحوال بسبب اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع أو ما يتعلق هبا ،مببلغ يزيد على مائة
جنيه إجنليزي عن كل طرد أو وحدة أو على ما يعادل هذه القيمة بعملة أخرى ،ما مل يكن
الشاحن قد بني جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن أن هذا البيان قد دون يف سند الشحن".
كما جاء يف نص املادة 1/6من اتفاقية هامبورغ ":أ-حتدد مسؤولية الناقل وفقا ألحكام املادة
5عن اخلسارة الناجتة عن هالك البضائع أو تلفها مببلغ يعادل 835وحدة حسابية عن كل
طرد أو وحدة شحن أخرى أو 25وحدة حسابية عن كل كيلوغرام من الوزن القائم للبضائع
يهلك أو يتلف ،أيهما أكرب.
-1تنص املادة ...... ": 1/59تكون مسؤولية الناقل عن اإلخالل بواجباته مبقتضى هذه االتفاقية حمدودة مببلغ".....
-2سوزان علي حسن ،عقد نقل ابحلاوايت ،دار اجلامعة اجلديدة ،مصر ،سنة 2009ص. 281
25
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ب-حتدد مسؤولية الناقل وفقا ألحكام املادة 5عن التأخري يف التسليم مبلغ يعادل مثلي
ونصف مثل أجرة النقل املستحقة الدفع عن البضائع املتأخرة ،على أال يتجاوز هذا املبلغ
جمموع أجرة النقل املستحقة الدفع مبوجب عقد النقل البحري للبضائع ".
بينما جاء يف نص املادة 1/59من قواعد روتردام ":رهنا أبحكام املادة
60والفقرة1من املادة 161تكون مسؤولية الناقل عن اإلخالل بواجباته مبقتضى هذه االتفاقية
حمدودة مبا مبلغه 875وحدة حسابية لكل رزمة أو وحدة شحن أخرى ،أو 3وحدات
حسابية لكل كيلو غرام من الوزن اإلمجايل للبضائع اليت هي موضوع املطالبة أو النزاع ،أي
املبلغني أكرب إال عندما يكون الشاحن أعلن عن قيمة البضائع وأدرجها يف تفاصيل العقد ،أو
عندما يكون الناقل والشاحن قد اتفقا على مبلغ أعلى من مقدار حد املسؤولية املنصوص عليه
يف هذه املادة".
لقد اختلفت آراء الفقهاء حول الطبيعة القانونية للحد األقصى للتعويض الوارد يف
النصوص السابقة و انقسمت إىل عدة اجتاهات:
فمن الفقه من يرى 2أن احلد األقصى للتعويض هو حد أدىن لالتفاق بني الناقل
والشاحن و يف نفس الوقت هو حد أعلى ملا جيب على الناقل دفعه عن الضرر احلاصل مىت
خال سند الشحن من حتديد قيمة التعويض .وبذلك فهو ليس تقديرا جزافيا لقيمة الطرد أو
املعروفة يف le règle de proportionnalité الوحدة مما يقتضي عدم تطبيق قاعدة النسبية
التأمني البحري وإجراء النسبة بني قيمة الضرر وقيمة الطرد كله وتطبيقها على احلد األقصى
للتعويض يف احلالة اليت تتجاوز فيها القيمة احلقيقية للطرد احلد القانوين . 3ومثال ذلك لو
-1تنص املادة 60على احلد األقصى للتعويض عند حصول خسارة اقتصادية بسبب التأخري يف وصول البضاعة مببلغ يعادل ضعفي
ونصف أجرة النقل الواجب دفعها عن البضائع املتأخرة ،أما الفقرة 1من املادة 61فهي ختص حاالت سقوط احلق يف استفادة الناقل
واتبعيه من احلد األقصى للتعويض.
2
-René Rodière, op.cit, p305.
حممود مسري الشرقاوي ،القانون البحري ،منشأة املعارف ابإلسكندرية ،سنة ، 1997ص ، 305كمال محدي ،عقد الشحن التفريغ ،
162 منشأة املعارف ابإلسكندرية ،سنة ، 2002ص ، 221أمحد شريف الطباخ ،املرجع السابق ،ص
-3كمال محدي ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
26
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
افرتضنا أن قيمة الطرد هي 10000دج وأصابه تلف قد َر ب 5000دج فإن الشاحن
يستحق مبلغ مخسة آالف كاملة ،بينما لو طبقنا قاعدة النسبية على هذا املثال الستحق
2500دج فقط ،ألن قيمة الضرر ابلنسبة للطرد هي. %50
أما البعض اآلخر من الفقه1فيخالف الرأي السابق ويذهب إىل القول أبن احلد األقصى
للتعويض ما هو إال أتييد لتنظيم تشريعي خاص بشرط التحديد والذي كان معموال به قبل
ابرام معاهدة بروكسل .وابلتايل فإن مبلغ احلد األقصى للتعويض يعترب تعويضا جزافيا عن
الضرر ،الذي يسأل عنه الناقل ويشمل كل ما يصيب الشاحن من خسارة وما فاته من كسب
،لكن بشرط أن يكون الضرر انمجا عن إخالل الناقل ابلتزام مرتتب عليه مبوجب عقد النقل
،فال يشمل اخلطأ اخلارج عن هذا العقد.
يذهب بعض الفقهاء 2إىل اعتبار احلد األقصى للتعويض مقابال لتعويض وسط للضرر
الذي حلق ابلشاحن ،أي هو عبارة عن تعويض توفيقي بني الضرر احلقيقي ومبلغ التعويض
الكامل ،أو املعادل لقيمة البضاعة اليت هلكت ،أو أصاهبا تلف.
و أخريا يرى بعض الفقهاء 3أن احلد األقصى للتعويض هو عبارة عن صورة من صور
إعفاء الناقل البحري عند حصول ضرر للبضاعة املنقولة .و لذلك فإن النصوص القانونية اليت
أبطلت شروط اإلعفاء من املسؤولية أبطلت معها أيضا االتفاق على حتديدها ،لكنها يف
مقابل هذا االبطال جعلت مسؤولية هذا األخري حمدودة .فاإلعفاء هنا يتمثل يف ما زاد عن
1
- Français sauvage, Jean Taillandier, Manuel pratique du transport des marchandises
par mer, librairie générale de droit et de jurisprudence,paris 1965,p39.
-علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ، 1987ص، 297بنونة يونس ،مسؤولية الناقل
البحري على ضوء القانون املغريب (دراسة مقارنة مع اتفاقية هامبورغ لستة ، 1978مجعية أصدقاء املكتبة ،املغرب ،سنة ، 1993ص
. 108
-2مصطفى كمال طه ،أصول القانون البحري ،دار نشر الثقافة ،طبعة أوىل ،مصر ،سنة ،1952ص . 553
-3لطيف جرب كوماين ،مسؤولية الناقل البحري – دراسة مقارنة مع اتفاقية هامبورغ ،منشاة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة، 1995ص
. 129
27
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
احلد األقصى للتعويض يف حالة ما كانت قيمة الضرر أكرب من مبلغ ذلك احلد القانوين ،فيربأ
الناقل البحري من املسؤولية بدفعه ملبلغ معادل للحد األقصى للتعويض.
بعد أن مت استعراض االجتاهات الفقهية خنلص إىل أن أرجح اآلراء هو االجتاه األول
الذي متكن من االملام جبوانب نظام احلد األقصى للتعويض ،حيث اعتربه من جهة أبنه املبلغ
األدىن ملا ميكن للناقل والشاحن االتفاق عليه ومن جهة أخرى هو حد أعلى للمسؤولية ،فال
ميكن للقاضي 1احلكم على الناقل أبكثر منه مهما فاقت قيمة الضرر ذلك احلد .و عليه ميكن
القول أبن احلد األقصى للتعويض ذو طبيعة قانونية مزدوجة ،فهو من النظام العام يف احلدود
الدنيا االتفاقية اليت تكون بني الناقل والشاحن ،إذ تقع هذه االتفاقات ابطلة بطالان مطلقا يف
االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري .و يف املقابل فإن احلد األقصى للتعويض ال
يعترب من النظام العام يف حدوده العليا ،حيث جيوز للشاحن االتفاق مع الناقل على إدراج بند
يف سند الشحن يقضي بتحديد مبلغ للتعويض أكرب مما حددته النصوص القانونية .
بناءا على ما تقدم ذكره يتضح أن العالقة بني التعويض والضرر ال خترج عن ثالث
افرتاضات:
-1أن يكون حجم الضرر أقل من احلد األقصى للتعويض ،فال يستحق املضرور إال تعويضا
يعادل ما حلقه من ضرر، 2أي تعويضا كامال يتناسب مع قيمة الضرر وفقا للقواعد العامة
فيشمل ما فاته من كسب وما حلقته من خسارة .فال جمال هنا للمضرور من أن يتمسك
-1جيب على القاضي ان حيكم بتلك احلدود الواردة يف النصوص من تلقاء نفسه وسوآءا متسك هبا الناقل أم ال ،ألنه مفروض بقوة
القانون مادام هناك توافر لشروط تطبيق املعاهدات أو القانون الواجب التطبيق :مدحت حافظ إبراهيم ،التحديد القانوين ملسؤولية الناقل
البحري طبقا لقانون التجارة املصرية واملعاهدات البحرية النافذة يف مصر ،جملة هيئة قضااي الدولة ،العدد الرابع ،أكتوبر-ديسمرب
،سنة، 1993ص. 19غري أن للقضاء الفرنسي حكما خمالف فال جيوز للقاضي أن حيكم به تلقائيا وعليه إذا أراد الناقل أن يستفيد من
احلد األقصى للتعويض جيب عليه أن يتمسك به وإال طبق عليه التعويض الكامل ودخل يف حكم املادتني 1151، 1150من القانون
املدين الفرنسي ،ل كن هذا الرأي قد جانبه الصواب فهو ال يصمد ابلرجوع إىل القواعد اآلمرة اليت تضمنها االتفاقيات الدولية والقانون
البحري الفرنسي لسنة : 1966
-CASS 25 OCT 1982, B.T1983,p13: (R) Redière, (E) du pontavice,Droit
maritime,op.cité, p356.
-2كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري عام ( 1978قواعد هامبورغ) ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة ، 2008ص
. 116
28
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
بتطبيق احلد األقصى للتعويض وحىت ال يكون هناك إثراء بغري سبب على حساب الناقل
البحري. 1
كما يتم حساب التعويض طبقا للمادة 2/2من بروتوكول 1968املعدل التفاقية
بروكسل على أساس سعر البضائع على الوجه التايل:إذا كانت البضائع من النوع الذي له سعر
يف البورصة أخذ هبذا السعر و إال فإنه يؤخذ بسعرها اجلاري يف السوق .و إذا تعذر ذلك
فريجع إىل القيمة املعتادة للبضائع اليت من النوع نفسه وبدرجة نوعيتها يف مكان ووقت تفريغ
البضائع من السفينة .وهو ماسارت عليه قواعد روتردام ،يف املادة 22فقرة 1و 2منها مع
تغري بسيط فبدال عن مكان ووقت تفريغ البضائع ،إذ قضت أن يكون حساب التعويض يف
مكان و زمن التسليم .2ولعل ذلك راجع الختالف النطاق الزمين ملسؤولية الناقل البحري
ضمن أحكامهما و اليت وسعت منه قواعد روتردام ،حيث جعلته يبدأ منذ استالم البضاعة إىل
غاية تسليمها على عكس اتفاقية بروكسل ،اليت قصرت من هذا النطاق على النحو الذي
سبق ذكره .3يف هذا الشأن يالحظ غياب نص مماثل يف قواعد هامبورغ مما يدفعنا على طرح
التساؤل التايل :هل يوجد هناك إمكانية لتطبيق هذه القاعدة يف ظل قواعد هامبورغ ؟
الثابت أنه ليس هناك ما حيول بني األخذ هبذه القاعدة عند تطبيق قواعد هامبورغ ألاها
ال تتعارض مع أي نص من نصوص هذه االتفاقية ،بل أكثر من ذلك أاها أصبحت من
املبادئ العامة بني خمتلف الدول.4
-2أن يكون الضرر مساواي لقيمة احلد األقصى للتعويض ولتوضيح ذلك نسوق املثال التايل:
أبرم شاحن جزائري عقد نقل مع شركة إيطالية مفاده نقل 2000صندوق من التفاح من
ميناءا إيطاليا إىل ميناء اجلزائر لكن البضاعة هلكت يف الطريق إبمهال من الناقل يف احملافظة
-مصطفى كمال طه ،أساسيات القانون التجاري والقانون البحري ،الدار اجلامعية ،اإلسكندرية ،بدون اتريخ نشر ،ص .518
1
-2قماز ليلى إلدايز ،أحكا م النقل الدويل متعدد الوسائط ،رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص ،جامعة تلمسان ،السنة اجلامعية
، 2014/2013ص . 402
-3وردت اإلشارة إليه يف الصفحة 23من هذه الرسالة.
-4حممد عبد احلميد ،املرجع السابق ،ص .62
29
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
عليها و اتضح أن قيمة الصندوق الواحد تساوي احلد األقصى الوارد يف معاهدة بروكسل وهي
100جنيه اجنليزي ابعتبار اجلزائر دولة منضمة هلذه االتفاقية .يف هذه احلالة الريب أن
املضرور يستحق تعويضا معادال لقيمة البضاعة اهلالكة وذلك ألن هذه احلالة تعترب من
تطبيقات القواعد العامة يف التعويض املدين ،الذي مبقتضاه يشمل التعويض كل الضرر احلاصل
،فيحصل املضرور على تعويض يقدر وفق ما حلقه من خسارة وما فاته من كسب .
-3عندما يكون مقدار الضرر الناشئ عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف التسليم أكرب
من احلد األقصى للتعويض ،هنا جيب على القاضي الناظر يف النزاع أال حيكم على الناقل بدفع
مبلغ يزيد عن السقف التعويض احملدد .ومؤدى ذلك عدم حصول املضرور إال على قيمة ذلك
احلد املقرر قانوان1مهما بلغ مقدار الضرر الذي أصاب البضائع .2لكن قبل ذلك جيب عليه
أن حيسب مبلغ التعويض مرتني ،مرة على أساس عدد الطرود و مرة أخرى على أساس وزن
البضائع ليأخذ يف النهاية حبد التعويض األعلى بينهما .3
خالصة القول أن احلالتني األوىل والثانية ال يثور بشأاهما أي إشكال ،فهما متثالن
إحدى تطبيقات القاعدة العامة يف التعويض املدين ،حيث حيصل صاحب البضاعة على
تعويض معادل ملقدار الضرر الذي حيدث .لكن املشكلة تكمن يف احلالة الثالثة إذ أن املضرور
مل حيصل على تعويض متكافئ مع الضرر وإمنا حصل على مبلغ رمبا أقل بكثري عن مقدار
الضرر الذي حيدث من جراء هالك أو التلف أو التأخري الالحق ابلبضاعة .4و هلذا فقد اثرت
الشكوك حول نظام احلد األقصى للتعويض مما جعله مهددا ابلزوال5خلروجه عن القواعد
-1بسام عاطف املهتار ،معاهدة بروكسل وتعديالهتا (لتوحيد بعض القواعد املتعلقة ببوالص الشحن) ،الطبعة األوىل ،منشورات احلليب
احلقوقية ،لبنان ،سنة ، 2006ص . 63
-2هاين دويدار ،قانون النقل ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،سنة ، 2014ص . 241
-3قماز ليلى إلدايز ،املرجع السابق ،ص. 400
-4حممد عبد احلميد ،املرجع السابق ،ص 64وما يليها .
5
-Antoine Vialard, la limitation de responsabilité, clé de doute pour le droit maritime
du 21emesiecle, DMF janvier 2009, p1.
30
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
العامة ،يف التعويض املدين .وهذا ما حيثنا على البحث عن مربرات هلذا النوع اجلديد من
التعويض حىت يضمن استمراره يف املستقبل.
الفرع الثالث:
مربرات احل ّد األقصى للتعويض
لقد ركز الفقهاء يف خمتلف دول العامل اهتماهم يف البحث عن الدوافع اليت جعلت من
اجملتمع الدويل يقرر نظام احلد األقصى للتعويض يف جمال النقل البحري للبضائع لعلهم جيدون
ما يضفي الشرعية على هذا النوع من التعويض .فقد ظهر هبذا الشأن اجتاهان األول يتبىن
تربيرات تقوم على مبدأ املالئمة ،1أما الثاين فقد خالف الرأي السابق متجها صوب مبدأ
العدالة. 2و بناءا عليه سنتعرض للمربرات القائمة على مبدأ املالئمة ،مث بعد ذلك للمربرات
السائرة يف اهج مبدأ العدالة.
-1املربرات القائمة على مبدأ املالئمة
تنحصر هذه املربرات إمجاال يف ثالث مربرات :تشجيع الناقل البحري على االستثمار يف
النقل البحري ،التقليل من املنازعات واستقرار األوضاع ،املسامهة يف التوحيد الدويل للقانون
البحري.
- 1ابعتبار القاعدة القانونية تنظم سلوك األفراد يف اجملتمع ،فهي تؤثر على الكيان العام هلذا األخري سلبا و إجيااب حسب طبيعة التفاعل
املوجود بينهما .على هذا األساس ،يقاس مدى مالئمة القانون للمجتمع تبعا الستجابة األول ملتطلبات ولطموح الثاين ،مما يدفع بفقهاء
القانون إىل دراسة فكرة فعلية قواعد هذا األخري يف الواقع العملي:
https://manifest.univ-ouargla.dz/.../186
- 2العدالة هي مفهوم تعين عدم االحنياز يف حماكمة أي إنسان ألي أمر .و هي تعترب رؤية إنسانية للمحيط الذي يعيش فيه کل فرد شرط
أن ينظم هذه الرؤية قانون وضعي يشارك فی صياغتها الکل بعيدا عن التحکم .والعدالة عكس الظلم واجلور ،التطرف وأهدافها
االنصاف ،املساواة ،التوازن ،عدم التعدي ومحاية املصاحل الفردية والعامة ،كما أاها مفهوم أخالقي يقوم على احلق واألخالق ،
،العقالنية ،القانون ،القانون الطبيعي ،اإلنصاف ،فضال عن أن نظ رايت العدالة ال ختتلف اختالفا كبريا من جمتمع إىل
آخر ولكن تطبيق مفاهيمها خيتلف:
https://ar.wikipedia.org/wiki/
31
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة األوىل:
تشجيع الناقل البحري على االستثمار
يرى بعض الفقه أنه نظرا ملا تتعرض الرحلة البحرية ملخاطر جسيمة و ال خيفى على أحد
مدى جسامة اآلاثر اليت ميكن أن تنتج عن حوادث املالحة البحرية .حيث تفضي يف كثري من
األحوال إىل هالك األرواح واألموال املوجودة على منت السفينة ،فضال عن هالك السفينة
ذاهتا ،إذ تعترب من األصول عالية القيمة.1و ابلتايل فإنه إذا ألزمنا الناقل البحري بدفع
تعويضات كاملة عن كافة األضرار فذلك سيؤدي إىل نتائج ابلغة السوء على مشروع النقل
البحري،2فكم من شركة مالحية شهر افالسها بسبب احلكم عليها ابلتعويض الكامل عن
أضرار انمجة من حادث واحد. 3
حىت لو افرتضنا أنه إبمكان الناقل جتاوز هذه املخاطر عن طريق التأمينات اخلاصة ضد
املخاطر البحرية السيما التأمني عن املسؤولية املدنية ،إال أنه يصعب على شركات التأمني
القبول بتحمل مبالغ ضخمة على سبيل التعويضات إذا ما تركت املبالغ مفتوحة .مما ينجم
عنه ارتفاع يف أسعار عقود التأمني عن املسؤولية وما يرتتب عليه من زايدة يف أجور النقل مما
يؤدي حتما الرتفاع أسعار السلع.4
كما يضاف إىل ذلك املخاطر الطبيعية ،اليت يتعرض هلا الناقل أثناء عملية النقل
كالعواصف واحلوادث البحرية وخماطر آخرى تتعلق ابملوانئ وبعملية النقل ذاهتا .فمن بني
-1هاين حممد دويدار ،القانون البحري يف ضوء القانون اللبناين واالتفاقيات الدولية ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،بلبنان ،بدون
اتريخ نشر ،ص . 341
2
-Boukhatmi Fatima, Aspect du contrat de transport de marchandises par mer en droit
algérien et dans les conventions internationales, thèse de doctorat d'état en droit,
université d'oran,17/6/2002,p208.
-حممد إبراهيم الدسوقي ،تقدير التعويض بني اخلطأ والضرر ،موسوعة الثقافة اجلامعية للنشر والتوزيع ،اإلسكندرية ،بدون اتريخ نشر ،
ص . 297
-3حممد السيد الفقي ،القانون البحري ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،سنة ،2016ص .367
-4وجدي حاطوم ،النقل البحري يف ضوء القوانني و املعاهدات الدولية ،الطبعة األوىل ،املؤسسة احلديثة للكتاب ،لبنان ،سنة ، 2011
ص. 200
32
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
املخاطر اليت يتعرض هلا الناقل البحري يف بعض املوانئ و ابألخص يف موانئ الدول النامية ،إذ
تعاين أغلبها من مشاكل التكدس و هلذا السبب يضطر الناقل لالنتظار خارج امليناء عدة أايم
مما قد يؤدي إىل هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول .أما املخاطر اليت تتولد عن
عملية النقل وهي كثرية كاحتكاك جسم السفينة يف بعض األحوال ابلبضاعة مما قد يؤدي إىل
هالك البضاعة أو تلفها ،أيضا عدم مالئمة أدوات التغليف البضاعة اليت بداخلها وعدم
تناسب وزن البضاعة مع حجم احلاوية أو الطرد فتتعرض الرجتاج عند سري السفينة يف البحر.1
وبناءا على ذلك فإن جعل مسؤولية الناقل حمدودة مببلغ معني عن األضرار الالحقة أبصحاب
البضائع هو أمر يدفع شركات التأمني إىل إبرام عقود أتمني ضد املخاطر البحرية نظرا جلعل
الضمان حمدودا.2
ابلرجوع إىل الواقع العملي فإن هذا التربير مل يعد مقنعا يف الوقت احلاضر ،قد يصدق
على سنني ماضية أين كانت السفن التقليدية ضعيفة اهليكل نتيجة للمواد املستعملة يف بناءها
ومن جهة أخرى ال تتوافر على أجهزة السالمة ملواجهة األخطار البحرية والدليل على ذلك
التطور التكنولوجي الذي شهدته صناعة السفن من ظهور السفن العمالقة وسفن احلاوايت و
ما تتمتع به من قوة ،صالبة وقدرة على نقل الكم اهلائل من البضائع .يضاف إىل ذلك
التدريب احملكم لطاقم السفينة وفق أحدث التجهيزات من وسائل االتصال الالسلكية
والرادارات ،كذلك وضع خريطة للتستيف،3اليت هتدف إىل احملافظة على البضاعة وعلى توازن
33
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
السفينة معا . 1فهذا يكفي للقول أبن تشجيع الناقل على االستثمار نظرا ملا يتعرض له من
خماطر مل يعد يصلح كمربر للحد األقصى للتعويض وال يزال هذا النظام حيتاج إىل تربير ال
يتوقف على مرحلة من زمن قد خلت.
الفقرة الثانية:
التقليل من املنازعات واستقرار األوضاع
يرى أنصار هذا االجتاه أبن احلد األقصى للتعويض يقلل من املنازعات و يساهم يف
استقرار املنازعات ،حيث أنه عندما يُلزم الناقل البحري بدفع تعويض كامل عن الضرر الالحق
ابلبضاعة سيجعله ذلك مياطل يف دفع التعويض للمضرور ،فيضطر هذا األخري إىل بذل اجلهد
واملال لكي حيصل على هذا التعويض من الناقل املماطل .وكذلك حياول الناقل بشىت الطرق
أن يؤخر هذا الدفع لكي يستفيد من اخنفاض قيمة النقود ابإلضافة للربح الذي حيققه من
إيداع هذا التعويض يف أحد البنوك فيعود عليه ابلربح خالل فرتة إطالة أمد دفع التعويض
الكامل .أما إذا ألزم الناقل بدفع التعويض وفق نظام احلد األقصى للتعويض فإن هذا سيدفعه
إىل املصاحلة دون االلتجاء إىل القضاء أو التحكيم، 2هو نفس األمر الذي يسعى إليه املضرور
ألنه يعلم أن مبلغ التعويض لن يزيد على حد معني مما يدفعه على جتنب املنازعات الكيدية
والسعي إىل تسوية املوضوع وداي مما يوفر على املضرور والقضاء عبئا كبريا 3من نفقات إضافية
كمصاريف التقاضي و أتعاب احملامي ،كان إبمكانه جتنبها لو أنه رضي هبذه التسوية.4
وابلتايل فإن مبدأ احلد األقصى للتعويض جاء للتقليل من املنازعات والستقرار مشروعات
النقل البحري و استمرارها.5
34
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يف احلقيقة ال ميكن األخذ هبذا التربير لعدم صحته فهو ال يصمد ابلرجوع إىل أرض
الواقع وذلك لسببني:
السبب األول :يتمثل يف أن املضرور يفضل بال شك احلصول على تعويض كامل ومن أجل
ذلك يسعى جاهدا لكي حيرم الناقل من االستفادة من التعويض وفقا للحد األقصى عن طريق
اثبات غش الناقل أو خطئه اجلسيم ،مما يدفعه إىل اللجوء إىل القضاء وما ينجم عنه من طول
يف دعوى التعويض من إجراءات حىت يتم الفصل فيها وهذا أمر ال يهم الشاحن بقدر ما يهمه
أن حيصل على تعويض معادل لقيمة الضرر الذي حلق ببضائعه .على عكس الناقل الذي يريد
الفصل يف الدعوى املرفوعة عليه يف أسرع وقت ابعتباره خيدم نشاطه البحري.
السبب الثاين :ميكن رده إىل مقتضيات التجارة الدولية 1و يف هذا الصدد يفرتض أن يسبق
عقد النقل البحري عقد بيع دويل فلوال العقد الثاين ملا أبرم األول وهو الغالب .و نظرا ألمهية
عقد التأمني على البضائع ،الذي يعترب من بني الواثئق األساسية اليت يتطلبها االعتماد
املستندي، 2إضافة لسند الشحن والقائمة التجارية .3وذلك حىت يقبل البنك الوفاء بقيمة
البضائع وهي ال تزال يف بلد املصدر .4نتيجة لذلك فإن املضرور يف سبيل استيفاء مبلغ
-1أوجب املشرع اجلزائري االعتماد املستندي كطريقة إلزامية لدفع الواردات ألول مرة يف املادة 69من قانون املالية التكميلي لسنة
،2009يف األمر 01/09املؤرخ يف 22جويلية ، 2009ج ر عدد . 44
-2االعتماد املستندي crédit documentaireهو تعهد من البنك فاتح االعتماد ويتم مبوجبه سداد القيمة للمستفيد املصدر
مقابل مستندات تثل البضاعة املنقولة أو املعدة للنقل .ويعترب االعتماد املستندي أنسب الوسائل اليت عرفت ال متام عمليات التجارة الدولية
،ذلك ألن املشرتي ال يطمئن إىل دفع مثن البضاعة إال إذا حتقق من وصول البضاعة إليه ،كما ال يطمئن البائع إىل ارسال البضاعة إال إذا
قبض مثنها فعن طريق االعتماد يضمن كل طرف تنفيذ التزام الطرف اآلخر نتيجة توسط البنوك يف عملية البيع الدويل حبيث يقوم بنك
املشرتي بفتح اعتماد ابلثمن لصاحل البائع مىت أرسل إليه البائع مستندات البضاعة اليت حددها له عميله املشرتي وحتقق البنك من تطابق
املستندات مع تعليمات العميل :حمي الدين إمساعيل علم الدين ،العمليات االئتمانية يف البنوك وضماانهتا ،القاهرة ،سنة ، 1975
ص ، 8مشار إليه لدى حممود مسري الشرقاوي ،القانون التجاري ،اجلزء الثاين ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ، 1984ص . 552
-3تعترب هذه الوثيقة مبثابة ملخص لعقد البيع حيث ينب فيها كمية البضاعة وأوصافها وسعر الوحدة وقيمتها االمجالية وأجور النقل والتأمني
عليها أو أية مصاريف أخرى إضافة الحتوائها على تفاصيل أخرى من أمساء أطراف عقد البيع وصيغة دفع الثمن :خالص انفع أمني ،
جملة الكوفة ،العدد السابع ،سنة ، 2010ص www.ia.sj.met/ias.j?func=fulltext61504ald=:122
اتريخ الدخول إىل املوقع ، 2016/07/ 16:الساعة . 21:15 :
-4ليلى بعتاش ،أثر الغش يف عقد األساس على تنفيذ االعتماد املستندي ،رسالة دكتوراه ،جامعة ابتنة ،السنة اجلامعية
، 2014/2013ص . 4
35
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
التعويض جيد الرجوع على شركة التأمني أسرع وأفضل من املغامرة ابلرجوع على الناقل البحري
،خاصة مبا ميلكه هذا األخري من وسائل اإلعفاء من املسؤولية.
الفقرة الثالثة:
املسامهة يف توحيد القانون البحري الدويل
إن اهلدف الذي تطمح إليه االتفاقيات الدولية وال سيما منها البحرية هو توحيد القانون
الذي حيكم عقد النقل الدويل وهو ضرورة تقتضيها الروابط القانونية نظرا إلشتماهلا يف غالب
األحيان على عنصر أجنيب .حيث أن املالحة البحرية تتم بطبيعتها بني دول متعددة وأشخاص
خمتلفي اجلنسية .1و بذلك خيتلف قانون ميناء الشحن عن قانون ميناء التسليم مما يثري مسألة
التنازع بني القوانني.
حلل هذه املشكلة اجتهت نية الدول إىل االتفاق على قواعد تشريعية توحد مبوجبها
األحكام املوضوعية ،اليت حتكم العالقة القانونية موضوع النزاع .2و مما ال شك فيه أن نظام
احلد األقصى للتعويض ميثل قاعدة موضوعية حتدد مبلغ أعلى للتعويض ،الذي ال ميكن احلكم
أبكثر منه عند استحقاق التعويض والذي يلزم حماكم مجيع الدول األطراف يف االتفاقية بتطبيق
هذه القاعدة .فيصبح الناقل غري معرض خلطورة اخلضوع للقوانني الوطنية للدول اليت تتباين
فيها احللول اخلاصة مبسألة تقدير التعويض وحتديده ،مما يساعد يف النهاية على توحيد القانون
على الصعيد الدويل.3
غري أنه ال ميكن األخذ هبذا التربير فاألمر ليس هبذه البساطة ألن توحيد القانون هو أمر
صعب وشاق فال زالت الدول حتاول الوصول إىل ذلك . 4فالربغم من أن قاعدة احلد األقصى
-1مصطفى كمال طه ،التوحيد الدويل للقانون البحري ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية ،سنة ، 2007ص . 7
-2حسن اهلداوي ،تنازع القوانني (املبادئ العامة واحللول الوضعية يف القانون األردين –دراسة مقارنة ، )-مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع
،األردن ،سنة ، 1997ص . 49
-3فاروق زاهر ،املرجع السابق ،ص.112
-4مسيحة القليويب ،موجز القانون البحري ،الطبعة األوىل ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ، 1969ص 44وما يليها ،مصطفى كمال طه ،
التوحيد الدويل للقانون البحري ،املرجع السابق ،ص . 9
36
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
للتعويض أصبحت عاملية و أخذت هبا غالبية التشريعات ،لكنها اختلفت يف الطريقة اليت
وظفت هبا هذه القاعدة .1و يرجع ذلك لالختالف احلاصل بني العمالت النقدية للدول،
نظرا لقوة اقتصاد الدول الناقلة وهو العكس ابلنسبة للدول الشاحنة وما تعانيه من ضعف
اقتصادي وتدهور مستمر مما يشكل عائقا كبريا أمام توحيد القانون الدويل.
كما أن الطريقة املثلى لتحقيق توحيد القانون البحري الدويل ال تكون إال عن طريق عقد
معاهدات دولية تضع تشريعا منوذجيا لكل موضوعات القانون البحري ،تقتبسه الدول
املنضمة من تلك املعاهدات ،مث تضعه يف تشريعاهتا الداخلية والنتيجة املرتتبة على ذلك توحيد
قواعد القانون البحري يف خمتلف الدول.2
-2املربرات السائرة على هنج مبدأ العدالة
تتمثل املربرات الفقهية اليت رأت وجها للعدالة يف قاعدة احلد األقصى للتعويض يف ثالث
نظرايت :القياس على مسؤولية مالك السفينة ،إلغاء شروط اإلعفاء من املسؤولية وختفيفها ،مث
خنتمها ابلنظرية اليت أخذت ابملربر الذي يصدق مع مبدأ العدالة وهو حتقيق التوازن بني مصاحل
الشاحنني والناقلني .
الفقرة األوىل:
القياس على مسؤولية مالك السفينة
لقد كانت فكرة املسؤولية احملدودة ملالك السفينة عند ظهورها تسمح ملالك السفينة أن
حيمي نفسه من عواقب األخطاء اليت قد يرتكبها رابن السفينة وذلك بتخليه عن السفينة
.Abandon duو قد طبقت هذه القاعدة عند قيام مسؤولية مالك السفينة وهي navire
3
تشمل األموال اليت اقرتضها الرابن كالديون اليت يعقدها لشراء جتهيزات للسفينة ولتصليحها
1
- Philippe delebecque ,Droit maritime 13eme édition, Dalloz paris 2014, p611 .
-مسيحة القليويب ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
2
37
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
،مث أخذت هذه الفكرة تتطور ببطء إىل غاية أن وصلت للقاعدة املعروفة حاليا .1يرى جانب
من الفقه أنه إذا كان مالك السفينة قد حضي بنظام احلد األقصى للتعويض على مر العهود
السابقة ألن نشاطه حمفوف ابملخاطر البحرية فإن نشاط الناقل هو اآلخر ال يقل خطرا عن
نشاط مالك السفينة .و من مثة فمن العدل أن يعامل الناقل البحري بنفس املعاملة اليت يتمتع
هبا مالك السفينة.2
غري أن ما جاء به أصحاب هذا الرأي ال يقبله املنطق السليم ،إذ ال جيوز القياس على
حكم يف القانون و هو ال يزال حمل خالف يف شرعيته ،فتربير نظام احلد األقصى للتعويض يف
النقل البحري للبضائع أبن هناك نظام مشابه أيخذ به املشرع البحري يف مسؤولية مالك
السفينة احملدودة ،يقتضي ذلك أن يكون هذا النظام قد مت الفصل يف مسألة تربيره.3
-1قامت عدة معاهدات بتنظيم مسؤولية مالك السفينة منها اتفاقية بروكسل لسنة 1924اخلاصة ابملسؤولية احملدودة ملالك السفن اليت
أخذت بنظام الرتك ومعناه أن تربأ ذمة مالك السفينة برتك سفينته وأجرهتا على خالف القواعد العامة للمسؤولية التقصريية :مسيحة
القليويب ،املرجع السابق ،ص .198
-Georges Ripert, op.cité, p192.
مث بعد أكثر من ثالثني عاما جاءت اتفاقية بروكسل لسنة 1957لتجل حمل االتفاقية األوىل ،حيث ألغت نظام الرتك وجاءت بنظام
التعويض اجلزايف وهذا ما أخذ به املشرع اجلزائري ،حيث أحال خبصوص سقف التعويض إىل هذه املعاهدة حسب ما جاء يف املادة 96
من القانون البحري اجلزائري وعليه فإن مسؤولية مالك السفينة حتدد وفق ثالث حاالت :احلالة إذا تسبب احلادث يف أضرار مادية فقط
يكون عندئذ يقدر مبلغ التحديد بقيمة 1000فرنك ذهيب لكل وحدة محولة من السفينة ،أما احلالة الثانية :فتكون عندما يتسبب احلادث
يف أضرار جسمانية فقط فهنا حيدد مبلغ التعويض ب 3100فرنك ذهيب لكل وحدة محولة ،أما احلالة الثالثة واألخرية تتمثل عند اجتماع
أضرار جسمانية وأخرى مادية انجتة عن احلادث فيخصص مبلغ 2100فرنك ذهيب لكل وحدة محولة لتسديد الديون املتعلقة ابألضرار
اجلسمانية وخيصص 1000فرنك ذهيب للتعويض عن األضرار املادية وتقدر قيمة الفرنك الذهيب ب 65, 5من الذهب :حممد بن عمار
،حتديد مسؤولية مالك السفينة ،اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية ،العدد الرابع ،سنة ، 1995ص 832وما يليها ،انضمت اجلزائر بعد
استقالهلا هلذه االتفاقية مبوجب املرسوم 174/64املؤرخ يف ،1964/06/8ج ر عدد 13لسنة .1964
2
- Daigle Guy ,le contrat de transport maritime ,étude de droit comparé canadien et
français (thèse)Aix Marseille , 1986,p314, Elariny mohamed farid, la
responsansabilité de transporteur maritime,( thèse) paris , 1974,p233:
مشار إليهما لدى ملزي عبد الرمحن ،املرجع السابق ،ص .103
-املرجع السابق ،ص.104
3
38
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ضف إىل ذلك فإن فكرة خماطر البحر اليت يراها البعض أاها تصلح كمربر لنظام
مسؤولية املالك السفينة احملدودة ماهي يف احلقيقة إال حجة واهية وإيديولوجية يراد هبا عزل
العالقات البحرية عن الفلسفات االجتماعية للتسرت على مصاحل الدول الرأمسالية.1
و ملا كانت الشكوك ال تسمح بتربير احلد األعلى للمسؤولية املقرر ملالك السفينة
مبخاطر البحر حاول البعض أن يربر هذا النظام للقول أبن مسؤولية املتبوع عن أعمال اتبعيه
تقوم على افرتاض اخلطأ من جانب املتبوع يف الرقابة والتوجيه ،حبيث من املتعذر على املالك
إن مل يكن من املستحيل أن يباشر حقه يف الرقابة والتوجيه على الرابن وهو يعمل بعيدا عنه،
فضال عما يتمتع به الرابن من سلطة واسعة يف التصرف وحرية كبرية يف العمل .
كما يضاف إىل ذلك أن نيابة هذا األخري عن املالك ليست من قبيل الوكالة العادية
اليت يلزم الوكيل بتنفيذها دون أن جياوز حدودها املرسومة ،فالرابن يتمتع بسلطان مطلق يف
أمور مالك السفينة وله أن خيرج عليها إذا كان فيها ضرر للسفينة ،حيث يستطيع يف حالة
الضرورة أن يربم تصرفات قانونية رغم معارضة املالك إذا كان ذلك يف صاحل السفينة مما
يقتضي ختفيف مسؤولية املالك عن تصرفات الرابن.2
إن هذا التربير هو اآلخر كسابقه غري كاف فإذا كان األمر يتعلق ابستحالة الرقابة
والتوجيه مما يعين أن نظام احلد األقصى للتعويض جيب أن يطبق أيضا خبصوص الطائرات
وعرابت السكك احلديدية ،فمن يقود الطائرات هم أيضا يعملون بعيدا عن اخلطوط اجلوية
وكذلك ابلنسبة لشركة القطارات ،كما يعاب على هذا التربير من جانب آخر قيامه على خطأ
من حيث القانون ،إذ يقيم مسؤولية املتبوع على أساس اخلطأ يف االختيار والرقابة وهو غري
-1حممد زهدور ،املسؤولية عن فعل األشياء ومسؤولية مالك السفينة يف القانون املدين اجلزائري ،دار احلداثة ،بريوت ،سنة ، 1990ص
.180
-مصطفى كمال طه ،أساسيات القانون البحري ،الطبعة األوىل ،منشورات احلليب احلقوقية ،لبنان ،سنة ، 2006ص 108وما يليها.
2
39
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
صحيح ،فلو كان األمر كذلك ألمكن اثبات العكس .و هو ماال تسمح به املادة 1384ق
م ف ، 1اليت تعترب مسؤولية املتبوع قائمة على قرينة قاطعة ال جمال إلثبات عكسها. 2
إن هذه االنتقادات املوجهة ملربرات املسؤولية احملدودة ملالك السفينة تدل أن هذا األمر
مل حيسم بعد وابلتايل ال ميكن القياس على ذلك لتربير ميزة احلد األقصى للتعويض ،اليت حيظى
هبا الناقل البحري وهلذا جيب البحث عن مربر آخر يتفق مع مبدأ العدالة.
الفقرة الثانية:
الغاء شروط اإلعفاء من املسؤولية أو ختفيفها
ابلرغم من أن احلملة ضد شروط االعفاء من املسؤولية قد أمثرت يف جمال النقل الربي
سنة 1905إبصدار قانون "رابيه" الذي عدل املادة 103من القانون التجاري الفرنسي
وأبطل شروط اإلعفاء من املسؤولية وما يف حكمها من بنود يف عقود النقل الربي ،فإن النقل
البحري قد استعصى عليه أي تعديل مشابه .3و يرجع ذلك إىل استناد الناقلني البحريني يف
ادراج شروط اعفائهم إىل مبدأ سلطان اإلرادة ،الذي كان سائدا يف القرن التاسع عشر فقاموا
بتضمني سندات الشحن تلك الشروط املعفية من املسؤولية ،عن هالك البضاعة أو تلفها
الناشئ عن إمهال وكالئهم.4
ميكن للناقل ابعتباره مدينا وفقا للقواعد العامة يف القانون املدين أن يتفق مع الشاحن
على اعفائه من أية مسؤولية ترتتب على اخالله ابلتزامات عقدية ،إال ما ينشأ عن غشه أو
-1يقابله نص املادة ، 136املتبوع يقوم يف جانبه خطأ مفرتض افرتاضا قطعيا ال يقبل اثبات العكس ويتمثل يف خطأ يف الرقابة أو خطأ
يف التوجيه أو خطأ يف االختيار ،فالتابع إذا ارتكب خطأ كان املتبوع مسؤوال عنه مبقتضى خطأ آخر يفرتض قيامه يف جانب املتبوع وال
جيوز للمتبوع أن يتخلص من املسؤولية إبثبات أنه قد اختذ مجيع االحتياطات املعقولة لتوجيه اتبعه والرقابة على أعماله وقد قال هبذا الرأي
الكثري من الفقهاء واحملاكم يف فرنسا ومصر :عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ،اجلزء األول ،املرجع السابق
. 1041،
2
- René Rodière, la limitation de responsabilité du propriétaire de navire, passé présent
et avenir, DMF1973 ,p26.
-3إبراهيم مكي إبراهيم ،دعوى مسؤولية على الناقل البحري ،رسالة دكتوراه ،جامعة عني مشس ،مصر ،سنة ، 1973ص . 226
-4شرط اإلمهال نشأ يف األصل يف إجنلرتا ،مفاده أن يتفق مع الشاحن على عدم مسؤولية الناقل عن األضرار اليت تنشأ نتيجة خطأ اتبعيه
البحريني أو الربييني :مسيحة القليويب ،موجز القانون البحري ،املرجع السابق ،ص . 295
40
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
عن خطئه اجلسيم .ابإلضافة إىل هذا ميكنه أيضا أن يشرتط اعفائه من املسؤولية النامجة عن
غش أو خطأ جسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم يف تنفيذ التزاماته.1
يف هذا الشأن يرى بعض الفقه أنه نظرا ملا كانت الشروط اجلائرة املتعلقة إبعفاء الناقل
من املسؤولية عن األضرار الالحقة ابلبضاعة هتدد التوازن الذي تقوم عليه مسؤولية الناقل
البحري ،سوآءا داخليا أو دوليا ،لذلك قامت االتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية إبلغاء
تلك شروط يف مقابل وضع حد أقصى يسأل الناقل وفت َقه.2
إىل جوار شروط اإلعفاء من املسؤولية كانت هناك شروط حتديد مبلغ التعويض الواجب
على الناقل دفعه عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول ،فقد كان القضاء قبل
ظهور اتفاقية بروكسل حيكم بصحة هذه الشروط 3مامل يكن هذا التعويض اتفها حبيث يؤدي
بطريق غري مباشر إىل إعفاء الناقل من املسؤولية ،عندئذ يبطل هذا الشرط .4نذكر على سبيل
املثال أنه كانت بعض الشركات املالحية يف فرنسا تضع حدا ملسؤوليتها مبوجب سندات
الشحن مببلغ أقصاه 100فرنك فرنسي عن كل صندوق من البضاعة واستمرت على هذه
احلالة حىت بعض تدهور قيمة الفرنك الفرنسي .مما اُعترب مبثابة اعفاء للناقل من مسؤوليته ،إال
أن البعض قد َع َد َل عن هذا التحديد التافه مقدرا اخلطر الذي يكمن وراءه من حيث تزايد
شكوى الشاحنني بشأن رفع مقدار التعويض إىل مخسة أضعافه.5
بعد ظهور القواعد امللزمة ملعاهدة بروكسل اتفقت الدول على أن حيدد سقف التعويض
مبئة جنيه اجنليزي وإلغاء شروط حتديد التعويض أبقل من هذا املبلغ .لذلك يعتقد جانب من
41
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقه 1أن احلد األقصى للتعويض هو الثمن الذي حصل عليه الشاحن يف نظري بطالن
الشروط ،اليت كانت تسمح للناقل بتحديد مبلغ التعويض ،وفقا للقواعد العامة.
ميكن القول أنه ليس من املنطق أن تتدخل االتفاقية املذكورة للقضاء على شروط
االعفاء من املسؤولية ،أو ما شاهبها من شروط كتحديد مبلغ التعويض مببلغ زهيد من أجل
محاية الطرف الضعيف يف عقد النقل مث أتيت له مبقابل بوضع حد أقصى للتعويض ،الذي ال
يتطابق مع القيمة احلقيقية للضرر احلاصل للبضاعة .
من زاوية أخرى لو عدان إىل القواعد العامة فهذا التربير هو أيضا جمانب للصواب ،ألن
جتريد الناقل من حقه يف االتفاق مع الشاحن وفقا للحرية التعاقدية يف القواعد العامة ال
يقتضي تقرير حد أقصى للتعويض ملسؤولية الناقل ،فقد تدخلت هذه القواعد حلماية الطرف
املذعن(الشاحن) ،حيث جيوز للقاضي أن يتدخل يف عقود اإلذعان لتعديل الشروط التعسفية
أو أن يعفي الطرف املذعن منها .و هذا وفقا ملا تقضي به العدالة ويقع ابطال كل اتفاق على
خالف ذلك طبقا ملا ورد يف نص املادة 110ق م ج وعليه فإن نظام احلد األقصى ال يزال
حيتاج البحث عن مربر آخر يتفق مع مبدأ العدالة.
الفقرة الثالثة
احل ّد األقصى للتعويض حيقق التوازن بني املصاحل
يتضح من خالل ما ورد يف نص املادة 5/4من اتفاقية بروكسل واملادة 1/59من
معاهدة روتردام أن الناقل ال يستفيد من نظام احلد األقصى تلقائيا مثل ما ذهبت إليه
معاهدة هامبورغ ،إذ مل تشرتط هذه األخرية أي شرط حىت يستفيد الناقل من احلد األقصى
بل جعلت مسؤولية هذا األخري حمدودة يف كلتا احلالتني سواءا بني الشاحن قيمة البضاعة
وجنسها أم مل يبنهما و هذا ما يفهم من نص املادة .6خالفا التفاقية بروكسل اليت قضت
1
-FrancisSauvage ,Manuel pratique du transport des marchandises par mer , librairie
générale de droit et de jurisprudence, Paris 1955,p81, René Rediére, Droit
maritime,Dalloz ,Paris 1980,p269.
42
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أبن حق االستفادة من نظام احلد األقصى للتعويض يتقرر يف حالة عدم تصريح الشاحن
جبنس البضاعة 1وقيمتها قبل الشحن ،و عدم تدوينهما يف سند الشحن.
إذن فالشاحن الذي يريد تعويضا كامال عن الضرر الذي حلقه وزايدة يف مسؤولية الناقل
عن احلد األقصى للتعويض ،الذي عينته معاهدة بروكسل جيب عليه أن يساعد الناقل على
تنفيذ التزاماته اخلاصة ابحملافظة على البضاعة ،فيتقدم له ببيان عن جنس البضاعة وقيمتها.
فهذا البيان ابستطاعته توجيه الناقل إىل كيفية العناية ابلبضاعة على حسب ما تتطلب طبيعتها
،من عناية وميكنه أيضا من رصها رصا يتالءم معها واختيار مكان مناسب هلا ،إذ أن بعض
العنابر يف السفينة قد تصلح لنوع معني من البضائع هبا وال تصلح لنوع آخر .ابإلضافة إىل أن
ذكر قيمة البضاعة يسهل للناقل احملافظة على البضاعة حسب قيمتها إذ ُميكنه من زايدة
احلراسة عليها أثناء شحنها وتفريغها ورصها يف األماكن اليت تسهل من ذلك كاجلواهر ذات
القيمة املرتفعة مثال.2
فإذا مل يتقدم الشاحن إبعالن عن جنس البضاعة وقيمتها أعترب ذلك قبوال منه ابحلد
األقصى للتعويض املقرر يف النصوص القانونية السابقة .وعليه يبقى الشاحن حرا يف االختيار
بني التعويض الكامل والتعويض وفق حد أقصى.3كما يستنتج من ذلك أيضا أنه ال ميكن
تقرير التعويض الكامل يف حالة عدم بيان طبيعة البضاعة وقيمتها نظرا ملا ينطوي عليه من
اجحاف حبق الناقل ،الذي جيهل حمتوايت الطرود املنقولة ،اليت قد تكون ذات قيمة كبرية ،إذ
يفوته أن يغطي مسؤوليته ابلتأمني الالزم من أجل نقلها.4
-1وكذلك نفس احلكم ابلنسبة لقواعد روتردام ،غري أنه يالحظ وجود اختالف بسيط بني املادتني املذكورتني أعاله يتمثل يف أن املادة
1/59من معاهدة روتردام اقتصرت على اشرتاط ذكر قيمة البضاعة دون جنسها ،على عكس املادة 5/4من معاهدة بروكسل اليت
أوجبت ذكر قيمة البضاعة وجنسها حىت حيصل الشاحن على تعويض كامل يتناسب مع ما أصابه من ضرر.
2
- Compte rendu sténographique de la conférence de la Haye, RIDM33-1046.
مشار إليه لدى عبد الرمحن سليم ،املرجع السابق ،ص 300وما يليها .
-3عبد القادر حسني العطري ،اتفاقية األمم املتحدة حول النقل متعدد الوسائط للبضائع ل، 1980جملة احلقوق الكويتية ،العدد الثالث ،
السنة الثامنة ،سبتمرب ، 1984ص . 184
-4علي مجال الدين عوض ،التحديد القانوين ملسؤولية الناقل البحري الدويل يف اتفاقية بروكسل ويف القضاء الكوييت ،جملة احلقوق
والشريعة ،العدد الثاين ،سنة ، 1978ص . 332
43
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
إذن فعلى ضوء احلد األقصى للتعويض ميكن حساب املخاطر اليت سيواجهها الناقل
ويضع تبعا لذلك أجور شحن موحدة ورخيصة ويف الوقت ذاته يتفادى املخاطر املرتبطة
ابلبضائع ذات القيمة املرتفعة ،اليت جيهل حمتواها .عالوة على ما تقدم فإن التعويض الكامل
يؤدي إىل إرهاق الشاحنني الذين سيطلب منهم عندئذ رفع أجور شحن غالية .ومن مثة فإن
احلد األقصى للتعويض يعمل على حتقيق نوع من التوازن بني مصاحل الشاحنني والناقلني .1و
من زاوية أخرى فقد راعت التشريعات الدولية مصاحل الشاحنني من حيث أنه ال ميكن االتفاق
على أقل من احلد األقصى للتعويض و مراعاة يف نفس الوقت ملصاحل الناقلني ،من حيث عدم
إلزامهم أبكثر من احلد األقصى للتعويض.2
خالصة القول أن فشل كل املربرات اليت كانت حمل جدل و اليت مت نقدها على اعتبار
أن الظروف واالعتبارات اليت كان يعتقد أباها الدافع يف تقرير نظام احلد األقصى قد تالشت
يف الوقت احلاضر وال جدوى من األخذ هبا يف تربير التعويض اجلديد.كما أن بعضها خرج
عن املنطق القانوين لذلك فإن توازن املصاحل بني األطراف املتعارضة سيبقى على مر العهود
ضرورة من ضرورات التوازن العقدي وطريقا حنو حتقيق مبدأ العدالة وهو اهلدف الذي تصبو
إليه مجيع التشريعات ،لذلك يعترب املربر الوحيد الذي يستقيم مع نية اجملتمع الدويل من وراء
تقرير نظام احلد األقصى للتعويض.3
-1يعقوب يوسف صرخوه ،النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري عن البضائع يف القانون البحري الكوييت اجلديد (القسم األول ،جملة احلقوق،
العدد الثاين ،السنة الثامنة ،سنة ، 1984ص . 194
-2عادل علي املقدادي ،القانون البحري ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع والدار الدولية ،الطبعة األوىل ،اإلصدار الثالث ،عمان ،سنة
، 2002ص ، 145كمال محدي اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ، 1978املرجع السابق ،ص . 117
-3قرارية قويدر ،نظام احلد األقصى للتعويض واخلالف الفقهي احلاصل حول مربراته ،اجمللة اجلزائرية للقانون البحري والنقل ،العدد اخلامس
،منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد تلمسان(اجلزائر) ،دار كنوز للنشر والتوزيع ،سنة،2017ص .344
44
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
املطلب الثاين:
أساس املسؤولية احملدودة والشروط املتصلة هبا
على غرار كل العقود امللزمة للجانبني وال سيما عقد النقل البحري للبضائع فإن
اإلخالل ابلتزام يرتبه العقد يؤدي إىل قيام املسؤولية العقدية للطرف الذي فشل يف الوفاء
بواجباته .و على هذا فإن مسؤولية الناقل احملدودة هي مسؤولية عقدية تثور عندما خيفق
الناقل يف إيصال البضاعة لصاحبها سليمة وكاملة العدد على النحو ،الذي مت تدوينه يف سند
الشحن .و ترتكز هذه املسؤولية عموما على ثالث أركان وهي اخلطأ ،الضرر والعالقة السببية
كم
بينهما و جيب على املضرور يف سبيل احلصول على التعويض إثبات هذه األركان حىت ُحي َ
على املسؤول عن الضرر مبا جيربه .و إن كان األمر هكذا وفق القواعد العامة فما هو األساس
الذي اختذته االتفاقيات الدولية ملسؤولية الناقل البحري احملدودة ؟
إن اإلجابة على هذا التساؤل ستكون من خالل دراسة األساس الذي تقوم عليه
املسؤولية احملدودة يف االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري (فرع أول) وإىل جانبه
سنتطرق للشروط املدرجة يف عقد النقل ومدى جوازها من خالل دراسة الشروط الباطلة
بطالان مطلقا (فرع اثين)،مث يليه التعرض بعد ذلك للشروط الصحيحة (فرع اثلث).
الفرع األول
أساس املسؤولية احملدودة يف االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري
مل تستقر التشريعات الدولية وحىت الداخلية على أساس واحد ،حىت وإن كانت قد
وضعت أساسا عاما إال أاها قررت أسس استثنائية ،حسب ما تقتضيه ظروف احلال .وذلك
نظرا ألن بعض احلاالت تتطلب تغيري األساس الذي تقوم عليه املسؤولية احملدودة للناقل
البحري .لذلك سنتعرض ألساس املسؤولية احملدودة وفق اتفاقية بروكسل ،مث يعقبه الوضع يف
اتفاقييت هامبورغ وروتردام و أخريا اإلشارة إىل ماجاء به القانون البحري اجلزائري يف هذا
الشأن .
45
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة األوىل:
أساس املسؤولية احملدودة يف معاهدة بركسل
تنص املادة 3من معاهدة بروكسل على أنه:
"أوال :على الناقل أن يبذل اهلمة الكافية قبل لسفر وعند البدء فيه ألغراض التالية:
أ-جعل السفينة صاحلة يف حالة صاحلة للسفر.
ب-جتهيز السفينة و تطقيمها ومتوينها على الوجه املرضي.
ج-إعداد العنابر والغرف الباردة واملربدة وكافة األقسام األخرى ابلسفينة املعدة للشحن.
اثنيا :مع عدم اإلخالل أبحكام املادة الرابعة على الناقل أن يقوم بشحن البضائع املنقولة
وتشوينها1ورصها ونقلها وحفظها والعناية هبا وتفريغها مبا يلزم لذلك من عناية ودقة ".
لقد اختلف الفقهاء يف تفسري الفقرة الثانية من هذا النص مما أاثر جدال كبريا حول
األساس الذي تقوم عليه مسؤولية الناقل البحري ،فانقسمت اآلراء إىل اجتاهني :إجتاه يرى أن
اتفاقية بروكسل تقيم املسؤولية على أساس اخلطأ املفرتض ،أما اإلجتاه الثاين فريى خالف ذلك
ويؤكد فقه آخر أبن األساس الذي قصدته االتفاقية هو املسؤولية املفرتضة.
ذهب أصحاب اإلجتاه األول 2إىل أن مسؤولية الناقل تقوم على أساس خطأ مفرتض
عند وقوع ضرر للبضاعة ،ألن معاهدة بروكسل ال تتطلب من الناقل يف كل ما ألقته عليه من
التزامات إال ببذل العناية واهلمة املعقولة ،حبيث لو أثبت الناقل بذله هلذه العناية ألفلت من كل
مسؤولية انشئة عن االلتزام املطلوب أداؤه وسوآءا تعلق األمر ابلسفينة أو ابلبضاعة .معىن ذلك
أن التزام الناقل هو التزام بوسيلة obligation de moyenوحىت يتخلص من هذه املسؤولية
-1مل تعرف معاهدة بروكسل التشوين وكذلك املشرع اجلزائري غري أن هذا األخري اكتفى بذكر العمليات اليت يشملها التشوين وهي أتمني
االستالم والتأشري والتعرف يف اليابسة على البضائع املشحونة أو املنزلة وحراستها إىل أن يتم شحنها أو تسليمها إىل ملرسل إليه وهذا حسب
ما جاء يف نص املادة 920ق ب ج .
-2علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ، 1969ص ، 740حممود خمتار أمحد بريري ،قانون
التجارة البحرية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ، 2000ص 416وما يليها.
46
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يكفيه طبقا للفقرة 2من املادة 3اثبات أنه بذل العناية املطلوبة ،1أي عناية الرجل املعتاد وإن
كانت طبيعة هذه العناية ومداها خيتلف ابختالف طبيعة البضاعة املنقولة وهو أمر ال يقتصر
على الناقل فحسب بل هو مطلوب أيضا من اتبعيه الذين يستخدمهم يف تنفيذ التزاماته.كما
يرجع تقدير هذه العناية إىل معيار الشخص العادي متوسط املعين أبموره وهو ما مياثل مقدار
العناية املطلوبة لتنفيذ االلتزامات املنصوص عليها يف الفقرة األوىل من نفس املادة اليت توجب
على الناقل السعي يف جعل السفينة صاحلة للمالحة.2
أما اإلجتاه الثاين 3فريى خالف ذلك أي أن التزام الناقل هو التزام بتحقيق نتيجة
وهي توصيل البضاعة ساملة إىل وجهة الوصول ،لذلك يكون obligation de résultat
مسؤوال عنها مبجرد ختلف هذه النتيجة ،عند هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول
دون أن يكلف الشاحن إبثبات خطأ الناقل ،فهذا ما يظهر بوضوح عند مقارنة الفقرة الثانية
من املادة الثالثة بنص الفقرة األوىل منها .فبينما تنص هذه األخرية صراحة على التزام الناقل
ببذل اهلمة الكافية لتنفيذ التزاماته فإن الفقرة الثانية تنص على قيام الناقل بتنفيذ هذه
االلتزامات الواردة هبا بطريقة مناسبة ،أي أن النص منصب على تنفيذ االلتزامات ال على
مقدار العناية الواجب القيام هبا يف تنفيذ ذلك .وعليه ال ميكن اعتبار التزامات الناقل
املنصوص عليها يف الفقرة 2من املادة الثالثة التزامات ببذل عناية مماثلة اللتزامه ببذل اهلمة
الكافية يف جعل صاحلة للسفر الوارد يف الفقرة األوىل من نفس املادة.
إن اخلالف الفقهي املذكور ال ميكن الفصل فيه إال ابلرجوع إىل األعمال التحضريية
للمعاهدة اليت دارت يف مؤمتر الهاي ،حيث أن ما جاء فيها من أقوال صرحية تؤيد الرأي الثاين
أحد أعضاء املؤمتر ابلنسبة للتفرقة بني الفقرتني األوىل السيد""Norman Hill من بينها ماقاله
-1حممد غسان الصابوين ،القضااي البحرية ،منشورات فرع نقابة احملامني ،دمشق ،سنة ،1979ص .34
-2علي حسن يونس ،املرجع السابق ،ص ، 302حممود مسري الشرقاوي ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص ، 270عاطف حممد
الفقي ،املرجع السابق ،ص . 335
- 3حممد غسان الصابوين،املرجع السابق،ص.35
47
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
والثانية من املادة الثالثة و خالصته أن التزامات الناقل املنصوص عليها يف الفقرة الثانية هي
التزامات مطلقة وليست التزامات ببذل عناية .فال يعترب الناقل أنه قد وىف ابلتزاماته مبجرد بذل
اليقظة املعقولة بل البد من حتقيق الغاية املقصودة من تنفيذها ،أي أاها التزامات بتحقيق نتيجة
وليست ببذل عناية.1
نتيجة لذلك فإن مسؤولية الناقل هي مسؤولية مفرتضة .2و هذا ما أكدت عليه أيضا
حمكمة النقض الفرنسية من خالل قرارين صادرين عنها:
"-1لكي يعفى الناقل من املسؤولية اليت تفرتض جتاهه عن هالك البضاعة املنقولة أو تلفها
جيب عليه إثبات حالة من حاالت اإلعفاء املنصوص عليها يف املادة 2/4من اتفاقية
بروكسل".3
"-2طاملا أن الناقل مل يستطع إثبات إحدى حاالت اإلعفاء من املسؤولية فيجب عليه أن
يتقبل افرتاض املسؤولية اليت تقع على عاتق كل انقل حبري مبقتضى معاهدة بروكسل".4
بناءا على ما تقدم ذكره مل يبقى هناك شك يف أن األساس العام الذي قصدته معاهدة
بروكسل هو افرتاض املسؤولية خالل الرحلة البحرية ،اليت تبدأ من شحن البضاعة على منت
السفينة إىل غاية تفريغها يف ميناء الوصول،5فهالك البضاعة أو تلفها خالل هذه الفرتة يفرتض
أن الناقل هو املسؤول الوحيد عما حدث للبضاعة.
48
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
اجلدير ابلذكر أن األساس العام يف اتفاقية بروكسل قد ترد عليه بعض االستثناءات وهي
كالتايل:
-1حالة عدم صالحية السفينة للمالحة ،حيث خرجت معاهدة بروكسل يف هذه احلالة عن
القاعدة العامة فقررت أن األساس الذي يسأل الناقل وفقا له هو اخلطأ املفرتض .و هو ما
جاء يف املادة 1/4من نفس املعاهدة ،اليت تقابلها الفقرة أ من املادة 803ق ب ج إذ
أوجبت هاتني األخريتني على الناقل بذل العناية الالزمة يف جعل السفينة يف وضع صاحل
للمالحة قبل بدء الرحلة البحرية .ابإلضافة إىل جتهيزها ومتونينها بشكل مناسب ،ترتيب
وتنظيف عنابر السفينة حبيث تكون حبالة جيدة الستقبال البضائع ونقلها وحفظها .وابلتايل
يعفى الناقل من املسؤولية إذا كان هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف وصوهلا انمجا عن
عدم صالحية السفينة و أثبت هذا األخري أنه قد بذل العناية املطلوبة منه يف الوفاء هبذا
االلتزام.
-2حالة عيب خفي ابلسفينة مل يظهر ابلرغم من االهتمام الكايف .و هو ما ورد يف الفقرة ع
من املادة 4من معاهدة بروكسل واليت اقتبسها املشرع اجلزائري ووضعها يف الفقرة ط من املادة
803ق ب ج .لكن ما يالحظ على هذه الفقرة أاها مل أتيت جبديد فقد كانت عبارة عن
تكرار للحالة السابقة إذ ميكن االستغناء عنها ابلفقرة األوىل من املادة الرابعة ،ألن صالحية
السفينة يدخل يف مضمواها العيب اخلفي .ويف هذا الشأن أصدر القضاء الفرنسي قرارا يثبت
فيه مسؤولية الناقل البحري عن اإلخالل هبذا االلتزام فقررت احملكمة 1أن الناقل مسؤول لعدم
احرتام إجراءات الفحص اخلاصة ابلسفينة وابلتايل عدم اختاذه العناية الكافية جلعل السفينة يف
حالة صاحلة للمالحة قبل السفر.
1
Versailles ,12eme ch, sec 2,20 décembre 2001, D M F N0 624, mars 2002, p257,
- CA.
Ob Yves tassel.
49
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
-3حالة احلريق إذا كان من فعل أو خطأ الناقل .ذلك وفقا ملا جاء يف الفقرة 2من املادة 4
من هذه االتفاقية 1وهي تتطابق متاما مع الفقرة ج من املادة 803ق ب ج .وعلى هذا فإن
الناقل يعفى من املسؤولية إذا أثبت أن اهلالك أو التلف أو التأخري كان بسبب احلريق .ويف
اجلهة املقابلة جيب على املضرور من أجل احلصول على التعويض أن يثبت أن خطأ الناقل هو
ما كان سبب نشوب احلريق ،أو أنه مل يتخذ التدابري للوقاية منه ،أو أنه هتاون يف إمخاد احلريق
مما أدى إىل تفاقم األضرار ،اليت أصابت البضاعة من جراء احلريق .وعليه فإن خطأ الناقل يف
هذه احلالة هو واجب اإلثبات على املدعي (الشاحن أو املرسل إليه).
-4حالة إنقاذ أو حماولة انقاذ األرواح واألموال يف البحر ويبىن فيها أساس املسؤولية أيضا على
اخلطأ الواجب اإلثبات وهو ما ورد يف الفقرة ل من املادة السابقة من املعاهدة ،اليت تقابلها
الفقرة ي من املادة 803ق ب ج .يف هذا الوضع تكمن حالة إعفاء أخرى لصاحل الناقل
وحىت يعفى هذا األخري من املسؤولية جيب عليه أن يثبت أن هالك البضاعة أو تلفها أو ما
حلقها من أتخري كان سببه انقاذ األرواح البشرية أو األموال ،أو أنه كان بسبب حماولته يف
ذلك .وعلى املضرور يف هذه احلالة أن يثبت خطأ الناقل أبنه مل يبذل العناية املطلوبة يف جندة
األشخاص ،أو انقاذ األموال ،أو مل يسعى يف حتقيق ذلك.
-1تنص املادة " :2/4ال يسأل الناقل أو السفينة عن اهلالك الناتج أو الناشئ عن:
أ-أعمال أو إمهال أو خطأ الرابن أو البحار أو املرشد أو مستخدمي الناقل يف املالحة ،ب -احلريق مامل حيدث بفعل الناقل أو خطئه ،
ج -خماطر البحر أو املياه الداخلية األخرى أو أخطارها أو حوادثها ،د -القضاء والقدر ،ه -حوادث احلرب ،و -أعمال األعداء
العمومني ،ز -إيقاف أو إكراه صادر من احلكومة أو سلطة أو شعب أو حجز قضائي ،ح -قيود احلجر الصحي ،ط -عمل أو سهو
من جانب الشاحن أو مالك البضاعة أو وكيله أو ممثله ،ي -اإلضراابت عن العمل أو اإلغالق أو إيقاف أو العوائق العارضة أثناء العمل
ألي سبب سواءا كان كليا أو جزئيا ،ك-الفنت أو االضطراابت األهلية ،ل -إنقاذ أو حماولة إنقاذ األرواح أو األموال يف البحر ،م -العجز
يف احلجم أو الوزن أو أي هالك أو تلف آخر انتج عن عيب خفي أومن طبيعة البضاعة أو عيب خاص هبا ،ن -عدم كفاية التغليف ،
س -عدم كفاية أو عدم اتقان العالمات ،ع -العيوب اخلفية اليت ال تكتشفها اليقظة املعقولة ،ف -أي سبب آخر غري انشئ عن فعل
الناقل أو خطئه أو فعل وكالء الناقل أو مستخدميه أو أخطائهم ،إمنا يقع على من يرغب يف االستفادة من هذا االستثناء و حيق له أن
يثبت أنه ليس للخطأ الشخصي وال لفعل الناقل وال لفعل وكالء الناقل أو مستخدميه أو أخطائهم أي صلة ابهلالك أو التلف ".
50
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة الثانية:
أساس املسؤولية احملدودة يف معاهدة هامبورغ
لقد أضاف واضعي اتفاقية هامبورغ ملحقا خاصا ابالتفاقية حتت عنوان "تفاهم عام أقره
مؤمتر األمم املتحدة اخلاص بنقل البضائع بطريق البحر" ،جاء فيه أنه من املفهوم بوجه عام أن
مسؤولية الناقل مبوجب هذه االتفاقية تقوم على مبدأ اخلطأ أو اإلمهال املفرتض .و مؤدى
ذلك كقاعدة عامة أن يقع عبء اإلثبات على الناقل إال أن أحكام االتفاقية تعدل من هذه
القاعدة فيما يتعلق ببعض احلاالت.1
يالحظ من خالل قراءة هذا امللحق أنه يتضمن شطرين :األول ينص على قاعدة عامة
وهي قيام مسؤولية الناقل على أساس اخلطأ أو اإلمهال املفرتض .أما الثاين فينبأ عن تعديالت
تستثىن من القاعدة العامة،هلذاسنتطرق أوال :لقاعدة اخلطأ أو اإلمهال املفرتض ،اثنيا :التعرض
لالستثناءات الواردة على هذا األساس العام.
أوال :اخلطأ املفرتض
تنص املادة 1/5من معاهدة هامبورغ على أنه ":يسأل الناقل عن اخلسارة الناجتة عن
هالك البضائع أو تلفها وكذلك الناجتة عن التأخري يف التسليم ،إذا وقع احلادث الذي تسبب
يف اهلالك أو التلف أو التأخري أثناء وجود البضائع يف عهدته على الوجه املبني يف املادة،24
مامل يثبت الناقل أنه قد اختذ هو أو مستخدموه أو وكالؤه مجيع ما كان من املعقول تطلب
اختاذه من تدابري لتجنب احلادث وتبعاته ".
51
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يظهر جليا من هذا النص أن معاهدة هامبورغ تقيم مسؤولية الناقل على أساس اخلطأ أو
اإلمهال املفرتض .ومعىن ذلك أن الناقل البحري يعترب مسؤوال عما أصاب البضائع من هالك
أو تلف أو أتخري عندما ال يقدم الدليل على أنه و اتبعيه ،أو وكالؤه قد قاموا بكل اإلجراءات
والتدابري املعقولة لتجنب وقوع احلادث واألضرار النامجة عنه1واملفرتض القيام هبا من انقل
حريص يتواجد بنفس الظروف.2
اثنيا :االستثناءات الواردة على األساس العام
طبقا مللحق التفاهم الذي أقره مؤمتر األمم املتحدة وابلرجوع إىل قواعد هامبورغ ميكن
القول أن هناك ثالث حاالت خترج عن قاعدة اخلطأ املفرتض ابعتباره أساسا عاما لمساءلة
الناقل البحري وهي حالة احلريق ،النقل اخلاص ابحليواانت احلية ،حالة تنفيذ التزام قانوين
واملتمثل يف انقاذ األرواح واملمتلكات يف عرض البحر .
أ-حالة احلريق:
تنص املادة 4/5من معاهدة هامبورغ على أنه( ":أ)-يسأل الناقل :
-1عن هالك البضائع أو تلفها أو التأخري يف التسليم بسبب احلريق ،إذا أثبت املطالب أن
احلريق قد نشأ عن خطأ أو امهال من جانب الناقل أو مستخدميه أو وكالئه.
-2عن هالك أو التلف أو التأخري يف التسليم إذا أثبت املدعي أن ذلك نتج عن خطأ أو
امهال من جانب الناقل أو مستخدميه أو وكالئه ابختاذ مجيع التدابري املعقولة إلمخاد احلريق
وجتنب تبعاته أو التخفيف منها.
وفقا هلذا النص على املضرور أن يثبت خطأ الناقل ،أو اتبعيه إبقامة الدليل على أنه
السبب الذي أدى إىل نشوب احلريق ،أو أن يثبت أن الناقل أو اتبعيه مل يتخذوا التدابري
-1سعيد حيي ،مسؤولية الناقل البحري وفقا التفاقية األمم املتحدة لنقل البضائع ابلبحر لعام ( 1978قواعد هامبورغ) ،املكتب احلديث
،مصر ،بدون اتريخ نشر ،ص . 35
-Abdelkerim kouka, le contrat de transport maritime de marchandises en France et en
Tunisie : Théorie et pratique, Thèse de Doctorat, Université de Panthéon –Assas
(Paris II), octobre 2011, p302.
-2حممود حممد عنانبة ،املرجع السابق . 143 ،
52
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
املعقولة إلمخاد احلريق وجتنب تبعاته أو التخفيف منها .إذن يف هذه احلالة ال يوجد خطأ أو
إمهال مفرتض وإمنا خطأ واجب إثباته من جانب الشاحن .1و ال سبيل للناقل يف اخلالص من
هذه املسؤولية إال إبثبات السبب األجنيب الذي أدى إىل احلريق وابلتايل ال يسعه اثبات أنه قد
اختذ هو ومستخدميه أو وكالئه كافة التدابري املعقولة لتفادي احلادث وجتنب خملفاته .يرتتب
على ذلك أنه يف حالة بقاء سبب احلريق جمهوال فإن الناقل ال يتحمل أية مسؤولية على اعتبار
أن الشاحن قد فشل يف إثبات خطأه.2
نظرا للصعوبة اليت تتعلق ابثبات خطأ الناقل أو إمهاله يف حالة احلريق قررت االتفاقية يف
البند ب من الفقرة 4من املادة 5منها على أنه " :يف حالة نشوب حريق على السفينة تتأثر
به البضائع ،جيب أن جترى إن شاء املطالب أو الناقل معاينة وفقا للممارسات املالحية
للوقوف على سبب احلريق ومالبساته .وعند الطلب توضع نسخة من تقرير املعاينة حتت
تصرف الناقل أو املطالب" ،فهذا احلكم من شأنه مساعدة املضرور يف اإلثبات وترد خبصوصه
بعض املالحظات اهلامة وهي كاآليت:
ى إال إذا طلبه أحد الطرفني (املضرور أو الناقل) ،فإذا مل يطلبه أي منهما
أ-أن التحقيق ال جير َ
فال يكون واجبا.
-1إن األخذ بفكرة اخلطأ الواجب اإلثبات يف حالة اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم الناشئ عن احلريق وإن كان يشكل عبئا ثقيال يف
اإلثبات على الشاحن ،ميكن رده إىل سببني :أوهلا أن االتفاقية تفرض على الناقل اختاذ تدابري الوقاية من احلريق والغالب أال يقتصر الناقل
عليها وإمنا يضيف إليها تدابري أخرى زايدة احليطة ،واثنيها أن احلريق إذا شب يف السفينة ال يلتهم البضاعة وحدها وإمنا أييت على السفينة
أيضا فيكون الناقل أول ضحاايه وقد يكون أكثرهم أتثرا به :كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع لعام ، 1978
املرجع السابق ،ص. 43
-Hind Adil, la responsabilité du transporteur maritime international de marchandises
sous connaissement mémoire présenté en vue de l'obtention du grade de maitre en
droit université de Montréal (canada), décembre 2005, p75.
-2وجد ي حاطوم ،املرجع السابق ،ص . 223
53
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ب-أنه ال جيوز طلب التحقيق إال يف حالة حدوث حريق يف السفينة ،فإذا وقع احلريق على
رصيف امليناء ،أو يف املخازن داخل امليناء فإن السلطات احمللية هي اليت تتوىل التحقيق والذي
يتبع بشأنه أحكام القانون احمللي.
ج-تراعى يف إجراء التحقيق القواعد واألعراف املتبعة يف النقل البحري كمواعيد املعاينة وأجزاء
السفينة اليت ميكن معاينتها وكيفية استجواب البحارة وعمل التجارب وغري ذلك من األمور
اليت تقتضيها املعاينة ويستلزمها التحقيق.
د -مل يشر النص إىل اجلهة اليت يقدم إليها طلب التحقيق .وعلى ذلك فإنه إذا مل يتفق الطرفان
على إجراءات التحقيق ومن بينها كيفية إجرائه والشخص الذي يتواله ،جاز ملن يطلب
التحقيق أن يتقدم ابلطلب إىل اجلهة املختصة ،وفقا لقانون امليناء الذي توجد فيه السفينة.1
ب-نقل احليواانت احلية
نصت املادة 5/5من االتفاقية على أنه" :فيما يتعلق ابحليواانت احلية ال يسأل الناقل
عن اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم الناتج عن أي خماطر خاصة تالزم هذا النوع من
النقل مىت أثبت الناقل أنه راعى أية تعليمات خاصة أصدرها إليه الشاحن فيما يتعلق
ابحليواانت احلية و أن اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم قد يعزى يف مثل هذه احلالة إىل
هذه املخاطر ،يفرتض أن اهلالك أو التلف أو التأخري قد نتج عن هذه املخاطر مامل يتوفر
الدليل على أن اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم قد نتج كله أو بعضه عن خطأ أو إمهال
من جانب الناقل أو مستخدميه أو وكالئه".
-1حمسن شفيق ،املرجع اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع(اتفاقية هامبورغ بتاريخ 31من مارس ،1978دار النهضة العربية،
القاهرة ،سنة ،2000ص.95
54
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يبدوا من مضمون النص السابق أنه خفف من مسؤولية الناقل يف حالة نقل احليواانت
احلية آخذا بعني االعتبار املخاطر اخلاصة اليت تنتج عن حركة احليواانت احلية .1واليت ال ميكن
السيطرة عليها ،فاألضرار اليت تلحق هبا يفرتض أاها نتجت عن هذه املخاطر .نتيجة لذلك
اليسأل الناقل عما حيدث هلذه احليواانت من هالك أو جروح أو أمراض أو أتخر يف
تسليمها ،2إال إذا أثبت املضرور خطأ هذا األخري .وهو أمر صعب للغاية خاصة إذا قدم
الناقل دليال على تنفيذه لكل التعليمات ،اليت تلقاها من الشاحن خبصوص احليواانت احلية
املنقولة.3
ج -إنقاذ األرواح واملمتلكات يف البحر
نصت الفقرة 6من املادة 5على أنه ":يف فيما عدا العوارية العامة 4ال يسأل الناقل إذا
كان اهلالك أو التلف أو التأخري انجتا عن تدابري إلنقاذ األرواح أو عن التدابري معقولة إلنقاذ
املمتلكات يف البحر".
-1قد يثور التساؤل عن ماهية احليواانت احلية وما إذ اكان املراد منها مطلق احليواانت احلية أم فقط تلك اليت يرتك هلا قسط من احلرية
واحلركة أثناء نقلها دون غريها من احليواانت احلية كاحملار والقواقع اليت تنقل يف صناديق أو طرود مغلقة ،فطاملا أن هذه احليواانت وهي يف
صناديق أو طرود مغلقة فهي على هذا النحو ال حتتاج إىل رعاية خاصة فشأاها كشأن البضائع األخرى ومن مث ال خيضع نقلها ألحكام
اخلاصة بنقل احليواانت احلية :املرجع السابق ،ص . 92
-2علي مجال الدين عوض ،النقل البحري للبضائع ،دار النهضة العربية ،سنة ،1992ص .637
-و الوضع ال خيتلف كثريا عند الرجوع إىل معاهدة روتردام فقد أجازت للناقل االتفاق مع الشاحن عند نقله للحيواانت احلية أن يشرتط
اعفائه من املسؤولية يف هذه احلالة أو حتديد مبلغ للتعويض عنها ،لكن ذلك ال يكون أي أثر إذا ارتكب الناقل أو اتبعيه سلوكا يدخل يف
دائرة سوء السلوك العمدي ،طبقا ملا ورد يف املادة 81من هذه املعاهدة.
– - Paulette veaux, Daniel Veaux, commerce Maritime responsabilité du transporteur
3
55
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
لقد كان أمرا منطقيا أن يتماشى هذا النص مع ما جاءت به معاهدة بروكسل اخلاصة
بتوحيد بعض القواعد املتعلقة ابملساعدة واإلنقاذ البحريني لسنة 1910واإلتفاقية الدولية
املتعلقة إبنقاذ األرواح البشرية يف البحر واللتان أقرات بواجب املساعدة واإلنقاذ .بناءا عليه فإن
الناقل يعفى من املسؤولية عن هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف تسليمها بسبب التدابري
اليت تتخذ إلنقاذ األرواح أو املمتلكات.1
ارتباطا مبا سبق فإن قواعد هامبورغ متيز بني انقاذ األرواح وإنقاذ املمتلكات ،فإذا تعلق
األمر إبنقاذ األرواح فهنا يعفى الناقل من املسؤولية عن اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم
إذا وقع ذلك بسبب عمليات اإلنقاذ دون قيد أو شرط ،كما لو اضطرت السفينة إىل
االحنراف عن خط سريها إلنقاذ األرواح .والعلة يف ذلك أن انقاذ األشخاص يف حالة خطر
يعترب التزاما قانونيا يقع على عاتق الرابن إذ يعرضه للعقاب إذا امتنع عن القيام به ،ألن األرواح
البشرية ال يعادهلا مال.2
أما إذا تعلق األمر إبنقاذ أموال أو ممتلكات يف البحر فال يعفى الناقل من املسؤولية إال
إذا كانت بسبب التدابري املعقولة اليت يتخذها إلنقاذ هذه األموال وذلك ألن انقاذ األموال هو
أمر اختياري ال يلتزم الرابن به3ومن جهة أخرى ألن املفاضلة بني مال ومال آخر،فيكون خريا
للناقل احملافظة على مال أؤمتن عليه من أن يضحي مبال ال يعنيه.4
-1كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع لعام ، 1978املرجع السابق ،ص . 90
-2عاطف حممد الفقي ،املرجع السابق ،ص .345
-3حممد السيد الفقي ،املعتصم ابهلل لغرايين ،أساسيات القانون التجاري والبحري ،دار اجلامعة اجلديدة ابإلسكندرية ،سنة ، 2009ص.269
-4علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،1987ص.535
56
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة الثالثة:
أساس املسؤولية يف قواعد روتردام
تتميز معاهدة روتردام على االتفاقيات اليت سبقتها أبن قواعدها تتضمن مزجيا بني عدة
أسس إذ أقامت مسؤولية الناقل البحري على أساس اخلطأ املفرتض ويف أحيان أخرى شددت
من هذه املسؤولية فجعلتها مسؤولية مفرتضة ،كما أراحت الناقل من عبئ االثبات يف بعض
احلاالت فجعلت مسؤوليته قائمة على اخلطأ الواجب اإلثبات.
أوال :اخلطأ املفرتض
تقوم مسؤولية الناقل عن هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف تسليمها على أساس
اخلطأ املفرتض ،إذا أثبت املطالب (املدعي) أن الضرر الذي حلق ابلبضاعة قد وقع أثناء مدة
التزام الناقل .1تبدأ هذه املسؤولية منذ تسلم الناقل ،أو الطرف املنفذ 2البضاعة إىل غاية
تسليمها إىل املرسل إليه ،أو من ينوب عنه وفقا ألحكام املادة 12من االتفاقية .وال يُطالب
املتضرر إبثبات خطأ الناقل فهو مفرتض يف تلك املدة الزمنية وإمنا يف سبيل أن حيصل الناقل
على إعفاء من املسؤولية كليا أو جزئيا 3وجب عليه نفي اخلطأ أبن يثبت أنه مل يرتكب أي
خطأ هو واتبعيه أدى إىل وقوع الضرر.4
57
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
1
اثنيا :املسؤولية املفرتضة
لقد أضافت معاهدة روتردام إىل مسؤولية الناقل أساسا آخر مثلما هو عليه احلال يف
معاهدة بروكسل والذي يبىن على افرتاض املسؤولية ،فقد كان من شأن هذا النظام تعزيز وضع
الناقلني عما كان عليه يف اتفاقية هامبورغ يف هذا الصدد .2وبذلك أصبح للناقل خيارا آخر
لدفع مسؤوليته النامجة عن الضرر الالحق ابلبضاعة أثناء دخوهلا يف عهدته و املتمثل يف إثبات
إحدى حاالت اإلعفاء الواردة يف الفقرة 3من املادة .317
يف غالب األحيان ما يضطر الناقل عند نفيه الرتكاب أي خطأ سوآءا من جانبه أو من
جانب اتبعيه أن يلجأ إىل اثبات مصدر هذا الضرر ،أي أن يثبت السبب األجنيب كالقوة
القاهرة مثال ،أو العيب الذايت ،أو فعل الشاحن ،أو فعل الغري .و هو نفس الطريق للتخلص
من املسؤولية يف حال ما كان نوع االلتزام بتحقيق نتيجة وعلى هذا ميكن القول أن اتفاقية
روتردام تتخذ يف شأن مدى التزام الناقل منهجا يقرتب من جعله التزاما بتحقيق نتيجة أو غاية
أكثر منه التزاما ببذل عناية ،فالنتيجة أو الغاية املستهدف حتقيقها هي نقل البضائع وتسليمها
حبالة سليمة إىل املرسل إليه يف الوقت املتفق عليه أو الوقت املعقول.4
من زاوية أخرى يرى الفقه الفرنسي والعريب ابلقياس على أحكام معاهدة بروكسل أن
كلميت "عناية والدقة" الواردتني يف املادة 2/3من معاهدة بروكسل وكذلك يف نص املادة 13
من اتفاقية روتردام على الرغم من أن ظاهر الكلمتني يوحي أبن التزام الناقل يف نقل البضاعة
-1يفرق الفقه بني ما يعرف بقرينة املسؤولية وقرينة اخلطأ ،فقرينة اخلطأ تعين اعتبار التزام الناقل ببذل عناية مع افرتاض ارتكابه خطأ
افرتاضا بسيطا أما قرينة املسؤولية فهي أشد من ذلك فالتزامه فيها هو التزام بتحقيق نتيجة مع افرتاض خطأه افرتاضا قطعيا ويكمن
الفا رق بينهما أيضا يف الكيفية اليت جيوز للناقل أن يدفع هبا املسؤولية عن نفسه ،إذ يف قرينة املسؤولية ال جيوز للناقل دفع املسؤولية إال
إبثبات السبب األجنيب وابلتايل ال يكفي اثبات الناقل أنه واتبعوه قد اختذوا كافة التدابري ملنع وقوع الضرر عكس قرينة اخلطأ الذي يكفيه
فيها اثبات اختاذ تلك التدابري :عبد الفتاح ترك ،التحكيم البحري ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،سنة ، 2005ص. 175
:جالل وفاء حممدين ،قانون التجارة البحرية ،املكتبة القانونية ،اإلسكندرية ،سنة ، 1997ص . 295
-2وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص . 359
-3حممود حممد عنانبه ،املرجع السابق ،ص 179وما يليها .
-إميان اجلميل ،سند الشحن و دوره يف النقل البحري ،املكتب اجلامعي احلديث ،اإلسكندرية ،سنة ،2013ص.110
4
58
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
obligation هو التزام ببذل عناية إال أنه يف الواقع التزام موضوعي أو التزام بتحقيق نتيجة
.1déterminée
اثلثا :اخلطأ الواجب اإلثبات
أمام إعطاء الناقل فرصة إلتباع أحد اخليارين لدفع مسؤوليته على النحو املتقدم ،فقد
وازنت االتفاقية بني مصاحل الشاحن والناقل ،حيث قامت مبنح الشاحن أو املرسل إليه عدة
خيارات لدعم دعواه يف املطالبة ابلتعويض .2وتقوم مسؤولية الناقل البحري على أساس اخلطأ
الواجب اإلثبات يف احلاالت التالية:
أ-إذا أثبت املطالب ابلتعويض أن خطأ الناقل ،أو أحد اتبعيه ،أو الطرف املنفذ قد تسبب أو
ساهم يف احلدث ،أو يف حالة من حاالت اإلعفاء اليت يستند إليها الناقل يف فقرة3من
املادة.17
ب-إذا أثبت املطالب أن حداث أو ظرفا آخر غري مذكور يف الفقرة السابقة قد شارك يف
احلدث أو يف حالة من حاالت اإلعفاء اليت يدفع هبا الناقل املسؤولية عنه .
ج-حالة عدم تسليم البضائع يف ميناء الوصول بسبب رفض املرسل إليه تسلمها ،أو إذا مل
يسمح للناقل بتسليمها ملن أرسلت إليه مبقتضى قانون أو لوائح مكان التسليم ،الذي مينع
دخول بعض البضائع إىل البالد ،أو إذا تعذر على الناقل تسليمها ألسباب أخرى فإنه مبوجب
الفقرة 5من املادة 48ال يسأل الناقل عما حيدث للبضاعة من هالك أو تلف أثناء الوقت
الذي تبقى فيه غري مسلمة ،إال إذا أثبت املطالب أن ذلك اهلالك أو التلف قد جنم عن عدم
اختاذ الناقل ما كان يعقل اختاذه يف الظروف املالئمة ،من تدابري للحفاظ على البضائع وأن
الناقل كان على علم أو كان من املفروض أن يكون على علم أبن عدم اختاذ تلك التدابري
سيؤدي إىل هالك البضاعة أو تلفها .و مثال ذلك أن يثبت أن حفظ البضاعة مل يكن يف
مكان مناسب للمحافظة عليها نظرا للرطوبة السائدة يف املخازن.
-1مشار إليه لدى إميان اجلميل ،سند الشحن و دوره يف النقل البحري ،املرجع السابق ،ص.111
-حممود حممد عنانبه ،املرجع السابق ،ص . 180
2
59
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يظهر يف اخلالصة أن األسس القانونية اليت يقوم عليها املسؤولية احملدودة للناقل البحري
يف االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري كانت تتأرجح بني الشدة والتخفيف .والعلة
يف ذلك ترجع الختالف األسباب املؤدية إىل احداث الضرر ،مما يتطلب معه تغيري األساس
القانوين الذي تقوم عليه املسؤولية وفق ظروف احلال.
فإذا أثبت املضرور أن اهلالك أو التلف أو التأخري قد وقع يف الفرتة الزمنية اليت يسأل
فيها الناقل قامت مسؤوليته على افرتاض خطأه أو افرتاض مسؤوليته على حسب االتفاقية اليت
حتكم النزاع أو القانون واجب التطبيق .كما أنه يف أحيان أخرى ال يكفي املضرور يف دعواه
ضد الناقل اثبات الضرر بل يتعداه إىل إقامة الدليل على خطأ الناقل وأنه هو السبب املباشر
لذلك الضرر .و على هذا األخري أن يبعد املسؤولية عنه أبن يثبت أنه قد بذل العناية الالزمة
لضمان سالمة البضاعة ووصوهلا يف األجل احملدد إذا كانت قائمة على خطأ مفرتض .أو
إبثبات السبب األجنيب إذا كانت مسؤوليته مفرتضة ،فإذا فشل يف اثبات ذلك التزم عندئذ
جبرب األضرار اليت حلت ابلبضاعة أو عن ما نتجت عن أتخريها من خسائر وفقا للحد
األقصى للتعويض ،املنصوص عليه يف التشريعات الدولية أو الوطنية.
الفقرة الرابعة:
أساس املسؤولية احملدودة يف القانون البحري اجلزائري
1
لقد حرص املشرع اجلزائري يف القانون البحري على أن تكون مسؤولية الناقل مفرتضة
طبقا للمادتني 802ق ب ج ،املادة 803ق ب ج ،حيث يبدأ سراياها منذ تكلف الناقل
ابلبضاعة ،أي منذ استالمها من الشاحن إىل غاية تسليمها إىل املرسل إليه أو ممثله القانوين
وهو التزام بتحقيق نتيجة 2واملتمثلة يف إيصال البضاعة إىل صاحبها على احلالة اليت استلمت
هبا.
1
-Antoine vialard, le code maritime algérien, DMF N0377 mai 1980, p299, Fatima
Boukhatmi, thèse précité, p186.
-2بوكعبان العريب ،الوجيز يف القانون البحري اجلزائري ،دار الغرب للنشر والتوزيع ،وهران ،طبعة ، 2002ص . 126
60
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
فإذا أخفق يف ذلك قامت مسؤولية الناقل وال خالص له منها إال إبثبات إحدى
حاالت اإلعفاء الواردة يف املادة 803ق ب ج 1واليت تنشأ مبجرد حصول ضرر للبضاعة ،
فال يلتزم املضرور إبثبات خطأ الناقل و إمنا يكفيه إثبات الضرر فقط .و هو أمر يسري عن
طريق تقدمي سند الشحن ،الذي يدل على عدد البضائع و نوعها وكميتها ...إخل ،كما يثبت
حتفظات هذا األخري بشأن ما حدث للبضاعة عند وصوهلا إىل امليناء املتفق عليه.
يف هذا الشأن يرى بعض الفقه 2أن املسؤولية املفرتضة تعد مبدأ أساسيا لقيام مسؤولية
الناقلني البحريني ،ألن األخذ هبذا املبدأ جيعل الناقل جمربا على التكفل ابخلسارة حىت وإن ضل
سببها جمهوال،كما يرد أيضا على هذا األساس بعض االستثناءات قد متت اإلشارة إليها نظرا
لتطابقها مع احلاالت اليت ورد ذكرها يف معاهدة بروكسل.3
الفرع الثاين:
الشروط الباطلة يف عقد النقل البحري للبضائع
تتفق املعاهدات الدولية 4على أن قواعد مسؤولية الناقل البحري من النظام العام ،فال
ميكن للناقل أن يشرتط يف عقد النقل البحري شروط ختفف من مسؤوليته أو تعفيه منها.
ابلرغم من ذلك فإن بعضا من الفقه من قال بصحتها ،لكن التشريعات الدولية والقوانني
الداخلية قد اختذت موقفا صرحيا ببطالن تلك الشروط بطالان مطلقا .وهذا من أجل محاية
الطرف الضعيف (الشاحن) يف عقد النقل البحري من حرمانه من حقه يف التعويض عن كل
خسارة تلحقه أويف جزء منها ،مما جيعل األمر ابلغ األمهية يف التعرض ألنواع الشروط الباطلة
الواردة بسند الشحن.
-1وهي حاالت مشاهبة حلاالت اإلعفاء من املسؤولية الواردة يف املادة 4من معاهدة بروكسل غري أن املشرع أخذ منها 12حالة و ألغى
مخس حاالت وهي ما ورد ابلفقرات التالية :و -األعداء لعمومني ،ز -إيقاف أ و إكراه صادر من حكومة أو سلطة أو شعب أو حجز
قضائي ،ج – قيود احلجر الصحي ،ك -الفنت أو االضطراابت األهلية ،ه -حوادث احلرب.
2
- Pierre Bonassises et Christian Scapel, op.cit, p674.
-3متت اإلشارة إىل ذلك يف الصفحة رقم 48وما يليها من هذه الرسالة.
-4املادة 8/3من اتفاقية بروكسل ،املادة 23من معاهدة هامبورغ ،املادة 79من قواعد روتردام .وقد تبعها يف ذلك القانون البحري اجلزائري
حسب ماجاء يف املادة 811منه.
61
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة األوىل:
شروط إعفاء الناقل من املسؤولية عن أخطائه الشخصية
قبل ظهور معاهدة بروكسل كان الفقه والقضاء يف فرنسا حيكمان بصحة الشروط اليت
يثبتها الناقل يف سندات الشحن إبعفائه من املسؤولية عن أخطائه الشخصية .ومن أمثلة هذه
األخطاء كأن يؤخر الناقل أبوامره احبار السفينة ،أو يعدل خط سريها فيسبب بذلك أتخريا يف
وصول البضاعة مما يُلحق ضررا مبالكها .كما يتدخل أبوامر حمددة يف عمليات الشحن أو
الرص أو التفريغ على وجه ال يتالءم مع طبيعتها فتصاب البضاعة املنقولة بضرر ،غري أن أهم
فعل شخصي ميكن أن يصدر من الناقل هو ترك السفينة تبحر دون أن جيعلها يف حالة
صالحية كاملة للمالحة .سوآءا أكان ذلك لنقص يف جتهيزها أو تطقيمها أم لعدم إجراء
الفحص الفين هلا قبل اإلحبار.1
يف تلك األثناء كانت مسؤولية الناقل البحري ختضع للقواعد العامة للمسؤولية املدنية
كما قررها القانون املدين وقد استفاد أصحاب شركات النقل البحري من تلك األحكام
ليضمنوا عقودهم شروطا تقضي إبعفائهم من كل املسؤولية.2
أتسيسا على ذلك فإنه جيب على الشاحن أو املرسل إليه وفقا للقواعد العامة أن يثبت
عدم وصول البضاعة أو وصوهلا يف حالة خمالفة ملا وصفت هبا يف سند الشحن ،أو وصوهلا
متأخرة عن املوعد املتفق عليه حىت تنعقد مسؤولية الناقل .ومع ذلك فإن شرط اإلعفاء يقلب
عبء اإلثبات فيصبح على الشاحن أو املرسل إليه إضافة إىل ما سبق ذكره أن يثبت صدور
غش أو خطأ جسيم من جانبه وابلتايل يبقى الناقل يف وضع سليب من حيث اإلثبات .3ابلرغم
. -1إبراهيم مكي إبراهيم ،،دعوى املسؤولية على الناقل البحري ،رسالة دكتوراه ،جامعة عني مشس ،مصر ،سنة ، 1973ص226
-2هشام فرعون ،القانون البحري ،مطبعة كرم ،دمشق ،سنة ،1976/1975ص .227
-3علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،سنة ،1969املرجع السابق ،ص .708
62
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
من أن القضاء الفرنسي كان أيخذ بشرط اإلعفاء يف حاليت اخلطأ العمدي واخلطأ اجلسيم إال
أن اثباهتما صعب على صاحب احلق يف البضاعة.1
لقد كان الفقه الراجح يف فرنسا يرى أن شرط اإلعفاء من املسؤولية الشخصية الذي
يثبته الناقل يف سند الشحن يعترب انفذا طبقا حلرية التعاقد "العقد شريعة املتعاقدين" .فإذا متكن
صاحب احلق يف البضاعة من اثبات خطأ الناقل اجلسيم و العمدي استطاع مقاضاته واحلصول
منه على تعويض الضرر على أساس املسؤولية التقصريية استنادا إىل املادة 1382ق م ف .
هذا الشرط يرتب ختلص الناقل من املسؤولية العقدية ،لكنه يرتك املتعاقدين لسلطان القواعد
القانونية العامة يف املسؤولية املدنية .2و بذلك فقد اتسع نطاق البطالن ليشمل األخطاء
اجلسيمة والعمدية وخيرج عن هذا النطاق األخطاء اليسرية .
غري أن الوضع مل يستقر على ذلك ،فبظهور معاهدة بروكسل 3تغريت األحوال ،حيث
أبطلت هذه األخرية كل الشروط اليت تعفي الناقل من املسؤولية عن أخطائه الشخصية ،فلم
يعد يف إمكان الناقل أن يشرتط إعفائه حىت عن اخلطأ اليسري4وهو ما أخذت به معاهديت
هامبورغ وروتردام و القانون البحري اجلزائري.5
63
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة الثانية:
شروط اعفاء الناقل من املسؤولية عن أخطاء اتبعيه
يعترب من اتبعي الناقل البحريني كل من الرابن ،أفراد طاقم السفينة سوآءا كانوا إداريني أم
فنيني ،أم عماال يدويني ،ابإلضافة إىل مرشد السفينة و قد خيصهم الناقل بشرط لإلعفاء من
clause de املسؤولية عن أخطائهم،فهذا ما جرى تسميته يف امليدان بشرط اإلمهال
. négligence1وقد تكون األخطاء اليت يرتكبها التابعني إما أخطاء مالحية أو أخطاء جتارية
وللتمييز بينهما جيب حتديد اجلهة اليت وقع عليها اخلطأ ،فإذا وقع على اجلزء املخصص
للبضاعة كان اخلطأ جتاراي ومثال ذلك اخلطأ الذي يرتكب يف شحن البضاعة أو يف رصها أو
تفريغها ،أما إذا وقع على اجلزء املخصص لتشغيل اآلالت وسالمة السفينة وقيادهتا كان اخلطأ
مالحيا. 2
لقد استخدم القضاء الفرنسي منذ زمن بعيد مفهوم السالمة وتوازن السفينة كمعيار
لتكييف اخلطأ املالحي عن غريه من األخطاء ،لكن سرعان ما تراجع عن موقفه مبوجب قراره
الصادر يف 26فيفري ، 31991حيث تبىن معيار وحيد وهو هدف العملية املسببة للضرر
وليست النتيجة املرتتبة عنها ،مما يستنتج أن اخلطأ املتعلق ابلبضاعة حىت ولو هدد سالمة
السفينة فإنه يضل خطأً جتاراي.
64
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
كما أاثر شرط إعفاء الناقل من املسؤولية عن أخطاء اتبعيه البحريني والربيني نقاشا كبريا
حول صحته ،فاعرتف الفقه 1عموما يف فرنسا أبنه شرط صحيح ،أما القضاء فكان أحياان
حيكم بصحته خالفا ملا أيخذ به ابلنسبة لعقود النقل الربي حيث أبطله القانون اخلاص .لكن
القضاء ابلنسبة لشروط اإلعفاء من املسؤولية عن أخطاء التابعني يف عقد النقل البحري يفرق
بني شرط اإلعفاء من أخطاء التابعني الربيني واستمر على احلكم ببطالنه و شرط اإلعفاء من
املسؤولية عن أخطاء الرابن والتابعني البحريني وانتهى إىل صحته.2
يف أواخر القرن التاسع عشر أصدرت بعض احملاكم وخاصة حماكم االستئناف أحكاما
ضد إعمال شرط اإلمهال عن األخطاء التجارية واقتصرت أحكامها على صحة شروط اإلعفاء
عن األخطاء املالحية .3و بذلك ال ميكن للناقل التهرب من أخطاء اتبعيه التجارية إبدراجه
شرطا يؤدي إىل اعفائه منها ،فكل شرط يقضي بذلك أيخذ حكم البطالن وال أثر له ،ألن
األخذ بصحة هذا الشرط يؤدي إىل نتائج خطرية إذا استند للقواعد العامة ،اليت جتيز للمدين
أن يشرتط اعفاءه من املسؤولية النامجة عن غش أو اخلطأ اجلسيم ،الذي يقع من أشخاص
يستخدمهم يف تنفيذ التزامه .و ابلتايل جيوز للناقل أن يدرج يف عقد النقل شرطا يعفيه من
املسؤولية عن غش اتبعيه ،كسرقة البضاعة أو عن خطئهم اجلسيم وال خيفى على أحد ما يف
ذلك من خطورة على حقوق أصحاب البضائع ،فالقضاء يف ُوسعه أن يتدخل لتعديل الشروط
التعسفية ،أو يعفي الطرف املذعن ( الشاحن) من هذه الشروط مبا خوله القانون 4من سلطة
خاصة يف عقود اإلذعان ،وفقا ملا تقضي به مبادئ العدالة و طبقا لنص املادة 110ق م ج.
- 1من بينهم هؤالء الفقهاء :جورج ريرب ،ليون كان ،رينو ،داجنون :.مشار إليهم لدى حممود مسري الشرقاوي:القانون البحري ،املرجع
السابق ،ص .274
-2جازيت احملاكم املختلطة ألساتذة ساك ازان عدد ، 8ص ، 27والتون ، 139-9مسري ينيا ديس : 82- 23مشار إليهم لدى علي
مجال عوض ،القانون البحري ،سنة ، 1969ص . 709
-3مارسيليا 9نوفمرب و 14ديسمرب ، 1920اجمللة الدولية للقانون البحري ، 105- 33األول من مارس و 19مارس -33، 1921
، 407قرار حمكمة بوردو 7يناير و 4مارس : 267 -2- 1921 gazette du palais 1921مشار إليهما لدى إبراهيم مكي
إبراهيم ،املرجع السابق ،ص . 233
-4حممود مسري الشرقاوي ،القانون البحري املرجع السابق ،ص . 275
65
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
جممل القول أن ما أخذ به القضاء الفرنسي هو خالف للقواعد العامة ،إذ يستقيم مع ما
جاءت به املادة 2/4واليت تنص على أنه ":ال يسأل الناقل أو السفينة عن اهلالك أو التلف
الناتج أو الناشئ عن أعمال أو امهال أو خطأ الرابن أو البحارة أو الرابن أو املرشد أو
مستخدمي الناقل يف املالحة أو يف إدارة السفينة" .وهو ما تضمنه القانون البحري اجلزائري يف
املادة /803ب إذ نصت على أن ":الناقل يعفى من املسؤولية املذكورة يف املادة السابقة إذا
كانت اخلسائر أو األضرار الالحقة ابلبضائع انشئة أو انجتة عما يلي:
.....ب -األخطاء املالحية اليت يرتكبها الرابن أو املرشد أو املندوبون البحريون األخرون عن
1
الناقل." .....
أتسيسا على هاذين النصني ميكن للناقل أن يستفيد من اإلعفاء عن أخطاء اتبعيه
البحريني املالحية دون حاجة لالتفاق على ذلك ،أما األخطاء التجارية لتابعني فال ميكن
للناقل أن يشرتطها يف عقد النقل .و الدليل على ذلك أن التشريعات أبطلت شروط اإلعفاء
من املسؤولية ويف مقابلها أقرت حباالت اعفاء قانونية ومن بينها األخطاء املالحية لتابعي الناقل
وهذا ما أكدت عليه بعض احملاكم العربية.2
الفقرة الثالثة:
شرط حتديد املسؤولية ابعتبار احلاوية وما اشتملت عليه طردا واحدا
إذا تضمن سند الشحن عدد الطرود املوجودة داخل احلاوية فإن االتفاق على حتديد
مبلغ التعويض ابعتبار احلاوية وما احتوته من بضائع طردا واحدا هو شرط ابطل .أكدت على
ذلك حمكمة التمييز الكويتية بقوهلا ":أن الطاعنة تدفع بسببني الثالث والرابع على احلكم
املطعون فيه خطأ يف تطبيق القانون ويف بيان ذلك تقول أن الناقل والشاحن قد ضمنا سند
-1لقد ألغت أحكام قواعد هامبورغ ومعاهدة روتردام من بني حاالت اإلعفاء القانوين اليت وردت يف نصوصهما اعفاء الناقل عن اخلطأ
املالحي لتابعي الناقل ،مما يعين أن الناقل يف ضل أحكام هاتني املعاهدتني ال جيوز له أن يشرتط اعفاء نفسه عن أخطاء اتبعيه وسوآءا يف
ذلك أكانت جتارية أ م مالحية .
-2حمكمة اإلسكندرية اجلزئية 21مارس ،1951النشرة القانونية حملكمة اإلسكندرية االبتدائية :26-1-مشار إليه لدى علي حسن
يونس ،املرجع السابق ،ص .333
66
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الشحن اتفاقهم يف البند 3/4منه على أن البضاعة قد نقلت يف حاوايت وقد حددا مسؤولية
الناقل ابعتبار احلاوية الواحدة مبا حتتويه من بضائع مبثابة طرد واحد وهو اتفاق ال يتعارض مع
معاهدة بروكسل املطبقة على واقعة النزاع واليت أجازت يف املادة 7منها االتفاق على أية
شروط أو إعفاءات بصدد مسؤولية الناقل عن اهلالك أو التلف سوآءا حدث ذلك قبل الرحلة
البحرية ،أو أثناءها ،أو بعدها وقد كانت الفقرة 4من هذه املادة جتعل التعويض عن كل طرد
أو وحدة مائة جنيه اجنليزي أو 250دينار كوييت أخذا بتحفظ الكويت 1على املعاهدة يف
حالة عدم بيان جنس البضاعة وقيمتها يف سند الشحن وإذا كانت عدد احلاوايت اليت مل تسلم
عشرين حاوية وقد خال سند الشحن موضوع الدعوى من بيان قيمة البضاعة ،فكان على
احلكم املطعون فيه أن يقدر التعويض على هذه األسس .وإذا خالف هذا النظر وقضى مبا
جياوزه فإنه قد يكون قد أخطأ يف القانون وحيث أن هذا الدفع يف غري حمله ،ذلك أن معاهدة
بروكسل يف الفقرة 8من املادة 3تنص على أن ":كل شرط أو اتفاق يف عقد النقل يتضمن
اعفاء الناقل أو السفينة من املسؤولية عن اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع والناشئ عن
اإلمهال أو اخلطأ أو التقصري يف الواجبات ،أو االلتزامات املنصوص عليها يف هذه املادة
يتضمن ختفيف هذه املسؤولية على وجه خيالف ما هو منصوص عليه يعترب ابطال بطالان
مطلقا".
و إذا كان الثابت يف الدعوى ومن مطالعة سند الشحن ،الذي جاء خاليا من بيان
قيمة البضاعة واكتفى بذكر 39حاوية حتتوي 311صندوق من األانبيب ،األمر الذي يغدو
معه حتديد الطرود من واقع سند الشحن وهو بعدد الصناديق وملا كان سند الشحن الذي
-1انضمت الكويت إىل اتفاقية بروكسل ابلقانون رقم 21لسنة 1969املنشور يف 8جوان ، 1969لكنها حتفظت يف نص هذا القانون
ذاته فيما يتعلق ابحلد األقصى للتعويض ،فنصت املادة األوىل من هذا القانون ":ووفق على انضمام دولة الكويت إىل املعاهدة الدولية
املرفقة نصوصها اخلاصة بتوحيد بعض القواعد املتعلقة بسندات الشحن البحري واملوقعة بربوكسل يف أوت 1924مع التحفظ فيما يتعلق
ابحلد األقصى املنصوص عليه ابلفقرة اخلامسة من املادة الرابعة من تلك املعاهدة وهبذا التحفظ أراد املشرع تعطيل النص اخلاص ابحلد
األقصى للتعويض الذي يقدرب 100جنيه إسرتليين وبدال عنه جاء مببلغ 250دينار كوييت ،بغية يف رفع احلد األقصى للتعويض عن
احلد املقرر يف هذه االتفاقية :علي مجال الدين عوض ،التحديد القانوين ملسؤولية الناقل البحري الدويل يف اتفاقية بروكسل يف القضاء
الكوييت ،املرجع السابق ،ص . 332
67
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
متسكت به الطاعنة ينص على حتديد املسؤولية يف حالة خسارة البضاعة ،أو تلفها ابعتبار
احلاوية وما اشتملت عليه طردا واحدا وهو شرط يتضمن ختفيفا ملسؤولية الناقل عن القدر
الذي حددته معاهدة بروكسل ،فيكون شرطا ابطال عمال ابملادتني 5/4، 8/3من هذه
املعاهدة.1
الفقرة الرابعة:
شرط قلب عبئ اإلثبات على الشاحن
تضع االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري على عاتق الناقل التزاما بتحقيق نتيجة
أو بذل عناية حسب األحوال على حنو ما سبق ذكره ،2فال جيوز للناقل أن ينقل عبء
اإلثبات على الشاحن ويشرتط عليه اثبات خطأ الناقل ،أو اثبات سبب وقوع احلادث املؤدي
للهالك أو التلف أو التأخري فمثل هذه الشروط ابطلة ألاها تؤدي قلب عبء اإلثبات من
الناقل إىل الشاحن وهو خمالف للقواعد اآلمرة اليت تبطل االتفاق على خمالفتها بطريق مباشر
أو غري مباشر .3و احلكمة من ذلك أن شرط تعديل عبء اإلثبات ونقله من الناقل إىل
الشاحن حيمل يف طياته ختفيفا ملسؤولية الناقل وهوما تصدت له النصوص القانونية وحكم
القضاء الفرنسي عليه ابلبطالن املطلق.4
كذلك توجد بعض التشريعات الداخلية اليت صرحت ببطالن شرط قلب عبء االثبات
على الشاحن و نذكر منها على سبيل املثال :القانون الفرنسي الصادر يف 2أفريل 1936يف
مادته التاسعة فقرة 1إذ أبطل كل شرط يقصد الناقل به بطريقة مباشرة أو غري مباشرة قلب
-1الطعن ابلتمييز رقم 1982/155جتاري جلسة : 1983/3/3مشار إليه لدى أمحد حممود حسين ،النقل الدويل للبضائع طبقا
ملعاهدة بروكسل لسندات الشحن مع اإلشارة إىل القوانني البحرية العربية ومعاهدة هامبورغ ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،الطبعة الثانية ،
سنة ، 1989ص 213وما يليها.
-2سبق التفصيل يف هذا األمر يف الفرع السابق.
-3حممد هبجت عبد هللا قايد ،املرجع السابق ،ص . 106
4
-Marseille com. 13 mai 1949, DMF1950, p42, Rouen 26 novembre 1952,DMF
1953,p228:
مشار إليهما لدى عبد الرمحن سليم ،شروط االعفاء من املسؤولية ،رسالة دكتوراه جبامعة اإلسكندرية ،مصر ،سنة ،1955ص.251
68
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
عبء اإلثبات على الشاحن .و هو ما يكاد يتطابق متاما مع نص املادة 1/172من القانون
البحري املصري. 1
الفقرة اخلامسة:
شروط اإلعفاء من املسؤولية املتعلقة ابلتـأمني
يف جمال النقل البحري للبضائع هناك نوعان من الشروط ،فالنوع األول مفاده اشرتاط
الناقل اإلعفاء من املسؤولية عن املخاطر اليت ميكن التأمني عليها ،أما النوع الثاين مضمونه أن
يتنازل الشاحن عن احلقوق الناشئة عن التأمني على البضائع.
أوال :شرط اإلعفاء من املسؤولية عن املخاطر اليت ميكن التأمني عليها
لقد حددت املادة 4من معاهدة بروكسل ،املادة 4/5من معاهدة هامبورغ واملادة
3/17من قواعد روتردام املخاطر اليت يعفى منها الناقل فال حيتاج إىل أن يشرتط ذلك يف
عقد النقل البحري وقضت ببطالن كل شروط اليت من شأاها إعفاء الناقل من املسؤولية أو
ختفيفها .يستنتج من هذا أن أي شرط يقصد من ورائه اعفاء الناقل من مسؤوليته عن األخطار
اليت ميكن التأمني عليها(والغالبية الكربى من األخطار هي كذلك) يعترب ابطال بطالان مطلقا
وال أثر له مامل تندرج هذه املخاطر يف عداد احلاالت اليت نصت عليها النصوص القانونية
اخلاصة ابإلعفاء القانوين للناقل من املسؤولية.2
اثنيا :شرط التنازل عن احلقوق الناشئة عن التأمني على البضائع
هذا الشرط هو اندر الوجود يف عقد النقل البحري ألن النصوص الدولية املتمثلة يف
الفقرة 8املادة 3من معاهدة بروكسل ،املادة 23من اتفاقية هامبورغ و املادة 79من قواعد
روتردام قد صرحت ببطالنه .و السبب يف تقرير بطالن شرط التنازل إىل الناقل عما يستحقه
الشاحن مبوجب عقد التأمني على البضائع يرجع إىل أن الناقل يصبح مستفيدا من هذا العقد
69
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ويسمح له بتغطية املسؤولية عن أخطائه على نفقة الشاحن ،أي بفضل أقساط التتأمني اليت مت
دفعها من قبل الشاحن ويف هذا حتايل على عدم جواز إعفاء الناقل من مسؤوليته.1
ضف إىل ذلك أن تنازل الشاحن أو املرسل إليه عن حقوقه يف التأمني للناقل جيعل شركة
التأمني تتحمل وحدها التعويض املقرر للمضرور مع حرمااها من الرجوع على الناقل املسؤول
الذي أصبح صاحب احلق يف التأمني.2
جتدر اإلشارة إىل أن معاهدة روتردام هي الوحيدة من بني االتفاقيات الدولية اليت مددت
نطاق البطالن ليشمل االتفاق على إحالة حقوق التأمني لتابعي الناقل ،الذين مت ذكرهم يف
املادة .18و هبذا فقد سدت هذه االتفاقية الباب أمام إخفاء الناقل لذلك الشرط حتت ستار
تنازل صاحب البضاعة عن حقوقه الناجتة عن التأمني لصاحل اتبعي الناقل.3
الفقرة السادسة:
شرط اجلهل بوزن البضاعة
يعترب شرط عدم معرفة وزن البضاعة وما شاهبه من شروط يف حكم البطالن ،إذا مل
يثبت الناقل األسباب اجلدية اليت حتمله على الشك يف صحة البياانت اليت يقدمها الشاحن
،أو أنه مل يكن لديه الوسائل الكافية للتحقق من هذه البياانت .4وذلك ملا يرتبه هذا الشرط
من عكس عبء اإلثبات و حتويله من الناقل إىل الشاحن ،حبيث يلتزم هذا األخري إبثبات
القدر احلقيقي للبضاعة اليت سلمها للناقل لشحنها ونقلها وهوما يعترب ختفيفا على مسؤولية
الناقل.5
-1علي البارودي ،مبادئ القانون البحري ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،بدون اتريخ نشر ،ص . 218
2
-Francis Sauvage et Jean Talendier, op.cit, p52.
ويف نفس املعىن هاين دويدا ر ،قانون النقل ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،سنة ، 2014ص . 57
-3املادة /79ج من معاهدة روتردام.
-4املادة 3/3من معاهدة بروكسل ،املادة 16من اتفاقية هامبورغ ،املادة 40من قواعد روتردام واملادة 755من القانون البحري
اجلزائري.
-5حممود مسري الشرقاوي ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص. 300
70
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
كما أن القضاء الفرنسي 1اعترب شروط اجلهل ابلوزن من قبيل شروط اإلعفاء من
املسؤوليةو قد أكد على بطالاها.
يف قضية أخرى طرحت أمام حمكمة النقض املصرية 2حيث مل تعرتف ابلتحفظ الذي
دونه الناقل يف سند الشحن للداللة على جهله مبحتوايت البضاعة املسلمة إليه ،أو بصحة
البياانت املدونة عنها يف هذا السند .و قضت هذه احملكمة أبن هذا التحفظ ال يكون له
اعتبار يف دفع مسؤولية الناقل عن فقد البضاعة إال إذا كانت لديه أسباب جدية للشك يف
صحة البياانت اليت قدمها الشاحن ،أو مل تكن لديه األسباب الكافية للتحقق من صحتها
ويقع عبء اثبات هذه األمور على عاتق هذا األخري.
فإن عجز عن هذا اإلثبات تعني عدم التعويل على التحفظ السابق ،فإذا كان احلكم
املطعون فيه ال يبني أن الطاعنتني قامتا إبثبات شيء مما سبق وكانت الفقرة 4من املادة 3من
معاهدة بروكسل تنص على أنه ":يعترب سند الشحن احملرر هبذه الكيفية املبينة ابلفقرة الثالثة
من نفس املادة قرينة على أن الناقل قد تسلم البضاعة ابلكيفية املوصوفة هبا طبقا للفقرة ( 3أ
،ب ،ج) من هذه املادة ،أي أنه تسلمها يف حالة جيدة وببياانت صحيحة عنها مامل يقم
الدليل على خالف ذلك .و عليه فإن الطاعنتني ال تستفيدان من شرط اجلهل ابلوزن املدون
يف سند الشحن.
الفقرة السابعة:
التعويض على أساس قيمة الفاتورة يف ميناء الشحن أو مع النفقات
يرد هذا الشرط غالبا يف الصيغة اآلتية ":يف حالة اخلسارة أو التلف يف الظروف اليت
تنطوي على مسؤولية الناقل فإن هذه املسؤولية حتتسب مبا ال يزيد يف أية حالة من األحوال
-1حمكمة استئناف أكس يف 2جوان ، 1959جملة القانون الفرنسي سنة ، 1960ص :347مشار إليه لدى حممود مسري الشرقاوي ،
القانون البحري ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-2الطعن رقم 305سنة 32ق جلسة 1967/1/24س 18ص :172مشار إليه لدى أمخد حممود حسين ،قضاء النقض البحري،
منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،بدون اتريخ نشر ،ص .94
71
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
على صايف قيمة فاتورة الشحن واملصروفات ،أو مائة جنيه عن كل طرد خمصوما منها مجيع
النفقات املقتصدة أيهما أقل".1
يذهب الفقه يف فرنسا 2ومصر 3إىل اعتبار هذا الشرط ابطال حيث أنه يسمح للناقل
بدفع مبلغ التعويض على أساس قيمة البضاعة يف ميناء الشحن بدون احتساب أجرة النقل
والرسوم اجلمركية و دون الزايدة يف قيمة البضاعة اليت تكون نتيجة الرتفاع سعرها يف ميناء
الوصول .وهذا الشرط حيمل يف طياته ختفيفا ملسؤولية الناقل املسؤولية عما قررته معاهدة
بروكسل ويرتتب عن ذلك بطالن هذا الشرط.
لقد سارت حمكمة النقض املصرية يف هذا االجتاه بقوهلا يلتزم الناقل بتعويض صاحب
البضاعة عما حلقه من خسارة وما فاته من كسب على أساس قيمة السوق للبضاعة املفقودة،
أو اهلالكة يف ميناء الوصول إذا كانت هذه القيمة تزيد على سعر شرائها على أال يتجاوز
التعويض احلد األقصى املقرر يف املادة 4من معاهدة بروكسل ،كما أضافت هذه احملكمة أن
الضرر املتوقع الذي يسأل عنه الناقل جيب أن يتوقع فيه مقدار الضرر ومداه وال يكفي توقع
سبب الضرر ،فالناقل العادي ال ميكنه أن يتوقع مقدار السعر اجلربي الذي فرضته وزارة
التموين لتبيع النب للتجار احملليني ،ذلك أن الضرر الذي حلقها نتيجة عدم بيعها للنب الذي
فقد أو تلف هبذا السعر ليس مما ميكن توقعه عادة وقت التعاقد.
و بناءا عليه فإن الناقل ال يكون مسؤوال عن فوات هذا الكسب وإمنا يسأل عما فات
الطاعنة من كسب بسبب زايدة سعر البضاعة التالفة أو الفاقدة يف سعر السوق احلرة يف ميناء
الوصول.4
-1أمحد حممود حسين ،النقل البحري للبضائع ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،الطبعة الثانية ،1989ص . 215
2
- Georges Marais, les transports internationaux de marchandises par mer et la
jurisprudence en droit compare, libraire général de droit et jurisprudence, Paris 1949,
p107 .
- 3مصطفى كمال طه ،أصول القانون البحري ،طبعة أوىل ،دار نشر الثقافة ،مصر،سنة ، 1952ص.53
-4الطعن رقم ، 145سنة 38ق جلسة 1973/4/17س 24ص : 616مشار إليه لدى أمحد حممود خليل ،موسوعة التشريعات
البحرية أتصيال و فقها و قضاءا ،املكتب اجلامعي احلديث ،اإلسكندرية ،سنة ، 2010ص 398وما يليها.
72
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفرع الثالث:
الشروط الصحيحة يف عقد النقل البحري
وردت تفاصيل كثرية يف االتفاقيات الدولية خبصوص الشروط الباطلة وما قررته من
استثناءات بشأاها حيث أاها أعطت لتلك الشروط الباطلة إمكانية أن أتخذ حكم اجلواز يف
حاالت يقتضي البحث بيااها (أوال) ،مث يليه التعرض للنماذج عن الشروط الصحيحة اليت مت
تداوهلا يف امليدان البحري حيث تبقى هذه الشروط صحيحة يف كل األحوال(اثنيا) .
الفقرة األوىل:
الغاء احلضر على الشروط الباطلة
إن ما ورد يف الفرع السابق خبصوص بطالن شروط إعفاء الناقل من مسؤوليته عن هالك
البضاعة أو تلفها أو التأخري يف وصوهلا ليس معناه أنه مل تعد للناقل مصلحة يف إدراجها يف
سند الشحن ،على العكس جند كثريا من سندات الشحن ال زالت تتضمن الشروط املذكورة
اليت جرى العمل هبا قبل جميء معاهدة بروكسل . 1و تبدوا فائدة ذلك أن هذه الشروط ال
تبطل إال ابلنسبة للضرر الذي يقع يف املرحلة البحرية ،2أما خبصوص املرحلة السابقة والالحقة
للمرحلة البحرية فإن شرط عدم املسؤولية قبل وضع البضائع حتت روافع السفينة قبل الشحن
يف ميناء الشحن ،أو بعد وضعها حتت الروافع يف ميناء الوصول بعد التفريغ يكون صحيحا يف
النطاق الذي ال خيالف فيه مبادئ القانون الوطين الواجب التطبيق على تلك املرحلة اخلارجة
عن قواعد معاهدة بروكسل.3
-1علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،1987ص .301
-2ملا كان عقد النقل البحري ال خيتص ابملرحلة البحرية فحسب بل يشمل الفرتة الواقعة بني استالم البضائع من الشاحن وتسليمها للمرسل
إليه فإن العقد يف ظل معاهدة بروكسل لنوعني من األحكام :األول حيكم الفرتة السابقة للشحن والالحقة للتفريغ وفيها يستطيع
املتعاقدين أن يضمنوا عقد النقل ما بدا هلم من شروط أو إعفاءات من املسؤولية طبقا لنص املادة ، 7أما الثاين فيحكم الفرتة الواقعة بني
الشحن والتفريغ وقد نظمته املعاهدة تنظيما الزاميا ال يسمح للمتعاقدين مبخالفته :علي حسن يونس ،املرجع السابق ،ص. 335
-3طيب إبراهيم ويس ،أتثري قواعد روتردام 2008واملادة 812من القانون البحري اجلزائري على مبدأ وحدة عقد النقل البحري ،جملة
صوت القانون ،العدد الثاين صادرة عن جامعة جياليل بو نعامة ،مخيس مليانة ،أكتوبر ، 2014ص . 76
73
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
فإذا مل يعرف وقت وقوع الضرر فإن الضرر يفرتض وقوعه يف املرحلة البحرية ،أي يفرتض
بطالن شرط اإلعفاء من املسؤولية .و على الناقل أن يثبت أن الضرر قد وقع يف الفرتة السابقة
للشحن أو الالحقة على التفريغ ألنه يطالب بتطبيق شرط يعترب خروجا على القاعدة ،فضال
على أنه أعلم من أي شخص آخر بظروف حصول الضرر .1وابإلضافة إىل ما سبق ذكره فإن
شروط اإلعفاء من املسؤولية تصح 2يف هذه االتفاقية أيضا ابلنسبة للحاالت التالية:3
-1نقل احليواانت احلية ويرجع ذلك للمخاطر الكبرية اليت تصاحب نقلها وألنه يف غالب
األحيان ما يرافقها اتبع للشاحن.
-2نقل البضائع على سطح السفينة وهذا ألن البضائع املشحونة على ظهر السفينة تتعرض
ملخاطر متعددة كالسرقة والتبلل مبياه البحر ،أو مبياه األمطار ،أو السقوط يف البحر مما يدعو
إىل اإلبقاء على احلرية التعاقدية بشأاها.4
-3النقل االستثنائي ويف هذه احلالة جيوز للناقل طبقا للمادة السادسة من املعاهدة أن يربم
مع الشاحن اتفاقا يشمل أي شرط بصدد مسؤوليات الناقل والتزاماته ويكون لذلك االتفاق
أثره القانوين الكامل غري أنه يلزم توافر فيه بعض األمور و هي:
أ-أن يكون النقل ذا طابع استثنائي خاص إما بسبب طبيعة البضاعة مثل البضائع القابلة
للتلف بسرعة ،أو نقل متحف آاثر ،أو مواد ذرية .وإما بسبب ظروف النقل كما لو اقتضى
-1علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،سنة ،1987املرجع السابق ،ص .302
-2وهو ما نص عليه املشرع اجلزائري صراحة يف املادة 812ق ب ج ":.يرخص بكل الشروط املتعلقة بتحديد املسؤولية أو التعويض كما
يلي:
أ-عن املدة الواقعة ما بني استالم البضاعة من قبل الناقل لنقلها لغاية البدء بتحميلها على منت السفينة وحىت اهاية تفريغها ولغاية تسليمها.
ب -يف نقل احليواانت ونقل البضائع على سطح السفينة" ،غري أن املشرع قد أغفل ذكر النقل االستثنائي كحالة جتيز االتفاق على االعفاء
من املسؤولية أو حتديدها.
-3مل تنظم معاهدة بروكسل نقل احليواانت احلية والبضائع اليت يذكر يف عقد النقل أن نقلها يكون على ظهر السفينة وتكون قد نقلت
فعال هبذه الطريقة والنقل االستثنائي بل تركت ذلك التفاق طريف عقد النقل وللقواعد العامة يف القانون الواجب التطبيق.
-4مصطفى كمال طه ،القانون البحري ،سنة ، 1987املرجع السابق ،ص . 291
74
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
نقل البضاعة خرق حصار حبري مفروض على ميناء الوصول أثناء احلرب،1أو نقل محولة
سفينة أصاهبا عطب.
ب-أال يصدر سند الشحن يف هذا النوع من النقل ،بل تدون شروط النقل يف وثيقة خاصة
ينص فيها على عدم قابليتها للتداول.2
ج-و أخريا أال يتضمن عقد النقل شرطا خمالفا للنظام العام وفقا للقواعد العامة.
أما الوضع يف اتفاقية هامبورغ فهو على العكس من ذلك ،إذ تضل شروط اإلعفاء من
املسؤولية أو ختفيفها ابطلة وال جمال لنفاذها يف نطاق أحكام هذه املعاهدة ،اليت تبدأ منذ
استالم الناقل البضاعة من الشاحن إىل غاية تسليمها إىل املرسل إليه.كما أاها مل تورد أحكاما
خاصة ابلنقل االستثنائي مما يعين أاها ال تعرتف بصحة شروط اإلعفاء من املسؤولية مهما
كانت الظروف أو نوع البضاعة الذي يقتضي ذلك.
غري أن البعض من الفقه يرى أبن قواعد هامبورغ تبطل كل اتفاق خيالف أحكامها يكون
واردا يف سند الشحن أو أية وثيقة أخرى مثبتة لعقد النقل البحري .و عليه فإن االتفاق الباطل
هو الذي يتم قبل وقوع احلادث الذي ينشأ عنه الضرر حتما ألنه يعاصر ابرام عقد النقل
البحري للبضائع ،3فال يوجد ما حيول بني االتفاق على تعديل أحكام مسؤولية الناقل بعد
وقوع احلادث الذي أدى إىل نشأة الضرر ،4فهو شرط صحيح إذ يف هذه احلالة يكون االتفاق
حينئذ أي ضغط ميكن أنٍ بني طرفني متساويني ال سلطان ألحدمها على اآلخر 5وال يتصور
ميارسه الناقل على إرادة الشاحن األمر الذي تنتفي معه احلاجة إىل محايته.6
75
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ابلرجوع إىل قواعد روتردام فإن بطالن شروط اإلعفاء من املسؤولية أو ختفيفها هي
ابطلة على غرار ما قررته معاهدة هامبورغ يف املدة اليت حيكمها عقد النقل البحري
الدويل،1لكنها تتحول إىل شروط صحيحة يف أربع حاالت:
-1جتيز املادة 2/13من قواعد روتردام أن يتفقا طرفا عقد النقل البحري على أن يتحمل
الشاحن أو الشاحن املستندي أو املرسل إليه بعض االلتزامات املقررة للناقل مبوجب الفقرة
األوىل من نفس املادة وهي االلتزام ابلشحن ،أو التفريغ ،أو مناولة البضائع أو تستيفها وجيب
اإلشارة إىل ذلك يف تفاصيل العقد وبطبيعة احلال إذا كان الشاحن املستندي 2هو من يتوىل
القيام بعمليات الشحن والتفريغ بدال من الشاحن فإنه يستطيع القيام بكل هذه األعمال
كالشاحن متاما .أما إذا كان املرسل إليه هو من يتوىل القيام هبذه األعمال عوضا عن الشاحن
فإنه لن يستطيع القيام سوى ببعض هذه العمليات مثل التفريغ ،ألن دوره حبسب األصل أييت
بعد وصول البضاعة إىل ميناء الوصول،غري أن هذا االتفاق هو ابطل يف ظل أحكام معاهديت
بروكسل وهامبورغ ألنه خمالف للنظام العام الدويل.3
-1وسعت اتفاقية روتردام من النطاق الزمين للمسؤولية عما كان عليه يف اتفاقييت بروكسل وهامبورغ حيث جعلت مسؤولية الناقل متتد
حسب نص املادة 3/12إىل املدة اليت يتفق عليها طريف عقد النقل فأجازت هلما االتفاق على وقت ومكان استالم البضاعة وتسليمها
وابلتايل فإن هذا النص ينسجم مع متطلبات النقل من الباب أو من املخازن إىل املخازن ومن جهة أخرى فإن متديد النطاق الزمين وتركه
إلرادة األطراف هو يف صاحل شركات التأمني ،إذ يسهل عليها حتديد مدة عقد التأمني بدقة أكثر وتقدير موقفها عند التعاقد ،إال أن هذا
االتفاق هو مرهون بشرطني وإال كان ابطال ومها :أ -أال يكون وقت تسلم البضاعة ال حقا لتحميلها األويل.
ب -أال يكون تسليم البضاعة إىل املرسل إليه سابقا على متام تفريغها النهائي :حممد الدالبيح ،ندوة التعويضات يف التأمني البحري ،
بتاريخ 2014 /2/10مشار إليه لدى حممود حممد عنانبه ،املرجع السابق ،ص . 182
-2تعرف الفقرة 9من املادة األوىل الشاحن املستندي أبنه أي شخص غري الشاحن يقبل أبن يسمى ابلشاحن يف مستند النقل أو سجل
النقل اإللكرتوين .
-3حممد شريف غنام ،املرجع السابق ،ص 80وما يليها.
76
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
مهما يكن فقد مسحت هذه االتفاقية فقط ابالتفاق على بعض االلتزامات وليس كلها
و يرتتب على ذلك أن يكون نطاق تطبيق الفقرة األوىل (القاعدة العامة يف مسؤولية الناقل )
أوسع من الفقرة الثانية (االستثناء) . 1ترتيبا على ذلك ال جيوز االتفاق بني طريف عقد النقل
على أن يتوىل الشاحن عمليات نقل البضائع وحفظها واالعتناء هبا وتسليمها إىل املرسل إليه.
وهو أمر منطقي ألن الناقل ال يستطيع أن يتخلص ابالتفاق من مسؤوليته عن عمليات
التسليم والنقل واحلفظ ويعفى كليةً من املسؤولية.2
ارتباطا مبا سبق فإن االتفاق على حتمل الشاحن بعض التزامات الناقل يعد صحيحا
وهو يؤدي إىل إعفاء الناقل من املسؤولية عن تلك االلتزامات مامل يقم الناقل أو الطرف املنفذ
بذلك النشاط نيابة عن الشاحن أو الشاحن املستندي أو املرسل إليه طبقا للمادة /17ط.
-2االتفاق يف العقد الكمي contrat de volumeويقصد ابلعقد الكمي عقد النقل الذي
ينص على نقل كمية حمددة من البضائع يف سلسلة من الشحنات خالل فرتة زمنية متفق عليها
،كما أنه يتضمن حتديد الكمية حبد أقصى أو أدىن من البضائع طبقا للمادة 2/1من هذه
االتفاقية.
لقد استثنت معاهدة روتردام يف املادة 1/80منها األحكام املتعلقة ابلعقود الكمية من
صفتها اآلمرة املنصوص عليها يف املادة ، 79اليت تبطل كل شرط يستبعد واجبات الناقل
املتعاقد أو الطرف املنفذ البحري(الناقل الفعلي) املنصوص عليها يف هذه االتفاقية ،أو أي بند
-1تنص املادة 13من قواعد روتردام -1 ":يقوم الناقل أثناء مدة مسؤوليته حسبما حددت يف املادة 12ورهنا أبحكام املادة 26بتسلم
البضائع وحتميلها ومناولتها و تستيفها ونقلها وحفظها واالعتناء هبا وتفريغها وتسليمها على حنو مالئم وبعناية.
-2بصرف النظر عن الفقرة 1من هذه املادة ودون املساس بسائر أحكام الفصل 4وابلفصول 5إىل ، 7جيوز للناقل والشاحن أن يتفقا
على أن يتوىل الشاحن أو الشاحن املستندي أو املرسل إليه حتميل البضائع أو مناولتها أو تستيفها ويشار إىل ذلك االتفاق يف تفاصيل
العقد".
-2حممد شريف غنام ،املرجع السابق ،ص .81
77
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
1
يستبعد املسؤولية أو حيد منها وكذلك نفس احلكم ابلنسبة للمرسل إليه ،أو الطرف املسيطر
،أو احلائز ،أو الشاحن املستندي .وابلتايل جيوز للناقل والشاحن أن يتفقا على حقوق
وواجبات ومسؤوليات أكثر ،أو أقل مما فرضته هذه االتفاقية ،لكن بشرط أن يتضمن العقد
الكمي بياان جليا أبنه خيرج عن نطاق أحكامها.2
اجلدير ابلذكر أن الفقرة الرابعة من املادة 80جلأت إىل استثناء بعض الواجبات
اجلوهرية لكل من الشاحن والناقل من جواز الزايدة ،أو التقليل منها مثل التزام الناقل جبعل
السفينة صاحلة للمالحة والتزامه بتطقيم السفينة وتزويدها ابملعدات واإلمدادات على النحو
املالئم طيلة الرحلة البحرية حسب الفقرة أ و ب من املادة ، 14كالتزام الشاحن بتزويد الناقل
مبا خيص البضائع من معلومات وتعليمات و مستندات طبقا للمادة 1/29وكذلك البياانت
اخلاصة ابلبضائع اخلطرة وفقا للمادة .32
-3أجازت املادة /81أ من قواعد روتردام للناقل أن يتفق مع الشاحن على استبعاد واجبات
كل من الناقل املتعاقد أو الفعلي ومسؤوليتهما أو حيد منها يف حالة نقل احليواانت احلية ،
بشرط أال يكون املطالب ابلتعويض قد أثبت أن هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف
تسليمها كان بسبب فعل عمدي أو إمهال من جانب الناقل أو اتبعيه .
-1الطرف املسيطر حسب املادة 1/51من معاهدة روتردام هو الشاحن أو املرسل إليه أو الشاحن املستندي أو أي شخص عند ابرام
عقد النقل وتصبح هذه اإلحالة انفذة املفعول فيما خيص الناقل عندما يبلغه احمليل هبا ويصبح احملال إليه هو الطرف املسيطر وقد عرفت
املادة 50من هذه ا ملعاهدة حق السيطرة أبنه حق خيول صاحبه صالحية توجيه أو تعديل تعليمات خاصة ابلبضائع يف ميناء التوقف
املقرر أو يف أي مكان على مسار يف حالة النقل الداخلي ابإلضافة إىل استبدال املرسل إليه أبي شخص آخر ويضل حق السيطرة قائما
طوال مدة املسؤولية الناقل حسبما قضت به املادة 12وينضي ابنقضائها .وحلق السيطرة أمهية كبرية حيث ميَكن العميل من تفادي
عمليات الغش واالفالس االحتيايل ومثاله عندما يكتشف البائع أن املشرتي مل يعد قادرا على الوفاء ابلثمن ،فيقرر استبداله مبشرتي آخر
وكذلك يف التصدي لسرقة املعلومات الواردة على شبكة األنرتنت أو التالعب هبا متهيدا للقيام بصفقة غري مشروعة وغريها من األعمال اليت
أصبحت هتدد التجارة الدولية :قماز ليلى إلدايز ،املرجع السابق ،ص . 197
-2إميان حسن اجلميل ،املرجع السابق ،ص .115
78
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
-4احلالة الرابعة وهي مشاهبة ملا جاءت به املادة 6من معاهدة بروكسل تتمثل يف حالة النقل
االستثنائي ،إذ جيوز لطريف عقد النقل االتفاق على استبعاد واجبات الناقل أو الناقل من
الباطن أو مسؤولياهتما حسب ما قضت به الفقرة ب من املادة 81من معاهدة روتردام لكنها
قيدت ذلك بتوافر شرطني:
أ-وجود مسوغ يربر ابرام هذا االتفاق اخلاص.
ب -أال يصدر هبذا النوع من النقل مستند نقل قابل للتداول أو سجل نقل إلكرتوين .يعين
هذا أن املعاهدة أرادت أن حتصر هذا النوع من النقل واخلروج عن أحكام االتفاقية ابألطراف
فقط ،فاالتفاق يف هذه احلالة يكون اتفاقا خاصا بني طريف العقد و ال يسري حبق طرف اثلث
،أما إذا ورد هذا االتفاق يف مستند نقل قابل للتداول ،أو سجل نقل إلكرتوين فإنه يعترب كأن
مل يكن وتطبق أحكام االتفاقية على النقل برمته.1
الفقرة الثانية:
مناذج عن الشروط الصحيحة
خالفا ملا سبق ذكره يف الفقرة السالفة تعترب شروطا صحيحة يف عقود النقل البحري
للبضائع كل الشروط اليت ال تؤدي إىل اعفاء الناقل من املسؤولية أو ختفيفها أو الشروط ،اليت
ال هتدف إىل حتقيق مزااي خاصة للناقل على حساب الشاحن أو املرسل إليه ،أو تلك
االتفاقات اليت يكون موضوعها الزايدة يف مسؤولية الشاحن أو يف التزاماته .2إعماال هلذا املبدأ
تقع صحيحة يف نصوص االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري بعض الشروط واليت
جرى تداوهلا يف جمال النقل البحري وهي كالتايل :شرط مهاالاي ، Himalayaشرط كاسبياان
،شرط جاسون اجلديد F.I.O ،شرط فيو Paramount ،شرط ابرامونت caspiana
.New Jason
79
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
-1املبدأ الذي قررته قضية Adlerأنه يف نقل األشخاص كما يف نقل البضائع ،للناقل أن يشرتط اإلعفاء ألولئك الذين يستخدمهم
لتنفيذ العقد وأنه عندما يتقرر سوآءا أكان هذا االشرتاط مت بعبارات صرحية أو ضمنية فإنه يكون لذلك أثر يف محاية أولئك الذين يؤدون
خدمات يف نطاق العقد رغم أاهم ليسوا أطرافا فيه شريطة أن يوافق املضرور على إعفاء هؤالء األشخاص :مشار إليه لدى كمال محدي
،عقد الشحن والتفريغ ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة ،2002ص . 252
2
-Diego Ramirez Vincent ,la limitation de responsabilité dans le transport multimodal
,Mémoire présenté à la faculté des etudes superieures en vue de lobtion du grade
L.L.M,Université de montreal,Aout 206,p38 .
80
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
-1أصبح هذا الشرط معروفا ابسم شرط كاسبياان نسبة للسفينة Caspianaففي قضية " " Rentony palmyraيف سنة
1957كان على السفينة أن تتجه من املوانئ الكندية إىل لندن إال أاها حتولت إىل هامبورغ بسبب االضطراابت اليت منعتها من دخول إىل
امليناء واخلروج منه مرة اثنية يف أمان دون أتخري حسبما ذكر يف سند الشحن وقد احتمى الرابن ابحلق املخول له يف السند يف مثل هذه
الظروف أن يتجه إىل أي ميناء آمن فاجتهت السفينة إىل مدينة هامبورغ وقد رفضت دعوى اسرتداد التكاليف والنفقات اليت حتملها املرسل
إليهم يف سبيل إعادة البضائع من هامبورغ إىل لندن :حممود أمحد حسين ،املرجع السابق ،ص . 177
-2عبد احلميد الشواريب ،القانون التجاري (العقود التجارية) ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة ، 1992ص . 274
-3حممود أمحد حسين ،،النقل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص.177
81
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ابرامونت.1وبذلك يستفيد الناقل بعدم خضوعه لقواعد القانون الوطين عند الوصول إىل ميناء
التفريغ.2
لقد سبق أن أخذت حمكمة النقض املصرية مبفعول شرط ابرامونت بقوهلا ":من املقرر
على ما جرى به قضاء هذه احملكمة أنه جيوز لطريف عقد النقل إذا كان سند الشحن ال خيضع
ملعاهدة بروكسل الدولية لسنة ،1924طبقا للشروط اليت حددهتا املادة العاشرة منها أن يتفق
على خضوعه هلا وتطبيق أحكامها عليه بتضمينه شرط ابرامونت.3
يرى بعض الفقه أنه يف حالة عدم خضوع سند الشحن ألي معاهدة بقوة القانون ،فإن
اتفاق أطراف العقد على تضمني السند شرط ابرامونت ،مىت كان النقل دوليا فإنه يتعني
اعمال هذا الشرط وال جيوز استبعاده حلساب القانون الوطين ولو كانت نصوصه آمرة .ال
يكون هذا القانون واجب اإلعمال إال يف األمور اليت خترج عن نطاق تطبيق املعاهدات ،إذ
أن القواعد املتعلقة ببيان نطاق تطبيق االتفاقيات من النظام العام فال جيوز النص يف سند
الشحن على اإلعفاء من أحكامها ،بينما على العكس جيوز النص يف هذا السند على سراين
أحكام املعاهدات يف احلاالت اليت ال تسري فيها هذه األحكام. 4
The F.I.O Clause رابعا :شرط فيو
يقصد هبذا الشرط وضع مصاريف عمليات الشحن والتفريغ على عاتق الشاحن أو
املرسل إليه إذ ال شأن هلذا الشرط مبسؤولية الناقل عن تسليم البضاعة ابحلالة اليت وصفت هبا
يف سند الشحن .و هو شرط صحيح فمضمونه خيول الناقل فقط حق مطالبة الشاحن أو
-1لقد أشار املشرع اجلزائري لشرط ابرامونت يف املادة 747ق ب ج وأقر بصحته وهو ما يستفاد من مضمون هذه املادة إذ نصت ":ال
تسري أحكام هذا الباب مع التحفظ الستثناءات احملددة فيمايلي إال يف حالة وجود اشرتاطات أخرى مل يتفق عليها صراحة وتسري عند
احلاجة ألحكام اخلاصة التفاقية الدولية اليت تتناول هذا امليدان واليت انضمت إليها اجلزائر وذلك يف النقل البحري املتمم بني املوانئ اجلزائرية
واملوانئ األجنبية".
-2حممود حممد عنانبه ،املرجع السابق ،ص . 174
-3طعن 1497سنة 55ق جلسة :1993/7/19مشار إليه لدى أمحد حممود خليل ،املرجع السابق ،ص .112
-4عبد احلميد الشواريب ،املرجع السابق ،ص . 273
82
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
املرسل إليه مبصاريف الشحن والتفريغ و مصاريف ايداع البضاعة وختزينها، 1لكنه ال يعفيه عن
هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف وصوهلا ومن مثة عليه أن ال يرتك البضاعة على الرصيف
عرضة للسرقة والضياع بل عليه أن يودعها يف خمازن آمنة حلساب املرسل إليه.2
هذا ما أتكد من خالل قرار حمكمة النقض املصرية حيث أقرت بصحة هذا الشرط
،كما فصلت بينه وبني مسؤولية الناقل حيث جاء يف قرارها ما يلي ":ملا كان الثابت يف حمضر
التسليم أنه حرر بعد االنتهاء من عمليات التفريغ والتسليم اليت استغرقت أربعة أايم وأسفرت
عن عجز 228عبوة وهذا ما ثبت بتقرير مكتب املراقبة واملعاينة املقدم أبوراق الطعن .وقد
كانت هذه األوراق قد خلت مما يدل على أن تسليما قانونيا قد مت على ظهر السفينة قبل
التفريغ ،فإن احلكم االبتدائي املؤيد ألسبابه ابحلكم املطعون فيه قد اختذ من قيام املرسل إليه
ابلتفريغ دليال على أنه قد تسلم الشحنة كاملة على ظهر السفينة .كما أن العجز والتلف قد
حداث أثناء عمليات التفريغ وبسببها يكون قد أخطأ يف تطبيق القانون ،حيث أهدر داللة
حمضر التسليم و تقرير مكتب مراقبة ومعاينة البضائع املشار إليهما مبا يشوبه القصور يف
التسبيب وخمالفة الثابت ابألوراق ،فال يغري ما متسكت به الشركة املطعون ضدها يف حمضر
التسليم ،من أن احلمولة قد وردت حتت شرط F.I.Oوابفرتاض صحة االتفاق عليه يعين أن
الناقل ال يتحمل مصروفات الشحن والتفريغ فحسب ،إذ ال شأن هلذا النظام مبسؤولية الناقل
عن تسليم البضاعة كاملة وسليمة إىل املرسل إليه يف ميناء الوصول.3
83
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
-1أول ظهور "لقواعد يورك وانفرس" كان سنة 1864مث عرفت هذه األخرية تدرجيا مجلة من التغريات بني احلذف واإلضافة والتعديل
هبدف مسايرة الثورة التقنية والقانونية اليت عرفها امليدان البحري حيث عدلت يف سنة 1974وسنة 1994وآخر تعديل كان سنة
2004وأهم ما جاء به التعديل األخري ميكن تلخيصه يف أربع نقاط رئيسية:
أ-مل تعد أجور ومصاريف الرابن وكذا مصاريف الطاقم مقبولة كخسارة مشرتكة مثل حالة املكوث يف ميناء امللجأ
ب-وضع سقف أعلى لقيمة اإلصالحات املؤقتة اليت ميكن أن تدرج ضمن اخلسارة املشرتكة حيث أصبحت قيمتها ال تتجاوز يف معدهلا
كأقصى حد جمموع التكاليف اإلصالحات املوقتة واإلصالحات النهائية داخل ميناء االلتجاء ،ج-قاعدة جديدة مل تكن معروفة سابقا
وهي أن احلقوق والضماانت تسقط مبرور سنة بعد دخول نظام اخلسارة املشرتكة حيز التنفيذ أو بعد مرور 6سنوات ابتداءا من اتريخ اهاية
املغامرة البحرية املشرتكة :سعيد بلوق ،األسس القانونية لنظام اخلسائر املشرتكة:
www.isurance4 arab.com/2013/11/bolg.post_376 8html
اتريخ الدخول إىل املوقع ،2016/8/6 :الساعة.19:30 :
-2حممود أمحد حسين،النقل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص .182
84
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
خالصة القول أن الفائدة اليت تعود على الناقل من وراء شرط "جاسون " هي استفادته
من مسامهة الشاحنني أو املرسل إليهم يف اخلسارة اليت تلحق البضائع ابإلضافة إىل مصاريف
ومكافئات اإلنقاذ .وهذا الشرط ال يكون انفذا إال يف حالة عدم مسؤولية الناقل عن احلادث،
أو ما يرتب عنه من نتائج وفقا للقانون والعقد. 1
املبحث الثاين:
نطاق تطبيق احل ّد األقصى للتعويض
يف جمال النقل البحري الدويل للبضائع ال يطبق نظام احلد األقصى للتعويض بصورة
تلقائية على كل عقد نقل دويل وامنا يقتصر األمر على احلاالت اليت تنطبق فيها االتفاقيات
البحرية الدولية ،حيث اختصت هذه األخرية بنوع معني من العقود يتمثل يف عقد النقل
الثابت بسند الشحن ،أو أبي وثيقة مماثلة و استبعدت النقل الذي يتم مبشارطة اجيار السفينة
إال إذا انتقل سند الشحن الصادر مبناسبة عقد اجيار السفينة إىل الغري احلائز بواسطة التظهري ،
عندئذ القواعد اآلمرة على عالقة الغري ابلناقل سوآءا كان مؤجرا ،أو مستأجرا ٍ فتطبق
للسفينة.2
كما أن االتفاقيات الدولية الثالث السالفة الذكر مل جتعل حق االستفادة من احلد
األقصى مقتصرا على الناقل وحده بل منحته أيضا لبعض األشخاص ،الذين جتمعهم ابلناقل
ارتباطات تدخل يف إطار تنفيذ النقل البحري نظرا ملا تقتضيه طبيعة عمل هؤالء .و ترتيبا على
ذلك فقد اقتضت دراسة هذا املبحث من خالل مطلبني :نطاق تطبيق احلد األقصى للتعويض
من حيث املوضوع (مطلب أول) و نطاق تطبيقه من حيث األشخاص (مطلب اثين ).
85
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
املطلب األول:
نطاق تطبيق احلد األقصى للتعويض من حيث املوضوع
تضع االتفاقيات الدولية( بروكسل ،هامبورغ و روتردام) مجلة من الشروط أمام سراين
قاعدة احلد األقصى للتعويض و ذلك حىت يطبق على ما ينشأ من نزاعات عن عقد النقل
الدويل به ،فإن ختلف أي شرط منها سيؤدي هذا حتما إىل تعطيل هذه القاعدة .و ابلتايل
سيفسح اجملال أمام اتفاق املتعاقدين أو سلطة القاضي لتقدير مبلغ التعويض املرتتب على ما
يلحق البضائع من تلف أو هالك أو ضرر ينجم عن أتخريها يف التسليم .و تتمثل هذه
الشروط يف :وجود عقد نقل حبري دويل (فرع أول)،إصابة البضاعة أبضرار أثناء فرتة املسؤولية
(فرع اثين)،عدم سقوط حق الناقل يف االستفادة من احلد األقصى(فرع اثلث).
الفرع األول:
وجود عقد نقل حبري دويل
كما هو معلوم أن استغالل السفينة يف النقل البحري للبضائع يتم وفق نوعني من العقود
األول عقد مشارطة اجيار السفينة ،والثاين عقد نقل بضائع عرب البحر.1
-1عقد مشارطة اجيار السفينة
قد حيدث عمال أن يكون مالك السفينة غري قادر على استغالل السفينة2فيؤجرها لغريه
لقاء مقابل ويقوم هذا الغري املستأجر ابستغالهلا حلسابه ،كما يتخذ اجيار السفينة صورتني :إما
أن يرد على السفينة عارية أي غري جمهزة وينصب اإلجيار يف هذه احلالة على السفينة ذاهتا دون
أن يزودها املالك املؤجر ابملؤن والبحارة وإما أن يكون موضوعه السفينة جمهزة مبا يلزمها من
1
-Mohammed Benamar ,la concession en matière de transport maritime en droit
algérien ,DMF N0 609,Nov 2000 ,p928.
-2اشرتط املشرع اجلزائري ملمارسة نشاط استئجار السفن من طرف شخص طبيعي أن يكون ذو جنسية جزائرية (دون حتديد إن كانت
أصلية أو مكتسبة ) ،أما إذا مت مزاولته من جانب شركة فيجب أن تكون خاضعة للقانون اجلزائري وأن تكون هلا صفة جمهز إضافة إىل
إلزامية أن يكون مركز نشاطها الرئيسي داخل اجلزائر :
-Boukhatmi Fatima,les nouvelles dispositions de la loi 98-05 portant code maritime
algerian ,DMF N0 610 ,Déc. 2000,p1047.
86
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
مواد وحبارة ،فيكون على املؤجر يف احلالة األوىل أن يقدم السفينة للمستأجر النتفاع هبا كما
يشاء ويكون هلذا األخري السيطرة املطلقة عليها من حيث التسيري املالحي والتجاري.1
لكن الوضع خيتلف يف احلالة الثانية إذ يعترب الرابن والبحارة من اتبعي املالك وليس
املستأجر وتبقى السفينة يف حيازة املؤجر وحتت سيطرته إدارة واشرافا . 2
خالفا لعقد مشارطة اجيار السفينة ،3فإن مضمون العقد ينصب على النقل يف حد ذاته
دون السفينة أو طاقمها و الغالب يف استغالل السفينة أن يكون مبوجب عقد النقل وعليه فإن
االتفاقيات الدولية اقتصرت على تنظيم هذا النوع من النقل ،فأخرجت مشارطة اجيار من
نطاق تطبيق قواعدها ،اتركة مسألة تنظيمها إىل إرادة طريف العقد كأصل عام و إىل القوانني
الداخلية.4
يف هذا االطار يثور التساؤل التايل :ما الذي جعل نظام احلد األقصى للتعويض ينطبق
على عقد النقل دون مشارطة اإلجيار؟
ال شك أن اإلجابة عن هذا اإلشكال تكمن يف اختالف القوى االقتصادية حيث أن
من يسعى الستئجار سفينة سوآءا ابلكامل أو جزئيا هو رجل أعمال من كبار التجار أو
رجال الصناعة ،حيث يقف ندا ملؤجر السفينة يساومه وحيدد شروطه .و لذلك فإن النصوص
-1علي مجال الدين عوض ،النقل البحري للبضائع ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ، 1992ص 101و. 108
-2يقصد ابإلدارة البحرية للسفينة كل ما يتعلق بقيادة السفينة و أجهزهتا وما يتصل هبا عموما ،أما اإلدارة التجارية فيقصد منها يتوقف
على نوع املالحة الذي تقوم به السفينة فتشمل ابرام عقود النقل ،استالم البضاعة وتسليم البضاعة ابلنسبة للسفن التجارية :حممود مسري
الشرقاوي ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص . 232
-3عرفته اللجنة املنعقدة بلندن اخلاصة مبناقشة قانون حول استئجار السفن والنقل البحري بقوهلا ":هو عقد مبوجبه يقوم املؤجر يف مقابل
أجر حيدد جزافيا أو وفقا لقواعد معينة بوضع سفينة حتت تصرف املستأجر أوجزءا منها لغرض نقل حبري " ،كما قامت ندوة األمم املتحدة
للتجارة والتنمية CNUCEDواللجنة البحرية ملؤمتر البلطيق الدويل BIMCOبوضع مناذج مكتوبة لعقد استئجار السفن وكيفية
استعماهلا Charte- Partie Type-وهبذا تطورت النماذج احلديثة للمشارطات األكثر تداوال واليت صبح عددها يتعدى الثمانني
عقدا منوذجيا :حممد بن عمار ،اإلطار القانوين الستغالل السفينة ،اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية ،العدد ، 01سنة ، 1998ص 89
وما يليها .
-4تنص املادة 641ق ب ج على أنه ":حتدد التزامات وشروط االستئجار بني األطراف عن طريق عقد يتفق عليه بكل حرية".
بيد أنه ال جيوز ألطراف ادراج اشرتاطات يف عقد االستئجار ختالف املبادئ العامة يف القانون اجلاري العمل به وإذا مل يدرج اشرتاط يف عقد
استئجار السفينة خيضع هذا العقد ألحكام هذا الباب ".
87
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
املنظمة لعقود اجيار السفينة جيوز ألطراف استبعادها وخيتلف األمر متاما إذا بدأان يف معاجلة
عقد النقل البحري ،فبالرجوع إىل الواقع العملي نالحظ أن الناقل يتمثل يف شركة أو مؤسسة
ضخمة ،تضع عقودا معدة سلفا وتستأثر بتحديد شروطها وليس للشاحن سوى قبوهلا أو
رفضها ،أو البحث عن انقل آخر و لكنه لن يكون أرحم من الناقل األول ،فكل الناقلني
متشاهبني يف وضع شروط تالئمهم دون اعتبار ملصلحة الشاحن .ويف هذه احلالة نكون بصدد
عقد اذعان ،اتضحت عيوبه نظرا النتشار وتقدم وسائل املالحة البحرية وازدايد حركة التبادل
التجاري وظهور خطوط املالحة املنتظمة ،اليت أدت إىل ظهور فئات جديدة من الشاحنني
بل هلم وال حاجة هلم إىل استئجار السفينة أو جزء منها وكل ما يشغلهم
الصغار ،الذين ال ق َ
هو نقل بضائعهم ذات احلجم أو الكميات املتواضعة ،لكنه يفاجأ بفرض بشروط من قبل
الناقل ال طاقة له على مناقشتها. 1
-2عقد النقل البحري الدويل
إن عدم مقدرة الشاحنني على املساومة يف عقد النقل البحري دفعت ابالتفاقيات
الدولية إىل تدخل من أجل محايتهم بوضع حد أقصى ملبلغ التعويض و الذي ال جيوز االتفاق
على أقل منه ،2غري أن االتفاقيات الدولية يف تطبيق ذلك وضعت بعض الشروط منها :أن
يكون عقد النقل اثبتا بسند الشحن 3و أبي وثيقة مماثلة أو بسندات شحن صادرة مبناسبة
مشارطة اجيار السفينة و أن يكون هذا العقد دوليا يف مفهوم تلك املعاهدات .
-3يعرف الفقه الغريب سند الشحن connaissementأو Bill of ladingبتأنه وثيقة يسلمها الناقل إىل الشاحن يعرتف مبوجبها
األول ابستالم البضاعة من الثاين ومن أجل نقلها إىل ميناء حمدد :مشار إليه حممد السيد الفقي ،قانون التجارة الدولية ،دار الفكر
اجلامعي ،سنة ،2008ص.286كما تفق التشريعات الوطنية والدولية على اعتبار وثيقة الشحن أداة إلثبات عقد النقل وليست العقد
نفسه فسند الشحن إضافة إىل ذلك يعد إيصاال داال على استالم البضائع :عبد القادر حسن العطري ،الوسيط يف شرح قانون التجارة
البحرية ،مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان –األردن ،سنة ،1999ص .278
88
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة األوىل:
عقد النقل الثابت بسندات الشحن
يعرف عقد النقل البحري للبضائع أبنه اتفاق بني الناقل والشاحن على نقل بضاعة من
مكان آلخر مقابل أجرة معينة يف وقت حمدد ،فال خيتلف عقد النقل البحري عن سائر العقود
الرضائية ،إذ ينعقد مبجرد اقرتان إراديت الشاحن والناقل الصحيحتني والسليمتني من عيوب
اإلرادة ،فهو ليس عقدا شكليا ألن القانون البحري اجلزائري مل يشرتط ذلك ،أي أن يكون
مكتواب وامنا كتابته يف سند الشحن ماهي إال وسيلة إلثباته وليست ركنا النعقاده ،حيث يضل
عقد نقل صحيحا يف غياهبا ،إذ يعترب عقد النقل عقدا جتاراي جيوز اثباته بكل الوسائل وفقا
ملبدأ حرية االثبات يف املواد التجارية طبقا لنص املادة 30من القانون التجاري.1
لكن هذا األمر ليس هبذه السهولة عند الرجوع إىل معاهديت بروكسل وروتردام 2واللتان
اشرتطتا من أجل تطبيق احلد األقصى للتعويض أن يكون عقد النقل اثبتا بسند الشحن .3ومع
هذا فإن القضاء الفرنسي مل يقف عند التفسري احلريف للمادة /1ب من معاهدة بروكسل بل
حاول تطبيق أحكام االتفاقية على كافة عقود النقل البحري الدولية .فقد طُبقت االتفاقية يف
احلالة اليت يطلب فيها الشاحن اصدار سند الشحن ويتقاعس الناقل عن إصدارها هتراب من
تطبيق االتفاقية على عقد النقل ،بينما يذهب رأي آخر إىل القول بضرورة االعتماد على
العرف التجاري السائد يف ميناء الشحن ،فإذا جرى العرف يف ميناء الشحن على اصدار سند
-1املادة 30من األمر 59-75املؤرخ يف 26سبتمرب 1975املعدل واملتمم ابلقانون رقم 02-05املؤرخ يف 6فرباير 2005
املتضمن القانون التجاري ،ج ر العدد 11لسنة .2005
-2طبقا للمادة /1ب من معاهدة بروكسل واملادة 6من معاهدة روتردام.
-3قواعد روتردام ابإلضافة إىل تنظيمها لسند الشحن الورقي ،نصت على نوع جديد من سندات الشحن وهو ما امسته بسجل النقل
اإللكرتوين وذلك نظرا للتطور التقين الذي عرفه قطاع النقل البحري وتطور التجارة اإللكرتونية ،غري أن هذه االتفاقية جعلت من أمر
استخدام املستندات اإللكرتونية يف النقل البحري مرهوان ابتفاق الشاحن والناقل ويف حالة االتفاق على ذلك فإن سجل النقل اإللكرتوين
يكون له ذات القوة اليت حيظى هبا مستند النقل الورقي من حيث حيازته أو احالته :حممد شريف غنام ،التزامات الشاحن ومسؤوليته يف
قواعد روتردام ، 2008دار اجلامعة اجلديدة ابإلسكندرية ،سنة ، 2012ص 38وما يليها .
89
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الشحن فإن االتفاقية تطبق على هذه احلالة ابلرغم من عدم وجود سند الشحن مادام هناك
عرف يقضي بذلك.1
أما الوضع يف معاهدة هامبورغ فهو خمتلف ،إذ أنه ال يشرتط لتطبيق نظام احلد األقصى
الذي جاءت به هذه املعاهدة توافر سند الشحن إلثبات عقد النقل وامنا يطبق على كل عقود
النقل الدولية اليت ختضع هلذه االتفاقية ،لكنها جعلت صدور سند الشحن أو الوثيقة املماثلة
له يف دولة مصادقة على االتفاقية أو منضمة هلا إحدى حاالت تطبيق قواعدها ،طبقا لنص
املادة /2د .وخالصة القول أن هذه االتفاقية ال تعترب سند الشحن أو الواثئق املشاهبة له من
حيث الوظائف شرطا لإلثبات عقد النقل ،ذلك ألن الغالبية العظمى من الدول أتخذ مببدأ
رضائية العقود وابألخص يف عقد النقل البحري .
الفقرة الثانية:
عقد النقل الثابت بسندات مماثلة
أجازت معاهدة بروكسل بشأن تطبيق قواعدها لطرفا عقد النقل استعمال واثئق مماثلة
لسند الشحن و هذا حسب ما ورد يف الفقرة األوىل من املادة األوىل ،أي أن هذه الواثئق
ابمكااها أن حتل حمل سند الشحن من حيث اثبات عقد النقل .2و ابلتايل ميكن للمستفيد
منها توظيفها يف املطالبة ابحلقوق وااللتزامات الناشئة عن العقد .و يتساوى مع سند الشحن
Recived for االيصال املؤقت ، Mate's receiptالسند من أجل الشحن أو برسم الشحن
بشرط أن تكون هذه املستندات موقعة من Deliviery order أوامر التسليم ،shipment
1
-CA .Toulouse 13/5/1977 .DMF 1977,p721,Scurton on charte-parties and bills 18ed
,1974 ,p146:
-مشار إليهما لدي حممد عبد احلميد ،املرجع السابق ،ص. 111
-2ونفس احلكم أخذت به معاهدة هامبورغ يف املادة 18حيث جاء فيها أنه ":مىت أصدر الناقل وثيقة أخرى غري سند الشحن لإلثبات
تسلم البضائع الواجب نقلها واعتربت هذه الوثيقة قرينة ظاهرة على ابرام عقد النقل وتلقي الناقل البضائع كما هي موصوفة يف تلك
الوثيقة".
90
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الناقل ويستوي يف ذلك أن يصدر سند الشحن امسيا ،أو اذنيا ،أو حلامله وال يلزم أن أيخذ
السند شكال معينا.1
أوال :اإليصال املؤقت
بتسليم الشاحن عند شحن البضائع First officier يقوم الضابط األول يف السفينة
على ظهر السفينة ايصاال وقتيا ريثما يتم اعداد سند الشحن و يتم توقيعه من قبل الرابن أو
من قبل ٍ
ممثل عن الناقل.ويتقدم الشاحن ليستبدل االيصال املؤقت فإن مل تتم عملية االستبدال
أعترب هذا االيصال مبثابة سند الشحن يف يد الشاحن.2
هبذا الشأن اثر جدل فقهي حول اعتبار االيصال املؤقت سندا للشحن من عدمه ،
حيث يرى االجتاه األول مبا أنه من الناذر تناوله لعدم اشتماله على شرط اإلذن فيمكن اعتباره
على األقل مبثابة سند شحن امسي وابلتايل خيضع للمعاهدة.3
أما االجتاه الثاين 4فريى خالف الرأي األول وحجتهم يف ذلك مبا أنه يتعذر اصدار سند
الشحن فور االنتهاء من عملية الشحن ،حيث تكون السفينة مشغولة ابستالم البضائع خمتلفة
لعدة شاحنني وبنفس الوقت يضمن الناقل إبعطاء هذا االيصال املؤقت عدم وقوع سند
الشحن عند صدوره يف شخص غري مفوض ابستالمه ملا يرتتب عنه من نتائج ابلغة اخلطورة.
وهلذا ال يقوم الناقل أو وكيله بتسليم سند الشحن عند صدوره إال ملن يتقدم إليه و سواءا يف
ذلك أكان هو الشاحن أم وكيله أم موظف عنده مادام سيسرتد منه االيصال املؤقت ،فالغرض
إذن منه ضمان تسليم سند الشحن لصاحب العالقة ،فال يصح على هذا اعتباره وثيقة مماثلة
لسند الشحن أو إعطائه حكم هذا األخري من أجل انطباق معاهدة بروكسل.
91
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
من خالل التعرض لآلراء الفقهية ميكن القول أن وجهة نظر االجتاه األول كانت صائبة،
ألن حجتهم كانت مستمدة من امليدان العملي وما تفرضه التجارة الدولية ،لكن هذا احلكم ال
جيب أن أيخذ به على اطالقه بل جيب أن تتوافر يف االيصال املؤقت بعض الشروط حىت
تكون له نفس فاعلية سند الشحن و هي أن يكون هذا اإليصال امسيا غري قابل للتداول و
موقعا من طرف الناقل شخصيا .
اثنيا :سند من أجل الشحن
عندما ال تعني السفينة يف سند الشحن فإن هذا السند يسمى بسند من أجل الشحن
،أو سند برسم الشحن وذلك لتمييزه عن سند الشحن ،الذي تكون السفينة معينة فيه وقد
ذاع استعمال السند من أجل الشحن ألسباب ثالثة وهي:
كن الشاحن من ارسال السند إىل املرسل إليه قبل شحن البضاعة.
أ-أنه ميَُ ُ
ب-أن شركات النقل اليت تسلم إليها البضاعة لنقلها ال تسمح هلا الظروف دائما بتعيني
السفينة اليت ستنقل عليها البضاعة.1
ج-أن الناقل يستطيع املطالبة أبجرة النقل دون حاجة النتظار شحن البضاعة.2
و مع ذلك فإن السند من أجل الشحن ال خيلو من عيوب كشف عنها واقع النقل
البحري ،ألن املرسل إليه ال ميكنه معرفة مكان البضاعة واذا ما كانت هذه البضاعة قد
شحنت أم ال و مىت يتم وصوهلا .و هو ما أدى مبعاهدة بروكسل ابلنص على أنه إذا كان
الشاحن قد استلم أية وثيقة تثبت له احلق يف البضائع املشحونة فله بعد الشحن أن يطالب
الناقل ،أو الرابن أبن يسلمه سند الشحن مؤشر عليه بكلمة "مشحون" ،مقابل رد هذه الوثيقة
واملقصود بذلك تسليم الشاحن سند شحن يتضمن بيان اسم السفينة اليت مت شحن البضاعة
عليها ،يف نظري اسرتداد السند من أجل الشحن. 3
-1مصطفى كمال طه ،الوجيز يف القانون البحري ،املرجع السابق ،ص . 231
-2محاد مصطفى عزب ،املرجع السابق ،ص . 305
-3مصطفى اجلمال ،دروس يف القانون البحري ،املكتب املصري احلديث للطباعة والنشر ،سنة ،1968ص .194
92
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
و هو ذات احلكم الذي أخذ به املشرع من معاهدة بروكسل ووظفه يف نص املادة 751
ق ب ج .كما أن املعاهدة تقر ابستعمال السند من أجل الشحن بدليل أاها علقت التزام
الناقل إبصدار سند الشحن املذكور به اسم السفينة الناقلة بناءا على طلب الشاحن نفسه،
فإذا مل يطلبه ضل السند من أجل الشحن مبثابة سند لنقل البضائع حبرا.1
اثلثا :أوامر التسليم
يقصد أبمر التسليم الوثيقة اليت يصدرها الناقل أو وكيل السفينة يف ميناء الوصول
ويسلمها للشاحن،أو حلامل سند الشحن يف مقابل اسرتداد سند الشحن ،الذي يسحب من
املرسل إليه .وأمر التسليم ُميكن حامله من استالم البضاعة ،حيث يقوم املرسل إليه ابلتقدم
للرابن أو ملخزن اجلمارك لتسلم البضائع الثابتة بسند الشحن الذي سحب منه. 2ابإلضافة إىل
أنه يسمح للشاحن الذي بيده سند شحن واحد يف بيع الشحنة أثناء السفر ألكثر من
مشرتي و من مثة كانت الضرورة تقتضي وجود مستند خاص حبصة كل مشرتي وهو ما يتحقق
بوجود أمر التسليم.3
لقد أظهر العمل البحري أن أمر التسليم ال خيرج عن ثالث أنواع :النوع األول و هو
أمر التسليم الذي يوقعه البائع وحده ،أما الثاين فهو الذي يوقعه الرابن أو أحد ممثلي اجملهز
ونوع اثلث يوقعه أمني احلمولة .وال يعترب سندا مماثال لسند الشحن سوى أمر التسليم املوقع
من الناقل أو أحد ممثليه.كما جتدر اإلشارة إىل أنه ليس من قبيل أمر التسليم ما يطلق عليه
إذن التسليم و هو املستند الذي جرى العمل على أن يصدره الناقل يف ميناء التفريغ يف مقابل
سند الشحن الذي أيخذه من املرسل إليه ،فإن أمر التسليم ليس معدا لتقسيم الشحنة وامنا
غرضه األساسي هو تسليم البضائع عند وصوهلا.4
93
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة الثالثة:
سندات الشحن الصادرة مبناسبة مشارطة اجيار السفينة
سبقت اإلشارة إىل أن االتفاقيات الدولية الثالث ال تسري أحكامها على مشارطة
اجيار السفينة ،1غري أن املادة /1ب من اتفاقية بروكسل واليت تتطابق معها أحكام املادتني
3/2من اتفاقية هامبورغ واملادة 7من قواعد روتردام تفيد أن املعاهدة تطبق على سند
الشحن الصادر بسبب مشارطة االجيار ابتداءا من الوقت الذي ينظم فيه هذا السند العالقات
بني الناقل وحامل سند الشحن ،فمالك السفينة عندما يصدر سند شحن للمستأجر ال يلتزم
بتطبيق إحدى أحكام االتفاقيات الدولية عندما تكون هذه األخرية هي اليت حتكم منازعة
التعويض .إال أنه إذا قام املستأجر بتظهري سند الشحن فإنه بتصرفه هذا يعطي املظهر إليه
محاية خمتلفة متاما وبذلك يفرض على مالك السفينة التزاما جديدا ،أي مبا أن مالك السفينة
إبصداره سند الشحن للمستأجر فإنه خيوله تفويضا ضمنيا بتظهري سند الشحن .وابلتايل يؤدي
هذا إىل الزام املالك ابلتزامات غري واردة يف مشارطة االجيار ،فيكون هذا األخري مسؤوال يف
مواجهة حامل السند طبقا ألحكام االتفاقيات الدولية حىت ولو سبق أن تعهد املستأجر بعدم
تظهري سند الشحن.2
خالصة القول أن قابلية سند الشحن للتداول تبدوا معها احلاجة حلماية الغري ،الذي مل
يكن طرفا يف مشارطة االجيار .و احلكمة من هذا االستثناء تقتضي االقتصار على تطبيق
أحكام االتفاقيات الدولية على سند وحده دون مشارطة االجيار ،بشرط أن يكون حامل
السند عند الوصول شخصا غري الشاحن، 3أما إذا كان حامل السند عند الوصول هو نفسه
94
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الشاحن أو ممثله القانوين فإن النقل يضل خاضعا ملشارطة االجيار والقانون الداخلي الواجب
التطبيق عليها.1
الفقرة الرابعة:
ضرورة أن يكون عقد النقل دوليا
كما هو معلوم أن نظام احلد األقصى للتعويض املقرر يف االتفاقيات الدولية ال ينطبق
إال على عقد النقل البحري الدويل ،أما عقد النقل الداخلي فيخضع لنصوص القوانني الوطنية
والتساؤل الذي يطرح هنا مىت يكون عقد النقل دوليا؟
اإلجابة على ذلك تقتضي البحث يف املعايري اليت جاءت هبا االتفاقيات لتمييز عقد
النقل الدويل عن غريه وهلذا سنتطرق هلذه املعايري يف كل من اتفاقية بروكسل،هامبورغ وروتردام.
أوال :يف معاهدة بروكسل
تقضي املادة العاشرة من معاهدة بروكسل أبن تطبق أحكام هذه املعاهدة على مجيع
سندات الشحن املكتوبة يف دولة موقعة على املعاهدة ،قد يتبادر إىل الذهن من هذه العبارات
أن أحكام املعاهدة واجبة التطبيق يف كل حالة يتوافر فيها انعقاد عقد نقل حبري يف إقليم دولة
موقعة على االتفاقية دون االعتداد جبنسية أطراف هذا العقد .و ابلتايل فإن األخذ ابملعىن
احلريف لنص املادة العاشرة يؤدي إىل تعطيل القواعد الوطنية 2وعلى هذا فقد انقسمت أراء
الفقهاء إىل اجتاهني :اجتاه أيخذ مبعيار شخصي و آخر يرى بضرورة الرجوع إىل املعيار
املوضوعي.
-1املعيار الشخصي:
استقر الرأي الراجح يف الفقه والقضاء على أن معاهدة بروكسل كغريها من معاهدات
املالحة البحرية ال تسري إال إذا نشب تنازع بني القوانني وتعلق األمر بنقل دويل .ويكون النقل
-1علي البارودي ،املرجع السابق ،ص ، 205علي مجال الدين عوض ،املرجع السابق ،ص . 729
-2مسيحة القيلويب ،املرجع السابق ،ص . 417
95
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
دوليا مىت كان طرفا عقد النقل خمتلفي اجلنسية ،بشرط أن يكوان اتبعني لدولتني متعاقدتني.
وهذا ما أتكد من خالل قرار حمكمة النقض املصرية ،إذ جاء فيه أنه يشرتط لتطبيق أحكام
معاهدة بروكسل أن تكون العالقة بني الناقل والشاحن ذات عنصر أجنيب و أن ينتمي طرفاها
جبنسيتهما إلحدى الدول املوقعة على املعاهدة أو املنضمة إليها و أن يكون النقل بني ميناءين
اتبعني لدولتني خمتلفتني .1فال يكفي العتبار النقل دوليا أن يكون الشحن يف ميناء دولة
أجنبية ومىت كان الشاحن والناقل من جنسية واحدة.2
عندما تتوافر شروط انطباق املعاهدة على النحو املذكور فإاها تبقى منطبقة على النزاع
ولو ترتب على تداول سند الشحن أن أصبح الناقل واملظهر إليه األخري من جنسية واحدة ،
أما إذا كانت جنسية الناقل هي نفسها جنسية الشاحن فاألصل عدم انطباق معاهدة
بروكسل .غري أنه إذا انتقل سند الشحن بعد ذلك إىل حامل أجنيب ختتلف جنسيته عن
جنسية الناقل فمن حق احلامل األخري مىت كان اتبعا لدولة موقعة على املعاهدة،أو منضمة
إليها أن ينتفع حبماية معاهدة بروكسل.3
-2املعيار املوضوعي
لقد ذهب بعض الفقهاء إىل خمالفة الرأي السابق وقالوا بوجوب األخذ مبعيار موضوعي
للتفرقة بني النقل الدويل والنقل الوطين ،حيث أن النقل يكون دوليا عندما يتم بني ميناءين يقع
كل منهما يف دولة غري اليت يقع فيها الطرف اآلخر .فالنظر يكون إىل مسرية البضاعة يف
رحلتها ال إىل أشخاص التعاقد .4و يكفي أن يتم النقل بني ميناءين يقعان يف دولتني خمتلفتني
بصرف النظر عن تبعية ميناء الشحن أو التفريغ لدول متعاقدة على االتفاقية.
-1نقض مصري يف 10ماي ، 1966جمموعة النقض السنة 17ص : 1050مشار إليه لدى بسام عاطف املهتار ،املرجع السابق ،ص
، 81طعن رقم 1114سنة 52ق جلسة : 1989 /2//4مشار إليه لدي حممود خليل ،املرجع السابق ،ص 405وما يليها .
-2حمكمة السني التجارية يف ، 1960/4/ 26جملة القانون الفرنسي ، 1961ص : 503مشار إليه لدى حممود مسري الشرقاوي ،
القانون البحري ،املرجع السابق ،ص . 284
-3إبراهيم مكي إبراهيم ،املرجع السابق ،ص 265وما يليها.
-4مشار إليه لدى حممود مسري الشرقاوي ،املرجع السابق ،ص. 285
96
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يؤيد الفقيهني "برودر و ميدس" األخذ ابملعيار املوضوعي 1و قد قدما اقرتاحا أقرته
اجلمعية الفرنسية للقانون الدويل يف اجتماعها يف 1949/2/14يدعو اجلمعية الدولية إىل
تعديل املادة العاشرة من معاهدة بروكسل إبضافة الفقرة التالية إليها ":يشرتط أن يتعلق األمر
بنقل من دولة إىل أخرى وبدون أن يؤخذ ابالعتبار جنسية األطراف" .لكن اجلمعية البحرية
الدولية بعد أن انقشت االقرتاح يف "أمسرتدام" يف سبتمرب 1949مل تقر به ألاها رأت أن إقرار
مثل هذا االقرتاح حيتاج إىل عقد مؤمتر دبلوماسي ومن الصعب عقد مؤمتر كهذا لغرض تعديل
مادة واحدة من املعاهدة وخاصة أن هذه املشكلة مل تعاين منها أية دولة غري فرنسا .2و األمر
مل يستقر على هذا احلال فبعد تعديل املعاهدة يف سنة 31968كانت املادة العاشرة من بني
املواد اليت عدهلا هذا الربوتوكول ،حيث نصت املادة اخلامسة منه على أنه ":تلغى املادة 10
من املعاهدة ويستبدل هبا النص اآليت :
تنطبق نصوص املعاهدة احلالية على كل سند شحن يتعلق بنقل بضائع من موانئ اتبعة
لدولتني خمتلفتني عندما:
أ-يصدر سند الشحن يف دولة متعاقدة.أو
ب -يبدأ النقل من ميناء دولة متعاقدة .أو
-1وقد ذهب الفقيه Paul Chauveauيف نقده العنيف للمشرع الفرنسي يف مسلكه ابلتصديق على معاهدة بروكسل من جهة
وإبصداره قانوان داخليا( 9أفريل ) 1936خيالف بعض نصوصها إىل القول أبن هذا يدل على أن فرنسا مل حترتم توقيعها على املعاهدة:
"-:"…..il semble bien que la France n'ait pas respect sa signature.
مشار إليه لدى إبراهيم مكي إبراهيم ،املرجع السابق ،ص .269
-مشار إليهما لدى املرجع السابق ،املرجع نفسه.
2
-3تقرر يف بروتوكول توقيع املعاهدة على أنه من حق الدول املتعاقدة أن حتفظ لنفسها احلق يف أن تطبق املادة السادسة فيما يتعلق ابملالحة
الساحلية الوطنية على كافة أنواع البضائع دون مراعاة القيد املبني ابلفقرة األخرية من املادة املذكورة ومن مثة جيوز للدولة املوقعة على املعاهدة
أو املنضمة إليها أن خترج املالحة الساحلية الوطنية من نطاق تطبيقها ابلنسبة إىل كافة أنواع البضائع ولو تعلق األمر بنقل عادي ليس له
طابع االستثناء ،إمنا يشرتط لذلك أال يصدر سند شحن ،بل يثبت النقل بوثيقة غري قابلة للتداول مؤشر عليها مبا يفيد ذلك وفقا للفقرة
األوىل من املادة السادسة :مصطفى كمال طه ،الوجيز يف القانون البحري ،املرجع السابق ،ص 290وما يليها.
97
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ج-ينص سند الشحن على انطباق نصوص املعاهدة احلالية،أو أي تشريع آخر يطبقها أاي
كانت جنسية السفينة ،أو جنسية الناقل ،أو جنسية الشاحن ،أو جنسية أي شخص آخر
يعنيه األمر".
تطبق كل دولة نصوص املعاهدة احلالية على سندات الشحن املشار إليها سابقا وال
ينال حكم هذه املادة من حق أية دولة متعاقدة يف أن تطبق نصوص املعاهدة احلالية على
سندات الشحن غري املشار إليها يف الفقرات السابقة.
من خالل ما سبق يتبني أن بروتوكول بروكسل لسنة 1968يقضي بتطبيق املعاهدة يف
ثالث حاالت وهي كاآليت:
احلالة األوىل:
هي اليت يتعلق األمر فيها بنقل بضائع بني موانئ اتبعة لدولتني خمتلفتني وذلك إبصدار
سند الشحن يف دولة متعاقدة ،أو إذا ما بدأ النقل من ميناء يقع يف دولة متعاقدة ،فالتعديل
إذن صريح يف األخذ ابملعيار املوضوعي لتحديد املقصود من النقل الدويل ،فالعربة ابختالف
دوليت الشحن والتفريغ بصرف النظر عما إذا كانت هااتن الدولتان متعاقدتني ،أو غري
متعاقدتني إال أنه يتعني توافر أحد شرطني التاليني:
أ-أن يصدر سند الشحن يف دولة متعاقدة.
ب-أن يبدأ النقل من ميناء دولة متعاقدة .و هذا كله دون النظر إىل جنسية السفينة أو طرفا
عقد النقل ،أو أي شخص له مصلحة يف البضاعة.1
احلالة الثانية:
إذا مل تكن املعاهدة واجبة التطبيق وفق احلالة األوىل يلجأ املتعاقدين إىل تضمني سند
،2أي االتفاق على خضوع العقد ألحكام "ابرامونت"Paramount Clause الشحن شرط
املعاهدة .وال حيدث هذا الشرط أثره إال إذا مت النص عليه يف سند الشحن ،أو أية وثيقة
-1حممود مسري الشرقاوي ،املرجع السابق ،ص . 287
-2مت التفصيل يف هذا الشرط ضمن الشروط الصحيحة يف عقد النقل البحري ،ص 80من هذه الرسالة.
98
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أخرى مماثلة و اعترب النقل دوليا يف حكم املعاهدة .و مثال ذلك أن يصدر سند الشحن يف
دولة غري متعاقدة مبناسبة نقل حبري ،أو أن يبدأ أو ينتهي يف دولة غري متعاقدة إذ يكفي أن
يكون النقل دوليا ابملعىن الوارد يف املادة اخلامسة من هذا الربوتوكول ،أي اختالف دوليت
الشحن والتفريغ.1
يف هذا الشأن هناك قضية عرضت على حمكمة النقض األمريكية تتلخص وقائعها يف
لنقل بضائع من الصني إىل Hanjin تعاقدت مع املستأنف L.G sourcing أن شركة
ابلوالايت املتحدة األمريكية كمكان للتسليم ،فنقلت البضاعة إىل Indiana "إندايان"
كاليفورنيا بدون وقوع أي حادث وبعدها نقلت ابلرب إىل شيكاغو وقبل وصوهلا إىل هناك
أعلمت اخلدمة اجلمركية األمريكية الشاحنني أن البضاعة قد اختريت إلجراء فحوص عليها.
وبعد اجراء الكشوفات الالزمة وضعت البضاعة يف ساحة مفتوحة األمر الذي أدى إىل فقدااها
؟ ،فثار اخلالف هل يطبق القانون األمريكي Cogsaأم اتفاقية بروكسل
لقد حكم القاضي األمريكي " "Dame p Woodيف قضية احلال بقوله أنه عند وجود
شرط ابرامونت فإن املعاهدة تطبق على كل مراحل نقل الشحنة جبزئيها البحري والربي.2
يف احلقيقة أن ما أخذ به هذا القاضي مل يكن سليما من الناحية القانونية ،ألن قواعد
اتفاقية بروكسل من النظام العام ،حيث نصت على أن تطبق قواعدها منذ شحن البضائع إىل
تفريغها ،أما خارج املرحلة البحرية فال تطبق ،أي يف الفرتة السابقة على الشحن والالحقة
للتفريغ و مبا أن الضرر قد وقع خارج هذه املرحلة ،فقد كان على القاضي األمريكي يف القضية
املذكورة أن يستبعد شرط برامونت يف هذه احلالة ملخالفته القواعد اآلمرة يف املعاهدة ويبحث
عن القانون الواجب التطبيق لوجود تنازع يف القوانني .ألن تعويض الضرر يف مرحلة الالحقة
99
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
للتفريغ ال حتكمه اتفاقية بروكسل ،إذ كيف إلرادة األطراف يف اتفاق من أن تعدل من اإلرادة
اآلمرة للمجتمع الدويل يف االتفاقية .
احلالة الثالثة:
يشري نص املادة 5الوارد ابلربوتوكول بروكسل لسنة 1968يف اهايته على حالة من
حاالت تطبيق املعاهدة على صعيد النقل الدويل وهي أنه من حق كل دولة متعاقدة أن ينص
قانواها على توسيع نطاق األخذ أبحكام املعاهدة على سندات شحن غري تلك اليت وردت
ابلفقرات السابقة يف النص املذكور .و يرى بعض الفقه أن املقصود من ذلك اعتبار معاهدة
بروكسل متعلقة ابلنظام العام فال تستطيع الدولة املتعاقدة أن متنح لطريف السند احلق يف أن
ينصوا على تطبيق قانون ينتقص من الضماانت اليت متنحها املعاهدة للشاحن مبقتضى
نصوصها اآلمرة وإمنا جيوز هلا أن توسع من نطاق تطبيق املعاهدة .فال يعين هذا أن النص
يقرر رخصة للدول أبن تتضمن تشريعاهتا الداخلية نصا يقضي مبد تطبيق املعاهدة إىل أبعد ما
ورد من ضماانت للشاحن ،ألن الدول ليست حباجة إىل تقرير هذه الرخصة هلا من سيادة
تشريعية، 1لذلك قال البعض أن هذا احلكم مل يكن مثة حاجة إليراده. 2
اثنيا :الوضع يف معاهدة هامبورغ
لقد أخذت اتفاقية هامبورغ ابملعيار اجلغرايف للنقل الدويل على غرار بروتوكول بروكسل
لسنة 1968املعدل ملعاهدة بروكسل وهو وقوع النقل بني ميناءين واقعني يف دولتني خمتلفتني
ومن مثة فهي تستبعد من نطاق تطبيقها النقل البحري ،الذي يتم بني ميناءين واقعني يف دولة
واحدة ،حىت ولو كانت تلك الدولة متعاقدة ،3طبقا لنص املادة 2من هذه املعاهدة.
كما نصت الفقرة األوىل من نفس املادة على حاالت سراين االتفاقية على النقل البحري
الدويل بشرط أن تتوافر إحدى احلاالت التالية:
-1مشار إليه لدى حممود مسري الشرقاوي ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص . 288
-2بسام عاطف املهتار ،املرجع السابق ،ص . 89
-3أمحد شريف الطباخ ،املرجع السابق ،ص .203
100
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أ-أن يقع ميناء الشحن احملدد يف عقد النقل البحري يف دولة متعاقدة فالعربة مبا تضمنه هذا
العقد حىت لو مت الشحن لظروف طارئة يف ميناء يقع يف دولة غري متعاقدة .
ب-أن يقع ميناء التفريغ احملدد يف العقد يف دولة متعاقدة.
ج-إذا تضمن العقد حتديد عدة موانئ اختيارية للتفريغ وكان احدامها يقع يف دولة متعاقدة ومت
التفريغ فيه فعال .فهنا ال يكفي ذكر أحد املوانئ الواقعة يف دولة متعاقدة ،إذ ال تسري االتفاقية
إذا مت التفريغ يف ميناء من املوانئ االختيارية اليت تقع يف دولة غري متعاقدة.
د-إذا صدر سند الشحن أو وثيقة مثبتة لعقد النقل البحري يف دولة متعاقدة ،فهذا يكفي
النطباق املعاهدة مادام النقل سيتم بني دولتني خمتلفتني .وال أمهية ألن تكون كالمها أو
إحدامها دولة متعاقدة ،فاملعاهدة تسري يف هذه احلالة حىت لو كان النقل البحري بني ميناءين
يقع كالمها يف دولتني غري متعاقدتني. 1
ه-إذا مل تتوافر حالة من احلاالت السابقة ،فإن االتفاقية ميكن هلا أن تطبق نتيجة إلعمال
إرادة األطراف وذلك إذا تضمن سند الشحن ،أو الوثيقة املثبتة لعقد النقل شرطا يقضي
إبخضاع العقد إلتفاقية ،أو لقانون دولة ينفذ أحكام هذه االتفاقية .و يكون القاضي الوطين
ملزما بتطبيق أحكام االتفاقية عند وجود شرط ابرامونت على أساس احرتام إرادة املتعاقدين
،اليت اختارت أحكام االتفاقية لتكون هي القانون الواجب التطبيق على عقد النقل .كما
ميكن للقاضي أن ميتنع عن تطبيق هذه األحكام إذا كانت خمالفة للنظام العام أو للقواعد
اآلمرة يف قانونه الوطين.2
101
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
102
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الوسائط حقيقة بل اتفاقية للنقل البحري والزائد عليه ، Maritime plusألن النقل بوسائط
أخرى ما هو إال امتداد وتكملة للنقل البحري فقط.1
الفرع الثاين:
إصابة البضاعة أبضرار أثناء فرتة املسؤولية
يطبق نظام احلد األقصى للتعويض كما هو وارد يف املادة 5/4من معاهدة بروكسل
،املادة 1/7من اتفاقية هامبورغ واملادتني 59و 60من قواعد روتردام إذا أخل الناقل ابلوفاء
ابلتزامه الرئيسي واملتمثل يف إيصال البضائع سليمة وكاملة إىل املرسل إليه يف ميناء الوصول
املتفق عليه ،يف الوقت احملدد .ويتحقق ذلك يف ثالث أحوال وهي هالك البضاعة أو تلفها أو
التأخري يف تسليمها.
الفقرة األوىل:
اهلالكPerte
يقصد هبالك البضاعة زواهلا أو انعدامها ،كما يعترب الضياع صورة من صور اهلالك
حيث يتعذر على الناقل تسليم البضاعة إىل املرسل إليه يف احلالتني .غري أن الضياع يعين فقدان
الشيء دون التأكد من مصريه ،فقد يكون بسبب زواله أو بسبب آخر كسرقته أو عدم
التمكن من اسرتداده .2أي أن اهلالك يف معناه الدقيق يشمل فقدان البضاعة وعدم وصوهلا إىل
يد املرسل إليه ألي سبب من األسباب كما لو احرتقت البضاعة أثناء الرحلة البحرية ،أو
1
-Francesco Berlingieri, aspects multimodaux des règles de Rotterdam, DMF NO708-
2009,p 18 ,Stéphane Miribèle , signature des régles de Rotterdam , DMF n 708 , 11-
2009,p1.
-مل تكن فكرة جيدة أن جتمع اتفاقية روتردام بني النقل البحري أحادي الواسطة والنقل متعدد الوسائط يف اتفاقية واحدة ألن النقل متعدد
الوسائط يثري مشاكل مجة زايدة على مشاكل النقل البحري أحادي الواسطة ،منها صعوبة حتديد مرحلة وقوع الضرر بدقة بسبب طول
رحلة البضائع وهي بداخل احلاوايت وتغري وسائل النقل من برية وجوية واختالف حدود التعويض الذي يدفعه وكيل ابلعمولة للنقل (متعهد
النقل ) إىل الشاحن ابعتباره املسؤول عن كافة مراحل النقل اليت تدخل يف النقل متعدد الوسائط ،فيختلف هذا التعويض ابختالف املرحلة
اليت يقع فيها الضرر هذا إن مت اكتشافه فيها ولعل هذا ما جعل الدول ختشى من املصادقة على هذه االتفاقية ،كما ان اتفاقيات النقل
متعدد الوسائط مل تلقى القبول لدى أغلب الدول نظرا لتلك األسباب وقد أتكد ذلك من خالل اتفاقية النقل املتعدد الوسائط "جنيف"
لسنة 1980اليت مل تدخل حيز النفاذ حلد اآلن.
-2علي حسن يونس ،املرجع السابق ،ص .156
103
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
،أو partielle ،أو جزئيا Totale غرقت يف مياه البحر،1كما قد يكون هالك البضاعة كليا
حكمي.supposé
أ-اهلالك الكلي:
يكون اهلالك كليا يف األحوال اليت يصل فيها الناقل إىل ميناء الوصول ومل يسلم شيئا
من البضاعة اليت تسلمها من الشاحن وتعهد بتسليمها إىل املرسل إليه ،أو إىل من له احلق
عليها .كما يلحق ابهلالك الكلي تسليمها يف ميناء الوصول أو يف مكان آخر 2إىل شخص
غري املرسل إليه ،الذي قد يتمسك يف مواجهة املرسل إليه بقاعدة احليازة يف املنقول سند
امللكية.3
تعترب البضائع هالكة كليا إذا أصاهبا عيب أخرجها من عداد مثيالهتا من البضائع ،أي
أاها فقدت صفاهتا األساسية اليت تتمتع هبا يف األحوال العادية ،فاألرز اجلاف مثال الذي
أصابته رطوبة ال يعد صاحلا من وجهة النظر التجارية وللمرسل إليه أن يرفض استالمه ،لكنه
مع ذلك يبقى حمتفظا بوصفه التجاري كأرز و من مثة فإنه ال يعترب هالكا كليا .على العكس
من ذلك فإن شحنة التمور اليت تصل إىل ميناء الوصول وهي يف حالة صاحلة للتقطري ولكنها
مل تعد تتمتع بصفات التمر ابملفهوم التجاري وهلذا تعترب يف عداد اهلالك الكلي.4
ب-اهلالك اجلزئي:
يتجسد اهلالك اجلزئي يف حالة تسليم البضاعة إىل املرسل إليه انقصة من حيث الوزن،
أو العدد ،أو الكمية كما لو سلمت مخسة صناديق من بضاعة معبئة بثمانية صناديق أو
أكثر.5
104
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
و مع ذلك ال يسأل الناقل عن النقص املعتاد عرفا ،الذي يصيب البضاعة أثناء
Déchet de نقلها بسبب راجع إىل طبيعتها ،أو إىل عملية النقل وهو ما يعرف بعجز الطريق
routeمثل ما هو عليه احلال عندما تكون البضاعة عبارة عن مواد سائلة ويتبخر منها جزء
بسبب عوامل اجلو ،أو كانت حبواب وسقطت منها كمية صغرية أثناء الشحن.1
ج-اهلالك احلكمي:
على خالف احلاالت السابقة اليت تعترب هالكا حقيقيا فإن البضائع تعترب هالكة حكميا
إذا مل تسلم إىل املرسل إليه بعد مضي مدة معقولة من انتهاء امليعاد املتفق عليه ،أو الذي
يقضي به العرف.2
يف هذا الصدد تنفرد معاهدة هامبورغ ابلنص على اهلالك احلكمي خالفا ملعاهديت
بروكسل و روتردام يف املادة 3/5منها ،حيث ورد فيها أن البضائع تعترب يف حكم اهلالك
الكلي إذا مل تسلم خالل 60يوما ابتداءا من التاريخ الذي كان جيب أن تسلم فيه .
وابلرجوع إىل القانون البحري اجلزائري يف املادة 32/788ق ب ج فيالحظ أن املشرع قد
أشار للهالك احلكمي غري أنه مل يبني هذه املدة .وبناءا عليه فإن مقاضاة الناقل ستكون على
أساس اهلالك احلكمي وليس على أساس التأخري.4
-1عادل مقدادي ،املرجع السابق ،ص ،. 129عبد احلميد مرسي عنرب ،املرجع السابق ،ص . 341ومسألة تقدير اهلالك اجلزئي
تكون مبقارنة ما هو وارد بسند الشحن من بياانت تتعلق بوزن البضاعة أو مقاسها أو حجمها أو عددها مع ما مت تسليمه إىل املرسل إليه
عند الوصول والفرق يف ذلك يتحمله الناقل إال إذا كان قد أورد حتفظا يف سند الشحن عن وزن البضاعة أو مقدارها ،عندئذ يتوجب على
الشاحن أو املرسل إليه اثبات املقدار احلقيقي للبضاعة عند استالمها ،فإذا استطاع اثبات ذلك فإن الناقل يسأل عن اهلالك اجلزئي وعليه
أن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض الوارد يف االتفاقية التابعة هلا دولته :املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-2عبد القادر حسني العطري ،الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية –دراسة مقارنة،-مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ابألردن ،سنة
، 1999ص.418
-3تنص املادة ....": 2/788ويف حالة الفقدان أو الضرر األكيدين أو املفرتضني."......
-4عبد الفتاح ترك ،عقد النقل البحري ،املرجع السابق ،ص .348
105
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة الثانية:
التلفAvaries
يقصد ابلتلف أن تصل البضاعة إىل املرسل إليه يف ميناء الوصول كاملة من حيث
مقدارها لكنها معيبة على حنو ينقص من قيمتها ،كفاكهة فسدت ،أو أجهزة حتطمت ،أو
عطب أصاب جزء من البضاعة مع بقاء صالحية اجلزء اآلخر ،إذ يستوي أن يشمل العيب
البضاعة كلها أو جزءا منها.1
لكن ما هو احلكم لو تلف جزء من البضاعة حبيث ال يصلح الباقي لالستعمال فيما
أعد له؟
ذهب جانب من الفقه إىل أنه يف هذا الفرض نكون أمام هالك كلي للبضاعة وهناك
من ال يتفق مع هذا الرأي ،ذلك أن الفاصل بني اهلالك الكلي للبضاعة واهلالك اجلزئي الذي
أيخذ حكم التلف هو حصول التسليم من عدمه .فإذا كانت البضاعة قد سلمت إىل املرسل
إليه ومهما كان قدر أو شأن التلف الالحق جبزء منها والذي يؤدي إىل عدم صالحية اجلزء
الباقي لالستعمال فيما أعدله فإن األمر ال يرقى حبال إىل القول أن مثة هالك كلي ،فالفرض يف
اهلالك الكلي أنه ليس مثة تسليم للبضاعة عند الوصول ،أما إذا حصل تسليم ولو كان التلف
شامال البضاعة كلها فإننا نكون بصدد تلف كلي إن صح التعبري وليس هالك كلي.2
ويرى فقه آخر أن نوع التلف يتحدد حسب طبيعة البضاعة ويضل األمر متعلقا بتلف
حىت ولو مشل كل البضاعة ،فاتساع نطاق التلف ال حيوله إىل هالك كلي أو جزئي .فهذا ما
يقتضيه التحديد الدقيق ملنع اخللط بينهما .لذلك ليس مقبوال أن أيخذ اهلالك اجلزئي حكم
التلف.3
-1كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع سنة ،1978املرجع السابق ،ص.66
-2مشار إليهما لدى املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-3حممود خمتار أمحد بريري ،املرجع السابق ،ص 370وما يليها.
106
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
غري أن الفقه الفرنسي يرى أن اخلوض يف مسألة التمييز بني اهلالك اجلزئي والتلف الذي
يصيب البضاعة إضافة إىل صعوبتها فهي ال متثل أية أمهية قانونية ،فإنه من غري اجملدي الرتكيز
عليها وذلك راجع ألن قيمة التعويض عن الضرر الناتج عن كليهما هو نفسه.1
الفقرة الثالثة:
التأخري يف تسليم البضائع
التأخري يف معناه هو جماوزة األجل احملدد سلفا لتنفيذ عملية النقل ابتفاق بني طريف عقد
النقل .أي عدم تسليم البضاعة إىل املرسل إليه2يف ميناء الوصول يف ذلك امليعاد،كما أن
التأخري خيتلف عن اهلالك والتلف من حيث أنه ليس ضررا بذاته وإمنا الضرر يكمن يف النتائج
اليت ترتتب عليه،3فالتأخري يعترب ضررا اقتصاداي ملا يلحق املرسل إليه من خسارة مالية رغم
تسليمه البضاعة خالية من كل تلف ،أو اخلسارة اليت يتعرض هلا إثر اخنفاض قيمة البضاعة
املسلمة يف السوق ابملقارنة مع سعرها لو سلمت إىل املرسل إليه يف موعدها. 4كذلك اخلسارة
اليت يتعرض هلا هذا األخري نتيجة تسلمه البضاعة متأخرة عن موعدها مما يشكل صعوبة يف
تصريفها أو بيعها.5
ابلرجوع إىل االتفاقيات الدولية ميكن القول أن معاهدة بروكسل مل تكن صرحية مثلما
هو عليه احلال يف اتفاقييت هامبورغ وروتردام عند تعرضهما ملسؤولية الناقل البحري عن التأخري
.حيث أنه ال يوجد نص يف معاهدة بروكسل األصلية ،أو بروتوكويل تعديلها يصرح ابنطباق
نظام احلد األقصى للتعويض املقرر يف حاليت اهلالك ،أو التلف على حالة التأخري يف تسليم
1
- René Rodiére, Traité général de droit maritime, tome II, Affrètement et transports,
les contrats de transport de marchandises, édition Dalloz, paris1968, p242.
-2حممد السيد الفقي ،تطور قواعد قانون النقل البحري حتت استخدام احلاوايت ،دار اجلامعة اجلديدة ابإلسكندرية ،سنة ،2007ص
.122
-3كمال محدي ،عقد الشحن والتفريغ ،املرجع السابق ،ص . 313
-4عبد اجمليد إبراهيم سلمان الطائي ،املرجع السابق ،ص .81
-5حلو أبو حلو ،التأخري يف تسليم البضائع يف عقد النقل البحري ،دراسة مقارنة ،جملة املنارة ،اجمللد ،13العدد ،8سنة ،2007ص
.128
107
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
البضائع . 1هذا ما يدفعنا لطرح التساؤل التايل :هل ميكن تطبيق احلد األقصى املقرر حلاليت
اهلالك والتلف على حالة الضرر الناجم عن التأخري ،عندما تكون اتفاقية بروكسل واجبة
التطبيق على موضوع النزاع ؟
يرى بعض الفقه أن احلد األقصى للتعويض طبقا ملعاهدة بروكسل ال يشمل إال حاليت
اهلالك والتلف دون التأخري .لذلك خيضع التعويض يف هذه احلالة للقواعد العامة ،فيقدر
على أساس الضرر الفعلي الذي يلحق مالك البضاعة.2
خالفا لذلك يذهب الرأي الراجح إىل أن احلد األقصى للتعويض ما هو إال استثناء عن
القاعدة العامة اليت تقضي ابلتعويض عن الضرر بصورة كاملة وككل استثناء جيب أن يفسر
بصورة حصرية ويقتصر تطبيقه على اخلسائر واألضرار الالحقة ابلبضاعة .وابلتايل ال يشمل
حالة التأخري إال إذا أحلق ضررا ابلبضاعة .3ابإلضافة إىل أن ألفاظ املعاهدة جاءت واسعة
على حنو ميكن معه إدراج التأخري حتت قواعدها و يكون ذلك عندما يتسبب هذا التأخري يف
خسارة للبضائع أو ضرر اقتصادي لصاحبها.كما أن املعاهدة نصت على حاليت اهلالك أو
التلف دون أن توضح طابع الضرر القابل للتعويض أو مصدره ،مما يعين أن التأخري كسبب
حلدوث الضرر ميكن أن يكون حمال للتعويض.4
أما يف معاهدة هامبورغ فقد كانت أكثر وضوحا من سابقتها حيث قررت يف املادة
/6ب 5حدا أقصى للتعويض يدفعه الناقل عند ثبوت مسؤوليته عن التأخري يف تسليم البضاعة
إىل املرسل إليه .كما أعطت تعريفا للتأخري بنصها يف الفقرة 2من املادة اخلامسة ،حيث جاء
فيها ":يقع التأخري يف التسليم إذا مل تسلم البضائع يف ميناء التفريغ ،الذي نص عليه عقد النقل
1
-Raymond Achard, la responsabilité résultant du retard dans le transport international
de marchandises par mer, DMF 1990, p670.
-2مشار إليه لدى بسام عاطف املهتار ،املرجع السابق ،ص . 175
3
- René Rodiére, Droit maritime, tome 2,op-cit,p310.
-4حممد السيد الفقي ،تطور قواعد قانون النقل البحري حتت استخدام احلاوايت ،املرجع السابق ،ص .123
-5تنص املادة /6ب ":حتدد مسؤولية الناقل البحري وفقا ألحكام املادة 5عن التأخري يف التسليم مببلغ يعادل مثلي ونصف مثل أجرة
النقل املستحقة الدفع عن البضائع املتأخرة على أال يتجاوز هذا املبلغ جمموع أجرة النقل املستحقة الدفع مبوجب عقد النقل البحري
للبضائع ".
108
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
البحري ،يف حدود املهلة املتفق عليها ويف حالة غياب ذلك ففي مدة معقولة يقتضي إمتام
التسليم خالهلا من انقل يقظ مع ظروف احلالة ".
يستفاد من هذا النص أن تقرير معدل حصول التأخري يتم وفق حالتني :فاحلالة األوىل
تكون عند أتخري البضاعة يف التسليم عن امليعاد املتفق عليه بني املتعاقدين يف عقد النقل ،أما
احلالة الثانية تكون عند عدم االتفاق على موعد فيكون التأخري عند جتاوز مدة التسليم
البضاعة عن الفرتة الزمنية الالزمة لنقلها إىل ميناء الوصول .و يتم اللجوء إىل العرف البحري
املتبع يف هذا امليناء لتحديد تلك املدة ،فال يكفي جمرد حصول التأخري بل البد من اثبات
العالقة السببية بني الضرر والتأخري كإثبات وصول اهلدااي واأللعاب بعد فوات يوم العيد.1
كذلك فعلت معاهدة روتردام 2فقد نصت على غرار سابقتها على حد أقصى بشأن
حالة أتخري البضائع يف التسليم إىل من أرسلت إليه ،فنصت يف املادة 60على أنه":
...حيسب التعويض وفقا للمادة 22عن هالك البضائع أو تلفها الناجم عن التأخر وتكون
املسؤولية عن اخلسارة االقتصادية النامجة عن التأخر حمدودة مببلغ يعادل ضعفي ونصف أجرة
النقل الواجب دفعها عن البضائع املتأخرة".
1
-Federation Insurance company of Canada V-goret Accessories Inc. ,and Hirsh 1968
,2Lioyds Rep p,109:
مشار إليه لدى حممد السيد الفقي ،تطور قواعد قانون النقل البحري حتت استخدام احلاوايت ،املرجع السابق ،ص .104
-2عرفت قواعد روتردام التأخري يف مادتني ،فنصت يف املادة 21على أنه ":حيدث التأخر يف التسليم عندما ال تسلم البضائع يف مكان
املقصد املنصوص عليه يف العقد" ،غري أن املعاهدة قد تداركت ما شاب هذه املادة من قصور فجاءت ابملادة 43واليت نصت على أنه":
عند وصول البضائع إىل مقصدها جيب على املرسل إليه الذي يطالب بتسليم البضائع إيه مبقتضى عقد النقل أن يقبل تسلم البضائع يف
الوقت أو الفرتة الزمنية واملكان املتفق عليما يف عقد النقل أو يف حالة عدم وجود اتفاق من ذلك القبيل ،يف الوقت واملكان اللذين ميكن
بصورة معقولة توقع التسليم فيهما ،مع مراعاة أحكام العقد أو العادات أو األعراف أو املمارسات املتبعة يف املهنة وظروف النقل".
109
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ابلرجوع إىل القانون البحري اجلزائري 1فإنه ابلرغم من أن اجلزائر دولة منضمة إىل
معاهدة بروكسل ،إذ أخذ املشرع الكثري من أحكامها غري أنه تفادى ما وقعت فيه هذه
املعاهدة من إشكال بشأن سراين احلد األقصى على حالة التأخري يف التسليم ،حيث نصت
املادة 1/805على أنه... ":ومبقدار يعادل مرتني ونصف من أجرة النقل املستحقة الدفع عن
البضائع املتأخرة اليت مل تسلم يف الوقت املتفق أو يف الوقت املعقول املطلوب من انقل حريص
أن يسلم فيه البضائع "...وما يالحظ على هذه الفقرة أاها كانت عبارة عن ترديد ملا جاءت
به املادة /6ب من معاهدة هامبورغ.
بناءا على ما تقدم فإن احلد األقصى للتعويض ال يسري إال عندما هتلك البضاعة أو
تتلف أو عندما يرتتب ضرر على أتخريها يف الوصول .ويف غياب ذلك فإنه ال يسري هذا
النظام وحيل حمله التعويض الكامل ،املطابق للضرر الذي حيصل .و كذلك أيخذ نفس احلكم
عند رفع الدعوى على الناقل ملطالبته ابلتعويض عن الضرر الذي يلحق املضرور لعدم تنفيذ
عقد النقل كلية.
الفرع الثالث:
عدم سقوط حق الناقل يف االستفادة من احل ّد األقصى للتعويض
يتطلب الشرط الثالث لسراين احلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف االتفاقيات
الدولية والقانون البحري اجلزائري أال يسقط حق الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض.
ويفقد الناقل يف التمسك حبقه يف ذلك يف ثالث حاالت :أما األوىل فتتمثل يف تقدمي الشاحن
-1لقد تطرق املشرع اجلزائري يف املادة 793ق ب ج حلالة رفض املرسل إليه إستالم البضائع أو كان غري معروف وهنا جيب على الناقل
إيداع البضاعة يف مستودع آمن على نفقة و تبعة املرسل إليه ويقوم كذلك على الفور إبعالم الشاحن واملرسل إليه إذا كان معروفا ،كما
جتيز النصوص القانونية للناقل بيع البضائع إذا جتاوزت مدة بقائها يف املخزن شهرين وقبل ذلك إذا كانت البضاعة سريعة التلف أو
مصاريف إيداعها تزيد عن قيمتها (املادة 795ق ب ج )،فإذا مل يكفي مثن البيع البضائع لتسديد مجيع ديون الناقل ومصاريفه املتعلقة
إبيداع البضائع ومصاريف بيعها يبقى الشاحن مدينا ابلباقي(املادة 796ق ب ج ):
-Philippe delebecque L'équivalence des législations à l'épreuve, du droit maritime,
algérien et du droit maritime français, études de droit, Mélanges en hommage à
Abdallah Benhamou, ouvrage publié avec le sou tien du recteur de l'université Abou-
bekr Belkaid de Tlemcen, kounouz édition, année 2012, p 324.
110
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
بيان عن قيمة البضاعة وجنسها ،أما الثانية فتكون عندما يتنازل الناقل عن ميزة احلد األقصى
للتعويض وأما الثالثة فتتجسد حالة ارتكاب الناقل سلوكا حيرمه من التعويض احملدود.
الفقرة األوىل:
تقدمي الشاحن بيان عن قيمة البضاعة و جنسها
وفقا للمادة 5/4بند 1من معاهدة بروكسل ال ينطبق احلد األقصى للتعويض إال يف
احلالة اليت مل يبني فيها الشاحن قيمة البضاعة وجنسها قبل الشحن .أما إذا قام هذا األخري
بتقدمي بيان جبنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن وأدرج هذا البيان يف سند الشحن ،فال جيوز
للناقل أن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض عند ثبوت مسؤوليته بشأن البضاعة اليت تكفل
لزم الناقل بتعويض الضرر كامال على أساس القيمة املصرح
بنقلها حبرا و يرتتب على ذلك أن يُ َ
هبا.1أما اتفاقية روتردام يف املادة1 /59فقدسارت على خطا اتفاقية بروكسل غري أاها اقتصرت
على احلالة اليت يذكر فيها الشاحن قيمة البضائع فقط يف تفاصيل العقد(مستند النقل أو سند
النقل اإللكرتوين) ،دون وجوب أي شرط خبصوص جنس البضاعة و ذلك حىت يقصى الناقل
من التمتع بتعويض حمدود عما يلحق البضائع من ضرر عند انعقاد مسؤوليته.
على خالف االتفاقيتني السابقتني مل أتت اتفاقية هامبورغ2بنص مماثل يوجب بيان قيمة
البضاعة وجنسها يف سند الشحن يف سبيل حرمان الناقل من دفع التعويض وفق حد أقصى.
وأمام هذا الصمت فإن مسؤولية الناقل هي حمدودة وفق هذه املعاهدة سوآءا بني قيمة البضاعة
و جنسها يف سند الشحن أم ال ،مامل يرتكب الناقل فعال حيرمه من هذه القاعدة والذي يدخل
ضمن اخلطأ العمدي وعدم االكرتاث من جانبه يف إيصال البضاعة ساملة دون أتخري .
111
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة الثانية:
تنازل الناقل عن ميزة احل ّد األقصى للتعويض
تقضي الفقرة األوىل من اتفاقية بروكسل أبنه ":للناقل أن يتنازل عن احلقوق واإلعفاءات
املخولة له كلها أو بعضها ،كما جيوز له أن يزيد يف مسؤوليته والتزاماته على الوجوه املبينة يف
االتفاقية احلالية ،بشرط أن يكون هذا التنازل أو هذه الزايدة يف املسؤولية واردا يف سند الشحن
املسلم للشاحن" .كما نصت الفقرتني4و 5من املادة 4من نفس املعاهدة على أنه ":جيوز
للناقل ،أو الرابن ،أو وكيل الناقل االتفاق مع الشاحن على تعيني حد أقصى خيتلف عن احلد
املنصوص عليه يف هذه الفقرة بشرط أن ال يكون احلد األقصى املتفق عليه أقل من املبلغ
السابق ذكره."1
ملا كانت معاهدة بروكسل قد نصت يف ذات املادة على أنه ال يلزم الناقل يف أي حال
من األحوال بسبب اهلالك أو التلف مببلغ يزيد عن مائة جنيه إسرتليين عن كل طرد ،أو وحدة
فإنه جيوز االتفاق بني طريف العقد على أن يسأل الناقل يف حالة اهلالك ،أو التلف مببلغ يزيد
عن احلد األقصى املنصوص عليه ،أي جيوز أن يتفق على الزام الناقل مببلغ 150جنيه
إسرتليين عن كل طرد أو وحدة مامل يكن الضرر احلقيقي أقل من التعويض املتفق عليه.2بل
أكثر من ذلك ليس هناك ما مينع الناقل البحري أن يتفق على رفع احلد األقصى الذي يقابل
تبعته كأن يتفق على تعويض الضرر كامال.3
أما فيما يتعلق ابلشرط الذي ورد يف النص األول بشأن التنازل ،أو الزايدة يف املسؤولية
والذي أوجب أن يكون االتفاق واردا يف سند الشحن ،فهو ال يعترب ذا قيمة كبرية للمطالب
ابلبضاعة عند الوصول إذا كان هو الشاحن نفسه فله من غري شك أن يتمسك ابالتفاق املربم
-1مل ينص املشرع اجلزائري يف القانون البحري صراحة على جواز االتفاق بني الشاحن والناقل على أن يكون التعويض أكرب من احلد
األقصى للتعويض لكن مبفهوم املخالفة للفقرة ب من املادة 811يعترب هذا االتفاق جائزا.
-2مسيحة القيلويب ،املرجع السابق ،ص . 456
-3وهيب األسرب ،القانون البحري ،املؤسسة احلديثة للكتاب بلبنان ،سنة ،2008ص . 235
112
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
بينه وبني الناقل ولو مل يدون يف سند الشحن .وال يتغري احلكم إذا كان املطالب ابلبضاعة عند
الوصول هو الغري حامل سند الشحن ،إذ له مبقتضى حقه اخلاص أن يتمسك جبميع شروط
العقد املربم بني الناقل والشاحن.1
بشكل مماثل جتيز معاهدة هامبورغ للناقل أن يتنازل عن ميزة احلد األقصى للتعويض
املنصوص عليها يف املادة 1/6وهو ما ورد يف الفقرة 4من نفس املادة حيث جاء فيها ":جيوز
ابالتفاق بني الناقل والشاحن تعيني حدود للمسؤولية تتجاوز احلدود املنصوص عليها يف الفقرة
." 1كما أضافت هذه االتفاقية نصا آخر مشابه لنص املادة 2/5من معاهدة بروكسل وهو
نص املادة 2/23حيث جاء فيها ":للناقل أن يزيد من مقدار مسؤوليته والتزاماته مبوجب
هذه االتفاقية" .و هذا كله كاف لتغطية هذه احلالة ،إذ أن قبول الناقل إدراج البيان الذي
يقدمه الشاحن يف سند الشحن حيمل معىن االتفاق على جتاوز احلدود القانونية للتعويض حىت
تبلغ قيمة البضاعة املذكورة أو قيمتها احلقيقية إال إذا أثبت الناقل عدم صحة القيمة األوىل.2
مل تشأ قواعد روتردام إال أن تسري يف االجتاه الذي سارت عليه من سبقتها من اتفاقيات،
إذ قررت أنه ميكن للناقل أن يتفق على زايدة احلد األعلى للمسؤولية أو الغاء هذا احلد ليجعل
التعويض يغطي كافة األضرار الالحقة ابلبضاعة .و هذا ما ورد يف املادة 1 / 59من
3
املعاهدة،كما أن هذا النص ال خيالف أحكام املادة ،79اليت جاءت للقضاء على االتفاقات
اليت تصب يف غري مصلحة الشاحن .
فضال عن ذلك هناك حجة أخرى تستمد من البند 2من املادة 19من نفس
املعاهدة ،حيث اعتربت هذه األخرية أنه يف حالة ما إذا وافق الناقل على حتمل واجبات غري
تلك املفروضة عليه مبقتضى االتفاقية ،أو وافق على أن يتجاوز حدود مسؤوليته فال يكون
الطرف املنفذ البحري(الناقل الفعلي) ملزما هبذه املوافقة مامل يوافق صراحة على ذلك .وهو ما
113
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يعين أن املعاهدة اعرتفت ضمنا بزايدة التزامات الناقل ومسؤولياته أبكثر مما فرضته عليه ،كما
ذهبت املعاهدة إىل نفس ما قررته اتفاقية هامبورغ إذ مل تشرتط يف االتفاق السابق أن يكون
واردا يف بند من بنود سجل النقل االلكرتوين أو مستند النقل .وابلتايل جيوز االحتجاج مبثل
هذا االتفاق يف مواجهة الناقل سوآءا من قبل الطرف اآلخر يف عقد النقل أومن قبل الغري.1
جتدر اإلشارة إىل أنه يف مقابل تنازل الناقل عن حقه يف املساءلة وفق تعويض حمدود
أقصاه وحتمل الضرر حسب القيمة احلقيقية للبضاعة ،فإنه يف الغالب ما يكون ذلك مبقابل
وهو إضافة رسم إضايف يتحمله الشاحن مع أجرة النقل.2
الفقرة الثالثة:
3
عدم ارتكاب الناقل سلوكا حيرمه من التمسك ابلتعويض احملدود
يقوم نظام احلد األقصى على فكرة التوازن بني املصاحل املتعارضة يف عقد النقل الدويل
وبناءا عليه جيب أن يطبق هذا النظام يف إطاره الصحيح وال خيرج عن التوازن الذي كان هدفا
سعت إليه االتفاقيات الدولية بتقريرها لنظام احلد األقصى للتعويض.وهلذا جيب على الناقل أال
يرتكب سلوكا ،أو أن ميتنع عن القيام أبي فعل خيرج به عن اطار حسن النية يف املعامالت.
يف هذا الشأن نص بروتوكول بروكسل لسنة 1968يف الفقرة ه املضافة ابملادة 2حيث
ألغت هذه األخرية الفقرة 5من املادة ، 4إذ جاء يف نصها ما يلي ":ال جيوز للناقل أو
السفينة االستفادة من حتديد املسؤولية املنصوص عليه يف هذه الفقرة إذا ثبت أن الضرر قد
نشأ عن فعل أو امتناع صدر من الناقل سوآءا بقصد احداث الضرر ،أو بعدم اكرتاث مع
علمه ابحتمال وقوع الضرر".
114
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يالحظ من خالل هذا النص أن هذا الربوتوكول يستبعد تطبيق نظام احلد األقصى
للتعويض املقرر يف نفس املادة يف الفقرة "أ" إذا أثبت املضرور أن الضرر قد جنم عن فعل الناقل
أو امهاله الشخصي املرتكب بنية احداث الضرر ،أو املرتكب عن قصد مع علمه أنه من
املتوقع أن ينتج عنه ضرر.1
أما موقف معاهدة هامبورغ فقد كان أكثر تشددا من سابقتها حيث وسعت من نطاق
احلرمان من التمسك ابحلد األقصى للتعويض إذ مل يقتصر على الناقل بل مشل حىت مستخدميه
ووكالئه .و هو ما ورد يف نص املادة 8اليت جاءت كما يلي":
-1ال حيق للناقل االستفادة من حتديد املسؤولية املنصوص عليها يف املادة ، 6إذا أثبت أن
اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم قد نتج عن فعل أو تقصري من الناقل ارتكبه بقصد
التسبب يف هذا اهلالك أو التلف أو التأخري أو ارتكب عن استهتار وعلم ابحتمال أن ينتج
عنه هذا اهلالك أو التلف أو التأخري.
-2خالفا ألحكام الفقرة 2من املادة 7ال حيق ملستخدم الناقل أو وكيله االستفادة من حتديد
املسؤولية املنصوص عليه يف املادة 6إذا ثبت أن اهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم قد
نتج عن فعل أو تقصري من جانب املستخدم أو الوكيل ارتكب بقصد التسبب يف هذا اهلالك
أو التلف أو التأخري أو عن استهتار وعلم ابحتمال أن ينتج عنه هذا اهلالك أو التلف أو
التأخري.
خيلص القول من خالل هذا النص أن الناقل أو اتبعيه أو انئبه يفقدون حقهم يف حتديد
املسؤولية يف حالتني:
احلالة األوىل :إذا كان الفعل أو االمتناع قد صدر من الناقل ،أو من أحد اتبعيه ،أومن انئبه
بقصد احداث الضرر وهو ما يتطابق مع مفهوم الغش.
115
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
احلالة الثانية :إذا كان الفعل أو االمتناع الصادر من الناقل أومن أحد اتبعيه أو انئبه كان انجتا
عن عدم االكرتاث مصحوب إبدراك أن الضرر ميكن أن حيدث .وهذا ما يسمى ابخلطأ الغري
مغتفر.1
و ترتيبا على ما تقدم فإن الناقل ال يفقد حقه يف حدود املسؤولية إذا صدر منه أو من
انئبه أو أحد اتبعيه خطأ جسيم غري مقرتن إبدراك أن ضررا ميكن أن حيدث.2
ابلرجوع إىل معاهدة روتردام فيالحظ أن هذه االتفاقية مل ختتلف يف شيء مع اتفاقيات
الدولية األخرى ،حيث قررت سقوط حق الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض إذا أثبت
املدعي أن اخلسارة انمجة عن هالك البضائع ،أو تلفها ،أو التأخري يف تسليمها إىل صاحبها
يرجع إىل فعل أو اغفال ارتكبه الناقل شخصيا ،إما بقصد إحداث تلك اخلسارة وإما عن
إمهال مع علم ابحتمال حدوث تلك اخلسارة.
جتدر اإلشارة إىل أن العبارة الواردة ابلفقرة 2من املادة 61واملتمثلة يف ":ال حيق للناقل
وال ألي من األشخاص املذكورين يف املادة 18من أن ينتفع ابحلد من املسؤولية"...جعلت
البعض يفسر هذه الفقرة أبن حرمان الناقل من احلد األقصى للتعويض ال يتأتى بسبب فعل أو
امتناع يصدر منه شخصيا فقط .كما ذهبت إليه معاهدة هامبورغ وإمنا حيرم الناقل من ذلك
احلد حىت يف احلالة اليت يصدر فيها الفعل أو االمتناع عن أحد اتبعيه املذكورين يف املادة . 18
و يعد هذا احلكم من األمور اليت انفردت هبا قواعد روتردام ،على أساس أن الفعل العمدي
واخلطأ الغري مغتفر ال يقع عادة من الناقل بذاته وإمنا من اتبعيه ،مما جعل استبعاد هؤالء من
نص املادة 8من اتفاقية هامبورغ فارغ احملتوى وهذا ما حاولت قواعد روتردام تفاديه مبوجب
املادة .361
-1مصطفى كمال طه ،القانون البحري ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،سنة ، 1998ص 287وما يليها.
-2املرجع السابق ،ص .298
-3فاروق ملش ،اتفاقية األمم املتحدة بشأن عقود نقل البضائع الدويل ابلبحر كليا أو جزئيا ،احلسنات واالجيابيات :
http:www.arabfes.org/db-bin/doc-doc-pdf-449-pdf:
املقال املذكور مل يعد متاحا على اإلنرتنت :مشار إليه لدى قماز إلدايز ليلى ،املرجع السابق ،ص .403
116
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أما يف القانون البحري اجلزائري فاملشرع هو اآلخر مل جيد أفضل مما جاء به بروتوكول
1968املعدل ملعاهدة بروكسل إذ اقتصر يف حصره حلاالت سقوط احلق الناقل يف االستفادة
من حد األعلى للمسؤولية على الفعل العمدي واالمهال الصادر منه وليس من اتبعيه ،1فنص
يف املادة 809ق ب ج على أنه ":ال حيق االستفادة من حدود املسؤولية املذكورة يف املادة
805أعاله ،إذا تبني أبن اخلسارة أو الضرر الذي حلق ابلبضائع نتج عن عمل ،أو إمهال من
قبل الناقل سوآءا كان عن تعمد إلحداث الضرر ،أو ابجملازفة مع التيقن من حدوث الضرر
على األرجح".
املطلب الثاين:
نطاق تطبيق احل ّد األقصى للتعويض من حيث األشخاص
بعد مت التعرض يف املطلب السابق للنطاق الذي يسري فيه نظام احلد األقصى للتعويض
من حيث املوضوع وتكملة هلذا النطاق يتبني من نصوص االتفاقيات الدولية والقانون البحري
اجلزائري ،املتعلقة ابألشخاص الذين هلم احلق يف االستفادة من التعويض احملدود .و ابتداءا
مبعاهدة بروكسل يتبني من خالل قواعدها أاها خصت الناقل فقط دون غريه يف االستفادة من
احلد األقصى للتعويض ،عند انعقاد مسؤوليته بشأن البضائع اليت تعهد بنقلها حبرا وهو ما جاء
يف نص املادة .5/4
و ابلتايل فإن األشخاص اآلخرين املتدخلني يف عملية النقل أو اتبعي الناقل يسألون
وفق التعويض الكامل واملطابق لقيمة البضاعة عند حصول هالك للبضاعة أو تلف أو أتخري
يف تسليمها إىل املرسل إليه.
لكن هذه االتفاقية قد تراجعت عن موقفها وهوما يتضح من املادة 4مكرر 22من
-1قرارية قويدر ،النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري للبضائع بني التشديد وضرورة التشجيع على االستثمار ،جملة القانون والعلوم
السياسية ،العدد اخلامس ،مشورات معهد احلقوق والعلوم السياسية ،املركز اجلامعي صاحلي أمحد ابلنعامة ،جانفي ،2017ص.467
-2ابلرغم من عدم مصادقة اجلزائر على برتوكول 1968إال أن املشرع اجلزائري أخذ ببعض أحكامه ،حيث تضمنت ذلك املادة 814ق
ب ج أنه إذا أقيمت الدعوى على أساس املسؤولية التقصريية على أحد مندويب الناقل جاز هلذا املندوب التمسك ابلتحديدات واالعفاءات
من املسؤولية اليت ميكن للناقل أن يتمسك هبا وفقا للفصل األول من الباب الثالث من القانون البحري.
117
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
برتوكول تعديلها لسنة ، 1968حيث وسعت هذه األخرية من نطاق االستفادة ليشمل اتبعي
الناقل عندما ترفع الدعوى عليهم.كذلك قضت املادة 2/7من معاهدة هامبورغ على أن
تسري حدود املسؤولية على مستخدم الناقل ،أو وكيله عند اثباته أن ما قام به من تصرف
والذي كان سببا يف حدوث الضرر يدخل يف إطار وظيفته .
أما قواعد روتردام فقد كانت أكثر دقة من نظرياهتا إذ بينت األشخاص املستفيدين من
حدود املسؤولية حصراي وهم :الناقل(املتعاقد) أو الطرف املنفذ البحري(الناقل الفعلي) ،رابن
السفينة ،أو طاقمها ،مستخدمي الناقل أو الطرف املنفذ البحري ،أو أي شخص يؤدي
خدمات على منت السفينة .و هلذا كان من الضروري تسليط الضوء على هؤالء األشخاص
وقد استلزم تقسيم هذا املطلب إىل ثالث فروع :الناقل(الفرع األول) ،وكيل الناقل(فرع
اثين)،اتبعي الناقل(فرع اثلث).
الفرع األول:
الناقل transporteur
عند ابرام عقد النقل البحري قد يتوىل الناقل الذي أبرم هذا العقد تنفيذه بنفسه ،أو أن
يوكل هذه املهمة إىل انقل آخر و الذي يسمى ابلناقل الفعلي ،أو الناقل من الباطن و ذلك
بسبب عدم قدرة الناقل املتعاقد على القيام ابلرحلة البحرية نظرا لعطب يف السفينة ،أو يف
حالة ما تعذر عليه ذلك لسبب آخر .
غري أنه يف الواقع العملي قد تلحق صفة الناقل مبساعد من مساعديه فيستفيد من ميزات
هذه الصفة ويطلق عليه يف هذه الصورة ابلناقل الظاهر ،كما أن تطور النقل طول املسافات
جعلت من الناقلني يشعرون بعجزهم عن توصيل البضائع لألماكن البعيدة مما اضطر أصحاب
البضائع إىل اللجوء إىل سلسلة من الناقلني لتوصيل بضائعهم .وهو ما جنم عنه مشاكل مجة
للشاحنني والناقلني أنفسهم ،فمن جهة كان أمرا صعبا على أصحاب البضائع إجياد عدد كاف
من الناقلني يف وقت مناسب ومن جهة أخرى ليس من السهل حتديد املسؤول عن الضرر يف
118
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
حالة التلف أو هالك البضاعة .هذا فضال عن أاهم كانوا مضطرين إىل حترير وثيقة نقل
جديدة يف بداية كل مرحلة من هذه املراحل ،فأدى ذلك إىل ارهاق أصحاب البضائع الذين
كانوا مضطرين للتواجد يف كل ميناء ليتمكنوا من مراجعة الواثئق ومعرفة الظروف اليت يتم فيها
نقل البضائع .1لذلك كان ال مفر من اللجوء إىل الوكيل ابلعمولة للنقل ،الذي كان خيلصهم
من عناء تلك املشاق.
الفقرة األوىل:
الناقل املتعاقد
عرفت اتفاقية بروكسل الناقل املتعاقد يف املادة األوىل منها ،حيث جاء فيها أن ":الناقل
يشمل مالك السفينة ،أو مستأجرها املرتبط مع الشاحن بعقد نقل " .أما معاهدة هامبورغ
فقد نصت املادة األوىل على أنه ":يراد مبصطلح الناقل كل شخص أبرم عقدا مع الشاحن
لنقل البضائع بطريق البحر ".كما عرفته قواعد روتردام يف الفقرة 5من املادة األوىل على النحو
التايل ":الناقل يعين الشخص الذي يربم عقد النقل مع الشاحن".
أما يف أوساط الفقه ذهب بعضهم إىل تعريفه على أنه ذلك الطرف الذي يلتزم بنقل
البضاعة املسلمة له من الشاحن لفائدة املرسل إليه والتعرف على الناقل أمر سهل .و ميكن
ذلك ابلعودة إىل وثيقة الشحن حيث يكون امسه مدوان فيها ،فإذا صدرت هذه الوثيقة خالية
من ذكر اسم الناقل أعترب جمهز السفينة هو الناقل املتعاقد.2
أما القانون البحري اجلزائري فلم أيت أبي تعريف للناقل وإمنا حدد كيفية التعرف عليه
من خالل حاالت استئجار السفينة ملدة معينة وليس للمرسل إليه أو صاحب احلق يف
البضاعة سوى الرجوع إىل بياانت وثيقة الشحن للتعرف على الناقل .وذلك من خالل
احلاالت التالية:
-1سوزان على حسن ،اإلطار القانوين للوكالة ابلعمولة للنقل ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة ، 2003ص. 11
2
-Patrick Simon, qui est le transporteur maritime ?, DMF Janvier 1995, p26.
119
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أ-يف حالة استئجار السفينة ملدة معينة فاملستأجر هو من له صفة الناقل1وليس املالك وذلك
طبقا للمادة 701ق ب ج.
ب-يف حالة استئجار السفينة على أساس الرحلة مهما كانت املدة ،يبقى املؤجر حمتفظا
ابلتسيري التجاري للسفينة وابلتايل تكون له صفة الناقل البحري ،حسب ما ورد يف نص املادة
651ق ب ج.
ج -يف حالة استئجار السفينة هبيكلها يتمتع املستأجر ابلتسيري التجاري وبذلك يتصف بصفة
الناقل ،فيحق لصاحب البضاعة يف حالة هالكها أو تلفها أو وصوهلا متأخرة أن يرجع عليه
بدعوى التعويض ،حسب ما قضت به املادة 730ق ب ج ،اليت نصت على أنه ":املستأجر
يتمتع ابلتسيري املالحي والتجاري للسفينة .وهلذا الغرض يكون هو املسؤول الوحيد عن مجيع
االلتزامات اليت عقدها الرابن خلدمة السفينة وهو يضمن املؤجر ابلنسبة جلميع طلبات الغري".
هناك حالة أخرى ميكن التعرف فيها على الناقل بدون العودة إىل وثيقة الشحن و هي
عندما يكون مالك السفينة هو الناقل فإن التعرف عليه يكون ابلرجوع إىل دفرت تسجيل
السفينة ،حيث يتم تدوين اسم مالكها فيه وفقا للمادة 35ق ب ج.كما أن املادة 43ق
ب ج تسمح ألشخاص املعنيني هبذا الشأن أن يطلبوا من أمني السجل شهادات قيد أو
خالصات عن السفينة.
-1قبل تعديل القانون البحري يف سنة 1998ابلقانون 05-98مل يكن ابستطاعة األفراد ممارسة نشاط النقل البحري ألنه قائم على
احتكار فعلي من الدولة بنص املادة 571ق ب ج ":ينشأ احتكار الدولة على نشاطات النقل البحري"....و بعد التعديل أصبحت
صياغة هذه املادة كما يلي ":النقل البحري ملكية عامة وميكن أن يكون موضوع امتياز ".وتضيف املادة /571فقرة 1و 2أن خدمات
النقل البحري يستغلها أشخاص طبيعيون من جنسية جزائرية أو مؤسسات عمومية جزائرية أو أشخاص اعتباريون خاضعون للقانون
اجلزائري وهلم صفة جمهزي السفن و جيب أن يكون املركز الرئيسي لنشاطهم يف القطر اجلزائري ،كما مينح اإلمتياز على أساس دفرت الشروط
وفقا للشروط والكيفيات احملددة عن طريق املرسوم التنفيذي رقم 08-57مؤرخ يف 2008/2/13الذي حيدد شروط منح امتياز
استغالل خدمات النقل البحري وكيفياته وعليه فإن التعديل قد حرر جمال االستثمار يف النقل البحري وأصبح إبمكان األفراد ممارسة هذا
النشاط إضافة للشركات األجنبية وهو ما ساهم يف دفع عجلة االقتصاد إىل األمام.
120
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يستفاد من كل ما تقدم ذكره أن النصوص القانونية السابقة الواردة يف االتفاقيات
الدولية والقانون البحري اجلزائري مل تشرتط الكتساب صفة الناقل أن يكون مالكا للسفينة
وإمنا ميكن أن تكون هذه الصفة ملستأجر السفينة ،أو جمهزها ،أو من كان حائزا هلا مادام أنه
قد قام إببرام عقد نقل مع الشاحن إليصال البضائع إىل املرسل إليه و الذي قد يكون نفسه
الشاحن ،أو غريه الذي له احلق على البضائع .و ابلتايل يستطيع لكل من يكتسب صفة
الناقل املتعاقد أن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض ،عندما ترفع الدعوى ضده و الناشئة عن
هالك البضاعة ،أو تلفها ،أو أتخريها يف التسليم.
الفقرة الثانية:
الفعليTransporteur substitue الناقل
يقصد ابلناقل الفعلي الناقل الثاين الذي يتفق مع الناقل املتعاقد من أجل تنفيذ عملية
النقل كلها أو جزءا منها.1وابلرجوع إىل االتفاقيات الدولية ال سيما عند تتبع نصوص معاهدة
بروكسل يالحظ أاها أمهلت تعريف الناقل الفعلي وكذلك هو احلال ابلنسبة للقانون البحري
اجلزائري ،إال أن هذا األخري قد اكتفى بذكر ما على الناقل فعله يف حالة توقف الرحلة لسبب
من األسباب ،حيث جيب عليه القيام مبسافنة البضائع .أي توفري سفينة أخرى لنقلها إىل
امليناء املتفق عليه وذلك يكون إما عن طريق سفينة أخرى مملوكة له أو إببرام عقد نقل مع انقل
آخر ملواصلة الرحلة البحرية إن مل يكن لديه وسيلة نقل أخرى .وذلك كله حتت طائلة التعويض
عما يصيب البضاعة من ضرر جراء ذلك التوقف.2
أما معاهدة هامبورغ فقد كانت أكثر حرصا على تعريف الناقل الفعلي ،أو ما يطلق
عليه ابلناقل البديل، 3أو الناقل من الباطن إذ نصت يف املادة 2/1على أن ":الناقل الفعلي
121
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
هو كل شخص عهد إليه الناقل بتنفيذ نقل البضائع ،أو بتنفيذ جزء من هذا النقل .ويشمل
كذلك أي شخص آخر عهد إليه هبذا التنفيذ".
لقد ذهبت معاهدة روتردام إىل استحداث مفهوم جديد وهو الطرف املنفذ البحري
،الذي خصته بتعريف يف املادة 7/1فهو الشخص الذي يتعهد بتأدية إحدى واجبات امللقاة
على عاتق الناقل املتعاقد منذ وصول البضائع إىل غاية مغادرهتا من ميناء التفريغ .و من بني
تلك الواجبات نقل البضاعة إىل ميناء الوصول املتفق عليه وبذلك يعد انقال فعليا مبفهوم هذه
االتفاقية وابلتايل يكون للشاحن أو املرسل إليه الرجوع على الناقل املتعاقد للمطالبة ابلتعويض
عن األضرار اليت حتدث أثناء تنفيذ عقد النقل ،سوآءا عهد إليه بتنفيذ عملية النقل برمتها أو
جبزء منها فقط .و للشاحن أيضا الرجوع على الناقل الفعلي مطالبا ابلتعويض عن األضرار اليت
وقعت أثناء اجلزء الذي قام بتنفيذه من عملية النقل ،على أن يكون على طالب التعويض يف
هذه احلالة اثبات أن الضرر قد وقع أثناء وجود البضائع يف عهدته .ابإلضافة إىل اثبات الضرر
ومقداره ،كما ميكن للمطالب ابلتعويض أن يوجه دعواه إىل الناقل املتعاقد و الناقل الفعلي معا
ابلتضامن. 1
ابلرغم من عدم وجود عالقة تعاقدية بني الشاحن والناقل الفعلي ،الذي قام بتنفيذ
النقل كليا أو جزءا منه إال أن رجوعه ال يؤسس على قواعد املسؤولية التقصريية وإمنا على ذات
األسس اليت يتم وفقها الرجوع على الناقل املتعاقد ،أي أن مسؤولية الناقل الفعلي ختضع لذات
أحكام مسؤولية الناقل املتعاقد أو الناقل البحري بوجه عام ،طبقا لنص املادة 10من معاهدة
هامبورغ .2إذن ميكن للناقل الفعلي يف حال ما رفعت عليه الدعوى أن يتمسك ابحلد
األقصى للتعويض وفقا للنصوص القانونية الواردة يف االتفاقيات الدولية أو يف القانون الداخلي
الواجب التطبيق .
-1كمال محدي ،مسؤولية الناقل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص .79
-2املرجع السابق ،املوضع نفسه.
122
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة الثالثة:
الناقل الظاهر
لقد كشف الواقع العملي يف النقل البحري أنه يف بعض احلاالت قد تكون البياانت
الواردة يف وثيقة الشحن غري صحيحة وخاصة تلك املتعلقة ابلصفة احلقيقية للناقل ،فمثال
عندما يتضمن سند الشحن اسم الناقل مضافا إليه الرمز " "Logoقد ال يكون هذا األخري
انقال وامنا قد يكون مساعدا للناقل أو وكيل عبور ،أو وكيل محولة ،أو وكيل السفينة حيث يريد
أحد هؤالء أن يظهر وكأنه انقل مستقل ألسباب جتارية .لكنه يف احلقيقة ليس كذلك ألنه ال
يستغل السفينة وامنا عمله يقتصر على مجع البضائع اليت سيتكلف الناقل احلقيقي بنقلها. 1
ابلرجوع إىل أحكام القضاء الفرنسي يتضح منها أاها قد أحلقت وصف الناقل املتعاقد
على كل من ليست له هذه الصفة ،بسبب سعيه يف تقمص دور الناقل ،مما يُظهر للشاحنني
على أنه هو املهين احملرتف يف عملية النقل فيتعاملون معه بناءا على الوضع الظاهر .وعلى
2
هذا فإن احلاق صفة الناقل ابملتظاهر يرتتب عليه اعتباره مسؤوال وفق ألحكام مسؤولية الناقل
العقدية و من مثة حيق ملن تعامل معه أن يرفع الدعوى ضده.3
تعترب هوية الناقل ابلغة األمهية ابعتباره الطرف األساسي يف عقد النقل فقد نصت املادة
1/15من معاهدة هامبورغ واملادة 2/37من قواعد روتردام على أن يكون اسم الناقل من
بني البياانت الواجب توافرها يف سند الشحن .
ابإلضافة إىل ذلك فإن املادة األخرية قد افرتضت يف احلالة اليت خيلو فيها سند الشحن
من ذكر اسم الناقل أن مالك السفينة اليت محلت عليها البضائع والذي ورد امسه يف وثيقة
1
- Commissionnaire de transport, article collectif des étudiants en magister de droit
maritime activités et portuaire, de faculté de droit, universitié d'Oran, revue le phare
NO84 avril 2006.
2
- paris26/1/1982 DMF 1982, Versailles 3 nov 2005, B.T2005, p767:
مشار إليه لدى بسعيد مراد ،عقد النقل البحري للبضائع وفقا للقانون البحري اجلزائري و االتفاقيات الدولية ،رسالة دكتوراه يف القانون
اخلاص ،السنة اجلامعية ،2012/2011ص .44
3 er
-Aix Provence ,1 février 1974, DMF1975, p272:
مشار إليه يف املرجع السابق ،املوضع نفسه.
123
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
النقل هو الناقل ،إال إذا أثبت الناقل وقتها أنه قد أجرها عارية .غري أنه إذا حددت هوية
مستأجر السفينة فإن هذا األخري حيكم أبنه هو الناقل ،كما ميكن للمالك املسجل يف وثيقة
النقل أن يدفع افرتاض صفة الناقل عنه بتحديد هوية الناقل وبيان عنوانه ،كذلك نفس الشيء
ملستأجر السفينة عارية .
كما أضافت نفس املادة يف فقرهتا الثالثة أنه ليس يف هذه املادة ما مينع من اثبات هذه
صفة الناقل ألي شخص غري حمدد يف تفاصيل العقد .فقد ال يكون دائما الناقل البحري هو
اجملهز كما يف حالة أتجري السفينة ابملدة ففي هذه احلالة يعترب اجملهز انقال مامل يثبت خالف
ذلك و هذا أتسيسا على األوضاع الظاهرة.1
ذلك ما أخذ به املشرع اجلزائري يف القانون البحري ،حينما افرتض صفة الناقل يف
جانب جمهز السفينة اليت حتمل البضائع على متنها يف احلالة اليت ال يذكر اسم الناقل يف وثيقة
الشحن ،أو يذكر بشكل غري دقيق ،أو غري صحيح طبقا للمادة 754ق ب ج .
الفقرة الرابعة:
commissionaire de transport الوكيل ابلعمولة للنقل
نظرا للدور اهلام الذي يقوم به الوكيل ابلعمولة للنقل يف إزالة عناء عن الشاحنني يف ابرام
العقود مع الناقلني املتعددين خاصة إذا كانت مسافة النقل طويلة وشاقة ،ألجل ذلك يعهد
اليه أصحاب البضاعة مهمة إيصال البضائع من بداية النقل إىل اهايته .وقد بني املشرع
اجلزائري يف القانون التجاري الدور الذي يؤديه هذا األخري من خالل تعريف الوكالة ابلعمولة
للنقل يف املادة 37منه ":يعترب عقد العمولة للنقل اتفاق يلتزم مبقتضاه اتجر أبن يباشر ابمسه
اخلاص أو ابسم موكله أو شخص من الغري بنقل أشخاص أو أشياء وأن يقوم عند االقتضاء
ابألعمال الفرعية املرتبطة ابلنقل".
124
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يبدوا من مضمون هذا النص أن املشرع اجلزائري إما أنه قد أخلط بني الوكالة ابلعمولة
اليت جيريها الوكيل ابمسه وحلساب املوكل وبني الوكالة التجارية اليت ُجترى ابسم املوكل ،أو أنه
أراد التأكيد على أن الوكالة ابلعمولة للنقل تقوم على فكرة التخفيف والضمان وليس على
فكرة السرية واالستتار ،اليت تقوم عليها الوكالة ابلعمولة العادية .1لذلك مل يشرتط املشرع
اجلزائري يف هذه املادة أن يتعاقد الوكيل ابلعمولة ابمسه الشخصي .ومن مث ال يغري من صفته
أن حيرر الوكيل ابلعمولة للنقل سند النقل ابسم موكله الشاحن.2
نذكر من بني أهم التعريفات اليت أملت ابلعناصر األساسية لعقد الوكالة للعمولة للنقل
التعريف الذي جاءت به حمكمة النقض الفرنسية بقوهلا ":الوكالة ابلعمولة للنقل هي اتفاق
يتعهد مبقتضاه الوكيل ابلعمولة للنقل جتاه موكله إبجناز األعمال القانونية ،اليت يستلزمها نقل
البضائع من جهة إىل أخرى ابمسه وحتت مسؤوليته حلساب العميل .وتتميز هذه الوكالة ابلقدر
الكبري من احلرية اليت يتمتع هبا الوكيل ابلعمولة يف تنظيم عملية النقل ابلطرق والوسائل اليت
خيتارها ،كما أاها تتميز بشموهلا للنقل من أوله إىل آخره.3
من خالل هذا التعريف يستخلص أن معيار التفرقة بني الوكيل ابلعمولة للنقل والوكيل
العادي هو التعاقد الشخصي فالوكيل ابلعمولة يتعاقد ابمسه الشخصي وحلساب موكله.4
-1يف الفرق بني الوكيل ابلعمولة والوكالة ابلعمولة للنقل :يعقوب يوسف صرخوه ،العقود التجارية ،الطبعة األوىل ،الكويت ،سنة ،1986
ص . 345
-2قماز ليلى إلدايز ،املرجع السابق ،ص . 108
3
-Cass,16fevrier ,1988,B.T1988,p1988,p491:
مشار إليه لدى سوزان على حسن ،اإلطار القانوين للوكالة ابلعمولة للنقل ،املرجع السابق ،ص .29
4
- René Rodiére , Emmanuel du Pontavice ,Droit maritime,12éme édition ,Dalloz
delta,paris1997, p261.
125
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
و هلذا املعيار قدر من الكفاءة اليت تسمح بتفادي أي خلط بني الوكيل ابلعمولة وابقي
وسطاء النقل كالوكيل العبور ووكيل السفينة .و نتيجة لذلك ال يعترب وكيال ابلعمولة للنقل
الشركة اليت تتعاقد ابسم الغري وال يظهر امسها يف وثيقة النقل.1
يف سنة 1994أصدر وزير النقل املرسوم التنفيذي رقم 94-231املؤرخ يف 72جوان
1994احملدد لشروط ممارسة مهنيت وسيط الشحن ووكيل نقل البضائع وكيفياهتا.2وعرف
الوكيل ابلعمولة للنقل مستعمال تسمية وكيل نقل البضائع يف املادة 14على أنه ":كل شخص
طبيعي أو معنوي يلتزم بنقل بضائع حتت مسؤوليته وابمسه اخلاص حلساب زبون ما مع مراعاة
الشروط اليت حددها القانون التجاري" إال أن هذا املرسوم ألغي مبوجب املرسوم التنفيذي رقم
05-473املؤرخ يف 13ديسمرب 2005احملدد لشروط نشاطات مساعدي الناقل عرب
الطرقات وكيفيات ممارستها.3
فإذا كان الوكيل ابلعمولة للنقل يربم عقد النقل ابمسه الشخصي وحلساب موكله فإنه
على هذا يكتسب صفة الناقل والسند القانوين الذي يؤكد ذلك يرجع إىل املادة 1/1من
قواعد هامبورغ اليت تقرر دون سواها من االتفاقيات الدولية ،اليت حتكم عقد النقل البحري
للبضائع حيث جاء فيها ":أن الناقل هو من أبرم عقد نقل مع الشاحن أو أُبرم العقد ابمسه "
وترتيبا على ذلك يكون من حق املضرور الرجوع على الوكيل ابلعمولة للنقل على أساس أنه
انقل حبري وليس على بصفته وكيال ابلعمولة للنقل .وابلتايل يكون للوكيل ابلعمولة للنقل احلق
ابلتمسك ابحلد األقصى للتعويض الوارد يف املادة 1/6من نفس املعاهدة على أساس أنه قد
اكتسب صفة الناقل.4
1
- Lyoun18mai 1978,DMF1978,DMF1980,p73;paris28oct,1981,DMF1982,p304 note
J Bouchet:
مشار إليه لدى سوزان على حسن ،املرجع السابق ،ص . 40
-2ج ر عدد 50ل30أوت . 1994
-3ج ر عدد 81ل 14ديسمرب . 2005
-4حمسن شفيق ،املرجع السابق ،ص .38
126
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
من مجع ما تقدم ميكن القول أن األشخاص الذين يلحقهم وصف الناقل هم كل من:
أ-يربم عقدا مع الشاحن.
ب-أُبرَم عقد النقل ابمسه مع الشاحن.
ج-من يتوىل تنفيذ عقد النقل البحري كليا أو جزءا منه(الناقل الفعلي).
د-من تظاهر أبنه انقل(الناقل الظاهر).
ه -الوكيل ابلعمولة للنقل .
الفرع الثاين:
وكالء الناقل
أقرت املادة 4مكرر املضافة بربوتوكول 1968واملادة 2/7من اتفاقية هامبورغ
وكذلك املادة 4من قواعد روتردام حبق وكيل الناقل يف االستفادة من احلد األقصى للتعويض
إذا ما رفعت على الوكيل دعوة للمطالبة ابلتعويض عما حلق البضاعة من هالك أو تلف أو
أتخري يف التسليم عندما تكون يف حيازته ،غري أن النصوص القانونية السابقة مل تبني من يكون
وكيل الناقل وقد تضاربت آراء الفقهاء حول مدى اعتبار كل وكيل السفينة والرابن من وكالء
الناقل البحري .و هلذا كان البد من البحث يف الطبيعة القانونية للعقد الذي يربط وكيل
السفينة ابلناقل ونفس الشيء ابلنسبة للرابن.
الفقرة األوىل:
consignataire du navire وكيل السفينة
مل يكن يف مقدور شركات املالحة إنشاء فروع هلا يف كافة املوانئ اليت متر عليها سفنها
فكان اللجوء إىل وكيل السفينة أمرا ال مفر منه للقيام ببعض االلتزامات لصاحل اجملهز ،فبمجرد
وصول السفينة إىل امليناء يقوم وكيل السفينة بسداد مبالغ عمليات اإلرشاد ،القطر ،الرسو
.وتنظيم مجيع عمليات التفتيش ،اليت تتم من اجلهات اخلارجية حبيث تكون حتت اشرافه
127
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ومراقبته ،1كما يقوم بتسليم البضائع وحراستها واحملافظة عليها 2وحتصيل أجرة الشحن وأجرة
النقل من املرسل إليه ،إذا كانت مستحقة األداء من طرف هذا األخري يف ميناء الوصول.3
فضال عن ذلك ميثل وكيل السفينة 4الناقل يف الدعاوى اليت ترفع منه أو عليه ويتم هذا
التمثيل يف نظري أجر حيصل عليه من قبل الناقل وهوما ورديف املادة 613ق ب ج والذي
يهمنا من البحث يف موضوع وكيل السفينة هو بيان الطبيعة القانونية للعقد الذي جيمع بني
هذا الوكيل والناقل ،فمن خالل حتديد هذه الطبيعة نستطيع اجلزم ابلقول أن وكيل السفينة
يعترب من وكالء الناقل أم ال .وهو ما تتوقف عليه إمكانية دخول هذا األخري نطاق االستفادة
من احلد األقصى للتعويض .
لقد اختلفت آراء الفقه حول الطبيعة القانونية للعقد الذي جيمع وكيل السفينة ابلناقل،
فمنهم من يرى أن العالقة اليت تربطهما هي عقد عمل ختضع للقواعد العامة اخلاصة بقانون
العمل الربي .وابلتايل يعترب وكيل السفينة اتبعا للناقل ،غري أنه ال ميكن األخذ هبذا الرأي ألن
عقد العمل يفرتض وجود عالقة تبعية وخضوع بني العامل وصاحب العمل وهذا ماال ميكن
تصوره يف العالقة األخرية ،ألن وكيل السفينة ال خيضع لسلطة واشراف الناقل .وبذلك تنتفي
التبعية القانونية اليت تعترب املعيار الرئيسي املعتمد لتحديد عقود العمل ،كما أن وكيل السفينة
1
- Mohammed ben Amar, les auxiliaires du transport maritime étude comparée, thèse
doctorat d'Etat, université d’Aix Marseille, ânnée de soutenance1994, p184.
-2كمال محدي ،القانون البحري ،منشأة املعارف ابإلسكندرية سنة ، 1997ص . 392
3
- Mohammed ben Amar, thèse,précité. p187.
-4يطلق عليه تسميات أخرى كأمني السفينة ،الوكيل البحري ،الوكيل املالحي وقد عرفه املشرع اجلزائري يف املادة 609ق ب ج على أنه
":يعترب وكيال للسفينة كل شخص طبيعي أو معنوي يلتزم مقابل أجر ومبوجب وكالة من اجملهز أو الرابن ابلقيام ابلعمليات املتعلقة
ابحتياجات السفينة وحلساهبا أثناء الرحلة واليت ال يقوم هبا الرابن شخصيا وكذلك العمليات املعتادة األخرى واملرتبطة برسو السفينة يف
امليناء" .وقد نص املرسوم التنفيذي 183/09املتعلق بشروط ممارسة مهنة مساعدي النقل البحري على اليت جيب توافرها يف مهنة وكيل
السفينة وهي كاآليت -:أال يقل السن عن 25والتمتع ابألخالق واملصداقية وأن ال يكون الشخص مسبوق قضائيا.
-أال يكون موضوع افالس قضائي-،دفع كفالة مالية قدرها 500.000دج واليت حددها القرار الوزاري املشرتك بني وزير املالية ووزير
البحرية التجارية لسنة 2010الصادر يف -، 2010/6/23خربة مهنية متصلة ابلنشاط ملدة 3سنوات بدون انقطاع-،حيازة شهادة يف
التعليم العايل أو شهادة عليا يف امليكانيك البحرية أو يف علم املالحة البحرية أو يف التسيري ويف اإلدارة البحرية ويف تسيري املوانئ وكذا يف
امليدان اللوجستيكي للنقل البحري ،إثبات التأمني من املسؤولية املدنية واملهنية :ج ر 31الصادرة يف 24ماي . 2009
128
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يتمتع يف مهنته بقسط وافر من االستقالل وقد يتوىل عمليات الوكالة لصاحل العديد من
الناقلني.1
كما ذهب اجتاه آخر إىل اعتبار العقد الذي جيمع وكيل السفينة ابلناقل أبنه عقد وكالة
عادية ،ألن وكيل السفينة يتعامل ابسم الناقل وحلسابه وليس ابمسه الشخصي كما هو احلال يف
الوكالة ابلعمولة للنقل .2و عليه جيوز للناقل أن يعزل الوكيل يف أي وقت ولو وجد اتفاق
خيالف ذلك ويكون الناقل ملزما بتعويض الوكيل عن الضرر الذي حلقه من جراء عزله يف وقت
غري مناسب أو بغري عذر مقبول.كما جيوز لوكيل السفينة أن ينزل يف أي وقت عن الوكالة ولو
وجد اتفاق يقضي بغري ذلك مع الزامه بتعويض الضرر الذي يلحق ابلناقل من جراء التنازل،
وفقا للقواعد العامة املنصوص عليها يف القانون املدين.3
خالفا لذلك هناك جانب من الفقه يرى أبن وكيل السفينة يعترب وكيال عن الناقل
تتحدد حقوقه والتزاماته على أساس الوكالة التجارية .4ضف إىل ذلك أن وكيل السفينة
صاحب مهنة حيرتفها وهي مهنة التوكيالت البحرية ،فهو اتجر يعمل ابمسه وحلساب الغري وال
خيضع لتوجيهات الناقل إال يف حدود ما تسمح به القواعد العامة يف العالقة بني املوكل والوكيل
واليت ال تتعارض مع الطبيعة التجارية للوكالة البحرية.5
من بني احلجج اليت ساندت أصحاب الرأي األخري أن ما يقوم به وكيل السفينة من
شراء املؤن الالزمة للسفينة عند وصوهلا إىل امليناء ،الذي يعمل به وذلك بتكليف من الناقل
.كما قد يكلف إبعداد سندات الشحن ،التعاقد مع مقاويل الشحن والتفريغ يف كل ما يتعلق
-1مسيحة القليويب ،املرجع السابق ،ص ، 291وهيب األسرب ،املرجع السابق ،ص . 141
-علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،سنة ،1969املرجع السابق ،ص.210
2
129
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
بتجهيز السفينة واعدادها والتعاقد مع شركات التأمني وشركات النقل ،فيعترب يف هذه احلالة
وكيال جتاراي للناقل وكأنه فرع عن شركة املالحة اليت كلفته هبذه األعمال.1
خيلص القول أنه بعد تتبع اآلراء السابقة ال ميكننا إال أن أنخذ ابلرأي األخري ألنه أقام
الدليل على جتارية وكالة السفينة،كما بني احلدود اليت ال جيب جتاوزها عند الرجوع إىل
األحكام العامة للوكالة املقررة يف القانون املدين .يضاف إىل ذلك أن هناك سندا قانونيا يؤيد
أصحاب هذا االجتاه وهو نص املادة 1/34من القانون التجاري اجلزائري ،اليت تعرف عقد
الوكالة التجارية أباها اتفاقية يلتزم بواسطتها الشخص عادة إبعداد وابرام البيوع والشراءات
وبوجه عام مجيع العمليات التجارية ابسم وحلساب اتجر والقيام عند االقتضاء بعمليات جتارية
حلسابه اخلاص ولكن دون أن يكون مرتبطا بعقد اجارة اخلدمات .وترتيبا على ذلك فإن وكيل
السفينة يعترب وكيال جتاراي عن الناقل وابلتايل حيق له التمسك ابحلد األقصى للتعويض عندما
ترفع ضده من املرسل إليه استنادا إىل املسؤولية التقصريية عن أخطائه الشخصية اليت تقع منه
أثناء قيامه بوظيفته طبقا للقواعد العامة .2وعلى أساس اخلطأ الواجب االثبات ،3فهو مسؤول
عن خطئه يف عدم احملافظة على البضائع أو يف تفريغ البضاعة أو تسليمها ،على أن مسؤولية
وكيل السفينة ال تعفي الناقل من املسؤولية عن هذه األعمال ابعتبارها صادرة عن وكيله أثناء
تنفيذ عقد الوكالة.4
لكن إذا كان الضرر الذي حلق ابملرسل إليهم انشئا عن خطأ ينسب إىل الناقل نفسه
كأن يصيب البضاعة املشحونة تلف أو عجز أثناء عملية النقل ،فهل من املمكن حماكمة
وكيل السفينة يف هذه احلالة؟
130
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ال ميكن للمرسل إليه مقاضاة وكيل السفينة عما يقع من خطأ يف تنفيذ عقد النقل إال
بوصفه وكيال عن الناقل .1و هو ما استقر عليه القضاء اللبناين حيث جاء يف قرار استئناف
بريوت الصادر يف ":1996/5/21ال يسأل وكيل السفينة إال عن أخطائه الشخصية دون
األخطاء املنسوبة للناقل ،غري أنه ليس هناك مانع من مقاضاته بوصفه وكيال عن اجملهز".2
الفقرة الثانية:
Le capitaine الرابن
يعترب الرابن أهم شخص يف أشخاص املالحة البحرية و قد جاءت هذه األمهية نتيجة
لتمتع الرابن بسلطات واسعة منحها له القانون و العرف البحري .تقتضي مهمة املالحة يف
البحر أن تتوافر شروط معينة و مؤهالت خاصة يف شخص الرابن تؤهله للتمتع ابلسلطات
املقررة له ،فال بد أن يكون على قدر كايف من اخلربة واملهارة لتعينه يف هذه الوظيفة الصعبة
،فهو يقود سفينة حتمل عدد كبري من األرواح ،البضائع واملمتلكات ليسري هبم يف ظالم الليل
وأطراف النهار.3
و يعرف الرابن أبنه كل شخص يتوىل قيادة السفينة.4وللرابن مركز قانوين خاص يتميز
به عن التابعني عامة ،فهو ممثل للسلطة العامة على ظهر السفينة ،كما يرتأس رجال طاقم
السفينة مجيعا من ضباط ومهندسني ومالحني.5
-1علي مجال الدين عوض ،النقل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص .42
-2مشار إليه لدى وهيب األسرب ،املرجع السابق ،ص . 144
-3إميان اجلميل ،الرابن (املركز القانوين-احلقوق وااللتزامات-املسؤوليات –السلطات) ،املكتب اجلامعي احلديث ،اإلسكندرية ،سنة
، 2014ص . 7
-4اشرتط املرسوم التنفيذي رقم 143-02املؤرخ يف 16أفريل 2002والذي حيدد الشهادات والكفاءات اخلاصة ابملالحة البحرية
وشروط إصدارها يف املادة 3منه الشهادات والكفاءة املطلوبة لقيادة السفن وهي كما يلي:
أ-ابلنسبة للسفن لقيادة السفن التجارية :شهادة مالح حبري مؤهل ،رخصة نقل املسافرين ،شهادة األهلية يف املالحة الساحلية ،شهادة
كفاءة مالح حبري عضو فريق نوبة مالحية على منت السفن اليت تعادل محولتها اإلمجالية املسجلة 500طن أو تفوقها ،شهادة كفاءة
ضابط مكلف ابلنوبة املالحية على منت سفن تقل محولتها اإلمجالية املسجلة عن 6آالف طن أو تعادهلا ،شهادة كفاءة رابن اثن على
منت سفن تقل أو تعادل محولتها االمجالية6آالف طن أو تفوقها ،شهادة كفاءة رابن على منت سفن تقل أو تعادل محولتها اإلمجالية
املسجلة 6آالف طن أو تفوقها.
-5مصطفى كمال طه ،الوجيز يف القانون البحري ،املرجع السابق ،ص .161
131
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
كما عرفه املشرع اجلزائري ابختصار يف املادة 384ق ب ج فقرة د و اليت نصت على
أنه ":يعين الرابن قائد السفينة ورئيس طاقم السفينة".
ملا كانت السفينة مبن عليها وهي يف عرض البحر بعيدة عن سلطات الدولة اليت ترفع
علمها فقد اقتضى األمر ختويل الرابن ابعتباره رئيسا على كل من يف السفينة اختصاصات
الدولة يف حفظ النظام العام ،األمن على ظهر السفينة .ويف اثبات ما يقع على ظهرها من
وقائع أو تصرفات قانونية،1كإثبات ما قد حيدث أثناء السفر من تسجيل بياانت خاصة
ابألحوال املدنية من ميالد ،أو وفاة ،سندات الوكالة ،املوافقة ،اإلذن ،الوصااي2وغريها.
يتعني على الرابن أن يتخذ مجيع التدابري الضرورية حلماية السفينة والبضائع واألشخاص
املوجودين على متنها وله سلطة التحقيق يف كل ما يقع من جرائم أثناء الرحلة .و له أيضا
صالحية القبض على املتهم وحبسه احتياطيا طبقا للمادة 454ق ب ج .كما جيب عليه
يف حالة وقوع أضرار معتربة للسفينة أو ألشخاص املوجودين على متنها أو حلمولتها حترير تقرير
مفصل يبني فيه ظروف احلادث و عليه أيضا أن يقدمه إىل السلطة البحرية املختصة للميناء
ويستلم ايصاال بذلك .3ضف إىل ذلك فالرابن على غرار وكيل السفينة يستطيع متثيل اجملهز
أمام القضاء سوآءا كان مدعيا أو مدعى عليه ،إال إذا عني الناقل هلذا الغرض ممثال آخر طبقا
للمادة 588ق ب ج.
إن اجلانب الذي جيلب اإلهتمام من أمر الرابن هو الطبيعة القانونية للعالقة اليت تربطه
ابلناقل حيث اثر جدل فقهي بشأاها و مما زاد من حدة هذا اجلدل و غموضه أحياان تنوع
وظائف الرابن وأتثرها ابلتطورات التقنية يف جمال االتصاالت .والذي أدى إىل وجود قدر من
الصحة وقدر من اخلطأ يف أي حماولة إلجياد قالب من أحكام القانون املدين الستيعاب وتفسري
املركز القانوين للرابن.
132
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ال ريب يف أن الرابن شأنه شأن أي حبار يرتبط مع الناقل بعقد عمل حبري وهو ما يربر
مباشرة فكرة التابع فنكون بصدد عالقة عقد عمل ،يقف فيها الرابن موقف التابع والناقل
موقف املتبوع ويسأل هبذه الصفة عن أعمال اتبعه.
لكن تطرد صحة هذا النظر فكرة الوقوف عند وظيفة قيادة السفينة و هنا نكون أمام
أعمال مادية يباشرها الرابن حبكم مؤهالته وختصصه ،إذ يستطيع تنفيذ مقتضياهتا دون الرجوع
إىل الناقل .وله أيضا خمالفة هذا األخري إذا صدرت منه تعليمات تتناقض مع األصول الفنية ،
لكن الرابن عندما يقوم بتصرفات قانونية فهو يتعاقد مع العمال والشاحنني ومع شركات
اإلصالح والصيانة ويقرتض حىت بضمان السفينة مما جيعل فكرة التابع يشوهبا القصور.1لذلك
تعددت احملاوالت إلجياد حل إلشكال املتعلق بطبيعة العالقة القانونية اليت جتمعه ابلناقل.
يرى بعض الفقه 2بصدد اإلشكال القائم أننا أمام مزيج من عقد العمل وعقد الوكالة
،فالرابن يعترب عامال ،أو مستخدما حني قيامه ابلقيادة الفنية .ومن جهة أخرى يعترب وكيال عن
الناقل حينما يباشر أعماال قانونية حلساب هذا األخري ،إال أنه يف حقيقة األمر هناك تبعية بني
الرابن والناقل ،أو صاحب العمل نظرا لظروف العمل على ظهر السفينة وبتُعد َها عن الناقل،
الذي يدعوان للقول أن صاحب العمل يرتبط مع الرابن بعقد عمل وذلك لتوافر رابطة التبعية
بينهما.
وذلك على عكس الوكيل الذي ال خيضع يف مباشرة نشاطه لسلطة واشراف األصيل
والعكس صحيح فالقول بتوافر تبعية الرابن للناقل سنده توافر عمل حبري يربط بينهما.
من جهة أخرى فالقول أبن الرابن يرتبط مع الناقل بعقد خمتلط بني عقد عمل وعقد
وكالة معا مل يكن كافيا ،ألنه يتجاهل ما للرابن من سلطة عامة على منت السفينة ،كسلطة
التأديب ،التوثيق والتحقيق وما يتمتع به من سلطان مطلق يف تنفيذ أوامر الناقل وحقه يف ابرام
133
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
تصرفات قانونية رغم معارضة الناقل ،إذا كان ذلك يف صاحل السفينة وحقه أيضا يف التعامل
مع الغري مما يتعذر إحلاق عقد استخدامه أبحد العقود املدنية املعروفة.1
الحظ جانب آخر من الفقه 2أن الرابن وإن كان يعترب انئبا قانونيا للناقل فإن هناك
صعوبة مصدرها أن هذه النيابة القانونية إمنا تنشأ عند العقد املربم بني الناقل والرابن ،فكيف
ميكن التوفيق بني اعتبار نيابة الرابن القانونية وبني كون هذه النيابة تنشأ عن اتفاق بينهما ؟
وهلذا يذهب هذا الرأي إىل القول أن العقد املربم بني الناقل والرابن ما هو إال عمل قانوين
،أي أنه شرط لتطبيق نظام تكفل القانون بتقريره من قَبل ومل يدع شرطيActe condition
،الوجيز يف القانون البحري ،الرجع السابق ،ص .167 -1مصطفى كمال طه
-2مصطفى اجلمال ،املرجع السابق ،ص .152
-3حممود خمتار أمحد بريري ،املرجع السابق ،مسيحة القليويب ،موجز يف القانون البحري ،املرجع السابق ،ص . 226
-4لقد أخذ املشرع اجلزائري برأي الفقه احلديث يف املادة 701ق ب ج حيث اعترب الرابن حبكم القانون ممثال عن الناقل وأوجب عليه
التقيد بتعليماته .
134
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
األخطاء اليت يرتكبها بسبب أوامر الناقل إذا تعلق األمر أبفعال ال تدخل يف وظيفته الفنية ،أما
يف مواجهة الناقل فإن الرابن يعد مسؤوال عن كل خطأ يصدر منه ولو كان يسريا فيلتزم
ابلتعويض عن نتائج هذا اخلطأ وتعترب مسؤوليته تعاقدية يف هذا الفرض أساسها العقد املربم مع
الناقل.1
ومن زاوية أخرى ال يسأل الرابن عن أخطاء البحارة ألاهم يعتربون اتبعني للناقل ال
للرابن ،غري أنه يكون مسؤوال عن أخطائهم يف حالة إذا ما ثبت أن اخلطأ الذي صدر من
أحدهم يرجع إىل تقصري الرابن يف االشراف على أعماهلم ،لكنها ال تعد من قبيل مسؤولية
املتبوع عن فعل اتبعيه.2كما أن اثبات خطأ الرابن يكون يف معظم األحوال صعبا للغاية
،بسبب الظروف اخلاصة اليت يؤدي فيها الرابن عمله بعيدا عن كل رقابة.3
الفرع الثالث:
اتبعي الناقل
من خالل استقراء القواعد الدولية املتمثلة يف نص املادة 4مكرر من بروتوكول 1968
املعدل التفاقية بروكسل ،املادة 2/7من قواعد هامبورغ واملادة /4ج من قواعد روتردام يظهر
أنه من حق اتبعي الناقل االستفادة من احلد األقصى للتعويض .و بناءا عليه كل من حيمل
صفة التابع أن يتمسك هبذا النظام عندما ترفع عليه الدعوى من املضرور ،للمطالبة ابلتعويض
الناجم عن حاالت اهلالك أو التلف الذي يلحق ابلبضاعة من جراء خطئه الشخصي ،غري
أن النصوص الدولية السابقة مل تبني من هم اتبعي الناقل وامنا تركت ذلك للقواعد العامة يف
القوانني الداخلية .وابلرجوع إىل القانون املدين ال سيما املادة136منه ،اليت تنص على أنه
":يكون املتبوع مسؤوال عن الضرر الذي حيدثه اتبعه بعمله غري املشروع مىت كان واقعا منه يف
135
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
حالة أتدية وظيفته أو بسببها وتتحقق عالقة التبعية ولو مل يكن املتبوع حرا يف اختيار اتبعه مىت
كان هذا األخري يعمل حلساب املتبوع ".
يظهر من خالل هذا النص أنه حىت تقوم مسؤولية املتبوع جيب توافر بعض الشروط و
هي كاآليت:
أ-وجود عالقة تبعية ،أي أن يكون للمتبوع سلطة فعلية يف الرقابة والتوجيه ختوله حق اصدار
األوامر للتابع والزام هذا األخري ابإلنصياع هلذه األوامر ،حىت ولو مل يكن املتبوع حرا يف اختيار
اتبعه وسوآءا أكانت هذه السلطة دائمة أو مؤقتة .1
ب-ثبوت مسؤولية التابع وهي مسؤولية تقصريية ،ذلك أنه ليس بني اتبع الناقل والشاحن أو
املرسل إليه عقد ،فال يتصور رجوع املضرور على التابع إال تقصرياي .ويقتضي هذا وجوب
اثبات خطأ التابع والضرر الالحق ابلبضاعة والعالقة السببية بينهما.2
ج-أن يقع خطأ التابع عند أتديته الوظيفة أو بسببها أو مبناسبتها ،أي أن التابع قد ارتكب
خطأً أثناء القيام مبهامه بناءا على عمله املخصص له ،أو كان ذلك بسبب عمله .هذا إما ألنه
مل يكن ليستطيع ارتكاب هذا اخلطأ لوال عمله وإما ألنه مل يكن ليفكر يف ارتكابه لوال وظيفته
،أو أن هذه األخرية قد سهلت له ارتكاب اخلطأ ،أو ساعدت عليه ،أو هيأت له الفرصة
الرتكابه.3
لقد أورد املشرع اجلزائري يف املادة 814من القانون البحري مصطلح املندوب والذي
قصد به التابع ،حيث جاء يف هذه املادة أنه حيق هلذا األخري االستفادة من احلد األقصى
للتعويض عندما ترفع الدعوى ضده عما يلحق البضاعة من هالك أو تلف أو أتخري يف
التسليم ،بينما تضمنت املادة 815ق ب ج نفس احلكم الذي ورد يف الفقرة 3من املادة 4
136
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
مكرر من الربوتوكول املعدل التفاقية بروكسل لسنة ، 1968فجاء فيها ال ميكن أن تتعدى
مبالغ التعويضات اليت تكون على عاتق الناقل و مندوبيه احلدود املنصوص عليها يف املادة
805أعاله".
يبدو جليا من النصني السابقني أن املشرع قد سد الباب أمام الشاحن الذي يريد
التهرب من أحكام احلد األقصى للتعويض .وذلك برفع الدعوى على التابع على أساس
املسؤولية التقصريية عوض رفعها على الناقل ليحصل على التعويض كامال ،كما جعل الناقل و
مندوبيه ال يدفعون أكثر من احلد األقصى الوارد يف نص املادة 805ق ب ج. 1
يف هذا اإلطار فقد اثر اخلالف يف الفقه حول اعتبار املرشد البحري ومقاول الشحن
والتفريغ من اتبعي الناقل ،لذلك كان ال بد من الفصل يف العالقة اليت جتمع كل من املرشد
ومقاول الشحن والتفريغ ابلناقل.
الفقرة األوىل:
املرشد البحري
املرشد هو الشخص الذي يساعد الرابن يف توجيهه على خط السري الواجب اتباعه
أثناء الدخول واخلروج من املوانئ أو القنوات.2
كما يعرف االرشاد البحري أبنه اتفاق مقتضاه خدمة قصرية املدة يؤديها املرشد بطلب
من الرابن ،أو وكيل السفينة ابعتبارمها انئبني عن الناقل و يقوم مبوجب ذلك إبرشاد السفينة
وقت دخوهلا ،أو خروجها من امليناء مقابل أجرة معينة.كما عرفه املشرع اجلزائري يف املادة
171ق ب ج أبنه ":املساعدة اليت تقدم إىل الراببنة من قبل مستخدمي الديوان الوطين
137
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
للموانئ املرخص هلم من قبل الدولة لقيادة السفن عند الدخول إىل املوانئ والفرض واملياه
الداخلية واخلروج منها".
ينقسم اإلرشاد البحري إىل نوعني :ارشاد إجباري واختاري ،فالسفن اليت ختضع
إلجبارية االرشاد هي كل السفن اجلزائرية و األجنبية ابستثناء السفن الواردة يف املادة 178ق
ب ج وذلك يف حدود اإلدارية لكل ميناء ،أما السفن اليت يعترب اإلرشاد اختياراي ابلنسبة إليها
وهي احملصورة يف نص املادة األخرية هي كاآليت:
أ-السفن الشراعية حبمولة أقل من 100طن،
ب-السفن ذات الدفع اآليل حبمولة صافية تقل عن 100طن،
ج-السفن ذات الدفع اآليل واملخصصة فقط لتحسني وصيانة ومراقبة املوانئ ومداخلها
كالقاطرات والناقالت واجلرافات والصنادل البحرية،
د-سفن املنارات و العالمات.
ال يعترب املرشد موظف عام، 1فإذا كانت الدولة تتدخل يف تعيني املرشدين وترقيتهم
وأتديبهم ،فهذا يشبه ما هو عليه احلال يف تدخلها يف تعيني املالحني وتنظيم عملهم فهي
مدفوعة بذلك ابلرغبة يف محاية مصاحل تقتضي ذلك ،دون أن يصل األمر إىل حد اعتبارهم
موظفني عموميني .و من هنا فإن املرشد ال تربطه ابلدولة رابطة الوظيفة العامة ،رغم متتع
1
-Fatima Boukhatmi, les auxiliaires du transport maritime en droit en doit algérien,
DMF 690,Mars 2008,p267.
-وضع املرسوم 08-06املتعلق بتنظيم االرشاد واملؤهالت املهنية للمرشدين وقواعد ممارسة عملية االرشاد يف املوانئ املؤرخ يف
، 2006/1/9ج ر 02الصادرة يف ، 2006/1/15شروطا ملمارسة مهنة اإلرشاد وهي كما يلي:
أ-حيازة شهادة كفاءة رابن على السفن اليت تفوق محولتها 500طن أو شهادة القوات البحرية معرتف مبعادلتها من طرف الوزير املكلف
ابلبحرية.
ب -ممارسة وظيفة رابن أو رابن اثين خالل 5سنوات على األقل يف قيادة سفن مدنية أو عشر سنوات يف قيادة سفن القوات البحرية اليت
يعادل طوهلا 60مرت أو أكثر.
ج-شهادة جناح خاصة بتكوين خاص ابملرشد مدته 12شهر على األقل حتت قيادة مرشد رئيس اتبع للميناء املعين أو مدرب معني هلذا
الغرض.
د-حصول على اعتماد مينحه الوزير املكلف ابلبحرية التجارية حسب املادة 11من هذا املرسوم.
138
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الدولة ابحتكار مهنة االرشاد وخضوع املرشد إلشرافها اإلداري وهو ما يستخلص من التشريع
اجلزائري املنظم هلذه املهنة.
أما يف العالقة اليت جتمع املرشد ابلناقل فقد اختلف الفقه حول تكييفها وانقسم بشأاها
إىل اجتاهني ،اجتاه ذهب إىل القول أبنه عقد مقاولة من نوع خاص ،حيث ميكن تقريبه من
العقد الذي يربط بني اخلبري و العميل .و أساس ذلك أن املرشد وإن كان يلتزم أبن يضع
نشاطه وخربته حتت تصرف الناقل إال أنه مع ذلك حيتفظ ابستقالله ،فهو ال يعمل حتت
سيطرة متبوعة ألن هذا األخري ال يصدر إليه أية أوامر عن طريق الرابن ،فاملرشد هو الوحيد
الذي يقرر ماذا يفعل إلرشاد السفينة .1و ابلتايل تنتفي عالقة التبعية بني املرشد والناقل.
يرى أصحاب الرأي الراجح من الفقهاء أن عقد اإلرشاد عقد عمل ،إذ تقوم هذه
العالقة بني الرابن ابعتباره انئبا عن الناقل وبني املرشد .ويتوىل هذا األخري مبقتضى العقد ارشاد
الرابن لدى دخول السفينة إىل امليناء أو خروجها منه لقاء أجر حتدده اللوائح ،فتنحصر مهمته
يف ارشاد الرابن وتزويده ابملعلومات عن مسالك امليناء وخط السري الواجب اتباعه .ويضل
الرابن رغم وجود املرشد حمتفظا بقيادة السفينة وإدارهتا وتنفيذ املناورات وليس للرابن أن يتنازل
عن سلطانه للمرشد بل عليه أن يراقب املرشد ويشرف عليه ،كما له أن يرفض تنفيذ ما يشري
به املرشد إذا رأى فيه تعريض السفينة خلطر ،هذا ألن املرشد يعترب اتبعا للناقل أثناء قيامه
بعملية ارشاد السفينة وألنه يزاول نشاطه حلسابه ويؤدي عمله حتت اشراف الرابن وسلطانه.2
وهذا ما استقر عليه القضاء الفرنسي ،الذي قرر أبنه يف االرشاد البحري سوآءا كان اجباراي أو
اختياراي فاألصل أنه منذ اللحظة اليت يصعد فيها املرشد إىل السفينة يصبح كأحد أفراد الطاقم
وقد طبق هذا املبدأ أيضا القضاء العراقي.3
1
-Pierre Bonassies,Christian Scapel,op-cit,p171.
-2مصطفى اجلمال ،املرجع السابق ،ص ، 164مسيحة القليويب ،املرجع السابق ،ص، 308مصطفى كمال طه ،الوجيز يف القانون
البحري ،املرجع السابق ،ص. 198
-3قرار حمكمة استئناف البصرة رقم / 165س 2000/صادر يف ( 2000/11/12غري منشور) :مشار إليه لدى عقيل فاضل محد
الدهان ،املركز القانوين للمرشد ،جملة جامعة كربالء العلمية ابلعراق ،اجمللد السابع ،العدد األول ،سنة ، 2009ص . 77
139
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
هذا ما أخذ به املشرع اجلزائري يف املادة 183ق ب ج ،اليت تضمنت أن الناقل يكون
مسؤوال جتاه الغري عن األضرار الناجتة عن املرشد واليت تعد كأاها أضرار حاصلة من أحد أفراد
طاقم السفينة مما يفهم منه أن املشرع قد اعترب املرشد اتبعا للناقل .وابلتايل فإن املرشد بصفته
هذه حيق له أن يستفيد من احلد األقصى للتعويض .
يكون املرشد مسؤوال مدنيا قبل الناقل عن أخطائه الشخصية يف تنفيذ مهمته املذكورة
كما لو كان جاهال مبسالك امليناء وترتب ضرر عن ذلك ضرر للسفينة أو ما عليها ،أو
خروجه عن حدود مهمته كقبوله قيادة السفينة بنفسه ،كما يسأل قبل الغري عما يلحق هبم
من أضرار جراء خطئه يف االرشاد مثلما هو عليه احلال يف تصادم السفينة.1
و هبذا ميكن للمضرور إما رفع دعوى ضد املرشد عن خطأه الشخصي طبقا للمادة من
124ق م ج وإما أن يرفعها ضد انقل السفينة املرشدة على أساس مسؤولية املتبوع عن فعل
اتبعه حىت ولو كان االرشاد اجباراي طبقا للمادة 283ق ب ج ،ألن هذه املسؤولية قائمة
على اخلطأ يف الرقابة والتوجيه ولو مل يكن املتبوع حرا يف اختيار اتبعه مىت كانت له عليه سلطة
فعلية يف رقابته وتوجيهه طبقا للمادة 136ق م ج .
الفقرة الثانية:
مقاول الشحن و التفريغ
كانت السفينة يف القدمي تنتقل من ميناء إىل آخر لنقل البضائع حسب الطلب ،أي
كانت بطريقة غري منتظمة نظرا ألن البضائع مل تكن كبرية الوزن فكان طاقم السفينة هو من
يقوم بعمليات الشحن يف ميناء الذهاب .كما كان يقوم بفك هذه البضاعة وتفريغها يف ميناء
140
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الوصول وبتطور وسائل النقل البحري وظهور رحالت منتظمة ،أيضا ارتفاع حجم احلمولة
برزت إىل الوجود مؤسسات خمتصة يف عمليات الشحن والتفريغ.1
ومل تقتصر مهمة هذه املؤسسات على اجلانب املادي بل امتدت إىل اجلانب القانوين،
املتمثل يف استالم البضاعة واحملافظة عليها يف انتظار شحنها ،أو تسليمها ألصحاهبا .ويعرب
وعلى املينائيةla manutention portuaire على العمليات ذات الطابع املادي ابملناولة
عمليات ذات الطابع القانوين ابلتشوين .2l'aconage
مل يستقر الوضع على هذا احلال فبعد تعديل القانون البحري يف سنة 1998فصل
املشرع بني عمليات اليت يقوم هبا مقاول املناولة املينائية ومقاول التشوين يف فصلني مستقلني
وهو ما مل يكن موجودا يف أحكام القانون البحري لسنة 1976والسبب يرجع إىل أن كل
تلك النشاطات كانت مقتصرة على مؤسسة عمومية واحدة بصفة احتكارية.3
يعرف مقاول الشحن والتفريغ أبنه الشخص الطبيعي أو معنوي حيرتف أعمال شحن
البضائع يف السفن أو تفريغها ويعترب اتجرا يقدم خدماته للغري لقاء أجر حيدده العقد ،الذي
يربط بينه وبني من يكلفه مبهمة الشحن أو التفريغ سوآءا كان الناقل ،أو وكيل السفينة ،أو
التشوين طبقا ألحكام اجلديدة للقانون البحري اجلزائري ،جملة احملاكم املغربية العدد ، 84ص .89 -1حممد بن عمار ،املناولة املينائية و
، article droit .blogspot.com/2009/09/blog –post-9842.html :اتريخ الدخول إىل املوقع2016/8/30:
،الساعة.21:15 :
- 2املرحع السابق،املوضع نفسه.
-3حممد بن عمار ،املناولة املينائية و التشوين طبقا ألحكام اجلديدة للقانون البحري اجلزائري ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
وقد بني املرسوم 363-08املعدل املؤرخ يف 2008/11/18املعدل للمرسوم التنفيذي رقم 139/06املؤرخ يف 2006 11/15
الذي حيدد شروط وكيفيات نشاطات قطر السفن وأعمال املناولة املينائية و التشوين ،الشروط اليت جيب توافرها يف مقاول املناولة املينائية
والتشوين وهي كمايلي:
أ-اجلنسية اجلزائرية ابلنسبة ألشخاص الطبيعيني.
ب-احلصول على امتياز (االختيار حسب احلالة إما عن طريق املنافسة أو عن طريق التفاوض املباشر) ومدة هذا االمتياز 40سنة.
ج-املؤهالت املهنية املطلوبة.
د -االلتزام إبحرتام شروط االتفاقية ودفرت الشروط حسب املادة 3من هذا املرسوم ،ج ر رقم 64الصادرة يف . 2008/11/17
141
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
راباها .1لكن التساؤل الذي يطرح هنا هل يعترب مقاول الشحن والتفريغ اتبعا للناقل؟ وبصياغة
آخرى ما هو تكييف القانوين للعقد الذي جيمع هذا املقاول ابلناقل؟
تعددت النظرايت بشأن الطبيعة القانونية لعقد الشحن والتفريغ ما بني عقد عمل ،عقد
نقل وعقد مقاولة وقد ذهب جانب من الفقه إىل اعتبار مقاول الشحن والتفريغ اتبعا للناقل
مادام يؤدي أعماال مادية حلسابه ،مما يعين أن عقد الشحن والتفريغ يعترب عقد عمل أو إجارة
أشخاص .وغاية هذه النظرية جعل الناقل مسؤوال يف املقام األول قبل أصحاب البضاعة عن
األضرار ،اليت حتصل عند التشوين الذي يباشره املقاول ويكون للناقل بطبيعة احلال الرجوع بعد
ذلك على املقاول.
كما أن هناك من الفقه الفرنسي من ساند هذا الرأي بقوله أن املقاول يف عالقاته
ابلناقل و ابلنسبة جلانب من نشاطه مؤجر لتقدمي خدمة ،أو عمل وملا كان الناقل مسؤوال عن
األضرار اليت حتصل حلموالت الروافع فإن املقاول امنا يتدخل كتابع للسفينة وتبعيته تكمن يف
أداء عمله ابلنسبة للعمليات اليت جيريها على سطح السفينة ،أي بني العنابر والروافع .وهذا
اجلزء من العقد ال ميكن تكييفه إال إبجارة أشخاص،حيث تظهر جبالء رابطة التبعية اليت متيز
العالقة بني املتبوع والتابع ،ذلك أن الرص جيب أن يباشر بدقة وفقا للبياانت احملددة خبطة
الشحن.2
غري أن الرأي السابق لقي رفضا من غالبية الفقه بسبب أنه ال توجد عالقة التبعية بني
املقاول والناقل .والريب يف أن املقاول يباشر عمله على وجه االستقالل ،فله احلرية املطلقة يف
طريق أدائه له والرابن و إن كان حيدد للمقاول العمل الذي جيب عليه أن يؤديه واملكان
والطريقة اليت جيب أن ترص هبا كل بضاعة يف العنابر إال أنه له احلرية يف اختيار الوسائل
والطرق لتنفيذ ذلك .فإذا كان للرابن أن يراقب املقاول ،أو حىت يوجه له مالحظات فإنه ليس
142
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
له أن يصدر له أية أوامر فيما يتعلق بطريقة تنفيذ العمل ،فهذا األخري يضل يراقب الرص
بصفة خاصة ألنه مسؤول عن سالمة وثبات السفينة و عن سالمة املالحة.1
ذهب اجتاه آخر إىل اعتبار مقاول الشحن والتفريغ انقال على األقل يف الفرض الذي
يقوم به هذا األخري لتوصيل البضاعة من الرصيف إىل السفينة ،أو العكس من السفينة إىل
الرصيف.2إذ يقوم هذا األخري بعمل مماثل لعمل الناقل الذي ينقل البضاعة من حمطة سكة
احلديد إىل مكان ال يصل إليه القطار ،لكن هذا الرأي مل يلق أتييدا ال يف الفقه وال القضاء
وذلك لسببني :األول يتمثل يف أن وسيلة املقاول يف عملية النقل هي الصندل ، chalandأو
ما مياثله ومن املقرر أن هذه العائمات ال خترج عن دائرة امليناء وال تعترب سفننا ابملعىن القانوين
وبذلك يتخلف اعتبار عملية النقل حبرية .أما السبب الثاين :فيكمن يف أن مهمة املقاول
األساسية هي رص أو تستيف البضاعة ،فكها ،حزمها ،فرزها واستخدام اآلالت لرفعها ونقلها
أما نقلها فهو عمل اثنوي ابلنسبة إليه ، 3مما ال ميكن معه القول بتبعية كل هذه العمليات
ملهمة النقل ،اليت تعد املهمة الرئيسية للناقل .و هكذا ال ميكن اعتبار مقاول الشحن والتفريغ
انقال ال حبراي وال برايً.4
1
- Maix Caillé, le statut juridique des acconiers, librairie General de droit et de
jurisprudence, Paris 1954, p48, Georges ripert ,op.cit,p 436.
-حممد بن عمار ،املناولة املينائية و التشوين طبقا ألحكام اجلديدة للقانون البحري اجلزائري ،املقال السابق ،ص ، 89مسيحة القليويب ،
املرجع السابق ،ص ، 297مسري الشرقاوي ،املرجع السابق ،ص . 218
-2استئناف أكس ، 1954/1/26استئناف ابريس ،1954/2/3مشار إليها لدى :كمال محدي ،عقد الشحن والتفريغ ،املرجع
السابق ،ص ،169نقض فرنسي 4جوان 1964مشار إليه لدى :علي مجا ل الدين عوض ،النقل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،
املوضع نفسه.
-كمال محدي ،عقد الشحن والتفريغ ،املرجع السابق ،ص.169
3
144
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
عالقة تبعية وأيمتر أبوامره مثل طاقم السفينة ووكيل السفينة يف امليناء .1وهؤالء هم الذين هلم
احلق يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض مبوجب املادة 814ق ب ج.
أما مقاول املناولة املينائية فله ذلك احلق ال ابعتباره مندواب للناقل وامنا بصفته
الشخصية،2طبقا للمادة 916ق ب ج ،اليت جاء يف نصها ":إذا حدثت األضرار ابلبضائع
خالل عمليات الشحن والتفريغ والنقل الذي استعملت فيه قوارب التحميل ،أو وسائل أخرى
للشحن املينائي ،فإن مقاول املناولة إبمكانه أن حيدد مسؤوليته وفقا للشروط احملددة يف
أحكام الفصل الرابع من الباب الثالث من الكتاب الثاين من األمر رقم 80-76املؤرخ يف
23أكتوبر ،" 1976أما مقاول التشوين فقد ُحرم من التمسك ابحلد األقصى للتعويض عند
ثبوت مسؤوليته بشأن عن البضائع ،مبقتضى املادة 925ق ب ج ، 3اليت نصت على أنه
":ال ميكن أن تتجاوز مسؤولية املقاول التعاقدية قيمة الضرر،الذي أُحلق فعال بطالب اخلدمات
وال ميكن يف مجيع احلاالت أن تعزى إليه هذه املسؤولية إذا بقيت البضائع ملدة تتعدى اآلجال
املسموحة إال يف حالة وجود تنصيصات خمالفة".
ال يسأل مقاول املناولة املينائية إال عندما يثبت املتعاقد اآلخر خطأ املقاول ،أو خطأ
اتبعيه كأن يثبت أن اهلالك أو التلف الالحق ابلبضاعة قد حدث بسبب استخدام روافع ال
تقوى على رفع الطرود أو احلاوايت املوضوعة اليت وضعت فيها البضائع.4
أما يف حالة الضرر الناجم عن التأخري يف عمليت الشحن والتفريغ فإن املشرع اجلزائري يف
املادة 917ق ب ج قد افرتض خطأ مقاول املناولة مبجرد انقضاء املدة املتفق عليها يف العقد
وجيوز للمقاول أن يدفع بعدم مسؤوليته إذا تبني أن جتاوز األجل ال يرجع إليه .كما أن الطرف
-1وسيم غايل ،القانون البحري ومعامالت السفن لضباط أعايل البحار ،الطبعة األوىل ،اهليئة املصرية العامة للكتاب ،فرع اإلسكندرية، ،
سنة ،1979ص .273
-2املرجع السابق ،ص .176
-3و هو ما أخذ به املشرع اجلزائري من املادة 54من القانون الفرنسي لسنة 1966املتعلق ابلتجهيز وعقد النقل البحري واليت أعطت
مقاول الشحن والتفريغ احلق يف أن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض املنصوص عليه للناقل البحري عندما ترفع عليه دعوى التعويض عن
اهلالك أو التلف ألذي حيدث للبضاعة مىت كانت يف حوزة مقاول الشحن والتفريغ .
-4عاطف حممد الفقي ،املرجع السابق ،ص.260
145
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الذي يرجع إليه توقف عمليات الشحن والتفريغ هو املسؤول على املصاريف الناجتة عن هذا
التوقف وال ميكن اخلالص من هذه املسؤولية إال إبثبات القوة القاهرة.1
مما سبق ذكره خيلص القول أن احلد األقصى للتعويض هو نظام وجد تربيرا له يف ضرورة
التوزان العقدي ،يف حالة عدم تصريح الشاحن بقيمة البضاعة وجنسها وذلك من ابب العدالة
وحىت يتعرف الناقل على البضائع وعلى كيفية التعامل معها لكي ال تتضرر ويسهل أيضا من
عملية التأمني على البضائع ويدفع شركة التأمني ألن تقبل بذلك .كما أن احلد األقصى
للتعويض ال يسري يف االتفاقيات الدولية(بروكسل،هامبورغ،روتردام) إال عند وجود ضرر واقع
يف مدة مسؤولية الناقل البحري كهالك البضاعة أو تلفها أو خسارة اقتصادية بسبب أتخري
البضاعة يف التسليم إىل صاحبها ،مع ضرورة أن يكون العقد دوليا وفق نصوص االتفاقية
الواجبة التطبيق .و هذا كله مع مراعاة أال يتنازل عن حقه املقرر يف التمسك بقاعدة احلد
األقصى التعويض وأال يرتكب الناقل فعال خيل حبسن النية يف العقود ،كالغش أو اإلمهال مما
حيرمه من تلك القاعدة .
كما أن حق االستفادة من هذه امليزة القانونية ال يقتصر على الناقل وحده بل يشمل
حىت اتبعيه ووكالئه شريطة أال يكون هؤالء مهنيني مستقلني عنه بل جيب أن تربطهم به عالقة
تبعية تفرض عليهم اخلضوع لسلطته واالمتثال ألوامره .لكن من زاوية أخرى يقتضي تطبيق
نظام احلد األقصى معرفة املعايري أو الضوابط اليت ارتكزت عليها االتفاقيات الدولية يف سبيل
تقدير هذا التعويض احملدود ،الواجب على الناقل دفعه عند وقوع ضرر للبضاعة ،أو ماينجم
من ضرر عن أتخريها يف التسليم لصاحب احلق عليها.
-1القوة القاهرة كما وضحها جيدا األستاذ Bénoitبقوله ":تبقى القوة القاهرة مفهوم نسيب يتطلب أن يرتاجع أمام التطورات واألحداث
املختلفة اليت تسمح أبحسن مقاومة لكل األحداث اليت حيتمل أن تكون حاالت القوة القاهرة ابستمرار حلاالت وابلتايل تتطلب أن تكون
ُمقدرة على أساس معيار إمكانيات مقاومة كل حالة من هذه احلاالت" ،مشار إليه لدى:
-Kahloula Mohammed, le bruit inconvénient anormal de voisinage, thèse de de doctorat
de3éme cycle en droit privé, université de Poitiers, année de soutnance1978, p117.
146
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفصل الثاين:
تقدير احلد األقصى للتعويض
عندما تنعقد مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف املدة الزمنية اليت قررهتا االتفاقيات
الدولية عن حاالت اهلالك أو التلف أو التأخري يف تسليم البضاعة إىل من له احلق عليها ،مث
تتوافر شروط سراين نظام احلد األقصى للتعويض وجب على القاضي تطبيق هذا النظام على
عقد النقل الدويل.
و من أجل تقدير مبلغ التعويض وفق احلد األقصى للتعويض عن الضرر احلاصل
للبضاعة يقتضي األمر من هذا األخري التعرف على الضابط ،الذي يتم على أساسه حساب
التعويض احملدود ،من خالل الرجوع إىل الضوابط اليت جاءت هبا املادة 4من اتفاقية بروكسل
وبروتوكويل تعديلها ،املادة من اتفاقية 6هامبورغ واملادتني 59و 60من قواعد روتردام أو املادة
805من القانون البحري اجلزائري إن كان هو واجب التطبيق على موضوع النزاع .
فإذا استطاع التوصل للضابط الذي يتم وفقه تقدير احلد األقصى للتعويض ستثار أمامه
مشكلة أخرى أكثر صعوبة من ذلك وهي كيفية حتويل الوحدات احلسابية الواردة يف االتفاقية
الواجبة التطبيق ،أو القانون الداخلي من حيث التاريخ و السوق اللذين يتم فيهما حتويل مبلغ
احلد األقصى للتعويض إىل العمالت الوطنية .و هذا ال يكون إال ابلرجوع إىل النشرات اليومية
الصادرة عن البنوك احمللية واليت على ضوئها ميكن ضبط مقدار العملة الوطنية قياسا على
الوحدة النقدية اليت ورد ذكرها يف النصوص الدولية السابقة ،أو القانون البحري الوطين.
أتسيسا على ما تقدم فقد مت استلزم تقسيم هذا الفصل إىل مبحثني :ضوابط تقدير احلد
األقصى للتعويض (مبحث أول) ،التنظيم النقدي للحد األقصى للتعويض(مبحث اثين) .
147
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
املبحث األول:
ضوابط تقدير احلد األقصى للتعويض
لقد بينت اتفاقية بروكسل لسنة 1924وبروتوكول تعديلها لسنة ، 1968معاهدة
هامبورغ لسنة 1978وقواعد روتردام لسنة 2008الضوابط اليت حيتسب وفقها مبلغ احلد
األقصى للتعويض،فمن خالل استقراء نص املادة 5/4من معاهدة بروكسل يالحظ أن هذه
املعاهدة قد أخذت بضابطني ومها الطرد والوحدة ،كما أضاف بروتوكول تعديلها لسنة
1
،مع CMR 1968ضابط الوزن متأثرا مبا أخذت به االتفاقية الدولية للنقل الربي الدويل
االبقاء على الضابطني املذكورين وهو ما استقر عليه احلال إىل غاية تعديل االتفاقية بربوتوكول
.1979
أما اتفاقيت هامبورغ و روتردام فقد مجعتا بني الضوابط الثالثة اليت وردت يف اتفاقية
بروكسل املعدلة ،مع إضافة ضابط رابع وهو أجرة النقل .وخبصوص القانون البحري اجلزائري
فيالحظ أن املشرع كان يف البداية يسري خلف اتفاقية بروكسل قبل تعديلها ،حيث أخذ بنفس
توجهاهتا يف حساب احلد األقصى للتعويض فتبىن فكرة الطرد والوحدة ،غري أنه بعد تعديله يف
سنة 1998أصبح أيخذ ابلضوابط األربعة اليت تضمنتها أحكام املعاهدتني السابقتني .لذلك
سيتم دراسة هذه الضوابط من خالل مطلبني :الضوابط التقليدية يف حساب التعويض احملدود
(مطلب أول) ،الضوابط املستحدثة للحد األقصى للتعويض (مطلب اثين).
-1لقد اعتمدت هذه االتفاقية على ضابط واحد وهو الوزن فنصت يف املادة 23منها أنه ال ميكن مساءلة الناقل أبكثر من 25فرنك ذهيب عن
كل كيلو غرام من البضاعة اهلالكة أو التالفة .
148
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
املطلب األول:
الضوابط التقليدية يف حساب التعويض احملدود
مع بداية اخلمسينيات وظهور الثورة التكنولوجية اليت عرفتها صناعة النقل البحري من
تنوع احلاوايت و التقنيات اجلديدة لتجميع البضائع ،برزت مشكلة احلاوايت وعالقتها ابلطرود
املشحونة بداخلها مما جعل القضاء خيتلف يف تكييفها إن كانت حتسب طردا أم أاها حتسب
وفق عدد الطرود املوجودة داخلها .لذلك كان من الواجب البحث عن حل يف اتفاقيات النقل
البحري ،فالثابت من اتفاقية بروكسل لسنة 1924ابعتبارها أوىل االتفاقيات أن نصوصها
ظهرت يف حقبة زمنية مل تكن تعرف هذه املستجدات(احلاوايت) وعليه ال يوجد حكم
مناسب هلا وفق هذه االتفاقية ،مما دفع ابلدول إىل االجتماع وتعديل هذه األخرية يف
بروتوكول 1968وبيان كيفية حساب التعويض عند هالك أو تلف احلاوايت املشحونة على
منت السفينة .و هذا ما اتبعته اتفاقييت هامبورغ وروتردام وكذلك القانون البحري اجلزائري وهلذا
تقتضي دراسة هذا املطلب التطرق إىل مفهوم الطرد (الفرع األول ) ،حكم البضائع املوجودة
داخل احلاوية(الفرع الثاين ) ،مفهوم الوحدة(الفرع الثالث) .
الفرع األول:
مفهوم فكرة الطرد Colis
مل يكن أحد يتنبأ قبل سبعة ومخسني سنة ممن كان ضمن واضعي اتفاقية بروكسل لسنة
1924أن بعض القضاء سيعترب حاوية الشحن مبا حتتويه من طرود طردا واحدا يف إطار احلد
األقصى للتعويض .وابلتايل تنتفي احلكمة من التشريع الذي وضع أصال حلماية الشاحن
واملرسل إليه وهو ما يدعو إىل بيان املقصود من الطرد ،من أجل حتديد التعويض العادل الذي
يلتزم بدفعه عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف التسليم إىل صاحبها يف ظل نظام
احلاوايت ،حبيث تبقى املعادلة بني مصاحل الشاحنني والناقلني .واليت وضعت يف ظل احلموالت
149
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
اجملزأة سارية يف عهد احلاوايت كذلك ،فال يستفيد طرف من أطراف عقد النقل على حساب
الطرف اآلخر.1
ابلرغم من أن التعريف املعجمي للطرد ال يكفي وحده إال أنه يعترب نقطة بداية يف هذا
املوضوع و يقصد ابلطرد لغة كما عرفه أحد املعاجم ":هو رزمة 2أو صرة تعد مسبقا بقصد
النقل أو املناولة التجارية كشيء يكون بشكل مناسب ليصبح على تلك احلالة أداة من
األدوات التجارية ،أو تتم مناولته من يد ألخرى وهو ما جرى عليه العمل التجاري من تسميته
بطرد الشحن.3
عند الرجوع إىل االتفاقيات الدولية والتشريعات الداخلية فيالحظ أاها مل تتضمن تعريفا
يقضي على اخلالف احلاصل حول معىن الطرد ،مما يقتضي تسليط الضوء على تعريفه فقهيا
وقضائيا.
الفقرة األوىل:
مفهوم الطرد يف الفقه الدويل
لقد اختلف الفقه حول بيان املقصود من الطرد وطبيعته ،ابعتباره أهم الضوابط اليت يتم
وفقها حساب احلد األقصى للتعويض فانقسمت اآلراء الفقهية إىل عدة االجتاهات:
االجتاه األول:
يذهب أصحاب هذا االجتاه إىل أنه يقصد ابلطرد البضائع املغلفة بصندوق حيمل عالمة
مميزة ،أو رقم معني ،أو تلك اليت جتمع يف رابط واحد متهيدا لنقلها وكل صندوق منها أو رزمة
يعد طردا ،مثل الرباميل و أجولة القماش وصناديق الكرتون أو اخلشب مادامت حتمل أرقاما
-1عبد القادر حسني العطري ،احلاوايت و أثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ،الدار اجلامعية ،سنة ، 1983ص
-2نظرا ملا أاثره مصطلح الطرد من إشكاالت حول حتديد مفهومه الدقيق فإن اتفاقية روتردام هي االتفاقية الوحيدة من بني االتفاقيات
البحرية الدولية اليت استعملت لفظ رزمة للخروج من اخلالف احلاصل بشأن الطرد .
3 th
-Henry Campbell M.A, Black's Law Dictionary, 4 , Black,west publishing company
,1968, p1262.
150
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
،أو عالمات متيزها عن غريها .1و يذكر عدد هذه الطرود عادة يف سند الشحن وعلى أساس
هذا العدد يتشكل احلد القانوين األقصى للتعويض عند ثبوت مسؤولية الناقل البحري ،عما
يلحق صاحب البضاعة من ضرر ويرتتب على ذلك أن البضاعة اليت تشحن بدون تغليف ال
أتخذ وصف الطرد.
االجتاه الثاين:
خالفا ملا سبق يرى أنصار هذا االجتاه أبنه ال يشرتط أن يكون التغليف اتما حبيث ال
يسمح مبعرفة طبيعة الشيء الذي يكون بداخله ،فكون احملتوايت غري اتمة التغليف فذلك ال
أثر له على معىن الطرد . 2كما ال يشرتط يف وصف الطرد أن يكون حجمه كبريا أو صغريا ،
فاجلحم ال حيول دون اعتبار شيء ما طردا ويضاف إىل ذلك أنه ال عربة بثمن الشيء زاد أم
قل ،إذ مىت كان الطرد حيمل رقما واحدا فإنه يف حكم احلد األقصى للتعويض يعتربا واحدا
،فالعربة تكون ابلعدد والرتقيم الثابت يف سند الشحن.3
االجتاه الثالث:
يرى أصحاب هذا الرأي أن الطرد هو عبارة عن شيء صغري احلجم نسبيا ميكن نقله
ابليد أو عند االقتضاء بعربة يد ،مما يعين أن اجلهاز الذي يبلغ وزنه مخسة أطنان مثال ال يعترب
طردا .4
غري أن هذا االجتاه القى انتقادا شديدا من طرف الفقيه الفرنسي Rodiéreإذ يرى أنه
ليس هناك ما يربر األخذ ابلنظرية القائلة أبن الطرد جيب أن يكون مغلفا ،كما يرفض من
-1مسيجة القليويب ،املرجع السابق ،ص ، 447حممد علي هبجت عبد هللا قايد ،املرجع السابق ،ص، 113مدحت حافظ إبراهيم ،املرجع
السابق ،ص 37وما يليها ،على مجال الدين عوض ،القانون البحري ،سنة ، 1969املرجع السابق ،ص . 751
-2أمحد حممود حسين ،التعليق على نصوص اتفاقية هامبورغ اخلاصة بنقل البضائع حبرا عام ، 1978منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة
، 1998ص . 74
-3يوسف يعقوب صرخوه ،املرجع السابق ،ص . 198
4
-Besançon ,15 mai 1964 ,bt 1964 ,p347 et, sur pourvoi , comm.3janv 1967 ,160 , note
p.Durand:"de toute évidence quelque chose de faible volume que l'on peut transporter
à la main ,à la rigueur sur une brouette ,un triporteur,etc",cité par R.Rodiére, traité de
droit maritime,tomeII ,op.cit ,p301.
151
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
جهة أخرى الرأي الذي قال أبنه يشرتط يف الطرد أن يكون صغري احلجم ابعتباره غري صاحل يف
جمال النقل الربي ومن ابب أوىل أال يصدق يف النقل البحري .وعلى ذلك يعترب طردا اجلهاز
الضخم الذي بشحن بدون غالف ،فالطرد حسب نظره محولة منفردة ميزهتا عالمات ،عدد
وترقيم اثبت يف سند الشحن بصرف النظر عن وزاها ،أو حجمها وسوآءا أكانت مغلفة أم
بدون تغليف.1
كما يرى الفقيه اإلجنليزي william tetlyأن الطرد هو غالف ،أو صندوق ،أو كرتون
،أو حاوية توضع به البضاعة من أجل نقلها وعليه جيب أن يكون هناك تغليف وإال جرى
حساب التعويض على أساس الوحدة.2
فضال عن ذلك هناك من الفقه من اقتصر يف تعريفه للطرد على الطرد النمطي
دون غريه مبراعاة استعماله وعلى ضوء املواد املصنوع منها حبيث Typical True Package
جيب أال يكون التغليف قد صمم ليستعمل يف أكثر من رحلة واحدة وأن يكون مصنوعا من
اخلشب ،أو الكرتون اجملعد ، corrugated cartonsأو أكياس من القماش ،أو الورق متعدد
الطبقات وغريها .فهذه املواد تتلف عادة عند فتحها وهي منشأة بشكل حيفظ البضاعة أثناء
النقل من اهلالك ،أو السرقة ،كما جيب أن تكون هذه املواد مملوكة لصاحب البضاعة وهلذا
فإن ملكيتها تعترب مكملة مللكية البضاعة احملفوظة داخلها.3
1
-"le colis est un element de cargaison, reconnu par des marques distinctives et porté
sur le titre de transport ……le colis est une chose in dividulisée et rien d'autre, il n'ya
pas à retenir l'idée, susceptible de restreindre notamment la notion, qu'un colis doit
être empaqueté, emballé": ibid .
2
-William Tetlly,Marine cargo claims ,1978,p435
مشار إليه لدى اندية حممد معوض السيد ،مسؤولية متعهد النقل متعدد الوسائط ،رسالة دكتوراه يف احلقوق ،جامعة القاهرة ،سنة
، 1989ص 456وما يليها.
-3مشار ليه لدى عبد القادر حسني العطري ،احلاوايت و أثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ،املرجع السابق ،ص. 286
152
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
من خالل ما تقدم يتبني أن التعاريف الفقهية السابقة قد توسعت يف حماولة إلعطاء
تعريف دقيق للطرد ،إال أن أغلب تلك اآلراء تتفق على أن الطرد جيب أن يكون مغلفا بدرجة
معينة .لكن الصعوبة تكمن يف بيان درجة التغليف أو التغطية حىت ميكن القول أبن البضاعة
تعترب طردا وهلذا السبب جند أن التشريعات البحرية الوطنية يف أحناء العامل ختتلف يف تعبريها عن
الطرد الذي يستعمل كضابط لتقدير احلد األقصى للتعويض كما هو وارد يف النصوص الدولية،
فالقانون الفرنسي مثال يطلق عليه colisواالسكندانيف kolloوهو تعبري ال يناسب بدقة
تعريف الطرد .ألن اللفظ الذي أطلق عليه يف القانونني السابقني يشمل البضاعة اليت تشحن
يف غالف wrapperأو حاوية containerاليت قد ال يوافقها أن تسمى طردا packageمما
يدل على أن معىن كلمة الطرد ليست حمددة يف هذه القوانني.1
ترتيبا على ماتقدم فإن الطرد املتعارف عليه يف جمال النقل البحري هو حزم البضاعة
أو جزء منها أو تغليفها برابط واحد يتناسب مع طبيعتها وحيافظ عليها منذ تقدميها إىل الناقل
إىل غاية وصوهلا إىل يد صاحبها ،دون أن يشرتط يف ذلك الغالف صالبته أو إمكانية
استعماله مرة أخرى ،كما جيب أن تكون هذه احلمولة مغلفة على انفراد بعالمات مميزة تسهل
من معرفتها وتبني كيفية التعامل معها أثناء شحنها ومناولتها.
الفقرة الثانية:
مفهوم الطرد يف القضاء
ابلرجوع إىل أحكام القضاء2يالحظ أاها كانت هي املصدر الذي بىن الفقه العريب
والغريب أفكاره سالفة الذكر يف الفقرة األوىل ،اليت توسعت و انقسمت على اختالف اجتاهاهتا
من أجل إجياد إطار يلم ابملقصود من الطرد .هلذا كان من الضروري أن نشري إىل بعض
األحكام اهلامة اليت فصلت يف اإلشكالية اليت تدور حول معىن الطرد و ما استقر عليه القضاء
هبذا الشأن يف كل من الكويت ،مصر ،املغرب ،فرنسا و إجنلرتا.
-1عبد القادر حسني العطري ،احلاوايت و أثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-2مل يتعرض القضاء اجلزائري إىل مفهوم الطرد سواءا على مستوى عقد النقل الداخلي أو الدويل إىل غاية اليوم.
153
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
-1جلسة 19يناير 1983طعن رقم 1982/99جتاري (غري منشور) ،يف نفس املعىن حمكمة االستئناف العليا جلسة 1982/6/15
رقم 1982/ 555جتاري ( 3غري منشور) وكذلك حكمها الصادر يف 1981 /2/ 4رقم 1980/105جتاري (غري منشور) مشار
إليها لدى يسف يعقوب صرخوه ،املرجع السابق ،ص . 198
-2الطعن رقم 77/31جلسة ، 1978/11/15مشار إليه لدى أمحد حممود حسين ،النقل البحري الدويل للبضائع ،املرجع السابق ،
ص . 274
154
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
من زيت الذرة فإن العربة من واقع سند الشحن تكون بعدد الكراتني الداخلية اليت قدمت
للناقل على هذا األساس" .1
اثنيا :القضاء املغريب
تبىن اإلجتهاد القضائي املغريب وخاصة اجتهاد حمكمة استئناف البيضاء معيارين يف
بيان مفهوم الطرد ،يتمثل املعيار األول يف التغليف ،أي أن يكون الطرد حماطا بدرجة معينة
من التغطية ،أما املعيار الثاين وهو أن حيمل عالمات وأرقام متيزه عن غريه ،ففي قرار صادر
عن هذه احملكمة بتاريخ 1989 /4/4متضمنا احليثية التالية ":حيث أنه يتعني االستجابة
لدفوعات الناقل البحري الرامية إىل تطبيق أحكام الفصل 266ق ت ب ابعتبار أن وثيقة
الشحن تضمنت بياانت عن الرسالة البحرية ،فأشارت إىل أن النقل يهم أربعة أمحال وتعد
ابلتايل أربعة طرود ،ابعتبار أن الطرد هو وحدة البضاعة املشحونة معبأة يف أغلفة واألساس
هو أن حتمل كل وحدة رقمها وعالماهتا املميزة كما هو عليه احلال يف النازلة.2"....
على هذا األساس فإن اجتهاد حمكمة استئناف البيضاء يعترب تغليف البضاعة شرطا
أساسيا لكي أتخذ وصف الطرد ويف هذا الصدد أكد على أن آلة احلصاد ال ميكن أن تشكل
طردا لكون الطرد يفرتض معه أن تكون البضاعة مغلفة حبيث ال يستطيع الناقل من معرفة
طبيعتها وال قيمتها بدون بياانت الشاحن املدرجة يف سند الشحن.3
أما خبصوص اجتهاد اجمللس األعلى املغريب فإنه يسري يف اجتاه خمالف وال يعتد بعنصر
التغليف يف حتديد صفة الطرد ،هذا ما جاء يف قرار 4له بتاريخ ": 1979/10/26حيث أن
-1الطعن رقم 77/19جلسة 1979/3/12والطعن رقم 78/39جلسة 1980/2/13مشار إليهما لدى مشار إليه لدى أمحد
حممود حسين ،النقل البحري الدويل للبضائع ،املرجع السابق ،ص.274
-2قرار استئنافية البيضاء 1989/4/4رقم 747ملف ، 87/ 2295مث القرار الصادر يف 1988/10/19رقم 102ملف
86/1028والقرار الصادر يف 1995/3/5رقم 444ملف 85/467وكل هذه القرارات هي غري منشورة :مشار إليها لدى بنونة
يونس ،املرجع السابق ،ص.98
-3قرار استئنافية البيضاء يف 1989/5/16رقم 1070ملف 87/1097غري منشور :مشار إليه لدى نفس املرجع ،ص.99
-4قرار اجمللس األعلى رقم 326ملف 41958غري منشور ،مث القرار الصادر بتاريخ 1969/1/22رقم 88منشور مبجلة القضاء
والقانون لسنة ، 1970ص : 479مشار اليه لدى بنونة يونس ،املرجع السابق ،ص.99
155
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
عبارة كل طرد الواردة يف الفصل 266ق ت ب أعاله تعترب عامة وشاملة حبيث يدخل حتت
مفهومها كل قطعة من البضاعة املنقولة على ظهر السفينة أاي كان نوعها وصفتها وحاهلا ،
بصرف النظر عن كواها مغلفة أو غري ذلك وهل كان من املمكن االطالع على ما بداخلها
من اخلارج أم ال ،فاعتبار حمكمة االستئناف تبعا ملا قضت به احملكمة االبتدائية من أن السيارة
العارية املنقولة على ظهر السفينة ال تعد طردا .وابلتايل تدخل حتت مفهوم مقتضيات الفصل
266ق ت ب يعد من طرفها خرقا ملقتضيات الفصل املذكور ويعرض قرارها للنقض."....
بناءا على ذلك فإن اجمللس األعلى ال يعتد بعنصر التغليف يف حتديد صفة الطرد و
بذلك يعد خمالفا للمفهوم اللغوي والفقهي للطرد نفسه ابعتباره رزمة تعد مسبقا بقصد النقل ،
ذلك أن املشرع املغريب حينما قرر أبن يكون مقدار احلد األقصى ملسؤولية الناقل البحري مببلغ
1000درهم للطرد افرتض معه عدم معرفة الناقل البحري لطبيعة البضاعة احململة يف الطرد
وكذا قيمتها ،ألنه عادة ما يكون الطرد مغلفا خيفي هوية البضاعة عن الناقل.1
اثلثا :القضاء املصري
استقر القضاء يف مصر على أن للطرد معىن واحد هو البضاعة احملاطة احاطة كاملة
بقفص أو صندوق أو ما شاهبها من أنواع التغليف ،حبيث ختفي هذه اإلحاطة هوية البضاعة
عن الناقل تعترب طردا .وقد انتهت حمكمة اإلسكندرية االبتدائية يف حكمها الصادر بتاريخ
21فرباير 1954إىل أن السيارة املشحونة بدون تغليف ال تعترب طردا وال وحدة يف معىن
املادة 5/4من اتفاقية بروكسل لسنة 1924استنادا إىل أن الطرد جيب أن يكون مغلفا.
كذلك يف حكم حديث حملكمة النقض املصرية حيث ذهبت إىل قول إىل أن كلمة طرد
الواردة ابلنصني الفرنسي واالجنليزي ملعاهدة بروكسل لسندات الشحن package أو colis
تعين أن البضاعة قد شحنت بعد حزمها واحدة أو أكثر ،سوآءا مت تغليفها بورق أو قماش أو
،أو يف أجولة أو أكتفي بتحزميها أبربطة أو coffre ما شاهبه ،أو بوضعها يف صندوق مثال
156
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
شنابر Grosquetأو Bundleحبيث تكون كل حزمة منها معينة بذاهتا و أن يذكر عدد هذه
الطرود يف سند الشحن .وعلى أساس ذلك يتضح احلد األقصى للمسؤولية للناقل عن هالك
البضاعة أو تلفها أثناء الرحلة البحرية.1
رابعا :القضاء الفرنسي
لقد تضاربت أحكام االجتهاد القضائي الفرنسي خبصوص اعتبار الشاحنة مبثابة طرد
واحد ،فذهبت بعض 2قرارته إىل اعتبار الشاحنة املنقولة جمرد طرد واحد ومنح ابلتايل للناقل
البحري حق االستفادة من احلد األقصى للتعويض .يف حني ذهب يف قرارات أخرى3عكس
ذلك ومل يعترب السيارة املنقولة عارية يف عداد الطرود النعدام عنصر التغليف وعليه يلزم الناقل
البحري ابلتعويض الكامل .لكن القضاء الفرنسي مل يعد يعمل هبذه املفاهيم وذهب إىل أبعد
من ذلك يف حتديد صفة الطرد فاعتد بنية طريف عقد النقل البحري من خالل سند الشحن
إلضفاء صفة الطرد على البضاعة ،حبيث إذا اجتهت هذه النية إىل اعتبار البضاعة احملمولة طردا
فإن العربة ستكون هبذا التوجه.4
خامسا :القضاء اإلجنليزي
مل يبتعد القضاء اإلجنليزي عن ما تبناه القضاء الفرنسي فقد كان يف البداية أيخذ مبعيار
التغليف لكن ما لبث أن تراجع عنه واعتنق معيار نية املتعاقدين .وقد خلص "اللورد ديبلوك"
":لقد استقر قضاء احملاكم اإلجنليزية وقضاء هذا the white rose هذا االجتاه يف قضية
اجمللس على أن مفهوم املادة 5/4من اتفاقية بروكسل امللحقة بقانون نقل البضائع عن طريق
البحر لسنة 1971هو البضاعة املغلفة ،أو املغطاة اليت ختفى عن عني الناقل وحتمل عالمات
-1الطعن رقم 1929سنة 53ق جلسة 1988/12/26مشار إليه لدى عديل أمري خالد ،املرجع السابق ،ص . 203
-2قرار احملكمة التجارية لباريس الصادر بتاريخ ، 1974 DMF،1973/3/14ص ، 161قرار آخر صادر عن نفس احملكمة بتاريخ
، 1974/11/15ص 352مشار إليهما لدى بنونة يونس ،املرجع السابق ،ص . 101
:مشار إليه لدى املرجع السابق،ص.102
-3قرار احملكمة التجارية لوهافر الصادر بتاريخ ، 1971 DMF 1970/9/8ص 193
-4قرار حمكمة النقض الفرنسية الصادر يف ، 1965 DMF 1964/10/12ص ، 18قرار حمكمة روان ROUENبتاريخ
مشار إليه يف املرجع السابق ،املوضع نفسه. ، 1977 DMF 1976/10/22ص : 234
157
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
مميزة ويدون عددها وعالماهتا يف سند الشحن .فإذا كان الشاحن يف قضية احلال قد وضع
10طرود يف صندوق خشيب ومل يذكر يف سند الشحن عدد الطرود الصغرية وامنا اكتفى بذكر
الصندوق الكبري فقط فإن هذا الصندوق كله يعترب طردا واحدا ألن نية املتعاقدين قصدت
اعتبار هذا الصندوق هو الطرد يف شأن حساب احلد األقصى للتعويض الذي يدفعه الناقل".1
يتبني مما تقدم ذكره أن سبب اختالف الفقه والقضاء حول مفهوم الطرد يعود إىل
غياب التعريفات التشريعية ملعناه فبالرغم من التعديالت اليت تعاقبت على اتفاقية بروكسل إال
أن واضعي االتفاقية مل يهتموا بتقدمي تعريف يقضي على اإلشكاالت اليت دارت حول املعىن
القانوين للطرد وهو ما يؤدي إىل اختالف يف تقدير التعويض وفق ضابط الطرد مما قد ينجم
عنه اخنفاض مبلغ التعويض وابلتايل عدم وجود أية محاية دولية للشاحنني يف النقل البحري.
الفرع الثاين:
حكم البضائع املشحونة داخل حاوية
إن النقل ابحلاوايت ليس ابتكارا جديدا ،فقد نشأ يف النقل ابلسكك احلديدية
سنة، 1846حيث استخدم على شبكة السكك احلديدية الربيطانية يف العشرينيات ،يف هذه
الفرتة كان الشاي ينقل يف صناديق معدنية عرب هذه الواسطة ويف الطرق الربية أيضا .وال يزال
ينقل بتلك الطريقة إىل حد اآلن ،كما أسس يف فرنسا عام 1933ما يعرف ابسم املكتب
الدويل للحاوايت BICمن طرف الغرفة التجارية لتنظيم عمليات النقل ابحلاوايت بني الدول
األوروبية.2
1
-LLelesing fors steamship co .LTN Rederiak tiebolget Rex ,(1999)2LI.R,p52:
مشار إليه لدى ملزي عبد الرمحن ،املرجع السابق ،ص 251وما يليها.
-2قماز إلدايز ليلى ،املرجع السابق ،ص . 142
158
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
غري أن بداية استخدام احلاوايت 1يف النقل البحري مل تكن إال يف سنة 1925ولكن
بصورة حمدودة جدا و تزايد استخدامها سنة ، 1950لكنه اقتصر على النقل من رصيف
الشحن إىل رصيف ميناء الوصول أي على مرحلة النقل البحري فقط .أما يف الوقت احلايل
فقد انتشرت السفن املبنية خصيصا للنقل ابحلاوايت اليت تتكامل فيها مزااي احلاوايت مع
التكنولوجيا احلديثة املوجودة يف هذا النوع من السفن وخاصة من حيث عمليات الشحن
والتفريغ .2
كما بلغ النقل ابحلاوايت أمهية ابلغة لدرجة أن هيئة األمم املتحدة ابلتعاون مع املنظمة
نظمت مؤمترا دوليا عقد يف جنيف سنة 1972 IMCO االستشارية البحرية للحكومات
للنظر يف ابرام اتفاقيات دولية تنظم املسائل املتعلقة ابلنقل عن طريق احلاوايت أطلق عليه
وقد شارك يف هذا املؤمتر Conférence on international container UN/IMCO
مندوبون عن 120دولة وهيئة ،فتم التوقيع على املعاهدة الدولية للنقل اآلمن ابحلاوايت
النموذجية واملعاهدة الدولية للجمارك اخلاصة ابحلاوايت النموذجية.
نظرا للضرورة اليت يفرضها ارتباط الطرد ابحلاوية ومدى أتثري ذلك على تقدير التعويض
كان البد من التطرق للتعريف املادي للحاوية وتكييفها القانوين (أوال) ،مث أييت بعد ذلك
تفسري العالقة اليت تربط احلاوية ابلطرود املشحونة داخلها وأثرها على التعويض(اثنيا).
-1عرف استعمال احلاوايت تطورا فيب اجلزائر ابتداءا من سنة ، 1995فقد وصل النقل ابحلاوايت سنة 2001إىل %23وبلغت كمية
البضائع املنقولة ابحلاوايت إىل 2مليون طن يف هذه السنة ،كما تلقى ميناء اجلزائر %70من احلاوايت املستوردة %75،منها موجهة
إىل العاصمة وحوايل %10موجهة إىل مناطق أخرى تبعد عن العاصمة مبسافة ترتاوح ما بني 50و 250كلم :
-Définition et évaluation d'un réseau stratéguique d'infrastructures de transport en
méditerranée occidentel (Destin)-Annexe "A" Algérie,octobre 2003,p92.
-سوزان علي حسن ،عقد نقل البضائع ابحلاوايت ،املرجع السابق ،ص 12وما يليها.
2
159
نظام احلد األقصى للتعويض : الباب األول
:الفقرة األوىل
التعريف املادي للحاوية
تعرف احلاوية على أاها عبارة عن صندوق قوي ذو أبعاد حمددة عامليا من قبل هيئة
أو األملنيوم املقوى ابلصلب لتخفيف وزن احلاوية الفارغة،املقاييس الدولية مصنوع من الصلب
كما أاها تصنع أيضا من األلياف الكيماوية املعاجلة جلعلها تتحمل الصدمات وتقاوم كثرة،
و قد حاول بعض الشراح تبسيط تعريف احلاوية إىل درجة اعتبارها وعاء يصلح.1استعماهلا
قد انتقد من3لكن هذا التعريف والوارد أيضا يف القواميس الفرنسية،2ألن نضع أشياء بداخله
الذي اعتربه فضفاضا فلو أخذان به العتربت العلبة الصغرية Rodiére طرف الفقيه الفرنسي
مث يضيف قائال أنه لو اعتربان هذا جمرد هزل.اليت توضع بداخلها عيدان الكربيت حاوية
حقيبة السفر وحقيبة اليد مما يدخل، وأردان أن نكون أكثر جدية فسيصبح صندوق النقل
.4ضمن تعريفهم للحاوية
. 199 ص، 2002 سنة، اإلسكندرية، دار الفكر اجلامعي، النظام القانوين للنقل لبحري واحلاوايت، حممد غريب عبد العزيز-1
2
-EX.A.Tinayre:" un machine pour mettre des trucs dedans".Winnie:"A useful thing to
put thing in ":des definitions cite par henri shadee-le contenenue juridique du
conteneur-DMF 1967,p602 et s
. 11 ص، 1975 ، مصر، الطبعة "األوىل، نظام النقل أبوعية الشحن "احلاوايت،مشار إليه لدى إبراهيم مكي
3
-le conteneur est un récipient de capacité et de formes diverses utilisé pour la
manutention, le stockage ou le transport de matières en Vrac ou de lots d'objet donc il
permet de simplifier l'emballage ''le grand dictionnaire encyclopédique : Larousse
T.4" ,Voir de "caisse métallique"le petit Robert ", ou de grand contenant pour le
transport des marchandises "Grand Robert", Dictionnaire historique de la langue
francaise.
-R.Rodiére,un faux probléme celui des containers:DMF 1968,p709:"….javais dit qu'
4
une boite d'allumettes répondait au critéres dégagé par la difinition proposé ,plus
sérieusement ,il faisait remarquer que les définitions de dictionnaire con viendraient
tout aussi bien (ou tout aussi mal) à une malle ,une cantine ou une valise".cité par
PauletteVeaux –Fournerie,daniel Veaux,transport par conteneur,Juris-classeur
.transport ,cote 05,2003,p09.
160
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ابلرجوع إىل االتفاقيات الدولية فقد عرفتها اتفاقية سالمة احلاوايت لسنة ،11972حيث جاء
يف املادة الثانية منها أن احلاوية وحدة من معدات نقل البضائع صاحلة لالستخدام املتكرر ذات
متانة تكفي للمناولة يف املوانئ وعلى السفن ،مصممة خصيصا لنقل البضائع بوسيلة أو أكثر
من وسائل النقل .ودون عملية إعادة حتميل وسيطة ولكي جيري رصها أو مناولتها بسرعة
،حبيث تكون مزودة بتجهيزات ركنية هلذه األغراض وذات حجم تكون فيه املساحة احملصورة
ابألركان السفلية اخلارجية األربعة إما 14مرت مربع على األقل " 150قدما مربعا"أو 7أمتار
مربعة على األقل " 75قدما مربعا" إذا كانت مزودة بتجهيزات ركنية عليا .و خيرج من تعريف
احلاوية العرابت أو املركبات غري أنه يضم احلاوية احملمولة على هياكل.
عرفتها اتفاقية إسطنبول لسنة 21990كما يلي ":يقصد بعبارة "حاوية" أحد أنواع
معدات النقل " سيارة رفع ،صهريج متحرك ،أو هيكل مماثل آخر" حبيث جيب أن يكون:
أ-مقفال كليا أو جزئيا ليشكل مقصورة معدة الحتواء البضائع.
ب-ذا صفة ومتينا بشكل كاف ليكون صاحلا لالستعمال املتكرر.
ج-معدا خصيصا لتسهيل نقل البضائع بواحدة أو أكثر من وسائط النقل ،دون احلاجة
لعملية حتميل وسيطة.
د-معدا للمناولة السريعة وعلى اخلصوص عند نقله من وسيلة نقل إىل أخرى.
ه-معدا لتعبئته وتفريغه بسهولة.
و-أن يكون حجمه من الداخل مرتا مكعبا ،أو أكثر وتتضمن احلاوية اللوازم والتجهيزات اليت
تناسب مع نوعها شريطة أن تكون تلك اللوازم والتجهيزات حممولة على احلاوية .وال يتضمن
-1أبرمت االتفاقية الدولية لسالمة احلاوايت cscيف 2ديسمرب 1972ودخلت حيز النفاذ يف ، 1975/12/ 6صادقت عليها اجلزائر
مبوجب املرسوم رقم 01/78املؤرخ يف ، 1978/01/21ج ر عدد 4ل.1978/01/24
-2أبرمت اتفاقية إسطنبول لسنة 1990املتعلقة ابإلدخال املوقت املربمة بتاريخ ، 1990/06/26صادقت عليها اجلزائر مبقتضى املرسوم
الرائسي 03/98املؤرخ يف ، 1998/1/12ج ر رقم 2ل ، 1998/01/17ص . 42
161
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
اصطالح "احلاوية"السيارات ولوازمها ،أو قطع غيارها أو مواد الطلبات وتعترب اهلياكل القابلة
للتفكيك حاوايت. 1
أما اتفاقية روتردام لسنة 2008فقد عرفت احلاوية يف الفقرة 26من املادة األوىل
أباها ":تعين أي نوع من احلاوايت أو الصهاريج ،أو املسطحات القابلة للنقل ،أو من
احلاوايت البدالة ،أو أي وحدة تعبئة مشاهبة تستخدم يف جتميع البضائع وأي ملحقة بوحدة
التعبئة تلك".
من خالل ما تقدم من تعريفات دولية يالحظ أن اتفاقييت سالمة احلاوايت لسنة
1972وإسطنبول لسنة 1990قد اتفقتا على أن احلاوية تعترب أداة نقل متينة تصلح
لالستعمال املتكرر ،حبيث تفي بغرض املناولة والتفريغ السريع يف املوانئ والسفن حبيث حتافظ
على البضائع اليت بداخلها يف عملية نقل واحدة ،أو أكثر و هي ذات تصميم خاص لنقل
البضائع دون حاجة إىل إعادة شحنها والبضائع مرصوصة بداخلها.
الفقرة الثانية:
التكييف القانوين للحاوات
اختلفت التطبيقات القضائية بشأن الطبيعة القانونية للحاوية فانقسمت إىل اجتاهني
:األول يعترب احلاوية وسيلة نقل واالجتاه الثاين ينظر إليها على أاها وسيلة تغلفة .وبناءا عليه
حيرم الناقل يف الفرض األول من االستفادة من احلد األقصى للتعويض ويلزم بدفع التعويض
كامال عن الضرر احلاصل ،2إال يف حالة الضرر الواقع على البضائع نفسها .بينما يسمح له
يف الفرض الثاين من أن يستفيد من التعويض احملدود ، 3على اعتبار احلاوية وسيلة للتغلفة
وابلتايل تعترب يف مقام البضائع.
-1امللحق ب ، 3الفصل األول حتت عنوان تعاريف يف املادة األوىل ،الفقرة ج من اتفاقية إسطنبول لسنة .1990
2
-Aix-en-provence 18Dec1981,DMF 1981 ,P559,NOTE R.A :
مشار إليه لدى سوزان على حسن ،املرجع السابق ،ص . 20
3
-Trib.com.Bordeau 18 Aout 1981 ,BT .1982,P125 ; -Trib.com .marseille 15 Oct 1991
.BT.1992,p120: مشار إليه يف نفس املرجع ،ص21
162
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ال ميكن اعتبار احلاوية وسيلة نقل مستقلة ألاها يف حد ذاهتا حتتاج إىل وسيلة لنقلها
cour عرب خمتلف الوسائط الربية ،البحرية واجلوية .هذا ما قضت به حمكمة اجملموعة األوروبية
مبناسبة تقدير املصاريف املتعلقة بنقل de justice des communnautés européennes
بضائع مت شراؤها من "هونج كونج" ومت نقلها بطريق البحر إىل هامبورغ أبملانيا مث تواصلت
الرحلة عن طريق البحر إىل "فرانك فورت" .ويف سبيل حساب مصاريف النقل كان على
احملكمة أن تتبع أحد االجتاهني السابقني ،فكان جواهبا أبن احلاوية ليست وسيلة نقل مستندة
يف ذلك إىل املادة 15فقرة 2من قواعد اجملموعة األوروبية الصادرة بتاريخ 28ماي 1980
املتعلقة بقيمة البضائع يف اجلمارك.1
إذن فاحلاوية تعترب وسيلة للتغلفة وهذا ما أكد عليه أيضا القضاء الفرنسي من خالل
بتاريخ Aix en provence عدة أحكام،نذكر منها احلكم الصادر عن حمكمة
، 1979/11/19اليت اعتربت احلاوايت طريقة بسيطة للتغليف مثلها مثل أي حقيبة
ألغراض املسافرين.2
يضاف إىل ذلك القرار الصادر عن حمكمة النقض الفرنسية يف 25نوفمرب 2008
واليت قضت فيه أبن قضية وضع البضاعة يف احلاوية حتضريا لنقلها عن طريق البحر يرجع احلكم
فيها إىل القواعد القانونية اخلاصة بتغليف البضائع و املقررة لتنظيم عقد املقاولة يف القانون
املدين .وال ختضع إىل أحكام الشحن والتفريغ وهو ما يثري مسؤولية الشاحن عن األضرار اليت
1
-CJCE;6Juin 1990,BTL,1991,P76:
مشار إليه لدى قماز إلدايز ليلى ،املرجع السابق ،ص.148
2
-CA.Aix en provence,2ch,19 Déc 1979-Navire Zim Ibéria-DMF 1980,p731 .
163
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يسببها رص البضاعة بشكل غري مناسب داخل احلاوية مثلما هو عليه احلال عندما يسأل عن
الضرر الذي ينجم عن سوء تغليف البضاعة.1
و يف قرار آخر صادر عن نفس احملكمة يف 10مارس ، 2009حيث طبقت فيه هذه
األخرية فكرة سوء التغليف على حالة تبديل احلاوايت ونقل البضاعة من حاوية إىل أخرى ومل
تقبل هذه احملكمة فكرة تشبيه تبديل احلاوايت بتفريغ البضاعة .وإمنا نظرت إليه من زاوية أنه
يتعلق بتغليف البضاعة واختيار وعاء مالئم هلا والذي يعترب من بني االلتزامات اليت تقع على
الشاحن.2
خالصة القول أن احلاوية ماهي إال طريقة تغلفة من نوع جديد،3فهي ختتلف عن كل
طرق التغلفة اآلخرى حبجمها الكبري وإبمكانية استخدامها أكثر من مرة و مبا أاها أداة مستقلة
عن السفينة وعن أية وسيلة أخرى .و هذا ما يتأكد من خالل جتربة التأمني ،حيث تعامل
شركات التأمني احلاوية معاملة البضائع وتستخرج هلا وثيقة أتمني مستقلة تسمى بوليصة أتمني
احلاوايت .لذلك جيب أن تتم عملية النقل احلاوايت فارغة بعقد نقل حبيث يسمح للناقل يف
حالة الضرر االستفادة من احلد األقصى للتعويض الذي يطبق يف حالة الضرر الواقع على
البضائع.4
اجلدير ابإلشارة إىل أن ما سبق ينطبق فقط يف حالة ما إذا كان الشاحن هو الذي قدم
احلاوية للناقل وليس يف حالة ما كانت احلاوية مقدمة من الناقل .ألنه يف احلالة األخرية يتم
استخدام احلاوية مبوجب عقد اجيار حاوايت و الذي خيضع لقواعد قانونية خمتلفة عن القواعد
اليت حتكم عقد النقل.5
1
-Cass.com-25 Nov 2008-Navire Husky Runner,obs Yves Tassel,DMF :2- 2009,N°
700.
2
-Ca .com,10 mars 2009,Navire Mv Panter, obs Ph.Delebecque ,DMF:4-2009,N°702.
-3ويضيف الفقيه R .Gouilloudأن املفهوم املركب للحاوية جيعلها وسيلة تغلفة وبضاعة يف نفس الوقت:
Martine Remond .Gouilloud, Droit maritime,Edtion pedone, Paris 1993,n°574.
-4سوزان على حسن ،عقد النقل ابحلاوايت ،املرجع السابق ،ص . 22
5
-Aix en provence 19 Fév 1987 ,DMF 1988,p756, paris 17 Nov 1994 DMF
1996,p282.
164
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة الثالثة:
عالقة الطرد ابحلاوية وأثرها على التعويض
إن مسألة التعويض يف النقل ابحلاوايت وخاصة عند تضرر احلاوية والبضائع بداخلها
تثري االشكال التايل :إذا كانت احلاوية بال شك فارغة تعترب من قبيل الطرود فما هو احلكم إذا
مت شحن جمموعة من الطرود داخل حاوية أو مستوعبة ،هل ينظر إىل احلاوية على أاها جمرد
طرد يضاف إىل جمموع الطرود اليت حتتويها أم أاها تعد مبا فيها طردا واحدا فقط ؟
الثابت من اتفاقية بروكسل لسنة 1924أاها مل تعاجل كيفية حساب احلد األقصى
للتعويض عندما تشحن البضاعة داخل احلاوية وذلك راجع ألن النقل ابحلاوايت مل يكن
معروفا وقت انعقاد هذه االتفاقية ،فكان ال بد من أن أتيت اإلجابة على هذا اإلشكال عن
طريق بروتوكول تعديلها لسنة ، 1968حيث نصت الفقرة ج من املادة 5/4املعدلة منه
واليت مسيت بشرط احلاوية 1على ما يلي :
....ج-يف حالة استخدام حاوية أو لوح شحن أو أية أداة مشاهبة يف جتميع البضاعة فإن كل
طرد ،أو وحدة مثبت يف سند الشحن أنه متضمن داخل هذه األداة يعترب طردا ،أو وحدة يف
املعىن املقصود هبذه الفقرة .و يف غري احلالة املنصوص عليها أعاله فإن أداة النقل تلك تعترب
كطرد أو وحدة".
يعترب الفقه الفرنسي 2هذه الفقرة مبثابة حكم عادل يف مسألة تقدير احلد األقصى
للتعويض اخلاص مبسؤولية الناقل يف حالة نقل احلاوايت ،ألن الناقلني ال يعرفون حمتوايت هذه
احلاوايت إال من خالل حالتها الظاهرة أو ابالستناد إىل ما يقدمه الشاحن من تصريح .
لذلك ليس من العدل إلزامهم بتعويض يتحدد على أساس جمموع ما بداخل احلاوية من طرود
،أو الوحدات يف حالة مل يقم الشاحن إبعالمهم بذلك .أما إذا كان هذا األخري قد بني للناقل
عدد الوحدات أو الطرود املوجودة داخل احلاوية وأرقامها وقام إبثبات ذلك يف سند الشحن
165
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
فإن الناقل عندها يصبح مسؤوال عن كل طرد قد مت شحنه داخل احلاوية يف احلدود املقررة
قانوان.
يالحظ أن ما أخذت به القاعدة ج السابقة يتطابق مع ما توصلت إليه احملاكم يف تبين
معيار قصد املتعاقدين ،فالقصد العام من هذه القاعدة هو قصد مزدوج يتمثل يف:
-1أنه أعطى لطريف عقد النقل اخليار ملعاملة احلاوية أو الطرود ،اليت عبئت بداخلها على أاها
طرد أو الوحدة املقصودة يف حساب احلد األقصى للتعويض.
-2بني كيفية ممارسة هذا اخليار فإنه على الشخص أن ينظر إىل وجه سند الشحن لرؤية العدد
الوارد فيه.1
أتسيسا على ما تقدم فإنه يوجد يف هذا الشأن ثالث احتماالت:2
أ-إما أن ال يذكر يف سند الشحن تعداد حملتوايت احلاوية مثل:حاوية يقال أباها حتتوي على
ماكينات ففي مثل هذه احلالة تعترب احلاوية أداة نقل ويف نفس الوقت تعترب طردا أو وحدة
وابلتايل يكون احلد األقصى للتعويض على أساس عشرة آالف فرنك ذهيب أو ثالثني فرنكا
للكيلوغرام من البضاعة التالفة أو اهلالكة أي املبلغني أعلى وجب على القاضي احلكم به.
ب-وإما أن يتم تعداد مفردات محولة احلاوية يف سند الشحن بشكل شامل مثل :حاوية
واحدة حتتوي على 500صندوق من املاكينات ففي هذه احلالة يتم تقدير احلد األقصى
-1لقد أوضح رئيس جلنة الصياغة املسؤولة عن شرط احلاوية يف 22فيفري 1968وأمام مؤمتر عام للمفوضني األثر املقصود للشرط بقوله
":إن األمر مرتوك للشاحن والناقل ليقررا فيما إذا كاان يريدان معاملة احلاوية على أاها طرد لتحديد املسؤولية ومن مث تدفع أجرة مرتفعة
للشحن يف هذه احلالة ،فاملهم أن سند الشحن يف أي يد يقع ،يف يد املرسل إليه ،يف يد املصرف املمول للصفقة أو يف يد املؤمن يكشف
من جمرد النظر إىل وجه السند ما إذا كانت الطرود ألغراض حتديد املسؤولية هي احلاوية أم الطرود املنفردة داخلها وعلينا أن نرتك األمر
مفتوحا لصناعة النقل ليقرر فيها الشاحن وصاحب السفينة عل أسس جتارية ما إذا كاان يرغبان يف احلصول على أجور على أساس كل
حاوية وعندها تعامل احلاوية كطرد أو على أساس أجور الشحن العادية وعندها تعامل الطرود العادية داخل احلاوية كطرود منفصلة وكل ما
علينا أن نفعله هو النظر إىل العدد املدرج يف سند الشحن لنعرف املقصود بتحديد املسؤولية حىت يف وجود عبارة :حاوية يقال أاها حتتوي
على 20ماكينة ،فالعربة ابلرقم الذي تقع عليه العني ،فلو قيل حاوية حتوي ماكينات ،فهي طرد واحد من أجل حدود املسؤولية:
Anthony Diamon ,The Hague –Visby Rules ,Lioyd's maritime and commercial law
quarterrly ,may 1978,p242:
مشار إليه لدى عبد القادر حسن العطري ،احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ،ص . 311
-2املرجع السابق ،ص .312
166
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
للتعويض على أساس كل صندوق من الصناديق اخلمس مئة هو طرد أو وحدة .وتقدر هذه
املسؤولية ابلداللة النقدية مببلغ 10000فرنك ذهيب حسب ما جاء يف بروتوكول 1968
املعدل ملعاهدة بروكسل ل. 1924
ج-وإما أن يذكر يف سند الشحن تعداد جزئي حملتوايت احلاوية ومثال ذلك :حاوية حتتوي
على 10صناديق من املاكينات وسلع عامة ويف مثل هذه احلالة حساب احلد األقصى
للتعويض وفق كل صندوق من الصناديق العشرة الباقية طبقا ملا سبق ذكره يف البند األول.
بصياغة آخرى فإن العبارات الواردة يف سند الشحن املقدم من طرف الناقل تعترب
حامسة فإذا أشار هذا السند إىل احلاوية يقال على "أاها حتتوي سلع عامة" فإن احلاوية مبا فيها
تعترب طردا أو وحدة ولكنها إذا عددت أي محولة عبئت يف حاوية بشكل منفرد فإن كال من
تلك احلمولة تعتربا طردا منفصال أو وحدة .فإذا ذكر يف سند الشحن بشكل خاص محولة
احلاوية دون احملتوايت األخرى فإن األدوات املذكورة بشكل منفصل تعترب طرودا منفصلة من
أجل تقدير احلد األقصى للتعويض وختضع ابقي حمتوايت احلاوية هلذا احلد على أساس الوزن.1
إن أول قرار هام صدر عن احملاكم األمريكية خبصوص احلاوايت وتقدير احلد األعلى
للمسؤولية عن الطرد ،كان قرارا صادرا عن حمكمة االستئناف للوالايت املتحدة )الدائرة
الثانية( و تتلخص وقائع القضية 2يف أن املدعي " " Leather'sBestاشرتى أحد عشر طنا
من اجللود من مصدر يف أملانيا سنة 1967وقام الناقل إبرسال حاوية من فئة 40قدما طوال
إىل البائع بناءا على طلبه بواسطة سائق شاحنة اتبع لذلك الناقل .فأخذ مستخدمي البائع
بتعبئة احلاوية 99ابلة من اجللود وأغلقوها وختموها وذلك حتت اشراف سائق الشاحنة الذي
استلم احلاوية بعد ذلك وسلم مستخدمي البائع ايصاال ابستالمها وقام بتسليمها لشركة النقل
البحري لشحنها على السفينة " "Mormachynxيف ميناء "أنتويرب" ببلجيكا .مث قام ممثل
-1عبد القادر حسن العطري ،احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
2
-Leather's.best IMC.V.SS.Mormachynx:a.m.c 1971,p2382 and2383:
اندية حممد معوض السيد ،املرجع السابق ،ص .463
167
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الشركة يف روتردام هبولندا إبصدار سند شحن يعرف البضاعة حتت بند :عدد ونوع الطرود
99ابلة من اجللد وكان سند حتوي""said contain ،أوصاف البضاعة-حاوية يقال أاها
الشحن حيتوي يف زوايته اليسرى على عبارة واضحة تفيد أبن الشاحن يوافق على حدود
مسؤولية الناقل مبقدار 500دوالر عن مجيع حمتوايت احلاوية إال إذا أعلن هذا الشاحن عن
قيمة أعلى للبضاعة املنقولة ودفع عن ذلك أجرا إضافيا حسب تعريفة األجور املقررة يف مؤمتر
القارة ومشال األطلسي.
عندما وصلت السفينة إىل ميناء "بروكلني" يف الوالايت املتحدة األمريكية ،كانت
احلاوية وأختامها سليمة ومت انزاهلا يف فناء امليناء التابع للشركة الناقلة" " Moormacوبعد يومني
من انزاهلا وجدت مسروقة خارج امليناء وفارغة من حمتوايهتا.
و بعرض النزاع على حمكمة االستئناف للوالايت املتحدة األمريكية )الدائرة الثانية(
أقرت هذه احملكمة1ابعتبار أن كل ابلة من ابالت اجللود هي طرد لغرض احلد األقصى
للتعويض ملسؤولية الناقل و هبذا أبطلت ما ورد يف سند الشحن من حدود املسؤولية على
اعتبار أن احلاوية هي الطرد وقررت تعويض الشاحن على هذا األساس .وعللت رأيها أبن
غرض املادة 5/4من قانون نقل البضائع حبرا لسنة 1936يف الوالايت املتحدة واليت تقابلها
املادة 5/4من اتفاقية بروكسل كان هو وضع رقم معقول ال يسمح للناقل بتحديد رقم أقل
منه وعلى ذلك فإن كلمة طرد تتعلق ابلوحدة اليت يعبئ فيها الشاحن بضاعته أكثر مما تتعلق
ابجلسم املعدين الكبري )احلاوية(.
بشكل مماثل كانت حمكمة استئناف ابريس تراعي هذه املقتضيات و هذا ما يظهر
من قرارها الصادر بتاريخ 1988/11/14يف قضية السفينة ، 2 " Marie Delmasحيث
قضت أبن العربة بعدد الطرود املدرجة يف سند الشحن واملوجودة داخل احلاوية و اليت على
1
-Revue Americain maritime cases (A.M.C)1970 ,p 1316:
مشار إليه اندية حممد معوض السيد ،املرجع السابق ،ص . 464
2
- CA. paris,14 Nov1988,obs p Bonassaises, DMF 1990,p150.
168
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أساسها يتم حساب التعويض ،أما التصريح يف وثيقة الشحن على وجود حاويتني دون حتديد
عدد الطرود هبما فاحلاوية هنا تعترب يف جمموعها طردا واحدا بغض النظر عن ابقي الطرود اليت
حتتويها.
كما قد تدخل احلاوية يف حد ذاهتا يف حساب التعويض إذا كان سند الشحن خاليا من
بيان قيمة البضاعة ابعتبارها تشكل طردا واحدا يضاف إىل جمموع الطرود اليت حتتويها ،فإذا
كانت احلاوية أو مستوعبة مملوكة للشاحن ومن مت إذا تضمنت احلاوية 20طردا مثال و ذكر
هذا العدد يف سند الشحن فإنه ينبغي أن يقدر التعويض وفقا لنظام احلد األقصى عن فقدان
أو هالك هذه احلاوية مبا فيها على أساس 21طرد .1و ابلتايل يكون للشاحن أو املرسل إليه
احلق يف مبلغ 210000فرنك ذهيب ،ألن احلد األقصى للتعويض 10000فرنك حسب
بروتوكول 1968واملادة 805ق ب ج.
و هو نفس احلكم الذي أخذت به معاهدة هامبورغ وابستقراء املادة 22/6يتضح أن
هذه املعاهدة قد اقتبست هذه القاعدة من بروتوكول 1968املعدل التفاقية بروكسل
لسنة 1924وما استقر عليه الفقه والقضاء السالفني الذكر ،غري أن معاهدة هامبورغ قد
أضافت حكما مهما قد غفل عنه بروتوكول بروكسل لسنة 1968يتمثل يف حالة ما كانت
احلاوية مقدمة من الشاحن وأصاهبا هالك أو تلف ،فإن جسم احلاوية يعترب وحدة شحن
مستقلة عن البضاعة اليت توجد بداخلها عند حساب احلد األعلى للتعويض.
ال شك يف أن الباعث من وراء اعتبار احلاوية الفارغة وحدة شحن تضاف إىل جمموع
البضائع التالفة ،أو اهلالكة يف هذا النوع من النقل يرجع إىل أن احلاوية يف حد ذاهتا تعترب مال
169
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ذو قيمة و قد تزيد قيمتها عن قيمة البضائع ،اليت حتتويها يف بعض احلاالت وعليه فمن العدل
أن يستحق الشاحن تعويضا عن هالكها أو تلفها.1
عند الرجوع إىل قواعد روتردام وعلى غرار ما هو حاصل يف اتفاقية هامبورغ بشأن النقل
ابحلاوايت فقد تضمنت هي األخرى أحكاما مشاهبة وطبقا للفقرة 2من املادة 59من هذه
االتفاقية عندما تكون البضائع املنقولة يف حاوية ،أو أداة مشاهبة فإن عدد الطرود أو وحدات
الشحن حتسب على أساس عدد الطرود أو وحدات الشحن املذكورة يف تفاصيل العقد .وإن مل
يذكر ذلك تعترب البضائع كلها املعبأة يف احلاوية أو األداة املشاهبة طردا واحدا ،أو وحدة شحن
واحدة ،على أن تعترب احلاوية أو األداة املماثلة حبد ذاهتا نوع من أنواع البضائع عندما ال تكون
مقدمة من الناقل أو ممن يقوم مقامه .و ذلك مبقتضى البند 24من املادة األوىل، 2مما يعين أن
احلاوية أو األداة املشاهبة اليت ال يقدمها الناقل وال تقدم ابلنيابة عنه حتسب طردا واحدا ،أو
وحدة شحن مستقلة عن عدد الطرود ،أو وحدات الشحن املوضوعة بداخلها.3
أما خبصوص القانون البحري اجلزائري فإن املشرع قبل تعديل املادة 805ق ب ج من
األمر 80/76مبوجب القانون 05/98مل يذكر شيئا عن احلاوية وعن حكم البضائع
املشحونة داخلها ،إال أنه بعد التعديل يف 1998/06/ 25مزج بني ما جاء به بروتوكول
1968واتفاقية هامبورغ من أحكام فجاءت الفقرة 2من نص املادة 805ق ب ج املعدلة
متأثرة هبذا الربوتوكول فنصت على ما يلي ":يف حالة استخدام حاوية ،أو أية أداة أخرى
لتجميع البضائع فإن العربة يف حساب أي املبلغني أكرب لتحديد املسؤولية هي عدد الطرود
املدونة يف سند الشحن ،أو أية وثيقة أخرى تثبت عقد النقل البحري".
170
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
غري أن الفقرة الثالثة من نفس املادة فقد أخذت ابحلكم الذي أتت به الفقرة 2من
املادة 6من معاهدة هامبورغ فنصت على أنه ":وإذا تضررت أداة النقل نفسها ومل تكن مملوكة
للناقل تعترب وحدة شحن أخرى".
الفرع الثالث:
الوحدةUnité ضابط
إن املشاكل اليت أاثرهتا املادة 5/4من اتفاقية بروكسل لسنة 1924واليت تعترب إحدى
عيوب االتفاقية مل تتوقف عند مفهوم الطرد ومدى عالقته ابحلاوية فحسب وإمنا تزايدت
بسبب الغموض الذي أحاط ابملقصود من الوحدة مما أاثرت التساؤل التايل :هل يقصد
Fregihtكالطن املرتي أو )Unit (F.U ابلوحدة تلك اليت حتسب األجرة على أساسها
Physical احلجمي أو املرت املكعب أو الكيلوغرام؟ أم يقصد هبا وحدة الشحن العضوية
shipping Unitواليت يستلمها الناقل من الشاحن مثل السيارة غري املغلفة أو اآللة أو الربميل
1
أو البالة أو الكيس؟
لإلجابة على االشكال جيب البحث أوال يف آراء الفقه وما قدمه من تفسري ملفهوم
الوحدة ،مثيليه التطرق ملاجاءت به أحكام القضاء يف هذا الشأن.
أوال :آراء الفقه حول تفسري الوحدة
لقد اختلفت آراء الفقهاء حول البضائع اليت يشملها لفظ الوحدة الوارد يف اتفاقية
بروكسل لسنة 1924وبروتوكول تعديلها لسنة ،1968فانقسمت اآلراء إىل أربع اجتاهات:
االجتاه األول:
يرى أنصار هذا االجتاه 2أن كلمة وحدة تنطبق على البضاعة اليت ال يطلق عليها يف
اللغة اجلارية كلمة طرد مثل براميل الزيت وابالت القطن أو الصوف وجواالت املواد الغذائية
-1عبد القادر حسني العطري ،احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ،املرجع السابق ،ص 379وما يليها.
-2عبد الرمحن سليم ،املرجع السابق ،ص 284وما يليها ،ويف نفس املعىن حممود مسري الشرقاوي ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص
، 304مصطفى كمال طه ،الوجيز يف القانون البحري ،املرجع السابق ،ص . 315
171
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
،فإذا كانت البضاعة املشحونة ابالت قطن مثال يقدر احلد األقصى التعويض ملسؤولية الناقل
البحري مببلغ مائة جنيه اجنليزي وفقا للمعاهدة .أما إذا كانت البضاعة مما يشحن مجلة أو صبا
En Vracكالفحم أو الغالل أو األخشاب فإن كلمة الوحدة يقصد هبا يف هذه احلالة وحدة
الوزن ،أو املقاس ،أو احلجم ،أو الكيل الذي يتخذ عادة كأساس لتحديد أجرة النقل كالطن
الوزين أو الطن احلجمي أو اهلكتولرت أو املرت املكعب أو القنطار.
فإذا كانت البضاعة املشحونة مخسني طنا من الفحم مثال يتحدد التعويض الواجب
على الناقل دفعه مببلغ أقصاه مخسون ضعفا ملبلغ املائة جنيه اجنليزي املقررة يف املعاهدة على
اعتبار أن الطن هو الوحدة.
االجتاه الثاين:
ذهب أصحاب هذا الرأي 1إىل القول أبن البضائع اليت ينطبق عليها مصطلح الوحدة
هي البضائع السائبة ،اليت تشحن بدون تغليف فهي يف نظرهم تعترب وحدة واحدة وهلا مبلغ
واحد .وخيرج عن هذا االطار البضاعة اليت تشبه الطرد كقطع احلديد و أعواد اخلشب .
االجتاه الثالث:
يرى أنصاره 2أبن املقصود بلفظ الوحدة هي الوحدة اليت جرى عرف امليناء على
اعتبارها وحدة ابلنسبة لنوع معني من البضاعة املنقولة أو املعدة للنقل.
االجتاه الرابع:
يرى جانب من الفقه 3أن مفهوم كلمة وحدة هي ما انصرفت إليه نية املتعاقدين
ودونت يف سند الشحن ،فال جمال لالختالف يف استخالص نية الطرفني ،فإذا كانت احلمولة
مكونة من أجسام غري مغلفة كاجلرار مثال أو عربة سكة حديد أو حمول كهرابئي وذكر يف سند
الشحن على أنه وحدة ومت وضع أجرة الشحن على أساس ذلك ،فإن حساب مبلغ التحديد
-1علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،سنة ، 1969املرجع السابق ،ص. 752
-2مشار إليه لدى اندية حممد معوض السيد ،املرجع السابق ،ص .458
-3عبد القادر حسني العطري ،احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ،املرجع السابق،ص. 281
172
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
النقدي للمسؤولية يكون وفق هذا اجلسم الذي يشكل وحدة واحدة لغرض احلد األقصى
للتعويض .أما إذا ذكر وزنه وأن أجرة الشحن قدرت على أساس الطن احلجمي أو الوزين فإن
تقدير التعويض النقدي يف حالة استفادة الناقل من احلد األقصى للتعويض يكون بناءا على
وحدة أجرة الشحن أي الطن احلجمي أو الوزين .
كما أنه يف حالة نقل البضاعة احلجمية فاملعتاد أن يذكر يف سند الشحن أن أجرة النقل
تستوىف بناءا على احلجم أو الوزن وابلتايل يكون احلد األعلى للمسؤولية وفق هذا األساس
فالذي حيدد الوحدة املعتمدة لتقدير احلد األقصى للتعويض هو قصد املتعاقدين الواضح من
سند الشحن .لكن بشرط أن ال يتجه هذا القصد لتسمية شيء ما أبنه طرد تسميةً تشوه
املعىن املطابق للكلمة اليت استعملها القانون و إال كان نظام احلد األقصى للتعويض عبارة عن
عملية تضليل ختضع للمساومة.1
صفوة القول أنه ال ميكن األخذ ابلرأي األخري ألنه اعتمد على معيار شخصي وهو
القصد الذي ذهب إليه املتعاقدين و ألن حتديد الدقيق ملعىن الوحدة يتطلب معيارا موضوعيا
للفصل يف املسألة .من جهة أخرى فإن تقييد قصد املتعاقدين بشرط مفاده أال تكون فيه
األشياء اليت تنتمي إىل الطرود ضمن ذلك القصد هو أمر صعب ومعقد ،كما ال ميكن األخذ
ابالجتاه الثالث فقد استند إىل معيار حملي وهو عرف امليناء والذي خيتلف ابختالف املوانئ
وابلتايل ال يساعد القضاة يف حتديد املعىن الصائب للوحدة يف عقود النقل الدولية وذلك
الختالف عرف مينائي الشحن والتفريغ .
كذلك ال ميكن االستناد إىل االجتاه الثاين فقد اقتصر يف تعريفه للوحدة على البضاعة
السائبة دون األشياء اجلامدة مما ميكن القول أنه كان قاصرا .وعليه فإن االجتاه األول هو
الراجح ألنه مجع بني البضائع غري املغلفة اليت خترج عن دائرة الطرود ،اليت يطبق عليها وحدة
الشحن العضوية والبضائع احلجمية اليت ال يذكر إال قياسها أو ووزاها أو كيلها دون عددها
1عبد القادر حسني العطري ،احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري،املرجع السابق ،ص.282
173
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
كاحلبوب والسوائل ،اليت يطبق عليها وحدة أجرة الشحن وهو ما كان فيه إملام كايف مبفهوم
الوحدة.
اجلدير ابلذكر أن املشرع يف كل الدول العربية قد أشار إىل لفظ الوحدة يف كل من
القوانني الداخلية فمثال يف األردن (املادة حبري 214أردين) ،لبنان( املادة 211حبري لبناين)
،الكويت(املادة 193من قانون التجارة البحرية لسنة ، ) 1980لكن املشرع العريب اكتفى
بتبين كلميت الطرد والوحدة دون أن يتدخل يف تعريف معنامها إن كانت تعين وحدة الشحن
العضوية أم وحدة أجرة الشحن. 1
أما يف الدول الغربية وخصوصا يف تشريع الوالايت املتحدة األمريكية املتعلق بنقل البضائع
،الذي تبىن قواعد بروكسل لسنة 1924فقد أخذ بشكل ""Cogsa حبرا لسنة 1936
صريح يف املادة 5/4منه بتفسري معىن الوحدة واليت تعين وحدة أجرة الشحن املعتادة ،فجاء يف
هذه املادة أن الناقل ال يسأل مبا ال يزيد عن 500دوالر للطرد من العملة القانونية للوالايت
املتحدة و يف حالة البضائع غري املشحونة يف طرود يكون التحديد لكل وحدة من أجرة شحن
وهو أوضح من النص الذي جاءت به املادة 5/4من per customary freight unit معتادة
اتفاقية بروكسل لسنة .1924ومن ذلك يتضح أن الكوجنرس األمريكي مل يقصد تغيري معىن
ما جاءت به االتفاقية بل كان يقصد توضيح ما شاب تلك االتفاقية من قصور.2
أما اتفاقييت هامبورغ 3وروتردام 4فقد تفادات ما وقعت فيه اتفاقية بروكسل وبروتوكول
تعديلها لسنة 1968بشأن عدم إجياد تعريف واضح حول ملدلول الوحدة ،حيثا اتفقتا على
أن املقصود من األخرية هي وحدة الشحن ،أي الوحدة العضوية للشحن.
- 1عبد القادر حسني العطري ،ابسم ملحم ،الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية – دراسة مقارنة – ،الطبعة األوىل ،اإلصدار األول ،
دار الثقافة للنشر والتوزيع ،سنة ، 2009ص . 342
-2عبد القادر حسني العطري ،ابسم ملحم ،املرحع السابق،ص.342
-3املادة 1/6من اتفاقية هامبورغ .
-4املادة 1/59من قواعد روتردام .
174
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
عند العودة إىل القانون البحري اجلزائري يالحظ أن املشرع قد ساير اتفاقية هامبورغ ومل
يرتك أدىن شك حول املراد من لفظ الوحدة ،حيث نصت املادة 805ق ب ج "...فال يعد
الناقل مسؤوال عن اخلسائر أو األضرار اليت تصيب البضائع أو اليت تتعلق هبا مببلغ يزيد عن
10000وحدة حسابية عن كل طرد أو وحدة شحن.1
لكن التساؤل الذي يثور يف هذا الصدد هو عن حكم البضائع املشحونة اليت ال تنتمي
ال إىل الطرد و ال للوحدة ،فكيف يتم التعويض عنها؟
جييب بعض الفقه 2عن هذا التساؤل أبنه يف هذه احلالة يتعطل سراين قاعدة احلد
األقصى للتعويض عما يصيب تلك البضائع من ضرر ويصبح الناقل مسؤوال عن التعويض
كامال.
يف هذا الشأن قضت حمكمة النقض املصرية أبن السيارة املنقولة مكشوفة ال تعد طردا
أو وحدة يف مفهوم املادة 5/4من معاهدة بروكسل لسندات الشحن لسنة ،1924ألن
الطرد يفرتض أن تكون البضاعة مغلفة حبيث ال يتسىن للناقل أن يتبني طبيعتها أو قيمتها إال
ابلرجوع إىل البياانت اليت يدرجها الشاحن يف سند الشحن وأما الوحدة فهي قاصرة على
األشياء اليت تعترب يف حد ذاهتا وحدة كاملرت املكعب والطن ولذلك يسأل الناقل عن قيمة
السيارة كاملة ،لكنه غري مسؤول عن ضياع ما هبا من أشياء مل حيط هبا علما. 3
-1ذهب القضاء اجلزائري يف حكم صادر عن احملكمة العليا والذي رفضت فيه تطبيق نظام احلد األقصى للتعويض وذهبت إىل أتييد قرار
اجمللس الذي قضى ابستبعاد نص املادة 805من القانون البحري ،يف قضية تلفت فيها ثالث بكرات من الكوابل أثناء عملية التفريغ من
السفينة ،فتمسك الناقل بتطبيق احلد األقصى للتعويض يف مسؤوليته عن الضرر احلاصل على أساس أن الشاحن مل يديل بسعر الوحدة يف
سند الشحن غري أن القاضي أثبت خالف ذلك وأبن وثيقة الشحن تتضمن تصرحيا بوصف البضاعة ووزاها ومثنها تفصيال ومن مث ال ميكن
تطبيق املادة 805أعاله ،ملف رقم ، 391372صادر بتاريخ ، 2007/02/70منشور يف اجمللة القضائية ،العدد األول ،سنة 2007
،ص. 351
-2أمحد حممود حسين ،النقل الدويل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص ،276كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري
للبضائع عام ،1978املرجع السابق ،ص ،111علي حسن يونس ،املرجع السابق ،ص .322
-3اسكندرية االبتدائية ، 1954/2/21جملة القانون الفرسي ، 1955ص 313مشار إليه لدى كمال محدي ،مسؤولية الناقل البحري
للبضائع يف قانون التجارة البحرية رقم 8لسنة 1990دراسة مقارنة مع اتفاقية هامبورغ ،منشأة املعارف جالل حزي وشركاه ،سنة
، 1995ص .175
175
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
كما تبنت حمكمة التمييز الكويتية هذا الرأي يف العديد من أحكامها فلم تعترب السيارة
املشحونة دون تغليف طردا أو وحدة و قدرت التعويض عن تلفها تبعا لقيمتها اليت قدرها
اخلبري فقالت ":أما عن سيارة املرسيدس فإاها وقد شحنت ظاهرة دون تغليف كما هو واضح
من سند الشحن فإن نية املتعاقدين ال تكون قد انصرفت إىل اسباغ صفة الطرد عليها بل
تكون العربة حبقيقة حاهلا وإذا كان من الثابت أن اخلبري قد انتهى يف تقريره إىل تقدير قيمة
تلك السيارة أبلفي دينار فإن التعويض يكون وفق هذه القيمة".1
كما طبقت ذات املبدأ على رافعتني قد مت شحنهما غري مغلفتني ،فلم تعتربمها طردا وال
وحدة يف مفهوم املادة 5/4من معاهدة بروكسل لسنة 1924وأخضعتهما من حيث تقدير
التعويض املستحق عنهما حلكم القواعد املقررة يف قانون التجارة البحري رقم 28لسنة
1980الذي مت التعاقد يف ظله.2
اثنيا :تفسري الوحدة يف القضاء
مل جيد القضاء األمريكي أي صعوبة يف البحث عن مفهوم الوحدة وذلك ألن املشرع
أراحه من عناء Cogsa األمريكي يف قانون نقل البضائع عن طريق البحر لسنة 1936
البحث عن املعىن احلقيقي للوحدة .واليت تعين كما سبقت اإلشارة إليه وحدة أجرة النقل
املعتادة. 3
لقد ذهب هذا القضاء إىل تطبيق مفهوم قانون Cogsaلوحدة الشحن يف الكثري من
القضااي ،نذكر منها قضية ،4Géneral motorsحيث اعتربت احملكمة الفدرالية األمريكية أن
فقدان ُمولد ُمصنع للقوة Power plantمكون من مولدين ووحدة رقابة ومجيعها مل يكن مغلفا
-1الطعن رقم 1982/85جتاري جلسة 1982/5/25مشار إليه لدى أمحد حممود حسين ،النقل الدويل البحري للبضائع ،املرجع
السابق ،ص .277
-2الطعن رقم 1983/95جتاري جلسة ،1984/1/4مشار إليه مشار إليه لدى أمحد حممود حسين ،النقل الدويل البحري للبضائع،
املرجع السابق ،ص.277
-3ملزي عبد الرمحن ،املرجع السابق ،ص.267
4
-Géneral motors .corp.v.morma coak (1971) Revue A.M.C,p1652 :
مشار إليه يف املرجع السابق ،املوضع نفسه.
176
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
،مينح الناقل احلق يف حدود املسؤولية ب 500دوالر ألن ُمولد القوة يشكل وحدة أجرة
الشحن املعتادة مبوجب املادة 5/4من قانون نقل البضائع األمريكي ،كما أفصح يف ذات
القضية أبن عبارة أجرة الشحن املعتادة يف هذا اجملال وعلى ضوئها التشريعي تشري إىل وحدة
الكمية ،أو الوزن ،أو املقاس اخلاص ابلبضاعة واليت تستعمل بشكل معتاد كأساس حلساب
أجرة الشحن اليت يراد تقاضيها .
و قد أضافت حمكمة االستئناف 1بقوهلا " :أنه يف غياب التاريخ التشريعي اخلاص مبعىن
عبارة "أجرة الشحن املعتادة" فإن احملاكم Over seas joyce،India Supply Mission :يف
يف سنة 1978قد حكمتا أبن وحدة Kiku Maru،Sunble Bee سنة 1966وحمكميت
الشحن املعتادة ال تشري إىل وحدة الشحن العضوية ولكنها تشري إىل وحدة احلمولة واليت
حتتسب أجرة الشحن على أساسها سوآءا أكانت الوحدة وحدة للكمية أم للمقاس .
مل يقتصر هذا التفسري على احملاكم األمريكية بل أخذت به حماكم بلدان أخرى فقد
حكمت احملكمة العليا الكندية أبن جرارا غري مغلف ومولدا للطاقة يشكل كل منهما وحدة
وأن تقدير التعويض وفق احلد األقصى للتعويض عن كال من اآللتني املذكورتني لوحدها هو
500دوالر ورفضت احملكمة اطالق وحدة الشحن على البضائع املغلفة ،مما يدل على أاها
اعتربت كال من الوحدتني وحدة شحن عضوية .وذلك اعتمادا على ما جاء يف سند الشحن
حتت بند عدد الطرود واحملتوايت ":جرار و مولد " وهكذا تكون هذه احملكمة قد طبقت مبدأ
الوحدة كما أثبتها سند الشحن ورفضت هذه احملكمة تفسري كلمة الوحدة الواردة يف القانون
األمريكي وقررت أن الوحدة يف القانون الكندي Cogsa الكندي على حنو ما أورده قانون
تعين وحدة البضاعة أو أداة من أدوات البضاعة وليس وحدة أجرة الشحن. 2
-1حكم حمكمة اسئناف الوالايت املتحدة األمريكية (الدائرة الثانية) يف 17نوفمرب :1971
مشار إليه لدى ،عبد القادر حسني العطري ،احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ،املرجع السابق ،ص . 282
2
- Falcondridge Nickle Mines V.chimo Shipping (1973) 2 Lioyd's Rep ,p469:
مشار إليه لدى ،عبد القادر حسني العطري ،احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري،املرجع السابق،ص.283
177
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أما القضاء الفرنسي فقد كان منذ سنة 1949يرى أبن وحدة الوزن أو احلجم أو
املقاس اليت أتخذ ابحلسبان عند تقدير احلد األقصى للتعويض هي الوحدة اليت تدون يف سند
الشحن ،كما تبىن هذا القضاء مفهوم الوحدة الذي يقتصر فقط على البضائع اليت تشحن
صبا ،ألنه يعترب جماهلا الطبيعي والذي يستلم فيه الناقل البضائع موصوفة ابلوزن أو احلجم أو
املقاس.1
كما مل يبتعد القضاء العريب عن هذه املفاهيم إذ أخذ بنفس الفكرة كحل إلشكال
احلاصل حول مفهوم الوحدة .وذلك يف سبيل ضبط مقدار احلد األقصى للتعويض الواجب
على الناقل دفعه للمضرور عما يصيب بضاعته من خسارة ،فقد قامت كل من حمكمة النقض
املصرية2وحمكمة التمييز الكويتية3إبعطاء تعريف للوحدة على أاها وحدة الوزن ،أو املقاس ،أو
احلجم ،أو الكيل الوارد بسند الشحن ابلنسبة للبضائع اليت ستشحن مجلة دون ربط ،أو
تغليف واليت مل متيز إال بوزاها أو قياسها أو حجمها دون عددها .ويف هذه احلالة تتخذ هذه
الوحدة الثابتة يف سند الشحن أساسا لتقدير اهلالك أو التلف الذي يصيب البضاعة.
املطلب الثاين:
الضوابط املستحدثة حلساب احلد األقصى للتعويض
لقد اقتصرت اتفاقية بروكسل لسنة 1924على ضابطني مها الطرد والوحدة حسب ما
جاء يف املادة 5/4منها ،غري أنه مبوجب تعديل هذه االتفاقية بربوتوكول41968قد مت إضافة
- "Antenu que l'unité ……ne peut disigner l'unité de pois ou de mesure que lorqu 'il
1
178
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ضابط اثلث من أجل تقدير احلد األقصى للتعويض وهو ضابط الوزن و الذي يعترب من
الضوابط اليت تقيم نوعا من العدالة بني الناقل والشاحن ،عندما يكون الطرد أو الوحدة من
ذوات احلجم الكبري أو ذوات الوزن الثقيل وابلتايل فإنه مبقتضى ضابط الوزن أصبح الطرد
الكبري ال يستوي مع الطرد الصغري عند حساب احلد األقصى للتعويض.1
أما اتفاقية هامبورغ 2فقد أخذت بضابط الوزن وأضافت معه ضابطا آخر يعترب من
املستحداثت اليت جاءت هبا االتفاقية ويتمثل يف ضابط أجرة النقل ،الذي وظفته يف حالة
وقوع ضرر للبضاعة بسبب التأخري يف تسليمها إىل املرسل إليه ،كما تبعتها يف هذا التوجه
اتفاقية روتردام ،فقد نصت يف املادة 60منها على ما يلي.....":وتكون املسؤولية عن اخلسارة
االقتصادية النامجة عن التأخر حمدودة مببلغ يعادل ضعفي ونصف أجرة النقل الواجب دفعها
عن البضائع املتأخرة .".....
الفرع األول:
ضابط الوزن
إن نتيجة اخلالف حول معىن الطرد والوحدة كان هلا أثر يف ظهور ضابط الوزن ،مما
دفع جمموعة العمل يف "اليونسرتال" UNICITRALإىل البحث عن بديل ،حيث قال الوفد
النيجريي أن الدول النامية وهي دول شاحنة تفضل أن يعتمد يف نظام احلد األقصى للتعويض
على أساس الوزن .وإذا كان احلل املثايل يكمن يف تبين نظام يؤسس على ضابط الوزن إال أن
مثل هذا النظام سيثري مشكالت أيضا يف حالة اهلالك اجلزئي والتلف وذلك عندما تصل
الطرود مكسورة ،لذلك انتهى الوفد الربيطاين إىل القول أنه يفضل نظام مزدوج يقوم على
أساس الطرد أو الوحدة والوزن وقد لقي هذا أتييدا من الوفد األمريكي.3
179
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
كما يظهر مما تقدم أن هذه املعاهدة قد أبقت على النظام الثنائي للحساب التعويض
عن كل طرد ،أو وحدة ،أو عن كل كيلو غرام الذي جاء به بروتوكول 1968اخلاص بتعديل
معاهدة بروكسل .1924وبسبب القيمة املنخفضة نسبيا ألغلب البضائع املنقولة حبرا قرر
مؤمتر هامبورغ االحتفاظ أبقصى مبلغ للتعويض يف املسؤولية عن الكيلوغرام منخفضا مقارنة
أبقصى املبالغ املماثلة ابلنسبة لوسائل النقل األخرى .
لقد كان من الضروري اإلبقاء على احلدود القصوى للتعويض وفق الطرد أو الوحدة
وذلك من أجل توفري محاية أفضل ألصحاب الطرود صغرية الوزن نسبيا ذات القيمة املرتفعة
وابلرغم من أن مؤمتر هامبورغ لسنة 1978قد وافق على أنه ينبغي بسبب التضخم أن تكون
حدود املبالغ املتعلقة ابهلالك أو التلف يف قواعد هامبورغ أعلى من احلدود اليت وضعها
بروتوكول بروكسل لسنة ، 1968فإن حجم الزايدة كان حمور النقاش واحلدود اليت مت االتفاق
عليها أخريا ال تزيد إال بنسبة مقدارها % 25تقريبا عن احلدود املنصوص عليها يف هذا
الربوتوكول وهو مبلغ فاقه التضخم منذ ذلك الوقت.1
أن وحدة الوزن Christian scapel ، Pierre Bonasaisses يرى الفقيهان
ابلكيلوغرام هي وحدة قائمة بذاهتا وعليه تبقى وحدة الوزن 2ابلطن أو القنطار داخل جمال
وحدة الشحن ،فالوزن الذي يعتد به القاضي يف حساب احلد األقصى للتعويض هو الوزن
اإلمجايل للبضاعة وليس وزاها الصايف.3
فإذا كان اإلشكال املطروح يف النقل ابحلاوايت قد نشأ على اعتبار أن تقدير احلد
األقصى للتعويض يكون على أساس الطرد ،غري أن أاها ليست الطريقة الوحيدة حلساب
التعويض ،فإن اإلشكال الذي يثور هنا يدور حول ما إذا كان التعويض الذي يلتزم به الناقل
البحري للبضائع يتعرض لألغراض املوجودة داخل احلاوية للهالك أو التلف .و عليه هل سيتم
180
نظام احلد األقصى للتعويض : الباب األول
احتساب احلد األقصى للتعويض وفق الوزن اإلمجايل هلذا الغرض وحده أم حسب الوزن
1
اإلمجايل للحاوية ككل بوصفها بضاعة هالكة أو اتلفة؟
يف هذا الشأن ذهب القضاء الفرنسي يف حادثة تتعلق بعملية نقل يف إطار عقد نقل
أطنان ضررا ابلغا10 حيث تضررت مركبة ذات، 1924 دويل حتكمه اتفاقية بروكسل لسنة
فقرر هذا القضاء تطبيق احلد األقصى للتعويض وفقا للوزن الكلي على اعتبار أن ما تضرر،
.2من أجزاء يشكل عنصر واحدا مع األجزاء السليمة األخرى
إذ كان تطبيقا لقانون، ما يالحظ على هذا احلكم أنه جاء سليما من الناحية القانونية
املعدلة ابملرسوم الصادر4/57 ال سيما املادة،1966 التجهيز والنقل البحري الفرنسي لسنة
" إذا مل يتعرض للهالك أو التلف سوى جزء من: اليت جاء فيها، 1987 نوفمرب12 يف
ال ينطبق إال على وزن اجلزء... الطرود أو الوحدات فإن احلد األقصى املقرر ابلكيلوغرام
ما مل يكن اهلالك أو التلف قد أصاب الطرود أو، اهلالك أو التالف من الطرود أو الوحدات
.3"الوحدات يف جمموعها أو جعلها غري قابلة لالستعمال
الواقع أن مطالب الدول الشاحنة املتمثلة يف أن يكون ضابط الوزن هو الضابط الوحيد
دون األخذ ابلطرد أو وحدة الشحن هو،الذي على أساسه يتم تقدير احلد األقصى للتعويض
182
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
عن هالك البضاعة أو تلفها أن يرجع على هذا األخري وفق الضابط األنسب له ،إما حسب
الوزن و إما حسب الطرد أو الوحدة .
يف حالة ما إذا كان الوزن غري معروف فإن الطرد أو الوحدة يبقى هو املعيار املطبق
وابلتايل ال يسمح للشاحن إبعمال حريته يف اختيار إحدى الضوابط السابقة.كما أنه يف حالة
عدم تضمني سند الشحن عدد الطرود والوحدات املعبأة يف احلاوية فإن معيار الوزن ال يكون
قابال للتطبيق وهو ما عربت عنه العبارة األخرية من املادة /2/ 6أ بقوهلا" :ويف خالف ما
تقدم ،تعترب البضائع املعبأة يف أداة النقل املذكورة وحدة شحن واحدة". 1
غري أن األستاذ حمسن شفيق يرى أن هذا احلكم ال جيب أن أيخذ على إطالقه بل هو
أمر يستشف من الرجوع إىل الكيفية اليت مت هبا حترير سند الشحن .و بناءا على ذلك ال تعترب
احلاوية طردا واحدا إال إذا ذكرت يف سند الشحن دون أي بيان ،كأن يذكر مثال أن ما ُسلم
هو حاوية فحسب وهو وضع يكاد ال يقع يف الواقع العملي ،أما إذا قيل حاوية حجمها ثالثة
أمتار مكعبة ،فإن املرت املكعب يكون عندئذ وحدة شحن .و ابلتايل يكون احلد األقصى
للتعويض هو3 :م 30000=10000. 3فرنك و إذا قيل حاوية تزن 3000كغ فإن احلد
األقصى للتعويض يكون على أساس الوزن ويتم احلساب على النحو اآليت 3000:كغ 30.
= 90000فرنك.2
جممل القول أن ضابط الوزن قد قدم حال للمشكلة اليت اثرت يف ظل اتفاقية بروكسل
لسنة 1924وهي مشكلة السيارات و اآلت اليت تشحن بدون تغليف ،حيث مل يعتربها
القضاء املصري3من قبيل طرد أو الوحدة .و كذلك أقام ضابط الوزن نوعا من العدل بني
الناقل والشاحن،عندما نكون أمام حاوية مل يتم ذكر ما بداخلها من عدد الطرود ،أو الوحدات
يف سند الشحن ،أو وثيقة النقل األخرى اليت تثبت عقد النقل ففي هذه احلالة تعترب احلاوية
-1أمحد حممود حسين ،التعليق على نصوص اتفاقية هامبورغ ،املرجع السابق ،ص . 79
-2حمسن شفيق ،املرجع السابق ،ص .104
-3حكم حمكمة اإلسكندرية االبتدائية سبقت اإلشارة إليه ،يف الصفحة 172من هذه الرسالة.
183
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
طردا واحدا عند احتساب احلد األقصى للتعويض .ويستحق الشاحن أو املضرور الرقم املبني
يف االتفاقية الواجبة التطبيق للطرد الواحد .أما إذا ُدون يف سند الشحن وزن البضاعة اليت مت
نقلها عن طريق احلاوية فإن املضرور يف ظل أحكام وفق بروتوكول بروكسل لسنة 1968
،قواعد هامبورغ ،قواعد روتردام يستطيع أن يتمسك ابلتعويض على أساس ضابط الوزن وال
شك أن هذا الضابط أفضل بكثري من ضابط الطرد نظرا ملا حيققه من عدل يف حصول
املضرور على تعويض خيفف من اخلسارة اليت حلقته.
الفرع الثاين:
أجرة النقل
كما هو معلوم أن اتفاقية بروكسل وبروتوكول تعديلها لسنة 1968مل ينصا على
مسؤولية الناقل عن حالة التأخري يف وصول البضاعة إىل صاحبها وهو ما فتح الباب على
مصراعيه للخالف الفقهي السالف الذكر،1احلاصل حول إمكانية سراين احلد األقصى
للتعويض املقرر حلاليت اهلالك والتلف على الضرر الناتج عن التأخري.
أمام صمت هذه االتفاقية ،فقد جاءت اتفاقييت هامبورغ (املادة )5وروتردام (املادة 60
)أبحكام صرحية تنظم احلد األقصى للتعويض عند ثبوت مسؤولية الناقل البحري عن حالة
التأخري والسبب يرجع يف ذلك إىل التطور التكنولوجي الذي مس صناعة النقل البحري وهو
ما انعكس على التجارة البحرية وزاد من وتريهتا ،مما اقتضى األمر أن يسأل الناقل عن أتخري
احلمولة يف التسليم إىل املرسل إليه مما قد ينجم عنه ضرر كتفويت صفقة بيعها.
لقد لقي احلد األقصى للتعويض املقرر حلالة التأخري و الذي فرضته الدول النامية
(الشاحنة) اعرتاضا من جانب شركات النقل العاملية ،حيث أصرت هذه األخرية بواسطة
-1للمزيد من التفصيل يف ما أتى به الفقه يف هذا الشأن يرجى الرجوع إىل الصفحة 105ومايليها من هذه الرسالة.
184
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
مندوبيها على استبعاد مسؤولية الناقل عن التأخري من نطاق قواعد هامبورغ ،أو وضع نظام
خاص هلذه املسؤولية ،فجاء ضابط أجرة النقل ليوفق بني االجتاهني املتناقضني.1
بعد إقرار مسؤولية الناقل عن الضرر الناتج عن التأخري ،أثريت مسألة كيفية احتساب
التعويض عن هذه املسؤولية فذهب بعض الوفود يف مؤمتر هامبورغ إىل اعتبار الضرر الناتج عن
التأخري نوعا من التلف ومن مثة وجب اتباع أحد الضابطني اللذين يسراين على حالة التلف
ومها الطرد أو الوزن ،بينما ذهب البعض اآلخر للقول أن األفضل األخذ بضابط أجرة النقل
كأساس لتقدير احلد األقصى للتعويض عن حالة التأخري وذلك ملا فيه من إنصاف للناقل
،ألن أجرة النقل هي مقياس عادل للتكاليف اليت يتحملها هذا األخري يف نقل البضائع وعليه
جيب أال تتجاوز مسؤوليته جمموع األجرة اليت حيصل عليها الناقل لقاء ما ينقله من البضائع.2
بناءا على هذا فقد جاءت املادة 6من قواعد هامبورغ أتييدا للرأي الذي اندى بضابط
أجرة النقل يف تقدير احلد األقصى للتعويض يف حالة وقوع ضرر جراء التأخري ،حيث مت وضع
مقدار مرتني ونصف من أجرة النقل عن البضائع املتأخرة.
من أجل دراسة ضابط أجرة النقل على اعتبار أن االتفاقيات الدولية اقتصرت على
توظيفه يف تقدير احلد األقصى للتعويض عن الضرر الناجم عن أتخري البضائع يف التسليم إىل
املرسل إليه ،فإن األمر يتطلب أن نتطرق أوال ملفهوم أجرة النقل ،مث األسس اليت يتم وفقها
حتديد أجرة النقل وأخريا كيفية حساب احلد األقصى للتعويض عن الضرر الناجم عن التأخري.
-1حمسن شفيق ،رئيس جلنة صياغة مؤمتر هامبورغ مارس ،1978ضوابط حتديد مسؤولية الناقل يف اتفاقية هامبورغ وتوافق املصاحل ،اجمللة
األكادميية العربية للنقل البحري ،اإلسكندرية ،سنة ،1983ص. 118
2
- Georges-o et Robert-Tissot, le connaissement direct titre de transport combinés
maritime, terrest, aérien, libraire général de droit et jurisprudence, Paris 1957,
p82.
محزة حداد ،اتفاقية هامبورغ لسنة ، 1978مطبعة اجلامعات األردنية ،عمان ، 1980ص ، 81إبراهيم مكي ،أوعية الشحن ،املرجع
السابق ،ص ، 175حسني غنامي ،املصلحة يف التأمني على البضائع املنقولة حبرا ،رسالة دكتوراه ،جامعة القاهرة ،1979ص.115
185
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
-1عديل أمري خالد ،أحكام دعوى مسؤولية الناقل يف ضوء قانون التجارة البحرية اجلديد واملستحدث من أحكام النقض ،منشأة املعارف
ابإلسكندرية ،ص . 62
-2تنص املادة 1/797ق ب ج على أنه ":ترتتب على الشاحن أجرة الشحن أو احلمولة واليت حدد مقدارها وكيفية دفعها مبوجب
اتفاقية األطراف " ،هو نفس املعىن الذي ورد يف املادة 42من املرسوم الفرنسي رقم 1078- 66الصادر يف . 1966/12/13
-3علي البارودي ،القانون البحري ،الدار اجلامعية ،سنة ، 1988ص . 229
186
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
البضاعة أنه مل يقبض األجرة إال إذا أثبت سوء نية هذا الغري ،أي علمه أبن األجرة كلها أو
جزءا منها ال يزال مستحقا.1
لكن يف الواقع العملي و خبصوص حتديد أجرة عقد النقل الدويل هناك ما يعرف بنظام
املؤمترات البحرية 2conferences maritimeوالذي يقصد به االتفاقات اليت يعقدها اجملهزون
الذين يسريون سفنا على ذات اخلط أو اخلطوط املالحية هبدف وضع تعريفة موحدة لألجور
وتنظيم عمليات النقل فيما بني سفنهم ويقوم هذا النظام على ثالث أسس :و هي أنه يقيم
بني أعضائه نوعا من التعايش السلمي ،يتفادى املنافسة الضارة ،يضمن هلم عمالء خملصني
وحيارب املنافسة اخلارجية ،فاملؤمتر ال يستبعد املنافسة الداخلية فيما بني أعضائه ولكنه مينع
التنافس فيما بينهم بتخفيض األجور ألنه مسلك يضر هبم مجيعا .و بذلك يطمئن كل عضو
من أعضائه من هذه الناحية وميكنه من عمل حساابته مقدما وتقدير ربح كل سفينة وكل
رحلة فيكون بوسعه أن يضع برانجما ينظم به عملياته ومواعيد الصيانة.....إخل .لكن ذلك ال
ينجح إال إذا نظمت مواعيد الرحالت ،إذ يضار األعضاء مجيعا لو أحبرت من نفس امليناء
عشر سفن يف يوم واحد مث تال ذلك مدة شهر دون إحبار لذلك يتضمن املؤمتر تنظيما ملواعيد
الرحالت مبا يسمح من جهة أخرى أبحسن استغالل ملرافق املوانئ وأقصى تشغيل للعمال.
وهذا التنظيم كله ال يتحقق إال ضمن املؤمتر ألعضائه قدار منتظما من عمليات النقل ،عن
طريق اخالص عمالئه وهو ما يصل إليه إبغرائهم مبزااي تتحقق عن أحد طرقني:3
أ-وضع أجر خاص خمفض للعمالء املخلصني .
ب-نظام رد جزء من األجرة السابق دفعها إىل العميل الذي يستمر خملصا ملدة معينة.
187
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
و يقوم املؤمتر بوضع تعريفة موحدة ألعضائه ،يكون عليهم أال ينزلوا عنها وابلطبع ال
يكون من مصلحة أحد منهم أن يهبط عنها ويراعى يف وضع هذه التعريفة أن تكون متفقة مع
السعر الذي يفرضه الوضع االقتصادي القائم ولذا فهي تعدل كلما تغريت املؤمترات
االقتصادية،1بغية يف حتقيق أحسن مردود للسفن ،غري أن التسعرية احملددة من طرف املؤمترات
البحرية ال تكون انفذة يف حق الشاحنني إال إذا أدرجت يف تسعرية الناقل.2
اثنيا :أسس حتديد مقدار األجرة
خيضع تقدير أجرة النقل العتبارات كثرية لعل أمهها ما يلي:
أ-جرت العادة على تقدير األجرة على حسب وزن البضاعة ،فيتفق على وزن معني عن كل
طن مرتي أو كيلوغرام من البضاعة وقد حتدد على أساس احلجم عن كل مرت مكعب أو
هكتولرت .وتتبع هذه الطريقة يف نقل السوائل وتقدر على أساس وزن البضاعة و حجمها معا
كما هو الشأن يف نقل األخشاب ،أما يف نقل السيارات ومثيالهتا فتقدر على أساس وحدات
البضاعة املشحونة ويف نقل البضائع الثمينة وفق قيمتها مثلما هو احلال يف اجملوهرات والسبائك
الذهبية واللوحات الفنية وما شاهبها.3
و إذا كان أساس حتديد أجرة النقل اثبتا يف عقد النقل على حسب الوزن واحلجم إال
أنه سيكون بناءا على تصرحيات الشاحن املدونة يف سند الشحن ،فإذا كانت احلمولة ضخمة
فإاها األجرة ستكون مرتفعة على حسب طبيعة األشياء املنقولة .4
ب-يتحدد سعر األجرة حسب قانون العرض والطلب ومادام الطلب على نقل البضائع حبرا
إىل اجلزائر كبريا والعرض مسيطر عليه من طرف سفن أجنبية وهي اليت تقدر السعر ،ألن
السفن الوطنية ضعيفة يف نقل التجارة اخلارجية للوطن ،مع املالحظة أبن السعر حنو اجلزائر
-1على مجال الدين عوض ،القانون البحري ،سنة ،1969املرجع السابق ،ص.368
2
-Pierre Bonasaisses et Christian scapel, op.cit, p668.
-3مصطفى كمال طه ،مبادئ القانون البحري ،الطبعة الثالثة ،سنة ، 1989الدار اجلامعية ،ص . 226
4
- R.Rodiére et E Du Pontavice, Droit Maritime,op.cit, 361.
188
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أعلى ب %25إىل %40ابلنسبة للبلدان اجملاورة.1وعليه كلما زاد الطلب على خدمة النقل
زادت شركات النقل األجنبية يف أجرة النقل.
ج -الطريق الذي تسلكه السفينة الناقلة وكذلك املسافة اليت تقطعها ألن طول املسافة يستتبع
غالبا نفقات أكرب وما يالحظ أن عامل املسافة ليس له األمهية األوىل وال تزيد األجرة فيه إال
بنسبة أقل من زايدة املسافة ،فإذا زادت بنسبة % 40سيؤدي هذا إىل زايدة أجرة النقل
بنسبة %10فقط .ويدخل يف االعتبار كذلك ما إذا كانت السفينة ستعود من رحلة الذهاب
اعى ما إذا
فارغة أو حبمولة جديدة وهل تعود على نفس اخلط أم يف خط دائري .وكذلك يُر َ
كانت هناك سفن أخرى منافسة على خط الرحلة ،أو إذا كانت هناك منافسة من وسيلة
أخرى كالنقل ابلسكك احلديدية أو النقل اجلوي. 2
د-مدى سرعة وسهولة شحن البضاعة وتفريغها ،ألن هذه العمليات تكلف كثريا ويف بعض
صور النقل قد تصل ما تكلفته إىل %50من مصاريف نقلها.3
و-كون البضاعة مما قد يتسبب يف ضرر للبضائع األخرى املنقولة معها على السفينة ،أو
للسفينة ذاهتا كواها تتطلب تدابري خاصة ملنع هذا الضرر ومثاله الفحم واملواد القابلة لالشتعال.
وكذلك مدى تعرض البضاعة يف حد ذاهتا للتلف ،فأجرة نقل البضاعة القابلة للكسر أو
التلف السريع ترتفع بسبب ازدايد احتمال مسؤولية الناقل عنها وبسبب ما يبذله يف احملافظة
عليها وما يدبره لذلك من أجهزة خاصة .4
1
- Kamel khelifa,comment appréhender les surcouts dans la chaine logistique? Le
phare N°122Juin 2009, p28.
2
-S.G sturmey ; les taux de fret maritime et la recherche économique, mémoire
présentée à la conférence des Nations Uties sur le commerce et le développement,
commission des transports maritimes , généré 18 juillet 1966:
مشار إليه لدى علي مجال الدين عوض ،مشارطات إجيار السفن ،دراسة عملية قانونية ألهم املشارطات والقانون املصري والفرنسي
واالجنليزي ،دار النهضة العربية ،سنة ، 1987ص. 88
-3علي مجال الدين عوض ،مشارطات إجيار السفن ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-4املرجع السابق ،املوضع نفسه.
189
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
The Bunker adjustement ز-عامل املطابقة أو ضبط األجرة عند ارتفاع وقود السفينة.1
factor
الذي يهدف إىل األخذ يف The currency adjustement factor ه-عامل ضبط العملة
احلسبان تغريات الدوالر ،ألن أجرة النقل يف الغالب ما حتدد ابلدوالر.2
اثلثا :كيفية حساب التعويض عن التأخري
يعتمد القاضي يف كيفية حساب التعويض عن الضرر الناتج عن التأخري يف تسليم
البضاعة على ضابط وحيد وهو ضابط أجرة النقل ،حسب ما قضت به املادتني 1/6 :البند
ب من اتفاقية هامبورغ وكذلك املادة 805من القانون البحري اجلزائري .ووفق هذه النصوص
يقدر احلد األقصى للتعويض مببلغ يعادل مرتني ونصف من أجرة النقل املستحقة عن البضاعة
املتأخرة بشرط أال يتجاوز ذلك جمموع األجرة املستحقة عن البضاعة حمل عقد النقل البحري
ولتبسيط املعىن نضرب املثال التايل:
هناك شاحن أبرم عقد نقل مع انقل إليصال 100صندوق من التفاح من ميناء إىل
ميناء آخر ،مع اإلشارة أن كلتا الدولتني اليت ينتمي إليها الطرفان هي من الدول املصادقة
على اتفاقية هامبورغ ومت االتفاق على تقدير أجرة النقل ب 2000دوالر عن احلمولة إمجاال
وعلى هذا تكون أجرة الصندوق الواحد هي 20دوالر 200=100.دوالر ،غري أنه يف ميناء
اجلزائر اتضح أن هناك 30صندوق أتخرت يف الوصول ،مما أحلق ضررا ابلشاحن ،متثل يف
تفويت صفقة على هذا األخري يف بيع ما تبقى من بضاعته املتأخرة .ويف هذه احلالة سيتم
حساب احلد األقصى للتعويض على النحو التايل200:دوالر 30.صندوقا متأخرا =600
دوالر وهذا املبلغ عبارة عن أجرة نقل عن البضائع املتأخرة مث نطبق قاعدة احلد األقصى
للتعويض املقرر عن حالة التأخري وهي مرتني ونصف من هذه األجرة أي 60دوالر2.5.
=1500دوالر.
1
- Pierre Bonasaisses et Christian scapel,op.cit,p668.
2
-Ibid.
190
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يبدوا من خالل املثال الوارد أعاله أن هذه األجرة مل تتجاوز جمموع أجرة النقل
املستحقة مبوجب عقد النقل وهي 2000دوالر ،غري أن احلكم سيتغري لو افرتضنا أن 50
صندوقا من احلمولة املنقولة أتخر يف التسليم فهنا يصبح حساب احلد األقصى للتعويض يف
هذه احلالة كاآليت200 :دوالر 1000= 50.دوالر وهو مقدار أجرة النقل عن البضائع
املتأخرة ،مث نضرب هذا املبلغ 2.5فيصبح التعويض 2500= 2.5. 1000دوالر .إن
هذا املبلغ يتجاوز جمموع األجرة املستحقة مبوجب عقد النقل و هي 2000دوالر يف املثال
السابق وعليه يتعني ختفيض احلد األقصى للتعويض إىل هذا املبلغ.1
إن ما تقدم ذكره يف املثال السابق ينطبق أيضا على ما جاءت به املادة 60من معاهدة
روتردام غري أن الفرق بني هذه االتفاقية واتفاقية هامبورغ يكمن يف أن معاهدة روتردام مل
تشرتط عدم جتاوز مبلغ التعويض الواجب دفعه يف حالة التأخري كامل أجرة النقل املستحقة
مبوجب عقد النقل.2
لكن قد حيدث عمال أن جيتمع ضررين أحدمها بسبب تلف البضاعة واآلخر نتج عن
التأخري يف تسليم البضاعة ،فكيف يتم حساب التعويض يف مثل هذه احلالة؟
لقد حددت كلتا املادتني 1/6من معاهدة هامبورغ واملادة 60من قواعد روتردام مقدار
احلد األقصى للتعويض يف حالة إاثرة مسؤولية الناقل البحري يف أكثر من حالة مبناسبة تنفيذ
عقد النقل البحري للبضائع ،فتبنت هاتني االتفاقيتني ضابطا عاما جملموع التعويضات اليت يلتزم
الناقل البحري الوفاء هبا.
لو افرتضنا أن الناقل مسؤول عن تلف نصف البضائع املنقولة مثال كما أنه مسؤول عن
أتخري يف تسليم النصف اآلخر ،فيتم تعيني احلد األقصى للتعويض عن التلف من جانب و
عن التأخري من جانب آخر وعلى ضوء ذلك يتحدد مقدار التعويض الذي يلتزم الناقل
البحري بدفعه عن املسؤوليتني .لكن جيب حساب التعويض الذي كان يلتزم الناقل بدفعه إذا
-1كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ،1978املرجع السابق ،ص .114
-2قماز إلدايز ليلى ،املرجع السابق ،ص. 401
191
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
افرتضنا أن مجيع هذه البضائع قد هلكت هالكا كليا مع أخذ احلد األقصى للتعويض عن هذه
احلالة يف االعتبار ،فإذا اتضح أن جمموع مبلغ التعويض عن التلف وعن التأخري جياوز مبلغ
التعويض عن اهلالك الكلي بفرض حدوثه ،ال يكون الناقل البحري ملزما أبداء ما جياوز املبلغ
احملدد عن اهلالك الكلي .غري أنه مىت كان جمموع مبالغ التعويض يقل عن املبلغ املقدر عن
اهلالك الكلي يف هذه احلالة يستطيع املضرور احلصول على جمموع املبلغني.1
يقتضي األمر من أجل توضيح املعىن أكثر أن نسوق املثال التايل:
كانت هناك شحنة من املوز معبأة يف ألف صندوق أتخر تسليمها ،فتلف نصفها وترتب عن
أتخريها ضياع فرصة ساحنة لبيعها بسعر مرتفع ،فعلى القاضي يف هذه احلالة أن يقدر تعويضا
عن التلف يراعى فيه أال جياوز احلد األعلى للتعويض عن التلف ،مث يقدر تعويضا عن التأخري
يراعى فيه بدوره أال جياوز احلد األعلى للتعويض عن التأخري مث يراعي القاضي أمرا اثلثا وهو
أال جياوز جمموع التعويضني احلد األعلى للتعويض لو هلكت البضاعة أبمجعها أي لو هلكت
هالكا كليا ،مث يكون احلد األقصى يف هذا املثال على أساس الطرد ابفرتاض أنه أعلى من
التقدير على أساس الوزن هو 1000طرد 835.وحدة حسابية = 835000وحدة
حسابية .2هذا إن كانت معاهدة هامبورغ هي واجبة التطبيق على موضوع النزاع ،أما يف ظل
معاهدة روتردام لن يتغري احلكم إال يف قيمة احلد األقصى للتعويض عن الطرد الوارد هبذه
االتفاقية (املادة )59فيكون مبلغ التعويض هو 875. 1000وحدة حسابية=875000
وحدة حسابية .وهذا ما ميكن احلكم به على الناقل البحري عند ثبوت مسؤوليته على أقصى
تقدير .و هو التعويض عن اهلالك الكلي للبضائع اليت يسأل عنها وذلك أاي كانت حالة
املسؤولية اليت تثار .
192
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
اضطرت اتفاقييت هامبورغ وروتردام إىل تبين الضابط العام جملموع التعويضات الواجبة
على الناقل البحري بسبب اختالف طريقة تعيني احلد األقصى للتعويض عن اهلالك والتلف
من جهة وعن التأخري من جهة أخرى.
أما املشرع يف القانون البحري اجلزائري فقد تفادى التعقيدات يف حساب التعويض
املستحق للمضرور و ابلتايل فإنه عند تطبيق هذا القانون على املثال السابق سيتم حساب
التعويض عن تلف البضاعة بشرط أال جياوز 10000وحدة حسابية عن الطرد أو وحدة
الشحن .كما يشرتط أال يتجاوز 30وحدة حسابية عن كل كيلوغرام من الوزن اإلمجايل
للبضاعة ،فيأخذ القاضي أبعلى مبلغ ابملقارنة بني تقدير التعويض وفق الطرد أو الوحدة وبني
تقديره وفق الكيلوغرام ،فيأخذ أبعلى قيمة بينهما .مث يضاف إليها املبلغ الذي حيسب عن
التأخري يف تسليم البضاعة (يتم حسابه وفق قاعدة مثلني ونصف أجرة النقل بشرط أال يتجاوز
أجرة النقل املستحقة عن كامل احلمولة ) .و هو املبلغ الذي يستقر عليه التعويض وفق احلد
األقصى عن ضررين أحدمها كان تلفا وآخر انجم عن التأخري يف تسليم البضاعة املنقولة حبرا.
املبحث الثاين:
التنظيم النقدي للح ّد األقصى للتعويض
بعد أن تطرقنا يف املبحث السابق للضوابط اليت على أساسها تتوضح كيفية حساب
احلد األقصى للتعويض يف خمتلف االتفاقيات الدولية والقانون البحري اجلزائري ،سنتعرض يف
هذا املبحث إلكمال اجلزء املتبقي واملتعلق بتقدير احلد األقصى للتعويض وفق ما جاءت به
النصوص القانونية من وحدات نقدية.
و يف هذا الشأن فقد شهد العامل تطورا كبريا يف جمال النقد الدويل مما انعكس على نظام
التعويض،لذلك ميكن تقسيم املراحل اليت تعاقبت على نظام النقد الدويل إىل ثالث مراحل:
املرحلة األوىل تتمثل يف قاعدة اجلنيه اإلسرتليين واليت أتت هبا معاهدة بروكسل لسنة 1924
وتبعها يف ذلك القانون البحري اجلزائري قبل تعديله .
193
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أما املرحلة الثانية فهي مرحلة الفرنك البوانكاريه وهي اليت تبناها بروتوكول بروكسل لسنة
1968والقانون البحري بعد تعديل املادة 805منه يف سنة .1998
أما املرحلة الثالثة واألخرية فهي املرحلة اليت ظهرت فيها وحدة السحب اخلاص ،املعتمدة
يف كل من معاهدة هامبورغ ،بروتوكول 1979اخلاص بتعديل معاهدة بروكسل و يف قواعد
روتردام .و نتيجة لذلك سيتم تقسيم هذا املبحث إىل ثالث مطالب :مقدار التعويض وفق
قاعدة اجلنيه اإلسرتليين (مطلب أول)،التعويض عن طريق قاعدة الفرنك البوانكاريه (مطلب
اثين)،قاعدة حقوق السحب اخلاصة(مطلب اثلث).
املطلب األول:
مقدار التعويض وفق قاعدة اجلنيه اإلسرتليين
قضت املادة 5/4من اتفاقية بروكسل لسنة 1924على أنه" :ال يلتزم الناقل يف أي
حال من األحوال بسبب اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع ،أو ما يتعلق هبا مببلغ يزيد على
مائة جنيه إسرتليين عن كل طرد أو وحدة أو على ما يعادل هذه القيمة بنقد عملة أخرى".
مث بعد ذلك نصت املادة 1/9من ذات االتفاقية على أنه "يراد ابلوحدات النقدية هبذه
املعاهدة القيمة الذهبية " .من خالل استقراء هاذين النصني يتبني أن احلد األقصى للتعويض
حيسب على أساس مائة جنيه إسرتليين عن كل طرد أو وحدة و هو ما يعادل قيمة مائة جنيه
اجنليزي ذهبا .و بناءا عليه سنتعرض بداية لدوافع اختيار اجلنيه اإلسرتليين و املقصود به (فرع
أول) ،خروج إجنلرتا على قاعدة الذهب وأثره على أحكام القضاء املصري (فرع اثين) ،حتويل
القيمة الذهبية إىل العمالت الوطنية (فرع اثلث).
الفرع األول:
دوافع اختيار اجلنيه اإلسرتليين واملقصود به
قبل اخلوض يف تفسري مفهوم اجلنيه اإلسرتليين حسب ما جاءت به اتفاقية بروكسل
لسنة 1924جيب أوال أن نبحث عن التساؤل الذي يطرح حول األسباب اليت أدت بواضعي
194
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
هذه املعاهدة الختيار قيمة 100جنيه إسرتليين الذهيب كحد أقصى للتعويض عن هالك
الطرد أو الوحدة أو تلفهما وعن املعايري اليت مت وفقها هذا االختيار ،مث نتطرق بعد ذلك
للمقصود ابجلنيه اإلسرتليين.
الفقرة األوىل:
دوافع اختيار 100جنيه إسرتليين كحد أقصى للتعويض
من بني األسباب اليت كانت وراء اختيار اجلنيه اإلسرتليين كوحدة نقدية يتم على إثرها
حساب احلد األقصى للتعويض ،الوارد يف معاهدة بروكسل هو الثبات الذي كان يتمتع به
اجلنيه اإلسرتليين يف ذلك الوقت من حيث التقلبات النقدية .ويضاف إىل ذلك أن معظم
نصوص هذه املعاهدة اتسمت ابلطابع األجنلوسكسوين ،الذي ساد على أعمال مؤمتر الهاي
وقد جتلى ذلك يف أن معظم املناقشات اليت جرت يف املؤمتر كانت بني ممثلني إجنليز عن الدولة
الناقلة وممثلني عن الشاحنني هم أيضا إجنليز ،أي كانت أغلب املناقشات تدور بني اإلجنليز
فيما بينهم و لذلك كان من الطبيعي أن خيتار أعضاء املؤمتر اجلنيه االسرتليين كوحدة حسابية
للحد األقصى للتعويض.1
كما كان موضوع تقرير ٍ
حد ملسؤولية الناقل مبلغ اثبت ابلعملة اإلجنليزية حمل جدل
مندوب DeRoussiers شديد بني أعضاء مؤمتر الهاي لسنة 1921فاقرتح
اجملهزين(الناقلني)الفرنسيني يف املؤمتر أبن يكون الناقل مسؤوال يف حدود تقدر مببلغ مسا ٍو
ألضعاف أجرة النقل املستحقة على البضاعة اهلالكة أو التالفة .ومل حيدد هذا املندوب مقدار
هذه األضعاف إن كانت مخسة أضعاف األجرة أو عشرة أمثاهلا ،بل ترك أمر تقدير ذلك إىل
املؤمتر ذاته.كما بني De Roussiersللمؤمتر مزااي هذا االقرتاح وأمهيته يف تفادي الصعوابت
1
-William
Tetly,An Update on the pacheage limitation and national intentions
regarding future carriage of goods by sea legislation, J.n.l.c (1983), p 432:
مشار إليه لدى ملزي عبد الرمحن ،املرجع السابق ،ص . 280
195
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
اليت تنتج عن مشكلة النقود والتغريات النقدية الدولية وال يهم بعد ذلك أن تكون أجرة النقل
ابلدوالرات ،أو الفرنكات ،أو الشلنات وغريها مادام التعويض الذي حيصل عليه الشاحن
سيكون أضعافا هلذه األجرة.1
يف هذا الشأن اختلفت االقرتاحات يف أعمال مؤمتر الهاي لسنة ، 1922فقد اقرتح
املندوب اإلجنليزي Norman Hillأحد أعضاء هذا املؤمتر أن يكون احلد األقصى للمسؤولية
للناقل البحري هو 20جنيه اجنليزي أُسوةً مبا كان متبعا يف سندات الشحن اإلجنليزية ،مث
توالت بعد ذلك االقرتاحات متأرجحة بني هذا املبلغ و 200جنيه اجنليزي كأقصى حد
ملسؤولية الناقل عن كل طرد .وأخريا مت االتفاق على االقرتاح الذي تقدم به املندوب الفرنسي
Dorوهو مبلغ 100جنيه اجنليزي كحد أقصى حيكم به على الناقل عند ثبوت مسؤوليته ،
عن كل طرد أو وحدة هالكة أو اتلفة ،أو ما يعادل هذه القيمة بنقد عملة أخرى .غري أنه يف
جلنة مؤمتر بروكسل الدبلوماسي أثري اقرتاح جديد وهو استبدال مبلغ مائة دوالر ابملبلغ املتفق
عليه يف مؤمتر الهاي( 100جنيه اجنليزي) ،إال أن هذا االقرتاح قوبل ابلرفض حبجة عدم
إجراء أي تغيري جتاري مت احلصول عليه بصعوبة بني الناقلني والشاحنني .وهكذا ثبت مبلغ
املائة جنيه اجنليزي كحد أقصى ملسؤولية الناقل والذي يقابل تعويضا وسطا عن الضرر الذي
يلحق الشاحن يف حالة إذا ما مل يذكر جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن طبقا للمادة 5/4
من املعاهدة.2
1
-Si vous établissez une règle de ce genre, dit de Rousiers, il n'y aura aucun
inconvénient du fait que le fret sera prélevé en dollars ou en francs ou en livres ou en
shillings ou en quoi que ce soit, parce qu'il y a toujours le rapport entre la monnaie
dans laquelle le fret a été prélevé et la monnaie dans laquelle l'indemnité sera versé au
chargeur ''compte rendu sténographique de la conférence de la Haye : RIDM33-1016.
مشار إليه لدى عبد الرمحن سليم ،املرجع السابق ،ص .271
-2املرجع السابق ، ،املوضع نفسه
196
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
استمرت املناقشات كما أعيد مرة اثنية االقرتاح املتعلق بوضع مبلغ يعادل أضعاف أجرة
النقل من طرف مندوب فرنسا يف املؤمتر الذي عقدته اجلمعية البحرية الدولية يف" أمسرتدام"
هبولندا سنة 1949لكن املؤمتر مل ينته إىل نتيجة يف هذا املوضوع ،أما يف إجنلرتا فقد عقد
بني كبار اجملهزين والشاحنني واملؤمنني يف أوت 1950 Gentle Men's agreement اتفاق
نص يف مادته الثانية على أن يقدر احلد األقصى للتعويض ملسؤولية الناقل البحري ب200
جنيه إسرتليين من العملة الورقية مامل يكن الشاحن قد بني جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن
وأن يُدو َن ذلك يف سند الشحن على أن يكون هذا االتفاق انفذا ملدة مخس سنوات من اتريخ
عقده.1
رئيس املؤمتر الذي عقدته اجلمعية Giannini هذا الرأي هو اآلخر لقي انتقادا من
وبني
البحرية الدولية يف "انبويل" عام 1951والذي حذر من مثل هذه االتفاقات اخلاصة ن
للمؤمتر خطورهتا ،إذ لو ع نمت لقضت على اجلهود اليت تبذهلا اجلمعية البحرية الدولية من أجل
توحيد التشريعات البحرية بني سائر الدول.2
يرى أحد الفقهاء أن االختيار الذي استقر عليه املؤمتر وهو اقرتاح املندوب الفرنسي
Dorواملقدر ب 100جنيه إسرتليين كحد أقصى للتعويض عن حاالت اهلالك أو التلف يف
ظل معاهدة بروكسل لسنة 1924مل يتم على أساس دراسات حقيقية ملتوسط أسعار السلع
اليت تنقل عرب البحر وإمنا هو اقرتاح وسط لالقرتاحات املختلفة اليت تقدم هبا أعضاء مؤمتر
الهاي واليت تراوحت بني 20إىل 200جنيه .وترتيبا على ذلك فإن حتديد مقدار احلد
األقصى للتعويض جيب أن يتحدد على ضوء دراسة حقيقية ملتوسط أسعار السلع املنقولة حبرا
مع مراعاة املخاطر ،اليت يتعرض هلا الناقل البحري ومدى مشاركة الشاحن يف حتمل جزء من
هذه املخاطر،3يف سبيل الوصول إىل إعادة التوازن العقدي املفقود بني طريف عقد النقل.
197
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة الثانية:
املقصود ابجلنيه اإلسرتليين
ال ريب أن اجلنيه الذي أشارت إليه معاهدة بروكسل لسنة 1924هو اجلنيه اإلسرتليين
الربيطاين الذي حدد يف سنة 1717من قبل "إسحاق نيوتن" عندما كان رئيسا لدار صك
النقود ،حيث كانت يف ذلك الوقت األوقية من الذهب عيار 22قرياط تساوي يف العملة
اإلجنليزية 3جنيه إسرتليين .وتساوي أيضا 1.5دوالر و 17شلن وبعبارة أخرى فإن اجلنيه
اإلسرتليين يساوي 284أوقية من الذهب وقد استمر اجلنيه على ذلك القدر حىت سبتمرب
1931عندما أعفت احلكومة اإلجنليزية بنك إجنلرتا من التزاماته مبوجب قاعدة الذهب
وأصبح اجلنيه اإلسرتليين عملة غري مستقرة.1
غري أنه يف حتضري مسودة االتفاقية ظهرت بعض الصعوابت إذ ورد يف النص اإلجنليزي
للمادة الرابعة فقرة 5أن مسؤولية الناقل:
"100 per package or unit ,or the equivalent of sum in othe currency
يف حني أن النص الفرنسي ورد على الشكل التايل:
"100 livres sterling par colis ou unité ,ou l'équivalent de cette somme en autre
"monnaie
فثار االلتباس هل يؤخذ مبا يقابل 100جنيه من العملة الورقية أو يؤخذ بقيمتها ذهبا؟
نصت الفقرة األوىل من املادة التاسعة على أنه" :يراد ابلوحدات النقدية الواردة هبذه
املعاهدة القيمة الذهبية" .وليس معىن ذلك أن حيصل الشاحن أو املضرور على التعويض ذهبا
وإمنا أن حيصل هذا األخري على التعويض املستحق له ابلنقد الورقي حمسواب على أساس قيمة
الذهب .و احلكمة من ادخال هذه الفقرة هو حتقيق االستقرار ولتجنب تضخم سعر اجلنيه
اإلسرتليين ،حبيث يصبح احلد األقصى للتعويض غري مرتبط بسعر صرف اجلنيه االسرتليين.2
-1أمحد حمود حسين ،النقل الدويل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص . 278
-2بسام عاطف املهتار ،املرجع السابق ،ص . 186
198
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
و قد كانت املعاهدة تقصد من وراء ذلك محاية الشاحنني من تغري سعر العملة الورقية
من وقت آلخر و كذلك مراعاة املساواة بني أطراف عقد النقل يف الدول املختلفة حبيث يشعر
اجلميع بثبات املبالغ اليت تدفع.1
لكن قد حيدث عمال أن خيتلف الناقل والشاحن يف إختيار عملة الوفاء فقد خيتار
األول عملة بلد معني وخيتار الثاين عملة بلد آخر فما هو املعيار الذي حيدد به القاضي أساس
التعويض؟
kinelic s vgross لقد سبق وأن طرح هذا االشكال على القضاء اإلجنليزي يف قضية
2
واليت تتلخص وقائعها يف أنه خالل الرحلة البحرية من فينا إىل الكويت تعرضت sea
لطقس رديء يف خليج عدن مما أدى إىل ضياع البضائع وقد كان Moxonici السفينة
الطرفان متفقان قبل احملاكمة يف حال وقوع نزاع أن يتم حله وفق احلد األقصى املنصوص عليه
يف اتفاقية بروكسل وتعديالهتا لعام ، 1968طالب الناقل أن يتم الوفاء ابللرية اإليطالية ألن
البضائع صنعت إبيطاليا .ومت الدفع ابللرية االيطالية أما املرسل إليهم فطلبوا الوفاء ابلدوالر
األمريكي ،فكان االشكال الذي قام هو أي عملة يدفع هبا مبلغ التعويض؟
يف القضية املذكورة على النحو التايل :ابلرغم Steel.J لقد جاء احلكم من القاضي
من أن شركة النقل إيطالية (املدعية)و دفع مثن البضاعة ابلعملة اإليطالية يف مصنع إيطايل إال
أن الشركة الناقلة كانت عضوا يف فريق أمريكي .وكذلك الفرقاء قد ضمنوا العقد أنه جيب
الوفاء عن أضرار عدم التسليم أو التأخري يف التسليم ابلدوالر األمريكي ،لذلك قرر أن تكون
عملة الوفاء ابلدوالر األمريكي.3
199
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ما يالحظ على هذا احلكم أنه أخطأ يف االستدالل ،ألنه استند إىل اتفاق األطراف ومل
يراعي مصلحة املضرور ومدى جواز هذا االتفاق يف اتفاقية بروكسل ،فقد كان من األجدر
على القاضي أن حيسب أوال مبلغ التعويض حسب اللرية اإليطالية ،مث وفقا لقيمته ابلدوالر
األمريكي مث جيري بعد ذلك مقارنة بني التعويضني .ويف األخري يصدر حكمه ابلتعويض وفق
العملة اليت تكون أكرب قيمة من احلد األقصى للتعويض الوارد يف االتفاقية وليس أقل منه ،حىت
ال يقع يف شرط ابطل طبقا ملا قضت به املادة 8/3من اتفاقية بروكسل .
مبعىن أوضح أنه جيب على هذا األخري أال حيكم مببلغ يقل عن احلد األقصى للتعويض
،الذي حددته هذه األخرية وذلك من أجل محاية أصحاب احلق يف البضاعة املتضررين وحتقيقا
للمساواة العقدية ،فالقوة االتفاقية اليت خيضع هلا احلكم جيب أن تتماشى مع ما جاءت به
نصوص املعاهدة وال تتعارض مع حكمتها التشريعية يف سبيل محاية الطرف الضعيف يف عقد
النقل.
الفرع الثاين:
خروج إجنلرتا على قاعدة الذهب وأثره على أحكام القضاء املصري
إن اخلوض يف مسألة خروج إجنلرتا على قاعدة اجلنيه الذهيب وانعكاساته على أحكام
القضاء يف القضاء املصري يفرض علينا إعطاء صورة عن األحداث اليت دفعت إبجنلرتا للخروج
على النظام الذهيب ،مع بيان األسباب اليت أدت إىل فشل هذا النظام ،مث التعرض بعد ذلك
للخالف الفقهي احلاصل حول استبعاد القضاء املصري لقاعدة اجلنيه الذهيب.
الفقرة األوىل:
اهنيار النظام الذهيب وأسباب فشله
نظرا ملا قدمه نظام التعامل ابلذهب قبل أن يشهد تقلبات يف أسعاره حبيث ضل هو
السائد يف املعامالت بني الدول غري أنه مل يستطع الصمود يف وجه األزمات ،حيث ااهار خملفا
200
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ورائه مشكلة دولية يف البحث عن بديل عنه ،لذلك سنبني كيف اندثر هذا النظام مع ختلي
إجنلرتا عنه ،مث يعقبه تلخيص ألهم األسباب اليت أدت إىل فشله.
أوال :اهنيار النظام الذهب وخروج إجنلرتا عليه
فرضت احلرب العاملية األوىل على الدول املشاركة فيها ضرورة التوسع يف اإلصدار
النقدي ومن أجل متويل نفقاهتا الباهظة على عكس ما تقتضيه قاعدة الذهب وهو اإلصدار
الصارم يف النقد الذي يتوافق مع كمية الذهب ،مما اقتضى على أغلب الدول فيها اتباع سياسة
نقدية مستقلة لتحقيق استقرار االقتصاد الداخلي كأول هدف هلا .وعقب انتهاء احلرب
جرت عدة حماوالت حقيقية من أجل إحياء قاعدة الذهب ولكن كلها ابءت ابلفشل حيث
كانت أغلب العمالت مقومة تقوميا خاطئ ،كما أن ميزان مدفوعات أغلب الدول كان يف
وضعية خمتلة ،حيث عادت اجنلرتا إىل قاعدة الذهب يف عام 1925ومتسكت بنفس سعر
التعادل القدمي ابلنسبة للدوالر (1جنيه = .1( $ 4.87
مل يكن هذا السعر منصفا ابلنسبة للدوالر الذي كان أقوى بكثري من اجلنيه %44
وهذا ما اضطر اجنلرتا إىل اخلروج عن قاعدة الذهب يف 21سبتمرب 1931بعد فقدااها
حوايل 27مليون إسرتليين .كما فقدت الكثري من استثماراهتا يف اخلارج ويف 14أبريل
1933خرجت أكرب قوة مساندة لقاعدة الذهب وهي الوالايت املتحدة وقد قامت بتخفيض
قيمته 1934من أجل تشجيع صادراهتا وخاصة بعد ااهيار ( وول سرتيت) يف أكتوبر
1929وقد جتمع معظم الرصيد أو االحتياطي الذهيب يف يد احلكومة األمريكية بعد فرضها
على مواطنها تسليم ما ميلكون من ذهب مقابل شهادات إلثبات دائنيتهم .2
201
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
كما أنه مل يتبقى من دول العامل سوى مخس دول فقط ظلت ملتزمة بقاعدة الذهب
الذهب" gold وهي فرنسا ،بلجيكا ،هولندا ،ايطاليا ،سويسرا .وقد يطلق عليها "جبهة دول
Blocإال أنه حبلول عام 1936خرجت فرنسا وسويسرا من هذه اجلبهة وقامت بتخفيض
عملتها .و قد قامت بعض الدول إبتباع نظام الرقابة على الصرف لتخفيف حدة األزمات
اليت تواجهها مستهدفة بذلك توفري احتياطات من النقد األجنيب لسداد مدفوعاهتا اخلارجية
حيث قامت احلكومات هذه الدول بفرض رقابة على خروج ودخول النقد األجنيب لكي حتد
من تصدير رؤوس األموال إىل اخلارج حىت ال تتعرض حلدوث عجز يف ميزان مدفوعاهتا
اخلارجية ،مما يشكل ضغطا على سعر صرف العملة يهدد بتخفيضها ،هذا من جانب
ابإلضافة لذلك كي تعمل على احلد من استرياد السلع غري الضرورية وادخار رؤوس األموال
األجنبية السترياد السلع اإلنتاجية وكما كانت تلزم املواطنني ببيع ما لديهم من أرصدة النقد
األجنيب املتولدة عن نشاطهم التصديري مقابل حصوهلم على العملة الوطنية.1
اثنيا :أسباب فشل نظام الذهب
ميكن تلخيص أهم األسباب اليت أدت إىل ااهيار قاعدة الذهب يف ما يلي: 2
أ-التفاوت بني إنتاج الذهب ومنو التجارة الدولية ،ففي الوقت الذي ينمو فيه إنتاج الذهب
سنواي مبعدل %2تنمو التجارة الدولية مبعدل .%11
ب-كما أن نشوب احلرب العاملية الثانية أدى إىل تركيز الذهب بيد الدول املتحاربة لغرض
استخدامه ملشرتايت العسكرية.
ج-خالل مرحلة اعمار أوراب تطلب التوسع النقدي واحلاجة من اإلحتياجات من الذهب
والدوالر واجلنيه اإلسرتليين مما انعكس ذلك على اإلحتياطات الدولية.
- 1مكتبة احملاضرات و البحوث وامللتقيات والكتب يف جمال العلوم االقتصادية ،املرجع السابق،ص71و ما يليها.
-خالد املرزوك ،النظام النقدي الدويل،كلية اإلدارة و اإلقتصاد ،قسم العلوم املالية والنقدية ،جامعة اببل ،العراق،ص:80
2
staff.uobabylon.edu.iq
اتريخ الدخول إىل املوقع ،2018/01/16:التوقيت.16:30:
202
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة الثانية:
اخلالف الفقهي حول استبعاد القضاء املصري لقاعدة اجلنيه الذهيب
نتيجة خلروج إجنلرتا على قاعدة الذهب ابلقانون الصادر يف 21سبتمرب 1931
،الذي جعل اجلنيه اإلسرتليين الورق له قوة إلزامية يف الدفع .و قد أتثرت بذلك بعض احملاكم
املصرية 1فذهبت إىل القول أبنه مل يعد هناك حمل لتطبيق نص املادة التاسعة من معاهدة
بروكسل لسنة 1924من الناحية العملية ،إذ أصبح هذا النص غري ذي موضوع ،ألن اجلنيه
الورق املتداول يف إجنلرتا هو وحده الذي جيب أن يكون حمل اعتبار يف تطبيق احلد األقصى
للتعويض وكل ما تستند إليه هذه احملاكم من حجج هي كاآليت:
-1أن النص الوارد يف املعاهدة اخلاص بشرط دفع الذهب قد وضع قبل خروج إجنلرتا من
قد النص قيمته وأن مصر خرجت كذلك عن قاعدة الذهب.
قاعدة الذهب وخبروجها منها فَ َ
وصدر هبذا الشأن القانون رقم 45لسنة 1935مبطال لشرط الذهب.
-2أن شرط الدفع ابلذهب الوارد يف املعاهدة يعترب ابطال ملخالفته النظام العام يف مصر ،إذ
أن القانون الصادر يف سنة 1914منع شرط الدفع ابلذهب يف املعامالت الداخلية .و
كذلك القانون رقم 45لسنة 1935قد بسط هذا املنع على املعامالت اخلارجية ما عدا ما
تعلق ابتفاقات اهلاتف والتلغراف والربيد.2
خالفا لذلك قال أغلب الفقه 3أبن األحكام السالفة الذكر غري سليمة ويعاب عليها
هذا املسلك لألسباب اآلتية :4أ-تعترب معاهدة بروكسل اليت انضمت إليها مصر مبوجب
-1استئناف اسكندرية بتاريخ 3ماي ، 1953حكم حمكمة اسكندرية االبتدائية الصادر يف 16ديسمرب 1950وكذلك نقض 11
فرباير 1960يف الطعن رقم 95لسنة 25ق :مشار إليهم لدى علي حسن يونس ،املرجع السابق ،ص . 322
-2عبد الرمحن سليم ،املرجع السابق،ص. 275
-3مصطفى اجلمال ،املرجع السابق ،ص ، 250حممود مسري الشرقاوي ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص ، 307مصطفى كمال طه
،التوحيد الدويل للقانون البحري ،املرجع السابق ،ص،124علي حسن يونس ،املرجع السابق ،ص . 323
-4حممود مسري الشرقاوي ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص 307وما يليها.
203
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
القانون رقم 18لسنة 1940قانوان داخليا واجب التطبيق ابتداءا من 29ماي 1944
،حيث جيب على القاضي املصري تطبيق أحكام املعاهدة كقانون من قوانني الدولة.
ب-تتعلق أحكام معاهدة بروكسل ابلنظام العام.
ج-إذا حدث تعارض بني قانونني داخلني متعلقان ابلنظام العام يتعني إعمال القاعدة العامة
اليت تقضي أبن القانون الالحق ينسخ السابق فيما يتعارض فيه القانونني.
د-يعترب احتساب التعويض على أساس اجلنيه اإلجنليزي الورق ختفيفا ملسؤولية الناقل وهو غري
جائز قانوان وخمالفا ألحكام املعاهدة.
ه-هتدف املعاهدة إىل أن يكون دفع التعويض على أساس قيمة الذهب ،و أن توحد األساس
الذي حيتسب عليه التعويض يف خمتلف الدول وهو غرض خيالف احملاكم املصرية.
و-مل مينع القانون رقم 45لسنة 1935شرط الذهب يف املعامالت اخلارجية بصفة مطلقة
وإمنا أجازه يف معامالت معينة مثل اتفاقات التليفون والتلغراف والربيد ،فإذا أجاز القانون رقم
18لسنة 1940إبصدار معاهدة بروكسل املتعلقة بسندات الشحن شرط الذهب فيما يتعلق
بعقود النقل البحري وهو قانون الحق للقانون رقم 45لسنة 1935فإن ذلك يعد استثناءا
من بطالن شرط الذهب ميكن أن يضاف إىل االستثناءات الواردة يف القانون األخري.1
غري أن هناك من الفقهاء 2من ساند األحكام القضائية السابقة بقوله حىت وإن كان يف
الواقع أن معاهدة بروكسل قصدت صراحة الدفع على أساس ما يعادل قيمة العملة اإلجنليزية
ابلذهب فإنه يبدو أن ذلك وفقا للتشريع املصري يصعب تطبيقه يف الواقع العملي ،حيث
يصطدم بصراحة نصوص القانون رقم 35لسنة ،1935الذي يبطل شرط الدفع ابلذهب
ويعترب هذا الشرط ابطال يف مجيع الفروض ومنها الدفع ابلعملة الورقية على أساس ما يعادل
قيمة الذهب .ولذلك جلأت احملاكم إىل تقدير اجلنيه اإلجنليزي الورقي ابلعملة الوطنية بناءا على
عدم ذكر املشرع املصري صراحة اعتبار عقود النقل البحري ضمن االستثناءات الواردة على
204
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
سبيل احلصر وقد جلأ مشروع التقنني البحري إىل حتديد مسؤولية الناقل مببلغ مائة ومخسني
جنيها مصراي ،1حسب املادة 196من القانون املصري .
إن احلكمة من وراء ذلك هو مراعاة لعدم ختفيف املسؤولية الناقل ومحاية الشاحن عندما
الحظ أن القضاء قد استقر على حساب التعويض على أساس تقدير اجلنيه اإلسرتليين الورقي
ابلعملة الوطنية ،فاحلكم الذي أخذ به مشروع القانون البحري يعد متفقا مع نصوص القانون
رقم 45لسنة 1935واخلاص مبنع شرط الدفع ابلذهب .وكذلك تعترب األحكام املشار إليها
سابقا متفقة مع ما استقرت عليه أحكام حمكمة النقض املصرية من عدم اعتبار التعويض يف
عقد النقل البحري استثناءا بعدم جواز الدفع ابلذهب.2
من مجع ما تقدم فإنه ينبغي عدم األخذ هبذا الرأي والذي مل يستطع الصمود يف وجه
إمجاع الفقه يف مصر ويف فرنسا، 3كما أن ما أتى به أصحاب الرأي األول من حجج كان
كافيا يف بيان املعىن الذي يتفق مع الغرض من احلد األقصى للتعويض مببلغ معني .ألن هذا
احلد يكون عدمي الفائدة إذا ترك للتقلبات النقدية ،يف حني ال يكون هناك أتثري من هذه
التقلبات إذا روعي يف التعويض أن يكون حمسواب على أساس اثبت ،كما أن املشرع املصري
قرر ابنضمام مصر إىل املعاهدة سندات الشحن واقتضى ذلك سراين هذه املعاهدات على
العالقات الدولية فال مانع من القول أبن املشرع بعد أن منع شرط الذهب عاد واستثىن من
ذلك حالة املسؤولية احملدودة للناقل البحري للبضائع يف ظل املعاهدة ،حبيث يتعني على الناقل
تعويض الضرر الذي يصيب كل طرد أو وحدة يف حدود 100جنيه اجنليزي حيسب وفق
قيمة الذهب.4
-1كذللك املشروع الذي أعدته اللجنة البحرية الدولية يف مؤمتر "ستوكهومل" يف جوان 1963بتعديل معاهدة بروكسل لسندات الشحن
بتحديد مسؤولية الناقل البحري مببلغ فرنك 10000وهو ما يعادل 235جنيه اجنليزي ورق :مسيحة القليويب ،موجز يف القانون
البحري ،املرجع السابق ،ص. 450
-2مسيحة القليويب ،موجز يف القانون البحري ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-3ممدوح زكي احملامي ،التحديد القانوين ملسؤولية الناقل البحري وعن شروط الدفع على أساس الذهب طبقا ملعاهدة سندات
الشحن(معاهدة بروكسل لسنة ،)1924جملة احملاماة ،العدد األول السنة السادسة والثالثون ،ص.142
-4علي حسن يونس ،املرجع السابق ،ص. 223
205
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
من جهة أخرى فإن الرأي األخري ،الذي دافع عن أحكام القضاء املذكورة قد أخلط
وما Gold coin clause بقيمة الذهب وشرط الوفاء ذهبا Gold clause بني شرط الوفاء
قصدته املعاهدة بنص املادة التاسعة كما سبق ذكره آنفا أن يكون الوفاء ابلنقد الورقي حمسواب
على أساس قيمة الذهب 1ال أن يكون الوفاء ابلتعويض ذهبا.2
كما يؤكد على صحة ذلك أيضا اتفاق Gentle Men's agreementالذي اُتفق فيه
على اعتبار 100جنيه ذهبا تعادل 200جنيه اجنليزي من العملة الورقية ،إذ تنتفي احلاجة
إىل مثل هذا االتفاق لو كانت املائة جنيه تدفع ورقا بعد خروج إجنلرتا على قاعدة الذهب.3
خيلص القول أن اتفاق الدول يف اتفاقية بروكسل لسنة 1924على توحيد مبلغ احلد
األقصى للتعويض ينصب أساسا على قاعدتني :
أ-اجلنيه اإلسرتليين كوحدة حلساب التعويض.
ب-حتديد سعر اجلنيه بقيمته ذهبا.
إذن ال حمل للقول أبن اجلنيه اإلسرتليين وحده هو أساس التعويض ،خصوصا إذا علمنا
أنه عند ابرام املعاهدة سنة 1924مل تكن الدول يف حاجة إىل أن حترص على أن تقرر سعر
اجلنيه اإلسرتليين يكون مقوما ابلذهب ،ألن اجلنيه اإلسرتليين يف ذلك الوقت كان مرتبطا بسعر
الذهب ومل تكن إجنلرتا قد خرجت بعد من نظام الذهب الكامل ولو كان املراد أن يتخذ
-1و هو ما أخذ ت به حمكمة استئناف Rouenاليت قضت أيضا ابلزام الناقل بدفع 200جنيه إسرتليين عن ضياع طردين من البضاعة
املنقولة وفقا لقيمة اجلنيه التجارية حسب سعر الصرف يف البورصة يوم وصول السفينة إىل امليناء وكذلك حمكمة استئناف Parisالفرنسية
عند حساب التعويض بقيمة اجلنيه اإلسرتليين ذهبا ،حيث كان حتويل 100جنيه إىل الفرنك الفرنسي يقدر ب 4.576أي ما يعادل أربعة
أضعاف قيمة اجلنيه اإلسرتليين ورقا :
-CA. Rouen 10/02/1967,DMF1967,p675.
-CA. Paris ,18/04/1974,E.T.L 1975,p384.
أما يف القضاء العريب فقد أصدرت حمكمة استئناف أبو ظيب قرارا يف 1986 /12/ 31اعتدت فيه ابلقيمة املالية للجنيه اإلسرتليين ذهبا
:مشار إليه لدى أمحد حمود حسين ،النقل الدويل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص . 124
-2عبد الرمحن سليم ،املرجع السابق ،ص ، 276ويضيف أكثم خويل مدعما احلجج السابقة اننا لسنا أمام شرط الذهب وإمنا أمام نص
تشريعي عام االنطباق :حممود مسري الشرقاوي ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص. 309
-3مصطفى كمال طه ،التوحيد الدويل للقانون البحري 278،وما يليها.
206
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
اجلنيه اإلسرتليين كوحدة أساسية للتعويض ملا كانت الدول يف حاجة إىل أن حتدد الوحدة
النقدية بقيمة الذهب يف املادة التاسعة. 1
كما أن مبلغ املائة جنيه إسرتليين مقومة ابلذهب قُصد به اختيار حد أقصى للتعويض
هذا من جهة ومن جهة أخرى حتديد سعر اثبت دون القيمة الفعلية للبضاعة وقد كان يتوخى
من هذا التحديد أن سعر الذهب هو ممثل للقوة الشرائية وابلتايل أقرب ما يكون ممثال لقيمة
البضاعة .وعلى ذلك استقر الرأي عند ابرام املعاهدة بني شركات املالحة والشاحنني على
متوسط القيمة التقريبية لكل طرد ،فإذا استحق الشاحن 100جنيه عن كل طرد فهو يستحق
القيمة احلقيقية على وجه التقريب للبضاعة املفقودة أو التالفة على متوسط هذه القيمة. 2
الفرع الثالث:
حتويل القيمة الذهبية إىل العمالت الوطنية
إن األصل يف دين التعويض أو أي دين آخر أن يغطى ابلنقد الوطين للدائن وفقا
للقواعد العامة ،حىت ولو كان الدين انشئا عن حكم صادر بنقد آخر .ويف هذه احلالة األخرية
جيب احتساب سعر الصرف يوم الوفاء و هذه القاعدة تتعلق ابلنظام العام نظرا ألاها تتعلق
حبماية النقد الوطين.3
لكن معاهدة بروكسل جاءت بنظام خمتلف بشأن الدول اليت ترفض أن يتم الوفاء بغري
عملتها ،حيث نصت يف املادة 2/9من منها على أنه للدول املتعاقدة واليت ال تستعمل
اجلنيه اإلسرتليين كوحدة نقدية ،أن حتتفظ حبق حتويل املبالغ املبينة إىل أرقام صحيحة وفق
نظامها النقدي .وهذا التحويل جيب أن يتخذ اجلنيه اإلسرتليين أساسا حمسواب طبقا لقيمته
207
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ذهبا وإذا مل يتم التحويل فإنه ميكن للقوانني الوطنية االحتفاظ للمدين حبق الوفاء ابلنقود
الوطنية طبقا لسعر القطع1يوم وصول السفينة إىل ميناء تفريغ البضائع.2
ال حيتاج األمر إىل بيان مدى االعرتاض على هذا النص ،إذ أن النقد دائما يف حالة
نزول سوآءا كان ظاهرا أو خفيا ويف هذه احلالة يكفي الناقل أن يؤخر دفع التعويضات
والفوائد اليت يلتزم هبا مبوجب حكم صادر من حمكمة أول درجة ويف االستئناف من بعد وذلك
للحصول على ختفيض كبري لدينه وعلى مهلة الوفاء يف نفس الوقت .3إال أنه من الواضح أن
املناقشات اليت دارت يف مؤمتر بروكسل الدبلوماسي لسنة 1922أن سبب اختيار سعر
الصرف يوم وصول السفينة إىل ميناء التفريغ هو أن هذا اليوم اثبت وأكثر سهولة يف حتديده
من األايم األخرى.4
أمام صراحة النص يف املعاهدة فإن القضاء يطبقه وحيتسب سعر الصرف يوم وصول
السفينة إىل ميناء التفريغ ،كما ميكن االتفاق يف سند الشحن على يوم آخر يتخذ أساسا
لتحديد سعر الصرف مع مراعاة ما يلي:5
-1عدم جواز االتفاق على حتديد سعر صرف معني ،إذ أن ذلك سيؤدي يف كثري من
األحوال إىل ختفيف مسؤولية الناقل ابعتباره الطرف القوي يف العقد وهو ابطل طبقا
للمعاهدة(.)8/3
-2جيب أن يكون اتريخ اليوم املتفق عليه على حتديد سعر الصرف واردا يف فرتة سراين عقد
النقل ،أي من وقت إصدار سند الشحن حىت متام تسليم البضاعة .وعليه ميكن االتفاق على
-1سعر القطع هو تعبري خاطئ وترمجة غري دقيقة لألصل الفرنسي cours de changeوالرتمجة الصحيحة للعبارة املشار إليها أعاله
هو سعر الصرف ،أما سعر القطع فهو سعر اخلصم وهناك فرق شاسع بني املعنيني.
-2بسام عاطف املهتار ،املرجع السابق ،ص.186
-3أمحد حممود حسين ،النقل الدويل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص.282
-4عبد الرمحن سليم ،املرجع السابق ،ص.282
-5أمحد حممود حسين ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
208
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
اختاذ يوم إصدار سند الشحن ،أو يوم تسليم البضاعة ،أو يوم الوفاء أساسا لتحديد سعر
الصرف.
يرى بعض الفقه أنه كان من ابب أوىل على واضعي اتفاقية بروكسل أن ينصوا يف املادة
3/9على حساب التعويض على أساس سعر اجلنيه الذهيب يوم الوفاء ألن ذلك أعدل
للمضرور ،حيث توجد فرتة زمنية بني يوم الوفاء ويوم الوصول واليت قد تنتج فيها بعض
التغريات االقتصادية اهلامة يف القيمة الذهبية للجنيه اإلسرتليين.1
تربأ ذمة الناقل من التزامه ابلتعويض إذا وىف ابلنقود الوطنية على أساس سعر الصرف
يوم وصول السفينة إىل ميناء التفريغ وإن مضت بينه وبني الوفاء مدة طويلة .وهبذا قضت
حمكمة النقض املصرية حيث جاء يف قرارها ما يلي ":وحيث أن هذا النعي مردود ،ذلك أن
املادة 3/9من معاهدة بروكسل اخلاصة بتوحيد بعض القواعد املتعلقة بسندات الشحن تنص
على أنه ميكن للقوانني االحتفاظ للمدين حبق الوفاء ابلنقود طبقا لسعر القطع يوم وصول
السفينة إىل ميناء تفريغ البضائع املقصودة و كانت مصر قد انضمت إىل هذه املعاهدة وصدر
مرسوم ابلعمل هبا ابتداءا من ."1944/5/29
كما ميتنع طبقا للقوانني املصرية الوفاء يف مصر بغري العملة املصرية وكان نص املادة
السالفة الذكر قد قرر حساب العملة الوطنية على أساس سعر الصرف ،يف يوم وصول السفينة
إىل ميناء التفريغ قد جاء عاما مطلقا ومل يفرق بني الوفاء الفوري أو الوفاء املرتاخي ألجل ،كما
مل يفرق بني الوفاء االختياري والوفاء االجباري .وذلك بقصد وضع معيار اثبت لسعر الصرف
يسهل حتديده وهو يوم وصول السفينة إىل ميناء التفريغ وإن مضت بينه وبني يوم الوفاء مدة
طويلة ،فإن مؤدى ذلك أن تربأ ذمة الناقل من التزامه إذا وفاه بنقود وطنية على هذا األساس.
وملا كان ذلك احلكم املطعون فيه قضى للطاعنة ابلتعويض قدره 274784,2فرنكا
-1علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،سنة ،1969املرجع السابق ،ص .753
209
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
سويسراي مقوما ابلعملة املصرية على أساس السعر الرمسي للفرنك السويسري يوم وصول
السفينة إىل ميناء التفريغ يف 1948/1/1فإنه يكون قد خالف القانون".1
طبقا للحق املخول مبقتضى الفقرة الثانية من هذا النص ،حددت بعض الدول تعويضا
يتفق مع نظامها النقدي وضمنته يف تشريعاهتا الداخلية ،ففي بلجيكا ُحدد أقصى حد
للتعويض عن الطرد ب17,500ألف فرنك بلجيكي .ويف فرنسا مببلغ 8000فرنك فرنسي
مبوجب القانون الصادر يف أفريل سنة ،1926مث عُدل إىل 50ألف فرنك ابلقانون 22
نوفمرب لسنة ،1948مث عُدل مرة اثلثة إىل 100ألف فرنك يف 25سبتمرب ، 1953أما يف
أمريكا فقد حدد ب 500دوالر.2
يف هذا اإلطار جيب التفرقة بني أمرين :األول أن هذا التحديد قاصر على العالقات
داخل الدولة اليت أصدرت تشريعاهتا ،أما العالقات اليت تتنازع فيها القوانني فإن العربة عندئذ
بتطبيق أحكام املعاهدة دون هذه التشريعات ،فيجب لذلك التزام نص الفقرة األوىل من املادة
التاسعة اليت حتدد التعويض على أساس سعر الذهب .
على صعيد آخر يالحظ أن القضاء الفرنسي يفرق بني العالقات الداخلية وبني
العالقات اليت يسودها تنازع القوانني ،ففي احلالة األوىل يطبق التعويض على أساس القانون
الصادر يف عام .1936
ويف احلالة الثانية يطبق أحكام املادة التاسعة من معاهدة بروكسل واخلاصة بتحديد التعويض
على أساس 100جنيه مقومة ابلذهب وهبذا قضت حمكمة استئناف ابريس يف حكمها
الصادر يف 6جوان.31952و هذا احلكم قاطع الداللة يف إعمال نص املادة التاسعة من
املعاهدة يف حالة تنازع القوانني .
-1الطعن رقم 246لسنة 30ق جلسة 1967/11/21س 18ص :1713مشار إليه لدى شريف أمحد الطباخ ،املرجع السابق
،ص . 159
-2ممدوح زكي احملامي ،املرجع السابق ،ص .145
3
-"S'agissant d'un transport maritime effectué de Marseille à Shanghai par navire
français pour le compte d'un expéditeur étranger et destination d'une firme étrangère,
la limitation de la responsabilité à8000 frcs par colis (aujourd'hui 5000 frcs ) preuve
210
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
من خالل كل ما قيل بشأن قاعدة اجلنيه اإلسرتليين خيلص القول أن املادتني5/4 :
و 2/9من اتفاقية بروكسل مل تكوان دقيقتني ابلقدر الذي يقضي على اإلشكاليات اليت جتعل
الشاحن يف أسوأ مركز يف مواجهة الناقل .و ذلك بسب اختالف القضاء يف دول العامل يف
تفسري هاتني املادتني األخريتني ،مما جعل تقدير مبلغ التعويض خيتلف من دولة لألخرى حيث
يؤاخذ على املادة 5/4من جهة غياب املعيار املوضوعي يف حتديد مبلغ 100جنيه اجنليزي
كقاعدة حلساب احلد األقصى للتعويض .ومن جهة أخرى الغموض الذي كان يدور حول
هذه املادة من حيث أاها مل حتدد عيار الذهب ووزنه.
أما احلرية اليت منحتها الفقرة الثانية من املادة التاسعة للدول املتعاقدة واليت ال يستعمل
فيها اجلنيه اإلسرتليين كعملة ،حيث حيق هلا اختيار رقم التحديد يف عملتها الوطنية أبرقام
صحيحة وقد فسر ذلك على أنه يعين أن التحويل ميكن أن يتم يف أي وقت وال توجد حاجة
إىل حتديثه ،فكانت النتيجة أنه رغم ختفيض العمالت مع الزمن فإنه ما إن مت اختيار رقم للحد
األقصى للتعويض للمرة األوىل حىت بقي دون تغيري وقد كان يؤمل من أن تكون قيمة الذهب
اثبتة ،أو على األقل تعكس بشكل واقعي التضخم الطبيعي أو احلركات االنكماشية.1
لكن الذهب لسوء احلظ تعرض لتغريات ملحوظة يف قيمته احلقيقية ابتداءا من
سنة 1924فصاعدا حبيث أن كثري من الدول تبنت يف حدود املسؤولية للطرد أو الوحدة
بعمالهتا الوطنية يف تشريعاهتا احمللية ،مما مجد األمل كليا يف احلصول على قيمة عاملية للذهب
،ففي فرنسا مثال حددت املسؤولية مبقدار ألفي فرنك للطرد أو الوحدة ويف الوالايت املتحدة
حددهتا مبقدار مخسة مائة دوالر للطرد أو وحدة الشحن املعتادة .
par l'art 5 de la loi du 2/4/1936 ne peut être appliquée ,le transport litigieux ayant le
caractère d'un international et se trouvant soumis à la convention de Bruxelles du 25
aout 1924 ,aux termes de laquelle ,la responsabilité du transporteur est limitée
à100.or"(Arrêt Cour D'appel de paris au 6/6/1952, DMF N°44du mois d'aout 1952,
p421:
مشار إليه لدى املرجع السابق ،املوضع نفسه .
-1عبد القادر ،حسن العطري ،احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ،املرجع السابق ،ص 324وما يليها .
211
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أما الوضع يف البلدان العربية فيمكن القول أبنه اتسم بعدم اهتمام املشرع يف معاجلة وإجياد
حلول اليت حتفظ حقوق املواطنني ومسايرة االجتاهات الدولية يف هذا الشأن ،من أجل حتقيق
1
االستقرار والثبات يف املعامالت التجارية .
املطلب الثاين:
مقدار التعويض وفق قاعدة الفرنك البوانكاريه
تعود التوصية ملراجعة معاهدة بروكسل لسنة 1924إىل ابعثني ،األول هو وجوب
التخلي عن قاعدة اجلنيه اإلسرتليين الذهب،اليت سبق وأن رأينا أاها تسببت يف الكثري من
الصعوابت ،حىت يف بريطانيا إذ أن القانون مل حيدد قيمة اجلنيه الذهب ومل حتدده إال احملاكم.
أما الباعث الثاين فهو الرغبة يف رفع معدل التعويض بعد أن تبني أنه أصبح من التفاهة مبكان
خاصة فيما يتعلق ابحلاوايت و املستوعبات ،2بسبب مرور فرتة طويلة على التحديد وما
يرافقها من ارتفاع يف األسعار ويف أجور النقل وتقلبات يف قيمة العمالت .3وهذا األمر اقتضى
البحث عن وحدة أخرى ترضي الشاحنني على اختالف دوهلم وابلفعل فقد مت االتفاق يف
بروتوكول 1968املعدل لالتفاقية بروكسل لسنة 1924على إحالل الفرنك البوانكاري ،أو
الفرنسي حمل اجلنيه اإلسرتليين.4وبناءا عليه سنعاجل هذا املطلب من خالل فرعني :عوامل ظهور
الفرنك البوانكاري (الفرع األول)،حتويل الفرنك البوانكاري للعمالت الوطنية(الفرع الثاين).
-1عبد القادر ،حسن العطري ،احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ،املرجع السابق ،ص .325
-2أمحد حممود حسين ،النقل الدويل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص.287
-3لطيف جرب كوماين ،املرجع السابق ،ص.142
-4هذه الوحدة أخذت هبا عدة اتفاقيات دولية من قبل نذكر منها :اتفاقية وارسو للنقل اجلوي لسنة ( 1929املادة ،) 4/22معاهدة
بروكسل اخلاصة بنقل الركاب لسنة (1961املادة ) 1/6ومعاهدة بروكسل لسنة 1962اخلاصة مبسؤولية مستغلي السفن الذرية(املادة
.)1/3
212
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفرع األول:
ظهور الفرنك البوانكاري واألليات اليت ارتكز عليها
تقتضي دراسة الفرنك البوانكاري أو الذهيب كقاعدة حلساب احلد األقصى للتعويض
املرتتب عن اخلسارة الالحقة ابلشاحن أو صاحب البضاعة أن نبني أوال كيف كان ظهوره وما
املقصود منه ،مث بيان اآلليات اليت شجعت على التعامل به و يليه أخريا كيفية تقدير التعويض
وفق الفرنك البوانكاري .
أوال :ظهور الفرنك البوانكاري واملقصود به
أ-عوامل ظهور الفرنك البوانكاري:
لقد كانت املناقشات حول وضع حد أقصى للتعويض ابلفرنك البوانكاري يف املؤمتر
الدبلوماسي الذي عقد يف 23فرباير 1968طويلة وثرية ،حيث تعددت املشروعات رغم
اإلمجاع على وجوب رفع املعدالت القدمية وعدم االقتصار على معدل واحد وهو الطرد
والوحدة(االقرتاحات االسكندانفية) ،بينما ذهب آخرون إىل حتديد أرقام للطرد أو الوحدة
وقدرت ب 12500فرنك بوانكاري وللكيلوغرام ب 25أو 30فرنك بوانكاري على أن
أيخذ القضاء مبا هو أصلح للشاحنني( االقرتاحات اإلجنليزية و األملانية) .ويف النهاية أخذ
بروتوكول بروكسل لسنة 1968هبذا النظام اجلديد الذي يعترب أكثر تعقيدا من نظام املعاهدة
وهو أمر مل يكن من السهل تفاديه،1حيث ألغى يف مادته الثانية الفقرة اخلامسة من املادة
الرابعة من املعاهدة األصلية وقرر أن يستعاض عنها ابآليت:
أ-ال يلزم الناقل أو السفينة يف أي حال من األحوال بسبب الفقد أو التلف الالحق ابلبضاعة
أو ما يتعلق هبا مببلغ يزيد على ما يعادل عشرة آالف فرنك عن كل طرد أو وحدة أو ثالثني
-1أمحد حممود حسين ،النقل الدويل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص.288
213
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
فرنك عن كل كيلو من الوزن القائم من البضاعة املفقودة أو التالفة أيهما أكرب ،مامل يكن
الشاحن قد بني طبيعة البضاعة وقيمتها قبل الشحن وأثبت ذلك يف سند الشحن.1"...
ب-املقصود من الفرنك البوانكاري
يعرف الفرنك البوانكاري Franc Poincaréعلى أنه عملة افرتاضية مقومة ابلذهب
ويتم حتويلها إىل العمالت الوطنية على أساس كمية الذهب اليت حددها بروتوكول 1968
واملقدرةب65,5مليغرام من الذهب عيار 900من األلف من الذهب اخلالص .كما يعرفه
بعض الفقه ابختصار هي وحدة مصطنعة حتتوي على65,5مليغرام من الذهب عيار 900من
األلف.2
لقد اقتبس بروتوكول بروكسل لسنة 1968هذه الوحدة من املادة 22من اتفاقية
وارسو لسنة 1929للنقل اجلوي الدويل ويفضل الفقه والقضاء يف بريطانيا تسميته ابلفرنك
متيزا له عن الفرنك الفرنسي املتداول كعملة وطنية قبل أن حيل حمله Gold Franc الذهيب
Franc Poincaré .وهناك من الفقه من يفضل تسميته الفرنك البوانكاري Euro اليورو
نسبة إىل منشئه "رميون بوانكاري" وزير املالية يف فرنسا يف سنة ،31928حيث كانت هذه
الكمية من الذهب متثل قيمة الفرنك الفرنسي بعد هبوط قيمة النقد يف 25جوان من نفس
السنة.4
اثنيا :اآلليات اليت ارتكز عليها الفرنك البوانكاري
Bretton woods يعود الفضل يف وجود النظام النقدي الدويل التفاقية بريتون وودز
املربمة يف 22جويلية 1944واليت أنشأت كال من صندوق النقد الدويل والبنك الدويل
لإلنشاء والتعمري ،حيث ربطت اتفاقية النقد الدويل بني النقود والذهب مؤكدة بذلك تبنيها
لقاعدة الذهب يف جمال النقد الدويل ولكن بصيغة معدلة ،فحرصت انطالقا من ذلك على
-1علي مجال الدين عوض ،النقل البحري للبضائع ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ، 1992ص . 600
-2عبد القادر حسني العطري ،ابسم ملحم ،الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية –دراسة مقارنة ، -املرجع السابق،ص. 344
-3ملزي عبد الرمحن ،املرجع السابق ،ص . 293
4
- Pierre Bonasaisses et Christian scapel, op.cit,p290.
214
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
وضع جمموعة من االلتزامات على عاتق الدول األعضاء يف الصندوق ،ورد ذكرها يف املادة
الرابعة منها واليت تعترب مبثابة حجر الزاوية يف نظام النقد الدويل أبكمله وتدور هذه االلتزامات
حول فكرتني أساسيتني:1
le système de parité: أ-نظام التعادل
نصت الفقرة األوىل من املادة الرابعة السالفة الذكر على أن التعادل األساسي لعملة
أي عضو يف الصندوق سيعرب عنها ابلذهب كأساس مشرتك أو ابلدوالر األمريكي ومعىن ذلك
أن تلتزم كل دولة بتحديد القيمة األساسية لوحدة النقد الوطنية بوزن معني من الذهب ،2أو
ابلدوالر األمريكي طبقا لوزنه ودرجة نقائه يف أول جويلية عام 1944وقد كان الدوالر
األمريكي يف التاريخ األخري يقدر ب 0,888671جرام من الذهب.
ب-مبدأ ثبات سعر الصرف:
قررت االتفاقية مبدأ ثبات أسعار الصرف فيما بني العمالت الوطنية يف إطار حرية
التحويل وال يقصد هبذا املبدأ مجود أسعار الصرف ،أو ثباهتا املطلق بل املقصود هو الثبات مع
املرونة .أي أن االتفاقية قد أخذت حبل وسط بني أنصار الثبات املطلق وأنصار تقلبات
الصرف ،فهي تسمح يف حاالت حمددة بتعديل سعر الصرف وجتيز يف ظروف معينة فرض
القيود على حتويل العمالت لبعضها البعض وهو ما نتج عنه عدم وجود اختالف بني السعر
الرمسي للذهب وبني سعره يف السوق احلر ومرُد ذلك إىل ما يلي:3
أ-ما قررته الفقرة الثالثة من املادة الرابعة من التزام الدول األعضاء بعدم بيع الذهب أو شرائه
أبسعار تتجاوز حدود التقلبات اليت عينها الصندوق وبعدم السماح مبباشرة عمليات الصرف
داخل أراضيها أبسعار تزيد على %1من القيمة األساسية للعملة.
-1حممد فريد العريين ،القانون اجلوي (النقل اجلوي الداخلي والدويل)،دار املطبوعات اجلامعية ،اإلسكندرية ،سنة ، 1999ص 347وما
يليها.
بقاعدة الذهب. 2هذا ما يطلق عليه
-3حممد فريد العريين ،القانون اجلوي ،املرجع السابق ،ص.350
215
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ب-ما تعهدت به الوالايت املتحدة األمريكية ابلنظر إىل ما كانت متلكه يف ذلك الوقت من
كميات احتياطية ضخمة من الذهب ،يف أقبية "فورت نوكس" و"مااهاتن" من تثبيت أسعار
الذهب عند حد 35دوالرا لألوقية .ولعل خري دليل على ما تقدم أن سعر الذهب مل يتجاوز
عند إعادة افتتاح السوق احلر للذهب يف لندن عام 1954حدود التقلبات ،اليت قررها
صندوق النقد الدويل ومل يتعد سعر التعادل املعلن بني الدوالر والذهب وهو 35دوالر لألوقية.
اثلثا :كيفية تقدير التعويض وفق الفرنك البوانكاري .
نصت الفقرة األوىل من املادة الثانية من بروتوكول 1968على أنه حيسب احلد
األقصى للتعويض على أساس عشرة آالف فرنك بوانكاري عن كل طرد أو وحدة هتلك أو
تتلف من البضاعة اليت تعهد الناقل بنقلها أو 30فرنكا عن كل كيلوغرام من البضاعة اهلالكة
أو التالفة ،فاخليار بني احلدين هو حق مقرر للمطالب ابلبضاعة وهو حيقق عدالة التعويض فال
يتساوى يف ظله الطرد الكبري والطرد الصغري .1و يلتزم القاضي حبساب التعويض مرتني مرة
على أساس عدد الطرود أو حدات الشحن ومرة على أساس الوزن القائم للبضائع وأيخذ يف
النهاية أبعلى حد بينهما.2
لتوضيح املعىن أكثر نضرب املثال التايل :هلك طرد يزن 800كيلوغرام وحيسب
التعويض هنا وفق ضابط الوزن والذي يقدر احلد األقصى فيه ب 30فرنك بوانكاري ،ففي
هذه احلالة يقوم القاضي بضرب وزن الطرد يف ذلك احلد 24000= 30.800بوانكاري مث
يقوم بعد ذلك حبساب التعويض وفق ضابط الطرد والذي قدره الربوتكول ب10000.فرنك
بوانكاري .طرد واحد=10000فرنك وعليه يبقى املبلغ نفسه ألنه طرد واحد .ويف األخري
حيكم القاضي مببلغ 24000بوانكاري مث حيوله للعملة الوطنية ألنه األصلح للمضرور .
لكن ليس يف كل األحوال يكون من مصلحة املضرور أن يرجع على الناقل ابلتعويض
وفق ضابط الوزن ،فقد يكون الطرد خفيف الوزن مثال 20كلغ فيكون حساب التعويض يف
-1مصطفى كمال طه ،أساسيات القانون البحري ،املرجع السابق ،ص. 280
2
-CA Paris 7 novembre 1990 ,DMF Mars 1992,p185.
216
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
هذه احلالة على النحو اآليت 20:كلغ 30.فرنك بوانكاري= 600فرنك بوانكاري ،فرياعي
القاضي مصلحة املضرور ،حيث أنه من األفضل للمضرور أن يرجع على الناقل وفق ضابط
الطرد ،حيث حيصل على مبلغ تعويض يعادل 10000فرنك بوانكاري فيحكم القاضي به.
الفرع الثاين:
حتويل الفرنك البوانكاري إىل العمالت الوطنية
تدور دراسة هذا الفرع حول كيفية حتويل الفرنك البوانكاري إىل العمالت الوطنية
ويتطلب ذلك البحث عن اتريخ حتويل مبالغ احلد األقصى للتعويض(أوال) ،حتديد سعر
الصرف الذي يتم على أساسه حتويل الفرنك الذهيب إىل العمالت الوطنية(اثنيا).
أوال :اتريخ حتويل مبالغ احل ّد األقصى للتعويض
نصت الفقرة د من املادة الثانية من الربوتوكول 1968على أنه حيدد اتريخ حتويل مبلغ
التعويض و املقدر ابلفرنك البوانكاري إىل العملة الوطنية مبقتضى قانون اجلهة القضائية ،اليت
يرفع النزاع أمامها ولكن كيف يكون احلكم إذا مل يتضمن قانون 1بلد احملكمة املختصة ابلنزاع
اتريخ حتويل مبلغ التعويض احملكوم به؟
إن اإلجابة على هذا اإلشكال تقتضي التعرض آلراء الفقه واليت انقسمت هبذا الشأن
إىل عدة اجتاهات:
يرى االجتاه األول أنه إذا مل يصدر املشرع يف دولة ما قانوان حيدد التاريخ الذي يعتد به
يف حتديد سعر العملة فهنا على القاضي أن يقوم بنفسه هبذا التحويل ولعل أقرب احللول
املمكنة إىل العدالة هو حتديد سعر العملة يوم وصول السفينة إىل امليناء املقصود ،أو يف اليوم
الذي كان جيب أن تصل فيه .وهذا ما كانت معاهدة بروكسل 2قد نصت عليه قبل تعديلها
-1لقد فصل املشرع اجلزائري يف القانون البحري يف هذه املسألة ،حيث قرر أن يتم التحويل يف حالة رفع دعوى قضائية حسب قيمة
الذهب للعملة املذكورة بتاريخ النطق ابحلكم حسب ما ورد يف آخر فقرة من 805ق ب ج ،ونذكر من بني الدول العربية اليت ليس فيها
تشريع خاص يف هذا الشأن على سبيل املثال لبنان مما يشكل صعوبة على القاضي يف اختيار التاريخ املناسب لتاريخ التحويل:
وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص . 205
-املادة 9من معاهدة بروكسل لسنة .1924
2
217
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يف سنة ،1968إذ قضت أبن حيول مبلغ التعويض إىل العملة الوطنية على أساس سعر
الصرف يوم وصول السفينة إىل ميناء التفريغ.1
بينما ذهب االجتاه الثاين إىل القول أبن األخذ بسعر العملة يوم الوفاء ألنه األنسب
ملصلحة الشاحن فالقاضي يقوم بتحديد اتريخ التحويل آخذا بسعر الصرف يوم الوفاء ال بيوم
وصول السفينة ،إذ أن هاذين اليومني قد تطول املدة بينهما فيتغري سعر الذهب خالهلا تغريا
كبريا تتأثر به حقوق الشاحن.2
أما االجتاه الثالث فريى أنه من األفضل احتساب احلد األقصى التعويض املنصوص
عليه يف املادة 2من بروتوكول بروكسل ،1968عندما ال يكون هناك نص يف القانون
الداخلي املعروض على حماكمه على واقعة النزاع على أساس سعر الصرف يوم وقوع اهلالك أو
التلف الذي حيدث للبضاعة حمل عقد النقل البحري .وإذا استحال معرفة هذا التاريخ حيسب
احلد األقصى التعويض ابلعملة الوطنية على أساس سعر الصرف يف يوم وصول السفينة ألنه
اتريخ اثبت وحمدد. 3
من خالل اآلراء السابقة على اختالفها يالحظ أن بعضها كان يراعي مصلحة املضرور
أبن حيصل على أكرب قدر من التعويض ،يف حني كان البعض اآلخر حياول اختيار يوم يسهل
حتديده ،لكن عدم االتفاق على اتريخ واحد لتحويل سعر الفرنك البوانكاري سينجر عنه
حتما اختالف مبالغ التعويض وهي النتيجة اليت كانت االتفاقية حتاول أن تتفاداها يف سبيل
حتقيق توحيد القانون الدويل للنقل عرب البحر .ولعل الفكرة الصائبة كانت فيما جاء به املشرع
اجلزائري وهي نقطة حتسب لصاحله واليت جتسدت يف األخذ بتاريخ صدور احلكم ،4ألنه اتريخ
-1حممود مسري الشرقاوي ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص 306وما يليها.
-2بسام عاطف املهتار ،املرجع السابق .190،
-3حممد عبد احلميد ،املرجع السابق ،ص 277وما يليها.
-4و هو ما اقتبسه املشرع اجلزائري من الفقرة 5من املادة 11من بروتوكول الهاي لسنة 1955املعدل التفاقية وارسوا للنقل اجلوي
لسنة . 1929
218
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أسهل حتديدا وفيه فائدة للمضرور و مبا أن االتفاقيات الدولية يف النقل األخرى قد سبقت إىل
األخذ به ملا فيه من فائدة للمضرور.
اثنيا :سعر الصرف الذي يتم وفقه حتويل الفرنك الذهيب
ابتداءا من عام 1960بدأت بوادر ااهيار النظام النقدي الدويل الذي أرسته اتفاقية
بروتون وودز بسبب عوامل كثرية ميكن اجياز أمهها يف ما يلي :املضارابت الكبرية اليت تعرض هلا
الدوالر والعجز املستمر يف ميزان املدفوعات األمريكي وهروب رؤوس األموال قصرية األجل إىل
خارج الوالايت املتحدة األمريكية وازدايد كمية الدوالرات الورقية ،اليت حتتفظ هبا السلطات
النقدية األجنبية كعملة احتياط مما جعل إمكانية حتويلها إىل ذهب مسألة نظرية حبتة وزايدة
املضارابت على الذهب مما أدى إىل اتساع الفجوة بني سعر الذهب املعلن (السعر الرمسي)
وسعره الفعلي (السعر احلر).وذلك بسبب قرار البنوك املركزية للدول اليت أنشأت ما يسمى
مبجمع الذهب pool de l'orوالذي مفاده فض هذا اجملمع وابالمتناع عن تثبيت سعر
الذهب يف السوق احلر عند حد مقارب لسعره الرمسي وهو 35دوالر لألوقية.1
أجربت هذه العوامل وغريها الرئيس األمريكي "نيكسون" على اإلعالن عن توقف
الوالايت املتحدة األمريكية عن حتويل الدوالر إىل ذهب اعتبارا من 15أوت عام .1971
و قد أدى ذلك اإلعالن إىل انتشار الفوضى يف األسواق النقدية .وإىل قيام العديد من الدول
بتعومي2عمالهتا الوطنية .
-1صدر هذا القرار يف 17مارس عام 1968وترتب عليه أن وصل سعر الذهب يف السوق احلر بلندن إىل 15دوالرا لألوقية يف الوقت
الذي كان فيه السعر الرمسي هو 35دوالرا لألوقية :مشار إليه لدى حممد فريد العريين ،املرجع السابق ،ص . 350
-2تعومي العملة :هو جعل سعر صرف العملة النقدية حمررا بشكل كامل ،حبيث ال تتدخل فيه احلكومة أو املصرف املركزي يف حتديده
بشكل مباشر وإمنا يتم افرازه تلقائيا يف سوق العمالت من خالل آلية العرض والطلب اليت تسمح بتحديد سعر الصرف العملة الوطنية
مقابل العمالت األجنبية وتتقلب أسعار صرف العملة العائمة ابستمرار مع كل تغيري يشهده العرض والطلب على العمالت األجنبية حىت
أاها ميكن أن تتغري عدة مرات يف اليوم الواحد .وأشكال التعومي تتخذ وجهني إما أن يكون التعومي خالصا أو يكون موجها فالتعومي اخلالص
يرتك حتديد سعر الصرف لقوى السوق وآلية العرض والطلب بشكل كامل ومتتنع الدولة عن أي تدخل مباشر أو غري مباشر،أما التعومي
املوجه فيرتك حتديد سعر الصرف لقوى السوق وآلية العرض والطلب ،لكن الدولة تتدخل عرب مصرفها املركزي حسب احلاجة من أجل
توجيه أسعار الصرف يف اجتاهات معينة من خالل التأثري يف حجم العرض أو الطلب على العمالت األجنبية:
www.aljazeera.net/ehcyclopcdia/economy/
219
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
كما أعقب تلك األحداث ختفيض يف قيمة الدوالر لتصبح العالقة بينه وبني الذهب تقدر ب
42,222دوالرا لألوقية.1
مل يشكل حتويل الفرنك الذهيب إىل العمالت الوطنية أي صعوابت يف العمل عندما
كانت مرتبطة بطريق مباشر أو غري مباشر ابلذهب وبعالقة اثبتة عندما كان للذهب سعر
رمسي ،لكن املشكلة الكربى جاءت مع دخول اتفاقية مجايكا املعدلة التفاقيات "بروتون
وودز" حيز النفاذ اعتبارا من أول أفريل عام 1978فاتضحت صعوبة عملية يف حتويل الفرنك
البوانكاري إىل عمالت وطنية .وذلك بسبب احلظر املسلط على الدول األعضاء يف الصندوق
النقد الدويل يف ربط عمالهتا الوطنية ابلذهب وبسبب إلغائها السعر الرمسي هلذا األخري .
ارتباطا مبا سبق فإنه عندما نتتبع نصوص بروتوكول بروكسل لسنة 1968والقانون
البحري اجلزائري جند أاهما مل يبينا سعر الصرف الذي يتم وفقه مبلغ التعويض املقدر ابلذهب
إىل العملة الوطنية يف دولة القاضي الفاصل يف النزاع ،مما يثري االشكال التايل :هل حيسب
احلد األقصى للتعويض على أساس سعر الرمسي للذهب أم وفق سعره يف السوق احلرة ؟ أم
غريمها ؟
لقد تعددت احللول اليت جاء هبا الفقه واستخدمها القضاء كحل ملشكلة حتويل الفرنك
الذهيب إىل عملة احمللية و اليت تبنتها االجتاهات التالية:
االجتاه األول:
يرى أنصار هذا االجتاه بوجوب حتويل الفرنك البوانكاري إىل العملة الوطنية على
أساس سعر الذهب الرمسي ويسوق أنصاره حججا ميكن لردها إىل اعتبارين:2
أ -أنه يصعب عمال حتديد سعر الذهب يف السوق احلرة ألنه خيتلف من مكان ألخر ،فسعره
يف لندن غريه يف "ابريس" ،أو "نيويورك" ،أو "زريخ" ،أو "هونج كونج" وسعره يف اإلقفال
خيتلف عند افتتاح البورصة .
-املرجع السابق ،املوضع نفسه.
1
220
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ب -أن األخذ ابلسعر الرمسي للذهب هو الذي يتفق مع روح االتفاقية ومقاصد واضعيها يف
اختيار الوحدة النقدية ،حيث حيقق هلا الثبات واالستقرار .وحىت ال تتفاوت حدود املسؤولية
تبعا الختالف سعر الذهب يف السوق احلرة وهو ما يفوت غرض توحيد القانون والذي من
أجله مت إقرار مبدأ احلد األقصى للتعويض ويضر يف نفس الوقت مبصاحل الناقل البحري وهو ما
أوصت به اللجنة القانونية للمنظمة البحرية الدولية منذ سنة ،1974كماأخذ به القضاء يف
كثري من الدول.1
االجتاه الثاين:
خالفا للرأي السابق ذهب بعض الفقه إىل أن حتويل مبلغ احلد األقصى احملكوم على
الناقل واملرتتب على هالك البضاعة أو تلفها جيب أن يتم على أساس سعر الذهب يف السوق
احلرة ،ألن السعر الرمسي للذهب ما هو إال سعر حتكمي ومنبت الصلة ابلواقع .أما سعر
الذهب يف السوق احلرة على العكس فيعرب بصدق عن الغرض من فرض شرط الذهب يف
تعديل اتفاقية بروكسل وغريها من االتفاقيات الدولية.2و هناك بعض من الفقه الغريب 3من
يؤيد هذا الرأي و قد أخذ به أيضا القضاء اليوانين واإليطايل.4
االجتاه الثالث:
هذا االجتاه قالت به حمكمة استئناف ابريس 5يف قضية chamieوشايعتها يف ذلك
بعض احملاكم الفرنسية ،إذ ترى أن حتويل الفرنك الذهيب إىل العملة الوطنية يتم استنادا إىل
1
-Trib.gr.Inst.paris, 10Fev 1978 ,p DMF 1978,p212,Cour d'app-Aix-en-
provence31Oct1980,DMF1981,1981,p258.
-2فاروق أمحد زاهر ،حتديد مسؤولية الناقل اجلوي الدويل-دراسة يف اتفاقية فارسوفيا والربوتوكوالت املعدلة هلا ،رسالة دكتوراه ،جامعة
القاهرة ،سنة ، 1985ص.152
3
-Ip Heller, The Warsaw conventions journal of world trade law 1973,7,p126,GR
Larsen ,Legal problem in compensation under the gold clause of private international
agreements, George town law journal ,1975,63,p817 et sq ,GMiller,Laibility in
international air transport ,New York 1977,p178:
مشار إليها لدى املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-4يف القضاء اليوانين :حمكمة استئناف أثينا 10جانفي ، 1974أما يف القضاء اإليطايل :حمكمة استئناف ميالنو 9جوان 1981
مشار إليها لدى نفس املرجع ،املوضع نفسه. ،حمكمة استئناف روما يف 29جوان : 1981
5
- CA. Paris, 5emech, 31 janv1980, DMF1980, p286.
221
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
معادلة هذا الفرنك ابلعملة الفرنسية ،اليت خلفته بعد الغاء قاعدة الذهب مبقتضى اتفاق
جاميكا .و من مثة يتم تقدير مبالغ التعويض املنصوص عليها يف املادة 2من بروتوكول
1968ابلفرنك اجلديد .و قد أُخذ على هذا الرأي أن اعتبار الفرنك اجلديد مساواي للفرنك
الذهيب يعين اخللط بني الفرنك كوحدة حساب وبني الفرنك كوحدة دفع ،فالفرنك اجلديد ال
ميكن إال أن يكون وحدة دفع ال وحدة حساب .فضال عن ذلك فإن مصري املضرورين يف
شىت أحناء العامل يبقى رهينا ابلسياسة النقدية الفرنسية يف حتديد قيمة الفرنك الفرنسي صعودا
وهبوطا.1
االجتاه الرابع:
يذهب أنصار هذا االجتاه إىل القول أن حتويل الفرنك البوانكاري جيب أن يتم على
أساس حقوق السحب اخلاصة DTSاليت ابتدعها صندوق النقد الدويل . 2وتعادل الوحدة
منها مخسة عشر فرنكا ذهبيا ،حيث ميكن لوحدات حقوق السحب اخلاصة أن متأل الفراغ
الذي ختلف جراء إلغاء قاعدة الذهب يف املعامالت الدولية منذ عام ،1978على اعتبار أن
صندوق النقد الدويل قد استحدث نظاما نقداي عاما ،حلت فيه قاعدة قياس جديدة يعمل هبا
يف حتديد املقابل النقدي للوحدات احلسابية املشار إليها يف بروتوكول . 31968
-1يزيد دالل ،مسؤولية الناقل اجلوي لألشخاص يف النقل اجلوي الداخلي والدويل ،رسالة دكتوراه ،السنةاجلامعية، 2010/2009:جامعة
تلمسان،ص 269وما يليها.
-2يف جانفي 1976مت التوقيع على التعديل الثاين التفاقية بروتن وودز املعروف ابتفاق جاميكا Acord de jamaiqueوالذي دخل
حيز النفاذ يف أول أفريل ، 1978حيث نص يف املادة الرابعة منه على أن ":يكون لكل دولة احلق يف أن ترتبط عملتها الوطنية حبقوق
السحب اخلاصة ،أو بعملة دولة أخرى عضو يف الصندوق ،أو بسلة من العمالت ،أو أبي قاسم مشرتك من اختيارها بشرط أال يكون هذا
القاسم هو الذهب ويرتك للصندوق حتديد األساس الذي على ضوئه تقدير قيمة هذه احلقوق" .وهبذا فقد انفصل كل ارتباط كان قائم قبل
التعديل بني العمالت الوطنية والذهب وذلك إبلغاء سعر الذهب الرمسي وجتريده من صفته النقدية :رفعت فخري ،فريد العريين ،دراسات
يف القانون البحري واجلوي ،الدار اجلامعية ،مصر ، 1992ص176و.178
-3يزيد دالل ،املرجع السابق ،ص. 270
222
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
االجتاه اخلامس:
أخذ هبذا االجتاه القضاء املصري استنادا إىل بطالن شرط الذهب يف املعامالت
الداخلية واخلارجية على السواء يف التشريع املصري وهلذا قررت حمكمة النقض 1أن كل ما يلزم
به الناقل اجلوي وفقا للفقرتني األوىل والرابعة من املادة 22من اتفاقية فارسوفيا هو عدد من
اجلنيهات املصرية الورقية املساوي لعدد اجلنيهات الذهبية املشتملة على وزن ذهب يعادل
125ألف فرنسي على أساس أن وزن الذهب يف اجلنيه املصري الواحد هو ما حدده القانون
لسنة 1951فقالت احملكمة.....":ذلك أنه وإن كانت الفقرة األوىل من املادة 22من
اتفاقية فارسوفيا ....قد نصت على أن تكون مسؤولية الناقل اجلوي قبل كل راكب حمدودة
مببلغ مقداره 125ألف فرنك .ونصت الفقرة الرابعة منها على أن يكون تقدير املبلغ بواقع
الفرنك الفرنسي ،الذي يشتمل على 65,5من الذهب عيار 900يف األلف ذهبا خالصا
وأن يكون هذا املبلغ قابال للتحويل إىل أرقام دائرة يف كل عملة وطنية ،إال أنه ليس ملا ورد يف
هذه الفقرة األخرية أثر ما على التشريع اخلاص بشرط الذهب يف مصر .وهو ما صدر بشأنه
األمر العايل يف 3أوت 1914بفرض السعر االلزامي للعملة الورقية مث املرسوم بقانون رقم
45لسنة 1935الذي نص على بطالن شرط الذهب يف العقود اليت يكون االلتزام ابلوفاء
فيها ذا صبغة دولية .
ملا كانت أحكام هاذين التشريعني من النظام العام ومن مقتضاها بطالن شرط الذهب
يف املعامالت الداخلية واخلارجية على حد سواء .و هو أمر راعى الشارع فيه املصلحة العامة
املصرية فإنه ال ميكن القول أبن انضمام مصر إىل اتفاقية فارسوفيا ابلقانون 593لسنة
1955من شأنه التأثري يف هذا التشريع اخلاص مبا يعد إلغاءا له ،أو استثناءا من بطالن شرط
الذهب يضاف إىل االستثناءات الواردة على سبيل احلصر .ومن مث ال يعتد ابلشرط الوارد يف
االتفاقية ،الذي يقضي أبداء التعويض مبا يعادل قيمة الذهب املبينة فيه من العملة الوطنية ،إذ
-1حكم صادر يف 27أفريل، 1967الطعن رقم 387لسنة :33مشار إليه لدى مشار إليه لدى حممد فريد العريين ،القانون اجلوي،ص
.395
223
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
أن اشرتاط الوفاء ابلعملة الورقية على أساس قيمتها ذهبا ليس إال حتايال على القانون الذي
فرض للعملة الورقية سعرا الزاميا وال جدوى من ابطال شرط الدفع ابلذهب إذا مل يتناول
البطالن هذه الصورة. 1"......
بناءا على ذلك يتضح أن القضاء املصري يرفض اختاذ سعر الذهب أساسا لتحويل
الفرنك البوانكاري إىل العملة الوطنية .ويرى أن التعويض يكون بعدد من اجلنيهات املصرية
املساوي لعدد اجلنيهات الذهبية املشتملة على ذهب يعادل وزن الذهب ،الذي تشتمل عليه
الفرنكات البوانكاري ،املقررة من االتفاقية كحد ملسؤولية الناقل و ال شك أن هذا احلل إزاء
اخنفاض قيمة اجلنيه املصري هو ليس يف صاحل املضرور أو ورثته .2
االجتاه السادس:
يرى بعض الفقهاء أنه انطالقا من نظرية تغري الظرف اجلوهري غري املتوقع واليت تعترب
إحدى األسباب اليت تؤدي وفقا ألحكام القانون الدويل العام إىل انقضاء املعاهدات ،فمن
األمور املعلومة أن املالبسات والظروف اليت تدعو الدول يف وقت معني إىل عقد املعاهدات
بني بعضها البعض لتنظيم عالقتها املتبادلة قد تتحول أو تتغري أو تزول مع تقدم الزمن ،حبيث
إن كانت املعاهدة تبدو وقت عقدها ضرورية ومتفقة يف أحكامها مع االنصاف مث تصبح هذه
املعاهدة زائدة ال تستجيب حلقوق أطرافها وواجباهتم ومصاحلهم املتبادلة ،مما يربر ألي منهم
التحلل من أحكامها. 3
لكن من أجل إحداث ذلك األثر جيب أن يتوفر يف الظرف املتغري شروط معينة نصت
عليها املادة 62من اتفاقية فينا لعام 1969يف شأن قانون املعاهدات ،بقوهلا ال جيوز
-1نقض مدين مصري 27،أفريل 1967مشار إليه لدى فاروق أمحد زاهر ،الرسالة السابقة ،ص . 150
-2املرجع السابق ،ص.151
-3حممد فريد العريين ،القانون اجلوي املرجع السابق ،ص . 261
224
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
االستناد إىل التغري اجلوهري غري املتوقع يف الظروف ،اليت كانت سائدة عند ابرام املعاهدة
إلاهائها أو االنسحاب منها إال إذا توافر الشرطان التاليان:1
أ-إذا كان وجود هذه الظروف قد كون أساسا الرتضاء األطراف االلتزام ابملعاهدة.
ب-وإذا ترتب على التغيري تبديل اجلذري يف نطاق االلتزامات اليت ستنفذ مستقبال طبقا
للمعاهدة".
يبدوا أن ما جاء به هذا الفقه هو قول خطري لو أخذ به لقضى على نظام احلد
األقصى للتعويض وهو استبعاد تطبيق املعاهدات الدولية ،اليت حتدد التعويض بوحدات حسابية
حبجة اإللغاء الرمسي لالرتباط بني الذهب والنقود مبقتضى التعديل الثاين التفاقية بروتون وودز
وما أدى إليه من انتهاء العمل مببدأ ثبات أسعار الصرف قد توفرت فيه الشروط اليت تضمنتها
املادة 62من اتفاقية فينا ،فهذا اإللغاء يعترب تغيريا جوهراي وغري متوقع يف الظروف ،اليت كانت
سائدة وقت ابرام تلك املعاهدات املتخذة من األطراف كأساس هام الرتضاء االلتزام
أبحكامها .كما أنه فضال عن ذلك حيدث تبديال جذراي يف نطاق االلتزامات الناشئة عن
املعاهدات املذكورة ومن بينها االلتزام بتحويل مبلغ التعويض املعرب عنه ابلفرنك الذهب إىل
عمالت وطنية حبسب سعر الصرف الرمسي هلذه األخرية قياسا ابلذهب.2
الواقع أن اختالف اآلراء السابقة قد ترتب عنها تفاوت يف حتويل الفرنك البوانكاري
إىل العمالت الوطنية ،مما أدى يف النهاية إىل اختالف يف مبالغ احلد األقصى للتعويض و
بذلك أصبح عائقا أمام املساواة بني الشاحنني يف احلصول على تعويض موحد و جعل من
التعامل ابلفرنك البوانكاري أمرا صعبا .وهلذا السبب فقد متت الدعوة العتماد بروتوكول إضايف
من أجل البحث عن وحدة حسابية جديدة و هذا ما مت االتفاق عليه فعال بني الدول يف
بروتوكول بروكسل لسنة .31979
225
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
املطلب الثالث:
قاعدة حقوق السحب اخلاصة
يف يوم 31ديسمرب 1979وقع بروتوكول بروكسل وهو التعديل الثاين ملعاهدة بروكسل
املتعلقة بتوحيد بعض قواعد سندات الشحن لسنة 1924ومن بني أهم ما جاء به هو
استبدال حق السحب اخلاص ابلفرنك فأصبح احلد األقصى للتعويض يقدر ب 666,67
حق سحب خاص عن الطرد و الوحدة و 2حق سحب خاص عن كل كيلوغرام من البضاعة
اهلالكة أو التالفة.1
حيث أنه بقدر ما بدأ نفاذ هذا الربوتوكول خفت احلالة الصعبة الناشئة عن حدود
التعويض املقررة يف معاهدة بروكسل األصلية وبروتوكول تعديلها لسنة 1968والذي قام على
أساس حتديد التعويض بقيمة الذهب ،غري أنه لألسف مل تصادق على بروتوكول 1979إال
11دولة وعليه مل تصبح الوحدة احلسابية ،اليت ميكن تطبيقها عامليا واملستخدمة استخداما
أكرب .وعلى هذا سيزداد يف املستقبل التفاوت يف تطبيق حدود املسؤولية مبوجب معاهدة
بروكسل لسنة 1924وبرتوكول تعديلها لسنة .21968
كما تضمنت املادة 26من هامبورغ و املادة 59من روتردام أن الوحدة احلسابية
املعمول هبا يف تقدير احلد األقصى للتعويض هي وحدة السحب اخلاص .وأتسيسا على ذلك
سنعاجل هذا املطلب من خالل ثالث فروع :املقصود حبق السحب اخلاص(فرع أول) ،تعديل
حقوق السحب اخلاصة واحللول املقرتحة للمشاكل اليت تعرتضها (فرع اثين)،حتويل وحدة
السحب اخلاص إىل العمالت الوطنية(فرع اثلث).
1
-Ce protocole amendant le précédent, convertit le franc or en DTS (droit de tirage
specieux) sur la base du rapport 1 a15, les 10000 franc or devient 666,67 DTS et les 30
francs or equivalent 2 DTS: Boukhatmi Fatima,Thèse precité,p210.
-2مدحت حافظ إبراهيم ،املرجع السابق ،ص .29
226
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفرع األول:
املقصود حبق السحب اخلاص DTS
يف البداية قبل التعرض ملفهوم حق السحب اخلاص جيب أن نبني أوال األصل التارخيي
حلقوق السحب اخلاصة كفكرة قبل جتسيدها على أرض الواقع ،مث يتبعه تعريف لوحدة حق
السحب اخلاص.
الفقرة األوىل:
األصل التارخيي حلقوق السحب اخلاصة
تعود فكرة حقوق السحب اخلاصة إىل سنة ، 1959عندما اقرتح البلجيكي "روربرت
يف كتابه الذهب وأزمة الدوالر L'or et la crise du dollarزايدة Robert triffin تريفني"
احتياطات صندوق النقد الدويل وابتكار أداة جديدة لالحتياطات الدولية.1
إن جتسيد هذه فكرة كان مبناسبة التعديل األول الذي طرأ على نظام صندوق النقد
الدويل ،حيث بدأ العمل به يف 6أوت ، 1969أما عن النقاش حول انشاء حقوق السحب
فقد بدأ داخل جمموعة العشر .وقد كان اقرتاح فرنسا يف البداية داخل تلك اجملموعة أن تكون
Instrument حقوق السحب اخلاصة عبارة عن قرض بدل أن تشكل أداة نقد دولية
،كما اقرتحت أيضا وضع شروط صارمة على عملية احلصول monétaire international
على حقوق السحب اخلاصة ومنها متتع البلدان اليت تكون عملتها ضمن احتياطي صندوق
النقد الدويل مبوازين مدفوعات متوازنة .أما الوالايت املتحدة األمريكية فكانت ترى يف حقوق
السحب اخلاصة أداة نقدية دولية ومل يتم األخذ ابلفكرة الفرنسية نظرا لكثرة البلدان اليت تعاين
من عجز يف ميزان مدفوعاهتا وابلتايل يف حاجة إىل سيولة نقدية تساعدها على ختطي
الصعوابت اليت تعانيها.2
1
- Rachid Boudjema, le F.M.I En question, atlas édition, Alger, 1995, p71.
-2قادري عبد العزيز ،دراسات يف القانون الدويل االقتصادي(صندوق النقد الدويل اآلليات والسياسات)،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع
،اجلزائر ،سنة ، 2013ص . 91
227
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
لقد كانت قيمة DTSيف بدايتها تساوي 0,888,671غ من الذهب ،بينما كانت
35وحدة من DTSتساوي أوقية من الذهب وتساوي أيضا دوالرا أمريكيا واحدا وكان
التساوي بني قيمة DTSوالدوالر يسهل من حتويل هذه األخرية على العمالت األخرى ،عرب
حساب قيمة تلك العمالت ابلنسبة للدوالر األمريكي بكونه العملة اليت تتوسط النظام
النقدي وحتدد خمتلف دول العامل قيمة عمالهتا مقارنة به وتشكل معظم احتياطاهتا منه.غري أن
األشياء قد تطورت بعد عامني من إنشاء وحدة ، DTSعندما ألغت أمريكا حتويل الدوالر
إىل ذهب ،مث تقريرهم يف فيفري 1973ختفيض قيمة تلك العملة حبيث أصبحت وحدة
DTSتساوي1,20635دوالر.1
ابلرغم من تلك الوضعية إال أنه مل يتم التخلي عن العالقة بني DTSوالدوالر
األمريكي ،لكن أن ذلك الوضع قد تغري انطالقا من 28جوان 1974عندما أخذت
الوالايت املتحدة مبعدل الصرف املعوم وكذا تراجع دور الذهب وهو ما دفع بسلطات صندوق
النقد الدويل إىل التخلي عن قيمة DTSمقارنة ابلدوالر األمريكي ،أي أن وحدة DTSمل
قارنة بكمية معينة من الذهب مادامت قيمة الدوالر مل تعد حمددة مقارنة بكمية معينة
تعد ُم َ
من ذلك املعدن الثمني ولقد مت األخذ أنداك بطريقة حتديد قيمة السحب اخلاص مقابل سلة
مكونة من 16عملة .و هذه الطريقة اجلديدة يف العمل قد أنشأت سنة 1972هبدف
اصالح النظام النقدي الدويل ومتت املوافقة عليها يف أفريل 1978مبناسبة التعديل الثاين
لنظام صندوق النقد الدويل ،أما عن معدل مشاركة كل عملة من العمالت اليت كانت تدخل
يف تكوين السلة املذكورة ما بني 1974و 1978فكان حيسب وفق مشاركة كل منها يف
عمليات التصدير العاملية بنسبة تزيد عن % 1ومادام ثقل كل عملة يتغري حسب الظروف
228
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
فإن تشكيل السلة وكذلك نسب مشاركة كل عملة يتغريان إذن وفق تغيري الظروف أو ثقل
العمالت يف التجارة الدولية .1
هذا و قد تغري عدد العمالت املكونة للسلة اليت حدد وفقها قيمة DTSفأصبح
يتمثل انطالقا من سنة 1981يف مخس عمالت هي :الدوالر األمريكي بنسبة % 42يف
تكوين السلة واملارك األملاين ب% 19وكل من الفرنك الفرنسي والني الياابين واجلنيه اإلسرتليين
ب % 13لكل عملة منها .أما يف سنة 1982وخبصوص قيمة وحدة السحب اخلاص فقد
كان 1دوالر =،21 DTSلكن األمر مل يستقر على هذا احلال فبحلول سنة 1991وبسبب
تغري الظروف وموازين القوى النقدية على حنو ما ذكر أصبح الدوالر األمريكي يدخل يف
تكوين السلة بنسبة ، % 38,90املارك ب، % 21,68الني الياابين ب% 17,27
،الفرنك الفرنسي ب % 11,26واجلنيه اإلسرتليين ب % 10,89فأصبحت قيمة 1
1,082 =DTSدوالر.3
كما تواصل حتديد حقوق السحب اخلاصة على أساس جمموعة من العمالت القوية
يف العامل وهي مخسة :الدوالر األمريكي ،الني الياابين ،املارك األملاين ،اجلنيه اإلسرتليين و
الفرنك الفرنسي 4وكان جمللس إدارة الصندوق حق تعديل نسب مسامهة أي عملة من هذه
العمالت يف تقومي حق السحب اخلاص.5
229
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الفقرة الثانية:
تعريف حق السحب اخلاص
حق السحب اخلاص هو نظام مايل أوجده صندوق النقد الدويل ويتم مبقتضاه حساب
سعر عملة معينة طبقا ألسعار جمموعة خمتارة من عمالت بعض الدول ذات قيمة الكربى يف
التجارة الدولية .كما أنه ليس بعملة ميكن تداوهلا ولكنه وحدة مفرتضة ابتكرها هذا الصندوق
مبوجب التعديل األول الذي أدخل على املواد اخلاصة ابتفاقية إنشائه.1
هناك من يعرفه أبنه أصل احتياطي ،دويل أنشأه صندوق النقد الدويل يف أكتوبر
1969نتيجة لقلق البلدان األعضاء من احتمال عدم كفاية املخزون من الذهب والدوالر
األمريكي أنداك وكذلك من النمو املتوقع يف االحتياطات الدولية لدعم التوسع يف التجارة
العاملية.2
يعرف حق السحب اخلاص أيضا على أنه حق ممنوح ألعضاء صندوق النقد الدويل
بناءا على طلبهم بغية يف احلصول على قرض من نوع خاص يتجسد يف القدرة الشرائية هلؤالء
الدول.3
و قد أطلق على هذه احلقوق اسم الذهب الورقي ،or papierنظرا ألن قيمة كل
وحدة منها قد حددت بوزن اثبت من الذهب اخلالص قدره 0,888,671جراما ،أي نفس
وزن الذهب الذي كان يشتمل عليه الدوالر األمريكي حىت اتريخ إلغاء قابليته للتحويل إىل
ذهب .وكان الدور املرصود هلا عند استحداثها هو استخدامها كنوع من األصول االحتياطية
-1ايسر احلويش ،حقوق السحب اخلاصة مفهومها وواقعها ومستقبلها ،جملة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية –اجمللد 30العدد
الثاين ،سنة ، 2014ص ، 13اندية حممد معوض السيد ،املرجع السابق ،ص .467
2
-www.marefa.org/index.php/
اتريخ الدخول للموقع ،2017/02/12:التوقيت.23:20
3
-Khaladi Mokhtar, op.cit, p141.
230
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ملواجهة السيولة الدولية اليت ال غىن للتجارة الدولية عنها بسبب تواضع معدالت الزايدة يف
الذهب والعمالت الصعبة القابلة للتحويل.1
الفرع الثاين:
تعديل حقوق السحب اخلاصة واحللول للمشاكل اليت تعرتضها
كافحت االتفاقيات الدولية منذ سنني ألجل تعديل وحدة حق السحب اخلاص على
الوجه الذي جيعلها تصمد أمام االضطراابت اليت يعرفها النظام النقدي الدويل ،إال أن هذه
الوحدة تعاين من عدة مشاكل تعرتض طريقها ،لذلك سنتعرض أوال للتعديل الذي عرفته
حقوق السحب اخلاصة وأثره على التعويض ،الواجب على الناقل دفعه للمضرور عن اخلسائر
الالحقة ابلبضاعة أو عن أتخريها يف التسليم ،مث يعقبه القاء نظرة على املشاكل اليت تواجه
وحدة السحب اخلاص .و يليه بعدها التعرض للحلول املقرتحة من أجل بقاء هذه الوحدة
كأحسن قاعدة حلساب احلد األقصى للتعويض.
الفقرة األوىل:
تعديل حقوق السحب اخلاصة وأثره على التعويض
قرر اجمللس التنفيذي لصندوق النقد الدويل أبنه سيتم إدراج اليوان الصيين كعملة خامسة
يف السلة املكونة حلقوق السحب اخلاصة اعتبارا من 1أكتوبر ،2016حيث أصبحت سلة
حقوق السحب اخلاصة تتألف من أقوى مخس عمالت يف العامل وهي :اليوان الصيين ،الدوالر
األمريكي ،الني الياابين ،اليورو واجلنيه اإلسرتليين وتتحدد قيمة DTSيف مقابل الدوالر
األمريكي.كما تنشر يوميا يف موقع الصندوق على شبكة األنرتنت.2وحتسب هذه القيمة على
-1اهلادي خالدي ،املرآة الكاشفة لصندوق النقد الدويل ،املطبعة اجلزائرية للمجالت واجلرائد ،اجلزائر ،سنة ، 1996ص. 116
-2صندوق النقد الدويل ،مراجعة سلة حقوق السحب اخلاصة ،صحيفة وقائع ،ص :2
https://www.imf.org/ar/About/tact sheets/2016/08/02/19/35/Review-of-theSpecial-
Drawing-Right-DSR.-Currency-Basket
اتريخ الدخول إىل املوقعني أعاله يف ،2018/03/23التوقيت .23:40
- 3املرجع السابق ،املوضع نفسه
232
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
يعترب تغيري سلة حقوق السحب اخلاصة بتوسيعها من األمور اإلجيابية ابلنسبة حلقوق
السحب اخلاصة و للنظام النقدي الدويل حبيث يساهم ذلك يف حترير التجارة الدولية
وابألخص النقل البحري للبضائع ،حيث أن دخول اليوان الصيين جيعل من النظام النقدي
الدويل أكثر قوة ،مما ينعكس ابإلجياب على مصاحل أصحاب البضائع املتضررين و يساهم يف
استقرار قيمة وحدة السحب اخلاص .وابلتايل يؤدي إىل ثبات مبالغ التعويض املستحقة هلم
فهو بذلك يقدم محاية وقائية من تقلبات االقتصادية اليت تعرفها سوق العمالت النقدية
خاصة منها الدوالر ،الذي كان ينخفض أحياان فجائيا ،إذ مل يعد هذا األخري على احلال
الذي كان عليه يف بداية مسرية صندوق النقد الدويل.
على هذا فإن دخول اليوان الصيين حيمي وحدة السحب اخلاص من االختالل إذ
يعوض النقص الذي تعرفه هذه الوحدة ،بسبب تدهور الدوالر يف تشكيل وحدة السحب
اخلاص .كما يعرب عن التكامل اإلجيايب للحماية املنشودة للشاحن أو املرسل إليه واليت تسعى
إليها اتفاقيات النقل البحري ،خاصة تلك اليت أخذت بوحدة السحب اخلاص كمعيار
حلساب مبالغ احلدود القصوى التعويض .
الفقرة الثانية:
املشاكل اليت تواجه حقوق السحب اخلاصة
ابلرغم مما حققته وحدة السحب اخلاصة من أهداف و إجنازات إال أن األمر ال خيلو
من بعض املشاكل تعرتض طريقها وأمام استخدامها كعملة احتياط عاملية .ومن بني أهم هذه
املشاكل ما يلي:1
-1إن صندوق النقد الدويل حاليا ال يستطيع أن يصدر كميات كافية من DTSللوفاء
ابستخدامها كعملة احتياط دولية ،كما أن الكميات اليت أصدرها هذا الصندوق تعد ضئيلة
-1عبد الكرمي شنجار العيساوي ،عبد املهدي رحيم العويدي ،السيولة الدولية يف ظل األزمات االقتصادية واملالية ،الطبعة األوىل ،دار
الصفاء للنشر والتوزيع ،عمان ،سنة ، 2014ص 289و ما يليها.
233
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
جدا مقارنة مع حجم السيولة الدولية واملعامالت اليومية يف سوق النقد األجنيب على
املستوى الدويل.
-2إن النظام احلايل لتوزيع هذه الوحدات املصدرة على أساس حصة كل عضو يف رأمسال
الصندوق ال يضمن يف حال تبين العامل هلا كعملة احتياط عاملية حصول كل دولة على
احتياطاهتا من تلك العملة ألغراض االحتياط ويعطي الدول ذات احلصة األعلى يف
الصندوق ثقال يف تعادالت هذه العملة دوليا ،خاصة فيما يتعلق إبقراض فوائد حصتها إىل
الدول األخرى ،مما جيعل هذه العملة عرضة للضغوط اليت ميكن أن متارسها تلك الدولة.
-3إاها عملة بدون اقتصاد يعرب عن قوهتا أو بنك مركزي يدافع عنها أو احتياطات كافية
تساندها ،لكون صندوق النقد الدويل ال ميكنه حاليا االضطالع بدور املصدر لعملة العامل .
-4إن استخدام وحدة DTSيقتصر حاليا على البنوك املركزية فقط ،مما جيعل استخدامه
حمدودا ،بينما ال تصبح العملة دولية إال إذا استخدمت بشكل واسع على املستوى الدويل
،فقد كانت هنالك حماوالت سابقة من قبل الصندوق الستخدام وحدات حقوق السحب
اخلاصة من قبل شركات متعددة اجلنسيات والقطاع اخلاص ولكنها فشلت.1
-5ولعدم إمكانية استعماهلا من قبل األطراف غري الرمسية فهي ال تصلح كعملة احتياط
دولية يستخدمها بنك مركزي يف دولة ما يف سوق الصرف األجنيب للدفاع عن عملته احمللية
،لعدم متكنه من التدخل يف بيعها أو شرائها هبدف التأثري يف سعرها ،كواها تقتضي موافقة
مسبقة من قبل أعضاء الصندوق .ومن مث ال جيد البنك املركزي الديناميكية السوقية الالزمة
للتدخل يف عمليات بيعها أو شرائها.
-George Hoguet and solmon Tadesse,The Role of SDR –denominated securities in
1
234
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
-6إن إمكانية استخدامها كعملة احتياط دولية ال يعين إمكانية استخدامها كعملة ائتمان
على املستوى الدويل خارج نطاق التعامالت الرمسية بني البنوك املركزية يف دول العامل ،مما يقلل
من قيمتها وخيفض من حجم العوائد ،اليت ميكن أن حتققها هذه البنوك من احتياطاهتا بتلك
العملة.
-7إن استخدام حقوق السحب اخلاصة كعملة احتياطية يتطلب تغيريا هيكليا يف الدور
الذي يقوم به الصندوق دوليا وحجم املوارد املالية املتاحة له ونسب مسامهة كل دول العامل يف
رأمساله ودوره يف سياسات االستقرار االقتصادي دوليا ،األمر الذي قد جيد معارضة شديدة
من قبل القوى االقتصادية العاملية بصفة عامة والوالايت املتحدة بصورة خاصة.
الفقرة الثالثة:
احللول املقرتحة لنجاح حقوق السحب اخلاصة
يرى بعض الفقهاء أنه إذا ما أريد حلقوق السحب اخلاصة أن تكون عملة االحتياط
العاملية ال بد توافر الشروط التالية:1
أ-زايدة حجم املخزون منها واملتاح لتحويله إىل أصول مفضلة إذ مل يصل أكثر ختصيص
حلقوق السحب اخلاصة إىل 250مليار دوالر ،يف أعقاب اجتماع جمموعة العشرين سنة
2009سوى % 4من امجايل السيولة الدولية .ولتوسيع حجمها ال بد من تغيري املتطلبات
القانونية.
ب-إطالق األصول املقومة هبذه الوحدات يف النظام النقدي الدويل هلذا الغرض ،كما ينبغي
استخدام سنداته من قبل الصندوق كوسيلة للتسعري.
ج-ينبغي على الدول الغنية حتويل الفائض الذي حبوزهتا مباشرة إىل حقوق السحب اخلاصة
الرتفاع احلاجة للموارد .والبد للصندوق أن يقوم بتيسري هذه األموال وفق احلاجة إليها
-1عبد الكرمي شنجار العيساوي ،عبد املهدي رحيم العويدي املرجع السابق،ص 291وما يليها.
235
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
وبدرجة عالية من الشفافية ،كما ينبغي استخدامها جملموعة من األغراض مبا يف ذلك التنمية
االقتصادية الدولية طويلة األجل.
د-جعل حقوق السحب اخلاصة كوسيلة للدفع وليست جمرد احتياطي لألصول ،يف هذه
احلالة فإاها تنطوي على بعض املخاطر تتمثل يف احتمال أن تكون غري كافية لتلبية الطلب
عليها .و ميكن التغلب على هذه املشكلة من خالل تصحيح طريقة التعامل هبا.
ه -تشجيع استعماهلا يف التجارة اخلارجية و تسعري السلع ويف االستثمارات األجنبية اخلاصة
وبني الشركات،مما يساعد على تعزيز دورها الدويل ويقلل من تقلبات األصول املقومة ابلعملة
الوطنية واملخاطر املرتبطة هبا .و إنتاج أصول مالية مقومة بوحدات السحب اخلاصة وتوسيع
العمالت اليت تشكل أساس تقييمها.
يف احلقيقة ومن خالل متابعة التطورات املالية والنقدية الدولية فإن حقوق السحب
اخلاصة حتتاج إىل الكثري من الوقت لكي يتم حتقيق هذه اإلصالحات ،كما حتتاج إىل الكثري
من اجلدية واالصرار من قبل أصحاب الشأن واجلهات الفاعلة يف النظام االقتصادي العاملي
كدول جمموعة العشرين وال سيما الدول الناشئة كي أتخذ دورها التارخيي يف حتقيق ما يصبو
إليه العامل اليوم ويف املستقبل القريب من استقرار وأمان .والذي مت تغييبه خالل مرحلة "بريتون
وودز" األوىل والثانية ،إذ يعول على هذه الوحدات أن أتخذ حمل الدوالر بعد املزيد من
اإلصالحات.1
الفرع الثالث:
حتويل وحدة السحب اخلاص إىل العمالت الوطنية
لقد نصت املادة / 5/4د من معاهدة بروكسل املعدلة بربوتوكول ، 1979املادة 26
من اتفاقية هامبورغ واملادة 3/59من قواعد روتردام على بيان الكيفية اليت يتم هبا حتويل
حقوق السحب اخلاصة املقررة للحد األقصى التعويض عندما تنعقد مسؤولية الناقل البحري
- 1عبد الكرمي شنجار العيساوي ،عبد املهدي رحيم العويدي ،املرجع السابق ،ص .292
236
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف التسليم ،كما مل تغفل هذه النصوص الدولية عن
ذكر التاريخ الذي يتم فيه حتويل الوحدات احلسابية.أتسيسا على ذلك سنتعرض ملا جاءت
به املعاهدات الدولية املذكورة من أحكام خبصوص كيفية حتويل حقوق السحب اخلاصة إىل
العمالت الوطنية(أوال)،مث لتاريخ حتويل هذه الوحدات احلسابية( اثنيا).
أوال :كيفية التحويل
نظرا الختالف الدول من حيث اإلنضمام إىل صندوق النقد الدويل و وجود دول
منضمة هلذا الصندوق و دول أخرى ليست عضوة فيه ،لكن بعضا منها جييز نظامها النقدي
حساب عملتها الوطنية ابلقياس إىل حق السحب اخلاص وبعضها اآلخر ال يسمح نظامها
بذلك .وهلذه األسباب ركزت اتفاقية هامبورغ وبرتوكول 1979املعدل ملعاهدة بروكسل
اهتماماهتما يف توضيح الطريقة اليت يتم هبا حتويل مبلغ احلد األقصى للتعويض ابلنسبة لكل
طائفة من هذه الدول .وذلك على النحو اآليت: 1
الطائفة األوىل:
هي الدول األعضاء يف صندوق النقد الدويل وحتسب قيمة العملة هلذه الدول ابلقياس
إىل حق السحب اخلاص وفقا لطريقة التقييم اليت يطبقها الصندوق .وتكون سارية يف اليوم
الذي يتم فيه التحويل و يعرف هذا من خالل النشرة اليومية اليت يصدرها البنك املركزي.
الطائفة الثانية:
تتمثل يف الدول غري األعضاء يف صندوق النقد الدويل واليت جتيز أنظمتها النقدية
حساب قيمة عملتها ابلقياس إىل حق السحب اخلاص وحتسب هذه العملة الوطنية ابلقياس
إىل DTSابلطريقة اليت حتددها كل دولة ،بشرط أن يكون من شأن هذه الطريقة أن يبلغ
التقدير بقدر املستطاع نفس املبالغ املعرب عنها ابلوحدات احلسابية.
-1كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ،1978املرجع السابق ،ص 108وما يليها.
237
نظام احلد األقصى للتعويض : الباب األول
:1الطائفة الثالثة
هي الدول غري األعضاء يف صندوق النقد الدويل واليت ال جتيز أنظمتها النقدية
فيحسب احلد األعلى، حساب قيمة عملتها الوطنية ابلقياس إىل حق السحب اخلاص
. وحدة نقدية12500 للتعويض يف حالة التقدير على أساس الطرد أو الوحدة مببلغ يعادل
وحدة37,5ويف حالة التقدير وفق ضابط الوزن حيسب احلد األقصى للتعويض مببلغ يعادل
أو التالفة وتعادل الوحدة النقدية، نقدية عن كل كيلوغرام من الوزن اإلمجايل للبضاعة اهلالكة
أما يف ظل.من ألف أي نفس قيمة فرنك بوانكاري900 مليغرام من الذهب عيار65,5
وحدة نقدية عن1000 يكون التقدير ب1979 التعديل األخري ملعاهدة بروكسل لسنة
وحدة نقدية عن كل كيلوغرام من الوزن اإلمجايل للبضاعة30كل طرد أو وحدة شحن وب
.2اهلالكة أو التالفة
حتول هذه الوحدات النقدية إىل العملة الوطنية لكل دولة وفقا ألحكام قانواها
الداخلي بشرط أن يبلغ التقدير بقدر املستطاع إىل أن يعادل نفس املبالغ املعرب عنها
239
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
-1عبد القادر ،حسن العطري ،احلاوايت وأثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ،املرجع السابق ،ص. 332
240
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الذي تسعى إليه.كما يضيف هذا الفقه أن االعتداد بيوم الوفاء كتاريخ لسعر الصرف هو
أفضل مما جاءت به االتفاقية ،ألنه يوفر االستقرار يف املعامالت ويساهم يف حتقيق املساواة
بني املضرورين ،من حيث مبالغ التعويض اليت حيصل عليها كل منهم.
اجلدير ابلذكر أن اتفاقية هامبورغ يف سبيل محاية الشاحنني من التقلبات االقتصادية
بشأن أسعار الصرف العاملية جاءت بنص فريد من نوعه وهو نص املادة ، 33الذي يندرج
حتت عنوان إعادة النظر يف مقادير التحديد والوحدة احلسابية ،حيث أوجبت على األمني
العام لألمم املتحدة أن يدعوا إىل عقد مؤمتر يكون الغرض منه تغيري مقادير مبالغ احلد
األقصى للتعويض ،املتعلق إبحدى الوحدتني احلسابيتني اللتني وردات ابلفقرتني األوىل(وحدة
حق السحب اخلاص) والثالثة(الوحدة النقدية 65,5مليغرام من الذهب عيار 900من
ألف) من املادة ، 26أو إلغاء كليهما بوحدات حسابية أخرى.
و ال جيري تغيري تلك املقادير املذكورة إال إذا حدث تغيري جوهري يف قيمتها احلقيقية
الواردة ابملادة 6املادة .2/ 26ومن جهة أخرى فإن دعوة األمني العام لألمم املتحدة
إلعادة النظر هي مرهونة بطلب ذلك من ربع الدول املتعاقدة.1
ابلرجوع إىل نصوص التعديل األخري ملعاهدة بروكسل لسنة 1979يالحظ أنه مل ميس
بقاعدة التحويل وحدة السحب اخلاصة إىل العملة احمللية اليت جاء هبا بروتوكول 1968
وهي ترك االختيار لقانون اجلهة القضائية ،اليت يرفع أمامها النزاع لتحديد مبلغ التعويض
حسب ما جاء يف املادة 2فقرة 4بند 2من هذا الربوتوكول. 2
أما قواعد روتردام فهي على غرار اتفاقية هامبورغ تقضي أبن حتول املبالغ املشار إليها
خبصوص احلد األقصى للتعويض احملسوبة بداللة وحدات السحب اخلاصة إىل العملة الوطنية
ألي دولة وفقا لقيمة تلك العملة بتاريخ صدور احلكم القضائي ،أو يف التاريخ الذي يتفق
242
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
الدول البحرية الكربى ،مما سيدفع ابحتادات الناقلني يف هذه الدول الضغط على حكوماهتم
من أجل االحجام عن االنضمام إىل هذه االتفاقية ،1غري أن هناك من يرى العدالة يف هذه
الزايدة يف احلدود القصوى للتعويض ويسوقون تربيرا لذلك مبا شهده العامل من تضخم مايل
كبري و يضاف إليه ارتفاع األسعار خاصة منذ زمن التوقيع على اتفاقية هامبورغ. 2
ابلرجوع إىل نصوص القانون البحري اجلزائري و خاصة املادة 805بعد تعديلها يف
سنة 1998يظهر أن املشرع قد ختلى عن اإلحالة إىل وحدة اجلنيه االسرتليين3اليت أخذت
هبا اتفاقية بروكسل األصلية وتبىن نفس الوحدة احلسابية اليت جاء هبا بروتوكول 1968
ابلرغم من عدم مصادقة اجلزائر على هذا األخري وقام بتعريفها يف الفقرة الرابعة من املادة
األخرية ،حيث نصت على أنه ":يقصد ابلوحدة احلسابية يف هذا األمر وحدة حساب
متشكلة من مخسة وستني مليغراما ونصف من الذهب على أساس تسعة مائة من األلف يف
النهاية".
إن هذا املوقف يبدوا غريبا فليس هناك ما يدعوا إليه ،خاصة وأن اجلزائر عضوة 4يف
صندوق النقد الدويل ،إذ ما يالحظ على املشرع الوطين أنه من جهة مل حيرتم اتفاقية بروكسل
األصلية اليت انضمت إليها اجلزائر و اليت اختذت اجلنيه الذهيب كقاعدة حلساب احلد األقصى
للتعويض .ومن جهة أخرى فقد كان عليه من ابب أوىل أن ينسحب من هذ األخرية
-1مشار إليه إميان حسن اجلميل ،سند الشحن ودوره يف النقل البحري ،املرجع السابق،ص، 108ولألسف حلد اليوم مل تدخل هذه
االتفاقية حيز النفاذ (.) 2017/02/25
-2مشار إليه لدى املرجع السابق ،املوضع نفسه .
-3املادة 805ق ب ج قبل تعديلها بقانون1998كانت تنص على ما يلي ":إذا مل يصرح الشاحن بنوع وقيمة البضائع قبل نقلها ومل
يذكر هذا التصريح يف وثيقة الشحن أو وثيقة نقل أخرى ،فال يعد الناقل مسؤوال عن اخلسائر واألضرار اليت تلحق ابلبضائع أو اليت تتعلق
هبا مبا يزيد عن املبالغ احملسوبة وفقا للقواعد املوضوعة هلذا الغرض مبوجب االتفاقيات الدولية واملصادق عليها من قبل اجلزائر".
-4انضمت اجلزائر إىل اتفاقييت بروتن وودز اخلاصة إبنشاء صندوق النقد الدويل واخلاصة ابلبنك الدويل لإلنشاء و التعمري ل 22جويلية
، 1944ابلقانون رقم 320/63املؤرخ يف 31أوت ، 1963ج ر عدد 63لسنة ، 1963كما صادقت اجلزائر على التعديل األول
التفاقية صندوق النقد الدويل FMIل 31ماي ، 1969مبوجب األمر 78/69املؤرخ يف 1969/09/18املتضمن املصادقة على
التعديالت الواردة على القانون األساسي لصندوق النقد الدويل والرتخيص ابملشاركة يف حقوق السحب اخلاصة ،ج ر عدد 93لسنة
. 1969
243
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
ويلتحق مبعاهدة هامبورغ لسنة ، 1978اليت اختذت هي األخرى حقوق السحب اخلاصة
كوحدة لقياس احلدود القصوى للتعويض عن األضرار النامجة عن النقل البحري و هو احلل
األمثل ملا تتمتع به هذه االتفاقية من نصوص ختدم مصاحل الشاحنني والتوازن يف عقد النقل
و حىت يسري املشرع أيضا يف طريق التوحيد اليت تسعى إليه االتفاقية .
ومن جهة أخرى جيعلها ال خترج على احرتام انضمامها للقانون األساسي لصندوق
النقد الدويل ويضمن يف نفس الوقت تعويضا اثبتا لصاحل الشاحن ،أو املضرور ابعتبار اجلزائر
من الدول الشاحنة ،اليت الزالت يف حاجة ماسة خلدمة النقل البحري و البحث عن اتفاقية
دولية حتمل يف طياهتا أحكاما ترفع الغنب عن الشاحنني املنتمني هلذه الدول و تعيد التوازن
احلقيقي لعقد النقل البحري الدويل ،بدال مما فعله املشرع اجلزائري من اقتباس وحدة الفرنك
الفرنسي الذهيب اليت كما رأينا يف الفرع السابق أاها أاثرت الكثري من املشاكل والصعوابت يف
احملاكم على املستوى الدويل ،من حيث احتساب التعويض وفق هذه الوحدة .و هذا كله
كان جراء تغافل التشريع الدويل والوطين عن بيان السوق اليت يتخذ سعر الذهب فيها مما
أاثر مشكلة يف معرفة سعر الصرف الذي يتم وفقه حتويل الفرنك البوانكاري .
خيلص القول من مجع ما تقدم أنه جيب على القاضي عند تقديره للحد األقصى
للتعويض يف حال ثبوت مسؤولية الناقل البحري عما يلحق البضائع من هالك أو تلف أن
يراعي أوال مدى توافر شروط تطبيق قاعدة احلد األقصى للتعويض ،مث يبحث بعد ذلك عن
الضوابط اليت يتم وفقها احتساب التعويض وهي الطرد واحلاوية ،الوحدة والوزن وعليه التأكد
من البضاعة تشكل طردا وفقا للنية املشرتكة للطرفني واملستخلصة من البياانت الواردة لسند
الشحن.
مث يقوم يف األخري يف بعملية حساب التعويض طبقا للضوابط املذكورة فيختار منها
الضابط األنسب لصاحب البضاعة و الذي حيقق له أكرب مبلغ من التعويض حسب ما
244
نظام احلد األقصى للتعويض الباب األول :
تقتضيه االتفاقية الفاصلة يف النزاع وهذا طبقا لربوتوكول بروكسل لسنة ،1968أو املعاهدة
هامبورغ ،أو لقواعد روتردام.
أما يف حالة وجود ضرر ترتب عن أتخري يف تسليم البضاعة فإن األمر ال يشكل أية
صعوبة فهناك ضابط وحيد وهو أجرة النقل ،أي مبا يعادل مرتني ونصف هذه األجرة بشرط
أال يتجاوز ذلك جمموع األجرة املستحقة عن البضاعة حمل عقد النقل البحري وفقا التفاقييت
هامبورغ وروتردام .ويف األخري يبقى عليه أن يقوم بتحويل املبلغ احملكوم به للمضرور إىل
العملة الوطنية وفقا لقانون دولته أي دولة القاضي الذي رفع النزاع أمامه إذا كان بروتوكول
1968هو واجب التطبيق .أما إذا كانت قواعد روتردام أو اتفاقية هامبورغ هي املطبقة على
موضوع النزاع فيكون حتويل مبلغ التعويض طبقا لقيمة تلك العملة بتاريخ صدور احلكم
القضائي ،أو يف التاريخ الذي يتفق عليه الطرفان ،أو احلكم التحكيمي.
لكن قد تتوافر حاالت تطبيق احلد األقصى للتعويض إال أن حق الناقل يسقط يف
التمسك هبا ابلرغم من توافر شروطها .وابلتايل حيل حمله التعويض الكامل ،هذا األمر أوجب
على االتفاقيات الدولية أن حتصر السلوكات اليت ختل بتوازن عقد النقل البحري و اقتضى
منها ذلك أيضا التوفيق بني األنظمة القانونية للدول املشاركة فيها كالدول الالتينية و نظريهتا
األجنلوسكسونية ،يف ظل اختالف املفاهيم القانونية لألفعال اليت تدخل يف دائرة سوء النية.
و ذلك يف سبيل جمازاة الناقل الذي انعقدت مسؤوليته بسب تلك األفعال املخلة مببدأ حسن
النية حبرمانه من التمسك بقاعدة احلد األقصى للتعويض و الزامه بدفع مبلغ من التعويض
للمضرور يكون طبقا لنظام التعويض الكامل.
245
ن
الباب البا ى:
ي ت لا
نظام عو ض الكامل
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
بعد أن تطرقنا يف الباب األول ملفهوم احلد األقصى للتعويض ونطاق تطبيقه مع
التفصيل يف كيفية تقديره وفق االتفاقيات الدولية موضحني يف ذلك موقفها منه .حيث أن
اتفاقية بروكسل اعتربته استثناءا عن القاعدة العامة يف التعويض املدين الناشئ عن املسؤولية
العقدية وهوما سارت عليه معاهدة روتردام مقتفية آاثر االتفاقية السابقة.
لكن اتفاقية هامبورغ غريت وجهتها معتربة نظام احلد األقصى للتعويض األصل يف
التعويض عن األضرار واخلسائر الالحقة ابلبضائع املنقولة عرب البحر مبقتضى عقد نقل دويل.
وابلتايل فإن التعويض الكامل عن تلك األضرار واخلسائر يف ظل هذه املعاهدة ال يعد إال
استثناءا عن قاعدة احلد األقصى للتعويض.
إن التعويض الكامل الذي كان لزاما علينا معاجلته يف هذا الباب ما هو إال تعويض
يتناسب مع القيمة احلقيقية للضرر الذي يصيب البضاعة اهلالكة أو التالفة ،أو الذي يتطابق
مع اخلسارة اليت تلحق املضرور من جراء التأخري يف وصول البضاعة إىل صاحبها .وال جيوز
للقاضي احلكم به إال يف حالة سقوط حق الناقل يف االستفادة من نظام احلد األقصى
للتعويض .واحلكمة من وراء ذلك أن التشريعات الدولية وحىت الداخلية ال حتفظ للناقل حقه
يف التعويض عند ارتكابه بعض األفعال اليت أتخذ وصف سوء السلوك العمدي و الذي خيرج
عما تقتضيه املعامالت واليت تنعدم فيها النزاهة وفيها تفريط حلقوق املتعاقدين وهي ما يتناىف
مع مبادئ العدالة.
من جهة أخرى ليس هناك مانع من أن يتفق طرفا عقد النقل على أن يتنازل الناقل عن
حقه يف أن يسأل وفق تعويض حمدود ،عند انعقاد مسؤوليته خبصوص البضائع اليت تعهد
بنقلها .و يرتتب على ذلك أن يدفع هذا األخري مبلغ التعويض كامال حىت تربأ ذمته .إن يف
االتفاق السابق زايدة ملسؤوليات الطرف القوي يف عقد النقل ،لذلك جتيزه أغلب التشريعات
دولية أو داخلية .و ترتيبا على ما تقدم سيتم معاجلة هذا الباب من خالل فصلني :سوء
السلوك االرادي للناقل (فصل األول) ،التعويض الكامل االتفاقي(فصل اثين).
246
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفصل األول:
سوء السلوك االرادي للناقل
لقد سبق يف الباب األول من هذه الدراسة اإلجابة عن االشكال الذي دار حول
شرعية نظام احلد األقصى للتعويض ،فكان املربر الذي دفع ابالتفاقيات الدولية من وراء تقرير
هذا النظام هو توازن املصاحل املتعارضة بني الشاحن والناقل ،ألنه من متطلبات التوازن العقدي
،الذي ال يتحقق إال إذا كان الناقل حسن النية يف تنفيذ التزاماته ،عند كل مرحلة من مراحل
النقل ابتداء منذ أخذ البضاعة على عاتقه إىل غاية تسليمها يف حالة جيدة ،أو على احلالة
اليت مت استالمها عليها من الشاحن أو انئبه.
نتيجة لذلك لو صدر من الناقل فعال سيئا أو تقصريا يف إيصال البضاعة سليمة و غري
انقصة فإن التوازن الذي بُين عليه نظام احلد األقصى للتعويض سيختل وينهار ،ومل يبقى هناك
ما يربره .إذن فإنه من املنطقي أن حيرم الناقل من االستفادة منه و ال يكون أمام القاضي
عندئذ إال أن حيكم بتعويض نقدي كامل يقدر بقيمة الضرر الذي يصيب البضاعة من هالك
أو تلف ،أو ضرر حيدث جراء أتخريها يف التسليم وهو ما تقتضيه مبادئ العدالة .
من خالل استقراء نصوص معاهدة بروكسل األصلية لسنة 1924يالحظ أاها على
خالف االتفاقيات اآلخرى مل تبني حاالت سقوط نظام احلد األقصى للتعويض مما شكل
صعوبة على القضاء يف الفصل يف النزاعات اليت حتكمها هذه االتفاقية وهذا ما فسح اجملال
أمام الفقه يف البحث عن احلل .
غري أن هذا األمر بقي حمل خالف مما اضطر الدول اليت شاركت يف اتفاقية بروكسل
االجتماع إلضافة نص يف بروتوكول تعديلها سنة 1968لبيان تلك احلاالت واليت وردت يف
املادة / 2ه منه و هي تتمثل يف ارتكاب الناقل لفعل أو امتناع بقصد احداث الضرر ،أو
بعدم اكرتاث مع علمه ابحتمال وقوع الضرر .و هذا ما لقي قبوال لدى معاهديت هامبورغ 1و
247
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
روتردام .1و بناءا على ذلك فقد مت تقسيم هذا الفصل إىل مبحثني :أثر الغش و اخلطأ اجلسيم
Wilful على التعويض(مبحث أول)،اهلدف املنشود من وراء فكرة سوء السلوك العمدي
(مبحث اثين). Misconduct
املبحث أول:
أثر الغش واخلطأ اجلسيم على التعويض
ال خيفى على أحد أن الغش واخلطأ اجلسيم يعدان من بني األفعال أو السلوكات اليت
جتعل الناقل غري جدير ابلرعاية القانونية إذ ستجعله يفقد حقه يف أن يتمسك بنظام احلد
األقصى للتعويض عند ثبوت مسؤوليته عن البضائع ،اليت تعهد بنقلها .و يعترب الغش وجها
مضادا حلسن النية أو األمانة يف التعامل بني املتعاقدين ،لذلك حيرم مرتكبه من االستفادة مما
قررته له التشريعات دولية كانت أم وطنية .
إن قاعدة الغش يفسد كل شيء هي مأخوذة من مبادئ األساسية يف الشريعة
اإلسالمية و ابلتايل فإن هذا املبدأ يتماشى مع العدالة ،حيث يقوم على اعتبارات خلقية
واجتماعية وحيارب اخلديعة واالحتيال وعدم االحنراف عن جادة حسن النية ،الواجب توافرها
يف العقود.لذلك يُعمل به يف كافة فروع القانون عموما حلماية مصلحة األفراد ويُعمل به بصدد
مجيع التصرفات القانونية واالجرائية بغري نص.2
كما يلحق اخلطأ اجلسيم من حيث األثر ابلغش إال أن مدلوهلما خيتلف وخيرج من هذه
الدائرة اخلطأ البسيط و كل هذه املفاهيم هي متداولة يف األنظمة الالتينية ،أما األنظمة
االجنلوسكسونية فهي ال تعرف معىن الغش أو فكرة اخلطأ اجلسيم إال أاها تعرف مبا يسمى
اخلطأ االرادي .Wilful Misconduct 3وبناءا على ذلك تطلبت دراسة هذا املبحث تقسيمه
-2سيد أمحد حممود ،الغش االجرائي ،الغش يف التقاضي والتنفيذ ،دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع ابملنصورة ،مصر ،سنة ، 2017ص
.5
-3حممد عبد الفتاح ترك ،التحكيم البحري ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة ،2005ص.202
248
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
إىل مطلبني :موقف الفقه والقضاء من الغش (مطلب أول) ،اخلطأ اجلسيم ومدى أتثريه على
التعويض (مطلب اثين).
املطلب األول:
موقف الفقه و القضاء من الغش
قبل تعديل معاهدة بروكسل يف سنة 1968كان الغموض خييم على اتفاقية بروكسل
وخاصة يف املادة ، 5/4اليت نصت على أنه" :ال يلتزم الناقل أو السفينة يف أي حال من
األحوال بسبب اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع أو ما يتعلق هبا ،مببلغ يزيد على مائة جنيه
إجنليزي عن كل طرد أو وحدة أو على ما يعادل هذه القيمة بعملة أخرى ،ما مل يكن الشاحن
قد بني جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن .وأن يكون هذا البيان قد دون يف سند الشحن".
ما يلفت االنتباه عند قراءة هذه املادة عبارة "يف أي حال من األحوال" أن معاهدة
بروكسل أغفلت عن اجلانب األخالقي يف حتديد املسؤولية مطلقا بل ومؤكدة على وجوب
مراعاة التحديد يف مجيع األحوال . in any eventوعلى هذا فقد شكلت هذه العبارة جدال
كبريا يف أوساط الفقه والقضاء فتساؤل اجلميع إزاء هذا االطالق ،هل جتب مراعاة حدود
املسؤولية حىت ولو ارتكب الناقل واتبعوه غشا أو خطأ جسيما ؟ أال ينبغي أن يكون من شأن
1
هذا الغش أو اخلطأ اجلسيم حتطيم حدود املسؤولية واطالق التعويض ليغطي الضرر أبكمله؟
و على هذا كان من الضروري دراسة هذا املطلب من خالل ثالث فروع :املادة 4من
معاهدة بروكسل ومدى تطبيقها على التعويض الكامل(فرع أول) ،مفهوم الغش وكيفية اثباته
(فرع اثين).
-1حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص 111وما يليها.
249
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفرع أول:
املادة 4من معاهدة بروكسل ومدى تطبيقها على التعويض الكامل
لقد اختلفت اآلراء الفقهية حول تفسري عبارة "يف أي حال من األحوال" الواردة يف
الفقرة 5من نص املادة 4و حول األفعال اليت تلغي إمكانية متسك الناقل ابحلد األقصى
للتعويض الواردة يف املعاهدة ومما صعب األمر أن املعاهدة جاءت خالية من نص صريح بشأن
هذا املوضوع .لذلك تباينت ارآء الفقه و تعارضت أحكام القضاء وهلذا سنتعرض للتفسريات
اليت برزت خبصوص العبارة الغامضة من خالل ثالث اجتاهات:
االجتاه األول:
يذهب أصحاب هذا االجتاه إىل القول أبن الناقل جيوز له أن يتمسك يف مجيع
احلاالت ابحلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املعاهدة مهما كان نوع اخلطأ الذي ارتكبه
هو أو أحد اتبعيه حىت ولو بلغ اخلطأ درجة اجلسامة وال يستثىن من ذلك سوى الغش، 1إذ
هذه الصورة وحدها هي اليت يفرتض أن املشرع الدويل استبعدها من هذا اجملال .و يف هذه
ٍ
تعويض كامل لصاحب احلالة األخرية يتعطل العمل ابحلد األقصى للتعويض ويلتزم الناقل بدفع
البضاعة .2ومن بني احلجج اليت يستند إليها أنصار هذا االجتاه ما يلي:
-1إن وجود عبارة "يف أي حال من األحوال" en aucun casيف النص يستدعي تطبيقه يف
مجيع احلاالت حىت ولو كانت املسؤولية انشئة عن خطأ جسيم ،إذ أاها عبارة عامة ومطلقة ال
ترتك جماال ألي استثناء .و من جهة أخرى فإن احلد األقصى للتعويض قد خرج بنص املادة
4فقرة 5من نطاق الدائرة التعاقدية ليدخل يف نطاق الدائرة القانونية اليت تتعلق ابلنظام العام
،لذلك فال حمل لتطبيق أحكام القضاء اليت سادت قبل املعاهدة واليت قضت ببطالن آاثر
1
- Antoine Villard, op.cit, p420, Boukhatmi Fatima, thèse précité, p213.
عبد الرمحن سليم املرجع السابق ،ص ، 290حممود مسري الشرقاوي و حممد القليويب ،القانون البحري (الطبعة الرابعة)،دار النهضة العربية
،القاهرة ،سنة ،1993ص .437
-2حممد هبجت عبد هللا قايد ،مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف اتفاقية هامبورغ(دراسة مقارنة بني اتفاقية بروكسل لسندات الشحن
والقانون البحري رقم 8لسنة، 1992دار النهضة العربية ابلقاهرة ،سنة ،1992ص.117
250
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الشروط املتعلقة حبدود املسؤولية اليت اتُفق عليها يف سندات الشحن ،يف حالة ما ارتكب
الناقل أو أحد اتبعيه غشا أو خطأ جسيما.1
-2أن النص جاء عاما ال يفرق بني اخلطأ اجلسيم وغريه وهو نص آمر ال ميكن اخلروج عليه
أو أتويله.
-3أن فكرة اخلطأ اجلسيم هي غري معروفة عند كثري من البلدان اليت وقعت على املعاهدة
وبصفة خاصة يف الدول األجنلو سكسونية.2
-4أن املؤمترين يف بروكسل مل يتناولوا مسألة اخلطأ اجلسيم ،خالفا ملا فعلته بعض املؤمترات
الدولية األخرى كمؤمتر فرسوفيا اخلاص ابملالحة اجلوية لسنة ،1929أو مؤمتر روما اخلاص
ابلنقل الدويل ابلسكك احلديدية لسنة 1934مما يدل على أن اخلطأ اجلسيم ليست له أمهية
خاصة ابلنسبة ملعاهدة بروكسل وبصفة خاصة فيما يتعلق حبق الناقل يف التمسك ابحلد
األقصى للتعويض ،حيث جعلت له املعاهدة ذلك يف أي حال األحوال.3
االجتاه الثاين:
يذهب جانب من الفقه 4إىل أبعد من الرأي األول يف تفسريه لعبارة "يف أي حال من
األحوال" الواردة يف نص املادة 5 /4إىل أن الناقل واتبعيه يفقدون حقهم يف التمسك ابحلد
األقصى للتعويض يف حالة الغش .كما يسقط حقهم أيضا يف حالة اخلطأ اجلسيم وابلتايل
يسري عليهم التعويض الكامل للضرر احلاصل عن البضاعة وذلك يف كل األحوال مهما
ارتكبوا من غش أو خطأ جسيم .
و يقدم بعضهم احلجة على ذلك أبن احلد القانوين للمسؤولية قد حل حمل الشرط
االتفاقي هلذا التحديد ويرتتب عنه أنه ال حمل لتطبيق احلد القانوين األقصى للتعويض كلما كان
1
- Georges Marais, les transports internationaux de marchandises par mer et la
jurisprudence en droit comparé, op.cit, p206.
-2علي حسن يونس ،العقود البحرية ،دار الفكر العريب ،مصر ،سنة ،1978ص.119
-3نفس املرجع ،املوضع نفسه.
4
- Michelle Pourcelet, Le Transport maritime sous connaissement (droit canadien,
Américain, anglais), Les Presses de L'université de Montréal, canada1972, p151.
251
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الضرر راجعا إىل غش أو خطأ جسيم صادر منه أو من اتبعيه وابلتايل تنعقد مسؤولية الناقل
مطلقة .1
كما يضيف بعضهم 2أنه ملا كانت أحكام املعاهدة قد وضعت خصيصا ملراعاة مصاحل
الشاحنني ومنع ختفيف املسؤولية عن الناقل .إذن ال ميكن اعمال النص القانوين يف هاتني
احلالتني اللتني كان القضاء يرفض فيهما أصال األخذ ابلتحديد االتفاقي وإال أصبحت نصوص
املعاهدة أخف أثرا على الناقل من الشروط االتفاقية حلدود املسؤولية ،فهذا ما مل تقصده
املعاهدة على االطالق.
لقد عرضت على القضاء الفرنسي ذات اإلشكالية األخرية حول تفسري العبارة الغامضة
من املادة املذكورة فحكمت حمكمة ابريس يف سنة 1954حبرمان الناقل يف حاليت الغش
واخلطأ اجلسيم من التعويض وفق احلد األقصى للتعويض ،فطُعن أمام حمكمة النقض واليت
نظرت إىل املوضوع من نظرة ال ختلو من اعتبار الواقع الذي يفرض مراعاة مصاحل الناقلني
الفرنسيني يف ميدان املنافسة الدولية .والحظت أن كثريا من التشريعات تقرر محاية للناقلني
الوطنيني وقدرت أن هذه احلماية ال تتحقق إال إذا مسحت للناقل الفرنسي أبن يتمسك ابحلد
األقصى للتعويض يف مجيع احلاالت مامل يصدر منه شخصيا غش.3
حكمت هذه احملكمة أبن العبارة العامة اليت وردت يف نص القانون الفرنسي الصادر يف
سنة 1936وهو يردد عبارة نص املعاهدة تشمل كافة حاالت املسؤولية ابستثناء حالة الغش
،كما أعيدت القضية إىل حمكمة استئناف Rouenإلعادة الفصل فيها ،فأصرت احملكمة على
ذات قضاء حمكمة ابريس وقضت بدوائرها اجملتمعة ابستبعاد حالة اخلطأ اجلسيم ،فلما عادت
القضية أمام حمكمة النقض أكدت على قضاءها السابق .4
- 1مشار إليه لدى علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،لسنة ، 1969املرجع السابق ،ص . 784
-2مسيحة القليويب ،القانون البحري لسنة ،1987املرجع السابق ،ص . 319
- 3قرار صادر يف 11مارس 1960مشار إليه لدى على مجال الدين عوض ،تعليقات على القضاء التجاري البحري ،جملة القانون
واالقتصاد للبحث يف الشؤون القانونية واالقتصادية ،العدد األول ،السنة احلادية والثالثون ،مارس ، 1961ص . 15
-4نفس املرجع ،املوضع نفسه.
252
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
االجتاه الثالث:
اندى أنصار هذا االجتاه 1بتطبيق احلد األقصى للتعويض الوارد ي املادة 5/4من
معاهدة بروكسل يف كل األحوال حىت ولو صدر من الناقل ،أو أحد اتبعيه غشا أو خطأ
جسيما ،ألن عبارة "يف كل حال من األحوال" الواردة يف هذه املادة جاءت قاطعة الداللة
على تطبيق احلد األقصى للتعويض يف مجيع احلاالت اليت تنعقد فيها مسؤولية الناقل ،حىت
ولو كانت انمجة عن غشه .و هذا ما حكم به القضاء يف بعض احملاكم املغربية 2والفرنسية. 3
إن األخذ هبذا الرأي سيشكل خطورة على مصاحل الشاحن أو املرسل إليه ،كما أن
التفسري الظاهري للنص والوقوف عند حرفيته ليس ضراب من املوضوعية والبد من البحث عن
القصد الذي كانت هتدف إليه املعاهدة ،مع مراعاة مبادئ العدالة وإال فقدت هذه االتفاقية
مصداقيتها واهتمت ابالحنياز للناقل الذي يعترب الطرف األقوى يف عقد النقل.
من جهة أخرى فإن تغافل االتفاقية عن ذكر حاالت سقوط احلق يف االستفادة من
ميزة احلد األقصى للتعويض ال يعين ابلضرورة أن الدول اليت شاركت يف املعاهدة كانت تود
على اختالفها أن يستفيد الناقل أو اتبعيه يف حال ارتكاهبم غشا أو خطأ جسيما .
االجتاه الرابع:
يفرق أصحاب هذا االجتاه 4بني الغش الصادر من الناقل والذي يرتكبه أحد اتبعيه،
فإذا ارتكب الناقل شخصيا غشا يف تنفيذ عملية النقل فإنه سيحرم من التمسك من احلد
األقصى للتعويض ويلزم بدفع مبلغ التعويض كامال عن الضرر الالحق عن البضاعة اهلالكة ،أو
1
-Francis Sauvage, Manuel pratique du transport des marchandises par mer, op.cit,
p83.
مصطفى كمال طه ،أصول القانون البحري ،املرجع السابق ،ص، 559ص239
2
- Cour de Rabat 19/3/1948: Georges Marais , op.cit ,p206.
3
-Trib. Genes. 30/01/1956 Dir. Marettimo 1956,p418 , Trib Naples 30/09/1955, Dir
Maritimo.1956, Genes 09/10/1952,p 248; René Rodiére , traité général de droit
maritime, Tome II , op.cit ,p308.
4
-Georges Ripert, droit maritime, crédit maritime, fortune de mer, transport maritime,
tome II 4eme édition, Rousseau, paris 1952 ,p714.
253
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
التالفة ،أما ابلنسبة عن فعل اتبعي الناقل فإنه جيوز إعمال احلد األقصى للتعويض سوآءا كان
الفعل الذي جنم عنه الضرر كان صادرا منهم عمدا أو عن خطأ جسيم ويبقى حق الناقل قائما
1
يف التمسك من احلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املادة 5/4من معاهدة بروكسل
،لكن إذا ما رفعت الدعوى على اتبع الناقل ،أو وكيله عند ارتكاب أحدهم غش أو خطأ
جسيم فإنه حيرم من احلدود القصوى للتعويض .ويلزمه دفع مبلغ التعويض كامال عن الضرر
الذي يصيب البضائع.
من خالل تتبع اآلراء الفقهية السابقة فإنه يرجح أصحاب االجتاه األخري ،الذين رأوا
بوجوب سقوط حق الناقل واتبعيه يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض يف حاليت الغش واخلطأ
اجلسيم .ألن مبادئ العدالة تتطلب أن يصب تفسري عمومية العبارة الواردة يف فقرة 5املادة 4
حرمان الناقل أو اتبعيه من ميزة احلد األقصى للتعويض واحالل حمله التعويض الكامل كحكم
عادل عن ما يصيب البضاعة من ضرر ،استنادا للحجج اآلتية:2
-1ابلرجوع إىل األعمال التحضريية واليت تعترب خلفية للسند القانوين ،فاملناقشات اليت دارت
يف مؤمتر الهاي حول النص اخلاص ابحلد األقصى للتعويض والذي يتضمن عبارة "يف أي
حال من األحوال " "en aucun casيستدل منها صراحة على أن هذه العبارة يقصد هبا أي
حال من األحوال كانت عليها قيمة البضاعة املشحونة .مبعىن أن الناقل ال يلزم بسبب اهلالك
أو الضرر الالحق ابلبضاعة أو ما يتعلق هبا مببلغ يزيد عن مائة جنيه اجنليزي مهما كانت قيمة
هذه البضاعة ،أي حىت ولو كانت قيمتها مرتفعة جدا عن املبلغ األخري مادامت مل تذكر هذه
القيمة يف سند الشحن .ومل تعاجل املناقشات اطالقا يف هذا الصدد اخلطأ الذي يرتكبه الناقل
ودرجته جسيما كان أو هينا مما يستنتج معه حتما أن التفسري ،الذي ذهب إليه أصحاب
-1مسيحة القليويب ،القانون البحري( السفينة ،أشخاص املالحة البحرية ،العقود البحرية ) ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ، 1982ص
. 220
-2عبد الرمحن سليم املرجع السابق ،ص 294وما يليها.
254
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الرأي الثاين من أن العبارة العامة تستبعد بعمومتيها وإطالقها كل استثناء وتشمل كل صور
املسؤولية ،حىت ولو كانت انشئة عن خطأ جسيم تفسري غري موفق.
-2الدليل املستمد من معاهدة وارسوا اخلاصة ابملالحة اجلوية ( 12أكتوبر)1929ومعاهدة
روما اخلاصة ابلنقل الدويل بواسطة السكك احلديدية (16مارس )1934هو دليل غري مقنع
إذ أن املعاهدتني األخريتني كان النص فيهما على أن الغش أو اخلطأ اجلسيم حيول دون تطبيق
احلد األقصى للتعويض الذي نصتا عليه ملسؤولية الناقل ،فهذا ليس دليال على أن نية واضعي
معاهدة بروكسل واليت جاءت خالية من مثل هذا النص قد انصرفت إىل العكس خاصة وأن
هاتني املعاهدتني قد صدرات بعد صدور معاهدة سندات الشحن(بروكسل ل 25أوت 1924
).
من جهة أخرى فإن املعاهدتني قد نصتا على الغش واخلطأ اجلسيم كحائلني دون تطبيق
احلد األقصى للتعويض املقرر ملسؤولية الناقل وجاءت معاهدة بروكسل خالية من النص على
أي منهما،فإذا كان أصحاب الرأي األول قد استنتجوا من ذلك أن نية واضعي معاهدة
سندات الشحن قد انصرفت إىل عدم اعتبار اخلطأ اجلسيم حائال دون تطبيق التحديد القانوين
ملسؤولية الناقل البحري كان عليهم أن يستنتجوا أيضا أن الغش كذلك وهو غري منصوص عليه
أيضا يف املعاهدة ال حيول دون تطبيق هذا احلد القانوين ،حىت يكون استنتاجهم اتما .ومع
ذلك ففي رأيهم أن اخلطأ اجلسيم وحده دون الغش هو الذي ال حيول دون تطبيق هذا احلد
القانوين ال يبدوا هذا سببا مقنعا.
-3فكرة اخلطأ اجلسيم اليت ادعى بعض الفقه 1أاها جمهولة يف كثري من الدول اليت اشرتكت
يف املعاهدة (الدول األجنلو سكسونية ) ،لذلك فإن مسألة هذا اخلطأ مل تكن حمل نقاش يف
مؤمتر بروكسل الدبلوماسي .ويتُرد على ذلك أبن بعض الدول األخرى اليت اشرتكت يف إمتام
املعاهدة كفرنسا مثال تعرف جيدا فكرة اخلطأ اجلسيم ،كما أن ممثلي الدول األجنلو سكسونية
1
- Georges Ripert, droit maritime. , tome II 4eme éditioin, op.cit ,p714.
255
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
على وجه اخلصوص الذين كانوا ميثلواها كان معظمهم من الفقهاء القانونيني الذين ال يتطرق
الشك إىل إملامهم بفكرة اخلطأ اجلسيم وهي فكرة قدمية ترجع إىل عهد الرومان .فإذا جاء مؤمتر
خاليا من مناقشات حول اخلطأ اجلسيم وجاءت املعاهدة بعد ذلك خالية من النص يف هذا
الشأن فهذا ال يقطع أبن نية واضعي املعاهدة قد انصرفت إىل تطبيق احلد األقصى للتعويض
،حىت ولو ارتكب الناقل أو أحد اتبعيه خطأ جسيما.
بل أكثر من ذلك فلو افرتض وكان هناك شك فالشك جيب أن يؤول لصاحل الشاحن
وال يقصد بذلك أن معاهدة سندات الشحن يراد هبا ختصيص املنفعة لصاحل الشاحن وإمنا
يقصد به أن الغرض األساسي من املعاهدة هو إحياء حقوق الشاحن يف عقد النقل بعد أن
كادت تزول من آاثر شروط اإلعفاء من املسؤولية ،أو حتديدها .لذلك إذا وجد هناك شك
فيجب أن يفسر لصاحل الشاحن.1
-4إن القول الذي يستفاد من قضاء حمكمة النقض الفرنسية أن الغش الذي يرتتب عليه
سقوط حق الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض هو الغش ،الذي يصدر من الناقل
شخصيا دون اتبعيه فالغش يف احلالة األخرية ليس له أتثري على ذلك .فهذا الرأي ال ميكن
االقرار به على هذا النحو ملنافاته العدالة وخمالفته املبادئ القانونية وذلك أن تنفيذ عقد النقل
وما يصاحبه من أخطاء أو أفعال يتم عادة من قبل اتبعي الناقل أو وكالئه .
هذا فضال عن أن الغش والسرقة يقعان يف الغالب من اتبعي الناقل وال يتصور وقوعهما
عمال من الناقل شخصيا ،األمر الذي يرتتب عليه حرمان املضرور من التعويض الكامل يف
حالة الغش حبجة عدم صدوره من الناقل شخصيا .و هلذا وجب على حمكمة النقض أن تعدل
عن هذا التفسري الضيق للغش والتسوية بني الغش الصادر من الناقل والصادر من اتبعيه من
حيث األثر ،خاصة وأن بروتوكول 1968قد عدل الفقرة اخلامسة من املادة الرابعة وأزال كل
-1ابعتبار عقد النقل من عقود اإلذعان والشاحن هو الطرف املذعن يف هذا العقد وعليه وفقا للقواعد العامة قضت املادة 2/112من
القانون املدين اجلزائري... ":غري أنه ال جيوز أن يكون أتويل العبارات الغامضة يف عقود اإلذعان ضارا مبصلحة الطرف املذعن".
256
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
لبس يف هذا اخلصوص .و قرر أن احلد األقصى املشار إليه يف املعاهدة وهو عشرة آالف
بوانكاريه يستبعد يف حالة الغش الناقل أو خطئه غري املغتفر . 1faute inexcusable
يعترب هذا اخلطأ أكثر درجة من اخلطأ اجلسيم، 2أما الغش أو اخلطأ بنوعيه سواءا
جسيما أو غري مغتفر والصادرين عن اتبعيه ،أو وكالئه فال يؤثر على حق الناقل يف التمسك
من حدود املسؤولية املقررة له وفق املعاهدة .لكن يف حالة ما رفعت الدعوى على اتبع الناقل
أو وكيله عند ارتكاب أحدهم غش ،أو خطأ جسيم ،أو غري مغتفر فإنه حيرم من احلد األقصى
للتعويض ويلزمه دفع التعويض كامال عن الضرر الالحق ابلبضاعة.3
إن احلل 4الذي جاء به بروتوكول األخري يف االفصاح عن النية احلقيقية للدول يف عدم
استقادة الناقل أو اتبعيه من احلد األقصى للتعويض ،املقرر هلم قانوان عند سوء نيتهم أو
ارتكاهبم خلطأ جسيم و الذي يلحق حكمه ابلغش حسب ما تقضي به املادة 178ق م ج
،فهذا مايعترب دليال كافيا إلبعاد اخلالف بني الفقه والقضاء حول املوضوع والذي جيب أن
يتخذ كأساس للداللة على املراد من الفقرة الغامضة من املادة 4من املعاهدة.5
اجلدير ابلذكر و خبصوص التفسري الذي أخذت به حمكمة النقض الفرنسية ونظرهتا
املنفردة يف تربير حكمها على أساس اتباع اهج التشريعات ،اليت تقرر محاية للناقلني الوطنيني
لتأسيس حكمها يف مراعاة مصاحل الناقلني الفرنسيني .وذلك ابلسماح للناقل ابالستفادة مما
قررته له معاهدة بروكسل من املسؤولية احملدودة يف كل األحوال حىت يف حالة اخلطأ اجلسيم وال
خيرج عن ذلك إال الغش ،فهذا احلكم ال يتحلى ابملوضوعية وتطغى عليه املصلحة الوطنية
ويؤدي إىل عدم التوازن العقدي الذي يفتقده عقد النقل البحري للبضائع .
-1حممد هبجت عبد هللا قايد ،مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف اتفاقية هامبورغ ،املرجع السابق ،ص.117
- 2لقد مت التمييز بني اخلطأ اجلسيم واخلطأ غري املغتفر يف الصفحة 285وما يليها من هذه الرسالة.
-3املادة 3فقرة 4من بروتوكول بروكسل لسنة .1968
-وهوما أخذت به معاهدة هامبورغ مبوجب املادة، 1/8معاهدة روتردام يف نص املادة . 61
4
-5قرارية قويدر ،أثر الغش واخلطأ اجلسيم على التعويض يف النقل البحري للبضائع ،اجمللة اجلزائرية للقانون البحري والنقل ،العدد السادس
،منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد تلمسان(اجلزائر) ،دار كنوز للنشر والتوزيع ،سنة،2017ص.103
257
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
من زاوية أخرى فإن بقاء حق الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض عند انعقاد
مسؤوليته ،عما أصاب البضاعة من ضرر و كان مرده إىل غش أو خطأ جسيم صادر من
اتبعيه أو وكالءه .فما يالحظ على هذا احلكم أنه جاء مسايرا للقواعد العامة يف القانون
املدين1و مبادئ العدالة .ألن الناقل قد ال يعلم بغش التابع أو الوكيل فكيف حياسب على
شيء خارج عن ارادته ويقصى من حقه يف االستفادة من ميزة احلد األقصى للتعويض ،اليت
قُرَرت من أجل اقامة التوازن بني مصاحل الطرفني وخشية من مبالغة الشاحن يف تقدير قيمة
البضاعة اهلالكة ،عند عدم ذكر قيمتها وجنسها يف سند الشحن. 2
بعد البحث عن تفسري الفقرة 4/5من معاهدة بروكسل بقي لنا أن نوضح مفهوم
الغش يف الفقه والقضاء وكيفية اثباته وفق النظرية التقليدية واحلديثة و أيها أسهل على املضرور
يف االثبات ،من أجل احلصول على تعويض كامل ،الذي جيب على الناقل أن يدفعه له عوضا
عن بضاعته اليت هلكت أو تلفت.
الفرع الثاين:
مفهوم الغش وكيفية اثباته
مل تتعرض االتفاقيات البحرية الدولية الثالث لتعريف الغش وهو ما يالحظ أيضا من
نصوص التشريعني اجلزائري و الفرنسي ،غري أن هذا األخري أورد عدة تطبيقات تبني مضمون
الغش اتركا للفقه والقضاء االجتهاد يف بيان املقصودبه.و قد مرت فكرة الغش بعهدين خمتلفني
لذلك وجب بيان االختالف الفقهي يف معناها التقليدي واحلديث.
-1تنص املادة 178ق م ج ":جيوز االتفاق على اعفاء املدين من أية مسؤولية ترتتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي ،إال ما ينشأ عن
غشه ،أو عن خطئه اجلسيم غري أنه جيوز للمدين أن يشرتط اعفاءه من املسؤولية النامجة عن الغش ،أو اخلطأ اجلسيم الذي يقع من
أشخاص يستخدمهم يف تنفيذ التزامه ".
-قرارية قويدر ،أثر الغش واخلطأ اجلسيم على التعويض يف النقل البحري للبضائع ،املقال السابق ،ص.104
2
258
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-1مل يعرف الغش يف النصوص القانونية ألن التشريعات الوضعية كما جرت العادة ال هتتم كثريا بوضع التعريفات العلمية الدقيقة
للمصطلحات أو املسميات القانونية وامنا يفسح اجملال يف ذلك لعمل الفقه ليقوم بتعريفها وحتديد املقصود هبا على ضوء ما يتوصل إليه من
حبث واجتهاد :علي حسن ع بد هللا الشريف ،الباعث وأثره يف املسؤولية اجلنائية ،رسالة دكتوراه ،كلية احلقوق جبامعة القاهرة ،سنة 1986
،ص . 28
-2حممد إبراهيم الدسوقي ،تقدير التعويض بني اخلطأ و والضرر ،موسوعة الثقافة اجلامعية للنشر والتوزيع ابإلسكندرية ،مصر ،بدون اتريخ
نشر ،ص . 357
-3حممد السروي ،الغش يف املعامالت املدنية (دراسة مقارنة يف القانون املدين والفقه اإلسالمي ،رسالة دكتوره ،جامعة املنصورة ،كلية
احلقوق ،قسم القانون املدين ،مصر ،سنة، 2008ص . 49
259
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
كما تبنت حمكمة النقض الفرنسية ذلك االجتاه معتربة أن الغش تصرف يتم بقصد اإلضرار مع
توافر بواعث نفسية تدفعه هلذا السلوك. 1
غري أنه ابلرجوع إىل أرض الواقع وخاصة يف جمال النقل البحري للبضائع فإنه يتعذر
حتقق عناصر الغش الثالثة حىت وإن كان من غري املستبعد أن يعمد اتبعوا الناقل إىل سرقة
بعض البضائع املنقولة وذلك ابلتالعب يف أوزان الطرود بقصد االستيالء على بعض البضائع
الثمينة اليت بداخلها ،أو عدم توفري احلراسة ليال على خمازن البضائع املوجودة ابمليناء بقصد
تسهيل عملية السرقة....إخل .وبذلك ال يتصور حتقق فكرة الغش وفق الفكرة التقليدية لتطلبها
نية اإلضرار ،إذ أن التابع حني يسعى إىل اختالس البضاعة فإمنا يقصد حتقيق مصلحة غري
مشروعة وذلك ابالستحواذ عليها وال يكون يف نيته اإلضرار صاحبها.2
اثنيا :الفكرة احلديثة للغش
لقد تغري مفهوم الغش عن مفهومه القدمي ،حيث وسع الفقه الفرنسي احلديث3من
نطاق معناه فأصبح يتُ َعرف ابنصراف إرادة الناقل إىل إحداث فعل أو االمتناع عنه مع ادراكه
أبنه من شأن هذا السلوك أن يرتتب عليه هالك أو تلف أو أتخري للبضاعة املنقولة ،حىت ولو
مل تتوافر للناقل نية اإلضرار 4بصاحب البضاعة أو الغري .
و تعترب حمكمة النقض الفرنسية هي أول من أرست هذا االجتاه احلديث يف حكمها
الصادر يف 4أفريل .51969و قد أكدت عليه يف عدة أحكام أخرى ،كما أتثرت به بعض
احملاكم يف فرنسا .6
1
- Cass .civ 15 Octobre 1981:
مشار إليه لدى حممد السروي ،املرجع السابق ،ص .156
-2ثروت أنيس األسيوطي ،مسؤولية الناقل اجلوي يف القانون املقارن ،رسالة دكتوراه يف احلقوق ،مصر ،اتريخ املناقشة يوم الثالاثء 20
أكتوبر 1959ص.597
-3نفس املرجع ،املوضع نفسه.
-4حممد كما ل عبد العزيز ،التقنني املدين يف القضاء والفقه اجلزء األول ،الطبعة الثانية ،سنة ، 1980ص . 793
5
- Cour de cassation 4/4/1969, note J .Mazeaud, DMF1969, p601.
6 re
- Cass.civ1 21Avr .1971,10 Fev 1972 ,20Fev1973, CA. Aix . Provence du
15/2/1980: مشار إليه لدى اندية معوض ،املرجع السابق ،ص 489و .492
260
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
إىل جوار ذلك تقرتب فكرة الغش من األفكار القانونية املقابلة هلا يف القوانني األخرى
نص عليها يف القانون vorsatz فالقانون األملاين يعرف فكرة تقابل فكرة الغش يطلق عليها
املدين يف املادة 276منه ولكي تتحقق هذه الفكرة جيب أن تنصرف إرادة الناقل إىل الفعل
والنتيجة دون اشرتاط نية اإلضرار ابلغري ،أي أن الناقل األملاين ال يتطلب بشأنه أن تكون لديه
نية اإلضرار ابلشاحن أو صاحب البضاعة لكي حيرم من التمسك ابحلد األقصى للتعويض يف
حالة هالك البضاعة حمل النقل أو تلفها أو أتخريها يف الوصول إىل املرسل إليه.1
من خالل ما سبق يتضح أن مفهوم الغش وفق النظرية التقليدية خيتلف عن معناه وفق
النظرية احلديثة إذ مل تشرتط هذه األخرية توافر نية اإلضرار واقتصرت على اجتاه إرادة الناقل
إىل الفعل أو الرتك مع إدراك الناقل أن ذلك السلوك سيؤدي إىل تلف البضاعة أو هالكها أو
أتخريها يف الوصول إىل املرسل إليه على عكس النظرية األوىل اليت ضيقت من مفهوم الغش .
أتسيسا على ما تقدم فإن احلد األقصى للتعويض يتأرجح بني النظريتني وهو ما يظهر
من خالل املثال التايل:كانت هناك سفينة يف رحلتها من ميناء تركيا إىل ميناء اجلزائر لنقل
شحنة من البضائع ،غري أاها احنرفت عن خط سريها 2وتوجهت إىل مصر للتزود ابلوقود الالزم
إلكمال هذه الرحلة .وذلك نظرا الخنفاض الذي طرأ على أسعار الوقود يف مصر ،مما ترتب
عنه تضرر البضاعة مع علم الناقل أبن تغيري الوجهة سينجم عنه أتخري يؤثر على البضاعة و
بدوره سيؤدي إىل تلفها ومع ذلك أقدم على هذا الفعل ،لكن دون أن تتوافر لديه نية اإلضرار
ابلشاحن وإمنا كان هدفه كان حتقيق مزيدا من الربح والتساؤل الذي يطرح هنا ما هو الوصف
الذي أيخذه تصرف الناقل يف هذه احلالة؟
-1كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ، 1978املرجع السابق ،ص . 118
-2حممد شريف غنام ،املرجع السابق ،ص .35
-حممد إبراهيم الدسوقي ،املرجع السابق ،ص . 375
3
262
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
مما يتحتم على القاضي املدين أن يستظهر تلك النية على حنو ما يقوم به القاضي اجلنائي،
ابستقراء الظروف اليت البست نية الناقل يف انصرافها إىل إحداث الضرر بصاحب البضاعة. 1
يف هذا الشأن قضت حمكمة التمييز الكويتية أن تقدير األدلة هو من سلطة قاضي
املوضوع ال معقب عليه يف ذلك ،مىت كان تقديره هلا ال خروج فيه على ما هو اثبت ابألوراق
املقدمة إليه ومن املقرر أن استخالص حسن النية وسوأها من مسائل الواقع اليت تستقل هبا
حمكمة املوضوع مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب مقبولة وأن هذه األخرية قد وجدت
ابلقضية األدلة والشواهد ما يكفي لتكوين اقتناعها للفصل فيها ابلرأي الذي انتهت إليه ،فإاها
ال تكون حباجة بعد ذلك إىل اختاذ املزيد من إجراءات االثبات بتحقيق جتريه أو خبري تندبه.2
كذلك قضي أبنه ":وإن كانت مسؤولية الناقل تضحى مطلقة دون حمل لتطبيق التحديد
القانوين ملسؤوليته املنصوص عليه يف معاهدة بروكسل إذا كان الضرر راجعا إىل غش ذلك
الناقل ،إال أنه من املقرر أن استخالص عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقدير ثبوت هذا
الغش من عدمه من مسائل الواقع اليت يستقل هبا قاضي املوضوع.3
غري أن الوصف القانوين لوقائع الغش تعترب مسألة قانونية ختضع لرقابة حمكمة النقض
وذلك كالفصل فيما إذا كان جمرد الكذب أو الكتمان يكفي لقيام الغش ،أي تقدير ما إذا
كانت الوسائل املستعملة تعترب غري مشروعة أم ال.4
ترتيبا على ما تقدم فاملضرور هو من يقع عليه اثبات الغش بشروطه وجيوز له هذا
االثبات جبميع طرق االثبات ،ألنه ينصب على واقعة مادية ،أما حتقيق الوقائع املكونة للغش
هي مسألة موضوعية ومن ذلك مثال الغش الصادر من اتبعي الناقل ابلتواطؤ مع هذا الناقل
-4نقض مدين ،2001/5/32طعن رقم 4659لسنة ،63نقض مدين :1936 /2/ 20مشار إليهما لدى حممد السروي ،املرجع
السابق ،ص 234وما يليها.
263
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
وهنا يقع على عاتق املضرور (صاحب احلق على البضاعة ) أن يثبت بكافة طرق االثبات أبن
الناقل كان يعلم هبذا الغش ،أو كان من املفروض حتما أن يعلم به. 1
خالصة القول أنه من اختالف معىن الغش وفق االجتاهني السابقني أن االجتاه احلديث
للغش( يرجع الفضل فيه حملكمة النقض الفرنسية) خيدم مصلحة الشاحن أو املضرور يف
حصول على تعويض كامل عند ارتكاب الناقل غشا .وذلك بتسهيل املهمة يف اثبات غش هذ
األخري ،كما يزيل عنه عناء اثبات نية االضرار لدى الناقل عندما يصدر منه فعل عمدي أو
امتناع ينجر عنه إصابة البضاعة بتلف أو هالك .إذن حيرم الناقل من التمسك من احلد
األقصى للتعويض يف هذه احلالة ،دون حاجة إىل إثبات نية اإلضرار لدى الناقل واليت تعد من
املسائل الشاقة على املضرور .
إذا كانت صعوبة اثبات الغش راجعة الختباء سوء النية يف نفسية الناقل فاحلال ال يقل
صعوبة عنه يف اخلطأ اجلسيم من حيث حتديد درجته ،كما أن األثر الذي رتبه القانون عليهما
واحد و هو ما جيعل الناقل يفقد حقه يف احلدود القانونية للمسؤولية عند ارتكابه ألحد
السلوكني .ونتيجة لذلك جيب عليه دفع مبلغ التعويض كامال ،عند ثبوت مسؤوليته عن
البضاعة اهلالكة أو التالفة مبوجب عقد النقل .
املطلب الثاين:
اخلطأ اجلسيم ومدى أتثريه على التعويض
ال يكفي أن َحيدث الضرر بفعل الناقل حىت يلزم بدفع تعويض كامال بل جيب أن يكون
ذلك الفعل خطأ ،ألن اخلطأ شرط لقيام املسؤولية املدنية بل األساس الذي تقوم عليه ومل
يعرف املشرع اخلطأ بل ترك ذلك للفقه .وقد كثرت التعاريف وتنوعت ومل خيلو تعريف واحد
من نقد يوجه إليه ،حىت أصبح االختيار بينها ليس ابألمر اهلني.2
264
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
لقد اجته القضاء والتشريع يف فرنسا بصورة تدرجيية إىل استبدال احلد األقصى للتعويض
بتعويض رادع يبلغ مرتبة التعويض الكامل،كلما انطوى الفعل الضار على خطأ موصوف حىت
اكتمل له الطريق يف سبيل إرساء مبدأ الربط بني اخلطأ املوصوف والتعويض الكامل .وهذا ما
نلمسه يف مفاهيم الغش ،اخلطأ الذي ال يغتفر و اخلطأ اجلسيم خبصوص مسؤولية الناقل
البحري والناقل اجلوي وكذلك يف قانون عقد التأمني.1
فهذه األنواع الثالثة من اخلطأ املوصوف ختتلف يف جسامتها حسب مدى تطابقها مع
اخلطأ األخالقي وإن كانت يف جمموعها تشكل تعداي على القاعدة األخالقية وتوجب تقرير
التعويض الرادع .لكنه نظرا لعدم اتباع التشريع و القضاء خلطة واحدة يف املساواة بني
األخطاء املوصوفة ،حيث يتطلب لقيام الوظيفة الرادعة للتعويض وجود درجة معينة من اخلطأ
املوصوف كالعمد ،أو اخلطأ الذي ال يغتفر دون اخلطأ اجلسيم. 2
إىل جانب الصعوابت يف ضبط املفهوم الدقيق للخطأ اجلسيم نشأت هناك مشكلة
تشبيهه ابلغش ،مما أدى إىل اختالط بني املفهومني .لذلك اقتضى هذا املطلب دراسته من
خالل ثالث فروع :ابتداء من القاء الضوء على فكرة اخلطأ يف القواعد العامة والقانون البحري
(فرع أول ) ،متييز اخلطأ اجلسيم عن غريه من األخطاء (فرع اثين)،مشكلة تشبيه اخلطأ اجلسيم
ابلغش (فرع اثلث).
الفرع األول:
فكرة اخلطأ يف القواعد العامة والقانون البحري (األجنلوسكسوين والالتيين)
يرى األستاذ Chauveauأن القانون البحري وإن كان يتمتع بذاتية واستقالل إال أن ذلك
ال مينع من أن تطبق على مشاكله القواعد العامة ،املطبقة يف بقية فروع القانون األخرى كاملبادئ
265
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
العامة الواجب توافرها يف انعقاد العقود عامة 1و كذلك يف أركان املسؤولية املدنية من توافر خطأ
،ضرر وعالقة سببية بينهما.
من أجل فهم فكرة اخلطأ يف جمال النقل البحري الدويل البد من التطرق أوال إىل تعريفها يف
القواعد العامة وحتديد عناصرها عن طريق البحث يف االختالف الذي ساد الفقه من أجل وضع
تعريف شامل للخطأ ،مث الرجوع إىل جذورها يف القانون البحري نظرا للصلة الوثيقة اليت جتمع
بينهما ،من خالل إلقاء نظرة على التشريعات الالتينية و األجنلوسكسونية.
أوال:تعريف اخلطأ يف القواعد العامة
لقد حاول الفقهاء القدامى منذ صدور قانون انبليون تعريف اخلطأ و تعاريفهم إايه كثريا
ما كانت تتباين وفقا لنزعاهتم الشخصية وحسب ظروف اجملتمع الذي يعيشون فيه من
الناحيتني اإلقتصادية واإلجتماعية ومتطلبات هذا التطور ،فبينما ذهب األوائل يف ذلك مذهبا
يضيق من دائرة اخلطأ .و ابلتايل حيد من قيام املسؤولية املدنية وااللتزام ابلتعويض،سلك
احملدثون طريق التوسع يف تعريف اخلطأ لتسهيل قيام املسؤولية ولتيسري حصول املضرورين على
تعويض ما أصاهبم من ضرر. 2
يعرف الفقيه "رييرب" اخلطأ أبنه إخالل ابلتزام سابق انشئ عن القانون أو العقد أو
قواعد األخالق وهو تعريف أيخذ به الكثري من الفقهاء ،غري أن هذا الفقيه يضيف إليه أن
قواعد األخالق تلحق هبا القواعد القانونية لتستفيد من اجلزاء املقرر هلا وأن القاعدة اخللقية
اليت تنهى عن اإلضرار ابلغري من شأاها أن جتعل القانون يفرض على الناس أن يسلكوا مسلكا
حسنا حىت ال يرتكبوا فعال يضر ابلغري.3
. 29 -1مشار إليه لدى مسيحة القليويب ،موجز القانون البحري ،املرجع السابق ،ص
-2سليمان مرقس ،حبوث وتعليقات على األحكام يف املسؤولية املدنية وغريها من موضوعات القانون املدين ،مجع وتنسيق هدى النمري،
إيريين للطباعة (مطبعة السالم) ،دار النشر للجامعات ،مصر ،سنة،1987ص.4
3
- Georges Ripert, la régle morale dans les obligations civil. ,4eme édition, L.G.D.J,
paris1949, p198 et s.
266
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
كما يعرفه األخوان "هنري" و"ليون مازو" ومعهم " أندري تونك" ،من خالل ما قام به
هؤالء من دراسة كل التعريفات املتعلقة ابخلطأ فدرسوا االنتقادات اليت وجهت هلا و على ضوء
ذلك قدموا تعريفا للخطأ يرى فيه كثري من الفقهاء أنه األقرب للصواب ،ألنه تضمن عنصرا
اخلطأ املادي واملعنوي على حد سواء ،فقد عرفوا اخلطأ أبنه احنراف يف سلوك الشخص
العادي ،1لو وجد يف ذات الظروف اخلارجية اليت أحاطت ابملدعى عليه.2
ومن املتفق عليه يف الواقع أن االمتناع عن الفعل قد يكون احنرافا يتحقق فيه معىن اخلطتأ
كالفعل متاما.3
من خالل استعراض تعاريف اخلطأ السالفة الذكر خيلص القول أنه حىت نقول على
تصرف ما أنه خطأ جيب توافر ثالث عناصر: 4
-1املساس حبق الغري دون وجه حق ،أو اإلخالل بواجب قانوين.
-2قصد اإلضرار ابلغري ،أو على األقل توقع النتائج الضارة لذلك الفعل املكون للعنصر
املادي أو اإلمتناع.
-1حممد كحلولة ،مقياس االلتزامات للسنة الثانية LMDقانون خاص ،سنة ،،2014/2013ص:28
https://drive.google.com
اتريخ الدخول للموقع ،2018/1/12التوقيت.22:16:
-2مشار إليه لدى مصطفى بوبكر ،املسؤولية التقصريية بني اخلطأ والضرر يف القانون املدين اجلزائري ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية،
سنة ، 2015ص 49وما يليها.
كما حاول هؤالء الفقهاء جاهدين يف البحث عن الطريقة اليت تصلح كمعيار يقاس به سلوك الشخص للقول أبنه خمطئ أم ال ،فهل هي
الطريقة الذاتية أو املعيار الشخصي APPRECIATION IN COCRECTOأم الطريقة املوضوعية أو املعيار اجملرد
APPRECIATION IN ABSTRACTOوقالوا أن األخذ ابلطريقة األوىل جتعل من اخلطأ عبارة عن فكرة شخصية وذاتية
فقط ،فالبحث عما إذا كان الشخص قد ارتكب خطأً وفق هذه الطريقة جيب أن أنخذ بعني االعتبار الظروف الشخصية للمسؤول وعليه
جيب مراعاة درجة ذكائه ،جنسه ،سنه ومن أجل الزام شخص بعدم ارتكاب خطأ جيب أن يكون يف مقدوره ذلك ،فليس من املنطق أن
نكلف شخصا أكثر مما يطيق وهكذا جيب أن ال نبحث عما كان سيفعله شخص آخر لو وجد يف وضع املسؤول ،بل نبحث عما ميكن
أن نسائل به الشخص املسؤول بنفسه وحسب ظروفه:
- (H) et (L) Mazeaud et( A) Tunk, Traité Théorique et pratique de la responsabilité
civile,tome1 ,sixième edition ,Montchrestein,paris 1965,p491.
-3كحلولة حممد ،املرجع السابق ،ص.29
-4سليمان مرقس ،حبوث وتعليقات على األحكام يف املسؤولية املدنية ،املرجع السابق ،ص .5
267
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-3االحنراف عن سلوك الشخص العادي ،الذي يكون يف نفس الظروف اخلارجية للطرف
املخل اباللتزام.
اثنيا :فكرة اخلطأ يف القانون البحري (الالتيين و األجنلوسكسوين)
يعترب النظامني الالتيين واألجنلوسكسوين من األنظمة الرائدة يف العامل فال تكاد االتفاقيات
الدولية البحرية ختلو من مها ،لذلك كان من الضروري البحث عن فكرة اخلطأ وفق هاذين
النظامني.
-1يف النظام الالتيين
متيزت مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف ظل األنظمة الالتينية ابلتدوين املبكر
ألحكامها املستقاة من العادات واألعراف البحرية ،اليت نشأت عن ممارسات التجار الفينيقيني
واإلغريق واإليطاليني على مر العصور .وقد دونت هذه األحكام يف جمموعات ليست هلا صفة
التشريع و طابع اإللزام وإمنا تستمد قوهتا اإللزامية من قبول وتراضي األطراف على االنصياع
هلا .وقد ظهر أول تقنني حبري (األمر امللكي) عام يف 1681يف عهد "لويس" الرابع عشر
1
والذي استمد معظم أحكامه من العادات البحرية املوجودة يف تلك اجملموعات القدمية
.ويعرف ابسم أمر البحرية .2ordonnance de la marine
عندما صدر القانون التجاري الفرنسي سنة 1807تضمن أربعة كتب و احتوى
الكتاب الثاين منه على قواعد القانون التجاري البحري .ومل يكن هذا الكتاب سوى نسخة
من األمر امللكي الصادر سنة 1961مع استبعاد ما ورد يف هذا األمر من قواعد القانون
1
-R.Rodiére et E Du Pontavice, op.cit, p12et s.
- 2حممود مسري الشرقاوي ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص 12ومايليها
-و يعترب هذا القانون أول تدوين لقواعد القانون البحري رمسيا والذي أخذ عنه الكتاب الثاين من التقنني التجاري الفرنسي ،الصادر يف
سنة 1907واخلاص ابلتجارة البحرية :مصطفى اجلمال ،دروس يف القانون البحري ،املكتب املصري احلديث للطباعة والنشر ،اإلسكندرية،
ص13
268
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
البحري العام.1و ال خيفى التأثري الكبري هلذا القانون يف العديد من البلدان ومن بينها اجلزائر
اليت طبقت هذا التقنني منذ االستقالل إىل غاية سنة .1975
منذ تلك العادات البحرية القدمية والقضاء الفرنسي مستقر على أن خطأ الذي يسأل
عنه الناقل هو خطأ اثبت أي مفرتض افرتاضا قطعيا وتقوم هذه القرينة مبجرد هالك البضاعة
أو تلفها أو أتخرها يف التسليم فالناقل يعد ضامنا لألشياء املراد نقلها فإذا هلكت أو تلفت
وهي يف عهدته يفرتض أن اهلالك أو التلف قد وقع بسبب إمهاله أو إمهال اتبعيه .وال يستطيع
أن يتخلص من هذه القرينة إال إذا أثبت أن سبب الضرر كان راجعا لسبب أجنيب ال يد له
فيه. 2
و ال ميكن للناقل أن ينفي هذا اخلطأ إبقامة الدليل على أنه عمل كل ما يف وسعه
لتنفيذ التزامه أو أنه مل يكتب إمهاال و عدم احتياط يف إيصال البضاعة سليمة إىل صاحبها
دون أتخري ألن طبيعة التزامه يف هذه حلالة هي التزام بتحقيق نتيجة.3
-2يف النظام األجنلوسكسوين
مل تبتعد الدول األجنلو سكسونية عن املفهوم الذي أخذت به نظريهتا الالتينية ،فقد
اعترب الفقه االجنليزي الناقل مبثابة مؤمن على البضاعة ،اليت ينقلها فالشاحن ليس حباجة إىل
التأمني على األضرار ،اليت تصيب البضاعة أثناء النقل طاملا أن سيحصل على التعويض يف
مجيع حاالت الضرر من الناقل وال يتحمل خماطر ضياع البضاعة إال يف احلاالت النادرة ،اليت
يثبت فيها الناقل السبب األجنيب و الذي حصره اللورد "هولت" يف قضية morse v slueيف
القضاء و القدر ،األعداء العمومني(القراصنة البحريني) ،العيب الذايت للبضاعة ،اخلسائر
املشرتكة ،حيث تتلخص وقائع هذه القضية يف أن شحنة من احلبوب والقطن شحن على
الراسية مبيناء "سوانزي" بفرض نقلها إىل إسبانيا قد تعرضت للسطو من johanva سفينة
269
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
مجاعة من اللصوص قبل إقالعها واالستيالء على البضاعة بكاملها وقضى جملس اللوردات
مبسؤولية الناقل على الرغم من اثبات عدم وجود امهال من جانبه ،إذ أنه احتفظ بعدد كاف
من طاقم السفينة من أجل محايتها. 1
غري أن االختالف بني الدول األجنلو سكسونية و نظريهتا الالتينية يكمن من حيث
2
االستدالل ،فشريعة العامة االجنليزية the Common lawاليت تقوم على السوابق القضائية
ال تَتعرف التقسيم الثنائي لاللتزام الذي تعرفه الدول الالتينية والذي يتمثل يف االلتزام ببذل
أم In Contrat عناية و االلتزام بتحقيق نتيجة وإمنا تعرف التزاما واحدا سوآءا كان عقداي
تقصرياي In Tortوهو االلتزام أبخذ احليطة ، Duty to take careفإذا مل يبذل الناقل احليطة
يف احملافظة على البضاعة إىل غاية تسليمها عد مرتكبا خلطأ .
لذلك فإن القاضي اإلجنليزي ال يكلف نفسه عناء البحث يف حتديد عناصر املسؤولية
إال إذا تعرف على إلتزام املدعى عليه هل هو ملزم ببذل احليطة أم ال ،فإذا متكن من معرفة
ذلك ،انتقل بعدها إىل تكليف املدعي إبثبات أن الناقل قد أخفق يف اختاذ هذه احليطة وأنه
قد تكبد ضررا من جراء هذا اإلخفاق.3
يف الواقع إن اثبات خطأ الناقل هو أمر صعب على الشاحن ،ألنه ليس على دراية
ابألخطاء املهنية اليت حتدث يف جمال النقل البحري وتعقيداهتا .كما أن الناقل حبكم ما لديه
من إمكانيات ووسائل معروفة وخربة فنية ابملالحة البحرية ،يكون دائما يف وضع أفضل من
1
-(1691)1.L.R,p190,coggr v bernord 1703)1.L.R,p413:
مشار إليه لدى ملزي عبد الرمحن ،املرجع السابق ،ص .18
-2تعرف السابقة القضائية بكواها القرار القضائي املتخذ يف قضية حمددة واملتصف بطبيعة الزامية واملعمول به بوصفه مصدرا للقانون عند
النظر يف القضااي املماثلة :حسني عبد علي عيسى ،مصادر القانون اجلزائي اإلنكليزي –دراسة مقارنة،-جملة الرافدين للحقوق ،اجمللد 15
،العدد ،55السنة ،17ص:162
https://www.iasj.net/iasj?...Hussein%20Abd%20Ali%20Issa%202%.
اتريخ الدخول للموقع ،2017/03/27التوقيت.20:30
-3ملزي عبد الرمحن ،املرجع السابق ،ص .19
270
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الشاحن من حيث أنه ابستطاعته تقدمي توضيحات عن سبب احلادث .1و ابلتايل يبعد اخلطأ
عن شخصه و كذلك عن اتبعيه.
الظاهر"res لعل ذلك هذا ما دفع القضاء اإلجنليزي إبفادة الشاحن بقاعدة "الدليل
،اليت ابتدعها the Common law ipsa loquiturو هي استثناء على القاعدة العامة
القضاء اإلجنليزي يف مطلع القرن السادس عشر وهي أشبه ابلقرينة القانونية يف القانون الالتيين
"الشيء الذي "res ipsa loquitur وهذه القاعدة هي قرينة على اإلمهال وتعين عبارة
يتحدث لذاته" ،أو "الوقائع تفصح عن ذاهتا" .و قد ترسخت هذه القاعدة يف حكم القاضي
،فقرر ما Scott v London docks ،الذي عني مضمواها على بدقة يف قضية Erle ايرل
يلي:2
" ينبغي أن يتوافر دليل على اإلمهال ،ولكن عندما يتبني أن الشيء الذي سبب الضرر
كان حتت سيطرة املدعى عليه ،أو اتبعيه وكان احلادث حسب اجملرى العادي لألمور ال ميكن
أن يقع لو بذل من السيطرة على هذا الشيء قدرا معقوال من العناية .وطاملا مل يقدم املدعى
عليه إيضاحا معقوال ببذل هذه العناية ،فإن وقوع احلادث يدل بذاته على إمهال املدعى عليه.
كما أن الفقه قد اشرتط لتطبيق هذه النظرية الشروط اآلتية:3
-1أن خيضع الشيء(وهو هنا السفينة) الذي تسبب يف احداث الضرر لسيطرة الناقل وحده.
-2أن احلادث ما كان ليقع حسب اجملرى العادي لألمور.
271
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-3ال يساهم املضرور على أي وجه يف احداث الضرر.
خالصة القول أن نظرية "الشيء يتحدث عن نفسه" ماهي إال قرينة تشبه القرائن
العادية يف القوانني األوروبية تستند إىل قاعدة احتمالية .وهلدم هذه القرينة ليس من الضروري
إقامة دليل يقيين ولكن ابحتمال كاف ،ذلك أن ظاهر األمور يوحي أن السبب احملتمل
للحادث هو امهال الناقل وعلى األخري أن ينفي هذا الظاهر .كما يتبني من هذه املبادئ أن
استحالة حتديد سبب احلادث اليتحمله الناقل تلقائيا ،فهذه القرينة تعترب يف بعض الفروض
داللة على اإلمهال مضافة إىل الظروف األخرى للدعوى و مؤدية ملسؤولية الناقل،الذي مل
يتمكن من حتديد السبب املباشر للحادث ،ميكنه إقامة الدليل على مباشرة احليطة املتطلبة
وهذا يكفي إلعفائه.1
على هذا فإن الناقل البحري إذا استطاع أن يثبت صالحية السفينة للمالحة قبل
اإلقالع أبن كشف عليها ميكانيكيون أخصائيون وأذنوا هلا ابلرحيل فيفرتض استمرار هذه
الصالحية إىل حلظة وقوع احلادث .فال يكفي أن يقدم الناقل الدليل على حسن تصرفه بصدد
ظرف معني ،بل عليه أن يثبت قيامه بواجب بذل العناية الالزمة . 2
لكن قد يقال أن اإلخالل بواجب جوهري هو أجسم من اإلخالل بواجب اثنوي وإن
ذلك ليعرب عن التفاوت يف أمهية الواجبات اليت حيصل اإلخالل هبا وال يعد تعبريا عن درجة
اإلخالل يف ذاته أو درجة اخلطأ ،لذلك نبذ واضعوا التقنني الفرنسي فكرة تدرج اخلطأ اليت
كانت سائدة يف القانون القدمي .ومل يفرقوا يف املسؤولية املدنية بني خطأ جسيم أو خطأ يسري
إذ جعلوا أثرمها واحدا وهو االلتزام بتعويض كل الضرر ،غري أن احملاكم جرت على مراعاة درجة
جسامة اخلطأ عند تقدير التعويض 3و هبذا أخذ املشرع أيضا يف القانون املدين اجلزائري . 4
272
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفرع الثاين:
تقدير اخلطأ اجلسيم ومتييزه عن غريه من األخطاء
لقد استقر الفقه الراجح كما سبق ذكره1حول تفسري عبارة "يف أي حال من األحوال"
الواردة يف نص املادة 4فقرة 5إىل فقدان الناقل واتبعيه من حقهم يف التمسك ابحلد األقصى
للتعويض يف حاليت الغش و اخلطأ اجلسيم .وابلتايل يسري عليهم التعويض الكامل للضرر
احلاصل عن البضاعة .و يف هذا اجملال حاول البعض من الفقه ترتيب درجات اخلطأ من حيث
القوة إىل :اخلطأ الذي ال يغتفر وهو أعالها درجة ،مث يليه اخلطأ اجلسيم ،وأخر درجة هي
للخطأ اليسري. 2
faute كما ابتكر القضاء الفرنسي خطأً من نوع آخر أطلق عليه اخلطأ املكسب
3lucrativeومن هنا نشأت احلاجة للبحث عن كيفية للتمييز بني ما يعترب خطأً جسيما
faute lourdeوعن غريه من األخطاء املشاهبة كاخلطأ غري املغتفر واخلطأ املكسب.
الفقرة األوىل:
معايري تقدير اخلطأ اجلسيم يف الفقه والقضاء
مل يتمكن الفقه والقضاء من التقيد بتعريف موحد للخطأ اجلسيم وذلك لغياب تعريف
قانوين له من انحية و لتعدد صور اخلطأ اجلسيم بتعدد أوجه استخدامه من انحية أخرى ،هلذا
فقد اجته الفقه الفرنسي يف البداية إىل قياس اخلطأ اجلسيم مبدى اجلسامة اليت يتصف هبا
تقصري الناقل أو هتاونه يف الوفاء ابلتزاماته العقدية أو غريها ويف هذا الصدد فقد ذهب رأي إىل
أن اخلطأ اجلسيم هو الذي يبدو للقاضي متجاوزا جبسامته ونتائجه اليت يرتبها اإلمهال البسيط
من الناقل والتقصري التافه ألحكام العقد .لكن هذا التحديد كان حمل انتقاد من جانب آخر
من الفقه من جهتني :من جهة أنه ميييز اخلطأ اجلسيم جبسامته و هو ينتهي هبذا التعريف إىل
-1سبق التفصيل يف احلجج اليت أدىل هبا الفقه الراجح يف الصفحة 254وما يليها من هذه الرسالة.
الوجيز يف مصادر االلتزام ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،بدون اتريخ نشر ،ص.305
-2حممد حسني منصور،
-3علي مجال الدين عوض ،تعليقات على القضاء التجاري ،املرجع السابق ،ص .64
273
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أن يصبح عدمي الفائدة كما أنه أخلط بني تقدير اخلطأ وتقدير الضرر وكالمها مسألة مستقلة
عن األخرى.1
فالتساؤل الذي يثور هنا كيف ميكن قياس هذه اجلسامة يف اخلطأ ؟ هل هو ذلك
املعيار املعروف يف القانون الروماين من أن اخلطأ اجلسيم يتمثل يف عدم ادراك ما يدركه كل
من أن اخلطأ اجلسيم هو عدم إعطاء Pothier الناس ،أو هو التعريف الذي قال به الفقيه
الغري العناية اليت يبذهلا أقل الناس إدراكا وأكثرهم غباءا يف شؤواهم اخلاصة2؟
إن هذا التعريف ال يصلح لتحديد فكرة اخلطأ اجلسيم يف العصر احلديث ،فالناقل الذي
يضع إبمهاله ابالت النسيج إىل جوار براميل الزيت يرتكب خطأ جسيما رغم أنه قد يكون
انساان ماهرا أو يقظا . 3
لقد كان للخطأ اجلسيم يف القانون الروماين تعريف مشهور يتمثل يف أنه ":اخلطأ
الذي ال يرتكبه أبسط األشخاص" .وبقي هذا التعريف إىل غاية العصر احلديث يف كتاابت
الفقهاء ويف أحكام القضاء ،لكنه مع ذلك ال يتحمل أيسر انتقاد فاخلطأ اجلسيم على هذا
التحديد ال ميكن وجوده ،ألن جمرد وقوعه يدل على وجود شخص يقل كفاية عن "أقل الناس
كفاية" و الذي ُإخت َذ معيارا له ،إذ ال ميثل احلد األدىن للكفاية اإلنسانية.4
أبنه ":عدم إدراك ما كان يدركه الكافة وليس هذا Ulpien كما يعرفه الفقيه "ألبيان"
التعريف أبفضل من سابقه ،ألن عبارة "الكافة" أو "مجيع الناس" الواردة فيه إما أن يقصد هبا
الشخص العادي ،فيختلط ضابط اخلطأ اجلسيم ،الذي جاء به التعريف ابلضابط العام
للخطأ ،وإما أن يقصد به أقل "األشخاص كفاية" لنعود إىل التعريف األول .أما إذا أريد هبذا
التعريف يف صورتيه التعبري عن جسامة اخلطأ فإنه يهبط إىل جمرد توجيه زهيد الفائدة يف الواقع
- 1مشار إليه لدى حممد إبراهيم الدسوقي ،املرجع السابق ،ص 275وما يليها .
-2املرجع السابق ،ص .276
-3نفس املرجع ،املوضع نفسه .
-4حممود مجال الدين زكي ،املرجع السابق ،ص .97
274
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
،ألنه يفهم من وصف اجلسامة الذي يضفى على اخلطأ .1ومع ذلك فال زال للتعريف الروماين
مكان يف القضاء الفرنسي ،فقد أقرت حمكمة النقض الفرنسية يف حكم حديث هلا بتعريف
قضاة االستئناف للخطأ اجلسيم أبنه ":إمهال ال يقع من أقل الناس يقظة يف إدارة أعماله".2
لقد ذهبت بعض أحكام القضاء الفرنسي إىل األخذ ابملعيار الذايت والذي يتمثل يف
اعتبار الظروف الشخصية أو الذاتية للفاعل .3ومن ذلك اعتبار خطأ املسؤول املؤمن من
املسؤولية خطأ جسيما ،إذ مل يكن ليقدم على هذا اخلطأ إال احتماءا ابلتأمني من املسؤولية ويف
شرط االعفاء من املسؤولية يكون الناقل قد ارتكب خطأً جسيما حمتميا هبذا الشرط مبا خيالف
عنايته املعتادة .غري أن ما أخذ على املعيار الذايت أنه يؤدي إىل نتائج غري عادلة فالناقل املهمل
يف مهنة النقل قد يفلت من اخلطأ اجلسيم وفقا هلذا املعيار ،بينما الناقل شديد احلرص يف
مهنته يعامل معاملة قاسية إذ اخلطأ اليسري ابلنسبة لغريه يعد خطأ جسيما له.4
لذلك كان البد من تغيري الوجهة واعتماد املعيار املوضوعي (اجملرد) من أجل قياس
اخلطأ اجلسيم ،حيث يعرفه األستاذ حممد بن عمار بقوله ":اخلطأ اجلسيم هو إمهال كبري صادر
عن مهين يف النقل".5و يكون اخلطأ جسيما إذا كان مرتكبه قد ابتعد كثريا عن املسلك الذي
نتوقعه من شخص مسؤول يوجد يف نفس ظروفه اخلارجية املعتادة وينتمي إىل مهنته ،فاخلطأ
اجلسيم يتميز إذن عن اخلطأ اليسري ابجلسامة اليت تفصح عن القصور وعدم الكفاءة من
جانب الناقل يف إيصال البضاعة ساملة بدون أتخري.6
-6مشار إليه لدى حممد إبراهيم الدسوقي ،املرجع السابق ،ص. 281
275
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يف هذا الصدد يرى جانب من الفقه بوجوب حتديد جسامة اخلطأ على أساس حتديد
مسلك الناقل املعتاد،كماأيخذ يف االعتبار نتائج تصرفه وعلى األخص مدى الضرر الذي
ميكن أن يرتتب على مسلكه .لكي نَصف سلوك الناقل املتسبب يف ضرر أبنه خطأ جسيم
جيب القول أن الناقل املعتاد الذي وجد يف نفس ظروفه اخلارجية كان جيب عليه أن يتصور
مدى االحنراف يف مسلكه وأن يتصور النتائج الضارة لفعله كأمر مؤكد ،أو قريب االحتمال.
وعليه تكون جسامة اخلطأ أمرا ظاهرا إذا مل يهتم الناقل ابالحتمال الكبري للنتائج الضارة اليت
ميكن أن تلحق بصاحب البضاعة نتيجة فعله ،فكلما زاد مدى التوقع الضرر زادت درجة
جسامة اخلطأ ،مما يرتتب عنه إذا كان الناقل املعتاد يف نفس الظروف اخلارجية للمسؤول
ومهنته يثور لديه احتمال وقوع الضرر من تصرفه أو فعله فهنا نكون بصدد خطأ جسيم.1
اليزال البحث مستمرا حول اخلطأ اجلسيم واالشكال الذي يثور هنا كيف ميكن معرفة
أن الضرر كان حمتمل الوقوع لدى الناقل أم ال؟ وبصياغة أخرى ما هو املعيار الذي يبىن عليه
احتمال وقوع الضرر؟
لقد اتبع الفقه والقضاء عدة معايري خمتلفة يصعب مجعها يف اجتاهات رئيسية وعلى
ذلك فقد ذهب بعض الفقهاء إىل دراسة العالقة بني نطاق االلتزام وقدر اخلطأ يف اإلخالل به
،فكلما كان االلتزام شديدا كلما كان اخلطأ يف تنفيذه جسيما فالقضاء عادة ما يعترب أتخر
الناقل يف تسليم البضائع راجعا إىل خطأ جسيم منه إذا كان املرسل قد اختار النقل السريع ولو
كان يف احلاالت األخرى يعتربه راجعا إىل خطأ يسري . 2أدت هذه الفكرة ابلقضاء الفرنسي
إىل التفرقة يف االلتزامات الناشئة عن العقد بني اجلوهرية والثانوية ،ليعرتف بوصف اجلسامة
للخطأ يف تنفيذ االلتزامات األوىل ويكون أقل تساهال يف االعرتاف به للخطأ يف االلتزامات
الثانية ،فالتزام الناقل بتسليم احلمولة إىل املرسل إليه يعترب التزاما رئيسيا على عاتقه مبقتضى
276
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
عقد النقل ،بل هو الغرض األساسي منه ولذلك اعتربت حمكمة النقض الفرنسية تسليم رسالة
البضائع إىل غري املرسل إليه يعد خطأً جسيما منه ،فقيام الناقل بتسليم البضائع املعهود هبا له
إىل الغري الذي ال صفة له يف تسلمها يكون خطأً جسيما من جانبه يف تنفيذ عقد النقل.1
هذه الفكرة جتد هلا تطبيقا أيضا يف مسألة سند الشحن غري املؤرخ ،حيث جيب أن
يشري سند الشحن إىل اتريخ حمدد وفقا للفقرة السابعة من املادة الثالثة من معاهدة بروكسل
2
لسنة 1924والفقرة 15من املادة 1من اتفاقية هامبورغ لسنة ، 1978حيث أن التاريخ
الذي على اجملدد على وجه سند الشحن له مغزى مهم خاصة فيما يتعلق بثمن البضائع
املشحونة والذي خيتلف ابلطبع من شهر إىل آخر .
كما أن هذا التاريخ ستكون له أمهية كبرية خاصة إذا كان البيع البحري يتم يف اطار
اعتماد مستندي و قد حيدث أن يتضمن سند الشحن شرطا يقضي بشحن البضائع املتعلقة
ابالعتماد املستندي قبل اتريخ حمدد ،فلو صدر سند الشحن بعد هذا املوعد النهائي املتطلب
لالعتماد فسيكون غري مقبول ويلزم القيام إبعادة التفاوض بشأن االعتماد املستندي.3
ابلرغم من أمهية التاريخ املوجود على سند الشحن ،فقد حتدث أتخريات يف الشحن
بسبب اكتظاظ امليناء ،أو بسبب املشاكل اليت تصادف نقل و حتميل من املستودعات إىل
-1نقض فرنسي 30نوفمرب :1925مشار إليه لدى حممود مجال الدين زكي ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-2التاريخ املوضوع على سند الشحن يعتمد على نوع السند ذاته فإذا كان سند الشحن من نوع سند ألجل الشحن
Connaissement pour embarquementفإن التاريخ ا حملدد على السند هو اتريخ اليوم الذي وصلت فيه البضائع إىل
رصيف امليناء ويصدر هذا السند عندما تصل البضائع إىل امليناء قرب السفينة لشحنها وأما إذا كان سند الشحن من نوع مشحون
embarqueفهذا يعين أن البضائع قد محلت على ظهر سفينة معينة والتاريخ الذي يظهر على السند هو اليوم الذي ستبحر فيه
السفينة:
-Michelle Pourcelet, Le Transport maritime sous connaissement (droit canadien,
Américain, anglais, op.cit, p30.
-عاطف حممد الفقي ،قانون التجارة البحرية ،املرجع السابق ،ص ،286هامش رقم .2
-3حممد مرسي عبده ،التصدي لالحتيال البحري املتعلق ابلواثئق البحرية وفقا القانون القطري واالتفاقيات الدولية ،اجمللة القانونية
والقضائية ،مركز الدراسات القانونية والقضائية ،قطر ،ص :167
www.almeezan.qa/ReferenceFiles.aspx?id=63&type=doc...ar
اتريخ الدخول للموقع ،2017/7/20الساعة .23:43
277
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ظهر السفينة وهذا ما قد حيدث ارتباكا لألطراف عندما يرون أن بضائعهم ستبحر متأخرة عن
املدة املتطلبة يف االعتماد املستندي ،مما يدفع ابلطرف الذي يتضرر من هذا الوضع وغالبا ما
يكون الشاحن (البائع ) إىل أن يتفق مع الناقل أبن يصدر له سند شحن يف اتريخ سابق على
التاريخ الفعلي لشحن البضاعة ليتوافق مع التاريخ احملدد يف االعتماد املستندي،ألن املشرتي لو
علم هبذا سيطالب خبفض الثمن ،1وعلى هذا اعترب القضاء الفرنسي أن االتفاق على تقدمي
اتريخ سابق يف سند الشحن قبل عملية شحن البضائع يعد من األخطاء اجلسيمة.2
أما الفقه يف مصر فإنه يرى أن حتديد اخلطأ اجلسيم ومتييزه عن اخلطأ اليسري هو أمر ابلغ
الصعوبة ،على أن الضابط األكثر رواجا يف الفقه و الذي يستخلص من عدة أحكام يتأسس
على درجة احتمال الضرر ،أو بعبارة أدق على درجة توقع احتمال وقوع الضرر و هنا ميكن
التمييز بني عدة فروض:3
-1ميكن أن يكون الضرر مرغواب فيه ،أو نظر إليه على أنه حمقق الوقوع ،مبعىن أن فاعله أراد
حتقيقه ،أو واجه وقوعه ابعتباره نتيجة حتمية لفعله.
-2و ميكن أن ينظر إليه على أنه حمتمل الوقوع ،أي أن فاعله قد واجه وقوعه ابعتباره نتيجة
حمتملة لفعله.
-3أن ينظر إليه على أنه ممكن الوقوع وليس حمتمال ومعناه أن فاعله قد واجه وقوعه ابعتباره
نتيجة ممكنة لفعله.
-4وأخريا ميكن أن ال يكون متوقعا ،مبعىن أن فاعله مل يتوقع وقوعه أصال ،ففي احلالة األوىل
يتوافر الغش ويف الثانية يوجد اخلطأ اجلسيم ويف الثالثة يكون اخلطأ يسريا ويقع بعدها نطاق
القوة القاهرة .ولتقدير مدى احتمال وقوع الضرر فال يرجع إىل إرادة الناقل ملعرفة ما إذا كان
قد واجه الضرر على أنه حمقق أو حمتمل أو ممكن ،بل يرجع إىل قاعدة جمردة وهي الناقل
278
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
العادي ،حبيث يتعني على القاضي أن يقدر ما إذا كان الناقل العادي يف الظروف ،اليت
أحاطت ابلناقل املسؤول يواجه الضرر على أنه حمقق أو حمتمل أو ممكن فيتوافر اخلطأ اجلسيم
إذا كان الناقل العادي يدرك أن الضرر الذي وقع كان نتيجة حمتملة للفعل أو االمتناع الذي
صدر منه.
يضيف أنصار هذا الرأي أن احلكمة يف التفرقة بني احتمال وقوع الضرر وإمكان وقوع
الضرر ،تتجسد يف اعتبار خطأ الناقل يسريا يف احلالة األوىل إذ قد قَب َل بوقوع الضرر ما دام قد
أدرك حدوثه ولكنه يف احلالة الثانية قد اعتمد على عدم وقوعه بشرط أنه مل يرى سوى امكان
حتققه ويتعني على القاضي يف كل حالة أن يقدر مدى احتمال وقوع الضرر ،الذي يرتتب
عليه تكييف جسامة اخلطأ ويقاس أيضا ابلظروف اليت أحاطت ابلواقعة ،كتكرار وقوع الضرر
فسرقة البضائع املنقولة يف السفينة إذا سبقتها سرقات مماثلة فهنا يكون اخلطأ جسيما من
جانب الناقل ،ألن احلادثة األوىل كان جيب أن تدفعه إىل زايدة يقظته إزاء السرقة.1
الفقرة الثانية:
معايري تقدير اخلطأ اجلسيم يف القانون الالتيين واألجنلو سكسوين
من بني األمور اهلامة اليت ال مناص من التعرض إليها يف تقدير اخلطأ اجلسيم و اليت
تكشف عن التقارب يف وجهات النظر القانونية يف النظام الالتيين و األجنلوسكسوين.
أوال :معايري تقدير اخلطأ اجلسيم يف األنظمة الالتينية
الواقع أن فكرة اخلطأ اجلسيم كانت أول ما طرحت يف اتفاقية فارسوفيا لسنة 1929
للنقل اجلوي الدويل من حيث إحلاقها ابخلطأ العمدي يف تقدير التعويض وقد صدر هذا
االقرتاح من طرف مندوب أملانيا .وبناءا عليه جيدر أن نبدأ بتحديد هذا االصطالح يف القانون
األملاين ،إذ تقرر املادة 276مدين أملاين أن املدين يتحمل تبعة خطئه العمد واإلمهال
Fahrlassigkeitوتضع نفس املادة معيارا لإلمهال فتقول أبنه جمانبة املدين للعناية الواجبة اليت
279
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
فمعيار اإلمهال هو معيار املعامالتdie im verkehr erforderliche sorgfalt تتطلبها
موضوعي حمض ،فيصرف النظر عن العناية اليت اعتادها الفاعل يف تصرفاته ويقتضي الصاحل
العام أال يلقي الفرد بتبعة محاقته على عاتق اآلخرين .ولإلمهال صوراتن :أن يعي الفاعل
احتمال وقوع الضرر ،ومع ذلك يقدم على فعله وهو أيمل أن الضرر لن يقع ،فيجانب بذلك
العناية اليت تقتضيها املعامالت وهذا هو اإلمهال الواعي ،أو ال يعي الفاعل أن ضرر ما هو
حمتمل الوقوع ،لكن كان ميكنه أن حييط هبذا االحتمال لو أنه بذل العناية اليت حتتاجها
الواعي.1 unbewusste Fahrlassigkeit املعامالت وهذا ما يتمثل يف اإلمهال غري
أما اإلمهال اجلسيم فهو جمانبة العناية اليت تتطلبها املعامالت بقدر معني من اجلسامة
،فمعيار اإلمهال اجلسيم كمعيار االمهال هو أيضا موضوعي وال خيتلف الوضع يف القانون
الفرنسي فقد وضعت املادة 1137ق م ف معيارا لإلمهال فألزمت املدين ببذل عناية أب
و هو معيار موضوعي،أما اخلطأ اجلسيم فوفق . bon père de famille األسرة املعتاد
تعريف pothierهو جمانبة العناية اليت يبذهلا الرجل املهمل نفسه .ويستنتج من أحكام القضاء
أنه جمانبة عناية أب األسرة املعتاد بقدر جسيم.2
ما يالحظ عند الرجوع إىل القوانني الالتينية3وخاصة التشريعات الفرنسية االستثنائية
اليت صدرت أثناء احلرب العاملية الثانية مثل قانون 27جويلية سنة 1940املعدل بقانون 29
ماي ،1941الذي وسع من مفهوم اخلطأ اجلسيم لتخفيف مسؤولية انقلي البضائع مراعاة
لظروف احلرب واهلزمية وما أعقبها من اضطراب وقصرها يف حالة فقدان البضاعة أو تلفها أو
280
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أتخريها على اخلطأ اجلسيم الذي يثبت من جانبهم .1وتبدو صور اخلطأ اجلسيم يف النقل
البحري للبضائع واألكثر شيوعا يف حاليت شحن البضاعة على السطح دون احلصول على
موافقة الشاحن ،عدم بذل الناقل العناية الالزمة يف تقدمي سفينة صاحلة للمالحة وإن كان يف
احلالة األوىل وجود اخالل يعد احنرافا على عقد النقل ،أما يف احلالة الثانية ال تعترب كذلك
وهو ما حكم به القضاء األمريكي.2
كما يعترب القضاء األملاين 3اخلطأ جسيما ترك حارس املخزن بعض الغرابء يدخلونه يف
الثالثة صباحا جملرد ادعائهم أباهم عمال أتوا إلجراء بعض اإلصالحات ،فاتضح أاهم لصوص
ما إن دخلوه حىت سرقوا البضاعة والذوا ابلفرار .وكذلك احلال إذا مت العمل يف مؤسسة الناقل
وحدثت فوضى غري عادية مكنت من اختفاء بعض الطرود املنقولة دون أن ترتك أثرا ودون أن
تدرج يف دفاتر حساابت الناقل و بناءا عليه يوجد تطابق بني فكرة اخلطأ اجلسيم يف كل من
انب الناقل العناية املتطلبة جمانبة
القانون األملاين و الفرنسي ،فكالمها يعترب اخلطأ جسيما إذا َج َ
كبرية.
Broche Hennessy Contre Air هذا ما اتبعته حمكمة استئناف ابريس يف قضية
4 Franceمؤيدة حلكم حمكمة 5Seineاملدنية ،الصادر يف 24أفريل 1952و الذي استبعد
-1حممود مجال الدين زكي ،املرجع السابق ،ص ،108هامش رقم .4
2
-US 15 SEP 1969, ,Dr.europ,1970,AMC 1975,33 :René Rodiére, Droit maritime,
Mise a jour au 10 juin1978, jurisprudence générale Dalloz,PARIS1978 ,p96.
-3حكم حمكمة الرايش 26سبتمرب ،1919مشار إليه لدى ثروت أنيس األسيوطي ،املرجع السابق ،ص .600
4
- cour de paris arrêt du 25 Février1954: " l'interprétation que la jurisprudence
française donne de la notion de la faute lourde est plus sévère pour le transporteur que
celle des tribunaux belges ou que celles des juridiction britanniques et américaines sur
le "Wilful Misconduct" et s'il n'est pas indispensable qu'ils sont prouvés que l'auteur
du dommage ait agit consciemment de propos délibéré sans égard aux conséquences
probables de son acte , il incombe néanmoins à Hennessy (demandeur) d'établir que la
compagnie Air France ou son équipage ont agi avec une négligence , une insouciance
ou témérité spécialement graves. Ni puis isolément ni considérés dans leur ensemble,
la faite actuellement prouvés ne présentent le caractère de faite lourde": Henri Zoghbi,
op.cit., p88, note 205.
-5حممد موسى حممد دايب ،املرجع السابق ،ص .382
281
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
عنصر االدراك من اخلطأ اجلسيم1و لكنها عدلت من أسباب احلكم وقالت أبنه إذا كان
التفسري الذي أعطاه القضاء الفرنسي ملفهوم اخلطأ اجلسيم هو أكثر قسوة ابلنسبة للناقل من
احملاكم البلجيكية ،أو القضاء الربيطاين ،أو األمريكي حول سوء السلوك العمدي وإذا كان ال
يلزم ثبوت أن مرتكب الفعل قد تصرف بقصد عمدي دون النظر للنتائج احملتملة لفعله فانه
يقع على ( Hennessyاملدعي) اثبات أن الشركة الفرنسية الناقلة أو طاقمها قد تصرفوا إبمهال
أو عدم مباالة أو رعونة بصفة جسيمة خاصة وأنه ال يوجد يف الوقائع سوآءا كل عنصر منها
على حدى أويف جمموعها ما يثبت وجود صفة اخلطأ اجلسيم.
الثابت أن القانون الالتيين يرى أن درجة اخلطأ اجلسيم تكمن يف اجملانبة الكبرية للعناية
املنتظرة من الناقل املعتاد،حسبما تقتضيه املعامالت فكيف كان الوضع يف القانونني اإلجنليزي
واألمريكي؟ وهل كان مفهوم اخلطأ اجلسيم معروفا لدى التشريعات األجنلو سكسونية؟
اثنيا:معايري تقدير اخلطأ اجلسيم يف األنظمة األجنلو سكسونية
مفهوم يقصد به خروج negligence عند استقراء التشريع األجنلوسكسوين فاإلمهال
األفراد على منط السلوك standardالذي يرمسه النظام القانوين حلماية الغري من خطر االضرار
به دون مربر ،فمعيار اإلمهال هو معيار موضوعي يتمثل يف عدم بذل العناية اليت كان ليبذهلا
الرجل العاقل إذا وضع يف نفس الظروف .وهذا املعيار وضعه القانون اإلجنليزي منذ أكثر من
قرن من الزمن ومازال القضاء األمريكي يتجه إليه لغاية اآلن ،أما اإلمهال اجلسيم وخاصة مبا
يتعلق ابلقانون اإلجنليزي فإنه قد حدثت حماولة منذ قرنني ونصف ترمي إىل االعرتاف بفكرة
اخلطأ اجلسيم ،غري أاها ابءت ابلفشل ،مث حدثت حماولة أخرى يف العصر احلديث فرفض
القضاء التسليم بذلك .وقال إن اإلمهال ال خيتلف معياره من حالة إىل أخرى ،فهو عدم بذل
1
-Trib 1er instance du Bruxelles 6mai 1950 (Fiche et Ct /La Sabina): Henri Zoghbi,
op.cit, p94, note 216, Michelle Pourclet, Le Transport maritime sous connaissement
(droit canadien, Américain, anglais, op.cit, p53.
282
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
العناية اليت تتطلبها الظروف ،فاخلطأ اجلسيم gross negligenceهو أمر جتهله الشريعة العامة
االجنليزية، Common law 1إذن يرفض القانون اإلجنليزي األخذ بفكرة اخلطأ اجلسيم ولكنه
ال جيهلها.
خيتلف األمر يف القانون األمريكي ،حقيقة يذهب الرأي الغالب يف القضاء والفقه 2إىل
نبذ فكرة تقسيم اخلطأ إىل درجات ،غري أن القضاء واملشرع يف بعض الوالايت يعتنقان هذه
الفكرة ،فاخلطأ قد يكون عاداي وهو جمانبة عناية الناقل العاقل الذي يوجد يف نفس الظروف
وقد يكون اتفها ويتحقق يف عدم بذل العناية اليت يبذهلا الناقل احلريص حرصا غري معتاد .
كما قد يكون اخلطأ جسيما متمثال يف جمانبة العناية اليت يبذهلا الناقل املهمل نفسه (وهذا
وهو احنراف شديد عن معيار العناية الواجبة .وهذا ما يقابل ) Pothier يقرتب من تعريف
معىن اخلطأ اجلسيم يف القانون األملاين والفرنسي ويستخدم هذا املفهوم يف القضاء فيقصر من
مسؤولية املودع إليه بدون أجر على اخلطأ اجلسيم ويبطل شرط االعفاء من املسؤولية يف حالة
اخلطأ اجلسيم .3
لقد عرضنا فيما تقدم املعايري اليت أدىل هبا الفقه و اليت استخلصها من القضاء لتحديد
اخلطأ اجلسيم و كذلك يف التشريعات بنوعيها الالتينية و األجنلوسكسونية فلم جند يف أيها
حتديدا مقنعا وإن كان بعضها يتضمن احياءات بفكرته ،فاخلطأ اجلسيم فكرة تستعصي على
1
-Goddard C.J.In Pentecost and Another v.London District Auditor and Another
k.b.Div, Jaune 13, 14, 1951, 2 all .E.Rep.330, 332H, Scott.L.J. in Anglo-saxone
Petroleum Co, Ltd, and Another v,Damant, Cour of Appeals,April,May,June1947, 2
all Rep. 465( 467-468):
مشار إليه لدى ثروت أنيس األسيوطي ،املرجع السابق ،ص 600وما يليها.
2
-Altman v Arenson et al ,supr,Jud.Ct.of Massachusetts ,jan.8,1919,121N.E505( 506
col.1):
مشار إليه لدى املرجع السابق ،ص .602
3
-Weld et al.v.Postal Telegraph cable Co ,New work Cour of Appeals,30Dec
,1913,103N.E957(961 col.1),Hogan J:"Irespective of the decisions of other
jurisdictions the court of this state have uniformly recognized a distinction between
ordinary and negligence gross":
مشار إليه يف نفس املرجع ،املوضع نفسه.
283
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
التحديد الدقيق ،ألن اختالف ظروف الوقائع وتنوع مالبساهتا جيعلها ال ختضع لقاعدة جامدة
و كل ما ميكن قوله أن اخلطأ اجلسيم هو وليد استهتار ابلغ ابلعالقات العقدية ،أو هو عجز
كبري عن الوفاء اباللتزامات ،لغباء أو جهل أو غفلة وإن كانت هذه العبارات ال تقدم كثريا يف
اإلحاطة حبدوده ،إذ يظل التساؤل قائما يف كل حالة عما إذا كان سلوك الناقل له هذا
الوصف أو ذاك أو يضل رغم احنرافه بريئا منه.1
مع ذلك الريب يف أن جسامة اخلطأ اليت تنسب إىل الناقل املقصر يف إيصال البضاعة
ساملة إىل املرسل إليه عن يقظته يف أعماله الشخصية أو يتهاون يف الوفاء به اعتمادا على بند
االعفاء من املسؤولية .كذلك نفس احلكم يف وجوب التشدد يف تقدير خطأ الناقل إذا دلت
الظروف كعلو كفاءته أو ارتفاع املقابل مما يقتضي منه يقظة كبرية وحرصا ابلغا يف الوفاء
ابلتزامه وإضفاء وصف اجلسامة على اخلطأ الذي يصدر منه. 2
يبدوا مما تقدم أيضا أن القضاء قد توسع يف مفهوم اخلطأ اجلسيم على وجه جعله بعيدا
عن التعريف الروماين و الذي يراه يف عدم فهم ما يفهمه اجلميع ومل جيد الفقه فرقا بني اخلطأ
اجلسيم واخلطأ البسيط .كما يتضح أن احملاكم حينما أعفت الناقل من مسؤوليته كان ذلك يف
الغالب راجعا إىل عدم ثبوت خطأ منه بل وأحياان إىل ثبوت القوة القاهرة ويظهر التوسع على
وجه اخلصوص يف حتديد اخلطأ اجلسيم الذي يؤدي إىل احباط أثر شروط االعفاء من املسؤولية
أو حتديدها.3
من زاوية أخرى فإن ترك مسألة حتديد اخلطأ اجلسيم للسلطة املطلقة حملاكم املوضوع
ليست شرا يف ذاهتا ،ألن تعدد القضااي وتعقد ظروف النقل البحري توجبان أن يرتك لقضاة
املوضوع مثل هذه السلطة.
284
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
و إذا قيل أبن حتكم القضاة يتضمن بعض املخاطر كاحلكم بتعويضات متفاوتة تفاوات
كبريا يف حاالت متشاهبة ظاهراي ،فإن عالج هذه املخاطر ال ميكن أن يكون بتحويل هؤالء
القضاة إىل جمرد آالت لتطبيق نصوص يفرتض 1أاها وقعت يف جماالت خمتلفة ،إذ أن الواقع
العملي هو الذي يعرف القاضي كيفية استخالص درجة اخلطأ اجلسيم من كل حالة على
حدى بدون رقابة عليه من احملكمة العليا .وكما قال الفقيه "جيفور" ":أن حتكم القاضي الذي
املوحد الذي ال يعرف
خيفف من حدته هو معرفته بوقائع ،لذلك يعد أفضل من حتكم املشرع َ
إال التجريد.2
الفقرة الثالثة:
متييز اخلطأ اجلسيم عن اخلطأ غري املغتفر
إن مفهوم اخلطأ غري املغتفر Faute Inexcusableهو ليس بفكرة جديدة يف القانون
الفرنسي ،فقد كان أول ظهور هلا يف قانون العمل الصادر يف الثامن أفريل من سنة
،1898غري أنه مل يعط تعريفا حول بيان معناها .3و هو نوع من اخلطأ تنعدم فيه نية اإلضرار
الشيء الذي مييزه عن اخلطأ العمد والذي جيب أن تتوافر فيه .و كذلك خيلو من معىن الغش
،كما خيتلف عن اخلطأ اجلسيم الذي يعرفه القانون الروماين ابخلطأ الذي ال يرتكبه الشخص
قليل العناية والذكاء. 4
يعرف اخلطأ غري املغتفر يف النقل البحري أبنه الفعل أو االمتناع املرتكب من جانب
الناقل ،أو أحد اتبعيه أثناء أتديتهم لوظائفهم و يكون انجتا عن هتور ووعي ابحتمال وقوع
-1إبراهيم صاحل عطية اجلبوري ،العوامل املؤثرة يف تقدير التعويض عن الفعل الضار ،منشورا ت احلليب احلقوقية ،بريوت (لبنان)،سنة
، 2013ص .116
-2جيفور ،التعويض عن الضرر األديب ،رسالة دكتوراه من جامعة كاري نوبل ،سنة ، 1938ص :، 254مشار إليها لدى املرجع
السابق ،ص . 117
- Isabel Corbier, de la faute inexcusable de l’armateur ou du droit de l’armateur à
3
285
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الضرر .1و هو اخلطأ الذي بلغ حدا استثنائيا من اجلسامة وكل من أاته قد قصده يف ظرف
يوجب عليه أن يتوقع نتيجته وأن يعي خطره و كان توقعه له ممكنا ومل يكن له يف هذا الظرف
أي عذر يربر ارتكاب الفعل ،أو جييز التسامح عنه واقعا. 2
طبقا هلذه التعاريف يتكون اخلطأ غري املغتفر من عنصرين :عنصر موضوعي يتمثل
يتضح من اخلطورة االستثنائية للفعل أو االمتناع 3و عنصر ذايت يظهر يف الوعي ابحتمال
حدوث الضرر الناتج عن الفعل أو االمتناع عن الذي صدر من طرف الناقل أو من اتبعيه
.4و من ذلك عدم اختاذ االحتياطات الالزمة للحفاظ على بضائع سريعة التلف يف درجة
حرارة غري منخفضة.
مل تبتعد حمكمة النقض الفرنسية كثريا عن ذلك بقوهلا أنه من مكوانت اخلطأ غري املغتفر
أوال أن يكون الفعل ،أو الرتك اراداي ،اثنيا أن يعي الشخص خطورة فعله ،أو أن يكون عليه
أن يعلم ذلك تبعا للظروف احمليطة ،غري أن هذه احملكمة أضافت عنصران آخران ومها أال
يكون هناك سبب من أسباب اإلابحة 5أي عدم وجود عذر يربر مثل هذا اخلطأ واجلسامة غري
العادية للفعل أو الرتك.
يتضح من هذا التعريف أنه يشرتط يف اخلطأ الذي ال يغتفر توافر العناصر الواردة به
دون افرتاضها ،فالعنصران الثالث والرابع(اليت جاءت هبما حمكمة النقض الفرنسية) مها
موضوعيان مبعىن أن قياس جسامة الفعل أو الرتك وقياس األعذار املربرة اليت يتذرع هبا الناقل
املخطئ يتم بطريقة موضوعية جمردة قوامها مسلك الناقل املعتاد وال دخل فيها العتبارات
الشخصية أو األدبية ،أما العنصر الثاين فيكون ذاتيا ويقاس فيه مبعيار شخصي وذلك إبثبات
-1هدى الساسي ،مسؤولية الناقل اجلوي يف مادة نقل البضائع جوا طبقا التفاقية فرسوفيا والربوتوكوالت املعدلة هلا ،جملة الدراسات
القانونية والبحوث السياسية االجتماعية ،يوم 21ماي ،2017ص 19اتريخ الدخول للموقع :2017/6/22الساعة :16:40
polyjuris.com
-2عاطف النقيب ،النظرية العامة للمسؤولية عن الفعل الشخصي ،منشورات حليب احلقوقية ،بريوت ،سنة ، 1999ص .205
3
-Philipe Delbecque, Précis droit maritime,13 édition ,op.cit, p632.
-هدى الساسي ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
4
5
- Cass.Com 15 juillet 1941D 1941, p17, Cass.Com22Octobre1975D1976, p101:
مشار إليهما لدى وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص. 213
286
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أن الناقل كان على علم ابخلطر الذي ميكن أن ينتج عن الفعل أو الرتك، 1فإذا مل يسعفنا هذا
املقياس الشخصي وتذرع هذا األخري بعدم علمه هبذا اخلطر فنلجأ بعد ذلك إىل املعيار
املوضوعي وهو معيار الناقل املعتاد الذي يوجد يف نفس الظروف اخلارجية اليت وجد فيها
الناقل املخطئ ملعرفة مدى امكان علمه ابخلطر الذي قد ينتج من الفعل أو االمتناع ،أما
العنصر األول فهو عنصر شخصي أو ذايت ،إذ جيب أن تتجه اإلرادة إىل الفعل أو االمتناع
ومبعىن أدق جيب أن يكون الفعل أو الرتك مقبوال من جانب الناقل املخطئ ولكن ال تصل إىل
حد تعمد الضرر وإال كنا بصدد خطأ عمدي.2
يف بعض األحيان قد يضطر الناقل جتنبا للمصاريف اليت تدفع للميناء يف حال أتخر
املرسل إليه تسليمه سند الشحن عند وصول البضاعة ،ابإلضافة إىل عدم تعطيل السفينة يف
ميناء الوصول انتظارا لتفريغها ،هلذا يلجأ الناقل إىل االتفاق مع املرسل إليه على أن يصدر هذا
األخري خطاب الضمان ، lettre de garantie au chargementحيث يتعهد فيه على تغطية
كافة األضرار اليت تلحق الناقل نتيجة قيامه بتسليم البضاعة دون سند الشحن و الضامن غالبا
ما يكون البنك . 3
لقد أظهرت هذه املمارسة العملية نوعا من االحتيال حيث يظهر الشخص احملتال
ويقدم للناقل خطاب الضمان دون سند الشحن ،الذي مل يقم الشاحن إبرساله إليه ألي
سبب من األسباب إىل الناقل ،فيقوم هذا األخري بتسليمه البضائع حىت ال يضيع الوقت يف
ميناء التفريع من أجل احلصول على سند الشحن .4و بال شك أن تصرف الناقل هبذا الشكل
يعد خطأً منه يف تسليم البضاعة لصاحب البضاعة احلقيقي.
1
-IsabelCorbier, la faute inexcusable de l’armateur ou du droit de l’armateur à limiter
sa responsabilité, op.cit, p408.
-2حممد إبراهيم الدسوقي ،املرجع السابق ،ص .266
3
- CA. Rouen 27juin 1979,DMF1979,p734, obs vannier.
-حممد مرسي عبده ،املرجع السابق ،ص .162
4
287
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
هذا ما قضت به حمكمة النقض الفرنسية ،1حني قررت أن خطاب الضمان يعترب
عقدا مستقال عن عقد النقل وأن هذا اخلطاب قد يستغل يف االحتيال يف جمال النقل البحري
لذلك جيب على الناقل تسليم البضائع يف مقابل استالمه لسند الشحن وليس مقابل خطاب
الضمان .و عليه يعد الناقل مرتكبا خلطأ عقدي إذا قبل تسليم البضاعة مقابل احلصول على
خطاب الضمان .و هو ما نصت عليه املادة 1يف فقرة7من اتفاقية هامبورغ 2و املادة /46أ
من معاهدة روتردام.3
كذلك قررت حمكمة استئناف 4Rouenأن خطاب الضمان الذي يصدره املرسل إليه
أو مستلم البضاعة ليس بديال عن سند الشحن وال حيرر املرسل إليه من التزامه بتسليم سند
الشحن إىل الناقل لكي يستلم البضائع .كما أن الناقل ال يستطيع أن يتهرب من مسؤوليته
العقدية قبل الشاحن ،إىل جانب مسؤوليته يف مواجهة املرسل إليه وليس لديه سوى الرجوع
على البنك الضامن املوقع على خطاب الضمان ،غري أن هذه احملكمة و إن أقامت مسؤولية
الناقل فإاها مل تبني نوع هذا اخلطأ.
يف مثل هذه احلالة أكدت حمكمة مرسيليا التجارية 5أيضا على مسؤولية الناقل على
غررا احملكمتني السابقتني ،لكن حكمها سلط الضوء على اخلطأ الذي يقع فيه الناقل عند
تسليمه البضاعة بدون سند الشحن ومقابل خطاب الضمان .كما أاها بينت شدة اخلطأ الذي
1
- Cass. Ch.com. 17juin 1997, Navire Happy Buccanaer, DMF1997, p785, Rapport de
Rémery dans meme sens : Cass. Ch.com. 9 juillet 1991, DMF1992, p665.
-2املادة 7/1من اتفاقية هامبورغ ...":يقصد بسند الشحن وثيقة تثبت انعقاد عقد النقل وتلقي الناقل للبضائع أو
شحنه هلا ويتعهد الناقل مبوجبها بتسليم البضائع مقابل اسرتداد هذه الوثيقة.".....
-3املادة 46من معاهدة روتردام ":يف حال إصدار مستند النقل غري قابل للتداول يشري إىل وجوب تسليمه من أجل تسلم البضائع :يسلم
الناقل البضائع إىل املرسل إليه يف الوقت واملكان املشار إليهما يف املادة 43عندما يثبت الناقل هويته على حنو واف بناءا على طلب الناقل
ويسلم مستند نقل غري قابل للتداول وجيوز للناقل أن يرفض تسليم البضائع إذا مل يثبت الشخص الذي يدعي أنه املرسل إليه هويته على حنو
واف ع ندما يطلب الناقل ذلك ويرفض الناقل التسليم يف حال عدم تسليم املستند غري قابل للتداول وإذا كان قد أصدر أكثر من نسخة
واحد من املستند غري قابل للتداول فيكفي تسليم نسخة أصلية واحدة وال يعود للنسخ األصلية األخرى غري مفعول أو صالحية."....
4
- CA. Rouen 9Novemenbre 1999,DMF 2000 ,p729,obs .y. Tassel, voir aussi : CA .
Rouen 19 Octobre 1989, DMF1990, p96.
5
-Trib.com de Marseille 10 avril 2007 .BLT 2007, p519.
288
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ارتكبه الناقل آخذة ابملعيار املوضوعي يف هذا التحديد ،1فأحلقت وصف خطأه يف هذه احلالة
ابخلطأ غري املغتفر.
خيلص القول أن اخلطأ غري املغتفر ماهو إال الصورة القصوى للخطأ اجلسيم فالناقل ليس
لديه قصد االضرار ،غري أنه يقبل إمكانية وقوع الضرر ،اليت تتسم بدرجة كبرية من االحتمال
وال يتوافر يف هذا اخلطأ ركن القصد ،الذي يوجد يف اخلطأ العمدي و لكنه ذو خطورة
استثنائية ترجع إىل قيام بعمل أو ترك ارادي ،مع إدراك الناقل خلطورة التسليم لغري املرسل إليه
احلقيقي ودون أن يتوافر لديه سبب جدي يربر تصرفه .2
الفقرة الرابعة:
متييز اخلطأ اجلسيم عن اخلطأ املكسب
حملاربة شروط اإلعفاء من faute lucrative لقد ابتكر القضاء الفرنسي اخلطأ املربح
املسؤولية يف عقد النقل البحري .وذلك قبل اصدار القانون الفرنسي لسنة 1936اآلمر ،الذي
منع هذه الشروط ،فكان يستبعد تطبيق الشرط كلما حتقق عن اخلطأ أو قصد به حتقيق
مصلحة للناقل.
و مثال ذلك شحن البضاعة على السطح بينما األجرة املدفوعة عنها هي أجرة الشحن
يف العنابر ،أو عدم الرص البضاعة بعناية وإمهال تستيفها لتتسع السفينة حلمولة أكرب ،أو
لشحن عدد كبري جدا من احليواانت أكثر مما يتسع له مكان الشحن ،مما يؤدي إىل موت
عدد منها .و يف هذه احلاالت قرر القضاء استبعاد الشرط ألن الناقل خرج عندئذ عن النطاق
التعاقدي ،بينما شرط اإلعفاء يواجه تنفيذ الناقل اللتزاماته تنفيذا خمال ،أي يواجه ختفيف
مسؤولية الناقل وليس اعفاءه من بعض التزاماته. 3
1
-Antoine
Vialard,droit maritime ,op.cit, p 421, Bonassaises et Scapel,op.cit,
p717,Stéphane Piedeliévre ,Dominique Gency-Tadonnet, droit des
transports,op.cit,p155.
-2حممد حسني منصور ،املرجع السابق ،ص .306
-3علي مجال الدين عوض ،تعليقات على القضاء التجاري البحري ،املقال السابق ،ص 64وما يليها.
289
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
لقد أصدرت حمكمة استئناف "أكس" حكما يف 29سبتمرب 1959مفاده أن اخلطأ
املربح يستبعد احلد األقصى للتعويض من مسؤولية الناقل ويؤدي إىل دفع تعويض كامل متطابق
مع قيمة البضاعة املتضررة. 1
ترتيبا على ماتقدم نستطيع القول أنه إذا اعتربان اخلطأ املربح نوعا من اخلطأ اجلسيم كان
احلكم األخري هلذه احملكمة خمالفا ملا حكمت به حمكمة النقض الفرنسية . 2أما إذا نظران إليه
على أنه نوع من الغش 3فهو يتفق مع اجتاه حمكمة النقض ألن وجه الشبه بينهما يكمن يف أنه
خطأ عمدي ،إذ تعترب خمالفة عمدية من الناقل ملقتضى التنفيذ السليم اللتزاماته العقدية .كما
جيب أن يكون صادرا من الناقل شخصيا وليس من اتبعيه ولو كان التابعون قد ارتكبوه بقصد
حتقيق مصلحة للناقل أو إذا كان هذا القصد قد كشف عن مشاركة و تفاهم من الناقل معهم
على ارتكاب اخلطأ.4
يدخل يف هذا السياق أيضا بعض األحكام 5اليت ذهبت إىل استخالص اخلطأ اجلسيم
من الفائدة اليت يرمي إليها املسؤول إىل حتقيقها من وراء اخلطأ ويشمل احلاالت اليت يرمي فيها
الناقل إىل حتقيق ربح أو اقتصاد يف النفقات على حساب مصلحة الشاحن .
لعل أهم مثال يضرب عن فكرة اخلطأ املربح يتجسد من خالل وقائع قضية السفينة
واليت تتلخص وقائعها يف أن هذه السفينة كانت يف رحلة هلا من جزر "البهاما" Cepheuis
إىل جزر "أالسكا" لنقل شحنة من البضائع ،غري أاها احنرفت عن خط سريها وتوجهت إىل
1
- DMF 1960,p60: مشار إليه لدى علي مجال الدين عوض ،املقال السابق ،ص . 65
-2حكم حمكمة النقض الفرنسية الصادر يف 11مارس1960و الذي حسم يف اخلالف الذي وقع بني احملاكم الفرنسية بشأن سقوط حق
الناقل يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض عن هالك البضاعة أو تلفها ،سبقت اإلشارة إليه يف الصفحة 248من هذه الرسالة.
3
-Trib .Com. Angers 4 Nov1971,Dr.europ,1972,p512:
René Rodiére, Droit maritime, Mise a jour au 10 juin1978, op.cit, p96.
-4علي مجال الدين عوض ،املقال السابق ،ص .65
-5مثل جلوء الناقل إىل وسائل تفريغ ضارة ابلبضائع لتفريغ السفينة أبقصى سرعة ممكنة (حكم حمكمة مرسيليا يف 27جويلية 1927و4
جويلية ، 1928وحمكمة أكس الفرنسية 27أكتوبر 1934أو تغيري اجلهة املرسل إليها من جانب الناقل أو نقل البضائع من سفينة إىل
أخرى ،وقد كان هناك خالف يف الرأي يف حالة اخلطأ املكسب إلدخاله يف نظرية االثراء بال سبب بدال من فكرة اخلطأ اجلسيم :حممد
إبراهيم الدسوقي ،املرجع السابق ،ص .287
290
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
"لوس أجنلس" للتزود ابلوقود الالزم إلكمال هذه الرحلة وذلك نظرا الخنفاض سعر الوقود يف
لوس أجنلس فحكم يف القضية أبن احنراف السفينة عن خط سريها هو احنراف غري معقول
واستند أن جمرد استفادة الناقل من أسعار الوقود املنخفضة يف ميناء معني ال ميكن اعتباره مربرا
معقوال الحنراف السفينة عن خط سريها.1
غري أنه ال جيوز اخللط بني اخلطأ املكسب واخلطأ اجلسيم ،فاخلطأ اجلسيم ال يعد
جسيما ألنه حيقق منفعة ملرتكبه فاخلطأ والفائدة فكراتن مستقلتان عن بعضهما متاما ،فقد
حيقق اخلطأ اليسري فائدة كبرية للناقل وقد ال حيقق اخلطأ اجلسيم أي فائدة كما ميكن االلتجاء
إىل فكرة الغش إذا كان هناك وراء اخلطأ املكسب سوء نية .و ذلك ال يعين أن فكرة الفائدة
تدخل يف تقدير جسامة اخلطأ كعنصر من عناصر التقدير و كل ما يف األمر أن اخلطأ اجلسيم
يقدر فقط من وجهة نظر مسلك الناقل املعتاد. 2
الفرع الثالث:
مشكلة تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش
Culpa lata يرجع أصل قاعدة "تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش" إىل القانون الروماين
،حيث كان هناك جانب من املدينني يف حالة الوديعة (املودع لديه dolo aequiparatur
)بدون أجر والوكالة بدون أجر(الوكيل اجملاين) .وال يسألون إال يف حالة الغش عن عدم تنفيذ
التزامهم ،بينما يسأل ابقي املدينني عن جمرد اخلطأ .ويف قانون "جستنيان" تطورت نظرية
األخطاء بتشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش ،على أنه ال جيب اخللط معىن هذا التشبيه ،ذلك أنه ال
1
- Cepheuis,Arb,1990,A.M.C,1058,(Arbit.N.Y.1990):
مشار إليه لدى عمر فؤاد عمر ،إعفاء الناقل من املسؤولية دراسة مقارنة يف عقد النقل البحري للبضائع ،رسالة دكتوراه يف احلقوق
،جامعة القاهرة ،سنة ،2000ص .574
-2نفس املرجع ،املوضع نفسه.
291
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يهدف إىل إخضاع اخلطأ اجلسيم لنظام استثنائي مثل الغش ولكن معناه مساءلة املدين يف
مجيع العقود ليس فقط عن غشه ولكن أيضا عن خطئه اجلسيم .1
مبادئ قانون Pothier لقد نقل شراح يف القرن الثامن عشر وبصفة خاصة الفقيه
"جستنيان" واهتموا مبشكلة األخطاء و أعطى Pothierللخطأ اجلسيم مكاان هاما ،إذ جعل
منه أحد مصطلحات التقسيم الثالثي املعروف لألخطاء مع اخلطأ البسيط والتافه يف اجملال
التعاقدي ،لذلك فإن أي انقل يسأل عن غشه وكذلك عن خطئه اجلسيم ،الذي يعترب بسبب
اخلطأ اجلسيم ابلغش ،فإمنا كان يعين انشغال Pothier جسامته مشبها ابلغش وحينما شبه
املسؤولية ال حجمها وقد نقل الفقه بعد ذلك قاعدة التشبيه ،أما فيما يتعلق ابلتعويض فلم
وهو ما يظهر حينما تعرض للغش مل يشر للخطأ Pothier يكن للخطأ اجلسيم أي دور عند
اجلسيم.2
يف هذا الشأن يظهر أن القانون املدين الفرنسي أيخذ بتدرج األخطاء للقانون الروماين
لكنه مل أيت على ذكر للقاعدة الرومانية 3والتساؤل الذي يثور هنا كيف تعامل الفقه والقضاء
مع مشكلة تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش؟
مل يتفق الفقه والقضاء حول هذه املشكلة فتباينت أراءهم إىل مؤيد بفكرة التشبيه
ومعارض هلا ،يرى بضرورة التفرقة بني الغش واخلطأ اجلسيم ،لذلك سيتم التفصيل يف هذا
املوضوع من خالل التعرض ألهم احلجج اليت استند إليها أصحاب االجتاهني.
1
-Yassad
Horia, le contrat de vente internationale de marchandises, thèse doctorat en
droit, université mouloud Mammeri de Tizi –Ouzou, anné2008, p180.
حممد موسى حممد دايب ،املرجع السابق ،ص 348وما يليها.
-2املرجع السابق ،ص .349
3
-Henri Zoghbi, La responsabilité aggravée du transporteur aérien (Dol et la faute
équivalente au dol étude devloppée du protocole de la Haye), libraire général de droit
et jurisprudence, Paris 1962, p76.
292
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
االجتاه األول:
استند أنصار املساواة و التشبيه1بني الغش واخلطأ اجلسيم إىل ثالث حجج2و هي كما
يلي:
-1حجة ذات طابع اترخيي فقاعدة التشبيه مصدرها القانون الروماين وأخذ هبا الشراح
القدامى كما أخذ هبا أيضا املشرع الدويل يف اتفاقية روما. 3
-2حجة أخرى ذات طابع نفسي ترتكز على املفهوم الواسع ملفهوم النية فريون أن اخلطأ
اجلسيم والغش من طبيعة واحدة وبيان ذلك أنه يكفي لوجود النية لدى مرتكب الفعل أبن
يكون لديه اإلدراك أن تصرفه ميكن أن حيدث ضررا ابلغري ،رغم أنه ال يرغب يف حتقيق
النتيجة وابلتايل ميكن تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش دون صعوبة ،فالغش يتضمن اإلدراك بوقوع
ضرر على الغري ويصر فاعله على سلوكه دون الرغبة أيضا يف حتقيق النتيجة.
-3وحجتهم األخرية هي ذات طابع عملي تستمد من االثبات ،إذ توجد هنا قرينة مؤداها أن
اخلطأ اجلسيم يؤدي إىل افرتاض اخلطأ العمدي وهذه قرينة بسيطة تقبل اثبات العكس وجيب
على مرتكب اخلطأ اجلسيم اثبات أنه مل يرتكب خطأ عمداي أي انعدام النية.
لقد أخذت هبذا الرأي بعض احملاكم الفرنسية 4خبصوص مسؤولية الناقل البحري
،حيث قررت فقدان الناقل حقه يف االستفادة من تعويض حمدود يف حاليت الغش واخلطأ
اجلسيم معتربة الغش معادال للخطأ اجلسيم وأيخذ حكمه .و ابلتايل يلزم بدفع تعويض كامل
عن قيمة البضاعة اهلالكة.
1
- René Rodiére, Droit maritime, les contrat de transport de marchandises, 6eme
édition, librairie Dalloz,Paris1974,p316, Francis Sauvage ,Manuel pratice du transport
des marchandises par mer , op.cit ,p88, Georges Marais, op.cit ,p207.
-2حممد موسى حممد دايب ،املرجع السابق ،ص 350وما يليها.
-3اتفاقية روما املوقعة يف 17اكتوبر 1952املتعلقة ابألضرار الواقعة للغري على سطح األرض من قبل الطائرات األجنبية (املادة .)12
4
- Cass de Paris 12/6/1951,DMF1951,p283, Cass deRouen7/5/1955, DMF1955,p483.
Cour de cassation 23/6/1982,DMF 1983,P26,Cour d'appel Rouen14/10/1980,BT,
p105:
مشار إليها لدى حممد موسى حممد دايب ،املرجع السابق ،ص .351
293
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
االجتاه الثاين:
ذهب أنصار معارضي فكرة التشبيه بني اخلطأ اجلسيم والغش إىل انتقاد االجتاه السابق،1إذ
يرون أن اخلطأ اجلسيم يعد قرينة قابلة إلثبات العكس وعلى قيام الغش ،فاملساواة بني الغش
واخلطأ اجلسيم ال تستند إىل الوحدة بينهما يف الطبيعة ،فاخلطأ مهما كان جسيما ال يعين أن
مرتكبه قد رغب يف حتقق الضرر .لذلك فهو خطأ غري عمدي يتمثل يف غلط ،أو إمهال ،أو عدم
احليطة وابلتايل يعترب من األخطاء غري العمدية لكنه يتميز عنها يف درجة اجلسامة. 2
كما أنه إذا كانت فكرة النظام العام وفكرة الشرط اإلرادي تربران إلغاء شروط عدم
املسؤولية يف حالة الغش فإن ذلك ال يصدق على اخلطأ اجلسيم من حيث التربير .ولكن
املشاهبة بني الغش واخلطأ اجلسيم تتعلق ابإلثبات فقط ،فالناقل مرتكب الغش يتقنع دائما
بقناع الغباء ،فهو يعرتف جبسامة خطئه ولكنه يدعي حسن نيته و ميثل دور األمحق ابعرتافه
أنه قد سلك سلوكا غري سوي ولكن حبماقة و بدون نية سيئة ،فيجب إذن أن نضع حدا
هلذه الطريقة السهلة للدفاع أبن نرتب على اخلطأ اجلسيم نفس نتائج املرتتبة على الغش .كما
3
أنه إذا كان اخلطأ اجلسيم يفرتض الغش ولكن هذه القرينة قابلة إلثبات العكس ألن القرينة
القانونية ال تكون قاطعة إال مع وجود نص قانوين يقضي بذلك .وابلتايل فاخلطأ اجلسيم
1
- Michelle Pourcelet, Le Transport aérien international et La responsabilité, Les
Presses de L'université de Montréal, Canada mars1964, p 99,Cheveau, L'accident des
açores , Les responsabilité du transporteur aérien R.D.F.A,1952,p239:
Mohammed Farid Alariny, La responsabilité du transporteur aérien pour retard d'après
l'article19 de convention de Varsovie 1929, thèse doctorat d'Etat en droit, université
de paris, ânée de soutenance1970, p285.
-2مشار إليه لدى حممد إبراهيم الدسوقي ،املرجع السابق ،ص .280
-3يقصد اب لقرينة ما يستنبطه املشرع أو القاضي من أمر معلوم الداللة على أمر جمهول وهي تنقسم إىل نوعني :قرائن قانونية وأخرى قضائية
،فالقرينة القانونية ما يستنتجه املشرع بنفسه من حاالت يغلب وقوعها عمال يف صيغة عامة وجمردة ،فهي ال تعترب أدلة مبعىن الكلمة وإمنا
هي تنق ل عبء االثبات من على عاتق املكلف به إن كانت بسيطة ،أو تعفي من االثبات اهائيا إن كانت قاطعة وأما القرينة القضائية
فهي ما يستنبطه القاضي من وقائع الدعوى املعروضة عليه وذلك ابستخدام الوقائع اليت تثبت له للداللة على وقائع أخرى :شريف أمحد
الطباخ ،املسؤولية املدنية التقصريية والعقدية (اجلزء األول )،دار الفكر والقانون ،مصر ،سنة ،2012ص. 516
294
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يفرتض أنه غش حىت يثبت العكس ويف هذه احلدود وحدها يظهر التشابه بني الغش واخلطأ
1
. اجلسيم
غري أن هذه الفكرة القت رفضا استنادا ملا هو مستقر عليه يف علم القانون من أن
حسن النية هو أمر مفرتض وعلى املضرور أن يثبت سوء نية املخطئ .وأن من شأن القول
بوجود تشابه بني كل خطأ جسيم يشكل غشا ابعتبار سوء النية هو القاعدة وحسن النية
هو االستثناء ،هذا ابإلضافة إىل أن القرينة ال تكون مقبولة يف املسائل القانونية وامنا تقبل يف
مسائل الوقائع .2
من جهة أخرى فقد ذهب بعض الشراح الفرنسيني إىل ضرورة التفرقة يف التفسري بني
نص القانون الفرنسي الداخلي ،الذي يسوي بني الغش واخلطأ اجلسيم ألن املبادئ القانونية
تقضي ابملساواة بينهما ،يف حني أنه بشأن تفسري وتطبيق معاهدة بروكسل ال ميكن تسوية
اخلطأ اجلسيم ابلغش ،ألن التسوية غري معروفة يف بعض البلدان املوقعة على املعاهدة .لذلك
فنصوصها جيب أن تفسر طبقا ألعماهلا التحضريية دون التقيد ابملبادئ املستقر عليها يف
فرنسا.3
5
لقد أتثر القضاء املصري 4هبذه احلجة ،إذ جاء يف حكم حملكمة النقض املصرية
أنه":ال يعترب اخلطأ اجلسيم حالة من حاالت حرمان الناقل من النظام القانوين للمسؤولية
الذي نصت عليه املادة ( 5/4معاهدة بروكسل لسندات الشحن لسنة )1924بعبارة مطلقة
تفيد أن درجة اخلطأ ليست حمل نظر عند تطبيقه.خالفا للغش الذي يتجاوز اخلطأ ويتضمن
-1مشار إليه لدى حممد إبراهيم الدسوقي ،املرجع السابق ،ص . 281
-2املرجع السابق ،ص .282
3
-Francis Sauvage, Manuel pratique du transport des marchandises par mer , op.cit.
,p85et s.
-4كما أصدرت ذات احملكمة حكمني آخرين متالحقني ترفض فيهما التسوية بني اخلطأ اجلسيم والغش يف 22جويلية 1961ويف 9
نوفمرب : 1961مشار إليهما لدى إبراهيم مكي إبراهيم ،املرجع السابق ،ص . 388
-5نقض مصري صادر بتاريخ 11فيفري :1960سعيد أمحد شعلة ،قضاء النقض البحري ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية ،سنة
،2001ص .173
295
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
قصد اإلضرار وإذا كان املشرع قد ساوى بني اخلطأ اجلسيم والغش يف أكثر من موضع يف
القانون املدين ،فإن ذلك ال ينهض دليال على اجتاه إرادة املشرع الدويل ابألخذ بنفس احلكم
،ألن تنظيم عقد النقل البحري الدويل يتميز بنوع من الذاتية خترجه عن القواعد العامة".
أما القضاء الفرنسي فقد أصرت حمكمة النقض الفرنسية بدوائرها اجملتمعة على التفرقة
بني معىن الغش واخلطأ اجلسيم صادر يف 11مارس.11960و ميتاز هذا احلكم أبنه يلقي
بعض الضوء على األساس القانوين للحل الذي اعتمدته احملكمة ،فهي تقول ":أن الناقل
البحري الذي حرمه قانون2أفريل 1936يف املادة التاسعة منه أن يدرج يف سند الشحن
الذي يصدره أي شرط يؤدي بطريق مباشر أو غري مباشر إىل إعفائه من املسؤولية اليت تلقيها
على عاتقه القواعد العامة أو أحكام هذا القانون ،ال ميكن أن تتجاوز مسؤوليته عن األضرار
اليت تصيب البضاعة املبلغ الذي حيدده النص املتقدم ،مامل يعلن الشاحن طبيعة البضاعة
وقيمتها يف سند الشحن .
و إذا كان الغش كالتدليس خيرج عن نطاق هذه القواعد ومينع انطباق هذا التحديد
القانوين ،فإن العبارة العامة اآلمرة للنص األخري متنع كل تسوية يف احلكم بني اخلطأ اجلسيم
والغش ،يف حني أن مسؤولية الناقل البحري ال تتحدد ابإلرادة احلرة لألطراف وإمنا أبحكام
من النظام العام ،حددت متاشيا مع القواعد الواردة ابتفاقية بروكسل الدولية مدى التزامات
املتعاقدين املتبادلة وأقامت بذلك التوازن بينهما".2
و يف حكم آخر هلا 3بقوهلا ":و إن كان الغش حيرم الناقل من حدود املسؤولية فإن
اخلطأ اجلسيم الصادر من الناقل أو اتبعه ال يقف حاجزا أمام تطبيق احلد األقصى للتعويض
واملفروض بعبارة مطلقة يف نص يعترب من النظام العام".
1
-René Rodiére , Emmanuel du Pontavice ,Droit maritime,11éme édition Dalloz ,paris
1991, p295.
-2مشار إليه لدى على مجال الدين عوض ،تعليقات على القضاء التجاري البحري ،املرجع السابق ،ص.16
3
- Cour de cassation 2/7/1969, DMF1970, p14.
296
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
Delaby كذلك مل يبتعد القضاء البلجيكي عن نظريه الفرنسي ،حيث جاء يف قضية
واليت تتلخص وقائعها يف أن انقال ترك سفينته تغادر ميناء الشحن وهي حمملة somat
بشحنة من السكر دون عرضها على شركة املراقبة اخلاصة بصالحية السفينة للمالحة ،بعد
خروجها من احلوض اجلاف حيث خضعت لبعض الرتميمات ،فتضررت شحنة السكر بسب
دخول مياه البحر يف أسفل العنرب 1الثالث بسبب وجود صمام األمان بدون مطاط خاص
بتثبيته ،فاعتربت احملكمة أن التصرف الذي صدر من الناقل هو خطأ جسيم ولكن ال يصل
إىل درجة الغش ومن مث ال حيرم الناقل من حدود املسؤولية على أساس 4000فرنك
بلجيكي عن كل طرد من البضاعة اهلالكة.2
جتدر اإلشارة إىل أنه ابعتبار القانون املدين اجلزائري ينتمي إىل طائفة األنظمة الالتينية
اليت تتزعمها فرنسا فالغش واخلطأ يعتربان من املفاهيم املتداولة فيه إال أن املشرع قد تفادى
النقد الذي القته القاعدة الرومانية اخلاصة بتشبيه الغش ابخلطأ اجلسيم إذ اعرتف ابلفرق
الذي يفصل بينهما يف املعىن ،لكنه رتب عليها نفس احلكم من حيث املسؤولية الشخصية.3
مازال اجلدل مستمرا يف فرنسا حول ما إذا كانت قاعدة التشبيه هي أحد املبادئ
أن احلكم Georges ripert الرئيسية يف القانون الفرنسي أم ال ،إذ يرى الفقيه الفرنسي
الصادر عن الدوائر اجملتمعة حملكمة النقض الفرنسية بعدم تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش ،هو
تطبيق لقواعد القانون املدين،إذ أن قاعدة التشبيه ال تعترب من إحدى املبادئ الرئيسية للقانون
العكس فقاعدة التشبيه هي مقبولة يف Rodiére الفرنسي" ،بينما يرى الفقيه الفرنسي
القانون الفرنسي ،إال أن هذه القاعدة التقليدية قد استبعدها القانون سنة ، 1936كما
-1العنرب هو جزء من السفينة وهو الغرفة املخصصة واملصممة لوضع البضائع .
2
-Trib.com de Bruxelles 6/5/1963.E.T.L( 1963),p721:
مشار إليه لدى عبد الرمحن ملزي ،املرجع السابق ،ص. 232
-3تنص املادة 178ق م ج.....":وكذلك جيوز االتفاق على إعفاء املدين من أية مسؤولية ترتتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي ،إال ما
ينشأ عن غشه أو عن خطئه اجلسيم ،غري أنه جيوز للمدين أن يشرتط إعفاءه من املسؤولية النامجة عن الغش أو اخلطأ اجلسيم الذي يقع
من أشخاص يستخدمهم يف تنفيذ التزامه.".....
297
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يالحظ من انحية أخرى أن حمكمة النقض الفرنسية قد استبعدت قاعدة التشبيه ابلنسبة
للطرود الربيدية يف حكمها الصادر يف 32مارس سنة . 11973
ارتباطا مبا سبق و كل ما قيل عن تقليص العمل بقاعدة تشبيه الغش ابخلطأ اجلسيم
فقد تساءل بعض الفقه عما بقي من هذه القاعدة ،فهي اترة تستبعد بواسطة املشرع واترة
أخرى بواسطة القضاء يف جماالت متعددة و أن الشراح الذين يؤيدون التشبيه كلهم متفقني
على استبعاد هذه القاعدة يف اجملاالت األتية:2
-1يف موضوع النقل ابلسكك احلديدية ،منذ عرضت املشكلة على حمكمة النقض الفرنسية
عام .1869
-2يف موضوع النقل البحري والنهري منذ احلكم الصادر يف سنة 1960من الدوائر اجملتمعة
حملكمة النقض.
-3يف موضوع التأمني وذلك منذ أجاز املشرع بقانون 13جويلية 1930التأمني عن اخلطأ
اجلسيم وحظر التأمني عن الغش .
-4يف جمال نقل الطرود الربيدية ،منذ احلكم الصادر من حمكمة النقض الفرنسية يف 23
مارس سنة .1973
مهما يكن من اختالف يف الفقه والقضاء حول وجود أساس قانوين لتربير التسوية بني
الغش واخلطأ اجلسيم ،إال أن هناك بعضا من الفقه أتثر هبذه الفكرة ،حيث تتجه حركة
التشريع فيما بني الدول يف نطاق القانون اخلاص إىل األخذ هبا وإن كانت هذه احلركة قد
انكمشت نتيجة تباين االصطالحات القانونية السائدة يف بعض الدول عن األخرى.3
-1مشار إليهما لدى حممد موسى حممد دايب ،املرجع السابق ،ص 360وما يليها.
-2املرجع السابق ،ص . 361
-3حممود مجال الدين زكي ،مشكالت املسؤولية املدنية ،اجلزء الثاين يف االتفاقات املتعلقة ابملسؤولية (اتفاقات رفع وختفيف املسؤولية
والشرط اجلزائي والتأمني من املسؤولية )،مطبعة جامعة القاهرة ،سنة ، 1990ص 89وما يليها.
298
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
خيلص القول من خالل أهم ما جاء به الفقه و أحكام القضاء أن اخلطأ اجلسيم
خيتلف عن الغش يف طبيعته ،فبينما يكمن الغش على األقل يف االخالل ابلتزام عقدي مع
إدراك الضرر الذي ينجم عنه فإن اخلطأ اجلسيم ال ينطوي على سوء القصد ،إذ ال يتعمد
الناقل الذي يرتكبه اإلضرار بصاحب البضاعة ،فال خيرج عن كونه إمهاال أو عدم احتياط مل
يرده هذا األخري ومل يقصده يف إحداث الضرر ،الذي نشأ عنه ويعترب بوجه عام خطأ غري
عمدي ال خيتلف يف طبيعته عن بقية األخطاء غري العمدية فال تعين التسوية بينهما يف اآلاثر
القانونية احتادمها يف طبيعتهما وصفاهتما وقد كان النقد الذي وجه لقاعدة التشبيه الختالف
طبيعة كل منهما فال حمل للتشابه بينهما. 1
كما أن هذه التسوية ال تقوم على أسس قانونية تتعلق ابإلثبات اليت يف جمملها هتدف إىل
إحباط دفاع الناقل سيئ النية الذي يدعي اخلفة والغفلة ويتذرع ابخلطأ اجلسيم ليتخلص من
آاثر الغش الذي ارتكبه ،لينادي ابعتبار سلوكه يعد خطأ جسيما إىل أن يثبت العكس واليت
تعترب قرينة على توافر الغش وإمنا تتأسس التسوية على اعتبارات اجتماعية أدت إىل بقائها
يف القانون احلديث.2
كما أن اخلطأ اجلسيم لكونه وليد عدم االكرتاث ابلغ يف احملافظة على البضاعة املنقولة
وإيصاهلا ساملة إىل صاحب احلق عليها واستهتار كبري هبذه احلقوق يقرتب يف خطورته على
العالقات القانونية من اخلطأ العمدي و الغش فيتعني من مث إخضاعهما إىل نظام قانوين
واحد ،فإذا كان الفارق بينهما كبريا يف الناحية اخللقية بني مسؤولية الناقل الذي يرتكب غشا
وانقل آخر الذي أييت خطأ جسيما فإاهما يقرتابن من الناحية االجتماعية ومن مث جيب
التسوية بينهما يف القواعد القانونية ،فإذا كان التساوي يف بعض الفروض يف املعاملة مع اخلطأ
299
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
العمدي أو الغش فليس ذلك لوحدة الطبيعة بينهما ولكنها جمرد مساواة يف اآلاثر اليت
يرتبهما مع استقالل كل منهما خبصائصه املميزة .1
ابإلضافة إىل ذلك فاخلطأ اجلسيم يتميز عن اخلطأ الذي ال يغتفر بعدم اشرتاط العنصر
االرادي للفعل أو الرتك غري املشروع وعن اخلطأ اليسري جبسامة االحنراف عن الناقل املعتاد
وأن له خاصية هامة متيزه يف ذلك وهي توافر عنصر توقع حدوث الضرر نتيجة للفعل غري
املشروع لدى الناقل ابملعيار املوضوعي اجملرد أو املعيار الذايت وأنه ميكن الوصول إىل هذا
التوقع حلدوث الضرر حسب مضمون االلتزام ،كما أنه ينفصل عن اخلطأ املكسب لعدم
وجود اتصال دائم بني اخلطأ اجلسيم وفكرة املصلحة أو الفائدة.2
هذه اخلصائص هي اليت متيز اخلطأ اجلسيم عن غريه ،فتستند إىل القاعدة األخالقية
كأساس لتقييم درجات اخلطأ ،فاخلطأ اجلسيم وإن كان ال يطابق اخلطأ األخالقي شأن اخلطأ
العمدي أو الغش فإنه يقرتب من حيث توافر احلالة النفسية لدى الناقل واليت توجد لديه
توقع حدوث الضرر وهذا ما يربر تدخل املعيار الذايت كمعيار احتياطي إلثبات توافر هذا
التوقع لدى الناقل وهذا أيضا هو سبب معاملة اخلطأ اجلسيم معاملة الغش يف كثري من
الفروض. 3
خالصة القول أن املادة 5/4من اتفاقية بروكسل تسببت يف كثري من اجلدل وأدت
إىل تفاوت يف التعويض كما سبق وأن رأينا ،حيث انقسمت احملاكم فمنها من قضت بعدم
جتاوز احلد األقصى ملبلغ التعويض يف حاليت الغش واخلطأ اجلسيم و أخرى قضت ابلتعويض
الكامل فأدى ذلك إىل تفويت الفرصة من أجل التوحيد القانون الدويل خبصوص النقل
البحري للبضائع يف اتفاقية بروكسل .
300
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
هذا األمر دفع ابلدول املصادقة على املعاهدة إىل االجتماع من أجل استدراك النقص
الذي حلقها بتعديل هذه األخرية يف بروتوكول سنة 1968من خالل النص الذي ورد 5/2
منه ،الذي بني حاالت سقوط عدم استفادة الناقل من احلد األقصى للتعويض وابلتايل دفع
تعويض كامل يتطابق مع القيمة احلقيقية للضرر الذي أصاب البضاعة حمل عقد النقل و
يكون ذلك حسب ما جاء يف هذه املادة عند حالة ارتكاب الناقل أو اتبعيه فعال يتصف
. Wilful Misconduct بسوء السلوك العمدي
املبحث الثاين:
اهلدف املنشود من وراء فكرة سوء السلوك العمدي
لقد كان حمور املناقشات يف بروتوكول بروكسل لسنة 1968يدور حول تقريب
املفاهيم القانونية لدى الدول األجنلو سكسونية والدول الالتينية لكي ال يكون هناك احنياز يف
االتفاقية إىل فكرة يف نظام قانوين معني،رمبا قد جتهلها بعض النظم القانونية األخرى .لذلك
فال مفر من تعديل حيسم االختالف بنص واضح وهلذا كان من أهم أهداف الربوتوكول هو
بيان حاالت التعويض الكامل للضرر الذي يصيب البضاعة حمل عقد النقل البحري
الدويل.1
نتيجة لتلك املناقشات اجته هذا الربوتوكول إىل حرمان الناقل سيء النية أو الغارق يف
اإلمهال من االستفادة من احلد األقصى للتعويض .ولكنه مل يستعمل لفظ الغش أو عبارة
اخلطأ اجلسيم ألن هلذا اللفظ مدلوالت ختتلف من نظام قانوين عن آخر كالنظام األجنلو
سكسوين الذي ال أيخذ ابصطالح اخلطأ اجلسيم وما يشري إليه من تدرج يف مراتب اخلطأ.
وكان على الربوتوكول أن يبحث عن صياغة تلتقي عندها خمتلف األنظمة القانونية فلم جيد
301
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
خريا مما فعلته اتفاقية وارسوا 1اخلاصة ابلنقل اجلوي لسنة 1929املعدلة بربوتوكول الهاي
لسنة .1955
و على هذا فقد أخذ بروتوكول بروكسل لسنة 1968اخلاص ابلنقل البحري بفكرة
3
سوء السلوك العمدي 2Wilful Misconductوكذلك تبعته يف هذا التوجه اتفاقييت هامبورغ
وروتردام.4بناءا على ذلك فقد مت تقسيم هذا املبحث إىل مطلبني :فكرة سوء السلوك
العمدي ومدى جناعتها ( ،مطلب أول) ،تطبيقات التعويض الكامل وتقديره (مطلب اثين).
املطلب األول:
فكرة سوء السلوك العمدي ومدى جناعتها
عندما انعقدت الدورة اخلاصة لفريق العمل املكلف إبعداد مشروع قواعد فيسيب
(بروتوكول بروكسل لسنة ) 1968كان هناك اقرتاح من طرف مندوب فرنسا وبلجيكا أبن
يدرج اخلطأ العمدي واخلطأ غري املغتفر كموانع للتمسك ابحلد األقصى للتعويض .لكن هذا
االقرتاح قد قوبل ابلرفض من جانب بعض وفود الدول األجنلو سكسونية وقد كانت علة هذا
الرفض أن هناك بعض الدول جتهل فكرة الغش واخلطأ غري املغتفر .لذلك ستجد صعوبة
-1حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص 113وما يليها ،حممود خمتار أمحد بريري،
املرجع السابق ،ص .390
-2يقابلها مصطلح ابلفرنسية faute dolosiveوقد أخذ بذلك املشرع اجلزائري يف نص املادة 809ق ب ج عندما قرر للمضرور
استيفاء التعويض ابلكامل و املطابق لقيمة البضاعة ،عند ارتكاب الناقل سلوكا يندرج حتت فكرة سوء السلوك العمدي:
-Fatima Boukhatmi, aperçu du droit algérien des transports et de marchandises par
mer, études de droit, Mélanges en hommage à Abdallah Benhamou, ouvrage publié
avec le sou tien du recteur de l'université Abou-bekr Belkaid de Tlemcen, kounouz
édition, année 2012 p301.
-3قضت املادة 8من معاهدة هامبورغ أبنه ":ال حيق للناقل االستفادة من حتديد املسؤولية املنصوص عليه يف املادة ، 6إذا ثبت أن اهلالك
أو التلف أو التأخري يف التسليم قد نتج عن فعل أو تقصري من ارتكبه بقصد التسبب يف هذا اهلالك أو التلف أو التأخري أو ارتكب عن
استهتار وعلم ابحتمال أن ينتج عنه هذا اهلالك أو التلف أو التأخري ".......وهذه الصياغة هي ركيكة وما يؤخذ عليها التكرار الزائد
للكلمات كان األجدر هبا االختصار على حنو ما جاء به بروتوكول 1968املشار إليه أعاله.
-4نصت املادة 61من قواعد روتردام على أنه ":ال حيق للناقل وال ألي من األشخاص املشار إليهم أن ينتفع ابحلد من املسؤولية حسبما
تنص عليه املادة ، 59أو حسبما ينص عليه عقد النقل ،إذا أثبت املطالب أن اخلسارة النامجة عن إخالل الناقل بواجبه مبقتضى هذه
االتفاقية تعزى إىل فعل أو إغفال شخصي من جانب الشخص املطالب ابحلق يف احلد من املسؤولية ارتكب بقصد احداث تلك اخلسارة
أوعن استهتار و عن علم ابحتمال حدوث تلك اخلسارة."....
302
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
كاملة يف اختيار الفكرة املقابلة لفكرة الغش يف نطاقها القانوين وهلذا طلبت تلك الدول
ابقتباس مفهوم سوء السلوك اإلرادي Wilful Misconductمن بروتوكول 1955الهاي
املعدل التفاقية وارسوا اخلاصة ابلنقل اجلوي .
لقد انتصر االجتاه األخري فجاء النص مؤسسا على املانع من التمسك من احلد
األقصى للتعويض و ابلتايل حلول التعويض الكامل مكانه يف احلاالت ،اليت تندرج حتت
فكرة سوء السلوك العمدي ، 1 Wilful Misconductلذلك سنتعرض ملفهومها (فرع أول )
،تقييم هذه الفكرة وكيفية اثباهتا(فرع اثين).
الفرع األول :
مفهوم سوء السلوك العمدي
سوء السلوك العمدي مفهوم قدمي ومعروف يف القانون األجنلوسكسوين وهو يتضمن
كلمتني "Mis-Conduct":و " " Wilfulوهلما مفهوم حمدد وهذا ما يستخلص من كلمة
يف قضية Lewis C.G.W.Rlyوهي كما يلي ":إذا علم الفاعل أن ما ""Butte القاضي
يفعله أو ما ميتنع عنه يؤدي إىل اإلضرار ابألشياء املرسلة وأصر على ذلك عمدا ،دون اهتمام
بوقوع ضرر أم ال ،أان أرى أنه يقوم بشيء خاطئ وهذا هو سوء السلوك ""Mis-Conduct
" ويرتجم "Wilful Mis-Conduct وإذا قام به عمدا فهو مرتكب لسوء السلوك العمدي
الفقه هذه العبارة يف فرنسا ابللغة الفرنسية إىل " "Inconduite délibéréeوترمجتها "سوء
السلوك العمدي".2
من الضروري حتليل مفهوم سوء السلوك العمدي فهو غري معروف لدى الدول اليت
تتبع القانون الالتيين وإليضاحه يكفي أن نرجع إىل تعريف الفقيهان "شاو كروس" و "بومو"
1
- C.M.I, Year book,(1969), p138.
- 2مشار إليه لدى حممد موسى حممد دايب ،املرجع السابق ،ص .398
303
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يف القانون اإلجنليزي و يقصد بسوء السلوك العمدي أنه فعل أو امتناع عمدي وفاعله يعرف
بشيئني :أنه خيالف واجبا و يعرف أيضا ابحتمال وقوع الضرر على الغري.1
كما يوضح الفقيهان يف تعريف آخر هلما ":أنه من الضروري التنبيه أبن سوء السلوك
وليس السلوك يف حد ذاته جيب أن يكون عمداي ،فالسلوك السيء العمدي هو سوء السلوك
الذي تكون فيه اإلرادة عنصرا و هو يواجه عرضا أو إبمهال هذا هو العنصر السيء الذي
جيب أن يكون عمداي ،وليس السلوك العمدي يف حد ذاته" .2ومن خالل هذا التعريف
يتضح أن مفهوم سوء السلوك العمدي يتكون من عنصرين اخلطأ العمدي و عدم االكرتاث.
أوال :اخلطأ العمدي
اخلطأ العمدي هو التصرف الذي ينطوي على قصد احداث الضرر ابلغري ،فال يكفي
لوصف السلوك أبنه خطأ عمدي أن يقصد الفاعل هذا التصرف ،بل جيب أن يهدف منه
قاصدا إىل إحداث الضرر ابلغري فتعمد اإلسراع يف قيادة السفينة ،إذا تسبب عنها إصابة
البضاعة بضرر ال جيعل خطأ الناقل عمداي ،فهو ال يكون كذلك إال إذا تعمد إصابة البضائع
املنقولة.3
إن السبب يف ذلك يرجع إىل أن اإلرادة يف اخلطأ العمدي ال تتجه فقط إىل الفعل،
بل تتجه أيضا إىل إحداث الضرر ،فال يشرتط أن يكون الضرر هو الغاية الوحيدة للفعل ،بل
ميكن أن يكون أحد الدوافع 4كالناقل الذي يتسبب يف أتخري البضاعة سريعة التلف ،بقصد
اهلرب من القراصنة البحريني أو خطر آخر حمدق به ،مما أدى إىل تضررها .
-1مشار إليه إليه لدى حممد موسى حممد دايب ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
2
-"La mauvaise conduite délibérée est inconduité à laquelle la volonté est partie . c'est
quelque chose qui s'oppose à accidentel ou négligeant . c'est son élément mauvais,
non la conduite , qui doit être volontaire:
مشار إليه يف املرجع السابق ،ص .399
-3مجيل الشرقاوي ،النظرية العامة لاللتزام (مصادر االلتزام)،دار النهضة العربية ،سنة ، 1976ص.462
-4حممد حسني منصور ،املرجع السابق ،ص ،304شريف أمحد الطباخ ،املسؤولية املدنية (التقصريية والعقدية)،املرجع السابق ،ص
،460سوزان علي حسن ،عقد نقل البضائع ابحلاوايت ،املرجع السابق،ص.332
304
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ترتيبا على ما تقدم ميكن القول أنه من مقتضيات الفعل العمدي للناقل البحري
سوآءا كان فردا أو شركة ،جيب أن يتوافر عنصران جمتمعني معا لتوافر حالة العمد وإذا ختلف
أحدمها ال نكون بصدد خطأ عمدي و مها كاآليت:
-1انصراف إرادة الناقل إىل الفعل أو االمتناع
يعد انصراف إرادة الناقل إىل الفعل أو االمتناع من األسس اليت تقوم عليها فكرة
العمد ،لذلك إذا مل تنصرف إرادة الناقل البحري إىل ارتكاب فعل معني ،أصبح من املستحيل
اعتباره من األفعال العمدية اليت حترم الناقل من التمسك ابحلد األقصى للتعويض ،ألن
اإلرادة هي نشاط نفسي يهدف إىل حتقيق غرض معني أبي طريقة كانت وجيب أن يتوافر
لدى الناقل حرية االختيار ،أي أن يقدم الناقل البحري على ارتكاب الفعل مبحض ارادته
دون اكراه أو اضطرار ،مع ادراكه التام أن من شأن هذا الفعل أن يؤدي به إىل عدم تنفيذه
التزامه العقدي ،فإذا كانت إرادة الناقل حرة وكان مدركا أن من شأن هذا الفعل حيول دون
وفائه ابلتزامه املرتتب على عقد النقل أخذ هذا السلوك وصف الفعل العمدي .1
من أجل توضيح الفكرة إىل األذهان أكثر نسوق املثال التايل :إذا استخدم الناقل
سفينة غري صاحلة للمالحة و كان على علم كامل أبن هبذا األمر سيرتتب عنه إصابة
البضائع هبالك أو تلف جراء عدم قدرة السفينة على احملافظة على سالمة البضاعة إىل غاية
وصوهلا لصاحبها ،فإن إرادة الناقل تكون قد انصرفت إىل الفعل وهو هنا استخدام سفينة
غري صاحلة للمالحة البحرية .
على هذا يتطلب األمر من املضرور اثبات الفعل العمدي للناقل من خالل مسألتني
:فأما األوىل ميكن اثباهتا عن طريق تقدمي شهادة تثبت عدم صالحية السفينة للنقل البحري
،حيث تستخرج هذه الشهادة من قبل السلطة املينائية املختصة قبل انطالق الرحلة البحرية.
305
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
و أما الثانية فتتمثل يف اثبات اجتاه إرادة الناقل إىل التسبب يف اهلالك أو التلف و هو
ليس ابألمر اليسري ،فإذا أفلح الشاحن أو املرسل إليه يف ذلك عُدت مغامرة الناقل بسفينة
غري صاحلة للمالحة عمال عمداي يفقد الناقل من ورائه املزااي القانونية املقررة لصاحله مبوجب
االتفاقيات الدولية(برتوكول هامبورغ وروتردام) .وهنا يتدخل اجلزاء الردعي وهو تعويض
صاحب البضاعة تعويضا كامال عن الضرر الالحق به.
-2انصراف النية إىل احداث الضرر
ال يتوافر العمد ابنصراف إرادة الناقل إىل الفعل أو االمتناع فقط ،بل جيب أن يضاف
إليه أن تنصرف اإلرادة إىل إحداث الضرر املرتتب عن هذا الفعل أو ذلك االمتناع و بناءا
عليه جيب أن تنصرف إرادة الناقل الذي يستخدم سفينة غري صاحلة للمالحة إىل النتيجة
وهي هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول ،أو تنصرف إرادة الناقل إىل حرمان
الشاحن من التعويض الكامل يف حالة إصداره لسند الشحن خال من بيان عدد الطرود
املقدم من الشاحن أو وكيله1طبقا للمادة 4من اتفاقية بروكسل واملادة 59من قواعد
روتردام أو عندما يصدر تعليمات بعدم تدوين عدد من الطرود املشحونة داخل احلاوية حىت
ال يستحق املضرور تعويضا على أساس عدد الطرود املذكورة يف سند الشحن.
والتساؤل الذي يثور هنا كيف السبيل إىل اثبات انصراف إرادة الناقل إىل اهلالك أو
التلف أو التأخري؟
تنصرف إرادة الناقل إىل النتيجة املرتتبة على الفعل أو االمتناع إذا كان على علم اتم
أبن هناك هالكا أو تلفا أو أتخريا سوف حيدث ،من جراء الفعل الذي يرتكبه ،أو كان جيب
عليه أن يعلم بذلك .و من بني احلاالت اليت تنبئ بذاهتا عن انصراف اإلرادة إىل الضرر ما
يلي:2
306
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أ-الناقل الذي يريد احلصول على مبلغ التأمني املستحق يف حالة هالك السفينة ،فيضع مواد
انسفة لتفجري السفينة أثناء وجودها يف عرض البحر ،فتهلك السفينة وما هبا من بضائع من
جراء املواد الناسفة اليت وضعها الناقل.
ب-الناقل الذي يعمل على تصادم السفينة من أجل حصول على مبلغ التأمني املستحق يف
حالة وقوع تصادم حبري ،فيرتتب على التصادم هالك البضاعة حمل عقد النقل البحري الدويل
أو تلفها.
ج-املخالفة الصرحية من قبل الناقل لالتفاق املربم بينه وبني الشاحن على نقل البضاعة داخل
عنابر السفينة .وبعبارة أخرى نقل البضائع على السطح ابلرغم من وجود اتفاق خاص على
نقل البضاعة داخل عنابر السفينة .
د-استخدام سفينة غري صاحلة للمالحة يف نقل البضائع.
و-االمتناع عن تقدمي املياه والغذاء الالزم للحيواانت .
ه-االمتناع عن تغطية شحنة من املائعات مما أدى إىل تبخرها.
ي-السرقة اليت تتعرض هلا البضاعة أثناء النقل.
Reckless disrgard اثنيا :عدم االكرتاث
إىل جوار فكرة العمد يعرف القانون األجنلوسكسوين فكرة أخرى هي عدم االكرتاث
وتتحقق عندما يعلم الفاعل أن فعله اإلرادي أو امتناعه من احملتمل جدا وفقا جملرايت األمور
أن يرتتب عليه هالك أو تلف البضائع ويقدم مع ذلك على ارتكاب هاذين السلوكني غري
مكرتث ابلضرر الذي سوف حيدث وبناءا عليه ينطوي عدم االكرتاث على عنصرين:1
العنصر األول:أن يتصرف الناقل تصرفا اراداي واعيا ،أي أن تتجه ارادته إىل ارتكاب الفعل
أو االمتناع الذي قد يؤدي إىل إحلاق الضرر ابلبضائع فإذا كان الفعل غري ارادي فإنه ال يعد
عدم اكرتاث ويكون من حق الناقل التمسك ابحلد األقصى للتعويض.
-1كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل لبحري للبضائع عام ( 1978قواعد هامبورغ)،املرجع السابق ،ص ،123وجدي حاطوم
،املرجع السابق ،ص ،212سوزان علي حسن ،عقد نقل البضائع ابحلاوايت ،املرجع السابق ،ص.334
307
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
العنصر الثاين:أن يكون الفاعل حلظة إتيان الفعل أو االمتناع على علم اتم ابحتمال حدوث
هالك و تلف أو أتخري يف تسليم البضائع حمل عقد النقل كأثر مرتتب على الفعل أو االمتناع
،بل أكثر من هذا فإن عدم االكرتاث يتوافر يف احلالة اليت جيب فيها على الناقل أن يعي
ابحتمال حدوث النتيجة الضارة املرتتبة على الفعل أو االمتناع الذي يصدر منه .مبعىن أنه
كان عليه أن يعلم ابحتمال حدوث ذلك الضرر للبضاعة الواجب نقلها وتسليمها للمرسل
إليه .
فضال عن ذلك فهذه احلالة هي قريبة الصلة من العمد و لذلك يطلق عليها أحياان
شبه العمد ،ففي حالة العمد يريد الفاعل النتيجة أو يعلم أاها أكيدة ،أما يف حالة شبه العمد
يعلم أاها كبرية االحتمال فحسب ،لذلك يلحق عدم االكرتاث ابلعمد من حيث آاثر معينة
،فيباح التعويض التأدييب يف احلالتني ،كما أنه ال أثر خلطأ املضرور على مسؤولية الفاعل وقد
دعا القضاء إىل الربط بني فكريت العمد وعدم االكرتاث وأطلق عليهما معا فكرة سوء
السلوك اإلرادي .1Wilful Misconduct
لقد ذهب بعض الفقه 2إىل أن العمد يتكون من إرادة الفعل والنتيجة وأن عدم
االكرتاث يتكون أيضا من إرادة الفعل والنتيجة وتظهر هذه إرادة النتيجة يف عدم االكرتاث
يف أن الناقل كان على علم ابحتمال حدوث اهلالك أو التلف أو التأخري ومع ذلك ارتكب
الفعل فهذا دليل على أنه قبل النتيجة وما دام قد قبلها فذلك دليل كايف على انصراف ارادته
إليها.
ال ميكن التسليم هبذا الرأي على إطالقه ،ذلك ألن كال من فكريت العمد وعدم
االكرتاث وإن كانتا متقاربتني من انحية إرادة الفعل ،غري أنه ال ميكننا من القول أباهما
متقاربتان يف إرادة النتيجة وإال ما كان هناك فرق بني فكريت العمد وعدم االكرتاث .و قد
1
- Haffman v Bukingham transp.co.of Colorado .Inc,Cire.Cit of App,10Th Sep
15,1938,98 F.2d916:
مشار إليه لدى ثروت أنيس األسيوطي ،املرجع السابق ،ص .603
-2مشار إليه لدى اندية حممد معوض السيد ،املرجع السابق ،ص . 498
308
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
كان يف ما جاءت به النصوص السابقة يف عبارهتا األخرية نوع من الزايدة ال مربر هلا وهو ما
ال ميكن التسليم به من انحية الضرر إذا كان مرغواب فيه أو نظر إليه على أنه حمقق الوقوع
،مبعىن أن فاعله قد واجه وقوعه ابعتباره نتيجة حتمية لفعله فهذه احلالة تنطبق على املقصود
من اخلطأ العمدي ومن انحية أخرى يف احلالة يكون الضرر حمتمل الوقوع لدى الناقل ،أي
أنه قد واجه وقوعه ابعتباره نتيجة حمتملة لفعله مما يتطابق مع معىن عدم االكرتاث.
إن املفهوم األخري هو ما قصده بروتوكول بروكسل لسنة 1968وكذلك اتفاقية
هامبورغ ومعاهدة روتردام ،حيث تعترب هذه الفكرة العنصر الثاين الذي يدخل يف تكوين سوء
السلوك العمدي ،إذ يطلق عليها عدم االكرتاث ،فالفاعل مل يقصد النتيجة لكنه مل يبايل
ابحتمال حدوثها .و حىت تكون فكرة عدم االكرتاث واضحة أكثر ال بد من استعراض
بعض حاالهتا سوآءا ابلنسبة للناقل البحري أو اتبعيه أو وكالئه.
-1حاالت عدم االكرتاث ابلنسبة للناقل البحري:
من بني حاالت عدم االكرتاث ابلنسبة للناقل البحري أن يتسلم الناقل البضاعة من
الشاحن يف ميناء الشحن مث يرتك البضاعة على األرصفة يف امليناء دون حراسة مع علمه أبن
هناك احتماال كبريا لسرقة هذه البضاعة ،نظرا لعدم وجود حراسة عليها وهي على األرصفة
استعدادا للشحن ومن احلاالت أيضا أن ميتنع الناقل البحري عن اصالح تلف حدث جلزء
من أجزاء السفينة بعد بدء الرحلة البحرية ،مع علمه ابحتمال حدوث هالك أو تلف
للبضاعة احململة هبا السفينة ومع ذلك مل يبادر إىل إصالحه.
و مثال هذه احلالة أن يتفق شاحن جزائري مع شركة نقل إيطالية على نقل عدد من
طرود حتمل حلوما جممدة من ميناء أبسرتاليا إىل ميناء اجلزائر ومت شحن هذه الطرود داخل
عنابر السفينة اجملهزة بثالجات حلفظ هذه اللحوم حىت تصل سليمة إىل ميناء اجلزائر وبعد
البدء الرحلة من أسرتاليا توقفت الثالجات عن العمل نظرا لعطب أحد األجهزة هبا ،فأبلغ
309
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الرابن الشركة الناقلة هبذا التلف فامتنعت الشركة الناقلة عن اصالح هذه الثالجات مع
علمها التام أبن هناك احتماال لتلف البضاعة املشحونة. 1
يضاف إىل ذلك حالة تشغيل الناقل لسفينة قدمية قد انتهى عمرها االفرتاضي مما
جيعلها غري قادرة على املالحة البحرية ،لكن الناقل يستغلها يف نشاطه مع علمه الكامل أبن
هناك احتماال حلدوث اهلالك أو التلف أو التأخري من جراء تشغيلها .و يعترب أيضا من صور
عدم االكرتاث أن يبحر الرابن بناءا على تعليمات الناقل يف وسط ظروف طبيعية سيئة
للغاية ،حبيث يكون هناك احتماال لدى الناقل أبن من شأن هذا اإلحبار يف وسط هذه
الظروف أن يرتتب عليه تلف البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول. 2
-2حاالت عدم االكرتاث ابلنسبة لتابعي ووكالء الناقل
إذا رفعت الدعوى على التابع أو الوكيل فإن هاذين األخريين يكون هلما احلق يف
التمسك ابحلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املادة /2أ بروتوكول بروكسل لسنة
،1968املادة 6من اتفاقية هامبورغ ،املادة 59من معاهدة روتردام.
وال تسري هذه املواد يف حالة ارتكاب اتبع الناقل أو وكيله فعال أو امتناعا عمداي أو
كان يف حالة عدم اكرتاث مصحواب ابدراك أبن من احملتمل أن حيدث ضرر للبضاعة حمل
النقل عقد النقل .و أمثلة صور عدم االكرتاث ابلنسبة للتابع أو الوكيل كثرية نذكر أمهها:3
أ-ترك السفينة يف أحد املوانئ من قبل الرابن لقضاء يوم أو أكثر خارج امليناء ،مع علمه
الكامل أبن هناك احتماال كبريا جدا لتأخري تسليم البضاعة يف امليعاد املتفق عليه وأن هذا
التأخري سوف يرتب ضررا للمرسل إليه.
ب-عدم مراعاة طبيعة البضاعة وخصائصها عند الرص أو التستيف من قبل الرابن.
310
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ج-سكر الرابن ورجال الطاقم أثناء قيادهتم للسفينة مع علمهم الكامل أن من شأن هذا
السكر أن يؤدي إىل احتمال حدوث هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها.
ه-خمالفة الرابن للقواعد الدولية ملنع التصادم يف البحر ،مع علمه التام أبن ابحتمال حدوث
ضرر للبضاعة أو أتخريها ،مثال ذلك عدم اخالء الطريق للسفينة اليت هلا أولوية املرور أو
عدم اإلضاءة اليت تبني مكان السفينة ليال.1
و-تسلم وكيل السفينة بضائع يف شكل مواد غذائية لشحنها على السفن التابعة للناقل ،مث
تركها على ألرصفة ألشعة الشمس والرطوبة ،مما أدى إىل تلفها مع توافر العلم الكامل لديه
أبن هناك احتماال كبريا للتلف ،ألن البضاعة معرضة ألشعة الشمس اهارا والرطوبة.
أتسيسا على ما تقدم ميكن استخالص أن فكرة سوء السلوك االرادي ما هي إال
فكرة مركبة ،هلا معىن أكثر اتساعا يشمل حاليت العمد وعدم االكرتاث فهذه األخرية تعين أن
الناقل أو وكالئه أو اتبعيه عند ارتكاهبم إلحدى األفعال سالفة الذكر كانت لديهم النية يف
احلصول على النتيجة أو تصرف على وجه يُعلم فيه ابلنتائج احملتملة ومع ذلك أصروا على
فعلهم بتهور. 2و على هذا تقوم هذه الفكرة على ثالث عناصر:3
أ-إنصراف إرادة الناقل إىل ارتكاب الفعل أو االمتناع .
ب-إدراك الفاعل نتائج فعله أو الوعي هبا ،واصراره على احداثها يف الصورة األوىل وهي
الفعل العمدي ،أو علمه الكامل أبن من شأن فعله أو امتناعه احتمال حدوث الضرر ومع
ذلك ميضي يف سلوكه غري عابئ مبا قد يرتتب عليه من نتائج .وهي الصورة الثانية لسوء
السلوك االرادي واملسماة بعدم االكرتاث.
-1للمزيد من التفصيل أكثر :عبد الفتاح ترك ،التصادم البحري ودور العنصر البشري يف وقوعه ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،سنة ،2003
ص ،84أمحد حممود حسين ،احلوادث البحرية التصادم واإلنقاذ ،منشأة املعارف ابإلسكندرية ،بدون اتريخ نشر ،ص ، 66ملك شقلب
،خماطر التصادم البحري يف ظل االتفاقيات الدولية والتشريع العريب ،الطبعة األوىل ،مكتبة الوفاء القانونية ابإلسكندرية ،سنة ، 2016
ص. 65
2 o
- Henri Zoghbi, op.cit, p102, n 224.
-3اندية حممد معوض السيد ،املرجع السابق ،ص .501
311
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ج-وجود العالقة السببية بني الضرر والفعل أو االمتناع ،مبعىن أوضح أن يكون احلادث
املتولد منه الضرر انشئا عن الفعل أو االمتناع.
الفرع الثاين:
تقييم فكرة سوء السلوك العمدي وكيفية اثباهتا
لقد سبقت اإلشارة يف تقدمي املبحث الثاين من هذا الفصل أن برتوكول بروكسل قد
استمد فكرة سوء السلوك العمدي من اتفاقية وارسوا(فارسوفيا) اخلاصة ابلنقل جلوي الدويل
لسنة 1929واحلقيقية أن مالمح اخلطورة قد كانت ظاهرة عند اقرتاح فكرة سوء السلوك
العمدي ،إذ عند مناقشة نص املادة 25اليت تضمنت هذه الفكرة ،اعرتض عليها
املندوب الربيطاين "ألفريد دنيس" Alfred Dennisحيث قال أنه يصعب على الناطقني
ابإلجنليزية فهم عبارة "فعل عمد غري مشروع" ،كذلك اعرتض هذا املندوب على اقرتاح
ابلفعل العمد غري املشروع من La Faute lourde املندوب األملاين ابحلاق اخلطأ اجلسيم
حيث أثره ،يف حرمان الناقل من احلد األقصى للتعويض وهو االقرتاح الذي طرحه املندوب
(مندوب فرنسا) يبدي خماوفه Georges Ripert السويسري وهو ما جعل الفقيه الفرنسي
من هذه املسألة يف مؤمتر فرسوفيا لسنة،1929ألن فكرة اخلطأ اجلسيم غري حمددة املعامل
وقال املندوب الربيطاين أن فكرة اخلطأ اجلسيم كمرادف لفكرة اخلطأ العمدي هي غري معروفة
يف القانون اإلجنليزي .و أنه ال ميكن ترمجة هذه العبارة إىل اإلجنليزية حبيث تعطي مفهوم
قانوين حمدد إال إذا أريد فهمه(أي اخلطأ اجلسيم) على أنه ليس إال درجة من درجات اإلمهال
".1" it is question of négligence
كما أضاف املندوب الربيطاين بقوله":لدينا اصطالح ""Wilful Misconductأعتقد
أنه ميثل كل ما تريدون قوله يدخل يف نطاقه أفعال العمد ،بل ويشمل كذلك أفعال عدم
االكرتاث دون مباالت ابلنتائج" .و قد علق مندوب لكسمبورغ أبن هذا االختيار سيجنب
-1حماضر جلسات مؤمتر فرسوفيا ،ص : 41،41مشار إليها لدى فاروق أمحد زاهر ،الرسالة السابقة ،املرجع السابق ،ص.477
312
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الغش) الذي ال يوجد له نظري يف القانون االجنليزي (Dol استخدام االصطالح الفرنسي
وقبل االقرتاع على النص مل يفت املندوب الربيطاين أن يصرح مبا فهمه من املناقشات اليت
دارت حول النص املذكور أن هذه االصطالحات يقصد هبا الغش واخلطأ اجلسيم وترتجم إىل
اإلجنليزية مبفهوم .Wilful Misconductوهو مصطلح معروف جيدا يف و ذو مضمون
حمدد متاما يف القانون اإلجنليزي وطلب ادراج هذه املالحظة يف حمضر اجللسة.1
إن اإلشكال الذي يثور يف هذا الصدد هو كالتايل :هل حقيقة يوجد تطابق بني
فكريت الغش واخلطأ اجلسيم معا مع فكرة سوء السلوك العمدي ؟
فإذا كانت اجلواب ابإلجياب فال يوجد هناك أي جمانبة للصواب من القاضي
األجنلوسكسوين إذا طبق قانونه وتقيد ابصطالح Wilful Misconductكما هو معروف له
وكان على القاضي يف النظم الالتينية أيضا تطبيق فكريت الغش واخلطأ اجلسيم كما مها
وفكريت الغش Wilful Misconduct معروفتان له ،أما إذا مل يكن هناك تطابق بني فكرة
واخلطأ اجلسيم كان معىن ذلك أن بروتوكول بروكسل لسنة 1968ومن تبعه من اتفاقيات قد
وقعوا يف خلط يف اختيار مفهوم يوحد املفاهيم القانونية لدى النظام األجنلوسكسوين ونظريه
الالتيين وعليهم تصحيح الوضع.2
بناءا على ذلك سنبحث عن إجابة هلذا التساؤل من خالل تقييم فكرة سوء السلوك
العمدي(أوال)،مث يليه التطرق للصعوبة اليت تعرتي سوء السلوك االرادي من حيث
االثبات(اثنيا).
أوال :تقييم فكرة سوء السلوك العمدي
من بني الدول الالتينية اليت أتخذ بفكرة اخلطأ اجلسيم اجلزائر ،مصر و فرنسا ،كما
تتضمن هذه التشريعات أيضا فكرة سوء السلوك العمدي .وهلذا ذهب الفقه املصري سعيا
يف دراسته هلذا الفكرة ،إىل أن الناقل وفق قانون التجارة البحرية املصري ال حيرم من ميزة احلد
-1حماضر جلسات مؤمتر فرسوفيا ،ص ،140مشار إليها لدى نفس املرجع ،ص .478
-2ثروت أنيس األسيوطي ،املرجع السابق ،ص .594
313
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
األقصى للتعويض إال إذا أثبت الشاحن أن الضرر قد نشأ عن فعل أو امتناع صادر من
الناقل بقصد إحداث الضرر (وهو الغش)،أو بعدم اكرتاث مصحوب بوعي وإدراك أبن ضررا
ميكن أن حيدث( 1وهو اخلطأ اجلسيم أو اخلطأ غري املغتفر كما يسميه القضاء احلديث)
،كما يوجه هذا الفقه نظره إىل املعىن االصطالحي للخطأ اجلسيم واخلطأ الواعي كمرتادفني.2
يف احلقيقة أن عدم االكرتاث املصحوب إبدراك أن ضررا ميكن أن حيدث ليس هو
اخلطأ اجلسيم ،كذلك فإن اخلطأ اجلسيم ليس هو اخلطأ غري املغتفر، 3فاخلطأ اجلسيم يتوافر
حيث يكون الناقل قد واجه وقوع الضرر كنتيجة حمتملة لفعله أو امتناعه دون أن يكرتث مع
ذلك واحلال أن سلوك عدم االكرتاث املصحوب إبدراك أن ضررا ميكن أن حيدث ال يتحقق
إذا كان الناقل يعلم ابحتمال وقوع الضرر فقط وإمنا أيضا يف حالة اليت يكون من املفروض
عليه أن يعلم ،وتلك هي عناصر اخلطأ غري املغتفر.4
فإذا كانت فكرة اخلطأ العمدي تقرتب من فكرة الغش ،فإن فكرة عدم االكرتاث
تقرتب بدورها من فكرة اخلطأ غري املغتفر فكالمها يقوم على أساس انصراف اإلرادة إىل
ارتكاب فعل ،أو امتناع عن فعل مع العلم ابحتمال حدوث ضرر من جراء ذلك .و هذا
التقارب ال يعين متاثال بني الفكرتني الختالف النظام الذي نشأت فيه كل فكرة منهما
،فحني يعرف القانون األجنلوسكسوين فكرة عدم االكرتاث فإن فكرة اخلطأ غري املغتفر اليت
5
Rodiére يعرفها القانون الفرنسي هي املقابل لعدم االكرتاث وقد ذهب الفقيه الفرنسي
إىل أن قواعد هامبورغ قد أضافت إىل فكرة الغش فكرة اخلطأ غري املغتفر ،حينما نصت يف
-1نصت املادة 809ق ب ج على أنه ":ال حيق للناقل االستفادة من حدود املسؤولية املذكورة يف املادة 805أعاله ،إذا تبني أبن اخلسارة
أو الضرر نتج عن عمل أو إمهال من قبل الناقل ،سوآءا كان عن تعمد إلحداث الضرر أو ابجملازفة مع تيقن من حدوث الضرر على
األرجح .
-كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل لبحري للبضائع عام ( 1978قواعد هامبورغ)،املرجع السابق ،ص.124
2
-3مت التعرض للتمييز بني اخلطأ اجلسيم واخلطأ غري املغتفر يف الصفحة 281و ما يليها من هذه الرسالة.
-كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ( 1978قواعد هامبورغ)،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
4
5
- René Rodiére, La responsabilité du transporteur maritime suivant les règles de
Hambourg1978, DMF 1979,p 463.
314
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
املادة 8على أن ":عدم االكرتاث مصحوب إبدراك أبن من احملتمل حدوث هالك أو تلف
أو أتخري".
صفوة القول أن فكرة سوء السلوك العمدي تتطابق مع فكريت الغش و اخلطأ غري
املغتفر 1ومبا أن القضاء الفرنسي قد أوجد فكرة اخلطأ اجلسيم حىت تكون مقابال لفكرة عدم
االكرتاث اإلجنليزية ،اليت تتضمن فضال عن اخلطأ الذي يتمثل يف عدم االكرتاث الواعي أبن
هناك ضررا ميكن أن حيدث نتيجة هلذا اخلطأ ،فهو إن صح هذا التعبري اخلطأ الواعي.2
فال يسعنا إال أن أنخذ بفكرة أن اخلطأ غري املغتفر وهو املقابل لعدم االكرتاث يف
على حق يف وجهة نظره من وراء استخدام Rodiére القانون الفرنسي وعليه كان الفقيه
فكرة اخلطأ الذي ال يغتفر الذي هو حقيقة يتطابق مع عدم االكرتاث .3
هكذا وهبذه االستنتاجات الفقهية تتبني إحدى عيوب بروتوكول بروكسل لسنة1968
حيث أن فكرة سوء السلوك العمدي مل تلقى جناحا حىت ابلنسبة يف النقل اجلوي حيث وقع
املؤمترين يف خلط بني املفاهيم القانونية وهذا يف سبيل توحيد األنظمة املختلفة حيث ظن
املتأصلة يف الدول األجنلوسكسونية Wilful Misconduct هؤالء أن سوء السلوك العمدي
تقابل فكريت الغش واخلطأ اجلسيم املتداولتني يف الدول الالتينية ولكن األمر مل يكن كذلك.
كما مل تسلم فكرة سوء السلوك العمدي من االنتقادات و قد كانت مالحظات
يف البداية يف حملها من حيث أن جهل الدول األجنلوسكسونية Ripert األستاذ الفرنسي
لفكرة اخلطأ اجلسيم تثري ختوفا من املغامرة بفكرة السلوك العمدي ،فكيف من كل ما قيل
سابقا أن أيخذ بروتوكول بفكرة مل تستطع أن حتقق توحيدا قانونيا لنظامني خمتلفني يف اتفاقية
وارسوا للنقل اجلوي ويراد هلا أن تنجح يف النقل البحري الدويل.
1
- Henri Zoghbi, op.cit, p89, note 207.
-2حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص .114
-3حممد عبد احلميد ،املرجع السابق ،ص .397
315
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
إن هذا القول ينطبق أيضا على اتفاقييت هامبورغ وروتردام اللتان سلكتا الطريق اخلاطئ
يف اتباعهما لربوتوكول بروكسل لسنة .1968و بناءا عليه جيب على هذه االتفاقيات
تصحيح الغلط احلاصل يف مفهوم "سوء السلوك االرادي" والبحث عن مصطلح آخر واضح
أو عدة مصطلحات بسيطة تستطيع توحيد القانون يف الدول الالتينية و األجنلوسكسونية.
اثنيا :اثبات سوء السلوك العمدي
من خالل استقراء املواد ( املادة من 5/2بروتوكول بروكسل لسنة ، 1968املادة من
هامبورغ ،املادة 61من قواعد روتردام) يفهم أنه يقع عبء اثبات سوء السلوك العمدي
على املدعي الذي يريد احلصول على تعويض كامل ويف نفس الوقت حرمان الناقل من
التمسك من حدود القصوى للتعويض ،فهذا املدعي هو املكلف إبثبات أن الفعل أو
االمتناع صادر من الناقل بقصد احداث الضرر ،أي بغش أو بعدم اكرتاث مصحوب أبن
ضررا ميكن أن حيدث .وهذا وذاك اثبات عسري يضعف من فاعلية اجلزاء الوارد يف نصوص
االتفاقيات الدولية.1
من جهة أخرى فإن حرمان الناقل من التمتع حبد أقصى للتعويض ال يتأتى إال
بسبب فعل أو امتناع يصدر منه شخصيا وال يشمل هذا احلكم ما يصدر عن سائر اتبعي
الناقل من أفعال ولو بلغت هذه األفعال درجة العمد كالسرقة واالتالف أو عدم االكرتاث
كوقوف البحارة متفرجني إزاء امتداد النريان إىل البضائع مع إمكااهم التدخل إلطفائها.2
يالحظ أن وضع عبئ االثبات على عاتق املضرور فيه اجحاف كبري حبقه ،ألنه ال
يعاصر ظروف ومالبسات ،اليت تتم فيها عملية النقل وغالبا ما يفشل املضرور يف اثبات أن
-1حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص .115
-2فاروق ملش ،النقل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية ) ،الشهباين للطباعة والنشر ،اإلسكندرية ،سنة ، 1997ص 236وما
يليها.
-وهو نفس احلكم ابلنسبة لتابع الناقل أو وكيله غري املستقل عن الناقل بنشاط آخر مثل مقاول الشحن والتفريغ ،عندما يرفع املضرور
دعوى للمطالبة ابلتعويض على التابع أو الوكيل ،فعليه أن يثبت أن التابع أو الوكيل قد ارتكب فعال أو امتناعا خمتار غري مكرها بقصد
احداث الضرر أي غشا أو بعدم االكرتاث مصحوب أبن ضررا ميكن أن حيدث.
316
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الناقل كان يف حالة عدم اكرتاث مصحوب ابدراك احتمال وقوع اهلالك أو التلف أو التأخري
مما يرتتب عليه تعطيل املواد األخرية من االتفاقيات الدولية.1
و يف كل األحوال للمضرور اثبات سوء السلوك العمدي بكل وسائل االثبات
والتساؤل الذي يطرح هنا :ما هو املعيار الذي جيب على املضرور اتباعه عند اثبات سوء
السلوك العمدي للناقل؟ و بعبارة أخرى ما هو املسلك املتبع يف االتفاقيات الدولية هل هو
املعيار املوضوعي أم املعيار الشخصي؟
لإلجابة على هذا التساؤل جيب يف البداية أن نتطرق إىل املعيار الذي أخذ به
القانون والقضاء اإلجنليزي ابعتبارمها املنبع الذي حدد املعيار الواجب اتباعه إلثبات فكرة
سوء السلوك العمدي بشقيه حالة العمد وعدم االكرتاث ،وإن كانتا يف األصل حالتان
نفسيتان إال أن القانون االجنليزي قد اكتفى فيهما ابملعيار املوضوعي، 2أي أن املضرور
يستطيع اثبات العمد أو عدم االكرتاث وفق مقياس الناقل احلريص وضع يف نفس الظروف
اخلارجية 3واليت يوجد فيها الفاعل دون االعتداد ابلطباع الشخصية للناقل املسؤول.4
وعلى املدعي أن يثبت أن الناقل كان يعلم أن فعله أو امتناعه سيؤدي ال حمالة إىل
تضرر البضاعة أو أتخريها أو كان يعلم أبن هناك احتماال كبريا لوقوع الضرر أو التأخري
سينجم عن فعله أو امتناعه ،فالقاضي عند النظر يف دعوى التعويض يتخذ منوذج املقارنة
لناقل حريص متوسط احلرص. 5
317
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أيخذ القضاء اإلجنليزي هو اآلخر ابملعيار املوضوعي يف تقدير هذا اخلطأ ،كما
حددت معامله احملاكم اإلجنليزية منذ قرون ،ففي قضية حديثة نسبيا حيث قارن القاضي
Chapmanسلوك الناقل الذي بعث سفينته يف البحر حتت قيادة رابن شطب امسه من دفرت
السكر بسلوك سائق السيارة الذي خياف تعليمات املرور فيسري
البحارة ،نظرا إلدمانه على ُ
يف االجتاه املعاكس للمرور يف منحى خطري غري مكرتث بسلوكه هذا و غري مبال ابلنتائج
احملتملة هلذا السلوك ،مث أضاف قائال أن طبيعة الفعل هي اليت حتدد درجة احتمال النتائج
وليس البحث يف نفسية الفاعل.1
ابلرجوع إىل برتوكول بروكسل لسنة 1968واتفاقييت هامبورغ وروتردام ونظرا للصياغة
املتشاهبة بينهما يالحظ أاهما أيضا قد اختاروا املعيار املوضوعي لتوظيفه يف اثبات سوء
السلوك العمدي للناقل ،مقتفيني أثر القضاء االجنليزي يف توجهه هذا ونستند على ذلك
ابألدلة التالية:2
-1أن املواد 5/2 :من بروتوكول بروكسل لسنة ، 1968املادة8واملادة 61من قواعد
روتردام مل تنص على عبارة " avec conscienceمع وعيه" إذن هذه العبارة تدل بوضوح
1
-Philip Golman V.Thai International Shipping Line,3Q.B.D(1991),p809:
مشار إليه لدى ملزي عبد الرمحن ،املرجع السابق ،ص .242
ويالحظ أن القضاء الفرنسي الذي يعترب الرائد يف الدول الالتينية ،مل يستقر على رأي واحد ،ففي ظل قانون 2مارس 1957
استخدمت احملاكم الفرنسية املعيار الشخصي يف تقدير اخلطأ غري املغتفر الذي يقابل كما رأينا فكرة عدم االكرتاث ،فقالت حمكمة
seineيف حكم صادر هلا 18أكتوبر 1963أن هذا القانون األخري يستلزم يف قياس اخلطأ وجود وعي الفاعل خبطورة فعله مع قبوله
النتائج احملتملة املرتتبة على هذا الفعل وعندما دخل بروتوكول الهاي مرحلة التنفيذ يف فرنسا بتاريخ 1أوت ، 1963استمرت احملاكم
الفرنسية يف استخدام املعيار املوضوعي لتقدير اخلطأ املشدد للمسؤولية يف مفهوم هذا الربوتوكول (حكم صادر عن حمكمة ابريس يف 24
مارس ،) 1965غري أن حمكمة النقض الفرنسية قد اهجت اهجا مغايرا ،يف البداية أخذت ابملعيار الشخصي املمزوج بعناصر موضوعية يف
حكم صادر هلا يف 5مارس 1964ولكنها ما لبثت أن حتولت إىل املعيار املوضوعي ،كما أكدت عليه يف تقدير اخلطأ غري املغتفر وقد
هوجم هذا القضاء من طرف الفقه الفرنسي ألنه يتعارض مع التفسري الصحيح للمادة 25املعدلة بربوتوكول الهاي .ويبدوا أن احملكمة
العليا الفرنسية قد رجعت مؤخرا للمعيار املوضوعي يف حكم صادر هلا بتاريخ 15ديسمرب 1981قضية Entiopeتقرر أنه ":جيب
الستبعاد أحكام املسؤولية احملدودة ،جيب إقامة الدليل على وقوع خطأ غري مغتفر على صلة مباشرة ابحلادث ويعترب خطأً غري مغتفر يف
مفهوم املادة 25معدلة يف الهاي ،ذلك اخلطأ الذي يرتكب إما بقصد احداث الضرر وإما برعونة مقرونة ابلعلم ابحتمالية الضرر وقبوله
يف هتور دون سبب معقول :مشار إليه لدى فاروق أمحد زاهر ،املرجع السابق ،ص523وما يليها.
-2حممد عبد احلميد املرجع السابق ،ص.399
318
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
على املعيار الذايت،الذي مبقتضاه يتم اثبات قيام العلم لدى الناقل مرتكب الفعل .وهلذا
يالحظ وجود اختالف 1بينها وبني املادة 13من بروتوكول الهاي لسنة 1955املعدل
التفاقية وارسوا.2
-2من األصلح للمضرور اثبات سوء السلوك العمدي وفق املعيار املوضوعي لعدالة هذا
املعيار وختفيفا على املضرور من وطأة عبئ االثبات الذي هو ابقي على عاتقه .وغالبا ما
خيفق يف اثبات فكريت العمد وعدم االكرتاث اليت يتكون منها سوء السلوك العمدي ،مما
يؤدي إىل تعطيل املواد الواردة يف االتفاقيات الدولية واملذكورة أعاله ومثة يفقد املضرور فرصته
يف احلصول على تعويض كامل ملا أصاب بضاعته من ضرر ،أو من جراء أتخريها.
-3املعيار املوضوعي يقيم نوعا من التوازن بني مصلحة الناقل ومصلحة املضرور ،فالناقل ال
يلتزم ابلتعويض الكامل إال إذا ارتكب فعال من األفعال ،اليت تندرج حتت فكرة العمد أو
عدم االكرتاث املصحوب ابدراك احتمال وقوع اهلالك أو التلف أو التأخري .وإذا كانت
أحكام االتفاقيات الدولية قد راعت مصلحة الناقل يف هذا الشأن فيجب عليها أيضا أن
تراعي مصلحة املضرور حىت يتحقق التوازن الذي هتدف إليه هذه القواعد الدولية ويتم هذا
التوازن إذا سلمنا بتطبيق املعيار املوضوعي عند اثبات فكرة سوء السلوك العمدي.
-4إذا كان بروتوكول بروكسل لسنة 1968واتفاقييت هامبورغ وروتردام قد اقتبسوا فكرة
سوء السلوك االرادي بفكرتيه العمد وعدم االكرتاث من القانون األجنلوسكسوين ،الذي
أيخذ ابملعيار املوضوعي يف حالة اثبات عناصر العمد وعدم االكرتاث ،فإن صمتهم دليل
كايف على أن واضعي القواعد قد قبلوا األخذ ابملعيار املوضوعي .ولو كان يف نيتهم ما خيالف
هذا األصل لنصوا عليه يف صلب املواد 5/2من بروتوكول بروكسل ،املادة 8من هامبورغ
1
-René Rodiére, La responsabilité du transporteur maritime suivant les règles de
Hambourg op.cit,p 463.
-2لقد أخذ بروتوكول الهاي ابملعيار الشخصي وتطلب فحص نفسية الفاعل وتوافر علمه احلقيقي ابحتمال حدوث الضرر ،غري أن هذا
املعيار ال مينع من استخدام عناصر موضوعية ،فقد قال مندوب فرنسا يف مؤمتر الهاي إن النص ال مينع من القضاء من اثبات العلم بكافة
الطرق ومنها القرائن املستخلصة من واقع احلال :ثروت أنيس األسيوطي ،املرجع السابق ،ص. 658
319
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
واملادة 61من اتفاقية روتردام وبناءا على ما تقدم يتأكد لنا املعيار املوضوعي عند اثبات
سوء السلوك العمدي للناقل وفقا لربوتوكول بروكسل ومعاهديت هامبورغ وروتردام.
هناك حالة أخرى تضاف إىل سوء السوك العمدي جيد فيها التعويض الكامل طريقا
له و قد سبقت اإلشارة إليها يف هذه الدراسة 1فعلى القاضي أال يطبق عليها قاعدة احلد
األقصى للتعويض و هي احلالة اليت يكون الضرر الالحق ابلبضاعة أو الناجم عن أتخريها يف
الوصول أقل من احلد األقصى للتعويض أو مساواي له .2و هو ما يستفاد مبفهوم املخالفة
للمواد املتعلقة بسراين احلد األقصى للتعويض ،3عند انعقاد مسؤولية الناقل بشأن البضاعة
اليت تعهد بنقلها مبقتضى عقد ٍ
نقل دويل عرب البحر.
خيلص القول مما تقدم أن التعويض الكامل وفق بروتوكول تعديل اتفاقية بروكسل لسنة
1968واتفاقييت هامبورغ وروتردام ينطبق على احلاالت اآلتية:
-1إذا ارتكب الناقل سلوكا أيخذ وصف الفعل العمدي.
-2إذا ارتكب الناقل فعال أو امتناع بعلمه التام ابحتمال حدوث هالك أو تلف أو أتخري يف
تسليم البضائع حمل عقد النقل ،أو كان عليه أن يعلم ابحتمال حدوث ذلك الضرر للبضاعة
حمل عقد النقل.
-3إذا كان الضرر أقل من احلد األقصى القانوين للتعويض أو مساواي له.
-1سبقت اإلشارة إليها يف الفصل األول من الباب األول من هذه الرسالة ،ص 28و ما يليها.
-2مصطفى كمال طه ،التوحيد الدويل للقانون البحري ،املرجع السابق ،ص 122وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص ، 208مسيحة
القليويب ،القانون البحري ،سنة 1982املرجع السابق ،ص، 209حممود مسري الشرقاوي وحممد القليويب ،املرجع لسابق ،ص. 434
-Georges Ripert, Précis de droit maritime, 5eme édition, libraire Dalloz, Paris 1949,
p284.
-3املادة /2أ من بروتوكول بروكسل ،املادة 6اتفاقية هامبورغ ،املادة 59من قواعد روتردام .
320
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
املطلب الثاين:
تطبيقات التعويض الكامل و تقديره
تنفرد معاهدة هامبورغ لسنة 1978عن االتفاقيات البحرية (بروكسل لسنة 1924
،روتردام لسنة )2008إبعطائها تطبيقات عن سوء السلوك العمدي للناقل وهو ما ورد على
سبيل املثال ،فقد نصت على ذلك يف مواد متفرقة :املادة 23،17،9من اتفاقية هامبورغ.
يف هذا الشأن يرى بعض الفقه 1أن املادة 8من هذه االتفاقية واليت جاءت لتبني
حاالت التعويض الكامل قد جاءت عرجاء ضعيفة األثر و كان ميكن أن يكون نصيبها يف
التطبيق العملي منعدما أو يكاد لوال أن االتفاقية ذكرت يف مواضع متفرقة أمثلة ألفعال
تصدر من الناقل وتعترب مما يدخل يف مدلول املادة 8واليت حترمه من ميزة احلد األقصى
للتعويض وابلتايل جيب على الناقل عند انعقاد مسؤوليته دفع مبلغ التعويض كامال عن اهلالك
أو التلف أو الضرر الذي يلحق البضاعة جراء أتخريها يف الوصول ومن أمثلة هذه األفعال
ما أييت :
-1شحن البضائع على سطح السفينة ابملخالفة لشروط العقد(املادة 9فقرة أخرية).
-2إصدار سند الشحن خال من التحفظات مقابل خطاب الضمان بقصد اإلضرار ابلغري
(املادة 17فقرة).
-3إدراج شروط خمالفة ألحكام االتفاقية يف عقد النقل وعدم ذكر خضوع النقل ألحكام
االتفاقية يف سند الشحن (املادة 23فقرة).2
أتسيسا على ما تقدم سنتعرض للتطبيقات التعويض الكامل ،اليت جاءت هبا أحكام
اتفاقية هامبورغ ابملقارنة مع ما ورد ذكره يف اتفاقييت بروكسل وروتردام من خالل ثالث فروع
:نقل البضائع على سطح السفينة (فرع أول) ،حتفظات الناقل وعدم تدوينها بقصد اإلضرار
ابلغري(فرع اثين)،تقدير التعويض الكامل (فرع اثلث).
-1حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص .116
-2سبق التفصيل يف الشروط الباطلة للمعاهدة يف الصفحة 61وما يليها من هذه الرسالة.
321
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفرع األول:
السفينةLe chargement en ponté شحن البضائع على سطح
تعترب عنابر السفينة املكان األصلي لوضع البضاعة ،ألن شحن البضائع أو رصها على
سطح السفينة يثري الكثري من املشكالت البارزة يف جمال النقل البحري ،نظرا للمخاطر اليت
حتيط هبذا النوع من الشحن،حيث متر السفينة يف رحلتها من ميناء املغادرة إىل ميناء الوصول
جمتازة البحار واحمليطات يف خمتلف الظروف اجلوية كالشمس ،الرطوبة والعواصف اليت تلقي
هبا إىل البحر األمر الذي يعرضها إىل أخطار أكثر مما تتعرض له وسائل النقل األخرى.1
كما أن هناك خطر من نوع آخر وهو أن البضائع اليت يضطر الرابن إللقائها يف البحر
ال تدخل يف حساب اخلسارات املشرتكة وتضيع قيمتها اهائيا على صاحبها إذا كانت
مشحونة على سطح السفينة.2
ضف إىل ذلك أنه قد ينجم عن شحن البضاعة على سطح السفينة تعريضها إىل
خماطر مالحية ،فهو يؤثر على توازن السفينة ويعرقل حركة البحارة أثناء أتدية لواجباهتم يف
إدارة السفينة مما قد يشكل خطرا على السفينة ذاهتا أو رمبا على حياة البحارة أيضا ،كذلك
تكون البضاعة املرصوصة على سطح السفينة الضحية األوىل اليت تلقى يف البحر عند مواجهة
اخلطر للحفاظ على السالمة العامة ،فضال عن رص البضاعة على السطح الذي قد يؤدي
إىل تشققه وتسرب مياه البحر أو مياه األمطار إىل العنابر.3و هلذا سندرس كيف نظمت
-1يعقوب يوسف صرخوه ،الوضع القانوين لرص البضائع واحلاوايت على سطح السفينة (دراسة مقارنة )،جملة احلقوق الكويتية ،السنة
السادسة عشر ،العدد األول والثاين ،جوان ، 1992ص. 11
-2علي مجال الدين عوض ،القانون البحري ،سنة ،1969املرجع السابق ،ص ،669مسيحة القليويب ،موجز القانون البحري ،املرجع
السابق ،،ص .366
هناك بعض القوانني العربية ومنها القانون اللبناين وابلضبط يف املادة 266فقرة 1منه واليت تلزم أن تدخل البضائع املشحونة على
السطح يف اخلسائر املشرتكة إن هي أنقذت :مصطفى كمال طه ،التأمني البحري (الضمان البحري)،الدار اجلامعية ،اإلسكندرية ،سنة
، 1992ص.161
-3إبراهيم مكي ،نظام النقل أبوعية الشحن (احلاوايت ) ،املرجع السابق ،ص.46
322
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
االتفاقيات الدولية الثالث مسألة الشحن على سطح السفينة ابتداءا ابتفاقية بروكسل ،مث
يليه الوضع يف معاهديت هامبورغ و روتردام.
الفقرة األوىل :
موقف اتفاقية بروكسل من مسألة الشحن على سطح السفينة
عندما أبرمت معاهدة بروكسل لسنة ، 1924املتعلقة بتوحيد بعض سندات الشحن
جاء يف الفقرة ج من مادهتا األوىل 1ما مفاده أن أحكام هذه االتفاقية تستبعد بشأن البضائع
اليت تشحن على سطح السفينة،أي ال تسري أحكامها على هذه احلالة .و على هذا فقد
تركت أمرها للقواعد العامة يف القوانني الوطنية و التفاق األطراف املعنية وقد كانت وجهة
التربير يف ذلك أن رص البضاعة(تستيفها) على السطح حييط بنقلها خماطر كبرية ،مما يقتضي
وجود ٍ
نظام خاص حلرية التعاقد على شروط النقل.2
يفهم من ذلك أن هذه الفقرة جتسد احلرية ال املنع من الشحن على السطح ،فيجوز
للناقل وفق أحكام املعاهدة أن يتمسك مبا أدرجه يف سند الشحن من شرط يعفيه من
املسؤولية عن أي هالك أو تلف يصيب البضاعة املشحونة على سطح السفينة .3و خاصة
أن الشاحنني أنفسهم كثريا ما يرغبون يف شحن بضائعهم على سطح السفينة سعيا وراء أجرة
نقل منخفضة، 4كما أن مثة بضائع من أحجام ومقاسات وأوصاف معينة ال ميكن رصها إال
على سطح السفينة. 5
لقد وضعت معاهدة بروكسل شرطني ميكن استخالصهما من الفقرة ج من املادة
األوىل منها ،إذ جيب توافرمها جمتمعني حىت خيرج هذا النقل من نطاق تطبيقها ومها:
أ -أن يذكر يف سند الشحن أن البضاعة قد رصت على سطح السفينة.
-1تنص املادة /1ج على أنه....":ج -بضائع :تشمل األموال واألشياء والبضائع واملواد من أي نوع ماعدا احليواانت احلية واملشحوانت
اليت يذكر يف عقد النقل أن نقلها على ظهر السفينة ،وتكون قد نقلت فعال هبذه الطريقة".
2
-Georges Marais, les transports internationaux de marchandises par mere,op.cit,p46.
3 o
-Antione Vialard, Droit maritime, op.cit, n 460.
4
-ibid.
-5إبراهيم مكي ،نظام النقل أبوعية الشحن (احلاوايت ) ،املرجع السابق ،ص.47
323
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ب-أن تتم عملية النقل فعال هبذه الكيفية أي والبضاعة مرصوصة على سطحها.
من الواضح أن هذه املعاهدة و نصوصها ذات طابع آمر ،حيث أاها ابتغت ابلشرطني
السابقني افساح اجملال للحرية التعاقدية من جهة ومحاية محلة سندات الشحن من جهة
أخرى ولذلك قررت يف الشرط األول وجوب اثبات االتفاق على رص البضاعة على سطح
السفينة كتابة يف سند الشحن (على األقل يف النسخة املتداولة منه ) وأن يكون الشاحن قد
وقع على ذلك السند(على األقل يف النسخة اليت بيد الرابن) .كما يرى الشراح و األستاذ
إبراهيم مكي معهم يف ذلك أن شرط االتفاق على رص البضائع على سطح السفينة جيب
أن يرد صرحيا يف سند الشحن وليس على شكل رخصة تقرر للرابن احلق يف الرص على
سطح السفينة و رصها يف العنابر حسب اختياره.1
إن األمهية البالغة هلذه املسألة تربز من خالل ارتباطها آباثر عقد التأمني ،فيما بني
شركة التأمني املؤمنة على البضاعة وصاحب احلق على تلك البضاعة ،فواثئق التأمني املتعلقة
ابلبضائع املنقولة حبرا يرد هبا شرط يقضي أبن على املؤمن له أن يبلغ املؤمن إذا كانت
البضاعة مشحونة أو ستشحن على سطح السفينة وإال كان عقد التأمني الغيا.2
أما الشرط الثاين يف املعاهدة فيقرر على أنه ال يكفي أن يثبت يف سند الشحن أن
البضاعة قد رصت على السطح لكي تستبعد املعاهدة وامنا جيب أن يتم نقلها فعال وهي
على هذه احلالة.3وذلك من أجل محاية الشاحنني وأصحاب احلق على البضائع املنقولة حبرا.
ألن القول خبالف هذا االجتاه قد يؤدي إىل أن يتخذ الناقلون من ذلك ذريعة للتملص
من نصوص معاهدة بروكسل اآلمرة ،أبن يثبتوا يف سند الشحن أن البضاعة قد رصت على
السطح ويدرجون يف سندات الشحن شروطا لإلعفاء من املسؤولية أو ما يف حكمها ،مث
-1إبراهيم مكي ،نظام النقل أبوعية الشحن (احلاوايت) ،املرجع السابق ،ص.48
-2املرجع السابق ،ص .49
3
- Cour de cassation 23 Juin 1982, DMF 1983.p26.
324
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يقوموا برص البضاعة فعال يف عنابر السفينة ألن سطحها ال يتسع إىل كل محولة السفينة من
البضائع،1فيتحايلون بذلك على املعاهدة ويتخلصون من مسؤوليتهم.
إن املشاكل اليت تثور يف حالة النقل على سطح السفينة تظهر من خالل صور خمتلفة،
مثال :إذا ما نقلت بضاعة على السطح دون أن يذكر يف سند الشحن أاها نقلت كذلك
،فالناقل يسأل عن أي ضرر يلحق ابلبضاعة أثناء وجودها على السطح ،ألنه يكون بتصرفه
قد أخل بعقد النقل إخالال جوهراي. 2
كما يؤدي هذا االخالل إىل انعدام العقد و ابلتايل ال تنطبق نصوص االتفاقيات
الدولية ألاها تتطلب وجود عقد صحيح بني الناقل والشاحن ،بل أكثر من ذلك فقد ذهبت
بعض األحكام3إىل اعتبار الناقل الذي يقوم برص البضاعة فوق سطح السفينة مع علمه أن
سند الشحن األصلي خيلو من اإلشارة إىل ذلك مرتكبا للغش أو التدليس حبق أي شخص
ينتقل إليه سند الشحن حبسن نية ،فإذا كان الشاحن يعلم بذلك أيضا فهو متواطئ يف عملية
التدليس.
أما إذا أعطى سند الشحن اخليار للناقل يف الشحن على السطح فإن إعفاء الناقل من
املسؤولية النامجة عن مثل هذا الرص ال يتقرر إال إذا كانت هناك إفادة يف سند الشحن تشري
General liberty إىل أن البضاعة قد شحنت على السطح ،ذلك أن شرط اخليار العام
الذي مينح للناقل احلق يف الشحن على السطح ال يرقى إىل مرتبة اإلفادة أبن clause
البضائع نقلت فعال على السطح .ومن مث يسأل الناقل عن األضرار النامجة عن مثل هذا
-1إبراهيم مكي ،نظام النقل أبوعية الشحن (احلاوايت ) ،املرجع السابق ص .49
2
- Michelle Pourcelet, Le Transport maritime sous connaissement, op.cit, p73,
William Tetley, Inexécution fondamentale du contrat suivant les règles de la Haye
Visby uncitral, DMF1979, p605.
-3احلكم البلجيكي الصادر يف 1976/11/26منشور يف جملة القانون األوريب والذي اعترب أن الرص على السطح دون أن يذكر ذلك
يف سند الشحن أبنه اخالل ابلعقد جيعله ابطال أو قابال لإلبطال من طرف الشاحن :يعقوب يوسف صرخوه ،الوضع القانوين لرص
البضائع واحلاوايت على سطح السفينة ،املرجع السابق ،ص.40
325
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
النوع من النقل إن مل يشر إىل ذلك على وجه سند الشحن ابلرغم من وجود شرط اخليار
العام يف سند الشحن. 1
من بني الشروط اإلعتيادية اليت تدرج يف سندات الشحن الشرط الذي ينص أنه
":للناقل حرية نقل البضائع على السطح وال يكون املالك (مالك السفن)مسؤولني عن أي
هالك أو تلف ينشأ عن ذلك " ويف حالة عدم وجود بيان على وجه سند الشحن ما يفيد
أن البضائع قد نقلت على السطح فإن اجلزء الثاين من الشرط املشار إليه يكون ابطال
ابعتباره ختفيفا ملسؤولية الناقل عما هو منصوص عليه يف املعاهدة طبقا للمادة 3فقرة .28
يف احلقيقة أن هذا الشرط يف حالة عدم اثبات بيان على وجه سند الشحن يفيد أبن
البضائع قد نقلت فعال على السطح يعطي الناقل احلرية يف تستيف البضائع على السطح
،إال أنه يبقى ملتزما مبا تفرضه عليه املعاهدة من الشحن و التستيف مبا يلزم لذلك من عناية
ودقة وعليه إذا كان هناك امهال يف التستيف على السطح ونشأ عنه هالك أو تلف ترتبت
مسؤولية الناقل وال يسعفه يف اإلفالت من املسؤولية شرط االعفاء املدرج يف سند الشحن إذ
أنه شرط ابطل طبقا للمادة األخرية .3
ميكن القول يف األخري أن استبعاد أحكام االتفاقية بشأن شحن البضائع على
السطح إذا توافرت الشروط املقررة له على النحو الذي سبق بيانه من مسائل القانون يف
الدعوى ،إال أن استخالص توافر هذه الشروط إمنا هو من مسائل الواقع ،الذي يستقل هبا
قاضي املوضوع دون رقابة حمكمة النقض إذا كان قد أقام قضاءه على استخالص سائغ مبا
هو اثبت يف األوراق واملستندات،هذا ويالحظ أن قواعد الهاي فيسيب(برتوكول تعديل
- 1يعقوب يوسف صرخوه ،الوضع القانوين لرص البضائع واحلاوايت على سطح السفينة ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-2حممد فهمي غامن ،مرجع القضاء التجاري ،اجلزء األول ،دار نشر الثقافة اجلامعية ،مطابع عابدين ،اإلسكندرية ،سنة ،1954ص ،91
أمحد حممود حسين ،النقل الدويل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص .128
-3املرجع السابق ،املوضع نفسه.
326
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
االتفاقية لسنة ) 1968مل تغري من الوضع القانوين خبصوص محولة السطح ،حيث ال يزال
تعريف البضائع يستبعد محولة السطح منها. 1
الفقرة الثانية:
موقف اتفاقية هامبورغ من مسألة الشحن على سطح السفينة
نظمت قواعد هامبورغ حالة شحن البضاعة على سطح السفينة ،فنصت على أن
املبدأ هو عدم جواز هذا النوع من النقل إال استثناءا يف حاالت معينة 2ورد ذكرها يف املادة
9وهي ابلشكل اآليت:
-1ال حيق للناقل شحن البضائع على السطح إال إذا مت هذا الشحن مبوجب اتفاق مع
الشاحن أو وفقا للعرف املتبع والعادات البحرية يف نوع من البضائع .كما هو احلال يف نقل
السيارات و القاطرات واألخشاب ،اليت ال تسمح طبيعتها بشحنها يف عنابر السفينة ،أو إذا
اقتضته قواعد أو لوائح قانونية و هي اليت تكون انفذة يف ميناء الشحن.3
-2إذا اتفق الناقل والشاحن على شحن البضائع على سطح السفينة ،أو على جواز شحنها
على هذا النحو فعلى الناقل أن يدرج هذا البيان هبذا املعىن يف سند الشحن ،أو الوثيقة
األخرى املثبتة لعقد النقل .ومىت حتقق هذا الشرط وحدث أن هلكت البضاعة املشحونة أو
تلفت فإن الناقل ال يسأل عن هذا اهلالك أو التلف مىت ذكر يف سند الشحن أاها منقولة
على سطح السفينة واستطاع هذا األخري أن يثبت أن اهلالك أو التلف كان انشئا عن
املخاطر اخلاصة هبذا النوع من النقل. 4
-1يعقوب يوسف صرخوه ،الوضع القانوين لرص البضائع واحلاوايت على سطح السفينة ،املرجع السابق ،ص.41
-2لطيف جرب كوماين ،املرجع السابق ،ص.71
-3مسيحة القليويب ،القانون البحري ،سنة ،1987املرجع السابق ،ص 295،هامش . 2
-4حممد هبجت عبد هللا قايد ،املوجز يف القانون البحري ،الطبعة الثالثة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ، 2010/2009ص .163
327
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
فإذا مل يقم الناقل إبدراج البيان املذكور حتمل هذا األخري عبء اثبات وجود اتفاق على
شحن البضائع على السطح .كما ال جيوز له االحتجاج مبا يف هذا االتفاق جتاه الطرف
الثالث و هو املرسل إليه ،الذي يكون قد حصل على سند الشحن حبسن نية .
-3إذا مت شحن البضائع على سطح السفينة خالفا ألحكام الفقرة 1من املادة السالفة الذكر
أي بدون اتفاق أو فق العرف اجلاري التجارة ،أو مل تقتضه قواعد أو لوائح ،أويف حالة عدم
جواز االحتجاج من قبل الناقل بوجود اتفاق على الشحن على السطح يضل الناقل مسؤوال
خالفا ألحكام الفقرة األوىل من املادة 15عن هالك البضائع أو تلفها و كذلك عن أتخري
البضائع يف التسليم ،الناشئ فقط عن الشحن على السطح .و يتحدد مدى التعويض الذي
يدفعه الناقل عن مسؤوليته وفقا ألحكام املادة ( 6املتعلقة ابحلد األقصى للتعويض )أو املادة
( 8اخلاصة ابلتعويض الكامل) حسب مقتضيات احلالة.
-4يعترب شحن البضائع على سطح السفينة مبا خيالف اتفاقا صرحيا مع الشاحن على نقلها
يف عنابر السفينة فعال أو تقصريا يدخل يف مدلول سوء السلوك العمدي .وعليه حيرم الناقل
من التمسك ابحلد األقصى للتعويض ،عما يصيب البضائع من ضرر أو أتخري يف التسليم.
وال تربأ مسؤوليته إال بدفع التعويض كامل يتطابق مع القيمة احلقيقة للضرر احلاصل.
ابلرجوع إىل القانون البحري اجلزائري فيالحظ أن املشرع2مل يسمح ابلتحميل على
سطح السفينة إال يف حالة ما إذا كان هذا النوع من النقل متعارفا عليه .كان ال حيد من أمن
الرحلة ،مع وجوب إعالم الشاحن .و من البديهي أن يستثىن من هذا اإلعالم احلالة اليت
حيصل فيها االتفاق بني هذا األخري والناقل على الشحن على السطح.
-1تتضمن هذه املادة مسؤولية الناقل عن هالك البضاعة وتلفها أو أتخريها يف التسليم إذا أخفق يف اثبات أنه اختذ هو واتبعوه كافة التدابري
املعقولة يف احلفاظ على البضاعة ،لتجنب احلادث وتبعاته .
-2تنص املادة 774ق ب ج ":ال جيوز حتميل البضائع على سطح السفينة إال ضمن الشروط اليت حتد من أمن الرحلة وعندما يكون هذا
التحميل نظاميا ومتعارفا بوجه العموم ،ويف حالة حتميل البضائع على سطح السفينة جيب على الناقل إعالم الشاحن بذلك ،ماعدا يف
حالة ما إذا كان التحميل قد مت ابالتفاق مع الشاحن ".
328
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
كما يفهم من عبارة املشرع "و كان ال حيد من أمن الرحلة" أنه قصد هبا السفن اليت
صممت خصيصا ليتم النقل على سطحها .وهو ما توفره سفن احلاوايت ،كما أن القضاء
هو اآلخر يفرق يف حالة نقل البضائع على السطح بني نوعني من السفن ومها :السفن
العادية(التقليدية)و سفن اخلاصة بنقل احلاوايت (احلديثة).
أوال :شحن احلاوات على سطح السفن العادية
يقصد ابلسفن التقليدية السفن املعدة لشحن البضائع العادية بصورة أساسية
والبضائع احملتواة داخل احلاوايت بصورة استثنائية .وتقضي احملاكم مبسؤولية الناقل يف حال
قيامه بشحن البضائع على سطح السفينة بدون احلصول على موافقة الشاحن.1
لقد سبق و أن تعرض القضاء األمريكي يف سنة 1969إىل مسألة شحن احلاوايت
و اليت تتلخص Encyclopedia Britanica على سطح السفن التقليدية من خالل قضية
وقائعها يف عملية نقل عدد من احلاوايت حتتوي على كتب (معاجم) .وكان الناقل قد حرر
سند الشحن مدرجا فيه شرط احلرية العامة ،الذي يقضي حبرية الناقل يف شحن البضائع على
السطح أو حتته مامل يتم إخباره كتابيا يف وقت الحق أبن املطلوب هو شحن البضائع حتت
السطح و ملا مل يقم الشاحن إبخبار الناقل برغبته يف شحن احلاوايت يف العنابر ،قام الناقل
بشحن ستة حاوايت على السطح و حاويتني يف عنابر السفينة .وأثناء الرحلة تعرضت
السفينة لعواصف شديدة ،األمر الذي أدى إىل تلف حمتوى حاويتان من جمموع احلاوايت
املشحونة على السطح بسبب مياه البحر واليت تسربت إىل داخل احلاوايت وأمام القضاء
طالب الشاحن الناقل بدفع قيمة املعاجم املوجودة داخل احلاويتني كاملة ،ابإلضافة إىل
احلاوايت اليت أصاهبا تلف كبري .2
1
- Paris 1er Oct.1986, BT.1986, p661, Aix -en-Provence 22 Fév. 1985, BT.1986, p154:
مشار إليه لدى سوزان علي حسن ،عقد نقل البضائع ابحلاوايت ،املرجع السابق ،ص .56
- 2مشار إليه لدى نفس املرجع ،املوضع نفسه.
329
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
لكن حمكمة الدرجة األوىل رفضت طلبات الشاحن مستندة يف حكمها إىل العالقة
التعاقدية اليت متت بني الشاحن والناقل و إىل أن الشاحن مل خيرب الناقل برغبته يف الشحن يف
العنابر .و عندما عرض األمر على حمكمة االستئناف قضت هذه األخرية ابالستجابة إىل
طلبات الشاحن ومساءلة الناقل وإلزامه بدفع مبلغ التعويض للشاحن عن كامل الضرر
استندت احملكمة يف ذلك إىل أن سند الشحن مل يتضمن ما يشري إىل أن الشحن سوف يتم
على السطح ،األمر الذي يفيد أن الناقل مل حيصل على موافقة الشاحن قبل تستيف البضائع
على سطح السفينة.1
قد يلجأ الناقلون هبدف التحرر من االلتزام إبخطار الشاحن حلظة الشحن إىل إدراج
شرط يستطيعوا مبوجبه الشحن على السطح بدون إخطار الشاحن .وهو شرط لقي أتييدا
من طرف الفقهاء الفرنسيني ونذكر منهم الفقيه . 2Rodiére
غري أنه للقضاء الفرنسي موقف خمتلف ،فقد كان أكثر قسوة مع هذه الشروط
ابلرغم من صالحيتها فال يعفى الناقل من إخطار الشاحن بذلك حلظة الشحن الفعلي
للحاوايت على سطح السفينة .وهو ما قضت به حمكمة النقض الفرنسية مستندة يف
حكمها إىل أن توقيع الشاحن على سند الشحن املتضمن الشرط اخلاص ابلشحن على
السطح ال يعادل موافقته على هذا الشرط .و هلذا جيب على الناقل إخطار الشاحن حلظة
الشحن حىت يتسىن له التأمني على البضائع ضد خماطر الشحن على السطح.3
كما يالحظ من زاوية أخرى أن شركات التأمني تكون غري مسؤولة عن األخطار اليت
تصيب البضائع املشحونة على سطح السفينة ولو كان للرابن احلق يف شحن البضائع على
السطح بناءا على شروط سند الشحن ذاته .إذ أن العربة يف تنظيم العالقة ما بني املؤمن
واملستأمن إمنا هي بشروط عقد التأمني الذي يربطهما ،فإذا مل تسمح وثيقة التأمني الشحن
-1مشار إليه لدى سوزان علي حسن ،عقد نقل البضائع ابحلاوايت ،املرجع السابق ،ص.57
2
- R.Rodiére, traité général de droit maritime, Tome II, op.cit, p158, n°522.
3
-Cass 18 Janv 1994,BT1994:
مشار إليه لدى سوزان علي حسن ،عقد نقل البضائع ابحلاوايت ،املرجع السابق ،ص .58
330
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
على سطح السفينة وشحنت البضائع على هذا النحو ،كان ذلك تغيريا ملكان املخاطر وكان
املؤمن غري مسؤول عنها.1
خيلص القول أن التعويض الكامل جيد تطبيقا له يف حالة الشحن على السطح
املخالف للقانون ،أو ألعراف ميناء الشحن ،أو لالتفاق املربم بني الشاحن والناقل .و يعترب
خطأ الناقل يف هذه احلالة جتسيدا لفكرة سوء السلوك العمدي املرتكب من جانبه .وهو ما
جيب احلكم به على هذا األخري يف صورتني :األوىل عندما يقوم الناقل بشحن البضائع على
سطح السفينة دون احلصول على موافقة الشاحن .أما الثانية فهي تتجسد يف عدم إخبار
الناقل إبخطار الشاحن حلظة قيامه ابلشحن على السطح.
اثنيا :شحن احلاوات على السفن املتخصصة
سفن احلاوايت Purpose built containers ships يقصد ابلسفن املتخصصة
املعدة خصيصا لنقل احلاوايت بنوعيها على السواء ،أي تلك اليت مت حتويلها من سفن بضائع
عامة وسفن صهاريج إىل سفن حاوايت أو تلك اليت بنيت أصال لتكون سفن حاوايت
ويراعى يف تصميم هذه السفن إمكانية نقل ما يرتاوح بني 25و %40من محولتها على
السطح .كما يصمم هيكلها حبيث يقلل من ضغط املياه على بدن السفينة ومحولتها ،فضال
عن تزويدها خبزاانت للتقليل من متايل السفينة وأخريا تزود أسطحتها مببايت ومساكات
لتثبيت احلاوايت على سطحها حبيث تصبح احلاوايت جزءا من بدن السفينة ،مما يقل معه
إىل حد بعيد إحتمال سقوط احلاوايت يف البحر وبذلك يتوافر هلذه السفن احلماية والسالمة
الكافية للبضاعة املنقولة داخل احلاوايت.2
مبا أن سفن نقل احلاوايت قد حققت تقدما كبريا يف احملافظة على البضائع عند نقلها
على السطح مما أنساان النظرة القدمية ملشاكل الشحن على السطح يف النقل بواسطة السفن
التقليدية.ابإلضافة إىل أن هذه السفن قد صممت لتكون ثلث البضائع على سطحها وال
331
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يكون االستغالل االقتصادي كامال إذا طرح هذا اجلزء من احلمولة و بذلك أصبح النقل هبذا
الشكل يفرض السماح للناقل برص احلاوايت اليت حتمل البضائع على سطح السفينة .وال
يعد احنرافا عن عقد النقل عندما يقوم هذا األخري بذلك ،دون أن حيصل على موافقة
الشاحن ،شريطة أن تكون السفينة خمصصة هلذا النوع من النقل.1
استنادا إىل هذه السالمة اليت توفرها السفن املتخصصة للحاوايت املشحونة على
سطحها ،بدرجة ال تكاد ختتلف عما يتحقق هلا نتيجة للشحن داخل عنابر السفينة مل جيد
الناقلون ما يدعو إىل ضرورة احلصول على موافقة الشاحنني بشأن شحن حاوايهتم على
السطح .و عليه فقد أعد الناقلون ومنظماهتم شروطا خاصة تتعلق بنقل احلاوايت على سطح
السفن و أدرجوها يف سندات الشحن حىت ال يكاد خيلو سند شحن حديث من مثل هذه
Deck Stowge of Containers الشروط ،كشرط Deck Cargo and Stowgeوشرط
وغريها و ينصرف املضمون األساسي هلذه الشروط إىل أحقية الناقل يف شحن احلاوايت
على السطح أو حتت السطح دون احلصول على موافقة الشاحن أو حىت إخطاره بذلك ،مع
عدم االلتزام ببيان كيفية هذا الشحن يف سند الشحن.2
املهم يف األمر أن تلك األحكام الصادرة عن احملاكم اإلجنليزبة و األمريكية جاءت
The مؤيدة للشروط اليت وضعها الناقلون بشأن نقل احلاوايت على السطح ففي قضية
3
اليت كانت حمل نظر القضاء األمريكي ،حيث قامت الشركة الشاحنة Mormacvega
برص 38طبلية من مادة الراتنج داخل حاوية وسلمتها إىل الناقل البحري لنقلها من ميناء
نيويورك إىل ميناء روتردام ،حيث أصدر الناقل سند شحن للشركة الشاحنة ،دون أن يبني فيه
أن نقل احلاوية سيتم على السطح يف حني أن النقل قد مت ابلفعل على السطح ،فسقطت
احلاوية يف البحر أثناء النقل واستندت الشركة الشاحنة (املدعية) إىل أن جلوء الناقل إىل
332
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
شحن احلاوية على السطح يعترب خرقا صرحيا لعقد النقل ومن مث يتعني حرمان الناقل من
احلق يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض ،أما الناقل فقد ادعى وجود عرف يقضي جبواز
نقل احلاوايت على السطح .
غري أن حمكمة االستئناف 1رفضت األخذ أبي الدفاعني ،إال أاها حكمت لصاحل
املدعى عليه وهو الناقل ،على أساس أن الشركة الشاحنة تقدمت مبحض اختيارها وحجزت
مكاان للحاوية اململوكة هلا على سفينة صممت أساسا لكي حتمل احلاوايت على سطحها
،كما أن سطح سفينة احلاوايت يعد مكاان مناسبا لنقل احلاوايت وأنه ليس من الضروري
التدليل على وجود عرف خاص جبواز نقل احلاوايت على السطح يف حالة السفن املصممة
خصيصا لنقل احلاوايت.
كما أن القضاء األجنلوسكسوين قد أجاز للناقل أن يرفض أو يتجاهل تعليمات
الشاحن بنقل حاوايته حتت السطح ،بل وأن ينقلها فوقه على الرغم مما لديه من تعليمات
Rosenburch v American خمالفة ،دون أن يسأل الناقل عن تصرفه هذا ففي قضية
،2Exportاليت عرضت أيضا على القضاء األمريكي ،حيث Isbrandtsen Lines Inc
جرى تظهري سند الشحن مبعرفة ممثل الشاحن بعبارة "،" Stow under deckغري أن الناقل
قام بشطب هذه العبارة وتوىل شحن احلاوية على السطح .وأثناء الرحلة من نيويورك إىل
هامبورغ ،سقطت احلاوية يف البحر فقضت احملكمة أبن للناقل احلق يف النقل على السطح
طاملا مل يقبل طلب الشاحن يف أن يكون النقل حتت السطح.
يف اجلهة املقابلة ومن بني القوانني الالتينية اليت عاجلت مسألة الشحن على سطح
سفن احلاوايت القانون الفرنسي رقم 66-420الصادر يف 18جوان ،1966املتعلق
1
-The Mormacvega -(1974) Lloyd's Rep,p 296:
مشار إليه لدى فاروق ملش ،النفل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية) ،املرجع السابق 243 ،وما يليها.
2
-(1974) Lloyd's Rep, p119:
مشار إليه يف نفس املرجع ،ص .244
333
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ابلنقل البحري يف املادة 22الفقرة 2منه، 1على أنه ":تفرتض موافقة الشاحن يف حالة
شحن احلاوية على السفن اجملهزة خصيصا هلذا النوع من النقل ".
يفهم من هذه املادة أنه يف مواجهة الشاحن ال يتطلب من الناقل أي إجراء عند
شحنه البضائع يف سفينة صممت خصيصا من أجل نقل احلاوايت و ال يهم سوآءا وافق
الشاحن على الشحن هبذه الكيفية أم مل يقبل هبا ،ألن موافقته يف هذه احلالة هي مفرتضة
مبوجب نص من القانون ،نظرا ملا تتمتع به سفن احلاوايت من تطور كبري جعلها حترر الناقل
من احلصول على موافقة الشاحن على سطحها لعدم وجود دواعي كانت توجد يف السفن
طر هذا األخري أبن البضائع سيتم شحنها على السطح .
العادية تربر من أن ُخي َ
هذا ما أكدت عليه حمكمة النقض الفرنسية 2يف قرارها الصادر يف 18مارس
RAM 2008والذي صدر يف قضية تتعلق حباوية مت شحنها من قبل الشركة األمريكية
(شاحن ومرسل إليه يف نفس الوقت) على سفينة Ville de Tanyaلنقلها من الصني إىل
بنقل احلاوايت على CMA-CGM الربازيل ،حيث قام الناقل البحري واملتمثل يف شركة
سطح السفينة .وتعرضت حوايل 120حاوية للسقوط يف البحر نتيجة إعصار صادف
السفينة أثناء رحلتها البحرية يف اتريخ 31أوت ، 2000فقالت هذه احملكمة أبن الشاحن
سوف يكون Ville de Tanya يفرتض فيه العلم واملوافقة أبن شحن احلاوية على السفينة
على السطح مادامت هذه السفينة مزودة بتجهيزات وضعت خصيصا لتتالءم مع شحن
احلاوايت على سطحها وهوما حيقق توازن السفينة و ضمان سالمة البضائع.
ترتيبا على ما تقدم ميكن القول أن الفرق شاسع بني الشحن على السفن العادية
وسفن احلاوايت ،لكن ابلرغم من ذلك التطور الذي شهدته سفن احلاوايت إال أن هذا
األمر ال خيلو من احتمال حصول هالك أو تلف للبضائع املنقولة على هذا الشكل ،حيث
1
-Art
22/2:"le consentement du chargeur est supposé donné en cas de chargement en
"contenu a bord de navires munis d'installations appropriées pour ce type de transport.
2
- Cassation (ch. com),18 mars 2008,navire Ville de Tanya,DMF2008,juin 2008,Obs
Yves Tassel :" le régime juridique de chargement en pontée: un arrêt d'espèce
malheureux,p538.
334
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يضل االحتمال واردا .و هو ما أثبته الواقع العملي يف النقل البحري ،فقد كان على
التشريعات البحرية مراعاة مسألة مصلحة الشاحن يف التأمني على البضائع ،حيث أن إخطار
الناقل حلظة الشحن البضائع على السطح من املسائل اهلامة ابلنسبة إليه وحىت ال تفوت على
الشاحن فرصة التأمني على البضائع املشحونة فوق السطح .
من جهة أخرى يرتتب عن عدم إعالم الشاحن لشركة التأمني بوضعية البضائع
املشحونة على سطح السفنينة جيعل هذه األخرية ال تضمن هذا النوع من الشحن .و العلة
يف ذلك أن عقد التأمني مل ينص إال على ضمان الشحن اخلاص ابلبضائع اليت هي يف عنابر
السفينة فقط،مما يبطل عقد التأمني و جيعل الشاحن حيرم من احلصول على التعويض على
بضائعه اهلالكة أو التالفة ابلرجوع على شركة التأمني .و من مثة ال يكون أمامه إال طريق
واحد وهو الرجوع على الناقل للمطالبة ابلتعويض.
الفقرة الثالثة:
موقف اتفاقية روتردام من مسألة الشحن على سطح السفينة
على غرار اتفاقية هامبورغ عاجلت اتفاقية روتردام مسألة شحن البضائع على السطح
وهذا ما يستشف من نص املادة 25منها ،املدرجة حتت عنوان البضائع املنقولة على السطح
،فجاء فيها ما يلي":
-1الجيوز نقل البضائع على سطح السفينة إال:
أ-إذا اقتضى القانون ذلك النقل ،أو
ب-إذا نقلت البضائع يف حاوايت أو عرابت مهيأة للنقل على سطح السفينة أو فوق تلك
احلاوايت أو العرابت ،وكان السطح مهيأ خصيصا لنقل تلك احلاوايت أو العرابت أو
ج -إذا كان النقل على سطح السفينة متوافقا مع عقد النقل أو العادات أو األعراف أو
املمارسات يف التجارة املعنية.....إذا اتفق الناقل والشاحن صراحة على نقل البضائع حتت
335
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
سطح السفينة ،فال حيق للناقل أن ينتفع ابحلد من املسؤولية عن أي هالك أو تلف للبضائع
أو أتخر يف تسليمها مىت كان ذلك اهلالك أو التلف أو التأخر انمجا عن نقلها على السطح.
ما يالحظ على هذه املادة أاها جاءت مسايرة للمادة 9من معاهدة هامبورغ ،غري
أاها متيزت عليها وعلى املادة /1ج من اتفاقية بروكسل 1ابلنص صراحة على حالة الشحن
على السطح عند النقل عن طريق السفن املتخصصة (احلاوايت) .و هوما غاب عن قواعد
هامبورغ واليت سوف تصطدم عند التطبيق ابلواقع العملي ،عند اللجوء إىل التحكيم يف
عقود النقل البحري أو يف ساحات القضاء و لعل أن السبب يف ذلك يرجع إىل أن االتفاقية
مل أتخذ يف حسبااها ظهور سفن احلاوايت ذات اإلمكانيات التكنولوجية املتقدمة واليت ميكن
هلا أن توفر درجات عالية من احلماية والسالمة للحاوايت سوآءا ما يشحن منها على
السطح أو حتت السطح. 2
خالفا لذلك فإن اتفاقية روتردام قد ظهرت يف وقت يعاصر التطور التكنولوجي الذي
شهدته صناعة النقل البحري مما مسح هلا أن تفصل يف مسألة شحن احلاوايت على ظهر
السفينة ،حيث جتيزه هذه املعاهدة عندما تكون البضائع معبأة داخل حاوايت أو عرابت
مهيأة هلذا النوع من النقل ،ألن احلاوية وما تتمتع به من صالبة قد صممت ألجل احملافظة
على البضاعة ،اليت بداخلها كما لو كانت مبثابة جزء من بدن السفينة وابعتبار السطح قد
ُهيأ خصيصا للنقل على السطح وهو ما يتوافر يف النقل على سفن حامالت احلاوايت. 3
-1ال يؤاخذ على أحكام اتفاقية بروكسل لسنة 1924األصلية عدم تنظيم حالة النقل ابلسفن املتخصصة ألنه يف ذلك الوقت مل تبلغ
صناعة السفن البحرية أوجها من تطور مثلما هو حاصل اآلن ،لكن ما يعاب عليها أاها مل تتدارك هذا النقص يف تعديالهتا الالحقة اليت
وضعت يف سنيت 1968و.1979
-2فاروق ملش ،النفل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية) ،املرجع السابق ،ص .245
-قماز ليلى إلدايز ،املرجع السابق ،ص .193وهو ما سبق وأن اندى به الفقيه الفرنسي :Rodiére
3
-R.Rodiére, traité général de droit maritime, Tome II, op.cit., p155, n°519:" s’il ya sur
le pont un local ou les marchandises soient à l'abri, leur arrimage en ce lieu est
"correct, car les marchandises y saurent aussi bien protégées dans la cale.
336
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
مبفهوم املخالفة لنص املادة 25فقرة ب من هذه املعاهدة إذا كانت احلاوايت غري
مهيأة للنقل على السطح كاحلاوايت املفتوحة ،1فإن هذا النقل هو غري جائز وهذا ما
يتماشى مع ما ذهبت إليه حمكمة النقض الفرنسية يف حكمها الصادر يف 7فيفري
.22006
هكذا و بعد أن مت التطرق لوضعية الشحن على سطح السفينة يف كل من اتفاقية
بروكسل ،هامبورغ وروتردام ،إال هناك مشكلة أخرى تتعلق بتوضيح معىن السطح املقصود يف
النظام القانوين الذي حيكم النقل على السطح ،ذلك ألن أسطح السفن تتعدد تبعا لألغراض
املصممة من أجلها بشكل ميكن معه القول بوجود ختصص يف استعمال األنواع من األسطح
ليناسب كل منها نوعا معينا من البضائع ،حبيث أن يتوفر فيه أكرب قدر من األمان واحلماية
للبضائع احملمولة فوقه .و التساؤل الذي يثور هنا أي األسطح هو املقصود يف معىن تستيف
البضائع حتته أو فوقه من الناحية القانونية ؟ ذلك ألن املعىن اللغوي لعبارة "حتت السطح "
""Blow Deckتعين الرص حتت السطح الرئيسي" "Main Deckو هذا ما يزيد من تعقيد
تعريف السطح املقصود يف التشريعات الدولية.3
يرى بعض الفقه أن السطح هو عبارة عن أي جزء يعلو السفينة فيشمل مقدمتها
ووسطها وما يتخللها من ممرات .و إذا وضعت فوقه البضاعة كانت البضاعة معرضة ألخطار
كبرية ،4مثل عوامل املناخ كأشعة الشمس ومياه البحر والسرقة وغريها مما تتعرض له البضائع
خارج أسقف العنابر ،مما يفهم معه أنه يف حالة ما إذا نقلت البضاعة يف أي مكان على
- 1هي حاوايت ذات سقف مفتوح تشبه حاوايت ذات االستعمال العام ابستثناء وجود سقف متحرك وقابل للنقل مصنوع من القماش
أو البالستيك وميكن تثبيته ابلنواحي األربعة للسقف ويستعمل هذا النوع يف نقل البضائع الثقيلة جدا أو ذات احلجم الكبري ،كما تستخدم
لشحن البضائع اليت ال ميكن رفعها إال ابملرافع العلوية :النقل واألنشطة اللوجيستية commerce-logistique.alafdal.net :
اتريخ الدخول إىل املوقع،2018/05/1:التوقيت4:30:
- P.Bonassies, droit du transport maritime du conteneurs à l’orée du 21 éme siècle,
2
337
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
السطح وضع خصيصا لنقل البضاعة وكانت البضاعة بداخله يف مأمن من خماطر السقوط يف
البحر واألمطار وتقلبات اجلوية ،فإن هذا املكان أيخذ وصف عنرب السفينة .1
يف هذا الشأن هناك إحدى القضااي ،2اليت حكم فيها القضاء اإلجنليزي حيث اعترب
أبن البضاعة املرصوصة يف بيت السطح House Deckهي حممولة على السطح وليس يف
جزء املعتاد للنقل من السفينة إال أنه أضاف أبنه ال جيب أن يعترب ذلك قاعدة عامة ،كما
أن اعتبار البضاعة مرصوصة حتت السطح أو فوقه هي مسألة واقع جيب أن تبحث كل حالة
على حدى .
فإذا أخذان يف االعتبار السفن احلديثة فإنه ال ميكن القول أبن البضاعة جيب أن ترص
دوما أسفل السطح الرئيسي حىت ميكن اعتبارها مرصوصة يف املكان املعتاد للتحميل يف
السفن .وعليه تظهر العربة يف تقدير الرص على السطح أو حتته يرجع إىل إمكانية إيواء
البضائع يف أماكن حتميها من التقلبات اجلوية كاحلرارة ،الربودة ،األمطار ،العواصف وأمواج
البحر .كما أن تقرير ذلك خيتلف ابختالف األحوال اليت ترص فيها البضاعة وترجع هذه
املسألة إىل تقدير قاضي املوضوع ،الذي يبين حكمه على أساس مدى احلماية اليت تتمتع هبا
بضاعة السطح ،ابملقارنة مع احلماية املتوفرة للبضاعة املرصوصة حتت السطح ،أي أن الضرر
الذي يصيب البضاعة املشحونة على السطح ال يعين ابلضرورة أن الرص على السطح أكثر
خطورة من الرص أسفله.3
ابلرغم من أن االتفاقيات الدولية مل أتت بنص دقيق يوضح معىن السطح املقصود يف
4
أحكامها إال أن اإلجابة احلامسة عن هذا اجلدل قد وردت يف بعض التشريعات العربية
حينما قرر املشرع يف هذه البلدان أن مسؤولية الرابن عن كل هالك أو تلف يلحق ابلبضائع
1
-Georges Ripert, droit maritime, tome II 4eme édition, op.cit, no1499.
2
-Royal Exchange Shipping Co .v. Dixon (1887)12 app.cass. 11:
مشار إليه لدى يعقوب يوسف صرخوه ،املقال السابق ،ص.16
-3املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-4املادة 122حبري أردين ،املادة 123حبري لييب ،املادة 119حبري لبناين ،املادة 44حبري مصري قدمي ،املادة 119حبري سوري،
املادة 98حبري عماين.
338
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
املنقولة على السطح السفينة األول أي على سطحها األعلى مامل حيصل على رضا الشاحن
الذي قد يظهر بشكل توقيع على وثيقة الشحن أو إذا كانت العادات البحرية جتيز هذا
الشحن على السطح .و ينزل منزلة السطح األعلى كل ملجأ على السطح واألسقف كغرفة
البحارة أو ما مياثلها إذا كان معدا أو صاحلا إليواء البضاعة مع استثناء املالحة الساحلية من
الشحن على السطح.1
الفرع الثاين:
حتفظات الناقل وعدم تدوينها بقصد اإلضرار ابلغري
سند الشحن هو األساس الذي يرتكز عليه إيصال البضاعة املشحونة ،لذلك جيب أن
يتضمن تعيينا للبضاعة املشحونة من حيث طبيعتها ومقدارها والعالمات اليت متيزها وكذلك
حالتها الظاهرة أن يقدم الشاحن كتابة البياانت املتعلقة ابلبضائع عند تسليمها إىل الناقل
والذي يقوم بتقيدها يف سند الشحن وللناقل إبداء حتفظات إن كانت لديه أسباب جدية
للشك يف صحتها أو مل تكن لديه الوسائل العادية للتأكد من صحتها .كما جيب أن تذكر
أسباب التحفظ على قيد البياانت يف سند الشحن.2
قد ال يكون يف وسع الناقل التحقق من صحة البياانت اليت أدىل هبا الشاحن عن
البضاعة ،دون أن يؤدي ذلك إىل تعطيل السفينة عن القيام ابلرحلة يف الوقت املناسب
،لذلك يلجأ إىل أن يذكر يف سند الشحن أن البياانت اخلاصة ابلبضاعة غري معتمدة من
القيمة. 3 طرفه ،أو أن البضاعة جمهولة الوزن ،أو املقدار ،أو احلالة ،أو
و من أمثلة هذه التحفظات ،النص يف سند الشحن أن البضاعة سيئة التغليف أو
avariée ou en " ،أو أن البضاعة اتلفة أو هبا أضرار "mal emballée احلزم
-1مشار إليه لدى يعقوب يوسف صرخوه ،املقال السابق ،ص .17
-2إميان اجلميل ،سند الشحن ودوره يف النقل البحري ،املرجع السابق ،ص .28
-3حممود مسري الشرقاوي ،عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن ،جملة إدارة قضااي احلكومة ،العدد الثالث ،السنة التاسعة عشر ،سبتمرب
، 1975ص 808وما يليها .
339
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
"، " dommagéeأو أصاهبا الصدأ "، " Rouilléeأو أاها يف حالة تعفن أو سخونة داخلية
وكذلك النص على أن البياانت اخلاصة ابلبضاعة "حسب قول الشاحن أو غري معتمدة
"que dit être,sans approuver "
،أو أن البضاعة جمهولة الوزن أو املقدار أو املقاس أو احملتوايت أو احلالة أو القيمة
" .1Poids ,contenu, conditionnement et valeur in connus
يف الواقع أن وجود حتفظات بسند الشحن سوف يضعف من قيمة السند ،ابعتباره
ميثل البضاعة وحيازهتا متثيال رمزاي وسيجعل من الصعب على الشاحن إقناع املرسل إليه ،أو
مشرتي البضاعة ،أو الدائن املرهتن هلا ،أو املؤمن عليها ،أو البنك فاتح االعتماد املستندي
بقبول السند ،أي أن وجود التحفظات سوف يعوق إمتام عمليات البيع ،أو الرهن ،أو
التأمني ،أو االئتمان اليت تكون البضائع املنقولة حمال هلا يف العادة .كما أن وجود مثل هذا
السند املتضمن للتحفظات سيفتح ابب أمام الناقل لإلفالت من مسؤوليته عما يصيب
البضائع من هالك أو تلف.2
ملا كان من شأن هذه التحفظات اضعاف فاعلية سند الشحن كأداة لإلثبات وعرقلة
وظيفته يف متثيل البضاعة فقد اهتمت االتفاقيات الدولية الثالث ( بروكسل ،هامبورغ
وروتردام)بتنظيمها للحد من مثاليتها .3و ابتداءا ابتفاقية بروكسل ،فقد أجازت هذه املعاهدة
للناقل أن ميتنع عن ادراج البياانت املتعلقة بعالمات البضاعة أو بعددها أو بوزاها أو كميتها
يف حالتني 4على سبيل احلصر ،ال ميكن التوسع فيهما أو القياس عليهما ومها كاآليت: 5
-1إذا كانت لدى الناقل أسباب معقولة للشك يف صحة البيان املقدم من الشاحن ،كأن
توضع كمية من البضاعة على الرصيف ال تتناسب مع تصرحيات الشاحن .
-1محد هللا حممد محد هللا ،اتفاقات الضمان البحري بني اإلبقاء واإللغاء(دراسة مقارنة) ،دار النهضة العربية،القاهرة ،سنة ،1997ص.37
-2املرجع السابق ،ص .39
-3حمسن شفيق اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ،املرجع السابق ،ص .105
-4املادة3فقرة 2من معاهدة بروكسل لسنة .1924
-5حممد إبراهيم موسى ،خطاابت الضمان املالحية (دراسة مقارنة ) ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة ،2016ص .77
340
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-2وإذا مل تتهيأ له وسائل كافية للتحقق من صحة البيان وهو ما حيصل عندما يقدم
الشاحن البضاعة قبل مغادرة السفينة بفرتة وجيزة.
جيب على الناقل أن يبني يف سند الشحن األسباب اليت دعته إىل الشك يف بياانت
الشاحن ،أو األسباب اليت تبني عدم كفاية الوسائل للتحقق من هذه البياانت ويقع على
الناقل عند اخلالف عبء اثبات أسباب هذه األمور ،فإن عجز عن هذا االثبات تعني عدم
التعويل على ما يصدر منه من حتفظات يف هذا الشأن .ويتبني من ذلك أن الناقل ال جيوز له
ادراج حتفظات دون أن يبني األسباب اليت دعته إىل إدراجها.1
من انحية أخرى ال جيوز هلذا األخري حىت يف احلالتني السابقتني أن يدرج حتفظات
تتعلق حبالة البضاعة وشكلها الظاهر وإمنا جيوز له ذلك فقط يف ما خيص عالمات البضاعة
ووزاها ومقدارها وذلك بصريح نص الفقرة الثالثة من املادة الثالثة من املعاهدة ،إذ أن الناقل
يف وسعه دائما ويف مجيع األحوال أن يتحقق من حالة البضاعة وشكلها الظاهر.2
إذن حىت يكون التحفظ صحيحا ومنتجا ألاثره على النحو املبني جيب أن يكون
3
مكتواب بطريقة واضحة وأال يكون بصيغة عامة أو مطلقة ،بل جيب أن يكون حمددا ودقيقا
.كما جيب أن يكون التحفظ مربرا ومدوان على نفس سند الشحن.4
بناءا على ذلك يصبح من شأن تضمني سند الشحن حتفظات صحيحة وفق هذه
الشروط جمتمعة أن تفقد البياانت اخلاصة ابلبضاعة حجيتها يف االثبات ،حبيث ال يعترب سند
الشحن حبالته هذه دليال على تسلم الناقل البضاعة كما وصفت يف سند الشحن .و بذلك
يقيم قرينة لصاحل الناقل على أن العجز أو التلف الالحق ابلبضائع كان سابقا على الشحن
-1إذا وضع التحفظ دون أية إشارة إىل الشك يف صحة البيان أو إىل عدم توافر وسائل التحقق من صحته كان ابطال ال أثر له يف حجية
سند الشحن خبصوص هذا البيان ومن الواضح أن اتفاقية بروكسل استطاعت أن تقضي على استعمال التحفظات املبهمة التقليدية من
أمثال" الوزن أو العدد غري معروف " :حمسن شفيق ،املرجع السابق ،املوضع نفسه .
-2حممود مسري الشرقاوي ،عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن ،املقال السابق ،ص 809وما يليها .
3
- Claude Chaiban, causes légales d'exonération du transporteur maritime dans le
transport de marchandises, TOME XIII, préface Michel de Juglart, libraire général de
droit et jurisprudence, Paris 1965, p76.
-4محد هللا حممد محد هللا ،املرجع السابق ،ص.45
341
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
،إال أاها تبقى قرينة بسيطة حبيث ميكن للشاحن أن يثبت عكسها بكافة طرق االثبات
،فيثبت أن العجز أو التلف قد نشأ عن خطأ الناقل أو اتبعيه. 1
تتجه القوانني احلديثة و آراء الفقه وأحكام القضاء 2إىل تقرير بطالن أو عدم نفاذ
التحفظ الذي ال تتوافر فيه هذه اخلصائص كأن يذكر مثال "من غري ضمان للوزن
واحملتوايت" ،أو "الوزن مل يفحص أو الوزن جمهول " ،أو "العدد مل يضبط أو العدد على غري
املعتاد" ...إخل ،فمثل هذه التحفظات تكون ابطلة و ال تسري عليها األحكام القانونية
اخلاصة ابلتحفظات الصحيحة ،إذن جيب توضيح األسباب اجلدية اليت تدعو إىل الشك يف
صحة البياانت ،اليت يقدمها الشاحن أو األسباب اليت تدعو إىل عدم توافر الوسائل الكافية
للتحقق منها . 3و هذا ما أكدت عليه حمكمة النقض الفرنسية ،حيث قضت أبن شرط
الذي ينص على عبارة "حسب قول الشاحن" يعد شرطا منطيا " " Clause de styleوليس
حتفظا مربرا وال يرتتب عليه إعفاء الناقل من قرينة استالمه البضاعة طبقا ملا ذكر يف سند
الشحن.4
على غرار اتفاقية بروكسل فقد أفردت اتفاقية هامبورغ للتحفظات أحكاما خاصة
وهيئت هلذا الغرض فقرتني األوىل والثانية من املادة16وطبقا للفقرة األوىل اليت ختص
التحفظات ابملعىن الدقيق فإن للناقل،أو من ينوب عنه إصدار سند الشحن مثبتا فيه
حتفظات تتعلق ابلطبيعة العامة للبضائع ،أو العالمات الرئيسية املميزة هلا ،أو عدد الطرود ،أو
وحدات الشحن ،أو وزن البضائع ،أو كميتها .وذلك إذا كان يعلم أن البياانت اليت قدمها
-1أمحد حممود حسين ،سند الشحن ودوره يف التجارة البحرية ،جملة إدارة قضااي احلكومة ،العدد الثالث ،السنة التاسعة عشر ،سبتمرب
،1975ص 267وما يليها.
2
- Claude Chaiban,op.cit,n°609.
P.Bonassaises, le droit positif Français en 1985; Cour de Rouen 21 mars 1985; Cass
22 Fév. 1985;DMF1986,p75:
مشار إليه لدى محد هللا حممد محد هللا ،املرجع السابق ،املوضع نفسه
-3املرجع السابق ،ص.46
4
- Cass 12 Fév. 1983,DMF 1984,p137 et s note R.ACHARD.
342
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الشاحن فيما خيص تلك األوصاف ال تعرب عن احلقيقة ،أو إذا كانت لديه شك يف صحة
تلك البياانت ،أو إذا مل تتوفر لديه الوسائل للتحقق من هذه البياانت. 1
لكن حىت يكون التحفظ ذو قيمة فإن النص املشار إليه يلزم الناقل أبن حيدد وجه
عدم الصحة يف البياانت املقدمة من الشاحن .و هذا يفرتض علمه بعدم الصحة أو بتوضيح
السبب الذي يستند إليه للشك يف صحة ،أو دقة البيان ،أو سبب عدم توافر الوسائل
للتحقق من صحة البياانت ،فإذا مل حيرتم الناقل تلك الشروط فإن التحفظ ال يكون له أي
أثر.2
أما الفقرة الثانية من املادة 16من معاهدة هامبورغ فقد جاءت حبكم جديد حول
احلالة الظاهرة للبضاعة ،فأنشأت قرينة ملصلحة الشاحن أبن البضاعة سلمت يف حالة ظاهرة
سليمة إذا مل يسجل أي حتفظ بشأاها يف سند الشحن،3حيث جاء نص الفقرة املذكورة كما
يلي ":إذا مل يقم الناقل أو أي شخص آخر يصدر سند الشحن نيابة عنه إبثبات احلالة
الظاهرة للبضائع يف سند الشحن ،اعترب أنه أثبت يف سند الشحن أن البضاعة كانت يف
حالة سليمة ظاهرة ".
لقد علق البعض من الفقه على أن املالحظة اليت يوردها الناقل أو من ميثله بشأن
احلالة الظاهرة ال تعترب حتفظا ابملعىن املقصود للتحفظات وال تسري عليها أحكام التحفظات
فيجوز مثال أن ،contre-indication الواردة ابملعاهدة ،امنا تعترب من قبيل البيان املضاد
يذكر الناقل يف صدد احلالة الظاهرة للبضاعة عبارات مثل "األوعية ممزقة " ،أو "الصناديق
مهشمة" أو غريها من املالحظات اليت تفيده يف تفويض القرينة ،اليت تستخلص من سكوته
وتفرتض أنه تسلم البضاعة حبالة ظاهرة سليمة. 4
- 1حممود مسري الشرقاوي وحممد القليويب ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص .449
-2املرجع السابق ،ص .450
-3وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص .72
-4حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص .158
343
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
عند الرجوع إىل اتفاقية روتردام فهي األخرى تتيح للناقل ابداء حتفظاته ،هلذا ينبغي
على هذا األخري عندما يديل الشاحن له ابلبياانت الالزمة املتعلقة ابلبضائع إلدراجها يف
تفاصيل مستند النقل ،أو سجل النقل االلكرتوين وعلى هذا الناقل أن يتأكد من صحة
املعلومات الواردة فيها قبل اصدار مستند أو سجل النقل وذلك آخذا ابحلسبان أنه عليه
تسليم البضائع ابحلالة اليت تسلمها هبا والواردة يف تفاصيل العقد .
لقد أوردت هذه املعاهدة نفس احلالتني السابقتني 1اللتني ذكرات يف اتفاقييت بروكسل و
هامبورغ خبصوص صحة التحفظ ،كما أجازت يف حاالت أخرى للناقل ابداء حتفظات على
تلك املعلومات 2و ذلك وفق التفصيل التايل:3
-1عندما ال يتسلم الناقل أو الطرف املنفذ البضائع يف حاوية أو عربة مغلقة بغرض نقلها،
أو يف حالة ما يتسلمها يف حاوية أو عربة مغلقة و يتفقدها الناقل أو الطرف املنفذ (الناقل
الفعلي) ابلفعل إذا ما توافرت إحدى احلالتني :
أ-أال يتوافر لديه وسيلة عملية أو معقولة من الوجهة التجارية للتحقق من املعلومات املقدمة
من الشاحن .وله يف هذه احلالة اإلعالن عن املعلومات ابلنسبة للبياانت الواردة يف تفاصيل
العقد واليت تعذر عليه التحقق منها.
ب-عندما تكون لديه أسباب وجيهة لالعتقاد أبن املعلومات ،اليت قدمها الشاحن غري
صحيحة وله يف هذه احلالة ادراج بند يبني فيه ما يعتربها إىل حد معقول معلومات دقيقة .
-2عندما يتسلم الناقل أو الناقل الفعلي البضائع يف حاوية ،أو عربة مغلقة من أجل نقلها ،
فيجوز للناقل ادراج التحفظات على البياانت املشار إليها أعاله ،ما عدا البيان املتعلق بوزن
-1تنص املادة 1/40من قواعد روتردام على أنه ":يتحفظ الناقل على املعلومات املشار إليها يف الفقرة 1من املادة ، 36لكي يبني
الناقل أن ال يتحمل املسؤولية عن عدم صحة املعلومات اليت قدمها الشاحن ،إذا :
أ -كان لدى الناقل علم فعلي أبن أاي من البياانت اجلوهرية الواردة يف مستند النقل أو سجل النقل االلكرتوين زائف أو مضلل أو
ب-كانت لدى الناقل أسباب وجيهة لالعتقاد أبن بياان جوهراي يف مستند النقل أو سجل النقل االلكرتوين زائف أو مضلل".
-2املادة 2/40من قواعد روتردام .
-3وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص 315وما يليها.
344
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
البضاعة إذا مل يتوافر هذان الشرطان جمتمعني :األول إذا مل يكن الناقل أو الناقل الفعلي قد
تفقدا فعليا البضائع املوجودة داخل تلك احلاوية أو العربة ،الثاين إذا مل يكن الناقل أو الناقل
الفعلي على علم مبحتوايهتما من مصدر آخر غري الشاحن .
أما ابلنسبة للبياانت املتعلقة بوزن البضاعة املقدم من الشاحن ،فيجوز للناقل ادراج
حتفظ يف شأاها وليس ابلشيء احملال فهي ليست من املعلومات اليت يستحيل التأكد منها
ولكن املعاهدة نظمت هذه املسألة عند توافر إحدى احلالتني:1
احلالة األوىل:
إذا مل يقم الناقل املتعاقد أو الناقل الفعلي بوزن احلاوية أو العربة ومل يكن هناك اتفاق
بني الشاحن والناقل قبل شحن البضاعة على:
أ -أن توزن احلاوية أو العربة.
ب -و على أن يدرج الوزن يف تفاصيل العقد.
احلالة الثانية:
تتمثل احلالة عند وجود اتفاق بني الشاحن والناقل على أن توزن احلاوية أو العربة ،وأن
يدرج الوزن يف تفاصيل العقد ،لكن مل يكن مثة وسيلة عملية أو معقولة جتاراي للتحقق من
وزن احلاوية أو العربة.
إذا كان األمر كذلك ،فإن إدراج البيان مقرتان ابلتحفظ يف سند الشحن من شأنه أن
يبعث القلق يف نفسية املؤمن فيضطره إىل رفع أقساط التأمني .و نظرا خلطورة التحفظات يف
التجارة الدولية فإن الشاحن غالبا ما حياول قدر املستطاع أن يقنع الناقل أبن يصدر سند
شحن خال من التحفظات .ويف نظري هذا يتعهد الشاحن بتعويض الناقل عن األضرار اليت
تلحقه من جراء عدم صحة البياانت الواردة يف سند الشحن .ويتم ذلك عن طريق منح
345
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الناقل البحري خطاب الضمان ،الذي يستطيع الناقل مبوجبه الرجوع على الشاحن للمطالبة
ابلتعويض عن األضرار اليت حلقته من جراء تدوين البيان بدون حتفظ يف سند الشحن.1
لقد جرى على العمل على تسمية سند الشحن يف هذه احلالة بسند الشحن النظيف
وهو اتفاق بني الشاحن والناقل على أن يصدر هذا األخري حتفظاته يف سند الشحن حىت
ميكن تداول السند بسهولة ،على أن حيرر الشاحن ورقة يطلق عليها ب"خطاب الضمان"
"lettreو يذكر فيها كل التحفظات اليت كان الناقل يريد أن يضمنها يف "de garantie
سند الشحن ،حىت يتفادى رجوع الشاحن عليه مبوجب سند الشحن النظيف إذا حدث
عجز أو تلف يف البضاعة عند التسليم .2
و ملا كان من شأن خطاابت الضمان نقل عبء االثبات على عاتق الشاحن إذا ما
تبني للغري عدم مطابقة البضاعة حلقيقة البياانت املدرجة يف سند الشحن .و هذا ما يدفعنا
لطرح التساؤل التايل :إىل أي مدى تكون خطاابت الضمان صحيحة وما أثرها على ما تقرره
االتفاقيات الدولية خبصوص التعويض الكامل؟
نصت املادة 3/3من اتفاقية بروكسل ،على الزام الناقل البحري أبن يسلم للشاحن
بناءا على طلبه سند شحن يتضمن وصفا مضبوطا للبضاعة ،كما حتظر نفس املادة يف فقرهتا
الثامنة من املعاهدة كل اتفاق خيفف من مسؤولية الناقل املنصوص عليها يف قواعدها وبناءا
عليه يذهب جانب من الفقه إىل أن تطبيق املادة 3،8/3املذكورة يقتضي بطالن اتفاق
الضمان ألنه يتضمن خمالفة للمادة املذكورة وألن حترير االتفاق ال يعين اعفاء الناقل من
اصدار سند شحن يتضمن بياانت صحيحة وصادقة عن حالة البضاعة ،كما أنه ال يرتتب
-1هاين حممد دويدار ،موجز القانزن البحري ،املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بريوت ،سنة ، 1997ص.234
-R.Rodiére, droit maritime, Septième édition, op.cit, p 301, n°304.
-2حممود مسري الشرقاوي ،عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن ،املقال السابق ،ص .810
346
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
على االتفاق األخري اعفاء الناقل من املسؤولية أو التخفيف منها يف مواجهة الغري حسن النية
الذي ال يعلم بوجود اتفاق الضمان.1
كما يفسر البعض سكوت معاهدة بروكسل عن تنظيم أحكام اتفاق الضمان أن
االتفاقية استهدفت تدعيم الثقة يف سند الشحن ،فألزمت الناقل بوصف البضاعة كما قُدمت
له و استثناءا من ذلك جيوز له أن يضمن سند الشحن بعض التحفظات إذا كان هلا ُموجب
بشرط أن تظهر يف سند الشحن ذاته .وعلى هذا فإن إخفاء التحفظات عن مستلم البضاعة
وتدوينها يف اتفاق الضمان يرتتب عليه بطالن هذا االتفاق حىت بني طرفيه 2ألنه يتعارض مع
النظام العام ويهدف إىل اعفاء الناقل من التزاماته اليت فرضها عليه املشرع الدويل طبقا
للفقرتني 3و 8من املادة 3من معاهدة بروكسل.3
أما ابلنسبة للغري كاملرسل إليه واحلملة املتعاقبني لسند الشحن فإن األمر ال يتعلق
ابلبطالن بل بعدم نفاذ اتفاق الضمان يف مواجهتهم 4و عدم ترتيبه أي أثر قبلهم إذ ال جيب
القضاء على القوة احلامسة لسند الشحن بواسطة اتفاقات مل تدرج به 5وعلى الرغم من ذلك
يعرتف أصحاب هذا الرأي أبن اتفاقية بروكسل مل تغري شيئا يف الواقع العملي السابق هلا.6
كما يرى بعض الفقه أنه إذا تعمقنا يف األمر فإننا جند خطاابت الضمان ليست يف
جوهرها سوى حتفظات مسح القانون للناقل إبدراجها يف سند الشحن وفقا ألحكام املعاهدة.
وذلك عندما جيد سببا قواي إلدراجها ،إذ أنه يف مثل هذه احلالة اليت أجازهتا املعاهدة قد يرى
-1مشار إليهما لدى حممود مسري الشرقاوي ،عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن ،املقال السابق ،،ص 63وما يليها.
-2و هو ما أخذ به املشرع اجلزائري ،حينما مل يعرتف خبطاابت الضمان وأقصاها من نطاق تطبيق الباب الثالث املخصص لنقل البضائع
وهو ما يتضح من نص املادة 747ق ب ج ":ال تسري أحكام هذا الباب ،مع التحفظ لالستثناءات احملددة فيما يلي ،إال يف حالة
وجود اشرتاطات أخرى مل يتفق عليها صراحة وتسري عند احلاجة األحكام اخلاصة لالتفاقية الدولية اليت تتناول هذا امليدان واليت انضمت
إليها اجلزائر وذلك يف النقل البحري املتمم بني املوانئ اجلزائرية واملوانئ األجنبية".
- 3محد هللا حممد محد هللا ،املرجع السابق.64 ،
4
-Michelle Pourcelet, Le Transport maritime sous connaissement (droit canadien,
Américain, anglais, op.cit, n° 31.
-5محد هللا حممد محد هللا ،نفس املرجع ،املوضع نفسه.
6
-Francis Sauvage, Manuel pratique du transport des marchandises par mer ,
op.cit,n°84.
347
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الشاحن من مصلحته حترير خطاابت ضمان مستقلة يشري فيها إىل التحفظات اليت جيد
الناقل مربرا هلا ،حىت يصبح سند الشحن نظيفا خاليا مما ال يعوق التعامل على البضاعة.
وبناءا على هذا يصبح الناقل مسؤوال مسؤولية كاملة يف مواجهة الغري. 1
أما يف مواجهة الشاحن فهي تؤدي إىل جمرد قلب عبء االثبات وهو ما سيكون عليه
احلال متاما لو أدرجت هذه التحفظات صراحة يف صلب السند مع بقاء مسؤولية الناقل إن
كان هلا وجه ،هذا ابإلضافة إىل أن حترير خطاابت الضمان عند وجود سبب جدي إىل
حتريرها يؤدي إىل تطبيق احلكمة اليت أرادهتا معاهدة بروكسل وهي جعل سند الشحن نظيفا
محاية للغري ولسهولة التعامل على البضاعة مع اإلبقاء يف نفس الوقت على حقيقة العالقة
بني الشاحن والناقل.2
يعترب اإلجتاه الثاين هو الرأي الراجح نظرا ملنطقية حتليله وبه أخذت حمكمة النقض
املصرية 3معتربة أبن خطاابت الضمان حجة على عاقديها وحدمها (الشاحن والناقل ) وال
جيوز االحتجاج به على الغري من حاملي سندات الشحن .و ال خمالفة فيها ملعاهدة بروكسل
طاملا املقصود منها دحض قرينة االثبات املستمدة من سند الشحن يف العالقة بني الشاحن
والناقل ومل تتضمن اتفاقا على إعفاء الناقل من املسؤولية ومل تكن مشوبة عند إصدارها بقصد
ايهام الغري وإدخال الغش عليه عند تداول سند الشحن .
ترتيبا على ما تقدم ميكن القول أنه ملا كان مفعول خطاب الضمان ينحصر يف
العالقة بني الشاحن والناقل فقط وال ميكن االدالء به جتاه الغري ،أو جتاه املرسل إليه ،ألن
هذا اخلطاب يكون عدمي األثر وال وجود له بني الناقل واملرسل إليه أو الغري .و يتحمل
الناقل التعويض عن التلف أو النقص على أن يعود الناقل على الشاحن بعد ذلك .و قد
348
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
واليت تتعلق أبحكام سند The Pavida أرست احملكمة اإلجنليزية 1هذا املوقف يف قضية
شحن خال من التحفظات أبن قالت " :هذه القضية تلقي الضوء على التزام الرابن بتوقيع
سند الشحن وابألخص سند شحن نظيف الذي يشكل قرينة بسيطة بني الشاحن والناقل
أبن البضاعة قد مت استالمها حبالة جيدة .و لكن عندما تُظهر الوثيقة لطرف اثلث حسن
النية فإاها تصبح دليال حامسا على أن البضاعة حبالة جيدة وحيرم مالك السفينة (الناقل) من
املطالبة مبواجهة الشخص الثالث أن البضاعة مل تكن حبالة جيدة" .كما تضيف أن إصدار
سند شحن نظيف يعرض الناقل جملازفة كبرية ،مستندة يف قرارها على املادة الثالثة من معاهدة
بروكسل يف فقرتيها الثالثة والرابعة.
أما يف اتفاقية هامبورغ فقد عمل واضعوا االتفاقية على تفادي اخلالف أو اجلدل الذي
أثري إابن اتفاقية بروكسل حول صحة وحجية اتفاقات الضمان ،لذلك وضعت اتفاقية
هامبورغ عدة قواعد حتكم هاتني املسألتني على النحو املوايل:2
القاعدة األوىل:
طبقا للفقرة الثانية من املادة 17كل خطاب للضمان أو اتفاق يتعهد مبقتضاه
الشاحن أبن يعوض الناقل عن كل ضرر ينشأ عن قيام الناقل أو انئبه إبصدار سند شحن
دون حتفظات ختص البياانت املقدمة من الشاحن لتدوينها يف سند الشحن أو ختص احلالة
الظاهرة للبضائع يكون معدوم األثر يف مواجهة الغري مبا يف ذلك املرسل إليه ،الذي انتقل إليه
سند الشحن .و معىن ذلك أن الناقل ال يستطيع أبي حال أن يتمسك خبطاب الضمان
ضد الغري حسن النية والغري هو من مل يكن طرفا يف االتفاق ،الذي أفضى إىل خطاب
الضمان ويستوي أن يكون ذلك الغري املرسل إليه ،أو املؤمن على البضائع ،أو البنك فاتح
االعتماد املستندي.
1
- English Admiralty Court ,Colmant 31 May 2002:
مشار إليه لدى بسام عاطف املهتار ،املرجع السابق ،ص .122
-2حممود مسري الشرقاوي وحممد القليويب ،القانون البحري ،املرجع السابق ،ص 451وما يليها ،محد هللا حممد محد هللا ،املرجع السابق،
65وما يليها ،مسيحة القليويب ،القانون البحري ،سنة ،1987ص 303وما يليها.
349
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
القاعدة الثانية:
هذه القاعدة ختص العالقة فيما بني الناقل و الشاحن ،أي طرفا االتفاق والذي
أصدر الشاحن مبقتضاه خطاب الضمان للناقل ويف هذا الصدد تذهب الفقرة الثالثة من
املادة 17إىل اعتبار خطاب الضمان صحيحا بني طرفيه ومنتجا آلاثره إذ يشرتط النص
إلعمال هذه القاعدة أن يكون الناقل حسن النية .ويفضي ذلك إىل أنه مىت ثبت أن الناقل
قد أغفل ذكر التحفظات بقصد االضرار ابلغري ،الذي تصرف اعتمادا على وصف البضائع
املدون يف سند الشحن فإن الناقل ال يكون له أي حق يف مطالبة الشاحن ابلتعويض املتفق
عليه يف خطاب الضمان وهو ما يعترب جزاءا عادال توقعه املعاهدة على الناقل سيء النية.
القاعدة الثالثة:
هذه القاعدة تقررها الفقرة الرابعة من نفس املادة املذكورة ،اليت تقضي أبنه إذا ثبت
تواطأ الناقل مع الشاحن على اإلضرار ابلغري أبن أغفل ذكر التحفظات اليت كان جيب عليه
ادراجها يف السند مقابل تلقيه خطاب الضمان من الشاحن فإن الناقل يكون ضامنا لتعويض
الغري عن كل ضرر يصيبه ،دون أن حيق له أبن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض اليت تقررها
املعاهدة.
أما يف اتفاقية روتردام فمن خالل تتبع قواعدها يالحظ أاها جاءت خالية من أي
تنظيم خلطاب الضمان و هي نفس احلالة اليت سكتت عنها اتفاقية بروكسل من قبل ولعل
سكوت اتفاقية عن تنظيم هذه املسألة ال ميكن تفسريه إال مبا فسره الفقه الراجح 1يف ظل
اتفاقية بروكسل نظرا للتشابه بني االتفاقيتني يف هذه املسألة ،حيث اعترب هذا الفقه أبن
اتفاقات الضمان ابطلة وعدمية األثر ابلنسبة للغري ،إال أنه ميكن التمسك هبا يف مواجهة
الشاحن مادامت مل تتضمن هذه االتفاقات أي إشارة لإلعفاء الناقل من املسؤولية أو
ختفيفها .و تبقى خطاابت الضمان صحيحة بني طرفيها (الشاحن والناقل) فقط وهو ما
350
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أمجع عليه الفقه اللبناين وكذلك االجتهاد القضائي يف لبنان ،حيث قضت حمكمة
اإلستئناف 1أبنه ":من املتفق عليه علما واجتهادا أن كتاب الضمان الذي يوقعه الشاحن
للناقل ينتج مفاعيله بني الشاحن والناقل فقط ولكنه ال يسري على الغري خاصة أنه ال ميكن
االدالء به اجتاه املرسل إليه ،فيحق دائما للمرسل إليه التذرع مبا ورد يف وثيقة الشحن عن
حالة البضاعة ومطالبة الناقل ابلتعويض عن األضرار الثابتة عند وصول البضاعة".
و يف قرار آخر هلا قالت احملكمة ":2إن تذرع الناقل بكتاب الضمان ومضمونه للقول
أبن البضاعة كانت انضجة ومعرضة للتلف منذ شحنها وأن هذا األمر من شأنه أن يغري
مظهر التحفظات ،الواردة على واثئق سند الشحن وجيعلها حتفظات وليس بند اعفاء هو أمر
يتعارض مع القوة الثبوتية ،اليت جيب أن تتمتع هبا وثيقة الشحن .مبعىن أن وضع شركة
الضمان(التأمني) يف القضية احلاضرة هو وضع الغري ،إذ أن هذا األمر كان وضعها فيما لو
حلت حمل املرسل إليه ،حيث يقضي ابلتايل اعتبار أن التحفظات على واثئق الشحن
تشكل بند اعفاء من املسؤولية وتعترب ابطلة عمال ابملادة 212من قانون التجارة البحرية".
الفرع الثالث:
تقدير التعويض الكامل
طبقا للمادة 5/2من برتوكول بروكسل لسنة ،1968املادة1/8من معاهدة هامبورغ
و املادة 61من قواعد روتردام إذا حتققت مسؤولية الناقل عن البضائع اليت تعهد بنقلها عن
طريق البحر وارتكب الناقل فعال حيرمه من احلد األقصى للتعويض ،أو يف حالة تنازله عن
حقه يف املساءلة وفق حد أقصى للتعويض عند استحقاقه وفقا لالتفاقية واجبة التطبيق فإن
التعويض الكامل هو الذي جيب أن حيكم به على الناقل عند انعقاد مسؤوليته .و قد مر
تقدير التعويض مبراحل ،فقد كان ينظر إليه من الناحية الشخصية فقط حيث يقدر مبقدار
جسامة اخلطأ الذي ارتكبه الناقل فكانت الغاية من التعويض هي ردع املسؤول عن الضرر،
-1منفرد مدين بريوت ،قرار صادر بتاريخ : 1954/2/26مشار إليه لدى وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص .76
-2استئناف بريوت ،قرار رقم 1480صادر بتاريخ :1968/1/28مشار إليه يف املرجع السابق ،املوضع نفسه .
351
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
بينما يف اجتاه الحق لذلك فقد نُظر إليه من انحية إصالح الضرر بغض النظر عن جسامة
اخلطأ ،يف حني يرى اجتاه آخر بضرورة أن يهدف التعويض إىل الردع واإلصالح معا.1
من خالل استقراء القواعد الدولية األخرية يظهر أاها أغفلت مسألة كيفية تقدير
التعويض الكامل واقتصرت ببيان حاالت التعويض الكامل املطابق لقيمة الضرر الالحق
ابلبضائع ،عند فقدان الناقل حقه يف التمسك ابحلد األقصى للتعويض ،بسبب ارتكابه
سلوكا يدخل يف دائرة سوء السلوك العمدي ،أو عند تنازله عن ذلك مبقتضى اتفاق بينه
وبني الشاحن واإلشكال الذي يثور هنا كيف ميكن تقدير التعويض الكامل؟
إن اإلجابة على هذا اإلشكال جاءت يف بروتوكول بروكسل لسنة 1968إذ بني
صراحة كيفية تقدير التعويض الكامل ،عن قيمة اهلالك أو التلف الذي يصيب البضاعة
وهوما ورد يف املادة /2ب من بروتوكول ،حيث نصت على ما يلي ":حيسب املبلغ الكلي
للتعويض على أساس قيمة البضاعة يف املكان والزمان اللذان مت فيهما تفريغ البضاعة طبقا
لشروط عقد النقل ،أو يف اليوم واملكان اللذان كاان جيب تفريغ البضاعة فيهما و حتدد قيمة
البضاعة وفقا لألسعار يف البورصة فإن مل يوجد ،فوفقا للسعر اجلاري يف السوق ،فإن مل يوجد
هذا أو ذاك ،فبموجب سعر املثل من البضائع ذات الطبيعة ويف احلالة ذاهتا".
ترتيبا على ذلك فإنه على القاضي يف الدول املصادقة على بروتوكول بروكسل لسنة
1968أن حيسب التعويض الكامل لقيمة التلف أو اهلالك وفق سعر البضاعة ،يف يوم
وصول السفينة مليناء الوصول طبقا إىل قيمتها يف سعر البورصة ،فإن مل يوجد هلا سعر يف
البورصة يف ميناء الوصول فريجع إىل سعر السوق الذي يتحدد على ضوء العرض والطلب
،فإن تعذر هذا وذاك فيكون حساب التعويض الكامل وفق سعر مثيالهتا من البضائع العادية
اهلالكة أو التالفة من نفس النوع والصنف.
-1لطيف جرب كوماين ،املرجع السابق ،ص 206وما يليها ،وملزيد من التفاصيل أكثر حول غاية التعويض أو هدفه ،يرجى الرجوع إىل:
حممد إبراهيم الدسوقي ،تقدير التعويض بني اخلطأ والضرر ،املرجع السابق ،ص 325وما يليها.
352
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
لكن إذا كان األمر قد حسم ابلنسبة للدول اليت تنتمي للربوتوكول بروكسل لسنة
،1968فما هي الطريقة السديدة اليت جيب اتباعها يف تقدير التعويض الكامل يف الدول
التابعة التفاقية بروكسل األصلية أو هامبورغ أو روتردام؟
يالحظ أن بعضا من الفقه والقضاء الفرنسي قد اعتمدا على قيمة البضاعة يف ميناء
التفريغ ،بينما اجتهت عدة أحكام أخرى من القضاء الفرنسي إىل أن يكون التعويض مساواي
لقيمة البضاعة يوم صدور احلكم، 1ابعتبار أن ذلك ميثل املبلغ الذي ميكن املرسل إليه من
شراء بضاعة مماثلة ،أي وضعه ابحلالة اليت كان عليها لو أن العقد قد مت تنفيذه بشكل سليم
،بينما يذهب جانب من الفقه اللبناين مع القانون البحري الفرنسي لسنة 1936إىل
خالف ذلك و إىل اعتماد تقدير التعويض الكامل للبضاعة اهلالكة أو التالفة وفق سعرها يف
ميناء الشحن ،بينما يرى البعض اآلخر أن يكون التعويض الكامل مطابقا لقيمة البضاعة يف
ميناء التفريغ وسنتعرض فيما يلي إبجياز للحجج اليت ساقها انصار كل اجتاه:
االجتاه األول:
استند أصحاب هذا الرأي و الذين قالوا ابعتماد قيمة البضاعة يف ميناء الشحن إىل
احلجج 2التالية :
-1وقد استندوا إىل ما تقضي به القواعد املسؤولية العقدية حبيث يشرتط يف الضرر أن يكون
متوقعا و هو ما عليه احلال كذلك يف النقل البحري ،إذ يتجسد يف قيمة البضاعة املدرجة يف
سند الشحن و اليت متثل قيمتها يف ميناء الشحن.
-1من الفقه William Tetleyومن القضاء يف فرنسا حمكمة النقض الفرنسية 25تشرين األول ، 1974حمكمة مرسيليا التجارية
21آذار 1950و االجتاه اآلخر متثله حمكمة استئناف ابريس 10تشرين الثاين ، 1953وحمكمة هافر التجارية كانون الثاين ، 1953
وحمكمة السني التجارية 9كانون األول : 1953مشار إليها لدى لطيف جرب كوماين ،املرجع السابق 208،وما يليها.
-2املرجع السابق ،ص . 209
353
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-2ينسجم هذا التوجه مع نص قانون ،1936الذي يقضي ابلتعويض عن األضرار اليت
تصيب البضاعة وليس األضرار اليت تلحق املرسل إليه وما يصيب البضاعة من ضرر واملتمثل
يف قيمتها يف ميناء الشحن.
-3قياسا على ما جرى عليه العمل ابلنسبة للنقل ابلسكك احلديدية ،حيث ينص املرسوم
الفرنسي الصادر يف 1939على أن تعويض األضرار جيب أن يكون حمددا بقيمة البضاعة
يف يوم ومكان التحميل عند فقدان البضاعة.
االجتاه الثاين:
اندى أنصار هذا االجتاه أبن يكون التعويض الكامل مطابقا لقيمة البضاعة يف ميناء
التفريغ فاستندوا على صحة رأيهم ابحلجج اآلتية:1
-1إن الشرط الوارد يف سند الشحن ،الذي اعتمد عليه االجتاه األول ،جيب أن يكون ابطال
وغري ذي أثر لتعارضه مع املادة 9من قانون .1939
-2إن احلجة املستند إليها على النص ليست هلا أي قيمة وهي منبوذة بكل وضوح من قبل
الفقه.
-3إن القياس الوارد يف الفقرة 3من احلجج السابقة غري مقبول ،ألن مرسوم 1939مل
يصدر إال من أجل األخذ بعني االعتبار الصعوابت اليت تتضمنها حالة احلرب ،فهو إذن
نص استثنائي ال يصلح للقياس.
-4كما هو معلوم أن يكون الضرر الذي نشأ من هالك البضاعة كليا أو الذي نشأ من
تلفها أو هالكها اجلزئي يكون بقدر قيمة األجزاء الناقصة يف ميناء التفريغ ويف وقت وصول
السفينة ويف حالة التلف ،فيكون التعويض مساواي للفرق بني سعر البضاعة اتلفة وسعرها ولو
أاها مل تصب بتلف أو هالك فإذا بيعت البضاعة وكأاها ليست اتلفة فال يوجد ضرر.
354
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
خيلص القول أن االختالف السابق حول طريقة احلساب بشأن التعويض الكامل كان
سببه غياب نص يف االتفاقيات الدولية (بروكسل ،هامبورغ وروتردام) و احلل األنسب هلذه
املشكلة يكمن يف وجوب الرجوع إىل القانون البحري الداخلي يف بلد القاضي املعروض عليه
النزاع ،إن وجد به نص فيجب اتباع الطريقة اليت قررها القانون، 1أما إذا مل يوجد به نص يف
القانون البحري الوطين فيجب عندئذ الرجوع إىل القواعد العامة خللو القانون البحري
اجلزائري من نص يبني كيفية تقدير التعويض الكامل.
ابلرجوع إىل القواعد العامة فإن قاضي املوضوع يف حساب التعويض الكامل عن
اهلالك أو التلف الالحق ابلبضاعة أو عن الضرر الناجم عن التأخري جيب أن يشمل التعويض
ما حلق الشاحن أو صاحب البضاعة من خسارة وما فاته من كسب .2و يتم تقدير اخلسارة
الالحقة و فوات الكسب على أساس القيمة السوقية للبضاعة التالفة ،أو اهلالكة يف ميناء
الوصول شريطة أن تزيد هذه القيمة عن على سعر شراء البضاعة ،3وفقا لقواعد العرض
والطلب.4
من مجع ما تقدم يتضح أن اثبات خطأ الناقل اجلسيم ،أو غشه ،أو سوء سلوكه
العمدي هو أمر صعب على املضرور يف سبيل استبعاد مسؤولية الناقل وفق احلد األقصى
للتعويض و املطالبة ابلتعويض الكامل،الذي يتطابق مع القيمة احلقيقة للضرر الالحق
355
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ابلبضاعة املنقولة حبرا ،أو مع قيمة الضرر الناجم عن أتخريها يف التسليم ،لذلك كان ال بد
من البحث عن طريق آخر خيلص صاحب البضاعة من تلك املشاكل والصعوابت من أجل
ٍ
ابتفاق مع محاية حقه من الضياع ويف احلصول على تعويض كامل .و ال يكون ذلك إال
الناقل يف عقد النقل على أن يكون مبلغ التعويض كامال ،أي متناسبا مع ما يلحق الشاحن
من ضرر متمثال يف هالك بضاعته أو تلفها أو أتخريها عن امليعاد املتفق عليه أو وفق ما
يقضي به العرف.
الفصل الثاين:
التعويض الكامل االتفاقي ومنازعاته
تعترب من بني السبل القانونية اليت اتبعتها االتفاقيات الدولية (بروكسل ،هامبورغ
،روتردام) يف حتقيق التوازن بني طريف عقد النقل هو إعطاء الناقل والشاحن احلرية يف االتفاق
على استبعاد احلد األقصى للتعويض و على احالل مكانه التعويض الكامل املطابق للقيمة
احلقيقة للهالك ،أو التلف الذي يصيب البضائع ،اليت تعهد الناقل بنقلها .و عليه فإن جواز
مثل هذا االتفاق يعطي للناقل احلق يف التنازل عن ميزة احلد األقصى عند انعقاد مسؤوليته
عن ما يصيب البضائع مقابل الزايدة يف أجرة النقل هذا من جهة.
و من جهة أخرى يستفيد الشاحن من احلصول على تعويض كامل عند حدوث
هالك أو تلف لبضائعه .و يكون ذلك إبحدى وسيلتني :األوىل تكون عند بيان جنس
البضاعة وقيمتها يف سند الشحن أو يف وثيقة آخرى مشاهبة هلا تعمل على اثبات عقد النقل
الدويل ،أما الثانية تتمثل يف االتفاق الصريح بني الشاحن والناقل على االلتزام بدفع تعويض
كامل للشاحن يتطابق مع قيمة اهلالك أو التلف الذي يلحق البضاعة .
كثرية هي النزاعات اليت تنشب بني الطرفني خبصوص احلصول على التعويض الكامل
عند تضرر صاحب احلق على البضاعة من جراء هالكها ،أو تلفها ،أو أتخريها ،إذ تثور
عدة مسائل حول األشخاص الذين هلم احلق يف رفع الدعوى على الناقل ،ابعتباره امللتزم
356
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
اجتاه الشاحن ،أو املرسل إليه يف إيصال البضاعة سليمة وكاملة يف الوقت احملدد ،على النحو
الذي استلمها عليه مبقتضى عقد النقل .كذلك من حيث اإلجراءات الواجب اتباعها يف
الدعاوى الرامية لفض املنازعات املتعلقة ابلتعويض عند اللجوء إىل القضاء ابعتباره الطريق
العادي أو إىل التحكيم كحل بديل عنه يف حال اتفاق الطرفان على اختياره ،لذلك فقد مت
تقسيم هذا الفصل إىل :التعويض االتفاقي على ضوء قيمة البضاعة وجنسها( مبحث
أول)،تسوية منازعات التعويض ضد الناقل البحري (مبحث اثين).
املبحث األول:
التعويض االتفاقي على ضوء قيمة البضاعة وجنسها
طبقا للمادة 5/4من معاهدة بروكسل األصلية لسنة 1924ال يلزم الناقل أو
السفينة يف أي حال من األحوال بسبب اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع أو ما يتعلق هبا
مببلغ يزيد مائة جنيه ،مامل يكن الشاحن قد بني جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن وأن
يدون هذا البيان يف سند الشحن .1
كما اقتفت اتفاقية روتردام يف املادة 1 /59أثر اتفاقية بروكسل يف هذا التوجه إال أن
أاها اختلفت عنها يف الشق الثاين من الشرط املذكور واملتعلق بوجوب اعالن الشاحن عن
جنس البضاعة واليت مل تلق له معاهدة روتردام أية أمهية.
خالفا هلاتني االتفاقيتني مل تنص معاهدة هامبورغ على وجوب بيان القيمة احلقيقية
للبضاعة وجنسها يف سند الشحن ،حىت يستطيع الشاحن احلصول على تعويض كامل على
ذلك فإن مسؤولية الناقل وفق هذه معاهدة هامبورغ هي حمدودة يف كل األحوال ،ماعدا يف
-1يالحظ أن بروتوكول 1968املعدل ملعاهدة بروكسل لسنة 1924مل يغري شيئا من مضمون هذه الفقرة غري أن أعاد صياغتها بطريقة
جديدة فجاء يف املادة 1/2منه كما يلي ":إذا مل تكن طبيعة البضائع و مثنها قد صرح هبما الشاحن قبل الشحن ومت اثبات ذلك يف
سند الشحن ،فال يسأل الناقل أو السفينة يف أي حال من األحوال بسبب اهلالك البضائع أو تلفها ،أو ما يتعلق هبا مببلغ يزيد أو يساوي
عشرة آالف فرنك .".....
357
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
حالة ارتكاب الناقل فعال حيرمه من ميزة احلد األقصى للتعويض املقررة له على النحو الذي
سبق ذكره يف الفصل السابق. 1
بناءا على ما ذكر فقد مت تقسيم هذا املبحث إىل مطلبني :بيان جنس البضاعة
وقيمتها يف سند الشحن يف اتفاقييت بروكسل وروتردام (مطلب أول)،االتفاق على التعويض
الكامل(مطلب الثاين).
املطلب األول:
بيان قيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن
يلتزم الناقل طبقا التفاقية بروكسل بدفع تعويض كامل عن ما يصيب البضائع من
هالك أو تلف أو الضرر الالحق بصاحب احلق يف البضاعة من جراء أتخريها يف التسليم يف
الوقت احملدد ،عند وجود بيان لقيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن ،أما يف ظل قواعد
روتردام فيكفي ذكر الناقل ادراج البيان املقدم من الشاحن واملتعلق بقيمة البضاعة .وجيب أن
يكون هذا البيان متطابقا مع احلقيقة دون كذب أو خداع منه .
فإذا كان األمر يسري وفق هذه املعطيات و حدث أن هلكت البضاعة ،أو تلفت
وثبتت مسؤولية الناقل عنها كان من حق الشاحن احلصول على تعويض من هذا األخري
يعادل املبلغ الذي سبق تدوينه يف سند الشحن .لكن إذا كانت قيمة البضاعة املدرجة يف
هذا السند ليست كما هي عليه يف احلقيقة ،فإن هذا األخري ال حيق له وفق النصوص الدولية
أخذ تعويض مطابق هلذه القيمة املخالفة للواقع .وأتسيسا عليه فإن دراسة هذا املطلب
-1يعترب بعض الفقه أن بيان جنس البضاعة وقيمتها ضراب من ضروب االتفاق الضمين على زايدة مبلغ التعويض حىت يصل إىل التعويض
الكامل الذي يتطابق مع قيمة البضاعة ولكن هذا األمر ليس صحيحا ألن مثل هذا االتفاق يشرتط فيه تطابق اجياب الشاحن مع قبول
الناقل فال يعترب ابلضرورة قبوال ابلتعويض الكامل من هذا األخري عند قيامه بتدوين قيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن أو يف وثيقة
أخرى تثبت عقد النقل البحري الدويل للبضائع ،كما ال جيب االستناد إىل معاهدة بروكسل يف ذلك ألن املعاهدة اعتربته يف هذه احلالة
تعويضا قانونيا تقرره نصوصها اآلمرة وليس تعويضا اتفاقيا فيما بني الشاحن والناقل بدليل أن الناقل يستطيع أن يقيم احلجة على أن قيمة
البضاعة وجنسها اليت أدىل هبا الشاحن يف تصرحياته غري صحيحة ويستطيع ذلك بكل طرق االثبات.
358
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
تقتضي تقسيمه إىل ثالث فروع :البيان املطابق للقيمة احلقيقية للبضاعة(فرع أول) ،البيان غري
الصحيح عن قيمة البضاعة(فرع اثين)،اثبات البيان الكاذب (فرع اثلث).
الفرع األول:
البيان املطابق للقيمة احلقيقية للبضاعة
حتدد الفقرة اخلامسة من املادة الرابعة من معاهدة بروكسل مسؤولية الناقل مببلغ أقصاه
مائة جنيه اجنليزي عن كل طرد أو وحدة ،مامل يكن الشاحن قد بني جنس البضاعة وقيمتها
قبل الشحن وأن يكون هذا البيان قد ُدون يف سند الشحن وهو الفرض الذي يتقدم فيه
الشاحن ببيان déclarationعن جنس البضاعة وقيمتها ويطلب من الناقل إبدراجه يف سند
الشحن ،كأن يذكر مثال أن البضاعة عبارة عن سبيكة من الذهب قيمتها مئة 100ألف
دينار جزائري ،أو لوحة فنية ألحد مشاهري الرسامني قيمتها نصف مليون دينار ،أو جهاز
إلكرتوين دقيق قيمته مليوانن دينار .و يقصد هبذا البيان لفت نظر الناقل إىل أمهية البضاعة
وارتفاع قيمتها ،ليبذل يف حفظها عناية أكرب و يقبل الناقل هبذا االلتزام مقابل زايدة يف أجرة
النقل وتذكر كل هذه الوقائع يف سند الشحن. 1
يتضح من ذلك أن املعاهدة توقف العمل ابحلد األقصى للتعويض املقرر ملسؤولية
الناقل يف حالة إذا ما قدم الشاحن بياان إىل الناقل عن جنس البضاعة وقيمتها وابلتايل يتحرر
الشاحن من القيد املفروض على التعويض ووفقا لنص املادة 5/4من املعاهدة ،فيصبح
إبمكانه مطالبة الناقل بتعويضه عن الضرر الذي حلق البضاعة تعويضا كامال ،حىت ولو كانت
قيمة هذا التعويض تتجاوز احلد األقصى املقرر ملسؤولية الناقل وهو مئة جنيه اجنليزي .ذلك
ألنه ُمينع على الناقل التمسك هبذا احلد األقصى إذا كانت تلك البياانت مدرجة بسند
359
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الشحن .1و إذا كان األمر على هذا النحو فماهي الشروط الواجب توافرها يف البيان حىت
ينتج أثره ؟
يظهر من خالل الفقرة اخلامسة من املادة الرابعة املذكورة أن هناك شروطا جيب أن
تتوافر جمتمعة يف البيان املقدم من الشاحن لكي يؤدي مفعوله .و هي أن يكون هذا البيان
خاصا جبنس البضاعة وقيمتها ،أن يتم تقدمي البيان قبل الشحن ،أال تزيد القيمة املصرح هبا
عن مبلغ احلد األقصى للتعويض و أخريا أن يدون البيان يف سند الشحن.
الشرط األول :أن يكون هذا البيان خاصا جبنس البضاعة وقيمتها
من الضروري أن يتضمن البيان املقدم من الشاحن طبيعة البضاعة وقيمتها معا ،كما
جيب أن يكون حمددا و واضحا دون لبس على أساس إذا تضمن معلومات عن طبيعة
البضاعة فقط ،أو قيمتها فقط فإن هذا ال يكفي لكي حيصل الشاحن على تعويض كامل
،ضف إىل ذلك جيب أن يتم حتديد جنس البضاعة ونوعها بطريقة واضحة وأن يكتب امسها
العلمي بكل وضوح دون امسها التجاري .غري أنه إذا كانت البضاعة من النوع املألوف أي
املعلوم لدى مجيع الناقلني فمن املمكن االكتفاء يف هذه احلالة ابالسم التجاري للبضاعة دون
حاجة المسها العلمي و دون أي مواصفات وخصائص أخرى متيزها ومثال ذلك أن مسحوق
اجلري Bleacling Powderهو معلوم لدى اجلميع ومن مثة يكفي كتابة هذا االسم يف
سند الشحن دون أية إشارة المسه العلمي هلذه الشحنة وهو .2 chloride of lime
فضال عن ذلك جيب أن يوضح البيان املشار إليه جنس البضاعة متاما كما هو مدون
بعقد البيع مثال حمددا وحده ،فال يكفي أن يكون بيان جنس البضاعة وقيمتها ابلتقريب أو
أن يكون حمتواي على حالة البضاعة وشكلها الظاهر فقط .وتكمن أمهية البيان املتعلق جبنس
البضاعة يف التسهيل على الناقل فيما بعد مراقبة صحة البيان الذي يذكره الشاحن واخلاص
بقيمة البضاعة ،حيث أن الناقل لو متكن من اثبات عدم صحة هذا البيان فإنه سيعفى من
360
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
املسؤولية قانوان طبقا للمادة الرابعة فقرة ، 5بند أخري من املعاهدة، 1كما ما سيأيت بيانه
الحقا.
يالحظ يف هذا الصدد أن هناك حكما قد جانبه الصواب وهو ما أصدرته حمكمة
استئناف الدار البيضاء ابملغرب بتاريخ ، 1984/3/10الذي قضى بتطبيق القواعد العامة
وفقا لقيمة البضاعة اهلالكة دون استفادة الناقل من احلد األقصى للتعويض ،ابلرغم أن
الشاحن مل يصرح بقيمة البضائع اهلالكة ،على أساس أن البضاعة املشحونة كانت ماركة
معروفة وسعرها حمدد رمسيا يف السوق ومشحونة بشكل ظاهر مما جيعل الناقل احملرتف ليس
حباجة إىل تصريح الشاحن بقيمتها .ولكن سرعان ما تراجعت احملكمة عن قضائها يف
حكمها الصادر يف ، 1988/02/16حيث ألغت حكم حمكمة أوىل درجة الذي اعتمد
نفس التحليل السابق .2
الشرط الثاين :أن يكون يتم تقدمي البيان قبل الشحن
تشرتط معاهدة بروكسل أيضا أن يكون تقدمي البيان اخلاص ببيان جنس البضاعة
وقيمتها قبل الشحن والغرض من هذا الشرط هو ترك الفرصة أمام الناقل للتعرف على نوع
البضائع وقيمتها من أجل وضع البضاعة يف املكان الالئق هبا يف السفينة حسب طبيعتها
ويتسىن له أيضا اختاذ اإلجراءات القانونية املالئمة عند الشحن ،أو الرص ،النقل ،احلفظ
والتفريغ ،3كما يدفعنا هذا الشرط للتساؤل عن مفهوم الشحن وعن مدته؟
يقصد ابلشحن وضع البضاعة املراد نقلها على ظهر السفينة 4وهي عملية مادية تتم
بواسطة آالت خاصة ختتلف حبسب طبيعة البضاعة 5ويتم الشحن عادة برافعات السفينة أو
رافعات الرصيف ،أو ابلرافعات العائمة ،أو أبانبيب إذا تعلق األمر بسوائل كالبرتول ،أو
361
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
بشفاطات إذا تلعق األمر حببوب 1أو بواسطة مصاعد مثلما هو عليه احلال ابلنسبة لشحن
الفحم يف بعض املوانئ األجنبية.2
حيث أن الشحن يبدأ منذ اللحظة اليت تتصل فيها البضائع ماداي أبدوات الشحن على
اختالفها وينتهي الشحن بوضع آخر جزء من البضاعة على ظهر السفينة .لذلك قصدت
اتفاقييت بروكسل و روتردام الرتكيز على التصريح ابلبياانت املتعلقة ابلبضاعة قبل الشحن حىت
يتمكن الناقل من إجياد الطريقة املناسبة لشحن البضاعة املقدمة إليه من الشاحن من أجل
نقلها .
كما أنه من األفضل أن يقدم الشاحن البيان كتابة إىل الناقل حىت يكون من السهل
تقدير كفاية البياانت ،كذلك إذا مل يقدم الشاحن البيان إال بعد شحن البضائع كان للناقل
رفضها والتمسك ابحلد األقصى للتعويض.3
كما أنه جيوز للناقل أن ميتنع عن تغيري موضع البضاعة ،اليت شحنت فيه على ظهر
السفينة وأن ميتنع أيضا عن تدوين جنس البضاعة وقيمتها يف سند الشحن .وال يلزم يف هذه
احلالة أن يعوض الناقل عند اصابة البضائع بضرر مببلغ يزيد عن احلد األقصى املنصوص عليه
يف املعاهدة مهما بلغت قيمة البضائع .ومع ذلك إذا مل يعرتض الناقل على البيان املقدم من
ودونهُ يف سند الشحن فإن هذا البيان يرتتب أثره
الشاحن بعد حصول الشحن وقَب َل به َ
ويقوم الناقل ابلتعويض عن كامل الضرر.4
يف هذا الشأن جتدر اإلشارة إىل أن القانون اهلولندي لسنة 1952كان أحسن
القوانني تنظيما هلذه املسألة ،حيث نص على وجوب أن يقدم الشاحن بياان عن جنس
البضاعة وقيمتها إىل الناقل قبل انعقاد عقد النقل ،أو وقت انعقاده فإذا قُدم البيان بعد هذا
-1مصطفى كمال طه ،الوجيز يف القانون البحري ،املرجع السابق ،ص . 241
-2حممد غسان الصابوين ،املرجع السابق ،ص .35
-3علي حسن يونس ،املرجع السابق ،ص.121
-4عبد الرمحن سليم ،املرجع السابق ،ص .303
362
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
التاريخ فإنه ال ينتج أثره وال حيول دون تطبيق احلد األقصى للتعويض اخلاص مبسؤولية الناقل
البحري .إن هذا القانون يقوي مركز الناقل إذ ميكنه منذ انعقاد العقد من أن يتعرف على
مدى مسؤوليته فيتخذ اإلجراءات الضرورية يف هذا الشأن ،دون أن خيشى مما يكن أن
يتعرض له من مفاجئات غري سارة عند الشحن .1
الشرط الثالث :أن تزيد القيمة املصرح هبا عن املبلغ األقصى
من مستلزمات هذا الشرط أن تكون القيمة املصرح هبا أكرب من املبلغ املقرر للحد
األقصى للتعويض املقرر ملسؤولية الناقل البحري ،أما إذا كان البيان يتضمن أقل من ذلك
املبلغ ويعين هذا أن االتفاق على أن يكون التعويض أقل من احلد األقصى للتعويض هو
ابطل بطالان مطلقا .2و ابلتايل فإن البيان على هذا النحو ال يؤدي مفعوله وال يرتب أي أثر
ويبقى حق الناقل قائما يف أن يستفيد من تعويض حمدود ،إال إذا كانت قيمة البضاعة أقل
من هذا احلد األقصى فينحصر التعويض يف هذه القيمة املعلنة يف البيان.3
عالوة على ما تقدم فإن الغرض األساسي من البيان املقدم من الشاحن هو استبعاد
احلد األقصى للتعويض ،املقرر مبوجب االتفاقية واحلصول على تعويض كامل للضرر احلاصل
للبضاعة .و هو ما ال يتحقق إال إذا كانت القيمة املعلنة أعلى من احلد القانوين للتعويض.4
لكن هناك من الفقهاء 5من ذهب إىل القول جبواز أن تكون القيمة املعلن عنها يف
البيان املقدم من الشاحن أبقل من احلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املادة 5/4
وحجتهم يف هذا التوجه أن املناقشات ،اليت دارت يف مؤمتر بروكسل لسنة 1922عندما
أعلن مندوب إجنلرتا أنه ال يوجد يف االتفاقية مانع من أن يقدم الشاحن بياان أبقل قيمة من
قيمة البضاعة احلقيقية .و عليه يلتزم الناقل مببلغ األقل دون الثمن احلقيقي للبضاعة ،كما
363
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يضيف صاحب هذا الرأي حجة أخرى لتدعيم رأيه وتتمثل يف أنه إذا كان للشاحن احلق يف
ذكر قيمة الطرد الذي يفوق مئة جنيه إجنليزي ،فمن ابب أوىل أن يكون له حلق يف أن يقدم
بياان أبقل من هذه القيمة.
غري أنه ال ميكن األخذ هبذا الرأي فهو ليس على شيء من الصحة ،ألن الغرض
األساسي من البيان املقدم هو استبعاد احلد األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املادة 5/4
وتطبيق التعويض الكامل املعلن عنه من قبل الشاحن وال تتحقق مثاره إال إذا كانت القيمة
املبينة يف البيان املقدم أعلى من احلد األقصى للتعويض الوارد ابالتفاقية ،فضال على ذلك أن
عبارة الواردة يف املادة املذكورة "مامل يكن الشاحن قد بني جنس البضاعة وقيمتها "...تدل
بوضوحعلى استبعاد احلد األقصى للتعويض عندما يكون هناك بيان مقدم من الشاحن بقيمة
أكرب من ذلك احلد القانوين، 1كما أن ذلك الرأي مل يلق قبوال لدى القضاء. 2
الشرط الرابع :أن تنصرف إرادة الشاحن إىل التعويض الكامل
يرى بعض الفقه أن معاهدة بروكسل يف الفقرة اخلامسة من املادة الرابعة منها مل تقرر
هذا البيان إال بقصد زايدة مسؤولية الناقل عن احلد القانوين .3لذلك جيب أن تنصرف إرادة
الشاحن يف بيان قيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن إىل استبعاد احلد األقصى املقرر
ملسؤولية الناقل و احلصول على مبلغ التعويض كامال ،فقد حيصل عمال أن يتقدم الشاحن
ببيان عن جنس البضاعة وقيمتها لكن ليس بقصد زايدة مسؤولية الناقل وإمنا تنفيذا لبعض
اللوائح اإلدارية املقررة يف موانئ الشحن والتفريغ واليت تتعلق بشؤون اجلمارك ،أو التصدير
واالسترياد ،أو اإلحصاء ،أو ما شاكل ذلك ويف هذه احلالة ال يعترب الناقل ملزما إال يف
حدود احلد األقصى للتعويض.4
364
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
هلذا جند الكثري من سندات الشحن املستعملة من شركات النقل الكربى ختصص
يف السند مربعني لقيمة البضاعة أحدمها مطبوع يف أعاله :القيمة لألغراض اجلمركية والثاين
مطبوع يف أعاله :القيمة للنقل ،فإذا كانت اللوائح اإلدارية توجب ذكر قيمة البضاعة يف
وهي الثالثةN.V.D: السند و أثبت مثنها يف اخلانة األوىل وكتبت يف اخلانة الثانية األحرف
خمتصر عبارة . No value declared :و هذا األمر ال خمالفة فيه للنص وخاصة أن الشاحن
سيلزم الشاحن بدفع أجور
نفسه كثريا ما حيرص عليه ألنه يف حالة تشديد مسؤولية الناقل ُ
نقل أعلى من تعريفة النقل العادية. 1
بناءا على ذلك جيب أن يكون املراد من وراء بيان جنس البضاعة وقيمتها زايدة
مسؤولية الناقل عن احلد األقصى للتعويض عند ما تثور مسؤوليته عن البضائع حمل عقد
النقل .وحىت يكون البيان مؤثرا يف التعويض ويؤدي إىل حصول الشاحن على التعويض
الكامل ملا أصاب بضائعه من هالك أو تلف.2
الشرط اخلامس :أن يدرج البيان يف سند الشحن
تشرتط املعاهدة كذلك حىت ينتج البيان املتعلق جبنس البضاعة وقيمتها أثره وجوب
تدوينه يف سند الشحن ذاته ،فال يغين عن ذلك ادراجه يف مستند آخر ،كإحالة نوع و قيمة
البضاعة إىل فاتورة الشراء ،أو أي ورقة أخرى مماثلة كاالعتماد املستندي ،أو إذن الشراء ،أو
الشهادة اجلمركية ما عدا يف حالة تواجد التصريح يف سند برسم الشحن .و هذا أمر طبيعي
على اعتبار أن هذا السند يصدر عند تسليم الشاحن البضائع للناقل وقبل قيام هذا األخري
بشحنها على منت السفينة،3فإذا مل يُدون هذا البيان يف السند كان للناقل التمسك ابحلد
األقصى للتعويض. 4
- 1إبراهيم مكي إبراهيم ،دعوى املسؤولية على الناقل البحري ،املرجع السابق،ص .394
-2املرجع السابق ،ص .395
-3وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص .217
-4علي حسن يونس ،العقود البحرية ،املرجع السابق ،ص .122
365
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
فإذا سقطت هذه البياانت الواردة يف تصريح الشاحن عن نوع البضاعة 1و قيمتها ومل
تدرج يف سند الشحن سهوا ،أو عمدا ،أو خطأً من الناقل فإن حق هذا األخري يف التمسك
ابحلد األقصى للتعويض يسقط معها .و يبقى الناقل ملزما بدفع التعويض كامال عن اهلالك
أو التلف الالحق ابلبضاعة ،لكن يقع على الشاحن هنا واجب اثبات خطأ الشاحن يف
عدم تدوين التصريح قبل الشحن.2
لقد نصت معاهدة بروكسل يف املادة4فقرة 2بند 2على أن ":البيان الوارد هبذه
الكيفية يف سند الشحن يعترب قرينة بسيطة جيوز اثبات عكسها وال تقيد الناقل الذي ميكنه
أن ينازع فيها" .مما يفهم معه أن حجية سند الشحن يف االثبات فيما يتعلق ابلبياانت الواردة
به واخلاصة جبنس البضاعة وقيمتها تعترب حجية نسبية ،3مبعىن أن للناقل أن يثبت أن تلك
البياانت اليت ذكرت يف سند الشحن غري صحيحة ويكون ذلك بكافة طرق االثبات.4كما
أن للناقل مصلحة يف اجراء هذا االثبات سوآءا يف مواجهة الشاحن أو يف مواجهة أي
شخص آخر ينتقل إليه سند الشحن.5
يستنتج الفقيهان مسيرتز و ونكلمون Winkelmonlen , Smeetersمن اختالف
صيغة نص املادة 3فقرة 4من معاهدة بروكسل ،اليت تقضي أبنه ":يعترب سند الشحن احملرر
هبذه الكيفية قرينة على أن انقل البضاعة قد تسلمها ابلكيفية املوصوفة هبا طبقا للمادة /3أ،
ب ،ج من هذه املادة مامل يقم الدليل على خالف ذلك "وصيغة نص املادة 5/4بند 2من
نفس املعاهدة ،اليت تقضي أبنه ":يعترب البيان الوارد هبذه الكيفية يف سند الشحن قرينة جيوز
- 1تنص املادة الثالثة من قانون اجلمارك املتعلق ابلعالمات على مايلي ":تعترب عالمة السلعة أو اخلدمة الزامية لكل سلعة أو خدمة
مقدمة ،بيعت أوعرضت للبيع عرب أحناء الرتاب الوطين .
جيب وضع العالمة على الغالف ،أو على احلاوية عند استحالة ذلك ....اليطبق هذا االلزام على السلع أو اخلددمات اليت التسمح
طبيعتها وخصائصها من وضع العالمة عليها وكذلك السلع اليت حتمل تسمية املنشأ"،األمر 06/03الصادر يف 19جويلية 2003املتعلق
ابلعالمات التجارية ،ج رعدد ،44الصادرة يف 23جويلية .2003
-2وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص.217
-3عبد الرمحن سليم ،املرجع السابق ،ص .304
4
-Georges Marais, op.cit, p210.
-5علي حني يونس ،العقود البحرية ،املرجع السابق ،ص.122
366
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
اثبات عكسها ولكنها ال تقيد الناقل الذي له أن ينازع فيها" .و وجه اخلالف بينهما العبارة
األخرية اليت تقضي أبن بيان جنس البضاعة يعترب قرينة "ال تقيد الناقل الذي له أن ينازع فيها
".1
يفهم من ذلك أن نية واضعي املعاهدة قد انصرفت إىل أن يكون لسند الشحن
حجية يف االثبات فيما يتعلق مبا جاء فيها من بياانت خاصة بعالمات البضاعة ،كميتها
،وزاها ،حالتها وشكلها الظاهر لصاحل الغري حامل سند الشحن أقوى من حجيتها يف
االثبات فيما يتعلق مبا ورد من فيها من بياانت خاصة جبنس البضاعة وقيمتها .وإذا كان
للناقل أن يثبت عكس ما جاء يف سند الشحن من بياانت خاصة جبنس البضاعة وقيمتها يف
مواجهة الشاحن والغري حامل سند الشحن فليس للشاحن مثل هذا احلق ،مبعىن أن الشاحن
ال جيوز له أن يتقاضى تعويضا يفوق قيمة البضاعة اليت ذكرها يف سند الشحن مهما كانت
القيمة احلقيقية للبضاعة ،حىت ولو كانت هذه القيمة تتجاوز القيمة املدونة يف سند الشحن
بناءا على البيان املقدم من الشاحن. 2
أتسيسا على ما تقدم فإن إغفال جنس البضاعة يف الشروط املتطلبة يف البيان املقدم
من الشاحن يف قواعد روتردام كان نقصا يوجب تداركه وقد أحسنت اتفاقية بروكسل صنعا
حني ألزمت الشاحن أبن يذكر يف البيان جنس البضاعة وقيمتها معا .وذلك نظرا لالرتباط
الوثيق بني جنس البضاعة وقيمتها يف املساعدة على حفظ البضاعة و ملا له من معرفة جنس
البضاعة من أمهية ،حيث أاها تسهل للناقل العناية ابلبضاعة حسب ما تتطلبه طبيعتها من
عناية وميكنه من رصها رصا مالئما واختيار املكان املناسب هلا على ظهر السفينة ،إذ أن
بعض العنابر يف السفينة قد تصلح لرص نوع معني من البضائع هبا وال تصلح لنوع آخر.3
-مشار إليهما لدى عبد الرمحن سليم ،املرجع السابق ،ص .304
1
-2املرجع السابق،ص.305
-3نبيل أمحد علي الفيشاين ،مسؤولية الناقل البحري للبضائع وفقا للقانونني اليمين واملصري واالتفاقيات الدولية (دراسة مقارنة )،أطروحة
لنيل درجة دكتوراه يف القانون ،جامعة القاهرة ،كلية احلقوق ،قسم القانون التجاري والبحري ،سنة ،2016ص.357
367
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
1
خيلص القول أنه عندما تتوافر الشروط اخلمسة املذكورة يف اتفاقييت بروكسل و وروتردام
بشأن البيان الذي يقدمه الشاحن إىل الناقل واخلاص جبنس البضاعة وقيمتها ومل يكن هذا
البيان خمالفا للحقيقة ،ترتب عنه تعطيل العمل بقاعدة احلد األقصى للتعويض الواردة يف
االتفاقيتني وابلتايل يوجب ذلك البيان على الناقل أبن يدفع مبلغ التعويض كامال و املعادل
لقيمة البضاعة املصرح هبا من طرف الشاحن و املدونة يف سند الشحن .
الفرع الثاين:
البيان غري الصحيح عن أوصاف البضاعة و قيمتها
يظهر من خالل واقع سند الشحن املعمول به يف جمال النقل البحري الدويل واملتعلق
ابلبيان غري الصحيح عن قيمة البضاعة وجود حالتني جيب التمييز بينهما :احلالة األوىل
تتمثل يف البيان غري الصحيح املتعلق ابلعالمات ،عدد وكمية البضاعة ووزاها .أما احلالة الثانية
فتخص البيان املخالف للحقيقة والذي يتعلق جبنس البضاعة وقيمتها.
الفقرة األوىل:
البيان غري الصحيح املتعلق بعالمات البضاعة ،عددها ،وزهنا وكميتها
لقد تشددت االتفاقيات الدولية (بروكسل ،هامبورغ وروتردام) بشأن التزام الشاحن
بتقدمي بيان غري صحيح عن وزن البضاعة ،عددها ،كميتها حيث جعلت هذا األخري ضامن
لصحة هذه املعلومات طبقا للمادة 5/3من اتفاقية بروكسل .و اليت تتطابق مع ما جاءت
به اتفاقية هامبورغ. 2
نصت هذه املادة على أنه ":يعترب الشاحن وقت الشحن ضامنا صحة العالمات،
العدد ،الوزن والكمية حسب البياانت اليت قدمها وعلى الشاحن أن يعوض الناقل عن أي
هالك أو تلف وكذلك املصاريف الناشئة أو املتسببة عن عدم صحة هذه البياانت" .كما لو
-1هي نفس الشروط الواجبة يف البيان املقدم من الشاحن يف املادة 1/ 59من اتفاقية روتردام ابستثناء شرط وجوب ذكر جنس البضاعة
يف هذا البيان.
-2املادة 17من معاهدة هامبورغ.
368
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أخفى مثال قابليتها للكسر أو تلفها السريع عند أتخريها يف الوصول .1و هذا األمر ال
خيلص الناقل من مسؤوليته مبوجب عقد النقل اجتاه من انتقل إليه سند الشحن ،حىت ولو
كان حسن النية ،أي ال يعلم بعدم صحة البيان الذي قدمه الشاحن حول العالمات ،العدد
،الوزن وكمية البضاعة.
أما معاهدة روتردام فقد فرقت بني التزامني خبصوص تقدمي الشاحن معلومات ،أو
تعليمات ،أو مستندات غري صحيحة وكانت غري متاحة له من مصدر آخر واليت تتعلق
ابلبضائع من حيث كيفية مناولتها ونقلها يف ظروف مناسبة مبا يف ذلك من االحتياطات
الواجبة على الناقل أو الناقل الفعلي أن يتخذها حسب ظروف احلال .وهلذا فقد قضت
املادة 30من االتفاقية أبن الشاحن مسؤول عن كل ضرر أو خسارة كانت انمجة عن التزامه
بعدم صحة املعلومات والتعليمات واملستندات اخلاصة ابلبضاعة وأقامت مسؤولية الشاحن يف
هذه احلالة على أساس خطأ واجب االثبات.
أما االلتزام الثاين وهو تقريبا يتشابه مع االلتزام األول لكن االتفاقية أفردت له حكما
أشد،2على غرار ما جاء يف املادتني 5/3من معاهدة بروكسل واملادة 17من معاهدة
هامبورغ و مفاده أن الشاحن ضامن لصحة املعلومات املنصوص عليها يف الفقرة األوىل من
هذه املادة .وهي ختص املعلومات الالزمة إلعداد تفاصيل عقد النقل (وصف البضاعة
،عددها ،وزن البضائع إذا أورده الشاحن ابإلضافة إىل العالمات الالزمة ،اليت تسمح
ابلتعرف على البضائع).
و هبذا تكون املعاهدات الدولية قد أمجعت على ترتيب جزاء قاسي على الشاحن عن
عدم صحة هذه املعلومات،حيث وضعت على عاتقه التزاما بضمان األضرار الناجتة للناقل
عن معلومات غري صحيحة املقدمة منه .و تقضي قاعدة الضمان هذه إبلزامه ابلتعويض
-1قرارية قويدر ،مسؤولية الشاحن يف عقد النقل البحري للبضائع ،اجمللة اجلزائرية للقانون البحري والنقل ،العدد الرابع ،منشورات خمرب
القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد تلمسان(اجلزائر) ،دار كنوز للنشر والتوزيع ،سنة،2016ص .91
-2املادة 31من معاهدة روتردام.
369
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
بغض النظر عما إذا ارتكب خطأ يف تقدمي معلومات غري صحيحة عن سهو ،أو حسن نية
أم ال .وعليه تبقى مسؤوليته قائمة ،حىت ولو أثبت أن سبب هذه املعلومات يعود إىل سبب
أجنيب ،مامل يكن هذا السبب الذي دعا الشاحن إىل تقدمي معلومات خمالفة للحقيقة يف
إعداد تفاصيل العقد هو فعل الناقل بتحريضه على التصريح مبعلومات خاطئة ،إما للتواطؤ
هبدف خداع الغري ،وإما لتمرير بضائع على وجه غري مشروع.1
الفقرة الثانية
البيان غري الصحيح اخلاص جبنس البضاعة و قيمتها
جتيز معاهدة بروكسل دون سواها من االتفاقيات الدولية الالحقة هلا للناقل يف املادة
،5/4بند 22منها إثبات عكس ما ورد يف سند الشحن .أي أن البياانت اليت أدىل هبا
الشاحن خبصوص جنس البضاعة وقيمتها غري صحيحة يف مواجهة الشاحن ،أو يف مواجهة
الشخص الذي انتقل إليه سند الشحن ،فإن عدم صحة هذا البيان يكون يف فرضني ال
اثلث هلما ،إما أن يكون خمالفا للحقيقة حبسن نية ،وإما أن يكون هذا البيان كاذاب بسوء
نية.
أوال :البيان غري الصحيح الصادر حبسن نية
هذه احلالة تكون عندما يتقدم الشاحن إىل الناقل أو وكيله ببيان عن جنس البضاعة
بتدوين هذا البيان يف سند الشحن ،مث يثبت هذا األخري أن البيان
وقيمتها ،فيقوم الناقل َ
املدون غري مطابق للحقيقة ،لكنه يكتشف بعد ذلك أن عدم صحة البيان إمنا كانت عن
حسن نية الشاحن.
من أجل توضيح الفكرة أكثر نسوق املثال اآليت :اتفق شاحن جزائري مع انقل
اجنليزي على نقل 1000ابلة من القطن املصري من ميناء اإلسكندرية إىل ميناء الغزوات
370
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ابجلزائر ،مث قدم الشاحن اجلزائري بياان عن جنس البضاعة وقيمتها قبل الشحن وقام الناقل
إبدراج هذا البيان يف سند الشحن ،مث اتضح أن البيان يف شق منه واخلاص بقيمة البضاعة
غري مطابق حلقيقة البضاعة،حيث أن الشاحن قد أعلن أن قيمة البالة الواحدة هو500جنيه
اسرتليين .
مث بعد ذلك يتبني للناقل أن مثن البالة الواحدة يف يوم وصول السفينة إىل ميناء
الوصول وفقا لسعر السوق أو البورصة ال يزيد على 400جنيه اسرتليين وبسؤال الشاحن عن
البيان املقدم منه أثبت أن مثن البضاعة يف الشهر املاضي كان عبارة عن 500جنيه اسرتليين
الواحدة وهلذا اعتقد أن السعر مل يتغري منذ الشهر املاضي .ومن مثة َدون مبلغ 500جنيه
اسرتليين كثمن عن البالة الواحدة. 1
فإذا هلكت ابلة واحدة من القطن وانعقدت مسؤولية الناقل عنها ومتكن هذا األخري
من اثبات أن عدم صحة القيمة املذكورة يف البيان فهل تعود مسؤوليته إىل احلدود القانونية؟
،أي ما يعادل 100جنيه اسرتليين الذهيب أم أاها تتخطى هذه احلدود لتقف عند القيمة
احلقيقية للبضاعة؟ 2لقد انقسمت آراء الفقه حول هذا االشكال إىل اجتاهني:
االجتاه األول:
يرى أصحاب هذا الرأي 3أبنه يف مثل هذه احلالة يلزم الناقل أبن يدفع للشاحن
تعويضا متطابقا مع القيمة حلقيقية للبضاعة اهلالكة وهي 400جنيه إسرتليين يف املثال
السابق ،لكن بشرط أن يثبت أن هذه القيمة هي صحيحة خالف ملا هو مدون يف سند
الشحن من قيمة خاطئة.
371
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
االجتاه الثاين:
ذهب أنصار1هذا االجتاه إىل نقيض القول السابق ،حيث يرون أبن الشاحن الذي
كانت نيته حسنة وأدىل ببيان غري صحيح عن قيمة البضاعة وجنسها فإنه ال حيق له
احلصول على تعويض كامل عن هالك بضاعته .و ابلتايل يكون التعويض الذي حيصل عليه
الشاحن من الناقل يف هذه احلالة وفق احلد األقصى املنصوص عليه يف االتفاقية.
ابإلضافة إىل ذلك يدعم أصحاب هذا الرأي 2وجهة نظرهم ابملناقشات اليت دارت بني
املؤمترين حول املادة 5/4من اتفاقية بروكسل عند اعدادها سنة 1924واليت يستدل منها
أن حسن نية الشاحن مل يكن أبدا سببا من أسباب استبعاد قاعدة احلد األقصى للتعويض
،كما أنه ليس من مربرات هذه القاعدة أاها جاءت ملعاقبة الشاحن إذا كان سيء النية ،أو
جمازاته إذا كانت نيته حسنة .لذلك جيب معاملة الشاحن الذي يقدم بياان غري صحيح عن
جنس البضاعة وقيمتها وهو حسن النية مثل الشاحن الذي مل يقدم بياان على اإلطالق.
بناءا على ذلك يكون من حق الناقل أن يتمسك ابحلد األقصى للتعويض يف حدود
مئة جنيه إسرتليين عن كل طرد أو وحدة من البضاعة اهلالكة ،أو التالفة .وعلة هذه املساواة
كن الناقل من اختاذ اإلجراءات الالزمة للمحافظة
أن البيان غري الصحيح مثل انعدامه ال مي ُ
على البضاعة ولعل هذا هو الرأي الواجب اتباعه ألنه يتماشى مع روح االتفاقية وحيافظ على
ثبات امليزان الذي وازنت به االتفاقية بني مصاحل الناقل ومصاحل الشاحن .
كما يالحظ أن هذا الرأي يتدرج منطقيا من األعلى إىل األسفل وفق مبدأ العدالة
،فيتدرج من حرمان الناقل من قاعدة احلد األقصى للتعويض يف حالة البيان احلقيقي املطابق
جلنس البضاعة و قيمتها إىل السماح له ابلتمسك هبذه القاعدة إذا كان التصريح خمالفا
-1حممد هبجت قايد ،مسؤولية الناقل البحري ،املرجع السابق ،ص، 118عبد الرمحن سليم ،املرجع السابق ،ص ،307علي حسن
يونس ،العقود البحرية ،املرجع السابق ،ص.122
-2مشار إليه لدى ملزي عبد الرمحن ،املرجع السابق ،ص .212
372
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
للحقيقة حبسن نية الشاحن ،مث اعفاء الناقل من املسؤولية متاما إذا كان هذا التصريح كاذاب
حبيث تَعمدهُ الشاحن من أجل مغالطة الناقل.1
اثنيا :البيان الكاذب الصادر بسوء نية
جاء يف املادة 5/4بند 4من املعاهدة أنه ":ال يسأل الناقل أو السفينة يف أية حالة
اهلالك أو التلف الالحق ابلبضائع أو ما يتعلق هبا إذا تعمد الشاحن تدوين بيان غري صحيح
عن جنس البضاعة أو قيمتها يف سند الشحن ".
من خالل هذا النص 2يتضح أن املعاهدة قد أعفت الناقل من املسؤولية كجزاء
للشاحن على تقدميه بياانت غري صحيحة عن البضاعة ،عن عمد ومع العلم التام بعدم
صحتها وإلعمال هذا النص جيب توافر ثالث شروط:3
أ-صدور بيان كاذب من الشاحن بشأن جنس البضاعة وقيمتها.
ب-أن يكون البيان قد مت عن علم وعمد.
ج-ثبوت هذا البيان يف سند الشحن.
الشرط األول :صدور بيان كاذب من الشاحن بشأن جنس البضاعة وقيمتها.
إن البيان الكاذب املقصود هنا هو املتعلق بطبيعة البضاعة أو قيمتها ،فال أثر للبيان
الكاذب إن كان واردا على عالمات البضاعة أو وزاها وال يشرتط لتطبيق املادة 5/4بند 4
أن يكون البيان كاذاب فيما يتعلق جبنس البضاعة وقيمتها معا بل يكفي أن يكون البيان كاذاب
ابلنسبة ألحدمها.4
373
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ويف الغالب ما يصعب على الناقل اكتشاف الغش يف البياانت املتعلقة جبنس البضاعة
وقيمتها ،نظرا ملا يتطلبه ذلك من فحص دقيق للبضاعة .وهو يقتضي وقتا طويال مما ال يتفق
والسرعة الواجبة يف العمليات البحرية.1
من بني القضااي اليت طبق فيها القضاء الفرنسي 2هذا النص حيث أعفى الناقل من
املسؤولية بسبب تصرحيات الشاحن غري الصحيحة ،يف قضية تتلخص وقائعها يف أن عملية
نقل متت بني ميناء انبويل إىل ميناء مرسيليا وكانت البضاعة كانت عبارة عن 1860
صندوق من قطع غيار السيارات وقد دونت يف سند الشحن بناءا على تصرحيات الشاحن
واليت مفادها أن البضاعة قطع غيار وأن مثن الصندوق الواحد هو 1000دوالر،إال أن الناقل
اراتب يف صحة هذا البيان ومع ذلك قام بتدوين هذا القيمة املصرح هبا وبعد ذلك قام
بتحري هذا األمر ،فتبني له أن سعر الصندوق الواحد ال يتجاوز 475دوالر أمريكي .
لكن عند الوصول إىل ميناء مرسيليا وصلت البضاعة وقد هلك منها 18صندوقا
،فطالب الشاحن من الناقل دفع مبلغ التعويض عن هذه اخلسارة وفق قيمة 18000دوالر،
أي حسب القيمة املبينة يف سند الشحن وهي 1000دوالر عن الصندوق الواحد ،فقام
الناقل إبثبات أن سعر الصندوق الواحد هو 475دوالر فقط وأن الشاحن قد تعمد
التصريح مببلغ 1000دوالر و مبا أن اتفاقية بروكسل هي الواجبة التطبيق على النزاع ،
فقضت حمكمة استئناف مرسيليا إبعفاء الناقل من املسؤولية خبصوص اهلالك الذي أصاب
البضاعة وحبرمان الشاحن من أي تعويض استنادا للمادة ،5/4بند.4
كما قضت حمكمة ابريس التجارية يف حكمها الصادر يف 1977/3/23بسقوط
حق الشاحن يف رفع دعوى على الناقل ،ألنه صرح أبن البضاعة عبارة عن ألعاب وهي يف
احلقيقة عبارة عن قداحات (.3)Briquet
-1مصطفى كمال طه ،أساسيات القانون البحري ،املرجع السابق ،ص ،279بسام عاطف املهتار ،املرجع السابق ،ص .170
-2يوسف يعقوب صرخوه ،النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري عن البضائع يف القانون البحري الكوييت اجلديد ،املقال السابق ،ص
،210هبجت علي قايد ،مسؤولية الناقل البحري ،املرجع السابق ،ص .118
-3مصطفى اجلمال ،املرجع السابق ،ص ،252وهو كذلك ما قضت به حمكمة اجلزائر يف 16مارس 1950يف قضية ذكر الشاحن أن
البضاعة عبارة عن أدوات صناعية مع أن الطرد جيتوي على ثالجة ،نظرا ألن أجرة نقل الطن من الثالجات يزيد على األدوات الصناعية
:بسام عاطف املهتار ،املرجع السابق ،ص 169هامش رقم .1
-4إبراهيم مكي إبراهيم ،دعوى املسؤولية على الناقل البحري ،املرجع السابق ،ص .403
-5يوسف يعقوب صرخوه ،النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري عن البضائع يف القانون البحري الكوييت اجلديد ،املقال السابق
،ص.118
375
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
هذا ما أتكد من خالل قرار حملكمة استئناف Aixالفرنسية 1يف قضية طرحت أمامها
واليت مفادها أن شاحنا َعه َد إىل انقل بثالثة صناديق (أاثث ولوازم شخصية) لنقلها من ميناء
الدار البيضاء إىل ميناء مرسيليا ،حيث أثبت الشاحن يف اإلقرار اجلمركي عند الشحن مثنا
منخفضا للبضاعة ،يف حني قام بنفس الوقت ابلتأمني عليها مببلغ يعادل ثالثة أمثال املبلغ
الذي صرح به للسلطات اجلمركية .
قام الناقل بعد اطالعه على بياانت الشاحن لسلطات اجلمارك إبثبات قيمة البضاعة
،كما أن سند الشحن قد اقتصر على اثبات أن Billet de bord تلك يف أوراق السفينة
البضاعة قد شحنت يف عنابر السفينة وليس فيه أي بيان عن قيمة البضاعة .و عند وصول
الصناديق إىل مرسيليا تبني أن الناقل قد رصها على السطح وأاها أصيبت بتلف كبري وملا رفع
الشاحن الدعوى مطالبا ابلتعويض دفع الناقل أبنه معفى من كل مسؤولية بسبب البيان
الكاذب عن قيمة البضاعة .
قضت احملكمة يف هذه القضية مبسؤولية الناقل وقالت أبن مثل هذا البيان ال يعترب
بياان كاذاب ابملعىن املقصود يف املادة 5/4بند 4مادام الناقل قد حرره بنفسه ،حبيث ال يعترب
أي عنصر من عناصره مقدما من الشاحن ابلذات وال عربة بعدم اعرتاض الشاحن على ذلك
طاملا خال سند الشحن من أي ذكر لقيمة البضاعة .كما مل تقبل احملكمة األخذ ابالختالف
بني القيمة املصرح فيها يف اإلقرار اجلمركي والقيمة املؤمن عليها دليال ضد الشاحن ،مقررة
أبن الشاحن وحده من يدرك مسؤولياته وأهدافه من وراء القيمة ،اليت يقر هبا أمام السلطات
اجلمركية ،أو يؤمن هبا على بضاعته لدى شركة التأمني وأن البيان الكاذب الذي يؤدي إىل
اجلزاء املنصوص يف املعاهدة هو البيان ،الذي يقدمه الشاحن إىل الناقل ويتم اثباته يف سند
الشحن الصادر بنقل البضاعة.2
-1حكم صادر بتاريخ 11أفريل: 1967مشار إليه لدى املرجع السابق ،ص . 403
- 2إبراهيم مكي إبراهيم ،دعوى املسؤولية على الناقل البحري ،املرجع السابق،ص .404
376
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
هذا و يشرتط جانب من الفقه 1إضافة إىل ما سبق أن يكون البيان املقدم من
الشاحن أعلى من قيمة البضاعة احلقيقية ،إذ يكون هناك حمل يف هذه احلالة لتوقيع
اجلزاء(اعفاء الناقل من املسؤولية) على الشاحن ألنه يسعى إىل االثراء على حساب الناقل،
فإذا كان البيان أبقل من هذه القيمة فال يعفى الناقل من املسؤولية ويستندون يف ذلك على
احلجج اآلتية:2
-1أن الشاحن إذا كان له احلق يف أن يدون يف سند الشحن أي بيان عن قيمة البضاعة
ومع ذلك فله احلق طبقا لنصوص املعاهدة يف تعويض ال يتجاوز مئة جنيه اجنليزي عن كل
طرد ،أو وحدة فمن ابب أوىل أن حيق له ذلك إذا ذكر يف سند الشحن بياان يقل عن قيمة
البضاعة احلقيقية .وال يعترب هذا البيان سببا يف اعفاء الناقل من املسؤولية ،إذ ال يتفق واملنطق
أن يستحق الشاحن تعويضا ال يتجاوز مئة جنية اجنليزي إذا جاء سند الشحن خاليا من أي
بيان عن قيمة البضاعة .وال يستحق الشاحن شيئا وابلتايل يعفى الناقل من املسؤولية إذا دون
يف سند الشحن بياان أبقل من قيمة البضاعة احلقيقية.
-2لقد تضمن بروتوكول توقيع املعاهدة فقرة تقضي ":أبن للجهات العليا املتعاقدة أن حتفظ
لنفسها احلق تقرير أبن البند األخري من املادة 5/4ال ينطبق يف حالة ما إذا قدم الشاحن
بياان أقل من القيمة احلقيقية" .و هذه الفقرة وأن حذفت من بروتوكول التوقيع ،إال أن روح
اليت أملت نص املادة 5/4من املعاهدة تكفي لتقريرها.
-3ابالستناد إىل العلة من وجود النص األخري وهي محاية الناقل من مغاالة الشاحن يف
تقدير قيمة البضاعة بقصد احلصول على تعويض أكثر مما يستحق وحتميل الناقل مسؤولية
أشد ،فإذا كانت قيمة البضاعة يف البيان املقدم من الشاحن أقل من قيمتها احلقيقية فال
1
- Georges Ripert, droit maritime, tome II 4eme édition, op.cit, n°1818, Georges
Marais , op.cit ,p213, Antione Villard, Droit maritime,op.cit,p422.
علي مجال الدين عوض ،القانون البحري لسنة ، 1969املرجع السابق ،ص،757كمال محدي ،مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف
قانون التجارة البحرية رقم 8لسنة ،1990املرجع السابق ،ص.197
-2عبد الرمحن سليم ،املرجع السابق ،ص 311وما يليها.
377
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
شك أن هذه العلة تنتفي،1إذ أن التعويض الذي حيصل عليه الشاحن ينحصر يف القيمة
املدونة يف البيان ،الذي قدمه مهما كانت أقل من القيمة احلقيقية.
-4و يضيف الفقيه "جورج ماري" 2Georges Maraisدليال آخر على صحة هذا الرأي
وهو مستمد من األعمال التحضريية للمعاهدة ،فقد جاء على لسان مندوب احلكومة
اإلجنليزية يف مؤمتر 1922أبنه ال يوجد يف نصوص االتفاقية ما مينع الشاحن أبن يقدم بياان
عن طرد أبن قيمته 500جنيه اجنليزي ،غري أن قيمته احلقيقية يف الواقع هي 1000جنيه
اجنليزي .و يف هذه احلالة يسأل الناقل مببلغ تعويض يف حدود 500جنيه اجنليزي .
خالفا لذلك يذهب اجتاه آخر 3إىل أنه يستوي أن يكون البيان الكاذب الوارد على
القيمة قد تضمن قيمة أكرب أم أقل ،فهو نص مطلق وال وجه لتقييده .كما ذهبت حمكمة
النقض الفرنسية إىل أن نص املادة ،5/4بندأخري حيرم الشاحن من املطالبة الناقل ابلتعويض
إذا تعمد تدوين بيان غري صحيح عن قيمة البضاعة من غري متييز بني ما إذا كان هذا البيان
أعلى من القيمة احلقيقية للبضاعة أو أقل منها.4
من خالل آراء الفقه ميكن القول أن التفسري ،الذي ذهبت إىل حمكمة النقض الفرنسية
هو األوىل ابالتباع وأن احلجج اليت ساقها أصحاب االجتاه األول يف تدعيم رأيهم إمنا هي
أسانيد مردودة مبا يلي: 5
-1فالقول أبن العلة تتمثل يف اجلزاء مبنع الشاحن من التصريح بقيمة أعلى بغية يف زايدة
مسؤولية الناقل قول ال سند له على ذلك ،ألن العلة الصحيحة هي اليت تستنبط من النص
378
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
والعلة اليت يقول هبا أولئك الشراح علة متومهة .فضال عن ذلك فإن البيان بقيمة أقل قد
يرتتب عليه ضرر للناقل إذا كانت أجرة النقل تقدر على أساس قيمة البضاعة .
-2أما عن حذف العبارة اليت كان يتضمنها بروتوكول التوقيع على معاهدة بروكسل واليت
حتفظ للدول املتعاقدة حق تقرير عدم انطباق البند األخري من املادة ، 5/4يف حالة ما قدم
الشاحن بياان أقل من القيمة احلقيقية فمعىن ذلك أنه دليل على العدول عن هذا املعىن وعلى
سراين أحكام املعاهدة وخاصة منها االعفاء ،الذي قرره النص األخري للناقل من مسؤوليته
،عندما يقدم له الشاحن البيان أبقل قيمة ،من القيمة احلقيقية للبضاعة حمل عقد النقل
الدويل.
-3كما أن القول الذي يرى أنه مادام الشاحن يستطيع أال يصرح بقيمة البضاعة إطالقا فله
من ابب أوىل أن يصرح بقيمة أدىن من القيمة احلقيقية هلا هو قياس فاسد .ويكفي للرد عليه
القول أنه يف حالة عدم التصريح فإن مسؤولية الناقل تتحدد ابحلد القانوين املنصوص عليه
ابملعاهدة وهو مائة جنيه إجنليزي (ذهيب) عن كل طرد أو وحدة .و هذا مبلغ مرتفع يف أغلب
األحوال اليت تشحن فيها الطرود حبرا ،يف حني أن التصريح بقيمة أدىن من القيمة احلقيقية قد
جير إىل أن ميلي الناقلون و هم الطرف القوي يف عقد النقل على الشاحنني التصريح بقيمة
أدىن من القيمة احلقيقية ومن احلد القانوين للتعويض توصال منهم إىل ختفيف مسؤوليتهم،
ذلك التخفيف الذي منعته نصوص اآلمرة للمعاهدة.
وهلذا يقول الدكتور مصطفى كمال طه 1أنه إذا ُدون يف سند الشحن بيان عن قيمة
البضاعة يقل عن قيمتها احلقيقية نتيجة تواطئ بني الناقل والشاحن وبقصد ختفيف مسؤولية
األول فإنه يكون ابطال بطالان مطلقا ،طبقا لنص املادة. 8/3
كما يرى بعض الفقه أنه من الغريب أن يذهب الفقيه "سوفاج" Sauvage 2إىل تربير
التصريح بقيمة أدىن حبجة أن الشاحن مل يفعل أكثر من ختفيف مسؤولية الناقل القانونية ،يف
380
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
،فالشاحن هنا يكون قد ارتكب خطأً عندما تقدم ببيان أقل من القيمة احلقيقية وخري
تعويض للناقل عن هذا اخلطأ هو اعفاؤه من املسؤولية عن حالة اهلالك أو التلف اليت نتجت
من جراء خطأ الشاحن.1
الفرع الثالث:
اثبات البيان الكاذب
طبقا للمادة 5/4بند 1يعترب البيان املدون يف سند الشحن صحيحا حىت يثبت
العكس وليس اثبات العكس سهال يف مجيع حاالته ،فكثريون خيسرون دعواهم ابلرغم أاهم
أصحاب احلق فيما يدعون ألاهم عجزوا عن إقامة الدليل الذي يوصل إىل إقناع القاضي
،هلذا كانت معرفة الطرف الذي يتحمل عبء االثبات مسألة ذات أمهية كربى من الناحية
العملية ،فَكون أحد اخلصمني غري مكلف ابإلثبات يعترب ميزة له من انحية مركز اخلصوم يف
الدعوى ،ألن هذا يؤدي به إىل كسب الدعوى إذا عجز خصمه عن االثبات. 2
كما أن األحكام اليت تتعلق بتعيني من يكلف ابإلثبات يسيطر عليها مبدأ عام هو
مبدأ احرتام الوضع الثابت والوضع قد يثبت للشخص بصفة أصلية ،أو بصفة عرضية ،أو
حبسب الظاهر فعلى من يدعي هذا الوضع الثابت أصال ،أو عرضا ،أو ظاهرا له أن يثبت ما
يدعي به.3
إذن طبقا للمبدأ العام فالناقل يف هذه احلالة هو املدعي ،لذلك يقع عليه عبء
اثبات عدم صحة البيان الصادر من الشاحن، 4أي إثبات أن طبيعة البضاعة املبينة يف سند
381
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الشحن ختتلف عن الطبيعة احلقيقية للبضاعة ،أو أن القيمة املثبتة يف السند تقل أو تزيد عن
القيمة احلقيقية. 1
لقد قضت املادة 5/4بند 3من معاهدة بروكسل إبعفاء الناقل من مسؤوليته عن
هالك البضاعة أو تلفها أو ما يتعلق هبا إذا تعمد الشاحن تدوين بيان غري صحيح عن
جنس البضاعة أو قيمتها ،مما يعين أنه من أجل اعفاء الناقل من مسؤوليته خبصوص اهلالك
أو التلف الالحق البضاعة جيب أن يكون الشاحن قد تعمد التصريح ابلبيان غري صحيح
عن قيمة البضاعة أو قيمتها.
غري أن هذه املعاهدة مل تبني مسألة من يكون عليه اثبات تعمد الشاحن البيان
الكاذب ،هلذا يطرح التساؤل عما إذا كان يكفي الناقل اثبات البيان الكاذب الصادر من
الشاحن بشأن قيمة البضاعة أو جنسها من أجل االعفاء من املسؤولية ؟ أي يفرتض هبذا
االثبات أمرا آخر و هو تعمد الشاحن أو سوء نيته يف التصريح ببيان كاذب ؟أم يلزمه اثبات
األمرين معا ؟
اختلفت وجهات النظر يف اإلجابة عن هذ االشكال وانقسمت إىل ثالث اجتاهات:
االجتاه األول:
ذهب بعض الفقه 2إىل افرتاض العمد من جانب الشاحن عندما يقوم الناقل إبثبات
الناقل أن البيان الصادر عن الشاحن غري مطابق للحقيقة فإنه إبثبات ذلك يفرتض أن
الشاحن قد قام ابلتصريح غري الصحيح عن سوء نية وإذا أراد الشاحن اثبات العكس فعليه
اثبات حسن نيته.
-1يوسف يعقوب صرخوه ،النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري عن البضائع يف القانون البحري الكوييت اجلديد ،املقال السابق
،ص.210
2
- Georges Marais, op.cit, p215.
هبجت علي قايد ،مسؤولية الناقل البحري ،املرجع السابق ،ص ،118عبد القادر حسني العطري ،الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية
(،دراسة مقارنة ) ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،اإلسكندرية ،بدون اتريخ نشر ،ص.435
382
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
االجتاه الثاين:
يرى أصحاب هذا االجتاه إىل أنه مىت أثبت الناقل عدم صحة البيان املدون يف سند الشحن
فإن من حقه أن يستمع إىل التفسري الذي يقدمه الشاحن تعليال لذلك و يكون للمحكمة
تقدير هذا التعليل للفصل يف حسن أو سوء نية الشاحن.1
ابلتمعن يف هذا االجتاه يتضح أنه هو اآلخر على غرار سابقه يعفي الناقل من عبء
اثبات العمد لدى الشاحن وهلذا يالحظ وجود صلة بني االجتاه األول واالجتاه الثاين ألن كل
منهما يعفي الناقل من عبء هذا االثبات.2
االجتاه الثالث:
يذهب مجهور 3الفقهاء إىل إلقاء عبئ االثبات على الناقل يف سبيل االعفاء من
مسؤوليته أن يثبت وجود البيان الكاذب وأنه قد مت عن قصد وعمد .و يستندون على صحة
رأيهم ابحلجتني اآلتيتني: 4
-1أن األصل يف االنسان حسن النية وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل على ما
يدعيه.
-2حنن بصدد نص استثنائي يستفيد من انطباقه الناقل ،إذ يتوصل به إىل التخلص من
مسؤوليته وعليه إذن توافر شرطني معا :وجود البيان الكاذب وكونه مت بعلم ودراية من
الشاحن.
383
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
بناءا على الرأي الغالب فإن الناقل يف سبيل االعفاء من املسؤولية عن هالك البضاعة
أو تلفها ،يف حالة البيان الكاذب الصادر من الشاحن ال يكفيه اثبات هذا البيان الكاذب
فحسب ،بل جيب عليه أن يثبت أيضا سوء نية الشاحن ،أو تعمده التصريح ببيان غري
صحيح عن نوع البضاعة وقيمتها.
على صعيد آخر فقد اثرت عدة تساؤالت حول ضرورة إثبات الناقل للعالقة السببية
بني عدم صحة البيان الصادر من الشاحن وهالك البضائع أو تلفها من عدمه ويرى البعض
أن الناقل يعفى من املسؤولية حىت ولو تكن هناك عالقة سببية بني تعمد الشاحن ذكر
بياانت غري صحيحة وبني الضرر ،ذلك أن املشرع الدويل إمنا أراد حرمان الشاحن من
التعويض كنوع من العقوبة على غشه للمتعاقد معه وليس ألن غشه هو املتسبب يف احداث
الضرر أو ساهم فيه .وأتسيسا على ذلك فإنه ال يقبل من الشاحن إقامة الدليل على عدم
وجود العالقة السببية بني البياانت غري الصحيحة والضرر.1
هذا ما ذهب إليه الفقيهان Christian Scapel،Pierre Bonassiesيف تفسري املادة
36من القانون الفرنسي لسنة ، 1966حيث قاال أبنه عندما تثور مسؤولية الشاحن يف
حال اإلخالل ابلتزامه بتقدمي تصرحيات صحيحة بشأن قيمة البضاعة وجنسها ،فإن الناقل ال
يتطلب منه اثبات العالقة السببية بني عدم صحة التصرحيات واهلالك ،أو التلف الالحق
ابلبضاعة.2
خيلص القول مما سبق أن املعاهدات الدولية الثالث تتفق على تشديد مسؤولية
الشاحن خبصوص البيان غري الصحيح واملتعلق بعالمات البضاعة ،عددها ،وزاها وكميتها
وذلك بتقريرها لقاعدة الضمان وإلزامه بتعويض الناقل عن أية أضرار تنجر عن البيان غري
الصحيح ،بصرف النظر عما إذا مت تقدمي تلك املعلومات غري الصحيحة خبطأ منه سهوا أو
-1سوزان علي حسن ،عقد نقل البضائع ابحلاوايت ،املرجع السابق ،ص .154
2
- Pierre Bonassies et Christian Scapel,op.cit, p666, en même sense :AntioneVillard,
Droit maritime,op.cit,p422.
384
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
حبسن نية أو بسوء نية ،بل يبقى مسؤوال حىت ولو أثبت أن سبب املعلومات املقدمة غري
الصحيحة راجع إىل سبب أجنيب .
أما بشأن البيان غري الصحيح عن قيمة البضاعة وجنسها يتعني التفريق بني حالتني:
حالة األوىل فتتمثل يف كون الشاحن حسن نية وأخذا ابلرأي الراجح يف هذه احلالة جيب أن
يساوى بني الشاحن الذي يقدم بياان غري صحيح عن جنس البضاعة وقيمتها وكان حسن
النية و الشاحن الذي مل يقدم بياان على اإلطالق.
على هذا ال جيب أن حيرم الشاحن حسن النية من التعويض كله بل حيق له أن
أيخذ تعويضا وفق حد أقصى ،يف حدود مئة جنيه إسرتليين عن كل طرد أو وحدة من
البضاعة اهلالكة أو التالفة ،أما احلالة الثانية فتكون عند صدور بيان كاذب من الشاحن
بسوء نية فإن معاهدة بروكسل قد أعفت الناقل من املسؤولية صراحة كجزاء للشاحن على
تقدميه بياانت كاذبة ،عن جنس البضاعة وقيمتها عن قصد .ومع ادراكه التام بعدم صحتها
ولكي يستفيد الناقل هنا من هذا االعفاء جيب عليه أن يثبت أمرين :البيان الكاذب وأيضا
سوء نية الشاحن ،أو تعمده التصريح ببيان غري صحيح عن جنس البضاعة وقيمتها.
املطلب الثاين:
التعويض االتفاقي الكامل املباشر ومزااه
لقد اعتربت معاهدة بروكسل 1و روتردام 2أن بيان قيمة البضاعة وجنسها صورة غري
مباشرة من صور التعويض الكامل عن هالك أو التلف الالحق ابلبضاعة كما سبق التفصيل
فيه يف املطلب األول ،لكن أحياان قد يلجأ الشاحن إىل االتفاق مع الناقل بغية يف احلصول
على تعويض كامل بسبب أن عدم تصرحيه بقيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن ،خوفا
من دفع رسوم مجركية على قيمة البضاعة سيؤدي به إىل حصول على تعويض وفق قاعدة
احلد األقصى.
. -1املادة 5/4من معاهدة بروكسل األصلية لسنة ، 1924املادة /2أ من بروتوكول 1968املعدل هلذه االتفاقية
-2املادة 59من قواعد روتردام .
385
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
كما يعترب الناقل هو املستفيد من هذه القاعدة ،فقد جرت العادة يف جمال النقل
البحري أن يقبل الناقل ابالتفاق املباشر مع الشاحن على حصول تعويض كامل مقابل دفع
الشاحن أجرة نقل تالئم القيمة احلقيقية للبضاعة .ويشمل هذا االتفاق كل حاالت هالك
البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف التسليم .بناءا على ذلك سيتم تقسيم هذا املطلب إىل
فرعني :الفروق اجلوهرية بني التعويض االتفاقي الكامل والشرط اجلزائي(فرع أول) ،مزااي
االتفاق على التعويض الكامل و شروطه صحته (فرع الثاين).
الفرع األول:
الفروق اجلوهرية بني التعويض االتفاقي الكامل والشرط اجلزائي
نصت املادة 183من القانون املدين اجلزائري على أنه ":جيوز للمتعاقدين أن حيددا
مقدما قيمة التعويض ابلنص عليها يف العقد ،أو يف اتفاق الحق وتطبق يف هذه احلالة
أحكام املواد 176إىل ."181
بناءا على األساس هذا فإنه جيوز للشاحن والناقل أن يتفقا مسبقا على حتديد مبلغ
التعويض قبل وقوع ضرر ألحد املتعاقدين ويطلق على هذا التحديد يف املفهوم القانوين
ابلشرط اجلزائي .ومسي بذلك ألنه يوضع عادة كشرط ضمن شروط العقد األصلي ،1الذي
يُستحق التعويض على أساسه ولكن ال شيء مينع من أن يكون يف اتفاق الحق طبقا ملا
جاء يف النص املذكور أعاله.
نظرا للتشابه الكبري بني التعويض االتفاقي والشرط اجلزائي كان البد من تسليط الضوء
أوال على الشرط اجلزائي من حيث تعريفه ،طبيعته وخصائصه وشروط استحقاقه ،مث بعد
ذلك يليه التعرض لنقاط االختالف الفاصلة بني الشرط اجلزائي والتعويض الكامل االتفاقي.
-1عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط يف شرح القانون املدين ،اجلزء الثاين ،املرجع السابق ،ص .851
386
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-1حممد بن عبد العزيز بن سعد اليمين ،الشرط اجلزائي وأثره يف العقود املعاصرة(دراسة فقهية مقارنة) ،رسالة دكتوراه يف الدراسات اإلسالمية
ختصص فقه وأصوله ،قسم الثقافة اإلسالمية –كلية الرتبية – جامعة امللك سعود ،اململكة العربية السعودية ،سنة 1425ه،1426-
ص.48
-2حممود مجال الدين ،مشكالت املسؤولية املدنية ،اجلزء الثاين ،املرجع السابق ،ص .188
-3سليمان مرقس ،أحكام االلتزام (آاثر االلتزام وأوصافه وانتقاله وانقضاءه)،دار النشر للجامعات املصرية ،مصر ،سنة ،1957ص
.137
387
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
لكن قد تتعارض األحكام املرتتبة على كون الشرط اجلزائي اتفاقا خيضع لشريعة
املتعاقدين مع األحكام املرتتبة على اعتباره تعويضا ،فيخضع لقواعد التنفيذ مبقابل إذ يقتضي
األمر تغليب إحدى الصفتني على األخرى .1و مثال ذلك إذا تفق الشاحن والناقل على
التزام األخري أبن يدفع لألول مبلغ 100000دينار تعويضا عن عدم تنفيذ التزامه إبيصال
البضاعة يف الوقت احملدد بصرف النظر عن حصول أي ضرر للشاحن ،فإن تغليب حكم
العقد على أحكام التنفيذ مبقابل يؤدي إىل الزام الناقل هبذا الشرط اجلزائي دون تكليف
الشاحن ابعتباره دائنا إبثبات أهم شروط استحقاق التعويض وفقا للقواعد العامة وهو شرط
وقوع ضرر له (هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول) جراء عدم تنفيذ الناقل عملية
النقل .
كما يؤدي ذلك أيضا إىل الزام الناقل ابعتباره مدينا مببلغ 100000دينار كاملة ولو
كان الضرر الذي أصاب الشاحن أقل من هذه القيمة ،أو مل يكن هناك ضرر قد أصابه
وابلعكس من ذلك فإن تغليب أحكام التنفيذ مبقابل على حكم العقد جييز للقاضي أال
حيكم ابلشرط اجلزائي مىت مل يلحق الشاحن ضرر من عدم التنفيذ ،أو من التأخري يف
التنفيذ.2كما جييز له أيضا أن خيفض قيمة الشرط اجلزائي إذا كانت قيمة الضرر الذي وقع
أقل من القيمة املتفق عليها.3
يرى بعض الفقه أبن السري يف هذا االجتاه األخري من شأنه أن يُفقد االتفاق على
التعويض أمهيته العملية مادام حيول دون خروجه عن حكم القواعد العامة للتنفيذ مبقابل وهذا
ال يتفق مع اخلدمة احلقيقية اليت يؤديها الشرط اجلزائي يف العمل .لذلك كان من الواجب
التسليم أبن الشرط اجلزائي ينطوي أيضا على فكرة اثلثة هي فكرة اجلزاء أو العقوبة اخلاصة
388
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
واملقررة برضا الطرفني ،إذ أن هذه الفكرة من شأاها أن تسهل التوفيق بني الفكرتني السابقتني
من حيث إضافة فكرة اجلزاء إىل فكرة التعويض وتسمح أبن تكون قيمة الشرط اجلزائي أكرب
من قيمة الضرر ،أو أبن يطبق الشرط اجلزائي دون حاجة إىل اثبات الضرر طاملا أنه مل يثبت
عدم وقوع ضرر وبذلك يقرتب حكم الشرط اجلزائي من حكم العقد وتسمح ابلقول أبن
الشرط اجلزائي هو إىل حد كبري شريعة املتعاقدين.1
اثلثا :خصائص الشرط اجلزائي
يتبني مما تقدم أن الشرط اجلزائي اتفاق يقصد به اخلروج عن أحكام التقدير القضائي
للتعويض املستحق عند االخالل بعقد النقل البحري للبضائع ،ويتميز ابخلصائص اآلتية:
-1الشرط اجلزائي اتفاق عادي:
يرتتب على كونه اتفاقا أن تسري عليه مجيع أحكام العقد ،من حيث أركانه وشروطه،
فريد عليه البطالن وقابلية العقد لإلبطال وفقا للقواعد العامة.
-2التزام تبعي:
أي أنه اتبع لعقد النقل فهو ليس ابلتزام أصيل ،أما االلتزام األصيل الذي يتبعه االلتزام
ابلشرط اجلزائي فهو ما التزم به الناقل أصال من إيصال البضاعة سليمة يف الوقت واملكان
املتفق عليهما مبقتضى عقد النقل البحري مث يتفق مع الشاحن على مبلغ معني يقدران به
التعويض عند اخالل الناقل ابلتزامه املذكور .ويرتتب على ذلك أن االلتزام الشرطي اتبع
لاللتزام األصلي أمران :األول يتمثل يف أن العربة اباللتزام هو االلتزام ابلناشئ عن عقد النقل
ال ابلشرط اجلزائي ،أما الثاين فيتجسد يف أن بطالن عقد النقل يستتبع الشرط اجلزائي ،أما
بطالن الشرط اجلزائي فال يستتبع بطالن عقد النقل.2
-1مشار إليه لدى سليمان مرقس ،أحكام االلتزام ،املرجع السابق ،ص .138
-2عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط يف شرح القانون املدين ،اجلزء الثاين ،املرجع السابق ،ص 860ومايليها.
389
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-1عز الدين الديناصوري و عبد احلميد الشواريب ،املرجع السابق ،ص .1015
-2عبد املنعم حسين ،املوجز يف النظرية العامة لاللتزام ،ملحق العدديني الثالث والرابع ،دار الطباعة احلديثة ،القاهرة ،سنة ،1999
ص.163
390
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
1
لذلك إذا استحال على الناقل تنفيذ التزاماته لغري سبب أجنيب مل ينفسخ العقد
ويكون للشاحن اخليار أن يطلب التنفيذ مبقابل أي التعويض فيعمل ابلشرط اجلزائي وبني أن
يطلب الفسخ مع التعويض ويف هذه احلالة ال يعمل ابلشرط اجلزائي. 2
يف هذا الشأن قضت حمكمة النقض املصرية 3أبن ":الشرط اجلزائي وعلى ما جرى به
قضاء هذه احملكمة التزام اتبع لاللتزام األصلي إذ هو اتفاق على جزاء االخالل هبذا االلتزام
،فإذا سقط االلتزام األصلي فُسخ العقد وسقط معه الشرط اجلزائي .وال يعتد ابلتعويض
املقدر مبقتضاه ،فإن استحق تعويض للدائن توىل القاضي بتقديره وفقا للقواعد العامة ،اليت
جتعل عبء اثبات الضرر وحتققه ومقداره على عاتق الدائن".
-3الشرط اجلزائي اتفاق سابق على اإلخالل بعقد النقل
ينتج عن أسبقية الشرط اجلزائي على اإلخالل بعقد النقل أنه إذا مت االتفاق على تقدير
التعويض بعد حصول الضرر فإن هذا االتفاق يعترب صلحا وتطبق عليه أحكام الصلح ال
أحكام الشرط اجلزائي.4
-4خروجه على القواعد العامة
يرتتب على كونه اتفاقا خيرج ابلتعويض عن حكم التقدير القضائي أن نصوصه تعترب
مبثابة نصوص استثنائية جيب تفسريها بدقة أي بدون توسع.5
-1شريف أمحد الطباخ ،املسؤولية املدنية (التقصريية والعقدية ) ،اجلزء الرابع ،دار الفكر والقانون ابملنصورة ،مصر ،سنة ،2012ص
.28
-2حممد كمال عبد العزيز ،التقنني املدين يف ضوء القضاء والفقه ،اجلزء األول يف االلتزامات ،الطبعة الثانية ،مؤسسة روز اليوسف،
،مصر،سنة،1981ص .819
-3طعن مدين مصري صادر بتاريخ ،1978 /4/18رقم 663لسنة 44ق ،طعن رقم 3647لسنة 70ق بتاريخ
: 2001/12/11سعيد أمحد شعلة ،قضاء النقض املدين يف املسؤولية والتعويض(جمموعة القواعد القانونية اليت قررهتا حمكمة النقض يف
خالل اثنني وسبعني عاما 1931إىل،2003توزيع منشأة املعارف ،سنة ،2003ص،384ص.391
- 4سليمان مرقس ،أحكام االلتزام ،املرجع السابق ،ص.140
- - 5املرجع السابق ،املوضع نفسه.
391
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-1عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط يف شرح القانون املدين ،اجلزء الثاين ،املرجع السابق ،ص .855
-2حممود مجال الدين زكي ،نظرية االلتزام يف القانون املدين املصري ،اجلزء الثاين ،مطبعة جامعة القاهرة ،سنة ،1974ص.32
-املادة 1/184من القانون املدين اجلزائري.
3
392
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
املناسب .ومع هذا ال ميكننا القول أباهما متطابقان يف املعىن ،حيث يوجد بينهما اختالف
وهذا ما يستشف من الفروق اليت متيز بني التعويض الكامل االتفاقي وفكرة الشرط اجلزائي1و
هي تتمثل يف ما يلي:
-1القيمة املتفق عليها يف التعويض الكامل االتفاقي ال بد من أن تكون مطابقة للقيمة
احلقيقية للبضاعة حمل عقد النقل البحري ،بينما يكون للمتعاقدين يف حالة الشرط اجلزائي
احلق يف االتفاق على مبلغ أكرب من الضرر الذي يتوقعانه ،أي أكرب من القيمة احلقيقية
للبضاعة .ويعترب الشرط اجلزائي يف مثل هذه احلالة مبثابة هتديد مايل لتنفيذ عقد النقل
البحري ،فضال عن ذلك أن تقدير التعويض يف حالة الشرط اجلزائي يتم بطريقة جزافية ،بينما
يف التعويض الكامل االتفاقي يقوم على أسس اثبتة إذ يقوم الشاحن بتقومي بضاعته على
أساس سعر السوق يف ميناء الوصول.2
كما أن الصفة التهديدية اليت تقرتن ابلشرط اجلزائي هي ليست سوى أثر عارض له
ال ميس جبوهره وال يغري من طبيعته ،ألنه يف قوامه تقدير اتفاقي للتعويض عن عدم تنفيذ
التزام معني ،أو عن عيب يف تنفيذه ،أو عن أتخري يف تنفيذه أو عدم فسخ العقد لعدم
تنفيذه .لكنه خيضع لقاعدة التفسري الضيق فإذا اشرتط عن االخالل ابلتزام معني ،أو نوع
معني من اإلخالل به ،أو نوع خاص من الضرر ،بقيت االلتزامات أو األنواع األخرى من
اإلخالل ،أو من األضرار مبنأى عن نطاقه وختضع يف تقدير التعويض عنها للقواعد العامة.3
-3حممود مجال الدين ،مشكالت املسؤولية املدنية ،اجلزء الثاين ،املرجع السابق ،ص .190
393
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-2وجود سلطة للقاضي يف ختفيض الشرط اجلزائي إذا أثبت الناقل أن تقدير التعويض كان
مبالغا فيه بدرجة كبرية،1أو أن عقد النقل قد نفذ جزءا منه كأن سلم هذا األخري بعض
البضاعة اليت التزم بتسليمها ويكون ختفيض مبلغ التعويض 2احملدد يف الشرط اجلزائي وفقا
للفقه الفرنسي بنسبة الفرق بني الفائدة اليت جناها الشاحن من التنفيذ اجلزئي والفائدة اليت
كان سيجنيها من التنفيذ الكلي ولو كان الضرر الذي حلق املضرور يقل يف احلقيقة عنه.3
و ال حيكم القاضي هبذه القيمة إال إذا أثبت الشاحن أن الناقل قد ارتكب غشا أو
خطأً جسيما حسب ما جاء يف املادة 185ق م ج .وهو ما ينعدم يف التعويض الكامل
االتفاقي إذ جيب على القاضي تطبيق قاعدة النسبية وال يوجد هناك ما يدعوه إىل خفض
مبلغ التعويض أي ال ميكن أن حيصل الشاحن أو املرسل إليه إال على تعويض مساوي للضرر
الذي يصيب البضاعة .و مثاله أن شاحن اتفق مع انقل على أن يكون مبلغ التعويض يف
حالة اهلالك أو التلف الطرد أو الوحدة من البضاعة ب 10000دينار جزائري وهي قيمته
احلقيقية ،فإذا تلفت البضاعة بنسبة %70فإن التعويض سوف حيسب وفق قيمة الضرر ،
أي ال يلزم الناقل يف هذه املثال إال بدفع 7000دينار جزائري وابلتايل فإن القاضي ال
ينبغي له إال أن حيكم هبذا املبلغ.
-1مىت كان تقدير التعويض يف الشرط اجلزائي مفرطا فيه إىل درجة كبرية والفرض يف هذه احلالة أن الناقل مل يقم بتنفيذ عملية النقل أصال
أو أتخر يف ايصال البضائع مدة استحق من أجلها التعويض املنصوص عليه يف الشرط ،ألن الشرط اجلزائي املبالغ فيه هو مبثابة عقوبة
فرضها الشاحن على الناقل ومن مث يكون هذا الشرط ابطال ويتدخل القاضي بتقدير التعويض وفقا للقواعد العامة ،كما أنه ليس سببا يف
استحقاق التعويض بل هو قاصر على تقديره مقدما وفقا ملا كان ظاهرا وقت االتفاق بني الطرفني من اعتبارات وظروف ،فإذا اتضح بعد
ذلك أن الضرر الذي وقع مل يكن ابلقدر الذي توقعه الطرفان قبل وقوعه وأن تقديرمها للتعويض عنه كان مبالغا فيه ،فإن األمر ال خيلو
عندئذ من غلط يف التقدير وقع فيه املتعاقدان أو ضغط وقع على الناقل فقبل شرطا يعلم مقدما أنه جمحف ويف احلالتني يكون الواجب
ختفيض الشرط اجلزائي إىل احلد الذي يتناسب مع الضرر إال أنه رغم ذلك ال تزال فائدته حمققة للشاحن من وجوه ثالث–1:جيعل الضرر
مفروضا ال يكلف الشاحن إبثباته ،فإذا ادعى الناقل أن الشاحن مل يلحقه ضرر فعليه يقع عبء االثبات -2،يضع قرينة على أن تقدير
التعويض املتفق عليه مساو للضرر ،فإذا ادعى الناقل أنه مبالغ فيه كان عليه عبء اثبات ذلك -3،يف حالة ما إذا أخفق هذا األخري يف
اث بات أن التقدير مبالغ فيه إىل حد كبري ،فال جيوز للقاضي يف هذه احلالة ختفيض الشرط اجلزائي حىت ولو زاد التقدير الوارد فيه على الضرر
زايدة كبرية ،وحىت إذا استطاع اثبات ذلك وخفض القاضي الشرط اجلزائي ،فإن التخفيض يكون إىل حد يتناسب مع الضرر وال يتحتم أن
يكون مساواي للضرر :عز الدين الديناصوري و عبد احلميد الشواريب ،املرجع السابق ،ص .1014
-املادة 2/184ق م ج.
2
-3مشار إليه لدى حممود مجال الدين زكي،نظرية االلتزام يف القانون املدين املصري ،املرجع السابق،ص.36
394
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-3عندما يبطل الشرط اجلزائي وكذلك هو احلال إذا اختار الشاحن عند اخالل الناقل
ابلتزامه األصلي يف إيصال البضاعة فسخ عقد النقل بدال من املطالبة بتنفيذ الشرط اجلزائي،
سقط االلتزام ابلنقل مبجرد فسخ العقد وسقط معه الشرط اجلزائي .وحيق للشاحن املضرور
أن يطالب يف حاليت بطالن الشرط اجلزائي و فسخه ابلتعويضات املعادلة للضرر احلاصل
وفقا للقواعد العامة يف التعويض.1
بناءا على ذلك حيصل املضرور على ما حلقه من خسارة وما فاته من كسب ،بينما
يف حالة بطالن االتفاق على التعويض الكامل أو فسخه فإن االتفاق ال يكون انفذا و
يصبح غري ذي أثر .و ابلتايل حيسب التعويض وفق نظام احلد األقصى للتعويض ،املقرر يف
االتفاقية الواجبة التطبيق و هو 100جنيه إسرتليين طبقا ملعاهدة بروكسل.
أما إذا كانت معاهدة هامبورغ هي واجبة التطبيق على النزاع فعلى القاضي أن حيكم
ابلتعويض على أساس 835وحدة حق سحب خاص ،عن كل طرد ،أو وحدة شحن ،أو
2.5وحدة عن الكيلوغرام من البضاعة اهلالكة أو التالفة ،أو مثلني ونصف لألجرة
املستحقة عن البضاعة اليت حلقها التأخري. 2لكن عند تطبيق قواعد روتردام فيختلف األمر إذ
جيب احلكم للمضرور بتعويض ال يتجاوز 875وحدة حق سحب خاص عن كل رزمة أو
وحدة شحن أو 3وحدات عن كل كيلوغرام من الوزن االمجايل للبضاعة موضوع املطالبة أو
النزاع.
395
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفرع الثاين:
مزاا االتفاق على التعويض الكامل و شروطه صحته
يتمتع هبا االتفاق على التعويض الكامل أبمهية ابلغة ابلنسبة للشاحن و املرسل إليه مما
يدفعنا ذلك إىل تسليط الضوء على مزااي هذا االتفاق (أوال) ،مث التطرق لشروط صحته
(اثنيا).
الفقرة األوىل:
مزاا االتفاق على التعويض الكامل
يعترب االتفاق الذي يربمه الشاحن مع الناقل على تعويض كامل ذو مزااي عديدة إذ
سيحصل على إثره الشاحن على مبلغ يتعادل مع قيمة اهلالك أو التلف الذي يلحق
ابلبضاعة ،لذلك كثريا ما يلجأ املتعاقدان إليه وهو شرط متداول يف عقود املقاولة وعقود
التوريد وعقود النقل .1وابألخص يف النقل البحري للبضائع ،نظرا لوجود نظام احلد األقصى
ملسؤولية الناقل والذي يقف أمام الشاحن كعائق مينع حصوله على تعويض كامل يتناسب مع
القيمة احلقيقية للبضاعة حمل عقد النقل يف أحكام هامبورغ يف كل األحوال ما عدا يف حالة
هالك البضاعة و تلفها بسبب تصرف الناقل الذي أيخذ وصف سوء السلوك العمدي .
أما يف اتفاقية بروكسل فيتسع التعويض الكامل القانوين ليشمل حالة بيان قيمة
البضاعة وجنسها ،كما أن قواعد روتردام اشرتطت من أجل ذلك بيان قيمة البضاعة فقط
،لكن الشاحن قد ال يستطيع التصريح بقيمة البضاعة وجنسها ألسباب مالية ،أو هتراب من
مبالغ الرسوم اجلمركية ،اليت تزيد مع ارتفاع مثن البضاعة ،أو خوفا من السرقة يف حالة ما إذا
كانت هذه املمتلكات مثينة كسبائك من الذهب وغريها.
مهما كانت املعاهدة املطبقة على عقد النقل البحري ،فإنه من مصلحة الشاحن
احلصول على موافقة الناقل املسبقة ابالتفاق معه على تعويض كامل عند هالك بضاعته أو
396
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
تلفها أو أتخريها يف التسليم وهو ما جتيزه االتفاقيات الدولية املذكورة كلها وتتعدد مزااي
التعويض الكامل اإلتفاقي إمجاال فيما يلي:1
-1إذا كانت الطريقة املثلى يف توحيد القانون البحري تكمن يف توحيد التشريعات الوطنية
وذلك بعقد معاهدات دولية تتضمن قانوان موحدا حيل حمل التشريع الدويل، 2غري أن هذا ال
يكون له أي فعالية إذا مل تتوحد التطبيقات القضائية .وهو ما يتحقق يف االتفاق على
التعويض الكامل،إذ يف وجوده ال يكون هناك أي تباين ألحكام التعويض ،ألن لب
االتفاقيات الدولية وجوهرها هو تقرير التعويض العادل عند تسوية املنازعات اليت تنشأ بني
الناقلني والشاحنني .لذلك فإن االتفاق على التعويض الكامل يساهم يف توحيد االختالف
بني أحكام التعويض املرتتبة عن نفس الفعل املرتكب من الناقلني يف دول خمتلفة .
-2يصبح الناقل مبقتضى هذا االتفاق أكثر اهتماما ابلبضاعة أثناء الشحن والتفريغ ،أي أن
الناقل سيتخذ كل االحتياطات الالزمة لوصول البضاعة سليمة ،حىت ال يضطر إىل دفع
تعويض ٍ
معادل للقيمة احلقيقية للبضاعة.
-3الشاحن وحده من يستطيع تقومي بضاعته ،فإذا صدر منه اجياب وكان مطابقا للحقيقة
وقبل الناقل بذلك أصبح هذا التقومي هو التعويض األمثل ،حيث حيصل الشاحن على
التعويض الكامل املعادل للضرر الذي حيدث .فضال على ذلك أن االتفاق يضمن للشاحن
عدم اختالل ذمته املالية نتيجة هالك البضاعة أو تلفها ،فهو إما أن حيصل على تعويض
كامل ،أو أن تصل البضاعة سليمة إىل ميناء الوصول فيوفر عليه ذلك الكثري من الوقت
واملال عند رجوعه على الناقل للمطالبة ابلتعويض عن الضرر ،الذي أصابه من جراء هالك
البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول.
397
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-3االتفاق على التعويض الكامل يقلل إىل حد كبري املنازعات اليت ميكن أن تثور بشأن ركن
الضرر من حيث وقوعه أو عدمه ومن حيث اعتبار الضرر مباشرا أو غري مباشر ،متوقعا أو
غري متوقع ومن حيث قيمته .ألنه يتضمن تسليما من الناقل أبن اخالله ابلتزامه يرتب عليه
ضرر للشاحن مما يستوجب دفع التعويض املتفق عليه ،فيخفف ذلك من عبء االثبات عن
الشاحن ويسهل مهمة القضاة يف تقدير التعويض. 1كما يقضي على كل شبهة يف خطأ من
القاضي حول تقدير التعويض الكامل للضرر الذي حيدث.
الفقرة الثانية:
الشروط الالزمة لصحة االتفاق على التعويض الكامل
هناك مجلة من الشروط اليت جيب توافرها يف االتفاق املربم بني الناقل والشاحن بشأن
التعويض الكامل وهي كما يلي:2
أ-أن تنعقد مسؤولية الناقل البحري الدويل عن حالة اهلالك أو التلف أو التأخري،طبقا
لالتفاقيات الدولية (بروكسل ،هامبورغ ،روتردام) وبناءا عليه إذا مل يكن هناك ضرر فال تنعقد
املسؤولية ومن مث ال يلزم الناقل البحري بدفع أي تعويض .ومثال ذلك :أن شاحن جزائري
أبرم عقد نقل مع انقل إيطايل على نقل 500صندوق من السكر من ميناء ايطاليا إىل
ميناء اجلزائر .ومت االتفاق على ميعاد معني للتسليم يف ميناء اجلزائر ،على أن يكون التعويض
يف حالة التأخري هو جرب الضرر كامال ،مث حدث أتخري يف تسليم البضاعة وابلفحص
والتحليل اتضح أنه مل يرتتب على التأخري أي ضرر للشاحن ،يف هذه احلالة ال تنعقد
املسؤولية ومن مث ال يلزم الناقل بدفع أي تعويض لعدم وجود ضرر الحق ابلشاحن .
ب-أال يقع غلط أو تدليس أثناء االتفاق املربم بني الناقل والشاحن والذي مبقتضاه حيصل
الشاحن على تعويض معادل للضرر ،الذي حيدث للبضاعة الواجب نقلها مبقتضى عقد
398
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
النقل البحري ،فإذا متسك الناقل إببطال عقد النقل على أساس الغلط أو التدليس ففي هذه
احلالة يبطل العقد ويصبح كأن مل يكن .وابلتايل إذا مل يكن هناك اتفاق على استبعاد احلد
األقصى للتعويض املنصوص عليه يف املواد 5/4من معاهدة بروكسل 1/6،من اتفاقية
هامبورغ واملادة 59من قواعد روتردام فال مناص من تطبيق هذا احلد القانوين .
ج -أال يتنازل الشاحن للناقل عن حقه يف الرجوع على شركة التأمني ،يف حالة ما إذا كان
املؤمن على بضاعته أو أي شرط مماثل من شأنه حصول املضرور على التعويض من غري ذمة
الناقل املالية ،فمثل هذا الشرط يفضي إىل عدم حتمل الناقل املسؤولية عن هالك أو تلف
البضائع و يكون على حساب من قام بتعويض املضرور والذي حيرم الشاحن من الرجوع
على الناقل البحري ابملسؤولية.1
بناءا على هذا إذا وافق الناقل على ابرام اتفاق يزيد عن مقدار احلد األقصى
للتعويض املذكور يف االتفاقيات الدولية الثالث يف نظري أن يتنازل الشاحن للناقل عن
التعويض ،الذي تدفعه شركة التأمني يف حالة هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول
إىل املرسل إليه فإن هذا االتفاق هو ابطل، 2ألنه يؤدي إىل إعفاء الناقل البحري من دفع
تعويض بطريق غري مباشر وإذا أبطل االتفاق اعترب كأن مل يكن .ومن مث ينطبق احلد األقصى
للتعويض الوارد ابالتفاقيات الدولية املذكورة ،نظرا لعدم وجود اتفاق على استبعاده من قبل
املتعاقدين.3
د-جيب أن تفوق القيمة املتفق عليها مقدار احلد األقصى للتعويض الوارد يف املادة 5/4من
اتفاقية بروكسل ،املادة 1/6من معاهدة هامبورغ و املادتني 60، 59من قواعد روتردام.
وعلة ذلك أن اتفاق الناقل والشاحن على تعويض أقل من مقدار احلد األقصى يدخل ضمن
-1عاطف حممد الفقي ،قانون التجارة البحرية ،املرجع السابق ،ص ،346وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص .197
-2طبقا للمواد 8/3 :من معاهدة بروكسل ،املادة 23من اتفاقية هامبورغ واملادة 79من اتفاقية روتردام.
-3حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص 116وما يليها.
399
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
االتفاقات الباطلة وعلة البطالن يف هذه أن احلالة احلد األقصى للتعويض يعترب نوعا من
احلماية القانونية للشاحن .
لذلك ال ميكن هلذا األخري أن يتنازل عما قررته االتفاقيات من محاية قانونية مبحض
ارادته وعلى العكس ابلنسبة للناقل إذ يعترب احلد األقصى للتعويض ميزة له وكل ميزة جيوز
التنازل عنها.1و هذا البطالن بال شك يقضي على احلاالت اليت يستغل الناقل فيها حاجة
الشاحن إىل النقل ويفرض عليه مبالغ ال تتطابق مع القيمة احلقيقية للبضاعة حمل عقد النقل
البحري.
ه-يف حالة اهلالك الكلي جيب أن يكون مقدار التعويض املتفق عليه معادال للقيمة احلقيقية
للبضاعة ،فإذا كانت القيمة املتفق عليها أقل من القيمة من احلقيقية وأكرب من مقدار احلد
األقصى للتعويض املنصوص عليه يف االتفاقيات الدولية(بروكسل ،هامبورغ ،روتردام)،فإن
الشاحن ال يستحق سوى املبلغ املتفق عليه ،أما إذا كان املتفق عليه أقل من القيمة احلقيقية
للبضاعة ،فإن الشاحن يف هذه حلالة مل حيصل على تعويض معادل للضرر الذي حدث.
من أجل تبسيط هذه الفكرة أكثر نقدم املثال التايل :أُبرم عقد نقل بني شاحن
جزائري وانقل اجنليزي على نقل 5000طرد من احلليب اجملفف من ميناء مرسيليا إىل ميناء
اجلزائر العاصمة ،مث اتفق الطرفان على أن يكون مقدار التعويض 100جنيه اسرتليين 2يف
حالة هالك الطرد الواحد أو تلفه ،يف حني أن القيمة احلقيقية للطرد الواحد 125جنيه
اسرتليين وعند وصول البضاعة اتضح أن هناك هالكا ل 500طرد من جممل البضاعة
-1يكون الناقل يف مركز قوي ابلنسبة للشاحن وال حيتاج هذه احلماية اليت حيتاجها هذا األخري ،لذلك تعترب القواعد اليت قررهتا املعاهدات
الثالث (بروكسل ،هامبورغ ،روتردام) احلد األدىن ملسؤولية الناقل البحري ،كما تسمح للناقل أن يتنازل عن حقوقه واالعفاءات املخولة له
،أو أن يزيد يف مسؤولياته والتزاماته ،فاملعاهدات ال هتتم سوى إببطال شروط االعفاء من املسؤولية أو ابلشروط اليت تنزل مبسؤولية الناقل
عن احلد الذي قررته ،أما غري ذلك من الشروط اليت تتضمن تشديد مسؤولية الناقل أو زايدة أعبائه فال اختالف حول صحتها :علي حسن
يونس ،عقد النقل ،املرجع السابق ،ص 338وما يليها ،حمسن شفيق ،املرجع السابق ،ص .117
-2طبقا للمادة 5/4من معاهدة بروكسل ابعتبارها التشريع الدويل الواجب على القاضي اجلزائري تطبيقه على النزاع(بسبب انضمام اجلزائر
هلذه املعاهدة).
400
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
فطالب الشاحن اجلزائري الناقل الفرنسي ابلتعويض عن الطرود اهلالكة ،والسؤال الذي يطرح
هنا كيف يتم احتساب التعويض؟
يف هذه احلالة يتم تقدير التعويض على أساس 50000= 5000.100جنيه
واحلكمة من ذلك أن الناقل ملزم بدفع القيمة املتفق عليها مع الشاحن ،كما ال جيوز
للشاحن أن يطالب أبكثر من القيمة املتفق عليها مع الناقل .وإذا كان احلال كذلك فإن
الشاحن اجلزائري مل حيصل على تعويض معادل للضرر الذي حدث ،حيث أنه حصل على
تعويض يقدر ب 100جنيه اسرتليين ،يف حني القيمة احلقيقية للبضاعة للطرد الواحد وهي
120جنيه.
لكن قد يستحق الشاحن تعويضا كامال مطابقا للضرر الذي يلحق ابلبضاعة عندما
يرتكب الناقل فعال يدخل حتت فكرة سوء السلوك العمدي واملكونة من العمد وعدم
االكرتاث وابلتايل يف هذه احلالة على القاضي أن حيكم مببلغ يساوي القيمة احلقيقية ،وفقا
ملبلغ 120جنيه إسرتليين للطرد الواحد .أما ما يصدر عن مستخدمي الناقل أو وكالئه من
أفعال فإنه ال حيول دون دفع الناقل املبلغ املتفق عليه وهو 100جنيه ولو بلغت تلك
األفعال مرتبة الغش أو عدم االكرتاث.1
خالصة القول أن كل الشروط املذكورة أعاله جيب أن تتوافر جمتمعة يف االتفاق الذي
يربم بني طريف عقد النقل حىت حيصل الشاحن على تعويض كامل ،مطابق لقيمة الضرر الذي
يكمن يف هالك البضاعة أو تلفها أو ما ينجم عن أتخريها يف التسليم إىل املرسل إليه.
ويتطلب احلصول على التعويض عموما اتباع بعض اإلجراءات الشكلية اخلاصة برفع الدعوى
هبا ضد الناقل ابعتباره املسؤول األول عما يلحق البضائع اليت تعهد بنقلها حىت تقبل هذه
الدعوى املرفوعة أمام القاضي املختص بفض النزاع ،إذا جلأ طرفا عقد النقل البحري إىل
-1كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ( 1978قواعد هامبورغ)،املرجع السابق ،ص .124
401
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
القضاء كطريق أصيل لتسوية املنازعات البحرية .وكذلك إذا اختارا التحكيم البحري كبديل
آخر للفصل يف املنازعات ابحلدود اليت رمستها االتفاقيات البحرية الدولية .
املبحث الثاين:
تسوية منازعات التعويض ضد الناقل البحري
يقصد بدعوى التعويض املرفوعة ضد الناقل البحري دعوى املسؤولية املرفوعة على هذا
األخري ،عن األضرار الالحقة ابلبضائع أثناء تنفيذ عقد النقل البحري .كما اختلفت
االتفاقيات البحرية الدولية (بروكسل ،هامبورغ ،روتردام) حول حتديد األضرار احلاصلة يف
املرحلة البحرية احملضة عن ما خيرج عن نطاقها ،حيث اقتصرت اتفاقية بروكسل كما سلف
و اليت تبدأ من شحن البضاعة إىل La partie maritime ذكره على املرحلة البحرية فقط
تفريغها .
لقد كانت املعاهدة حمل انتقاد الفقه يف هذا الشأن بسبب القصور يف توفري احلماية
للشاحن الذي كان واضحا على نصوص املعاهدة .1و هذا خالفا اتفاقييت هامبورغ وروتردام
اللتان قامتا بتوسيع تلك املرحلة وجعلها تبدأ منذ استالم الناقل البضاعة إىل غاية تسليمها
إىل صاحبها يف امليناء املتفق عليه ،فتضل رحلة البضائع مابني اإلستالم والتسليم طويلة
الوصول. وحمفوفة ابملخاطر البحرية مما قد يعرضها للهالك والتلف أو التأخري يف
فإذا مل تصل البضائع إىل امليناء املتفق عليه سليمة وكاملة العدد ،عندئذ يقتضي األمر
من املضرور املطالبة ابلتعويض عما حلق بضاعته من هالك أو تلف أو ضرر انجم عن
أتخريها يف الوصول ،عن طريق خيارين و يشكل القضاء أحدها ،لكن هذا اخليار يبقى
األقل نصيبا يف العالقات التجارية الدولية ،نظرا ألن إجراءات التقاضي فيه تكون
1
- Francis Sauvage, Manuel pratique du transport des marchandises par mer ,
op.cit,p129.
402
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
علنية1وتستغرق وقتا طويال ،كما تعتمد نتائجه يف كثري من األحيان على اعتبارات قانونية
وليس على اعتبارات الواقع العملي.2
ألجل ذلك ال بد كان من البحث عن طريق بديل يقضي على عيوب القضاء ،فظهر
التحكيم مربزا أمهيته البالغة يف املنازعات البحرية املتعلقة بتنفيذ عقود النقل البحري وعمليات
التجارة البحرية بني دول العامل ،حيث يتميز هذا األخري عن قضاء الدولة الداخلي ابلسرعة
يف الفصل يف املنازعة البحرية ،ابإلضافة إىل سهولة اجراءاته وسريته التامة .3على هذا فقد
اقتضت دراسة هذا املبحث من خالل مطلبني :تسوية املنازعات عن طريق القضاء(مطلب
أول) ،التحكيم البحري كبديل عن االختصاص القضائي (مطلب اثين).
املطلب األول:
تسوية املنازعات عن طريق القضاء
تتعلق أحكام الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري مبسائل املرافعات وهلذا تركتها
االتفاقيات الدولية للقانون الواجب التطبيق فاقتصرت على تنظيم بعض املسائل القليلة منها
،فقدرت أن وضع أحكام موحدة بشأاها مما يعني على استقرار املعامالت الدولية ،فقد
عاجلت اتفاقييت هامبورغ وروتردام مسائل خمتلفة منها اإلخطارات ،التقادم ،االختصاص
القضائي والتحكيم .
خالفا لذلك فلم تتكلم اتفاقية بروكسل إال يف مسألة اإلخطارات وتقادم دعوى
التعويض ،كما أضاف بروتوكول تعديلها لسنة 1968إىل املادة 3فقرة جديدة بشأن تقادم
دعوى الرجوع .4و بناءا على هذا تتطلب دراسة دعوى املسؤولية املرفوعة أساسا على الناقل
-1نص املادة 7من القانون رقم 09-08املؤرخ يف 25فرباير 2008املتضمن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اجلزائري واليت جاء فيه ما يلي:
"اجللسات علنية مامل متس العلنية ابلنظام العام أو اآلداب العامة أو حرمة األسرة" :ج ر عدد 31صادر يف .2008/02/23
-2عمر سعد هللا ،قانون التجارة الدولية (النظرية املعاصرة)،الطبعة الثانية ،دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ببوزريعة ،اجلزائر ،سنة
،2009ص.262
-إميان فتحي حسن اجلميل ،اتفاق التحكيم البحري ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،سنة ،2015ص.3
3
اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص.166 -4حمسن شفيق،
403
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
البدء بتحديد أطراف دعوى التعويض (فرع أول) وما تتطلبه االتفاقيات الدولية من إجراءات
سابقة على رفع الدعوى وآاثر إمهاهلا (فرع اثين)،اجلهة املختصة ابلفصل يف النزاعات الناشئة
عن عقد النقل البحري(فرع اثلث)،تقادم دعوى التعويض(فرع رابع).
الفرع األول:
أطراف دعوى التعويض
يف أي نزاع يعرض على القضاء البد من و وجود مدعٍ و مدعى عليه وعلى هذا
سنتطرق :أوال للمدعي يف دعوى التعويض املرتتب على هالك البضاعة أو تلفها أو الضرر
الناجم عن أتخريها يف التسليم ،اثنيا نتعرض للمدعى عليه يف هذه الدعوى.
الفقرة األوىل:
املدعي يف دعوى التعويض
كما هو معلوم أن الشاحن يرتبط مع الناقل مبوجب عقد نقل ،يثبته سند الشحن وقد
يبقى هذا السند بيد الشاحن أو وكيله ،فيكون هو صاحب احلق يف تسلم البضاعة ومىت
أخل الناقل بتنفيذ التزامه بتسليم البضاعة على صورته املتطلبة ،عندئذ حيق للشاحن مقاضاته
للمطالبة ابلتعويض عن األضرار اليت تلحق البضاعة ،أو اليت تنجم عن أتخريها يف التسليم.
وقد ينتقل سند الشحن ابلطرق التجارية (التظهري) إىل شخص آخر هو املرسل إليه.1
إذن حيق لكل من الشاحن أو املرسل إليه أو من ينوب عنهما سوآءا نيابة اتفاقية أو
قانونية مقاضاة الناقل ومطالبته ابلتعويض ،مع املالحظة أن وكيل احلمولة ال ميلك بصفته
هذه إال اختاذ التدابري الالزمة حلفظ حقوق أصحاب الشأن يف البضاعة ،أما رفع الدعوى
على الناقل فهو من شأن أصحاب احلق يف البضاعة ،إال إذا أانبوا عنهم وكيل احلمولة بعد
إخطارهم من قبله مبا حلق البضاعة من أضرار. 2
404
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
غالبا ما يقوم الشاحن ابلتأمني على البضائع مما قد تالقيه يف رحلتها البحرية ،فإذا
أصيبت البضاعة بضرر يكون من الواجب على شركة التأمني دفع مبلغ التعويض للمضرور
بناءا على عقد التأمني.و من مث يكون من حق الشركة املؤمنة الرجوع على الناقل مببلغ
التعويض .أتسيسا على ذلك سنبني األساس ،الذي يستند إليه حق كل من الشاحن ،املرسل
إليه و املؤمن يف رفع دعوى املسؤولية للمطالبة ابلتعويض.
أوال :الشاحن
يعترب الشاحن طرفا يف عقد النقل ألنه هو من قام إببرام عقد النقل مع الناقل وكما
تقضي قواعد املسؤولية العقدية أن يكون لكال طريف العقد احلق يف مطالبة الطرف اآلخر
،الذي امتنع عن تنفيذ ما ألقاه على عاتقه العقد من التزامات ،أو إذا ما نفذها تنفيذا معيبا
ابللجوء إىل القضاء إلرغامه على التنفيذ العيين إن كان ممكنا ،أو املطالبة بتعويض األضرار
النامجة عن االمتناع ،أو االخالل ابلتنفيذ .وابلتايل فالشاحن ابعتباره طرفا أصيال يف عقد
النقل له احلق يف املطالبة القضائية ابلتنفيذ العيين عادة ،ألن الناقل حيتمي وراء ما تقرره له
النصوص من حدود املسؤولية .1
إن املطالبة ابلتعويض تكون وفقا ملا تعرضت له البضاعة من أضرار بسبب اهلالك أو
التلف أوالضرر املرتتب عن التأخري يف التسليم .ويرتبط هذا احلق بعقد النقل الذي ارتبط به
،حيث مينح الشاحن حق تسلم البضائع ابحلالة املوصوفة يف سند الشحن يف مكان التنفيذ
،فيصبح من حقه املطالبة ابلتعويض ،يف حالة إخالل الناقل ابلتزاماته الناشئة عن العقد
وابلتايل ال يرتبط حق املطالبة القضائية ابلتعويض على الناقل مبوجب دعوى مبلكيته
للبضاعة.2
405
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-1حممود مسري الشرقاوي ،عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن ،املقال السابق ،ص.795
2
-Pierre Bonassaises et Christian Scapel,op.cit,598.
-مصطفى اجلمال ،املرجع السابق ،ص.224
-3لكن اإلصطناع هو واضح من هذا الرأي ،إذ أن املرسل إليه ال تتجه ارادته إىل اإلرتباط بعقد النقل وامنا اىل جمرد تسليم البضاعة عند
وصوهلا ودفع أجرة نقلها ،فضال عن أن هذا التصور من شأنه القول ابشرتاك الشاحن والناقل قبلهُ يف املسؤولية خالفا ملا هو مسلم به من
انفراد الناقل هبا :مشار إليه لدى املرجع السابق ،ص.225
4
- Georges Ripert, Droit maritime, tome II , op.cit, p548.
-مصطفى كمال طه ،الوجيز يف القانون البحري،املرجع السابق،ص ،249مشار إليه لدى عباس مصطفى املصري ،املركز القانوين للمرسل
إليه يف عقد النقل البحري ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة ،2002ص .100
406
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
غري أن هناك بعض الفقه من يرى أبن عقد النقل يتضمن اشرتاطا ملصلحة املرسل إليه
فيكتسب هذا األخري حقا مباشرا قبَل الناقل بتنفيذه و يعترب قابال هلذا اإلشرتاط عندما
يتسلم البضاعة فعال .وينطوي على قبوله حتمل االلتزام بدفع أجرة النقل ابعتباره التزاما مرتبطا
ابإلشرتاط الذي مت ملصلحته وقبل به . 1
من زاوية أخرى تذهب إحدى النظرايت يف تفسري حقوق املرسل إليه والتزاماته عن
طريق طبيعة سند الشحن ،فهذا السند كما تقدم يعترب أداة لتمثيل البضاعة فيكون من حق
حائزه استالمها .ولكن ملا كان الرابن حائزا فعليا للبضاعة حلساب حائزها القانوين وهو حائز
السند ،فهذا األخري ال يستطيع إجبار الناقل على تسليمها إليه إال بعد دفع أجرة النقل.2
يف األخري و لعله أرجح اآلراء ما قال به الدكتور مصطفى اجلمال خمالفا النظرايت
السابقة يف إجياد أساس لعالقة الناقل ابملرسل إليه يف عقد النقل ،فهذه العالقة تربرها
املصلحة التجارية وحدها ويرسم العرف حدودها و معاملها دون التقيد ابلنظرايت القانونية
املختلفة ،اليت ال تفسر متاما مقتضيات احلياة التجارية. 3
و مع ذلك ميكن اسناد حق املرسل إليه يف رفع دعوى املسؤولية على الناقل للمطالبة
ابلتعويض على حنو ما ذهب إليه البعض يف املادة146من القانون املدين املصري 4اجلديد،
اليت تنص على أنه" :إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك
إىل خلف خاص ،فإن هذه االلتزامات تنتقل إىل هذا اخللف يف الوقت الذي ينتقل فيه
الشيء ،فإذا كانت من مستلزماته وكان اخللف اخلاص يعلم هبا وقت انتقال الشيء إليه"،
فاملرسل إليه ميكن اعتباره خلفا خاصا للشاحن وعقد النقل ميكن اعتباره من مستلزمات
البضاعة.5
- 1مشار إليه لدى أمحد حممود حسين ،البيوع البحرية الدولية ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،الطبعة الثانية ،سنة ،1983ص. 55
-2حممود مسري الشرقاوي،القانون البحري ،املرجع السابق،ص.263
-مصطفى اجلمال ،املرجع السابق ،ص..226
3
407
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-1تنص املادة 194من قانون التأمينات من األمر رقم 07-95مؤرخ يف 25يناير سنة 1995املعدل واملتمم ابلقانون 11-11
املؤرخ يف 18جويلية 2011و املتضمن قانون املالية التكميلي لسنة ،2001على ما يلي":يتعني على كل مستورد يرغب يف أتمني
البضائع أو مواد التجهيز املنقولة حبرا اكتتاب أتمني لدى شركة أتمني معتمدة ابجلزائر
غري أن البضائع ومواد التجهيز املستوردة اليت تستفيد من متويل خاص ال ختضع إللزامية التأمني حتدد شروط و كيفيات تطبيق هذه املادة
عن طريق التنظيم".
-2تنص املادة 193من نفس القانون على أنه " :جيب على كل انقل حبري أن يكتتب أتمينا لدى شركة أتمني معتمدة ابجلزائر لتغطية
مسؤوليته املدنية جتاه األشخاص والبضائع املنقولة و جتاه الغري جيب أال يقل املبلغ املؤمن عليه لتعويض األضرار اليت تلحق األشخاص
املنقولني عن مقدار مسؤولية الناقل احملددة يف التشريع اجلاري به العمل يف هذا اجملال".
-3بلحاج العريب ،النظرية العامة اللتزام يف القانون املدين اجلزائري ،اجلزء الثاين ،طبعة ، 1999ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر ،ص
.34
408
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
مبقتضى عقد النقل ودعوى احللول املمنوحة للمؤمن هي مستمدة من القواعد العامة (املادة
261ق م ج).1
ومع ذلك فإن املشرع اجلزائري قد أكد عليه بنص خاص يف قانون التأمينات ،حيث
جاء يف نص املادة 118من األمر 07-95على أنه ":حيل املؤمن حمل املؤمن له يف حقوقه
ودعواه ضد الغري املسؤول يف حدود التعويض الذي يدفعه للمؤمن له" .
و هبذا يكون املؤمن ملزما ابلتعويض مبوجب عقد التأمني وال جيوز له االمتناع عن ذلك
بدعوى أن الناقل مسؤول عما أصاب البضاعة وحلول املؤمن حمل املؤمن له يستمد حقه يف
ذلك مباشرة من النص القانوين .لذلك ال جيوز للمحكمة رفض دعوى احللول ،2املرفوعة من
املؤمن على الناقل بدعوى أن املدعي مل يقدم عقد احللول ،ألن احللول هنا هو قانوين وليس
حلوال اتفاقيا.
كما تنص املادتني 114و 118من القانونني املذكورين على ما يلي" :حيل املؤمن
حمل املؤمن له يف حقوقه ودعاويه ضد األطراف املسؤولة يف حدود مبلغ التعويض الذي يدفعه
للمؤمن له" وانطالقا من مقتضيات قانون التأمني املشار إليه أعاله واملادة 744من القانون
البحري ،أوضحت احملكمة العليا أن هناك شرطني جيب احرتامها من قبل الشركة املؤمنة لرفع
الدعوى الرجوع ومها:
الشرط األول:
يتمثل يف تقدمي عقد احللول يوم رفع الدعوى وهو عقد موقع عليه ،من قبل املؤمن له
من جهة وشركة التأمني من جهة أخرى يوضح اخلسائر اليت دفعها للمرسل إليه.3ويف هذا
الصدد قررت احملكمة العليا بعدم قبول دعوى الشركة اجلزائرية لتأمينات النقل والذي كان
409
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
مطابقا ألحكام املادة 144من القانون رقم 07/80املؤرخ يف 09أوت 1980واملتضمن
قانون التأمينات ،ألن الشركة املدعية مل تقدم عقد احللول الذي يسمح هلا ابحللول حمل شركة
سيدار (املرسل إليه).1
يف قرار آخر هلا قضت على أنه جيب أن حيمل عقد احللول اترخيا سابقا لرفع الدعوى
،فهذا الذي ُميكن شركة التأمني من أن حتل حمل املؤمن له يف حقوقه ودعاويه ضد املسؤول
،يف حدود التعويض املسدد للمرسل إليه. 2
ابإلضافة إىل ذلك تشرتط هذه احملكمة أن يكون عقد احللول صحيحا يوم رفع
الدعوى أمام احملكمة املختصة وهو الذي يعطيها الصفة يف التقاضي.كما جيب أن يتضمن
على وجه اخلصوص اتريخ حتريره ومبا أن عقد احللول يف القضية الراهنة ال يشري إىل أي اتريخ
،فإنه ال يسمح مبعرفة وقت التسديد للمرسل إليه وحق املؤمن يف رفع دعوى الرجوع.3
الشرط الثاين:
جيب أن تتوافر يف دعوى الرجوع املهلة احملددة قانوان ملمارستها حسب رأي احملكمة
العليا ،فإذا رفعت الدعوى خالل املهلة حسب املادة 743ق ب ج تكون مقبولة شكال
وليس مث أي إشكال ،أما إذا رفعت خارج سنة فإاها ال تكون مقبولة إال يف خالل 3أشهر
من تسديد املبلغ املطالب به ،حسب ما جاء يف نص املادة 744ق ب ج.4
هذا ما أكدت عليه هذه احملكمة من خالل قرارها،الذي قضى بنقض القرار املطعون
الصادر عن جملس قضاء اجلزائر،حيث رفض دعوى شركة التأمني اهلادفة إىل تعويض اخلسائر
الالحقة ابلبضائع املنقولة حبرا ،على أساس أن تلك الدعوى رفعت يف 1991/11/30وأن
-1قرار الغرفة التجارية و البحرية رقم 153253بتاريخ 22جويلية ،1997منشور ابجمللة القضائية ،عدد خاص ،سنة ،1999ص
،15احملكمة العليا يف قراراهتا تستعمل مصطلح دعوى احللول و اترة أخرى مصطلح دعوى الرجوع على الدعاوى اليت حتل فيها شركة
التأمني حمل املؤمن له و هذا يدل على أاها تعتربمها دعوى واحدة.
-2قرار الغرفة التجارية و البحرية رقم 138267املؤرخ يف 1995/02/27منشور يف املرجع السابق ،ص .16
-3قرار الغرفة التجارية والبحرية رقم 151326املؤرخ يف 1997/05/6منشور يف نفس املرجع ،املوضع نفسه.
-4حسان بوعروج ،املرجع السابق ،ص .17
410
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
عقد احللول أبرم يف ،1991/5/6أي خارج مهلة ثالثة أشهر املنصوص عليها يف املادة
744ق ب ج.1
الفقرة الثانية:
املدعى عليه يف دعوى التعويض
ترفع دعوى املسؤولية للمطالبة ابلتعويض على الناقل وال يثري األمر صعوبة إذا تعلق
األمر بناقل واحد مت التعاقد معه مباشرة ،أما إذا تعدد الناقلون سوآءا تعلق األمر بناقل
متعاقد وآخر فعلي ،أو تعلق األمر يف النقل ابستخدام سند شحن مباشر،2فيحق للمدعي
رفع دعواه يف احلالة األوىل على الناقل املتعاقد حىت ولو تعلق األمر بضرر حلق ابلبضاعة وهي
حتت يد الناقل الفعلي .كما ميلك املدعي مقاضاة هذا األخري أو مقاضاة االثنني معا ،أما يف
حالة النقل بسند مباشر فللمدعي أن يرفع دعواه على الناقل األول أاي كان وقت وقوع
الضرر ،أو املرحلة اليت وقع فيها.3
يف هذا اإلطار يقوم سند الشحن املباشر بدور مزدوج من جهة يضمن تنفيذ الناقل
للعقد بشروط واردة فيه وذلك عن املرحلة اليت يتوىل تنفيذها بنفسه ومن جهة أخرى يضمن
كذلك تنفيذ املراحل األخرى ،طبقا لشروط السند املباشر بوصفه وكيال للعمولة للنقل،
ضامنا للشاحن إيصال البضاعة ساملة إىل املرسل إليه يف الوقت احملدد ،حيث يربم هذا
األخري العقود التالية ابمسه الشخصي ولكن حلساب موكله الشاحن .وهلذا فهو يضمن له
أعمال الناقلني الالحقني ،أي أن يكون ضامنا سالمة العملية من بدايتها إىل اهايتها .4
-1قرار الغرفة التجارية والبحرية رقم 151318املؤرخ يف 1997/05/06منشور لدى حسان بوعروج ،املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-2هو يصدر سند شحن واحد مباشر يف نقل متتابع حبري يف مجيع مراحله يغطي الرحلة أبكملها وهذا السند املباشر سند نقل يتعهد يف
الناقل بنقل البضاعة جبزء من الرحلة بوسائله اخلاصة ويعهد بتكملة األجزاء األخرى إىل انقل أو انقلني آخرين :علي مجال الدين عوض
،القانون البحري ،سنة ،1987املرجع السابق ،ص209وما يليها.
-3حممود خمتار أمحد بريري ،املرجع السابق ،ص .397
- 4املرجع السابق .398،
411
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يرتتب عن ذلك أن الناقل يسأل مبوجب سند الشحن املباشر عن الرحلة البحرية
للبضائع أبكملها مامل يكن الشاحن هو الذي اختار الناقلني الالحقني ،أو أثبت أن سبب
الضرر الذي حلق البضاعة وقع أثناء وجودها يف حراسة انقل الحق.1
من جهة أخرى يتمتع الناقل الذي يدفع تعويضا لصاحب البضاعة نظرا ملسؤوليته
التكافلية والتضامنية الناجتة عن وثيقة شحن مباشرة حبق الرجوع على الناقلني اآلخرين ،غري
أنه ال ميكن ممارسة هذا الرجوع ضد انقل يثبت أبن الضرر مل حيصل يف املسافة اليت قام فيها
بعملية النقل.2و إذا مل يكن ابإلمكان إثبات يف أي جزء من النقل التابع هلذا السند حصلت
األضرار للبضائع عُد كل من الناقلني مسؤوال بنسبة أجرة احلمولة اليت قبضها.3
مثلما ترفع الدعوى على الناقل ميكن أن ترفع أيضا على الرابن بوصفه انئبا قانونيا عنه
و كذلك على وكيل السفينة .ويستطيع املدعي عالوة على كل ما تقدم أن يرفع دعواه على
اتبعي الناقل ،بشرط اثبات اخلطأ وأنه وقع أثناء أتدية التابع لوظيفته أو بسببها.4
إذا اقرتن عقد النقل إبصدار سند الشحن فللمدعي أن يرفع دعواه على من أصدر
هذا السند وإذا تعلق األمر إبجيار السفينة فقد حيدث غموض يف حتديد مصدر سند الشحن
الذي ،خيلو من أي توقيع أو ختم ميكن قراءته وقد اجته القضاء الفرنسي 5يف هذه احلالة إىل
إابحة الرجوع على مالك وجمهز السفينة بعد االنتقادات ،اليت وجهت حلكم سابق رفض
الدعوى املرفوعة على املالك استنادا إىل خلو ما يفيد إصداره لسند الشحن.
-1علي مجال الدين عوض ،القانون البحري لسنة ،1987املرجع السابق ،ص.210
-يف هذا الشأن تنص املادة 765ق ب ج":إن الناقل البحري الذي وضع وثيقة مباشرة ،يلزم ابلتنفيذ املالئم لاللتزامات املرتتبة على الناقل
يف كل املسافة اليت تسري عليها الوثيقة حىت تسليم البضاعة إىل املرسل إليه .ويسأل كل من الناقلني اآلخرين عن تنفيذ هذه االلتزامات يف
مسافة النقل الذي قام به وذلك ابلتكافل والتضامن مع الناقل الذي وضع وثيقة شحن الشحن املباشرة".
-2املادة 766ق ب ج.
-3املادة 767ق ب ج.
-4حممود خمتار أمحد بريري ،املرجع السابق ،ص 397وما يليها.
-5استئناف روان ،1984/6/15أكس أون بروفنس 1984/2/14وعكس ذلك يف رفض الرجوع على الناقل نقض 1983/5/10
وقد تعرض هذا القضاء للنقد من طرف روديري ص 455ومقال : Achardالدعوى املباشرة حلملة سندات الشحن ضد مالك السفينة
يف املشارطات الزمنية دورية القانون البحري الفرنسي لسنة :1984مشار إليهم يف نفس املرجع ،ص .398
412
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفرع الثاين:
اإلخطار ابهلالك أو التلف أو التأخري
يفرض املنطق القانوين يف منازعات النقل البحري للبضائع أن تبدأ مطالبة الناقل
ابلتعويض عن هالك البضائع أو تلفها أو أتخريها يف التسليم إبخطار الناقل بتلك األضرار.1
و ذلك حىت يعلم الناقل مبا حدث ويفحص األمر ،مث يتخذ بعد ذلك قرارا فيه ،إما بفض
النزاع وداي دون حاجة إىل الدخول مع املضرور يف خصومة قضائية وإما برفض هذه الطلبات
والتأهب للدعوى.لذلك أمجعت االتفاقيات الدولية على وجوب قيام املرسل إليه إبخطار
الناقل ابهلالك أو التلف أو التأخري 2وقت استالم البضاعة و بعد اجراء مطابقة بني هذه
البضائع املستلمة وبني ما هو وارد يف سند الشحن.
وحسب هذه املعطيات كان البد من التطرق لإلخطار عن الضرر الالحق ابلبضاعة
وفقا ملا قضت به االتفاقيات البحرية الدولية (بروكسل ،هامبورغ وروتردام) ،مع اإلشارة إىل
أحكام القانون البحري اجلزائري هبذا الشأن .
الفقرة األوىل:
اإلخطار يف معاهدة بروكسل لسنة 1924
ال معىن لدعوى مسؤولية الناقل البحري إذا مل يستطع املدعي اثبات الضرر الذي حلق
به وتسهيال لعملية االثبات وضعت اتفاقية بروكسل قواعد خاصة إذا ما اتبعها املضرور تيسر
عليه إقامة الدليل على الضرر احلال به. 3
يف هذا الصدد نصت املادة 6/3من املعاهدة على أنه ":إذا مل حيصل اخطار كتايب
يف حاليت اهلالك أو التلف و مباهية هذا اهلالك أو التلف وللناقل أو وكيله يف ميناء التفريغ
-1نفس االجراء أتخذه الدعوى ملطالبة الشاحن بتعويض الناقل عما أصابه من خسارة أو ضرر إبخطار الشاحن بتلك اخلسارة أو ذلك
الضرر.
-2كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة لعام ( 1978هامبورغ)،املرجع السابق ،ص.157
-3وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص.256
413
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
قبل أو وقت تسليم البضائع إىل املرسل إليه ،طبقا لعقد النقل فإن هذا التسليم يعترب إىل أن
يثبت العكس قرينة على أن الناقل قد سلم البضاعة ابلكيفية املوصوفة يف سند الشحن.
و إذا كان اهلالك أو التلف غري ظاهر فيجب أن حيصل اإلخطار يف مدة ثالثة أايم من
التسليم....وال يرتتب أي أثر على هذه اإلخطارات املكتوبة إذا حصلت معاينة يف مواجهة
املستلم عند استالمه هلا ".1
يبدوا من خالل هذا النص أن املعاهدة مل أتخذ ابلدفع بعدم مساع الدعوى املنصوص يف
بعض التشريعات الداخلية كالقانون املصري 2مثال .وأخذت بدال منه بنظام االحتجاج
إلثبات ما أصاب البضاعة من هالك أو تلف فقررت أن يكون عبء االثبات على عاتق
املرسل إليه عند استالمه البضاعة و إال أُعترب أنه تسلمها على حالتها املوضحة بسند
الشحن.3
كما يالحظ أن هذا النص قد استوىف أربعة أحكام أحاطت يف جمملها بشكل
اإلخطارات أو التحفظات ،املهلة املقررة إلجراء اإلخطارات ،احلاالت اليت ال جدوى فيها
من اإلخطارات و أخريا صاحب احلق بتوجيه األخطار.
أوال :شكل اإلخطارات أو التحفظات
على املضرور أن يوجه إىل الناقل حتفظات خطية وصرحية تبني له وجه الضرر ،أو طبيعته
ومل توجب قواعد معاهدة بروكسل والقانون البحري اجلزائري أن أتخذ الكتابة املطلوبة أي
شكل معني ،فقد تكون بكتاب رمسي أو بكتاب عرب بريد مع اشعار ابالستالم أو عرب
-1لقد استقى املشرع اجلزائري أغلب هذه األحكام مع بعض الفروق البسيطة يف الصياغة ،فقد نصت املادة 790ق ب ج ":إذا حصلت
خسائر أو أضرار للبضاعة ،يقوم املرسل إليه أو من ميثله بتبليغ الناقل أو ممثله كتابيا يف ميناء التحميل ،قبل أو يف وقت تسليم البضاعة وإذا مل يتم
ذلك تعترب مستلمة حسبما مت وصفها يف وثيقة الشحن لغاية ثبوت العكس .
و إذا مل تكن اخلسائر واألضرار ظاهرة ،فيبلغ عنها خالل ثالثة أايم عمل ،اعتبارا من استالم البضائع.
وال جدوى من التبليغ الكتايب إذا كانت حالة البضائع حمققا فيها حضوراي عند استالمها".
-2املادتني 275، 274من قانون التجارة البحرية املصري.
-3مسيحة القليويب،موجز القانون البحري ،املرجع السابق ،ص .458
414
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفاكس أو التلكس .كما قد ترد الكتابة يف سند الشحن ذاته ،أو على أذوانت التسليم اليت
يعيد املرسل إليه تسليمها إىل الناقل عند استالم البضاعة منه ،كل ذلك بشرط أن يكون
التحفظ أو اإلخطار صرحيا اثبت التاريخ .وال يغين عن هذه الكتابة علم الناقل اليقني ابلتلف
أو اهلالك ،حيث يقتضي أن تكون تلك التحفظات صرحية ،واضحة وحمددة تشري إىل الضرر
ونوعه وطبيعته على وجه التحديد ،كعدد الطرود اهلالكة ونوع التلف ونسبته ويرتتب على
ذلك عدم األخذ ابلتحفظات املصاغة بعبارات عامة ،قائمة على االفرتاضات والتكهنات.1
إن مسألة حتديد جدية التجفظات وفعاليتها يف الدعوى مسؤولية الناقل هي من
صالحيات قاضي املوضوع ،حيث أن له السلطة التقديرية الواسعة يف تقدير ما إذا كانت
التحفظات تسري وفق املادة 6/3أو املادة 790ق ب ج ليأخذ هبا أو يردها آخذا بعني
االعتبار الظروف اليت حصلت فيها هذه التحفظات ونوع البضائع ويف ذلك قُضي أنه" :إذا
حصل التفريغ يف مرات مرتاوحة وكانت البضاعة أكياسا من األرز متشاهبة ،فال يطلب يف
هذه احلالة من املرسل إليه أن يبني بوضوح الضرر الالحق بكل كيس".2
اثنيا :املهلة املقررة إلجراء اإلخطارات
يتضح من نص املادة 6/3أن املعاهدة قد فرقت يف اإلجراءات الواجب اتباعها
إلثبات الضرر بني حالتني :حالة اهلالك أو التلف الظاهر وحالة اهلالك أو التلف غري
الظاهر.
-1حالة اهلالك أو التلف الظاهر:
يستفاد من النص األخري أنه إذا كان اهلالك أو التلف الذي حلق ابلبضاعة ظاهرا كما
3
ب على املرسل إليه أن يرسل إىل
لو كان عدد الطرود انقصا أو كانت األكياس ممزقة ُ ،وج َ
-1استئناف بريوت رقم 1427صادر بتاريخ ،1974/11/27استئناف بريوت رقم 1480صادر بتاريخ ،1968/11/12استئناف
بريوت رقم 876صادر بتاريخ :1969/06/19مشار إليهم لدى وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص.258
-2استئناف بريوت رقم 518صادر بتاريخ :1963/3/21مشار إليه يف املرجع السابق ،املوضع نفسه
-3مصطفى كمال طه ،الوجيز يف القانون البحري ،املرجع السابق ،ص .324
415
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الناقل أو من ينوب عنه إخطارا كتابيا موضحا به طبيعة اهلالك أو التلف ،مداه وأسبابه .كما
يشرتط أن يتم هذا االخطار حلظة استالم البضاعة يف مرفأ التفريغ وقبل عملية سحب
البضاعة أو خالهلا وقبل وضعها يف حراسة الشخص ،الذي حيق له استالمها مبوجب اتفاقية
النقل. 1
بصياغة آخرى فاالخطار جيب أن يوجه يف الوقت الذي خترج فيه البضاعة من حيازة
الناقل وتدخل يف حيازة املرسل إليه وإال قامت قرينة على أن الناقل سلم البضاعة ابحلالة
املوصوفة بسند الشحن ،إال أن هذه القرينة تقبل العكس، 2كما سبقت اإلشارة إليه.
-2حالة اهلالك أو التلف الغري ظاهر
راعت املعاهدة أنه قد حيدث يف بعض احلاالت أن يكون التلف أو اهلالك غري ظاهر
عند استالم البضاعة ،لذلك منحت املرسل إليه مهلة قدرها ثالثة أايم تبدأ منذ تسليم
البضاعة للمرسل إليه ليقوم خالهلا إبخطار الناقل كتابيا .وقد نصت على هذه املهلة اخلاصة
حبالة التلف أو اهلالك غري الظاهر ذات املادة الثالثة فقرة السادسة بند.3 2
يقصد بتسليم البضاعة كميعاد قانوين لتقدمي اإلخطار التسليم الفعلي واملادي للمرسل
إليه حىت يتمكن من الكشف عنها وفحصها والتحقق من هالكها أو تلفها .4و عليه تبدأ
مهلة ارسال التحفظات من اتريخ التسليم الفعلي ال من اتريخ استالم إذن التسليم ،ألن هذا
اإلذن ال يفيد أن املرسل إليه قد استلم البضاعة ،إذ يتوجب عليه بعد استالمه هلا القيام
ببعض املعامالت ،اليت تستغرق بعض الوقت قبل تسلم البضاعة ابلفعل .و يف هذه املدة ال
حيتسب يوم التسليم ،وفقا للقواعد العامة و ال تدخل أايم العطل يف عداد هذه املهلة.5
416
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ملا كان سند الشحن حيرر عادة من عدة نسخ فقد حيدث أن تصل هذه النسخ
ألشخاص خمتلفني نتيجة ٍ
خطأ ،أو نتيجة ٍ
غش من الشاحن ،الذي يبيع البضاعة أكثر من
مرة ويسلم كل مشرتي نسخة من سند الشحن .ويف هذه احلالة يثور التساؤل عمن يكون له
احلق يف تسلم البضاعة من محلة نسخ سند الشحن ،حيث تربأ ذمة الناقل إذا ما سلم الرابن
البضاعة إليه وال صعوبة يف األمر إذا ابدر أحد محلة النسخ ابلتقدم الستالم البضاعة قبل
غريه دون علم الرابن بوجود عدة نسخ للسند حتت يد أكثر من شخص ،إذ تربأ ذمة الناقل
يف هذه احلالة بتسليم البضاعة إىل الشخص ،الذي يتقدم أوال بنسخة من سند الشحن.1
لكن الصعوبة تثور يف احلالة اليت يعارض فيها محلة السند النسخ املختلفة يف تسليم
البضاعة ألحدهم أثناء السفر ،أو عند وصول البضاعة ،أو يف حالة إذا ما تقدم محلة سند
الشحن املتعددون الستالم البضاعة يف وقت واحد ،فكيف ميكن التفضيل بني محلة النسخ
املتعددة من السند؟
يف الواقع أنه جيب تسليم البضاعة يف هذه احلالة ملن يتقدم ابلنسخة اليت حتمل أقدم
تظهري إذ أن القواعد العامة يف القانون املدين تقضي ابنتقال امللكية يف املنقول مبجرد ابرام
العقد .ومن مث يكون الشاحن عند تظهريه لنسخة اثنية من سند الشحن قد تصرف فيما ال
ميلك ،طبقا للمادة 397ق م ج 2واخلاصة ببيع ملك الغري ،فإذا قام الناقل بتسليم البضاعة
لشخص حتمل النسخة اليت يف يده تظهريا الحقا كان مسؤوال عن هذا التسليم.3
فإذا كان صاحب النسخة اليت حتمل تظهريا الحقا قد تقدم أوال الستالم البضاعة
فسلمت إليه ،فإنه ال جيوز بعد ذلك لصاحب النسخة اليت حتمل أول تظهري وهو من كان
مالكا للبضاعة قانوان وصاحبا للحق يف تسلمها أن يسرتدها منه ،تطبيقا لقاعدة احليازة يف
417
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
املنقول بسبب صحيح سند امللكية ،مع حسن نية حائز السند ،إذ أن امللكية تنتقل مبجرد
حيازته للبضاعة.1
يف هذا الصدد تنص الفقرة األوىل من املادة 813من القانون املدين اجلزائري على
أن ":تسليم السندات املعطاة عن البضائع املعهود هبا إىل أمني النقل أو املودعة يف املخازن
يقوم مقام تسليم البضاعة ذاهتا ،مما يفهم منه أن احليازة تكون يف هذه احلالة لصاحب
النسخة اليت حتمل أول تظهري .و ابلتايل تكون امللكية له أيضا وفقا لقاعدة احليازة املذكورة
،غري أن الفقرة الثانية من نفس املادة ذهبت صراحة للقول أبنه إذا تسلم شخص هذه
السندات وتسلم آخر البضائع ذاهتا و كان كالمها حسن النية ،فإن األفضلية تكون ملن تسلم
البضاعة.
اثلثا :أثر اإلخطار
يرتتب على اإلخطار يف امليعاد القانوين قيام قرينة قانونية لصاحل املرسل إليه مفادها أن
الناقل مل يسلم البضاعة كما هي مبينة يف سند الشحن وأن الضرر قد حصل أثناء النقل
وعندئذ تفرتض مسؤولية الناقل .وجيوز هلذا األخري يف هذه احلالة هدم هذه القرينة إبثبات
العكس بكافة الطرق ويكون ذلك أبن يثبت سببا من األسباب ثالثة:2
أ-أن يثبت أن اإلخطار ال حمل له ،ألن البضاعة سلمت فعال أبكملها أو حبالة جيدة ،كما
هي موصوفة يف سند الشحن .وذلك طبقا حملضر حيرر يف مواجهة املرسل إليه مثال.
ب -أو أن الضرر يرجع إىل عيب خفي أو إىل حالة مستثناة من املسؤولية(حالة من حاالت
اإلعفاء القانونية الواردة ابالتفاقية والسيما املادة 4منها ).
418
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ج -أو يقوم إبثبات أن الضرر كان سابقا على الشحن أو الحقا على التفريغ ،أو أنه ال
يسأل طبقا للقواعد العامة ،أو مبقتضى الشروط الصحيحة الواردة بسند الشحن ،فإذا مل
يثبت شيئا من ذلك ظل مسؤوال وكان على املرسل إليه سوى اثبات قدر الضرر.
أما إذا مل حيصل اإلخطار يف األجل القانوين فال يرتتب على ذلك سقوط الدعوى أو
عدم قبوهلا بل تقوم قرينة قانونية لصاحل الناقل تفرتض أبنه قد سلم البضاعة كما هي مبينة
يف سند الشحن وهذه القرينة بسيطة جيوز للمرسل إليه اثبات عكسها بكافة الطرق ،كأن
يثبت أن اهلالك أو التلف قد حدث أثناء عملية النقل .1لكن إذا تعذر حتديد وقت حدوث
افرتض وقوعه أثناء املرحلة البحرية ويرجع أساس ذلك إىل األعمال
العجز أو التلف ُ
التحضريية للمعاهدة.2
رابعا :حاالت اليت ال جدوى من االخطار فيها
هناك حالتان ليس للتحفظ أو االخطار أي مفعول فيهما ومها كما أييت:
احلالة األوىل :الكشف على البضائع حبضور الناقل واملرسل إليه
إذا متت املعاينة حبضور كل من الناقل واملرسل إليه ،أو من ينوب عنهما فإن ذمة الناقل
تربأ من املسؤولية وال أثر لإلخطارات ،اليت يرسلها املرسل إليه بعد ذلك وقد نصت على هذا
املادة 3فقرة 6بند 3من املعاهدة .وهو حكم يتفق مع العدالة ،حيث أنه كان إبمكان
املرسل إليه إبداء ما يشاء من اعرتاض أو احتجاج حلظة معاينة البضاعة عند حضور الناقل.3
419
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
420
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
غري أنه يقتضي أن يكون التحفظ متعلقا حبالة البضائع جلهة التلف أو اهلالك احلال
هبا عند استالمها فورا وليس عن حالتها أثناء عمليات إدخاهلا إىل املستودعات ،أو أثناء
ختزينها و يوجه التحفظ إىل الناقل(املتعاقد)،أو الناقل الفعلي ،أو الناقل الالحق إذا اقتضى
األمر يف حال كانت األضرار قد حصلت أثناء مرحلة تنفيذ النقل.كما جيوز توجيه التحفظ
إىل أي شخص يتصرف نيابة عن الناقل سوآءا كان انئبا قانونيا كالرابن ،أو اتفاقيا كوكيل
السفينة.1
الفقرة الثانية:
اإلخطار يف اتفاقية هامبورغ لسنة1978
تتشابه اتفاقية هامبورغ مع معاهدة بروكسل يف عدة أحكام خاصة منها ما يتعلق
بشكل االخطار ،غري أن اتفاقية هامبورغ متيزت على سابقتها من حيث إطالة آجال اجراء
اإلخطار من جهة املرسل إليه ومن حيث القيام ابإلخطار يف حالة التأخري يف التسليم.
كذلك فيما يتعلق ابلزام الناقل بعمل اخطار للشاحن عند وقوع ضرر للسفينة جراء البضائع
املنقولة عليها خالفا التفاقية بروكسل اليت مل تعاجل هذا األمر.
أوال :شكل اإلخطار
قضت قواعد هامبورغ على غرار اتفاقية بروكسل أبن يكون إخطار الناقل ابهلالك أو
التلف كتابة حسب ما ورد يف املادة 19منها إال أاها ذهبت إىل توضيح شكل الكتابة اليت
يتم وفقها اإلخطار يف الفقرة 8من املادة األوىل ،اليت تضمنت مجلة من التعاريف فبينت أن
مصطلح كتابة يشمل الربقية والتلكس .وجيب أن يتضمن اإلخطار حتديدا للطبيعة العامة
للهالك أوالتلف. 2
-1كمال محدي ،مسؤولية الناقل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص 228وما يليها.
-2املرجع السابق ،ص .229
421
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-1هبجت عيد هللا قايد ،مسؤولية الناقل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص .204
-2لطيف جرب كوماين ،املرجع السابق ،ص .196
422
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
قصرية نسبيا ،ال تكفي صاحب البضاعة لعمل إخطار خاصة إذا كانت خمازنه بعيدة عن
ميناء التسليم .1
اثلثا :أثر االخطار
من حيث األثر الذي يرتبه اإلخطار فال ختتلف اتفاقية هامبورغ عن اتفاقية بروكسل إذ
أن امهال عمل إخطار ال يرتتب عليه سقوط حق املرسل إليه يف إقامة دعوى املسؤولية على
الناقل .وإمنا يرتتب عليه نشوء قرينة بسيطة ميكن هدمها ،على أن الناقل قد قام بتسليم
البضائع املنقولة كما هي موصوفة يف سند الشحن وعمل االخطار ال يرتتب عليه انعقاد
مسؤولية الناقل ،ابل يقيم قرينة لصاحل املرسل إليه على أن تسليم البضائع مل يكن مطابقا
لسند الشحن ،لكن يف وسع الناقل بدوره دحض هذه القرينة وإثبات أبن التسليم كان
مطابقا لسند الشحن.2
كذلك فرضت املادة 5/19من اتفاقية هامبورغ وعلى خالف معاهدة بروكسل التزاما
على عاتق املرسل إليه بعمل إخطار كتايب للناقل عند التأخري يف تسليم البضائع .وذلك
خالل مدة ستني يوما التالية لتسليم البضائع للمرسل إليه .وهذا اإلخطار خيتلف عن
اإلخطار السابق ،الذي نصت عليه الفقرتني األوىل والثانية من املادة 19من عدة أمور هي:
-1أن هذا اإلخطار يعترب إضافة جديدة من اتفاقية هامبورغ تتعلق مبسؤولية الناقل عن
التأخري مل يكن هلا وجود من قَبل يف ظل اتفاقية بروكسل .
-2كذلك خيتلف اإلخطار املتعلق حبالة التأخري يف التسليم عن اإلخطار املتعلق حباليت
اهلالك و التلف الالحق ابلبضائع .و ما يالحظ على اتفاقية هامبورغ أاها تتسم ابلتشدد إزاء
اجلزاء املتعلق ابإلخطار عن حالة التأخري يف التسليم إذ قررت سقوط حق املرسل إليه يف
احلصول على تعويض يف حالة التأخري عند إمهال القيام به ،فهو مبثابة دفع بعدم مساع
الدعوى يتمسك به الناقل يف مواجهة الشاحن ،عند عدم تلقيه إخطار من طرف هذا األخري
مسؤولية الناقل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص.204 -1هبجت عيد هللا قايد،
-2املرجع السابق ،املوضع نفسه.
423
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
خالل املدة احملددة ،كما يرتتب على إمهال توجيهه سقوط حق املرسل إليه يف إقامة دعوى
على الناقل ملطالبته ابلتعويض ،عن الضرر الناجم عن التأخري يف التسليم.1
إن الدفع بعدم قبول الدعوى يعترب دفعا موضوعيا جيوز إبداؤه يف أي مرحلة كانت
فيها الدعوى (أي سوآءا كانت أمام أول درجة أو اثين درجة ) ،غري أنه ال جيوز إاثرته أمام
حمكمة العليا .و ال يعترب الدفع بعدم قبول الدعوى من النظام العام ،فال تستطيع احملكمة أن
تقضي به من تلقاء نفسها بل جيب أن يتمسك به الناقل أمامها .كما جيوز للناقل النزول
عنه مقدما يف عقد النقل ،أو بعد ثبوت احلق فيه.2
-3من مظاهر التجديد يف اتفاقية هامبورغ حكم مل أتت على ذكره اتفاقييت بروكسل وروتردام
يتعلق ابإلخطار املوجه للشاحن والذي يسمح للناقل إبقامة الدعوى عليه للمطالبة بتعويض
األضرار اليت حلقت سفينته واليت حصلت بسبب بضائع الشاحن ،فعلى الناقل أن يقدم هذا
اإلخطار الذي يُبني الضرر خالل تسعني يوما متصلة ،ابتداءا من اتريخ حصول الضرر أو
من اتريخ التسليم 3أيهما أطول .4و يف حالة عدم تقدمي اإلخطار يف تلك املدة يعين تفعيل
قرينة قانونية ختدم مصلحة الشاحن واتبعيه ووكالئه .وبناءا عليه جيوز للناقل ،أو الناقل الفعلي
حىت ولو انتهت املدة املقررة ،غري أن هذه القرينة تعترب بسيطة ميكن نفيها ابلدليل العكسي
حسبما جاء يف املادة .57/19
-1هبجت عيد هللا قايد ،مسؤولية الناقل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص .205
-2سوزان علي حسن ،عقد نقل البضائع ابحلاوايت ،املرجع السابق ،ص .264
-3حممود حممد عنانبه ،املرجع السابق ،ص .164
-4لطيف جرب كوماين ،املرجع السابق ،ص .197
-5قرارية قويدر ،اإلخطار ابألضرار الالحقة ابلبضاعة املنقولة حبرا وأثره يف االتفاقيات الدولية ،اجمللة اجلزائرية للقانون البحري والنقل ،العدد
السابع ،منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد تلمسان(اجلزائر) ،دار كنوز للنشر والتوزيع ،سنة،2018ص.287
424
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفقرة الثالثة:
اإلخطار يف اتفاقية روتردام
تنص املادة 23من قواعد روتردام على ما يلي ":
-1يفرتض أن يكون الناقل يف غياب ما يثبت العكس قد سلم البضائع وفقا لوصفها الوارد
يف تفاصيل العقد ،مامل يكن قد وجه إشعارا حبدوث هالك أو تلف أو البضائع ،يبني الطبيعة
العامة لذلك اهلالك أو التلف إىل الناقل ،أو الطرف املنفذ البحري الذي سلم البضائع ،قبل
وقت التسليم أو عنده ،أو يف غضون سبعة أايم عمل يف مكان التسليم بعد تسليم البضائع
إذا مل يكن اهلالك أو التلف ظاهرا".
-2ال جيوز أن يفضي عدم توجيه اإلشعار املشار إليه يف هذه املادة إىل الناقل ،أو الطرف
املنفذ إىل املساس ابحلق يف املطالبة ابلتعويض عن هالك البضائع أو تلفها مبقتضى هذه
االتفاقية وال إىل املساس بتوزيع عبء اإلثبات املبني يف املادة .17
-3ال يلزم توجيه اإلشعار املشار إليه يف هذه املادة فيما يتعلق ابهلالك أو التلف ،الذي
يتأكد حدوثه من خالل تفقد البضائع يشارك فيه الشخص ،الذي سلمت إليه البضائع
والناقل ،أو الطرف املنفذ البحري ،الذي جيري حتميله املسؤولية.
-4ال يدفع أي تعويض فيما يتعلق ابلتأخري مامل يوجه إىل الناقل يف غضون واحد وعشرون
يوما متتاليا من تسليم البضائع اشعارا ابخلسارة النامجة عن التأخري.
-5عندما َيوجه اإلشعار املشار إليه يف هذه املادة إىل الطرف املنفذ الذي سلم البضائع،
يكون له نفس املفعول كما لو كان قد ُوجهَ إىل الطرف املنفذ البحري.
-6يف حال وقوع أي هالك أو تلف فعلي أو وجود ختوف من وقوعه يوفر كل طرف يف
النزاع لألطراف األخرى مجيع التسهيالت املعقولة من أجل تفقد البضائع ومطابقتها مع
بياانت الشحن ،ويتيح هلا االطالع على السجالت واملستندات املتصلة ابلبضائع".
425
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يبدو من خالل هذا النص أن معاهدة روتردام قد اقتفت أثر اتفاقييت بروكسل و
هامبورغ من حيث املفعول الذي يؤديه اإلخطار ،يف حالة هالك البضاعة أو تلفها .وما
يرتتب عليه من قرينة قانونية لصاحل الناقل عند غيابه،1أيضا فيما يتعلق بعدم جدوى اإلخطار
عندما تتم معاينة البضائع حبضور الناقل أو الطرف املنفذ(الناقل الفعلي) .
كما أوجبت اإلتفاقية على كل طرف يف النزاع توفري مجيع التسهيالت املعقولة من
أجل تفقد البضائع ومطابقتها مع بياانت سند الشحن مع متكينه من االطالع على الواثئق
اليت تتعلق بنقل البضاعة ،2غري أن اإلختالف بني املعاهدة ومن سبقتها من اإلتفاقيات كان
يدور حول بعض النقاط كشكل اإلخطار ،أجل اإلشعار ابهلالك أو التلف أو التأخري .
3
أوال :شكل اإلخطار(اإلشعار)
من خالل النص األخري يالحظ أن معاهدة روتردام مل تشرتط أن يصب اإلخطار
املذكور يف شكل معني و أمام صمت اإلتفاقية ميكن القول أن اإلشعار يتم أبية وسيلة
مكتوبة ميكن معها أن توضح الطبيعة العامة لذلك اهلالك ،أو التلف ،كالفاكس ،أو التلكس
أو وبوسائل االتصال اإللكرتونية.4
اثنيا :أجل اإلخطار
خيتلف ميعاد اإلشعار حبسب حالة اهلالك أو التلف ظاهرا كان أم خفيا ،كما خيتلف
األمر عن هاتني احلالتني إذا كان بصدد أتخري يف تسليم البضاعة وهو ما سنعاجله من خالل
فروق ثالث:5
-1يتطابق مفعول اإلخطار يف اتفاقية هامبورغ مع ما جاءت به املادة 2/23من قواعد روتردام .
-2البند السادس فقرة أخرية من املادة3من اتفاقية بروكسل و املادة 4/19من اتفاقية هامبورغ.
-3استعملت املعاهدة لفظ اشعار بدال من لفظ اإلخطار الوارد يف اتفاقييت بروكسل وهامبورغ وال أبس يف ذلك فمعنامها واحد.
السابق ،ص.288 -4قرارية قويدر ،اإلخطار ابألضرار الالحقة ابلبضاعة املنقولة حبرا وأثره يف االتفاقيات الدولية ،املقال
-5وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص .435
426
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-1مشار إليه لدى قماز ليلى إلدايز ،املرجع السابق ،ص 466وما يليها.
2
- Rodiére, traité général de droit maritime, Tome II, op.cit,n°601:"L'avarie qui est
décelée par un simple examen, ne nécessitant ni démontage, ni appareillage spécial est
une avarie apparente".
427
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
هامبورغ( 60يوم) ،فكلما كانت مدة اإلخطار أطول كانت مفيدة للمرسل إليه أو الشاحن
وسامهت يف حفظ حقوقهما.
الفرع الثالث:
اإلختصاص القضائي يف منازعات النقل البحري
إلتزمت معاهدة بروكسل بتعديالهتا املتعاقبة الصمت إزاء مسألة حتديد اجلهة القضائية
املختصة مبنازعات النقل البحري للبضائع وهو ما دعا املتعاملني يف النقل البحري إىل تضمني
سندات الشحن شروطا متعلقة بتحديد اإلختصاص القضائي ،تلك الظاهرة اليت ازداد
انتشارها رغم انتقاد هذه الشروط أحياان وتردد القضاء يف اإلعرتاف هبا أحياان أخرى ،1األمر
الذي دفع ابتفاقييت هامبورغ وروتردام معاجلة هذه املسألة وتنظيمها خالفا التفاقية بروكسل.
و بناءا عليه سنتطرق للمحكمة املختصة ابلفصل يف املنازعات النامجة عن نقل البضائع حبرا
يف كل من اتفاقييت هامبورغ وقواعد روتردام.
الفقرة األوىل:
احملكمة املختصة يف معاهدة هامبورغ
أعطت اتفاقية هامبورغ للمدعي مبوجب عقد النقل احلرية يف اختيار الدولة اليت تقام
أمام حماكمها دعوى املطالبة ابلتعويض .وقد راعت اإلتفاقية يف هذا املقام مصلحة الشاحنني
،ألن الشاحن هو الذي يقيم الدعوى يف الغالب مطالبا بتعويض األضرار اليت تعرضت هلا
بضائعه يف حاالت اهلالك والتلف أو التأخري يف التسليم .2وقد بينت تلك احملاكم الفقرة
األوىل من املادة ،21اليت جاء نصها كالتايل-1 ":يف مجيع حاالت التقاضي املتعلقة بنقل
البضائع مبوجب هذه اإلتفاقية للمدعي حسب اختياره،أن يقيم الدعوى أمام حمكمة تكون
-1هبجت عيد هللا قايد ،مسؤولية الناقل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص .202
-2لطيف جرب كوماين ،املرجع السابق ،ص.175
428
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
وفقا لقانون الدولة اليت تقع فيها احملكمة ذات اإلختصاص ويدخل يف نطاق واليتها أحد
األماكن التالية:
أ-احملل الرئيسي لعمل املدعى عليه و إن مل يكن له حمل رئيسي فاحملل االعتيادي إلقامة
املدعى عليه ،أو
ب-مكان إبرام العقد بشرط أن يكون للمدعى عليه فيه حمل عمل ،أو فرع ،أو وكالة أبرم
العقد عن طريق أي منها ،أو
ج -ميناء الشحن ،أو ميناء التفريغ ،أو
د-أي مكان آخر يعني هلذا الغرض يف عقد النقل البحري. "......
إن األحكام اليت جاءت هبا هذه املادة املطولة ميكن أن نبينها على شكل نقاط كما
أييت:1
-1للمدعي اخليار يف إقامة الدعوى أمام احملكمة اليت يوجد هبا مقر العمل الرئيسي للمدعى
عليه ،أو إقامتها يف املكان الذي يقيم فيه الناقل اعتياداي ،أو أن يقيمها يف مكان له صلة
مبكان إبرام العقد كأن يكون قد جرى االنعقاد بواسطة حمل ،أو فرع ،أو وكالة للمدعي ،على
أن ال يرقى ذلك إىل اعتبار احملل املعتاد لإلقامة.
كذلك يستطيع أن يقيمها يف احملكمة الواقعة يف دولة ميناء الشحن ،أو ميناء التفريغ
،أو يف أي مكان آخر حيدد يف العقد .ويف ذلك توسيع الختيارات الشاحن أو املرسل إليه
،كما فيه أيضا تيسري على املدعي عندما ميكنه من اختيار املكان الذي يكون أسهل له يف
الوصول إىل التعويض.
-2تضيف الفقرة /2أ خيارا آخر للمدعي و هو حماكم أي ميناء ،أو مكان يف دولة متعاقدة
إذا وقع احلجز يف إحدى موانئها على السفينة الناقلة للبضاعة ،أو على أي سفينة أخرى
مملوكة لنفس املالك .واحلكمة من ذلك حىت يتمكن املضرور الذي قام ابحلجز على السفينة
429
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أو السفن األخرى اململوكة لصاحبها من اجلمع و التقريب بني مصاحله ،فتكون احملاكمة
واملال احملجوز عليه يف دولة واحدة.
-3إذا أقيمت الدعوى طبقا حلكم الفقرة /2أ من املادة 21يف أي دولة حجزت السفينة يف
موانئها فإنه يلزم املدعي بنقل دعواه بناءا على طلب املدعى عليه 1إىل إحدى احملاكم كما
حددهتا الفقرة 1يف عناصرها املتعددة ،على أن يقدم املدعى عليه كفالة تضمن الوفاء أبي
مبلغ حيكم به يف وقت الحق من قبل احملكمة اليت تنتقل إليها الدعوى.
-4خبصوص تقدير كفاية الكفالة أو عدمها يرتك األمر للمحكمة اليت حصل يف منطقتها
احلجز على السفينة وهو أمر عملي ،ألن الكفالة ستكون مبقدار السفينة احملجوزة يف هذه
احلالة ،ألن الدائن وهو حيجز على السفينة وما الذي جيعله يفك حجزها إال تقدمي ضمان
أكرب أو مساو للضمان الذي تقدمه السفينة .
-5عندما يذكر حمكمة إبرام العقد أو حمكمة ميناء الشحن أو غريها فاملقصود به احملكمة
املختصة اليت تقع فيها هذه األماكن ،ويرتك حتديد احملكمة داخل الدولة وفقا لقانون
اإلجراءات املدنية فيها ،أي أن التحديد يكون بتحديد الدولة ،أما احملكمة املختصة داخلها
فتحدد طبقا لقوانني تلك الدولة واخلاصة ابلتنظيم القضائي.
-6بينت املادة أنه ال جيوز خمالفة ما ورد يف الفقرتني 1و 2إبقامة الدعوى يف أماكن غري
تلك اليت حددت مبوجبها .وال يعترب مبثابة إقامة دعوى طبقا ملنطوق الفقرة 3إختاذ إجراءات
قضائية تعترب من قبيل تدابري مؤقتة أو وقائية.
-7تضع الفقرة الرابعة من املادة 21من اإلتفاقية الضوابط الالزمة ملنع تعدد الدعاوى بني
ذات األطراف خبصوص نفس النزاع ،أو تعدد األحكام اليت تصدر فيها ،فال جيوز للمدعي
إقامة دعوى جديدة على نفس املدعى عليه استنادا إىل ذات األسباب أمام حمكمة أخرى
حبسبان أن حجية احلكم فيها حيول دون ذلك ،إال أنه استثناءا جيوز له إقامة دعوى جديدة
430
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أمام حمكمة خمتصة إذا تبني له أن احلكم الذي صدر من احملكمة اليت أقام أمامها الدعوى،
أو أن احلكم الذي سيصدر من تلك احملكمة غري قابل للتنفيذ فيها ومرد هذا التوجه إىل أن
إقامة دعوى جديدة أمام حمكمة الدولة اليت يستطيع فيها تنفيذ احلكم هو سبيل املضرور
للتنفيذ على أموال الناقل يف هذه الدولة إذا مل يكن يف إمكانه طلب التنفيذ مبوجب حكم
أجنيب صادر أو الذي يصدر ملصلحته.1
طبقا لنفس الفقرة فإنه ال تعترب دعوى جديدة اإلجراءات املفروضة بقانون الدولة اليت
يراد تنفيذ احلكم فيها من أجل احلصول على صيغة التنفيذ و لو كانت من بني هذه
اإلجراءات إقامة دعوى للحصول على هذه الصيغة .وكذلك ال يعترب مبثابة دعوى جديدة
نقل الدعوى من حمكمة إىل أخرى تقع يف نفس الدولة ،أو نقلها إىل حمكمة أخرى يف دولة
أخرى بناءا على طلب املدعى عليه ،يف حالة إقامة الدعوى عليه ابتداءا يف الدولة اليت وقع
فيها احلجز على السفينة.2
-8جيوز اإلتفاق على اإلختصاص بعد قيام النزاع وكما ذكران أن من بني األسباب اليت
دعت االتفاقية إىل حصر األمكنة اليت جيوز أن تقام فيها الدعوى الناشئة عن عقد النقل
البحري التصدي للطرف األقوى يف العقد عندما يفرض شروط اختصاص ترهق الطرف
اآلخر وجتربه على إقامة الدعوى يف مكان بعيد أو أمام قضاء غريب عليه، 3فقد قضت
الفقرة األخرية من املادة 21بصحة اإلتفاق الذي يربم بعد قيام النزاع و الذي يكون
موضوعه تعميق املكان الذي جيب أن تقام فيه الدعوى ولو مل يكن من األمكنة املنصوص
عليها يف الفقرتني األوىل والثانية من املادة األخرية .و بعبارة أخرى يكون اإلتفاق صحيحا إذا
431
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أبرم بعد قيام النزاع وكان موضوعه أمرين :إما حرمان املدعي من حق االختيار بني األمكنة
املذكورة وإجباره على إقامة الدعوى يف مكان معني منها وإما تعني مكان آخر خيتلف عن
هذه األمكنة اليت عددهتا املادة السالفة.1
الفقرة الثانية:
احملكمة املختصة يف معاهدة روتردام
اتبعت اتفاقية روتردام نفس املربرات التشريعية التفاقية هامبورغ واليت دعت إليها احلاجة
حلماية املدعي من ضغط الذي يُتوقع أن ميارس عليه من طرف الناقل ابعتباره املدعى عليه يف
قضااي التعويض عما يصيب البضائع من هالك أو تلف أو عما يلحق املضرور من ضرر
جراء أتخري البضاعة يف التسليم .وهلذا تضمنت أحكام املعاهدة نصوصا ترشد املدعي ومتنحه
عدة إختيارات يف إنتقاء احملكمة املختصة ،يضاف هلذه اإلختيارات احملكمة ،اليت يؤول هلا
إختصاص فض النزاع مبقتضى اتفاق بني الطرفني.
أوال :احملكمة املختصة وفقا للمعاهدة
نصت املادة 66من معاهدة روتردام على جمموعة من احملاكم وردت على سبيل
احلصر و منحت للمدعي حق االختيار بني إحدى هذه احملاكم و اليت يقع يف نطاق واليتها
أحد األماكن التالية:
أ-مقر الناقل ويقصد ابملقر طبقا للبند 29من املادة األوىل املكان الذي يوجد فيه املقر
القانوين أو مكان التأسيس،أو املكتب املسجل املركزي أيها كان منطبقا ،أو اإلدارة املركزية
،أو مكان العمل الرئيسي لشركة ،أو شخص اعتباري آخر ،أو احتاد أشخاص طبيعيني أو
اعتباريني وإما يف املكان الذي يوجد فيه حمل اإلقامة املعتاد لشخص طبيعي.
ب -مكان تسلم أو تسليم البضائع املتفق عليه يف عقد النقل.
-1حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص.190
432
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ج-مكان أول ميناء شحن ُحتمل فيه البضائع على السفينة ،أو آخر ميناء تفرغ فيه البضائع
ويكون ذلك يف النقل املتتابع البحري أو يف النقل متعدد الوسائط.
اثنيا :احملكمة املختصة مبقتضى االتفاق
تضيف املادة 66من قواعد روتردام خيار آخر إىل جانب احملاكم اإلختيارية احملددة
حصراي وهو حق املدعي رفع دعوى على الناقل أمام احملكمة املتفق عليها ،لكن هذا ال يعين
إلزام املدعي هبذه احملكمة وحرمانه من ابقي اخليارات األخرى فأي اتفاق من هذا القبيل يعترب
ابطال ملخالفته أحكام املعاهدة.1
عالوة على ذلك تكون احملكمة املختصة مبوجب االتفاق ملزمة دون سواها ويقتصر
تقييد الطرفني على حتديد االختصاص وفق هذه احملكمة يف حالتني :األوىل عند االتفاق على
احملكمة املختصة دون غريها من احملاكم على سبيل احلصر قبل نشوء النزاع ،أما احلالة الثانية
فيتم فيها اإلتفاق فيها على ذلك بعد حدوث النزاع.
-1االتفاق على احملكمة املختصة قبل نشوء النزاع
ال تعترب معاهدة روتردام 2احملكمة املتفق على اختصاصها حمكمة خمتصة حصراي قبل
نشوء النزاع إال بتوافر بعض الشروط وهي كما يلي:3
أ-أن يرد االتفاق على احملكمة يف عقد كمي يبني فيه بوضوح إمسي الطرفني وعناوينهما
،وهوما يتناسب مع طبيعة العقد الكمي ،الذي يتمتع أطرافه بقدر كبري من احلرية التعاقدية
،حيث يسمح هلم ابخلروج على أحكام املعاهدة فيما يتعلق ابحلقوق و االلتزامات
1
-Wei HOU , La liberté contractuel en droit des transport maritimes de
)marchandises (L'exemple du contrat de volume soumis aux règles de Rotterdam
,thèse de doctorat en droit, université de Paul Cézanne-Aix-Marseille III, date de
soutenance :20/12/2010 ,n°388.
-2املادة 67من قواعد روتردام.
-3قماز ليلى إلدايز ،املرجع السابق ،ص.491
433
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
واملسؤوليات اليت تفرضها االتفاقية، 1مبا يف ذلك التفاوض واالتفاق على احملكمة املختصة
ابلفصل يف النزاع .
ب -يشرتط أن يتضمن العقد الكمي ما يفيد أنه جرى التفاوض بني الناقل والشاحن ومت
االتفاق على حصر النزاعات مبحكمة خمتصة ،أو أن يتضمن بياان واضحا أبن هناك اتفاق
على اختيار حصري للمحكمة اخلارجة عن نطاق أحكام املعاهدة ،مع حتديد أبواب العقد
الكمي الذي حيتويه االتفاق وكذا تسمية حماكم إحدى الدول املنضمة إىل املعاهدة لتكون
خمتصة يف الفصل يف النزاع.
و هبذا تكون كافة حماكم الدول املتعاقدة و املسماة خمتصة لتلقي دعوى الشاحن ضد
الناقل وفق التنظيم اإلجرائي لإلختصاص فيها ،أو أن يتم تسمية حمكمة أو أكثر إلحدى
الدول املنضمة إىل اتفاقية روتردام ،فتكون هذه احملكمة أو احملاكم احملددة مسبقا هي فقط
صاحبة اإلختصاص القضائي.
تقوم هذه الشروط أتسيسا على نص املادة 2/ 80من املعاهدة وحىت خيرج العقد
الكمي عن هذه االتفاقية وأيخذ طابع االلزام جيب أن يتم التفاوض على هذا العقد بصورة
منفردة ،أو أن يتضمن العقد بياان يفيد خروجه على اإلتفاقية .ويضاف إىل ذلك شرط
آخر ابلغ األمهية يتمثل يف عدم ادراج ما يفيد اخلروج على االتفاقية يف عقد من عقود
اإلذعان غري قابل للنقاش على شروطه .ويكمن الفرق بني املادتني 1/67و 2/80يف كون
األوىل ال تستبعد عقود اإلذعان ،أي أنه إذا كان العقد الكمي أيخذ وصف عقد اإلذعان
فإن اإلتفاق على شرط حتديد احملكمة املختصة حصراي يكون ملزما طاملا قد أشري إليه
صراحة.2
435
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
436
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
إلخالل الطرف املنفذ البحري بواجباته كان من حق املدعي وفقا لالتفاقية رفع الدعوى عليه
يف احملكمة املختصة اليت يقع ضمن واليتها األماكن التالية :1
أ-مقر الطرف املنفذ البحري (الناقل الفعلي).
ب-ميناء الشحن الذي يتسلم فيه الطرف املنفذ البحري البضائع ،أو ميناء التفريغ والذي
يقوم فيه بتسليم البضائع ،أو امليناء الذي يقوم فيه أبنشطة تتعلق ابلبضائع كميناء املسافنة.2
و تضيف املادة 69من املعاهدة املدرجة حتت عنوان عدم وجود أسس إضافية
للوالية القضائية و رهنا أبحكام املادتني 71و 72أنه ال جيوز رفع أية دعوى قضائية على
الناقل أو الطرف املنفذ البحري أمام حمكمة آخرى مل ترد يف املادتني 66و . 68وهبذا تكون
معاهدة روتردام قد قطعت الشك ابليقني يف أي دعوى قضائية ترفع على الناقل ،أو الطرف
املنفذ البحري جيب أن ال خيرج عن نطاق التعداد احملصور لرفع الدعاوى على هاذين
األخريين و إال رفضت الدعوى شكال ملخالفتها االختصاص القضائي.
كما تسمح معاهدة روتردام ابختاذ تدابري وقائية أو مؤقتة أو تنفيذية كاحلجز
االحتياطي أو التنفيذي على أموال الناقل أو الطرف املنفذ البحري أمام حمكمة غري خمتصة.
غري أنه ال ميكن هلذه احملكمة أن تتجاوز ما قررته االتفاقية من حدود التدابري املذكورة إىل حد
الفصل يف الدعوى ،إال إذا كانت تلك احملكمة من ضمن احملاكم املختصة يف الفصل يف
النزاع طبقا للشروط املقررة مبقتضى أحكام الوالية القضائية الواردة ابلفصل 14من االتفاقية،
أو إذا وجدت اتفاقية دولية انفذة يف الدولة اليت تتخذ فيها التدابري متنحها احلق يف
االختصاص القضائي للفصل يف الدعوى.3
ابإلضافة إىل ما تقدم بشأن احملاكم اليت يؤول إليها االختصاص القضائي فإن االتفاقية
قد ختمت هذا املوضوع الذي أكثرت تفاصيله حبكمني :األول يتعلق بضم الدعاوى الناشئة
437
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
عن حدث واحد ،أما احلكم الثاين فيخص االعرتاف ابألحكام الصادرة عن احملكمة املختصة
وتنفيذها.
-1ضم الدعاوى ونقلها
قد حيدث عمال أن ترفع دعوى واحدة على الناقل و الطرف املنفذ البحري معا يف آن
واحد و النامجة عن حدث واحد وطبقا للمادة 71من قواعد روتردام فإنه ال جيوز يف هذه
احلالة رفع تلك الدعوى إال أمام إحدى احملاكم احملددة يف املادة 66حسب اختيار املدعي
،أو إحدى احملاكم املذكورة يف املادة . 68ويف حال عدم وجود حمكمة من هذا القبيل
،فيجوز رفع الدعوى أمام احملكمة املختصة اليت يقع يف نطاق واليتها امليناء الذي يتسلم فيه
الطرف املنفذ البحري ،أو امليناء الذي يزاول فيه الطرف املنفذ البحري أنشطته املتعلقة
ابلبضائع.1
ال جيوز ضم الدعاوى على هذا النحو إال إذا مت االتفاق بني طريف عقد النقل على
تسوية النزاع أمام حمكمة خمتصة حصراي ،إذا توافرت فيها شروط املادتني 67و 72اللتني
سبق ذكرمها .وهذا طبقا ملا ورد يف الفقرة األوىل من املادة 71من قواعد روتردام.
أما الفقرة الثانية من النص األخري فتمنح للناقل ،أو الطرف املنفذ البحري الذي يرفع
دعوى يعلن فيها بعدم مسؤوليته ،أو اختاذ إجراء حبرمان شخص من حقه يف اختيار إحدى
احملاكم احملددة يف املادة ، 66أو 68احلق يف أن يسحب هذه الدعوى بناءا على طلب
املدعي .وكان هذا األخري قد اختار إحدى احملاكم املذكورة يف املادتني األخريتني أيهما كانت
متاحة له و كان يف إمكان الناقل رفع دعواه أمام هذه احملكمة .
-2االعرتاف ابألحكام الصادرة عن احملكمة املختصة و تنفيذها.
تقضي املادة 1/73من قواعد روتردام أبن القرارات الصادرة عن احملاكم املختصة
مبوجب يف إحدى الدول املنضمة إىل املعاهدة واليت تفصل يف دعاوى املسؤولية يعرتف هبا و
438
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
تنفذ وفقا لقانون اإلجراءات املدنية املتبعة يف الدولة املتعاقدة األخرى واليت يطلب فيها
املدعي الذي صدر احلكم لصاحله تنفيذ هذا احلكم ،لكن بشرط أن تكون كلتا الدولتان قد
أصدرات إعالان اباللتزام ابلفصل املتعلق ابالختصاص القضائي ،طبقا للمادة 74من
املعاهدة.1
أيضا جتيز الفقرة الثانية من املادة 73للمحكمة اليت يرفع أمر االعرتاف ابلقرار ،أو
تنفيذه أمامها رفض ذلك استنادا لألسباب املقررة ،يف قانون الدولة اليت توجد فيها هذه
احملكمة.
الفقرة الثالثة:
احملكمة املختصة يف القانون البحري اجلزائري
أحالت املادة 745من القانون البحري اجلزائري اختصاص الدعاوى الناشئة عن عقد
النقل البحري للبضائع إىل احملاكم احملددة وفقا للقواعد القانون العام (قانون اإلجراءات
املدنية) ،فنصت على أنه" :ترفع القضااي اليت تتعلق بعقد النقل البحري أمام اجلهات
القضائية املختصة إقليميا حسب قواعد القانون العام" وهو النص املكتوب ابللغة العربية
،لكن إذا رجعنا إىل النص املكتوب ابللغة الفرنسية جنده حيتوي على فقرة سقطت سهوا أثناء
ترمجتها إىل اللغة العربية وهي تنص على اختيارين آخرين إضافة إىل أحكام القانون العام ومها
احملكمتني الواقع يف دائرة اختصاصهما ميناء الشحن ،أو ميناء التفريغ إذا كاان واقعني يف
الرتاب الوطين.2
يف هذا الشأن اثر اإلشكال حول من هو األوىل ابلتطبيق النص ابللغة العربية أم
ابللغة الفرنسية وهذا األخري هو الذي يتضمن الفقرة الثانية؟
-1يظهر من مضمون املادة 74أن االختصاص القضائي ليس من النظام العام وال يلزم الدولة املتعاقدة إال إذا أعلنت عن التزامها بذلك.
2
- Elle peuvent,on outre en,outre être portée devent la juridiction du port de
chargement ou devent la juridiction du port de déchargement ,si celui est stué sur
téritoire national".
439
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
لقد فصلت احملكمة العليا يف هذا الشأن بقوهلا ":أن املادة 745ق ب ج ،حيث
أعطت للمدعي حق اختيار احملكمة الفاصلة يف املواد البحرية حمكمة مقر إقامة املدعي عليه
أو حمكمة ميناء التفريغ وال ميكن لقضاة املوضوع أن مينعوا املدعي من االستفادة من هذا
احلق".1
من بني أحكام القانون العام واليت أحالت إليها املادة 745ق ب نص املادة 37
من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اليت قضت على أنه ":يؤول االختصاص اإلقليمي
للجهة القضائية اليت يقع يف دائرة اختصاصها موطن املدعى عليه وإذا مل يكن له موطن
معروف ،فيعود االختصاص للجهة القضائية اليت يقع فيها آخر موطن له .ويف حالة اختيار
املوطن يؤول االختصاص اإلقليمي للجهة القضائية ،اليت يقع فيها املوطن املختار مامل ينص
القانون خالف ذلك".
أيضا تضيف املادة 39فقرة 4من نفس القانون أن ترفع الدعوى املتعلقة ابملواد
التجارية غري اإلفالس والتسوية القضائية أمام اجلهة القضائية اليت يقع يف دائرهتا الوعد ،أو
تسليم البضاعة ،أو أمام اجلهة القضائية اليت يتم الوفاء يف دائرة اختصاصها".
يف احلقيقة أن هذه املادة فيها تشابه مع املادة 745ق ب ج ،ألننا إذا متعنا يف
احملكمة اليت يقع يف نطاق اختصاصها مكان الوعد سنجدها حمكمة ميناء الشحن وكذلك
حمكمة تسليم البضاعة سنجدها حمكمة ميناء التفريغ.
فضال عن ذلك ميكن لطريف عقد النقل أن يتفقا على جهة قضائية أخرى غري تلك
اجلهات املتاحة قانوان ،مع بقاء هذا االتفاق خيارا إضافيا يندرج ضمن اخليارات األخرى.
وخيلص القول مما تقدم أن املشرع اجلزائري يف القانون البحري قد أعطى لرافع الدعوى
الناشئة ،عن عقد النقل البحري عدة خيارات لرفع دعواه .وهي إما أمام اجلهات القضائية
اليت حددهتا املادتني 37و 39من قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية وإما حسب املادة
-1القرار رقم 162697بتاريخ ،1997/12/16مشور ابجمللة القضائية ،اإلجتهادا القضائي للغرفة التجارية والبحرية ،عدد خاص ،سنة
،1999ص.166
440
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
2/745من القانون البحري اجلزائري ومها حمكميت ميناء الشحن و ميناء التفريغ ،إذا كانتا
واقعتني داخل الدولة اجلزائرية .وأخريا حسب ما يتفق عليه الطرفان. 1
الفرع الرابع:
تقادم دعوى التعويض
يستطيع الناقل أن يدفع مسؤوليته عن الضرر الذي حلق ابلبضاعة ابلتمسك بعدم
مساع الدعوى لسقوط احلق يف رفعها ابلتقادم إذا توافرت شروطها ويالحظ أن مدة التقادم
تعترب قصرية يف أحكام القوانني الوطنية واالتفاقيات الدولية اخلاصة ابلنقل البحري وهذا ما
نلمحه قياسا مبدة التقادم اليت تقررها القواعد العامة. 2
صر هذه املدة اليت تقررت لصاحل الناقل ال تقوم على قرينة الوفاء وإمنا على رغبة
إن ق َ
يف إاهاء املنازعات املتعلقة ابلنقل البحري بسرعة 3وبناءا عليه فقد اقتضى البحث يف موضوع
التقادم املتعلق بدعوى التعويض والتعرض ملا جاءت به اتفاقية بروكسل وبروتوكول
تعديلهالسنة1968أوال ،مث التطرق بعد ذلك ألحكام التقادم يف اتفاقييت هامبورغ وقواعد
روتردام .
الفقرة األوىل:
التقادم يف اتفاقية بروكسل وبروتوكول تعديلهالسنة1968
اعتمدت اتفاقية بروكسل لسنة 1924التقادم السنوي أي عدم مساع دعوى التعويض
الرامية إىل املطالبة ابألضرار الناشئة عن النقل البحري مبضي سنة واحدة و يبدأ سراين هذه
املدة من اتريخ تسليم البضائع إىل املرسل إليه ،حيث جاء يف نص املادة ...": 6/3أنه و يف
مجيع األحوال ترتفع عن الناقل والسفينة كل مسؤولية انشئة عن اهلالك أو التلف إذا مل ترفع
الدعوى يف خالله سنة من تسليم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغي هلا فيه".
441
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
من خالل حتليل هذا النص يتضح أن احتساب املدة خيتلف يف حالة التلف عنه يف
حالة اهلالك الكلي ،ألنه يف احلالة األوىل حيصل مثة تسليم .لذلك يبدأ احتساب املدة من
انتهاء عملية التسليم وليس البدء فيه و هو التسليم املادي الكامل للمرسل إليه ،الذي ميكنه
من معرفة التلف أو النقص الذي حلق البضاعة ،أما يف حالة اهلالك الكلي فال يوجد هناك
تسليم للبضائع .وعليه حتتسب املدة من التاريخ ،الذي يفرتض أن تصل فيه السفينة إىل
ميناء التفريغ وحسب ظروف احلال ،أما حالة التأخري فلم تشر االتفاقية إليها والسبب يف
ٍ
متمثل يف هالك أو تلف ذلك أاها مل تعتربها ضررا بذاهتا وإمنا ملا ينتج عنه من ضرر
البضائع.1
ابإلضافة إىل ذلك مل تشر االتفاقية إىل حاليت الغش واخلطأ اجلسيم وعليه يذهب اجتاه
يف الفقه إىل اعتماد التقادم السنوي املبين على املسؤولية التقصريية أي ثالث سنوات ، 2يف
حني يذهب اجتاه آخر إىل أنه مع وجود العقد فال ميكن البحث يف أحكام املسؤولية
التقصريية وإمنا يف قواعد املسؤولية العقدية وبذلك تكون املدة اليت تقررها القواعد يف نطاق
التجارة هي املعمول هبا .وما التقادم القصري الذي تقرره االتفاقية والنصوص املشاهبة إال
امتياز ممنوح للناقل لتشجيعه على االستثمار يف امليدان البحري ،غري أنه يف حاليت الغش
واخلطأ اجلسيم فاملعيار جيب الرجوع فيه إىل األصل ،ألن الناقل يكون قد ختلى إبرادته عن
هذا االمتياز. 3
أما برتوكول تعديل املعاهدة لسنة 1968فلم يغري من مدة التقادم اليت نصت عليها
املعاهدة األصلية ،غري أنه مسح للطرفني االتفاق على متديد هذه املدة بعد قيام سبب
442
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الدعوى،1حسب ما ورد يف نص املادة األوىل فقرة 2من هذا الربتوكول .ويسري هذا التقادم
أايكانت املسؤولية سوآءا رفعت الدعوى على املسؤولية العقدية ،أو تقصريية.
يتضح مما سبق ذكره أن التقادم يسري على الدعاوى املسؤولية املرفوعة ضد الناقل
للمطالبة ابلتعويض عن األضرار الالحقة ابلبضاعة ومن مث فهو ال يسري على دعوى الناقل
ضد الشاحن أو املرسل إليه للمطالبة أبجرة النقل .ألن مثل هذه الدعوى وإن كانت انشئة
عن عقد النقل إال أاها ليست موجهة ضد الناقل ،كذلك ال تسري على دعوى الشاحن
واملرسل إليه للمطالبة برد أجرة النقل مدفوعة بغري حق ،ألن مثل هذه الدعاوى ليست دعوى
مسؤولية فإن أساسها ليس عقد نقل يف مفهوم املعاهدة. 2و ال جيوز االتفاق على انقاص
مدة التقادم واليت حددت بسنة يف املعاهدة بروكسل ،أو بروتوكول تعديلها لسنة 1968
وذلك ملا فيه من ختفيف املسؤولية عن عاتق الناقل. 3
كما أضاف هذا الربوتوكول إىل املادة الثالثة فقرة 6مكرر ،فأجاز مبوجبها إقامة
دعوى الرجوع ابلضمان حىت بعد انقضاء مهلة سنة ،بشرط رفع الدعوى خالل املدة احملددة
بقانون القاضي ،حبيث ال تقل هذه املدة عن ثالثة أشهر من يوم قيام رافع دعوى الضمان
بتسوية املطالبة ،أومن يوم إقامة الدعوى عليه .وخيضع هلذا احلكم دعاوى الناقل ضد
الشاحن ملطالبته ابلضمان بناءا على خطاب الضمان احملرر منه إلصدار سند شحن
نظيف.4
-1و هو ما أخذ به املشرع اجلزائري يف املادة 743ق ب ج غري أن املشرع مسح إبطالة هذه املدة بسنتني ابتفاق بني الطرفني بعد وقوع
احلادث الذي ترتب عليه احلادث.
-2يف هذا الشأن تقضي املادة 742ق ب ج تتقادم كل الدعاوى الناجتة عن عقد النقل لبحري مبرور سنتني من يوم تسليم البضاعة أو
من اليوم الذي كان جيب أن تسلم فيه ابستثناء ما هو مقرر من تقادم يف احلالتني التاليتني :األوىل اخلاصة الدعوى اليت ترفع على الناقل
الناجتة عن هالك البضاعة أو تلفها أو أتخريها يف الوصول حسب املادة 743ق ب ج والثانية اخلاصة بدعوى الرجوع اليت تتقوم برفعها
شركة التأمني على الناقل وهي مدة ثالثة بعد انقضاء مدة سنيتني حسب املادة 744ق ب ج.
-3بسام عاطف املهتار ،املرجع السابق ،ص 208وما بعدها.
-4مسيحة القليويب ،القانون البحري ،سنة ،1987ص.224
443
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أما خبصوص وقف و انقطاع التقادم يف دعوى التعويض فيالحظ أن االتفاقيات
الدولية الثالث مل تتعرض ألحوال الوقف وانقطاعه ،اتركة ذلك األمر للتشريعات الوطنية.
-1وقف التقادم :
يقصد بوقف التقادم حصول مانع من شأنه أن يقف حائال دون رفع الدعوى يف
الوقت احملدد ويف هذا االطار تتدخل السلطة التقديرية لقاضي املوضوع يف حتديد ما إذا كان
املانع موقفا للتقادم أم ال .كما يرتتب على الوقف عدم احتساب املدة اليت جرى عليها
التوقف ،فتضاف املدة السابقة على الوقف إىل املدة الالحقة له. 1
عمال ابملادة 1/316ق م ج ال يسري التقادم كلما وجد مانع مربر شرعا مينع
الدائن من املطالبة حبقه ويعين ذلك أن وقف التقادم يتطلب أن يكون رفع الدعوى من قبل
املدعي مستحيال استحالة مطلقة ويتجدد وقف التقادم كلما جتدد املانع مهما كان عدد
املرات خالل فرتة التقادم .وإذا كانت املفاوضات ودية بني الناقل واملرسل إليه حول كيفية
تعويض األضرار الالحقة ابلبضاعة فإاها تعترب مانعا وفق املادة السابقة وتوقف التقادم إىل
حني انتهاء املفاوضات وقد تنتهي املفاوضات إبقرار الناقل بتعويض األضرار اليت حصلت
للبضاعة وابلتايل ينتهي النزاع .كما قد تنتهي تلك املفاوضات بعدم قبوله ابلتسوية ،فينطلق
تقادم جديد بنفس املدة دون األخذ يف احلسبان املدة اليت توقف سراين التقادم خالهلا.2
-2انقطاع التقادم:
يرتتب على انقطاع التقادم زوال املدة اليت سبقت على انقطاع رفع الدعوى وبداية
حساب مدة جديدة للتقادم من اتريخ االنقطاع .وقد اهتم املشرع اجلزائري يف القانون املدين
بتنظيم مسألة انقطاع التقادم يف املواد 317وما يليها ،حيث نصت هذه األخرية على أنه
444
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
":ينقطع التقادم ابملطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إىل حمكمة غري خمتصة ابلتنبيه أو
ابحلجز ".
و معناه أن املشرع قرر انقطاع مدة التقادم عندما يبادر الدائن برفع الدعوى ضد
املدين يطالبه بتسديد الدين وأن هذه املدة تنقطع حىت ولو رفعت هذه الدعوى أمام حمكمة
غري خمتصة.1
كذلك ينقطع التقادم يف حالة أخرى تضمنتها املادة 318ق م ج وهي حالة إقرار
املدين حبق الدائن ،أي أن يعرتف املدين أمام الدائن ابستعداده لدفع قيمة الدين مهما كانت
صيغة هذا اإلقرار صرحيا أو ضمنيا ،على أن يتضمن اإلقرار االعرتاف حبق صاحب البضاعة
يف التعويض واملسؤولية عن هالك البضاعة أو تلفها أو التأخري يف تسليمها .فضال على أن
يكون االعرتاف قاطعا يف معناه ويف حالة ما إذا التجأ اخلصوم يف عقد النقل البحري إىل
التحكيم فإن مشارطة التحكيم والتوقيع عليها ال يقطع أيهما بذاته مدة التقادم بل تقطعه
الطلبات اليت يقدمها الدائن للمحكمني أثناء سري التحكيم إذا تضمنت متسكه حبقه وإذا
كان التحكيم بديال عن التقاضي ابرتضاء اخلصوم فإنه يتعني أن يكون له أثر يف انقطاع
التقادم .و يرتتب على ذلك األثر جمرد حصول إجراءات التحكيم ،مع وجوب متسك الدائن
حبقه أمام هيئة التحكيم للقول ابنقطاع التقادم. 2
تنص املادة 319ق م ج على أنه ":إذا انقطع التقادم بدأ تقادم جديد يسري من
وقت انتهاء األثر املرتتب على سبب االنقطاع .وتكون مدته هي مدة التقادم األول" ،مبعىن
أنه إذا كان التقادم سنواي وانقطع خالل سراينه بسبب من األسباب املذكورة يف القانون
كالدعوى القضائية ،أو إقرار املدين فإنه يبدأ تقادم سنوي جديد منذ انتهاء األثر املرتتب
على سبب االنقطاع .3
445
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفقرة الثانية:
أحكام التقادم يف معاهدة هامبورغ
لقد انقسمت الدول أثناء اعداد مشروع االتفاقية حول رد الدعوى ملرور الزمن ،بسبب
أرادت اإلبقاء على التقادم Carriage states كونه مقرر ملصلحة الناقل ،فالدول الناقلة
Shipper السنوي الذي كان مقررا يف اتفاقية بروكسل ،بينما سعت الدول الشاحنة
statesإىل تقادم مماثل ملا اعتمدته اتفاقية وارسوا للنقل اجلوي ،حيث أصبحت املدة املقررة
للتقادم هي سنتني ،فصدرت االتفاقية ابعتماد االجتاه الذي تدعمه الدول الشاحنة .وهو ما
ورد يف املادة 20من املعاهدة. 1
حسب هذا النص فإن مدة التقادم يف الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري مبا
فيها املرفوعة على الناقل عما يلحق البضاعة من أضرار تكون حمددة بسنتني ،تبدأ من اليوم
الذي يلي تسليم البضائع ،أو جزء منها ،أومن اليوم الذي كان جيب فيه تسليم البضائع .وال
يدخل اليوم األول والذي تبدأ فيه املدة يف حساهبا. 2
كما أاهت اتفاقية هامبورغ اخلالف حول مسألة ما إذا كانت إجراءات التحكيم تقطع
التقادم أم أاها ال تغطيه،فبينت يف الفقرة الثالثة كون البدء يف التحكيم يقطع التقادم وسعيا
وراء حق الناقل يف التنازل عن املزااي اليت قررهتا له أحكام االتفاقية ،فله أن ميدد مدة التقادم
إبيضاح كتايب يوجهه إىل صاحب احلق يف الدعوى ،على أن يكون ذلك خالل مدة سنتني
ويستطيع أن يكرر من متديد املدة مرات عديدة ،حيث يعترب متديد املدة مبثابة جتديد هلا.3
خبصوص تقادم دعوى الرجوع فاملفروض أن للمدين الذي وجهت إليه الدعوى حق
الرجوع على شخص آخر و لعل أحسن مثال يضرب على ذلك رجوع الناقل املتعاقد الذي
توجه إليه دعوى املسؤولية أبن يرجع على الناقل الفعلي ،الذي هلكت أو تلفت البضاعة
446
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أثناء وجودها يف حراسته .واالشكال هنا حيتمل أن تنقضي مدة التقادم قبل أن يتمكن املدين
من الرجوع على الشخص الذي له احلق يف مطالبته، 1ففي املثال السابق قد ال توجه دعوى
املسؤولية إىل الناقل املتعاقد الختاذ إجراءات الرجوع على الناقل الفعلي قبل أن يكون التقادم
قد احتواها فما احلل؟
هذه املسألة جاء حلها يف الفقرة اخلامسة من املادة 20من اتفاقية هامبورغ واليت
تضمنت أنه حيق للشخص الذي ترفع عليه دعوى املسؤولية أن يرفع دعوى الضمان وحىت
بعد انقضاء مدة التقادم املنصوص عليها يف الفقرات السابقة ،إذا أقيمت الدعوى يف حدود
املهلة املسموح هبا يف قانون الدولة ،اليت تتخذ فيها اإلجراءات وجيب أال تقل هذه املهلة عن
90يوم تبدأ من يوم قيام رافع دعوى الضمان بتسوية املطالبة ،أو من يوم اتريخ إقامة
الدعوى عليه.2
الفقرة الثالثة:
أحكام التقادم يف اتفاقية روتردام
نصت املادة 62من معاهدة روتردام على ما يلي:
"-1ال جيوز أن تقام إجراءات قضائية أو حتكيمية فيما يتعلق ابملطالبات ،أو النزاعات
النامجة عن اإلخالل بواجب من الواجبات املنصوص عليها يف هذه االتفاقية بعد انقضاء فرتة
سنتان.
-2تبدأ الفرتة املشار إليها يف الفقرة 1من هذه املادة يف اليوم الذي سلم فيه الناقل البضائع،
أو يف احلاالت اليت مل تسلم فيها البضائع ،أو مل يسلم سوى جزء منها يف آخر يوم كان ينبغي
أن تسلم فيه البضائع وال حيتسب ضمن هذه الفرتة الذي تبدأ فيه .
-1حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص .174
-2أمحد حممود حسين ،النقل الدويل البحري للبضائع ،املرجع السابق ،ص 335وما يليها ،مسيحة القليويب ،القانون البحري ،سنة 1987
،ص.324
447
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-3بصرف النظر عن انقضاء الفرتة املبينة يف الفقرة 1من هذه املادة ،ال جيوز ألحد الطرفني
أن يستند إىل مطالبته على سبيل الدفاع أو بغرض املقاصة مقابل مطالبة يتمسك هبا الطرف
اآلخر".
كما تنص املادة 63على أنه "ال ختضع الفرتة املنصوص عليها يف املادة 62للتعليق
أو القطع ،لكن جيوز للشخص الذي تُقدم املطالبة جتاهه أن ميدد تلك الفرتة يف أي وقت
أثناء سراياها بتوجيه اعالن إىل املطالب .و جيوز متديد هذه الفرتة جمددا "إبعالن آخر أو
إعالانت أخرى".
من خالل هاذين النصني يتضح أن اتفاقية روتردام أتثرت مبعاهدة هامبورغ ابلغ
التأثر ،فقد أخذت عنها عدة أحكام كمهلة التقادم ومتديدها ،حيث أن كافة الدعاوى
القضائية والتحكيمية املتعلقة مبطالب ،أو نزاعات انمجة عن اإلخالل ابلواجبات املنصوص
عنها يف االتفاقية .و يسقط احلق إبقامتها بعد مرور سنتني وتسري مدة التقادم هذه على أية
دعوى مرتبطة بتنفيذ التزام انشئ عقد النقل واخلاضع لإلتفاقية ومن هذه الدعاوى نذكر ما
يلي:1
أ-دعوى مسؤولية الناقل أو الطرف املنفذ البحري مبواجهة الشاحن ،أو املرسل إليه عن هالك
البضائع أو تلفها أو التأخري يف تسليمها .
ب-دعوى الشاحن ،أو املرسل إليه على من يقوم مقام الناقل يف تنفيذ العقد ،أو أي التزام
فيه عوضا عنه.
ج-دعوى الناقل إزاء الشاحن ،أو الشاحن املستندي عن اإلخالل أو التخلف بتقدمي
املعلومات الالزمة بشأن البضائع اخلطرة ،أو اإلخالل بغريه من االلتزامات املفروضة عليه.
448
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يبدأ حساب مدة السنتني يف حالة التلف من اليوم الذي سلمت فيه البضائع ،أما يف
حالة اهلالك والتأخري يف التسليم فتبدأ هذه املدة من آخر يوم كان جيب أن حيصل فيه
التسليم .وال يدخل يف حساب هذه الفرتة اليوم الذي تبدأ فيه.1
إال أن اتفاقية روتردام تفرتق عن من سبقتها من االتفاقيات يف اعتبار مدة السنتني
مهلة سقوط واليت مبناها رغبة املشرع الدويل تصفية رحلة النقل أبسرع وقت ممكن للحفاظ
على أدلة اإلثبات من جهة .ولعدم تراكم املطالب على حنو يعجز املسؤولون عن الوفاء هبا
من جهة اثنية والدليل على أن هذه املهلة هي مدة اسقاط وليس مدة مرور الزمن ما جاء يف
نص املادة ، 63اليت قضت بعدم خضوع هذه املهلة لالنقطاع أو الوقف ،فهذه الصفة هي
من الصفات اليت متيز مهلة اإلسقاط عن مهلة مرور الزمن .
كما أاتحت معاهدة روتردام على غرار اتفاقية هامبورغ إطالة مهلة اإلسقاط 2من
قبل الشخص الذي تسري لصاحله يف أي وقت أثناء سراياها بشرط أن يوجه إعالن إىل
املدعي وجيوز اطالتها ملرات متتالية بذات الكيفية ،فإذا كانت دعوى املسؤولية من الشاحن
على الناقل فإنه جيوز هلذا األخري متديد هذه املهلة اجلارية ملصلحته .والعكس صحيح أيضا
إذا كانت الدعوى من الناقل جتاه الشاحن. 3
يالحظ خبصوص مرور الزمن على دعاوى الرجوع أن املادة 64من االتفاقية األخرية
جاءت مطابقة ألحكام املادة 3/ 20من اتفاقية هامبورغ ،حيث تضمنت أنه ميكن
449
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
للشخص الذي يتحمل املسؤولية عن شخص آخر ،ابلرجوع على هذا األخري وذلك إذا
رفعت الدعوى خالل أبعد األجلني:
أ-خالل املدة اليت يسمح هبا القانون املطبق يف الدولة اليت ختتص حمكمتها ابلفصل يف النزاع.
ب -أو خالل مدة 90يوما تبدأ من يوم قيام رافع دعوى التعويض بتسوية املطالبة بدفع ما
عليه من مبلغ التعويض ،أو من يوم تبليغه إبجراءات الدعوى املرفوعة ضده إذا كان مل يقم
بعد بتسديد مبلغ التعويض املستحق عليه أيهما أسبق.1
املطلب الثاين:
تسوية منازعات التعويض عن طريق التحكيم
يقوم التحكيم يف الوقت احلاضر بدور هام يف تسوية املنازعات يف التجارة الدولية
،حيث تفضل املنشآت التجارية اإللتجاء إليه عوضا عن القضاء العادي ملا يوفره من مزااي
كسرعة الفصل يف اخلصومة وسرية اإلجراءات ومرونة األحكام .وملا كان الغالب أن يكون
التحكيم وسيلة اتفاق بني ذوي الشأن يف عقد النقل البحري لتسوية ما ينشأ بينهم من
منازعات متعلقة هبذا العقد .
حاولت اتفاقييت هامبورغ و روتردام تفادي القصور الذي اتسمت به اتفاقية بروكسل
وبروتوكويل تعديلها لسنة 1968وسنة ،1979يف عدم التعرض ملسألة التحكيم خبصوص
املنازعات البحرية ،املتعلقة بنقل البضائع ،ال سيما فيما خيص مسؤولية الناقل البحري عن
ضياع ،أو تلف ،أو أتخري يف تسليم البضاعة إىل املرسل إليه،وفق ما تقتضيه مبادئ التجارة،2
فقد قامت االتفاقيتني بتنظيم بعض جوانبه هادفة من التحكيم البحري ،مركزة على اتقاء
-1إذا كانت املدة املسموحة هبا يف الدولة اليت تتخذ فيها اإلجراءات لرفع دعوى الرجوع أكثر من 90يوم تعتمد هذه املهلة ،وإذا كانت
أقل تعتمد مهلة 90يوما ،بغض النظر عن عما إذا كانت مدة مرور الزمن على الدعوى األصلية قد انقضت أمال :وجدي حاطوم ،املرجع
السابق ،ص . 440
-2اميان حسن اجلميل ،اتفاق التحكيم البحري ،املرجع السابق ،ص .32
450
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
أمرين :األول ضغط الطرف القوي على الطرف اآلخر لقبول اجراء التحكيم يف مكان
اليالئمه ،الثاين اختاذ التحكيم وسيلة لإلفالت من القواعد اآلمرة اليت وضعتها االتفاقيتني.1
و بناءا على ذلك سيتم دراسة هذا املطلب من خالل أربعة فروع :تعريف اتفاق التحكيم
وأنواعه (فرع أول) ،مراكز التحكيم البحري(فرع اثين) ،التحكيم يف االتفاقيات الدولية(فرع
اثلث) ،التحكيم التجاري الدويل وفق القانون اجلزائري ( 09/08فرع رابع).
الفرع األول:
املقصود ابتفاق التحكيم و أنواعه
قبل البدأ بتعريف التحكيم أو عقد التحكيم كما يطلق عليه أحياان إذ يرجع سبب
االختالف يف التعبري عن اتفاق التحكيم مبصطلح االتفاق ،أو العقد إىل التفرقة بني العقد
هو توافق ارادتني أو أكثر على إنشاء convention واالتفاق عند بعض الفقهاء ،فاالتفاق
فهو أخص من االتفاق ومعناه توافق contrat التزام أو نقله أو تعديله أو إاهائه .أما العقد
ارادتني على انشاء التزام أو على نقله و يتضح من ذلك أن كل عقد يكون اتفاقا ،أما
االتفاق فال يكون عقدا إال إذا كان منشئا اللتزام أو انقال له ،فإذا كان يعدل االلتزام أو
ينهيه فهو ليس بعقد.2
الفقرة األوىل:
املقصود ابلتحكيم
ظهرت هناك عدة تعاريف للتحكيم من بعض التشريعات العربية الداخلية واالتفاقيات
الدولية كاتفاقية نيويورك اخلاصة ابالعرتاف وتنفيذ أحكام احملكمني األجنبية،كما قام القضاء
يف بعض الدول العربية بتعريف التحكيم كالقضاء املصري ،لذلك ميكن تقسيمها حسب
مصدرها إىل ثالث تعريفات :تعريف فقهي ،تشريعي وتعريف قضائي.
-1حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص .182
-2عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ،اجمللد األول ،املرجع السابق ،ص. 137
451
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
1
-Philippe
Fauchard, Emmanuel Gaillard, Berthold Goldman, Traité de l'arbitrage
commercial international, Edition Litec (libraire de la cour de cassation),paris,
1996,p209.
-2عمر سعد هللا ،املرجع السابق ،ص .273
-3نفس املرجع ،املوضع نفسه.
452
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفرنسي لسنة 1981يف املادتني 1494 ،1493وقد حذا املشرع اجلزائري حذوه إذ مل
يعرف اتفاق التحكيم يف املرسوم التشريعي .109/93ولكنه يف التعديل اجلديد الذي جاء
به قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية فيالحظ على املادة 1011منه أاها قدمت تعريفا
بسيطا ،إذ نصت على أن ":اتفاق التحكيم هو االتفاق الذي يقبل األطراف مبوجبه عرض
نزاع سبق نشوؤه على التحكيم" .و هو تعريف خص به املشرع اجلزائري التحكيم الداخلي.
أما خبصوص التحكيم التجاري الدويل فلم يعرفه املشرع اجلزائري ،غري أنه بني املعيار
الذي يسهل على القاضي معرفته ،فهو التحكيم الذي خيص النزاعات اليت تتعلق مبصاحل
االقتصادية لدولتني على األقل.2
لقد ذهبت بعض التشريعات العربية إىل تعريف اتفاق التحكيم بقوهلا "اتفاق التحكيم
هو اتفاق الطرفني لإللتجاء إىل التحكيم لتسوية كل ،أو بعض املنازعات اليت نشأت أو ميكن
أن تنشأ بينهما مبناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو غري عقدية " .وقد أخذ هبذا
التعريف القانون التحكيم املصري لسنة 1994يف املادة ، 27قانون التحكيم العماين يف
املادة 10وقانون التحكيم الفلسطيين يف املادة. 5
ما يالحظ على هذا التعريف أنه جاء مشاهبا ألحكام املادة السابعة من القانون
النموذجي للجنة األمم املتحدة لقانون التحكيم التجاري الدويل لسنة .1985كما عرفته
املادة الثانية من اتفاقية نيويورك اخلاصة ابالعرتاف وتنفيذ أحكام احملكمني األجنبية املوقعة
سنة31958بقوهلا ":التحكيم هو اتفاق مكتوب يلتزم مبقتضاه األطراف أبن خيضعوا
للتحكيم كل أو بعض املنازعات الناشئة ،أو اليت قد تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط
القانون التعاقدية أو غري تعاقدية املتعلقة مبسألة جيوز تسويتها عن طريق التحكيم ويقصد
-1بودايل خدجية ،اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري (دراسة مقارنة )،رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص ،جامعة تلمسان ،السنة اجلامعية
،2015/2014ص.58
-2املادة 1039ق إ ج م إ.
-3دخلت هذه االتفاقية حيز التنفيذ يف .1959صادقت اجلزائر عليها بتحفظ مبوجب املرسوم رقم 233-88املؤرخ يف /11/5
،1988ج ر عدد 18لسنة .1988
453
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ابالتفاق املكتوب شرط التحكيم الوارد يف عقد ،أو اتفاق حتكيم وقعته األطراف أو تضمنته
رسائل أو برقيات متبادلة بينهم".
ج-التعريف القضائي:
تعرف حمكمة النقض املصرية التحكيم أبنه طريق استثنائي لفض املنازعات قوامه
اخلروج عن طرق التقاضي العادية وبه يتنازل اخلصوم عن االلتجاء إىل القضاء مع الزامهم
بطرح النزاع على حمكم ،أو أكثر .و االتفاق على التحكيم ال يفرتض وإمنا جيب أن يكون
التعبري عنه واضحا ابنصراف إرادة اخلصوم إىل اتباع هذا الطريق وأن يتضمن على وجه
التحديد املنازعة أو املنازعات اليت ينصرف إليها.1
ال يتعلق شرط التحكيم ابلنظام العام ،إذ ال جيوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء
نفسها وإمنا يتعني التمسك به أمامها وجيوز النزول عنه صراحة أو ضمنا ويسقط احلق فيه لو
أثري متأخرا بعد الكالم يف املوضوع، 2إذ يعترب السكوت عن ابدائه قبل النظر يف املوضوع
نزوال ضمنيا عن التمسك به .وإذا كان ما يصدر من اخلصم صاحب املصلحة يف التمسك
به قبل ابدائه من طلب احلكم يف الدعوى دون متسكه بشرط التحكيم و طلب التأجيل
للصلح واالتفاق على وقف الدعوى إلمتامه يفيد تسليمه بقيام النزاع أمام حمكمة خمتصة
ومواجهته موضوع الدعوى ،فإنه بذلك يكون قد تنازل ضمنا عن الدفع املشار إليه مما
يسقط حقه فيه.3
-1الطعن رقم 1579لسنة 49ق جلسة : 1986/02/10علي حسني مججوم ،جمموعة القواعد القانونية اليت قررهتا حمكمة النقض يف
مخس سنوات ()1985-1980اجمللد األول ،اجلزء األول مسائل األحوال الشخصية واجلزء الثاين القانون التجاري والبحري ،جتليد
الفرماوي ،الفجالة ،القاهرة ،سنة ،1987ص.104
-2الطعن رقم 714لسنة 47ق جلسة :1982/04/26املرجع السابق ،ص.105
-3الطعن رقم 194لسنة 37ق جلسة :1972/02/15شريف أمحد الطباخ ،التعويض عن النقل الربي والبحري واجلوي ،املرجع
السابق ،ص .179
454
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفقرة الثانية:
أنواع التحكيم البحري
ينقسم التحكيم البحري بوجه عام إىل نوعني :حتكيم يرد يف العقد األصلي أي عقد
النقل الدويل وهوما يطلق عليه ب "شرط التحكيم" arbitration clauseومضمونه أن أي
خالف ينشأ يف املستقبل عن هذا العقد حيال إىل التحكيم .ويستوي أن يرد يف أي موضع
من العقد (بدايته أو اهايته) أو أي موضع بينهما ،إال إذا تبني من الشرط أنه يقصد به
منازعات معينة انشئة عن العقد وليس مجيعها. 1
فمن خصائص شرط التحكيم أنه يتعلق بنزاعات مستقبلية حمتملة وليس بنزاعات
قائمة وقد يقع مثل هذا النزاع فعال فيحال إىل التحكيم وقد ال يقع فال يعمل بشرط التحكيم
تلقائيا ومن خصائصه أيضا أنه قد يتم يف شكل اتفاق الحق على ابرام العقد ،فيقضي
إبحالة النزاعات اليت ستنجم عند ذلك العقد إىل التحكيم ،لكن قبل وقوع أي نزاع .
أما النوع الثاين و هو ما يطلق عليه مبشارطة التحكيم أو وثيقة التحكيم اخلاصة
ويقصد هبا االتفاق الذي يربمه طرفا العقد األصلي بعد وقوع agreement submission
النزاع اخلاص بذلك العقد ،فيحيالن مبوجبه نزاعامها البحري الناجم عن عقد النقل إىل
التحكيم.2
لذلك فإن الفرق بني شرط التحكيم ومشارطة التحكيم يتمثل يف أن األول يتعلق
بنزاع مستقبلي حمتمل ،يف حني تتعلق املشارطة بنزاع أكيد وقع فعال ويفرتض يف احلالة
األخرية أن يتضمن االتفاق حتديدا للنزاع الذي سيعرض على هيئة التحكيم .ومن الناحية
العملية تبدأ مشارطة التحكيم حبيثيات تتعلق ابلنزاع ومن مث اإلشارة إىل اتفاق الطرفني على
إحالته للتحكيم مع بيان أمساء احملكمني .وتتلخص فائدة التمييز بني هذين النوعني من
التحكيم يف كون بعض القوانني الوطنية تتطلب يف مشارطة التحكيم حتديد طبيعة النزاع،
-1اميان حسن اجلميل ،اتفاق التحكيم البحري ،املرجع السابق ،ص.20
-2عمر سعد هللا ،املرجع السابق ،ص 277وما بعدها.
455
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الذي وقع فعال حتت طائلة بطالن االتفاق ،خبالف شرط التحكيم الذي يتعلق بطبيعة احلال
بنزاع مستقبلي.1
الفرع الثاين:
مراكز التحكيم البحري
يتم التحكيم البحري يف منازعات النقل الدولية عن طريق حتكيم مؤسسي و آخر
حتكيم حر و التحكيم املؤسسي هو التحكيم الذي يتفق فيه األطراف على إحالة املنازعات
على إحدى مؤسسات التحكيم الدائمة ،مثل غرفة التحكيم البحري بباريس وحمكمة
التحكيم لغرفة التجارة الدولية .أما التحكيم احلر فيتم بعيدا عن مؤسسات التحكيم البحري
إذ يقوم األطراف على إدارة تنظيم التحكيم أبنفسهم ،فيتفقون على تشكيل هيئة التحكيم
وعلى كافة القواعد املطبقة على إجراءات التحكيم وعلى اختيار القانون املطبق على النزاع.2
الفقرة األوىل:
مراكز التحكيم البحري املؤسسي
يستند التحكيم البحري إىل هيئات حتكيمية ذاع صيتها يف اجملال النقل البحري ،إذ
غالبا ما يلجأ إليها املتنازعني بسبب خربة وكفاءة حمكميها .لذلك فهي حتقق الثقة
واإلطمئنان لدى املتعاملني اللذين يتفقون على االحتكام إليها من أجل تسوية نزاعاهتم.
وبناءا عليه سنتعرض لبعض هذه اهليئات ابعتبارها الرائدة يف جمال التحكيم البحري كغرفة
التحكيم البحري بباريس ،املنظمة الدولية للتحكيم البحري ،غرفة اللويدز للتحكيم البحري.
أوال :غرفة التحكيم البحري بباريس:
مت أتسيس غرفة التحكيم البحري بباريس سنة 1929وذلك مبوجب قانون 1جويلية
1901بواسطة اللجنة املركزية الفرنسية جملهزي السفن ومع بداية احلرب العاملية الثانية توقف
456
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
نشاطها مث عاد مرة أخرى لالستمرار يف 8نوفمرب .1966وهي غرفة ختصصت للتحكيم
يف جمال النقل البحري وتضم يف عضويتها التخصصات البحرية كافة من مالك للسفن وراببنة
السفن ،الوكالء البحريني ومقاويل الشحن والتفريغ ،السماسرة البحريني ،شركات بناء السفن
وشركات التأمني وكل من له اهتمامات مباشرة أو غري مباشرة ابلنقل البحري .وتتم مناقشة
حكم التحكيم بواسطة جلنة الغرفة بعد تقدميه هلا من احملكم أو من هيئة احلكيم وذلك قبل
إعالنه. 1
كما ميكن هلذه الغرفة أن تشري على هيئة التحكيم إبدخال أي تعديالت تراها مناسبة
،ابإلضافة إىل أاها تلفت نظر احملكمني للنظر يف القضية من منظور آخر ويفصل احملكمون يف
القضااي ابسم الغرفة بعد توقيع احلكم من رئيس الغرفة وحتفظ نسخة من احلكم يف الغرفة،
اليت حتتفظ حبقها يف اعالن األحكام أو عدم إعالاها ،مع مراعاة السرية يف ذكر أمساء
األطراف واسم السفينة.2
اثنيا :املنظمة الدولية للتحكيم البحري
مع الدولية) (CCI نظرا الزدايد املنازعات البحرية وتعقدها ،قامت غرفة التجارة
اللجنة البحرية الدولية) (CMIبوضع الئحة حتكيم حبري تعرف بالئحة) (CCI- CMIعن
طريق خرباء من غرفة التجارة الدولية واللجنة البحرية الدولية سنة .1978ويقع تطبيق هذه
الالئحة على عاتق املنظمة الدولية للتحكيم البحري وهذه املنظمة الدولية ليست فرنسية إال
أن مقرها يقع يف ابريس.3
فضال عن ذلك تتدخل املنظمة الدولية للتحكيم البحري يف العملية التحكيمية من
عدة نواحي منها :املساعدة يف تعيني احملكم أو تشكيل هيئة التحكيم ،إذ تقوم اللجنة
-1عاطف حممد الفقي ،التحكيم يف املنازعات البحرية(دراسة مقارنة للتحكيم البحري يف لندن ونيويورك وابريس مع شرح أحكام قانون
التحكيم املصري يف املواد املدنية و التجارية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة ،1997ص.94
-2نفس املرجع ،املوضع نفسه.
-3عبد احلميد حممد احلوسين ،املرجع السابق ،ص.63
457
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الدائمة ابحللول حمل الطرف املتخلف عن تعيني ُحمكمه يف حالة تشكيل هيئة التحكيم ،كما
تفصل اللجنة الدائمة يف عدد احملكمني عندما ال يتفق األطراف مسبقا على ذلك .تفصل
هذه اللجنة أيضا يف مشاكل رد احملكمني واستبداهلم يف حالة قيام أحد أطراف أي
اعرتاضات على اختيار احملكمني ،أو وجود ظروف طارئة متنعه من االستمرار يف العملية
التحكيمية .وللمنظمة سكراترية يقع مقرها يف غرفة التجارة الدولية تسهر على تطبيق الئحة
التحكيم و تلقي طلبات التحكيم ،املستندات ،امللفات واملذكرات من األطراف ،كما جتري
كافة االتصاالت بني األطراف و مستشاريهم وحمكميهم.1
اثلثا :غرفة اللويدز للتحكيم البحري
تعد هذه الغرفة من أهم وأعرق مؤسسات التحكيم البحري اليت هلا ابع طويل يف
حتكيم القضااي اخلاصة ابحلوادث البحرية وتضم الغرفة عددا كبريا من أشهر احملكمني املعروفني
واملشهود هلم ابلكفاءة يف جمال املساعدات البحرية واإلنقاذ وعمليات النقل البحري .وهلا
عدة مناذج شهرية مثل :منوذج اللويدز للمساعدة البحرية واإلنقاذ ،منوذج اللويدز لتسوية
قضااي التصادم البحري ،منوذج اللويدز للحكم يف قضااي اخلسارات البحرية املشرتكة. 2
إن الوجه املؤسسي لغرفة حتكيم اللويدز يظهر يف تنظيمها الكامل للعملية التحكيمية
عن طريق قيام سكراتريتها ابلسهر على تنظيم وإدارة التحكيم،كما تقوم إبجراء االتصاالت
الالزمة بني األطراف ومستشاريهم واحملكمني وتقدير رسوم ونفقات التحكيم .
-1حممد عبد الفتاح ترك ،شرط التحكيم ابإلحالة وأساس التزام املرسل إليه بشرط التحكيم ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة
،2006ص .175
-2نفس املرجع ،املوضع نفسه.
458
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ابإلضافة إىل قيامها بتعيني احملكم الذي يفصل يف النزاع والذي يكون من جانبها فقط و كذا
تنظيم وإدارة حاالت االستئناف على احلكم التحكيمي .و خبصوص القانون املطبق على
التحكيم وفق هذه اهليئة فهو القانون اإلجنليزي . 1
الفقرة الثانية:
احلر
مراكز التحكيم البحري ّ
يتمركز التحكيم البحري احلر يف أماكن تقع أغلبها يف إجنلرتا ،الوالايت املتحدة
األمريكية و فرنسا ،حيث يوجد يف لندن ونيويورك وابريس مراكز خدمة دائمة للتحكيم
البحري وذلك ملا تتمتع به من اعتبارات جغرافية ،اترخيية و اقتصادية .2و عليه سنتعرض
إبجياز ألهم هيئات التحكيم احلر املنتشرة يف العامل و هي :مجعية احملكمني البحريني بلندن،
مجعية احملكمني البحريني بنيويورك ،جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل (اليونسرتال
.)1976
أوال :مجعية احملكمني البحريني بلندن
أُسست مجعية احملكمني البحريني بلندن يف سنة 1960وأخذت طريقها كغرفة
للتحكيم البحري واخلاصة ابحملكمني البحريني ملؤسسة البلطيق للتجارة والتبادل وتضم تقريبا
مخسني من األعضاء املؤسسني ،فضال على حنو مائتني من األعضاء اآلخرين من احملامني
واملستشارين القانونيني وجمهزي السفن وغريهم .و هلذه اجلمعية الئحة تضم مجيع األحكام
والقواعد اخلاصة هبا وتعرف بقواعد مجعية لندن للمحكمني البحريني لسنة 1978واملعدلة
يف سنة ،1991كما توجد الئحة للمنازعات الصغرية اليت ال تزيد قيمة النزاع فيها على حد
معني وذلك من أجل تبسيط اإلجراءات وتقليل النفقات يف املنازعات الصغرية.3
-1م.م.أفراح عبد الكرمي ،التحكيم يف املنازعات البحرية ،جملة الرافدين للحقوق ،اجمللد ،14العدد ،50السنة،16ص:154
http://www.isaj.net/iasj?func=issues&jid=83&uilanguage=ar.
اتريخ الدخول إىل املوقع ،2015/3/22التوقيت.23:45 :
-2املرجع السابق ،ص.153
-3وائل أنور بندق ،موسوعة التحكيم ،الطبعة الثانية ،مكتبة الوفاء القانونية ،اإلسكندرية ،سنة ،2009ص.203
459
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
ليس هلذه اجلمعية أي دور يف تنظيم وإدارة العملية التحكيمية ،أو حىت اإلشراف على
سري العمل التحكيمي ،غري أاها تقوم بتسهيل عملية اختيار احملكمني البحريني من بني
أعضائها عن طريق وضع قائمة خاصة هبم ليتم االختيار منها من قبل أطراف العملية
التحكيمية ،ابإلضافة إىل حتديدها الئحة التحكيم اخلاصة ابجلمعية لكي يسري احملكم أو هيئة
التحكيم مبوجبها ،كما تقوم اجلمعية إبمداد هيئة التحكيم ابلنصائح واملشورة بناء على طلبها
فيما يتعلق ابلعملية التحكيمية.1
اثنيا :مجعية احملكمني البحريني بنيويورك
أتسست مجعية احملكمني البحريني بنيويورك عام 1963من تسعة أفراد هلم خربة
ابلتحكيم وهم من السماسرة املرخص هلم ابلعمل يف اجملال البحري ووكالء السفن التجارية،
فقد شعر هؤالء بضرورة تكوين مؤسسة تقوم مبمارسة عمليات التحكيم البحري يف نيويورك
على حنو أكثر رمسية و ميكنها توفري جمموعة من احملكمني احملنكني ،ميكن اللجوء إليهم يف
هذا اجملال ،مع توافر الثقة يف كفاءهتم يف نظر املنازعات والفصل فيها.2
كما أنه مع مرور الوقت ازداد حجم األعضاء يف هذه اجلمعية حىت بلغ ما يزيد على
مائة وعشرين عضوا .وقد قامت اجلمعية بوضع الئحة حتكيم وقواعد متثل املبادئ احلاكمة
لسلوكيات احملكم والئحة للمنازعات الصغرية .3
جتدر اإلشارة إىل أن مجعية احملكمني البحريني بنيويورك هي مجعية للتحكيم البحري
احلر وال هتدف إىل التحقيق الربح وامنا غرضها هو متكني املشاركني يف التحكيم البحري من
االستفادة من التحكيم على أفضل حال ،من خالل وضع الئحة حتكيم وتدريب أعضائها
460
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
على املمارسات التحكيمية املختلفة ،عن طريق عقد دورات تدريبية وحتسني العالقات العامة
بني أطراف التحكيم ،أو مستشاريهم واحملكمني وغريهم من املهتمني ابلتحكيم البحري.1
يف هذه اجلمعية يقع على عاتق احملكم حتديد أجرة الفصل يف النزاع املعروض عليه
،كما أن من حقه استيفاء هذا احلق قبل البدء يف العملية التحكيمية ،أو حسب االتفاق
وهكذا ميكن القول أن مجعية احملكمني بنيويورك ال تشرف بنفسها على تطبيق الئحتها وليس
هلا أي دور يف تسيري العملية التحكيمية وكل ما يف األمر أن هلذه اجلمعية الئحة تشمل على
جمموعة من القواعد واألحكام لإلسرتشاد هبا دون أي تدخل منها .وإذا كانت هناك ضرورة
من التدخل فإن هذا التدخل أييت عن طريق طلب مساعدة من احملكمة األمريكية املختصة
بعد تقدمي طلب من جانب األطراف أو مستشاريهم أو حمكميهم.2
اثلثا :جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل (اليونسرتال )1976
تضم جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل يف عضويتها غالبية دول العامل املمثلة
ملختلف النظم القانونية الرئيسية و هدفها األمسى هو حتقيق االنسجام و التالئم بني القواعد
القانونية املنظمة للتجارة الدولية ومن أهم أعماهلا إعداد قواعد التحكيم اليت أجازهتا اجلمعية
العامة ألمم املتحدة يف 15ديسمرب 1976وهي قواعد تتشكل على الصعيد القانوين من
اتفاقيات منظمة التجارة العاملية ،ابإلضافة إىل حزمة من االتفاقيات والربوتوكوالت واألعراف
الدولية واليت تعترب مصدرا مهما هلذا القانون .و تتميز هذه القواعد أباها تضع البنية األساسية
للتحكيم اخلاص للفصل يف نزاع معني ابلذات ( )Ad hocوقد أسهمت إسهاما كبريا يف
تطوير هذا النوع من التحكيم.3
-1حممد عبد الفتاح ترك ،شرط التحكيم ابإلحالة وأساس التزام املرسل إليه بشرط التحكيم ،املرجع السابق ،ص.179
-2املرجع السابق ،ص.180
-3عمر سعد هللا ،املرجع السابق ،ص .244
461
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
فضال عن ذلك قامت هذه اللجنة بوضع الئحة حتكيم منوذجية وهي اختيارية وشاملة
(الئحة اليونسرتال )1976ويف متناول اجلميع سوآءا لألطراف املتنازعة أو للمحكمني
للسري على قواعدها ابتفاق األطراف على تطبيقها و جيوز لألطراف األخذ ببعض قواعدها
وترك البعض اآلخر حسب رغباهتم ،أو حىت زايدة نصوص أخرى عليها وهذا كله خاضع
إلرادة األطراف.1
تشتمل هذه الالئحة على نصوص قادرة على تسيري العملية التحكيمية وهكذا فإن
جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل مل تنشئ مؤسسة حتكيمية بل وضعت الئحة
اختيارية .أما فيما يتعلق ابللجوء إىل السكراترية العامة حملكمة التحكيم الدائمة بالهاي فما
ذلك إال ألسباب حمدودة كتعيني سلطة من أجل تعيني حمكم أو حمكمني عند عدم االتفاق
على التعيني بني األطراف مباشرة ،أو لتقدير نفقات التحكيم ،أو للفصل يف مسألة رد حملكم
،لذلك ميكن القول أن التحكيم البحري مبوجب الئحة اليونسرتال 1976يعترب حتكيما
حرا. 2
الفرع الثالث:
التحكيم يف االتفاقيات الدولية
سبق وأن أشران يف تقدمي هذا املطلب أن اتفاقية بروكسل وبروتوكويل تعديلها لسنة
1979 ،1968مل يتعرضا ملسألة التحكيم خبصوص املنازعات البحرية املتعلقة بنقل البضائع
عرب البحر واخلاصة مبسؤولية الناقل البحري عن اهلالك أو التلف الالحق ابلبضاعة ،أو الضرر
الناجم عن أتخريها يف التسليم إىل املرسل إليه .على عكس ذلك قامت اتفاقييت هامبورغ
وروتردام بسن قواعد تنظم مسألة التحكيم يف حال كان األطراف يرغبون يف وضع ٍ
حد
-1حممد عبد الفتاح ترك ،التحكيم البحري(النطاق الشخصي ،التفاق التحكيم يف عقد النقل البحري) ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر،
اإلسكندرية ،سنة ،2005ص .418
-2وائل أنور بندق ،املرجع السابق ،ص.216
462
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
لنزاعاهتم وفق ُحكمه .وبناءا عليه سنقتصرعلى دراسة التحكيم البحري وفق هاتني االتفاقيتني
املذكورتني .
الفقرة األوىل:
التحكيم وفقا التفاقية هامبورغ
ركزت معاهدة هامبورغ اهتمامها على عدة جوانب من التحكيم البحري متثلت يف:
االتفاق على التحكيم ،مكان التحكيم ،القانون الذي حيكم منازعة التحكيم ،مدى جواز
االتفاق على خمالفة أحكام املادة 22بعد قيام النزاع .
أوال :االتفاق على التحكيم:
لقد أجازت الفقرة األوىل من املادة 22من معاهدة هامبورغ االتفاق على أن يكون
التحكيم وسيلة لتسوية كل نزاع ينشأ عن عقد النقل البحري اخلاضع ألحكام االتفاقية
by agreement evidenced in writing واشرتطت لذلك أن يكون االتفاق مكتواب
ويتضح من صياغة النص أن الكتابة شرط لإلثبات فحسب .كما أن االتفاقية مل تفرق بني
التحكيم السابق على قيام النزاع واالتفاق الالحق له وتركت أمره للقانون الواجب التطبيق ،
فإذا كان هذا القانون جييز االتفاق على التحكيم قبل قيام النزاع فإن هذا االتفاق يرد كشرط
يف عقد النقل البحري ،أو يف صورة اتفاق مستقل عن العقد .أما إذا كان اتفاق التحكيم
الحقا على النزاع الذي وقع فإنه ال يرد حسب ظروف هذه احلالة إال يف صورة اتفاق
مستقل.1
فإذا ما تضمن سند الشحن شرط التحكيم فإن طرفاه (الناقل ،الشاحن) يلتزمان به
،كما يلتزم به املرسل إليه ابعتباره صاحب احلق ابلبضاعة واملصلحة التجارية جتعله يرتبط به
مثل الشاحن ومنذ ارتباط هذا األخري به .فإذا تضمنت مشارطة اإلجيار (السفينة) شرط
التحكيم مث صدر سند شحن استنادا هلذه املشارطة وأحال إىل شرط التحكيم الوارد هبا فإن
-1حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص .182
463
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الشرط املذكور يعترب ضمن شروط سند الشحن ومن مث يلتزم به املرسل إليه ،أما إذا مل ترد
بسند الشحن أية إشارة إىل شرط التحكيم ،الذي ورد ابملشارطة والتزام حامل السند به فال
جيوز للناقل أن يتمسك هبذا الشرط ،يف مواجهة حامل سند الشحن حسن النية.1
اثنيا :مكان التحكيم
إن األمر الذي هتتم به االتفاقية يف هذا اخلصوص هو التصدي لتعسف الطرف القوي
يف العقد واجبار الطرف اآلخر على قبول اجراء التحكيم يف مكان بعيد يكلفه نفقات ال
تتناسب وما جينيه من الدعوى .ومن أجل حتقيق هذا اهلدف أاتحت الفقرة الثالثة من املادة
22للمدعي خيارا مماثال للخيار املنصوص عليه يف الفقرة األوىل من املادة 21يف شأن
االختصاص القضائي ،فرتكت له إجراء التحكيم حسب اختياره يف أحد األماكن اآلتية:2
أ-مكان الذي يوجد يف الدولة اليت يقع هبا املركز الرئيسي للمدعى عليه ،أو حمل اقامته
العادي.
ب-مكان يف الدولة اليت أبرم فيها عقد النقل البحري بشرط أال يكون للمدعى عليه يف هذه
الدولة حمل عمل ،أو فرع ،أو وكالة و أن يكون هذا احملل ،أو الفرع ،أو الوكالة هو الذي أُبرم
فيه العقد.
ج -مكان يف الدولة اليت يقع فيها ميناء الشحن.
د -مكان يف الدولة اليت يقع فيها ميناء التفريغ.
ح -املكان املعني يف اتفاق التحكيم ونوجه النظر هنا كما وجهنا يف حالة االختصاص
القضائي إىل أن تعيني مكان التحكيم يف اتفاق التحكيم ال يعين الزام املدعي إبجراء التحكيم
يف هذا املكان وامنا هو يضيف إىل اخليار الذي يهيئه النص خيارا اتفاقيا آخر .ويعترب حق
-1كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ،1978املرجع السابق ،ص .192
-2فاروق ملش ،النقل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية)،املرجع السابق ،ص ،260سوزان علي حسن ،عقد نقل البضائع
ابحلاوايت ،املرجع السابق ،ص .252
464
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
املدعي يف هذا اخليار جزءا من اتفاق التحكيم وكل شرط على حرمانه منه ،أو على تقييده
يكون ابطال حسب الفقرة اخلامسة من املادة .22
اثلثا :القانون الذي حيكم منازعة التحكيم
عينت الفقرة الرابعة من املادة 22من االتفاقية القواعد اليت جيب على احملكم أو هيئة
احملكمني اتباعها للفصل يف موضوع النزاع و هي ذاهتا قواعد االتفاقية .ذلك أن أحكام
االتفاقية تقيم وزان بني املصاحل املتعارضة ،خيشى اإلخالل به إذا أجيز للطرف القوي إجبار
الطرف اآلخر وقت ابرام العقد على قبول إعطاء احلرية للمحكمني يف عدم التقيد هبذه
األحكام واتباع قانون آخر ،إذ يعين ذلك إعطاء فرصة للناقل يف إخضاع النزاع لقانون أقل
محاية للمدعي.1
رابعا :مدى جواز االتفاق على خمالفة أحكام املادة 22بعد قيام النزاع
لقد جعلت الفقرة اخلامسة من املادة 22األحكام الواردة ابلفقرتني الثالثة والرابعة
القواعد اخلاصة مبكان التحكيم من النظام العام وذلك بتقريرها أن تلك األحكام الواردة يف
االتفاقية تطبق دون غريها .واعتربهتا جزءا من أي شرط أو اتفاق حتكيم ،فأي اتفاق خمالف
له يعترب ابطال وال غيا.
بناءا على ذلك فإنه يقع ابطال كل اتفاق مقتضاه تفويض حمكمني ابحلكم على غري
مقتضى االتفاقية ولو كانوا مفوضني ابلصلح 2و احلكمة من وراء ذلك حىت ال جيري حتايل
على أحكام االتفاقية من خالل حرية اخلصوم يف اختيار القانون الواجب التطبيق بواسطة
احملكمني ،مما يؤدي يف النهاية إىل شل فاعلية االتفاقية 3ابالتفاق على التحكيم و اطالق
احلرية للمحكم للفصل يف النزاع دون التقيد هبا.
-1كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ،1978املرجع السابق ،ص .194
-2املرجع السابق ،ص.195
-3فاروق ملش ،النقل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية)،املرجع السابق ،ص .261
465
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
فضال عن ذلك تعترب اتفاقية هامبورغ هي واجبة اإلعمال بشأن مكان التحكيم و
خبصوص القانون الذي يطبق على منازعة التحكيم أيضا ،ألن األمر يتعلق بعقد نقل خاضع
لالتفاقية .وذلك دون أن يتأثر أبحكام القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدويل ،الصادر
لسنة 1985 (انسرتال( UNCITRAL عن جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدويل
والذي نصت املادة 1/20منه على أنه ":تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد
الطرفان.1"... اليت يتفق عليها
إن السبب وراء ذلك يكمن يف أن أحكام هذا القانون إمنا تتعرض للتحكيم بصفة
عامة ،يف حني أن اتفاقية هامبورغ امنا تتعرض حلالة خاصة وهي حالة التحكيم بصدد
النزاعات الناشئة عن نقل البضائع ابلبحر مل يعاجلها القانون النموذجي للتحكيم التجاري
الدويل .و من املقرر أن احلكم العام يتقيد ابحلكم اخلاص ،يف األمر الذي جاء التخصيص
بشأنه و لو كان احلكم العام الحقا له.2
من جهة أخرى ملا كان املقصود من احملظورات املنصوص عليها يف هذا النص منع
الضغوط اليت كان ميارسها الطرف القوي (الناقل) على الطرف الضعيف (الشاحن) وقت
ابرام عقد النقل البحري ،فيجربه على قبول إجراءات التحكيم يف مكان ال يالئمه ،أو على
املوافقة على منح احملكم سلطة الفصل يف النزاع بغري ما تقضي به أحكام االتفاقية فإن
مفعول احملظور ينبغي أن يقتصر على االتفاق الذي يكون قبل نشوء النزاع ،أما بعد قيامه فال
حمل خلشية تسلط طرف على آخر .ومن أجل ذلك أعادت الفقرة السادسة من املادة 22
إىل الطرفني حرية تنظيم االتفاق الذي يربمانه بشأن التحكيم بعد قيام النزاع ابلكيفية اليت
تروق هلما ،فلهما أن يُعينا مكاان للتحكيم خيتلف عن األماكن املنصوص عليها وهلما أن
حيررا احملكم من قيد االلتزام أبحكام االتفاقية.3
- 1كمال محدي ،اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع عام ،1978املرجع السابق ،ص .195
-2املرجع السابق ،املوضع نفسه.
-3حمسن شفيق ،اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع ابلبحر ،املرجع السابق ،ص 148وما بعدها.
466
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-1نظرا الحتمال حصول تعارض مع اتفاقية نيويورك ،فإن إجراءات االعرتاف ابألحكام التحكيمية واعطائها الصيغة التنفيذية قد ألغيت :
غسان رابح ،املرجع السابق ،ص.283
-2وجدي حاطوم ،املرجع السابق ،ص.442
467
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
من اتفاقية هامبورغ حق اختيار مكان مماثل للخيار املتعلق ابالختصاص القضائي و الذي
نصت عليه املادتني 66و 67من املعاهدة .لذلك حنيل يف هذا اخلصوص إىل كل ما ذكر
سابقا ،ما عدا استثناءا واحدا يدور حول االتفاق اخلاص ابلزام األطراف مبكان التحكيم
حصراي ،أي الزامهم هبذا املكان املتفق عليه دون سواه و هذا عند وروده يف عقد كمي وفق
التفصيل السابق ،فإنه ال يقتضي بصدد التحكيم أن يكون جاراي يف إحدى الدول املنضمة
إىل املعاهدة ،،بينما يف االختصاص القضائي يقتضي أن تكون احملكمة احلصرية املتفق عليها
تقع يف إحدى الدول املنضمة إىل االتفاقية. 1
تعترب أحكام الفقرات األربعة من املادة املذكورة جزءا من اتفاق التحكيم ويعد كل
اتفاق على خمالفتها ابطال ويستثىن من ذلك إضافة إىل البند املنصوص عليه يف العقد الكمي
ما جاءت به املادة 77من االتفاقية و اليت تتضمن جواز االتفاق على حل النزاع بعد قيامه
يف أي مكان خيتاره األطراف ،سوآءا اتفقوا على تطبيق اتفاقية روتردام أو قانون آخر غري
هذه االتفاقية. 2
اجلدير ابلذكر أن املعاهدة تستبعد من نطاق تطبيقها النقل املنتظم وابألخص يف
احلالة اليت يقوم فيها الناقل حبجز حيز على السفينة لنقل احلاوايت و يصدر استنادا لذلك
مستند نقل أو سجل نقل الكرتوين طبقا للمادة 6فقرة /1أ ،ب ،نطرا ملا يتم فيه من
التفاوض على شروط العقد حبرية بني أطرافه مثلها مثل العقود الكمية ،مبا يف ذلك من حتديد
مكان التحكيم ،هيئة التحكيم والقانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم وعلى
موضوع النزاع ،إال أن هذا االستبعاد ألحكام االتفاقية يسري فقط يف العالقة اليت جتمع بني
األطراف األصليني املوقعني على عقد إجيار حيز من السفينة .أي على مالك السفينة والناقل
468
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
مبا فيها شرط التحكيم ،يف حني تطبق بني الناقل املستأجر واملرسل إليه الذي مل يكن طرفا
أصيال يف مشارطة اإلجيار. 1
اثنيا :التحكيم يف النقل املالحي غري املنتظم:
النقل املالحي غري املنتظم هو النقل الذي ال تكون فيه خدمة النقل مطروحة على
عموم الناس من خالل النشر،أو بوسيلة أخرى حبيث ال يشمل السفن اليت تعمل بصورة
منتظمة بني موانئ ،وفقا جلداول زمنية خاصة مبواعيد اإلحبار ومتاحة للجميع.2
تستبعد قواعد روتردام من نطاق تطبيقها أيضا مشارطات اإلجيار يف النقل املالحي
غري املنتظم مبقتضى املادة 6فقرة 2من اخلضوع لالتفاقية ابلنسبة إىل أطرافها األصلني ،إال
أنه تطبيقا للمادة 7من املعاهدة خيضع لقواعد روتردام االتفاق التحكيمي الوارد يف مستند
النقل أو سجل النقل اإللكرتوين الصادرين مبناسبة مشارطة إجيار أو أي عقد آخر يتضمن
استخدام السفينة أو أي حيز عليها واحلاصل بني الناقل واملرسل إليه ،أو الناقل والطرف
املسيطر ،أو الناقل واحلائز ،إذا كان هؤالء(غري الناقل) ليسوا أطرافا أصليني يف مشارطة
اإلجيار.3
و هذا مامل يكن مستند النقل أو سجل النقل اإللكرتوين قد وضح هوية طريف مشارطة
اإلجيار أو العقد اآلخر .ويكون ذلك من خالل إشارة حمددة يف البند الذي حيتوي على
شروط اتفاق التحكيم يف مشارطة اإلجيار أو العقد اآلخر ،أي يتضمن إحالة واضحة
وصرحية إىل بند التحكيم الوارد يف مشارطة اإلجيار ،طبقا للمادة 76فقرة 2من قواعد
روتردام.4
-1ميناس ختشادوراين ،قواعد التحكيم وفقا التفاقية األمم املتحدة املتعلقة بعقود النقل الدويل للبضائع كليا أو جزئيا بطريق البحر 2008
،جملة التحكيم العاملية ،عدد ،10السنة الثالثة ،أفريل ،2011لبنان،ص.95
-2نصت املادة 4/1من معاهدة روتردام على أن ":النقل املالحي غري املنتظم" يعين أي نقل ال ميثل نقال مالحيا منتظما" .و التعريف
الوارد أعاله هو مستشف مبفهوم املخالفة للفقرة 3من نفس املادة واخلاصة بتعريف النقل املالحي املنتظم .
-3ميناس ختشادوراين ،املرجع السابق ،ص .95
-4قماز ليلى إلدايز ،املرجع السابق ،ص.502
469
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
يشرتط القضاء الفرنسي يف عدة أحكام صادرة عنه أن تكون اإلحالة خاصة ،أي أن
يذكر االتفاق التحكيمي يف سند الشحن ،أو أن يرفق نص املشارطة ابلسند .وهو ما ذهبت
إليه حمكمة استئناف ابريس يف قضية السفينة ،1 Aspilloحيث قررت أن اإلحالة البسيطة
بطريقة عامة إىل نصوص وشروط واعفاءات مشارطة اإلجيار ال تكفي للقول أبنه يوجد هناك
قبول مؤكد لدى حامل سند الشحن بشرط التحكيم الوارد ابملشارطة ،مادام أن هذا الشرط
التحكيمي مل يكن مطبوعا بسند الشحن ومل تكن مشارطة االجيار مدجمة يف هذا السند .
أما يف القضاء اجلزائري فقد ذهبت احملكمة العليا 2إىل أن اإلشارة لعقد اجيار السفينة
يف وثيقة الشحن جتعل املرسل إليه طرفا يف هذا العقد .و حيق له بناءا على ذلك استعمال
بند التحكيم املدرج يف عقد اجيار السفينة.
خيلص القول مما تقدم أن اتقاقييت هامبورغ و روتردام حتصران اختيار البنود الشكلية
يف واثئق النقل البحري بتقدمي الئحة أبماكن إقامة دعاوى الشاحن ،أو إجراءات التحكيم يف
حال وجود بند حتكيمي و ابلتايل تعيني اخليار الوحيد لذلك املكان ،احملدد ضمن غريه من
األمكنة و هذا ما ينسجم مع امليل العام وطنيا ،أو دوليا حنو تقوية تلك البنود.3
غري أن هناك من الفقه من يرى أنه كان من األجدر ابتفاقيات النقل الدولية أال
تتضمن قواعد تشريعية للمحاكم ،أو قواعد حتكيمية ليحل حملها ما جاءت به اتفاقية نيويورك
ابلنسبة للمحاكم ،املتفق عليها والقانون التجاري الدويل (القانون النموذجي لألمم املتحدة
املنظم للتحكيم) ،يف الوقت الذي تسعى فيه الدول للتعاون إلجياد نظام يقوي اختيار البنود
املتعلقة حبل النزاعات املتعلقة مبستندات النقل أو واثئق النقل البحري. 4
-1قرار صادر يف : 1985/6/4مشار إليه لدى عبد احلميد احلوسين ،املرجع السابق ،ص .149
-2قرار الغرفة التجارية و البحرية ،ملف رقم 439517بتاريخ ، ،2008/4/9جملة التحكيم اللبنانية ،االجتهاد القضائي اجلزائري ،عدد
، 4أكتوبر ، ، 2009ص .248
-3غسان رابح ،التحكيم التجاري البحري مع مقدمة يف حل املنازعات الدولية ،منشورات حليب احلقوقية ،لبنان ،سنة ، 2016
ص.284
-4مشار إليه يف املرجع السابق ،ص.285
470
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الفرع الرابع:
التحكيم التجاري الدويل طبقا ألحكام القانون اجلزائري 09/08
يعترب قانون 1966املتضمن تنظيم اإلجراءات املدنية واإلدارية أول قانون صادر يف
اجلزائر ينص على التحكيم يف املواد من 442إىل ، 458غري أنه مل يسلم من أتثري القانون
الفرنسي آنذاك ،الذي مل يكن يهضم بعد أمهية التحكيم و جواز اللجوء إىل احلكم
التحكيمي .وقد منع هذا القانون األشخاص املعنويني التابعني للقانون العام أي الدولة
وتفرعاهتا والشركات واملؤسسات االقتصادية الوطنية من اللجوء إىل التحكيم ماعدا يف امليدان
التجاري الدويل ،كما مل يفرق هذا القانون بني التحكيم الداخلي واخلارجي إىل غاية صدور
املرسوم التشريعي 03/93املؤرخ يف 25أفريل 1993الذي أدخل مفهوم التحكيم الدويل
أتثرا ابحمليط القانوين الذي أخذ هبذا االجتاه .1
بعد ذلك جاء قانون 09/08املتضمن قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية الصادر يف
25فيفري 2008واجلديد الذي جاء به يتمثل يف أنه قسم التحكيم إىل نوعني :حتكيم
داخلي و حتكيم دويل .و ذلك ماورد يف الباب الثاين "التحكيم" من الكتاب اخلامس املعنون
"يف الطرق البديلة حلل النزاعات " ،ابتداءا من املادة 1006إىل املادة . 1065وعليه
سندرس التحكيم التجاري الدويل من خالل أربع فقرات متتابعة :شروط صحة اتفاق
التحكيم ،حدود سلطات القاضي يف اختصاص التحكيم ،مث يليه االعرتاف ابحلكم
التحكيمي وتنفيذه وأخريا الطعن يف احلكم التحكيمي.
الفقرة األوىل:
شروط صحة اتفاق التحكيم
ينطبق على اتفاق التحكيم ابعتباره عقدا خيضع للقواعد العامة يف العقود ،من رضا
،حمل ،سبب وكتابة وإذا ختلف ركن من هذه األركان كان مصري هذا اتفاق التحكيم
-1عبد السالم ذيب ،قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية اجلديد ،موفم للنشر ،اجلزائر ،سنة ، 2009ص.420
471
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
البطالن ،فالقاعدة األساسية اليت جيب أن يستند إليها الرتاضي بني أطراف اتفاق التحكيم
هي وجوب تطابق إرادة طريف االتفاق على اختاذ التحكيم وسيلة لفض النزاع الناشئ بينهم
،أو الذي سينشأ بينهم يف املستقبل ويشرتط قانون التحكيم أن يقع التعبري عن اإلرادة
صرحيا .وال يكفي توافر الرضا ابلتحكيم بل ال بد أن يكون صحيحا خاليا من العيوب و
املتمثلة يف اإلكراه ،الغلط ،التدليس واالستغالل واليت ميكن الرجوع فيها إىل القواعد العامة يف
االلتزامات ،فالبد من وجود الرضا وإال كان االتفاق ابطال ،أي أن تتجه إرادة األطراف
املتطابقة والصرحية إىل اللجوء إىل التحكيم والتنازل صراحة عن قضاء الدولة.1
يؤكد بعض الفقاء على ضرورة أن يكون الرضا ابلتحكيم رضاءا حقيقيا وليس مفرتضا
وهو ما أكد عليه القضاء الفرنسي بشأن إحالة سند الشحن إىل مشارطة السفينة املتضمنة
شرط التحكيم . 2كما جيب أن يكون حمل وسبب اتفاق التحكيم مشروعني غري خمالفني
للنظام العام أو اآلداب وإال حكم ببطالنه.
آخر شرط يتعلق ابلناحية الشكلية فال يكون اتفاق التحكيم صحيحا اإل ابلكتابة،
طبقا ملا نصت عليه املادة 1040ق إ ج م إ يف الفقرة الثانية منها إذ جاء فيها.... ":جيب
من حيث الشكل وحتت طائلة البطالن أن تربم اتفاقية التحكيم كتابة ،أو أبية وسيلة اتصال
أخرى جتيز الكتابة ."...و من خالل هذا النص يتضح أن الكتابة ليست لإلثبات فقط ،بل
أكثر من ذلك فهي تعد ركنا النعقاد اتفاق التحكيم .وتتحقق الكتابة وفق هذا املعىن إذا ورد
اتفاق التحكيم يف رسائل أو برقيات متبادلة بني الطرفني و ميتد ذلك إىل كل وسيلة اتصال
مكتوبة بشرط أن يكون تبادل االجياب والقبول بشأن التحكيم حمققا.3
يُستوىف هذا الشرط إذا مت النص عليه يف العقد األصلي وعلى اإلحالة على وثيقة
تتضمن شرط التحكيم كاإلحالة إىل عقد منوذجي يف جمال النقل البحري ،لكن ال يلزم أن
-1إميان حسن اجلميل ،اتفاق التحكيم ،املرجع السابق ،ص 55وما بعدها.
-2املرجع السابق ،ص .56
-3مسيحة القليويب ،التحكيم التجاري ،دار النهضة العربية للنشر والتوزيع ،القاهرة ،سنة ، 2009ص . 56
472
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
تتضمن اإلحالة إىل ما يفيد اعتبار اتفاق التحكيم ،الذي تضمنته هذه الوثيقة جزءا من
العقد األصلي ،حيث أن اإلحالة قد يتضح منها عدم دراية أحد األطراف بوجود اتفاق على
التحكيم ،مما ينفي إمكانية القول بوجود اتفاق و تراضي مكتوب على شرط التحكيم. 1
أما من الناحية املوضوعية فقد تضمنت الفقرة الثالثة من املادة املذكورة أنه يكون اتفاق
التحكيم صحيحا إذا استجاب للشروط ،اليت يضعها القانون املتفق على اختياره من قبل
األطراف ،أو القانون املنظم ملوضوع النزاع والذي كان سببا يف اللجوء إىل التحكيم ،أو
القانون الذي يراه احملكم مالئما .و يالحظ يف احلالة األخرية أنه للمحكم مطلق احلرية يف
اختيار أي قانون حسب وجهة نظره مناسبا .وال يكون ذلك إال عندما يغفل األطراف يف
اتفاق التحكيم على حتديد القانون الذي يرجع إليه بشأن الشروط املوضوعية ،اليت يتطلبها
اتفاق التحكيم من أجل صحته.
الفقرة الثانية:
حدود سلطات القاضي يف اختصاص التحكيم
يرتتب على اعتبار الدفع بوجود اتفاق حتكيمي من النظام العام أن القاضي ليس
إبمكانه إاثرة الدفع به من تلقاء نفسه إذا تبني له وجود اتفاق بني األطراف على حل النزاع
بواسطة التحكيم ،فال حيق له إحالة الفرقاء على التحكيم إال إذا متسك أحدهم بذلك .وهو
ما ورد يف املادة 1045ق إ ج م إ ،حيث تنص على أنه" :يكون القاضي غري خمتص
ابلفصل يف موضوع النزاع إذا كانت اخلصومة التحكيمية قائمة ،أو إذا تبني له وجود اتفاقية
التحكيم على أن يثار من أحد األطراف".2
473
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
لكن إذا كان اتفاق التحكيم عموما والتحكيم البحري بصفة خاصة ال يسمح
للقاضي للفصل يف موضوع النزاع القائم بني األطراف على وجه اإلطالق ،فهل هذا احلظر
ميكن أيضا تطبيقه على احلاالت اليت تتطلب بعض األوامر على وجه السرعة من القضاء
اإلستعجايل؟ و بصياغة آخرى هل ميكن الدفع بوجود اتفاق حتكيمي أمام قاضي األمور
املستعجلة و الذي يطلب منه إختاذ تدابري مؤقتة أو حتفظية بشأن النزاع القائم بني األطراف ؟
وهل يفسر قبول املدعى عليه الدعوى االستعجالية املرفوعة ضده على أنه تنازل منه عن
االلتجاء إىل التحكيم؟
لقد أجابت املادة 1046ق إج م إ عن تلك التساؤالت من خالل منح اختصاص
األمر ابختاذ تدابري مؤقتة أو حتفظية حملكمة التحكيم كأصل عام ،مامل يتفق األطراف على
خالف ذلك يف اتفاق التحكيم ،كما جيوز حملكمة التحكيم أن تطلب تدخل القاضي
املختص وفق قانون دولته .ويف حالة ما إذا رفض الطرف املعين بتنفيذ األمر اختياراي وهذا
طبقا ملا ورد يف الفقرة 2من املادة املذكورة .
نتيجة لذلك فإن اتفاق التحكيم ال حيد من سلطة قاضي األمور املستعجلة من اصدار
أوامر تتعلق بتدابري مؤقتة أو حتفظية ،اليت يراها مناسبة وفقا لقانون اإلجراءات املدنية يف دولة
القاضي ،خاصة و أن التجاء أحد األطراف إىل القضاء الوطين طالبا األمر ابختاذ إجراء وقيت
،أو حتفظي معني ال يعين السماح هلذا القاضي أبن متتد صالحياته إىل الفصل يف اجلوانب
املوضوعية للنزاع وال يعترب قبوال أيضا تنازل املدعى عليه يف الدعوى االستعجالية على أنه
تنازل عن اتفاق التحكيم.1
من جهة أخرى فإن اختيار التحكيم من أجل فض النزاعات النامجة اليت قد تثور يف
مستقبال عن عقد النقل البحري ،أو حىت بعد قيامها ال مينع القضاء من ممارسة الرقابة
-1انرميان عبد القادر ،اتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم املصري يف املواد التجارية واملدنية رقم ،1994/24دار النهضة العربية ،القاهرة
،سنة ،1996ص .303
474
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
الالحقة على احلكم التحكيمي الذي سيفصل يف النزاع و تتجسد هذه الرقابة من خالل
حالتني :األوىل عند االعرتاف ابحلكم التحكيمي و الثانية عند الطعن ببطالنه.
الفقرة الثالثة:
االعرتاف ابحلكم التحكيمي وتنفيذه
إن اهلدف الذي تسعى إليه حمكمة التحكيم هو الفصل يف النزاع املعروض عليها ويف
سبيل ذلك جيب عليها أن تتأكد أوال من أن النزاع يدخل ضمن اختصاصها وهو ما يعرف
مببدأ االختصاص ابالختصاص .1وهذا ما أخذ به املشرع اجلزائري يف قانون اإلجراءات املدنية
واإلدارية 2مث تنتقل هذه احملكمة بعد ذلك إىل تطبيق نصوص القانون الذي اختاره الطرفان و
يف غياب ذلك تستطيع اهليئة التحكيمية اختيار أي قانون وأعراف تكون مالئمة، 3لتحكم
به على النزاع املعروض عليها و بصدور حكم حتكيمي تعترب مهمة احملكمة قد انتهت لتبدأ
بعد ذلك مرحلة أخرى وهي تنفيذ هذا احلكم وهو ماال يتم إال بعد إدخال احلكم التحكيمي
يف النظام القانوين الوطين من خالل االعرتاف به واعطائه الصيغة التنفيذية.4
لكن هذا األمر سيصطدم بوجود فكرة السيادة واحرتام النظام العام يف دولة القاضي
،مما جيعل احلكم األجنيب يعامل معاملة خمتلفة عن احلكم الصادر عن القضاء الوطين و ال
شك أن تنفيذ حكم أجنيب صادر عن قضاء دولة أجنبية دون قيد يعين اخلضوع هلذه الدولة
475
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
،إذ سيمتثل األعوان املكلفون ابلتنفيذ ال ألوامر قضائهم و إمنا ألوامر قضاء أجنيب 1و من
جهة أخرى قد يصدر احلكم يف اخلارج عن احملاكم األجنبية و يتضمن خمالفة للنظام العام
واآلداب العامة يف دولة القاضي ،فهل من املنطق تنفيذ هذا احلكم دون أية قيد ابلرغم هذا
التعارض؟
إن هذه النتائج هي اليت جعلت الكثري من القوانني ومنها القانون اجلزائري 09/08
تقر بعدم إمكانية تنفيذ حكم أو االعرتاف به مباشرة و إمنا يستلزم اللجوء إىل القضاء الوطين
من أجل تقدمي طلب االعرتاف أو التنفيذ 2وهو ما ينطبق أيضا على أحكام التحكيم الدولية
سوآءا صدرت يف اجلزائر أو يف دولة أجنبية.3
كما يتطلب االعرتاف ابحلكم التحكيمي الدويل وتنفيذه يف قانون اإلجراءات املدنية
و اإلدارية اجلزائري بعض الشروط طبقا للمادتني 1051و 1052من هذا القانون و هي
كاآليت:4
أ-إثبات وجود حكم التحكيم و هذا الوجود يثبت إبيداع النسخة األصلية مرفقا ابتفاقية
التحكيم أو بنسخ عنهما تستويف شروط صحتها(املادة 1052ق إ ج م إ).
ب-عدم خمالفة احلكم التحكيمي للنظام العام الدويل(املادة 1051ق إ ج م إ).
من خالل الرجوع إىل الفقرة 2املادة 1051ق إ ج م إ يتبني أن هناك اختصاصني
بشأن طلبات االعرتاف ابألحكام التحكيم الدويل و تنفيذها األول اختصاص نوعي :فيقدم
طلب االعرتاف أو التنفيذ إىل رئيس احملكمة ،أما الثاين فهو اختصاص مكاين حبيث إذا كان
1
-J.B.Racine, L’arbitrage commercial international et l’ordre public L.G.D.J 1999, n°
1009.
-2بن عصمان مجال ،االعرتاف أبحكام التحكيم الدولية و تنفيذها يف ظل قانون االجراءات املدنية اجلديد ،جملة العلوم القانونية و االدارية
و السياسية ،كلية احلقوق تلمسان ،رقم ،11سنة ، 2011الصفحة .96
-3تنص املادة 1051ق إ ج م إ ":يتم االعرتاف أبحكام التحكيم الدويل يف اجلزائر إذا أثبت من متسك هبا وجودها وكان هذا االعرتاف
غري خمالف للنظام العام الدويل .
-و تعترب قابلة للتنفيذ يف اجلزائر وبنفس الشروط أبمر صادر عن رئيس احملكمة اليت صدرت أحكام التحكيم يف دائرة اختصاصها أو حمكمة
حمل التنفيذ إذا كان مقر حمكمة التحكيم موجودا خارج اإلقليم الوطين".
-4عبد السالم ذيب ،املرجع السابق ،ص .431
476
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
مقر اهليئة التحكيم متواجد يف اجلزائر فإنه يؤول إىل احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها
مكان صدور حكم التحكيم.
أما إذا كان مقر هيئة التحكيم متواجدا يف خارج اإلقليم اجلزائري فسيؤول االختصاص
إىل احملكمة اليت يقع يف دائرة اختصاصها حمل تنفيذ حكم التحكيمي.
الفقرة الرابعة:
الطعن يف احلكم التحكيمي
جييز املشرع اجلزائري يف قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية للقضاء التدخل من خالل
تنفيذ حكم التحكيم أو من خالل الطعن فيه ،معتربا تدخله بعد إمتام مهمة التحكيم
وإصدار حكم فيه مبثابة رقابة الحقة واملفرتض فيها أن ال تكون عائقا حيول دون تنفيذ
أحكام التحكيم .كما تضمنت األحكام اخلاصة بتنظيم التحكيم التجاري الدويل عدة طرق
سوآءا تعلقت ابألمر القاضي بتنفيذ أحكام التحكيم أو برفضها .و هنا منيز بني ثالث
حاالت :األوىل عند استئناف األمر الذي يقضي برفض أو قبول االعرتاف والتنفيذ والثانية
خاصة ابلطعن ابلبطالن 1يف أحكام التحكيم بذاهتا ،أما الثالثة فتتمثل يف إمكانية الطعن
ابلنقض يف القرارات الصادرة بشأن االستئناف أو الطعن ابلبطالن.2
أوال :استئناف األمر الذي يقضي برفض أو قبول االعرتاف و التنفيذ
طبقا ملا جاء يف نص املادة 313ق إ ج م إ فإن االستئناف يصنف ضمن طرق
الطعن العادية وعمال ابملادة 1055ق إ ج م إ يكون األمر الذي قضى برفض االعرتاف أو
-1تعرضت اتفاقية نيويورك لسنة 1958هلذا األمر من قبل وابلضبط يف املادة اخلامسة منها فقد ورد فيها إمكانية ابطال القرار التحكيمي
من جانب حماكم الدول اليت صدر فيها القرار التحكيمي أو من طرف الدولة اليت صدر القرار مبوجب قانواها وهذا ما يفهم من الفقرة ه
من املادة املذكورة :فوزي حممد سامي ،التحكيم التجاري الدويل (دراسة مقارنة )،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،سنة ،2012ص
.392
-2ليلى بن مدخن ،مربرات الطعن يف أحكام التحكيم التجاري الدويل وحدود اختصاص القاضي الوطين للنظر يف الطعون بني فرض الرقابة
واحرتام إرادة األطراف ،ص :431
https://manifest.univ-ouargla.dz/documents/.../benmedakhan.pdf
اتريخ الدخول إىل املوقع ،20017/08/31:التوقيت .21:30
477
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
التنفيذ قابال لالستئناف دون تقييده بشروط أو حاالت معينة ،أما استئناف األمر الذي
يقضي ابالعرتاف والتنفيذ فقد حددت له املادة 1056ق إ ج م إ ستة أسباب جيب أن
يبىن عليها االستئناف وهي كاآليت:
.1إذا فصلت حمكمة التحكيم بدون اتفاقية حتكيم ،أو بناء على اتفاقية ابطلة أو
انقضاء مدة االتفاقية.
.2إذا كان تشكيل حمكمة التحكيم أو تعيني احملكم الوحيد خمالفا للقانون.
.3إذا فصلت حمكمة التحكيم مبا خيالف املهمة املسندة إليها.
.4إذا مل يراعى مبدأ الوجاهية.
.5إذا مل تسبب حمكمة التحكيم حكمها ،أو إذا وجد تناقض يف األسباب.
.6إذا كان حكم التحكيم خمالفا للنظام العام الدويل.
من خالل هذا النص يفهم أنه ال يقبل الطعن ابالستئناف ضد األمر الذي يقبل
االعرتاف أو التنفيذ إال إذا توافرت إحدى تلك احلاالت الستة املذكورة أعاله .و هي ترتبط
أساسا إما ابتفاقية التحكيم ،أو هبيئة التحكيم واإلجراءات املتبعة و إما أن ترتبط تلك
احلاالت مبحتوى حكم التحكيم يف حد ذاته.1
اجلدير ابلذكر أنه ليس من اختصاص القاضي يف دولة التنفيذ أن يتعرض إىل موضوع
النزاع التحكيمي و امنا دوره يقتصر يف التأكد من مدى توافر الشروط الالزمة لقبول أو رفض
تنفيذ حكم التحكيم .ومن مث عليه أال يتعرض للموضوع ابلفصل فيه من جديد وتقتضي
املادة 1057ق إ ج م إ من نفس القانون بضرورة رفع االستئناف أمام اجمللس القضائي
خالل مدة قدرها شهر من اتريخ تبليغ األطراف ابألمر.2
-1بن صغري مراد ،حجية االعرتاف أبحكام التحكيم الدولية وتنفيذها على ضوء قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية اجلديد ،ورقة عمل
مقدمة للملتقى الدويل حول تنفيذ األحكام والسندات األجنبية وقرارات التحكيم الدويل املنظم يومي24و 25أفريل ، 2013كلية احلقوق
والعلوم السياسية ،جامعة قاصدي مرابح ،ورقلة (اجلزائر) ،ص . 09
-2ليلى بن مدخن ،املرجع السابق ،ص .432
478
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
-1يرتتب على بطالن القرار التحكيمي أثران ،األول إبطال القرار وإعادة احلالة إىل احلالة اليت كانت عليها قبل إجراءات التحكيم ،أما األثر
الثاين فهو عدم إمكانية تنفيذ القرار موضوع الطعن ابلبطالن عمال بنص املادة 1058ق إ ج م إ واملادة 5من اتفاقية نيويورك لسنة
:1958عبد الرمحن برابرة ،شرح قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية (قانون رقم ،) 09-08طبعة اثنية مزيدة ،منشورات بغدادي ،اجلزائر،
سنة ، 2009ص.561
479
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
تفصل بعد يف أمر طلب التنفيذ فعليها الرتاجع و ابلتايل ميكن للطاعن أن يطلب من احملكمة
وقف تنفيذ احلكم إذا كان خيشى منه وقوع ضرر جسيم جراء هذا التنفيذ و كانت أسباب
الطعن ترجع معها إلغاء احلكم.1
ابإلضافة إىل ما قيل سابقا فإنه جيب على القاضي عند مراقبته لعدم خمالفة األمر
الصادر ابالعرتاف أو التنفيذ للنظام العام الدويل أن أيخذ بعني االعتبار األحكام اآلمرة دوليا
و اليت هلا عالقة وثيقة ابلنزاع مع إعطاء األولوية ألحكام اجلزائية و مراعاة قواعد التجارة
الدولية.2
من خالل مجع ما تقدم فإنه ال شك يف أن التعويض الكامل خيدم مصلحة الشاحن
وهو أيخذ طريقني إما اتفاقي جيريه هذا األخري مع الناقل أو قانوين تقرره اتفاقييت بروكسل
وروتردام عندما يقدم الشاحن بياان بقيمة البضاعة ونوعها يف سند الشحن .
غري أن اتفاقية روتردام تقتصر على وجوب ذكر قيمة البضاعة فقط حىت حيصل املضرور
على تعويض كامل يتطابق مع قيمة البضاعة ،كما جيب أن يكون البيان صحيحا مطابقا
للقيمة احلقيقية للبضاعة،فاذا ثبت أن هذا البيان كان كاذاب فإن الناقل سيعفى من املسؤولية
،أو عندما يرتكب الناقل سلوكا أيخذ وصف سوء السلوك العمدي ،الذي يتكون من شقني
الغش واخلطأ غري املغتفر يف برتوكول تعديل معاهدة بروكسل لسنة .1968
كذلك نفس األمر يف اتفاقييت هامبورغ وروتردام وابلتايل فإنه من األصلح للشاحن
التعويض االتفاقي الكامل خاصة ابلنسبة للدول الشاحنة املنتمية التفاقية هامبورغ ،ألن هذه
املعاهدة جتعل مسؤولية الناقل البحري حمدودة دون شرط .هذا ما دفع ابلفقه إىل البحث هلا
-1قوادري صامت جوهر ،خوتة خبتة ،الطعن يف احلكم التحكيمي ،األكادميية للدراسات االجتماعية و اإلنسانية ،دورية دولية حمكمة
تصدرها جامعة حسيبة بن بوعلي ،شلف ،ص :56
www.univ-chlef.dz/fdsp/images/pdf/bilan-kouadri.pdf
اتريخ الدخول إىل املوقع ،20017/08/31:التوقيت .23:40
-2عليوش قربوع كمال ،التحكيم التجاري الدويل يف اجلزائر ،ديوان املطبوعات اجلامعية ،طبعة ، 2001ص .73
480
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
عن خمرج معتربين أن التصريح الذي يقدمه الشاحن عن جنس البضاعة ونوعها اتفاقا ضمنيا
حيمل يف طياته التعويض املعادل لقيمة البضاعة حمل عقد النقل .
لكن ذلك ليس صحيح ،ألن تدوين بياانت الشاحن يف سند الشحن خبصوص نوع
البضاعة وقيمتها ال يفيد قطعا أن إرادة الطرفان قد انصرفت إىل التعويض الكامل عند وقوع
ضرر للبضاعة املنقولة .لذلك و تفاداي للخالف ال يوجد حل أفضل أمام الشاحنني وفق
املعاهدة املذكورة من االتفاق مع الناقل على التعويض الكامل املطابق للبضاعة ،عما يلحقها
من هالك أو تلف أو ضرر بسب أتخريها يف الوصول .
كما أنه لطريف عقد النقل احلرية يف االتفاق على اجلهة اليت تفصل يف منازعاهتم إما
القضاء ابعتباره صاحب االختصاص األصيل وإما عن طريق التحكيم البحري و هو الغالب
يف امليدان البحري ،فإذا اختار الفرقاء القضاء كان على املرسل إليه وفق االتفاقيات الدولية
عند حصول ضرر للبضاعة إخطار الناقل أو ممثله ابهلالك أو التلف أو التأخري يف التسليم إال
يف حالة حضور هذا األخري ،كما يعترب االخطار وفق االتفاقيات الدولية الثالث اجراءا
متهيداي قبل رفع الدعوى ضد الناقل ،فيقوم املرسل إليه بتقدميه مبينا ماأصاب بضاعته من
ضرر أو أتخري عن الوقت احملدد،فهذا اإلخطار من شأنه أن ييسر على املضرور اثبات
األضرار الالحقة ابلبضاعة عند استالمها و حىت جيهز املضرور نفسه لرفع دعواه على الناقل.
من جهة أخرى ال يرتتب على عدم توجيه اإلخطار إىل الناقل أو ممثله يف حالة اهلالك
أو التلف خالل املهلة املقررة أي جزاء ،إال أن ذلك يصعب من عملية االثبات بعد انقضاء
تلك املدة وعلى العكس فإنه يف حالة أتخري البضائع توجب اتفاقييت هامبورغ وروتردام على
املرسل إليه توجيه اإلخطار يف األجل احملدد وفق أحكامهما وإال فقد حقه يف رفع الدعوى
على الناقل .وتطبق هاتني االتفاقيتني نفس التوجه من أجل محاية للشاحن واملضرور من
زاويتني :الزاوية األوىل هي بشأن االختصاص القضائي حيث متنحان هلذا األخري حرية اخيار
481
نظام التعويض الكامل : الباب الثاين
اجلهة القضائية اليت تكون أقرب ملصاحله و ال جيوز االتفاق على حرمانه من حق االختيار
إبلزامه مبحكمة حمددة دون سواها.
أما الزاوية الثانية فتتعلق ابتفاق الطرفني على إحالة نزاعهما على التحكيم البحري
ابلرغم من أن االتفاقيتني أجازته إال أاهما مل تتوقفا يف السعي حلماية للشاحن واملضرور .و
يتضح ذلك من خالل أاهما تقرران بطالن أي اتفاق على اختيار قانون آخر غري قواعدمها
وذلك ملنع هترب الناقلني من أحكامهما عندما يقبل الطرفان برتك احلرية هليئة التحكيم يف
اختيار قانون آخر غري االتفاقيتني ،عند جلوئهما إىل التحكيم البحري.
يف األخري جتدر اإلشارة إىل أن صدور األحكام األجنبية سواءا قضائية أو حتكيمية
يتطلب من الدول يف سبيل التشجيع على التجارة البحرية الدولية اختاذ إجراءات بسيطة من
أجل إعطاء الصيغة التنفيذية لألحكام النهائية الصادرة القضاء والتحكيم يف اخلارج حىت
يكون هناك تكامل قانوين تتظافر فيه جهود األنظمة القانونية الداخلية واالتفاقيات الدولية.
482
ت ل
ا ا ةم
خ
اخلامتة
اخلامتة
يف ختام هذا البحث و بعد حتليل حماوره الكربى ،ميكن القول أن موضوع التعويض يف
النقل البحري للبضائع كان وال يزال على قمة املسائل القانونية اجلديرة ابلبحث والدراسة ،ملا
يهدف إليه من حلول للمشاكل الكثرية اليت تشهدها املنازعات النامجة عن نقل البضائع عرب
البحر .و ذلك من خالل دراسة ما جاءت به قواعد االتفاقيات الدولية و نصوص القانون
البحري اجلزائري ،حيث أن هذه التشريعات حاولت محاية الطرف الضعيف يف عقد النقل و
سعت لتحقيق التوازن بني املصاحل املتعارضة يف هذا العقد .و لعل أهم ما تعرضنا إليه هو
توحيد قانون الدويل للنقل البحري ،يف سبيل خالص املضرور من احنياز التشريعات الوطنية
للدول للناقلة خبصوص التعويض الذي ميكنه استيفاءه عند ثبوت مسؤولية الناقل أو اتبعيه .
لقد مسحت لنا هذه الدراسة من خالل املقارنة اليت أجريت بني قواعد اتفاقية بروكسل
،هامبورغ وروتردام ابلكشف عن خبااي نظام احلد األقصى للتعويض و الذي يعترب حتديدا
قانونيا ملا ميكن أن يبلغه مدى التعويض عما يلحق البضاعة من هالك أو تلف أو أتخري.و
ابلتايل جيب على القاضي أال حيكم على الناقل أو اتبعيه أبكثر منه مهما جتاوزت قيمة الضرر
ذلك احلد ،كما أنه ذو طبيعة مزدوجة فهو من النظام العام يف حدوده الدنيا االتفاقية اليت
جتمع الشاحن ابلناقل ،فيقع االتفاق أبقل منه حتت طائلة البطالن املطلق سوآءا كان ذلك يف
االتفاقيات الدولية أو القانون البحري و من جهة أخرى فهو ليس من النظام العام يف حدوده
العليا ،إذ جيوز للشاحن أن يتفق مع الناقل على تعويض أكرب مما قررته يف النصوص القانونية .
فضال عن ذلك فإن استعمال مصطلح "حتديد املسؤولية " من طرف اتفاقييت بروكسل و
هامبورغ و عبارة "حتديد مقدار التعويض" اليت كانت تتداول لدى البعض يف أوساط الفقه
للداللة على نظام احلد األقصى للتعويض اليصلحان ألن يكوان مرادفني هلذا النظام الختالف
املقصود لكل منهما ،هذا ماجعل أغلب فقهاء احلديث يتخلون عن استعمال املصطلحات
املنتقدة ،اليت ال تؤدي إىل املقصود من وراء النصوص الدولية أو الداخلية املتعلقة ابحلد
483
اخلامتة
األقصى للتعويض واتفقوا على أن املصطلح املناسب الذي يفي ابلغرض وال يرتك أي شك يف
معناه هو" احلد األقصى للتعويض".
خبصوص اجلدل الفقهي احلاصل حول مربرات نظام احلد األقصى للتعويض مت التوصل
إىل أن هذا النظام يستمد شرعيته من ضرورة يقتضيها توازن املصاحل املتعارضة وذلك عندما
ال يصرح الشاحن بقيمة البضاعة ونوعها قبل الشحن،ألن اطالق التعويض يف هذه احلالة
ليصل التعويض الكامل فيه اجحاف حبق الناقل الذي ال يعلم حبقيقة البضاعة حىت يعاملها
وفق ما تتطلبه طبيعتها من أجل احلفاظ عليها ،إذن يعد توازن املصاحل يف عقد النقل املربر
الوحيد الذي يستخلص من نية اجملتمع الدويل من وراء تقرير هذا النوع من التعويض ،املرتتب
على هالك البضاعة أو تلفها أو الضرر الناشئ عن أتخريها يف التسليم.
تبني كذلك من نصوص االتفاقيات الدولية أاها جعلت حق االستفادة من قاعدة احلد
األقصى للتعويض ال يقتصر على الناقل فحسب بل يكون ذلك أيضا ملندوبيه ،و يشمل
مصطلح مندوب الناقل اتبعه ووكيله والذي تربطه ابلناقل عالقة تبعية فيتبع أوامره مثل الرابن
وطاقم السفينة ووكيل السفينة يف امليناء وهؤالء من حيق هلم التمسك ابحلد األقصى للتعويض
،فأما مقاول الشحن والتفريغ فيعترب مقاوال مستقال وليس اتبعا وعلى هذا ال يستفيد من
احلد األقصى للتعويض.
أما مقاول املناولة املينائية فيستفيد من احلد األقصى للتعويض و ذلك ليس ابعتباره
اتبعا للناقل وامنا بناءا على صفته الشخصية اليت قرر هلا القانون البحري املعدل لسنة 1998
هذا احلق ،غري أن مقاول التشوين حيرم من حدود التعويض لصعوبة الدور الذي يقوم به
وهلذا تكون مسؤولية هذا املقاول مطلقة وختضع لنظام التعويض الكامل.
على أي حال فإن القانون البحري اجلزائري على وضعه احلايل ما زال بعيدا عن احلكمة
التشريعة اليت يقتضيها مبدأ العدالة و هو ما يبدوا عند قراءة نص املادة 811من القانون
البحري اجلزائري يلمح الباحث يف البداية نية املشرع ظاهرة يف توفري احلماية ملصاحل
484
اخلامتة
الشاحنني ،من حيث النص على بطالن شروط االتفاقية اخلاصة ابستبعاد التزامات الناقل
قبل بدأ الرحلة و أثنائها ،كذلك بطالن شرط حتديد مبلغ التعويض ابلنسبة هلذا األخري مببلغ
أقل مما حدده املشرع يف املادة 805ق ب ج ،غري أنه عند مواصلة القراءة لتلك املادة فإنه
سيجد أن املشرع أضاف أمرا يتناقض مع ما جاء به يف ذات املادة املذكورة أعاله ،إذ وضع
استثناءا خص به الناقل األجنيب ،الذي حددت له دولته مبلغا للتعويض فيدفع أقل املبلغني
حسب املادة 808ق ب ج ،فهل يعقل أن يتكفل املشرع بتوفري احلماية للشاحن يف النقل
الداخلي مث يتخلى عنه يف عقود النقل الدولية !
إن ما توصلنا إليه يف هذا الشأن ينطبق على احلالة اليت يكون فيها القانون اجلزائري
واجب التطبيق عند تنازع القوانني و من زاوية أخرى فإن هذا األمر فيه أيضا تفضيل للناقل
األجنيب على الناقل الوطين ،بل أكثر من ذلك أن ما جاءت به املادة املذكورة أعاله فيه
تعارض مع السيادة الوطنية ألننا هبذا النص منتثل ألحكام أجنبية،فهذا األمر يقتضي من
السلطة التشريعية التدخل إبلغاء املادة 808ق ب ج.
على صعيد آخر ختتلف االتفاقيات الدولية خبصوص النطاق الزمين ملسؤولية الناقل
عن األضرار الالحقة ابلبضائع ،فقد ضيقت اتفاقية بروكسل من نطاق تطبيق قواعدها،
فاقتصرت على الفرتة اليت تبدأ منذ شحن البضائع إىل غاية تفريغها ،فتكون بذلك قد فتحت
الباب على مصراعيه لتنازع القوانني يف الفرتة اليت خترج عن نطاقها ،مما يؤدي إىل قصور يف
احلماية القانونية للشاحن هذا من جهة ومن جهة أخرى يؤدي إىل اخلروج عن توحيد القانون
الذي تسعى إليه جل االتفاقيات الدولية ،غري أن معاهديت هامبورغ وروتردام مل تستبعدا
املرحلة السابقة للشحن والالحقة للتفريغ ،بتقريرمها أن مسؤولية الناقل تبدأ منذ تسلم هذا
االخري البضاعة إىل غاية تسليمها إىل املرسل اليه و هي نقطة حتسب لصاحلهما.
أيضا يف سبيل توسيع نطاق هذه املسؤولية وخالفا ملعاهدة بروكسل نظمت معاهديت
هامبورغ وروتردام حاليت الشحن على سطح السفينة ونقل احليواانت احلية وفيما يتعلق حبالة
485
اخلامتة
الشحن على السطح و حبكم حداثة اتفاقية روتردام وظهور السفن املتخصصة (احلاوايت)
مما جعل هذه املعاهدة حتسم اخلالف حول إمكانية شحن احلاوايت على ظهر السفينة
فأجازته عندما تكون البضائع معبأة داخل حاوايت أو عرابت مهيأة هلذا النوع من النقل
معتربة أن احلاوية كجزء من أجزاء السفينة ،مما يساعد يف احلفاظ على البضاعة وهو ما
تتوافر عليه سفن املخصصة للحاوايت ،أما إذا كانت احلاوايت غري مهيأة للنقل على السطح
كاحلاوايت املفتوحة فإن هذا النقل هو غري جائز طبقا للمعاهدة املذكورة.
كما أن الوضع ال خيتلف كثريا عند الرجوع إىل معاهدة روتردام ،فقد أجازت للناقل
االتفاق مع الشاحن عند نقله للحيواانت احلية أن يشرتط اعفائه من املسؤولية يف هذه احلالة
أو حتديد مبلغ للتعويض عنها ،لكن ذلك ال يكون أي أثر إذا ارتكب الناقل أو اتبعيه سلوكا
يدخل يف دائرة سوء السلوك العمدي .
يف ما يتعلق حباالت إعفاء الناقل من املسؤولية فإن تفوق اتفاقية هامبورغ على
نظرياهتا يبدوا جليا ،حيث قلصت هذه املعاهدة من تلك احلاالت ،مقتصرة على ثالث
حاالت فقط يستطيع الناقل إبثبات إحداها اخلالص من مسؤوليته ،متثلت يف حالة احلريق ،
حالة نقل احليواانت احلية وحالة إنقاذ األرواح واملمتلكات يف البحر ،بينما جاءت اتفاقييت
بروكسل وروتردام بوابل من حاالت إعفاء الناقل من مسؤوليته ،حيث بلغ عددها يف اتفاقية
بروكسل ب 15حالة و 17حالة يف ظل معاهدة روتردام وهو ما ال خيدم التوازن يف عقد
النقل البحري للبضائع ،بل خيدم مصاحل الدول الناقلة على حساب الدول الشاحنة .
لقد ساد الغموض على عدة نصوص من معاهدة بروكسل و منها ابألخص املادة
5/4منها ،إذ تسببت مبشاكل كثرية دارت حول مفهوم الطرد والوحدة ،مما أدى إىل
اختالف الفقه والقضاء حول مفهومهما ابعتبارمها ضابطني يرجع القاضي إليهما يف حساب
احلد األقصى للتعويض وابلتايل ترتب عنه اختالف يف تقدير التعويض الذي يستحقه
املضرور.
486
اخلامتة
هلذا السبب وغريه ميكن القول أنه كان من األجدر بواضعي اتفاقية بروكسل اعادة
صياغة الفقرة اخلامسة من املادة الرابعة منها ،نظرا ملا تركته من أثر ابلغ يف تقدير التعويض،
حيث أنه أدى إىل اختالف القضاة هبذا الشأن ،إذ أن منهم من ذهب إىل الزام الناقلني أو
اتبعيهم بدفع التعويض وفق حد أقصى ومنهم من نظر إىل اجلانب األخالقي الذي مل تكن
االتفاقية واضحة خبصوصه ،فقررت أن حيكم على املسؤول ابلتعويض الكامل عن الضرر
الالحق ابلبضاعة ،لكن احلكم األول ال يتماشى مع العدالة ومبدأ حسن النية الذي جيب
أن يسود بني املتعاقدين.
إذن فاحلكم الثاين واملتمثل يف جمازاة الناقل إبلزامه بدفع مبلغ التعويض كامال عن
األضرار واخلسائر الالحقة ابلبضاعة املعهودة ابلنقل هو التفسري املنطقي للفقرة الغامضة من
املادة الرابعة من املعاهدة األصلية .وهذا ما اتضح من أحكام بروتوكول تعديلها لسنة
، 1968حيث كشف عن النية احلقيقية للدول يف عدم استفادة الناقل واتبعيه من ميزة احلد
األقصى للتعويض املقررة هلم قانوان ،عند سوء نيتهم أو أخطائهم اجلسيمة اليت يلحق حكمها
ابلغش حسب القواعد العامة يف أغلب التشريعات الوطنية.
كما أن بقاء الفقرة الغامضة دون صياغة واضحة يف معاهدة بروكسل األصلية سيكون
له وقع كبري على الشاحنني املنتمني للدول املنضمة هلذه املعاهدة ،دون االنضمام إىل
بروتوكول تعديلها ،مما قد حيرم هؤالء من احلصول على تعويض كامل يتناسب مع ما أصاهبم
من خسائر أو أضرار ،فيختل التوازن الذي أقيمت من أجله املعاهدة و متيل الكفة إىل جهة
الدول الناقلة وتكون هبذا املعىن تكون االتفاقية راعية ملصاحل الطرف القوي يف عقد النقل
البحري على حساب الطرف الضعيف.
مل يقف اجلدل عند هذا األمر فحسب و إمنا امتد إىل صمت معاهدة بروكسل يف
مايتعلق بتنظيم مسألة الضرر الناشئ عن أتخري البضاعة يف التسليم إىل املرسل إليه ،مما أدى
ذلك إىل اختالف آراء الفقهاء حول امكانية تطبيق احلد األقصى املقرر يف حاليت اهلالك
487
اخلامتة
والتلف على حالة التأخري .وابلتايل يعترب الصمت يف هذه االتفاقية مبثابة ثغرة قانونية خطرة،
ميكن أن حيرم الشاحن على إثرها من احلصول على التعويض عما يلحقه من ضرر جراء
التأخري يف التسليم البضاعة يف الوقت احملدد وخاصة يف قضاء الدول الناقلة الذي قد ينحاز
للناقلني املنتمني إليها .
كما ال يسعنا يف هذا الصدد إال أن نشيد مبا صرحت به اتفاقية هامبورغ خبصوص
تقدير التعويض يف حالة الضرر الناشئ عن التأخري يف تسليم البضائع إىل من له احلق عليها
فقد قطعت بذلك الشك ابليقني يف تنظيم املعاهدة للتعويض املستحق عن حالة التأخري و
قد تبعتها اتفاقية روتردام يف ذلك.
مهما يكن من أمر فإن التعديالت اليت طرأت على وحدة حق السحب اخلاص يف
سنة 2016ابنضمام اليوان الصيين لسلة العمالت املكونة لوحدةحقوق السحب كان هلا
وقع كبري على هذه الوحدة فقد أصبحت بذلك متثل قوة نقدية على الصعيد العاملي ،مما
انعكس اجيااب على ثبات مبالغ التعويض املستحقة للشاحنني يف عقود النقل الدولية ،على
عكس الوحدات احلسابية كاجلنيه اإلسرتليين الذهيب الذي جاءت به يف اتفاقية بروكسل
األصلية أو الفرنك البوانكاري الوارد يف تعديلها واللذان إضافة إىل فشلهما يف احملافظة على
قوهتما النقدية فقد خلفا إشكاالت صعبة حول كيفية التحويل مبالغ احلدود القصوى
للتعويض على أساس سعر الذهب يف السوق البورصة و يف السوق احلرة ،فأدى ذلك إىل
تفاوت مبالغ التعويض الختالف أحكام القضاء بسبب عدم وجود نص قاطع هبذا الشأن
وابلتايل نتج عنه عدم املساواة يف التعويض بني الشاحنني املتضررين يف خمتلف الدول.
أتيت اتفاقية روتردام يف املرتبة األوىل يف ترتيب االتفاقيات البحرية الدولية من حيث
ارتفاع احلدود القصوى للتعويض ،املقررة للمضرور يف حاليت اهلالك والتلف الالحق ابلبضائع
،إذ يفوق مبلغ التعويض يف قواعدها احلد القانوين للتعويض الذي جاءت به مبعاهديت
هامبورغ ومعاهدة بروكسل بتعديالهتا ،أما خبصوص مبالغ احلد األقصى للتعويض عن حالة
488
اخلامتة
الضرر الناجم عن التأخري يف تسليم البضاعة إىل صاحبها فتتساوى فيها يف اتفاقية هامبورغ
وروتردام واملقدرة بضعف أجرة النقل مرتني ونصف.
كذلك يظهر من املستجدات اليت جاءت هبا هذه االتفاقية أاها تواكب التطور
التكنولوجي من حيث النص على مستندات النقل االلكرتونية وتنظيمها مبا يرجع من وراء
من فائدة على النقل البحري يف سرعة وصول تلك املستندات وقلة التكاليف ،كما حرصت
على محاية تلك املستندات من القرصنة االلكرتونية فقررت حق السيطرة للقضاء على الغش
واالحتيال البحري .
غري أن ذلك ال خيلو من وجود عيب يف االتفاقية ظهر يف حماولة اجلمع بني نوعني
خمتلفني من النقل (النقل البحري ،النقل املتعدد الوسائط) يف اتفاقية واحدة ،نستطيع القول
أن هذه اخلطوة مل تكن فكرة صائبة ،ألن الدول لديها ما يكفيها من مشاكل النقل البحري
وليست حباجة إىل املزيد فوق ذلك مبا يثريه النقل متعدد الوسائط من مشاكل مجة وتعقيدات
خبصوص توحيد املسؤوليات ومداها ابختالف وسائط النقل من برية وحبرية وجوية وغريها
،ابإلضافة إىل صعوبة اكتشاف مكان وقوع الضرر بسبب طول الرحلة اليت تقضيها احلاوايت
احململة ابلبضائع وتعاقب وسائل النقل على تداوهلا .
لعل هذا ما جعل الدول تصرف النظر عنها ،فدخوهلا حيز النفاذ أمر مستبعد ولعلها
ستلقى نفس املصري الذي القته اتفاقيات اليت سبقتها واليت تتعلق ابلنقل متعدد الوسائط
،فقد كان من األوىل على املشرع الدويل يف اتفاقية روتردام أن يقتصر على تنظيم مسائل
النقل البحري فقط فلرمبا استطاعت هذه االتفاقية بذلك جلب تصديقات الدول عليها،
ابلقدر الذي أيهلها للدخول حيز النفاذ و أال حتمل الدول املشاركة فيها مشقة البحث عن
حلول ملشاكل متباينة لنوعني من النقل يستحيل أن يلتقيا يف اتفاقية واحدة .
من خالل دراستنا لفكرة سوء السلوك العمدي وجدان أن اتفاقييت هامبورغ وروتردام قد
اتفقتا على األخذ هبذه الفكرة على اهج بروتوكول بروكسل لسنة 1968و اليت اقتبسها هذا
489
اخلامتة
األخري من النظام األجنلوسكسوين ،حيث أاها تتكون من شقني األول اخلطأ العمدي و الثاين
عدم االكرتاث وهذا مايتطابق مع فكريت الغش و اخلطأ غري املغتفر يف النظام الالتيين وليس
بني Rodiére مع فكرة اخلطأ اجلسيم كما اعتقد جانب من الفقهاء ،لكن الفقيه الفرنسي
أن فكرة اخلطأ الذي ال يغتفر تتطابق مع فكرة عدم االكرتاث وهو أدرى بتلك املصطلحات
القانونية السائدة يف دولته وعلى هذا فقد وقَ َع بروتوكول بروكسل لسنة1968يف مصطلح
خاطئ ال يفي ابلغرض املنتظر منه لدى الدول الالتينية.
مبا أن الفشل قد حلق بفكرة سوء السلوك العمدي يف توحيد املفاهيم القانونية بني
الدول الالتينية والدول األجنلوسكسونية إذ أاها مل تفلح يف النقل اجلوي فكيف يراد هلا أن
النجاح يف جمال النقل البحري ،لذلك البد من تعديل للمصطلح اخلاطئ الوارد هبذه
االتفاقيات والبحث عن مصطلح سهل جيمع بني املفاهيم القانونية اليت تتداول يف الدول
الالتينية و األجنلوسكسونية حبيث يبني بدقة وصف التصرف الذي حيرم الناقل أو اتبعيه من
التمسك ابحلد األقصى للتعويض عند قيام مسؤوليته بشأن البضائع املنقولة حبرا.
من جانب آخر و خبصوص اإلجراءات املمهدة للدعوى يف النقل البحري للبضائع فإن
لإلخطار دور هام ،فهو يسهل على املضرور اثبات األضرار يف حاليت اهلالك أو التلف و ال
يرتتب على عدم ارسال املضرور اإلخطار إىل الناقل سقوط الدعوى املرفوعة ضد الناقل
البحري وامنا يؤدي إىل صعوبة إثبات تلك األضرار .وهذا حسب أحكام االتفاقيات
الثالث(بروكسل ،هامبورغ ،روتردام) والقانون البحري اجلزائري ،أما يف حالة التأخري يف تسليم
البضائع فإن غياب تقدمي اإلخطارات يؤدي إىل سقوط احلق يف رفع الدعوى شكال طبقا
التفاقييت هامبورغ وروتردام .
كما تبني من أحكام اتفاقية هامبورغ أن مدة اإلخطار احملددة ب15يوم يف حاليت
اهلالك والتلف غري الظاهر هي مدة أكرب مما قررته غريها من االتفاقيات البحرية ،فهي
بذلك متنح املرسل إليه متسعا من الوقت يكفيه لفحص بضائعه ولتحضري نفسه من أجل
490
اخلامتة
رفع دعواه ضد الناقل .و كذلك يف حالة التأخري يف تسليم البضاعة ،حيث نصت على مدة
ستني يوما لإلخطار فيها وهي مدة أكرب بكثري مما حددهتا اتفاقية روتردام(21يوما) ،بينما مل
تعاجل اتفاقية بروكسل مسألة وجوب اإلخطار يف حالة التأخري و يضاف هذا األمر أيضا إىل
كل ما قيل بشأن قصورها التشريعي.
إىل جوار ذلك فإن السعي يف توفري احلماية للطرف الضعيف يف عقد النقل مل ينسي
املشرع الدويل يف اتفاقية هامبورغ احلفاظ على التوازن العقدي ،فمن مظاهر التجديد فيها
مسألة اإلخطار املوجه للشاحن والذي يسمح للناقل إبقامة الدعوى عليه ملطالبته ابألضرار
اليت حلقت سفينته بسبب بضائع الشاحن بشرط أن يقدم هذا اإلخطار الذي حيدد الضرر
خالل مدة تسعني يوما متصلة ،ابتداءا من اتريخ حصول الضرر أو من اتريخ التسليم ،أيهما
أطول و هو ما مل تتعرض له اتفاقيي بروكسل وروتردام.
يتواصل التفوق لصاحل اتفاقية هامبورغ على مثيالهتا من االتفاقيات املذكورة يف اإلملام
مبسائل التعويض ،اليت تندرج حتت صيانة مصاحل الدول الشاحنة،حيث يعترب أحسن نص
قانوين من نصوص املعاهدة هو نص املادة 33و الذي يتعلق مبراجعة حدود التعويض يف
سبيل محاية الشاحنني من الظروف االقتصادية املتعلقة أبسعار الصرف الدويل ،حيث أوجبت
على األمني العام لألمم املتحدة دعوة إىل عقد مؤمتر بناءا على طلب ربع الدول املتعاقدة،
يكون الغرض منه تغيري مقدار مبالغ احلد األقصى للتعويض إحدى الوحدتني احلسابيتني:
وحدة حق السحب اخلاص،أو الوحدة النقدية املقومة ب 65,5مليغرام من الذهب عيار
900من ألف ،أو استبداهلما بوحدات حسابية أخرى .و يكون ذلك عند وقوع تغيري
جوهري يف قيمتهما.
و هبذا فلم يبقى هناك شك يف أن معاهدة هامبورغ تعترب أفضل االتفاقيات من حيث
الوضوح و الدقة كما يتبني من أحكامها استجابت لتطلعات الدول الشاحنة واهتمت
مبصاحلها أكثر من غريها من االتفاقيات الدولية ،فهي بذلك تعترب مكسبا مثينا خيدم التوازن
491
اخلامتة
العقدي يف النقل البحري ،غري أن ذلك مل خيلو من وجود هفوة جيب على االتفاقية تداركها
،من حيث إعادة صياغة املادة 1/6املتعلقة ابحلد األقصى للتعويض فعلى واضعي االتفاقية
أن يضيفوا فقرة توضح هبا أن االستفادة من هذا احلد القانوين تكون يف حالة عدم ذكر
الشاحن قيمة البضاعة و نوعها ،ألن حماوالت الفقه يف البحث هلا عن خمرج ابءت ابلفشل
فقد استندوا إىل اعتبار بيان جنس البضاعة وقيمتها ضراب من االتفاق الضمين على التعويض
الكامل الذي يتطابق مع قيمة البضاعة.
لكن هذا األمر ليس صحيحا ألن مثل هذا االتفاق يشرتط فيه تطابق اجياب الشاحن
مع قبول الناقل ،فال يعترب ابلضرورة قبوال من هذا األخري ابلتعويض الكامل عندما يقوم
بتدوين قيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن أو يف وثيقة أخرى تثبت عقد النقل البحري
الدويل للبضائع .وال جيب أن يستند يف ذلك ابلقياس على معاهدة بروكسل ،ألن املعاهدة
اعتربته يف هذه احلالة تعويضا قانونيا تقرره نصوصها وليس تعويضا اتفاقيا فيما بني الشاحن
والناقل بدليل أن الناقل يستطيع أن يقيم احلجة على أن قيمة البضاعة وجنسها اليت أدىل هبا
الشاحن يف تصرحياته هي غري صحيحة ويستطيع ذلك بكل طرق االثبات.
إىل هنا نكون قد وصلنا إىل اهاية الرسالة آملني أن نكون قد مجعنا كل ماتطلبه البحث
من حتليل و تفصيل ،إال أن هذا البحث سيبقى إحدى احللقات املتعاقبة على موضوع
التعويض يف النقل البحري للبضائع من خالل زاوية أخرى تدفعنا لطرح التساؤل التايل :إذ
كان احلد األقصى للتعويض قد وجد مربرات قانونية فرضت وجوده و استمراريته يف مسؤولية
الناقل البحري فهل ميكن للشاحن أن حيظى بنظام مماثل عند قيام مسؤوليته ؟أم أن ذلك
سيؤدي إىل امليل حنو كفة الشاحنني واالخالل ابلتوازن املنشود يف عقد النقل البحري
للبضائع؟
492
ج لا ت
قا مة رإ ع
م
قائمة املراجع
قائمة املراجع
*ابللغة العربية:
-Iالكتب واملؤلفات:
أ -املراجع العامة:
-1أمحد موايف،الضرر يف الفقه اإلسالمي-رسائل جامعية،اجمللد األول،دار بن عفان للنشر والتوزيع
،اململكة العربية السعودية،سنة .1997
-2أمحدبن حممد بن علي املقري الفيومي املقرئ ،املصباح املنري،مكتبة لبنان انشرون،لبنان ،سنة
.2001
-3أمحدحممودخليل،موسوعة التشريعات البحرية أتصيالوفقها وقضاءا،املكتب اجلامعي احلديث،
اإلسكندرية،سنة . 2010
-4أمحد حممود حسين -:النقل الدويل للبضائع طبقا ملعاهدة بروكسل لسندات الشحن مع اإلشارة إىل
القوانني البحرية العربية ومعاهدة هامبورغ ،منشأة املعارف ابإلسكندرية ،الطبعة الثانية ،سنة . 1989
-التعليق على نصوص اتفاقية هامبورغ اخلاصة بنقل البضائع حبرا عام 1978
،منشأة املعارف اإلسكندرية ،سنة . 1998
493
قائمة املراجع
-9بوكعبان العريب ،الوجيز يف القانون البحري اجلزائري ،دار الغرب للنشر والتوزيع ،وهران ،سنة
.2002
-10بسام عاطف املهتار ،معاهدة بروكسل وتعديالهتا (لتوحيد بعض القواعد املتعلقة ببوالص الشحن)،
الطبعة األوىل ،منشورات احلليب احلقوقية،بريوت ،سنة .2006
-11اهلادي خالدي ،املرآة الكاشفة لصندوق النقد الدويل،ا ملطبعة اجلزائرية للمجالت واجلرائد،
،بوزريعة (اجلزائر) ،سنة . 1996
-12بنونة يونس ،مسؤولية الناقل البحري على ضوء القانون املغريب (دراسة مقارنة مع اتفاقية هامبورغ
لستة ، 1978مجعية أصدقاء املكتبة ،املغرب ،سنة .1993
-13مجال الدين ابن مكرم (ابن منظور) ،لسان العرب ،اجمللد السابع ،الطبعة الثالثة ،دار صادر
للطباعة و النشر ،بريوت-لبنان ،سنة .2004
-14جالل وفاء حممدين -:مدى فعالية قواعد مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف القانون البحري
اجلديد يف محاية الشاحن املصري ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر،اإلسكندرية ،سنة .1995
-قانون التجارة البحرية ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة
.1997
-15هاين حممد دويدار - :القانون البحري يف ضوء القانون اللبناين واالتفاقيات الدولية ،دار النهضة
العربية للطباعة والنشر بلبنان ،بون اتريخ نشر .
-الوجيز يف القانون البحري ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ابإلسكندرية ،ص
. 2001
-قانون النقل ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،سنة .2014
-موجز القانون البحري ،املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بريوت
،سنة . 1997
-16هشام فرعون ،القانون البحري ،مطبعة كرم ،دمشق ،سنة .1976/1975
-17وهيب األسرب ،القانون البحري ،املؤسسة احلديثة للكتاب ،لبنان ،سنة . 2008
-18وسيم غايل ،القانون البحري ومعامالت السفن لضباط أعايل البحار ،الطبعة األوىل ،اهليئة املصرية
العامة للكتاب ،فرع اإلسكندرية ،سنة 1979
-19وجدي حاطوم ،النقل البحري يف ضوء القوانني و املعاهدات الدولية ،الطبعة األوىل ،املؤسسة
احلديثة للكتاب ،لبنان ،سنة . 2011
-20وائل محدي أمحد ،عقد النقل البحري اإللكرتوين الدويل للبضائع ،دار النهضة العربية ،القاهرة،
طبعة .2013
494
قائمة املراجع
-21وائل أنور بندق ،موسوعة التحكيم ،الطبعة الثانية ،مكتبة الوفاء القانونية ،اإلسكندرية،
سنة،2009
-22حسن اهلداوي ،تنازع القوانني (املبادئ العامة واحللول الوضعية يف القانون األردين –دراسة مقارنة
، )-مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،سنة . 1997
-23محاد مصطفى عزب ،درورس يف القانون البحري ،جامعة جنوب الوادي ،بدون اتريخ نشر.
-24محزة حداد ،اتفاقية هامبورغ لسنة ، 1978مطبعة اجلامعات األردنية ،عمان،سنة . 1980
-25محد هللا حممد محد هللا ،اتفاقات الضمان البحري بني اإلبقاء واإللغاء(دراسة مقارنة) ،دار النهضة
العربية ،سنة .1997
-26هاين حممد دويدار ،علي البارودي ،القانون البحري ،الدار اجلامعية ،اإلسكندرية ،بدون اتريخ
نشر
-27كمال محدي -:القانون البحري ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة .1997
-عقد الشحن التفريغ ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة .2002
-28يعقوب يوسف صرخوه -:العقود التجارية ،الطبعة األوىل ،الكويت ،سنة .1986
-القانون البحري ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع،األردن ،سنة .1998
-29حممدكحلولة ،مقياس االلتزامات للسنة الثانية قانون خاص ،سنة ،،2014/2013ص:28
https://drive.google.com
-30حممد إبراهيم الدسوقي :املسؤولية املدنية بني التشديد واالطالق ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،بدون
اتريخ نشر.
-31حممد سنان جالل ،التعويض املادي عن الضرر األديب أو املادي الغري مباشر الناتج عن اجلناية أو
الشكوى الكيدية ،الدورة الثانية وعشرون للمجمع الفقهي اإلسالمي ar.themwl.org
-32املوسوعة الفقهية اجلزء الثالث عشر ،الطبعة الثانية طباعة ذات السالسل ،الكويت ،سنة .1983
-33مصطفى بوبكر ،املسؤولية التقصريية بني اخلطأ والضرر يف القانون املدين اجلزائري ،دار اجلامعة
اجلديدة ،سنة . 2015
-34حممود مسري الشرقاوي :القانون التجاري ،اجلزء الثاين ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .1984
-35حممود مسري الشرقاوي و حممد القليويب ،القانون البحري (الطبعة الرابعة)،دار النهضة العربية ،القاهرة
،سنة .1993
-36حممود مجال الدين زكي ،مشكالت املسؤولية املدنية ،اجلزء الثاين يف االتفاقات املتعلقة ابملسؤولية
(اتفاقات رفع وختفيف املسؤولية والشرط اجلزائي والتأمني من املسؤولية )،مطبعة جامعة القاهرة ،سنة
. 1990
495
قائمة املراجع
-37حممد السيد الفقي ،القانون البحري ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،سنة .2016
-38مدحت خلوصي ،السفينة والقانون البحري ،الشنهايب للطباعة والنشر ،اإلسكندرية ،سنة
.1994
-39حممود مجال الدين ،مشكالت املسؤولية املدنية ،اجلزء الثاين ،املرجع السابق ،ص .188
-40حممد فهمي غامن ،مرجع القضاء التجاري ،اجلزء األول ،دار نشر الثقافة اجلامعية ،مطابع عابدين،
اإلسكندرية ،سنة .1954
-41حممد عبد الفتاح ترك -:التحكيم البحري(النطاق الشخصي ،التفاق التحكيم يف عقد النقل
البحري) ،،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة . 2005
-شرط التحكيم ابإلحالة وأساس التزام املرسل إليه بشرط التحكيم،دار
اجلامعة اجلديدة للنشر ،اإلسكندرية ،سنة.2006
-التصادم البحري ودور العنصر البشري يف وقوعه ،دار اجلامعة اجلديدة
للنشر ،سنة .2003
-42حممد غريب عبد العزيز ،النظام القانوين للنقل لبحري واحلاوايت ،دار الفكر اجلامعي،اإلسكندرية،
سنة .2002
-43ملك شقلب ،خماطر التصادم البحري يف ظل االتفاقيات الدولية والتشريع العريب ،الطبعة األوىل
،مكتبة الوفاء القانونية ابإلسكندرية ،سنة 2016
-44حممد عبد القادر احلاج ،الوجيز يف القانون البحري اليمين ،الطبعةالثالثة ،منشورات اجلامعة اليمنية
،سنة .2002
-45حممد حسني منصور ،الوجيز يف مصادر االلتزام ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،بدون اتريخ
نشر.
-46حممد كمال عبد العزيز -:التقنني املدين يف ضوء القضاء والفقه ،اجلزء األول يف االلتزامات ،الطبعة
الثانية ،مؤسسة روز اليوسف ،مصر،سنة.1981
-نظرية االلتزام يف القانون املدين املصري ،اجلزء الثاين ،مطبعة جامعة
القاهرة ،سنة .1974
-47حممد إبراهيم موسى،خطاابت الضمان املالحية (دراسة مقارنة )،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،
اإلسكندرية ،سنة .2016
-48حممد زهدور ،املسؤولية عن فعل األشياء ومسؤولية مالك السفينة يف القانون املدين اجلزائري ،دار
احلداثة ببريوت ،سنة . 1990
496
قائمة املراجع
-49حممد السيد الفقي ،املعتصم ابهلل لغرايين،أساسيات القانون التجاري والبحري،دار اجلامعة اجلديدة
،اإلسكندرية ،سنة . 2009
-50حممود خمتار أمحد بريري ،قانون التجارة البحرية ،دار النهضة العربية ،القاهرة،سنة.2000
-51حممد غسان الصابوين ،القضااي البحرية ،منشورات فرع نقابة احملامني ف ،دمشق ،سنة .1979
-52حممود حممد عنانبه،أحكام عقد النقل(النقل البحري ،النقل الربي ،النقل اجلوي ) ،الطبعة األوىل
،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،سنة . 2015
-53علي البارودي ،مبادئ القانون البحري ،منشأة املعارف ابإلسكندرية ،بدون اتريخ نشر .
-54مصطفى كمال طه-:أصول القانون البحري ،دار نشر الثقافة ،طبعة أوىل،مصر ،سنة .1952
-أساسيات القانون التجاري والقانون البحري ،الدار اجلامعية،مصر،بدون اتريخ
نشر.
-الوجيز يف القانون البحري ،منشأة املعارف جالل حزي وشركاه ،اإلسكندرية،
بدون اتريخ نشر.
-التأمني البحري (الضمان البحري) ،الدار اجلامعية ،اإلسكندرية ،سنة.1992
-القانون البحري ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،سنة .1998
-أساسيات القانون البحري(دراسة مقارنة) ،الطبعةاألوىل ،منشورات احلليب
احلقوقية ،بريوت لبنان ،سنة.2006
-مبادئ القانون البحري،الطبعة الثالثة ،الدار اجلامعية ،اإلسكندرية ،سنة
-التوحيد الدويل للقانون البحري ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية ،سنة .2007
-55حممود خمتار أمحد بريري ،قانون التجارة البحرية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة . 2000
-56حممد فريد العريين ،القانون اجلوي (النقل اجلوي الداخلي والدويل)،دار املطبوعات اجلامعية
،اإلسكندرية ،سنة . 1999
-57حممد السيد الفقي -:قانون التجارة الدولية ،دار الفكر اجلامعي ،سنة .2008
-أساسيات القانون البحري والتجاري ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر ،سنة
.2009
-تطور قواعد قانون النقل البحري حتت استخدام احلاوايت،دار اجلامعة اجلديدة
،اإلسكندرية ،سنة .2007
-القانون البحري ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،سنة .2016
-58حممد هبجت عبد هللا أمني قايد -:الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية ،اجلزء األول ،الطبعة
الثالثة ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .2008/2007
497
قائمة املراجع
-مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف اتفاقية هامبورغ(دراسة
مقارنة بني اتفاقية بروكسل لسندات الشحن والقانون البحري رقم 8لسنة، 1992دار النهضة العربية
ابلقاهرة ،سنة .1992
-القانون البحري ،الطبعة األوىل، ،دار النهضة العربية القاهرة
،سنة.1984
-العقود البحرية ،الطبعةاألوىل،دارالنهضةالعربية،القاهرة،سنة.1996
-املوجز يف القانون البحري ،الطبعةالثالثة ،دار النهضة العربية،القاهرة،
سنة.2010/2009
-59حممد شريف غنام،التزامات الشاحن ومسؤوليته يف قواعد روتردام ، 2008دار اجلامعة اجلديدة
،اإلسكندرية ،سنة . 2012
. 1989
-60سليمان مرقس -:أحكام االلتزام (آاثر االلتزام وأوصافه وانتقاله وانقضاءه)،دار النشر للجامعات
املصرية ،مصر،سنة .1957
-املسؤولية املدنية يف التقنينات العربية،معهد البحوث والدراسات العربية جلامعة
الدول العربية ،مصر ،سنة.1971
-الفعل الضار،الطبعة الثانية منقحة ومزيدة،دارالنشر للجامعات ،مصر،سنة.1956
-61سعيد حيي ،مسؤولية الناقل البحري وفقا التفاقية األمم املتحدة لنقل البضائع ابلبحر لعام 1978
(قواعد هامبورغ) ،املكتب احلديث ،مصر ،بدون اتريخ نشر .
-62مسيحة القليويب،التحكيم التجاري ،دار النهضة العربية للنشر والتوزيع ،القاهرة ،سنة.2009
-63سوزان علي حسن - :عقد نقل ابحلاوايت ،دار اجلامعة اجلديدة مبصر ،سنة . 2009
-اإلطار القانوين للوكالة ابلعمولة للنقل ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر
ابإلسكندرية ،سنة .2003
-64سيد أمحد حممود ،الغش االجرائي ،الغش يف التقاضي والتنفيذ ،دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع
ابملنصورة ،مصر ،سنة . 2017
-65سعيد أمحد شعلة ،قضاء النقض املدين يف املسؤولية والتعويض(جمموعة القواعد القانونية اليت قررهتا
حمكمة النقض يف خالل اثنني وسبعني عاما 1931إىل،2003توزيع منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة
.2003
-66عبد املنعم حسين ،املوجز يف النظرية العامة لاللتزام ،ملحق العدديني الثالث والرابع ،دار الطباعة
احلديثة ،القاهرة ،سنة .2015
498
قائمة املراجع
-67علي مجال الدين عوض -:القانون البحري،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة. 1969
-القانون البحري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .1987
-النقل البحري للبضائع ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة 1992
-مشارطات إجيار السفن ،دراسة عملية قانونية ألهم املشارطات
والقانون املصري والفرنسي واالجنليزي ،دار النهضة العربية،القاهرة ،سنة . 1987
-68عبد الرزاق السنهوري - :الوس يط يف شرح القانون املدين اجلديد ،اجلزء األول ،نظرية االلتزام
بوجه عام ،الطبعة الثالثة اجلديدة ،بريوت -لبنان ،سنة .2000
-الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ،اجلزء الثاين ،الطبعة الثالثة
اجلديدة ،منشورات احلليب احلقوقية ،بريوت -لبنان ،سنة .2000
-الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد ،اجلزء الثالث ،الطبعة الثالثة
اجلديدة ،منشورات حليب احلقوقية ،الطبعة الثالثة اجلديدة،بريوت -لبنان ،سنة .2000
-69عبد الرحيم عوض العمودي ،املركز القانوين للرابن وسلطاته ،دار اجلامعة اجلديدة للنشر،
اإلسكندرية ،سنة .2005
-70عبد اجمليد إبراهيم سلمان الطائي ،عقود التجارة البحرية والتأمني عليها وفق التشريعات العربية
واالتفاقيات الدولية ،منشورات حليب احلقوقية ،لبنان ،سنة .2017
-71عبد احلميد الشواريب ،القانون التجاري (العقود التجارية) ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة
.1992
-72غسان رابح ،التحكيم التجاري البحري مع مقدمة يف حل املنازعات الدولية ،منشورات حليب
احلقوقية ،لبنان ،سنة. 2016
-73رفعت فخري ،فريد العريين ،دراسات يف القانون البحري واجلوي ،الدار اجلامعية ،مصر .1992
-74حممد فريد العريين ،القانون اجلوي (النقل اجلوي الداخلي والدويل)،دار املطبوعات اجلامعية
،اإلسكندرية ،سنة . 1999
-75قادري عبدالعزيز ،دراسات فيالقانوانلدولياالقتصادي(صندوق النقد الدولياآلليات والسياسات)،دار
هومة للطباعة والنشر والتوزيع ،اجلزائر ،سنة . 2013
-76فاروق زاهر ،حتديد مسؤولية الناقل اجلوي الدويل ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة . 1985
-77فاروق ملش ،النقل متعدد الوسائط (األوجه التجارية والقانونية )،الشهباين للطباعة و النشر
،االسكندرية ،سنة . 1997
-78فوزي حممد سامي ،التحكيم التجاري الدويل (دراسة مقارنة ) ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن،
سنة .2012
499
قائمة املراجع
-79روابح فريد ،حماضرات يف القانون البحري ،جامعة سطيف()2حممد األمني دابغني،كلية احلقوق
والعلوم السياسية ،السنة اجلامعية .2014//2013
-80عبد الكرمي شنجار العيساوي،عبد املهدي رحيم العويدي ،السيولة الدولية يف ظل األزمات
االقتصادية واملالية،الطبعة األوىل ،دار الصفاء للنشر والتوزيع ،عمان ،سنة .2014
-81عاطف حممد الفقي ،قانون التجارة البحرية ،الطبعة األوىل ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية ،سنة
.2008
-82عبد احلميد مرسي عنرب ،شركات النقل البحري ،دار الكتب املصرية ،اإلسكندرية ،سنة.2104
-83عديل أمري خالد ،أحكام دعوى مسؤولية الناقل يف ضوء قانون التجارة البحرية اجلديد واملستحدث
من أحكام النقض ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة.2000
-84عاطف النقيب ،النظرية العامة للمسؤولية عن الفعل الشخصي ،منشورات حليب احلقوقية،بريوت،
سنة .1999
-85سعيد أمحد شعلة ،قضاء النقض البحري ،دار الفكر اجلامعي ،اإلسكندرية ،سنة .2001
-86علي حسني مججوم ،جمموعة القواعد القانونية اليت قررهتا حمكمة النقض يف مخس سنوات
() 1985-1980اجمللد األول ،اجلزء األول مسائل األحوال الشخصية واجلزء الثاين القانون التجاري
والبحري ،جتليد الفرماوي ،الفجالة ،القاهرة ،سنة .1987
-87عز الدين الديناصوري و عبد احلميد الشواريب،املسؤولية املدنية يف ضوء الفقه والقضاء ،القاهرة
احلديثة للطباعة ،مصر ،سنة .1989
-88عبد احلميد حممد احلوسين ،التحكيم البحري وفقا لقانون اإلجراءات املدنية اإلمارايت والقانون
املصري واالتفاقيات الدولية ،دار اجلامعة اجلديدة ،اإلسكندرية ،سنة .2007
-89عاطف حممد الفقي ،التحكيم يف املنازعات البحرية(دراسة مقارنة للتحكيم البحري يف لندن
ونيويورك وابريس مع شرح أحكام قانون التحكيم املصري يف املواد املدنية و التجارية ،دار النهضة
العربية ،القاهرة ،سنة .1997
-90عليوش قربوع كمال ،التحكيم التجاري الدويل يف اجلزائر،ديوان املطبوعات اجلامعية ،طبعة
.2001
-91عبد السالم ذيب ،قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية اجلديد ،موفم للنشر ،اجلزائر ،سنة .2009
-92عبد املنعم فرج الصدة ،االثبات يف املواد املدنية ،الطبعة الثانية ،مطبعة مصطفى البايب
-93عباس مصطفى املصري ،املركز القانوين للمرسل إليه يف عقد النقل البحري،دار اجلامعة اجلديدة
للنشر ،اإلسكندرية ،سنة.2002
500
قائمة املراجع
-94عبد القادر حسن العطري -:الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية ،مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع،
األردن ،سنة .1999
- -95عبد القادر حسني العطري،ابسم ملحم ،الوسيط يف شرح قانون التجارة البحرية –دراسة مقارنة
،الطبعة األوىل ،اإلصدار األول ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،األردن ،سنة . 2009
-96انرميان عبد القادر،اتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم املصري يف املواد التجارية واملدنية رقم
،1994/24دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .1996
-97عادل علي املقدادي ،القانون البحري ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع والدار الدولية ،عمان ،
الطبعة األوىل ،اإلصدار الثالث ،سنة . 2002
-98شريف أمحد الطباخ -:املسؤولية املدنية التقصريية والعقدية ،جلزء األول ،دار الفكر والقانون ،مصر
،سنة .2012
-99املسؤولية املدنية التقصريية والعقدية ،اجلزء الرابع ،دار الفكر والقانون ابملنصورة ،مصر ،سنة
.2012
ب -املراجع املتخصصة:
-1أمحد حممود حسين -:النقل الدويل للبضائع طبقا ملعاهدة بروكسل لسندات الشحن مع اإلشارة إىل
القوانني البحرية العربية ومعاهدة هامبورغ ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،الطبعة الثانية ،سنة . 1989
-2كمال محدي -:اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري عام ( 1978قواعد هامبورغ) ،منشأة املعارف
،اإلسكندرية ،سنة . 2008
-مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف قانون التجارة البحرية رقم 8لسنة 1990
دراسة مقارنة مع اتفاقية هامبورغ ،منشأة املعارف جالل حزي وشركاه ،سنة .1995
-3لطيف جرب كوماين ،مسؤولية الناقل البحري ،الطبعة األوىل ،الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع
ودار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان -األردن ،سنة .2001
حممد إبراهيم الدسوقي -:تقدير التعويض بني اخلطأ والضرر ،موسوعة الثقافة اجلامعية للنشر والتوزيع ،
،اإلسكندرية ،بدون اتريخ نشر .
-4مسيحة القليويب -:موجز يف القانون البحري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة . 1969
-القانون البحري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .1982
-القانون البحري ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .1987
-5حممود مسري الشرقاوي :القانون البحري ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ،سنة.1978
-6حمسن شفيق ،املرجع اجلديد يف القواعد الدولية اخلاصة بنقل البضائع(اتفاقية هامبورغ بتاريخ 31من
مارس ،1978دار النهضة العربية ،القاهرة ،سنة .2000
501
قائمة املراجع
-7مصطفى اجلمال ،دروس يف القانون البحري ،املكتب املصري احلديث للطباعة والنشر ،سنة
.1968
-8حممد هبجت عبد هللا أمني قايد -:مسؤولية الناقل البحري للبضائع يف اتفاقية هامبورغ(دراسة مقارنة
بني اتفاقية بروكسل لسندات الشحن والقانون البحري رقم 8لسنة، 1992دار النهضة العربية ،القاهرة
،سنة .1992
-العقود البحرية ،الطبعةاألوىل،دارالنهضةالعربية،القاهرة،سنة.1996
-9علي حسن يونس - :عقد النقل ،دار الفكر العريب ،مصر ،بدون اتريخ نشر.
-العقود البحرية ،دار الفكر العريب ،مصر ،سنة .1978
-10عبد القادر حسن العطري -:احلاوايت و أثرها يف تنفيذ عقد النقل البحري ،الدار اجلامعية
،بريوت ،سنة .1983
-11شريف أمحد الطباخ :التعويض عن النقل الربي والبحري واجلوي ،دار الفكر اجلامعي،اإلسكندرية،
سنة .2005
-IIالرسائل واملذكرات:
-1إبراهيم مكي إبراهيم ،دعوى مسؤولية على الناقل البحري ،رسالة دكتوراه ،جامعة عني مشس مبصر
،سنة. 1973
-2بسعيد مراد ،عقد النقل البحري للبضائع وفقا للقانون البحري اجلزائري و االتفاقيات الدولية،رسالة
دكتوراه يف القانون اخلاص ،السنة اجلامعية .2012/2011
-3بودايل خدجية ،اتفاق التحكيم يف عقد النقل البحري (دراسة مقارنة )،رسالة دكتوراه يف القانون
.2015/2014 اخلاص ،جامعة تلمسان ،السنة اجلامعية
-4جبارة نورة،نطام اعفاء الناقل من املسؤولية -دراسة مقارنة –رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص،جامعة
اجلزائر ،سنة . 2008/ 2007
-5دمانةحممد،دفع املسؤولية املدنية للناقل،رسالة دكتوراه ،جامعة تلمسان،السنة اجلامعية 2010
.2011/
-6حسني غنامي ،املصلحة يف التأمني على البضائع املنقولة حبرا ،رسالة دكتوراه ،جامعة القاهرة
.1979
-7يزيد دالل ،مسؤولية الناقل اجلوي لألشخاص يف النقل اجلوي الداخلي والدويل ،رسالة دكتوراه
،السنةاجلامعية، 2010/2009:جامعة تلمسان.
502
قائمة املراجع
-8ليلى بعتاش ،أثر الغش يف عقد األساس على تنفيذ االعتماد املستندي ،رسالة دكتوراه ،جامعة ابتنة
،السنة اجلامعية . 2014/2013
-9حممد موسى حممد دايب ،فكرة اخلطأ يف اتفاقية فارسوفيا ومسؤولية الناقل اجلوي يف النقل اجلوي
الدويل (دراسة مقارنة) ،رسالة دكتوراه ،جامعة القاهرة ،سنة .1986
-10حممد عبد احلميد ،التعويض عن حاالت اهلالك والتلف والتأخري يف ضل قواعد هامبورغ
،1978رسالة دكتوراه ،جامعة عني مشس ،مصر ،سنة . 1984
-11حممد بن عبد العزيز بن سعد اليمين ،الشرط اجلزائي وأثره يف العقود املعاصرة(دراسة فقهية
مقارنة)،رسالة دكتوراه يف الدراسات اإلسالمية ختصص فقه وأصوله ،قسم الثقافة اإلسالمية –كلية الرتبية
– جامعة امللك سعود ،اململكة العربية السعودية ،سنة 1425ه.1426-
-12حممد السروي ،الغش يف املعامالت املدنية (دراسة مقارنة يف القانون املدين والفقه اإلسالمي ،رسالة
دكتوره ،جامعة املنصورة ،كلية احلقوق ،قسم القانون املدين ،مصر ،سنة. 2008
-13ملزي عبد الرمحن ،نظام املسؤولية احملدودة يف عقد النقل البحري ،رسالة دكتوراه يف القانون
اخلاص ،جامعة اجلزائر،سنة.2007/2006
-14انديةحممد معوض السيد،مسؤولية متعهد النقل متعدد الوسائط ،رسالة دكتوراه يف احلقوق،جامعة
القاهرة ،سنة .1989
-15نبيل أمحد علي الفيشاين،مسؤولية الناقل البحري للبضائع وفقا للقانونني اليمين واملصري
واالتفاقيات الدولية (دراسة مقارنة )،أطروحة لنيل درجة دكتوراه يف القانون ،جامعة القاهرة،كلية
احلقوق ،قسم القانون التجاري والبحري ،سنة .2016
-16عبد الرمحن سليم ،شروط االعفاء من املسؤولية ،رسالة دكتوراه جبامعة اإلسكندرية،مصر ،سنة
.1955
-17عمر فؤاد عمر ،إعفاء الناقل من املسؤولية دراسة مقارنة يف عقد النقل البحري للبضائع ،رسالة
دكتوراه يف احلقوق ،جامعة القاهرة ،سنة .2000
-18علي حسن عبد هللا الشريف ،الباعث وأثره يف املسؤولية اجلنائية ،رسالة دكتوراه ،كلية احلقوق جبامعة
القاهرة ،سنة . 1986
-19فاروق أمحد زاهر ،حتديد مسؤولية الناقل اجلوي الدويل-دراسة يف اتفاقية فارسوفيا والربوتوكوالت
املعدلة هلا ،رسالة دكتوراه ،جامعة القاهرة ،سنة . 1985
-20قماز ليلى إلدايز ،أحكام النقل الدويل متعدد الوسائط ،رسالة دكتوراه يف القانون اخلاص ،
جامعة تلمسان ،السنة اجلامعية . 2014/2013
503
قائمة املراجع
-21ثروت أنيس األسيوطي ،مسؤولية الناقل اجلوي يف القانون املقارن ،رسالة دكتوراه يف احلقوق،
مصر ،اتريخ املناقشة يوم الثالاثء 20أكتوبر . 1959
-IIIاملقاالت:
-1أمحد حممود حسين ،سند الشحن ودوره يف التجارة البحرية ،جملة إدارة قضااي احلكومة ،العدد
الثالث ،السنة التاسعة عشر ،سبتمرب .1975
-2أبو زيد رضوان ،الضوابط العامة يف التحكيم التجاري الدويل ،القسم األول ،طبيعة التحكيم يف
التجارة الدولية ،جملة احلقوق الكويتية ،السنة األوىل ،العدد الثاين ،جوان .1977
-3بن عمار حممد -:مفهوم السفينة يف القانون البحري اجلزائري ،اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية
واالقتصادية والسياسية ،جامعة اجلزائر ،عدد ،1سنة.1993
-حتديد مسؤولية مالك السفينة ،اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية ،العدد الرابع ،سنة . 1995
-اإلطار القانوين الستغالل السفينة ،اجمللة اجلزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية ،جامعة
اجلزائر ،عدد ، 4سنة .1998
-املناولة املينائية و التشوين طبقا ألحكام اجلديدة للقانون البحري اجلزائري ،جملة
احملاكم املغربية العدد : 84
:article droit .blogspot.com/2009/09/blog –post-9842.htm
-4الغوثي بن ملحة ،نظام التعويض عن األضرار النامجة عن حوادث املرور يف القانون اجلزائري ،اجمللة
اجلزائرية للعلو م القانونية ،العدد الرابع ،سنة . 1995
-5بن عصمان مجال ،االعرتاف أبحكام التحكيم الدولية و تنفيذها يف ظل قانون االجراءات املدنية
اجلديد ،جملة العلوم القانونية و االدارية و السياسية ،كلية احلقوق تلمسان ،رقم 11لسنة . 2011
-6بن عيسى حياة ،التهديدات البحرية الراهنة وجهود مكافحتها ،اجمللة اجلزائرية للقانون البحري
والنقل ،خمرب القانون البحري والنقل ،جامعة أيب بكر بلقايد بتلمسان ،العدد األول ،سنة . 2014
-7بن صغري مراد ،حجية االعرتاف أبحكام التحكيم الدولية وتنفيذها على ضوء قانون اإلجراءات
املدنية واإلدارية اجلديد ،ورقة عمل مقدمة للملتقى الدويل حول تنفيذ األحكام والسندات األجنبية
وقرارات التحكيم الدويل املنظم يومي24و 25أفريل ، 2013كلية احلقوق والعلوم السياسية ،جامعة
قاصدي مرابح ،ورقلة (اجلزائر) .
-8بوعالم خليل-:إجراءات التقاضي يف املنازعات البحرية يف القانون اجلزائري واملعاهدات الدولية
(معاهدة بروكسل لسنة 1924و معاهدة هامبورغ لسنة ، 1978األكادميية للدراسات االجتماعية
واإلنسانية ،العدد صفر ،،السداسي األول .
-مسؤولية الناقل البحري ،اجمللة القضائية ،عدد خاص ،سنة . 1999
504
قائمة املراجع
-9مجال الدين عوض ،تعليقات على القضاء التجاري البحري ،جملة القانون واالقتصاد للبحث يف
الشؤون القانونية واالقتصادية ،العدد األول ،السنة احلادية والثالثون ،مارس . 1961
-10هدى الساسي،مسؤولية الناقل اجلوي يف مادة نقل البضائع جوا طبقا التفاقية فرسوفيا
والربوتوكوالت املعدلة هلا ،جملة الدراسات القانونية والبحوث السياسية االجتماعية ،يوم 21ماي
،2017ص 19اتريخ الدخول للموقع :2017/6/22الساعة polyjuris.com:16:40
-11حلو أبو حلو ،التأخري يف تسليم البضائع يف عقد النقل البحري ،دراسة مقارنة،جملة املنارة ،اجمللد
، 13العدد ، 8سنة . 2007
-12حسني بن حممد املهدوي ،القوة الثبوتية للمعامالت االلكرتونية ،جملة البحوث القضائية ،العدد 7
،اليمن ،جوان www.ysc.org.ye: 2007
-13طيب إبراهيم ويس،أتثري قواعد روتردام 2008واملادة 812من القانون البحري اجلزائري على
مبدأ وحدة عقد النقل البحري ،جملة صوت القانون ،العدد الثاين صادرة عن جامعة جياليل بو نعامة
خبميس مليانة ،أكتوبر . 2014
-14يعقوب يوسف صرخوه،النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري عن البضائع يف القانون البحري
الكوييت اجلديد (القسم األول ،جملة احلقوق ،العدد الثاين ،السنة الثامنة ،سنة . 1984
-15ايسر احلويش،حقوق السحب اخلاصة مفهومها وواقعها ومستقبلها،جملة جامعة دمشق للعلوم
االقتصادية والقانونية –اجمللد 30العدد الثاين ،سنة .2014
-16يعقوب يوسف صرخوه،الوضع القانوين لرص البضائع واحلاوايت على سطح السفينة (دراسة مقارنة
)،جملة احلقوق الكويتية ،السنة السادسة عشر ،العدد األول والثاين ،جوان . 1992
-17ليلى بن مدخن ،مربرات الطعن يف أحكام التحكيم التجاري الدويل وحدود اختصاص القاضي
الوطين للنظر يف الطعون بني فرض الرقابة واحرتام إرادة األطراف:
https://manifest.univ-ouargla.dz/documents/.../benmedakhan.pdf
-18مسري بوختالة،حممد زرقون ،نوال بن عمارة ،واقع وآفاق تطوير قطاع النقل يف اجلزائر ودوره يف
التنمية االقتصادية ،اجمللة اجلزائرية للتنمية االقتصادية ،جامعة قاصدي مرابح ،بورقلة ،،عدد،6جوان
.2017
-19حممد إبراهيم السقا،الدور اجلديد حلقوق السحباخلاصة ،منشورعلى املوقع بتاريخ :2011/11/2
http://wwww.aleqt.com/2009/08/09/article _26 0938html
-20حممد مرسي عبده ،التصدي لالحتيال البحري املتعلق ابلواثئق البحرية وفقا القانون القطري
واالتفاقيات الدولية ،اجمللة القانونية والقضائية ،مركز الدراسات القانونية والقضائية ،قطر:
www.almeezan.qa/ReferenceFiles.aspx?id=63&type=doc...ar
505
قائمة املراجع
-21حممود مسري الشرقاوي ،عقد نقل البضائع حبرا يف القانون املقارن ،جملة إدارة قضااي احلكومة ،العدد
الثالث ،السنة التاسعة عشر ،سبتمرب . 1975
-22م.م.أفراح عبد الكرمي ،التحكيم يف املنازعات البحرية ،جملة الرافدين للحقوق ،اجمللد ،14العدد
،50السنة :16
http://www.isaj.net/iasj?func=issues&jid=83&uilanguage=arbah
@a@470
-22مدحت حافظ ابراهيم،دعوى مسؤولية الناقل البحريللبضائعفيضلقانوانلتجارةاملصريةواالتفاقيات
الدولية،جملة هيئة قضااي الدولة ،العدد األول .1992
-23حمسن شفيق ،ضوابط حتديد مسؤولية الناقل يف اتفاقية هامبورغ وتوافق املصاحل ،اجمللة األكادميية
العربية للنقل البحري ،اإلسكندرية ،سنة .1983
-24ممدوح زكي احملامي،التحديد القانوين ملسؤولية الناقل البحري وعن شروط الدفع على أساس الذهب
طبقا ملعاهدة سندات الشحن(معاهدة بروكسل لسنة ، )1924جملة احملاماة ،العدد األول ،مصر ،السنة
السادسة والثالثون .
-25ميناس ختشادوراين،قواعد التحكيم وفقا التفاقية األمم املتحدة املتعلقة بعقود النقل الدويل للبضائع
كليا أوجزئيا بطريق البحر ، 2008جملة التحكيم العاملية ،عدد ،10السنة الثالثة ،لبنان ،أفريل .2011
-26عبد القادر حسني العطري ،اتفاقية األمم املتحدة حول النقل متعدد الوسائط للبضائع ل1980
،جملة احلقوق الكويتية ،العدد الثالث ،السنة الثامنة ،سبتمرب . 1984
-27علي مجال الدين عوض ،التحديد القانوين ملسؤولية الناقل البحري الدويل يف اتفاقية بروكسل ويف
القضاء الكوييت ،جملة احلقوق والشريعة ،العدد الثاين ،سنة . 1978
-28عقيل فاضل محد الدهان ،املركز القانوين للمرشد ،جملة جامعة كربالء العلمية ،العراق ،اجمللد
السابع ،العدد األول ،سنة . 2009
-29قرارية قويدر -:مسؤولية الشاحن يف عقد النقل البحري للبضائع ،اجمللة اجلزائرية للقانون البحري
والنقل ،العدد الرابع ،منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد تلمسان(اجلزائر) ،دار
كنوز للنشر والتوزيع ،سنة.2016
-النظام القانوين ملسؤولية الناقل البحري للبضائع بني التشديد وضرورة التشجيع على
االستثمار،جملة القانون والعلوم السياسية ،العدد اخلامس،مشورات معهد احلقوق والعلوم السياسية ،املركز
اجلامعي صاحلي أمحد ابلنعامة ،جانفي .2017
506
قائمة املراجع
-نظام احلد األقصى للتعويض واخلالف الفقهي احلاصل حول مربراته ،اجمللة اجلزائرية
للقانون البحري والنقل ،العدد اخلامس ،منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد
تلمسان(اجلزائر) ،دار كنوز للنشر والتوزيع ،سنة.2017
-أثر الغش واخلطأ اجلسيم على التعويض يف النقل البحري للبضائع ،اجمللة اجلزائرية للقانون
البحري والنقل ،العدد السادس ،منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر بلقايد
تلمسان(اجلزائر) ،دار كنوز للنشر والتوزيع ،سنة.2017
-اإلخطار ابألضرار الالحقة ابلبضاعة املنقولة حبرا وأثره يف االتفاقيات الدولية ،اجمللة
اجلزائرية للقانون البحري والنقل ،العدد السابع ،منشورات خمرب القانون البحري والنقل جبامعة أيب بكر
بلقايد تلمسان(اجلزائر) ،دار كنوز للنشر والتوزيع ،سنة.2018
-30قوادري صامت جوهر ،خوتة خبتة ،الطعن يف احلكم التحكيمي ،األكادميية للدراسات االجتماعية
و اإلنسانية ،دورية دولية حمكمة تصدرها جامعة حسيبة بن بوعلي ،شلف :
www.univ-chlef.dz/fdsp/images/pdf/bilan-kouadri.pdf
-31خالص انفع أمني ،جملة الكوفة ،العدد السابع ،سنة:2010
www.ia.sj.met/ias.j?func=fulltext61504
-32خالد املرزوك ،النظام النقدي الدويل،كلية اإلدارة واإلقتصاد ،قسم العلوم املالية والنقدية ،جامعة
staff.uobabylon.edu.iq اببل ،العراق،ص:80
-IVالنصوص القانونية:
أ-االتفاقيات والربوتوكوالت الدولية:
-1اتفاقية بروكسل لسنة 1924املتعلقة بتوحيدبعض قواعدسندات الشحن دخلت حيز التنفيذ يف سنة
،1931صادقت عليها اجلزائر مبوجب املرسوم 70-64املؤرخ يف ،1964/04/07ج ر عدد ،29
الصادر يف .1964/04/07
-2بروتوكول بروكسل لسنة(1968قواعد فيسيب) ،وبروتوكول سنة 1979اخلاصني بتعديل االتفاقية
الدولية لتوحيد بعض القواعد املتعلقة بسندات الشحن لسنة .1924
-3اتفاقية األمم املتحدة للنقل البحري للبضائع ل31مارس "1978قواعد هامبورغ "،دخلت حيز
النفاذ يف األول من شهر ديسمرب.1992
-4اتفاقية األمم املتحدة املتعلقة بعقود النقل الدويل للبضائع عن طريق البحر كليا أو جزئيا "قواعد
روتردام ،"2008قرار اجلمعية العامة رقم 2008/12/122،11/63مل تدخل حيز النفاذ .
507
قائمة املراجع
-5اتفاقية النقل اجلوي الدويل املوقعة يف مدينة وارسوا يف يوم 12أكتوبر 1929واملعدلةابلربوتوكول
املوقع بالهايفي ،1955/9/28صادقت عليهما اجلزائر مبوجب املرسوم رقم 74-64املؤرخ يف
2مارس ،1964ج رعدد26لسنة.1964
-6معاهدة بروكسل لسنة 1954اخلاصة ابملسؤولية احملدودة للمالك السفن ،انضمت اجلزائر بعد
استقالهلا هلذه االتفاقية مبوجب املرسوم174/64املؤرخ يف ،1964/06/8ج ر عدد 13لسنة
.1964
-7االتفاقية الدولية املتعلقة ابلنقل الربي للبضائع لسنة .CMR1956
-8اتفاقية الدولية للنقل ابلسكك احلديدية COTIF-CIMاملوقعة يف 9ماي 1980صادقت
عليها اجلزائر بتحفظ بوجب املرسوم الرائسي رقم 264-91املؤرخ يف ،1991 /8/10ج ر رقم38
ل ، 1991/8/14املعدلةبربوتوكول 3جوان ،1999صادقت عليها اجلزائر مبوجب املرسوم 433-01
ل،2001/12/26ج ر عدد 82ل.2001/12/31
-9االتفاقية الدولية لسالمة احلاوايت CSCيف 2ديسمرب ، 1972صادقت عليها اجلزائر مبوجب
املرسوم رقم 01/78املؤرخ يف ، 1978/01/21ج ر عدد 4ل.1978/01/24
-10اتفاقية إسطنبول لسنة 1990املتعلقة ابإلدخال املؤقت املربمة بتاريخ ، 1990/06/26املصادق
عليها مبقتضى املرسوم الرائسي 03/98املؤرخ يف ، 1998/1/12ج ر رقم 2ل . 1998/01/17
-11اتفاقية روما املوقعة يف 17اكتوبر 1952املتعلقة ابألضرار الواقعة للغري على سطح األرض من
قبل الطائرات األجنبية.
-12اتفاقييت بروتنوودز املتعلقتني إبنشاء صندوق النقد الدويل واخلاصة ابلبنك الدويل لإلنشاء و التعمري
ل 22جويلية 1944انضمت إليها اجلزائرابلقانون رقم 320/63املؤرخ يف 31أوت ، 1963ج ر
عدد 63لسنة ، 1963كما صادقت على التعديل األول التفاقية صندوق النقد الدويل FMIل31
ماي ، 1969مبوجب األمر 78/69املؤرخ يف 1969/09/18املتضمن املصادقة على التعديالت
الواردة على القانون األساسي لصندوق النقد الدويل والرتخيص ابملشاركة يف حقوق السحب اخلاصة،ج
ر عدد 93لسنة . 1969
-13اتفاقية نيويورك اخلاصة ابالعرتاف وتنفيذ أحكام احملكمني األجنبية املوقعة سنة،1958دخلت حيز
التنفيذ يف ،1959صادقت اجلزائر عليها بتحفظ مبوجب املرسوم رقم 233-88املؤرخ يف
،1988/11/05ج ر عدد 18لسنة . 1988
508
قائمة املراجع
509
قائمة املراجع
-املراسيم:
-1املرسوم 08-06املتعلق بتنظيم االرشاد واملؤهالت املهنية للمرشدين وقواعد ممارسة عملية االرشاد
يف املوانئ املؤرخ يف ، 2006/1/9ج ر 02الصادرة بتاريخ . 2006/1/15
-2املرسوم التنفيذي رقم 08-57مؤرخ يف 2008/2/13الذي حيدد شروط منح امتياز استغالل
خدمات النقل البحري وكيفياته،ج ر عدد ،9الصادرةبتاريخ .2008/02/24
-3املرسوم التنفيذي 183/09املتعلق بشروط ممارسة مهنة مساعدي النقل البحري ،ج ر عدد 31
الصادرة بتاريخ 24ماي . 2009
-4املرسوم 363-08املعدل املؤرخ يف 2008/11/08املعدل للمرسوم التنفيذي رقم 139/06
املؤرخ يف 2006 11/15الذي حيدد شروط وكيفيات نشاطات قطر السفن وأعمال املناولة املينائيةو
التشوين يف املوانئ ،ج ر عدد 64الصادرةبتاريخ .2008/11/17
-Vاألحكام القضائية:
-1قرار الغرفة التجارية و البحرية رقم 153253بتاريخ 22جويلية ،1997اجمللة القضائية ،عدد
خاص ،سنة .1999
-2قرار الغرفة التجارية و البحرية رقم 138267املؤرخ يف ،1995/02/27اجمللة القضائية ،عدد
خاص ،سنة .1999
-3قرار الغرفة التجارية والبحرية رقم 151326املؤرخ يف ،1997/05/6اجمللة القضائية ،عدد خاص،
سنة .1999
-4قرار الغرفة التجارية والبحرية رقم 151318املؤرخ يف ،/05/06اجمللة القضائية ،عدد خاص ،سنة
.1999
-5القرار رقم 162697بتاريخ ،1997/12/16اجمللة القضائية ،اإلجتهاد القضائي للغرفة التجارية
والبحرية ،عدد خاص ،سنة .1999
-6القرار رقم 391372بتاريخ ، ،2007/02/70اجمللة القضائية،اإلجتهاد القضائي للغرفة التجارية
والبحرية،العدد األول ،سنة . 2007
-7قرار الغرفة التجارية و البحرية ،ملف رقم 439517بتاريخ ،2008/4/9اإلجتهاد القضائي
اجلزائري،جملة التحكيم اللبنانية ،عدد ، 4أكتوبر . 2009
**املراجع ابللغة الفرنسية:
I -Ouvrages:
1-AntoineVialard, Droit maritime, pressses universitaire de France, paris
1997.
510
قائمة املراجع
2-Claude Chainan, causes légales d'exonération du transporteur maritime
dans le transport de marchandises, TOME XIII, préface Michel de
Juglart, libraire général de droit et jurisprudence, Paris 1965.
3-Daniel Danjon, Manuel de Droit maritime, librairie générale de droit et de
jurisprudence, Paris 1921.
4-Francis Sauvage, Manuel pratice du transport des marchandises par
mer, librairie générale de droit et de jurisprudence, Paris 1955.
5-Français sauvage, Jean Taillandier, Manuel pratique du transport des
marchandises par mer, librairie générale de droit et de jurisprudence, paris
1965.
6-Georges Ripert:- Droit maritime, crédit maritime, fortune de mer,
transport maritime, tome II, édition Rousseau, 1930.
- Droit maritime, crédit maritime, fortune de mer,
transport maritime, tome II 4eme édition, Rousseau, paris 1952.
- la régle morale dans les obligations civiles. ,4eme
édition, L.G.D.Jparis1949.
- Précis de droit maritime, 5eme édition, libraire Dalloz,
Paris 1949.
7-Georges Marais, les transports internationaux de marchandises par mer
et la jurisprudence en droit compare, librairie générale de droit et de
jurisprudence, Paris 1949.
8-Georges-o et Robert-Tissot, le connaissement direct titre de transports
combinés maritime, terrest, aérien, libraire général de droit et jurisprudence,
Paris 1957.
9-Josef Gold,DTS ,monnaies et or septième exposé sur les changements
intervenus dans le domaine juridique, Fonds Monétaire
international,Washington,D.C,1987.
10-Henri Zoghbi, La responsabilité aggravée du transporteur aérien (Dol
et la faute équivalente au dol étude dévloppée du protocole de la Haye),
libraire général de droit et jurisprudence, Paris 1962.
11-Henry Campbell M.A, Black's Law Dictionary, 4th, Black, west
publishing company, 1968.
12-(H) et (L) Mazeaud et( A) Tunk ,Traité Théorique et pratique de la
responsabilité civile,tome1,sixième edition ,Montchrestein,paris 1965.
13-J.B.Racine, L’arbitrage commercial international et l’ordre public
L.G.D.J,paris, 1999.
14- mokhtar Khaladi, Introduction aux relations économiques
internationales, office des publications universitaires, Alger 07 /2010,
éditionN°5116.
15-Michelle Pourcelet:- Le Transport aérien international et La
responsabilité, Les Presses de L'université de Montréal, Canada
mars1964.
511
قائمة املراجع
-LeTransport maritime sous connaissement (droit
canadien, Américain, anglais), Les Presses de L'université de Montréal,
canada1972.
16-Martine Remond Gouilloud, Droit maritime,Edtionpedone, Paris
1993.
17-Maix Caillé, le statut juridique des acconiers, librairie Generale
de droit et de jurisprudence, Paris 1954.
18- Phillipedelebecque ,Droit maritime 13eme édition, Dalloz paris 2014.
19-Philippe Fauchard, Emmanuel Gaillard, Berthold Goldman, Traité de
l'arbitrage commercial international, Edition Litec (libraire de la cour de
cassation), paris 1996.
20-Pierre Bonassises et Christian Scapel, Droit maritime, L.G.D.J, paris
2006.
21-Stéphane piedéliévre et Dominique Gency –Tandonnet, droit des
transport ,LexisNexis Sa, Paris 2013.
22-Rachid Boudjema ,le F.M.I En question,atlas édition ,Alger ,1995.
23- René Rodiére:-Droit maritime, d'après le précis du doyen Georges
Ripert, Dalloz, Paris 1966.
- Droit maritime, les contrats de transport de
marchandises, tome II, librairie Dalloz, paris1968.
- Droit maritime, Mise a jour au 10 juin1978,
jurisprudence générale Dalloz,PARIS1978 .
- Droit maritime,Dalloz ,Paris 1980.
- Droit maritime, les contrat de transport de
eme
marchandises, 6 édition, librairie Dalloz,Paris1974.
- Droit maritime,7emeédition ,Dalloz ,Paris 1977.
24-René Rodiére, Emmanuel du Pontavice:- Droit maritime, 11éme édition
Dalloz ,paris 1991.
- Droit maritime, 12éme edtionDALLOZ,Paris 1997.
II -Théses:
1-Abdelkrim kouka, le contrat de transport maritime de marchandises en
France et en Tunisie : Théorie et pratique, Thèse de Doctorat, Université
de Panthéon –Assas (Paris II), octobre 2011.
2- Fatima Boukhatmi, Aspect du contrat de transport de marchandises par
mer en droit algérien et dans les conventions internationales, thèse
dedoctorat d'état en droit, université d'oran, 17/6/2002.
3-Diego Ramirez Vincent, la limitation de responsabilité dans le transport
multimodal, Mémoire présenté à la faculté des études supérieures en vue
de lobtion du grade L.L.M, Université de Montréal, Aout 2006.
4- Horia Yassad, le contrat de vente internationale de marchandises, thèse
doctorat en droit, université mouloud Mammeri de Tizi –Ouzou,
anné2008.
512
قائمة املراجع
5-Hind Adil, la responsabilité du transporteur maritime international de
marchandises sous connaissement mémoire présentée à la faculté études
en vue de l'obtention du grade de maitre en droit université de
Montréal(canada), décembre 2005.
6- Mohammed Benamar, les auxiliaires du transport maritime étude
comparée, thèse doctorat d'Etat, université d’Aix Marseille, ânée de
soutenance1994.
7- Mohammed Kahloula, le bruit inconvénient anormal de voisinage,
thèse de doctorat de3éme cycle en droit privé, université de Poitiers,
année de soutnance1978.
8-Mohammed Farid Alariny, La responsabilité du transporteur aérien
pour retard d'après l'article19 de convention de Varsovie 1929, thèse
doctorat d'Etat en droit, université de paris, ânée de soutenance1970.
9-Marina Papadatou, La convention d'arbitrage dans le contrat de
transport maritime de marchandises: étude comparée des droits français,
helléniqueet anglais, thèse de doctorat en droit, université de Panthéon-
Assas, date de soutnance26mai2014.
10-Wei HOU, La liberté contractuelle en droit du transport maritime de
marchandises (L'exemple du contrat de volume soumis aux règles de
Rotterdam), thèse de doctorat en droit, université de Paul Cézanne-Aix-
Marseille III, date de soutenance :20/12/2010.
III -Les articles:
1- Antoine vialard:- le code maritime algérien, DMFno377 mai 1980.
-La limitation de responsabilité,clé de doute pour le
droit maritime du 21emesiecle, DMF janvier 2009.
2- Fatima Boukhatmi:- aperçu du droit algérien des transports et de
marchandises par mer, études de droit, Mélanges en hommage à Abdallah
Benhamou, ouvrage publié avec le sou tien du recteur de l'université
Abou-bekrBelkaid de Tlemcen, kounouz édition, année 2012.
- les auxiliaires du transport maritime en droit en
doit algérien, DMF 690, Mars 2008.
- les nouvelles dispositions de la loi 98-05 portant
code maritime algérien, DMF N0610, Déc. 2000.
3-Pierre Bonassies, droit du transport maritime du conteneurs à l’orée du
21 éme siècle, DMF01- 2009,n°609.
4-Francesco Berlinghieri, aspects multimodaux des règles de Rotterdam,
DMF NO708-2009.
5- Groupe étudiants en magister de droit maritime activités et portuaire
Commissionnaire de transport, faculté de droit, universitaire d'oran, revue
le phare NO84 avril 2006.
6-George Hoguet and solmonTadesse, The Role of SDR –
Denominotedsecurites in official and private portfolies, Bis papers
N°58,pp.167.Available at:
513
قائمة املراجع
//www.bis.org/pub/bppdf/bis pap58h.pdf.
7-Kamel khelifa,comment appréhender les surcouts dans la chaine
logistique? Le phare N°122Juin 2009.
8- Mohammed Benamar:- Les autorités et les organes en charge de la
sûreté des navires et des installations portuaires en Algérie (code isps),
études de droit, Mélanges en hommage à Abdallah Benhamou, ouvrage
publié avec le sou tien du recteur de l'université Abou-bekrBelkaid de
Tlemcen, kounouz édition, année 2012.
- la concession en matière de transport maritime
en droit algérien, DMF N0 609,Nov 2000 .
9-Patrick Simon:- qui est le transporteur maritime ?, DMF Janvier 1995.
- qui est compètent pour statuer sur la limitation en cas
de procédure multipartite?; DMF Juin 2001.
10-Paulette Veaux –Fournerie, Daniel Veaux:- commerce Maritime
responsabilité du transporteur -Régime international : convention de
Bruxelles et règles de Hambourg - jurés – classeur transport, cote : 11,
2005.
-transport par conteneur, Juris-classeur transport, cote
05,2003.
11-René Rodiére:- un faux probléme celui des containers,DMF 1968.
- La responsabilité du transporteur maritime Suivant les
règles de Hambourg1978, DMF 1979.
- la limitation de responsabilité du propriétaire de navire,
passé présent et avenir, DMF1973.
12-Raymond Achard, la responsabilité résultant du retard dans le
transport international de marchandises par mer, DMF 1990.
13-Stéphane Miribel:- la Conception de Subjective de la faute
inexcusable, limitaion accordée, DMF 2011.
- signature des régles de Rotterdam, DMF n 708, 11-
2009.
14-Philippe delebecque:- L'équivalence des législations à l'épreuve, du
droit maritime, algérien et du droit maritime français, études de droit,
Mélanges en hommage à Abdallah Benhamou, ouvrage publié avec le sou
tien du recteur de l'université Abou-bekrBelkaid de Tlemcen, kounouz
édition, année 2012.
- la faute inexcusable en droit maritime
commercial, Gazette de chambre, lettre d'information de la chambre
arbitrale maritime de paris, Numéro 39-Hiver2015/2016:www. Arbitrage-
maritime.org.
15- Victor Emmanuel bokalli, la protection des chargeurs a travers les
règle de Hambourg , DMF, mars 1997.
16-William Tetley, Inexécution fondamentale du contrat suivant les
règles de la Haye Visby uncitral, DMF1979.
514
قائمة املراجع
IV -Les Jugement françaises:
1-Cour d'oran,7/2/1949,DMF1950.
2-Cour de cassation 4/4/1969, DMF1969
3-CA.Rouen14/10/1980,BT.
4-Cour de cassation 2/7/1969, DMF1970.
5-CA.Rouen 27juin 1979,DMF1979.
6-paris26/1/1982 DMF 1982.
7-Cour de cassation 23/6/1982,DMF 1983.
8-CA .Rouen 19 Octobre 1989, DMF1990.
9-CA .paris,14 Nov1988, DMF 1990.
10-Aix en provence 19 Fév1987 ,DMF 1988.
11-Cass. Ch.com. 17juin 1997, Navire Happy Buccanaer, DMF1997.
12- Cass. Ch.com. 9 juillet 1991, DMF1992.
13-CA. Paris 7 novembre 1990 ,DMF Mars 1992.
14-Trib.gr.Inst.paris, 10Fev 1978 , DMF 1978,p212,Cour d'app-Aix-en-
provence31Oct1980,DMF1981.
15-CA.Aix en provence,2ch,19 Déc 1979-Navire ZimIbéria-DMF 1980 .
16- CA .paris ,5emech,31 janv1980,DMF1980.
17-*Cass.com-25 Nov 2008-Navire Husky Runner,DMF :2- 2009.
18-Cass .com,10 mars 2009,Navire Mv Panter,DMF4-2009.
19-CA. Paris 17 Nov 1994, DMF 1996.
20-CA.Rouen 28 Octobre 1999,Navire Melody, DMF2000.
21-CA. Rouen 9Novemenbre 1999,DMF2000.
22-Cass. Ch.com. 17juin 1997, Navire Happy Buccanaer, DMF1997.
23-Cass. Ch.com. 9 juillet 1991, DMF1992.
24-Trib.com de Marseille 10 avril 2007 .BLT 2007.
25-Cass.(ch. com),18 mars 2008,navire Ville de Tanya,DMF2008,juin
2008.
26-Cass 12 Fév. 1983,DMF 1984.
27-CA.Aix-en- Provence 10/3/1994, le Navire MIDIPAS STAR,
DMF1996.
28-CA.Marseille ,7/7/1978, DMF1979.
29-CA. Versailles ,12emech , sec 2,20 décembre 2001,D M F N0 624 ,
mars 2002 .
V-sites internet:
1- www. Arbitrage- maritime.org:chambre arbitrale maritime de paris
2-www.uncitral.org:Comission des Nations Unies pour le droit
commercial international
3-www.legifrance.gouv.fr:lesite officiel de la législation française
4-www.ifm.org: fiche d'information du fonds monétaire international
515
ف ل ا
هرس
الفهرس
الفهرس
مقدمة1....................................................................................:
الباب األول :نظام احلد األقصى للتعويض17..................................................
الفصل األول :مفهوم احل ّد األقصى للتعويض ونطاق تطبيقه18..................................
املبحث األول :مفهوم احلد األقصى للتعويض18.................................................
املطلب األول :تعريف احلد األقصى للتعويض وطبيعة القانونية و مربراته19..........................
الفرع األول :املقصود ابحلد األقصى للتعويض20.................................................
الفرع الثاين :الطبيعة القانونية للحد األقصى للتعويض25..........................................
الفرع الثالث :مربرات احلد األقصى للتعويض31..................................................
-1املربرات القائمة على مبدأ املالئمة31........................................................
الفقرة األوىل :تشجيع الناقل البحري على االستثمار31...........................................
الفقرة الثانية :املسامهة يف توحيد القانون البحري الدويل34........................................
الفقرة الثالثة :التقليل من املنازعات واستقرار األوضاع36..........................................
-2املربرات السائرة على اهج مبدأ العدالة37.....................................................
الفقرة األوىل :القياس على مسؤولية مالك السفينة 37............................................
الفقرة الثانية :الغاء شروط اإلعفاء من املسؤولية أو ختفيفها40.....................................
الفقرة الثالثة :احلد األقصى للتعويض حيقق التوازن بني املصاحل42..................................
املطلب الثاين :أساس املسؤولية احملدودة والشروط املتصلة هبا45....................................
الفرع األول :أساس املسؤولية احملدودة يف االتفاقيات الدولية و القانون البحري اجلزائري45............
الفقرة األوىل :أساس املسؤولية احملدودة يف معاهدة بركسل46......................................
الفقرة الثانية :أساس املسؤولية احملدودة يف معاهدة هامبورغ51.....................................
الفقرة الثالثة :أساس املسؤولية احملدودة يف قواعد روتردام57........................................
الفقرة الرابعة :أساس املسؤولية احملدودة يف القانون البحري اجلزائري 60..............................
الفرع الثاين :الشروط الباطلة يف عقد النقل البحري للبضائع61.....................................
الفقرة األوىل :شروط اإلعفاء الناقل من املسؤولية عن أخطائه الشخصية62..........................
الفقرة الثانية شروط اعفاء الناقل من املسؤولية عن أخطاء اتبعيه64.................................
الفقرة الثالثة :شرط حتديد املسؤولية ابعتبار احلاوية وما اشتملت عليه طردا واحدا66.................
الفقرة الرابعة :شرط قلب عبئ اإلثبات على الشاحن68...........................................
516
الفهرس
الفقرة اخلامسة :شروط اإلعفاء من املسؤولية املتعلقة ابلتتأمني69...................................
أوال :شرط اإلعفاء من املسؤولية عن املخاطر اليت ميكن التأمني عليها69............................
اثنيا :شرط التنازل عن احلقوق الناشئة عن التأمني على البضائع69 ................................
الفقرة السادسة :شرط اجلهل بوزن البضاعة70 ...................................................
الفقرة السابعة :التعويض على أساس قيمة الفاتورة يف ميناء الشحن أو مع النفقات71.................
الفرع الثالث :الشروط الصحيحة يف عقد النقل البحري73.........................................
الفقرة األوىل :الغاء احلضر على الشروط الباطلة73................................................
الفقرة الثانية :مناذج عن الشروط الصحيحة 79..………………………………….
أوال :شرط مهاالاي 80…..…….………………........ The Himalaya Clause
اثنيا :شرط كسبياان 81..…....…...………………….. The caspiana Clause
اثلثا :شرط برامونت 81.......……...…………….….. Clause The Paramount
رابعا :شرط فيو 82...................................................... The F.I.O Clause
خامسا :شرط جاسون اجلديد 84.….……...……………… New Jason Clause
املبحث الثاين :نطاق تطبيق احلد األقصى للتعويض85.............................................
املطلب األول :نطاق تطبيق احلد األقصى من حيث املوضوع86...................................
الفرع األول :وجود عقد نقل حبري دويل86......................................................
-1عقد مشارطة اجيار السفينة86.............................................................
-2عقد النقل البحري الدويل88...............................................................
الفقرة األوىل :عقد النقل الثابت بسندات الشحن89.............................................
الفقرة الثانية :عقد النقل الثابت بسندات مماثلة90...............................................
أوال :اإليصال املؤقت91......................................................................
اثنيا :سند من أجل الشحن92................................................................
اثلثا :أوامر التسليم93........................................................................
الفقرة الثالثة :سندات الشحن الصادرة مبناسبة مشارطة اجيار السفينة94............................
الفقرة الرابعة :ضرورة أن يكون عقد النقل دوليا95...............................................
أوال :يف معاهدة بروكسل95...................................................................
اثنيا :الوضع يف معاهدة هامبورغ100...........................................................
اثلثا :الوضع يف معاهدة روتردام102............................................................
517
الفهرس
الفرع الثاين :إصابة البضاعة أبضرار أثناء فرتة املسؤولية103.......................................
الفقرة األوىل :اهلالك103...............................................................Perte
الفقرة الثانية :التلف 106.......................................................... Avaries
الفقرة الثالثة :التأخري يف تسليم البضائع107....................................................
الفرع الثالث :عدم سقوط حق الناقل يف االستفادة احلد األقصى للتعويض110....................
الفقرة األوىل :تقدمي الشاحن بيان عن قيمة البضاعة و جنسها111...............................
الفقرة الثانية :تنازل الناقل عن ميزة احلد األقصى للتعويض112...................................
الفقرة الثالثة :عدم ارتكاب الناقل سلوكا حيرمه من التمسك ابلتعويض احملدود114..................
املطلب الثاين :نطاق تطبيق احلد األقصى من حيث األشخاص117..............................
الفرع األول :الناقل 118......................................................transporteur
الفقرة األوىل :الناقل املتعاقد119..............................................................
الفقرة الثانية :الناقل الفعلي 121..................................Transporteur substitue
الفقرة الثالثة :الناقل الظاهر123...............................................................
الفقرة الرابعة :الوكيل ابلعمولة للنقل124...................commissionaire de transport
الفرع الثاين :وكالء الناقل127................................................................
الفقرة األوىل :وكيل السفينة 127............................... consignataire du navire
الفقرة الثانية :الرابن 131................................................... Le capitaine
الفرع الثالث :اتبعي الناقل135...............................................................
الفقرة األوىل :املرشد البحري137.............................................................
الفقرة الثانية :مقاول الشحن و التفريغ140.....................................................
الفصل الثاين :تقدير احلد األقصى للتعويض147..............................................
املبحث األول :ضوابط تقدير احلد األقصى للتعويض148........................................
املطلب األول :الضوابط التقليدية يف حساب التعويض احملدود149................................
الفرع األول :مفهوم فكرة الطرد 149....................................................Colis
الفقرة األوىل :مفهوم الطرد يف الفقه الدويل150..................................................
الفقرة الثانية :مفهوم الطرد يف قضاء بعض الدول153............................................
أوال :القضاء الكوييت154.....................................................................
اثنيا :القضاء املغريب155......................................................................
518
الفهرس
اثلثا :القضاء املصري156....................................................................
رابعا :القضاء الفرنسي157...................................................................
خامسا :القضاء اإلجنليزي157................................................................
الفرع الثاين :حكم البضائع املشحونة داخل حاوية158 .........................................
الفقرة األوىل :التعريف املادي للحاوية160......................................................
الفقرة الثانية :التكييف القانوين للحاوايت162..................................................
الفقرة الثالثة :عالقة الطرد ابحلاوية وأثرها على التعويض165......................................
الفرع الثالث :ضابط الوحدة 167......................................................Unité
أوال :آراء الفقه حول تفسري الوحدة171.......................................................
اثنيا :تفسري الوحدة يف القضاء171...........................................................
املطلب الثاين :الضوابط املستحدثة حلساب احلد األقصى للتعويض178...........................
الفرع األول :ضابط الوزن179................................................................
الفرع الثاين :أجرة النقل 184................................................. Freight ,fret
أوال :تعريف أجرة النقل186...................................................................
اثنيا :أسس حتديد مقدار أجرة النقل188.......................................................
اثلثا :كيفية حساب التعويض عن التأخري193...................................................
املبحث الثاين :التنظيم النقدي للحد األقصى للتعويض193.......................................
املطلب األول :مقدار التعويض وفق قاعدة اجلنيه اإلسرتليين194...................................
الفرع األول :دوافع اختيار اجلنيه اإلسرتليين واملقصود به194......................................
الفقرة األوىل :دوافع اختيار 100جنيه إسرتليين كحد أقصى للتعويض195.........................
الفقرة الثانية :املقصود ابجلنيه اإلسرتليين198....................................................
الفرع الثاين :خروج إجنلرتا على قاعدة الذهب وأثرها على القضاء املصري200......................
الفقرة األوىل :ااهيار نظام الذهيب وأسباب فشله200.............................................
أوال :الفقرة األوىل :ااهيار نظام الذهيب وخروج إجنلرتا عليه201...................................
اثنيا :أسباب فشل نظام الذهب202..........................................................
الفقرة الثانية :اخلالف الفقهي حول استبعاد القضاء املصري لقاعدة اجلنيه الذهيب203...............
الفرع الثالث :حتويل القيمة الذهبية إىل العمالت الوطنية207.....................................
املطلب الثاين :مقدار التعويض وفق قاعدة الفرنك البوانكاري212.................................
الفرع األول :عوامل ظهور الفرنك البوانكاري وأليات اليت ارتكز عليها213.........................
519
الفهرس
أوال :ظهور الفرنك البوانكاري و املقصود به213................................................
اثنيا :اآلليات اليت ارتكز عليها الفرنك البوانكاري214...........................................
اثلثا :كيفية تقدير التعويض وفق الفرنك البوانكاري216..........................................
الفرع الثاين:حتويل الفرنك البوانكاري إىل العمالت الوطنية 217...................................
أوال :اتريخ حتويل مبالغ احلد األقصى للتعويض217..............................................
اثنيا :سعر الصرف الذي يتم وفقه حتويل الفرنك الذهيب219......................................
املطلب الثالث :قاعدة حقوق السحب اخلاصة226..............................................
الفرع األول :املقصود حبق السحب اخلاص227.......................................... DTS
الفقرة األوىل :األصل التارخيي حلقوق السحب اخلاصة227........................................
الفقرة الثانية :تعريف حق السحب اخلاص230..................................................
الفرع الثاين :تعديل حقوق السحب اخلاصة واحللول ملشاكل اليت تعرتضها231......................
الفقرة األوىل :تعديل حقوق السحب اخلاصة وأثره على التعويض231..............................
الفقرة الثانية :املشاكل اليت تواجه حقوق السحب اخلاصة233.....................................
الفقرة الثالثة :احللول املقرتحة لنجاح حقوق السحب اخلاصة235..................................
الفرع الثالث :حتويل وحدة السحب اخلاص إىل العمالت الوطنية236..............................
أوال :كيفية التحويل237......................................................................
اثنيا :اتريخ التحويل240......................................................................
الباب الثاين :نظام التعويض الكامل246......................................................
الفصل األول :سوء السلوك االرادي للناقل247...............................................
املبحث األول :أثر الغش واخلطأ اجلسيم على التعويض248.......................................
املطلب األول :موقف الفقه و القضاء من الغش249.............................................
الفرع األول :املادة 4من معاهدة بروكسل ومدى تطبيقها على التعويض الكامل250................
الفرع الثاين :مفهوم الغش وكيفية اثباته258......................................................
أوال :الفكرة التقليدية للغش259...............................................................
اثنيا :الفكرة احلديثة للغش260................................................................
اثلثا :كيفية اثبات الغش262..................................................................
املطلب الثاين:اخلطأ اجلسيم ومدى أتثريه على التعويض264.......................................
الفرع األول :فكرة اخلطأ يف القواعد العامة والقانون البحري (األجنلوسكسوين والالتيين)265..........
520
الفهرس
أوال :تعريف اخلطأ يف القواعد العامة266.......................................................
اثنيا :فكرة اخلطأ يف القانون البحري(األجنلوسكسوين والالتيين)268..............................
الفرع الثاين :تقدير اخلطأ اجلسيم ومتييزه غريه من األخطاء273....................................
الفقرة األوىل :معايري تقديري اخلطأ اجلسيم يف الفقه والقضاء273..................................
الفقرة الثانية :معايري تقديري اخلطأ اجلسيم يف القانون الالتيين واألجنلوسكسوين279..................
الفقرة الثالثة :متييز اخلطأ اجلسيم عن اخلطأ غري املغتفر285.......................................
الفقرة الرابعة :متييز اخلطأ اجلسيم عن اخلطأ املكسب289.........................................
الفرع الثالث :مشكلة تشبيه اخلطأ اجلسيم ابلغش291............................................
املبحث الثاين :اهلدف املنشود من وراء فكرة سوء السلوك العمدي301............................
املطلب األول :فكرة سوء السلوك العمدي ومدى جناعتها302...................................
الفرع األول :مفهوم سوء السلوك العمدي303......................... Wilful Misconduct
أوال :اخلطأ العمدي304......................................................................
اثنيا :عدم اإلكرتاث307.....................................................................
الفرع الثاين :تقييم فكرة سوء السلوك العمدي وكيفية اثباهتا312...................................
أوال :تقييم فكرة سوء السلوك العمدي313.....................................................
اثنيا :اثبات سوء السلوك العمدي316.........................................................
املطلب الثاين:تطبيقات التعويض الكامل و تقديره321...........................................
الفرع األول:شحن البضائع على سطح السفينة322.....………..Le chargement en ponté
الفقرة األوىل :موقف اتفاقية بروكسل من مسألة الشحن على سطح السفينة323....................
الفقرة الثانية :موقف اتفاقية هامبورغ من مسألة الشحن على سطح السفينة327....................
أوال :شحن احلاوايت على سطح السفن العادية329............................................
اثنيا :شحن احلاوايت على السفن املتخصصة331..............................................
الفقرة الثالثة :موقف اتفاقية روتردام من مسألة الشحن على سطح السفينة335.....................
الفرع الثاين :حتفظات الناقل وعدم تدوينها بقصد اإلضرار ابلغري339..............................
الفرع الثالث :تقدير التعويض الكامل351......................................................
الفصل الثاين :التعويض الكامل االتفاقي ومنازعاته356........................................
املبحث األول:التعويض االتفاقي على ضوء قيمة البضاعة وجنسها357............................
املطلب األول :بيان قيمة البضاعة وجنسها يف سند الشحن358..................................
الفرع األول :البيان املطابق للقيمة احلقيقية للبضاعة359..........................................
521
الفهرس
الفرع الثاين :البيان غري الصحيح عن أوصاف البضاعة و قيمتها368...............................
الفقرة األوىل :البيان غري الصحيح املتعلق بعالمات البضاعة،عددها،وزاها وكميتها368................
الفقرة الثانية :البيان غري الصحيح اخلاص جبنس البضاعة و قيمتها370..............................
أوال :البيان غري الصحيح الصادر حبسن نية370..................................................
اثنيا :البيان الكاذب الصادر عن سوء نية373...................................................
الفرع الثالث :اثبات البيان الكاذب381.........................................................
املطلب الثاين :التعويض االتفاقي الكامل املباشر ومزاايه385.......................................
الفرع األول :الفروق اجلوهرية بني التعويض االتفاقي الكامل والشرط اجلزائي386.....................
أوال :تعريف الشرط اجلزائي387................................................................
اثنيا :طبيعته القانونية387.....................................................................
اثلثا :خصائص الشرط اجلزائي389.............................................................
رابعا :شروط استحقاق الشرط اجلزائي392......................................................
خامسا :التمييز بني التعويض الكامل االتفاقي و الشرط اجلزائي392...............................
الفرع الثاين :مزااي االتفاق على التعويض الكامل و شروطه صحته396.............................
الفقرة األوىل :مزااي االتفاق على التعويض الكامل396............................................
الفقرة الثانية :الشروط الالزمة لصحة االتفاق على التعويض الكامل398...........................
املبحث الثاين :تسوية منازعات التعويض ضد الناقل البحري402..................................
املطلب األول :تسوية املنازعات عن طريق القضاء403...........................................
الفرع األول :أطراف دعوى التعويض404.......................................................
الفقرة األوىل :املدعي يف دعوى التعويض404...................................................
أوال :الشاحن405...........................................................................
اثنيا :املرسل إليه406.........................................................................
اثلثا :املؤمن (دعوى احللول)408..............................................................
الفقرة الثانية :املدعى عليه يف دعوى التعويض411...............................................
الفرع الثاين :اإلخطار ابهلالك أو التلف أو التأخري413...........................................
الفقرة األوىل :اإلخطار يف معاهدة بروكسل لسنة 413....................................1924
الفقرة الثانية اإلخطار يف اتفاقية هامبورغ لسنة421.......................................1978
الفقرة الثالثة :اإلخطار يف اتفاقية روتردام425...................................................
الفرع الثالث :االختصاص القضائي يف منازعات النقل البحري428................................
522
الفهرس
الفقرة األوىل :احملكمة املختصة يف اتفاقية هامبورغ428...........................................
الفقرة الثانية :احملكمة املختصة يف معاهدة روتردام432...........................................
الفقرة الثالثة :احملكمة املختصة يف القانون البحري اجلزائري439....................................
الفرع الرابع :تقادم دعوى التعويض441.........................................................
الفقرة األوىل :التقادم يف اتفاقية بروكسل وبروتوكول تعديلها لسنة446.......................1968
الفقرة الثانية :أحكام التقادم يف معاهدة هامبورغ447.............................................
الفقرة الثالثة :أحكام التقادم يف اتفاقية روتردام447...............................................
املطلب الثاين :تسوية املنازعات عن طريق التحكيم450...........................................
الفرع األول :املقصود ابتفاق التحكيم و أنواعه451..............................................
الفقرة األوىل :املقصود ابلتحكيم451...........................................................
الفقرة الثانية :أنواع التحكيم البحري455........................................................
الفرع الثاين :مراكز التحكيم البحري456........................................................
الفقرة األوىل :مراكز التحكيم البحري املؤسسي456..............................................
الفقرة الثانية :مراكز التحكيم البحري احلر459...................................................
الفرع الثالث :التحكيم يف االتفاقيات الدولية462................................................
الفقرة األوىل :التحكيم وفقا التفاقية هامبورغ 463...............................................
الفقرة الثانية :التحكيم وفقا التفاقيةروتردام467...................................................
الفرع الرابع :التحكيم التجاري الدويل طبقا ألحكام القانون اجلزائري 471...................09/08
الفقرة األوىل :شروط صحة اتفاق التحكيم471...................................................
الفقرة الثانية :حدود سلطات القاضي يف اتفاق التحكيم473......................................
الفقرة الثالثة :االعرتاف ابحلكم التحكيمي وتنفيذه475...........................................
الفقرة الرابعة :الطعن يف احلكم التحكيمي477...................................................
أوال :استئناف األمر الذي يقضي برفض أو قبول االعرتاف و التنفيذ477...........................
اثنيا :الطعن ابلبطالن يف أحكام التحكيم479...................................................
اثلثا :الطعن ابلنقض يف أمر االعرتاف حبكم التحكيم أو تنفيذه479................................
خامتة483..................................................................................:
قائمة املراجع493..........................................................................:
الفهرس523...............................................................................:
متت حبمد هللا
523
:ملخص
النوع األول يتمثل يف التعويض وفق حد أقصى:قررت االتفاقيات البحرية الدولية أن يتم التعويض يف النقل البحري للبضائع وفقا لنوعني
كما أتثرت به تشريعات أخرى يف جماالت متعددة كالنقل الدويل،ال ميكن للقاضي جتاوزه و هو ميزة كان امليدان البحري السباق اليها
أما النوع الثاين فهو التعويض الكامل املطابق ل قيمة الضرر الالحق ابلبضاعة أو الناجم عن أتخريها يف التسليم طبقا، اجلوي والربي
للقواعد العامة و يستفيد الناقل أو اتبعيه من التمسك بنظام احلد األقصى للتعويض املقرر لصاحلهم عند انعقاد مسؤوليتهم لوجود مربرات
غري أاهم جديرين بتلك الرعاية القانونية كلما ارتكبوا غشا أوخطأ جسيما ألن هذه األفعال أو السلوكيات تعد وجها،اقتضاها مبدأ العدالة
لذلك حيرم مرتكبه من االستفادة مما قررته له التشريعات الدولية، معاكسا و خمالفا حلسن النية و األمانة يف التعامل بني املتعاقدين
.والداخلية
:الكلمات املفتاحية
. الوحدة، احلاوية، الطرد، التأخري يف التسليم، التلف، اهلالك، املسؤولية احملدودة،احلد األقصى للتعويض
Résumé:
Les conventions internationales relatives au transport de marchandises ont prévus
deux types d’indemnisation en cas de dommage ou de sinistre. Le premier type est
une indemnisation selon des plafonds fixés par les conventions.Ce type
d’indemnisation qui est considéré comme une caractéristique du droit maritime s’est
par la suite étendu à d’autres domaines. Le deuxième type est une indemnisation
complète du dommage survenu aux marchandises ou dû au retard dans leur livraison
conformément aux règles générales. Le transporteur ou ses préposés peuvent
bénéficier du système de plafonnement de l’indemnisation dans le cas ou leur
responsabilité est engagée. Ils perdent cependant ce droit en cas de fraude ou de faute
lourde car de tels actes sont contraires au principe de bonne foi et de confiance entre
les contractants. Pour ces raisons, le transporteur sera privé du bénéfice des
dispositions juridiques tant internationales que nationales.
Mot Cles:
La limitation maximale de la compensation, responsabilité limitée, destruction,
Dommages, Retards dans la livraison, perte colis, Conteneur, unité.
ABSTRAT:
International conventions have decided that the compensation in the maritime
transport of goods according to two types: the first compensation according to the
measure cannot be bypassed, a function that dispatched the race towards it and were
assigned in another law in several areas.Then secondly an integral compensation
corresponding to the value of damage to property or resulting from delay delivery in
accordance with the general rules and benefit the carrier or his subordinates to adhere
to the maximum system of compensation. This is due to their provision at the time of
their liability the existence of justifications required by the principle of justice. But
they are worthy of the legal care and lose their right each time they commit a fraud or
a serious error. Because such acts or behaviors are opposite and the contrary of the
good faiths and the Secretariats in the treatment between the contractors, therefore,
the author is not allowed to benefit from the provisions of international and domestic
ligislations.
Key Words:
Maximum compensation, limited liability, loss, damage, delay in delivery, parcel,
container, unit.