Professional Documents
Culture Documents
اليمين وأقصى اليس��ار إنما يجتمعان على األرض إذا كانت هذه هي الرؤية اإلس�لامية -الوسط:
المشتركة للموقف الخاطئ! العدل -لهذه القضية -التي دار ويدور حولها لغط
وم��ن هنا رأينا طرف��ي الغلو الدين��ي والالديني كثير وجدل كبير وش��ديد -فإن اكتمال مقومات
يجتمع��ان على إثارة خمس ش��بهات ..يحس��بها ه��ذه الرؤية مرهون بإزال��ة كل ما أثير ويثار حولها
اإلس�لاميون الغ�لاة ،الذي��ن حمل��وا الع��ادات من الش��بهات ..ففي المنهاج اإلس�لامي ال يكفي
والتقاليد الراكدة على اإلس�لام ،فجعلوها دي ًنا.. تبلي��غ الدعوة ..وال حتى إقام��ة الحجة ..وإنما ال
دينيا من اكتم��ال أهلية المرأة،
يحس��بونها مانعة ً أيضا -من إزالة الشبهات. بد -معهما ً
وم��ن مش��اركتها في العم��ل االجتماع��ي العام .. وألن ه��ذه الرؤي��ة الت��ي قدمناه��ا هي الوس��ط
ويحس��بها غالة العلمانيين عقبات إسالمية تحول -أي اإلس�لامية الحق��ة ..كم��ا نحس��ب -فلق��د
دون اكتمال أهلي��ة المرأة ،فتجعل منها -من ثم- اتف��ق أط��راف الغلو عل��ى ما ُأثير ويث��ار ضدها من
نصف إنسان ..ولذلك كانت دعوتهم إلى إسقاط ش��بهات! ..فصدق��ت ،ف��ي ه��ذا االتف��اق ال��ذي
الحل اإلس�لامي لتحرير المرأة ،وإلى التماس هذا جم��ع طرف��ي الغل��و ..غل��و الجم��ود والتقلي��د
الحل في النموذج الغربي لهذا التحرير. لت��راث عصر تراجعنا الحض��اري ..وغلو الجمود
فمع اختالف وتناقض المنطلقات واالنتماءات، والتقلي��د العلمان��ي للنم��وذج الغرب��ي الوضع��ي
اتفق أهل الغلو ،الديني والالديني ،على إثارة هذه الالدين��ي -صدق��ت في ه��ذا االتف��اق واالجتماع
الشبهات الخمس ،التي يحسبها اإلسالميون منهم المقولة السياسية المعاصرة التي تقول :إن أقصى
magazine.azhar.eg
1589
قضايا التجديد
ألنه��ا تجع��ل النس��اء أس��يرات مقه��ورات عن��د دي ًن��ا ،فيدافع��ون عنه��ا ..ويحس��بها العلمانيون
القوامين عليهن من الرجال. منهم دي ًنا ،فيرفضون اإلسالم بسببها!
تلك هي الش��بهات الخمس ،التي (عشش��ت ولذل��ك ،كان��ت إزال��ة ه��ذه الش��بهات -ف��ي
وتعش��ش) ف��ي عقول غ�لاة اإلس�لاميين -الذين هذا القس��م من هذه الدراس��ة -جها ًدا فكر ًيا على
جعلوا تقالي��د مجتمعاته��م ،الموروثة عن عصور معا ..جبه��ة الغلو والتقلي��د والجمود الجبهتي��ن ً
التراج��ع الحض��اري ،دي ًن��ا يتدينون ب��ه! -والتي الديني ..وجبهة الغلو والتقليد والجمود التغريبي
(عشش��ت وتعش��ش) في العق��ل العلماني ،حتى الالديني.
لقد رفض ،لذلك ،س��بيل اإلسالم لتحرير المرأة، أما هذه الشبهات الخمس -المثارة حول أهلية
والتم��س ه��ذا التحرير لها ف��ي النم��وذج الغربي المرأة ..ومشاركتها للرجل في العمل االجتماعي
الالديني. العام -فهي:
وه��ي الش��بهات الت��ي ال ب��د م��ن محاكمته��ا -1أن اإلس�لام يجع��ل مي��راث األنث��ى نصف
بالمنطق اإلسالمي ،لكشف زيفها ،وبراءة اإلسالم مي��راث الذك��ر ﴿ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾
من عوارها وعوراتها. (النساء )11 :وفي ذلك -كما يقول العلمانيون-
شبهة الميراث انتقاص من أهلية المرأة ،يجعلها نصف إنسان!
صحي��ح وح��ق أن آي��ات الميراث ،ف��ي القرآن -2وأن اإلس�لام يجع��ل ش��هادة الم��رأة على
الكريم ،قد جاء فيها قول اهلل- ،سبحانه وتعالى:- النص��ف من ش��هادة الرج��ل ﴿ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
﴿ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ (النس��اء،)11 : ﮒ ﮓ﴾ (البقرة ،)282 :وفي ذلك
لك��ن كثيري��ن من الذي��ن يثيرون الش��بهات حول انتقاص من أهليتها ،يجعل منها نصف إنسان!
أهلية المرأة في اإلس�لام ،متخذين من التمايز في -3وأن اإلس�لام -بن��ص الحدي��ث النب��وي
المي��راث س��بيلاً إلى ذلك ،ال يفقه��ون أن توريث الش��ريف -يجعل النس��اء ناقصات عق��ل ودين..
المرأة على النصف من الرجل ليس موقفً ا عا ًما وال وه��و بذلك يقنن ويش��رع انع��دام أهلي��ة المرأة،
قاعدة مطردة في توريث اإلسالم لكل الذكور وكل ويحول دون مساواتها بالرجال.
اإلناث ..فالقرآن الكريم لم يقل :يوصيكم اهلل في -4وأن اإلس�لام يش��رع لع��زل الم��رأة ع��ن
المواري��ث والوارثين للذكر مثل ح��ظ األنثيين.. المش��اركة في واليات العمل الع��ام ،وذلك عندما
وإنم��ا ق��ال﴿ :ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ يجع��ل واليته��ا فيه ول��ه المقدم��ة المفضية لعدم
ﮙ ﮚ ﮛ﴾ ..أي :إن ه��ذا التمييز ليس الف�لاح «ل��ن يفلح ق��وم ول��و أمرهم ام��رأة» (رواه
قاع��دة مطردة في كل ح��االت الميراث ،وإنما هو البخاري).
في حاالت خاصة ،ب��ل ومحدودة ،من بين حاالت -5كم��ا أن المفهوم الش��ائع -لدى أهل الغلو
الميراث. الدين��ي والالديني -ع��ن (القوام��ة) -التي قررها
ب��ل إن الفق��ه الحقيق��ي لفلس��فة اإلس�لام في اإلس�لام للرجال على النساء -قد جعل فريق الغلو
الميراث تكشف عن أن التمايز في أنصبة الوارثين يجتمع��ون عل��ى أن ه��ذه القوامة إنم��ا تنتقص من
والوارثات ال يرجع إل��ى معيار الذكورة واألنوثة.. كمال أهلية المرأة ومن مس��اواة النساء للرجال..
تفاو ًتا بين الذكر واألنثى ..لكنه تفاوت ال يفضي وإنما لهذه الفلسفة اإلس�لامية في التوريث ِح َكم
إلى أي ظل��م لألنثى أو انتقاص م��ن إنصافها ..بل إلهي��ة ومقاصد ربانية قد خفي��ت عن الذين جعلوا
ربما كان العكس هو الصحيح! التف��اوت بي��ن الذك��ور واإلناث في بعض مس��ائل
ففي حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون في درجة الميراث وحاالته ش��بهة على كم��ال أهلية المرأة
القرابة ..واتفقوا وتساووا في موقع الجيل الوارث في اإلسالم ..ذلك أن التفاوت بين أنصبة الوارثين
ذكورا
ً م��ن تتاب��ع األجيال -مث��ل أوالد المتوف��ى، والوارثات ..في فلس��فة الميراث اإلس�لامي إنما
وإناثً��ا -يكون تف��اوت العبء المالي هو الس��بب تحكمه ثالثة معايير:
ف��ي التفاوت في أنصبة الميراث؛ ولذلك لم يعمم -ذك��را أو
ً أوله��ا :درج��ة القرابة بي��ن الوارث
الق��رآن الكريم ه��ذا التفاوت بي��ن الذكر واألنثى أنث��ى -وبين المو ّرث -المتو َّف��ى -فكلما اقتربت
في عم��وم الوارثين ،وإنما حصره ف��ي هذه الحالة الصلة زاد النصيب في الميراث ..وكلما ابتعدت
بالذات ،فقال��ت اآلية القرآنية﴿ :ﮓ ﮔ ﮕ ق��ل النصيب ف��ي الميراث ،دونم��ا اعتبارالصل��ة ّ
ﮖﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ﴾ ولم تقل: لجنس الوارثين.
يوصيكم اهلل في عموم الوارثين .والحكمة في هذا وثانيهم��ا :موق��ع الجيل ال��وارث م��ن التتابع
التف��اوت ،في ه��ذه الحالة بالذات ،ه��ي أن الذكر الزمني لألجيال ..فاألجيال التي تستقبل الحياة،
هنا مكلف بإعالة أنث��ى -هي زوجه -مع أوالدهما وتس��تعد لتحمل أعبائها ،عادة يكون نصيبها في
..بينما األنثى الوارثة -أخت الذكر -إعالتها ،مع المي��راث أكبر م��ن نصيب األجيال التي تس��تدبر
أوالده��ا ،فريضة على الذك��ر المقترن بها ..فهي الحياة ،وتتخفف من أعبائها ،بل وتصبح أعباؤها
-م��ع هذا النقص ف��ي ميراثها -بالنس��بة ألخيها، -ع��ادةً -مفروض��ة عل��ى غيرها ،وذل��ك بصرف
ال��ذي ورث ضع��ف ميراثه��ا ،أكثر ً
حظ��ا وامتيا ًزا النظ��ر عن الذكورة واألنوثة للوارثين والوارثات..
منه ف��ي المي��راث ..فميراثه��ا -م��ع إعفائها من فبنت المتو َّفى ترث أكثر من أمه -وكلتاهما أنثى-
اإلنفاق الواجب -ه��و ذمة مالية خالصة ومدخرة؛ ب��ل وترث البنت أكثر م��ن األب! -حتى لو كانت
لجبر االس��تضعاف األنثوي ،ولتأمين حياتها ضد رضيعة لم تدرك ش��كل أبيها ..وحتى لو كان األب
المخاط��ر والتقلب��ات ..وتل��ك حكم��ة إلهية قد هو مص��در الثروة التي لالب��ن ،والتي تتفرد البنت
تخفى على الكثيرين. بنصفه��ا! .. -وكذلك يرث االب��ن أكثر من األب
وإذا كان��ت ه��ذه هي الفلس��فة اإلس�لامية في -وكالهما من الذكور!
تف��اوت أنصب��ة الوارثي��ن والوارثات -وه��ي التي وف��ي هذا المعي��ار من معايير فلس��فة الميراث
يغف��ل عنها طرفا الغلو ،الدين��ي والالديني ،الذين في اإلسالم حكم إلهية بالغة ومقاصد ربانية سامية
يحس��بون ه��ذا التف��اوت الجزئ��ي ش��بهة تلح��ق تخف��ى عل��ى الكثيرين! وهي معايي��ر ال عالقة لها
بأهلي��ة المرأة في اإلس�لام -فإن اس��تقراء حاالت بالذكورة واألنوثة على اإلطالق.
ومس��ائل الميراث -كما جاءت في علم الفرائض وثالثه��ا :الع��بء المالي الذي يوجب الش��رع
حقيق��ة ق��د ُتذ ِه��ل
ٍ (المواري��ث) -يكش��ف ع��ن اإلس�لامي عل��ى ال��وارث تحمله والقي��ام به حيال
الكثيري��ن عن أفكاره��م المس��بقة والمغلوطة في اآلخري��ن ..وهذا ه��و المعيار الوحي��د الذي يثمر
magazine.azhar.eg
1591
قضايا التجديد
ي��رث نظيرها من الرجال ،ف��ي مقابلة أربع حاالت هذا الموضوع ..فهذا االستقراء لحاالت ومسائل
محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل. الميراث ،يقول لنا:
تل��ك ه��ي ثم��رات اس��تقراء ح��االت وس��ائل -1إن هناك أربع حاالت فقط ترث فيها المرأ ُة
المي��راث -في علم الفرائ��ض (المواريث) -التي نصف الرجل.َ
-2وهناك حاالت أضعاف هذه الحاالت األربع
حكمتها المعايير اإلس�لامية التي حددتها فلسفة
ترث فيها المرأ ُة مثل الرجل تما ًما.
اإلس�لام في التوريث ..والتي ل��م تقف عند معيار
-3وهن��اك ح��االت عش��ر أو تزيد ت��رث فيها
الذكورة واألنوثة ،كما يحسب الكثيرون الذين ال
المرأة أكثر من الرجل.
يعلمون! -4وهن��اك حاالت ترث فيه��ا المرأة وال يرث
وبذل��ك ن��رى س��قوط الش��بهة األول��ى م��ن نظيرها من الرجال.
الشبهات الخمس المثارة حول أهلية المرأة ،كما أي :إن هن��اك أكثر من ثالثي��ن حالة تأخذ فيها
قررها اإلسالم. الم��رأة مثل الرجل ،أو أكثر من��ه ،أو ترث هي وال
❀❀❀