‫الفصل االول ‪:‬‬

‫نشأة المأساة وتطورها‬

‫كانت عبادة ديونوسوس أ كثر العبادات اليونانية اتصاال‬
‫المسرحية‪ ،‬وأشهدها تأثيراً على تطورها ‪ ،‬ألن طقوسها كانت تتضمن‬
‫كثيرامن الحركات التمثيلية ‪ ،‬وتشتمل على عواطف متضاربة ‪ ،‬يعبر‬
‫عنها أتباع اإلله فى بهجة وسرور تصحبهما نكات غليظة ‪ ،‬و ضحكات‬
‫عالية ‪ ،‬كانت مثابة البذور التى نشأت منها الملهاة ‪ ،‬وأجيانا أخرى‬
‫يعبرون عنها فى حزن عميق مصحوب بالشكوى واألنين ‪ ،‬كان أصال‬
‫للمأساة ‪ .‬وكانت حيات ديونوسوس مليئة بالخطوب الؤلمة ‪ ،‬واألحداث‬
‫السارة ‪ .‬وكان اليونان يعتبرونها رم ًزا للظواهر الطبيعية التى تتعرض‬
‫لها زراعة الكروم ‪ ،‬فشجيرات العنب تخضر أوراقها ‪ ،‬وتنبثق براعنها‬
‫وتتفتح أزهارها فى الربيع ‪ ،‬ثم تثمر وينضج عنها فى الصيف‪،‬وتجمع‬

‫وتعصر فى الحريف ‪ ،‬وأخيرا تصفر وتذبل فى الشتاء ‪ .‬وكان موسم‬

‫الحصاد يقابل باال بتهاج والمرح‪ ،‬أما ذبول األوراق وموت األغصان‬
‫فيثير األحزان واآلالم ‪ .‬وكان اليونان يمجدون هذا اإلله بإقامة‬
 ‫االحتفاالت والمهرجانات العظيمة التى يعبرون فيها عن مشاعرم‬
‫بالغناء والرقص ‪.‬‬
‫وكان الشعراء الغنائيون ينظمون مقطوعات الديثورامبوس‬
‫(‪ )Dithurambos‬وينشدونها فى أعياد ديونوسوس ‪ ،‬ويتخذون‬
‫أسطورته موضوعًا ألناشيدهم ‪ ،‬فيتحدثون عن ميالده ‪ ،‬و يتناولون حياته‬
‫بالتفصيل ‪ ،‬ويصفون األخطار التى واجهها ‪ .‬وكان الشاعر يضم إليه‬
‫جماعة من الناس ‪ ،‬ياقمهم بعض األبيات التى تفيض بالحزن واألسى ‪،‬‬
‫يرددونها أثناء اإلنشاد‪ ،‬وكان أفراد هذه المجموعة ( الجوقة فيما بعد )‬
‫يرتدون جلد الماعز ليظهروا بمظهر الساتوروى (‪ ، )saturoi‬أتباع‬
‫ديونوسوس ‪ .‬ويقول هيرودوت (الكتاب االول‪ .‬الفصل ‪{ )32‬إن أريون‬
‫(‪ (Arion‬كان أول من ابتكر األناشيد الديثورامبية ( عام ‪65‬‬
‫‪ّ ٠‬‬
‫ق ‪ .‬م ) ‪ ،‬وعلمها ألفراد الجوقة فى كورينثه}‪ .‬ومن المؤ كد أن‬
‫رواية أبى التاريخ صحيحة ألن أريون كان أول من صاغ هذه‬
‫المقطوعات فى صورتها األدبية ‪ ،‬ولكنه لم يكن أول من ابتكرها أو‬

‫أول من أعطاها اسمها‪ ،‬ألن كلمة ديثورامبوس ماهى إال لقب قديم جدا‬
‫من ألقاب ديونوسوس ‪ ,‬وسواء أ كان أريون هو أول من ابتكر‬
‫هذه األناشيد أم ال‪ ،‬فمن الثابت أنه كان أول من خلق من هذه‬
‫األناشيد البدائية فنا أدبيًا ‪ .‬ولقد أدخل أريون عل المقطوعات األول‬
‫عدة تجديدات ‪ ،‬فجعل الجوقة تقف‪ .‬ثابتة فى مكان معين ‪ ،‬وعلم أفرادها‬
‫أن يتخذوا من درجات مذحج ديونوسوس مسرحا ينشدون من فوقه‬
‫أغانيهم الى يمجدون اإلله فها‪ .‬وكآن أريون أبضا أول من ابتكر‬
 ‫أنغاما وألحانا تالئم جوقة الساتوروى ‪ .‬وبذلك أصبحت الطقوس التى‬
‫تقام لعبادة ديونوسوس تؤثر تأثيرا بالغافى النفوس‪ ،‬وتماؤهابمشاعر قوية ‪,‬‬
‫وتهيئها لتقبل االنفعاالت المتضاربة والصدمات العنيفة التى تناسب‬
‫طبيعة المأساة ‪.‬‬
‫ثم ظهر السوس (‪ )Lasos‬بأرجوس عام ‪ 548‬ق‪ .‬م ‪ ،‬ونظم‬

‫أشعا ًرا رائعة تدل على مهارة فنية فائقة ‪ ،‬وعمل جاهدًا على نشر الرقصات‬
‫الديثورامبية بعد أن أدخل عليها بعض التعديالت ‪ ،‬ثم زار أثينا‪،‬‬
‫وقدم فيا عرضا منظما هذه الرقصات ‪ .‬وتبعه شعراء آخرون » ساهمو|‪ Lo‬وقدم فيا‬
‫اهمة فعالة فى االرتقاء باألناشيد الديثو رامبية حتى أصبحت فنا رفيعا‬
‫من فنون الشعر الغناتى » نشأت منه بعدئذ السرحية بنوعيها »وفى ذلك‬
‫أرسطو فى كتابه فن الشمر ( ‪ « ) [ 54١‬إن المأساة واللهاة‪yi‬‬
‫من األغانى‪ , ols US oy ae‬دأتا فى صورة أناشيد‬
‫‪ AVES‬الديثورامبية » وهى أشعار غنائية تنشدها الجوفة‬
‫‪ » .SO‬والمحون‪ cH‬أما الثانية فصدرت عن أناشيد‬
‫أن المأساة‪ » SY‬الغدثين‪ stadt‬أحد) ‪ » ( Ridgeway‬ردحواي د‬
‫التمت أصال إلى األناشيد والرقصات الديثورامبية » وأنها ال ترتبط‬
‫إطالقا بعيادة ديونوسوس » إنما نئأت من الرقصات التنكرية الى‬
‫كانت تقام حول مقائر األبطال ؛ واعتمد فى ذلك على رواية هيرودوت‬
‫فيها أن أهل سيكوون‪ Sis (vy Lad‬الكتاب امام (‬
 ‫(‪Ridgeway (W.): The Origin of Tragedy, quoted )1‬‬
‫‪,by Rose (H.J ) , A Handbook of Greek Literature‬‬
‫‪,London, 1942, p. 129‬‬

‫‪ .‬ل ]ا هس‬
‫‪ ( ) Sikuon‬اعتادوا أن بكر مو | البطل أدر استوس ) ‪( Adrastos‬‬
‫بوسائل شت » مها إنشاد أغنيات حزينة تلقمبا الجوقة لتصف ماحدث‬
‫ظ له أثناء حياته ‪ .‬و بو كد امور أن هذه األنائيد ل تكن تمحيدا لالله‬
‫ديو نوسوس ء بل تخايدا لذكرى هذا البطل الذى قاد أول حملة توجبت‬
‫لتذمير مدينة طيبة ‪ .‬ولكن ممما تعددت الروايات حوا ل نشأة المأساة‬
‫األثبنية » هن المقطوع به أن المأساة قد نبتت من الرقصات ‪,GEM‬‬
‫الديثور امبية » “م أخذت تتطور ندر نميا حتى صارت فنا قاما يذاه ‪.‬‬
‫لكننا ال نستطيع ‪ a‬هذا التطورء بدقة وال نستطليع تحديد المراحل‬
‫‪ ae‬ا ‪ * _” ٠. nl‬و‬
‫التى حورت مها األننشيد الديثورامبية حتى اتخذت صورة االساة » الن‬
‫أرسعطو الذى عاش بعد ازدهارها بسئوات قايلة ل‪ 1‬يذ كر شيئا عن بموهاء‬
‫واكتف باإلشارة إلى نشأمها ‪ .‬ولسكن محتمل أن تطورها قد ثم فى فترة‬
‫‪ cask Le Sal‬على التجديدات التى أدخلب أريون بضعة عشرات‬
‫من السنين حى مر شعراء نظموا مسر حيات قن استوفت ‪‘en‬‬
‫الشرو طالفنية‪ .‬ومن الو كد أن الديثور امبو سقد ‪:‬طور تعلء رأسريعامنذ أن‬
‫ارتبط بأعياد هذا اإلله التى كانت تقام فى أثينا ‪ .‬وهكذا صدقأرسطو‬
‫عندما قال بأن الدوريين كانو | أصماب الفضل فى خلق امأسأة » وصدة‬
‫أيضا الذين قالوا بأن األثينيين كانوا أسصماب الفضل فى حعلها فنا أدبيا‬
‫)‪,(Am pms Ve‬‬
‫(‬