Professional Documents
Culture Documents
التسويق العصبي
التسويق العصبي
شركة رينايسنس
للترجمة واالنتاج العلمي
رينايسنس هي شركة متعددة الجنسيات مقرها الرئيسي في هولندا متخصصة بترجمة احدث
االصدارات العلمية وتصديرها للعالم بالمجان او باسعار رمزية ,ليتمكن كل شخص لم تنصفه
الحياة من ان يمتلك الوسيلة والمعلومة الالزمة لينصف بها نفسه .
اهداء
لكل فقراء العالم و مظلومي وضحايا التخلف والحروب ,ولكل طالب حقيقي للعلم .
فريق العمل
2
لمحة عن محتوى الكتاب
المقدمة………………………………………………………………8
الجزء األول : :العالم الجديد الرائع للتسويق العصبي 15..................................
الفصل ( 1ما هو صحيح وما هو خاطئ عن التسويق العصبي 17........................................
الفصل ( :)2ما الذي نعلم عنه اآلن ولم نعلم عنه سابقاً33.....................................................
3
التسوقي والتسويق داخل المتاجر 219..................................................
ُّ الفصل ( :)12العقل
ت ُ ِّ ّ
عرفك بمستهلكي منتجاتك 334.................................................................................
ي الناجحة 361............
الفصل ( :)20قائمة تدقيق لما قبل عملية إجراء دراسات التسويق العصب ّ
الفصل ( :)21اختيار شريك التسويق العصبي الصحيح 372...............................................
4
الفصل ( :)23عشر ُمعتقدات مغلوطة عن التسويق العصبي 415.........................................
الفصل ( :)24الركائز العلمية عشر التي تكمن وراء التسويق العصبي 422.............................
5
عن المؤلفين.
:Stephen J. Gencoمن الرواد في مجال التسويق العصبي ,أسس أحد أوائل شركات البحث
ال ُمتعلقة بالتسويق العصبي عام 2006ومن عام 2009حتى عام 2012كان رئيس تنفيذي لإلبتكار
ستشار ُمستقل يُساعد العُمالء على
ٌ في شركة أخرى رائدة في مجال التسويق العصبي وهو حاليا ً ُم
ُمستوى العالم في تنمية وتنفيذ برامج أبحاث السوق وإستراتيجيات األعمال التي تدمج األبحاث
التقليدية مع أحدث األساليب واألدوات ال ُمتقدمة في المجال األخالقي والعصبي والبيولوجي.
لديه أكثر من 20عاما ً من الخبرة ك ُمبتكر لبحوث ال ُمستهلك و ُمنظم و ُمدير إستشاري وباحث في
العلوم اإلحتماعية و ُمربي وقبل الدخول في عالم األعمال كان ُمعلما ً وباحثا ً في العلوم السياسية و
ُمتخصصا ً في إستطالعات الرأي العام و إتخاذ القرار التنفيذي وهو أيضا ً حاصل على درجة
الدكتوراة والماحستير والبكالوريوس من جامعة Stanfordوهو درجة ماجستير أخرى من
الجامعة كولومبيا البريطانية.
:Peter Steidlهو ُمستشار لل ُمسوقين ووكاالتهم في آسيا وال ُمحيط الهادي وخارجهما وقد نفذ
عمالئه من شركات Fortune Global 100 ُمهمات في 20دولة موزعة في 5قارات ,عد ٌد من ُ
عمالئه قُدرته على تطبيق رؤى
وشركات خدمات إحترافية و ُمتخصصة وهيئات حكومية حيث قدّر ُ
وأفكار التسويق العصبي لرفع فاعلية إستراتيجيات و ُمبادرات التسويق.
حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة Viennaو خدم مع الطاقم الدائم لجامعتي
Viennaو Adelaideوعقد زيارة أُستاذية في جامعة Curtinفي Perth, Australiaوحاز
كتابه األخير Neurobrandingعلى قائمة ال ُمرشحين لكتاب التسويق الخاص بمجلة ُخبراء
ال ُمسوقين لجائزة عام.2013
6
اإلهداء...
في ذكرى والدتي العزيزة والتي لم تُتاح لها الفُرصة في أن تتباهى وتتفاخر أمام أصدقاءها ألن
– Steve إبنها أصبح مؤلفا ً لسلسلة ُكتب ()For Dummies
إلى زوجتي Deniseالتي قدمت لي الدعم والشجاعة التي يحلم بها أغلب الناس وإلى والداي اللذان
– Andrew رباني على اإلحترام واإلنجاز واللذان قدماني إلى عجائب العلوم.
7
الشكر والتقدير ل....
نود أن نشكر ُ Anam Ahmedمحررة التكاليف في شركة John Wileyوأوالده في كندا والتي
أجرت ال ُمكالمة األولى لتشجيعنا على القيام بفكرة هذا الكتاب والحمد هلل أننا لم نأخذ هذه ال ُمكالمة
على أنها مقلب فنحن نُقدر لها توجيهها وإرشادها لتحفيز سير العملية ونشكر أيضا ً لل ُمحررة
Elizabeth Kuballو الدكتور Michael Smithال ُمحرر التقني إللتزامهم الدؤوب في التفاصيل
فمن دون ُمراجعاتهم وإقتراحاتهم وإرشاداتهم ومطالبهم لم يكن الكتاب جديرا ً بأن يكون ضمن سلسلة
(.)The Dummies
وأخيرا ً نود أن نشكر العديد من ُممارسي التسويق العصبي والباحثين الذين عملنا معهم على مدى
تلك السنوات والتي أثرت معرفتهم وأفكارهم ُكل صفحة من صفحات الكتاب نتمنى أن نكون قد
إستطعنا ذكركم جميعكم باإلسم ,إن اإلتساع والتعمق في التفكير في هذا المجال الجديد هو ال ُملهم
وأي أخطاء في كتابة هذا الفكر في هذا الكتاب هي بالطبع أخطاءنا وحدنا!
8
ُهناك تطبيقات سلسلة كُتب البُسطاء للجميع
مع وجود أكثر من 200مليون كتاب للطباعة وأكثر من 1600عنوان ُمميز كانت سلسلة ُكتب
البُسطاء الرائد العالمي في كيفية اإلعالم والتبليغ واآلن أصبح بإمكانك الحصول على نفس النسخة
الرائعة من سلسلة ُكتب البُسطاء من خالل تنزيل التطبيق على هاتفك المحمول وستحصل على دخول
فوري إلى العناوين التي تُريد معرفتها بصيغة موثوقة .
9
ال ُمقدمة
اهالً وسهالً بكم في التسويق العصبي ,إن موضوع التسويق العصبي هو أحد المواضيع التي يتحدث
عنها الكثير من الناس ،ولكن قليل منهم يدركونها ،وهو حقل جديد قائم على االرشادات الخاصة
بثالث مجاالت موجودة فعليا ً وهي التسويق والبحوث الخاصة به ,وعلم الدماغ .وفي هذا الكتاب
سلّطنا الضوء على تلك االبعاد الخاصة بالتسويق العصبي مع مراعاة أخالقيات هذا العلم بما فيها آثار
السياسة العامة.
وكلّما تعمقت في هذا الكتاب سترى بأن التسويق العصبي ليس عبارة عن أزرار شراء سحرية في
الدماغ وال عن خلق (مستهلكين أموات على هيئة أحياء ) عاجزين عن مقاومة اإلغراءات التي يقوم
بها المسوقين لدماغ االنسان ,بل انه من بعض االكتشافات االجديدة والرائعة في العلوم الخاصة
بالدماغ والتي تُغير و بشكل اساسي طريقتنا في التفكير وبالطبع التأثيرعلى طريقة تفكيرنا نَحو
الشراء والبيع وحتى تف ُحص المنتجات والخدمات ,وهي الثورة وال ُمتعة – التي يمثلها التسويق
العصبي وهذا ما نحاول التوصل إليه في كتاب التسويق العصبي للبُسطاء.
10
نبذة عن الكتاب :
يقوم منهجنا على نظام معروف ليكون مفيدا ً وفعاالً لسلسلة ُكتب البُسطاء وقمنا بتغطية مواضيع
الكتاب على شكل وحدات وبهذا يُمكنك االنتقال إلى أي نقطة دون الشعور بالضياع ,ويمكنك قراءة
فصول الكتاب في أي ترتيب يعجبك ,ألن كل فصل من الفصول له محتوى ُمنفصل ,فاذا قمنا بذكر
شيء ما قُمنا بتغطيته في فصل آخر ,نقوم باخبارك أين يُمكنك الحصول على معلومات أكثر عنه .
األشرطة الجانبية (النصوص في المربعات الرمادة ) وأي شئ يتميز بأيقونة تقنية يمكن تخطيها,
والشيء االخير ,لقد قمنا باتخاذ القرارات الخاصة بالمصطلحات التي يمكن ان تحظ ببعض النقاشات
ال ُمعمقة بين العلماء والباحثين ,وذلك لتبسيط قصتنا ولحمايتك من الضياع في الجدل الفلسفي :
✓ قمنا باستخدام مصطلحات العقل والدماغ بطريقة متغيرة بالرغم من أن بعض األكاديميون
والفالسفة قد يحتج على مثل هذا التبسيط .
✓ قمنا باستخدام المصطلح العام (علوم الدماغ ) لتشمل الثالث مجاالت الفرعية للعلوم الذي ندرجهم
كأساسيات للتسويق العصبي :علم العصاب ,علم النفس االجتماعي واالقتصاد السلوكي .
✓ غالبا ً ما ُكنا نستخدم ُمصطلح (المستهلكين) لنصف الناس في كتاب التسويق العصبي وللذين
يريدون ان يفهمو مضمون السياق وفي بعض االحيان نُطلق عليهم (الناس)
✓ الناس الّذين يشاركون في الدراسات والتجارب في العادة نطلق عليهم اسم (المشاركون ) النه لم
يعجبنا ال ُمصطلح الطبي (الحاالت) ومع ذلك فقد قمنا باستخدامه مرة في كل فترة .
في هذا الكتاب ,ستالحظ بان بعض عناين الويب التي ستفصل بين سطرين في النص اذا كنت تقرا
الطبعة الورقية من هذا الكتاب ,وتريد ان تقوم بزيارة احدى صفحات الويب ,ببساطة فان المفتاح
في عنوان الويب كما هو واضح تماما ً في النص الظاهر ,كما لو ان الخط الفاصل ليس موجوداأ ,اذا
كنت تقرا هذا الكتاب بنسخته االلكترونية ,فانه من السهل ايجاده فقط قم بكتابة عنوان الويب ليتم
االنتقال بك الى صفحة لويب مباشرة.
اخيراً ,في المنظوم العام لسلسلة ( البُسطاء) ال نأخذ مواضيعنا على محمل الجد ,وال نكون كذلك
ايضا ً وذلك ُمهم بشكل خاص لموضوع التسويق العصبي ألن بعض االشخاص يعاملون هذا
الموضوع على أنه شيء غايةً في التعقيد ليتم فهمه .
عادة ً عندما يُخبرك األخصائي بأن شيئا ً ما في غايةً التعقيد ويصعب فهمه هذا يعني بأنك على وشك
ان تدفع الكثير من المال أو أنه ال يريدك أن تسأل الكثير من األسئلة ,نامل أن يُساعدك هذا الكتاب في
خلق فرص متكافئة بين الممارسين والمستهلكين لخدمات التسويق العصبي وبذلك يكون لدى كل
الشخص صور أكثر واقعية لما هو حقيقي وما هو مشترك ليتم توقعه في (العالم الجديد الرائع
للتسويق العصبي ).
11
إفتراضات حمقاء
لقد قمنا بكتابة هذا الكتاب ألي شخص لديه شغف في معرفة التسويق العصبي ,لذلك قُمنا بإفتراض
عدد قليل من الفرضيات عنك وعن ما تريد معرفته للحصول على أقصى إستفادة من هذا الكتاب إليك
االفتراضات التي قمنا بإفتراضها:
✓ نفترض بأنك لست حاصالً على شهادة في علم النفس أو علم اإلاقتصاد أو اإلحصاء أو علم
األعصاب ,ولكن إن كنت حاصالً على شهادة في تلك التخصصات فإنه لن يُؤثر عليك كثيراً.
✓ نفترض بأنك ُمهتم في معرفة طريقة تفكير األشخاص ولماذا يتصرفون بالشكل الذي يتصرفون
به حتى عندما ال يتصرفون بمنطقية .
✓ نفترض بأنك ُمهتم في كيفية تأثر الناس بالتسويق واإلعالنات ولكننا ال نفترض بأنك خبير في
تلك المجاالت. .
✓ نفترض بأنك ُمهتم بالتسويق العصبي ,ألنك تعتقد بأنه يُمكن أن يُساعدك في أعمالك أو ألنه يمكن
أن يؤذيك كعميل و لقد قُمنا بتغطية ِّكلتا وجهات النظر بشكل ُمعمق .
✓ نفترض بأنك ترغب في معرفة أفكار جديدة عن دماغك والتي قد تبدو بديهية عن سماعك لها
للمرة االولى .
12
الرموز المستخدمة في هذا الكتاب :
الرموز عبارة عن الصور الصغيرة الموجودة على هوامش الكتاب والتي قُمنا بإستخدامها في أرجاء
الكتاب لنلفت إنتباهك لمعلومات ُمعينة ومعاني هذه الرموز كالتالي :
يُمثل رمز النصيحة اي معلومات قد تُساعدك في تطبيق مبادئ التسويق العصبي في أعمالك أو
نصيحة
تصميم تسويق عصبي مفيد أو في الدراسات أو العمل بنجاح مع شركة تعمل في التسويق العصبي .
أكثر النقاط أهمية في كل فصل يتم تمييزها بوضع رمز التذكير ,إن ُكنت تُريد أن تقفز بسرعة إلى تذكَّر
النقاط الرئيسية في كل فصل ,فقد تتبع رموز التذكير .
نستخدم رمز التحذير لنشير إلى االشياء التي تحتاج إلى أن تبحث عنها فتلك األشياء قد تكون بمثابة تحذير!
تحديات ُمتعلقة بتفسير المفاهيم العلمية الواردة في الكتاب أو نصيحة تُساعدك في الحصول على
شركاء التسويق العصبي . اقصى إستفادة من العمل مع ُ
في بعض األحيان ال يُمكننا مشاركتك ببعض التفاصيل التقنية التي لست بحاجة أن تعرفها لفهم بقية أمور
الفصل في الغالب تلك عبارات هي تفاصيل إضافية عن مواضع علمية أو حول كيفية إستخدام تقنية
التسويق العصبي في ال ُممارسة العملية وقد ميزنا تلك المعلومات برمز األمور التقنية وبذلك يُمكنك
تخطيها إن أردت.
13
هدف الكتاب
باالضافة إلى المادة الموجودة في الكتاب المطبوع أو اإللكتروني التي تقرأها حاليا ً يأتي هذا ال ُمنتج
مع بعض األمور الجيدة فيما يتعلق بالدخول من أي مكان على شبكة االنترنت ,تصفح ورقة الغش
المجانية على الرابطwww.dummies.com/cheatsheet/neuromarketing :
للنصائح حول كيفية تطبيق التسويق العصبي في اإلعالنات وللمعلومات عن النموذج اإلستهالكي
البديهي وإختالفه عن النموذج اإلستهالكي العقالني ( يُستخدم في التسويق التقليدي )
بالرغم من أنك ال تستطيع الذهاب إلى أي نُقطة موجودة في هذا الكتاب ,لدينا بعض التوصيات
بخصوص المكان الذي قد ترغب بالبدء به.
✓ لألساسيات :نحن نوصي بالفصل االول والثاني النهما يزودانك بلمحة عامة عن الكتاب كامالً
و ُمقدمة لألساسيات العلمية الخاصة بالتسويق العصبي.
✓ إن كان لديك إهتمام في مجال تسويق ُمعين كالعالمات التجارية و تصميم ُمنتجات التسوق أو
الترقية يُمكنك العثور على الفصل الذي يتناول هذه المواضيع في الجزء الثالث .
✓ إن أردت معرفة كيفية الحصول على أقصى إستفادة من دراسة التسويق العصبي راجع الفصول
من الثامن عشر وحتى الحادي عشر .
✓ إن أردت أن تتعمق في اآلثار ال ُمترتبة على السياسة األخالقية للتسويق العصبي نقترح عليك
البدء بالفصل الرابع والثاني والعشرون.
إن أردت أن تتعمق أكثر وأكثر في علوم الدماغ والتي ستزودك باُسس التسويق العصبي نقترح عليك
مقدمتان رائعتان :علم االعصاب للبسطاء ل Frank Amthorواالقتصاد السلوكي للبُبسطاء
ل( Morris Altmanكالهما نشرهما .)Wiley
لمزيد من إقتراحات القراءة والمراجع لجميع الدراسات التي تم مناقشتها في الكتاب واألمور
المحذوفة وال ُمضافة لمحتوى الكتاب ومؤشرات فُرص التدريب وال ُمناظرات القادمة يرجى زيارة
مواقع الويب الخاصة بالمؤلفين www.intuitiveconsumer.com
14
15
الجزء االول
تنتقل المعلومات عبر ناقل عصبي من خلية عصبية إلى أُخرى من خالل نقاط اإلشتباك العصبي إلى
الدماغ حيث تكمن ومن ثم يتم إستقبالها بواسطة صفعة على مؤخرة الرأس.
16
في هذا الجزء...
يُقدم هذا الجزء لمحة عامة عن العالم الجديد للتسويق العصبي وباإلضافة إلى المواضيع التي سيتم
تغطيتها بتفصيل أكثر في باقي الكتاب فإن كنت ترغب بتلخيص سريع عن التسويق العصبي وعن
محتوى الكتاب إبدا من هنا!
لقد ظهر التسويق العصبي في أبحاث السوق اليوم ويُعزى ذلك لبعض االكتشافات المذهلة في علم
االعصاب وعلم النفس االجتماعي وعلم االقتصاد السلوكي والذي غيّر مفهومنا عن التجارب التي
يخوضها الدماغ كالتفسير وإتخاذ القرارات وما يقعله في العالم.
ُربما كان من ال ُمحتمل أن تكون هذه اإلكتشافات ُمطبقة على اإلعالنات و التسويق وسلوك المستهلك
ولكن ال يزال هناك الكثير من اللبس حول هذا المجال الجديد وأكثر من سوء فهم عما يُمكن وما ال
يمكن القيام به ,وسواء أكان شيئا ً جيدًا أم سيئا ً سنقوم في هذا الجزء بإزالة اللبس وسنقوم بإعطاءك
لبنة صلبة لفهم التسويق العصبي :عن إيجابياته وكيفية تأثيره على أبحاث السوق والتسويق.
17
الفصل األول
التسويق العصبي :هو مجال جديد ظهر بسرعة في العالم يتفرع من أبحاث المستهلكين ويرى
بعض المراقبين أنه ( الكأس ال ُمقدسة) لبحوث التكنولوجيا التي ستخلصنا من ذلك الغموض فيما
يتعلق بأسرار إختيار ال ُمستهلك والسلوك في الدماغ ,أما لآلخرين فهو أساس الشر الذي سيُعطي
المسوقين وال ُمعلنين في نهاية المطاف تحكما ً ال حدود له على ُ
عقولنا وأموالنا .
كما هو الحال مع معظم المبالغات ,تكون الحقيقة في مكان ما في الوسط حيث يقوم التسويق العصبي
فعليا ً بجلب بعض األفكار واألساليب القوية لبحوث ال ُمستهلك ,وفي هذا الكتاب سنُناقش هذه
ال ُمساهمات بالتفصيل ولكن التسويق العصبي ليس أُسلوبا ً لتحويل األشخاص إلى ُمستهلكين ( أموات
على هيئة أحياء) وسنُناقش بالتفصيل عن سبب كون التسويق العصبي هو القضية .
ير للجدل في كثير من األحيان وذلك لعدم فهمه كفاية فهو ينمو ويتطورإن التسويق العصبي مث ٌ
هدف متحركٌ في هذه المرحلة .
ٌ بسرعة هائلة إذا هو
18
تعريف التسويق العصبي
وألننا نريد أن يكونَ هذا الكتاب بمثابة مرجع لجميع جوانب التسويق العصبي فتعريفنا لهذا المجال
حيث قمنا بتعريف التسويق العصبي كأي تسويق أو نشاط متعلق بأبحاث السوق التي ُ واسع جدا ً تذكَّر
تستخدم األساليب وال ُ
طرق الخاصة بعلم الدماغ ( راجع القسم التالي )
في النهاية ,يُعد التسويق العصبي حالً لنفس المشاكل التي يهدف لحلها جميع أنواع األبحاث التسويقية
وكيفية إنفاق الشركة ميزانيتها الخاصة بالتسويق والدعاية لتوصيل قيمة ُمنتجاتها لعمالئها بينما
تُحقق األرباح والعائدات لمساهميها!
إن كان التسويق العصبي يمنح الكفاءة في العمل فالبد أن يُساعد المسوقين في حل هذه المشاكل بشكل
أفضل بكثير من األنواع األخرى من البحوث .
ع آخر من أبحاث وفي هذا الصدد ,ال يوجد أي شئ غامض حول التسويق العصبي فهو ليس إال نو ٌ
السوق ويخضع لنفس القيود من الوقت والمال والفائدة كأي نوع آخر من األبحاث التي تُنفد كل يوم .
يعتقد بعض الناس أن التسويق العصبي عبارة عن مجال ُمكرس للتأثير على الناس لشراء األشياء –
في الغالب أشياء ال يحتاجونها وبالتالي هذا األمر خطير ويُعد جزءا ً من المسؤولية التي تقع على
عاتق المصطلح نفسه.
مثير للريبة وكأنه نوع ُمختلف وشنيع من أنواع التسويق ,ولكن هذا ليس
يبدو أن التسويق العصبي ٌ
صحيحا ً إليك الفرق الذي يجب أن تأخذه بعين االعتبار : تذكَّر
✓ التسويق هو مجال مكري للتأثير على الناس لتفضيل األشياء وفي النهاية لشراء األشياء بما في
ذلك األشياء التي قد ال يحتاجونها ,حيث يُدرك المسوقون أن الناس لديهم ادمغة وبالتالي تم تكريس
التسويق للتأثير على عقول الناس.
✓ التسويق العصبي هو طريقة جديدة لقياس مدى فاعلية التسويق حيث يعتقد ُمستخدموا التسويق
العصبي أنها طريقة أفضل لقياس التسويق ألنه قائ ٌم على فهم واقعية و كيفية عمل عقول المستهلكين
(ننقاش االدلة على هذا اإلدعاء في الفصل الثاني) .
19
ماذا نستفيد من التسويق العصبي
ومع األخذ بهذه النظرة الشاملة عن التسويق العصبي هنالك ثالث طرق رئيسية يُمكنها ُمساعدتنا على
فهم التسويق وسلوك ال ُمستهلك بشكل أفضل:
✓ يمكنه إخبارنا بما يجري في أدمغة الناس في الوقت الذي يختبرون فيه ال ُمحفزات الموجودة في
عملية التسويق أي أيّة مواد تسويقية مطروحة في إختبار بحثي تم تحكيمه.
✓ يمكنه إخبارنا بكيفية إستجابة األدمغة للمؤثرات التسويقية ال ُمقدمة في سياقات ظرفية مختلفة,
على سبيل المثال منتج لوحده و بجانبه ُمنتجات ُمنافسة أُخرى بأسعار ُمختلفة تُباع في متجر تجاري
على الواقع أو على شبكة االنترنت وهلم جراً.
✓ يمكنه إخبارنا بكيفية ترجمة األدمغة لمثل هذه اإلستجابات الخاصة بقرارات ال ُمستهلك وسلوكياته
مثل شراء منتج ما أو تبديل الشراء من عالمة تجارية ُمعتاد عليها إلى عالمة تجارية جديدة.
إستخدمنا في هذا الكتاب ُمصطلح علم الدماغ لإلشارة إلى كافة المجاالت العلمية التي تكمن وراء
التسويق العصبي ألننا نُريد التركيز على المصدر العلمي الوحيد الواضح للتسويق العصبي أال وهو
علم االعصاب.
هو ليس فقط العلم الوحيد الذي يكمن وراء التسويق العصبي ولكن في الحقيقة أن التسويق العصبي
مبني على قمة ال تقل عن ثالث مجاالت في العلوم األساسية والتي ُجمعت مع بعضها البعض كعلوم
الدماغ أو ببساطة علم الدماغ .
✓ علم األعصاب هو دراسة لجهاز األعصاب البشري بما في ذلك الدماغ وتركيبه ووظائفه حيث
يُمكنك السيطرة على الجهاز العصبي الطرفي فعلم األعصاب هو األكثر ُمالئمة لفهم الحاالت
والمشاعر وردود الفعل النفسية للدماغ ال ُمرافقة لرؤية العالمات التجارية وال ُمنتجات و المواد
التسويقية .
✓ اإلقتصاد السلوكي هو دراسة كيفية إتخاذ الناس للقرارات اإلقتصادية في العالم الحقيقي
فاإلقتصاد السلوكي هو األكثر ُمالئمة لفهم التاثيرات ال ُمحيطة بإختيار ال ُمستهلك وسلوكه .
✓ علم النفس االجتماعي هو دراسة كيفية تفكير وتصرف الناس ( بشكل حقيقي أو وهمي ) بوجود
ركز علم النفس االجماعي في السنوات األخيرة على أثر اإلجراءات الالإرادية ُ
آخرين,حيث ّ أشخاص
على تصرفات اإلنسان ,وهو العلم األكثر ُمالئمة لفهم كيفية عمل العمليات اإلرادية والإلارادية مع
بعضها في إختيار المستهلك وسلوكه.
20
ُمصطلح الدماغ أو العقل؟ ال إرادي أو غير واعي أو الالوعي؟
تميل كلمة (دماغ) إلى أن تُستخدم عندما يتحدث الناس عن البُنية التشريحية أو الدارات الموجودة في
الدماغ ,أما ُمصطلح العقل يميل إلى أن يُستخدم لالشارة إلى مشاعر اإلدراك الشخصي التي يولدها
الدماغ ,فعلى سبيل قشرة الفص الجبهي هو جزء تشريحي للدماغ وبشكل عام نحن نستخدم هذه
المصطلحات بشكل ُمتغير فنحن نعتبر بأن العمليات الالإرادية في الدماغ قد تُعادل (العقل الالارادي,
الغير واعي,طليعة الشعور والالارادي)
هنالك الكثير من األفكار الزائدة و ال ُمرتبطة بجميع المصطلحات التي يمكن إستخدامها لإلشارة إلى
العمليات الالإرادية في الدماغ .
والالوعي له بعض الدالالت السيئة من وجهة نظر الالوعي ( الفرويدي ) واالرتباط بحاالت
التخدير.
في المقاُبل يحمل الالوعي داللة ثانوية أو تابعة لشيء ما كما لو أنه شيء أقل وبالتالي أقل من الوعي
وهنالك مصطلح مشابه أال وهو طليعة الشعور والذي يُمكن أن يكون مناسبا ً تماما ً ,لكنه يعني ان
االمر غير صحيح دائما ً ,وبالنظر إلى كافة المسائل فقد قُمناٌ الوعي دائما ً يتبع طليعة الشعور وهذا
بإستخدام المصطلح األكثر حيادية ( الالإرادي ) في هذا االكتاب حيث أن إلستخدام هذا المصطلح
فائدة وهي اإلشارة بشكل محايد إلى كل الال وعي وباإلضافة إلى أن هذا ال ُمصطلح أصبح معيارا ً في
المؤلفات االكاديمية .
وهناك تخصصات أُخرى مهمة كعلم االقتصاد العصبي وعلم النفس المعرفي والذي يكمن وراء أمور
التسويق العصبي ايضا ً ولكننا ال نُغطي هذه المجاالت بالتفصيل في هذا الكتاب ,أيضا كالً من
تقنية
المجاالت المذكورة هنا تُنتج مجاالت فرعية جديدة أو مجاالت ُمدمجة كعلم أعصاب ال ُمستهلك وعلم
نفس المستهلك وعلم األعصاب اإلجتماعي وعلم األعصاب ال ُمتعلق بالقرار إن النقطة االساسية هنا
هي أن هذه األوقات ال ُممتعة في علم الدماغ والتسويق العصبي وهي ال ُمستفيد من كل هذه المجاالت .
21
فهم األُسس العلمية الجديدة للتسويق العصبي
التسويق العصبي عبارة عن نهج ُمميز ألبحاث السوق ألنه قائم على معرفة وإكتشافات جديدة في
علوم الدماغ ,وهذا أثرى ون ّمى المعرفة بسرعة ووفر العديد من وجهات النظر الجديدة لفهم سلوك
المستهلك ونحن نسمي هذا المفهوم الجديد للمستهلك ب (نموذج المستهلك البديهي ) ,على عكس
نموذج المستهلك العقالني الذي يكمن وراء أبحاث السوق التقليدية ( ناقشنا هذين النموذجين بالتفصيل
في الفصل الثاني)
في هذا القسم ,سنقدم لمحة عامة عن بعض اإلستنتاجات الرئيسية التي تكمن وراء النموذج
االستهالكي البديهي والتسويق العصبي حيث يُخبرنا علم الدماغ بأن المستهلك العادي ليس بطيئا ً
وليس منافس حذر عندما يتعلق األمر بشراء األولويات وفيما يتعلق بالقرارات أيضا ً ولكن البديل هو
نظرية اإلدراك االجتماعي ,التي تُزودك بالدماغ الذي يتكيّف مع التطور للحفاظ على الطاقة وإصدار
قرارات وأفعال سريعة و فعالة لل ُمستهلك ال بتقييم عميق ومنطقي لرسائل التسويق وإقتناء الفُرص
حيث تجذب عقول ال ُمستهلكين إلى كل ما هو جديد ومألوف ويفضلون الشيء البسيط على ال ُمعقد
وهذه الميوالت مبنية في دارات الدماغ والتي غالبا ً ما تؤثر علينا دون مستوى االدراك الواعي وهذه
هي الصورة الجديدة للدماغ البشري حيث يدور فهمنا حول كيفية رؤية الناس وتفسيرهم للعالم من
حولهم ,ولهذا الفهم آثار عدة على أبحاث السوق والتي سنتطرق لها في الفصل الثاني وسنقوم
بتغطيتها بالتفصيل بالفصل الخامس ,ومن أهم هذه اآلثار إمتالك البشر فعليا للقليل من الوعي حول
السبب الذي يجعلهم يقومون باألمور التي يقومون بها ,وهذا يعني عندما يسأل الباحثون الناس حول
ما يحبون أو ما سيقومون به ,ثبت أن هذه التخمينات ليست واقعية وأن دقة التخمينات التي يقوم بها
الناس كل يوم حول ما يفكرون أو ما ينوي االخرون القيام به أكثر دقة ,وان الناس ال تكذب او ال
تحاول خداع الباحثين عندما ال يصدرون مثل هذه التخمينات ,ألنهم حرفيا ً غير مدركين لألسباب
وال ُمسببات الحقيقية ألفعالهم .
يُحدد هذا اإلستنتاج التحدي األساسي ألبحاث السوق ,كما أنها السبب في ظهور التسويق العصبي في
أبحاث السوق وذلك ألن أسباب التسويق العصبي من ال ُمحتمل أن تكون ناجحة في قياس ردود أفعال
المستهلكين التي تطرأ دون مستوى اإلدراك الواعي أي بشكل ال واعي ,وأن العديد من االفكار
اإلضافية تتدفق من هذه الصورة القائمة على أساس علمي للمستهلك البديهي وسنركز على ثالث
جوانب أخرى من هذه الصورة في الجزء الثاني أال وهي كيف تؤثر العواطف على قرارات
المستهلك وسلوكه وكيف أن األهداف الغير ُمدركة تُحرك القرارات واألفعال وكيف يتخذ ال ُمستهلكون
القرارات ,وقد قطع علم الدماغ الحديث شوطا ً كبيرا ً في فهم دور العواطف على سلوك المستهلك
حيث تعمل العواطف على المستويين االرادي والالارادي بحيث يُثروا بعمق تصوراتنا ومعتقداتنا
وسلوكياتنا حتى وإن لم نكن على علم بها وذلك يؤثر بشكل كبير على ما نُالحظه عن طريق االنتباه
وكذلك الحال على ما نتذكره عن طريق الذاكرة و قد قُمنا بتغطية هذا الموضوع بدقة في الفصل
السادس .
22
إن األسلوب القائم على توجيه أدمغتنا نحو أي نوع من القرارات أو التصرفات بما في ذلك قرارات
ال ُمستهلك وأفعاله عن طريق تنشيط السعي لتحقيق األهداف هو النظام التحفيزي الذي تطور على
مدى ماليين السنين وقد تعلمنا من علم الدماغ على األغلب في العقد الماضي ,بأن األهداف يمكن أن
تعمل بشكل ال إرادي وفي نفس الوقت بشكل إرادي على عكس تجربتنا ال ُمدركة نحن نقوم بإستمرار
بتفعيل تحقيق األهداف والتي يمكن أن ال يكون لدينا أي فكرة عنها ,إن لهذا اإلستنتاج آثار ضخمة
فيما يخص التسويق وسلوك المستهلك لكال المسوقيين والمستهلكين وقد أخدنا بعين اإلعتبار هذه
اآلثار في الفصل السابع .
لقد أحدث فهمنا لصنع القرار البشري ثورة في األربعين سنة الماضية ولقد إعتبرنا صنع القرار
عملية واعية وعملية ُمتبادلة يُمكن بناؤها بسهولة عن طريق الطلب من شخص ما أن يروي لك كيف
إتخذ قرارا ً معينا ً أما اليوم فنحن نعلم بأن الناس تستخدم نظما ً مختلفةً في الدماغ إلتخاذ أنواع مختلفة
من القرارات والكثير من القرارات قد تحدث تلقائيا ً دون مستوى الوعي اإلدراكي .
وقد تأثرت قرارات المستهلكين بشكل كبير بالعوامل الظرفية مثل كيفية عرض منتج في متجر ما وما
المنتجات االُخرى التي تكون بجانب ذلك ال ُمنتج .
وقد تم دراسة هذه العوامل الظرفية على نطاق واسع في حقل جديد لإلقتصاد السلوكي وقد أشارت
مجموعة كبيرة من الدراسات بأنها تحدث غالبا دون الوعي اإلدراكي ,ومع الكثير من التأثيرات
صنع القرار الخاصة بالمستهلك نحن بحاجة إلى إلقاء نظرة جديدة على قوة الالإرادية على عملية ُ
ُ
حيث نعتقد بأن اإلقناع على األرجح أقل أهمية من التسويق اإلقناع التقليدي في التسويق واإلعالن
الناجح واإلعالن عكس ما كان يُعتقد سابقا ً
لقد بين التسويق العصبي أن هذه األفكار وغيرها الكثير تُست َمد من علم الدماغ وتقوم بإستعارة
األدوات والتقنيات المتقدمة في علوم الدماغ بحيث يتم تطبيقها على عالم التسويق وسلوك المستهلك
وستستمر العلوم األساسية بالتقدم وسيستمر التسويق العصبي باإلسفادة من هذا األساس العلمي
النابض بالحياة .
23
إستكشاف األماكن التي يستخدم فيها ال ُمسوقون التسويق العصبي اليوم
أصبح التسويق العصبي يُستخدم من قبل المسوقيين في العديد من المجاالت البحثية ( سنخركم في
الجزء الثالث عن كيفية إستخدامه وما النتائج التي يتم تحقيقها وكيف أنهُ من ال ُمرجح إستخدامه في
ست مجاالت تسويق رئيسية مستقبالً).
صنعها هو المجال الذي يتناسب فيه التسويق ✓ العالمات التجارية :فهم العالمات التجارية و ُ
العصبي بشكل طبيعي ,والعالمات التجارية هي باألساس أفكار موجودة في العقل الباطن تستمد
قوتها من خالل وجود إرتباطات ذهنية مع األفكار األُخرى في العقل حيث أن العالمة التجارية القوية
هي التي تُطلق إرتباطات ذهنية قوية مع أفكار قريبة فتبقى هذه العالمة التجارية "في مقدمة أفكار
العقل " للمستهلكين ,في الفصل التاسع سنعرض لكم كيف أن اإلرتباطات القوية في الذاكرة طويلة
المدى تجعل العالمات التجارية الرائدة صعبة اإلستبدال بواحدة ا ُخرى كما سنعرض لكم كيف أن
أساليب التسويق العصبي يمكن إستخدامها لقياس تأثير العالمة التجارية التي يُمكن أن ال يعلم
المستهلك بوجودها .
✓ المنتج :يُعتبر إبتكار المنتج وتصميم مجموعة من ال ُمنتجات لعالمة تجارية ما نوعين من
المجاالت البحثية والتي يقوم التسويق العصبي بتأثيرات ملحوظة فيها وذلك ألن الناس قد تواجه
صعوبة في توقع األشياء التي سيحبونها أو سيفعلونها في المستقبل حيث يوفر التسويق العصبي ُ
طرقا ً
بديلة للمراقبة في حال وجود إستجابة إيجابية من المستهلك إتجاه فكرة جديدة ولقد قمنا بتغطية هذه
اإلستخدامات وإستخدامات اُخرى للتسويق العصبي في أَبحاث إختبار ال ُمنتج والمجموعة في الفصل
العاشر .
✓ اإلعالنات :تُمثل بحوث اإلعالنات مجاالً نشطا ً للتسويق العصبي ،فما هي آليه اإلعالنات وما
هو األمر الذي يجعل إعالنا ً ما أنجح من إعالن آخر وقد كان هذا األمر يكتنف بعض الغموض دائما ً
حيث يوفر التسويق العصبي أدوات وأساليب جديدة تُلقي الضوء على هذا الغموض إن لم تقم بحله
على وجه الخصوص ,ويقودنا علم الدماغ لفكرة مثيرة لإلهتمام أال وهي أن اإلعالنات يمكن أن
تعمل بشكل أفضل عندما ال تُركز على شيء ما وأن تكرار اإلرتباطات العاطفية اإليجابية أفضل من
الرسائل ال ُمقنعة التي تبثها اإلعالنات وربما أكثر فاعلية في تعزيز العالمات التجارية وزيادة
المبيعات ( ,وقد قمنا بمناقشة هذه األفكار وأفكار اُخرى عن اإلعالنات والدماغ في الفصل الحادي
عشر ) .
✓ التسويق :التسويق والتسويق داخل المتاجر مجاالت بحثية لدى التسويق العصبي الكثير ليقدمه
بالتسوق,وهذا أمر عجيب حيث يقومون بأخذ
ّ لها ,يقوم المتسوقون بالتفكيربقليل من الوعي عند قيامهم
عدد كبير جدا ً من اإلشارات البصرية والحسية االُخرى طيلة تنقلهم في رحلة التسوق ولكنهم في
بعض األحيان ال يدركون معظم هذه االشارات والعوامل الظرفية التي تؤثر بشكل كبير في تحديد
نتائج التسوق وفي األغلب على حساب النوايا اإلدراكية للمتسوقيين فكيف يُمكن إسخدام التسويق
24
العصبي إلختيار ردور أفعال المتسوقيين في كال من بيئات التسويق الحقيقي والمحاكاه والتي سيتم
تغطيتها في الفصل الثاني عشر .
✓ إستخدام اإلنترنت :وهي ذات صلة وثيقة لتجربة التسوق داخل المتجر وهي التسوق عبر
اإلنترنت ,ولكن هنالك إختالفات ُمهمة في عالم التسوق عبر اإلنترنت فاإلعالن والبيع يُمكن أن
يكونا بجانب بعضهما البعض ومع عدم الحاجة لتأجيل إشباع رغبة المستهلك لتكون رحلته القادمة
إلى مجمع التسوق وكنتيجة لذلك فإن تنشيط والسعي وراء أهداف ال ُمستهلك هما األكثر سرعة
وديناميكية في التسوق عبر اإلنترنت و لمزيد من التفاصيل على اآلثار ال ُمترتبة على هذا الوضع
الفريد وكيفية تكيف الدماغ البشري على تجربة التسوق عبر اإلنترنت تصفح الفصل الثالث عشر.
✓ الترفيه :و هي محطة التسويق األخيرة التي سنستكشفها في الجزء الثالث بالرغم من أن الناس
أكثر قُدرة على اإلختيار عندما تتم تسليتهم أكثر من إقناعهم حيث أنهم يمتلكون وصوالً إدراكيا ً
لكونهم وجدوا برنامجا ً تلفزيونيا ً أو فيلما ً أو ألعاب فيديو أكثر تسلية من أشياء اُخرى ,ولقد قام علم
الدماغ بتزويدنا بعض المعلومات المفيدة عن ما يجعل قصة ما مسلية ,وكيف يتم تصوير الفائدة
للدماغ والذي يفتح إمكانية التسويق العصبي في إختبار البرامج الترفيهية ,وسنطلع على هذا البحث
في الفصل الرابع عشر.
في الجزء الرابع,سنحول إهتمامنا من مصادر وتطبيقات التسويق العصبي إلى أساسيات إختبار
التسويق العصبي وكيف أن أساليب قياس التسويق العصبي تختلف عن أبحاث التسويق التقليدية
وكيف أنها ُمقتبسة من أدوات وتقنيات الدماغ.
أوالً :نؤكد على الرغم من أن مستخدمو التسويق العصبي إنتقدوا بعض الفرضيات التي تكمن وراء
أبحاث السوق التقليدية والتي ال يزال هنالك مكان لهذه المناهج بين مناهج البحث الحديثة ,في الفصل
الخامس عشر سنستعرض الثالثة حقول ال ُمنتجة ألبحاث السوق -,المقابالت ,مجموعات
التركيز,واإلستطالعات ومناقشة متى يشكلون خطرا ً وقيوداً.
وبالنظر إلى أدوات البحث الجديدة للتسويق العصبي ,سنرى في الفصل السادس عشر بأنهم جميعهم
يندرجون ضمن فئتين عامتين :المناهج التي تقسم إستجابات الجسم للتسويق و المناهج التي تقيس
إستجابات الدماغ ,وكل منهج يُجسد نوعا ً مختلفا ً من اإلشارات ,وكالً منها يأتي بمجموعة مختلفة من
اإليجابيات والسلبيات كونتها تكنولوجيا القياس .
25
في الفصل السادس عشر وحتى الثامن عشر سنستعرض هذه األساليب بالتفصيل .
وأكثر التدابير الفسيولوجية أو البيولوجية أهمية (بنا ًء على إشارات الجسم) ال ُمستخدمة في التسويق
العصبي والتي تتتضمن التالي:
✓ تعابير الوجه :يُسجل وجه اإلنسان تشكيلة واسعة من الحاالت العاطفية والتي من خاللها يُمكن
قراءة تعابير الوجه على مستويين :تغيرات ملحوظة في التعبير,على سبيل المثال يبتسم أو يستهجن)
أو تغير العضالت الصغيرة الغير ملحوظة (على سبيل المثال تتقلص العضالت ال ُمرتبطة بردود
الفعل العاطفية اإليجابية والسلبية,وقد إكتشفت قياسات تعابير الوجه لتكون مؤشرا ً قويا ً لردود الفعل
العاطفية والتي تُسمى (التكافؤ العاطفي).
✓ آلية تتبع العين :قياس حركات العين وإتساع حدقة العين عند مشاهدة شيء أو مشهد ما ,حيث أن
ٌ
ملحق إلجراءات لتتبع العين إستخدامات كثيرة في التسويق العصبي ,كالهما أدواتٌ ُمنفصلة وكأنهما
اُخرى كسرعة وإتجاهاه التغيرات في حاالت الغاز أيضا ً تُزودنا بمؤشرات إهتمام و فائدة وإنجذاب
قيّم.
✓ النشاط الكهربي :مقياس للعرق الموجود على الجلد وعادة ً يُقاس باالَصابع ,وتزداد اإلشارات مع
إزدياد اإلثارة الحسية كالتحفيزوال ُمتعة حيث يُعزى لعدم القدرة على التمييزبين التكافؤ الحسي
اإليجابي والسلبي.
سرعة نبضات القلب وسرعة تنفس الشخص ✓ التنفس و ُمعدل ضربات القلب :تُركز القياسات على ُ
حيث تم إيجاد معدل ضربات القلب لتبطيئها بشكل مؤقت عند إزدياد اإلنتباه أما التنفس العميق
والسريع ف ُمرتب ٌ
ط بال ُمتعة ,بينما يتضمن التنفس السطحي كالً من التركيزو التوتر أو الذعر والخوف.
✓ وقت اإلستجابة :إحدى الطرق التي تكشف عمليات الدماغ الالواعي في السلوك من خالل تسهيل
أو التدخل في سرعة اإلستجابة إتجاه المقارنات أو الخيارات البصرية وقياس وقت اإلستجابة وتقديم
طريقة بسيطة وسهلة إلختبار قوة الترابط بين المفاهيم ال ُمختلفة .والتي إستخدمت بطريق ٍة ناجحة من
قِّبَ ِّل ُمستخدمو التسويق العصبي في الدماغ إلختيار ال ُمنتج والغالف.
عادة ً ما تكون القياسات العصبية مبنية على إشارات الدماغ أكثر تعقيدا ً ودقةً من قياسات الجسم ,في
بعض األحيان يكون الجهد اإلضافي والتكلفة ُمرتبطان بتلك التقنيات التي تستحق كل ذلك العناء,
ثالث طرق لإلشارة تم التحدث عنها بشكل عام عند النقاش الخاص بالقياسات العصبة ُ وهنالك
للتسويق العصبي :
✓ التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي :وهذا االُسلوب هو ال ُمفضل لدى الباحثين االكاديميين
مكان داخل الدماغ .وذلك عن طريق قياس تدفق الدمٍ وذلك ألنه يسمح بالتصوير الدقيق للنشاط في أي
26
بسبب إحتواء الدم على الحديد حيث يُمكن تتبع هذا التدفق من خالل المغناطيس الضخم الذي يُحيط
بدماغ الشخص الذي تمت دراسته إن آلالت الرنين المغناطيسي الوظيفي آالت باهظة الثمن ولكنها
تتواجد في أَغلب ال ُمستشفيات و الجامعات ومراكز التصوير ال ُمنفصلة.
وال يُستغنى عنهم في إختبار النظريات الخاصة في آلية عمل الدماغ ولكن بعض ُمستخدمو التسويق
العصبي يبتعدون عن التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي بسبب تكلفته العالية والتعقيد وإختبار
البيئة اإلصطناعية فهو أمر ُمبالغ فيه بالنسبة ألبحاث السوق.
✓ التخطيط المغناطيسي للدماغ :هذه التقنية تقيس التغيرات اللحظية داخل حقل مغناطيسي يُنتجه
الدماغ وله العديد من اإليجابيات ولكنه يتطلب أكثر من مليون دوالر كتجهيز لآللية ويجب أن تكون
فائقة البرودة أي إلى ما يُقارب الصفر لتعمل وتُستخدم هذه التقنية في الدراسات األكاديمية ,ولكنها لم
تكن طريقة عملية للتسويق العصبي التجاري.
جميع تلك التقنيات سنناقشها بالتفصيل في الفصل السادس عشرحيث سنُغطي سلبياتها وإيجابياتها في
أنواع ُمختلفة من األبحاث في الفصل الثامن عشروأيضا ً سنناقش كيف أن بعض الشركات الرائدة
تقوم بدمج أنواع ُمختلفة من األبحاث -التسويق العصبي والتسويق التقليدي -ضمن هيكل تنظيمي
موحد لتقديم وحدة ُمتكاملة ونظرة ُمتعددة األبعاد إلهتمامات وسلوكيات ال ُمستهلك.
وقد ُخصص الفصل السابع عشر لموضوع التسويق العصبي والميزانية ,وقد قُمنا بشرح ثالث
إستراتيجيات يُمكن أن تُستخدم لكسب أفكارغير ُمرحب بها تتيعلق بالتسويق العصبي ألعمالك:
✓ دراسات زمن اإلستجابة :يٌمكن إستخدام برنامج ال ُمزامنة الخاص بالتوقيت لقياس زمن اإلستجابة
في األلف من الثانية ,سواء كنت تستخدم اإلنترنت أو في مختبر الكمبيوتر حيث يُمكن لدراسات زمن
االستجابة أن تقوم بتحويل األفكار غير ُمكلفة إلى عالمات تجارية أو ُمنتج ُمميز في مجال التسوق
باإلضافة إلى اإلستجابة لكل من اإلعالنات الثابتة وال ُمتغيرة.
✓ الخدمات عبر اإلنترنت ( تتبع العين وتحليل تعابير الوجه) :تستطيع الدراسات عبر اإلنترنت
اآلن أن تُدرج ُكال من تتبع العين وتعابير الوجه وذلك باستخدام كميرات خاص باإلنترنت أو كميرات
موجودة داخل الكومبيوتر ,إلى جانب تصاميم تجريبية ذكية والتعهيد الجماعي أي ُمراهنة إفتراضية
حيث تمنح هذه القدرات فُرصا ً إلختبار آالف المشاركين في الدراسة عبر
ُ لتنبؤ ب ُمخرجات السوق
اإلنترنت بأسعار زهيدة وبوقت أقل.
27
✓ التجارب السلوكية :يستمد اإلقتصاد السلوكي أفكار ومبادئ من خالل ُ
طرق الناس في إتخاذ
القرار في ظروف العالم الحقيقي ,وبذلك نُرشدك إلى كيفية إعداد وتشغيل التجارب السلوكية في
متجرك أو على موقعك االلكتروني و إختبار نتائج تكوينات مختلفة بشكل نسبي بسرعة وسهولة.
تم تخصيص الجزء الخامس للقضايا العملية واألخالقية ال ُمتعلقة بأبحاث التسويق العصبي .في الفصل
التاسع عشر حيث سنقوم بتعريف خمس جوانب عملية من دراسات االتسويق العصبي التي تحتاجها
لفهم ما إذا ُكنت ترغب بأقصى إستفادة من العمل مع أحد موردي التسويق العصبي ,وذلك ألن
التسويق العصبي مجال جديد ويجب عليك التأكد بأن المزود لديه لبنة صلبة في كل من المجاالت
التالية:
✓ التصميم التجريبي :هل تجربتك ُمصممة إلختبار كفاءة الفرضيات والسيطرة على العوامل
الخارجية التي يُمكن أن تخلط أو تطمس نتائج الدراسة ؟
✓ صحة القياس والموثوقية :إلى أي مدى تم إختبار مقاييس المورد ؟يجب اإلجابة على سؤاالن
رئيسيان ُهما :هل يقيسون فعليا ً ما قاله ال ُمزود وأكد على قياسه؟ وهل تشمل العينات الجديدة قياس
الظروف المستقبلية ؟
✓ اإلجراءات الوقائية ضد اإلستخراج العكسي :يُمثل هذا ال ُمصطح األنواع المشتركة من
اإلستخراج المنطقي في دراسات التسويق العصبي فإن كانت إشارة الدماغ (ا) نشطة ,إذا ً الحالة
العقلية للدماغ (ب) يجب أن تكون نشطة ,ولكن حتى وإن كانت الحالة العقلية للدماغ(ب) ُمتصلة مع
إشارة الدماغ (ا) فإنها ال تتبع المنطق التالي" :في كل مرة تكون إشارة الدماغ (ا) نشطة ,فإن الحالة
العقلية للدماغ (ب) نشطة" حيث يُمكن إلشارة الدماغ (ا) أن تظهر ألسباب اُخرى لذى يجب أن تكون
لدى المزود القدرة على توضيح كيفية التعامل مع تحديات اإلستخراج.
✓ الداللة اإلحصائية :ينبغي تطبيق اإلختبارات اإلحصائية المناسبة لتحديد اإلحتماالت وإن النتيجة
لم تأتي بمحض الصدفة والتعقيد ال ُمعطى للعديد من تصميم التسويق العصبي ,فاإلختبارات ال ُمناسبة
ليست بتلك السهولة.
✓ البيانات المعيارية (معايير المقارنة) :هل يُمكن للمزود توفير بيانات ترتبط قياساتها بالقياسات
السلوكية لنجاح التسويق ؟على سبيل المثال ،الشركات الخاصة بأبحاث اإلعالنات تزود الناس
ت معيارية تقارن المعايير ال ُمسجلة على قياسات المبيعات منتج ما أو قياسات أداءٍ آخر فيببيانا ٍ
ُ
األسابيع األخرى ويتم إختبار اإلعالنات التي تم عرضها ُمسبقا ً .وما هي نوعية البيانات المعيارية
ي أن يمتكلها إلظهار القيمة التنبؤية للقياسات ؟
التي على مزود التسويق العصب ّ
28
تقوم بمراجع ٍة بسيطة ،ولكنها تكون حاسمةً (قائمة مراجعة ما قبل الطيران) قبل
ونحن نحبّذ بأن َ
اإللتزام بأي دراسة للتسويق العصبي ،على قائمة المراجعة أن تحتوي على خمسة أسئلة :
ي المناسب ؟
✓ هل لديك التصميم التجريب ّ
✓ هل تقوم بأخذ عينة من السكان المناسبين ؟هل تعلم كيف ستقوم بإستخدام نتائجك ؟
ومع المعلومات التي تمت تغطيتها في هذا الكتاب ،نحن نعتقد بأنك سوف تكون ُمجهزا ً بالكامل
لإلجابة على جميع تلك األسئلة ،وأن تقوم بإجراء دراس ٍة صالحة موثوق بها للتسويق العصبي
.وسنقدم المزيد من التفاصيل حول كل سؤال في الفصل العشرين .
درسان في تَعَلُ ِّم كيفية تحقيق النجاح مع دراسات التسويق العصبي :كيف تختار الشريك
ِّ ال يزال هناك
ال ُمناسب ؛لمساعدتك على إجراء بحوث التسويق العصبي ،وكيف تتأكد من معرفة أي دراسات
التسويق العصبي قامت بتلبية أعلى المعايير األخالقية .
وفي الفصل الحادي والعشرين ،سنتطرق إلى كيفية إختيار شريك التسويق العصبي األفضل لتلبية
إحتياجاتك ،وكلما نما هذا المجال سنشهد فيه ظهور نوعان من الشركاء التي يمكن أن تأخدهم بعين
اإلعتبار :
✓ موردّو التسويق العصبي :هي الشركات التي تقوم بإجراء دراسات التسويق العصبي من أجلك،
بإستخدام منهجيا ٍ
ت من إختيارهم ،ويأتي كل مزود بخبرته وبتجربته ليضعها في دراستك ،ويميل
المزودون إلى العمل بشكل ُمنعزل عن بعضهم البعض .
✓ مستشارو التسويق العصبي :هي سلسلة مختلفة من ُمقدمي الخدمة والذين بدأوا بالظهور على
ساحة التسويق العصبيُ ،مستشارو التسويق العصبي ال يقومون بإجراء الدراسات بأنفسهم ،ولكنهم
يقدمون النصح والمشورة للشركات والمؤسسات التي ترغب بإجراء دراسات التسويق العصبي أو
ث أكبر ولكن بحاجة إلى شريك لمساعدتهم للقيام بالعديد من األُمور التي تم تغطيتها فيلبرنا َمجِّ أبحا ٍ
كتابك :إختر المزود(ون) المناسب(ون) ،إسأل األسئلة الصائبة ،قم باإلشراف على المشروع ،قدم
تفسير ُمستقل للنتائج ،قد يتصرف ُمستشارو التسويق العصبي في بعض األحيان كمقاولين يقومون
بتجميع فريق البحث ،و يقومون باإلشراف على المشروع ،وأيضا ً يقومون بالمساعدة في دمج النتائج
مع عملية إتخاذ القرار الخاصة بعملك .
29
التفاصيل حول هذين النوعين من الشركاء باإلضافة إلى السلبيات واإليجابيات ال ُمتعلقة بإختيار أحدهم
ستت ُم مناقشته في الفصل الحادي والعشرين ،وفيما يتعلق ببعض مستخدمي التسويق العصبي
ي وليس المنهجي أو التنظيمي ؛ويُعزى ال ُمحتملين ،تتمحور القضية األكثر أهمية حول إعتماده األخالق ّ
ذلك للخالفات التي لحقت بالتسويق العصبي على مر السنين فالكثير من ال ُمسوقين يرغبون في معرفة
سس األخالقية والمعايير التي ترتكز عليها ما إن كان التسويق العصبي يرتكز على نفس األ ُ
تخصصات أبحاث السوق االخرى .
وفي الفصل الثاني والعشرين ،سنقوم بتلخيص مجموعة من الضمانات والمبادئ األخالقية التي يُ ْعتقد
بأن على جميع المزودون التحلي بها لنضمن سالمة كل الدراسات ،وأنه تم تصويرها بدقة ،وأنها
جديرة ٌ بالثقة .
والعديد من هذه الضمانات والمبادئ بدأ العمل بها من قِّبل البعض-بما في ذلك تمييز الذين يتمتعون
بصفات أخالقية، -وقد قمنا بتلخيصهم تحت ثالثة مبادئ رئيسة :
✓ حماية حقوق بحوث المشاركين التي تضمن السرية ،واإلفصاح التام ،والسالمة ؛تماشيا ً مع
المبادئ اإلرشادية لمواضيع اإلنسان الخاصة ووزارة الخدمات اإلنسانية والصحة األمريكية
والهيئات والمنظمات األخرى حول العالم .
✓ تقدم أبحاث ونتائج عادلة بمنتهى الدقة في جميع وسائل اإلعالم واإلتصاالت التسويقية .
✓ تقديم دليل على الصحة والموثوقية بجميع المقاييس العصبية ،والحيوية للمشتريين ال ُمحتملين
لخدمات التسويق العصبي .
وباإلضافة إلى ذلك كله ،فقد ناقشنا بروز معايير الصناعة الخاصة بالتسويق العصبي من المنظمات
البحثية مثل ، ESOMAR (www.esomar.org) :ومؤسسة بحوث اإلعالن ( ;ARF
، )www.thearf.orgوقد قمنا بالنظر بالتفصيل إلى ُمبادرة المعايير العصبية لبحوث اإلعالن التي
تم إطالقها من خالل ARFوبرعاية بعض ال ُمعلنين األكثر في العالم .
وأخيراً ،قمنا بإعادة النظر في بعض المسائل القانونية واإلجتماعية والسياسية الهامة المتعلقة
بالتسويق العصبي ،إستنادا ً إلى األدلة التي قمنا بجمعها في هذا الكتاب ،وهي أن التسويق العصبي هو
شكل قانوني ألبحاث السوق التي ستستمر باإلزدياد الشعبي ،وتقديم قيمة للتسويق كمجتمع ،وهو ليس
غسيل للدماغ أو مؤامرة لجعل الناس يفرطون في الشراء أو اإلستهالك ،واآلن هو بحاجة إلى أن يتم
اإلشراف عليه بنفس المعايير األخالقية كأي منهجية بحثية أُخرى ،ونحن متفائلون فيما بتعلق
بمستقبل التسويق العصبي ،واألمان بأنه يمكن أن يكون مصدر خير للمجتمع ،ونغلق الجزء الخامس
بمناقشة ثالثة مجاالت ،حيث يمكن للتسويق العصبي أن يؤثر إيجابيا ً على السياسة العامة ،الخدمات
العامة ،تصميم السياسة العامة ،التنفيذ ،والتعليم .
30
التسويق العصبي :هو طريقة جديدة للتفكير في التسويق ،وقد برز ذلك خالل العقد الماضي ؛ويعزى
ذلك لطرح التسويق العصبي –بخاصة المجاالت الخاصة بعلوم الدماغ ،االقتصاد السلوكي ،وعلم
النفس اإلجتماعي– بصورة جديدة عن كيفية تفكير الكائنات البشرية وكيف تقرر وتتصرف في العالم
ت ال أكثر ...قبل هذه الصورة التي سيتم تطبقها على سلوك المستهلك، الحقيقي ،وما هي إال مسألةُ وق ٍ
كما سنعرض لكم في الفصل الثاني ،والذي يخبرنا الكثير عما كنا نظن أنه صحيح ِّحيال تفكير
المستهلك والسلوك وهو في واقع األمر خاطئ ...
31
الفصل الثاني
ما نعلمه اآلن هو ما لم نعلمه سابقا ً
✓ التفكير في الناس على أنهم مستهلكيين بديهيين ،وليس على أنهم مستهكون عقالنيون .
فِّهم التسويق العصبي على أنه :قبول بعض األفكار الجوهرية الجديدة والتي هي مختلفة كل اإلختالف
عن الطرق التقليدية عن التفكير بالمستهلكين ،التسويق ،واإلعالن ،يتطلب التسويق العصبي من
المختصين النظر إلى ما يقومون به بطريقة مختلفة .
في هذا الفصل ،سنقوم بإعطائك جميع األساسيات التي تحتاجها لمعرفة جميع طرق التفكير القديمة،
والطرق الجديدة التي أدت إلى ظهور التسويق العصبي ،وقد بدأنا بالنظر إلى اإلعالنات ؛ألن أبحاث
اإلعالنات كانت أول نوع من أنواع أبحاث التسويق ظهورا ً .واستعرضنا كيف كان الناس ينظرون
إلى اإلعالنات لسنوات ،وبهذا فنحن لدينا فكرة عن كيفية تطور هذا النوع من البحوث ،وتبين لنا بأن
هذا النوع من البحوث كان مبنيا ً على ت ّ
صور كيفية تفكير المستهلك وكيفية إتخا ِّذ ِّه للقرارات وهذا ما
يُسمى بالنموذج اإلستهالكي العقالني ،ومن ثم سنعرض لكم ما توصل له علم الدماغ وعن كيفية
تفسير وإدراك الناس للعالم ؛ألنك عندما تفهم ذلك ستعلم لما التسويق العصبي قد برز بين العلوم
الجديدة .وأخيرا ً سننهي هذا الفصل بإقتراح طريقة جديدة للتفكير بنموذج المستهلك البديهي .
يطمح السيد سبوك إلى أن يصبح مستهلك عقالني باحث وصاحب قرار منطقي ،وفي الغالب بسبب
إثارة زميله (الدكتور م ّكوي) ،والطبيب ال ُمعالج في السفينة ،الذي يعتمد على مشاعره في إتخاذ
سدون دور (الدكتور م ًكوي) أكثر من (السيد سبوك) ،كانالقرارات ،وبالرغم من أن ال ُمستهلكين يج ّ
نموذج المستهلك العقالني هو المعيار الذهبي لعدّة سنوات ،مع األخذ بعين اإلعتبار الخصائص
المنطقية للسيد سبوك ،وهذا بالفعل يمكن تضيفه لتجربة التسوق :
ُ
يبحث دماغه عن المعلومات فيُخزنها ،ويقوم ✓ يفكر السيد سبوك في مدى توفر المعلومات :
بإسترجاعها إلتخاذ القرارات ،وليس للعواطف أي دور ُمهم في كل تلك العمليات .والسيد سبوك على
دراي ٍة بالعالمات التجارية والمنتجات ،ألن دماغه يجمع المعلومات ويتذكرها طوال حياته .
✓ يُمكن للسيد سبوك إسترجاع هذه المعلومات بالكامل وبشك ٍل دقيق ،في أي لحظة حينما يتعرض
لموقف مشابه له حيث يعمل دماغه تماما ً كالقرص الصلب في الحاسوب .
✓ يحدد السيد سبوك تفضيالته بعقالنية بين أي مجموعة من البدائل ،تكون تفضيالت السيد سبوك
واضحة ال لبس فيها ،وثابتة ( طالما خصائص هذه البدائل ثابتة ) .
✓ يستخدم السيد سبوك حسابات التكلفة والعائد إلتخاذ القرارات المتعلقة بالشراء وهذه الحسابات
يتم تحديدها ،على سبيل المثال :أن السيد سبوك سيحجز العالمة التجارية (أ) أو (ب) في عربة
التسوق .
✓ يُمكن ألفضليات السيد سبوك أن تتغير في حالة واحدة ،أال وهي تقديم معلومات جديدة تقوم
بتغيير ُمعتقداته عن ال ُمنتجات فتؤثر على سلوكه فتغيره ،إن كان ُمقتنعا ً بأن معتقداته السابقة خاطئة
.
✓ وسائل اإلتصال الخاصة بالتسويق واإلعالن :هي عبارة عن رسائل تقدم حجج منطقية
صمم إلقناع السيد سبوك
وعقالنية عن العالمات التجارية والمنتجات ووسائل االتصال :كل ذلك ُ
حتى يختار المنتج (أ) عن المنتج (ب) في حالة الشراء .
✓ الحالة الوحيدة التي من الممكن أن تؤثر على السيد سبوك هي إسترجاعه بوعي حججهم
ال ُمقنعة :فعند تذكره إياهم ،يمكن أن يقوم بتطبيقها في قرار الشراء وحسابات التكلفة والعائد .
33
علم األعصاب الحديث ،وعلم النفس اإلجتماعي ،وعلم اإلقتصاد السلوكي قدموا إعتراضات قوية
أثر على
على ك ٍل من هذه اإلفتراضات ،وفي القسم التالي ،سنعرض كيف أن لهذه اإلفتراضات ٌ
أبحاث التسويق واإلعالن ألكثر من قرن .
الرواد األوائل لبحوث التسويق واإلعالن كان البد أن يكون لديهم شيء ُمشابه لهذا النموذج العقالني
في العقل عندما قاموا بصياغة النظريات األولى لـ "فعالية اإلعالن" في بداية القرن العشرين ،وقد تم
إشتقاق هذه النظريات من أفضل نموذج اإلقناع الناجح في ذلك الوقت أال وهم مندوبي المبيعات .
في عام ،1903كان تعريف اإلعالن شهيرا ً باسم " فن البيع في الطباعة " ،واإلعالن األكثر من
هؤالء في األيام األولى كان ُمصمما ً لتحفيز مندوبي المبيعات ،بنقل رسالة مقنعة بسرعة بهدف
مشتر .
ٍ تحويل العميل المحتمل إلى
ي ،وعمليةٌ مبنية على المعلومات ،حيث ال يوجد مكان كان ينظرللبيع عبر اإلعالن على أنه عقالن ّ
إلستئناف العواطف أو ما نسميه " اإلبداع " في اإلعالن .كمندوب المبيعات الجيد ،يكون اإلعالن
جيدا ً على قدر المعلومات المطلوبة ،وتقديم الحجج المقنعة لل ُمنتج ،ومن ثم شر ٌح عن كيفية شراء
ال ُمنتج ،هذه هي الطريقة التي يعمل بها .
نموذج الـ (: )AIDAهو أول ترجمة لنظرية المبيعات إلى نطرية إعالنات ،وهي عادة ً ما تُنسب إلى
أمور
(إلمو لويس) الذي صاغها في كتابات عدّة على مدى العقد األول من القرن العشرين ،وكانت أفكار
لويس تدور حول أن التسويق يعمل من خالل التسلسل الهرمي للجهود التي يجب أن تُبذل بنظام ثابت
تقنية
لتقديم نتائج إيجابية .وإختصار هذا النموذج هو (ُ )AIDAمشتق من كل هذه الخطوات االربع:
.1اإلنتباه (: )Attentionأوالً إجعل زبونك على إطالع تام بمنتجك .
.2اإلهتمام (: )Interestبعد ذلك ،قم بإثارة فضول المستهلك من خالل إثبات مزايا وفوائد ُمنتجك .
.3الرغبة (: )Desireبعد ذلك ،تقنع زبونك بأنه يريد أو حتى يرغب بمنتجك حتى يُلبي إحتياجاته .
.4الفعل (: )Actionوأخيراً،يتولد لدى زبونك دافع للقيام بالتصرفات التي تجعله يشتري ُمنتجك .
وقد تطورت العديد من النماذج األخرى منذ ذلك الوقت من خالل األكاديميين وال ُممارسيين الذين
قدموا أنواعا ً ُمختلفةً من نماذج التأثير على شكل تسلسل هرمي ،وكانت كلها أشكاالً ُمختلفة عن
نموذج الـ AIDAاألصلي ،فعلى سبيل المثال :في عام 1961كتب (روجر كولي) "إن اإلعالنات
34
تنقل الناس من الجهل إلى الوعي ومنه إلى الفهم ومنه إلى اإلدانة ومن ثم إلى الرغبة ومن ثم إلى
الحدث" .
وكل هذه الصيغ لنجاح الدعاية ت ُ ْعرض على المستهلك على أنه معالج معلومات عقالني كالسيد سبوك
.أثارت المعلومات اإلنتباه ،ثم ولّدت اإلهتمام ،فقادت إلى الرغبة ،وحفزت القيام بالفعل ،وخدعة
الدعاية فيما بعد التسويق ،إلرسال رسائل إلى ال ُمستهلك والتي توجه هذه الرحلة من الجهل إلى
الشراء ،وخدعة أبحاث التسويق واإلعالن وفي المقابل ،كان يستخدم لقياس ما إن كانت هذه اآلثار
تحدُث .
ت مختلفة ؛إلختبار فاعلية التسويق ت ومنهجيا ٍ طور وصقل الباحثون أدوا ٍعلى مدى القرن الماضي ّ
واإلعالن من خالل أ ُ ٍ
سس ومبادئ تم تغطيتها في األقسام السابقة ،وذلك إلعتقاد الباحثين بأن
المستهلك العقالني ُمرتبط بالوعي والحسابات العقالنية ،والطريقة الطبيعية بالنسبة لهم لمعرفة المزيد
عن تلك الحسابات كانت بطرح األسئلة على المستهلكين عن األُمور التي كانوا يفكرون بها .
هنالك ثالثة منهجيات تقليدية تعد حجر األساس ألساليب أبحاث السوق التقليدية التي أُستُخدمت لجمع
المعلومات عما يُفكر به المستهلك إتجاه الرسائل ،المنتجات ،والعالمات التجارية :
تذكّر
التسوق
ّ ✓ ال ُمقابالت :ألساليب إجراء ال ُمقابالت طرق متنوعة وواسعة ،تبدأ من إعتراض مراكز
حتى ال ُمقابالت ال ُمعمقة وال ُمركزة ،التي تتحقق من المصادر العميقة لمعرفة رغبات ال ُمستهلك
وإحتياجاته .
وبالتفاعل ال ُمباشر بين الحالة (الشخص الذي يتم إجراء المقابل ِّة معه) ،وال ُمحاور (الشخص الذي
يطرح االسئلة) .
✓ مجموعات النقاش :هي إمتداد إلجراء ال ُمقابالت ،فبدالً من إجراء ال ُمقابالت ل ُمستهلك واحد،
تَجْ ِّلب المجموعات المحورية مجموعةً من ال ُمستهلكين تحت إشراف ُمشرف يقوم بتوجيه نقاش
المجموعة حول موضوع قيد البحث ،مثل :إعالنات ال ُمرشحين ،أو مقارنة العالمات التجارية
علي للنقاش الذي سيكشف عن أفكار إضافية للمنتجات في فئة معينة ،الفكرة تكمن في الطابع التفا ُ
إلجراء المقابالت مع المستهلكين وبذلك ستغيب العُزلة .
✓ إستطالعات ال ُمستهلك :هي إستبانات ُمنظمة ُمصممة و ُمدارة بهدف إستخالص إجابات عن
األسئلة بطريقة ُمعممة ومراقبة اإلجابات بشكل سليم ،يمكن لإلستطالعات(اإلستبانات) تقدير رأي
الماليين من الناس يشكل دقيق من خالل عينة من المئات فقط .
35
عمل اإلستطالعات(اإلستبانات) بالذهاب إلى منزل ال ُمستهلك أو عبر الهاتف أو حتى عبر اإلنترنت،
وهذا األسلوب هو الدعامة األساسية ألبحاث السوق منذ أربعينيات القرن العشرين .
طرق تشترك بسمتين مهمتين :اإلعتماد على تقارير النفس اللفظية (ما يقوله الناس) جميع هذه ال ُ
؛لتحديد توجهاتهم ،أفضلياتهم ،وسلوكهم ،واإلعتماد على ذاكرة الناس في اإلستذكار بشكل دقيق ما
قاموا به أو ما كانوا يفكروا به في ال ُمستقبل .
الجميع في مجال أبحاث السوق يعلمون بأن قياسات التبليغ الذاتي –سواء أكان ُمستمد من ال ُمقابالت،
المجوعات المحورية أو اإلستطالعات-في الغالب تقدم نتائج ُمضللة ،-تُرسل الباحثين في إتجاه
خاطئ ،والنتيجة في اإلعالنات ليس لها أي تأثير حتى على المنتجات التي ما زالت ُمكدّسة على
الرفوف .
يميل باحثو التسويق التقليدي لرؤية المشاكل التي يُمكن حلها بأساليب أفضل باإلضافة إلى الرقابة،
على سبيل المثال :صيغة األسئلة األكثر ذكا ًء في اإلستطالع ،أو عينات تمثيلية أكثر للمستهلكين الذي
ي
يتم إجراء اإلستطالع عليهم ،وهذه التطورات والتحسينات جديرة باإلهتمام ،وال زال لها تأثير إيجاب ّ
على النوعية والفائدة لتلك المنهجيات .
يأخذ الباحثون التسويقيون وجهة النظر األكثر عقالنية وينظرون إلى األُمور بنظرة ُمختلفة نوعا ً ما،
حيث يُميزون عددا ً من العيوب في نموذج اإلبالغ الذاتي التي ال يُمكن حلها في التحسينات الثابتة،
تتمحور هذه العيوب حول مفهوم إمكانية الوصول .
تفترض قياسات التبليغ الذاتي –بإتباع نموذج ال ُمستهلك العقالني -بأن الناس لديها قابلية وصول
كم هائ ٍل من
عقالنية لحالتهم العقلية (وهذا هو المفتاح ،هم يعلمون ما يعلمون) ،وقد تبيّن من خالل ٍ
األبحاث بشكل قاطع بأن الناس فعليا ً ال يعلمون ما يعلمون ،في الحقيقة -في األغلب -ال يعلم الناس
السبب الحقيقي وراء قيامهم باألعمال ،أو إتخاذهم موقف أو رأي ُمعينين .عملياتهم العقلية التي
ي.تنطوي على اإلدراك ،والتقييم ،والحافز يمكن أن ال يصل أبدا ً لمرحلة الوعي اإلدراك ّ
هذه هي ال ُمشكلة الرئيسة لبحوث السوق الذي يُعالجه التسويق العصبي ،بجلب أفكار علم الدماغ إلى
عالم المستهلك الخاص بمواقفه وسلوكه ،والتسويق العصبي يبني مجموعة من أساليب األبحاث
ت أكثر واقعية والنماذج التي تكمن وراءها أدوات أبحاث السوقوالمنهجيات التي ترتكز على فرضيا ٍ
التقليدية .
36
كيف يرى ويفسر الناس العالم
بالتناقض مع النماذج السابقة ،التسويق العصبي الحديث ،وعلم النفس االجتماعي واالقتصاد
السلوكي ،يعطينا فهما ً واقعيا ً ولكنه أكثر تعقيدا ً لطريقة تفكير الناس وكيف يقررون ويتصرفون في
العالم الحقيقي .
في هذا القسم ،نُقد ُم نسخةً مبسطةً من هذا النموذج الجديد ،الذي ال يحتوي الفروق البسيطة التي
ض كيف أن التسويق العصبي والتخصصات التي لها تطرق لها الباحثون األكاديميون ،ولكنه يَ ْع ِّر ُ
صلة توفر أساسا ً أكثر عقالنية للنظر إلى تفكير وسلوك المستهلك ،لدى نموذجنا أربع خطوات رئيسة
(أنظر إلى الرسم التوضيحي: )1-2
1تشكيل اإلنطباعات :كلما تفاعلنا مع العالم من حولنا ،يستقبل دماغنا اإلنطباعات التي
نأخذها من خالل حواسنا .
2تحديد المعنى والقيمة :نحن نحدد المعنى والقيمة من اإلنطباعات التي نُشكلها بعمل
إتصاالت عقلية سريعة لألشياء األُخرى التي قمنا بتخزينها في الذاكرة .
3المداولة والتحليل :نحن نقوم بالمداولة والتحليل من خالل اإلنخراط في محادثات عقلية
داخلية مع أنفسنا .
4التصرف والتحدث ُ :
نحن نعبر عن أنفسنا من خالل التحدث والتصرف ،وبذلك ننخرط في
ي.
السلوك فعل ّ
ِّ
تحديد
التداول التحدث
من انطباع المعاني
والتحليل والتصرف
والقيم
37
من الالوعي الوعي
هذا النموذج يساعدنا على فهم األدوار التي قمنا بها بعمليات الدماغ سواء أكانت في الواعي وفي غير
الواعي ،كيف نتفاعل :
✓ تقوم أنظمتنا الحسية بخلق إنطباع بطريقة ال-واعية :نحن ال نملك القدرة للوصول للواعي
لكيفية حصول أدمغتنا على المعلومات البصرية والسمعية والحسية األخرى ،وكيف يقومون بتحوليها
إلى مشاهد وأصوات وروائح ُمدركة .
✓ وبالمثل ،كيف نحدد المعاني والقيم من خالل ربط اإلنطباعات بمفاهيم أخرى وأفكار في ذاكرتنا
بعيدة األمد التي تحدث خارج وعينا .
✓ التداول والتحليل هي في الغالب عمليات ُمدركة ويتضمنو مجموعة واسعة من األنشطة الفكرية
ونحن ندرك ُمباشرة األشياء ،مثل :الحفظ والتذكر والحساب والتخطيط .
✓ الكالم والتصرف هما في الغالب أعمال ُمدركة والتعابير هي سلوكيات والتي يتم رصدها من قبل
االخرين ،من خالل سمعه ورؤيتهم لنا .
هذا النموذج البسيط لديه بعض اإلختالفات ،وإلثارة اإلهتمام ،فإنه يمكن الوصول من تحديد المعنى
والقيمة إلى الحديث والتصرف دون تدخل التداول أو التحليل ،هذا ما يعنيه الناس عادة ً بـ "القيام
بشيء ما دون التفكير فيه" ،أمثلة تتضمن تعلم المهارات ،مثل :الغوص وركوب الدراجة .
تعطي "الفطرة السليمة" المعدل من غير العلماء بأن أعيننا وآذاننا تتصرف ك ُمسجالت الفيديو،
يُ ْنشِّؤون تسجيالت واضحة للعالم من حولنا ،ومن ثم ندخل إلى ذاكرتنا حيثما نريد ،الشعور الذي
نملكه جميعنا في عقلنا الواعي هو الذي ندرك بواستطه كل شيء حولنا بمنتهى الدقة بشكل مباشر
وحيادي .
ولكن علم الدماغ الحديث يحكي قصةً ُمختلفة :إنطباعات الناس عن العالم أساسا ً تم إنشاؤها من خالل أمور
العمليات غير ال ُمدركين لها -تختلف تماما ً عن اإلشارات الجسدية التي تتدخل فيها أعضائهم الجسدية-
تقنية
،فعلى سبيل المثال :الصور البصرية التي تتمثل في الجزء الخلفي من عين اإلنسان هي في الحقيقة
38
تتكون رأسا ً على عقب ،ولكن أدمغتنا تقلبهم تلقائيا ً إلى الشكل الصحيح وبذلك نتمكن من رؤية العالم
صلحاً ،وقد وضع ال ُمجربون نظارات مقلوبة رأسا ً على عقب على أشخاص في التوجيه األكثر ُ
إلختبار هذه القدرة ،فبعد عدة ساعات ،قلب الدماغ الصورة المرئية إلى الوضع الصحيح ،وعند خلع
النظارات ،أُعيدت الصورة إلى شكلها الصحيح مجددا ً بعد عدة ساعات .وعملياتنا اإلدراكية الالواعية
ليست فقط تتدخل في تشكيل اإلنطباعات ،ولكن تمأل الكثير من التفاصيل نحن ال ندركها فعليا ً بشكل
ُمباشر ،فعلى سبيل المثال :يمكن لعينيك التركيز فقط على منطقة صغيرة جداً ،ولكن إذا مددت
ذراعك لألمام ،فسيتكون إنطباعك هو أن مجال الرؤية بالكامل واض ٌح وعند التركيز فإنك تخلق هذا
اإلستمرار(المتابعة) تلقائية وبسرعة فائقة ويتحرك تركيزك حول مجال
ُ اإلنطباع وتكون عملية
الرؤية بالكامل .ومن ثم يجمع دماغك كل تلك اإلنطباعات الصغيرة ويحولها إلى إشارة ،وإلى صورةٍ
مستقرة وهي ما تراه انت كصورة كاملة وواضحة .
حتى وإن كان ذلك اإلنطباع يتضمن الكثير من التعبئة التلقائية ،يعزى ذلك إلى عدم إمتالكنا للوقت
الذي يُم ّكننا من إدراك المجال بالتزامن مع سرعة تغير هذا المجال .
تشكيل اإلنطباعات ُمه ٌم جدا ً للتسويق العصبي ،إذا كانت إنطباعاتنا عن العالم يتم إنشاؤها بشكل كبير
تذكّر
ت تجذب وتؤثر في عقولنا لذلك فالمسوقون يريدون في أدمغتنا ،والمسوقون يريدون أن يبنو إنطباعا ٍ
معرفة العوامل المؤثرة على عملية خلق اإلنطباعات ،عند رؤيتنا إلعالنات مطبوعة في مجلة أو
لوحات إعالنية موجودة على طول الطريق السريع ،ما الذي نراه فعليا ً ؟ما الذي يلفت إنتباهنا ؟وما
الشيء ال ُمرجح أن نتذكره ؟
ألدوات وتكنولوجيا التسويق العصبي الجديد القدرة على اإلجابة على هذه االسئلة بطرق جديدة ،دون
الحاجة لسؤال الناس بشكل ُمباشر .
كان علماء النفس األوائل يفكرون في التصور كجزء آخر لإلدراك أو اإلنطباع .وافترضوا أنه عندما
يرى الشخص كلباً ،فإن إدراك الكلب كان جزءا ً من رؤيته فقط .ما يُخبرنا به علم الدماغ الحديث هو
أن عملية تشكيل المفاهيم هي بغاية التعقيد وبعيدة عن الوضوح ،وتنطوي على ترابطات شبكية
سريعة وتلقائية من الذكريات إلى اإلنطباع .
والنتيجة ،هي أن الناس -في العادة -ت َ ْشعُ ُر بأنهم يعلمون ما يبحثون عنه بشكل آني ،وذلك عندما تتلقى
أدمغتنا اإلنطباعات عند حافة التصنيفات الضمنية ،نصبح فعليا ً ُمدركون للتجهيزات العقلية المعنية،
39
فعلى سبيل المثال :يمكنك بالعادة تمييز الرجل من المرأة دون جهد عقلي .ولكنّا جميعنا تعرضنا
لمواقف رأينا فيها شخصا ً ولم نكن ُمتأكدين فيما كان ذكرا ً أم أنثى ، )Saturday Night Live(.
هي مسرحية هزلية تدور حول هذا الموضوع فالشخصية (بات) عندما تقابل شخصا ً ليس واضحا ً
فيما إن كان ذكر أم أنثى كالخفاش مثالً ،تجد نفسك تبحث عن سمة له كشكل الجسم ،أو عمق الصوت
،إلخ.
التصور (عملية التشكيل وتعزيز المفاهيم) وهي عملية التعلم .وهي ُمهمة للمسوقون ؛ألنها تُساعدهم
تذكّر
على فهم طريقة عمل العالمة التجارية ،وهي العنصر األساسي للتسويق واإلعالن ،العالمة التجارية
(أ) أساسا ً لها مفهوم :بأنها مزروعة بعناية داخل الشبكة العقلية لإلرتباطات الذهنية وتتضمن
ال ُمنتجات ،الشركات ،اإلتجاهات ،المعاني ،التطلعات ،واإلرتباطات األخرى .ت ُ ْن ِّفق الشركات مليارات
الدوالرات كل سنة ،في محاولة لتقوية الروابط اإليجابية لعالمتهم التجارية ،ولكن بسبب عملية
تشكيل المفاهيم التي تحدث بشكل كبير خارج اإلدراك الواعي ،ال يمكن للمستهلكين أن يُعبر بسهولة
سواء عن وجود تلك الترابطات أو قوة القرابة أو قوة التحمل .
قام التسويق العصبي بإعطاءنا أدوات جديدة إلستكشاف ورسم الخرائط الخاصة بشبكة المفاهيم أمور
المحيطة بالعالمات التجارية والمنتجات التي في أذهان المستهلكين .أليكم اثنين من هذه العمليات
تقنية
الدماغية التي تُساعدنا على القيام بذلك .
✓ التسهيل :عندما نأتي بفكرة لإلدراك الواعي ،فإن دماغنا يُسهل المفاهيم المرتبطة بالفكرة داخل
ي ،وهذه المفاهيم المرتبطة ال يتم جلبها لإلدراك الواعي ُمباشرةً ،ولكنها في الواقع
الذاكرة بشكل تلقائ ّ
يتم تحضيرها للتفعيل اإلدراكي -إذا لزم األمر. -
✓ التقدير الطبيعي :هذا يعود لقدرة الدماغ على إرفاق العديد من السمات ،أو الخصائص بشكل
ي وغير واعي ٍ لتصور األجسام -وبعضها ما هو إال خصائص فيزيائية كالحجم ،المسافة، تلقائ ّ
،وإرتفاع الصوت ،ولكن البعض اآلخر مجردا ً بشك ٍل أكبر -ويمكن أن يكون له تأثيرا كبيرا ً على
سلوكيات ومواقف المستهلك ،مثل :التشابه ،الميول السببي ،الجدية ،التقييم العاطفي (حب الشيء أو
عدم حبه) ،والمزاج .
يُنتج التسهيل إشارات ُمميزة للدماغ يُمكن أن تُستخدم لتحديد قوة العالقة بين المفاهيم حسب تفعيلها
.وهذا يُنتج األُسس لقياسا ٍ
ت جديدة لل ُمنتج والعالمة التجارية وال ُمرتبطة في دماغ الُمستهلك ،وأدوا ٍ
ت
جديدة لرصد تأثير التسوق واإلعالن على مفاهيم العالمة التجارية على مر الزمان .
التقييم الطبيعي ل ُحب الشيء أو عدم ُحبه (التقييم العاطفي) :هي عملية خاصة ومهمة التي يتصرف
بها اإلنسان لعدد ال يُحصى من المرات في كل يوم لتحديد قيم ِّة األشياء والمواقف التي تواجههم ،وقد
40
أظهرت التجارب بأن اإلنسان يُمكنه أن يُترجم اإلستجابة العاطفية اإليجابية أو السلبية إلى نهج ،حتى
إبطال رد الفعل الجسدي (على سبيل المثال :الميل إلى األمام أو بعيداً) في أقل من ربع ثانية كل هذا
دون إدراك واعي ٍ لما يقومون به .
تشكيل المعاني والقيم ينطوي تحت عمليات الدماغ اإلبداعية والتي تسمح لنا أدوات وطرق التسويق
العصبي بإظهارها وقياسها تلقائيا ً من المرة األُولى ،وإطالة النظر إلى هذه العمليات الإلدراكية يُنشئ
لفهم أعمق للعمليات اإلدراكية التي سنناقشها في القسمين التاليين :المداولة ،التحليل،إمكانية أكثر ٍ
التحدث ،والتصرف .
قبل إكتشاف الالشعور ،كان الناس يدركون بأن لديهم إمكانية الوصو ِّل الفكارهم ،مشاعرهم أو على
األقل القدرة للوصول بشكل كافٍ للتعبير بشكل دقيق عن ُمالحظاتهم ال ُمتعلقة بالحاالت الذهنية
الداخلية .وفي عملية التداول ،يطلب الناس -بشكل بسيط -من عقولهم تحديد ما الذي يفكرون به أو
يشعرون به حيال شيء ما ،كان باحثو السوق يعتقدون بأن هذه العملية كانت دقيقة بما يكفي لتقديم
التوجيه الجيد لمواقف وأفعال ال ُمستهلكين ال ُمستقبلية المتوقعة ،وبذلك فإن العديد من عمليات صناعة
ي قد تولدت .
البحث اإلستطالع ّ
وقد هدم علم الدماغ الحديث هذا اإلفتراض الذي يولّد التفاؤل ،يُمكن للناس إسترجاع بعض األُمور
بدقة كبيرة ،كأحداث الحركة الجسدية الحديثة نسبياً ،مثل :هل أخرجتُ القمامة البارحة ؟ ولكننا
وبشكل ملحوظ سيئون في تحديد أسباب سلوكياتنا من خالل ال ُمداوالت ،وهذا ال يعني أننا كثيروا
النسيان ولكن ألن هذه األسباب تحدث خارج إدراكنا الواعي ،ولم ننساهم ،ولكننا ال نعلم ما الذي
كانت عليه في المكان األول ،وال زال الناس يستخدمون المداوالت بكثرة في كل لحظة في كل يوم،
ي ،وتفعيل سلسلة من األنشطة العقلية ،مثل :
حوار داخل ّ
ٍ وينخرطون في
✓ التخطيط " :سأحضّر المعكرونة ،علي إحضار القليل من صلصة الطماطم عند عودتي من
العمل" .
✓ تتشكيل النوايا " :سأحضر بعض المثلجات أيضاً ،في العادة آخذُ نكهة الفانيال ،ولكني اليوم أشعر
بالحماسة ،لذلك سآخذ نكهة الشكوالتة" .
41
✓ التقييم/الحكم " :الموظف الذي في البقالة كان وقحا ً جداً" .
✓ التبرير :يجب أن أكون بمزاج سيء هذه الليلة على العشاء ؛بسبب الحادث ال ُمزعج الذي وقع في
البقالة".
خطأ واحد إقترفه نموذج المستهلك العقالني ،هو إفتراض أن معظم التقييمات واألحكام تتولد من تذكّر
خالل مداوالت واعية ،وبذلك يمكن أن يتم إمساكهم فيما بعد عن طريق الرد على عمليات الفكر في
ي ،ولكن الكثير من األبحاث تظهر بأن الكثير من المداوالت يمكن أن تكون ُمكرسة ي ذات ّ
تقرير لفظ ّ
ٍ
ُ ً
لتبرير التقييم بدال من إنشائه .كما هو الحال مع اإلنطباعات ،فـتقيماتنا وأحكامنا تتولد بشكل كبير بال
ي ،ومن ثم يتم تقليلها بواسطة التداول ،ويتم توضيحها من خالل التحدث والتصرف بعد الحقيقة . وع ّ
ولكن في بعض األحيان يبدو أن الناس يريدون القفز من المفاهيم إلى األفعال ،مع القليل من التداول
فيما بينها ،هنالك نوعان من الظروف الرئيسة والتي ينبثق عنها ذلك :
ت ال ُمكتسبة :المهارات ال ُمكتسبة هي قدرات نتعلمها من خالل عندما تُشتق أفعالنا من المهارا ِ
الممارسة والتي تحدث تلقائيا ً عبر الزمن .واألمثلة المعطاه هي مهارات ،مثل :ركوب الدراجة أو
قيادة السيارة .مع التعلم ال ُمتكرر ،تتحول هذه األنشطة من الوعي إلى اإلعتماد على التلقائية .
المهارات ال ُمكتسبة ال تلعب دورا ً كبيرا ً في سلوك ال ُمستهلك .
✓ عندما تكون أعمالنا ُمشتقة من عاداتنا :العادات في ال ُمقابل تلعب دورا ً كبيرا ً في سلوك
ال ُمستهلك ،وتتشكل العادات من خالل اإلستخدام والتجربة ،فإذا كنت تستخدم نفس العالمة التجارية
راض ،فمن ال ُمحتمل أنك قد تجاهلت ٍ لمعجون األسنان منذ سنوات ،وال يوجد لديك سبب لتكون غير
جميع معاجين األسنان الموجودة على الرف ،على الرغم من تغليفهم البراق ،وعروضهم الترويجية،
وخصومات األسعار فتجلب فقط معجون األسنان من العالمة التجارية ال ُمعتادة .
✓ عندما تعتمد العادات على ترابطات مفاهيمية ُمتطورة بدرجة عالية والتي تُحرك بشكل ُمباشر
تعابير (سلوك الشراء) ،وألنهم تجاوزوا التداول اإلدراكي ،فمن الصعب على المسوقين أن يتغلبوا
عليها ،لماذا ؟ألن التداول موجود حيث تتشكل حجج ُمضادة ،وحيث تُصنع النوايا الواعية ،وتوفر
42
العادات مزايا كبيرة جدا ً لتأسيس العالمات التجارية المعروفة ،وهي غالبا ً تُمثل العقبة األكبر ألي
ت تحاول جذب ال ُمشترين بعيدا ً عن القادة .
عالمات تجارية جديدة و ُمنتجا ٍ
✓ التعبير اللفظي :اإلبالغ الذاتي عن اآلراء والمواقف ،األفضليات ،والتوقعات للسلوك في
ال ُمستقبل .
كان الباحثون يعتقدون بأن هذان النوعان من التعابير مرتبطان إرتباطا ً وثيقا ً .يفترض نموذج
المستهلك العقالني بأن جميع قراراتنا وأفعالنا مبنية على منطق التداولي الواعي ،والذي يؤدي بشكل
طبيعي إلى فكرة أنه يمكننا إجراء تقييم دقيق والتعبير لفظيا ً عن أسبابنا الحقيقية لقيامنا بالتصرف
بطريق ٍة ما أو بأُخرى .الكثير من أبحاث السوق التقليدية مبنية على هذا اإلفتراض ،إذا كنت تريد أن
تعرف فيما إذا كان الناس ستشتري ُمنتجك ،فقط إسألهم .
لألسف :هذا ُمعتقد آخر يحمل التفاؤل ،فإن علم الدماغ الحديث قد ُهدمه ،وما أخبرتنا به األبحاث
الحديثة هو أن "القيام بالعمل والتفكير في القيام بشيء ما" ترتبط إرتباطا ً ضعيفا ً .
علم األعصاب اليوم مشغول برسم خرائط مسارات العمليات خالل الدماغ ،وعلم النفس االجتماعي
واالقتصاد السلوكي مشغولون في تحديد اآلثار المترتبة على هذه اإلختالفات للفرد والسلوك الجماعي
أيضاً ،ونتائج رسم رسومات ما ستكون مختلفة تماما ً عن اللوحات الموجودة في نموذج المستهلك
العقالني .
التعابير اللفظية والتي أوجدها العُلماء هي بالحقيقة إنعكاسات ضعيفة جدا ً للحاالت الذهنية الداخلية
الواقعية ،وهذا من الصعب تقبله إذا تبنّيتَ نموذج المستهلك العقالني ،ولكنه مفهوم كامل إن أخذت
بعين اإلعتبار اإلكتشافات الحديثة حول العمليات الالوعية .
عدم التطابق بين التعابير اللفظية والعمليات العقلية الواقعية أصبح معروفا ً بين علماء النفس لبعض
الوقت ،وقد وثّقت ألول مرة من قبل Richard Nisbettو Timothy Wilsonفي ،1977
سئال عما نُفكر به ،خمنا بنفس الطريقة التي نستخدمها عندما نحاول معرفة وخالصة ما قالوه عندما ُ
ما يُفكر به اآلخرون .
43
ولعل الحقيقة تكمن في أن عدم قدرتنا على الوصول إلى عمليات الدماغ الالواعية لم يكن سيئا ً
ألبحاث السوق إذا ميّز الناس بأنهم ال يستطيعون الوصول الى عمليات الدماغ الالواعية وأظهروا
بعض التواضع في التحدث عن هذه العمليات إلى باحثي السوق .ولكن ما قام به "نييبت"
و"ويلسون" بتوثيقه في طريق العودة إلى زمن الديسكو ،وما أكدته جبال األبحاث الالحقة ،هو :أننا ال
نُشكل تفسيرات مقنعة لحاالتنا العقلية ما نتذكره وما نُحبه ولما أحببناه وما سنقوم به في المستقبل
،إلخ ،ولكننا وإلى حد كبير نُبالغ في تقييم تقاريرنا .
لذلك ،نحن ليس فقط نختلق القصص بل نعتقد إعتقادا ً راسخا ً بالصور التي نختلقها ،ونقول هذه
ق وإخالص ،ويأخذ هؤالء الباحثون بكلمتنا ويقومون بإنتاج القصص لباحثي التسويق بكل صد ٍ
المنتجات التي أخبرناهم بأننا سنشريهم منهم بكل صدق ،ومن ثم يقوم الجميع بحك رؤوسهم عندما
تتكدس هذه المنتجات على الرف .ألن الناس ال يريدونها بعد كل شيء .
توصل العلماء إلى كلمة عظيمة لهذه العملية -من صياغة األشياء ومن ثم يعتقدون بأنها صحيحة،-
وهي ال ُمسامرة ؛إستبدال فجوة من ذكرياتنا بتزييف نعتقد حقا ً بأنه سيكون صحيحا ً ,وقد تكون تذكّر
ف الشركات مليارات الدوالرات في العام ال ُمسامرة رقم واحد للمسوقين وباحثي السوق وهي ت ُ ْك ِّل ُ
الواحد ,ومكافحة ال ُمسامرة بال ُمبرر االهم وهواللتطور و اعتماد أساليب بحثسة للتسويق العصبي .
وعلى عكس التعابير اللفظية ،فالسلوك الفعلي للمستهلك هو الصفقة الحقيقية ألبحاث السوق،
والمسوقوم يهتمون بهذه البيانات (أين متاجر المستهلكين ،وكيف يتسوقون ،وماذا يشترون ،وكم
يدفعون ،وكم -في الغالب -يشترون ،وما سيقومون بإخبار أصدقائهم به ،إلخ) .
ت ُمفصلةشركات األبحاث الكبيرة تقوم بجمع كميات هائلة من سلوك المستهلك ال ُمباشر ،وبيانا ٍ
وصوالً إلى مستوى مشتريات نقاط البيع الفردية (ُ )POSمفصلة بالمتجر والوقت واليوم ،تلك
البيانات تُطحن خالل حسابات ُمعقدة ،لتحديد األنماط في العالقة ال ُمتقلبة ما بين كم يتم اإلنفاق على
التسويق واإلعالن ،وكم ُمنتج نُفذّ في األسواق .
هناك أبحاث كثيرة على سلوك ال ُمستهلك –بالعادة تُسمى نمذجة المزيج التسويقي التجاري ،-وبالبحث
عن اإلرتباطات والعالقات النسبية بين نفقات التسويق وأداء السوق ،في الواقع هذا البحث عن
تخفيض األسعار على المستهلكين ،وبهذا يقطع العمليات الذهنية في عقول الماليين من المستهلكين
الذين يتعرضون للرسائل التسويقية ،ومن ثم إنفاق المال الذي ينتجه السوق ،ويُفترض أن يكون
ألغراض التحليل ،وأن جميع تلك العمليات العقلية تبلغ في المتوسط تأثير الصفر خالل البيانات
الكاملة لماليين الحاالت الفردية لسلوك المستهلك .
44
ي من مدخالت ومخرجات التسويق المفيد ( Gerard وما نراه عندما ننظر إلى هذا النظام النق ّ
،)Tellisهو باحث درس هذه المشكلة لعقود ،الشيء الذي إكتشفه هو "أنه عند أخذ عقل ال ُمستهلك
خارج ُمعادلة اإلنفاق اإلعالني فإن له تأثيرا ً ضئيالً على المبيعات".
وقد تتبع تيليس ما يسمى بمرونة اإلعالن التي تقيس التأثير على المبيعات بالنسبة المئوية من تغيير
قدرة %1من مستوى اإلعالن ،وبعبارةٍ أُخرى ،مرونة اإلعالن أجابت عن السؤال ":إذا قمت بزيادة
ي بنسبة ،%1كم بالمئة ستزيد عائداتي ؟" .
اإلنفاق اإلعالن ّ
النتائج ُمذهلة إلى حد ما ،في الحسابات األخيرة لهذا القياس في عام ،2010وجد تيليس وشريكه في
الكتاب أنه في المتوسط أي بزيادة قدرها %1في اإلعالن يولد %0.12زيادة في المبيعات قصيرة
المدى ،وتم حساب هذا الرقم في 2010وهو أقل بعشرين مرة عند تخفيض مرونة السعر ،وتم
حسابها في عام 2005والتي أظهرت بأن إنخفاض %1من األسعار أدى بالمتوسط إلى زيادة
المبيعات بمقدار . %2.26
ومع مليارات الدوالرات التي تم إنفاقها على اإلعالنات في كل سنة ،كان صافي العائد للمدى القصير
هو الحد االدنى .وبشكل واضح ،ال يزال لدينا الكثير لنتعلمه حول كيفية تقديم إعالنات أكثر فاعلية .
على الرغم من أن هذا المعدل (الرقم المتوسط) ٌمخيبٌ لآلمال ،لكنه يملك تبايا ً كبيراً ،ألنها مصنوعة
من بعض الحمالت اإلعالنية الناجحة ،وبعض الكالب الحقيقية ،والكثير من الحمالت التي لم تؤثر
ُظهره هذا النوع من األبحاث هو " ِّل َم بعض الحمالتعلى نسبة المبيعات أبداً ،واألمر الذي لم ي ْ
اإلعالنية أداؤها جيد (أعلى من المتوسط) ،وهنالك حمالت أُخرى بائسة (أقل من المتوسط) ؟" .من
وجهة نظر المسوقين وباحثي التسويق هو سؤا ٌل ُمهم ،هم ال يريدون إلعالناتهم أن تكون ضمن
المتوسط ،هم يريدون أن تكون إعالناتهم فوق المتوسط بنسبة هائلة .
45
نظام 1ونظام 2لـ (دانيال كانيمان)
بدأ كانيمان وزميله "عموس تفيرسكي" ببرنامج بحوث في سبعينيات القرن العشرين لتحديد
طريقة إتخاذ اإلنسان للقرار ،بدالً من معرفة كيف كان من المفترض أن يتخذوا القرارات فقاموا
وأعوانهم بإنتاج سلسلة من الدراسات التي أظهرت بأن األشخاص الحقيقيين ليسوا عقالنيين "كـالسيد
سبوك" صانع القرارات ،ولكن بدالً من ذلك أُستخدم نوعٌ يشبه العقالنية المحدودة ،وبإستخدام عد ٍد من
التحيزات ال ُحكمية واإلختصارات لصنع القرار كان ذلك األمرحدثا ً هاما ً تعلق بالتفكير ،حاز "كانيمان"
على جائزة نوبل التذكارية في علوم اإلقتصاد في عام 2002لمساهماته هو و"تفيرسكي" الذي توفي
في عام 1996ولألسف لم يعش لتقاسم اإلنجاز ،وصف "كانيمان" نموذجه في كيفية إنتاج الدماغ
للقرارات وذلك بالتحدث عن نظامين مميزين الذين سماهما بـ النظام 1والنظام ، 2وهذه هي
الخصائص الرئيسة للنظام 1والنظام - 2كما هما موضحان من قِّ َبل كانيمان في عام : -2003
بطيء سريع
متسلسل (قادر على التعامل مع مهمة واحدة موازي (قادر على التعامل مع العديد من المهام في وقت
فقط في كل مرة) واحد)
حيادي عاطفي
المصدر :دانيال كانيمان :خرائط تحددها العقالنية :علم النفس ،اإلقتصاد السلوكي"نظرة اإلقتصاد
األمريكي ،أيلول . 2003
النظام : 1هو النظام الذي نستخدمه لصنع القرارات البديهية ،نستخدم هذا النظام عندما نقوم
بصنع قرارات ُمفاجئة مبنية على ردود األفعال ،وال يمكنه الوصول إلى اإلدراك الواعي .
النظام : 1هو المسؤول خالل بناء اإلنطباع وإنشاء مراحل المعاني للتفكير ،وأيضا ً يدور حول
أعماله وفي األغلب يكون غير خاضع للرقابة من قبل العقل الواعي ،وهذا النظام الذي نستخدمه عندما
نتذكر بصعوبة وجها ً جديدا ً ومن ثم نميز ذلك الوجه بعد 10سنوات .
النظام : 2هو نظامنا لصنع القرارات التداولية ،وهو النظام الذي نستخدمه عندما نقوم بوزن
البدائل أو السلبيات واإليجابيات المتكافئة .
النظام : 2هو المسؤول خالل عميات التداول والتحليل ،وهو النظام الذي نستخدمه عندما نقوم
46
بممارسة ذلك الصوت الصغير داخل رأسنا ،مثل :عندما نحاول جمع 267 +1334
بدأنا في هذا الفصل بالرجوع لسيد سبوك ،الضابط األول فائق المنطقية على مؤسسة المركبة
الفضائية داخل العرض التلفازي ( ،)Star Trekوقمنا بصناعة الحالة التي يكون فيها السيد سبوك
فتى ال ُملصقات لنموذج المستهلك العقالني الذي لديه أبحاث التسويق والتسوق ل ُمعظم القرن الماضي .
وبالنظر إلى ما تعلمناه من علوم الدماغ الخاصة بالتسويق العصبي ،وعلم النفس اإلجتماعي
ي وإستبداله بالنموذج األكثر ي ،فمن المنطقي أن نعتبر إعتزال الم ْست َهل العقالن ّ
واالقتصاد السلوك ّ
واقعية نموذج المستهلك البديهي ،ولدينا فصل من برنامج ( ،)Star Trekوهو الذي يمثل ال َمثل
األعلى الجديد بكل لُطفٍ –العاطفة– تقود كبار المسؤولين على مؤسسة المركبة الفضائية "الدكتور
م ّكوي" ،على عكس "السيد سبوك" ،السيد م ّكوي يتخذ قراراته بنا ًء على اإلستجابات العاطفية
للمواقف ،هو يعلم بداخله الشي الصحيح للقيام به ،حتى وإن لم يستطع التعبير عن ذلك بشكل واضح،
للتسوق :
ّ وهذا يخالف السيد سبوك ،دعونا نتخيل كيف يذهب السيد م ّكوي
✓ على عكس السيد سبوك ،السيد مكّوي ال يقوم بالكثير من التفكير المعتمد حول ال ُمنتجات التي
سيقوم بشرائها من البقالة :يستخدم دماغه العادة ،والتجربة ،والعظة العاطفية كإختصارا ٍ
ت إلتخاذ
القرارات ،تلعب العواطف الجزء ال ُمهيمن في هذه العمليات ،وهو ال يمكلك ذكريات واضحة وعميقة
حول ال ُمنتجات والعالمات التجارية ال ُمختلفة ،وال يستطيع إخبارك عن أكثر اإلدعاءات التي وضعت
في اإلعالنات التي يراها .
✓ يسترد الدكتور مكّوي مشاعره حول ال ُمنتجات والعالمات التجارية والمعلومات الواقعية لنطاق
محدد بأسلوب واسع ومتفاوت والكثير من هذه العمليات تحت إدراكه الواعي ،وبذلك ال يُمكنه
إستردادها بدقة .
✓ تفضيالت السيد مكّوي ضمنية إلى حد كبير ومبنية على العادة ،وآراء أصدقاءه ،وخبرته في
ال ُمنتج وال يقوم بإخضاع تفضيالته لتحليل منطقي دقيق ،في الحقيقة -في أغلب األحيان -يستدل على
تفضيالته من سلوكه أكثر من الطرق األخرى من حوله .وبين أي مجموعة من البدائل ،تفضيالت
السيد م ّكوي ربما ال تتناسق منطقيا ً –يفضل العالمة التجارية (أ) عن العالمة التجارية (ب) ،والعالمة
التجارية (ب) على العالمة التجارية (ج) ،ولكنه أيضا ً يُفضل العالمة التجارية (ج) على العالمة
التجارية (أ) .
✓ يقوم السيد مكّوي بإتخاذ معظم قرارات الشراء بشكل عفوي وبدون الكثر من التفكير ال ُمعقد في
مكان الشراء وإذا سألته لما وضعت العالمة التجارة (أ) بدالً من العالمة التجارية (ب) في عربة
التسوق ،هو في الواقع لن يعطيك سببا ً وجيها ً إال إذا اخترع سبباً.
47
✓ يمكن أن يقوم السيد مكّوي بتغيير ال ُمنتجات والعالمات التجارية التي يختارها ،ليس لتوفر
المعلومات على قدر تغير الوضع ضمن ما يريده في التسوق سلوك السيد المكوي في التسوق يمكن
أن يتغير ،ولكن اإلقناع الصريح من خالل الحجج المنطقية ،ولكنها غير فعّالة بشكل ُمثير للدهشة،
وعندما يقوم بمعرفة أنك تحاول إقناعه سيطرح الدفاعات المعرفية ويصبح أقل ليس أكثر تقبُالً
لرسائلك.
✓ يُمكن أن يكون للتسويق واإلعالن تأثيرا ً كبيرا ً على الدكتور مكّوي ولكنهم يملون إلى أن يقومو
بطرق ال-واعية خارج إدراكه ويقسِّم لك الدكتور م ًكوي بأن اإلعالنات ال تؤثر على سلوكه ،ولكن
ئ.غالب تقييمه الذاتي يكون خاط ً
✓ الطريقة الرئيسة هي تأثير التسويق واإلعالنات غير المباشرة على السيد مكّوي ،من خالل
علن عنها إال
ترابطات ذهنية ُمتكررة لألهداف والصور اإليجابية لل ُمنتجات أوالعالمات التجارية ال ُم ِ
إذا كان يفكر بشكل فعّال آخذا ً بعين اإلعتبار شراء ُمنتج ُمعين فسوف يبحث عنه بوعي ،وإعارة
االنتباه له ،واإللتزام بمعلومات الذاكرة والحجج ال ُمقنعة بخصوص ال ُمنتجات داخل مجال إهتمامه .
نموذج المستهلك البديهي ال ُممثل للسيد م ّكوي خلق الكثير من التحديات الجديدة لألبحاث ،ولكنه أيضا ً
قدّم دليالً أكثر واقعية ل ُمختصي التسويق ،وأبحاث السوق .أن التسويق العصبي حول إكشاف
وإحتضان كيفية عمل هذا النموذج لتطوير نظريات تنبؤية أعمق وقياسات لكيفية إتخاذ ال ُمستهلك
ت حقيقية ،وهو يقوم بإجراءا ٍ
ت حقيقية في السوق الحديث . الحقيقي قرارا ٍ
48
الفصل 3
-الكشف عن المنظور جديد الذي يقدمه التسويق العصبي لكيفية تفكير و رد فعل الزبائن
ت علمية فحسب ،فنحن سنستعرض في تفاصيل مجرد أطروحا ٍ ّ ال يُعتبر التسويق العصبي
الجزء الثالث و في ملخص هذا الفصل أن التسويق العصبي قد دخل فعالً حيز التطبيق في الكثير من
المجاالت التسويقية الكبرى :كتسويق العالمات التجارية وابتكار المنتجات وتصميمها والخبرة في
التسوق والتسويق المنتجات داخل المتاجر.
ّ الشبكات الحاسوبية والتسويق ،واإلعالن والترفيه وعملية
فهم أعمق للمحركات ففي ك ِّّل واح ٍد من هذه المجاالت بدأ التسويق العصبي فعالً يالمساهمة في ٍ
السلوكية عند المستهلك ،كما ويقدم أفكارا ً جديدة لتطوير كفاءة التسويق.
ونستعرض في هذا الفصل ملخصا ً عن هذه التطورات .ونترك التفاصيل ليتم شرحها في
شملت في هذا الملخص. ُ
حيث ُخصص فص ٌل كامل لك ٍل من المواضيع التي ُ الجزء الثالث
التأسيس لعالما ٍ
ت تجارية أفضل
باستخدام التسويق العصبي
إن كالً من التسويق العصبي تسويق العالمات التجارية قد وجدا لتكميل بعضهما البعض،
فكالهما مهت ٌم بشكل أساسي بكيفية خلق وربط األفكار في العقل البشري.
فعندما تُعرض على العقل البشري عالمة تجارية معينة ،فإن العقل قد يخلق ذكرى معينة من
يروج لعالمة تجارية
كإعالن ّ
ٍ التعرض لمثل هذه العالمة .وقد ترتبط هذه الذكرى بعناصر عديدة ربما
ما أو لمنتجٍ تحت عالمة تجارية معينة أو تصميم معين أو خبرة استهالكية معينة .ومهما كانت
49
العناصر التي ُحفظت في ذاكرة اإلنسان ،فإنها ترتبط مع بعضها مش ّكلةً ذكرى عن هذه العالمة
التجارية.
عندما تُعرض عالمة التجارية ما على العقل ألول مرة َ ،ي ُ
خز ُن العقل ذكريات جديدة ّ
لتوسع
بدورها الذكرى التي ُحفظت سابقا ً عن هذه العالمة التجارية .وقد يتم ربط الذكرى المحفوظة لهذه
إعالن ما عالمةً
ٌ العالمة التجارية و أنماطا ً أخرى من الذكريات .فعلى سبيل المثال ،عندما يتعسرض
تجاريةً في سياق عطلة يقضيها الشخص على شاطئ البحر ،فإن عقل المشاهد قد يربط بين العالمة
التجارية و مجموعة من ذكرياته على شاطئ البحر.
وفي الوقت الذي تتطور فيها هذه العملية ،تتشكل ذكرى العالمة التجارية ثم يُعاد تشكيلها،
وتنوعهُ أيضاً.
فهي تتوسع وتتنوع ،مغيرة ً مفهوم العالمة التجارية ّ ِّ
تحدث هذه العمليةُ في عقولنا على نحو طبيعي ،إال أن غاية مروجي العالمات التجارية هي
التأثير على هذه العملية عن طريق تعريض المشاهدين للعالمات التجارية التي يُرادُ بها ربط هذه
العالمة بمدلوالت ومشاعر وقدرات معينة وما إلى ذلك .وهم يطبقون ذلك عن طريق ابتكار
واإلعالن عن المنتجات والسلع ،وتسويقها للمشترين ،والتواصل عبر شبكات اإلنترنت بهدف
تسويقها وغيرها من الوسائل.
المسوقين في كيفية قياس الذكرى الخاصة بالعالمة التجارية .فعلىّ ِّ تكمن المشكلة عن
سبيل المثال ،عندما تحاول حملة دعائية ربط الذكرى الخاصة بالعالمة التجارية عند الزبون تذكر
يودّون معرفة ما إذا كانت هذه االرتباطات موجودة ً في األصل في عقل بسلوك أو صفة معينة ،فإنهم َ
المستهلك ،أو ما إذا أصبحوا أكثر قوة بعد تنفيذ الحملة الدعائية أو إطالق منتج جديد.
وفي يومنا هذا ،يتم تطبيق التسويق العصبي في حقول البحوث الخاصة بتسويق العالمات
المسوقين على فهم كيفية تش ُّكل الذكرى الخاصة بالعالمة التجارية عند
ّ ِّ التجارية ،ليساعد
المستهلكين ،وكيف يُمكن تشكيلها ،ومدى تأثيرهم على مشاعر وسلوكيات المستهلكين وعلى قراراتهم
بالشراء على نح ٍو أساسي.
ت أخرى ،وبذلك ت من الترابطات مع ذكريا ٍ تُش ِّ ّكل الذكريات الخاصة بالعالمة التجارية شبكا ٍ
تكون سببًا وراء إمكانية تفعيل ذكرى خاصة بعالم ٍة تجاري ٍة وذلك من خالل تفعيل الذكريات
المرتبطة بها .فمثالً ،إذا ما ربط اإلعالن على نح ٍو مستمر أو لفترة زمنية مطولة عالمة تجارية
لمنتجات طعام الكالب بفكرة تقول " منتجاتنا ُوجدت من أجل كالبكم" (كما هو موجود في أصل
العالمة التجارية) ،فيمكننا أن نتوقع تعرض المستهلكين لسلسة منتجات من عالمة تجارية معينة على
رفوف المتاجر مذ ّكرة ً المتسوقين بعالقتهم العاطفية مع كالبهم ،وتربط عالمة التجارية مع هذه
ب خارج المتجر قد يوحي وبكل بساطة للمتسوقين أن يبحثوا على منتجات هذه المشاعرَّ .
فإن رؤية كل ٍ
العالمة ويشترونها.
أمرا سهالً ،إال أنها في الواقع العكس؛ وذلك لسببين أولهما ّ ،
أن قد تبدو عمليات الربط هذه ً
المستهلكين -كما قد اكتشف الباحثون -يقاومون الرسائل التي يبعثها التسويق لهم .أما السبب الثاني
واألكثر أهميةً ،هو أن العالمات التجارية المتنافسة غالبًا ما تسعى إلى تشكيل الترابطات ذاتها في
عقل المستهلك وعادة ً ما تكون الرسائل التي تبعثها العالمات التجارية للمستهلكين متشابهة.
يُطلق على هذا التأثير القوي في بعض األحيان اسم التأثير المهدّئ لتسويق العالمات
التجارية .وكما هي الحال في أقراص الدواء المهدئة ،ال تُغير العالمة التجارية المظهر الخارجي تذكر
فقط ،بل تُغير كيفية ردود فعل المستهلكين لتجربتهم .وقد افترض الباحثون أن هذا مثا ٌل على كيفية
استهالك الناس للمفاهيم بدالً من المنتجات نفسها .فقد تعزو رضاك عن منتجٍ ما (أو عدمه)
لالستهالك المادي ،إال أن المفهوم النابع من التجربة االستهالكية هو في الحقيقة يؤثّر على ردّة
فعلك على نح ٍو كبير.
أحدى تلك األسباب من منظور التسويق العصبي هو أن العالمات التجارية الرائدة تميل إلى
امتالكها شبكات من ذكريات الخاصة بها ذات تنوعٍ وارتباطٍ أكثر .وذلك ألنها "تتبادر إلى الذهن"
بشك ٍل أسهل عندما تُذكر فئة معينة من المنتجات ،ويمكنها االستفادة من تنشيط الذكرى الخاصة بها
من عدة زوايا ،حتى مع تعرضها لعالمات تجارية أقل في نفس فئتها.
تستفيد العالمات التجارية الرائدة من دورة فعّالة ل تعزيز استهالك منتجاتها .وبذلك تكون
العالمة التجارية :
باالختيار. ✓ تُس ّهل من عملية اتخاذ القرار وال تتطلب من الزبائن بقضاء وقتهم وجهدهم
✓ لديها امكانية خلق تجربة استهالكية إيجابية ألن الزبائن يتوقعونها من منتجاته هذه العالمة
التجارية .
52
وفي الوقت ذاته ،قد يُحتمل تعرض العالمة التجارية إلى عملية تجزئة أوسع و استبدال
منتجاتها بأخرى أفضل وذات تغطية اعالمية أكبر وذات تزايد في توصية المستهلكين من لهذه
المنتجات من قِّبَل أصحاب المحال باإلضافة إلى أنشطة ترويجية أكثر عن طريق عمليات التجزئة
وأصحاب العالمات التجارية .وهذا يزيد من تعرض المستهلك لهذه العالمة التي بدورها تعزز من
اعتياد الزبائن عليها وتجعلها أكثر تفضيالً لديهم.
وأخيراً ،قد يُعزى السبب وراء صعوبة استبدال هذه العالمات التجارية أنها على األغلب
التسوق.
ّ أمر مساهم بشكل أساسي في عادات تُشترى دون إعارتها الكثير من التفكير وهذا ٌ
إن مثل الجملة الفوائد هذه قد يكون من صعب التغلُّب عليها .إال أننا قد نالحظ غالبًا أن
خوض تح ٍّد ناجحٍ
ِّ العالمات التجارية "الناشئة" قد تحوز على هذه الميزات .فما هو السر وراء
وهزيمة عالمة تجارية رائدة ؟
إنه بالرغم من أن العالمات التجارية الرائدة تميل إلى االستفادة من عملية اتخاذ القرار
نصيحة
ضمنية في الالوعي والتي تُفضّل تكرار عملية شراء منتج ما ،إال أن العالمات التجارية المنافسة
قرار ضمنية إلى
تستطيع االستفادة من ذلك عن طريق تغيير قرارات المستهلكين من عملية اتخاذ ٍ
قرار ظاهرة .تهدف العالمات التجارية المنافسة إلى تغيير السلوك ،وأكثر أنجح طريق عملية اتخاذ ٍ
لفعل ذلك هو عرضها وجذب االنتباه إليها وطرح برهان ُمقنِّعٍ على سبب وضع العالمة التجارية
بعين االعتبار ،ويدحض أي فكرة مخالفة قد تتبادر إلى ذهن المستهلك عندما يقومون بتحليل تلك
االدعاءات.
قد تكون بعض وسائل وطريق التسويق العصبي التي ذكرناها في هذا الفصل غير مألوفة
لك (لمزيد من المعلومات عن هذا الموضوع اقرأ من الفصل 16إلى .)18إال أننا اآلن نقتر ُح
نصيحة
عليك أن تلقي نظرة على أقسام " استخدام التسويق العصبي "...في هذا الفصل للوصول إلى معنى
التنوع في الطرق الجديدة التي يُقدمها التسويق العصبي .ويمكنك تتطلع على التفاصيل الحقًا.
ّ
وير ّكز اختبار العالمات التجارية باستخدام التسويق العصبي على ثالثة مظاهر من ردود
فعل المستهلكين :
53
ُ
حيث تحث العواطف المستهلك إما نحو العالمة التجارية أو بعيدًا عنها. ✓ العواطف:
✓ الحوافز :يمكن للتعرض لعالمة تجارية معينة أن يُف ِّعّل األهداف الموجودة في العقل الواعي
والالواعي للمستهلك مما يُح ِّفّز القيام بالفعل.
يوفر التسويق العصبي عدة طرق لقياس االرتباطات الخاصة بالعالمات التجارية .وتقيس
إحدى هذه الطرق (مثل االستحضار الداللي 1واختبار االرتباطات الضمنية) االستجابات السلوكية.
وتقيس أخرى (مثل جهاز الرنين المغناطيسي وتخطيط موجات الدماغ) التغييرات في حاالت الدماغ
التي ترافق تفعيل ارتباطات قوية في الذاكرة.
ب قياس العواطف بالتقارير التقليدية الفعلية ،إال أن هناك عدة أساليب يستخدمها
يصعُ ُ
مستخدمي التسويق العصبي لقياس االستجابات العاطفية للعالمات تجارية ما ،بما في ذلك عمليات
استحضار فعّالة وعمليات تخطيط كهربية األنسجة العضلية وتحليل تعابير الوجه.
ٍ
يمكن لمستخدمي آلية التسويق العصبي قياس تفعيل الهدف التحفيزي عن طريق دراسات
سلوكية (مثل :قياس النتائج السلوكية ناتجة عن عملية استحضار ذهني لعالمة تجارية) مقاييس
الدماغ (مثل قياس موجات الدماغ الخاصة بطريقة تجنّب الحوافز ).
- 1االستحضار الداللي :حيث يكون الفكرة واستحضارها من الفئة الداللية فمثالً ،تُعتبر كلمة كلب هي االستحضار الداللي لكمة ذئب وذلك
ألنهما يتشاركان صفا ٍ
ت متشابهة.
54
✓ لماذا تفشل العديد من المنتجات الجديدة ،وما الذي يمكن فعله حيال ذلك ؟
إن مفتاح الحصول على انتباه الناس لمنتج جديد هو العثور على "النقطة المحببة" بين
الحداثة ومدى ألفة المنتج لدى الناس والتي توفر اختالفًا عن المنتجات الموجودة أصالً من نفس الفئة.
كما أنها أيضا تضمن موافقة المنتج الجديد لتوقعات المستهلك العاطفية ،وهذا يعني -في علم الدماغ-
التركيز على جوانب معينة من االنتباه والعاطفة :
يمكن قياس االختالف عن طريق مدى جذب المنتج من األدنى إلى األقصى (أي االنتباه ✓
الالإرادي الذي ال يكون مو ّج ًها من قِّبل المشاهد) وذلك عندما يُعرض هذا المنتج في سياق المنتجات
المنافسة.
يمكن قياس االستجابة العاطفية للمستهلك بمدى إثارة ردود الفعل العاطفية التي ُحفّزت إما ✓
بطريقة مباشرة (عن طريق الشكل أواللون أوالقالب،أو ما يحمله من رمزية ،أو إشارات أخرى) أو
قد ُحفزت بشكل غير مباشر (من خالل االستحضار الذهني المنتج أو وسالسة معالجته أو العالمات
العاطفية في الالوعي الناتجة عنه) .
لمعرفة المزيد عن هذه الشروط ،انتقل إلى الجزأين الثاني والثالث من هذا الكتاب.
وللحصول على مقدمة سريعة لبعض المفاهيم العلمية الرئيسية ،راجع الفصل .24
55
استكشاف السبب وراء هذا اإلنجذاب وسبب إدراكنا لبعض الخصائص أكثر طبيعيةً وجماليةً والتي
تجلب البهجة لنا أكثر من خصائص أخرى.
وجد العلماء أن بعض الردود الفعل للجمالية الموجودة في شيءٍ ما تبدو أكثر انتشارا ً عالميا ً
و"مقترنة بشدة" في أدمغتنا .فعلى سبيل المثال ،يتراىء أن لدى الناس تفضيل الطبيعي للخطوط
منحنية والحواف بالمقارنة مع خطوط مستقيمة و الحواف مدببة .ونحن نميل أيضا إلى تفضيل
التصاميم البسيطة والمتناظرة ،وذات درجة عالية من التباين.
وهناك مصدر آخر مهم من مصادر الجاذبية يعالج سالسة المنتج (أي السهولة الالزمة التي
تعرف شيءٍ ما) .فعندما تكون معالجة السالسة في أدمغتنا عالية ،فال يحتاج
تمكن أدمغتنا من فهم ُّ
مترو ،فيمكنهم معالجة الشيء (كالغالف أو المنتج) وفهمه دون
ٍّ المستهلكين إلى االنخراط في التفكير
الكثير من التفكير الواعي.
سن عملية معالجة السالسة في شيءٍ معين من خالل التصميم نفسه فقط ،بل ومن خالل لم ت ُح َّ
طريقة عرض التصميمَّ .
فإن التعرض المتكرر للمنتج (أي وجود األلفة للمنتج مرة أخرى) ،وتنبؤ
نمطه و مدى نموذجيته (أي مدى كون لتصميم متوسطا أو نموذجيا ً في فئة معينة من المنتجات)،
وعملية االستحضار الذهني هي جميعها تُساهم في معالجة السالسة لمنتجٍ ما.
✓ إنجذاب الناس إلى حداثة المنتجات الجديدة رغم وجود عدم ارتياحٍ لديهم تجاه تلك الحداثة.
يُعتبر االقتصاد السلوكي واحدًا من األنظمة األساسية في التسويق العصبي ،وقد عالج
المشكلة األولى ،فتوصل االقتصاد السلوكي إلى ما يسمى سهولة المنال (انظر الفصل .)2فعند
تخيلنا لما يمكننا فعله في المستقبل فنحن نلتقط األشياء سهلة المنال في عقولنا .إال أن ذلك -ولألسف -
غالبا ما يكون أساسا ً ضعيفا ً للتنبؤ ،وينتهي بنا المطاف إلى أن نكون مخطئين .وقد ت ُعطى تلك
التنبؤات الخاطئة إلى الباحثين في السوق في مجموعات البحث والدراسات االستقصائية والمقابالت.
إال أن المشكلة الثانية تعيدنا إلى فكرة الحداثة ،وعلى وجه الخصوص إلى مسألة كيفية
استجابة أدمغتنا إلى الحداثة عادةً؛ أي أننا ننجذب لها ولكننا ال نثق بها .وقد فُ ّ
سِّر ذلك من ِّقبل فترات
نشوءنا وتطورنا.
56
تخيل أجدادنا وهم يتجولون في بيئة مليئة بالمخاطر؛ فإن أي شيء من شأنه مساعدتنا في
البقاء على قيد الحياة في تلك البيئة تنتقل من جيل إلى جيل .وأحد األشياء التي ساعدتنا بشكل كبير في
البقاء على قيد الحياة هو مالحظة أشياء جديدة في البيئة .ولكن أشياء جديدة غالبا ما تميل إلى تكون
خطرة مثل الحيوانات المفترسة المختبئة بين الحشائش الطويلة .ولهذا تعلمنا أن نحذر بشأن أي
تغييرات في بيئتنا باإلضافة إلى توجيه انتباهنا نحو ما هو جديد مع كوننا في حالة تأهب ومنفعلين
قليال عندما نصادفها.
ويبدو أن تلك النزعات قد تنتقل الى عقولنا المعاصرة وذلك على الرغم من أننا نعمل في بيئة
مختلفة إلى حد كبير ،فهي ت ُظهر نزعة طبيعية ت ُنتج ردَّ فع ٍل سلبي على أشياء جديدة حتى ولو جذبتهم
أوالً.
عند الجمع بين ضعف القدرة على التنبؤ والميل إلى كره األشياء الجديدة ،نحصل على
احتمال كبير بأن الناس لن يكونوا قادرين على إطالعك على ما سيرغبونه في المستقبل.
ما الذي يتوجب على مبتكري المنتجات فعله ؟ يجيب التسويق العصبي على هذا السؤال
نصيحة
بأن أفضل نهج لذلك هو الجمع بين مستويات معتدلة من االبتكار و عناصر مدركة من األلفة .خذ
على سبيل المثال الحاسوب اللوحي من ماركة أبل المسمى (باآليباد) ،فإنه يُعتبر منتجا ً مبتكرا ً من
نواح كثيرة ،إال أن لديه ميزات مألوفة ؛ فهو مشابه لجهاز الحاسوب ،لذلك فإن أي شخص مطلع على
عناصر مألوفة ،مثل القدرة على تقليب َ الحاسوب سوف سيجد هذا الجهاز مألوفا ً .كما أنه يشتمل على
الصفحات على الشاشة بنفس الحركة التي نستخدمها في تصفح المجلة.
يمكن للتسويق واإلعالن أن يلعبا دورا ً هاما ً في مساعدة المستهلكين على فهم منتجٍ جديدٍ،
وتسليط الضوء على كيفية استخدامه ومدى تلبيته ألهداف واحتياجات المستهلكين ،بما في ذلك
األهداف الموجودة في عقلهم الباطن التي قد ال يكون المستهلك على علم بوجودها أصالً .وال يتمثل
التحدي في وضع المنتج في حيز الحداثة فقط ،بل بخلق بيئة مألوفة وإقامة ترابطات ذهنية مع
احتياجات وأهداف القائمة الموجدة في األصل.
57
تسجيالً دقيقا ً للوقت والمكان الذي يتم توجيه االنتباه البصري .كما تسمح آلية تتبع العين بقياس اتساع
حدقة العين والتي يمكن أن تكون مؤشرا جيدا على اإلثارة العاطفية عند عرض الشيء.
من الضروري أن تكون آلية تتبع العين متكاملة مع مهام محددة حتى يتم االستفادة منها.
نصيحة
فإذا كان الناس يحدقون بصورةٍ ما دون تأث ّر ،فستكون أنماط تتبع العين ال عالقة لها مع ما
سيفعله الناس في حالة التسوق الحقيقي .وعندما توكل مهمة ما المشاركين في الدراسة -كالعثور على
منتج جديد موجود على الرف مزدحم مليء بالمنتجات المنافسة – فإن ذلك يوفر أساسا ً مشترك يمكن
من خالله تقييم النتائج آلية تتبع العين.
وهناك منهجية أخرى أصبحت شائعة في البحوث المجراة على المنتجات واألغلفة وهي
عنصر أو عنصرين في تصميمها ٍ اختبار الخيار القسري .فيتم عرض تصاميم بديلة فيها اختالف
(مثل اللون أو حجم أو رقعة زجاج ٍة ما) على شاشة حاسوب ،ويجب على المشاهدين اختيار ما
مطوالً ،وبالتالي
يفضلونه بسرعة أكبر .وهنا يُجبر شرط االختيار السريع الناس على عدم التفكير ّ
المترو في العقل الواعي لديهم.
ّ ِّ يقلل من دور التفكير
وأخيرا ،يمكن جمع هذه األساليب السلوكية مع مقاييس الدماغ أو الجسد لتقييم اآلليات العقلية
المعنية الكامنة في الدماغ .يمكن للجمع بين آلية تتبع العين مع تخطيط الدماغ أو الرنين المغناطيسي
التعود ترافق
ُّ الوظيفي للدماغ -على سبيل المثال -أن يوفر مزيدا ً من الفهم فيما كانت حاالت
االرتباط الذهني أو االرتباك.
✓ ما هو الغرض من اإلعالن ؟
58
فوفقا لوجهة النظر التقليدية ،إن الغرض من اإلعالن هو إقناع المستهلك بشراء المنتج.
ويقوم بذلك من خالل توفير دلي ٍل منطقي ٍ يستذ ُّكره المستهلك الحقا عندما يكون في المتجر أو حالة
شراء أخرى .وتحدث هذه العملية على مست ٍو واعي تماما ً في دماغ المستهلك ويمكن الوصول إليه
بشكل كامل عند التذ ُّكر مرة أخرى ،بحيث يمكن للمستهلك أن ينقل للباحث بدقة كيفية وسبب كون
اإلعالنات مقنعة ،ومدى مساهمة الرسالة التي تحملها في التأثير على قرار المستهلك بالشراء.
يتجه منظور التسويق العصبي إلى وجه ٍة مختلف ٍة ،فوفقا لمعظم مستخدمي التسويق العصبي،
فإن الغرض من اإلعالن هو تحويل العالقة العاطفية إلى عالمة تجارية ،حيث يتم ترجمتها إلى عملية
بيع عندما يتم تفعيل االرتباطات العقلية الخاصة بالعالمة التجارية عند حالة بيعها .وتحدث هذه
العملية كثيرا ً على المستوى الالواعي في دماغ المستهلك ،ونتيجةً لذلك ال يمكن للمستهلك أن ينقل
بدقة كيفية تأثر قراره بالشراء من قِّبَل اإلعالن التجاري .
ومن وجهة النظر التقليدية ،يُحقق اإلعالن التجاري هدفه من خالل عمليات واعية لتذكير
وإلقناع المستهلكين بشراء المنتجات ،والتي ت ُعتبر من وظائف االنتباه والمنطق والتعلم الواضح .إال
أنه من وجهة نظر التسويق العصبي ،فإن أكثر وقت يُحقق فيه اإلعالن غايته يكون من خالل عمليات
في الالوعي وهي :خلق ارتباطات ذهنية إيجابية مع عالمة تجارية ،الربط المنطقي المتكرر ،والتعلم
الضمني .
عرض مسارا ً مختلفا ً جدا ً عن تأثير اإلعالن التجاري ولهذا تقدم توصيات مختلفة
ٍ يقدم ك ُّل
لكيفية قياسه ، .فإننا ندعو -في هذا الكتاب -هذين المسارين بالطريق المباشر والطريق غير تذكَّر
المباشر إلى تأثير اإلعالن التجاري :
✓ يقيس مسار الطريق المباشر مدى التأثير وفقا ً لالنتباه الواعي للمنتج واإلقناع المنطقي
والتذ ّكر وعروض المبيعات.
✓ ويقيس الطريق غير المباشر التأثير وفقا ً لالرتباطات العاطفية في العقل الالوعي
واإلعداد والذاكرة الضمنية والسلوكيات الناتجة عن عالمة التجارية معينة وعروض المبيعات.
ال يدَّعي مستخدمو التسويق العصبي أن الطريق غير المباشر هو األسلوب الصحيح لجميع
اإلعالنات و جميع الحاالت .فال يزال أسلوب الطريق المباشر األفضل للمنتجات الجديدة التي ال نصيحة
تمتلك هوية تجارية قوية وهي بحاجة الى أن يتم تفسيرها للمستهلكين من أجل أن تباشر بحيازة
حصتها الشرائية في السوق .ويُعتبر أسلوب الطريق المباشر أيضا ً طريقة جيدة لالستدراج المباشر
للمستهلكين أو في اإلعالنات المل ّحة ،وذلك عندما يكون الغرض من اإلعالن هو إقناع المشاهد أن
يتخذ بعض اإلجراءات ،مثل التبرع أو "الدعوة فورا ً" إلى شراء المنتج الذي يقدمه اإلعالن.
59
أسلوب الطريق المباشر:
التأثير المباشر على أسعار بيع
ت لنموذج عن المستهلك العقالني يعكس أسلوب الطريق المباشر إلى اإلعالن افتراضا ٍ
ي ٍ وعلى قدر
ي ٍ و المنطق ّ
قرار عقالن ّ
(انظر الفصل .)2فوفقا لهذه الرؤية يُعتبر المستهلكين صناع ٍ
عا ٍل من الوعي؛ لذا فإن أفضل طريقة للوصول لهم هو جذب انتباههم واكتساب اهتمامهم وإثارة
رغبتهم مما يدفع إلى اتخاذ قرار شراء المنتج المعلن عنه .وهناك عدد من الصعوبات مع هذا
النموذج حيث سنناقشها مطوالً في الفصل 11وهي كاآلتي :
✓ عندما يفكر الناس فيما يَدَّعيه اإلعالن عن المنتج ،فإنهم يميلون إلى مقاومته.
✓ َيق ُّل وجود ما يدل على أن الناس يفكرون في إعالن ما عند التسوق.
إعالن ما.
ٍ جوانب معينة من
َ الناس عادة غير قادرين على تذ ُّكر
ُ ✓ يكون
ال تبطل هذه التحديات نموذج الطريق المباشر ،لكنها تبطل ما يشير إلى أنه أقل إمكانية
لتطبيقه مما كان يظنه الباحثون.
إن التكييف هو عملية تعلُّ ٍم الضمنية تخلق ارتباطا ً عاطفيا ً إيجابيا ً مع العالمة التجارية وهذا
أمور
أمر أساسي في هذه العملية .وألن التكييف يعمل من خالل التكرار وعملية معالجة االنتباه
المنخفض ،إال أنه من المهم تعريض المشاهد إلى اإلعالن التجاري عدة مرات بينما يُقلّل من مقدار
تقنية
60
االنتباه الواعي الموجه نحو اإلعالن .وبعد حدوث عملية التكييف ،قد تُفعّل الترابطات العاطفية
اإليجابية عند عرض المنتج للبيع والتأثير في السلوك الشرائي للمستهلك.
وقد أظهرت األبحاث أن أسلوب الطريق غير المباشر يعمل بشكل أفضل في العالمات
التجارية المألوفة ،وذلك عندما يكون المنتج رخيص ويتم شراؤه كثيراً ،وعندما يقدم اإلعالن سردا ً
ممتعا ً على نح ٍو عاطفي حيث تلعب العالمة التجارية فيه دورا ً محوريا ً.
وتشمل تقنيات التسويق العصبي التي يشيع استخدامها في بحوث الدعاية واإلعالن على ما
يأتي :
✓ آلية قياس كهربية العضالت لتتبع ردود الفعل العاطفية اللحظية عن طريق قياس الحركات
الضئيلة في عضالت الوجه.
✓ برنامج التعرف على الوجه لتتبع وقياس مقدار مالحظتها لتعابير الوجه أثناء مشاهدة إعالن ما.
✓ آلية تخطيط الدماغ لقياس نهج و ردود الفعل العاطفية المتجنّبة لإلعالن من خالل تحديد أنماط
أمواج الدماغ المتعلقة بكل استجابة.
61
يمكن للتسوق أن يكون -وغالبا ما يكون -تجربةً ممتعةً .ومن يلتفت عائدا ً إلى العصور
طورت تجاربنا النشوئيةُ عقولنا السابقة حيث كان الصيد وجمع الثمار حينها .في نواح كثيرة ،وقد ّ
للتسوق بعدة طرق وأساليب ،فنحن خبراء في إيجاد طريقنا عبر المشاهد حولنا للحصول على
األشياء التي نريدها ونحتاجها ،مثل الغذاء والدفء .نحن ال نجيد التسوق فقط ،ولكن نود أن نصل
إلى أقصى درجات الرضى من خالل تحقيق أهدافنا.
تتالئم عملية بحث المتسوق على ما يريده مع أساليب التسويق العصبي بشكل طبيعي،
وذلك ألن التسوق ينطوي على العديد من العمليات العقلية التي تعتبر أساسية لمنظور التسويق
تذكَّر
العصبي وهي :
يبرز التسويق العصبي أيضا أهمية السعي لتحقيق الهدف في ذهن المتسوق ،حيث تظهر
الدراسات كيف تؤدي أهداف مختلفة تجارب التسوق متباينة على نح ٍو واسعٍ .فعلى سبيل المثال ،يقوم
المتسوقين في كثير من األحيان بالتمييز بين القيام بالتسوق ،عندما يرون التسوق كعمل روتيني،
والذهاب للتسوق ،عندما يرون التسوق بأنها تجربة ترفيهية ممتعة .وتختلف األهداف التي يتم السعي
إلى تحقيقها تماما في هذه البيائات ،ويحتاج تجار التجزئة إلى توفير خبرات مختلفة تماما ً لتلبية
توقعات وحاجات المتسوقين في كل حالة.
62
وهناك عنصر أخير في فهم عقل المتسوق وهو تأثير شخصية المستهلك ومزاجه وأسلوبه
تعرف علماء النفس قبل وقت وجيز أن لدى الناس ميول مختلفة السلوكي في سلوك التسوق لديه .وقد ّ
في كيفية تصرفهم ؛ فبعضنا أكثر تسرعا ً أو أكثر حذرا أو أكثر انفتاحا ً وهلم جرا .وقد تم تطبيقها هذه
التصنيفات في اآلونة األخيرة على بعض المستهلكين ،وقد تم تحديد االختالفات مثيرة لالهتمام في
أساليب التسوق .إنما معرفة األنماط االستهالكية هي أداة ٌ أخرى يمكن لتجار التجزئة استخدامها في
صقل بيئاتهم التسوقية لتلبية احتياجات الزبائنهم.
✓ البحث :توجب على المتاجر مساعدة المتسوقين في العثور على ما يبحثون عنه ،واكتشاف أشيا َء
الجديدة قد ال يكونون يبحثون عنها أيضا ً.
✓ االختيار :تحتاج متاجر ألن تس ِّ ّهل للمتسوقين االختيار من بين البدائل .وإذا كانت مهمة االختيار
شاقة للغاية بالنسبة للمستهلك ّ
فإن الكثير من عروض المبيعات قد تخسر.
✓ الدفع :من الضروري أن تقوم المتاجر بمساعدة المتسوقين في التغلب على االنزعاج من دفع
النقود ،فبعض المتسوقين يشعر بهذا االنزعاج أكثر من غيرهم ،إال أن جميع المتسوقين يشعرون به.
البحث
ولدعم عملية البحث التي يقوم بها المستهلكون العثور ،يجب على موارد متاجر التجزئة أن
تتضمن تصميم المتجر ومعروضاته واأليقونات الصورية والدعايات ،واألنشطة التفاعلية (مثل
اختبار تذوق طعم منتجٍ ما في المتجر) واألهم من ذلك ،كيفية عرض البضائع على الرفوف.
مروجات تؤثر على انتباه المستهلك واالرتباطات العاطفية التي وهذه العناصر هي بمثابة ّ ِّ
التسوق .قد تر ّكز استراتيجية متاجر التجزئة على خلق صورة معينةّ لديه وقرارات التي يتخذها عند
عن طريق نشر موضوعات ورموز معينة ،وهي تثيرها في جميع أنحاء المتجر لتوجيه المتسوقين
وتفعيل األهداف واالنطباعات المرادة لديهم ،مثل متجر البقالة الذي يصنع قسما ً لإلنتاج ريفي من
63
األخشاب والبراميل والصناديق الخشبية المكدسة فتقوم بالترويج لشراء هذه منتجات عن طريق
اإلشارة إلى أن منتجات السوق "طازجة من المزرعة ".
تحاول عملية إنشاء الشكل موضوعي لبيئات البيع بالتجزئة الترويج ألهدافٍ العاطفي ٍة
أوسع ،مثل الشعور المستهلك باألهمية ،وإشباع رغباته وشعوره بأنه ذو مستوى رفيع وأنيق وأنه
ث له ،وهل َّم جرا ً .ولكن هذه المبادئ ذاتها تنطبق على حالة تعلُّق األمر
وأنه ذا مسؤولية ،وأنّه مكت ََر ٌ
بفئات محددة من المنتج أو المنتجات معينة على حدى ،فيمكن لمتاجر التجزئة استخدام مجموعة
المروجات في عروض المبيعات ،فيتم التعبير عن طريقة تثمين المعلومات ،في البيئة ّ ِّ واسعة من
الموجودة حول المنتج الذي يتم التسويق له سواء كان بالرائحة والصوت والملمس و حتى الطعم
وذلك اعتمادا ً على المنتج الذي يُفكر فيه المستهلك.
االختيار
أما لدعم اختيار المستهلك ،تحتاج المتاجر إلى تحقيق التوازن بين احتياجات المتسوقين
الميالين للراحة ،والمتسوقين الميالين نحو المنتجات الجديدة .فإن غاية المتسوق الذي يسعى إلى
الراحة هي الدخول والخروج من المتجر بأسرع وقت ممكن بأقل اختيارات ممكنة .فيس ُهل تشتيت
سلوكه الشرائي إذا ما وقف أي شيءٍ في طريق أنماط التسوق المعتادة.
أما في المقابل ،فإن اندماج المستهلكين في التسوق الترفيهي يحب التنوع بشكل عام .لكن
المتسوق
ّ ِّ بحذر لتجنب الخيارات الزائدة (أي تقديم خيارات كثيرة جدا ً مما يُربك
ٍ ُدار التنوع
يجب أن ي َ
وينتهي به المطاف إلى عدم اختياره لشيء) .فعلى سبيل المثال ،يُعتبر وضع المنتجات في فئات
االختيار من بينها أسهل ،حتى إذا كانت الفئات ال معنى لها .فقد يَرتبك المتسوقين عند االختيار
َ يجعل
من 30نوعا من أفضل المنتجات المعروضة معاً ،إال أنهم ال يواجهون مشكلةً في االختيار إذا تم
تجميع أفضل المنتجات تلك في ستة صناديق مصنّفة في الترتيب من (أ) إلى (و).
ويُناقش في الفصل 12عدة تقنيات أخرى لتبسيط الختيار في عند عملية التسوق.
الدفع
ي تقنية تخلق لدى التجار العديد من خيارات في جعبتهم للتقليل األلم واالنزعاج دفع المال .فأ ُّ
-بشك ٍّل عام -مسافة نفسية بين الشراء والدفع ،فإنها ت ُساعدُ على التقليل االنزعاج عند الدفع .وهذا هو
المبدأ األساسي وراء وجود بطاقة االئتمان؛ فال تصلك الفاتورة حتى نهاية شهر .أو خطط الدفع بعيدة
المدى ،أو خطط " الالدفع لمدة ثالثة أشهر" ،أو غيرها من ترتيبات االئتمان التي تُحقق التأثير ذاته.
ويمكن أيضا التخفيف من االنزعاج من الدفع عن طريق تقديم سب ٍل للتراجع عن عملية بيع ما مثل
64
ضمان استعادة االموال .وأخيرا ،يمكن التقليل من هذا االنزعاج عن طريق ربط فكرة دفع المال
بمكافأة يتالقاها المستهلك عند الدفع ،مثل نقاط رحالت الطيران المتكررة 2أو خصومات على
المشتريات الالحقة.
ففي بيئة تجارة التجزئة ،ك ُّل ما يجري للتأثير على النتائج الشرائية يجب أن ينظر إليه أو أن
المتسوق .وهذا ما يعزو كون اثنين من أنواع االختبارات األبرز هي البحوث على المتسوقين َّ يجربه
داخل المتاجر:
تنوع عوامل
✓ االختبار السلوكي :مثل استعراض المستهلكين مع حدث يبرز عملية االختيار بينما َّ
موقفية عدة مثل األسعار أو أمكنة الرفوف.
✓ آلية تتبع العين :مالحظة المكان الذي يبحث فيه المستهلكون في ممر المنتجات المعروضة و
الرفوف ،وعندما يقومون بتف ّحص المنتجات على حدى.
تبالنسبة لبعض المنهجيات ،فإن قياس المتسوقين الحائمين بين المنتجات يستعرض تحديا ٍ
في جمع البيانات .فعلى سبيل المثال ،تُعتبر سجالت قياس الموجات الدماغية حساسةً لحركة
العضالت ،ولذلك فإن قياس الموجات الدماغية عند الناس المتجولين في المتجر ،والذين يتلفتون
وينحنون لالتقاط المنتجات وما إلى ذلك ،يضيف تشويشا ً كبير عند تسجيل القياسات ،والتي تأخذ وقتا
وجهدا إلزالته في مرحلة ما بعد المعالجة.
ويقترح بعض مستخدمي التسويق العصبي فحصا ً يتم إجراؤه في المختبر يحاكي جوانب من
تجربة التسوق في بيئة متح ّك ٍم بها أكثر كبديل إلجراء عملية القياس في المتجر ،ويمكن إجراء آلية
تتبع العين بصور عن رفوف المتاجر ،و يمكن إجراء االختبارات السلوكية بصور المنتجات بدال من
المنتج الفعلي المعروض .يمكن للمشاركين في الدراسة أيضا مشاهدة تصوير الفيديو لتجارب التسوق
في المختبر .فببقاء المشاركين في االختبار ثابتين ،تتم ّكن التقنيات المستخدمة مثل تقنية قياس
جس ردود فع ٍل عقلي ٍة أعمق مثل التنوعات في النوايا والعواطف والذكريات. الموجات الدماغية َّ
(FFP) 2هي برامج لتشجيع زبائن الخطوط الجوية على دخول البرنامج وزيادة نقاطهم بالتسجيل المتكرر في الرحالت الجوية ليُمنحوا
رحلة جوية مجانية أو جوائز أخرى
65
ويُعتبر بناء بيئات التسوقية افتراضي تطورا ً آخر جديد يحمل نجاحا ً واعدا ً في جعل الدراسات
التسوق في المختبر أكثر واقعية وانضباطاً.
طراز قديم
ٍ دخول غمار االنترنت :شيء جديد لدماغ ذا
استوعب الدماغ البشري العديد من تكنولوجيات االتصال الجديدة على مدى آالف السنين:
مثل اللغة نفسها والكتابة والقراءة والتصوير الفوتوغرافي واألفالم والتلفزيون .إال أن اإلنترنت
يتضمن ويفوق وسائط االتصال ثورية هذه في ثالثة جوانب مهمة لها آثار عميقة على التسويق:
✓ لدى اإلنترنت قدرة أكبر على التفاعل ويتيح تحكما ً أكبر .تميل تجارب وسائل اإلعالم التقليدية
إلى أن تكون سلبية ،في حين أن التجارب على االنترنت عادة ما تكون أكثر نشاطا وتوجيها ً نحو
هدفٍ ما .فعند مشاهدة التلفزيون أو االستماع إلى الراديو أو القراءة في مجلة ما ،فإنك تفعل ذلك عادة ً
مصو ٍر فإنك ال تلعب فيه دورا ً رئيسيا ً .مع ذلك ،فإنك
َّ عالم
لترتاح وتسترخي فعندما تخوض في ٍ
بأمر ما :كالبحث عن المعلومات أو للتواصل مع عندما تدخل عالم االنترنت فإنك يكون عادة للقيام ٍ
شخص ما ،أو لشراء شيء ما.
ٍ
يتم تنشيط أهداف محددة في معظم أنشطة اإلنترنت ،وقد تضمن مدى تحقيق هذه األهداف
بسهولة تأثير كبير على ما إذا كان يُنظر إلى النشاط على أنه نجاح أو فشل .فعلى سبيل المثال ،عندما
يقوم الناس بالتسوق عبر اإلنترنت ،فإنهم يحكمون على هذه التجربة من خالل مدى سهولة التصفح
والبحث فيها و النتيجة النهائية من اتخاذ قرار الشراء أم ال فيها.
إن التفاعل والتحكم هما جانبان من جوانب تجربة خوض في االنترنت التي يمكن أن يكون
لها تأثير كبير على الرضا العام والسلوك المحتمل مستقبليا ً (مثل العودة إلى موقع على شبكة
االنترنت أو عدمه) .وقد وجد الباحثون أن التفاعل ال يعمل بطريقة بسيطة أو طريقة"ما هو أكثر هو
أفضل" ،فالتفاعل القليل جدا ً سيسبب ظهور المواقع االلكترونية على أنه مملة وجامدة ،إال أن الكثير
من التفاعل ويمكن أيضا ً أن يكون له تأثير سلبي إذا كان هناك فرض كثير للضرائب على الموارد
66
المعرفية للمشاهد .وقد ظهرت نتائج مشابهة لميزات التحكم .فإن الكثير من التفاعل أو قليله قد يكون
مثيرا ً لإلحباط .
ويدعم قيمة االعالن على شبكة االنترنت حقيقةَ أن أكثر أنواع اإلعالنات المتراصفة على
شبكة االنترنت – أي تلك اإلعالنات القليلة التي تظهر على صفحة نتائج البحث استنادا ً إلى ما تكتبه
في محرك البحث -هي الشكل األكثر شعبية من اإلعالنات على شبكة االنترنت ،أي ما يقرب من
نصف جميع النفقات التي يدفعها المعلنون على اإلنترنت.
✓ يلغي اإلنترنت تأخير ما بين التسويق والشراء .يم ِّ ّك ُن اإلنترنت الشركات من تحويل إعالن إلى
بيع الفوري دون وجود تأخير بين العمليتين .ويتمثل أحد اآلثار الرئيسية للتسويق و التسويق العصبي
في أن صنع ذكرى دائمة لم يعد هدفا ً مهما ً لإلعالن التجاري .باإلضافة إلى أنه في الوقت الذي تصب ُح
فيه الخبرات التسويقية على االنترنت في َمهب خبرات المبيعات ،فإن اختبار احتياجات التسويق على
االنترنت يحتاج إلى أن يشمل االختيار والنتائج الفعلية ،فضال عن االهتمام والعاطفية الردود.
هناك بعض المخاطر للمستهلكين من هذا التطور .قد تصبح تفعيل الهدف الباطن مصدرا ً
تحذير!
أكثر بروزا ً لعمليات الشراء ،قد يصبح من الصعب مقاومة عمليات الشراء متهورة عندما تكون
"فترة الهدوء" بين العرض والبيع قد اختفت.
67
بناء الموقع اإللكتروني األمثل
ق فعّالة :
يمكن أن يُسهم التسويق العصبي في تصميم الموقع من خالل ثالثة طر ٍ
✓ من خالل مساعدة المصممين في فهم كيفية قيام أدمغة الناس فعال باستهالك الصفحات
اإللكترونية :قد أظهر التطبيق آللية تتبع العين عند عرض الموقع اإللكتروني أنماط تحديق ُحد ْ
ِّّدت
نمطين من أنماط االنتباه:
• االنتباه من األسفل إلى األعلى :وهذا النوع من االهتمام هو غير الطوعي و أوتوماتيكي.
عند عرض المواقع ،تنجذب حالة االنتباه من األسفل إلى األعلى إلى أنواع معينة من الميزات ،مثل
السطوع الخاص بالخلفية ،وأُطر الصفحة الواضحة ووسط الصفحة المعروضة ،والتجمعات ضيقة
من الكائنات على الصفحة .تنتج ردود الفعل تلقائيا ً من قِّبَل نظام المعالجة البصرية في الدماغ ويمكن
للبرمجيات التنبؤ بها بمعدل دقة 80في المئة.
• االنتباه من أعلى إلى أسفل :ويتكون هذا النوع من االنتباه من أهداف وتوقعات المشاهد.
وبعد لحظات القليلة األولى من تف ُّحص المشاهد للصفحة التي يتم التحكم من قبل النظام االنتباه
التلقائي ،تتولى األهداف الخاصة بالمشاهد لتحديد المكان الذي سوف ينظر المشاهد الحقا ً و إلى متى
سيبقى محدقا ً.
ى
ويعني هذا االعتماد على أهداف أنه ال ينبغي نعتقد أن الصفحات اإللكترونية تمتلك مستو ً
ُمدرك من "الفعالية" .ويمكن فقط أن يُحكم على الصفحة اإللكترونية وفعالية الموقع اإللكتروني
نصيحة
أنها قريبة من أهداف وتوقعات التي يفترضها المشاهد من الصفحة.
✓ من خالل توفير أدلة بشأن المصادر الرئيسية لإلحباط الناتج من المواقع اإللكترونية :فقد
أظهرت الدراسات أن اإلحباط الناتج عن الموقع اإللكتروني يحدث عادة عندما تكون قد أعاقت
أهداف والتوقعات المشاهد من تنظيم الصفحة اإللكترونية ،أو تصميم عرض المهام في الصفحة ،أو
فوضى الناتجة عن أهدافٍ ليست لديها صلة ببعضها (وتكون عادة ً اإلعالنات) الموجودة حول
الصفحة .يمكن أن حدث هذه المقاطعات لسعي المشاهد وراء هدفه على المستوى الالوعي في
دماغه ،يمكن لها أن تؤثر بشكل كبير على ردود فعل المشاهد والسلوكه وغالبا ً ما تحدث دون إدراك
المشاهد للمصدر المسبب لردود أفعاله حيال ذلك.
68
✓ عن طريق مساعدة المصممين على فهم التأثير الالوعي على التجربة اإللكترونية :فبالرغم من
أن األهداف والمهمات المبتغاة من المواقع اإللكترونية تكون مدركة على نح ٍو سائ ٍد في أصلها
دور مه ٍ ّم في عرض الصفحة اإللكترونية.
ومتابعة تحقيقها ،إال أن العمليات الالواعية تستمر في لعب ٍ
ويحتاج مصممي المواقع اإللكترونية والمعلنين على شبكة اإلنترنت إلى فهم كيفية عمل عمليات
االنتباه المنخفض وإعداد المنتج عقليا ً وتأثير الذاكرة جنبا ً إلى جنب مع العمليات في العقل الواعي
وذلك من أجل تصميم تجربة إلكترونية تزيد من الفعالية على اإلنترنت والرضى الناتج عن التجربة
اإللكترونية.
✓ طريقة بحثنا عن المعلومات :إن ك َّل ما نفعله على شبكة اإلنترنت تقريبا ً هو الحصول على
المعلومات وتقييمها ومقارنتها مع بعضها وذلك بكل سهولة األمر الذي لم نكن نعتقد أنه سيحصل قبل
بضعة سنوات.
✓ األمور التي نتشاركها :يستطيع الناس اآلن مشاركة وصف أهدافهم وما يعجبهم مع أصدقائهم
شك ٍل أسهل من ذي قبل.
المتجر
ُ ✓ طريقة شرائنا لألشياء :ففي اإلنترنت ،يكون المتجر هو اإلعالن ذاته ،واإلعالن هو
عرض إغراء اإلرضاء المباشر للمستهلك بشك ٍل أكثر قوة ً من ذلك.
بح ِّدّ ذاته .فلم يسبق أن ُ
إن ك ّل واحدة من هذه اإلمكانيات الجديدة تمتلكُ نتائج غير مباشرةٍ ومه ّمة .فقد أدى استبدال
االستهالك السلبي للمعلومات عن طريق البحث الفعال إلى انحدار العديد من المعلومات التقليدية
"ال ِّوجهات" مثل الصحف والمجالت ونشرات أخبار المساء .وقد غيَّر مدى سهولة مشاركة الناس
المسوقون قد اعتمدوا عليهما لعقود .وقد
ّ ِّ ألذواقهم وما يفضلونه من دوافع اإلقناع واالختيار التي كان
رفع االختيار الالمحدود عند التسوق عبر اإلنترنت نتائج االختيار المفرط والذي يضع أعبا ًء جديدة
ومهمة على كاهل القدرة البشرية في اتخاذ القرارات.
وإن المعاني الضمنية طويلة المدى في هذه التغييرات الجذرية هي كما تم معرفته مؤخراً.
69
استخدام التسويق العصبي
في اختبار التجربة اإللكترونية
لقد تم استخدام آلية تتبع العين وتخطيط الموجات الدماغية وآلية التعرف على الوجوه جميعها
في اختبار استخدام المواقع اإللكترونية .ففي الوقت الذي يسعى فيه مصممي المواقع اإللكترونية إلى
حلول أكثر تناغما ً الختبار ك ٍّل من الدوافع الواعية والالواعية للتجربة اإللكترونية ،فإننا نتوقّع رؤية
زيادة في استخدام تقنيات التسويق العصبي باالرتباط مع المنهجيات التقليدية مثل تسجيالت الفيديو
والمالحظة المباشرة.
ف التسويق العصبي على نح ٍو واسعٍ في دراسة التسويق واإلعالن اإللكتروني ،إال ولقد ُو ِّ ّ
ظ َ
أنه هناك تح ٍد واح ٍد وهو أن آليات قياس ردود فعل الدماغ المباشرة مثل قياس الموجات الدماغية
وقياس كهربية العضالت لم تقم بتطوير منهجيات قوية لفصل تأثير اإلعالنات عن تأثير عناصر
أخرى في الصفحة اإللكترونية .وهنالك تح ٍّد آخر وهو تضمين أهداف ومهمات المستهلك والتي ال
تتناغم مع طرق التسويق العصبي بالقدر الذي تتطلبه.
ب عن التسويق والتسويق العصبي إذا ً ؟ هذا لماذا نناقش موضوع قطاع الترفيه في كتا ٍ
ألنه ومن خالل علم الدماغ عرفنا أن الترفيه هو وسط رئيسي ناق ٌل لتغيير التصرفات والسلوكيات تذكّر
قلب وقالب التسويق نفسه .فالقصة ليست رسالة تسويقية مقنعة وواضحة ،إال أنها و الذين يُعتبران َ
المسوقون ،
ّ سك بهق ال تتمكن الرسائل التسويقية التقليدية فعلها .وهذا ما يتم ّتستطي ُع إقناع الناس بطر ٍ
ويتوجب على المستهلكين فعل األمر ذاته.
70
حالة اقتناعٍ كبير ألن دفاعاتنا الطبيعية ضد الرسائل التسويقية المقتنعة تكون قد تركت في الواقع
كنتيج ٍة لذلك .إن تأثرنا العاطفي بالواقع يُسهل علينا ترتيب معتقداتنا وتقييماتنا مع القصة.
تستطيع القصص إضفاء الصخب إلى حياتنا وذلك عن طريق تركنا نخوض تجربة المواقف
التي لم تختبرها من قبل أو قد ال نجربها أبداً .فبالرغم من كون هذه التجربة تجربةً "ثانويةً" ،إال أنها
ت جديدة في عقولنا ،وخلق تنوعا ً في الذكريات الموجودة تُعد تجربة تغني حياتنا وتخلق من ذكريا ٍ
أصالً .ومن المهم أن نتخيل المخاطر التي يتوجب على شخوص القصة أن يغامروا باتخاذها دون أن
نُ َّ
طر للمغامرة بأنفسنا.
وال تسمح القصة المؤثرة لنا بالشعور بعواطف شخوصها فحسب ،بل إنها تُفع ُل أجزاءا ً
أخرى في عقولنا .فقد نشعر بالروائح عندما نقرأ عن القهوة ،أو قد نشعر بملمس يدي الشرير
منظور
ٌ قطار مسرعٍ .وهنا يقول ٍ المتينتان عندما نقرأ عنهما ،أو نشعر بالحركة عندما يقفز البطل من
مهم للتسويق العصبي :أن القصة تستطيع أن تُفعّل ذات المناطق التي في أدمغتنا حين يتم تفعيلها من
قبل تجربة واقعية مماثلة.
يخبرنا علم الدماغ بأن أدمغتنا تستوعب ما نقرأه من خبرات أو نشاهدها في األفالم وذلك عن
طريق محاكاة كيفية يمكن أن نجربها بأنفسنا .وهذا هو السبب وراء كون التسويق العصبي يقول عادة ً
أن ردود فعل الدماغ عند األشخاص الذين يُشاهدون خبرة ً ما هي مؤ ِّ ّ
ش ٌر جيد على ردود فعل العقلية
ألشخاص يشركون أنفسهم بهذه الخبرة فعلياً.
ٍ المحتملة
71
قصير يتضمن غايةً تسويقيةً :وهي دعوة ٍ فلم
إن المقطع الدعائي للفلم هو عبارة عن ٍ َّ
المشاهدين لرؤية الفلم .ويختبر الباحثون التقليديون المقاطع الدعائية لألفالم من خالل سؤال
المشاهدين بعد رؤيتهم لهذه المقاطع ع ّما إذا كانوا يخططون لمشاهدة الفلم .وتستطيع بحوث التسويق
العصبي فعل ما هو أكثر من ذلك ،فيمكنه إيصال المنظورات في ردود الفعل الالواعية إلى المقاطع
الدعائية مثل انطباعات الحداثة ومدى كون الشيء مألوفا ً ،وردود الفعل العاطفية للمشاهد المختلفة ،
والتقلبات في االنتباه واالهتمام وتزامن المشاهدين معها.
72
استخدام التسويق العصبي
الختبار القطاع الترفيهي
إن اختبار القطاع الترفيهي أكثر اهتماما ً بالقياسات اللحظية وبالتحديد كيفية تُنفّذ هذه القياسيات خالل
خوض التجربة؛ وذلك ألن التركيز هنا عبى التجربة بح ِّد ّ ذاتها.
مؤشر مهم على فعالية القطاع الترفيهي ،فيمكن ٌ ويُعتبر الهيجان العاطفي ( أي في شدّة المحاكاة) هو
قياسه من خالل جهاز قياس نشاط كهربية الجلد ( ،)EDAوهو يقيس كمية التعرق في الجلد .ويُعتبر
ت زمنية صةً عبر فترا ٍ
ي أيضا ً (سواء كان بتفضيل الشيء أو عدمه) أمرا ً مهما ً ،وخا ّ
التكافؤ العاطف ُّ
طولة .فيُمكن استخدام جهاز قياس حركة عضالت الوجه لتتبُّع الحركات العضلية الضئيلة جدا ً َّ
والمرتبطة بالتكافؤ من خالل عضالت االبتسام أو العبوس .ويمكن استخدام قياس كهربية العضالت
لقياس التوتر واإلجهاد عن طريق وضع الحساسات على الرقبة والكتف وعضالت الفك.
إن التقنيات التي تجس اإلشارات الدماغية على نح ٍو أعمق مثل قياس الموجات الدماغ والرنين
المغناطيسي قد استُخدمت بشك ٍل أقل اتساعا ً في دراسات القطاع الترفيهي .وهذا ألنها تخلق بيئة غير
تأثير
ٌ طبيعية وغير مريحة للتسجيل لفترة طويلة .فهي أيضا ً حساسة للحركات الجسدية التي تُعتبر
جانبي عادي للتجربة المنغمسة في قطاع الترفيه.
73
الفصل الرابع
-فهم المساهمة التي يمكن للتسويق العصبي القيام بها في مجال التسويق.
لم يظهر التسويق العصبي في المجال التسويقي دون أن يتلقى نصيبه من الجدل حوله .فإذا
قمتَ بتفقد حسابات اإلعالم العام لهذا المجال فستجد القليل من الناقدين هناك .ونحن نقدم في هذا ْ
مستو عا ٍل من بعض أهم
ً الكتاب الكثير من تلك االنتقادات .وفي هذا الفصل ،نطر ُح نظرة عامة على
الموضوعات التي يُثار الجدل حولها ونقدّم وجهات نظرنا حول مدى أخذ هذه المخاطر الممكنة على
محمل ال ِّ ّجد.
إن ما لن تجده في اإلعالم العام هو الكثير من النقاشات التي تدور حول الفوائد الممكنة التي
قد يوفرها التسويق العصبي لمجالي التسويق والبحوث التسويقية .ربما يكون هذا الموضوع أقل
جاذبية في األصل ،لكننا نعتقد أنه مهم على ح ٍّد سواء .ونحن بذلك نل ّخص ثالثة أنواع من الفوائد في
هذا الفصل.
وكما يكون منظورنا واضح ونحن نعتقد بأنه كذلك في أغلبه ،فإن التسويق العصبي هو
إضافة إيجابية لألدوات األسلوبية المتاحة لباحثي قطاع التسويق .فهو يستحضر نظرة أكثر واقعية
للعقل البشري إلى البحوث المجراة على المستهلكين و يُظهر الكثير من نقاط الضعف في البحوث
التقليدية وذلك كما وضّحنا في الفصل الثاني .نحن نعتقد أن التسويق العصبي يمكنه المساعدة في
تحسين كفاءة وفاعلية للتسويق ،كما ويقلل من فشل المنتجات والحمالت الدعائية ،ويجعل التسويق
بشك ٍل أساسي أكثر استجابة للحاجات والرغبات الواقعية للمستهلكين.
74
المستهلكين الحساسين مثل األطفال والمجموعات ذات الدخل المتدني .فمث ُل هذه الممارسات ال
يصنعها أو يُش ّجعها التسويق العصبي ولكنه قد يساعد عليها كما يساعد عليها أي شك ٍل آخر من أشكال
البحوث التسويقية.
المسوقين يريدون
ّ ِّ المسوقين غير منصف ٍة لهم .فالمن المؤكد أن
ّ ِّ وتُعتبر وجهة النظر هذه تجاه
ي ٍ ال يرحم تح ُّل
تشجيع المستهلكين على شراء منتجاتهم ،إال أن السوق نفسه ما هو إال ميدان تنافس ّ
المنتجات والعالمات التجارية المنافسة محل تلك التي ال تمتلك قيمة حقيقية بسرعة .ويكون فيه
المسوقون االستراتيجيات والتطبيقات الفعّالة وغيرّ ِّ النجاح والفشل ملحوظان بشك ٍل كبير ويتعلم
مستو عام حيث يكون تأثير التالعب ً الفعالة بسرع ٍة من بعضهم البعض .وهذا يخلق ملعبا ً على
بالمستهلكين أو اطالق إدعاءات كاذبة أكثر احتمالية في أن يكون ذا مفعو ٍل عكسي بدالً من أن يقود
إلى نجاحهم وذلك مهما است ُ ْع ِّم َل من تقنيات اإلقناع.
قد تكون حداثة التسويق العصبي في بعض األحيان مبالغا ً فيها من قِّبَل النقّاد ،فالممارسات
اض طويل من االكتشاف والنشر الذي التي نُسبت إلى تأثير التسويق العصبي غالبا ً ما كانت تمتلك م ٍ
بدأ على نح ٍو جيد وذلك قبل أن يكون التسويق العصبي موجودا ً في هذه المسألة .ففي الكثير من
الحاالت يستطيع التسويق العصبي اآلن إثبات سبب كون بعض هذه الممارسات فعّالة ( أو غير
فعّالة) ،إال أن هذه الممارسات نفسها ال يُمكن أن تُنسب إلى التسويق العصبي .فعلى سبيل المثال:
المسوقون أن الكثير من القرارات يتخذها العقل الباطن وأن التعرض للرسائل التي
ّ ✓ لطالما عرف
تبعثها اإلعالنات له تأثير على المستهلك حتى إذا لم يتذ ّكر التعرض لها.
75
المسوقون المشاهير في دعم العالمات التجارية وذلك قبل أن يؤكد التسويق العصبي
ّ ✓ لقد استخدم
أن مثل هذا الدعم قد يؤثر إيجابا ً على قرار المستهلك بالشراء .
قد ينتقل عدم االرتياح من التسويق أحيانا ً إلى التسويق العصبي ،فبعض النقّاد في األصل ال
تعجبهم فكرة التسويق .فهم ال يحبون أن تنهال عليهم اإلعالنات التجارية أينما التفتوا .وال يحبون أن
تكون مالبسهم تعلن عن اسم العالمة التجارية المنتسبة لها .وال يحبون فكرة أن يُطلق اسم ملعب
"سباغاتتي إكسبرس" على ملعب كرة السلة المفضل لديهم .فهذه مخاوف منطقية ،لكن هذه
التجاوزات في التسويق ال يُمكن أن تنسب إلى التسويق العصبي وال ألن تكون مشكلة صغيرة إذا ما
كان التسويق العصبي غير موجود.
نحن نعتقد حقيقةً أن التسويق العصبي يمتلك اإلمكانية ِّليُري المشوقين أخيرا ً كيف تؤثر تذكّر
المضرة على عالماتهم التجارية و على سمعتهم المشتركة .سنناقش في الفصل َّ هذه التجاوزات
السابع كيفية تطوير المستهلكين لدفاعاتهم الواعية والالواعية ضد اإلعالنات التي تحمل رسائل مقنعة
المسوقين على فهم أين يكونون يسرفون في أموالهم حين يبعدون المستهلكين ّ ِّ .ومن خالل مساعدة
بأيديهم في محاول ٍة لهم في التقدّم على فوضى المنتجات وإدعاءات الشركات المنافسة ،فنحن نؤمن
المسوقين
ّ المسوقين والمستهلكين على ح ٍّد سواء ،حيث يساعدّ ِّ بأن التسويق العصبي يستطيع إفادة
على صرف األموال التي يستخدمونها في التسويق بحكمة ،وهو يساعد المستهلكين في العيش في
عالم ذا ض ّج ٍة تسويقية أقل وغير مرتبطٍ بفوضى التسويق.
ٍ
دعونا نلقي نظرة ً على االتهامات الثالثة الرئيسية المو ّجهة للتسويق العصبي.
فعلى سبيل المثال ،تمتلك الموجات العقلية لديك شكالً مميزا ً عندما تكون تُعير االنتباه إلى
شيءٍ ما ،إال أن الموجات الدماغية هذه ال تبيّن بدق ٍة ما الذي تعيره انتباهك .فقد تكون منتبها ً إلى ما
يقوله موظف المبيعات ،أو إلى الساع ِّة ألنك تريد من موظف المبيعات السكوت حتى تذهب إلى
76
اجتماعٍ لديك ،أو قد تكون تتمرن على ما ستقوله في االجتماع القادم .فال تستطيع الموجات الدماغية
لديك أن توضّح الفرق ؛ فهي تُظ ِّه ُر أنك منتبهٌ لشيءٍ ما فقط.
تمتلك أدمغتنا كينونة داخلية معقدة وذلك فوق "عملها اليومي" في توجيهنا وإبقاءنا في مأمن
في هذا العالم وهذا كما سنفسره لك في الفصول الالحقة .ال وجود لسيناريو ذا سمعة حسن ٍة عاميا ً
فحص خارجي في المستقبل المتوقع ،فهذه ليست المشكلة ٍ حيث الكينونة الداخلية للدماغ ستنفتح على
التي يجب على المستهلكين وجماعات الدفاع العا ّمة القلق حيالها.
السرية وأن
ّ خزن بيانات المشاركين تتطلب سياسات الخصوصية التي تحت تفويض فدرالي أن ت ُ ّ
عرف بهوية مجهولة حيث يُمكن مطابقتها ببيانات هويتها السرية باستخدام نتاجاتها من دراسة ما ست ُ ّ
قاعدة بيانات ثالثة مطابقة وآمنة على ح ٍّد سواء .وتبيّن بعض سياسات هيئة المراجعة المؤسسية
( )IRBأنه ال يُمكن للبيانات أن تُنقل على أساس فردي ،وذلك حتى ولو كانت مخفية ؛ فإنها على
العكس يمكن نقلها على شكل المتوسط الحسابي لمجموع ٍة ما .
ق عصبي عضوا ً في هيئة الموظفين يحتل وظيفة التدريس الجامعي أيضا ً ظفت شركة تسوي ٍ إذا ما َو ّ
تحذير!
ق هيئة المراجعة المؤسسية ()IRB؛ ألنه يتطلب ،فإنه من المحتمل أن تعمل هذه الشركة تحت اتفا ِّ
من أعضاء التدريس في الكليات أن يكون لديهم موافقة من هيئة المراجعة المؤسسية لجميع البحوث
المجراة على عينات بشرية التي يقومون بها حتى ولو أ ُ ِّ
جر َي ْ
ت لمؤسس ٍة خاصة .ومع ذلك ،فقد ال
تخضع مؤسسات التسويق العصبي الخاصة إلى قوانين الخصوصية وذلك إن لم ت َكن مرتبطة بهيئة أو
ث ممول فدراليا ً .لذلك فإنه من األفضل دائما ً أن تسأل الشريك المحتمل في التسويق العصبي عن بح ٍ
سياسات حماية الخصوصية للمشاركين في بحثه .وستجدُ أن هناك شركاتٌ ذات سمعة جيدة إما تعمل
بموافقة من هيئة المراجعة المؤسسية أو ت ُ ِّق ُّر بتعليمات سياسة الخصوصية في منظمات البحوث
الصناعية مثل منظمة( (www.esomar.org) )ESOMARأو جمعية علوم وأعمال التسويق
العصبي ).(www.nmsba.com
77
ضغ ُ
ط "زر الشراء" في عقولنا
وهذا األمر يتبع بشكل ما سبق وتحدثنا عنه أوالً .فإذا مستخدمي التسويق العصبي يستطيعون
قراءة عقولنا ،فإنهم يستطيعون اكتشاف السبل للتالعب بنا وحثِّ ّنا على شراء األشياء التي قد ال
نشتريها على نح ٍو آخر؛ أي بما معناه أنهم إذا كانوا يستطيعون إيجاد "زر الشراء" في عقولنا
فسيضغطون عليه و يجعلوننا نشتري هذه األشياء.
باستمرار أن علماء
ٍ يُحبُّ اإلعالم العام استخدام استعارة المجازية "زر الشراء" ويفترضون
األعصاب كالصولجان الذي يعرف المصدر السحري للسيطرة على المستهلكين والذي سيسمح
للمسوقين أن جعل المستهلكين آالت شراء عديمة العقل (ونحن نفضل اطالق مصطلح المستهلكين ّ
المسوقين.
ّ اآلليين) تحت تصرف
إال أن هناك خل ٌل واحدٌ في هذا السيناريو الباعث للرعب الممتع وهو أن العقول ال تعمل بتلك
الطريقة ،وال وجود لـ"زر الشراء" في الدماغ .فقرارات الشراء ما هي إال سلوكيات معقّدة تحدث
ت بين توقعا ٍ
ت لربحٍ معين أو وتفرض تبادال ٍ
ُ ت واعية والواعية في العقل ،عبر الوقت مشركةً عمليا ٍ
معرضة لتعددية التأثير الموجودة خارج عقل المستهلك .فقد
انزعاج من دفع المال لقاء شرائها وهي ّ
تُحاول شركة (فيراري) ضغط "زر الشراء" في عقلك وتجعلك ترغب بالشراء متى رغبت ذلك،
دوالر في حسابك المصرفي ؛ فعندها لن تشتري السيارة (تيستاروزا)ٍ ولكن طالما لديك 250ألف
الجديدة الخاصة بشركة فيراري.
ونحن ونحن نؤمن بالفعل أن التسويق العصبي – الذي قد يكون منتشرا ً -قد يُؤدي إلى
ت تجاري ٍة أكثر جاذبية للمستهلكين ،ويزيد من فعالية التسويق و يؤدي إلى مبيعات و منتجات وعالما ٍ
أرباحٍ ودخل أكثر .أما في الوقت الحاضر فإن هذا يُعتبر نظرية بدالً من حقيقة مثبتة ،إال أنه ت َّم
اختبارها حول العالم .ونحن نؤمن أن فهم المبني على العلم لمبادئ التسويق العصبي يستطيع أن
للمسوقين لتشكيل قرارات وأفعال المستهلكين بفعالية أكثر .وهذا سيحدث ليس ألن ّ ِّ يخلق فرصا ً
سيزودون السوق بمنتجات أكثر جاذبية.ّ المسوقين يحيزون على سيطرة أكثر ولكن ألن ّ
وكما أدرك الروائي (وليام غيبسون) مقولته المشهورة " :إن المستقبل موجودٌ هنا أصالً
متوزعا ً بالتساوي" .وهذا ما يحصل مع التسويق العصبي .فإذا كان المجال الجديد هذا ّ ولكن ليس
وسيتطور إلى ممارسة سائدة ،وستتعادل الميزات اإليجابية هذه في ّ يمنح ميزة تنافسية ألول متبنيه،
السوق .وإذا جعل من التسويق أكثر كفاءة وأقل تبذيرا ً ،فإن هذه المدَّخرات ستنتشر عائدة ً إلى
ت أفضل أو قيم متزايدة ألصحاب األسهم .فإذا كانت اإلقتصاد على شكل أسعار منخفضة أو منتجا ٍ
ت أخرى أكثر نفعاً .ففي الحالتين فستحدث هذه التغييرات تتيح قيمة منافسة بالفعل ،فستُستبدل بمنهجيا ٍ
ُحث أحدٌ على شراء شيء .بدون أن ي ُّ
78
جعلنا نرغب بأشياءٍ غير نافع ٍة لنا
ضار ٍة لهم هم مشكلة في السياسة الشخصية والعامة ،وأحيانا ً ما
ّ إن الناس الذين يفعلون أشيا َء
تنتهي بعواقب مأساوية .ولكن المشكلة التي كانت واجهتنا قبل نشوء التسويق العصبي بوقت قليل،
وأن المشكلة التي ستظ ُّل تواجهنا طالما نخوض صراعا ً دائما ً في عقلنا بين المقاومة أو االستسالم
لإلغراء.
حق في خشيتهم من كون التسويق العصبي يخلق إغراء أصعب من أن ولكن لديه النقاد ٌّ
تحذير!
يقاوم في التفكير كذلك .وفي تخمين أن المنتجات والتسويق هما معدلين بطريقة جيدة لتؤثر بعمق
صةً إذا كان الناس
بأجزاء ساذجة والواعية في أدمغتنا ،وسوف يصبح من الصعب مقاومتها ،وخا ّ
غير مدركين بأنه يتم التأثير عليهم ،فإن قدرتهم على المقاومة ستتعرض إلى خطر .وهذا األمر الذي
يخشى النقاد منه هو أمر منطقي.
مع ذلك ،فيُعدُّ النقّادُ مخطئين عندما يستعرضون التسويق العصبي على أنه سالح يُمكن
ُعتبر عل ُم
للمسوقين فقط ليُضعفون قدرة المستهلك على كبح ِّجماح اإلغراءات التي يقومون بها .فال ي ُ
الدماغ -في الواقع -الذي يُبنى عليه التسويق العصبي سالحا ً لطرفٍ أو طرفٍ آخر .فإنه هذا العلم
يستمر في تحسين فهمنا السبب وراء قيام الناس إقحام أنفسهم بسلوكٍ يسبب األذى لهم ،والمعرفة
التي يستطيع التسويق الكشف عنها والتي يُمكن استخدامها في تطوير حلوالً عملية للتصدي لمثل هذا
السلوك ،ال الستخدامه فقط .ويبرز السؤال هنا ع ّمن سيختار أن يستخدمه.
وكما سنناقش في الفصل ،12قد تمتلك الصفات والتو ّجهات الشخصية تأثيرا ً أكبر على جميع
السلوكيات التي تسبب األذى للشخص ذاته (مثل الشراهة واإلدمان والسلوكيات الملزمة والمخاطرة
الزائدة وما إلى ذلك من سلوكيات) وذلك أكثر من أي نوعٍ من الرسائل التي يتضمنها التسويق مهما
كانت الرسالة معدّلة جيدا ً وهادفة.
ال يجعلنا التسويق العصبي نشتري أو نفعل أشيا ًء بالمعنى الحرفي للكلمة سواء أكانت
تذكَر
تلك األشياء جيدة لنا أم ال .إنما التسويق هو من غير ريب مسألة محاولة جعلنا نشتري األشياء ،
وأن التسويق العصبي هو بالطبع مسألة مساعدة التسويق في أداء مهمته ،ولكن ال يُمكن إجبار البشر
ق فسيقول :إذا كان ذلك بتلكمسو ٍ
على أن يفعلوا شيءٍ ال يريدون فعله في مرحل ٍة ما .وإذا سألت أي ّ ِّ
السهولة ،فإن الجميع سيقومون به.
79
الفوائد الكامنة في التسويق العصبي
فيما سبق ،ألقينا نظرة ً على الجزء الفارغ من الكأس ،أما اآلن دعنا نلقي نظرة ً على النصف
ق يُمكن من خاللها أن يوفّر
الممتلئ منه .لقد بدأ أصحاب المهن وكتاب التقارير بالتفكير في طر ٍ
والمسوقين وللمجتمع على النطاق الواسع -وذلك
ّ التسويق العصبي منافع عا ّمة -أي للمستهلكين
بالرغم من ضعف تقديمه لنسخة صحفية مثيرة .وفي هذا القسم سنوضّح ثالثة منافع رئيسية تم
طرحها.
أن االقتصاديات السلوكية هي إحدى الفروع األكاديمية التي يتضمنها التسويق العصبي, َّ
ويسلط الضوء على كيفية قيام البشر باتخاذ قرارات اقتصادية وتجارية .وتمنحنا االقتصاديات
السلوكية وسائل قوية وجديدة لفهم ومنع حصول األزمات االقتصادية أو للتعامل مع العواقب الناتجة
عنها في حال لم يكن من الممكن منعها .وقد لقيت االقتصاديات السلوكية أيضا ً جمهورا ً منفتحا ً من
صة الهادفين إلى تطوير فعالية القرارات التي يحتاجون المدراء التنفيذيين في القطاعات العا ّمة والخا ّ
إلى اتخاذها .ويجب على النتيجة النهائية لتبني هذا النموذج الواقعي التخاذ القرارات أن تكون
التعرف عليها وتصحيحها ّ إيجابية؛ وذلك ألن انحراف القرارات التي لم نكن مدركين لها سابقا ً قد تم
في عملية اتخاذ القرارات المالية الشخصية والمشتركة.
موقف مماث ٌل متعلقا ً بالتسويق العصبي يحدث اآلن .فالتسويق العصبي ٌ نحن نعتقد أن هناك
ي على نتائج علم الدماغ الذي تسم ُح لنا فهم كيفية قيام المستهلكين باتخاذ القرارات فعالً وكيف يتممبن ٌّ
ت عقلية داخلية ومن خالل تلميحا ٍ
ت من البيئة التي حولنا. التأثير على هذه القرارات من قِّبَل عمليا ٍ
المسوقون استخدام هذه المنظورات ليرفعوا فعالية التقنيات واالستراتيجيات التي يتبعونها،ّ ِّ ويستطيع
ت أفضل.ويستطيع المستهلكون هذه المنظورات ذاتها التخاذ قرارا ٍ
س فيه مبادئ علم األعصاب في المدارس ،مساعدة ً الطالب ونحن نلحظ مستقبالً حيث ت ُ ّ
در ُ
على تطوير قوة إرادتهم في اتخاذ القرارات ،وتحسين قدرتهم على تغيير العاداتهم السيئة ،وزيادة
وعيهم وإدراكهم لكيفية تشكيل االنطباعات الالواعية والمنحرفة لقراراتهم وحتى أكثر من ذلك.
ُعتبر التسويق -على الرغم من ذلك -نوعا ً من التعلُّم .ففي الواقع ،يُعتبر في بعض وي ُ
تذكَر
الحاالت نوعا ً من أنواعِّ التعلُّم األكثر قوة ً من مما حققناه في غرفنا الصفّية .فإن معظم األمريكيين
80
ال يستطيعون تذ ُّكر عواصم الواليات األمريكية الخمسين التي حفظوها في المدرسة ،ولكنهم ما زالوا
يهمهمون باألغنية الخاصة بالواليات الخمسين التي شاهدوها على التلفاز عندما كانوا صغارا ً .ويمكن
تطبيق مبادئ علم الدماغ ذاتها التي يتض ّمنها التسويق العصبي بل ويجب تطبيقها لتحسين تقنيات
التعليم والتثقيف حول العالم.
توفّر العالمات التجارية طرقا ً مختصرة وسريعة لإلرباك الكبير للمنتجات والعروض في
العديد من الفئات .فبدالً من مقارنة أعدادا ً كبيرة من المنتجات البديلة ،فإن المستهلكين يحددون عملية
اتخاذهم للقرارات إلى عدد قليل من العالمات التجارية المعروفة .ويساعد التسويق العصبي
المسوقين على فهم كيفية سير هذه العملية وكيف يمكنهم تسهيلها على المستهلكين في استخدام ّ
العالمات التجارية على أنها طرق مختصرة التخاذ القرارات.
حقل فرعي من عمل الدماغ ويسمى التصميم العصبي والذي يُر ّكز على التعرف على
عناصر في تصميم األشياء المادية التي يجدها عقلنا بطبيعته مبهجةً جماليا ً (انظر الفصل .)10وقد
أمد مستخدمي التسويق العصبي هذه العملية بالمال من أجل مساعدة مصممي المنتجات على تطوير
وتضيف صفة من المتعة
ُ الناظر إليها والتي َيسهُ استخدامها
ِّ المنتجات وأغلفتها التي تعكس متعة إلى
الجمالية على حياتنا اليومية.
المسوقين يعتاشون
ّ ُنظر إلى التسويق العصبي أحيانا ً من زاوية سلبية ،ولكن من المهم تذ ُّكر
ي ُ
إن التسويق السليم هو الذي من إيصال المنتجات التي يُفضلها البشر ويعودون إلى شرائها مجدداًَّ .
ت مختلفة .وهذا ير ّكز أناس مختلفين في الرغبات والحاجات من خالل منتجا ٍ يتفهم كيف يُمكن إرضاء ٍ
ت جديدة ،تنوعٍ متزاي ٍد منها في السوق ،ويوفّ ُر خيارا ٍ
على جماعات مستهدفة أكثر للمستهلكين وإلى ّ
ويرف ُع من قيمتها .وكامتدا ٍد إلمكانية التسويق العصبي المساعدة في الكشف عن حاجات ورغبات
قادر
الزبون المختلفة التي ال يستطي ُع الناس في العادة التعبير عنها بأنفسهم ،فإن التسويق العصبي ٌ
ت جديدةٍ في السوق والتي تمتلك فرصة أفضل في على مساعدة شراكات اإلنتاج في طرح منتجا ٍ
النجاح.
81
االعتراف بأهمية
القيمة غير الملموسة
ب مؤ ِّث ّ ٍر عام
بإلقاء خطا ٍ
ِّ قام المدير التنفيذي في شركة ()Ogilvyللدعاية والتسويق (روي سوذرالند)
2009حيث ناقش أنه ال يجب على صانعي اإلعالنات ( كامتدا ٍد للمسوقين) االعتذار عما يفعلونه بل
ويجب عليهم االحتفاء بحقيقة أنهم باألحرى يوفرون خدمة رائعةً للمجتمع؛ فهم يزيدون من المتعة
والبهجة التي نحص ُل عليها من استهالكنا لألشياء عن طريق زيادة القيمة غير الملموسة وذلك بدالً
من القيمة الملموسة لألشياء من حولنا.
تكمن النقطة التي تحدث عنها (سوذرالند) بطريقة ساخرة في أنها نقطة مهمة .وقد علمتنا
العلم العصبي واالقتصاديات السلوكية أن كل القيم كما ُوضّحت في العقل البشري متقاربة .فليس
صلةً في "الشيء" الخارجي فقط بل هي مدركة؛ أي أنها ذاتية مبنية داخل عقولنا ودائما ً ما تكون متأ ِّ ّ
ت الذاتية أخرى .ويسأ ُل (سوذرالند) سؤاالً ابتداعي هو :ما السيء بشأن صلة ببعض المدركا ٍ
على ِّ
تحسن متعتنا عن طريق تحسين مدركاتنا بدالً من انفاق أموالنا على تحسين السلع الماديّة مباشرةً؟
أطلق بعض كاتبي التقارير اسم التأثير المهدّئ على القيمة غير الملموسة للتسويق .فهو
كالحبوب المهدئة ال تفعل شيء ولكنها تشعرنا بأننا أفضل حاالً .وقد استشهد (سوذرالند) بالتعريف
الشهير للشعر وهو " :الشعر هو حين عندما تجعل من األشياء الجديدة أشيا ًء مألوفة ،ومن األشياء
ويق إال مساعدة ً
تعريف التسويق .ما التس ُ
ُ المألوفة أشيا ًء جديدة ".ويمكن لهذا أن يكون وبكل بساط ٍة
للناس على تقبُّل قيمة األشياء الجديدة واالستمرار برؤية قيمة األشياء المألوفة .ويوفّر التسويق
المسوقين في التغلب على هذا التحدي. ّ ِّ العصبي وسائل جديدة فريدةٍ من نوعها لمساعدة
وتحمل العالمات التجارية القيمة غير الملموسة ،فهي تسهل االختيار وتتضمن روح ما قدمه
ع ُم ٍر من الجدارة بالتنوع في المنتجات التي تنتمي
المنتجات للمستهلكين .ويمكن أن تلخص خبرة ُ
لعالمة تجارية واحدة .وقد تُضيف العالمات التجارية القوية قيمةً غير ملموس ٍة للتجربة االستهالكية
أوحس بالرخاء أو رفعٍ للجدارة الذاتية لدى المستهلك
ٍّ وذلك من خالل إضافة المتعة أوالبهجة أواألمان
،وبذلك إعطاء المنتج قيمة أكبر من تلك المنتجات التي ال تنتمي إلى عالمة تجارية والتي تأمل
تحقيق ذلك.
أمر سي ٌء جدا ً ؟
هل ذلك هو ٌ
82
تعلُّم العيش مع التسويق العصبي :وقائ ُع جديدة
نحن نعتقد -ومن دون استغراب -أن التسويق العصبي هنا ليظل معنا وهذا ،وإال فلم نكون
مفهوم
ٍ مجرد
ّ كتبنا هذا الكتاب! ونحن نؤمن بأن السبب الذي يثبت ذلك هو أن التسويق العصبي ليس
ب وراسخٍ لالكتشاف العلمي. ألساس صل ٍ
ٍ طوره بعض الخبراء أو األكاديميين .فهو امتدادٌ طبيعي
يٍ ّ
ذك ّ
ع علمية قديرة وشديدة فعلم األعصاب و علم النفس االجتماعي واالقتصاديات السلوكية كلُّها فرو ٌ
كبير من المنظورات والنتاجات إلى التسويق العصبي. الحساسية والتي ستستمر في توجيه ك ُّم ٌ
✓ سبب تقبُّل المستهلكين ألفكار المنتجات الجديدة بحماسة في مجموعات البحث أو المقابالت ،ثم
يقصرون في شراء المنتجات الجديدة عندما تُطر ُح في السوق
83
المستهلكون غير عاجزون
ي على افتراض التأثير الذي أبدى النقّاد الكثير من المخاوف على أن التسويق العصبي مبن ٌّ
عاف ومستسلمين ،وبذلك يَس ُهل خداعهم من قِّبل المسوقين
ض ٌ يتوجب حماية المستهلكين منه ألنهم ِّ
األذكياء والم َّكارين.
ساخر؛ ألنه إذا ما استغرق هؤالء النقّاد في فهم علم الدماغ الذي يتضمنه
ٌ لكن هذا تقيي ٌم
مزودين بأدمغة متطورة
التسويق العصبي (كقراءة هذا الكتاب!) ،سيدركون حينها أن المستهلكين َّ
ع بين
مستو عا ٍل مما يجعل منهم العبين مرعبين في هذه اللعبة االقتصادية التي هي صرا ٌ ً على
الشاري والبائع .وكما نوضّح في الفصل الثاني ،فالمستهلكين ليسوا مستهلكين عقالنيين كما تم
افترضت نظرية اقتصادية وتسويقية تقليدية ،لكنهم مستهلكين مدركين بحدسهم والذين يعمل لديهم
عالم
العقل الواعي والالواعي مع بعضهما لمساعدتهم في التنقل واتخاذ القرارات الجيدة بنجاحٍ وسط ٍ
مفعم بالضجيج والتعقيد.ٍ
درس مهم يعلمهم إياه التسويق العصبي ،فهو أن يُذ ّكرهم بأن يولوا
ٌ للمسوقين
َّ وإذا كان
احتراما ً أكبر للقوى الحسية لدى المستهلكين الذين يريدون التأثير عليهم .فالمستهلكين في الواقع
تحذير!
للمسوقين.
ّ هم أصعب من أن يتم خداعهم وسيسعون الختيار ما هو األفض ُل لهم وليس ما هو أفضل
طو َر المستهلكون في صةً في الفصلين السابع والثامن) ،فقد َّ
وكما نستعرض في هذا الكتاب (وخا ّ
االقتصاديات الغربية الحديثة بعضا ً من ردود الفعل تصحيحية وطرقا ً مختصرة ً التخاذ القرارات مما
يجع من الرسائل المقنعة التي تبثّها اإلعالنات صعبة التحقيق وليس العكس.
المسوقين الستغالل
ّ وال يُقر التسويق العصبي حزمة من "الخدع الرخيصة" في مساعدة
المسوقين
ّ ضعاف .فهو يوفّر طريقة مبنية على أساس علمي بحت لفهم عقلي ك ٍّل من
المستهلكين ال ِّ ّ
والمستهلكين.
84
المسوق
ِّ رؤية العالم من خالل نظرة
المسوقين
ّ ِّ المسوقين وذلك وكما يُساعد
ّ يساعد التسويق العصبي المستهلكين لفهم طريقة تفكير
على فِّهم طريقة تفكير المستهلكين.
فالمسوقين
ّ المسوقين أساسا ً أن يفهموا ك ّل ما يتعلق بالمستهلكين ألنهم يريدون اسعادهم.
ّ فيريد
ق سيخبرك بأنه عمله سيكون مسو ٍ
ي ّ يريدون إرضاء حاجات المستهلكين وليس للتالعب فيهم .فأ ُّ
أسهل إذا ما تمكن من إعطاء المستهلك ما يريده ،بدالً من محاولة إقناعه بشراء شيءٍ ال يهتمون به
حقاً.
المسوقين لن يستخدموا جميع مواردهم المتاحة لجعل المستهلكين يشترون ّ وهذا ال يعني أن
منتجاتهم بدالً من منتجات منافسيهم ؛ ألنهم يعلمون أن منافسيهم يفعلون الشي َء ذاته .ففي الوقت الذي
تتعرف عليها أدمغتنا وتستهلك القيمة غير الملموسة
المسوقين بإدراك واستثمار الطرق التي ّ
ّ يقوم فيه
المسوقون في التأثير عليهم في
ّ ،فإنه سيصبح من الصعب على المستهلكين إدراك الجهود التي يبذلها
السوق.
ويطرح أحد مبادئ التسويق العصبي أن التأثير الالواعي على خيارات وآراء الناس ستفقد
قدرتها على التأثير عندما يكون الناس مدركين لها .فعندما يُثقّف الناس أنفسهم –عن طريق قراءة
كتاب مثل هذا الكتاب -فيستطيع المستهلكين تعلُّم كيفية عمل عقلهم الباطن ،كما ويتعلموا عن كيفية
تأثير عمليات إطالق األحكام واتخاذ القرارات في الالوعي عليهم فيما يمارسون أنشطتهم اليومية.
85
الجزء الثاني
86
في هذا الجزء...
سنلتفت إلى االستنتاجات الجديدة في حقو ٍل متعدد التي وفّرت
لنا نظرة جديدة وأساسية في كيفية عمل عقل المستهلك.
وتتضمن هذه الحقول استنتاجات جديدة وأحيانا ً مذهلة وحدسية
فيما يتعلق بكيفية تفاعل العقل الالواعي مع العقل الواعي لخلق
انطباعات وأحكام واختيارات وسلوكيات .وتمتلك هذه
االستنتاجات مضامين طبيعية عن سلوك التسويق العصبي
والمستهلك ويمكن تطبيقها حتميا ُ على استفسارات التسويق.
87
الفصل الخامس
المستهلك االدراكي:
العمليات الالواعية ضمن
سلوك المستهلك
سنلقي الضوء في هذا الفصل على بعض الطرق المهمة التي يساهم فيها العقل الالواعي
في قراراتنا وأفعالنا كمستهلكين .سنناقش أوالً فكرة أن العقل البشري ما هو إال بخيل
إدراكيا ً ؛ أي أنه يكره بذل أيّه طاقة عقلية أكثر مما هو ضروري لتدبر أمره في الحياة
الواقعية .وسنقدم لكم أربعة مبادئ في عمل الدماغ التي تو ِّ ّجه سلوكنا وتس ِّ ّهل اختياراتنا
كالبخالء اإلدراكيا ً وهي :الكفاءة والحداثة ومدى األلفة وسالسة المعالجة.
ث َّم سنستعرض بعدها كيفية استخدام العقل الالوعي لهذه المبادئ في مساعدتنا على
استيعاب عالمنا وجعلنا نقرر ما سنفعله األمر نقوم به آالف المرات في اليوم الواحد.
وسنناقش قدرة الدماغ الرائعة في اتخاذ القرارات دون أن التفكير بها تفكيرا ً واعياً،
وسنستعرض كيف تتمكن آلية رائعة تسمى باالستحضار الذهني بتحفيز االختيارات
واألفعال المعقدة وذلك وبك ِّّل بساطة عن طريق تشكيل االرتباطات الذهنية بين األفكار
الموجودة في عقولنا والتي تحدث كلها خارج نطاق وعينا اإلدراكي.
88
وتقودنا قدرات عقلنا الالواعي الرائعة هذه إلى أن نسأل ما يجيده عقلنا الواعي في
الواقع .وتر ّكز البقية على أن التفكير الواعي ما يزال مه ّما ً جدا ً فقط في التعلُّم والتخطيط
،وليس التخاذ القرارات على نح ٍو واسعٍ.
فهم أعمق للمتغيرات الثالثة الرئيسية
وفي النهاية سنط ِّبّق هذه المعرفة الجديدة لتوفير ٍ
التي يُعنى بها المسوقين عندما يفكرون أدمغة المستهلكين وهي :االنتباه والعاطفة
والذاكرة.
المستهلك الحدسي
هو بخيل إدراكيا ً
شخص يكره صرف المال .فالبخيل الحقيقي هو من يعرف طرقا ً كثيرة ٌ ما البخي ُل إال
مطعم ما.
ٍ عذر مثالي لجعل غيره يدفع فاتورة العشاء في تج ِّنّبهُ صرف النقود ،كابتكار ٍ
وعقولنا هي أيضا ً بخيلة ،لكن القيمة التي يتجنبون دفعها هي الجهد الذهني؛ أي مقدار
النشاط اإلدراكي المستلزم التخاذ قرار أو القيام بفع ٍل ما في عالمنا ،وذلك يتضمن اتخاذ
القرار والتصرف كمستهلكين ومتسوقين.
بكثير من الطرق في سلوك المستهلك.
ٍ وتستعرض نزعة تجاه البخل اإلدراكي هذه نفسها
وسنوضّح أربعةً أمثلة مه ّمة في هذا القسم:
✓ الحداثة :فنحن ننجذب إلى الحداثة ونو ِّ ّجه انتباهنا بطبعنا إلى األشياء الجديدة
والمثيرة لالهتمام.
ُ
حيث ننجذب إلى األشياء المألوفة لدينا ونكتسب نزعة طبيعية من األلفة ✓ مدى األلفة:
تجاه ما هو مشابه لها.
✓ معالجة السالسة :فنحن نفسر المعلومات التي يس ُهل معالجتها ذهنيا ً على أنها أكثر
مصداقية وإقناعا وجديرة بأن تكون مفضلة.
89
تفسير عالمنا بكفاءة
ال تحبُّ أدمغتنا أن تعمل كثيراً ،فالجهد الذهني يتطلب طاقة حيث يستهلك الدماغ البشري
ي ِّ عض ٍو آخر في الجسد؛ فبالرغم من أن وزن الدماغ العادي يُعادل %3 طاقة أكثر من أ ّ
من نسبة وزن الجسم إال أنه يستهلك %20من السعرات الحرارية التي يحصل عليها
طو َر ليعمل بكفاءة.
الجسم في اليوم الواحد .لذا فإنه قد ّ ِّ
قمنا في الفصل الثاني بإطالعكم على دانيال كينمان ونموذجي النظام 1و 2الخاصان
ب مهم من جوانب بعمليات المعالجة الذهنية .ويساعدنا نموذج كينمان على فهم جان ٍ
الكفاءة العقلية والتي يسميها بـ"بالتحكم الكسول" .إنما التحكم الكسول هو وبشكل أساسي
ب عمل النظام ( 2العقل الالواعي) عن كثب. فكرة أن النظام( 2العقل الالواعي) ال يرقُ ُ
فبسبب كون أدمغتنا تعمل بكفاءة أكثر عندما نتجنّب الجهد الذهني الكبير ،فإن اآللية
األساسية لدينها هي تجنب تفعيل التحكم الواعي إذا لم األمر ضروريا ً جدا ً ويستوجب
ذلك .وبالتالي يبذل عقلنا الواعي مجهودا ً ضئيالً للتحكم في عمليات المعالجة في
الالوعي.
قد تعتقد أن ميلنا إلحداث الكفاءة العقلية عن طريق عمليات المعالجة الالواعية ما هي إال
أمر سيء ,أنه يُستحسن أن نبتعد عنها إذا ما قمنا – مثل السيد سبوكس -بإجبار عقولنا ٌ
حين آلخر .إال أنه وفي الحقيقة ال يوجد أي دلي ٍل مهم على أن هذا
على العمل أكثر من ٍ
االعتقاد خاطئ ،فقد اكتشف العلماء أن استهالك الطاقة العقلية للتحكم في سلوكياتنا
يستنزف قدرتنا على بذل المجهود في التحكم فيه الحقاً .ويُسمى هذا التأثير " االستنزاف
عرضةً لإلغراءات وفقدان السيطرة الذاتية مما يؤدي إلى نوبة من الذاتي" والذي يجعلنا ُ
الجهد الذهني الكبير.
وعلى سبيل المثال ،وفي عدة اختبارات أجراها عالم النفس االجتماعي الذي يُدعى بـ
أشخاص قاوموا إغراء الصوت الناتج عن مضغ حلوى ٍ "روي باومستر" على
توا ً كانوا أقل قدرة ً على مقاومة اإلغراءات األخرى في
" "M&M'sأو الكعك المخبوز ّ
حزين ،كانوا
ٍ فلم
مرحلة الحقة .فعندما ُو ّجه الناس على كبح مشاعرهم خالل عرض ٍ
لغز
ت الحقة تتطلب ضبط النفس مثل العمل على حل ٍ أسرع استسالما ً في اختبارا ٍ
هندسي أو تمرين قبض اليدين .فك ُّل هذه التأثيرات الخاصة بالجهد العقلي الكبير على
النشاطات الالحقة قد حصلت خارج نطاق وعي المشارك اإلدراكي.
90
الدرس الذي يجب أن يستفيد منه المستهلكون هو :إذا كنت تحاول جهدك للسيطرة
نصيحة
على وجباتك التي تعتبر جزا ً من الرجيم الجديد الخاص بك ،فقد تجد نفسك أقل قدرة
على مقاومة شراء علبة الكعك تلك في المرة التس تذهب بها إلى التسوق .فال يكون مبدأ
الكفاءة العقلية دائما ً هو العدو للمستهلك العاقل؛ فهو أحيانا ً ما يكون مجرد تصوير له.
فالتفكير الكثير أو قلة التفكير يجعالننا نقوم بأشياء نندم عليها الحقاً.
صل فيهم الخاص بالكفاءة العقلية ،فقد وبمعرفة المسوقين أن الناس لديهم هذا الميل المتأ ِّ ّ
يواجههم خيار أخالقي :هو إما أن يُعدوا الممارسات التسويقية على أساس توصيل فكرة
منتجاتهم وعالماتهم التجارية أكثر كفاءة على الصعيد الحدسي ،أو أن يحاولوا " يتالعب
بالنظام" عن طريق خلق ارتباطات خاطئة يأملون ّأال يالحظها المستهلكون ناتج عن
مقاومتهم لالشتراك في تقييم واعي ومدروس .ونحن هنا ال نحبذ المسلك الثاني أبداً ،ليس
ألنه مضلل أو الأخالقي فحسب ،بل ألنه قائم على مقترح زائف .ويُعتبر المستهلكين
الحدسيين أقدر على معرفة االرتباطات الزائفة من مما قد يعتقده أولئك المسوقين عديمي
الضمير.
92
بعث الراحة فينا من خالل مدى ألفة األشياء
قوة ً لسلوك المستهلك .وكما هي الحال في انجذابنا إلى تُعتبر األلفة إحدى أكثر المحفزات ّ
ما هو جديد ،فإن انجذابنا إلى ما هو مألوف يضرب جذورا ً في أصل نشؤنا .فبالرغم من
أن الحداثة تنبهنا للفرص المتاحة للتعلم منها ،فإن األلفة تنحنا إحساسا ً بالراحة بما قد
تعلمناه مسبقاً .فإذا كان شي ٌء ما مألوفا ً لدينا ،عندها نتمكن من يحدد جهذا ً عقليا ً أقل بكثير
تجاهه .فنكتسب إحساسا ً متزايدا ً باليقين دون بذل الكثير من الطاقة العقلية اإلضافية ،فمن
الواضح أن هذه صفقة جيدة فيما يخص أدمغتنا البخيلة إدراكياً.
مصدر رئيسي لتفضيل المنتجات والعالماتٌ تُعدُّ األلفة مه ّمةً لباحثي التسويق ألنها
التجارية .وبسبب كون المستهلكين ذوي بخل إدراكي فإنهم يتخذون القرارات بالشراء
باستخدام التحكم المتكاسل وذلك بدالً من التفكير المدروس ،وبالتالي تُصبح األلفة
المرشد(بصنعها طرقا ً مختصرة التخاذ القرارات) الذي يُساعدهم في تحديد خياراتهم
اختيار نهائي .وتيُعتبر دى ألفة المنتج والسعر هما أكثر شيءٍ العوامل
ٍ واإلقدام على
المشهودة في اختيارات المستهلكين.
تولّد ُ مشاعر إجابية ،بمعزل عن
وقد اكتشف علماء النفس االجتماعي أن األلفة بح ِّدّ ذاتها ِّ
مميزات العنصر المراد .ومن خالل عملية معالجة عقلية تسمب بـتأثير التعرض
المحض لشيءٍ ما يميل إلى زيادة التفضيل له -مهما كان – وحتى إذا كنا ال نملك سببا ً
آخر لتفضيلنا له .خ َّمن العلماء أن االرتباط التلقائي بين األلفة والتفضيل هما السبب
الرئيسي لكون األلفة مرتبطة أكثر بتفضيل المستهلك.
التعرضُّ وأظهرت الدراسات أيضا ً أن المستهلكين هم عموما ً غير مدركين لتأثير
المحض ينسبون –أو على نح ٍو أصح سيسؤن نسب -مشاعرهم اإليجابية تجاه العالمات
تشوه ص َّحة أراء
ت ّ ِّالتجارية المألوفة لمميزاتها المتأصلة فيها .وهذه إحدى عدة انحيازا ٍ
المستهلكين التي يُعبرون فيها عن تفضيلهم للمنتجات والعالمات التجارية (انظر الفصل
.)15
قوة األلفة وتأثير التعرض المحض تمتلك وعلى األقل ثالثة مضامين رئيسية
ويُفهم أن ّ
للتسويق والدعاية وسلوك المستهلك وهي كاآلتي:
93
منتج أو عالم ٍة تجارية معينة من مونها جديدة
ٍ ✓ يُوفّر التعرض المحض آليةً لتحويل
إلى كونها مألوفة .فإن الكثير من طرق التسويق كالعينات المجانية أو "العروض
التقديمية" تمتلك تأثيرا ً في زيادة التعرض للمنتجت الجديدة التي يأمل المسوقون أن
تُترجم إلى جعلها مألوفة لديهم وتفضيلهم لها وتكرار شراءها (انظر الفصل .)10
✓ ويذهب التعرض المحض باتجاه تفسير السبب وراء كون الدعاية واألعالن يجديان
نفعاً ،حتى وإن أقسم الناس على أنهم ليسوا متأثرين بها مطلقا ً (انظر الفصل .)11
هنالك بالطبع حدود للتأثير العاطفي اإليجابي الخاص باأللفة؛ وذلك ألن التفضيل ال
يزداد بالتكرار أبداً .فهو في نقط ٍة ما سيكون مزعجا ً أو ممالً بكل بساطة ،مما يحول
االرتباطات العاطفية من اإليجاب إلى السلب .أما بالنسبة إلى الحداثة ،فإن الكثير من
األلفة قد يؤدي إلى تجنب الناس للمنتج بدالً من االقتراب منه.
تكمن المشكلة الرئيسية لدى المسوقين في تحديد متى وأين يمكنهم تحدث نقاط التحول
تلك.
✓ الجمال :تُعتبر الوجوه األكثر تناسقا ً ذات جاذبية أكبر .فاألشياء التي تمتلك تناسقا ً و
تباينا ً كبيرين بين الواجهة والخلفية ،وتلك ذات األنماط التي يُمكن توقعها هي أكثر
ارتباطا ً كلما كانت مبهجةً جمالياً.
أسهم
ٍ ✓ المخاطرة :إن الشركات الطرح العام األولي الجديدة ( )IPOالتي تمتلك رموز
أشهر لها من
ٍ يمكن لفظهاال (على سبيل المثال )KAR :تعمل بشك ٍل أفضل في أول ستة
تلك الشركات التي لتمتلك رموزا ً ال يمكن لفظها (مثالً .)XXY :فالمدينة المالهي ذات
األسماء صعبة اللفظ مرتبطة بكونها أكثر متعة ومغامرة ً من تلك التي تمتلك أسماء سهلة
اللفظ .وتبدو اإلضافات الغذائية ذات األسماء صعبة اللفظ أكثر ضررا ً من تلك اإلضافات
التي يُمكن لفظ أسمائها.
✓ التفحص والتعلم :إن المواد التي يسهل معالجتها هي أكثر احتمالية أن تكون متَف ّحصةَ
ص أكثر ،وجذب إنتباه أكبر بعناية .أما ن جهة أخرى ،قد تؤدي عدم السالسة إلى تف ّح ٍ
للتفاصيل ،وقدرة أكبر على تذكرها .فالطالب الذين يقرأون دروسا ً ذات خطوط صعبة
ت أعلى في االختبارات من أولئك الذين قرأوا الدروس ذاتها القراءة قد أحرزوا عالما ٍ
بخطوطٍ سهلة القراءة (انظر الفصل .)22
وكما هي الحال في بعض تأثيرات األلفة والتكرار التفضيل ،فإن تأثير االعتقادات
الخاطئة عن سالسة الصياغة تميل ألن تكون غير معروفة؛ ألنها تحدث في الالوعي.
مفاجئ – تزول .لذا ،فنحن قادرون علىٍ فعندما تُف ّ
سر للناس ،فإن التأثيرات –وعلى نح ٍو
إهمال تأثيرات معالجة السالسة ،ولكننا نحتاج ألن نكون على وعي ٍ بها بغيةَ إهمالها.
لكثير من هذه
ٍ وإنه ربما يكون من الصحيح ّأال يكون المستهلكون والمسوقون مدركين
المؤثرات وتأثيرها المهمل على أحكام المستهلك وقراراته وسلوكه.
95
وتندرج ثالثة نصائح يقدمها التسويق العصبي من هذه األمثلة الخاصة بالمعالجة
نصيحة
السالسة وهي كاآلتي :
✓ إذا أردت أن بداية جديدة نحو تفضيل منتجك ،اجعل اسم منتجك سهل اللفظ.
✓ عندما تعرض معلومات عن منتجٍ في وسائل االتصال التسويقية ،فقم بتشكيل وعرض
رسالتك بحيث تسهل المعالجة الذهنية السلسة وذلك من خالل جم ٍل قصيرة والكثير من
المساحة البيضاء في اإلعالن باإلضافة إلى الرسومات التوضيحية التصويرية وما إلى
ذلك.
✓ أما بالنسبة إلى صنّاع القرار والقوانين ،فأعر االنتباه إلى تأثيرات سالسة المنتج
عندما تتواصل مع مستهلكين يحتمل أن يشكلوا لك خطراً .وكن على حذر من أن
المنتجات المطوية على وجود مخاطر فيها فقد يُنظر إليها على أنها منتجات آمنة وذلك
ألن أسماؤها سهلة اللفظ.
✓ نظام اإلدراك الحسي :وهو يوجهنا إلى كيفية أخذ انطباعات ما و يوجه انتباهنا
وأجسادنا إلى العالم الحسي.
✓ النظام التقييمي :وهو يوجه سلوك االقتراب واالبتعاد المبني على التقييمات التلقائية
التي تحدث كجزءٍ من تفسيراتنا وفهمنا لموقفٍ معين.
✓ النظام التحفيزي :والذي يوجه متابعة األهداف واإلنجازات الالواعية عبر التفعيل
الالواعي لألهداف عند ردود الفعل واألحداث الخارجية.
✓ النظام العاطفي :والذي يوجه التفعيل الالواعي لألهداف والحاالت التحفيزية عبر
التأثير الالواعي للحالالت العاطفية مثل المزاج وردود الفعل اإليجابية والسلبية.
فكل األنظمة الالواعية تلك تشكل مع بعضها بعضا ً أساس سلوكياتنا اليومية وتوجهاتنا
ى عا ٍل؛ فقد خدمتنا جيدا ً عندما
ألي موقف حالي نواجهه .فهي مرنة ومتكيفة على مستو ً
ت صغيرة وننام على األشجار ،وتستمر في خدمتنا في كنا نعيش قديما ً في مجموعا ٍ
97
عالمنا المعاصر بما في ذلك العالم المعقد بازدياد الخاص بالتسوق والشراء واستخدام
المنتجات التجارية.
إن السبب الرئيس وراء كوننا غير مدركين لعقلنا الباطن هو الكيفية التي بنيت على
ط على نح ٍو كبير مع العالم الخارجي وذلك من خالل أساسها أدمعتنا ،فعقلنا الواعي مرتب ٌ
إدراكنا له بحواسنا ،إال أنه أقل ارتباطا ً مع العالم الداخلي الخاص بالمستوى األدنى للعقل
أي العقل الزاحف وعقل الثدييات الذي نشأنا عليه قديماً .وهذا األمر يشابه ركوبنا
مصعدا ً يصعد مباشرة ً إلى سقيفة منز ٍل ما؛ حيث أن بصعودك إلى السقيفة ستجد منظرا ً
جميالً من األعلى ولكنك لن تمتلك الفرصة لتقابل جيرانك الذين يعيشون في الطوابق
السفلية.
إال أنه عندما تفكر بفعلية ،فإنك ستالحظ وبسهولة السبب الذي يقبع وراء تطور الترتيب
الذهني هذا بهذه الطريقة .تكمن الفائدة العظيمة الخاصة بعقولنا الواعية في قدرتها على
التذكر والتعلم من الماضي وتطبيق ما تعلمناه للتخطيط للمستقبل .قد نكون أقل فاعلية
في فعل ما سبق وذلك إذا ما كرسنا معظم انتباه عقلنا الواعي إلى إدارة كل تفصيل من
98
تفاصيل توجيه أنفسنا في الحاضر .لذا ،فإن عقلنا الباطن يتولى الكثير من تلك المهام
بالنيابة عن عنا .ويعمل العقل الالواعي على تثبيتنا في كل لحظة ،مما يجعلنا –على
األغلب -آمنين وقادرين على أداء مهامنا فيمكننا استخدام عقلنا الواعي لألشياء أكثر
أهمية كالتعلم والتخطيط.
99
متدن جدا ً في عقولنا والذي نادرا ً ما نكون
ٍ ى
وتحدث هذه العملية بسرعة كبيرة في مستو ً
مدركين له.
100
ت ذهني ٍة في عقلك ولم ✓تم تفعيل ارتباطا ٍ إقرأ الكلمات اآلتية:
يستحضرها العقل الواعي كله بل ُج ِ ّهزت ليتم
استحضارها في العقل الواعي .وقد أصبحت زبدة الفستق
أكثر جاهزية إلدراك واالستجابة لألشياء والمفاهيم
المرتبطة باالختناق وزبدة الفستق. االختناق
معين في عقلك؛ أي أنك قد مالحظة :تم اشتقاق هذا المثال مع القليل من
ٍ تحذير
ٍ ✓ تم تفعيل
التعديل من كتاب التفكير :السريع والبطيء ي ٍ مؤقت.
نفور عاطف ّ
تعرضت إلى ٍ
( )Thinking, Fast and Slowللكاتب دانيال
كانمان ( )Daniel Kahnemanللشركة النشر
()Farrar, Straus and Giroux
يُعتبر االستحضار الذهني نتيجةً ثانوية من عملية التفعيل االرتباطي ،فعندما يتم تفعيل
فكرةٍ ما فكرة ً أخرى ،فيمكننا القول أن الفكرة األولى استحضرت الفكرة الثانية .فعندما
ينتج سلوكٌ ما عن سلسلة تفعيالت ذهنية ،هنا يمكننا القول أن السلوك كان قد است ُ ِّ
حض َر
قياس
من ِّق َبل فكرةٍ قد قامت فعلت تلك السلسلة .ويُعد تأثير االستحضار الذهني الناتج أداة ٍ
(المستحضر) وفكرة أخرى أو فعل (تأثير
ِّ لقوة االرتباطات الذهنية الموجودة بين الفكرة
االستحضار الذهني) .ومن خالل قياس تأثيرات االستحضار الذهني ،يمكن لعلماء الدماغ
101
مباشر فقط في العالم
ٍ والمستخدمي التسويق العصبي أن يمعنوا النظر فيما إذا كان غير
غير المرئي لالرتباطات الذهنية واالستجابات السلوكية التلقائية.
ازدادت بحوث االستحضار الذهني بشك ٍل هائل في العقد الماضي وأدت إلى الكثير نت
األمثلة الخادعة للتأثير الذهني على العقل دون إدراكها والتي تتعلق بالتسويق وسلوكيات
المستهلك .فمن األمثلة على ذلك ما يلي:
تستحضر ذهنيا ً سلوكا ً
َ ✓ يمكن لحقيبة ظهر موضوعة بشك ٍل غير واضح في الغرفة أن
تعاونياً ،بينما تستحضر حقيبة برجل األعمال سلوكا ً تنافسياً.
✓ يمكن لقطع الحلوى أن تستحضر سلوكيات السعي وراء المتعة والتي ال عالقة لها
بتناول الحلوى.
✓ ويُعدُّ حل األلغاز التي تحتوي على كلمات تتعلق بالعصر القديم قادرا ً على استحضار
فعل السير البطيء الذي يأتي بعد إكمال االختبار.
✓ ويمكن للمال (على سبيل المثال ،فاتورة بقيمة دوالر تكون تترك غالبا ً على الطاولة)
أن تستحضر سلوك الطمع.
✓ كما وتستحضر الروائح العطرية الخاصة بمنتجات التنظيف والتي بالكاد يمكن ش ُّمها
سلوك غسيل اليدين.
مستحضرا ٍ
ت ذهنية يُفترض أن ِّ فمن وجهة نظر التسويق العصبي ،فتعتبر اإلعالنات
تؤثر على السلوك الشرائي في مرحل ٍة الحقةٍ .كما وتُعدُّ طريقة عرض المنتجات في
102
ت ذهني ٍة يُفترض أن تؤثر مستحضرا ٍ
ِّ المتجر والصور الموجودة على أغلفة المنتجات
على الختيار الفوري في موقفٍ شرائي ما ،وهذا األمر مماث ٌل للعالمات الشرائية التي
ت ذهني ٍة يُفترض أن ترتبط مع المنتجات والشركات الجامدة مع مستحضرا ٍ
ِّ تعتبر
مطامحنا وأهدافنا الشخصية العميقة.
إن االستحضار الذهني-بالنسبة إلى التسويق العصبي -ما هو إال آلية أساسية تضرب َّ
جذورها عميقا ً في علم الدماغ الذي يم ّكن التسويق بجميع أشكاله ( كاإلعالنات والعرض
المبيعات والترويجها والخصومات عليها باإلضافة إلى تفضيل المشاهير لها وحتى
وضع أسمائها في مالعب البيسبول) من التأثير على موقف المستهلكين وسلوكهم
الشرائي.
المتحضر الذهني
ِّ ✓ االستحضار الذهني االرتباطي :وهو ارتباط إدراكي السلبي بين
ت تتحدث عن العصر القديم .فتميل وتأثيره ،كالمشي ببطءٍ بعدما يم التعرض إلى كلما ٍ
المستحضرات الذهنية االرتباطية إلى قصر أجلها وكونها ضعيفة نسبيا ً وذات قوة
متالشية عبر الزمن ،كما وأنه يَسهل تفسيرها.
تحفيز فعّال للهدف الذي سيؤثر على السلوك،ٌ ✓ المستحضرات الذهنية التحفيزية :وهو
فالتأثيرات االستحضار الذهني القائمة على الهدف سواء أكانت قد فُ ِّعّلت بإدراكٍ أو
بدونه ،فإنها تدوم عبر العقبات ،وتقل بسرعة عندما يتم تحقيق الهدف .وتبدأ
المستحضرات الذهنية التحفيزية مع تلك االرتباطية ،إال أنها تُحفز الحقا ً األهداف
واالرتباطات الذهنية.
103
الذهني االرتباطي ،انظر مناقشتنا للدراسات المجراة على توقيت االستجابة السلوكية في
الفصل .17
✓ الفجوة فيما بين الحالي اآلنية وحالة تحقيق الهدف :فالشخص الذي يتعرض إلى
عملية االستحضار الذهني يتوجب أن يكون في فجوة بين كيفية شعوره في الوقت الحالي
والهدف الذي يتم استحضاره .فعلى سيبيل المثال ،إذا ما أراد شخص ما أن يخسر 5
ي ٍ سيحفّز سلوكا ً يدفعه إلى
كيلوغرامات من وزنه فإنه سيكون معرضا ً الستحضار ذهن ّ
ت من وزنه، تحقيق هدفه .أما إذا كان شخص آخر قد حقق هدفه بخسارة 5كيلوغراما ٍ
المستحضرات الذهنية تل لن يكون لها تأثير عليه.
ِّ فإن
104
✓ الشعور اإليجابي تجاه الهدف :فيتوجب هنا أن يكون الهدف أمرا ً يشعر الشخص
بإيجابي ٍة تجاهه ،فالناس ال يستطيعون استحضار فعل شيءٍ ما ال يودون القيام به .فإذا لم
شخص ما أن يبدأ بالتدخين ،فإن تحفيزعملية االستحضار الذهني باستخدام شعار
ٌ يُرد
رجل المرلبورو ( )Marlboro Manالخاص بإحدى عالمات السجائر التجارية بأن
يدفعه إلى التدخين .فال يخلق االستحضار الذهني أهدافاً ،بل هو فقط يوجه السلوك تجاه
أهدافٍ موجودة أصالً.
يؤثر وجود تأثيرات هذه الشروط يدعم فكرة أن االستحضار الذهني ما هو إلى ألية
صتنا ،فإنها لما اختيرت من قِّبل تطورنا
تكيُّفية .فإذا كانت تعمل ضد فرص البقاء خا َّ
ونشوئنا منذ زمن بعيد .فالسبب وراء وجودها اليوم على األغلب أنها تعمل لصالحنا
وليس ضدنا.
جانب آخر لالستحضار الذهني والذي قد يستعرضه المسوقين مع بعض ٌ يود هنالك
التحذيرات .في دراس ٍة حديثة أجريت عن تأثيرات االستحضار الذهني ألسماء وشعارات
العالمات التجارية ،اكتشف باحثون وعلى رأسهم جوليانو الران ()Juliano Laran
ت عكسية لالستحضار الذهني( أي االستحضار عكس ما نتوقعه) .فقد وجد وجود تأثيرا ٍ
هؤالء الباحثين أن االستحضار بأسماء العالمات التجارية المتجزئة مرتبطة بالتوفير،
ت أقل عنمثال عالمتي ووالمارت أوكيمارت ( )Walmart, Kmartوالتي أدت إلى تقديرا ٍ
كمية صرف الشخص للنقود في التسوق التالي ،بينما يرتبط االستحضار الذهني مع
أسماء العالمات التجارية المتجزئة مع التسوق التبذيري .مثل عالمتي نوردستورم
أوتيفاني التجارييتين ( )Nordstrom or Tiffanyالتي أدت إلى تقديرات عالية في صرف
األموال وكان هذا متوقعاً .إال أنه عندما تم إجراء بعض االختبارات مع شعارات متاجر
التجزئة هذه ،فقد وجد الباحثون تأثيرا ً عكسيا ً لالستحضار الذهني ،فتستحضر شعارات
متاجر التوفير اآلن تقديرات عالية من صرف األموال فيها بينما تستحضر شعارات
المتاجر باهظة الثمن العكس.
والتفسير الذي أكده العلماء مع العديد من التجارب هو أن المشاركين في هذه التجارب قد
فهموا الشعارات على أنها محاوالت إقناع على العكس من أسماء العالمات التجارية .وقد
حضر هذا الفهم هدفا ً عند المشاركين لم الباحثون ينون استحضاره ذهنيا ً والذي هو
است َ ِّ
مقاومة اإلقناع .إال أنه المشاركين عندئذ قاموا بتحقيق هذا الهدف عن طريق توقع المزيد
105
من إنفاقا ً لألموال بعدما رأوا شعارات متاجر التوفير وتوقعوا إنفاقا ً أقل عند رؤيتهم
لشعارات المتاجر باهظة الثمن .وقد حدث كل ذلك على المستوى الالواعي في عقلهم،
فلم يكن المشاركون مدركين تماما ً للشعارات التي حفزت تصحيح وجهة الهدف ،أو أنهم
حقق ذلك الهدف بالطريقة التي نُ ِّفّذت فيها تقديرات مهمة التسوق.
كان ذلك مثاالً احدا ً على تنامي المعرفة تجاه تصحيح األهداف ذات األهمية العالية
تذكر
في التسويق .فبتعلمنا عن مقاومة دماغنا عند التفكير العميق عموما ً في هذا الفصل،
فال يفترض بنا أن نكون متفاجئين جدا ً بأن عقولنا المخربة لآلليات التسويقية قد طورت
دفاعا ً داخليا ً تلقائيا ً ضد اإلقناع الذي –بعد كل ذلك -يتطلب انتباها ً إدراكيا ً جادّا ً ألداء
مهامه .إن فكرة صنع متسوقين آليين ليست بسهولة المعرفة العادية التي يفترضها
االستحضار الذهني.
نحن ال نريد أن ننتقل إلى الفرضية الضدية التي تعني أن التسويق عديم الفائدة ،ولكننا
نؤمن بأنه يوفر دليالً حقيقيا ً على أن المستهلك الحدسي ليس ضعيفا ً عندما يكون يتعلق
المستحضرات الذهنية التسويقية .وليس بالضرورة أن
ِّ األمر بمعالجة واالستجابة إلى
تكون العمليات التي تجري في عقالنا الالواعي ضدنا وذلك ألننا غير مدركين لها.
106
يتولى العقل الواعي غالبية السيطرة ،حيث يركز على الموقف الجديد ويقارنه بالخبرة
السابقة لديه ،ومن ث َّم يخطط لما سيقوم به الحقاً.
إن العقل الواعي دائما ً ما يمتلك القدرة على تفسير والهيمنة على العقل الالواعي ،إال أنه
ال يفعل ذلك إال في بعض األحيان وذلك وبسبب مبدأ الكفاءة .اتفق العلماء على أن هناك
%5من أصل %10من كمية المعلومات التي يجري معالجتها يستخدمها التفكير
الواعي ،وهذا يعني أن %90ـــ %95يقوم بها العقل الالواعي.
إن األمر الوحدي الذي يفعله العقل الواعي هو إظهار تأثيرات العقل الالواعي .فقد وثقت
األبحاث على حقيقة أن التأثيرات مثر االستحضار الذهني ومعالجة السالسة يميالن إلى
اإلختفاء عندما يدركها الناس ويصبحون على وعي ٍ بها .فعال=ى سبيل المثال ،إذا
أمر يمكن أن يستحضر ذهنيا ً روحرت أن وجود حقيبة ظهر في زاوية الغرفة هو ٌ أُخبِّ َ
التعاون ،عندها سيختفي التأثير ولن تستحضر الشعور بروح التعاون عندما تكون حقيبة
مختصر
ٌ ٌ
طريق الظهر في الزاوية .إن اعتمادنا على عمليات العقل الالواعي ما هو إال
مريح إلبداء سلوكٍ معين ،ويكون عقلنا الواعي حرا ً ليهيمن عليها إذا ما اخترنا ذلك.
إال أن المشكلة بالنسبة للمسوقين هي :أنهم قد تريدون تفعيل التفكير الواعي لمنتجهم أو
عالمتهم التجارية وأحيانا ً ال يودون ذلك .فإن معرف الوقت الذي تعمل فيه عمليات
المعالجة العقلية لمصلحتهم أو عكس مصلحتهم قد يساعدهم في الفهم.
107
(الالشعور :كيف يتحكم عقلك الباطن بتصرفاتك) فنظرتنا إلى أنفسنا ودوافعنا عي
كأحجية الجقسو(أحجية الصورة المتقطعة) التي فُقدت معظم أجزائها.
108
المتغيرات الرئيسية الثالث
الخاصة بالتسويق العصبي
تعمل العمليات الواعية والالواعية معا ً داخل أدمغتنا وذلك لمساعدتنا على فهم وأداء
مهماتنا اليومية بنجاح في العالم المحط بنا .فأحيانا ً هذه اآللية الوظيفية الرائعة في دماغنا
ت جديدة واكتشاف بأفكار عظيمة وتطوير فلسفا ٍ ٍ قد ُوضعت للمهمات ال ِّقّيمة كالتفكير
ت علمية للعالم المتغير من حولنا .ولكننا في أغلب األغلب األحيان نستخدم عقولنا نظريا ٍ
ت تميل إلى كونها عادية جداً ،كتذكرك إحضار الحفاظات لطفلتك الصغيرة من في مهما ٍ
متجر (.)Stop & Shop
إن غاية التسويق العصبي هو أن يشرح كيفية استخدامنا ألكثر الكائنات تعقيدا ً في الكون
للقيام بأشياءٍ مثل شراء معجونَ أسنان .وبغية تحقيق هذه الغاية التي تجعلك في النهاية
أكثر اهتماما ً مما يبدو عليه األمر ،يعود التسويق العصبي مرارا ً وتكرارا ً إلى المتغيرات
الثالث التي تستعرض ثالثة أمور يهتم بشأنها المسوقون كثيرا ً عندما يريدون فهم أدمغة
المستهليكن وهي كاآلتي:
✓ االنتباه :هل انتبهوا إلى اإلعالن أو المنتج ؟
✓ العاطفة :هل أحبوا المنتج ؟
✓ الذاكرة :هل سيتذكرون المنتج؟
هذه هي العمليات اإلدراكية الرئيسية الثالث التي يكرس التسويق العصبي نفسه لفهمها
في سياق سلوكيات المستهلك .إن كل واحدةٍ منها تمتلك عناصر من العقل الواعي
والالواعي .سنختتم هذا الفصل بنظرةٍ وجيز على كيفية ارتباط العمليات الثالث هذه مع
المواضيع التي نقشناها في فصو ٍل سابقة.
109
االنتباه :المدخل المؤدي إلى الوعي اإلدراكي
نحن ال نستطيع إعارة االنتباه إلى شيءٍ ما دون أن نكون مدركين أننا نعيره ذلك االنتباه.
حدث واعٍ ،إال أن هنالك شي ٌء يجب أن يحدث في الدماغ لجعلك تنتبه أة ٌ لذا ،فاالنتباه هو
تعير انتباهك من شيءٍ آلخر .فإما أن تكون هذه العمليات التي تسبق فعل االنتباه واعية
أو الواعية.
إنك لتستطيع إعارة انتباهك إرادياً ،كم هو األمر عندما تبحث عن وجه صديقك في غرفة
مزدحمة باألشخاص ،فهذا يسمى بـاالنتباه من األعلى إلى األسفل .أو أن تُعير انتباهك
تلقائيا ً لنفسك عن طريق بيئتك ،كما هو عندما تسمع اسمك يُلفظ في غرف ٍة ما ،وهذا ما
يُسمى باالنتباه من األسفل إلى األعلى.
يتعلق االنتباه بشك ٍل وثيق مع اكتشاف ما هو جديد ،فالمفاجئة هي آلية أساسية في إعارة
ألمر ما ،فنحن ميّالون بطبيعتنا إلى االنتباه الواعي المباشر لألشياء والمواقف
ٍ االنتباه
التي تعتبرها أدمغتنا بالجديدة.
تُعدُّ قدرتنا على تركيز انتباهنا محدودة ً جداً ،فاستخدام االنتباه المر ّكز على األشياء هو
شاق على أدمغتنا ،فاالنتباه يستهلك الكثير من الجهد اإلدراكي السبب الذي يجعل ٌ أمر
ٌ
أدمغتنا البخيلة إدراكيا ً أن تستخدمه ببخل.
أما بالنسبة للمسوقين فاالنتباه ليس أمرا ً جيدا ً في كل األوقات .فعندما تريد المستهلكين أن
إعالن جديد -عندئذ تودُّ أن تجذب انتباهه له.
ٍ يُجربوا شيءا ً جديدا ً -كمنتجٍ أو غالفٍ أو
إال أن تأثيرات تفضيل ماهو مألوف و معالجة سالسة فهم المنتج قد تختفي عندما يُركز
النظر على هذه األشياء.
يُعتبر االنتباه أمرا ً مهما ً للمنتجات والعالمات التجارية الجديدة ،ويعدُّ متغيرا ً مهما ً في
عالم اإلنترنت؛ وذلك ألن تجربة الخاصة بعالم اإلنترنت تجربةٌ نشطة وموجة نحو
األهداف ،وليست سلبية كمشاهدة التلفاز .وقد يكون االنتباه عامالً سلبيا ً للدعاية
واإلعالن؛ ألنه قد ظهر بأنه يحفز على صد الحجج التي تأتي بها اإلعالنات ،األمر الذي
يمحو فاعلية اإلعالنات .وقد يكون االنتباه متغيرا ً قابالً ألن يُتالعب به في مجال الترفيه؛
عنصر أساسي في المفاجئة في سرد القصص ،وكما هو الحال في السحر ٌ فالتضليل هو
واألوهام.
110
وفي جميع هذه السياقات ،يُعتبر االنتباه مكونا ً يجب أن يتم قياسه .ويوفر التسويق
العصبي عدَّة طرق لقياسه (انظر الفصل .)16
تُعدُّ العواطف الناتج النهائي لك ٍّل من األلفة ومعالجة السالسة .فإن األشياء التي يتم
الشعور تجاهها باأللفة أو سهلة المعالجة ذهنيا ً تميل إلى كونها مفضلةً أكثر ،إال أن هذه
االرتباطات غالبا ً ما يُسا ُء نسبها .فنحن نخطئ في استجابتنا إلى الشكل أو السياق
صلة .إال أن هذه االستجابات تكون أكثر شيوعا ً وذات الخاص بشيءٍ ما بصفاتها المتأ ِّ ّ
صلة أكبر مع التسويق.
يُعتبر االرتبا ُ
ط العاطفي ذا أهمية كبيرة ً لفكرة الوالء لكال العالمة التجارية والمنتج .فقد
اكتسب ذلك من خالل استخدام وتجربة المنتج وتأييد المجتمع له .وتُعدُّ العواطف مهمة
أيضا ً لالستجابة للكثير من أشكال شبكات التواصل ،فإن البحث عن المعلومات عبر
ي في المقام األول ،إال أن متابعة ط إدراك ٌمحرك بحث جوجل ( )Googleهو نشا ٌ
111
ي معقّد من أشكال
األصدقاء على موقع فيس بوك ( )Facebookهو شك ٌل عاطف ٌ
التواصل االجتماعي.
تختلف أهمية العواطف في كونها متغيّر تفسيري أو كمتغير ناتج عنها من سياق مستهلكٍ
طور مستخدمو التسويق العصبي عدّة طرق لقياس االستجابات العاطفية إلى آخر .وقد ّ
مباشرة ً وحين حدوثها بدالً من الطلب من الناس أن يقيموها بعد أداءهم لهذه االستجابات.
112
وتعتبر الذاكرة إحدى أهم المكونات الخاصة بألفة األشياء ،ويُعدُّ غيابها تلميحا ً على
وجود المفاجئة واالنتباه .كما تعد الذاكرة أمرا ً أساسيا ً لتساوي العالمات التجارية وألي
رسائل تسويقية تتطلب االستمرار عبر الوقت مثل اإلعالنات .إال أنها أقل أهمية
للمسوقين على شبكة اإلنترنت حيث التأخير أقل من يُسمى مشكلة.
طور المسوقون مقاييس لتحديد ما إذا كان تفعيل الذاكرة عند المستهلك يحدث ،ألن وقد ّ
هذه الطرق ليست قادرة ً إلى اآلن على التمييز بين عمليات ترميز أو تخزين الذكريات
وعمليات استرجاعها ،إال أنه ما يزال هناك طرقا ً تقليديةً لقياس عمليات الذاكرة ،وغالبا ً
ما يكون سؤال الناس ع َّما يتذكرونه يؤدي ذلك الغرض.
113
الفصل السادس
في عام 1994نشر الطبيب وعا ِّلم األعصاب في جامعة لوا ( )Lowaالمدعو بأنتونيو
داماسيو ( )Antonio Damasioكاتبا ً غير من فكرة علماء الدماغ عن العقالنية عند
اإلنسان وعواطفه .وفي كتاب خطأ ديكارت :العاطفة والعقل والدماغ البشري
() ،)Descartes’ Error: Emotion, Reason, and the Human Brain (Penguinاستعرض
كعدو للعقل وأنها ضرورية التخاذ
ٍّ داماسيو العاطفة على أنها أبعد ما تكون عن ظهورها
القرارت .لم يكن المرضى الذين لديهم ضررا ً في مركز العواطف في أدمغتهم متخذي
ت هادئين مثل السيد المفرط في العقالنية (انظر الفصل .)2بل ال يكادون قرارا ٍ
يستطيعون اتخاذ القرارات أصالً! وقد أوجد داماسيو هذا االرتباط العميق الذي يدل على
أن العواطف ليست متوافقة مع القرارات الجيدة فحسب ،مساهماتٌ ضرورية فيها.
سنستكشف في هذا الفصل نظرة جديدة على العواطف التي برزت في علم الدماغ منذ
االكتشاف الذي أتى به داماسيو .وسنشرح السبب وراء كونها أساسيةً في فهم سلوك
المستهلك واستعراض كيفية تفاعل العواطف مع كال االنتباه والذاكرة للتأثير على
استجابات المستهلك للتسويق والمنتجات.
114
فهم "العالمات" العاطفية الالواعية
استخدم داماسيو مصطلح العالمات الجسدية لوصف كيفية تأثير العواطف على
المشاركين والتقييمات والقرارات والسلوكيات .وتُعدُّ العالمات الجسدية في األساس
ذكريات عن استجابا ٍ
ت جسدية في تجارب سابقة.
ووفقا ً لنظرية داماسيو للعالمات الجسدية ،فإن هذه العالمات توجد وتتطور في كل
تجربة يواجهها الشخص .فعندما نواجه موقفا ً جديداً ،حينها يتم اللجوء إلى هذه العالمات
– وفي األغلب دون وعي -لتوفر توجيها ً عاطفيا ً لما سنفعله الحقاً .وإذا كنا مدركين كل
ت مختلفة.هذا التأثير فنَخبُر شعورا ً قليالً بالسعادة أوعدمها مرتبطةً بخيارا ٍ
إال أن المرضى الذين يُشرف عليهم الدكتور دماسيو ( )Damasioوالذين ُحرموا من
العالمات العاطفي ِّة هذه كانوا قد أقحموا أنفسهم في تحلي ٍل مشوش عديم الجدوى للخيارات
والعواقب المترتبة على موقفٍ ما ،ولم يكونوا قادرين على الوصول إلى نتيجة نهائية،
حتى أن اختيارهم فيما بين عالمتين تجاريتين لمنتجات رقائق الذرة أثبت بأنها عملية
متعبة وعديمة النفع.
أن فوائد االعتماد على العالمات العاطفة – لنا نحن البقية -هي واضحةٌ وجليَّة ،فتُسهل تذكر
العالمات العاطفية علينا التفاعل مع العالم من حولنا بنجاح .فبالرغم من أننا قد نكون
غير مدركين للدرجة انجذابنا أو كرهنا لما قد "وضعنا عالمة عليه" من شيءٍ أو موقفٍ
ت في الالوعي لالستجابة السريعة والمقبولة ما ،فإن تلك العالمات توفر لنا اختصارا ٍ
لتلك العالمات ،مجتازين عبر المتداد التأييد أو التعارض المحتمل والذي قد يكون على
عالقة بذلك .وقد تجعلنا العالمات العاطفية التي وضعتها تجاربنا السابقة لكل نتيجة،
ننجرف إلى شيءٍ ما أو نصدُّ بعيدا ً عنا وهذا يكون غريزياً .وكنتيج ٍة لذلك –وعلى عكس
ُ
مرضى الدكتور دماسيو -فإننا نتخذ القرارات بشك ٍل أسرع وأسهل.
حيث تسمح لنا العالمات العاطفية باالستجابة ُ وتتضح هنا القيمة العيش في هذا النظام،
تفكير واعٍ .تخيل
ٍ ُث رد الفعل تلقائيا ً وغريزيا ً دون
غريزيا ً للتغيرات في بيئتنا ،فيحد ُ
ت مفترسة ،فهناك من كان قادرا ً على أسالفنا من البشر األوائل وهم يواجهون حيوانا ٍ
االستجابة غريزيا ً والركض للنجاة بحياته ،أما الذي كان يقف ليفكر بما سيفعله أصب َح
عشا ًء لذلك المفترس.
115
أما في عالمنا المعاصر ،طبق البشر هذه اآللية على تفضيل المستهلكين للمنتجات واتخاذ
ُ
حيث أن القراراتهم والسلوكياتهم تجاه المنتجات .فيواجه المستهلكون ضيقا ً بالوقت ـ
معلومات المنتجات تنها ُل عليهم وقد يواجهون العدد القليل من البدائل المنتجات المميزة
ت بالشراء .وألنوالتي تعتمد على ردود فعل من السهل الوصول إليها التخاذ قرارا ٍ
مباشر لصفات المنتجات أو للرسائل التسويقية التي يتمٍ ردود الفعل هذه لمتعلقة بشك ٍل
قاس غالبا ً من قِّبل بحوث التسويق
تذكرها ،فهي تعم ُل خارج قائمة المتغيرات التي ت ُ ُ
والتذكُُ ر واإلقناع.
َ التقليدية؛ أي اإلدراك الواضح والرغبة
إال أنه وعلى عكس باحثي التسويق التقليدين ،يضع مستخدمو التسويق العصبي
العواطف الالواعية المح ِّيّرة هذه في أس ِّا فهمهم لسلوك المستهلك ،باإلضافة إلى أنهم
طوروا مجموعة من الطرق لقياسها. َّ
116
✓ التعلُّم :فتظهر العواطف ال ُمدركة بعد –بدالً من ظهورها قبل -األحداث العاطفية حيث
أنها تستطيع تعزيز التعلُّم بأفضل ما يكون وتؤسس أو تدعم االرتباطات العاطفية
الالواعية.
حيث يُمكن لتَفعيل العواطف الالواعية تلقائيا ً أن تح ِّفّز فوريا ً سلوك االقتراب
ُ ✓التوقُّع:
أو االجتناب أو –في الغالب -تؤثر على األحكام واألهداف واالختيارات واألفعال عبر
وسائل غير ُمدركة.
✓االنعكاس :فعندما تتداخل في الذاكرة ،عندها تستطيع المعرفة المكتسبة من التجارب
العاطفية أن تكون مدخال ٍ
ت تؤدي إلى أفعال واستراتيجيات االختيار لتحقيق (أو اجتناب)
النتائج العاطفية في المستقبل.
ويُعتبر ذلك تغذية راجعةً طبيعيةً في هذا النظام على كال المستويين الواعي والالواعي.
ففي الجانب الواعي ،فما نتعلمه من األحداث العاطفية يُطبَّق في المستقبل على أحدا ٍ
ث
مشابه ٍة والتي عندئ ٍذ تو ِّفّ ُر فرصا ً للتعلم في المستقبل .أما من الجانب الالواعي ،تُحدَّث
صتنا عن طريق كل صدف ٍة تخب ُُرها مع األشخاص أو األشياء في العالمات العاطفية خا ّ
عالمنا.
وتمنحنا هذه الطريقة في التعلم عن العواطف أساسا ً لفهم مبدأ العواطف في استجابات
ق سريعةٍ ،فإننا نتعلم من التجربةالمستهلكين .فعندما تثيرنا تجربة قيادة سيارة سبا ٍ
ت مباشرةٍ في مشاعر مدركة الحقة أو تفضيالً العاطفية الواعي ِّة تلك ،وهذا يكون مدخال ٍ
ت مستقبلية في فئة المنتجات.ت وسلوكيا ٍ
لعالم ٍة تجارية ما أو اختيارا ٍ
وعالوة على ذلك ،فهذه التجربة تُحدث من العالمات العاطفية الالواعية خاصتنا مما
ت بشأن يؤثر على علمياتنا الذهنية التي ال نُدركها ،كالمدى الذي نالحظ فيه معلوما ٍ
سيارةٍ ما في المستقبل ،أو مثل نو ومقدار النموذج الذي يتعلق بشراء وقيادة السيارات.
ف العواطف أيضا ً إما بشك ٍل منفصل أو على شكل نقاطٍ تندرج تحت األبعاد وتُصنَّ ُ
المتض َّمنَة للعواطف .وتؤكد طريقة العواطف المنفصلة على أن كل عاطفة (مثال
الغضب أو االبتهاج أو ا الشمئزاز) تمتلك لمحة خاصة في التجربة اإلنسانية و الشكل
ي ،يُمكن أن تُصنف جميع العواطف في عدد الخارجي و السلوك .ووفقا ً للمنظور البعد ُّ
قلي ٍل من األبعاد الرئيسية ،وكما قد ُوضّح في الفصل ،3فإن معظم األبعاد شيوعا ً التي تم
قياسها هي:
117
✓ إثارة العاطفة :التفعيل ،الحث ،الحماس
✓ التكافؤ :التفضيل أو عدم التفضيل
✓ الحافز :التوجيه نحو الفعل ،نزعة االقتراب أو التجنب
حاسم ،إال أن الدليل الحالي يميل إلى دعم
ٍ وبالرغم من أن هذه المسألة لم تُح َّل بشك ٍل
النظرة البُعدية للعواطف .وقد أظهرت األسس البعدية نفعها في تصنيف الحاالت
العاطفية وتوقّع تأثيرها على السلوك .إن معظم أدوات التسويق العصبي التي تقيس
العواطف تستخدم قياسات دماغية أو جسدية لتصنيف االستجابات في واحد أو أكثر من
تلك األبعاد الثالثة (انظر الفصل .)16
118
طلب من أشخاص أن يضعوا أقالما ً في أفواههم بطريقة تجعل أفواههم على هيئة ✓ ُ
تعبير االبتسام كانوا أكثر استمتاعا بمشاهدة الرسوم المتحركة وذلك بعكس األشخاص
لب إليهم بوضع أقالم في أفواههم بطريقة تجعلهم بوضع العبوس.
ط َالذين ُ
✓ إن األشخاص الذين كانوا يحملون أكواب قهو ٍة ساخن ٍة بأيديهم كانوا أكثر احتماليةً أن
يق ِّيّموا شخص خيالي على أنه رقيق ودافئ وودود بعكس األشخاص الذين كانوا يحملون
أكوابا ً من القهوة الباردة.
✓ واألشخاص الذين قرأوا السير الذاتية المرفقة على لوحات الثقيلة كانوا أكثر ميالً إلى
تقييم المرشحين للوظيفة بأنهم ذوي كفاءة أكثر من تلك السير الذاتية المرفقة على لوحا ٍ
ت
خفيفة.
يكمن هنا درس أعمق للتعلم منه :فباإلضافة إلى كون الدماغ آلةً توقعٍ مذهلة (كما هو
تذكر
مشروح في الفصل ،)5فهو أيضا ً آلة محاكاة رائعة .تستخدم أدمغتنا المحاكة (أي
تصور موقف ذهنيا ً ثم نتخيل بعدها كيفية تعاملنا مع هذا الموقف) ليس لفهم العواطف
عند اآلخرين ،بل لفهم وتوقع جميع المواقف الحالية والمستقبلية.
119
إن فكرة أن الحاالت الجسدية تغير من العواطف هي فكرة حدسية عند معظم الناس،
ولكننا نعرف فكرة أن العواطف تمتلك قدرة تغيير حاالت الجسد .فمن ذا الذي لم يجرب
شعور " الغثيان" قبل أن يقدم خطابا ً أمام الناس أو يجرب شعور "الفزع والقفز من
مقعده" عندما يكون يشاهد فلما ً مرعباً؟
وفي مستوى أعمق ،فالحاالت العاطفية –وإن كانت غير ُمدرك -فإنها تُحفّز تغيرات
أمور
قاس لتخمين حضور العواطف في بحوث في الحالة الجسدية .فمثل هذه التغيرات ت ُ ُ
التسويق العصبي ،فعلى سبيل المثال:
تقنية
✓ إثارة العاطفة مرتبطة بزيادة في التعرق ومعدل نبضات القلب واتساع في البؤبؤ.
ط بتغير غالبا ً ما يكون غير ملحوظ في عضالت الوجه مثل عضالت ✓ التكافؤ مرتب ٌ
العبوس ( التي تُسمى علميا ً بعضلة مغضنة الحاجب) التي تنقبض عند دما يكون هناك
تكافؤ سلبي وتنبسط عندا يكون التكافؤ إيجابياً.
✓ تكون ردود فعل االقتراب أو التجنُّب مصاحبة لحركة جسدية فعلية باالقتراب او
االبتعاد ،مثل الميل إلى األمام أو إلى الخلف ،أو االلتفاف نحو أو بعيدا ً عن مسبب
العاطفة عند الشخص.
120
فوفقا ً لبيوميستر ( ) Baumeisterوزمالءه ،فإن غاية العواطف الواعية هو أن تتحكم
في انتباهنا وأن تُحفز من عملية التعلم لدى اإلنسان .أما في المقابل فإن غاية ردود الفعل
ت مباشرةٍ للمواقف السلوكيةالتلقائية الفعّالة ( العالمات العاطفية) هو أن توفر مدخال ٍ
الفورية ،وهي تفعل ذلك غالبا ً قبل أن يقوم التفكير الواعي من قياس الموقف ويقدم خطة
تصرفٍ مع هذا الموقف.
ق بسلوك المستهلك؛ وذلك ألن الكثير مما يُح ِّفّز سلوكنا
تُعدُّ العواطف على ارتباطٍ وثي ٍ تذكر
يتعلق باألشياء التي نشتريها واألشياء التي نريدها وتلك التي نريد تجنبها .ويُحسن
سلوك التفضيل (التكافؤ العاطفي اإليجابي) من خالل آليات مثل مدى كون شيءٍ ما
مألوفا ً أو يسهل معالجته ذهنياً .يُحفّز التعرض إلى استجابات عاطفية للمنتجات
والعالمات التجارية التعلُّم وتدعمه ،حيث يمكن عندئ ٍذ أن تُشكل استجاباتنا لخبرا ٍ
ت
ت يُمكن أن ت وتفضيال ٍ مستقبلية مع تلك المنتجات والعالمات التجارية مما يخلق عادا ٍ
تدوم طوال حياة الشخص.
إنذار مهمة ،فألننا نستطيع التعاطف مع غيرنا من البشر ،فنحن ٍ تمتلك العواطف وظيفة
بارعون في قراءة العواطف عند غيرنا .وهذا يساعدنا في نشاطنا االجتماعي وتعاوننا
وفي إدارة االختالفات االجتماعية .أما في سياق المستهلك ،فإننا نرى المنتجات التي
تُعجب األصدقاء والعائلة والمعارف واألغراب والتي ال تُعجبهم ،وهذا يُساهم في في
تعلمنا الذاتي عن هذه المنتجات .فيُعتبر التعلم من ردود الفعل العاطفية عند اآلخرين أكثر
سع تطور اإلعالم المعاصر فعالية ومالئمةً من تجربة كل ردود الفعل تلك بأنفسنا .وقد و َّ
إلى ح ٍدّ كبير من إمكانية التعلم من خالل مالحظة اآلخرين.
وأخيراً ،توفر العواطف طرقا ً مختصرة فعّالة التخاذ المستهلك القرارات ،فالعواطف
تحفّز األهداف الذهنية وتُف ِّعّل نظامي االقتراب والتجنب عند الشخص الذي يو ِّ ّجه ويُسهل
من اختياراتنا كمستهلكين ،وهي غالبا ً ما تقوم بهذه الوظائف على أكمل وجه خارج
وعينا اإلدراكي .وباإلضافة إلى لقيام هذه الطرق المختصرة بالتخمينات واالختيارات
بسهولة وسرعة ،فهي تسمح للمستهلكين بتجنُّب مسار الشراء الذي تقيسه بحوث التسويق
على نح ٍو تقليدي – انطالقا من االنتباه واإلقناع والحفظ إلى استكار المنتج عند نقطة
شراءه .ففي المقابل ،تستفيد هذه الطرق المختصرة من "الطريق السريع" الذهني الذي ِّ
يختص التسويق العصبي بقياسه وتقديره؛ أي من ذلكُّ يؤدي إلى اختيار المستهلك والذي
الشعور الغامض باالعجاب بشيءٍ ما إلى منصة الدفع في المتجر.
121
العواطف واالنتباه
لقد أطلقنا اسم المتغيرات الرئيسية الخاصة ببحوث التسويق العصبي على االنتباه
والعاطفة والذاكرة (انظر الفصل ،) 5إال أنه من بين هؤالء الثالثة ،تكون العاطفة في
مقدمتها؛ فهي تُحسن من االنتباه والذاكرة على نح ٍو طبيعي .وفي هذا القسم ،سنشرح
العالقة فيمنا بين العاطفة واالنتباه وسنناقش أهميتها لفهم استجابات المستهلكين.
للمسوقين
ّ فهم السبب وراء كون االنتباه أحيانا ً غير نافعا ً
تعتبر الدعاية واإلعالن حقالً تسويقيا ً رئيسيا ً تتقاطع فيه العاطفة واالنتباه .وهنا ،يميل
البحث إلى السير في مسارين متناقضين نوعا ً ما .تُر ّكز إحدى الطرق في اختبار
كعنصر لكفاءة اإلعالن ،فكلما أعار الناس انتباههم إلى ٍ اإلعالنات على قيمة االنتباه
اإلعالن التجاري ،كان من المحتمل جدا ً أن يتذكروه وأعتُبِّ َر أكثر فاعليةً .وهذا ما يُسمى
123
غالبا ً بنموذج معالجة االنتباه الكبير لفعالية اإلعالنات التجارية ،وهو على صل ٍة وثيق ٍة
بنموذج المستهلك العقالني الذي َوضّحناه في الفصل .2
مضر حقيقةً لإلعالن في ظروفٍ معينة
ٌّ أمر
وتناقش الطريقة الثاني مسألة أن االنتباه هو ٌ
ت تسويقية معين (مثل إنشاء عالما ٍ
ت ومضر أيضا ً لغايا ٍ
ّ (مثل اإلعالنات المتلفزة)
تجارية)؛ وذلك ألنه كلما زا د انتباه الناس لإلعالن التجاري ،كان من المحتمل أن
لححج ذهني ٍة مضادةٍ للرسائل التسويقية المقنعة في اإلعالن التجاري وبذلك
ٍ يؤسسوا
يطوروا مقاومةً للمثل تلك الرسائل.
وفقا ً لهذه الفكرة ،فال تجدي اإلعالنات التجارية نفعا ً ألنها فقط تجذب االنتباه وتقنع
ط مع مع المنتج أو العالمة ت عاطفي ٍة إيجابي ٍة ترتب ُتولّد استجابا ٍ
المشاهد منطقياً ،بل ألنها ِّ
التجارية من خالل التكرار البسيط لتلك اإلعالنات .فال يُساعد االنتباه الكبير لإلعالن
تناقض فيما بينها .لذا يفضَّل االنتباه القليل
ٍ ذاته من هذ العملية وقد يؤدي في الحقيقة إلى
الذي يُصاحب االرتباطات الذهنية اإليجابية وهذا ما يُسمى بنموذج معالجة االنتباه القليل
لفاعلية اإلعالنات التجارية.
ت عدة .ويُمكن لقياسات وقد ناقشت بحوث الدعاية واإلعالن حول هذه المسألة لسنوا ٍ
التسويق العصبي أن تُساعد في حل هذا الخالف ،فهنالك كمية كافية من األدلّة التي تشير
أن الناس يقاومون ضمنيا ً الرسائل التسويقية المقنعة (كما هو موضح في الفصل .)5
وإضافةً إلى ذلك ،ال يصبُّ نموذج معالجة النتباه الكبير في الطرق الالواعية التي يُمكن
لإلعالنات من خاللها أن تؤثر على النطباعات المأخوذة عن العالمات التجارية
وسلوكيات ال شراء؛ وذلك ألنها مبنية على قياس استجابات واعية ذات اإلبالغ الذاتي
عنها باستخدام طرق البحث التقليدية مثل المقابالت الشخصية واالستبيانات .لذا فنحن
نعلم أنها مبنية على صورة غير متكاملة للعمليات العقلية ذات الصلة بها.
وتوفر نتائج بحوث علم الدماغ الحديث بشأن العمليات الالواعية –مثل االستحضار
الذهني واأللفة ومعالجة السالسة والعالمات العاطفية -مصدرا ً غنيا ً بالنماذج الجديدة
الختبار هاتين الطريقتين .وبطرح فكرة مركزية العواطف الواعية والالواعية في
استجابات المستهلك ،فقد يبدو من المحتمل أن تُعتبر العواطف اإليجابية جدا ً بدالً من
االنتباه الكبير أو القليل ركيزة فعالية الدعاية واإلعالن.
124
العواطف والذاكرة
أكدت الكثير من الدراسات أن األحداث المفعمة بالعواطف يتم تذكرها أكثر من األحداث
صةً إذا ما ُح ِّفّزت العواطف من قِّ َبل أحدا ٍ
ث تتوافق والحالة العاطفية عند المحايدة ،وخا ّ
المتعرض لها في تلك اللحظة ،فإن كال العواطف اإليجابية والسلبية تُحسن من الذاكرة.
قصور في ذاكرتهم مثل مرضى ٌ ظ هذا التأثير حتى عند األشخاص الذين لديهم لوح َ
وقد ِّ
ألزهايمر.
أشخاص
ٍ ت مستقبلية على تسجيل تقارير عن أنشطة وقد أقدم علماء ذوي تطلعا ٍ
ومشاعرهم في عقب أحداث سلبية مشابهة ،ثم كرروا التسجيل بعد فترة زمنية تقدر بسن ٍة
ت أو حتى عشر سنوات ،وقاموا بإجراء مقابل ٍة مع هؤالء األشخاص واحدة أو ثالث سنوا ٍ
125
مرة ً أخرى وسجلوا ذكرياتهم ،فكانت النتائج ثابتة على نح ٍو مفاجئ .وبالرغم من امتالك
الناس يقينا ً راسخا ً بشأن دقّة ذكرياتهم لمثل تلك األحداث ،إال أنه في أغلب األمثلة ال
تكون هذه الذكريات صحيحة .ولكل أنواع التفاصيل – أين كان هؤالء األشخاص ومع
كبير عن مسارها
ٍ من كانوا وما الذي فعلوه ومتى فعلوه -فقد انحرفت ذكرياتهم بشك ٍل
يخص هذه النتائج ليست معيبة بالقدر الكبير ،بل
ُّ األصلي .إن الشيء المثير لالهتمام فيما
ألن الناس هم متأكدين بشدّة بأن الذكريات المعيبة تلك هي صحيحة.
ط الضوء على ميزة ذات أهمية كبيرة في الذاكرة البشرية؛ تلك التي تُطبّق حتى وهذا يسل ُ
ى عاطفي .تتغير على الذكريات التي يُمكن استذكارها بوضوح والمشبعة بمحتو ً
الذكريات لدينا باستمرار ،أو حتى فعل االستذكار يُغ ِّيّر من محتوى ذكرياتنا.
126
معين من الذكرى
ٍ أشخاص ،فإن التأثير الكلّي قد يكون استبدال الذكرى األصلية بنوعٍ
المشتركة المشوهة.
ت أكثر عمومية – وغالبا ً ما قد يُساء فهمها -من صفات الذاكرة ضح التجربة صفا ٍ تو ِّ ّ
البشرية؛ فذكرياتنا تُبنى ويُعاد بناؤها باستمرار فال يت ُّم حفظها سليمة دون أي تشويه. تذكر
إن الكثير من الناس لديهم فكرة شائعة عن الذاكرة أنها تعمل كعمل خزانة المطبخ،
فالذكريات كأطباق العشاء التي توضع في خزائن المطبخ ،وأنه عندما نودُّ الحصول
ق نقوم بفتح تلك الخزائن ونتناول الطبق الذي نريد .ونحن بالطبع عليها في وق ٍ
ت الح ٍ
ق ذاتها ،ألن الخزانة هي مجرد صندوق ال تأثير له. نتخيل ذكرياتنا كاألطبا ِّ
إال أن الذاكرة البشرية ال تعمل كـ"خزانة الذكرياتِّ" هذه .فقد قدّم ليونارد ملودينو
( ) Leonard Mlodinowتحليالً أفضل –وأكثر حداثة -في كتابه ( Subliminal:
))How Your Unconscious Mind Rules Your Behavior (Pantheon
الال شعور :كيف يتحكم عقلك الباطن بتصرفاتك ،حيث قال فيه :أن الذكريات كالصور
المخزنة في القرص الصلب الخاص بحاسوبك .فبسبب أن الصور الخام تحتل حيّزا ً
كبيرا ً في الذاكرة ،فال تُخزن حرفيا ً فيها ،بل يُستخدم النظام العشري لحفظها في صيغٍ
مضغوط ٍة جدا ً تتضمن جوانب رئيسي ٍة معين ٍة من الصورة األصلية .فعندما يتم
استرجاعها ،فتكون مختلفةً بعض الشيء مما كانت عليه عند تخزينها.
وحتى هذا التحليل يفشل في وصف الذاكرة البشرية بالرغم من ذلك؛ ألننا نمزج ذكرياتنا
نستذكر ذكرى معينةٍ ،فإن تلك الذكرى تكون جزئيةً وغير
ُ أكثر من ذلك .ففي ك ِّّل مرةٍ
مكتمل ٍة ويقوم عقلنا الباطن بملئ الجوانب المفقودة من تلك الذكرى ببدائل معقولة والتي
ُّ
نظن أننا قمنا به. مستمر في ما
ٌ تغير
ٌ تُمزج عندها مع الذكرى األصلية ،وتكون النتيجة
ساخر ،فإن الطريقة الفضلى في الحفاظ على الذكرى سليمة هو في عدم ٍ وعلى نح ٍو
تذكرها !
وقد ُو ِّث ّقت قابلية الذاكرة البشرية على الخطأ جيداً ،فعلى سبيل المثال ،في السياق
ت باطلة والتي تحدد الحقا ًعيان إلى التسبب باتهاما ٍ
ٍ القانوني ،تؤدي شهادة خاطئة لشاهد
عن طريق انتكاسات مبنية على الحمض النووي ( .(DNAففي مختبرات علم النفس،
نجح العلماء في حث أي نوعٍ من أنواع الذاكرة الزائفة تقريبا ً عند المشاركين بالتجربة
والذين الذين كانوا مطمئنين .من أشكال حث الذكريات الزائفة التي قاموا بها إقناع ما
نسبته % 62من المشاركين في إحدى الدراسات أنهم قد صافحوا شخصية باغز باني
127
( )Bugs Bunnyعندما قاموا بزيارة مدينة ديزني الترفيهية ( )Disneylandعندما
كانوا صغاراً ،وهذا األمر يُعد مستحيالً ألن شخصية باغز باني تابعة لشركة ويرنار
بروس ( )Warner Brosوليس شخصية من شخصيات شركة دزني ()Disney؛ لذا
لم تكن شخصية باغز باني في مدينة دزني الترفيهية.
وكما لخص ملودينو ( ،)Mlodinowأدت البحوث المجراة على الذاكرة البشرية إلى
تذكر
ثالثة استنتاجا ٍ
ت رئيسية هي:
✓ أن الناس يمتلكون ذاكرة جيدة لحفظ الجوهر العام لألحداث لكنها ضعيفة في حفظ
التفاصيل.
✓ عندما يتم الضغط على االنس الستذكار التفاصيل التي لم يتم تذكرها ،حتى أولئك
األشخاص الذين يبذلون جهدا ً كبيرا ً ليكونوا دقيقين في تذكرها سيملؤون النةاقص في
ذاكرتهم دون قصد.
✓ كما أن الناس يصدقون الذكريات التي يعدلونها.
128
الذاكرة والعالمات العاطفية
تعزز العالمات العاطفية من عملية تفعيل الذاكرة ,فكلما زادت حدة رد الفعل العاطفي،
زادت قوة الذكرى لدى اإلنسان ،إال َّ
أن ما يتم تذكره ليس التسجيل المثالي لتجرب ٍة معين،
بل الذكريات المختارة فقط هي التي يترسخ فيها الكثير من التفاصيل .ويتم ملئ هذه
التفاصيل وبكل سالس ٍة من قِّبل العقل الباطن عندما يتم استرجاع تلك الذكرى .ونحن ال
نجيد التفرقة فيما بين الذكرى األصلية وما أضفناه عند استرجاعنا له ،لذا فإدراكنا
الواعي لماضينا يكون جزئيا ً ومشوهاً.
إن هذا العالم هو سبي ٌل جنوني لبناء نظام ذاكرة معين وذلك إذا ما كانت غاية هذا
تذكر
النظان تذ ُّكر الماضي بدقة كشريط فيديو بشري دون أي عيوب او نواقص .إال أن هذا
تتطور
ّ ليس هو السبب ،مما يدلنا إلى أهم نقطة بشأن الذاكرة وهي :أن الذاكرة البشرية لم
عالم
لتمكن من استرجاع الذكريات بشك ٍل مثالي؛ فهي قد تطورت للعيش والنجاة ضمن ٍ
غامض .ويعتمد مبدأ النجاة بالضرورة على قدرتنا في معرفة الفرق بين ما هو مه ٌّم وما
هو العكس ،فهو ال يعتمد على تذ ُّكر كل شيء .ولذلك ،تعمل عقولنا على أساس
المقايضة؛ فتوفر الذكرى المعززة عاطفيا ً نظاما ً ممتازا ً للتعرف والتعلُّم من أهم األحداث
في حياتنا؛ سواء أكانت إيجابية أم سلبية ،أو واعدة بالربح أو مهددة للحياة ،إال أن هذه
الذكرى تتجاهل الكثير من المعلومات في عملية التذكر.
تعمالن معا ً
ِّ ويُعدُّ هذا على صل ٍة بعالم التسويق وسلوكيات المستهلكين ،فالذاكرة والعاطفة
كركائز في استج ابات المستهلكين وردود أفعالهم تجاه الرسائل التسويقية والعالمات
ى واعٍ في العقل ،فهي غالبا ً ما تعمل التجارية والمنتجات .وقد تعمل أحيانا ً على مستو ً
على المستوى الالواعي في عقل البشر .إال أنها وفي كال المستويين تساعد على شق
يوم من حياتنا .إال أن الكثير من هذه العملية
طريقنا في كمية هائلة من المعلومات في كل ٍ
ال يمكن الوصول إليها من قِّبل عقولنا الواعية ،لذا ال يمكننا أن نخبر عنها بدقة إذا ما
طلب منا. ُ
129
الفصل السابع
شيء وحيد يُمكن أن يبدو بديهيا ً عن األهداف وهو انه ال يُمكن أن يكون لديك هدف إال إذا علمت أنه
لديك هدف ولكن هذا يُشبه العديد من التصريحات البديهية التي تتحول إلى تصريحات خاطئة ,وحتى
130
فترة بسيطة كان يعتقد العلماء أن األهداف تك ُمن بالكامل في مجال العقل الواعي وأن العديد من
األشخاص قد تعلم الكثير عن األهداف الواعية ,والتي تتضمن تركيب الدماغ وردود الفعل الكيميائية
التي تنطوي وراء تنشيط االهداف الواعية كالسعي واإلنجاز.
حديث في علم النفس اإلجتماعي بالرغم من اتباع أخصائي علم النفس األوائل أمثال ٌ هناك عم ٌل
John Barghمن جامعة Yaleو Tanya Chartrandمن جامعة ,Dukeوقد تم الكشف سابقا ً
وزمالئهم قد إكتشفوا أن األهداف يُمكن أن عن جانب خفي لألهداف والحوافز وأن هؤالء العُلماء ُ
تُتنشط وتتفعل وتُتابع وحتى تتحقق خارج وعينا اإلدراكي تماما ً باإلضافة إلى ذلك ,فقد قاموا
باكتشاف أن تلك العمليات التحفيزية التلقائية والغير إدراكية يُمكن أن يكون لها تأثيرات هامة وراء
الهدف نفسه من خالل تأثير غير مرئي لمزاجنا وأحكامنا وسلوكياتنا ال ُمتأخرة. أمور
وفي الوقت نفسه أكدّت األبحاث الحديثة في علم األعصاب اإلدراكي بأن األجزاء التي يتم تنشيطها تقنية
في الدماغ عندما نقوم بالرصد وال ُمراقبة بشكل واعي لسعينا نحو األهدافو تختلف عن األجزاء التي
تُدير السعي وراء الهدف " ُمبرمجة" ذاتياً.
علماء الدماغ على هذا التفكك ( فصل ما يظهر على أنه وظيفة دماغية واحدة إلى وظائف يُطلق ُ
وعناصر ُمنفصلة) وعندما يتواجد التفكك يُمكن أن تعمل األجزاء بشكل ُمنفصل وهذا ما يحدث عند
السعي وراء األهداف– حيث يُمكن لعمليات الدماغ أن تعمل دون تدخ ٍل من العمليات األخرى,
فأدمغتنا ُمعتادة على التحكم باألهداف بشكل ادراكي ,يُمكن للنظام الهدف أن يعمل من تلقاء نفسه
بشكل ُمثير للدهشة خارج وعينا اإلدراكي تماماً.
إن اآللية التي يتم من خاللها تحقيق األهداف بشكل الواعي تُذكرنا باالستحضار الذهني )تم عرضه
في الفصل الخامس ) حيث يعتمد اإلستحضار الذهني على التنشيط الترابطي ( اآللية التي يتم من
خاللها تنشيط فكرة أو مفهوم واحد في ادمغتنا وتشغيل افكار ومفاهيم أخرى تكون "قريبة" في
الذاكرة).
سماع كلمة (تكسي) على سبيل المثال في قصة ما ,تُنشط مفاهيم ذات صلة مثل كيف تدفع لركوب
طلب منك لفظ الكلمة ( )Fairبمعنى عدالة ,ستقوم على األرجح سيارة األجرة (التكسي) ,أو إن ُ
(بالرغم من أن
ُ بلفظها ( )Fareويُعزى ذلك إلى تأثير اإلستحضار الذهني لل ُمصطلح سيارة األجرة
كلمة ( )Fairتظهر بشكل ُمتكرر أكثر بال ُمحادثات والكتابات في اللغة اإلنجليزية(.
يُمكن ان يتم تمييز األهداف عن الحاالت الذهنية األخرى مثل التفضيالت أو المشاعر ,من خالل
مجموعة السلوكيات التي يُمكن التنبؤ بها والتي تعتبر فريدة من نوعها بالنسبة لألهداف :
✓ ُمخرجات السعي وراء الهدف سواء النجاح أو الفشل في الوصول إلى الهدف ,يمكن أن يُغير لنا
مزاجنا وسلوكنا بعد وقوعها.
األهداف ال ُمدركة هي ببساطة األهداف التي ندرك إمتالكنا لها ,وقد اعتمدنا و وضعنا إستراتيجيات
الخطط للسعي وراء أهدافنا وقُمنا بتقييم تقدُمنا وق ّ
سمنا الكلمات واألفعال التي نأمل أنها ستُقربنا من
أهدافنا سلوكيا ً وقد تم تحريك جميع هذه األنشطة من خالل الحافز وقُمنا بتجربة الحافز لتحقيق
األهداف وإنخرطنا في السلوكيات إلرضاء تلك الحوافز.
إن االكتشاف األكثر إثارة للدهشة من أبحاث األهداف الغير ُمدركة هي ليس عدم قُدرتنا فعليا ً على
تحقيق األهداف دون العلم بها ،بل نحن نقوم بذلك بنفس مجموعة السلوكيات ال ُمرافقة والتي تم تذكَّر
مالحظتها في السعي وراء الهدف ال ُمدرك حيث تعمل األهداف غير ال ُمدركة خالل الوقت وتستمر في
مواجهة العقبات ،وت ُ ْست َأنف بسرعة ،وتزداد قوة ً مع مرور الوقت ،وتختفي بسرعة ب ُمجرد تحقيقها
،وتؤثر على المزاج والسلوك ال ُمتأخر كاألهداف ال ُمدركة تماما ً .
علماء الدماغ التشابه بين السعي وراء األهداف ال ُمدركة وغير ال ُمدركة من ناحية التطور فَ َّ
س َر ُ
التدريجي ،حيث إن األهداف ال ُمدركة موجودة في أدمغة الحيوانات قبل فترة طويلة من ظهور البشر
والوعي الذاتي و األنماط السلوكية ،التي تقترن بالسعي وراء الهدف ،وجميع ذلك يزيد من إحتمالية
ي أن تكون موجودة من األساس (كما هو الحال عندما ت َنشأ تحقيق األهداف ،والتي من الضرور ّ
أ َجْ زاء أحدث للدماغ أعلى الدماغ القديم ويظهر الوعي) ،فالسعي وراء الهدف ال ُمدرك بكل بساطة
عناصر للتداول ال ُمدرك والتخطيط
َ يقوم على إستخدام هذه اآلليات الموجودة من قبل ،ويضيف عليها
.
ومن وجهة نظر علم الدماغ الموضوع ليس عن السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك ،بل إنه ُمحاكاة
للسعي وراء الهدف ال ُمدرك فعلى العكس من ذلك ،فقد تم إنشاء آليات للسعي وراء الهدف غير
ال ُمدرك ،وكل هذه اإلتصاالت السلوكية منذ زمن طويل في زمن التطور وإن السعي وراء األهداف
ال ُمدركة تسد عن اآلليات القائمة فيما بعد ،وتوسع وتعزز نطاقها بطبقة جديدة من الوعي اإلدراكي
والسيطرة .
132
األهداف والسلوك
إن عملية السعي وراء الهدف ،سواء أكان ُمدرك أو غير ُمدرك ،يظهر في أربع مراحل :
1يتم تنشيط الهدف ،إما بشكل طوعي (السعي وراء الهدف ال ُمدرك) ،أو من خالل تلميح خارجي
(السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك) .
2يتم تنشيط أنظمة ُمعالجة المعلومات الداخلية لتوجيه السعي وراء الهدف .
يتضمن السعي وراء الهدف ال ُمدرك ،اإلدراك الواعي ،ورصد كل مرحلة من المراحل ،ولكن في
جميع النواحي األخرى يعمل السعي وراء الهدف ال ُمدرك وغير ال ُمدرك بنفس الطريقة .
اإلستحضار الذهني هو اآللية التي تستطيع من خاللها اإلشارات الخارجية في بيئاتنا تنشيط أمور
اإلستجابات الداخلية في ظل غياب الوعي اإلدراكي .وفي الفصل الخامس ،قمنا بعرض النوعان
تقنية
الرئيسيان لإلستحضار الذهني :
اإلستحضار الذهني الترابطي :هو اآللية المعرفية التي يتم من خاللها التفكير بفكرة واحدة أو مفهوم،
ويجعله سهالً للوصول إلى األفكار والمفاهيم األخرى التي لها إرتباط وثيق في الذاكرة ،وكما تذكر ما
قلناه عن ُمصطلح سيارة األجرة وعند اإلستحضار الذهني للكلمة اُجرة بدالً من العدل هو مثال
توضيحي عن اإلستحضار الذهني الترابطي .
اإلستحضار الذهني التحفيزي :هو اآللية التي يتم من خاللها تحقيق األهداف بدالً من تنشيط الصالت
الذهنية بين المفاهيم في الذاكرة ،اإلستحضار الذهني التحفيزي يُنشط سلسلة ُمتتالية من عمليات
السعي وراء الهدف والتي تبقى نشطة حتى يتم تحقيق الهدف أو التخلي عنه .يُمكن وصف
اإلستحضار الذهني التحفيزي على أنه "إستحضار ذهني ترابطي زائد" ،وهو قائم على ترابطات،
ولكن األهداف الذي يتم السعي وراءها باإلضافة إلى األهداف والمفاهيم .
لإلستحضار الذهني الترابطي آثار على السلوك ،ولكن آثاره ضعيفة نسبيا ً وقصيرة المدى ،وتقل
بسرعة عبر الزمن أما اإلستحضار الذهني التحفيزي فلديه خصائص أقوى ،فهو طويل المدى،
وآثاره ثابتة واألكثر أهمية من ذلك أن له التأثير األكبر على السلوك في عالم التسويق وسلوك
ال ُمستهلك ،واإلستحضار الذهني التحفيزي هو المجال الذي ت َركز عليه أبحاث التسويق العصبي بكمية
كبيرة حاليا ً .
في التجارب المعملية ال ُمبتكرة التي أجريت على السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة ،كان يتم في
العادة إنجاز اإلستحضار الذهني من خالل عرض األشخاص لبعض الكلمات أو العبارات التي أدت
إلى عرض إرتباطات الباحثين التي أرادوا إختبارها ،فعلى سبيل المثال :يُمكن أن يُطلب من بعض
133
ال ُمشاركين إكمال إختبار ال ُجملة ال ُمبعثرة ،بطريق ٍة ال يبعثرون بها قائمة قصيرة من الكلمات لتكوين
ُجمل صحيحة قواعديا ً ،ومن غير المعروف لل ُمشاركين أن الكلمات الواردة في ال ُجمل تم إختيارها
إلستحضار إرتباطات أو أهداف ُمعينة ،مثل :الزمن القديم (لعبة الحظ ،العصر الفلوريدي ،التقاعد)،
التدبير (بخيل ،الحذر ،قرش) ،أو الترف (المكانةُ ،مكلف ،إعجاب).
هذه األساليب فعّالة وتتضمن أدوات عدة للكثير من شركات التسويق العصبي اليوم (أ ُنظر للفصلين
السادس عشر والسابع عشر).
إن ال ُمختبر ليس غرفة معيشة وال ممر متجر البقالة ،لذلك فإن أكثر البحوث الحديثة ال تُركز كثيرا ً
ي.
على ُمحفزات اإلستحضار الذهني الصناعي ولكنها ترتكز على ال ُمحفزات التي تظهر بشكل طبيع ّ
وقد حدد الباحثون أنواع عدّة لإلستحضار الذهني التي تظهر على أنها جيدة بشكل خاص في تحفيز
بصور طبيعية .وهذه بعض األمور األكثر أهمية ( ُملخصة مع بعض التعديالت
ٍ السعي وراء األهداف
من طبعة الـ 2007بواسطة شارتراند ُ
والزمالء بعنوان "سوابق وعواقب السعي وراء األهداف غير
ال ُمدركة") :
✓ الحاالت اإلجتماعية:
ُمحفزات الحاالت اإلجتماعية :الحاالت اإلجتماعية التي تمت مواجهتها مرارا ً وتكرارا ً يُمكن 1
أن تقوم بتنشيط األهداف التحفيزية ،وفي الغالب هذه الحاالت قد شاركت معاني ثقافية ،مثل
:أماكن العمل ،و بيئات المنزل .ويمكنها تفعيل أهداف ُمشابهة بشكل وثيق بين األفراد .
تهديدات النرجسية :عندما يُنظر إلى الحالة اإلجتماعية على أنها تهديد إلحترام الذات أو 2
المصلحة الشخصية للفرد ،فإنها يُمكنها أن تؤدي إلى تنشيط الهدف تلقائيا ً بهدف التعزيز أو
الحفاظ على الشعور بالذات .
ال ُمغريات :يُمكن لل ُمغريات تنشيط األهداف التنافُسية تلقائيا ً التي تواجه ال ُمغريات .هذا مثال 3
على هدف غير ال ُمدرك يتصرف بطريقة دفاعية أو وقائية إلعتراض السلوكيات التي
نعتبرها خطرة ،أو مؤذية ،أو غير ُمالئمة .
اإلختالفات الفردية في الحاالت اإلجتماعية :لدى الناس ميوالت ُمختلفة فيما يتعلق 4
باألهداف ،ولهذه اإلختالفات القُدرة على جعل بعض األشخاص أكثر عرضة لبعض أنواع
اإلستحضارات الذهنية مقارنةً باآلخرين ،فعلى سبيل المثال :أظهرت دراسة بأن مفاهيم
اإلستحضار الذهني ُمتعلقة بقوة إثارة األهداف المتعلقة بالمسؤولية اإلجتماعية لألشخاص
في ال ُمجتمعات ال ُمو ّجهة ،واألهداف المتعلقة بالمصالح الشخصية أكثر في األشخاص
المستلقيين بذاتهم .
✓ األشخاص :
1إنتشار الهدف :رؤية شخص آخر يُتابع هدفا ً ما ،يعد كافيا ً في معظم األحيان لتحريك نفس
الهدف فيك .ويُمكن لشخص واحد إلتقاط هدف ما بطريقة غير إدراكية من شخص آخر ،حتى
وإن كان هدف الشخص الثاني ُمضمر أو ُمتخيل فقط .
134
2تفعيل المنطقية وال ُمقاومة :عند مواجهة حالة ُمرتبطة بمجموعة نمطية ،فإن األشخاص
الذين يؤمنون بالمساواة بشدة يميلون إلى التمتع بوعي ٍ مسبق يتعلق بالصورة النمطية ،بينما
األشخاص األقل تكريسا ً لمبدأ ال ُمساواة فيُظهرون عالمات التنشيط النمطي .
3التأثير بآخرين :تعد إحدى أقوى أهداف اإلستحضار الذهني تأثيرا ،يَظهر عندما يتم تنشيط
أفكار شخص ُمؤثر في حياة أحد ما (األم ،األب ،الصديق) من خالل اإلستحضار الذهني،
وأوجدت الدراسات ،على سبيل المثال :أن تنشيط أفكار صديق ما يُمكنها أن توحي بأن
الهدف ُمفيد ،وإن تفعيل وتنشيط أفكار أب يتطلب كثيرا ً من الجهد ويمكن أن يؤدي إلى إنجاز
الهدف .
✓ األشياء والرسائل:
عدّة دراسات حديثة بدأت بالبحث عن المدى الذي يُمكن للعالمات التجارية والشعارات وال ُهتافات
التسويقية أن تكون األساس للهدف .توصلت هذه األبحاث إلى بعض النتائج ال ُمذهلة و ُمشيرة ً،
فقدتوصلت إلى أن تلك العالمات التجارية يُمكنها تمثيل وتحريك األهداف الطموحة ،حتى وإن
واجهت أمرا ً خارجيا ً للغاية ،في كثير من األحيان وبنفس الطريقة التي يقوم بها األشخاص ،على
سبيل المثال :التعرض لشعار شركة ( ،)Appleوجد أنه يحفز األهداف اإلبداعية ،التعرض
لشعار ( )Disneyيُمكنه تحفيز أهداف الصدق ،والتعرض لشعار ( )Walmartيُمكنه تحفيز
أهداف التدبير (لقد قمنا بدراسة شعار شركة Appleاإلبداعية بتفصيل أكثر في الفصل التاسع) .
تفعيل القواعد بشكل إجتماعي :أخيرا ً إكتشف الباحثون أن لألعراف اإلجتماعية القدرة على
تُنشيط السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة ،وفي دراسة كان األشخاص يتعرضون لصورة مكتبة
أو محطة قطار ،وتم إخباروهم بأنهم سيقومون بزيارة الموقع بعد اإلنتهاء من التجربة ب ُمهمة من
ال ُمفترض أنها ُمنفصلة والتي أدخلت القراءة بصوت عالي ،واألشخاص الذين تعرضوا
إلستحضار المكتبة تحدثوا بصوت أنعم من األشخاص الذين تعرضوا إلستحضار محطة القطار،
عرف ما سيعمل على تنشيط فببساطة تستعرض الدراسة فكرة اإلحتجاج حيث (أ) اإلحتجاج على ُ
السلوك المعياري كردة فعل ُمناسبة .
تذكَّر
ي،
إن إتساع نطاق هذه المصادر الخاصة باإلستحضار الذهني للهدف يؤدي إلى اإلستنتاج الحتم ّ
وهو أن اإلستحضار الذهني لألهداف البُد من أن يحدث في كل لحظة من كل يوم تقريبا ً ،وحتى
ي لباحثي السوق .ومع اآلن هذا المصدر الرئيس لخيارات ال ُمستهلك وسلوكه ال يزال غير مرئ ّ
135
ق ويُمكن آلثاره أن يتم تقصيها لكل من
ظهور التسويق العصبي يُمكن إستكشاف ذلك بعم ٍ
ال ُمسوقين وال ُمستهلكين .
يتناسب السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة بشكل ُمريح مع ميزات أُخرى للتقدم غير ال ُمدرك
والتي قُمنا بتسليط الضوء عليها ،كالكفاءة المعرفية ،واألُلفة ،والتقدم ال ُمتقن (عدّ إلى الفصل
الخامس) ،وعالمات عاطفية غير ُمدركة (عدّ إلى الفصل السادس) .وهي آلية أ ُخرى في ُجعبة
اإلنسان خاصة في العمليات التلقائية والتي تجعلنا نعمل بأمان وفاعلية لحظةً بلحظة دون تحطيم
قدرات تقدُمنا ال ُمدرك بشكل محدود نسبياً.
في هذا القسم سنعي ما الذي تعنيه "عملية السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة" ال ُمتعلقة بفَهمنا
للتسويق وسلوك ال ُمستهلك ،وما هي األثار ال ُمترتبة على كل من ال ُمسوقين والمستهلكين .
يعرض السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك صورة ُمختلفة تماما ً عن الطريقة التي يتوجه بها
المستهلكين إلى أعمالهم يوما ً بعد يوم من حيازة وإستهالك ال ُمنتجات والخدمات .بدالً من التداول
وحسابات التكاليف والفوائد ،مثل ما يُأكده النموذج اإلستهالكي العقالني ،إيزاء القليل من اإلنتباه
لما يقومون به ،واإلستعانة بالمصادر الخارجية في أكثر حساباتهم للعمليات الذهنية التي ال
يعلمون حتى بأنها موجودة .
تذكَّر
اإلعتماد على سعي الناس وراء الهدف غير ال ُمدرك ال يجعلهم أقل حساسية اتجاه ظروفهم
كشخص في غفوةٍ من الحبوب ال ُمنومة ،إنها في الحقيقة تجعلهم أكثر حساسية ،ألنها
ٍ باشرة،
ال ُم ِّ
تجعلهم يتصرفون العملية التي ال عالقة لها في تركيزها ومرونتها في إمكانياتها .جميع
السلوكيات ال ُمرتبطة بالسعي وراء الهدف التي قُمنا بوصفها هي الثبات في وجه العقبات،
واإلستئناف بعد اإلقطاع ،وزيادة القوة التحفيزية عبر الزمن،إلخ كل ذلك يُساعد الناس على التنقل
عرضةً بمرونة نحو أهدافهم حتى مع تغير ظروفهم ال ُمباشرة .إن عقولنا الالواعية هي أقل ُ
للتشويش من عقولنا الواعية .
عندما بدأت بفهم آليات السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك أصبح لكثي ٍر من السلوكيات الغامضة معنى،
حيث أننا قُمنا بفعل ذلك عند طلب وعاء من اآليس كريم ونحن نُشاهد التلفاز البارحة ؟-إذا إستذكرت
فربما تذكرت أنك رأيت إعالنا ً في وقت سابق وقت الظهيرة لبيتزا تبدو لذيذة ً جدا ً .يُمكن أن
ذلكُ -
تكون قد قامت تلك الصورة بتنشيط هدف األكل لديك التي تمت عن طريق الدماغ بواسطة تركيزك
على اآليس كريم ،ألن اآليس كريم كانت أفضل من البيتزا في الوصول إلى عقلك ،الحظ أن هذه
العملية لم تكن منطقية جدا ً ،فاآليس كريم ليست بيتزا .ولكن العقل الالوعي ال يعمل بمنطق ،المنطق
هو الشيء الذي نقوم بتسليمه لعقولنا الواعية دون الحاجة إلى الكثير من التفكير ال ُمدرك ،وعاء من
136
اآليس كريم جيدٌ إلشباع هدف تناول الطعام والتي حفزتها شريحة البيتزا ،ومن خالل مثل هذا
العمليات نقوم بإتخاذ ُمعظم قراراتنا اإلستهالكية يوما ً بعد يوم .
أظهرت الدراسات -وبشكل ُمتكرر -أن تفضيالت ال ُمنتج يُمكن أن تتغير بشكل ملحوظ تحت تأثير
األهداف ال ُمختلفة التي يتم تنشيطها ،على سبيل المثال :تنشيط أهداف "اإلدخار" أو "المكانة" يُمكن
أن يُغير التفضيالت بشكل كبير بين ال ُمنتجات ال ُموجه لإلدخار والمكانة ضمن فئات ُمختلفة كإختالف
الجوارب ،والمايكروويف ،والسهولة التي يتم من خاللها التالعب باألفضليات ،وكأغلب األسس غير
ال ُمباشرة والتي دفعت الكثير من الباحثين للتساؤل فيما إن كانت التفضيالت تبقى وتدوم لفترة طويلة
كما يعتقد ال ُمستهلكون وباحثي السوق ؟
حول اإلستحضار الذهني الخيارات السابقة بنسبة تصل إلى %40في اتجاه الخَيار
في كل حالةّ ،
الذي يتماشى مع الهدف األساسي .
ت ُظهر هذه الدراسة بشكل خاص ضرب مثال على "أهداف يتم إستحضارها ذهنيا ً وتُصبح أقوى عبر
س ِّمح للمستهلكين في مجموعة ما أن يُحددوا خيارات ال ُمنتج الخاص بهم بعد أن يتم الزمن"ُ .
ثمان دقائق قبل أن يقوموا
ِّ إستحضارها ذهنيا ً بثالث دقائق ،بينما تم إجبار المجموعة الثانية لإلنتظار
بتحديد خياراتهم .في حالة اإلختيار السريع %59من ال ُمستهلكين إختاروا الخيار الذي تم إستحضاره
137
ذهنيا ً ،ولكن في حالة اإلختيار ال ُمتأخر %70 ،من ال ُمستهلكين إختاروا الخيار الذي تم إستحضاره
ذهنيا ً وبذلك فإن تأخير 5دقائق أضافت %11نسبة نحو البديل الذي تم إستحضاره ذهنيا ً .
هذه الخاصية في غاية األهمية فيما يتعلق باإلستحضارات الذهنية التحفيزية والتي يُمكن أن تكون
غير ُمزعجة أبدا ً و ُمدركة ،وتكون بمستوى أقل من الوعي اإلدراكي ،وال تزال يُـأثر على سلوك
ال ُمستهلك .
س ّوق والسلوك
قام الباحثون بدراسة آثار اإلستحضار الذهني لألهداف غير ال ُمدركة على نوايا الت َ
َسوق (عدّ إلى الفصل .ووجدت دراسة أخرى أن اإلستحضار الذهني العكسي يُـأثر على نوايا الت ّ
الخامس) ،وبعد أن تم تعريض شعارات المتاجر الباهظة على ال ُمستهلكين بعد اإلستحضارات
التسوق ال ُمقبلة ،ولكن عندما
ّ الذهنية ،قاموا بالتصريح عن نواياهم في إنفاق مبلغ أكثر في رحلة
تعرضوا ل ُهتافات تلك المتاجر إنعكس ذلك على اإلستحضار الذهني ،وقاموا بالتصريح عن نواياهم
في إنفاق مبلغ أقل في رحلة التسوق ال ُمقبلة .
ويعزي الباحثون هذا التأثر إلى تنشيط تصحيح األهداف في العقول غير الواعية لل ُمتسوقين ،إذن هذا
هو ،لقد قاموا بتنشيط هدف ما ليواجه تأثير ال ُمراسالت ال ُمقنعة ك ُهتافات بسيطة .
مع األخذ بعين اإلعتبار كيف يُمكن لمتجر ِّبقالة أن يستخدم اإلستحضار الذهني بهدف تحفيز المزيد
َسوق من أجل تحقيق أرباح أكثر ،إن العالمات التجارية لألطعمة التي تكون باهظة الثمن من الت ّ
بال ُمقارنة مع العالمات التجارية العامة أو الخصومات ،ومن األمور التقليدية في إستراتيجيات
التسويق داخل المتجر والتي من الممكن وضعها داخل قسم ُمنفصل في المتجر من بين الكثير من
اللوحات الخاصة بال ُمستهلكين الُسعداء والراقيين الذي يستمتعون باألطعمة اللذيذة والفاخرة ذات
الزينة الغريبة ،إلى جانب نسخة التسويق اإلضافية لشرح سبب كون هذه األطعمة خاصة .
وبالنقيض من ذلك ،إن اإلستراتيجية تهدف إلى اإلستفادة من السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة التي
وربما ال تحتوي خاص بـ "الترف" أو "النرجسية"ُ ،
ٌ بإمكانها التركيز على اللوحات لتنشيط هدف عام
هذه الصور على مواد غذائية ،ألن ذلك قد يدفع المتسوقين إلى تنشيط هدف تصحيحيّ ،أال وهو
ُمقاومة اإلقناع ،والذي قد يُعيق تأثير اإلستحضار الذهني .ويُمكن اإلحتفاظ بفكرة إقامة قسم خاص
بذلك ،ولكن قد يتم وضع القسم في الجزء الخلفي من المتجر ،ويُمكن أن توضع الصور عند المدخل
حتى يكون هنالك فترة تأخير ُمناسبة بين اإلستحضار الذهني وإستحضار الرضى بالمواد الغذائية
الفاخرة ،ويمكن أن يتم إلغاء التشديد على النُسخة المكتوبة ،والسبب في ذلك هو أن القراءة تميل إلى
تنشيط التفكير الواعي والتقييمي ،والذي بدوره قد يزيد الحجج ال ُمضادة باإلضافة إلى أن طريق
اإلستحضار الذهني للصور وقسم المواد الغذائية الفاخرة قد يحتاج إلى أخذ الحيطة والحذر إلزالته
عن المواد األخرى الفاخرة والتي قد تجذب المتسوقين الذي قاموا باإلستحضار الذهني وقد تُشبع
األهداف التي تم إستحضارها ذهنيا ً قبل أن يصل المتسوق إلى القسم الخاص فعليا ً ،وقد تكون هذه
138
بمثابة إستجابة إلى مبدأ السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك حال ما يتحقق هدف الحوافز يختفي بسرعة
.
تخلق حقيقة األهداف غير ال ُمدركة وعملية السعي وراء الهدف تحديات ُمثيرة لإلهتمام وأسئلة لكل
من ال ُمسوقين و ال ُمستهلكين ،وقد قُمنا بوصف القليل من تلك المواضيع ُهنا.
عمالئك أنهم ُمتأثرون بطرق ُمختلفة تماما ً عن نموذج اإلقناع ال ُمباشر الذي نَ َ
شأت عليه سيُظهر ُ
ك ُمسوق ،وال يُمكنك أن تسألهم عن تلك التأثيرات ،ألنهم ال يدركونها .
إن عملية السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك ،هي عملية مرنة و تكيُفية إذ إن ال ُمستهلكين عند السعي
وراء الهدف غير ال ُمدرك تكون عملية ُمستمرة و ُمحفزة للنجاح ،بالرغم من أنهم ال يدركون ِّلما
تحذير!
عمالئك التي عمالئك ،وربطت بين ُمنتجاتك وأهداف ُ يفعلون .وإذ فَهمت األهداف التي يسعى إليها ُ
عمالئك طريقةً للحصول على ُمنتجاتك .تُحقق رضاهم ،سيجد ُ
قد يكون لدى ال ُمستهلكين القدرة على ُمقاومة الرسائل اإلقناعية ،حتى الرسائل الخفية جدا ً كالشِّعارات
التي قد تؤدي إلى حدوث آثار عكسية لإلستحضار الذهني .وهذا يعني أن مصاريف إعالناتك
وحمالتك التسويقية التي قمت بها بجهد جهيد قد تؤدي إلى تأثير عكسي لما تُحاول فعله .
هل تقوم بتسويق رسائل تُخاطب العُقول الواعية لعُمالئك بالرغم من أنها تخلق نوع من ال ُمقاومة في
عقولهم الالواعية ؟
يُمكن إلعالنك أن يعمل على إستحضار الالوعي ،فاإلستحضار الذهني ليس بالضرورة أن يكون
منطقيا ً ،لذلك التعرض إلعالنك يُمكن أن يُنشط األهداف التي لم تنويها أبدا ً .
يُمكن للعالمات التجارية أن تعمل كإستحضارات ذهنية وتؤدي إلى السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك
.
حيث يستجيب ال ُمستهلكون ال-إراديا ً للعالمات التجارية بالطرق التي يستجيبون بها لألشخاص .
للعُمالء :
"أن تعلم بأنك تُحقق األهداف بشكل ال-إرادي قد يكون ُمزعجا ً بعض الشيء" .
تقول أحدث علوم الدماغ بأن عملية البحث عن هدفك غير ال ُمدرك جيدة بشكل عام ،حيث أنها توجهك
نحو إشباع ُمتطلباتك األساسية وبقائِّكَ بعيدا ً عن األمور التي قد تضرك ،لكنك اآلن ال تزال تتساءل
:ما األمر الذي يتوجب عليك فعله إذا كانت عملية السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك تدفعك نحو
اتجاهات ال يُريد عقلك الواعي أن يتجه نحوها ؟
لقد رأينا بأن اإلستحضار الذهني للهدف غير ال ُمدرك ال يُجدي نفعا ً إال إذا اجتمع شرطان :
✓ يجب أن تكون إيجابيا ً اتجاه الهدف الذي قمت بإستحضاره ذهنيا ً :إذا لم يكن الهدف يروق لك
فإنه من غير ال ُممكن إستحضاره ذهنيا ً ،االستحضار الذهني لتدخين السجائر ،على سبيل المثال لن
يُجدي نفعا ً معك إذا وجدت أن التدخين يُثير إشمئزازك .
✓يجب أن تشعر بحاجة ماسة لتلبية الهدف ال ُمستحضر :إن كنت تشعر بأن ُهنالك فجوة ٌ بين حالتك
الحالية والحالة التي تُنشط الهدف حتى يتحقق لك ،ال يُمكنك أن تقوم باإلستحضار لتحقيق لذلك الهدف
.
يُمكنك التحكم ال-إراديا ً بأي من هذه الظروف ،بالرغم من أن الحالة الثانية هي أسهل للتحكم بها
من الحالة األولى ،على سبيل المثال :إذا أدركت أن التعرض للعالمة التجارية ""Nordstrom
يُمكن أن تدفعك نحو فكرة "اذهب و ُكن ُمسرفاً" كهدف غير ُمدرك ،لكن عقلك الواعي يعلم بأن
نصيحة
حسابك الخاص ال يتحمل ذلك الهدف ،يُمكنك أن تُلبي هذا الهدف بشرائك شيء أصغر "باهض
الثمن" كشراء كوب من الكابتشينو بقيمة 10دوالرات في مقهى عصري ،سيكون عقلك الالوعي
راضيا ً ،فقد أُنجزت ال ُمهمة .ولن تذهب بعد اآلن لصرف 3000دوالر على بدلة جديدة في
(.)Nordstrom
وهنالك آثار أخرى ُمترتبة على األهداف غير ال ُمدركة لل ُمستهلكين ،أال وهي حقيقة أنه :قد يترتب
عواقب على الفشل إزاء تحقيق الهدف غير ال ُمدرك لما تشعر به وكيف تتصرف ،يُمكن أن يبدو
أمرا ً غير عادل ،ولكن أظهرت الدراسات أنه عندما تفشل من أجل تحقيق هدف لم تكن تعلم حتى تحذير!
أنك تسعى إليه ،ستشعر بإستياء ويُعزى ذلك إلى أنك ال تكون ُمدرك للمصدر ،فأنت ت ُجرب هذا
شعور كحال ٍة غامضة ،أوشعور سلبي لما ال تستطيع التنازل عنه في موضوع ُمعين . ال ُ
وجد الباحثون أن الحاالت المزاجية الغامضة سببها إنخفاض إحترام الذات ،والتي تميل إلى
ُمتابعة الفشل حتى تحقيق الهدف غير ال ُمدرك .
140
وهذا بدوره ،قد يُنشط أهدافا ً غير ُمدركة أُخرى لتعزيز إحترام الذات ،والذي يُمكن تحقيقه من
خالل اإلنخراط في نشاط لتعزيز الذات ،واآلثار ال ُمترتبة على ال ُمستهلكين إن وجدت نفسك في
التسوق
ّ التسوق ،فأنت لست بحاجة إلى القيام بالمزيد من
ّ حالة مزاجية غير ُمتوقعة بعد تجربة
لزيادة هذه الحالة المزاجية ،فقط قم بفعل شيء يجعلك تشعر بالتحسن .
في هذا القسم ،قُمنا بتلخيص كيف أن العلم الجديد ال ُمتعلق بالحافز وعملية السعي وراء الهدف
الغير ُمدرك ستُغير مفهومنا عن سلوك ال ُمستهلك ،وتزيد الصورة ال ُمنبثقة عن ال ُمستهلك البديهي .
السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك يجعل من إستخدام اآلليات غير ال ُمدركة (تمت مناقشته في
فصول سابقة) ،عالمات فعالة ونشطة وعاطفية وتتقدم بسرعة وتقوم باإلستحضار الذهني .وهذه
العالمات معا ً تجتمع لتُعرفنا وتقودُنا نحو أهدافنا ،مثلما سنناقش في الفصل القادم ،سيقودنا ذلك
للوصول إلى باب القرار ويبدأ هذه بطرق الباب ،ومع عد ٍد كبير من القوى غير ال ُمدركة والتي
ي أن تأتي ك ُمفاجأة لتعلم أن
قامت باإلصطفاف و ُممارسة تأثيرهم حيث أنه ليس من الضرور ّ
قراراتنا غالبا ً ما تكون ُمتوقعة ،ولكن دعونا نؤجل هذا النقاش للفصل التاسع .
حتى اآلن ،نُريد أن نسأل أسئلة ُمختلفة :كيف يُمكن ترجمة عملية السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك
مر يُمكن تنفيذه ؟
إلى أ ٍ
ما هي الحاالت أو ال ُمخرجات أو الشعور أو الدوافع التي تو ّجه السلوك الذي يجعلنا نسعى وراء
الهدف غير ال ُمدرك ؟
المنهج والتجنب ُهما اتجاهان للبُعد التحفيزي للعاطفة ،فهما يملكان تعبيرات سلوكية حرفية جدا ً :حافز
المنهج يجعلُنا نرغب في التحرك باتجاه شيء ما ،وحافز التجنب يجعلنا نُريد اإلبعاد عن شيء ما،
إنهما يُجسدان اتجاهات الحدث (التي تتعلق بالحركات الجسدية) ،كما قمنا بتفصيله في الفصل السادس
.
في ممر التسوق ،تأتي جميع اآلليات التي قُمنا بوصفها مع بعضها البعض لتُقدم الحافز لإلقتراب
من ،أو تجنب هذا التأثير ،والذي يختلف تماما ً في الحجم ُمقارنة بالتجنب الذي يُمكن أن تتعرض
لها في حياتك .
141
إن التجنب في ممر التسوق يكون ضئيالً ُمقارنةً مع التجنب عندما تواجه أسدا ً جائع ،ولكن آليات
الدماغ في العمل هي نفسها ،هل ستمد يدك وتجلب زجاجة ال ُمنظفات تلك ؟أو هل ستقوم بحملها
لثانية ؟أو ستنظر إليها ؟أوتُعيدها مرة أُخرى إلى الرف ؟
دراسة في التسوق حديثة قام بها موردو التسويق العصبي في شركة ساندس لألبحاث والذين
قاموا بالنظر إلى هذا السؤال بإستخدام تخطيط الدماغ الكهربائي ،وهي تقنية تقيس النشاط
الكهربائي في الدماغ ،وتتبع العين ،وهي تقنية تتبع أنماط نظرات العين .
تقنية تخطيط الدماغ الكهربائي هي تقنية جيدة للنظر إلى إستجابات تجنب النهج ألنها تستطيع
قياس الترابطات الموثوقة بين حافر تجنب النهج وأنماط موجة الدماغ التي يتم قياسها بالتخطيط
الكهربائي للدماغ (المزيد من التفاصيل في الفصل السادس عشر) .
قام الباحثون بإلتقاط ما يُقارب الـ 18,000حالة ألشخاص يقومون بتعديل وجهات نظرهم ل ُمنتجٍ أمور
ما على الرف في متجر بقالة ،وفي الحقيقة ما يُقارب %80من تلك الحاالت ،لم يقم ال ُمتسوقون
بشراء ال ُمنتج ،ولكن %20منهم قاموا بشراء ال ُمنتج .
تقنية
تحليل ردود أفعال التخطيط الكهربائي للدماغ بعد تلك التعديالت للنظرة األولية ،وجد الباحثون
أن أفضل ُمؤشر لمعرفة إن كان سينتهي األمر بوضع ال ُمنتج في عربة التسوق أم ال هو حجم
واتجاه قياس التخطيط الكهربائي للدماغ لتجنب النهج في لحظة ُمحددة من الوقت ،ما يُقارب
عشرين من الثانية) بعد النظرة األولى ،إذا كانت إشارات الدماغ تقترب 200مللي من الثانية ( ُ
في تلك اللحظةُ ،هنالك نسبة كبيرة جدا ً بأن ينتهي بال ُمنتج داخل عربة التسوق ،إذا كانت إشارات
الدماغ تبتعد ،فإن ال ُمنتج على األرجح سيبقى على الرف .
هذا اإلكتشاف يُطابق نتائج ُمماثلة للبحوث العلمية ،ويوضح مدى سرعة وقوة العوامل غير
قرار ما ،إن فهم الديناميكا غير ال ٌمدركة التي تقودنا لنتائج ما،
ال ُمدركة في تحفيز ال ُمستهلك نحو ٍ تذكَّر
تُعتبر بمثابة خطوة أولية نحو بناء نموذج أكثر قوة وتنبؤ لل ُمستهلك البديهي .
ال ُمستهلك البديهي على عكس ال ُمستهلك العقالني الذي هو أساس أغلب أبحاث السوق التقليدية،
فهو يقضي القليل من الوقت في تداول ال ُمنتجات والعالمات التجارية بشكل واعٍ ومدرك ،وقُمنا
بطرح سؤال على ال ُمستهلك البديهي أال وهو سبب شراءه لألشياء التي يقوم بشرائها ،ولماذا
يتصرف بهذه الطريقة ،حيث ستؤثر هذا على اإلستجابات الصادقة ولكن في ال ُمقابل سيكون لها
أهمية لل ُمحركات والدوافع الفعلية التي تكمن وراء سلوك ال ُمستهلك وإختياراته .
بالرغم من ذلك فإن ال ُمستهلك البديهي هو أساس الكفاءة العقلية ،فالحافز مصدر محدود وله آثار
ُمهمة للعواقب ال ُمترتبة على السلوك ال ُمحفز ،مجموعة كبيرة من األدلة أثبتت بأن عملية السعي
وراء الهدف ال ُمدرك تستفيد من قوة اإلرادة ،وهو االسم الشائع للوقود الذي يقود السلوك ال ُمحفز
142
فإذا كنت تستنفذ الطاقة العقلية التي تقوم بتنظيم سلوكك ضمن عملية السعي وراء هدفٍ ما
فسيكون لديك قوة إرادة أقل لتطبيق الهدف التالي الذي تريد أن تسعى وراءه ،فعلى سبيل المثال
طلب منك قمع عواطفك خالل فيلم ُمضحك -أن ال تضحك ،-فستكون أقل قُدرة على ُمقاومة :إذا ُ
تناول وجبة خفيفة بعد الفيلم .
دراسات حديثة قامت بتمديد هذا اإلكتشاف إلى السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك على الرغم من
أن عملية السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك تستنفد قوة اإلرادة أقل من السعي وراء الهدف
المدرك ،إال أن ُهناك ثمن البد من دفعه في عملية إستنفاد قوة اإلرادة .ولهذا األمر آثار ُمترتبة
على كل من ال ُمسوقين وال ُمستهلكين ،حيث يمتلك العقل الالوعي قُدرة أكبر من العقل الواعي
بالرغم من محدودية هذه القُدرات يتم قصف ال ُمستهلك باإلستحضار ال ُمحفز وتطغى عليه
األهداف الالواعية والتي يُمكن أن تجعله ُمستهلكا ً ُمرهقا ً وغير قابل للتحفيز بشكل سريع دون
أدنى فكرة عن السبب ،وهذا يقودنا إلى الحالة المزاجية الغامضة (عدّ إلى جزء "للعُمالء" الذي
تم طرحه في بداية الفصل) ،كما هو الحال في العواقب السلبية ،كإنخفاض أداء المهام التي
تتطلب التركيز وضبط النفس حتى تكتمل .ثمة نقطة أخيرة نريد أن نتطرق لها بإيجاز وهي
العالقة بين الدوافع والعادات ،حيث ال تنبع جميع سلوكيات ال ُمستهلك من السعي وراء الهدف
ال ُمدرك وغير ال ُمدرك حيث إن كثيرا ً من سلوكيات ال ُمستهلك هي إعتيادية ،كشراء البوشار في
كل مرة تذهب بها إلى السينما .
تنشأ العادات من التكرار ،وعادة ما تتطور العادات عندما تحدث بشكل ُمنتظم و ُمستمر في سلوك
ُمعين (الموقع ،الوقت) .وبالرغم من أن السلوك يأتي في البداية من عملية السعي وراء الهدف
غير ال ُمدرك وال ُمدرك ،وعبر الزمن يُصبح األداءا ً تلقائيا ً ومن هذا ال ُمنطلق فإن الجدلية الظرفية
وحدها يُمكن أن تؤدي إلى اإلستجابة التلقائية ،وتنفيذ هذه السلوكيات بقليل من الوعي اإلدراكي
كعملية السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة حيث يتم تُنشط العادات والسلوك من خالل العمليات
غير ال ُمدركة ،ولكن على عكس العمليات التحفيزية غير ال ُمدركة فهم ليسوا بحاجة إلى دعم
األهداف أو إلى تبنيها .
إن العادات أقل تكيفا ً ومرونة من السلوك المحفز غير ال ُمدرك ،فاألهداف غير ال ُمدركة كما رأينا
يُمكن متابعتها على طول المسارات ال ُمتعددة ويمكن إشباعها عن طريق نواتج ُمختلفة أو عن
طريق عادات أكثر جمودا ُ وتتميز بنفس ضوابط ال ُمخرجات التي تحدث في كل مرة ،وبسبب هذا
الجمود يُمكن للعادات أن تنفصل عن األهداف التي تقوم بدعمها أساسا ً .
كما رأينا في هذا الفصل وفي فصول سابقة أن ال ُمستهلك البديهي ،يمكن أن يكون ال ُمستهلك
العقالني أيضا ً ،فهو ُمستهلك يرغب ال ُمسوقون بأن يكون ُمدرك لذاته ،وشخصا ً فصيحا ً ولكن
ليس ُمستهلك ميتا ً على هيئة ح ّ
ي ،يستخدم ال ُمستهلك البديهي التفكير الالوعي ولكن نظام التوجيه
143
السلوكي المتطور ليس إال ليتنقل بنجاح في عالم اإلعالنات ،والتسويق ،والعالمات التجارية،
والتسوق .
ّ وال ُمنتجات
وفهم كيفية عمل هذه األنظمة يُمكن أن يزود ال ُمسوقين ببعض األهداف الجديدة الخاصة بهم ،إن
الهدف من التسويق ليس فقط تنشيط "دماغ الشراء" ،بل يتطرق هو أيضا ً إلى بعض األهداف
األخرى التي يُريد المسوقين أن يُنشطها حتى تؤثر على ال ُمستهلك البديهي وتتواصل معه بفاعلية
.
في الفصل القادم ,سنقوم بأخذ نظرة ُمفصلة على السلوك األخير هو كيف يُقرر ال ُمستهلك.
144
الفصل الثامن
تلخيص لكيفية تأثير العمليات غير ال ُمدركة على عملية صنع القرار لدى ال ُمستهلك . -
التعمق أكثر في كيف يُساهم تفكير النظام 1والنظام 2في إختيار ال ُمستهلك . -
فهم اإلختالفات بين عملية صنع القرار الصريحة والضمنية . -
ي ،ولكن ال يزال قادرا ً على التنبؤ .
توضيح ِّل َم قد ال يكون ال ُمستهلك عقالن ّ -
تقديم األحكام اإلستداللية كمصدر غير ُمدرك ُمهم لقرارات ال ُمستهلك . -
تفسير ِّل َم يفشل اإلقناع بالقيام بدوره ال ُمتوقع في التأثير على خيارات ال ُمستهلك . -
وحتى هذا النقطة في الجزء الثانيُ ،كنا نبني خلفية حقائق وإكتشافات علم الدماغ التي نحتا ُجها من
أساس التسويق العصبي :كيف يُقرر ال ُمستهلك ما
ُ أجل اإلجابة على سؤالين كبيرين والذين ُهما
سيشتريه ؟و ِّل َم نحتاج التسويق العصبي لفهم هذه القرارات ؟
في هذا الفصل ،سنُجيب على هذه األسئلة من خالل :الت َعمق بنماذج النظام 1والنظام 2لـ Daniel
صنع القرار . Kahnemanبالتركيز على ال ُ
طرق ال ُمختلفة التي يعمل بها هذان النظامان في عملية ُ
ومن ثم سننظر إلى نوعين من القرارات :القرارات الصريحة ،والقرارات الضمنية .وإختبار مدى
أهميتهما إلختيارات ال ُمستهلك ،ومن ثم سنقوم بتقديم األحكام اإلستداللية (إختصارات وإنحيازات
موجودة في أنظمة اإلنسان الخاصة بعملية صنع القرار) ،وعرض كيف أن هذه العناصر تجعل
إختيارات ال ُمستهلك أقل عقالنية وأكثر قابلية للقياس مما كان يعُرف سابقا ً .وأخيرا ً ،سنعيد النظر في
صنع القرار تُغير فهمنا لدور اإلقناع موضوع اإلقناع ،وكيف أن جميع هذه األفكار الجديدة حول ُ
حول إختيار ال ُمستهلك .
مر غامض من سلوك اإلنسان ،وتعد كل القرارات هي إختيارات ،ومن حيث المبدأ صنع القرار هو أ ٌ
ُ
ق للسلوك ،وبالوقوف أمام هذا الخَيار يُمكنك أن فترق ال ُ
طري ِّ يمكن أن يسير بشكل ُمختلف ،فهو ُم ُ
تختار الذهاب في هذا االتجاه أو بذاك ،ولكن بعد قيامك باإلختيار فال يمكنك التراجع عنه ،كل إنسان
يعلم معنى أن يتخذ قرارا ً ،ولكن ما ال نُدركهُ عموما ً هو لماذا نتخذ الخيارات التي نتخذها ؟ ،نحن
ضعفاء جدا ً عن تعريف مصادر قراراتنا ،وخاصةً في الخيارات اليومية والتي نتخذها بشكل ُمستمر
ك ُمستهلكين .
يقود غموض عملية إتخاذ القرار باحثي السوق إلى الجنون ،ويقف ال ُمستهلك عند رف متجر البِّقالة
ويختار أن يضع ال ُمنتج (أ) في عربة التسوق بدالً من ال ُمنتج (ب) ،ف ِّل َم قام بهذا اإلختيار ؟
145
حتى اآلونة األخيرة ،الطريقة الوحيدة التي يُمكن للباحث اإلجابة فيها على هذا السؤال هو أن يسأل
ال ُمستهلك ُمباشرة .
كان يعتقد الباحثون بأن قرارات ال ُمستهلك مبنية على الحسابات العقالنية بإستخدام معلومات متوفرة
للموازنة بين التكاليف والفوائد ،وبنا ًء على نموذج ال ُمستهلك العقالني (تم عرضه في الفصل الثاني)،
كيف يتم دعم ال ُمستهلكين إلتخاذ القرارات التي تبدو عقالنية ومنطقية ،وبذلك يعمل النموذج العقالني
تذكَّر
في بعض األحيان ،ولكن في أغلب األحيان ال يتصرف ال ُمستهلكون بعقالنية ومنطقية ،فَ ُهم يقومون
بإتخاذ القرارات التي تتعارض بإستمرار مع جميع التوقعات ال ُمتعلقة بنموذج ال ُمستهلك العقالني،
أظهر علم الدماغ الحديث سبب هذه الظاهرة ،كما شرحنا على مدى الثالثة فصول الماضية ،أدمغة
اإلنسان ال تعمل بالطريقة التي كنا نظن بأنها تعمل بها :
✓ أدمغتنا الواعية عبارة عن وحدات تحكم كسولة ألدمغتنا غير الواعية ،وتُفضل الحلول
السريعة و الفعّالة والسهلة للمعالجة العميقة .
✓ ينتابنا الفضول بشكل طبيعي وننتبه إلى الحداثة ،ولكن ال نثق بها تماما ً .
✓ نثق تماما ً بالمعرفة المألوفة ونقوم بإتخاذ العديد من القرارات بنا ًء على ما هو مألوف أكثر لنا
.
✓ نُفضل األمور سهلة ال ُمعالجة حيث أننا نُخطأ بعض األحيان في ال ُمعالجة ال ُمتقنة وذلك من أجل
تأصيل الخير والحقيقة واإلقناع والسالمة واإلعجاب .
✓ يعتمد تفكيرنا بشكل كبير على عملية تُسمى اإلستحضار الذهني ،التي تربط فكرة بأخرى
بشكل ُمدرك وغير ُمدرك ،ولها تأثير واسع على سلسلة األفكار وردود األفعال للعالم من حولنا .
✓ تتأثر أحكامنا وتفضيالتنا بشكل كبير بالعالمات العاطفية التي تعمل بشكل واسع تحت الوعي
اإلدراكي الخاص بنا ،حيث أن له تأثيرات ُمهمة على ما نُالحظه ونتذكره .
✓ نتحفز بأهدافنا التي ال نُدرك بأننا نسعى وراءها ،مثل :النجاح أو الفشل الذان يؤثران على
حاالتنا المزاجية وأداءنا بطرق تُعتبر بالنسبة لنا صعبةً للوصول .
ومع كل تلك الدوافع التلقائية وغير ال ُمدركة التي تعمل خارج النطاق التقليدي لعملية صنع القرار
المنطقية والمدروسة ،ال يجب أن نكون ُمندهشين كثيرا ً بسبب بقاء إختيار ال ُمستهلك لُغزاً ،وبأن
القصص الجميلة الخاصة بال ُمستهلكين ت ُخبر باحثو السوق بأنه غالبا ً ما يفشلوا في مواكبة ما يحدث
حاليا ً في السوق .
146
التعمق في نظام 1ونظام 2الخاص بـ Kahneman
نموذج النظام 1والنظام 2لـ : Daniel Kahnemanهو نظرية لعملية مزدوجة للنشاط الذهني الذي
يُفرق بين نوعين ُمختلفين جدا ً من التفكير وإتخاذ القرار ب ُمطابقة تقريبية للمفاهيم اليومية لإلستجابة
البديهية (النظام )1واالستجابة المنطقية (النظام. )2
السمات ال ُمميزة للنظام 1البديهي :أن القرارات فيه تكون بعفوية وسهولة .
العفوية :إن األفكار البديهية هي التي تتبادر إلى العقل من تلقاء نفسها ،دون أي دفع أو جهد من
جانبنا ،على سبيل المثال :يُمكننا على الفور التعرف على وجه لم نره منذ عشرين عاما ً ،ويُمكننا أن
نُكون جملة دون التوقف عن التفكير بالنحو أو القواعد ،وما أن نرى اللون األحمر المميز ستفكر على
الفور بكوكاكوال .
إن معظم األفكار واألفعال تكون بديهية بشكل طبيعي ،وفي هذا المعنى يُمكن أن تُصنف ك ُمنتجات
أمور
للنظام ،1فال ُمفتاح للعفوية يُمكن الوصول إليه ،حيث يكمن في سهولة الفكرة التي تتبادر إلى الذهن
في أفكارنا الطبيعية التي تتدفق لحظةً بلحظةً ،لقد حددنا العديد من اآلليات الذهنية التي تعمل في
تقنية
النظام 1لتطوير إمكانية الوصول لألفكار :كاإلستحضار الذهني ،والمعالجة السريعة ،والسعي وراء
الهدف غير ال ُمدرك ،والعادات .
السهولة :هي الجودة ال ُمثيرة جدا ً لإلهتمام في نظام التفكير 1؛ ألن بعض خصائص األشياء أو
المواقف يمكن الوصول إليها بسهولة ،يُسمى ذلك بالتقييمات الطبيعية ،على سبيل المثال :يتم إختبار
النظام 1لعديد من الخصائص الفيزيائية بسهولة كالحجم والمسافة وإرتفاع الصوت ،كما يُمكننا
إختبار العديد من الخصائص ال ُمجردة بسهولة كالتشابه والسبب والنتيجة و ُمخالفة الشيء ال ُمتوقع
(ال ُمفاجأة) .
تقييمان طبيعيان اللذان في غاية األهمية واللذان تم إختبارهما بسهولة عن طريق النظام 1وهما
التكافؤ العاطفي (المحبة وال ُكره) ،وتجنب ميل النهج (اإلنجذاب الطبيعي أو النفور) ،تلك التقييمات تذكَّر
ت سريعة لسؤالين عظيمين في تلعب دورا ً كبيرا ً في إختيار ال ُمستهلك ،ألنها تُزود أدمغتنا بإجابا ٍ
األهمية لحاالت اإلختيار :ماذا تُحب ؟وماذا تُريد ؟ ،وسهولة التفكير في النظام 1لها تأثيرات ُمهمة
خيار
ٌ على عملية اتخاذ القرار .يتم قمع الغموض وإنعدام اليقين في النظام 1عندما يتبادر إلى الذهن
واحد ،وتُمثيل ذلك الخيار بسرعة وتلقائية ،وفي الغالب ال يُنظر إليه على أنه خيار على اإلطالق بل
خطوة تالية طبيعية في التدفق الخطي والسهل لألفعال .
147
النظام : 2البطيء والمنهجي
السمات ال ُمميزة للقرارات في النظام : 2هي السيطرة المدروسة والمجهود ،وبالمقارنة مع النظام 1
إن عمليات النظام 2أبطئ وتتطلب مجهود عقليا ً واضحاً ،وهي التي بدأت وسيطرت عليها طوعا ً ،
حيث أنه ال شيء يحدث بشكل عفوي أو تلقائي في النظام ( 2يتم رصد واستدعاء جميع العمليات
بوعي) .
تكون نتائج النظام 2على شكل تداول لألحكام والتقييمات حيث يتشارك النظام 2في جميع األحكام،
سواء أكانت تنشأ على شكل إنطباعات (أحكام بديهية) ،أو على شكل (أحكام متعمدة) ،وهذه إحدى
الصفات الهامة لعمليات النظام ،2فـفهم عبارة واحدة عن الترابط وتتبادر إلى الذهن عندها يظهر
تداول جديد للفكر ،فهو يشوه ويقطع الفكر السابق ،ولذلك فهو يسمى بـ "تعدد المهام" ،ال يُمكن
تحقيقه إال في واحدة من الطريقتين :إما اإلنتقال ذهابا ً وايابا ً بين المهام ال ُمختلفة ضمن النظام ،2أو
نُنحي ُمهمة ما للنظام 1من خالل ال ُممارسة أو تشكيل العادة .
ألن تفكير النظام 2تحت السيطرة التطوعية ،ويمكن أن يكون أكثر مرونة ومنطقية من النظام ،1
حيث يُمكننا تطبيقها بشكل إرادي بشروط القواعد والمعرفة المشروطة لتغيير ُخططنا من أجل تحقيق تذكَّر
أهدافنا .والخطوة التالية التي يُمكن أن تُسيطر على القواعد بدالً من ُمجرد الوصول ال ُمسيطر عليها،
صنع القرار ،وألننا نستطيعوهذا يُعطي النظام 2بعض اإليجابيات الكبيرة على النظام 1لعملية ُ
القيام بال ُمراقبة الذاتية لعمليات صنع القرار للنظام 2ونستطيع أن نقوم بالتصيح الذاتي ،واألعمال
الهامة ،والتي ليست ُمتاحة لعمليات إتخاذ القرارات التلقائية والسهلة في النظام .
الرئيس هو :كيفية تفاعل النظام 1والنظام 2؟اإلجابة هي بإختصار :هي أن النظام 2يُراقب ِّ والسؤال
وفي بعض األحيان يتعدى على بعض أنشطة النظام . 1والخاصية ال ُمثيرة لإلهتمام في هذه العالقة
هو أن هذا التعدي هو تراخي يحدث كثيرا ً ،حيث يسمح النظام 2بالكثير من األحكام البديهية التي
تتولد من النظام 1والتي يتم اإلعراب عنها دون القيام بالكثير من عمليات التحقق من األخطاء ،وهذه
ميزة أخرى بالغة األهمية لفهم كيف يُقرر ال ُمستهلكين ؟
ال ُمخطط 1-8يعرض خريطة القرارات الصريحة والضمنية على نموذجنا الخاص بعمليات الدماغ
من الفصل الثاني .
148
تحديد
التداول التحدث
من انطباع المعاني
والتحليل والتصرف
والقيم
تنتج القرارات الصريحة من الوعي اإلدراكي ومن تداوالت النظام ،2حيث أنه من األنواع الكثيرة
للتفكير الواعي التي شاركنا طوال الوقت وإن األنشطة العقلية كالتخطيط واإلستنتاج والتقييم
وال ُمحاكاة والخبرة جميهم يؤدون أدوارا ً في عمليات إتخاذ القرارات الصريحة .
وفي ال ُمقابل تتجاوز القرارات الضمنية التداول ال ُمدرك حيث يتم تحريكها من قبل عمليات النظام 1
التلقائية والسهلة والتي عادة ً ال تبدو بأنها قرارات على اإلطالق ،وهنالك نوعان من القرارات
الضمنية التي تمت ُمناقشتهما في المؤلفات األكاديمية عن اإلختيارات والسلوك :
✓ القرارات الضمنية البديهية :نحن ندرك عملية االختيار ،ولكننا ال نستطيع أن نُحدد تماما ً كيف
ولماذا قُمنا بذلك ،فعلى سبيل المثال :قرار تفضيلك أو ُكرهك لمعرفة جديدة غالبا ً ما تكون بديهية
في هذا اإلطار ،وهذا النوع من القرارات الضمنية هو أكثر إرتباطا ً بعملية إتخاذ القرار الخاصة
بال ُمستهلك .
149
اإليماءات الجسدية وإتخاذ القرار
لقد قدمنا األفكار ال ُمؤثرة لعُلماء األعصاب في الفصل السادس ،حيث قُمنا بوصف فرضيات
العالمات الجسدية لـ ،Antonio Damasioتُغني هذه الفرضيات عن شيء كاإليماءات
الجسدية هي نوع خاص من الشعور والذي يتشكل من خالل التجربة الجسدية ،ومن خالل عملية
التعلم التي ترتبط مع أنواع ُمحددة من األحداث التي يُمكن أن تحدث في ال ُمستقبل .عندما تظهر
مثل هذه األحداث حيث أن اإليماءات الجسدية ت ُثار وت ُحدث أثرا ً تلقائيا ً على اإلجراءات الالحقة،
إذا كان للمشاعر ال ُمتعلمة نغمة عاطفية سلبيةُ ستعمل كجرس ُمنبه تلقائي للتحذير من نتائج سلبية
على وشك أن تحدث ،وإذا كان لها نغمة ايجابية فستعمل كمنارة تحفيزية للسعي وراء ال ُمخرجات
اإليجابية ال ُمتوقعة .
العالمات الجسدية؛ هي ُمحفزات عاطفية ضمنية ،يتم إسترجاعها من الذاكرة ال-إراديا ً وتقودنا
إلى الرد على التجربة كشيء جيد أو ال-واعي حيث إن نموذجنا الخاص بعمليات الدماغ (ورد
في الفصل الثاني) يؤثر على كل من اإلنطباعات وتشكيالت المعاني وتأثير السلوكيات التلقائية
والتجاوز الكامل للتداول والتحليل .
وقد طبق العالم Damasioفي اآلونة األخيرة فرضيات اإليماءات الجسدية لتوضيح دور
العواطف في عملية إتخاذ القرار البشري ،ال ُمتمثلة في النموذج التالي .فهو يقترح مسارين (من
الحالة إلى القرار) :
المسار(أ) هو طريق تقليدي ُكنا نرغب ربطه مع عملية إتخاذ القرار لل ُمستهلك العقالني ،تعرض
الحالة مجموعة من الحقائق كالخيارات ونظريات اإلستنتاج ال ُمطبقة على الحقائق والخيارات،
وقد ُوضع القرار وال حاجة لتطبيق العواطف .
المسار(ب) هو الطريق إتخاذ القرارات العاطفية ،الحالة تُنشط العالمات الجسدية بشكل ال-
إرادي ،حيث يؤثر على تصور الحقائق والخيارات ،ويتم إختيار إستراتيجيات اإلستنتاج والقرار
بحد ذاته ،اإلستنتاج الصريح قد يكون أو ال يكون ُمشترك ،ولكنه ال يبقى وحده ،العواطف في
إطار العالمات الجسدية تؤثر على قراراتنا في كل خطوة على طول الطريق .
المسار(أ)
المسار(ب)
150
الحقائق
الموقف (يتم تحفيزه استراتيجيات االستنتاج
خيارات للقرارات
التخاذ القرار)
(العالمات الجسدية)
في نموذج ال ُمستهلك العقالني التقليدي ،يُنظر للمشاعر والحدس على أنهما عقبات إلتخاذ
القرارات العقالنية ،ويُنظر لهم كإنخراطٍ في طريق القرارات الجيدة ،كجذب ال ُمستهلكين لجعلهم
يختارون خيارات سيئة مبنية على اإلغراء ومعايير قرار ال صلة لها .
األمر الذي ت ُخبرنا به علوم الدماغ الجديدة هو أن المشاعر والحدس ضروريات جدا ً إلتخاذ
القرار الصريح (كما سنصف في الفصل السادس) ،أظهرت الدراسات أن على المرضى الذين
يُعانون من تلف في مراكز العمليات العاطفية في أدمغتهم لديهم القُدرة على إتخاذ القرارات
ال ُمتضررة بشكل كبير بدالً من كونها عقالنية ،السيد Spocksهنالك أشخاص خائفون دائما ً،
وغير قادرين على حسم أمرهم أو البقاء على خيار واحد .
إن اإلستجابات العاطفية -في األغلب -تكون تقييمات طبيعية تتشكل تلقائيا ً ،خارج حدود األدراك
تذكَّر
الواعي -وبالغالب -ليست جزءا ً من الفكر الواعي المتداول .
عندما يُقدم الناس تقريرا ً عن هذه المداوالت ،فهم ال يستطيعون الوصول إلى العوامل العاطفية
الضمنية ،وبالتالي يُقدمون حسابات غير صحيحة أو غير ُمكتملة عن مصادر قراراتهم .
151
ُمشكلة باحثو السوق واضحة وهي :العواطف التي تُسيطر على القرارات -حتى القرارات
الواضحة ،-ولكننا ال نملك الوصول ال ُمدرك للكثير من ال ُمشغالت العاطفية فعندما سأل الباحثون
الناس :لماذا قُمتم بإتخاذ قرار ُمعين ؟ إستفهموا عن ذكرياتهم حتى يتوصلوا إلى إجابة ُمقنعة،
ولكن تلك اإلجابة ستكون على األرجح خاطئة . نصيحة
أخبرنا علم الدماغ الحديث بأمران ُمهمان حول إتخاذ القرارات الصريحة :
✓ ُمعالجة التقارير الذاتية الخاصة بالناس حول سبب إتخاذهم القرارات بحذر شديد ُ :ربما يُحولون
قراراتهم إلى قرارات عقالنية ولكن ال يُبررونها .
✓ قم بإيجاد وإعتماد أساليب قياس يسمح لك بالوصول إلى ال ُمشغّالت غير ال ُمدركة للقرارات :هذه
هي الطريقة الوحيدة التي ستعطيك الفرصة لفهم سبب إتخاذ الناس للقرارات التي يقومون بها فعالً .
القرارات الضمنية :العناصر الرئيسية لعملية إتخاذ القرار الخاصة بال ُمستهلك
من أصعب األشياء التي على باحثو السوق التقليديين تقبلها هو ذلك الوقت الكبير الذي يستغرقه
ال ُمستهلكون في إتخاذ القرار مع القليل من الفكر الواعي ،ليس فقط ألن العواطف ُمحفز ُمهم لتلك
القرارات ،ولكن ألن العواطف هي أساس القرار .
القرارات السهلة :هي قرارات سريعة ،والقرارات السريعة تعطي أدمغتنا الوقت للقيام بأمور أخرى،
كأحالم اليقظة ،وتكرار التجارب السابقة ،وتأمل مصائرنا .
أدمغة ال ُمستهلكين وبكل بساطة ال تستغرق الوقت والجهد الذي يتوقع المسوقين أنهم يستغرقونه
بالتفكير ِّحيال ال ُمنتجات والخدمات الجميلة الالتي يشترونها (على األقل ليس كل الوقت) ،وبدالً من تذكَّر
ذلك يُشغلون نوعا ً من الطيار اآللي بإستخدام العادة واإلشارات العاطفية لتحريك األمواج العاتية
ألسواق المستهلك الحديثة .
هذه هي ال ُمشكلة التي يواجهها باحثو السوق يوميا ً ،أن ال ُمستهلكون وبكل بساطة ال يتصرفون
بالطريقة المتوقعة التي يجب عليهم القيام بها .
النظرة التقليدية للتسويق وإختيار ال ُمستهلك يذهبان بمثل هذا الشي إلى أن "للناس تفضيالت" عندما
ت ُ ُوا َجه بخيارات ،يُراجعون تفضيالتهم داخل ذاكرتهم ويُصدرون األحكام حول ما يجب أن يقوموا به،
152
ثم يحددون إختياراتهم بنا ًء على تلك األحكام ،اذا كانت ُمرتبطا ب ُمحاولة التأثير على إختيارات الناس،
هذا يعني أنك بالتسويق .
إن كنت تتعلم القيام بذلك من خالل إرسال للناس الرسائل التي تحتوي على الحجج والتي تأمل بأنها
ستقنعهم لتغيير تفضيالتهم وأحكامهم ،لتكون النتيجة "تغيير إختياراتهم" ،فهنالك رابطان ضعيفان في
هذه السلسلة من اإلستنتاجات :
✓ إفتراض أن تلك التفضيالت ثابتة ومستمرة على مر الزمن ،وموجودة قبل أن تظهر فُرصة
اإلختيار .
✓ إفتراض أن تلك التفضيالت الثابتة تُنتج أحكام ثابتة على نفس القَدر ،والتي يُمكن تسجيلها
بشكل موثوق في دراسات إستطالعية تُترجم إلى خيارات وسلوكيات ُمنسقة ويُمكن التنبؤ بها .
ال ُحكم الخاص ببحث علم الدماغ الواسع هو أي من هذه اإلفتراضات صحيحة ،بدالً من ذلك :
✓ تفضيالت ال ُمستهلك نادرا ً ما تكون ثابتة و ُمستمرة ،وعلى العكس من ذلك أيضاً ،فإنها تميل
إلى أن تكون مبنية في اللحظة التي يكون فيها الخيار في إطار شديد الحساسية ،وهذا يعني بأنه
يُمكن إسترجاعهم بسهولة بتغيير إطار الخيار و البدائل المطروحة أو العوامل األخرى ال ُمنطلقة
من الخيار بحد ذاته .
✓ وبشكل ُمشابه ،األحكام والخيارات حساسة للغاية لما يبدو من إختالفات بسيطة في السياق،
كوجود أشخاص آخرين ،واإلنحرافات المعرفية ،والضغوطات الزمنية ،واإلستحضار غير
ال ُمدرك ،باإلضافة إلى أنهم يخضعون لإلنحيازيات المتنبئ بها والتي تفرضها األحكام اإلستداللية
(سيتم مناقشته في القسم التالي) ،والتي يبدو أنها موجوده في عمليات النظام 1الخاص بإتخاذ
القرارات .
المثال على هشاشة التفضيالت والخيارات ال ُمزودة يتوضح من قِّبل دراسة قام بنشرها Jonah ✓ ِّ
A. Bergerو Gráinne Fitzsimonsفي مجل ٍة لبحوث التسويق عام ،2008في تجربة ما ُ
طلب
من ال ُمشاركين إكمال إستطالع يتعلق بتفضيالت المنتج والتي تتضمن بعض ال ُمنتجات ذات اللون
البرتقالي ،والبعض كان لونه أخضر والباقي لم يكن برتقاليا أو أخضر ،وتم إعطاء ال ُمشتركين بشكل
عشوائي أقالم حبر بحبر برتقالي أو أخضر إلستكمال اإلستطالع فتبين أنه من قام بتعبأة اإلستطالع
بأقالم الحبر البرتقالية إختاروا ال ُمنتجات ذات اللون األخضر أكثر من إختيار ال ُمنتجات ذات اللون أمور
البرتقالي ،وبنفس القياس لمن استخدم أقالم الحبر ذات اللون األخضر . تقنية
آلية العمل في مثل هذا المثال كانت اإلستحضار الذهني ،لون قلم الحبر زاد وبشكل ال-إرادي إمكانية
الوصول لعناصر البيئة ال ُمحيطة والتي تُشارك سمة اللون ذاتها ،لم يكن أي من ال ُمشاركين ُمدركا ً
بأنه يتأثر بلون القلم وعلى األرجح إن جميع ال ُمشاركين ُزودو بتفسير ُمفصل (و خاطئ) لسبب
إختيارهم لل ُمنتج الذين قاموا بإختياره .
153
إن لم يتم ترسيخ التفضيالت التي تتأثر باألحكام واإلختيارات والعوامل العرضية التي ال تؤثر على
الحجج ال ُمقنعة ،فتتبع اإلقناع الذي من الممكن أن ال يكون األنجح في تغيير عقول وسلوكيات
نصيحة
ال ُمستهلك .
وبالبدأ بـ Kahnemanو Tverskyفي سبعينيات القرن العشرين ،درس أخصائيو علم اإلقتصاد
السلوكي طريقة إستخدامنا ل ُحكم اإلستدالل (اإلختصارات التقييمية) لرفع الحاالت التي تجعلنا نتخذ
فيها القرارات ،وهنا بعض األمثلة والتأثيرات للتسويق وسلوك المستهلك :
✓ النفور من الخسارة :نحن ال نُقدر األرباح والخسائر بطريقة ُمكافئة ،وفي ال ُمتوسط يكون
ال ُمتداولين في سوق األسهم يبيعون األسهم ال ُمربحة في وقت أقرب مما ينبغي ،ويُبقوا األسهم
الخاسرة فترة أطول مما ينبغي لل ُمستهلكين ،واإلعراب عن العروض لتجنب الخسائر ،على سبيل
المثال :العروض لفترة محدودةُ -متقبلة أكثر من العروض نفسها ال ُمعرب عنها لتحقيق األرباح .
✓ الترسيخ :نُحب تكوين ال ِّنسب وليس األرقام ال ُمطلقة أو ال ُمقدرة ،ضع زجاجة من النبيذ بثمن
30دوالرا ً بجوار زجاجة بثمن 130دوالرا ً وعلى األرجح ستقوم بشرائها ,ضع الزجاجة نفسها
بجانب زجاجة بثمن 20دوالرا ً وعلى األرجح لن تقوم بشرائها ,يُستخدم الترسيخ بصورة ُمستمرة
في تسعير ُمنتجات ال ُمستهلك ,فعندما يعرض إعالن ترويجي " ستدفع فقط 45دوالرا ً على سكين
كهذه! ".
✓ التشكيل :ضع رسالة ما بالشكل ال ُمناسب وستبيع نفسها من ناحية علمية ,أطلق عل الضريبة "
ضرائب عقارية" و %80من الناس سيكونون ضدها ,ألن الناس األغنياء هم فقط من يملكون
العقارات ,أطلق عليها اسم "ضريبة الموت" وسيكون %80من الناس ضدها ألن على الحكومة
أال تفرض فقط الضرائب على الناس ألنهم ماتوا ,يُظهر ال ُمستهلكون تحيزات ُمستمرة بنا ًء على
التأطير اللغوي ,فعلى سبيل المثال ,يُفضل %75من ال ُمستهلكين باستمرار اللحم المفروم الخالي
من الدهون ,و %25من اللحم المفروم الذي يحتوي على دهون ,بكل االحوال إن الخيارين
متعادلين .
✓ التحيز االفتراضي :في البلدان التي يجب على الناس تفقد صندوق التطوع ليكون لل ُمتبرعين
باألعضاء بنسبة ما يُقارب ال %5وفي البلدان التي يجب على الناس تفقد الصناديق الغير
ُمخصصة للتطوع نسبة ال ُمتبرعيين باألعضاء %80بالنسبة لل ُمستهلكين ,االفتراضات فعالة
بشكل خاص للخدمات اإلشتراكية.
✓ التأثير على اإلستبدال :إذا أحببنا شيء ما ,فإنا نستخدم هذا اإلعجاب كبديل لتقييم أكثر صعوبة
حيث يستخدم الناس اإلستجابات العاطفية كاحتياطات لتقييم المخاطرة األكثر تعقيدا ً والتقديرات
ال ُمتكررة و تقييمات السالمة وحتى التنبؤ بالوضع اإلقتصادي ال ُمستقبلي ل ُمختلف الصناعات
154
بالنسبة لل ُمستهلكين ,إن التأثير (اإلعجاب أو ال ُكره) يُستخدم لتجنب النظر إلى تركيبات ُمعقدة
لل ُمخاطرة و استبدال مشاعر إيجابية أو سلبية للقيام بحسابات منطقية صعبة.
✓ تأثير الهبات :نحن نتعامل مع األشياء التي نمتلكها بشكل أفضل ُمقارنة باألشياء التي ال
سئل الناس عن المبلغ الذي سيدفعونه ُمقابل كوب قهوة عادي فكان معدل اإلجابات 3 نمتلكهاُ ,
سئلوا عن المبلغ الذي قد يبيعوندوالراشخاص آخرين أعطوا كوب قهوة عادي كهدية ,وبعد ذلك ُ
هذا الكوب به فكان ُمعدل اإلجابات 7دوالرات ,بالنسبة لل ُمستهلكين هذا التأثر يُمكن رؤيته في
استراتيجيات تجميع المبيعات حيث ينتهي األمر ب ُمشترو السيارات بشراء إضافات أكثر,إن كانت
البداية مع نموذج ُمكمل ,وإزالة اإلضافات التي ال يريدونها ,بدالً من البدء بنموذج بال إضافات
واضافة اإلضافات التي يريدونها.
ألن أدمغتنا بخيلة معرفيا ً ,فنحن نميل إلى إعتماد عدد محدود من األحكام اإلستدااللية مثل تلك
لتقييم األوضاع وإتخاذ القرارات ,هذه اإلستدالالت تسمح لنا بتقليل القرارات ال ُمعقدة إلى مهام
أكثر بساطة من ذلك ,وبدالً من الخوض في حسابات تداول عميقة نقوم وبكل بساطة بتطبيق
اإلستدالل الصحيح.
األحكام اإلستدااللية في غاية األهمية وذلك لفهم قرارات ال ُمستهلك التي ستحصل عليها إلستكمال
التقدّم في النموذج اإلدراكي وغير إدراكي.
تؤثر إستدالالت ال ُحكم على المرحلتين األولى والثانية لإلستجابة المعرفية :في تكوين اإلنطباعات
وتحديد المعاني والقيم و ُمساعدة الحكم واإلستدالالت بشكل خاص والتي تُؤثر على القيمة ال ُمطلقة
الغير مدركة حيث يساعد ذلك ال ُمستهلك بشكل بديهي في تعيين القيم للبدائل والخيارات وبالتالي
اتخاذ القرارات بسهولة وسرعة أكبر ,وتشجيع األفعال الفورية عبر المداوالت التي تستغرق وقتا ً
طويالً (تحقيق رغباتنا واحتياجاتنا حاالً).
القرارات الصريحة
ميزة ُمهمة الستدالالت ال ُحكم أال وهي أنها تعمل جيدا ً في أغلب الوقت ,ولكنها ألنها تتجاوز التداول
ال ُمدرك فهم في بعض األوقات يُنتجون نتائج دون المستوى األمثل وبمعنى آخر أن اإلستدالالت تقوم
بتقديم أخطاء و تحيزات عملية إتخاذ القرار التي يُمكن أن تتسبب بالتوصل إلى اختيارات تختلف عن
ما يُمكن أن يفعله ال ُمستهلك العقالني ,فعلى سبيل المثال إن النفور من الخسارة يُسبب لنا دافع أكبر
لتجنب الخسائر أكثر مما لو ُكنا عقالنيين تماماً.
155
الفكرة الرائعة ألخصائي االقتصاد السلوكي – والتي ربما جعلت Daniel Kahnemanيحصل
على جائزة نوبل – هو أن تلك اإلنحرافات عن العقالنية ليست عشوائية ,ولكنها ُمتناسقة ويُمكن التنبؤ
بها باإلضافة إلى أنها تتحيز نحو إستجاباتنا ال ُمتعلقة بالخسائر في نفس االتجاه -فنحن دائما ً نميل إلى
تذكَّر
دفع المزيد لتجنب الخسائرفذلك فإن استدالالت ال ُحكم تُزودنا بأسس علم التنبؤ واالختيار وسلوك
ال ُمستهلك وبذلك يُمكن أن يُسفر عن تفسيرات وتنبؤات أكثر دقة من التي يُمكن تحقيقيها في نماذج
المستهلك العقالني لوحدها .
صناع قرار عقالنيين ,ولكنهم يتخذنون الذي يمكن التنبؤ به وهذه الفكرة والنتيجة هي أن البشر ليسو ُ
وراء عنوان كتاب Dan Arielyالمشهور حول االقتصاد السلوكي ( كما هو متوقع عشوائياً :القوى
الخفية التي تُشكل قراراتنا ) ( ,)Harper Perennialوبسبب حكم االستدالل الذي يبدوأنه يوجد
عالميا ً داخل ُمعالجة آليات النظام ,1نستجيب جميعنا بالطريقة ذاتها لحاالت ُمشابهة تماماً ,إن
ال ُمسوقين األذكياء ال ُمدركون لهذه اإلستدالالت يُمكنهم تعديل بيئة ال ُمستهلك لتشجيع قرارات ت ُحبذ
عالماتهم التجارية ومنتجاتهم أكثر من ال ُمنافسين .
هذه احدى الطرق الرئيسية الخاصة بابتكار التسويق والتي يدعمها التسويق العصبي حالياً ,إن
التسوق يُمكنها
ّ طر واإلفتراضات واالستدالالت األخرى ال ُمحفزة في بيئة االستغالالت الحذرة من األ ُ
أن تحظى على أقل المبيعات على قدر ما تكون الرسائل اإلعالنية ُمقنعة ,كل هذه األساليب يُمكن أن
تُستمد من فهم كيفية ادراك وتفسير الدماغ للعالم إلتخاذ القرارات.
إلقناع ال ُمستهلك ُمباشرة لشراء ُمنتجك عليك أنت تلفت إنتباهه حتى تجعله يستمع لما تقوله ,وأن
تستذكر حجتك في المرة القادمة التي تُتيح لك الفُرصة للشراء ,إن هذا طلبٌ طويل له خطوات كثيرة
باإلضافة إلى قدر كبير من المسؤولية العلمية المطلوبة من ال ُمستهلكين ,والعديد من النقاط المحتملة
التي يُمكن لها إيقاف العملية,
✓يُخبر ال ُمسوقين وباحثو التسويق أن إقناع ال ُمستهلكين بالحجج واالدعاءات صعب جدا ً وإعطاء
الطريقة الفعلية التي يُفكر بها ال ُمستهلك البديهي إلتخاذ القرارات.
✓ يُقدم إمكانيات تُثير فضول ال ُمستهلك وجميع تلك الجهود قد تكون بجانب هذه النقطة وقد تكون
ال ُمراسالت ال ُمقنعة ُمبالغا ً بها كآلية للتسويق.
في هذا القسم ,أخذنا بعين اإلعتبار بعض التحديات التي تواجه الرسائل ال ُمقنعة كآلية للتأثير على
مواقف وسلوكيات ال ُمستهلك البديهي.
156
المبادئ الستة الخاصة باإلقناع
األستاذ الفخري لعم النفس والتسويق Robert Cialdiniمن جامعة Arizona Stateأمضى
حياته المهنية في دراسة اإلقناع ,كتابه (,التأثير :اإلقناع وعلم النفس ( )Harper Businessهو
أحد أكثر ال ُكتب المشهورة بأكثر من 2مليون نُسخة مطبوع ,يقول Cialdiniبأنه أصبح ُمهتما ً
باإلقناع ,ألنه سئم من التحدث حول القيام بأمور هو فعليا ً ال يُريد القيام بها من قِّبَ ِّل العديد من مندوبي
المبيعات ,فقام بتحليل أساليب األقناع التي استخدمها ال ُخبراء وقام تحديد ست مبادئ أساسية لجعل
اإلقناع بشكل خاص صعب ال ُمقاومة:
✓ ال ُمعاملة بالمثل :إذا قبل الشخص هدية صغيرة ال يهم إ كانت بسيطة أو حتى غير مرغوب
بها ,سيكون على ال ُمتلقي اعطاء شيء آخر في ال ُمقابل .
✓ اإللتزام والتمسك :إن قام شخص ما بعمل إلتزام علني مهما كان حتى إن كان بسيط أو غير
منطقي ,سيكون من ال ُمرجح أن يتصرفوا بطريقة تتفق مع هذا اإللتزام .
✓ الدليل اإلجتماعي :اذا رأى شخص ما اآلخرين يقومون بأمر ما أو وجد ألدلة بأن األشخاص
اآلخرين يقومون بشيء ما ,سيكون من ال ُمرجح بأنه سيتصرف بما يتوافق مع هذا السلوك .
سلطة :اذا كان الشخص يؤمن بسلطة شخص ما ويوافق على خيار أو سلوك ُمعين سيكون ✓ ال ُ
سلطة.من ال ُمرجح قيام هذا الشخص بالعمل بنصيحة الشخصية التي لها ال ُ
✓ اإلعجاب :اإلعجاب :اذا كان الشخص يُحب الشخص الذي يطلب الشيء ,سيكون من ال ُمرجح
أنه سيمتثل إلى هذا الطلب الذي يطلبه الشخص.
✓ النُدرة :اذا اعتقد الشخص بأن شيء ما نادر الحصول عليه ,سيكون هذا الشيء مرغوب به
أكثر.
المرة األولى التي نُشرت فيها مبادئ Cialdiniكانت عام ,1984هي توقُع أو إنعكاس االستدالالت
ال ُمحددة من ُخبراء اإلقتصاد السلوكي على سبيل المثال:
✓ ال ُمعاملة بالمثل هو تطبيق لالستحضار الذهني ,تنشيط للهدف الغير ُمدرك( ,يؤدي إلى
حصول الهدف)
✓ األعمال النادرة ,على األقل في جزء ما ,ألنه يُنشط النفور من الخسارة.
157
جميع المبادئ الستة تسمح بتشكيل االستدالل:
ومن الجدير بالذكر هو أن فعالية جميع مبادئ اإلقناع تضعف بشكل ملحوظ ,اذا كان الشخص الذي
تم إقناعه ُمدرك آلليات ال ُمستخدمة ,بمعنى آخر ,تعمل هذه المبادئ باستحضار مستوى غير ُمدرك
من تشكيل اإلنطباعات وتحديد المعنى والقيمة .ومن ثم يتعرضون لضوء المداوالت الواعية وتأثيرها
على التراجع عن الخيارات.
تتجاوز قرارات ال ُمستهلك الضمنية التداول ال ُمدرك ,هذه القرارات ُمختبرة دون أي استجواب
(تحقيق) داخلي ,أو موازنة للحجج ,دون ترك فرصة للرسائل اإلقناعية حتى تؤثر على ناتج القرار,
على األقل ليست بالطريقة التي يكون بها ال ُمستهلك ُمدرك لها ويُمكنه التعبير للباحثين .
يُمكن لإلقناع أن يؤدي دورا ً في مثل هذه القرارات ,ولكن تأثيره على األرجح يكون غير ُمدرك
وظرفي ,ليس ُمدركا ً و منطقي ,على سبيل المثال ,يُمكن أن يتم اقناع ال ُمستهلك لشراء ُمنتج ما ,ألنهم
سلطة ,ولكنهم على األرجح يعتمدون يعتقدون بنقص العروض ,أو ألنه تم إقراره من ِّق َبل شخص ذو ُ
على االشارات الظرفية والبيئية في التوصل إلى هذه اإلستنتاجات وليس على الحجج ال ُمقنعة.
نظرا ً لهجمة الرسائل ال ُمقنعة التي يتعرض لها ال ُمستهلكين في حياتهم ،هنالك دليل على أن اإلقناع
يولد رد فعل إلقناع ُمضاد غير ُمدرك عند الكثير من المستهلكين ,حتى الرسالة البريئة ال ُمقنعة مثل
شعار متجر التجزئة ,تم ايجاده لتحريك أهداف وسلوكيات التسويق ال ُمضادة في ال ُمستهلكين (انظر
إلى النقاش لهذا البحث في الفصل السابع) .
هذه االستكشافات لها تأثيرات ُمهمة على اإلعالنات ,التي يُنظر إليها من قبل العديد من ال ُممارسين
كأول عربة تسوق للرسائل ال ُمقنعة ,وبالرجوع لهذه الرؤية (جزء من نموذج ال ُمستهلك العقالني الذي
تم وصفها في الفصل الثاني) ,والغرض من اإلعالن هو إليصال رسالة ًمقنعة بطريقة ُمبتكرة وبذلك
يُالحظ ويتذكر ال ُمتفرجون الرسالة في مرحلة الحقة ,عندما يُفكرون بالشراء.
بحث علم الدماغ الذي قُمنا باستعراضه ال يدعم هذه الرؤية ,انها ترسم صورة ُمختلفة جدا ً عن فعالية
اإلعالن ,وبالطريقة التي يكون فيها االستحضار الذهني هو اآللية الرئيسية التي يؤئر بها االعالن
تذكَّر
علينا ,الطريقة التي يستنتج بها ال ُمستهلك أهمية اإلعالن الحتياجاته ومصالحه ليست من خالل التقدم
ال ُمعتمد في الحجج ال ُمقنعة ,ولكن بالتقاط أدلة وإشارات من السمات كاأللفة و ُمعالجة االتقان,
العالمات العاطفية ,وتنشيط الهدف الغير ُمدرك ,تسببت باستحضار ذهني عشوائي ,تم مواجهتها
بشكل منطقي في سياق ال عالقة له وبذروة الالعقالنية ,واهمال التوزيع قد يبدو مصدر واسع
اإلنتشار لقرارات وأفعال ال ُمستهلك ،عندما تنساق بتفكير النظام.1
158
الرسائل ال ُمقنعة لها مكان في العديد من أنواع التسويق ,وبالطبع ,وفي أي وقت ,يكون فيه نظام2
للتفكير هو السائد ,في اإلعالن ,االستجابة ال ُمباشرة لإلعالنات التي تطلب من ال ُمشاهدين ال ُمساهمة أو تحذير!
زيارة موقع على اإلنترنت ذا فُرص ُمرتبطة بالرسائل ال ُمقنعة ,كاإلعالنات التي عليها ايصال اشياء
ُمرضية لتكون فعالة :
✓ يجب أن يتم تفعيل ُمعالجة النظام ,2والتي تُعتبر ُمهمة صعبة بحد ذاتها ,ويُعزى ذلك للتحكم
الكسول والذي يوفره النظام 2على النظام.1
✓ عندما يتم تنشيط النظام , 2يجب على الحجة أن تنفذ من ال ُمرشحات المنطقية حسب القواعدو
تطابق الخبرة وال ُمحاكاة و الحجج ال ُمضادة والتي ستنطبق عليه.
الباحث Gary Kleinالذي درس اتخاذ القرار الضمني (الذي نُسميه اتخاذ القرار البديهي) ,في
مجموعة واسعة من المهن ك :األعمال التنفيذية ,رجال اإلطفاء ,ال ُممرضين والجنود .في كتابه ,قوة
الحدس :كيف تستخدم حدسك التخاذ قرارات أفضل في العمل ( , )Crown Businessوقد قدّر
Kleinبأن %90تقريبا ً من قراراتنا بديهية ال واعية وكذلك ال ُمسوقين و باحثو السوق الذين
يواجهون تحديات تتعلق في كون نموذج اإلقناع التقليدي ُمرتبط بما يُقارب 10بـ %من القرارات
التي يجب فهمها ,وال %90الباقية لعملية اتخاذ قرار ال ُمستهلك.
تعمل استدالالت األحكام كجزء من ُمعالجة النظام ,1ألنها تؤثر على القرارات واألفعال دون ُمستوى
الوعي اإلدراكي و التي تخضع للحدود المطرحة من خالل ال ُمراسالت ال ُمقنعة ,إن إستدالالت
األحكام هي اساسا ً لل ُمراسالت المقنعة التي ت ُبسيط عملية اتخذ القرار باختصارات و تقديرات بديهية
وذلك يجعل التصعيد الذهني باتجاه التداول ال ُمدرك ليس ضرورياً ,مما يوفر طريقا ً بديالً للخيار
والفعل والذي يُمكنه بسهولة تقديم الجهد ال ُمقنع األكثر جدية ,وك ,وكإقتصاد سلوكي أصبح أكثر
انتشارا ً في العقد األخير .وبفضل الكتب الشهيرة مثل ُكتب ( )Daniel Kahnemanبالتفكير,
السرعة والبطيء وتوقعات ( )Dan Arielyأصبح المسوقين أكثر وعيا ً الستدالالت ال ُحكم وأكثر
تطورا ً في استخداماتهم ,هذا ما ينطبق بشكل خاص على التسوق والبيع بالتجزئة ,حيث يكمن
االستهالك ال ُمباشر أو االستحواذ الذي يتم توجيهه في اإلتجاهات المطلوبة حرصا ً على العوامل
كتصميم المتجر و القُرب من ال ُمنتجات ال ُمنافسة و الترتيب الذي توضع فيه القطع وخيارات التسعير
و توفر البدائل التوهيمية (بدائل معروضة لمرة واحدة لجعل العروض األخرى أكثر جاذبية) ،إليكم
بعض األمثلة باستخدام الترسخ االستداللي:
✓ في التجربة التي أُجريت في إحدى المتاجر الصغيرة ,التي كان ُمتوسط الشراء فيها 4
دوالرات أُعطي بعض ال ُمستهلكين قسيمة تُعطيهم 1دوالر على كل فاتورة بقيمة 6دوالرات
على األقل ,بينما البعض اآلخر اعطي قسيمة بقيمة 1دوالر على كل فاتورة بقيمة 2دوالر فأكثر,
حيث أنفق ال ُمستهلكين الذين استلمو القسيمة التي بقيمة 6دوالرات أكثر من المتوسط ,ولكن
159
ال ُمستهلكين الذين استلمو قسيمة بقيمة 2دوالر أنفقو أقل من المتوسط حيث خلقت الكوبونات تأثيرا ً
ترسيخيا ً يضبط لهم نفقاتهم ال ارادياً.
✓ في مطاعم الوجبات الرسيعة ,ال ُمدخالت ألحجام المواد الغذائية القياسية على سبيل المثال,
خمس شطائر همبرغر) تم ايجادها لزياد الطلب لخيارات اقل بقليل " ُمفاجئة" كثالث شطائر
همبرغر بتقديم نقطة ربط جديدة تجعل الخيار السابق األكثر تشددا ً يبدو أقل تشدداً.
✓ المنطق ال ُمتشابه يُستخدم في أغلب األحيان في التسعير حيث يتشكل التأثير الترسيخي من
خالل اضافة بدائل ُمرتفعة بالسعر جدا ً في مثل هذه المجموعة ,مما يجعل يجعل البدائل السابقة
التي كانت تبدو غالية الثمن تبدو ُمعتدلة.
✓ تستخدم متاجر Warehouseأساليب عرض قطع ثمينة بشكل ملحوظ كشاشات التلفاز
الكبيرة ,والجواهرالمعروصة امام المتجر لتقليل مقاومة شراء ال ُمنتجات األقل تكلفة في أي مكان
داخل المتجر.
في كل من تلك الحاالت ,يتأثر خيار ال ُمستهلك الاراديا ً من خالل تنشيط ُحكم اإلستدالل في كل جزء
من عملية اتخاذ القرار الضمني طالما ال يكون ال ُمستهلك ُمدركا ً بأن قراره مبني على االستدالل الغير
ُمدرك و ال ُمراسالت ال ُمقنعة والتي ال تكون ُمرتبطة بالقرار و بسؤال ال ُمستهلك عما إذا كان اإلعالن
أو الرسائل الدعائية األخرى لها تأثير على إختيارهم ,وبذلك يُمكنهم أن يجيبوا بنعم أو ال ,ولكن
الجواب على األرجح ال عالقة له بعملية اتخاذ القرار.
والجدير بالذكر هو أن ال ُمراسالت ال ُمقنعة تقتص من اختيار ال ُمستهلك بهذه الطريقة من خالل تنشيط
قرار النظام , 1حيث أن قُدرة ال ُمستهلك على تنشيط ُحجج اإلقناع ال ُمضادة الخاصة به أيضا ً ت ُقتطع تحذير!
من العملية ألن مثل هذه التداوالت تكون جزءا ً من عمليات اتخاذ القرار في النظام ,2بالرغم من
وجود أدلة على أن ال ُمستهلك قادر على تنشيط تصحيح األهداف الغير ُمدركة ل ُمقاومة ال ُمراسالت
ال ُمقنعة (والتي نوقشت في الفصل السابع) فإن أساليب التصحيح ذاتها قد ال تُجدي نفعا ً ل ُمقاومة
استدالالت ال ُحكم الغير ُمدركة أو تأثيرات قرار آخر كاالستحضار الذهني أو ال ُمعالجة السريعة.
إن األدلة مأخوذة من مئات التجارب الخاصة بال ُمعالجة الغير ُمدركة والتي تدعم االستنتاجات التي
حيث تُعد ضرورية للتصدي لتأثير استدالالت النظام , 1بمعنى آخر اذا لم يكنُ يتجاوزها النظام2
ال ُمستهلك ُمدركا ً بشكل واعي لسلوك اختياره ,ال يُمكنه عرض تلك اآلثار.
160
تؤدي دورا ً تلقائيا ً دون رقابة ُمدركة ,وقد تغيير العادات من خالل ال ُمراسالت ال ُمقنعة التي تم
اكتشافها بشكل عام لتؤثر بدرجة كبيرة على عدم التوفيق بين محاولة التأثير على العملية الالارادية
بتفعيل العملية االرادية ,والعمليتان ال تتصالن.
يكشف بحث عن العادات أن ما يُقارب %45من نشاطات الناس يوما ً بعد يوم ُمتكررة أو على
األغلب روتينية وغالبا ً ما تحدث في نفس الموقع ,وينتشر التكرار في سلوك ال ُمستهلك كما تم
تلخيصه من خالل الباحثين Wendy Woodو David T. Nealفي كتابهما " The Habitual
" Consumerأي "ال ُمستهلك اإلعتيادي" (:)Journal of Consumer Psychology, 2009
التسوق
ّ ✓ يميل ال ُمستهلكون إلى شراء نفس العالمات التجارية لل ُمنتجات من بين حلقات
ال ُمختلفة.
✓ يشتري ال ُمستهلكون نفس الكميات من متجر ما للبيع بالتجزئة بين الزيارات ال ُمتكررة.
✓ لهذه العادات تأثيرات مالية على شركات ال ُمنتج ,وزيادة الشراء واإلستهالك ال ُمتكرر يرتبط
بزيادة حصة السوق لعالمة تجارية ما ,القيمة الدائمة لل ُمستهلك ,والحصة من المحفظة.
المزايا الرئيسة للعادات تكون جامدة ,ولذلك يميلون إلى أن ينقلوها بنفس الطريقة حتى وإن
تغيرت األهداف أو السياقات .وكنتيجة لذلك ,تتغير العادات ببطئ عبر التجارب ال ُمتكررة فقط.
لإلعالنيون الذين يريدون تغيير اختيارات ال ُمستهلك وسلوكه من خالل اإلعالنات ال ُمقنعة ,تُقدم
العادات تحديا ً صعبا ً و فريدا ً من نوعه ,هذا التحدي دفع بعض الباحثين إلى إعادة النظر في
العالقة بين اإلعالن وتغير السلوك ,كان من األوائل Andrew Ehrenbergالذي اقترح الفكرة
تحذير!
اإلستداللية عام , 1974حيث أن الغرض من اإلعالن كان ليس تغيير السلوك ,ولكن تعزيز
الرضا بالعالمة التجارية ال ُمستخدمة.
وقال Ehrenbergأن االعالن هو باألساس وسيلة لتعزيز الوعي وتأييد العالمة التجارية وليس
آلية لزيادة المبيعات بشكل ُمباشر ,وجادل فكرة كون االعالنات ال ُمكررة للعالمة التجارية
صمم لتقديم تأكيد عاطفي لعادات الشراء ال ُمتكررة .
ال ُمؤسسة كانت في المقام األول سالح دفاعي ُ
لم تُستقبل وجهات نظر Ehrenbergاستقباالً حسنا ً من ُمجتمع التسويق وبقيت وجهات النظر
تلك كرأي لألقلية لعدة عقود ,ولكن علم الدماغ الحديث وباإلضافة لفهمنا ل ُمعالجة النظام1
والنظام 2قد زودنا بأساس أقوى لألفكار كأفكار Ehrenbergوقد عالجنا هذه القضايا في نقاشنا
للتسويق العصبي واالعالنات في الفصل الحادي عشر.
161
162
الجزء الثالث
التسويق العصبي في حيز العمل
بريشة ريك تينانت الموجة الخامسة
إنه العُمدة يا ميتش! اجتياح المدينة ينهب سالل النفايات الورقة وحلقات القهوة ,انه يبحث عن قائد
وذلك القائد سيُنقذنا ,ميتش! ربطة العُنق تلك تقول لي بأنك أنت ذلك الرجل!
163
في هذا الجزء..
ُهنا ,سنصف كيف و أين يُطبق التسويق العصبي اليوم ,وفي الرأي القائل بأن التسويق العصبي
أسلوب جديد جذري وغير ُمختبر بعد ,لجعل الناس يشترون األشياء هم بالحقيقة ال يحتاجونهاحيث
سنعرض كيفية استُخدم التسويق العصبي كبحث سوق تقليدي ليس إال -لتوفير إجابات جديدة لنفس
األسئلة القديمة التي حيرت المسوقين لعقود والي تتمحور في هل أحب ال ُمستهلكين عالمتي التجارية؟
طبّقت أساليب التسويق العصبي في بعض ,هل يُريدون ُمنتجي؟ ,هل يتذكرون إعالناتي؟ وقد ُ
المجاالت الجديدة التي تقع خارج مجال التسويق التقليدي ,كإختبار الترفيه ,وتقييم تجربة إستخدام
اإلنترنت.
في هذا الجزء ,سنكتشف كيف أن أفكار واكتشافات علم الدماغ ظهرت من ال ُمختبرات العلمية وانتقلت
إلى أدوات ُمستخدمو التسويق العصبي ,وسنستعرض كيف أن هذه األدوات أعطت ُمستخدمو
التسويق العصبي آفاق جديدة لفهم وتحسين فاعلية التسويق.
164
الفصل التاسع
✓اكتشاف كيف أن العالمات التجارية القوية تُشكل تأثير دائم على السوق.
✓تحديد ُ
طرق إلختبار وبناء عالمات تجارية أقوى.
إن أحد المفاهيم البعيدة المنال في مجال التسويق واإلعالن هي فكرة وجود العالمة التجارية فقط
كم هائ ٍل من
أطلب من ال ُمستهلكين أن يصفوا لك ما تعنيه لهم العالمة التجارية وستحصل على ٍ
الردود,حيث أن على بحوث السوق التقليدية أن تُحدث نقلة نوعية من تلك الردود المذكورة لتت َوقع
النتائج من تلك اإلهتمامات ,ككيفية تأثير العالمات التجارية على انطباعات ال ُمنتج و اإلختيار و أخيرا ً
على السلوك الشرائي ,وألن الكثير من آثار العالمات التجارية على اختيار ال ُمستهلك والسلوك تكون
غير ُمدركة ,فإن هذا التمرين الخاص في تفسير التوقعات من الكالم المفصلي لل ُمستهلكين يُمكن أن
يُضلل بسهولة فففي كثير من األحيان ال يتصرف ال ُمستهلكون بنفس الشيء والطريقة التي يقولون
بأنهم سيتصرفونها في هذا الفصل ,سنعرضنا كيف أن العالمات التجارية ُممثَلة في الدماغ ,وكيف
يُمكن لهذه االحتجاجات أن تُعزز أو تُغير من خالل التسويق!
بنقاش حول العالمات التجارية والذاكرة وبصف كيف أن تجارب الناس مع العالمات ٍ لقد بدأنا
التجارية تتحول إلرتباطات ذهنية خاصة في العالمة التجارية والوالء على المدى البعيد ,ومن ثم
أخذنا بعين اإلعتبار كيف يُمكن لل ُمستهلكين أن يتأثروا بالعالمات التجارية في مرحلة غير إدراكية,
بعذ ذلك بحثنا عن سبب صعوبة استبدال العالمات التجارية الرائدة وكيف يُمكن للشركات الناشئة أن
تُصبح عالمة تجارية ال يُمكن استبدالها ,وأخيرا ً لقد لخصنا كيف يُمكن لقياسات التسيق العصبي أن
تُستخدم لدراسة تأثير العالمات التجارية على الدماغ.
للعالمة التجارية جوانب مادية ,مثل الشعار أو ال ُهتافات أو الشخص ال ُمتحذث باسم العالمة التجارية,
ولكن في جوهرها ,هي فكرة مجودة في عقول الناس ,والعنصر األهم في هذه الفكرة هو كيفية
ارتباطها بأفكار وأحاسيس أُخرى في عقول الناس ,وهذه اإلرتباطات الذهنية في ال ُمقابل هي وظيفة
165
لخبرة مدى الحياة مع العالمة التجارية ال ُمباشرة (من خالل اإلستخدام الفعلي) وغير ال ُمباشر(من
خالل التعرض لإلعالنات والتسويق وتجارب اآلخرين) ,وذلك بسبب عد وعي ال ُمستهلكين لكيفية
صنع العالمات التجارية هو مجال طبيعي لألبحاث من أجل تأثير العالمات التجارية عليهم ,إن ُ
تطبيق أفكار علم الدماغ وأساليب التسويق العصبي.
أظهرت الدراسات بأن يُمكن لألطفال تمييز مئات العالمات التجارية حيث أنه مع الوقت وعندما
عمر الثالث سنوات سيكون لديهم خيارات آلالف العالمات ومع الوقت سيصبحوا في يُصبحوا في ُ تذكَّر
سن ال ُمراهقة وبعدها بالغين وقد قاموا بتجميع عدد ضخم من االرتباطات واالنطباعات ال ُمتعلقة
بالعالمات التجارية.
إن العالمات التجارية ُمتجسدة بعُمق داخل أدمغتنا ,ألنها تُساعدنا في اإلختيار من بين مجموعة
واسعة من ال ُمنتجات والخدمات التي تُعرض علينا يوميا ً في حياتنا ك ُمستهلكين ,وألن أدمغتنا بخيلة
معرفيا ً تبحث عن اإلختصارات لتجنب التعمق والتفكير المتداول وعملية صنع القرار فقد قامت
العالمات التجارية بتزويدنا ببدائل جذابة إلعادة التفكير في إتخاذ القرارات فيما يتعلق بال ُمنتجات في
كل مرة نقوم بإختيار.
في الواقع ,إن العالمات التجارية تزيد من قيمة التجارب لمدى الحياة (أو على األقل لفترة طويلة من
الخبرات ال ُمتكررة سواء ال ُمباشرة وغير ال ُمباشرة) لتُصبح ُملخصا ً واحدا ً لل ُمنتجات ال ُمتنوعة تحت
عالمة تجارية واحدة حيث قام ال ُمسوقون بإستثمار سنوات من التكرار والمشاهدات المصنوعة بعناية
ليُعلموننا سبب بقاء العالمة التجارية ونحن نتعلم حتى لو لم نُدرك ذلك.
تتواجد العالمات التجارية في الدماغ ,ولفهم كيفية تأثيرهم على قرارات ال ُمستهلك عليك أن تفهم
ترتيب ذاكرة اإلنسان بشكل أفضل ,إليك النقاط الرئيسية لتتذكرها:
تذكَّر
✓بعض الذكريات ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية واضحة ويُمكن الوصول إليها :وهي الذكريات
التي يستطيع ال ُمستهلك الوصول إليها عندما يقوم الباحث بسؤاله عن رأيه حول عالمات تجارية
و ُمنتجات ُمعينة.
✓بعض الذكريات تُعتبر ضمنية وال يُمكن الوصول إليها :وهي الذكريات التي تؤثر على سلوك
ال ُمستهلك مع عدم إدراكه لهذا التأثير أو حتى العلم بوجوده أساساً.
✓تختلف أنظمة الذاكرة تلك من ناحيتين أولها :أن الذاكرة الصريحة تتطور مع اإلنتباه بينما
الذاكرة الضمنية تعمل فقط عند غياب اإلنتباه ,ثانيا ً إن من الضروري تحديث الذاكرة الصريحة
166
بشكل ُمنتظم تجنُبا ً للكتابة فوقها من قِّبل ذاكرة جديدة ,بينما يُمكن للذاكرة الضمنية أن تبقى وقتا ً
أطول دون الحاجة إلى الدعم.
من ال ُمفترض تسمية ذاكرة اإلنسان بذكريات اإلنسان ويُعزى ذلك ألن أدمغتنا تأتي ُمجهزة
بإختالفات عدّة ولكن األنظمة التفاعية هي:
✓الذاكرة الحسية :هو النظام الذي يسمح لك في تذكر ال ُمدخالت الحسية ل ُمدة كافية تسمح
ب ُمعالجتها داخل دماغك حيث تستغرق أقل من ثانية
✓الذاكرة القصيرة المدى :هو النظام الذي يسمح لك بإسترجاع معلومة واحدة في عقلك
الواعي ,وبالعادة تكون ألقل من دقيقة بينما كنت معتمد عليها.
✓الذاكرة الطويلة المدى :هو النظام الذي يقوم بتخزين ذكرياتك القديمة جدا ً ويتضمن ذلك
األمور التي تعلمتها وتجاربك التي تعرضت لها.
الذاكرة
الطويلة
المدى
الذاكرة الذاكرة
الصريحة الضمنية
اإلستحضار
عرضية داللية تكيّفية اجرائية
الذهني
يُمكن للذكريات الواضحة استرجاعها طوعا ً وبذلك يُمكن الوصول إليها بصورة إدراكية ,أما
الذكريات الضمير غير ُمدركة وال يُمكن الوصول إليها ولذلك لسنا ُمدركين لتلك الذكريات
167
فالذاكرة العرضية تقوم بتخزين التجارب الشخصية ال ُمتعلقة بالعالمات التجارية كاألحداث التي
شارك بها في وقت ومكان ُمعين.
الذاكرة الداللية وهو المكان الذي يتم فيه تخرين المعلومات القابلة للوصول وال ُمتعلقة بعالمة
تجارية ما كإسمها ,وسمات ال ُمنتج وبعض المفاهيم األخرى المبنية على المعرفة ,حيث تؤدي
العالمات التجارية دورا ً ُمهما ً في العمليات ال ُمتعلقة بالذاكرة الضمنية.
أما اإلستحضار الذهني فقد تم شرحه في الفصل الخامس ,وهو عملية خاصة في الذاكرة الضمنية
حيث تخطر الفكرة بصورة أسهل إلى الدماغ وذلك بعد التعرض لفكرة أخرى ,قد يتم استحضار
العالمة التجارية ذاتيا ً أو من خالل أمور أخرى ويعتبر اإلستحضار الذهني عملية ُمهمة لفهم
طريقة عمل العالمات التجارية.
الذاكرة التكيفية هي عملية ربط شيئان داخل الذاكرة من خالل عرضهم بشكل ُمتكرر مع بعضهما
البعض ,إن الكثير من إعالنات العالمات التجارية يتم ممارستها من خالل التكيف.
يقوم عقلنا تلقائيا ً وبدون أي مجهود بربط سمات ُمعينة بعالمات تجارية ُمعينة ,أما الذاكرة
اإلجرائية تتعامل مع المهارات ال ُمتعلمة كركوب الدراجة أو قيادة السيارة ,وبالرغم من عدم
ارتباط العالمات التجارية عموما ً بمثل هذه المهارات التي يُمكن أن تكون جزءا ً من تصور
الشخص حول مهار ٍة ما ،كما هو الحال عندما يتم اإلعتقاد بأن العالمة التجارية فيما يتعلق
بال ُمعدات الرياضية التي تتميز على العالمات التجارية األخرى .
إن الذاكرتين الصريحة والضمنية متشابكتين بشكل كبير ،وكل ذاكرة منهما ُمرتبطةٌ بالذكريات
األُخرى ،فعلى سبيل المثال :ذاكرتك الخاصة بالعالمة التجارية ( )Coca- Colaهي ذاكرة
يوم حار ،وعندما كنت وربما ترتبط بتبريد عطشك بعلبة من الكوكاكوال ال ُمثلجة في ٍدالليةُ ،
صغيرا ً وفي بلدك وهذه تُعتبر ذاكرة عرضية تشهد كوكاكوال الخاصة بسانتا كلوز ُربما تكون قد
ت ذهنية ال تُمحى داخل عقلك طوال شبابك عبر التكيف بين ك ٍل من عيد الميالد أَنشأت إرتباطا ٍ
والكوكاكوال ،وقد تشكلت تلك اإلرتباطات ال ُمعززة والضعيفة داخل الذاكرة في كل مرة ترى فيها
متجر أو عند إستخدامك ل ُمنتجٍ معين .
ٍ إعالن أو
ٍ تلك العالمة التجارية في
تُعد أ ْس ُهم العالمة التجارية قيمةٌ تتوقعها شركة ما من ُمنتجٍ أو من العالمة التجارية ال ُمرتبطة
أسهم للعالمة
ٍ بإرتباطات ذهنية قوية و ُمميزة وإيجابية ،إن الدليل اإلقتصادي يُظهر بأن بناء
التجارية يؤدي إلى مبيعات إضافية وهوامش أفضل للربح ،حيث أن العالمة التجارية القوية تفتح
األبواب للوسطاء والشركاء ال ُمحتمليين وبالتالي تسمح للفرص غير ال ُمتوفرة للعالمة التجارية
ذات األسهم المحدود أو عديمة األسهم فاألسهم القوية ترفع من قيمة الشركات التي تمتلك هذه
العالمة ،وتساعد الشركات على جذب أفضل المواهب وتزودهم بتركيز واضح لُمبادرات
التسويق .
168
ومن منظور التسويق العصبي التخزين في الذاكرة ضمن شبكة من اإلرتباطات الذهنية حيث
يُمكن إعتبار هذه العالمة التجارية كعُقدة في هذه الشبكة مرتبطة بعُقد أُخرى ُمتنوعة والتي تتشكل تذكَّر
اإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية ،فعلى سبيل المثال :يُعد مضمون المفهوم الخاص
بالعالمة التجارية ( )Red Bullهي ذاتها فكرة ُ مشروب الطاقة وهي عبارة عن مشروبات
كافيين يتم إستهالكها من أجل رفع مستوى الطاقة داخل الجسم ،وإن هذه الفكرة ُمرتبطة داخل
الذاكرة بحاسة تذوق ُمعينة أو نقاط بيع ُمحتملة أو مشروبات ُمفضلة لل ُمناسبات أو حتى صور
مرئية ُمتنوعة كالشعارات ،واأللوان ،وفكرة التصميم ،والعُلبة ،وغيرها من األمور التي يتم
إستهالكها وترتبط في ك ٍل من الذاكرة الداللية والعرضية ،ولكن بال ُمقابل قد قامت العالمة
التجارية ببناء إلرتباطات ذهنية أوسع داخل عقول ال ُمستهلكين كموقف ُمتهور في الحياة أو ُحب
الرياضات القاسية ،ورعاية األحداث ال ُمتعلقة بال ُمغامرات والترقيات ُمرتبطة بشعار للعالمة
التجارية والتعبير مجازي هو " بيعطيك جوانيح" .
حيث يرغب بعض ال ُمسوقين في فهم وتغيير مفهوم تلك اإلرتباطات في بعض الحاالت من حيث
قوتهم و إتصالهم بالمفاهيم األُخرى ،وبسبب هذه اإلرتباطات الذهنية أصبح من ال ُممكن تنشيط
مفهوم أو عاطف ٍة ُمرتبطة بشكل قوي
ٍ ذاكرة العالمة التجارية بشك ٍل غير ُمباشر من خالل تنشيط
عطلة مليئةي حول ُ عرض برنامجٍ تلفاز ّ
َ بذاكرة العالمة التجارية ،فعلى سبيل المثال :إن
علم بذلك من
بال ُمغامرات قد يُنشط مفهوم العالمة التجارية Red Bullوقد يكون ال ُمستهلك على ٍ
خالل التفكير الواعي Red Bullأو قد يحدث ذلك من خالل العملية غير اإلدراكية للتفكير .
إن الخاليا العصبية داخل الدماغ تتنشط مع بعضها البعض بشك ٍل ُمتكرر ،لتطوير إرتباطات
ذهنية أقوى لل ُمساعدة في تقوية الذاكرة في عقل ال ُمستهلك والعكس صحي ٌح أيضا ً (أن اإلرتباطات
الذهنية لمجموعة من الخاليا العصبية غير ال ُمنشطة مع بعضها البعض لفترة طويلة من الزمن
ستصبح أضعف) .
وهذا يعني من منظور التسويق أن ذاكرة العالمة التجارية يجب أن تُنشط بشك ٍل ُمنتظم لضمان
عدم نسيان ال ُمستهلك للعالمة التجارية ،ولكن أيضا ً يحتاج ال ُمستوقين إلى تنشيط اإلرتباطات
الذهنية المرغوب بها بشكل ُمتكرر من أجل تقويتها .
وكما تم شرح الذاكرة في الفصل السادس على أنها مبنية وال يُمكن إسترجاعها بسهولة ،فإنه عند
تنشيط ذاكرة العالمة التجارية يحاول الدماغ تجميع ذلك من خالل تجميع جزيئات المعلومات
وبعض الروابط مع بعضها البعض ،ومع ذلك قد تكون ضعيفةً إلى ح ٍد ما ،وقد تُفقد بعض
عناصر الذاكرة ،وقد يمأل العقل الثقوب التي داخل الذاكرة من خالل خلق اإلفتراضات أو تزيين
ذاكرة العالمة التجارية التي تحمل العواطف والمشاعر القوية .
169
ولذلك يُمكننا القول وبكل تأكيد بأنه ال يوجد ذاكرة دقيقة (أي أنها تتغير مع مرور الزمن) ،
وبذلك يكون تحدي المسوقين بلورة ذاكرة العالمة التجارية لل ُمستهلك وذلك لزيادة إحتمال الشراء
.
✓من خالل التجربة ال ُمباشرة للعالمة التجارية كشرب مشروب الطاقة ،Red Bullأو من
خالل إرتداء أحذية ،Nikeأو إستخدام جهاز . Apple iPad
✓من خالل التعرض ل ُمراسالت عن العالمة التجارية ك ُمشاهدة إعالن على شاشة التلفاز ،أو من
خالل رؤية أنواع أخرى من رسائل التسويق كالوحات اإلعالنية أو اإلعالنات المطبوعة أو حتى
من خالل التحدث مع أصدقاءك حول تجاربهم مع عالمة تجارية ما .
إن تجريب عالمة تجارية ما بشكل ُمباشر يكون أقوى مصدر لتغيير أو تعزيز اإلرتباطات
الذهنية ال ُمرتبطة بالعالمة التجارية داخل الذاكرة ،ولكن أظهرت مجموعة كبيرة من األبحاث أن تحذير!
التجربة التي في أغلب األحيان تتشكل من خالل الذاكرة القائمة والموجودة .وليس العكس -وهو
األمر ال ُمثير للدهشة-
إن اآللية التي يحدث من خاللها هذا التأثير هي "التوقعات" ،حيث أن التجارب التي تتعلق
بالتعرض للتسويق تُنشأ وتُحدث من توقعات ال ُمستهلك حول تجريب العالمة التجارية ُمستقبالً،
حيث يطلق بعض الباحثين على هذه اإلفتراضات اسم (تأثير الدواء الوهمي) إلفتراضات العالمة
ي في إختبار فعالية التجارية على تجربة ال ُمنتج ،ألن هذه التوقعات تتصرف كحبوب الدواء الوهم ّ
األدوية ،وفي مثل هذه اإلختبارات تزودنا األدوية الوهمية أو ال ُمهدئات بنفس اإلغانة التي نأخذها
من األدوية الحقيقية ،بسبب توقع الناس لحدوث ذلك .
ي للتسويق العصبي الكالسيكي حول هذا التأثير تم إجرائه من قِّبل حيث أن العرض التحضير ّ
فريق من الباحثين في جامعة Baylorعام ،2004في حين أن ال ُمشاركين في الدراسة قد تم
تفحص أدمغتهم من خالل التصوير وذلك بإستخدام الماسح الضوئي لجهاز الرنين المغناطيسي
شتهر في إعالن Pepsiفي الوظيفي (أنظر الفصل السادس عشر) ،حيث قاموا بإختبار أ ُ ّ
سمي بتحدي Pepsiوفي نسخة اإلعالن الخاصة باإلختبار قام الناس ثمانينيات القرن العشرين ُ
ب ُمقارنة طعم نوعان من الكوال دون معرفة اسم العالمة التجارية لكل منهما حتى ال يُفضّلوا طعم
الـ Pepsiعلى طعم الـ . Cola
170
وأيا ً كان ،فقد كان شاربي الـ Colaيتذوقون فعالً المشروب الغازي (قام الباحثون بخلط أنواع
المشروبات الغازية ببعضهما البعض) ،وبينما كان الناس يظننون بأنهم كانوا يشربون الـ Cola
فقد تنشطت أجزاء ُمختلفة من دماغهم بصورة أكبر مما كانت عليه عندما كانوا يظننون بأنهم
كانوا يشربون الـ ،Pepsiعندما قام األشخاص بتذوق الـ Pepsiكما كانوا يعتقدون فقد إرتبطت
مناطق في دماغ بال ُمكافأة الفورية كتنشيط تجريب الطعم الحلو ،ولكن عندما تَذَوق األشخاص
الذين ظنوا بأن ما كان يشربونه هو الـ Colaفقد تنشطت مناطق إضافية في دماغهم والتي كانت
ُمرتبطة بالمشاعر والعواطف اإليجابية والذكريات الصريحة العرضية .
وقد كانت تفسيرات الباحثين "أن اإلرتباطات الذهنية للناس ال ُمتعلقة بالذكريات ذات العواطف
اإليجابية مع الـ ،Colaفي األغلب تشكلت عبر التجارب ال ُمباشرة والتعرض للتسويق مدى
الحياة ،ولهذا التأثير األكبر على تجربة التذوق أكثر على الطعم الفعلي للـ .Cola
إن توقعات العالمة التجارية تُؤثر على تجربة العالمة التجارية أكثر من التأثير الذي تؤثره
تجربة العالمة التجارية على التوقعات الخاصة بها .
بإختصار ،هي قوة أسهم العالمة التجارية ،حيث يتم طرح فكرة ُمثيرة لإلهتمام "أنه عندما
يستهلك ال ُمستهلك ُمنتج ُمعين من عالمة تجارية قوية ،ويُمكن أن يكون فعليا ً يستهلكون توقعات تذكَّر
العالمة التجارية أكثر من كونهم يستهلكون ال ُمنتج بحد ذاته" ،حيث تبدو هذه الفكرة جنونية إذا
تتبعت نموذج ال ُمستهلك العقالني الذي يكمن وراء أبحاث السوق التقليدية ،ولكنها تتدفق بشكل
طبيعي من نموذج ال ُمستهلك البديهي الذي يكمن وراء علم الدماغ الحديث والتسويق العصبي .
يُمكن أن يكون ال ُمستهلكين غير ُمدركتين لتأثيرات العالمات التجارية عليهم ،ولكن لمواجهة
عالمة تجارية معروفة تأثيرات كبيرة على طريقة تفكير وتصرف ال ُمستهلكين ،وبإستكشاف
كيفية تأثير العالمة التجارية على العمليات غير ال ُمدركة خالل تقديم ال ُمسوقين ألفكار جديدة
يُمكنهم إستخدامها لزيادة كفاءة إستراتيجيات عالمتهم التجارية .
قام عالما اإلقتصاد السلوكي Dan Arielyو Michael Nortonعام 2008بنشر مقالة في
غاية األهمية تُسمى " اإلستهالك المفاهيمي" ،حيث كانت حجتهم في أنه يُمكن لألكاديميين
ولل ُمسوقين اإلستفادة من التفكير بالُمستهلكين كإستهالك وليس ك ُمنتجات بل كمفاهيم .
حيث إن تطبيق الفكرة بشكل خاص لصنع العالمة ولتغيير ُمصطلحاتها ال ُمرتبطة بها ،ويُمكننا
تحديد أربع فئات لمفاهيم العالمة التجارية والتي يُمكن لل ُمستهلك من خاللها أن يتجاوز اإلستهالك
المادي لإلستهالك :
171
✓التوقعات :كما قُمنا بالتوضيح في القسم السابق فإنه يُمكن لتوقعات العالمة التجارية التأثير
على اإلستهالك المفاهيمي في ُمستوى يكون واضحا ً في دراسات تخطيط الدماغ ،حيث يُمكن
لهذا التأثير أن يظهر إن لم يكن ال ُمستهلكون ُمدركون تماما ً له.
✓األهداف :يُمكن للعالمات التجارية تحديث ك ٍل من األهداف ال ُمدركة وغير ال ُمدركة ،ويُمكن
التأثير الكبير على سلوك الناس (كما تم وصفه في الفصل السابع) ،وبشكل
ُ لألهداف أن يكون لها
ُمتجدد و ُمكرر يُمكن لها أن تأثر على الظهور بشك ٍل كامل خارج الوعي اإلدراكي .
✓اإلتقان :عندما يربط الناس التقدم ال ُمدقن بالصدق والجمال واإلعجاب واأللفة (إنظر إلى
الفصل الخامس) في الحقيقة هم يحصدون الشعور بالرضا من إستهالك هذا اإلتقان أكثر من
إستهالك ُمنتجٍ ما يعكس اإلتقان ،ويحدث عادة ً دون أي وعي للتأثير .
✓القيم :عندما تكون العالمة التجارية ُمرتبطة بشكل قوي بقيمة في عقول الناس كاإلرتباطات
الذهنية بين Red Bullو التصرفات المتهورة في الحياة وبالتالي قد يكون الناس يستهلكون هذه
القيمة عندما يستهلكون هذا ال ُمنتج ,وذلك بإتباع البحث الذي قام به علماء النفس E. Tory
Higginsو Arielyو Nortonالذين أطلقوا هذا التناسب التنظيمي بين تجربة القيمة
واإلستهالك ,إن القيمة تُشبه األهداف ولكنها أعم وأشمل حيث يشعر الناس بالرضا عن أنفسهم
عندما تتناسب األهداف التي يسعون لها مع تبني قيم أكبر.
وفي كل نوع من اإلستهالك المفاهيمي في أغلب األحيان ُكنا نجد تفسيرات لسلوك ال ُمستهلك
الذي يبدو أقل مثالية من منظور ال ُمستهلك العقالني البحت ،فعلى سبيل المثال :حيث يُمكن للناس
إستهالك أطعمة وهم سعداء بالرغم من كون األطعمة أقل لذةً ،وذلك ألنهم يتوقعون بأن طعمها
أفضل ،حيث يُعزى ذلك لإلرتباطات الذهنية للعالمة التجارية فيما يتعلق بالطعم الحلو ،وألنها
تُساعدهم في تحقيق هدف كخسارة الوزن ،وذلك ألنها تأتي بشكل خاص للتحضير السريع (سهلة
اإلستخدام) أو ألنها تعكس اإللتزام بالقسم األعلى واألفضل كتشجيع المحاصيل الزراعية المحلية
.
ي ،حيث أن ال ُمستهلكين غير وعادة ما يظهر اإلستهالك المفاهيمي في المستوى غير اإلدراك ّ
ُمدركين تماما ً لمستوى الرضا الخاص بهم مع الخبرة ال ُمتعلقة بعالم ٍة تجارية ما ،والتي يُمكن أن تذكَّر
تتحقق من اإلستهالك المفاهيمي أكثر من اإلستهالك المادي أو اإلستخدام وذلك ألنهم غير
ُمدركين لهذه التأثيرات وغير قادرين على بلورتها في ال ُمقابالت أو إستطالعات الرأي أو
مجموعات الحوار .
172
أراد علماء النفس اإلجتماعي في جامعة Dukeإختبار فيما إن كانت اإلرتباطات الذهنية تتركز
من خالل العالمة التجارية في تسويقها وإعالناتها والتي يمكن أن تُحفز األهداف وتقوم بتوافق
السلوك مع تلك العالمة التجارية ،وبذلك فقد قرروا استخدام العالمة التجارية Appleوالتي
قضت سنوات طويلة في ربط نفسها باإلبداع واإلبتكار الذي يعكسه شعارها في الحمالت
بصور من ال ُمبتكرين
ٍ اإلعالنية "ف ّكر بشكل ُمختلف" ،حيث قامت شركة Appleبربطها
وال ُمبدعين أمثال Albert Einsteinو Pablo Picassoو Alfred Hitchcockو Jimi
. Hendrix
وإلختبار مدى ربط شركة Appleلإلرتباطات الذهنية مع اإلبداع في عقول ال ُمستهلكين ،
ضبط الباحثون تجربة ذكية ،الجزء األول من التجربة ،إعتقد ُ 400مشارك بأنهم كانوا يقومون
بإختبار التوافق بين اليد والعين ،بالضغط على أزرار لوحة المفاتيح حتى تظهر فقاعة صغيرة
على الجهة اليُمنى أو اليُسرى من شاشة الحاسوب .
ولكن األمر غير المعروف لدى ال ُمشاركين أن تلك الفقاعات تحتوي على صورة المعة وال يمكن
تتبعها على الشاشة ألجزاءٍ من ثانية ،إما شعار Appleأو العالمة التجارية IBMالمعروفة
وال ُمكافئة لها .
في وقت الحق من هذا القسم ،سيقوم ال ُمشاركين بالقيام ب ُمهمة تقليدية؛ تُستخدم لقياس اإلبداع،
طلب منهم تحديد الجوهر األساسي لإلبداع ،وبعد ذلك سيقوم الباحثون بتحديد درجة إبداعهم وسيُ ُ
إستنادا ً على إستجاباتهم .
فكانت النتائج ُمذهلة ،وخاصة بأنها قامت بإعطاء الباحثين حقائقَ لم يكن ال ُمشاركون مدركون
لوجود أي من الشعارات التجارية ،إن الذين تعرضوا لشعار IBMكان المتوسط 5.5في مقياس
درجة اإلبداع ,أما ال ُمشاركين في حالة التحكم كان المتوسط ،6.1أما المشاركين الذين تعرضوا
لشعار Appleفقد كان المتوسط . 7.3بذلك تكون لشركة Appleالنسبة األعلى مقارنةً
بالمجموعتين السابقتين .
كانت النتائج ُمفاجأة بما يكفي ليُعيد الباحثون اإلختبار بإستخدام العالمة التجارية Disney
والصدق كسلوك ُمستهدف ورأوا نفس النتائج ,فكانت هذه أولى الظاهرات التي أظهرت كيف
يُمكن لإلرتباطات الذهنية ال ُمتعقة بالعالمة التجارية أن تُثير سلوك السعي وراء الهدف الذي تم
تحفيزه حتى وإن تم تجربته بشكل ال-ارادي.
فإن كنت تتطلع حقا ً إلى المعرفة ,يُمكنك أن تقرأ كل شيء عن هذه الدراسة في التأثيرات التلقائية
الخاصة بالتعرض للعالمة التجارية على السلوك ال ُمخفَز وكيف جعلتك Appleت ُفكر بشكل
ُمختلف والتي قام بها Gráinne M.Fitzsimonsو Tanya L. Chartrandو Gavin J.
Fitzsimonsفي مجل ٍة ألبحاث ال ُمستهلك ( ُحزيران )2008يُمكنك تنزيل النسخة اإللكترونية
للمقال من الرابط:
173
_https://faculty.fuqua.duke.edu/~tlc10/bio/TLC_articles/2008/Fitzsimons
Chartrand_Fitzsimons_2008.pdf
وبمواجهة ال ُمشكلة ال ُمتعلقة بتحديد المصادر غير ال ُمدركة لسلوك ال ُمستهلك ,فإن لدى ال ُمسوقين و
الباحثين مسارين لفتحها :
✓قياس إستجابات الدماغ أوالجسم ال ُمباشرة :والتي تزودنا بأدلة عن كيفية إستجابة الناس ال
إراديا ً للعالمة التجارية أو للمواد التسويقية ال ُمشابهة.
✓قياس اإلستجابات السلوكية :مثل األفعال التي يقوم بها الناس حاليا ً أو ُمحاكاة حاالت الشراء
بعد التعرض للعالمات التجارية أو للمواد التسويقية ال ُمشابهة.
قُمنا ب ُمناقشة العديد من األمثلة عن المنهجين طيلة هذا الكتاب فيما يتضمن القسم األخير من هذا
الفصل ,في الشريط الجانبي " إختبار العالمة التجارية Appleواإلبداع ,وقد وصفنا بشكل خاص
تجربة ُمبتكرة إستخدمت المنهج السلوكي لتقييم اإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية وآثارها
على تحفيز األهداف.
يُعد مفهوم العالمة التجارية من المفاهيم ال ُمخزنة في الذاكرة ضمن شبكة من اإلرتباطات الذهنية,
حيث يجب على هذه اإلرتباطات الذهنية أوالً أن تكون ُمنشأة ,وتُصبح أقوى مع مرور الوقت ,حيث
تتبع النظرية التي تنص على أن "بناء العالمة التجارية إستثمار بعيد المدى" إلنشاء مفهوم العالمة
التجارية في ذاكرة ال ُمستهلك ولخلق ولتقوية اإلرتباطات الذهنية المرغوبة .
على العالمة التجارية الجديدة أن تبرز إذا كانت ستخلق مفهوما ً ُمميزا ً وفريدا ً من نوعه في عقل
ال ُمستهلك ,فيجب أن يُرى المفهم على أنه شيء جديد ال شيئا ً مألوفا ً ولكن ال يُمكن للعالمة التجارية
أن تُرى كشيء جديد وغير مألوف أو أنها ستحفز ال ُمقاومة العاطفية ,يجب على صانعي العالمة
التجارية أن يسيروا على خطى دقيقة :عرض مفهوم العالمة التجارية الجديدة بشكل ُمختلف بشكل
كافٍ للفت اإلنتباه إليه ،وربطها باإلنفعاالت اإليجابية من خالل عرض مدى جمعها بين أهداف
ال ُمستهلك وإحتياجاته بشكل أكثر فعالية من منافسة العالمات التجارية الموجودة فعلياً.
إن ربط العالمات التجارية بالمفاهيم إيجابية في الذاكرة ،ماهي إال مضيعةٌ للوقت باإلضافة إلى كونها
وربما تحقيق
باهضة الثمن ،حيث أن بعض العالمات تحاول أن تأخذ اإلختصارات حول هذه العمليةُ ،
ت قصيرة المدى كنتيج ٍة لذلك ،فعلى سبيل المثال :إن العالمة التجارية التي تربح المبيعات من نجاحا ٍ
خالل نسخ العالمة التجارية الرائدة فضالً عن التمييز (اإلبداع) ،أو العالمة التجارية التي تربح من
خالل مزايا التوزيع فضالً عن وضعها ،أو العالمة التجارية التي يتم شرائها بنا ًء على السعر ،إلخ
174
إن الغالبية العُظمى من العالمات التجارية الجديدة ال تنجح إال إذا تمكنوا من تطوير مفهوم ُمميز
للعالمة التجارية في عقل ال ُمستهلك مع إرتباطات ذهنية ذات صلة بالعالمة التجارية وأن تكون قويةً
وإيجابة و ُمرتبطة بذلك المفهوم ،إن اإلحصاءات المعروفة حول ُمقدمات ال ُمنتج الجديد أن %80من
ال ُمنتجات الجديدة تبوء بالفشل وهذا دلي ٌل على صعوبة هذه ال َمهمة .
ومع مرور الوقت تقوم العالمة التجارية ببناء إرتباطات ذهنية في الذاكرة من خالل الذاكرة الضمنية
أمور
وتُسمى بعملية التكيّف والتي تعمل من خالل ثالثة أجزاء بسيطة و ُمتسلسلة :
تقنية
✓التعرض للعالمة التجارية .
إن كنت تفكر بأن ذلك يُشبه كالب البافلوف فأنت ُمحق ،فهذا هو النهج التقليدي للتعليم ال ُمكيف تماما ً
.يتم تعليم كالب البافلوف حتى يسيل لُعابها عندما تسمع رنين الجرس ،فقد تعلّم ال ُمستهلكين ربط
العالمات التجارية بمفاهيم إيجابية ،مثل :العالمة التجارية Appleواإلبداع (كالمثال الذي ورد في
صندوق العرض السابق في هذا الفصل) ،وبعد ربط المفهوم بالعالمة التجارية ستزداد اإلرتباطات
الذهنية قوة ً في كل مرة يتم التعرض فيه للعالمة التجارية أو للمفهوم ،كيفما كان ذلك بصورة ُمباشرة
من خالل التجربة أو بطريقة غير ُمباشرة من خالل ال ُمراسالت .
إن هدف التسويق هو نقل العالمة التجارية من الحداثة إلى األلفة وفي النهاية إلى عادة ُمترسخة
وثابتة ُمتمثلة بالشراء ال ُمعتاد للعالمة التجارية وكلما كان هنالك عائدات تُصبح العالمة التجارية
ُمرتبطة بوعد في عقل ال ُمستهلك ،للوفاء بالتوقعات التي طورها ال ُمستهلك من خالل التعرضات نصيحة
السابقة للعالمة التجارية وتجربة اإلستهالك ال ُمرتبطة بها ,وبالتالي فإن العالمة التجارية الناجحة
تتميز من أجل التماسك وتوقعات الرضا الثابتة وال ُمترسخة لدى ال ُمستهلكين.
ولحسن الحظ ،تقوم أبحاث علم الدماغ بتزويدنا بالمبادئ التوجيهية التي يُمكن أن تُستخدم لتحسين
نصيحة
الفرص التي تظهر بها عملية التعلم التكيّفي ،ومن خاللها ستصبح ناجحة :
175
✓تحفيز أهداف الشراء وتأكد من أن العالمة التجارية وإرتباطاتها الذهنية تتمثل بصورة
مرئية على مقربة من بعضها البعض :يتم تنشيط ال ُمعالجة الالإرادية بشكل أسهل من خالل
اإلشارات البصرية حيث يتم تجهيزة بشكل أسهل من الرسائل المكتوبة (من أجل ال ُمعالجة
ال ُمتقنة).
✓إن اإلرتباطات الذهنية اإلستهالكية الناجحة مع العالمة التجارية غالبا ً ما تكون أسهل من
خالل اإلرتباطات القوية واإليجابية والعاطفية :إن تحفيز األهداف هي الدوافع الرئيسية لنوايا
الشراء ،ولكن اإلرتباطات الذهنية العاطفية غالبأ ما تكون المكونات الرئيسية إلختيار ُمحدد يتم
إعتماده في نهاية المطاف.
✓عندما تمتلك العالمة التجارية إرتباطات ذهنية قوية مع ُمناسبات الشراء كعطلة أو األحداث
من الوالدة حتى الوفاة فهذا مؤشر جيد تُعزز فيه اإلرتباطات الذهنية اإلستهالكية بنجاح في
اإلعالنات والتسويق الخاصة بها.
✓إن وجود مستويات عليا من الرضا والوالء لدى ال ُمستهلك تعد مؤشرات على أن العالمة
التجارية تُحقق بإستمرار توقعات ال ُمستهلك في أي وقت تواجد فيه الشراء .
✓كلما زاد وتكرر ت َغَير عالمة تجارية ما لإلرتباطات الذهنية اإلستهالكية ال ُمرتبطة بالتسويق
واإلعالنات ,كلما قلت إحتمالية تحقيق اإلرتباطات الذهنية المعززة على المدى البعيد للعالمة
التجارية داخل الذاكرة :يتم تعطيل التعلم التكيّفي بسهولة في حالة تبديل اإلرتباطات الذهنية
بأخرى .
✓قياس العالمات التجارية التي تعتمد فقط على األلفة للحفاظ على إرتباطاتهم الذهنية
بالمفاهيم ال ُمعرضة للخطر ,وحتى رواد الفئة ال ُمنشأة يحتاجون إلى تحديث اإلرتباطات الذهنية
الخاصة بعالمتهم التجارية بشكل ُمنتظم في عقول عمالئهم إما من من خالل تقوية اإلرتباطات
الذهنية القائمة أو من خالل تطوير إرتباطات ذهنية جديدة .إن العالمة التجارية الناضجة
والناجحة ليست تلك التي تجمع بين الحداثة واأللفة في ُمراسالتها ال ُمعرضة للخطر من خالل
رؤية إرتباطاتها الذهنية تتدهور أو إحتوائها من قبل عالمات تجارية ناشئة.
إن جميع عمليات التحيز ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية التي تمت ُمناقشتها في هذا الفصل هي لجعل
العالمات التجارية صعبة اإلستبدال .
وألن الوصول العقلي هو ال ُمحرك الرئيسي لألحكام واإلختيارات البديهية ( أنظر إلى الفصل الثامن)،
وكونها العالمة التجارية األكثر وصوالً لعق ِّل ال ُمستهلك فمن المؤكد أن لها فوائد كثيرة ،على الرغم تذكَّر
176
من ذلك تأتي الشركات الناشئة في بعض األحيان جنبا ً إلى جنب وتهز عرش العالمات التجارية
الرائدة والسبب وراء تلك النواتج ال ُممكنة يُمكن إيجاده في عمليات الدماغ لل ُمستهلكيين االبديهيين .
تُلبي العالمات التجارية نطاقا ً واسعا ً من الوظائف ال ُمهمة ،حيث يزيدون ألفة وإتقان ال ُمنتجات ذات
العالمة التجارية ،حيث يزودوننا بإختصارات لإلختيار في حال كانت البدائل صعبة الحساب
وخبرات اإلستخدام كما يُزودوننا بضمانات ويُشكلون التوقعات التي يُمكن أن تؤثر على اإلستهالك ِّ
للتناسق وجودة المشتريات ال ُمستقبلية .وأخيراً ،يُمكنهم اإلحتجاح على اإلرتباطات الذهنية العاطفية
والضمنية التي تؤثر على اإلنتباه والجذب و تنشيط الذاكرة .
تستفيد العالمة التجارية الرائدة من تلك الوظائف والمهام كـنوعٍ من التعزيز الذاتي ،حيث أن لها
مجموعة قوية من اإلرتباطات الذهنية اإليجاية داخل عقل ال ُمستهلك وبذلك تكون متاحةً أكثر في
أغلب الظروف مقارنةً مع العالمات التجارية األخرى التي من نفس فئتها ،وبذلك فإن القابلية األكبر
وإنتشار أكبر بين الناس في وسائل
ٍ للوصول تُترجم إلى مبيعات أكثر ،حيث ت َْخ ِّل ُق فرص توزيعٍ أوسع
اإلعالم ،باإلضافة إلى المزيد من التغطية اإلعالمية التحريرية ،وتوظيف ال ُمنتجات ،وأماكن عرض
ال ُمنتجات داخل متاجر بيع التجزئة والمزيد من التوصيات من قبل موظفي المبيعات ،وأنشطة
ترويجية أكثر من قبل أصحاب المحالت والعالمات التجارية وحتى الوصول إلى إختيار أفضل
المواهب عندما يتعلق األمر بتوظيف األفراد في فريق التسويق أو تحديد وكالة إبداعية ,إن تلك
المزايا بدورها تزيد وتيرة وجودة تعرض العالمات التجارية الرائدة لل ُمستهلكين سامحةً بتقديم
تنشيطات لمفهوم العالمة التجارية وإلرتباطاتها الذهنية الموجودة في ذاكرة ال ُمستهلك بشكل أكثر
تكرارا ً وفاعلة ,وكنتيجة لذلك فقد أصبحت إمكانية الوصول ألكبر للعالمة التجارية مع مرور الوقت.
أكد الباحثون أن العالمة التجارية القوية يُمكنها اإلستفادة أكثر من اإلعالنات والعروض ُمقارنة
بالعالمات التجارية األقل شهرة ,وليس باألمر غريب على ال ُمستهلك أن يُعزي إعالنات العالمة تحذير!
التجارية ال ُمنافسة أو التعرض للعالمة التجارية األخرى للعالمات الرائدة ,ويُعزى ذلك إلى أن
شطت رسائل ال ُمنافسين مفاهيم الفئة ال ُمستهلكين ال ينتبهون إلى اإلعالنات والتسويق ،وإذا ن ّ
واإلرتباطات الذهنية التي يُمكنها اإلتصال بالعالمات التجارية الرائدة وبالتالي يقوم ال ُمستهلك بربط
الرسالة بالعالمة التجارية الرائدة عند طريق الخطأ بدالً من أن يربطها بالشركة ال ُمنافسة .
إن أكثر فوائد العالمات التجارية قوة ً هي قدرتها على اإلستفادة من الشراء اإلعتياد ّ
ي ،إن العادات ّ
(كما تم مناقشتها في الفصل السابع) ،تنشأ من التكرار حيث أنها تلقائية إلى حد ما وهذا عكس السلوك
ال ُمحفز الذي ينساق إما من خالل عملية السعي وراء الهدف ال ُمدرك أو غير ال ُمدرك حيث أن العادات
ال تتطلب أي شكل من اإلنتباه أو تنشيطٍ لألهداف فبمجرد ُمالقاة اإلشارة الظرفية الصحيحة يتم تحفيز
السلوك اإلعتيادي ويُجري العمل بالفعل أو السلوك .
177
أمر إعتيادي وعلى الرغم من أن ُخبراء التجزئة في أغلب األحيان الكثير من التسوق اليومي هو ٌ
يقولون بأن %90من قرارات الشراء يتم إتخاذها داخل المتجر (أنظر إلى الفصل الثاني عشر) وفي
الحقيقة ،ال تستند نسبة كبيرة من عمليات الشراء تلك على القرارات الضمنية أو الصريحة ،ولكن بدالً
من ذلك فهم عبارة عن وظيفة للعادات حتى وإن كانت معظم عمليات الشراء الرئيسية إعتيادية ،فعلى
سبيل المثال :الكثير من ال ُمستهلكين ينجذبون تلقائيا ً لنفس العالمة التجارية الخاصة بالسيارات أو
األجهزة الكهربائية أو حتى نفس ُمقدم التمويل العقاري ,و ُكلما كان البائع في ُمقدمة القائمة فالعالمة
التجارية الرائدة تأخذ حصة األسد من عملية الشراء اإلعتيادي هذه ,ومن ناحية أخرى فإنه يجب أن
يتم تعليم العادات فهنالك دائما ً عملية إختيار لألوليات والتي من ال ُممكن أن تتضمن بعض التجارب
مع عالمات تجارية ُمختلفة أو ُمنتجات ُمختلفة ومن ثم يستقر ال ُمستهلك على إختيار ُمعين ومع مرور
الوقت تتطور عمليات الشراء اإلعتيادية ،لتُصبح تلقائيةً .
عندما تقل إمدادات العالمة التجارية (أ) فإن ال ُمستهلك تأخذ المزيد من العالمة التجارية (أ) في
مشواره التسويقي القادم دون أي تفكير ،ويُعزى ذلك لعدم وجود قرار مدروس .أما العالمات التجارية
الرائدة فالهدف األساسي لها هو تشجيع الشراء اإلعتيادي وتجنب أي شيء يُمكن أن يُعطل عادات نصيحة
الشراء ال ُمترسخة والتي تُأيد وتدعم العالمة التجارية الرائدة وبالتالي فقد إقترح علم الدماغ العديد من
اإلستراتيجيات التي تدعم هذا الهدف :
✓ال ُمحافظة على ال ُمحفزات ال ُمتناسقة مع نقطة البيع :حيث أنها ال تُغير اإلشارات الظرفية
التي تُحفز الشراء اإلعتيادي .أما تغيير طريقة العرض داخل المتجر وزيادة العروض فيُمكنه أن
يغير السلوك ال ُمعتاد .
✓إياك وأن تطلب من عميلك أن يُفكر :فقد يُفكر بالعالمات التجارية البديلة إذا فكر بعملية
الشراء
✓إياك واإلخالل بتوقعات ال ُمشتري اإلعتيادية فإن حدث أي تغيير في أي جانب من جوانب
ال ُمنتج سواء السعر أو التعبئة أو التغليف أو المكونات قد يُحدث ذلك خلالً في عملية الشراء
اإلعتيادي ،حيث أن الحداثة تجذب اإلنتباه .واإلنتباه يؤدي إلى تداول ُمدرك يُمكن له أن يؤدي
إلى النظر في البدائل .
✓إن تحفير السلوك ال المواقف :إن الشراء اإلعتيادي يتمحور حول تنشيط سلوك ما مع إشارة
ظرفية وليس تذ ُكر الموقف حيث إن تنشيط الموقف يولد نتائج يُمكن تنبؤها بشكل أقل من تنشيط
سلوك ما.
وبالرجوع لما تتضمنه المبادئ الشرائية ،فإن الشراء اإلعتيادي يُمكنه أن يتعطل بينما ترغب العالمة
التجارية الرائدة في ال ُمحافظة على زبائنها اإلعتياديين أما العالمة التجارية الناشئة فترغب في
اإلطاحة بزبائن العالمة التجارية الرائدة وبالتالي يُمكن لهذا الخلل واإلضطراب أن يُستخدم من قبل
178
الشركات الرائدة والناشئة ،أما التحدي الذي يواجههما فهو إما وضع إستراتيجية لإلطاحة بالزبائن
اإلعتياديين لل ُمنافسين ولكن ليس زبائنهم اإلعتياديين .
حسناً ،ما الذي بإمكان العالمة التجارية ال ُمافسة فعله في الشراء اإلعتيادي الذي يدعم العالمة
التجارية الرائدة؟
قام ُمستخدمي التسويق العصبي بالنظر إلى علم الدماغ بحثا ً عن األدلة حيث كانت النتيجة أن أفضل
طريق ٍة لكسر العادات تُساعد العالمة التجارية الرائدة -دون اإلطاحة بزبائنك اإلعتياديين -هو أن
تغض إنتباه ال ُمستهلكين بعيدا ً عن العالمة التجارية الرائدة ومشاركة الزبائن بالحداثة الكافية لتعطيل نصيحة
دورة الشراء اإلعتيادي واإلحساس العميق باأللفة التي كانوا يستمتعون بها مع العالمة التجارية
الرائدة .
إن تعطيل دورة الشراء اإلعتيادي يحتاج إلى فهم ال ُمحفزات واإلرتباطات الذهنية والتي من خاللها
تعمل هذه الدورة إلستفادة العالمة التجارية الرائدة.
وإعتمادا ً على قول خبير إبتكار ال ُمنتجات Jean-Marie Dru,أنه عندما يتم إستخدام التحفيز
واإلرتباطات الذهنية من قبل العالمة الرائدة بشكل مفهوم فإن هدف العالمة التجارية الناشئة ال يجب
أن يكون إفساد أوتعطيل الصورة الذهنية بل يجب أن يكون هدفها تزويد ال ُمستهلك بمجموعة ُمختلفة
من الصفات المرغوبة وال ُمحببة ،وبالوقت ذاته ال ترتبط بقوة بالعالمة التجارية الرائدة ،ولكن قد
ترتبط بالعالمة التجارية الناشئة ,فمجموعة المفاهيم واإلرتباطات الذهنية هذه تصبح فيما بعد منطقةً
أو إقليما ً ذهني يُمكن للعالمة التجارية الناشئة السيطرة عليه و تبتكر وتُعزز شبكة جديدة من
اإلرتباطات الذهنية لتقود ال ُمستهلكين إلى العالمة التجارية الناشئة بدالً من العالمة الرائدة .
هناك طريقة واحدة لتقوم بهذه ال ُخدعة ال ُمنظمة وهي أن تُزيل صفحة إستراتيجيات اإلستهالك
المفاهيمي أي أن تربط عالمتك التجارية الناشئة بمجموعة من القيم العُليا ال ُمهمة لل ُمستهلكين ولكنها
ليست مرجعية من قبل بعض العالمات التجارية ال ُمنافسة .
قد تم ضرب مثال على قسم أطعمة الكالب فمنذ سنوات قد كانت أطعمة الكالب تُروج بنا ًء على
مواصفات ال ُمنتج كالفيتامينات والمعادن وحجم القطع والمحتوى من اللحوم ،وقد أطاحت نسبة
العالمة التجارية بإتفاقية التسويق هذه من خالل وضع نفسها بال ُمستويات العُليا واإلعالنات التي
":نحن خصيصا ً للكالب" مع حمالت إعالنية مؤثرة ،مثل ":نحن نُحب الكالب أكثر ُ تُروجها ،مثل
من أي عالمة تجارية ُمخصصة لطعام الكالب...إشتري عالمتنا التجارية" .
179
وجودة ال ُمنتج حيث أنها يتنشط ويتفعل بشكل ُمتكرر ويتقوى من خالل اإلعالنات ،والعروض،
والكفالة والرعاية والتعبة والتغليف على نطاق واسعٍ وشامل ،وحتى تتم دراسة هذه اإلرتباطات عليك
أن تعلم أنه قد يكون األمر محفوفا ً بالمخاطر ؛ألنها قد تُطيح بالشراء اإلعتيادي في جميع أجزاء الفئة،
ألن ذلك يتضمن طرح األسئلة أو عمل الدراسة حول إرتباطات النسب ال ُمتعلقة بمواصفات وجودة
ال ُمنتج .
عادة ً ما يكون اإلطاحة بالشيء أو تعطيله أمرا ً الزما ً وليس خيارا ً وفي هذه الحاالت فإن العالمات
التجارية الجديدة -على األرجح -ال تنجح عندما تتبع فقط إستراتيجية العالمة التجارية الرائدة والتي
يُمكنها أن تُحافظ على حالتها في أن تكون في ُمقدمة الخيارات في العقل وذلك من خالل تكيّف
عاطفي بسيط بإستخدام إرتباطات ذهنية عاطفية ،وعادة ً ما يكون ذلك في حاالت اإلنتباه القليل لتعزيز
اإلرتباطات الذهنية اإليجابية وتحفيزات للشراء اإلعتيادي لعالمتها التجارية .
وبالرغم من وجود توقعات بأن العالمة التجارية Pepsiإتبعت إستراتيجية العالمة التجارية الرائدة
(أنظر إلى تجريب "عالمة تجارية ما" في بداية هذا الفصل) ،في أحيان كثيرة تحتاج العالمات
التجارية الجديدة إلى تبني منهجٍ ُمختلف ،منهج ينقل ال ُمستهلكين من عملية إتخاذ القرار الضمني إلى
عملية إتخاذ القرار الصريح والتي هي كالتالي :
✓عليهم تبرير وشرح السبب لجعل ال ُمستهلكين يعتمدونهم في الشراء من خالل ُمراسالت أكثر
عمقا ً وموجهة بشكل منطقي .
ُ
✓يجب أن ينخرطوا ويشبعوا الحجج ال ُمضادة المقترنه بإنتظام التحليل ال ُمدرك لمطالب
التسويق،لعدم وجود ُمتسع إلستخدام عملية التعزيز من خالل ُمعالجة اإلنتباه القليل وال ُمنخفض .
ث طبيعي لتطبيق أفكارصنع العالمة التجارية هو مجال بح ٍ وكما الحظنا في بداية هذا الفصل ،أن ُ
طرق التسويق العصبي ،في هذا القسم ،سنقوم بتقديم بعض الطرق التي تم إستخدامها علم الدماغ و ُ
قسم مثل هذا في نهاية كل فصل
ي،سنقوم بوضع ٍ من خالل ُمستخدمي التسويق العصبي في وقتنا الحال ّ
ق ال ُمختلفة ،فإذا وجدت أي شيءت التطبي ِّ
من الفصول الخمسة القادمة وبهذه الطريقة سنعرض مجاال ِّ
من ال ُمقدمات التقنية القصيرة ،وأثارت في نفسك أسئلة أكثر وال يوجد لديها إجابات فما عليك إال
متابعة القراءة وباألخص الجزء الرابع وكال من الفصول . 18-16
180
نصيحة
قياس أسهم العالمة التجارية بالطريقة القديمة
لسوء الحظ ،لم تُقدم أبحاث السوق التقليدية طريقة عامة مقبولة لقياس أسهم العالمة التجارية ،حيث
أن العديد من الباعة يُروجون لقياسات العالمة التجارية التي يملكونها ولكن ألن األمر ينتهي بإختالفٍ
ي
كبير في النتائج ال ُمتعلقة بالعالمات التجارية لكل قياس ذلك ال يُعتمدعلى أي ٍ منهم بشكل حاسم وقطع ّ
ٍ
.
إن أغلب قياسات أسهم العالمة التجارية يعتمد إلى حد كبير على المقاييس الحسابية كحصة السوق،
ي ،والقيمة مدى الحياة للعمالء ،فإن مثل هذه القياسات ُمفيدة ٌ في رصد تقدم أداء العالمةوالسعر النسب ّ
التجارية في السوق ولكنهم ال يسلطون الضوء على تطور وتقدم أسهم العالمة التجارية حيث تكمن
وتتواجد في عقل ال ُمستهلك .
توفرمنهجيات بعض المفاهيم ،تعيين العالمة التجارية الصريحة ولكنهم يقتصرون إعتمادهم على
ُمداوالت ال ُمستهلك الواعي وال ُمدرك وذلك لتحديد اإلرتباطات الذهنية مع العالمة التجارية في
الذاكرة ،ومثل هذه المنهجيات ،تُدخل التحيزات إلى عملية تعيين اإلرتباطات الذهنية ،ألنهم يُشجعون
ال ُمستهلكين على التفكير في اإلرتباطات الذهنية التي يجب أن تكون في عالمة تجارية ُمعينة بدالً من
ي أن ت َظهر في مستوى الالوعي وهذا هو سبب كون الدراسة اإلرتباطات الذهنية التي من الضرور ّ
ال ُمتعلقة في أسهم العالمة التجارية في عقل ال ُمستهلك باإلضافة إلى أن عواقب سلوك ال ُمستهلك يُعتبر
مثاليا ً ألدوات وتقنيات التسويق العصبي .
بالنسبة ل ُمستخدمي التسويق العصبي هنالك ثالثة عناصر رئيسة هم بمثابة نقطة البداية لقياس أسهم
العالمة التجارية :
✓العواطف :اإلستجابات العاطفية اإليجابية والسلبية واإلنفعال واإلثارة التي يتم تفعيلها
وتنشيطها من خالل العالمة التجارية .
✓التحفيزات :هي حلقة الربط بين العالمة التجارية ووعي ال ُمستهلك واألهداف غير ال ُمدركة .
قدم التسويق العصبي العديد من الطرق لقياس اإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية فبعض
هذه المنهجيات تقوم بقياس اإلستجابات السلوكية والبعض اآلخر يقوم بقياس التغيرات في حالة
الدماغ التي تُصاحب تنشيط اإلرتباطات الذهنية القوية في الذاكرة .
تستفيد المنهجيات السلوكية من التفعيل اإلرتباطي الرئيسي في الدماغ (تمت ُمناقشته في الفصل
الخامس "اإلستحضار الذهني") ،فعندما ترتبط فكرتين بشكل قريب في الذاكرة يتم تنشيط الفكرة مع
181
إشارة خارجية كعرض كلمة على الشاشة حيث تجعل تنشيط األفكار األخرى أسهل وأسرع ،وبذلك
يُمكن لقوة اإلرتباطات الذهنية أن تُستبدل سلوكيا ً من األنواع ال ُمنتوعة لدراسات زمن اإلستجابة
(لمزيد من التفاصيل عن هذه األساليب أنظر في الفصلين السادس والسابع عشر) .
✓اإلستحضار الذهني الداللي :كأن يتم عرض كلمتين بشكل سريع من أجل تصنيف الكلمة
الثانية بطريقة موضوعية حتى وإن كانت كلمةً حقيقية أو وهمية فكلما زاد اإلرتباط بين الكلمة
األولى والثانية سيكون ال ُمشترك قادرا ً على تصنيف الكلمة الثانية بشكل أسرع .
تتغير منهجبات قياس حالة الدماغ أثناء نشاط الدماغ وال ُمتعلقة بعمليات الذاكرة التي تتنشط من خالل
اإلرتباطات الذهنية القوية داخل الذاكرة :
✓التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (: )FMRIإن الدراسات التي تستخدم جهاز
التصوير بالرنين المغناطيسي التصويري كتحدي Pepsiتُحدد مناطق الدماغ التي تجذب أكبر
تدفق للدم عندما تُنشط اإلرتباطات الذهنية القوية (أنظر إلى قسم "تجريب العالمة التجارية" في
بداية هذا الفصل).
✓التخطيط الكهربائي للدماغ (: )EEGإن الدراسات بإستخدم التخطيط الكهربائي للدماغ
لقياس اإلشارات الكهربائية في الدماغ ُمرتبطةً مع تنشيط الذاكرة ،حيث أن هنالك تطبيق
ي يُسمى "اإلحداث ال ُمحتمل وال ُمرتبط"،فهو يُحلل أنماط موجة الدماغ
ُمتخصص للتخطيط الدماغ ّ
صور بشكل
ٍ ويعد من مكونات التخطيط الدماغي والتي تنخرط عندما يتم عرض كلما ٍ
ت أو
ُمتسلسل بحيث ترتبط بشكل قوي في الذاكرة ،بإستخدم الكثير من موردي التسويق العصبي
لمكونات التخطيط الدماغي كجزء من عروض ُمنتجاتها (وللمزيد من التفاصيل على التخطيط
الكهربائي والتخطيط الدماغي أنظر إلى الفصل السادس عشر).
إن من الصعب قياس العواطف والمشاعر بإستخدام التقارير اللفظية التقليدية ولكن العديد من
المنهجيات التي تُستخدم لقياس اإلستجابات العاطفية للعالمة التجارية تُستخدم من قِّبَل ُمستخدمي
التسويق العصب،حيث أن أغلب اإلستجابات العاطفية غير ال ُمدركة لمواد العالمة التجارية ال ُمرتبطة
ي) واإلثارة هي إستجابات ُمباشرة وتلقائية وذلك ألن التكافؤ (سواء أكان في االتجاه اإليجابي أو السلب ّ
طرق لقياسها بنفس الزمن وليس في وقت الحق ،إن طرق (الشدة أو ُمستوى التحفيز) ُهما أفضل ال ُ
التسويق العصبي لقياس اإلستجابات العاطفية للعالمات التجارية تتضمن التالي :
182
✓اإلستحضار الذهني الفعال :يُشبه اإلستحضار الذهني الداللي ،تستخدم هذه التقنية السلوكية
أزواج من الكلمات التي تم عرضها بسرعة ،واحدة تلو األخرى ،ولكن الكلمة الثانية ُمصنفة
حسب كونها إيجابية أو سلبية والسرعة مع الكلمة التي تم تصنيفها هي وظيفة اإلستجابة العاطفية
للكلمة األولى .
✓التخطيط الكهربائي للعضالت (: )EMGإن الدراسات بإستخدام التخطيط الكهربائي لقياس
حركات عضالت الوجه الدقيقة تظهر دون مستوى التعابير التي يُمكن ُمالحظتها ،فهنالك
عضالت ُمعينة كعضالت العُبوس واإلبتسامة تُعتبر عن شدة الحساسية لردود الفعل العاطفية .
✓تحليل تعابير الوجه :تحليل تلقائي لتعابير الوجه التي يُمكن ُمالحظتها يتوفر من خالل العديد
من البرامج،ألن بعضها من الذي يُمكن تنفيذه يتم من خالل كاميرات الويب بنتائج أقل أو أكثر
موثوقية (أنظر إلى الفصل السادس عشر)
إن تنشيط األهداف ال ُمحفز للعالمات التجارية يُمكن قياسها من خالل ُمستخدمي التسويق
العصبي سلوكيا ً ومن خالل قياسات الدماغ :
✓الدراسات ال ُمتعلقة بالسلوك :كما هو ُمبين في الفصل السابع " العالمة التجارية Apple
واإلبداع" ،إستطاع ال ُمشاركين بعمل إستحضار ذهني مع العالمة التجارية بطرق عدة ومن ثم
التعرض لظروف اختبارية تتضمن مدى الذي تؤثر فيه العالمة التجارية على أنواع ُمحددة من
عملية تحفيز الهدف سواء أكانت بشكل ُمدرك أو غير ُمدرك .
ي
علماء األعصاب بأن التنشيط النسب ّ✓قياس التخطيط الدماغي لإلقتراب والمنع :لقد إكتشف ُ
لترددات موجة ُمعينة للدماغ في يمين أو يسار المناطق األمامية منه هي ُمؤشرات موثوقة
ل ُمحفزات اإلقتراب والمنع،ألن كالً من األكاديميين و ُمستخدمي التسويق العصبي قاموا بتطوير
المقاييس التي تستخدم هذا المؤشر لقياس درجة التحفيز في اإلستجابة للعالمات التجارية ،وهذا
األسلوب يقيس تنشيط اإلستجابة لإلقتراب والمنع ولكنه ال يقيس بشكل ُمباشر النتائج السلوكية
للتنشيط .
يمكن إستخدام هذه المنهجيات بشكل ُمنفصل أو مع بعضها البعض في الدراسات التي تستخدم
أساليب قياسات ُمتعددة لزيادة الموثوقية من خالل ُمقارنة اإلستجابات ال ُمختلفة مع بعضها البعض
.
الفصل العاشر
183
إبتكار ُمنتجات وأغلفة تُرضي عقول ال ُمستهلكين
✓ فهم األمر الذي يجعل تصاميم ال ُمنتج والمجموعة ُمقنعة عاطفيا ً للدماغ.
✓ تحديد مبادئ و ُ
طرق التسويق العصبي لتطبيقها في جميع تلك المجاالت.
في هذا الفصل ,سنستعرض كيف يُمكن لعلم الدماغ والتسويق العصبي ُمساعدة الشركات في إبتكار
صنع ُمنتجات يُريد الناس شراءها و بُروز مجموعات على رف التسوق بجانب العشرات إن لم و ُ
يكن المئات من البدائل.
سن من قُدرة ال ُمنتج على جذب النظر و أوالً,إختبرنا التوازن المؤقت بين الحداثة واأللفة والتي تُح ّ
اإلنتباه إلى الرف ,وبعدها سنكشف بعض المبادئ العامة لتحقيق اإلتقان والتي يُمكن تطبيقها على
ال ُمهمات الصعبة ال ُمتعلقة بتصميم ال ُمنتج والتغليف وأخيرا ً ,سنعرض إبتكار ال ُمنتج وال ُمشكلة
ال ُمستمرة ال ُمتعلقة بفشل %80من ال ُمنتجات الجديدة.
سنعرض طيلة هذا الفصل كيف أن مبادئ علم الدماغ التي تم عرضها في الفصل الخامس حتى
الفصل الثامن يُمكن تطبيقها لفهم هذه األسئلة العملية ال ُمتعلقة بال ُمنتج والتغليف وكيف يُمكن ألساليب
التسويق العصبي أن تزيد وتُعزز أساليب البحث التقليدية.
في الفصل التاسع ,قٌمنا بشرح التحديات ال ُمختلفة التي تواجهها العالمات التجارية الرائدة والعالمات
التجارية الناشئة عندما يتعلق األمر بجذب ال ُمستهلكين فالعالمات التجارية الرائدة استفادت من ميزة تذكَّر
األلفة وتجربة ال ُمنتج والشراء اإلعتيادي لل ُمحافظة على حصتهم الموجودة في السوق بل والعمل
على زيادتها بينما على العالمة التجارية الجديدة اإلستفادة من التجدد و اإلقناع لتقوم ببناء وجودها
الخاص في السوق.
184
إن العالمات التجارية عبارة عن مفاهيم غير ملموسة تبني قيمة من خالل إبتكار وتعزيز
اإلرتباطات الذهنية في الدماغ ولكن التحدي ما بين العالمة التجارية الجديدة والرائدة بدأ حقا ً في
العالم الحقيقي الخاص بال ُمنتجات والمجموعات المادية والملموسة ففي هذا العالم على العالمات
التجارية أن تكون ملحوظة قبل أن يتم إختيارها وشراءها وليتحقق ذلك األمر أخبرنا علم الدماغ بأن
عليها ايجاد األمر األكثر تأثيرا ً بين الحداثة واأللفة بتقييمين تلقائيين تقوم عقولنا بتحديده لكل شيء
أو تجربة نواجهها من خالل حواسنا (لقد تم وصف ردود األفعال تلك بالتفصيل في الفصل الخامس)
إن التوتر والضغط بين الحداثة واأللفة هو كفا ٌح تسويقي قديم ,حيث يعلم ال ُمسوقون بديهيا ً بأن األلفة
الزائدة تؤدي إلى الملل وبالنهاية إلى تراجع ال ُمستهلك عن ال ُمنتج بينما الحداثة الزائدة تؤدي إلى
رفض ُمنتجات جديدة ويُعزى ذلك إلى عدم قُدرة ال ُمستهلك على رؤية مدى ُمالئمته إلى فئة ال ُمنتج
الذي يعرفونه جيدا ً.
الحداثة األلفة
اإلقتراب
النجنب
من الناحية المثالية ,تُريد ال ُمنتجات الجديدة على رف التسوق الوصول إلى نقطة ال ُمتعة الموجودة
على ُمحنى الحداثة وليس أن تكون حديثةً جدا ً كنقطة ُمتغيرة وال مألوفةً فتصبح كال ُمنتجات الرائدة
وبالمثل تُريد ال ُمنتجات ال ُمنشأة والحديثة الوصول إلى نُقطة اإلرتياح الموجودة على ُمنحنى األلفة.
ِ
فإذا أصبح ال ُمنتج شديد الحداثة أي وصل إلى نُقطة ال ُمتعة سيُعيق ال ُمشتريين اإلعتياديين (كما تم
شرحه في الفصل التاسع) وسيُحفز السعي ال ُمنوع ولكن إذا لم يقم ال ُمنتج بإعادة تنشيط نفسه من
وقت إلى آخر فستُصبح المخاطر ُمملة مما سيفتح عليه تحديات كثيرة مع البدائل األخرى.
وألن ال ُمنتجات تُعتبر جزء من فئة األلفة ,علينا األخذ بعين اإلعتبار حداثة أو ألفة ال ُمنتج وعالقتها
نصيحة
بتلك الفئة ,إن ال ُمنتج الجديد يدعم ويُعزز قدراته للبروز والتميز من بين ال ُمتميزين األكثر ألفة في
نفس الفئة فقط إن كان بمقدورة القيوم بأمرين:
185
✓ أن يكون ُمتميزا ً بشكل ملموس ليلفت اإلنتباه الإلرادي لنقاط البيع.
✓ اإلشارة إلى األهداف سواء كانت ضمنية أو صريحة حيث تُساعد على أن إنجاز
ال ُمستهلك.
دعونا نأخذ مثاالً عن آلية عمل هذه العوامل مع بعضها البعض ل ُمساعد ال ُمنتج الجديد في البروز
على رف التسوق.
تخيل بأن ُمستهلكا ً ما يقترب من ممر اللبن داخل متجر البقالة ال ُمفضل له حيث يوجد هناك ُمنتج لبن
جديد على الرف وبذلك ال يُعتبرشراء اللبن أمرا ً إعتياديا ً بالنسبة لل ُمستهلك وال يوجد عالمة تجارية
ُمعينة لشراءها من اللبن حيث أن المسح المبدئي للرف يُعطي نظرة لكل مجموعة ُمدتها تقل عن
الثانية ,في هذه اللحظة يحتاج ال ُمنتج الجديد إثبات نفسه فإما يلفت إنتباه ال ُمستهلك أو يتخطى
ال ُمستهلك عنه دون أن يُالحظه حيث أن أهم ثالث خصائص حالية هي اللون والشكل واإلضاءة.
وبالرغم من أن بعض األلوان كاألحمر والبُرتقالي وبعض األشكال كالحواف ال ُمستديرة واألجسام
ال ُمتعرجة لها قُدرة ذاتية على جذب اإلنتباه حيث أن العُنصر الرئيسي لبروز الشيء على الرف هو نصيحة
التميز ,فالصندوق ذا اللون البرتقالي ال ُمضيء والالمع سيكون بارزا ً وهو بمفرده ولكن ليس على
رف فيه صناديق لونها برتقالي فمن ال ُمهم األخذ بعين اإلعتبار عند إختبار ُمنتج جديد و تغليف
جديدة إختبارها في حالة تسوق واقعية فأن إختبار التسويق العصبي الذي يقيس مدى اإلنجذاب إلى
ال ُمنتج وهو ُمنعزل ال يُخبرك عن مقدار اإلنجذاب الذي سيجذبه ال ُمنتج وهو على رف ُمزدحم
بال ُمنتجات.
وبالرغم من أن البروز أمر ُمهم ولكنه فقط الخطوة األولى من طريق الشراء فاللبن الجديد ال يُمكن
أن يكون ُمختلفا ً فقط ليكون ُمختلفا ً يجب عليه توصيل إشارات ذات معنى يستطيع ال ُمستهلك تفسيرها
لتلبية اهدافه فعلى سبيل المثال ,مجموعة اللبن الجديدة عليها تحويل الخصائص بسهولة كالعذوبة
والطعم اللذيذ والطعام الصحي ,حيث يُمكن لهذه العملية أن تحمل جوانب ُمدركة وغير ُمدركة.
التسوق
ّ في المستوى الغير مدرك يُمكن لل ُمنتجات والعالمات التجارية واإلشارات األخرى في بيئة
كاإلشارات اإلرشادية وطريقة العرض أن تقوم بتحفيز عملية السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك
والذي يَنتج عنه انباه أكثر ل ُمنتج واحد أكثر من بقية ال ُمنتجات األخرى الموجودة على الرف و
يُسمى هذا النوع من اإلنتباه " اإلنتباه التصاعدي" ألنه يحدث بشكل إلزامي كنتيجة لعملية
اإلستحضار الذهني التحفيزي والذي تم شرحه في الفصل السابع وألن التحفيز حدث دون مستوى
الوعي اإلدراكي فال يستطيع ال ُمستهلك التمييز فيما إذا أثرت على إنتباه ال ُمستهلك أو إلى أي مدى
أثرت على إنتباهه إزاء ُمنتج ُمعين.
حيث يُمكن ت َعلم اإلستحضار الذهني لألهداف غير ال ُمدركة من خالل منهج الذاكرة الضمنية للتكيف
(انظر إلى الفصل التاسع) ومع مرور الوقت ,يتكيف ال ُمستهلكون من خالل التسويق وتجريب ال ُمنتج أمور
إلرتباط خصائص ُمعينة بالصفات الحالية والفوائد واإلستخدامات ال ُمتعلق بال ُمناسبات أو بالعالمات تقنية
186
التجارية ,يستخدم ال ُمسوقون ال ُمصطلح (الرموز ال ُمتعلمة) لوصف هذه اإلرتباطات الذهنية – يتعلم
ال ُمستهلك المعنى الخاص بإشارة ُمعينة ويتم التواصل عن طريق ال ُمنتج أو المجموعة من خالل
اإلرتباطات الذهنية ال ُمكررة لإلشارة مع خاصية ُمعينة لل ُمنتج.
يُمكن لل ُمنتجات الجديدة اإلستفادة من الرموز ال ُمتعلمة لزيادة الشعور باأللفة الخاصة بها فعلى سبيل
المثال ترتبط ألوان الضوء في العديد من األسواق بأنواع متنوعة من خصائص وصفات ُمنتجات
الضوء المادية كتقليل الدهون في ال ُمنتجات الغذائية ,حيث يعلم ال ُمستهلكون أن صورة ارتفاع البُخار
ترتبط بوعاء من الشوربة الساخنة ,أما األطراف الممدودة من ال ُجبنة الذائبة فترتبط بالبيتزا الساخنة
واللذيذة ,وبسبب تلك الرموز ال ُمتعلمة يُمكن لل ُمنتجات الجديدة أن تُنشأ حد من األلفة في الفئة
الرئيسية الخاصة بها لتوازن بين الخصائص الجديدة وال ُمختلفة التي سيُضيفونها للفئة.
في المستوى ال ُمدرك ,لل ُمستهلكين أهداف واضحة حول ُمنتج ما كاللبن و على ال ُمنتج الجديد أن
يتوقع تلك األهداف وذلك لجذب اإلنتباه التنازلي على عكس اإلنتباه التصاعدي فاإلنتباه التصاعدي
ضرب عن اللبن, إختياري و يُمكن التحكم به وموجهة من قِبل األهداف ال ُمدركة ففي المثال الذي ُ
توجه ال ُمستهلك إلى رف اللبن مع المعرفة الحالية والتوقعات واألهداف ال ُمتعلقة باللبن بما في ذلك
األذواق والعالمات التجارية ال ُمفضلة وتجارب اإلستهالك السابقة سوا ًء سلبية أو ايجابية منها مع
ُمنتجات اللبن ال ُمختلفة.
وقد مهدت تلك العوامل الواعية وغير الواعية الطريق لل ُمنتج من أجل البروز وجذب اإلنتباه داخل
متجر أو ممر ما ,حيث أن اإلنتباه وحده ليس كافيا ً لنقل ال ُمستهلك من مرحلة ُمالحظة ُمنتج ما نصيحة
لشراءه ,حيث يجب توفر معيار ثالث داخل دماغ ال ُمستهلك أال وهو إنشاء وتعزيز إرتباطات
عاطفية إيجابية من خالل اإلستحضار الذهني وسالسة ال ُمعالجة أو تنشيط عالمات عاطفية غير
ُمدركة.
ُمراقبة جيرانك
نادرا ً ما يتم عرض ال ُمنتجات بنفسها وعادة ما يتم تجميعها إلى فئات -يُمكن لمس ذلك في محالت
سهل عليهمبيع التجزئة -وكذلك في عقل ال ُمستهلك حيث يُحب ال ُمستهلكين التصنيف ألنه يُ ّ
اإلختيارفمن الممكن التخلص من جميع الفئات أومن فئة واحدة أو إثنتان يتم إختيارهم بنا ًء على تقييم
ُمعمق بدالً من إتخاذ القرار مع إحترام كل ُمنتج فقد أظهرت الدراسات بأن ال ُمستهلكين يُفضلون أن
يمتلكوا فئات ال قيمة لها مثل (أ,ب,ج) على ّاال يحصلوا على أي فئة.
وقد رجحت األبحاث على إحتمالية تأثير ردود األفعال الضمنية الخاصة بال ُمستهلكين للفئة التي
يتواجد بها ال ُمنتج على إستجاباتهم العاطفية لل ُمنتج نفسه فعلى سبيل المثال عندما تكون فئة ما
ُمتركزة بشكل جيد في عقل ال ُمستهلك فال ُمنتجات التي تتوافق مع توقعات وتطلُعات الفئة ال ُمنشأة أي
الرموز ال ُمتعلمة تستسفيد من سالسة ال ُمعالجة ,أما عندما يقوم ال ُمنتج بتشكيل فئة ما بشكل سيء
وغامض في عقل ال ُمستهلك على سبيل المثال التفكير في أول مرة رأيت فيها جهازك ال iPod
187
تولد ردودا ً عاطفية إيجابية أكثر عندما يُساعدون
األول ,حيث أن ال ُمنتجات الحديثة يُمكن أن ّ
ال ُمستهلك على فهم الفئة بشكل أفضل وأيضا ً فهم تركيبها.
إن من األمور ال ُمهمة أيضا ً أمور السياق والتي تعمل بشكل كامل خارج الوعي اإلدراكي من خالل
آلية تُسمى (عدوى ال ُمنتج) في الفصل السابع نافشنا عدوى األهداف وهي ميول الناس لألهداف
بشكل غير ُمدرك لصيد األهداف التي يتم ُمتابعتها من خالل اآلخرين في مناطقهم ال ُمجاورة بشكل
ُمباشر وقد قام العُلماء بتحديد عملية ُمشابهة تعمل مع ال ُمنتجات التي على الرفوف وداخل عربات
التسوق.
اإلشمئزاز هي العاطفة التي خدمت البشر بشكل جيد ويُعزى ذلك إلى أنها تُبعدنا عن اإلشياء التي قد
تُلوثنا كالطعام الفاسد والدم وأجزاء الجسم والحشرات والديدان ,أما اليوم فالكثر من ال ُمنتجات غير أمور
الغذائية كفضالت القطط وأكياس القُمامة والحفاضات وال ُمنتجات الصحية النسائية قد تم إكتشافها تقنية
إلثارة ُمستويات ُمماثلة من اإلشمئزاز في ال ُمستهلك ,وقد إكتشف الباحثون أن ردود األفعال تلك
يُمكن تحويلها ل ُمنتجات أخرى إذا كان يُنظر إلى تلك ال ُمنتجات على أنها تالمس ال ُمنتج ال ُمثير
لإلشمئزاز ,وقد تم تقيم ال ُمنتجات ال ُملوثة على أنها أقل جاذبية وأقل إحتماالً ليتم إختيارها من
ال ُمنتجات الغير ُملوثة ,حيث أن بعض التفاصيل ال ُمثيرة لإلهتمام تكمن وراء هذا التأثير فعلى سبيل
المثال ,على ال ُمنتجات أن تكون ملموسة بشكل مادي للتأثير ,حيث تؤثر على ال ُمنتجات الموجودة
داخل حاويات شفافة بشكل أكبر ,فال يوجد لدى ال ُمستهلكين أدنى فكرة حول التقييم اإلدراكي
لل ُمنتجات الملوثة ومدى تأثُرها بالتواصل مع ُمنتجات أُخرى بنفس الطريقة.
هذا اإلستنتاج تذكير بالعوامل الالإرادية التي تقود أحكام وإختيارات ال ُمستهلك فليس بالضرورة أن
تكون عقالنية حيث ال يُمكن شرحها بطريقة عقالنية أو منطقية وفي هذه الحالة تُعد خصائص تذكَّر
اإلشمئزاز ليست في مكانها وأيضا ً ليست واقعية وأن أ ّ
ي من تلك ال ُمنتجات ال ُمثيرة لإلشمئزازفهي
فعليا ً غير آمنة أو نظيفة في أي حال من األحوال وال يُمكن للتلوث اإلنتقال من مجموعة ُمغلقة
ومختومة إلى أُخرى ,وبالرغم من ذلك ال يُمكن ردع الفكر الالواعي من تلك الحقائق والوقائع حيث
يُمكن أن يكون لل ُمستهلك وجهات نظر غير منطقية لما يعنيه اإلشمئزاز ومن ثم تطبيق ُمعتقدات
عدوى غير منطقية على األشياء تتوافق مع ما يُعتقده.
وكما شرحنا في الفصل السادس ,فإنه يُمكن لإلستجابات العاطفية اإليجابية والسلبية أن تُحفز اإلنتباه
حيث ينطبق ذلك بشكل خاص على التكافؤ العاطفي (أي اإلدراك الحسي لألشياء ُكلما كانت مرغوبة
من قبل ال ُمستهلك بشدة أو العكس ) حيث يعرف ال ُمسوقون عموما ً بأن ُمنتجاتهم و ُمغلفاتهم قد تُعزز
اإلنجذاب في البيئات ال ُمكتظة وال ُمزدحمة كرفوف متجر البِقالة وذلك من خالل تنشيط العواطف
والمشاعر اإليجابية بإستخدام الشكل واللون والنموذج والرموز و اإلشارات األخرى التي ال يُدركها
ال ُمسوقون كثيرا ً أال وهي أن رؤية علم الدماغ تتشكل في كون اإلرتباطات الذهنية العاطفية اإليجابية
188
يُمكن أن يتم التحكم بها بشكل غير ُمباشر من خالل اإلستحضار الذهني وسالسة ال ُمعالجة أو تنشيط
وتفعيل العالمات العاطفية الالواعية الموجودة (أنظر إلى الفصل الخامس).
وبالنظر إلى كرسي بسيط إلى شكله ومواده وإلى الغُرفة التي يتواجد فيها كل ذلك قد يُحفز
سلطة والهيبة والطبيعة والشباب والحنين إلى اإلرتباطات الذهنية ال ُمرتبطة بالراحة والصحة وال ُ
الماضي وأكثر بكثير من تلك اإلرتباطات ,ومن ال ُمحتمل أن يُالحظ كرسي واحد دونا ً عن مئات
الكراسي األخرى في صالة عرض األثاث وقد يزداد ذلك إذا تم تحفيز ذلك الكرسي باستجابة
عاطفية ايجابية تلقائية وهذا باإلضافة إلى كونه مميز بصريا ً و يتماشى مع الرموز ال ُمتعلمة والتي
تُطابق أهداف ال ُمستهلك ال ُمدركة وغير ال ُمدركة.
إن مدى تعزيز العواطف والمشاعر سواء اإليجابية أو السلبية و اإلنجذاب لألشياء اليومية بما في
أمور
ذلك السلع المنزلية الشائعة والتي تم دراستها في مجا ٍل بحثي ٍ جديد يُسمى تحليل التكافؤ الدقيق وذلك
بإستخدام تدابير اإلستجابة الضمنية (انظر إلى الفصل السابع عشر) ,وقد بدأ الباحثون بتتبع
تقنية
اإلستجابات العاطفية الدقيقة التي يجب أن تكون ُمحايدة بالنسبة للناس كفناجين القهوة وأباريق الشاي
والكراسي والساعات والمصابيح إلخ ,وقد إكتشف العُلماء أن حتى هذه األشياء اإلعتيادية تولد
إستجابات تكافؤ إيجابية وسلبية لفائدة ُمحددة ُمتعلقة بتقاطع ال ُمنتجات والعوطف واإلهتمام ما هو إال
استنتاج ُمتعلق بالدور الحاسم الذي تؤديه بالطريقة التي يتفحصها ويُركز عليها الناس عند رؤية
و ُمشاهدة مشهد بصري ما ,وبالرغم من عدم وعي وإدراك الناس بالتكافؤ الدقيق إال أنهم يتحيزون
بشكل ُمستمر إلى األشياء التي ينظرون ويُركزون إهتمامهم نحوها عندما يتمعنون ويتنقلون في
مشهد بصري ُمعقد.
يظهر التكافؤ الدقيق للخروج من التكامل واإلندماج الخاص بإرتباطات ُمتعلمة وإتقان ُمعين حيث
يُعزز هذان المصدران بعضهما البعض ألنه من األسهل تطوير اإلعجاب بشيء يتضمن إدراكأ ً
حسيا ً ايجابيا ً فعلى سبيل المثال ,يُمكن لل ُمستهلك تطوير اإلرتباطات الذهنية اإليجابية بسهولة أكثر
مع أباريق الشاي الالمعة وال ُمنحنية وال ُمتناظرة من ال ُمملة ذات الزوايات غير ال ُمتناظرة ,في القسم
التالي سنعرض كيف يُمكن لتصاميم ال ُمنتج واألغلفة اإلستفادة من اإلرتباطات الذهنية اإليجابية
المبنية على سالسة ال ُمعالجة لتعزيز اإلهتمام و األداء واإلختيار أيضا ً عند إتخاذ ال ُمستهلك للقرار.
في بعض األحيان يُمكن لل ُمنتج تحفيز إرتباطات ذهنية عاطفية ليست نموذجية لفئة ال ُمنتج فعلى
ت وأشياء لإلستخدام اليومي في أرجاء سبيل المثال تبتكر شركة األدوات اإليطالية " "Alessiأدوا ٍ
المنزل والمكتب كالمفاتيح وحاملة أعواد األسنان وكسارة البُندق و الساعات وسالل الفواكه
واألطباق أوحاملة مشابك الورق والتي تُضيف المرح وال ُمتعة من خالل تصميمها الغريبة والتي
عادة ما تكون غير ُمتوقعة ولكنها تحتوي على خصائص ال ُمنتج ال ُمفيد والمحبوب أنظر إلى الرسم
( )10-2فهو مثال رائع حول الجمع بين ال ُمحفزات العاطفية والحداثة لزيادة اإلنتباه واإلقتراب من
التحفيز.
189
حاملة مشابك الورق المرش
مفتاح العُلب
في بعض األمثلة يُعتبر التغليف أكثر أهمية من ال ُمنتج وذلك لرفع اإلرتباطات الذهنية العاطفية
لجذب اإلنتباه في نقطة البيع ,فيُعتبر العطر مثاالً ُمنتج صعب التمييز بصريا ً ولكنه يبرز من خالل
تصميم الغالف ال ُمميز وبذلك يُحفز نطاقا ً كبيرا ً من اإلرتباطات الذهنية كاإلثارة والشباب واإلهتمام
والقوة والرغبة والثقة واألناقة وهكذا باإلضافة إلى الرموز ال ُمتعلمة والتي تُحسن كل من اإلنتباه
التصاعدي والتنازلي لألغلفة.
وألن هذه اإلرتباطات الذهنية اإليجابية غالبا ً ما تكون الإرادية في و من الممكن أن تُقاوم قياسات
استجابة اإلبالغ الذاتي التقليدي ,يُمكن للباحثين االكاديميين و ُمستخدمي التسويق العصبي قياس عدد تذكَّر
من الخصائص واإلرتباطات الذهنية لتقديم صورة واضحة عن اإلستجابات العاطفية واإلنتباه
التسوق والتبضع: ّ لل ُمنتجات واألغلفة في سياقات
190
✓ األلفة :إن ال ُمنتجات المألوفة قليالً ما يتم ُمالحظتها ويُعزى ذلك إلى طريقة التغليف
ولكن في نفس الوقت قد تجذب اإلنتباه بنسبة كبيرة وذلك بسبب خبرة ال ُمستهلكين السابقة مع
ال ُمنتج أو التعرض ال ُمتكرر للتسويق.
عوض من خالل ✓ سالسة ال ُمعالجة :إن سهولة ُمعالجة ال ُمنتجات و األغلفة يُمكن أن ت ُ ّ
اإلستجابات العاطفية السلبية التي تُرافق الحداثة من خالل إبتكار حس األلفة والثقة في
غياب التجربة الفعلية السابقة أو التعرض ال ُمتكرر للتسويق.
✓ اإلقتراب واإلمتناع :إن التكافؤ العاطفي الدقيق يُمكن أن يؤثر على تركيز إنتباه
ال ُمستهلكين وإحتمالية إختيار ُمنتجا ٍ
ت ُمختلفة.
✓ تنشيط األهداف ال ُمدركة وغير ال ُمدركة :يُمكن أن تُقوم ال ُمنتجات بإستحضار ذهني
لتحفيز السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك ,حيث أن اإلنحياز إلى الرموز ال ُمتعلمة يُمكن أن
يجذب اإلنتباه التنازلي إلرضاء األهداف الشرائية ال ُمدركة.
طرق غير ال ُمدركة من اإلنتباهطرق الجديدة إلستكشاف ال ُ تُقدم منهجيات التسويق العصبي تلك ال ُ
التسوق وتُساعد الباحثين على تحديد تقييم اإلشارات التي تُرسلها ال ُمنتجات
ّ والعواطف خالل
واألغلفة إلى ال ُمستهلكين عبر عناصر التصميم ال ُمتقنة كاألسلوب واللون والشكل والمادة والشعور
والرائحة حيث تُقدم مقاييس جديدة لتقدير الدرجة التي يقوم ال ُمنتج الجديد أو المجموعة الجديدة من
خاللها بعمل إرتباطات عاطفية و ُمعالجة أهداف ال ُمستهلك و البروز على رف تسوق ما أو في
مكان العرض بجانب العشرات من ال ُمنتجات ال ُمنافسة.
يُركز التسويق العصبي على فهم كيفية تأثير العقل الالواعي على األحكام والقرارات ال ُمدركة
والواعية ,حيث أن هنالك أنواع ُمعينة و ُمحددة من اإلستجابات الالواعية كالدرجة التي يكون فيها
الشيء مفهوم بسهولة وكفاءة في العقل (سالسة ال ُمعالجة) والتي تُترجم إلى ردود أفعال إيجابية أو
سلبية إزاء ذلك الشيء أو ذلك الشعور أو حتى ذلك األمر المألوف ,وقد بدأ بعض الباحثون
بإستكشاف العالقة من جهة الشيء بدالً من جهة إستجابة الدماغ مع السؤال فيما إن كانت
الخصائص ال ُمحددة لألشياء تجعلهم أسهل أو أصعب في ال ُمعالجة أو أقل إحتمالية في أن يتم
إستحضار اإلستجابات العاطفية اإليجابية.
إن طرح تلك األسئلة قادنا إلى مجال فرعي خاص بالتسويق العصبي يُسمى (التصميم العصبي)
وهو الدراسة الخاصة للعناصر الشائعة للتصميم وال ُمتعلقة في األشياء المادية الملموسة والتي يميل
الناس لرؤيتها كشيء جميل و و ُمفرح وجذاب وأن هذا العمل جاء للفت إنتباه ُمستخدمي التسويق
العصبي فهو يُستخدم لتطوير األفكار ال ُمتعلقة بمبادئ تصميم ال ُمنتجات واألغلفة كإختبار جديد
لتحديد الفائزين والخاسرين من بين التصاميم ال ُمرشحة.
191
نحن نتصرف بشكل تلقائي إزاء التصميم الجيد
إن ال ُمستهلك الذي في محل أدوات المطبخ ينظر إلى المعروضات من األكواب واألواني الزجاجية
أو أدوات المائدة يميل إلى بعض ال ُمنتجات المعروضة بينما ال ُمنتجات األخرى تُستبعد فورا ً ,و
برد المتجر أو البحث في متجر يحدث نفس الشيء عند النظر إلى العشرات من علب اللبن في ُم ّ
األثاث أو األلعاب.
إن لل ُمستهلكين ردود فعل فورية وتلقائية سواء أكانت إيجابية أو سلبية ُكلما تفحصوا مجموعة من
البدائل عند قيامهم بالتسوق ,وقد ساعدنا علم الدماغ ليس فقط على فهم كيفية حدوث تلك الردود
وأسبابها (سالسة ال ُمعالجة واأللفة والحداثة واإلستحضار الذهني) ولكن لمعرفة أي من الخصائص
الخاصة باألشياء المعروضة تميل إلى تحفيز ردود األفعال اإليجابية أو السلبية .
ليس من الغريب أن يجد الباحثون الذين ينظرون إلى تطوردماغ اإلنسان الحديث بعض األسباب
التطورية ال ُمقنعة للعديد من إستجابات اإلقتراب أو اإلمتناع الطبيعية فعلى سبيل المثال في الدراسة
التي أُجريت عام 2006قام الباحثين في جامعة Havardللطب بإثبات أن البشر لديهم تفضيل
أمور
فطري لألشياء المنحنية أكثر من األشياء ال ُمدبدبة عبر فئات كبيرة (ساعات و األرائك وال ُمنتجات
الصناعية والتصاميم التجريدية ونمط الخط) ,وقد وجدوا أن الناس فضلوا األشياء ال ُمنحنية على
تقنية
األشياء ذات الحواف الحادة وقد وجدوا أيضا ً أن هذا التأثير لم يظهر فقط مع األشياء ذات الحواف
الحادة بل مع ال ُمنتجات التي لها إرتباطات ذهنية مع األمور الخطرة كالسكاكين والمقصات بل
وكذلك األمر مع األشياء ال ُمحايدة كاألرائك والخطوط.
وقد أثبت ال ُمؤلفون أن هذا التأثير الذي يبدو جزءا ً من تشكيل اإلنطباع والذي يسبق تقييم الشيء أو
ال ُمنتج يُمكن أن يكون آلية تقييمية تُساعدنا على معرفة اإلختالف بين األشياء التي تُعزز السالمة
واألشياء التي تُمثل تهديدات ُمحتملة ,حيث يُنظر إلى هذه اإلستجابة التلقائية العاطفية الالواعية
وغير ال ُمدركة على أنها جزء من نظام اإلنذار ال ُمبكر التكيفي للدماغ والذي يحمينا من التفكير كثيرا ً
في ُمواجهة الخطر.
وبالنقاس حول اإلشمئزاز وعدوى ال ُمنتج في ُمقدمة هذا الفصل نتوصل إلى أن هذه اإلرتباطات
الذهنية حول ألشياء ال ُمدبدبة والخطر عادة ما تكون غير منطقية في العالم الحديث وأن ُمهاجمة تذكَّر
أمر نادر أما اليوم فتلك اآلليات تؤدي دورا ً
حسابات الناس بواسطة أرائك ذات حواف ُمدبدة هو ٌ
حاسما ً لل ُمسوقين و ُمصممي ال ُمنتجات فهم يؤثرون على ما نُالحظ وما نُحب وفي نهاية المطاف على
ما نقوم بشراءه.
192
كانت النطريات التي تدور حول طبيعة الجمال لها وجهتي نظر ُمتعارضتان ُكليا ً كانت وجهة
أمور
النظراألولى هي وجهة النظر الموضوعية التي إدعت بأن الجمال خاصية للشيء حيث تُقدم تجربة
ُممتعة للشخص عند إدراك ذلك الشيء وفي الجهة األخرى وجهة النظر الشخصية التي إدعت بأن تقنية
وربما يختلف بين الثقافات ال ُمختلفة.
الجمال يجب أن يتغير مع الوقت ُ
وقد أثبت بحث في علم الفس اإلجتماعي التوافق بين وجهتي النظر من خالل استحضار فكرة
سالسة ال ُمعالجة ,وأن األدلة موجودة في سلسلة من الدراسات التي قام بها Rolf Reberو
Norbert Schwartzو Piotr Winkielmanإلظهار أن العديد من الخصائص الموضوعية
ُمرتبطة بالجمال تبدأ بتقييمات الناس الشخصية ألنهم يدعمون سالسة ال ُمعالجة أي أن الجمال له
مصادر موضوعية وشخصية.
سواء أكانت ُمطبقة على األشياء الفنية أو اليومية وإن لهذه الفكرة آثار ضمنية وعميقة على
التصميم ,في عالم ال ُمنتج وتصميم األغلفة يُفضل ال ُمستهلكين ال إراديا ً التصاميم التي يُسهل
ُمعالجتها بمجهود األقل.
إليك بعض الخصائص الموضوعية الرئيسية لألشياء المادية والملموسة والتي تم إيجادها لرفع
سالسة ال ُمعالجة مع األخذ بعين اإلعتبار الجاذبية ودرجة التفضيل:
✓ ال ُمحافظة على المعلومات :إن األشياء التي تحتوي على معلومات أقل هي أسهل في
عملية ال ُمعالجة و تميل إلى أن يُحكم عليها بأنها أكثر جاذبية ُمقارنة باألشياء التي تحتوي
على معلومات أكثر ,فعلى سبيل المثال إن األنماط البصرية ال ُمتكررة تُقلل كمية المعلومات
التي يجب ُمعالجتها لتشكيل إنطباع دقيق حول الشيء.
✓ التماثل :إن األشياء التي تتناظر حول محور أفقي و عمودي و قطري تحتوي على
معلومات غير ُمكررة و غيرزائدة بشكل أقل ُمقارنة باألشياء غير ال ُمتماثلة ولذلك هي أسهل
في عملية ال ُمعالجة و ُمحبذة ،إن التماثل العمودي هو أسهل في عملية ال ُمعالجة من التماثل
األفقي الذي بدوره أسهل من التناظر القُطري وبذلك فإن األشياء ال ُمرتبة ترتيبا ً عموديا ً على
األرجح تكون جذابة أكثر من األشياء ال ُمرتبة ترتيبا ً أُفقيا ً أو قُطريا ً.
✓ التناقض والوضوح :إن تناقض شكل األرض هو ُمصطلح يُستخدم لوصف المدى الذي
يُمكن للشئ تمييزه بوضوح من خلفيته ,فتناقض شكل األرض األعلى يُطور السالسة
اإلدراكية وبالتالي تُساهم في خلق الجاذبية وعلى نحو ُمماثل ,تُعد األشياء ذات الخطوط
النقية والواضحة أسهل في عملية ال ُمعالجة وتُعتبر أكثر جاذبية من األشياء ذات الخطوط
الضبابية وغير الواضحة.
أظهر بحث إضافي بأن تلك الخصائص تؤدي إلى تفضيل أكبر وإصدار أحكام تُعبر عن اإلنجذاب
عندما تُساهم في ُمعالجة السالسة ولكنها تختلف في إحداث هذا التأثير عندما ال تُساهم في ُمعالجة
193
السالسة فعلى سبيل المثال إن تناقض شكل األرض يجب أن يكون ُمساعدا ً في ُمعالجة األشياء
عندما يتم عرضهم لفترة قصيرة من الوقت ولكن ليست ُمساعدة لدرجة كبيرة عندما يتم عرض
األشياء لفترات أطول وبإختبار تلك الفرضيات فقد وجد العلماء بأنه ُكلما زاد التناقض زاد إصدار
األحكام ال ُمتعلقة بالجاذبية وذلك عندما يتم عرض األشياء ألقل من ثانية ولكن ال تزيد إذا عرضنا
ثوان.
ٍ األشياء لعشر
إن من العوامل األخرى التي ترفع من سالسة ال ُمعالجة والجاذبية ال ُمتصورة والتفضيالت التي ال
تؤثر ذلك التأثير القوي على الخصائص وشكل الشيء بل تؤثر على تجربة الشخص مع الشيء:
التعرض ال ُمتكرر :بالرجوع إلى تأثير التعرض ال ُمجرد الذي ورد في الفصل الخامس ,عندما
نتعرض للشيء بكثرة في أغلب األحيان -تقريبا ً أي شيء مهما كان -يُصبح مألوفا ً أكثر و أسهل في
عملية ال ُمعالجة وكنتيجة لذلك نميل إلى تفضيله أكثر وننظر إليه على أنه أكثر جاذبية ُمقارنة
باألشياء األقل ألفة.
ي مفهوما ً
التعرف على األنماط الضمنية :يُمكن ُمعالجة األشياء بسهولة عندما يكون بناؤها التركيب ّ
حيث يُفضل الناس األنماط البصرية ال ُمعقدة بدرجة أكبر عندما يكون بمقدورهم التنبؤ بها وأن
ال ُجمل التي تتبع القواعد اللغوية أسهل في عملية ال ُمعالجة من ال ُجمل التي ال تتبعها.
المثالية (المتوسط أو الشكل المثالي) :إن األشياء التي تُمثل نُسخة مثالية أو متوسطة من فئة ما تُعد
أسهل في عملية ال ُمعالجة و ُمفضلة بدرجة أكبر من األشياء األقل مثالية وقد تبين ذلك مع مجموعة
واسعة و ُمتنوعة من األشياء بما فيها بُقع اللون واألغاني والموسيقى و األعمال الفنية ووجوه
اإلنسان.
اإلستحضار الذهني :وكما نوقش في الفصل الخامس ,فإن األشياء التي يتم إستحضارها ذهنيا ً
ي يسهل ُمعالجتها ُمقارنة باإلشياء الغير ُمستحضرة ذهنيا ً ويُمكن إعتبارها أكثربإستحضار ترابط ّ
ٍ
أُلفةً مما هي عليه فعليا ,حيث أن هذا التأثير يُسلط الضوء على أهمية السياق في األحكام ال ُمتعلقة
ً
باإلعجاب والتفضيل.
تؤدي التوقعات دورا ً مهما ً في ترجمة سالسة ال ُمعالجة إلى تجربة شخصية للتفضيل أو األولويات
وقد وجد العُلماء أن للسالسة تأثير قوي على التفضيل عندما يكون المصدر مجهوالً وتأتي تجربة
سالسة ال ُمعالجة ك ُمفاجأة إذا كان الناس ُمدركين ألصل سالسة ال ُمعالجة في كل من إعدادات العالم
التجريبي والواقعي كتكرار ملحوظ ُمخطط أو نمط ُمتوقع بسيط جدا ً ,حيث أن تأثير السالسة على
الجاذبية المتصورة والتفضيل قد تكون مكتوما ً وأيضا ً التأثير ال ُمتعلق بالسالسة على األحكام
والتفضيالت الشخصية قد يتقلص ويتضائل فعلى سبيل المثال إن التأثير اإلعتيادي على التفضيل
ال ُمتصور يختفي عندما يُقال للناس بأنهم ُربما يُفضلون بعض األشياء أكثرو يُعزى ذلك إلى تشغيل
األغاني والموسيقى في الخلفية.
194
يُمكن ل ُمصممي ال ُمنتجات وال ُمغلفات أخذ العديد من الدروس من إكتشافات علم الدماغ تلك ,واألمر
األكثر أهمية هو أن بعض عناصر التصميم وبكل موضوعية تُعتبر أكثر جاذبية و إبهاجا ً لعقل تذكَّر
اإلنسان من العناصر األخرى حيث يُفضل الناس الحواف ال ُمستديرة على الحواف الحادة وال ُمدببة
والتصميم البسيط على ال ُمعقد و الشكل التماثلي على غير التماثلي وعالية التناقض والوضوح على
األشكال والحدود الغير واضحة والضابية ولكن الخبرة والتجربة والتعلم هو ما يختلف ويتراوح من
عرضة شخص إلى شخص إضافةً إلى أنها تؤدي دورا ً ُمهما ً في اإلستجابات الجمالية فالناس أكثر ُ
لإلنجذاب نحو األشياء التي يرونها بشكل ُمتكرر ,ذات البُنية التركيبية سهلة الفهم واإلستيعاب والتي
تكون مثالية أو متوسطة بالنسبة لفئتها وال ُمستحضرة ذهنيا ً من خالل المعلومات السياقية التي تجعلها
أكثر توقعا ً.
لن يكون اإلنجذاب الجمالي ُمتعلقا ً بالتسويق إن لم يُترجم إلى قرارات وأفعال ,فالعالمة التجارية
Appleغالبا ً ما تُعطى كأفضل مثال على كيفية ترجمة التصميم الجيد إلى أداء ُمتميز في السوق,
وبالرغم من وجود العديد من العناصر في تركيبة شركة Appleلتنجح ولكن األمر الجلي أن
تصميم ال ُمنتج هو أحد العناصرال ُمهمة فعندما عرضت شركة Appleجهاز ال iPadعام 2001
كانت تجني 5مليار دوالر سنويا ً كشركة حواسيب وفي عام 2011كانت اإلدخاالت الجديدة للجيل
ال ُمتعدد ألجهزة ال iPhoneوال ُ iPodمتماشيا ً مع تصاميم الحواسيب الجديدة كحواسيب
MacBook Airفي ذلك الوقت كانت الشركة تجني 150مليار دوالر سنويا ً ,فتصاميم شركة
Appleبين خطوط إنتاجها تُجسد المبادئ الجمالية الثالث التي تُساهم في سالسة ال ُمعالجة:
ال ُمحافظة على المعلومات والتماثل والتناقض والوضوح حيث تُحبذ شركة Appleالزوايا
ال ُمستديرة أيضا ً.
إن التعابير ال ُمماثلة الخاصة بسالسة ال ُمعالجة موجودة في العديد من تصاميم ال ُمنتجات الناجحة
كال ُمنتجات الخاصة بشركة Bang & Olufsenو BMWو IKEAففي جميع تلك الحاالت تكون
تصاميم ال ُمنتج ال ُمتميزة تلك ليست فقط المصدر الوحيد لنجاح الشركة ولكنها جزء من نمط أكبر
لإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية والتي تبني مع بعضها البعض مفهوما ً قويا ً للعالمة
تجارية في عقل ال ُمستهلك ,حيث أن ابتكارات التصميم لشركة Appleتُعزز بشكل طبيعي من
ارتباطاتها الذهنية القوية وال ُمتعلقة باإلبتكار انظر إلى الفصل التاسع لرؤية أمثلة على ذلك.
يُمكن توضيح أثر ال ُمنتج وتصميم الغالف على المبيعات من خالل أمثلة سلبية ,حيث وقعت حالة
خاصة ُمؤلمة في عام 2009للعالمة التجارية Tropicanaلبيع عصير البرتقال حيث كانت تبحث
عن ابتكار تصميم غالف جديد يُمكن له تعزيز خصائص وسمات ال ُمنتج وقد قدمت Tropicana
غالف جذري ُمعاد التصميم فأزالت شعار العالمة التجارية " برتقالة تخرج منها ماصة بنصف
كوب من عصير البرتقال حيث تواجد التصميم الجديد مع تسويق ضخم ولكن بعد مرور شهرين من
وجود العصائر على الرفوف التسويقية داخل المتاجر انخفضت مبيعات الشركة بنسبة %19أو
195
بقيمة 33مليون دوالر مع ال ُمنافسين آخذين حصتها المفقودة في السوق ,وحينها قامت الشركة
بسحب ال ُمغلفات الجديدة وإعادة ال ُمغلفات القديمة بتكاليف ضخمة لم يُكشف عنها أما األمر الملحوظ
هو أنه عندما عادت ال ُمغلفات القديمة بالظهور ُمجددا ً عادت المبيعات إلى مستوياتها القديمة بسرعة
مرة أُخرى.
ُهنالك عدد من العوامل التي قد تؤدي إلى كارثة حيث أن الكثير من ال ُمستهلكين يشترون عصير
البرتقال بطريقة إعتيادية بالرغم من إدعاء الشركة بأن التغليف الجديد قد فشل ألن ال ُمستهلكون لم
وربما كشف تقييم التسويق العصبي بأن التغليف يُقدّروا من قبل الرابطة العاطفية للتغليف القديم ُ
الجديد فُقد من ببين ال ُمنافسيين في البراد ال ُمخصص لعصير البرتقال ,حيث أن التغيير الجذري في
مظهرالغالف جعل من التشارك عملية تلقائية نسبيا ً حيث أصبح على ال ُمتسوقين إيجاد العصير مما
أدى إلى إعاقة نمط الشراء اإلعتيادي لهم وتعزيز قرار شراء آخذين بعين اإلعتبار ُمنتجا ً بديالً.
ُهنالك إختبار بسيط نسبيا ً بإستخدام تتبع العين لتتبع أنماط ونماذج النظرات الخاصة بال ُمتسوقين عند
رؤية صور الرف وعليه تغليفات قديمة وجديدة في مكان ما ومن ثم القيام بسؤالهم أي من ال ُمنتجات
الموجودة على الرف ستشترون وقد نكون إختبرنا هذه الفرضيات في وقت مبكر من عملية تصميم
الغالف ,إن كان مسوقو وباحثو شركة Tropicanaأكثر وعيا ً لتغيرات التسوق اإلعتيادي وأهمية
لربما طالبوا بإختبار إدراكي بسيط كجزء من عمليتهم التقييمية.
إتخاذ القرار الضمني لفئتهم ُ
وجهة نظرنا هي ليست إنتقاء األُناس الجيدون ل Tropicanaوالذين يشربون عصير البرتقال
اللذيذ وال ُمفضل فكمؤلفي لهذا الكتاب نقاشنا وضع ال ُمنتج في الفصل الرابع عشر فبدالً من التأكيد تذكَّر
على منظور التسويق العصبي الذي يُقدم في بعض األحيان فهما ً أبسط لسلوك ال ُمستهلك أكثر من
نهج بحث تقليدي ولربما كانت اإلجابة على هذه القضية هو عدم قدرة الناس على إيجاد غالف جديد
على رف التسوق ويُعزى ذلك إلى أن شركة Tropicanaأزالت سهوا ً اإلشارات األولية والتي من
خاللها يظهر اإلختيار اإلعتيادي.
تُعتبر ال ُمنتجات الجديدة عصب وشريان الحياة للعالمات التجارية ولكن أكثر من %80من
ال ُمنتجات الجديدة تفشل وفي بعض األحيان ويكون لها تأثير ُمدمر على توازن الشركة ,في هذا
القسم سنستكشف سبب فشل بعض ال ُمنتجات الجديدة وما الذي يُمكننا فعله لرفع نسبة النجاح
باإلعتماد على أفكار ومفاهيم ومنهجيات التسويق العصبي.
يخاف الناس من التنبؤ بما سيقومون به في ال ُمستقبل حيث أظهرت األبحاث بأن أكثر من %90من
ال ُمستهلكين الذين يتبعون حمية غذائية يتخلون عن إتباعها ويكسبون الوزن الذي خسروه في غضون
196
سنة واحدة وبالمثل ال يتابع الناس قراتهم الحالية مع قراراتهم في السنة الجديدة بالرغم من
مصداقيتهم عند وضعهم ل ُخططهم وإلتزاماتهم في ليلة السنة الجديدة.
قم بتطبيق تلك الدروس إلى مجموعة النقاش الخاصة بتقييم ال ُمنتج النموذجي ,فهنالك العشرات أو
أكثرمن ال ُمستهلكين يستغرقون 90دقيقة في النقاش وعادة ً ما يُسيطر على هذا النقاش شخص أو
إثنان يُطلق عليهم " ال ُمشاكون في مادة ألفا" حيث يشعرون بأن آراءهم أهم من رأي أي شخص
آخر ,وفي نهاية الجلسة يسأل ال ُمشرف جميع الحاضرين عن إحتمالية شرائهم لل ُمنتج الذي كانوا
يتناقشون فيه ,باإلضافةً إلى عدم قُدرتهم بشكل عام على التنؤ بما سيقومون به فقد تكون إجاباتهم
ُمستحضرة ذهنيا ً بنا ًء على األموال التي إستلموها من أجل ُمشاركتهم ورغبتهم في إظهار ذكاءهم
وبصيرتهم ففي الحقيقة هم أنهم إستغرقوا فقط 90دقيقة في الحديث عن ال ُمنتج الذي يستغرقون
القليل من الوقت في التفكير به.
إنه ألمر عادي وغير ُمفاجئ بأن تكون التنؤات مبنية على أساليب بحوث السوق التقليدية مثل
مجموعات النقاش التي تتحول لتكون أقل دقة إليكم بعض األمثلة التقليدية حول ُمنتجات ناجحة لم
تكن لترى ضوء النهار إن لم تتجاهل نتائج مجموعة النقاش ال ُمزرية:
✓ أخبر الباحثون شركة Bang & Olufsenبأنهم يتوقعون لهم بيع 65وحدة نظام صوت
جديدة ولكن بعد أن تم إطالقها أصبحت ال ُمنتج األكثر مبيعا ً.
تكررت نتائج كتلك مرارا ً وتكرارا ً حيث يُظهر ال ُمستهلكين ذلك القدر من السوء عندما يتبؤون بما
سيفضلون وما سيبغضون وذلك بنسبة %80من الفشل حيث أن منهجيات أبحاث السوق التقليدية تذكَّر
في حاجة ماسة لبعض ال ُمساعدة ,و قدم علم الدماغ بعض التفسيرات وقدم التسويق العصبي بعض
المنهجيات البديلة الجديرة بالدراسة.
197
التغلب على التحيز في ضوء ال ُمنتجات الجديدة
إن الحداثة تلفت اإلنتباه ولكن األلفة تغرس الراحة ,فسالسة ال ُمعالجة تُعزز تفضيل الشيء الذي
يخلق إنطباعا ً من األلفة وتُشجع اإلقتراب و التحفيز أما الحداثة تُخالف التوقعات وتزيد الحذر أكثر
من الراحة وبالتالي ترتبط بالحذر وتجنب التحفيز كما أنها تُحفز التعلم ألننا نُحاول إستيعاب
الدروس الجديدة وإلزام الذاكرة بها.
بإختصار ,تكشف أعمال العقل تلك بأن لدينا القدرة على ُمالحظة األشياء الجديدة وال ُمختلفة فنحن
نُركز اإلنتباه الواعي وال ُمدرك عليهم ولكننا نميل إلى عدم الثقة بهم ,ولكن مع مرور الوقت و ُكلما
مهدت الحداثة الطريق إلى األلفة والحذر تُستبدل الحقا ً بالعادة والراحة فتصبح األشياء الجديدة جزء
من حياتنا اليومية ولكن تلك األشياء ال تبدأ بتلك الطريقة.
وفي إطار تلك العالقات واإلرتباطات الذهنية بين الحداثة واأللفة والحذر والراحة والتعلم والتحفيز
والعادة أصبحت تفسيرات علم الدماغ ال ُمتعلقة بعدم قُدرتنا على التنبؤ باألشياء التي ستُعجبنا
واألشياء التي لن تُعجنا واضحة فنحن ال نعلم متى ستُترجم األشياء الحديثة حاليا ً إلى أشياء مألوفة
الحقا ً.
أما بالنسبة لرأي ُمصممي ال ُمنتجات والتغليف فبعد كل شيء سيتقبل ال ُمستهلكين ال ُمنتجات الجديدة
وال ُمبتكرة طوال الوقت و سيُستبدل رواد ال ُمنتجات القديمة برواد ال ُمنتجات الجديدة وستظهر فئات
جديدة ُكليا ً على الساحة وستجتاح ال ُمنتجات القديمة والمألوفة وسنضعها جانبا ً فكيف يتم تجاوز
إبتكار ال ُمنتجات في ضوء تحيزنا الداخلي ضد ال ُمنتج الجديد؟
حيث قام الباحثون الذين يدرسون العالقة بين الحداثة والتفضيل في تصميم ال ُمنتج بتحديد مسار
للخروج من ورطة واضحة و جلية من خالل مستويات متوسطة من اإلبتكار ُمرتبطة بعناصر
نصيحة
معروفة من األلفة فاإلبتكارات األكثر تقبالً هي التي ال تنتهك التوقعات بشكل جذري ولكنها توفر
فقط ما يكفي من الحداثة بنطاق مألوف لكسر الرتابة من األلفة الزائدة والكثيرة.
ُهنالك ثالث إستجابات رئيسية ُمتغيرة فيما يتعلق باإلنتباه واإلستذكار والتفضيل والتي تم اكتشافهم
ليكونوا في أقل مستوياتهم عندما يكون اإلبتكار إما طفيفا ً أو أن يكون تخريبيا ً أي أن يكون تغييرا ً
كبيرا ً ويكون اإلبتكار في أعلى ُمستوياته عندما يكون اإلبتكار بين هاتين النسبتين أي أن ال يكون
التغيير كبيرا ً جدا ً وال قليالً جدا ً.
كررن عدد من الدراسات في فئات ُمختلفة كالمطبخ واألثاث واألدوات المنزلية والسيارات تلك
النتائج في عام 2012حيث اُجريت دراسة في المجلة العالمية للتصميم أوجد فيها الباحثون أن
ال ُمشاركون قد قيموا مجموعة من تصاميم الكراسي بمستويات ُمختلفة من الحداثة بثالث أبعاد هي
األناقة و التعقيد وال ُمشاركة العاطفية ووجدوا أن العالقة بين الحداثة والتفضيالت الجمالية شكلت
صنفت الكراسي بالقرب من نصف األناقة والتعقيد ُمنحنى مقلوب على شكل Uفي كل بُعد وقد ُ
وال ُمشاركة العاطفية واعتُبرت أكثر التجربة الجمالية ُمتعة.
198
وبذلك فإن المسار األول هو للخروج من ورطة ومأزق الحداثة التي تُحجم ُمستوى الحداثة و لتجنب
إنتهاك توقعات ال ُمستهلكين وأيضا ً انتهاك اإلرتباطات الذهنية المألوفة لهم أما المسار الثاني فهو نصيحة
إلستخدام أفكار التصميم ورسائل التسويق من أجل خلق إرتباطات ذهنية جديدة ومفهوم جديد لما هو
مألوف وبذلك حتى أكثراإلبتكارات التخريبية تبدو مألوفة و ُمريحة على الرغم من أنها في حقيقة
األمر عالمة تجارية جديدة.
✓ استخدم التراسل (اإلعالنات ووسائل التسويق األخرى لتأسيس إرتباطات ذهنية أخرى
بين ال ُمنتج الجديد والتوقعات التي لدى ال ُمستهلك فيما يتعلق بمطالبه وإحتياجاته.
عندما يكون ال ُمنتج غير مألوفا ً يُنصح ال ُمصممون في أن يضموا أكبر عدد ُممكن من التصاميم لنقاط
التواصل المألوفة فعلى سبيل المثال ,إن نجاح ال iPhoneو ال iPadيُمكن أن يكون بسبب ُمحاكاة
ال ُمنتجات أي الطريقة التي تكون مألوفة لل ُمستهلكين لطي صفحات المجالت فاأللفة ال تجعل التنقل
أكثر بديهية فقط ولكن تُساعد في تحفيز العواطف اإليجابية وال ُمرتبطة باإلسترخاء مع مجلة وكو ٍ
ب
من القهوة.
أصبحت أهمية التكرار موثقة في العديد من الدراسات فعلى سبيل المثال ,عندما يتعرض
ال ُمستهلكون ل ُمنتج ُمبتكر ألول مرة فإنهم يميلون لصالح ال ُمنتج المألوف ولكن عندما يتعرضون
ُمجددا ً بعد فترة من الوقت ل ُمنتج ُمبتكر تم رفضه سابقا ً فإنهم يميلون لتفضيل ال ُمنتج الجديد على
ال ُمنتج المألوف وقد توافقت الدراسات مع آثار التكرار بإستخدام مقاييس موضوعية (النشاط
الكهربائي) كما هو الحال مع التقييمات الشخصية من قبل ال ُمستهلكين حيث تؤكد تلك النتائج على
أهمية األلفة وسالسة ال ُمعالجة ال ُمرتبطة لزيادة التفضيل ال ُمتصور وال ُمتوقع لل ُمنتجات الجديدة
وال ُمبتكرة.
في الفصل القادم ,سنتعمق في العالقات حول التكرار وبناء اإلرتباطات الذهنية واإلعالنات لتحديد
طرق تُمكن أفكار ال ُمنتجات الجديدة من إقتحام اإلزدحام ال ُمتعلق في ال ُمنتجات المألوفة لكسب موافقة
ال ُمستهلك وكسب حصة السوق ُمقابل العالمة التجارية القوية ورواد ال ُمنتجات.
ُهنالك منهجان ُمناسبان إلختبار غالف ال ُمنتج كتتبع العين و إختبار القرار اإلضطراري فكل طريقة
من تلك ال ُ
طرق يُمكن توفيرها عن طريق قياسات أكثر تعقيدا ً ُمتعلقة بالدماغ والجسم لكسب فهم
إضافي للدعائم واألساسيات العاطفية للسلوك اإلجباري إن كانت أفكار أعمق وتتطلب أسئلة بحثية.
199
الحل لدى العيون :تتبع العيون و إبتكار التصميم
وبسبب الكثير من األسباب ال ُمتعلقة بتصميم ال ُمنتج والغالف وذلك لجذب اإلنتباه وألن تتبع العين
تُكنولوجيا طبيعية لإلختبار بحيث تقوم حلول تتبع العين الحديثة بتزويدنا ب ُمسجل للوقت الحقيقي
ومكان توجيه اإلنتباه البصري ,باإلضافة إلى كيفية تغيير تمدد بؤبؤ العين مع مرور الوقت حيث
يُعتبر مؤشرا ً ُمفيدا ً لإلستثارات العاطفية.
لتسجيالت تتبع العين 3أنواع رئيسية ُمتعلقة بتفاصيل حركة العين والتي تقوم بتزويدنا بلمحة عن
العمليات الذهنية التي تكمن وراء حركة العين اثناء النظر إلى األشياء أو المناظر ك ُمنتج ُمنفرد أو
رف في متجر ما مليء بال ُمنتجات الُمنافسة:
✓ التثبيتات :هي لحظات تتحرك فيها العين بشكل ثابت نسبيا ً حيث ميل التثبيت إلى أن
يكون ُمرتبطا ً بالحصول على المعلومات ,إن التكرار والموقع وال ُمدة الزمنية والنظام
قياساتٌ ُمفيدة لفهم كيفية تخصيص اإلنتباه أثناء عرض صورة ما.
✓ حركات العين السريعة :هي حركات للعين من نُقطة إلى أخرى في مشهد ما حيث
التظهر المعلومات أثناء حركات العين السريعة ولكن تقوم أنواع ُمختلفة منها بإعطاء أدلة
على اإلنخراط أو الجهد في عملية تفسير صورة ما فعلى سبيل المثال إن حركات العين
السريعة غير الموفقة والعائدة من نقاط في صور شوهدت ُمسبقا ً يُمكن أن تُشير إلى
اإلرتباك أو صعوبة ال ُمعالجة (اإلفتقار إلى السالسة).
الرمش وحجم بؤبؤ العين :إن لم يختلف لمعان العين أثناء العرض وال ُمشاهدة ✓ ُمعدل َ
يُمكن أن يكون إتساع بؤبؤ العين مقياسا ً لإلهتمام أو اإلنخراط بالشيء ,وتُعد ُمعدالت
الرمش البطيئة دليالً على ُجهد
الرمش مؤشرا ً على العمليات الذهنية حيث تُعد ُمعدالت َ َ
ُ
الرمش أسرع كلما أشارت إلى اإلرتباك أو اإلجهاد والتعب. ُ
ال ُمعالجة فكلما كانت ُمعدالت َ
تعتمد البيانات ال ُمتعلقة بتتبع العين إعتمادا ً كبيرا ً على ال ُمهمة التي يؤديها الناظر فإن لم يُعطى
ال ُمستهلكون ُمهمة ُمعينة أثناء عرض صورة ما فسيُشكلون واحدة بنفسهم وذلك هو السبب وراء
ثوان ولكنها تميل إلى
ٍ كون نتائج تتبع العين مبنية على التعليمات مثل :أنظر إلى هذه الصورة لعشر تحذير!
أن تكون بال معنى ,وكحالة ُمشابهة لتلك الحالة قيام ال ُمشاهدون عادة ً بتعيين ُمهمة ما يطلبها منهم
ق الهاوي والتي يُحاولون من خاللها معرفة ما يُمكن أن يكون مخفيا ً في تلك الباحثون ك ُمهمة ال ُمحق ٍ
الصورة والتي يُريد الباحثون منهم إيجاده وبالطبع تلك ُمهمة غير واقعية أبدا ً ُمقارنة مع ما يقوم به
ال ُمستهلكون في سياق التسوق الحقيقي.
إن أهم نوعان من المهام التي يؤديها ال ُمستهلكون أثناء التسوق ُهما مهام البحث ومهام اإلختيار,
والتي تتطلب من ال ُمستهلك إيجاد ال ُمنتج الذي على الرف وعندما ينخرط ال ُمستهلك بمثل تلك ال ُمهمة
تُصبح نتائج تتبع العين ذات معنى وغنية بالمعلومات حيث أن قياس "الوقت للتثبيت األول" على
200
ال ُمنتج ال ُمحدد وال ُمستهدف يُعد مؤشرا ً بسيطا ً وبديهيا ً لبروز ال ُمنتج من بين مجموعة ُمنافسة وذلك
من خالل التنويع بأحجام وأعداد األشياء على الرفوف ال ُمحيطة ُمقارنة بمرات البحث في مساقات
ُمختلفة والتي يُمكنها حساب اإلنتباه التصاعدي بنا ًء على ال ُمدة التي يستغرقها الشيء ال ُمستهدف ُكلما
زاد حجم السياق.
تطلب مهام اإلختيار من ال ُمستهلك اإلختيار وإصدار األحكام من بين مجموعة من البدائل إما مع
بعضها البعض أو بشكل فردي حيث يُعد وصف صورة ُمنتج ما على أنها مصدرا ً ُممتازا ً لتحليل
تتبع العين ,فكيف يتفحص ال ُمشاهدون الصورة عندما يُطلب منهم إختيار أفضل أو أسوء تغليف
حيث يُمكن ان يكون ُمفيدا ً للغاية أكثر من اإلختيار الفعلي عند عرض صور األغلفة بشكل فردي
سؤل ال ُمستهلك أسئلة ُمختلفة وذلك بإعطاءهم حينها سيكشف تتبع العين عن معلومات ُمختلفة إن ُ
مهام إختيار ُمختلفة وقد إكتشف العُلماء أن الناس سيتفحصون األغلفة بطرقة ُمختلفة تماما ً عندما
سألوا الناس عن مدى جاذبية األغلفة ومن ثم عندما سألوا ما مدى إحتمالية شرائكم لهذا ال ُمنتح.
تقنية أخرى للتسويق العصبي والتي تُعتبر ُمفيدة ً جدا ً لتقييم تصاميم األغلفة وال ُمنتجات كإختبار
اإلختيار اإلجباري ,هذا النوع من اإلختبارات يعرض على ال ُمستهلكين صورا ً تختلف عن بعضها
بخاصية واحدة أو إثنتان كعُلب الكاتشب والتي تُعد متماثلة الشكل بإستثناء األغطية أو إختالف في
ال ُملصقات ,تلك الصور عادة ما ت ُعرض مرتين في نفس الوقت على الشاسة وقد يُطلب من
علبة الكاتشب التي أعجبتهم في أسرع وقت ُممكن. ال ُمشاهدين أخد ُ
إن ُمتطلب اإلستجابة السريعة تُجبر الناس على أن يعتمدوا ُمباشرة ً على ردود الفعل الغريزية
الخاصة بهم مما يُقلل من دور التداول ال ُمدرك وزيادة التأثير الخاص بالعمليات الغير ُمدركة وذلك
من خالل خلق سلسلة من ال ُمقارنات السريعة التي تختلف بعدد قليل من الخصائص في وقت واحد
ومن ثم تُعيد صياغة النتائج إلى مهام إجمالية للخصائص ال ُمتعلقة بالتصميم الكامل وقد يتجاوز هذا
المنهج العديد من تحيزات التقرير واإلبالغ الذاتي التي ينتج عنها التقييمات ال ُكلية لل ُمنتج أو الغالف.
إن نتائج اإلختيار اإلجباري أسهل في التفسير من قياسات الدماغ أو الجسم ألنها تُقدم سلوكا ً فعليا ً
,حيث يُستخدم هذا األسلوب إلختبار العديد من الجوانب ال ُمتعلقة في ال ُمنتجات واألغلفة بما في ذلك
التصاميم والعناصر ال ُمختلفة في تصميم والسعر.
طرق تتبع العين واإلختيار اإلجباري مع قياسات الدماغ أو الجسم لتقديم يُمكن الجمع بين أساليب و ُ
إختبار ُمفص ٌل أكثر عن آليات الفهم الذهني والتي تقود نتائج السلوك الظاهر ,فالجمع بين تتبع العين تذكَّر
و تخطيط الدماغ الكهربائي أو الرنين المغناطيسي يُمكن على سبيل المثال أن يُزودنا بأفكار إضافية
طرق ع ّما إذا كان التثبيت ُمرتبطا ً باإلنخراط أو اإلرتباك ,و ُهنالك المزيد من التفاصيل حول تلك ال ُ
واألساليب في الفصل السادس عشر وحتى الثامن عشر.
201
الفصل الحادي عشر
✓رؤية كيف يُمكن لإلعالنات أن تكون فعّالة بالرغم من عدم إنتباهنا لها .
✓تعلم كيف يُمكن لإلعالنات التأثير على خصائص ومبيعات العالمة التجارية دون إحتوائها
على رسالة ُمقنعة .
لدى الناس عالقة حب وكراهية مع اإلعالنات حيث سجلوا برامجهم التلفزيونية ال ُمفضلة ب ُمسجالت
الفيديو الرقمية ( )DVDsوبذلك يُمكنهم إعادة توجيهها بشكل أسرع من خالل اإلعالنات .أما من
الجهة األخرى يستمعون إلى بطولة كرة القدم سنويا ً -على األغلب -مثلما يُشاهدون اإلعالنات
واأللعاب .
تُعتبر اإلعالنات موضوعا ً يتعلق بعد ٍد هائ ٍل من األبحاث األكاديمية والتجارية فهو موضوع ُمعقد
و ُمتعدد األوجه ،لذلك سنُركز في هذا الفصل على اإلعالنات التلفازية فقط التي ال تزال أكثر
المجاالت إلنفاق الدوالرات ،وفي الفصول الالحقة سنتطرق إلى اإلعالنات داخل المتاجر (الفصل
الثاني عشر) ،واإلعالنات على شبكة اإلنترنت (الفصل الثالث عشر) ،وتوضح ال ُمنتجات التي
تُعرض في األفالم والبرامج التلفازية (الفصل الرابع عشر) .
تأخذ نظرتنا العامة حول اإلعالنات ثالثة أسئلة ُمهمة ،والتي يميل ُمستخدمو التسويق العصبي
وال ُمسوقون إلى اإلجابة عليها بشكل ُمختلف :
202
ي النظر في آلية عمل اإلعالنات
وجهت ّ
فربما سيُجيب إجابة طويلة وغير إذا سألت باحثا ً ُمختصا ً بالسوق التقليدي عن الهدف من اإلعالنات ُ
دقيقة ولكن جوهر اإلجابة سيكون زيادة المبيعات ،وكل هذا يُعد من وظائف اإلقناع .واإلقناع وظيفة
اإلنتباه على الشيء وال ُحجة المنطقية والتعلم ،فقد يذكر الشخص اإلستدعاء العاطفي ولكن غالبا ً ما
سيكون كشيء يُساعد على نقل المعلومات ،تعمل اإلعالنات على نُقطة البيع من خالل إستذكار
الشيء فيستذكر ال ُمستهلك ال ُحجة المنطقية ال ُمتصلة باإلعالن وشراء ال ُمنتج .
فإن سألت ُمستخدمي التسويق العصبي نفس السؤال ستجد جوابا ً ُمختلفا ً تماما ً ولكن إن كان لديك
أساسيات في علم الدماغ فستتأكد من أن الهدف من اإلعالنات هو أيضا ً زيادة المبيعات ولكن
بطريقة غير ُمباشرة من خالل خلق إرتباطات ذهنية إيجابية مع العالمة التجارية أو ال ُمنتج في
الذاكرة ويحدث ذلك من خالل التكيّف وليس من خالل اإلقناع الصريح لل ُمنتج أو العالمة التجارية
ويُعد التكيّف وظيفة لإلرتباطات الذهنية العاطفية والتكرار والتعليم الضمني وقد يقوم بذكر اإلنتباه
ولكن قد تراه كعقبة أمام فاعلية اإلعالنات فقد ذكرنا بأن اإلعالنات تعمل بشكل ُمباشر على نُقطة
زيادة المبيعات ولكن هذه المرة من خالل اإلستحضار الذهني من خالل رؤية العالمة التجارية في
متجر ما وإستخضار اإلرتباطات الذهنية العاطفية التي تنشأ من خالل اإلعالنات والتي تزيد من
اإلنتباه واإلهتمام يصبح بذلك ال ُمستهلك يميل إلى الرغبة في شراء ال ُمنتج ،ومن جهة أخرى يعمل
اإلستحضار الذهني في أفضل حاالته إن نجح اإلعالن في زيادة األلفة و ُمعالجة السالسة وتفضيل
العالمة التجارية الموجودة على الرف في متجر التسوق .
وهنا أوصاف ُمبسطة جدا ً ولكنها تُسلط الضوء على اإلختالفات الرئيسة بين وجهتي النظر
ال ُمتعلقتين باإلعالن والتي قُمنا بتحديدها في هذا الفصل :
✓المسار ال ُمباشر لفاعلية اإلعالنات :عن طريق تأكيد اإلنتباه واإلهتمام وال ُمعالجة ال ُمدركة
والحجة المنطقية واإلستذكار الصريح والمبيعات .
✓المسار غير ال ُمباشر لفاعلية اإلعالنات عن طريق تأكيد اإلرتباطات الذهنية العاطفية
وال ُمعالجة غير ال ُمدركة واإلستحضار الذهني والذاكرة الضمنية والمواقف ال ُمتعلقة بالعالمة
التجارية والمبيعات .
عادة ً ما يتم عرض وجهات النظر تلك على أنها ُمتعارضة ولكننا نؤمن بأنهم ُمكمالت ألي واحدة
تكون نموذجا ً أكثر واقعية في ظروف ُمختلفة ألنواع ُمختلفة من ال ُمنتجات أو ال ُمستهلكين
منهما وقد ّ
.
طرق التسويق وعند األخذ بعين اإلعتبار مشروع بحث عن اإلعالنات بإستخدام الطرق التقليدية أم ُ
العصبي ت َأ َ َكد من ْ
أن تكون أنت وشريكك في البحث تتشاركان تعريفا ً شائع لفاعلية اإلعالنات ،تقريبا ً
تحذير!
كأن تعمل مع ُمزود أو إستشاري للتسويق العصبي تأكد حينها أنك تنحاز إما للطريق ال ُمباشر أو
203
غير ال ُمباشر والذي يُجسد أهدافك ال ُمتعلقة باإلعالن ،فهذا سيجعل دراسات التصميم أسهل بكثير
وسيمنع اإلحباط واإلرتباك طول الطريق عندما تُعرض النتائج .
وباإلعتماد على وجهة النظر هذه ،فإن الهدف من اإلعالنات هو التوصل إلى ُحجة بسيطة ومنطقية
تُقنع ال ُمستهلكين بشراء ُمنتج ما سواء من خالل تعزيز تفضيالتهم الحالية من أجل ال ُمنتج أو تغيير
تفضيالتهم عن ال ُمنتج ال ُمنافس وبذلك فإن دور اإلبداع في اإلعالن هو الحصول على ُمستهلكين
إستذكار الحق وهو مطلوبٌ في نقطة البيع
ٍ ينتبهون لهذه ال ُحجج ألن اإلهتمام العالي يؤدي إلى
إلستكمال اإلرتباطات الذهنية بين اإلعالنات والبيع .
يَصف الطريق ال ُمباشر عملية اإلقناع واإلختيار -والتي تكثر في نظام التفكير الخاص بـ
Kahnemanفهو ُمدرك و ُمتعمد ومنطقي ،-إن وجهة النظر هذه مبنية على إفتراضات ُمتعددة
تُسمى نموذج ال ُمستهلك العقالني والتي تم تحديثها من خالل العمل األخير في التسويق العصبي
وعلم النفس اإلجتماعي واإلقتصاد السلوكي .
إن المخاوف إزاء هذا النهج ال تستمد من أي مخاوف سواء أكان مسار اإلقناع الذي تم وصفه من
الناحية النفسية ،حيث أظهرت العديد من الدراسات أن هذا المسار يُمكن أن يعمل بل هو الذي يعمل
في ظروفٍ عديدة و ُمتنوعة ،ولكن المسألة هي أن ال ُمستهلكون في وضعهم الطبيعي واليومي عند
تذكَّر
القيام بالتسوق وإتخاذ القرارات بشكل عام ال ينخرطون في التفكير الواعي وفي إتخاذ القرارات
العقالنية والتي أرجعها النموذج لهم وبذلك تكون ال ُمشكلة ليست بأنهم ال يتأثرون في اإلعالنات
بالطريقة التي يتم وصفها .
✓عادة ال يكون بمقدور الناس إستذكار جوانب ُمعينة من اإلعالنات ولكن عندما يستذكرون تلك
عرضة لتذكر الوصف التفصيلي والشخصيات أكثر من إدعاءات الجوانب بنجاح فهم أكثر ُ
ال ُمنتج والجداالت الشفهية .
✓يُقاوم الناس إدعاءات اإلعالنات من ذاتهم وإن قامو باإلصغاء واإلنتباه إلى تلك اإلدعاءات
فهم يميلون إلى تقيمها من ناحية ُمضادة .
204
✓في سياقات التسوق في العالم الحقيقي ال يُدرجون إدعاءات اإلعالنات إلى عمليات إتخاذ
ي ِ أحكام أوإختصارات ُمتعلقةالقرار الخاص ِة بهم ،فيعتمدون على األساليب البحثية واإلستدالل أ ّ
صنع القرار،فهم معتادون على إتخاذ القرارات ل ُمعظم عمليات الشراء . ب ُ
✓إرجاع المبيعات إلى اإلعالنات هي حالة صعبة وإستثناء األقلية في الحاالت ،بالتالي ال تؤثر
اإلعالنات تأثيرا ً كبيرا ً على المبيعات (راجع الشريط الجانبي القريب "ليس من السهل التأثير
على المبيعات من خالل اإلعالنات") .
✓إن تلك التحديات التي تواجه نموذج الطريق ال ُمباشرال تُبطله ومع ذلك نعتقد بأن التحديات
تُشير إلى أن إمكانية تطبيق هذا النموذج أكثر محدودية من ال ُمفترض ضمن مجال تطبيقها،
حيث يُزودنا هذا النموذج بتوقعات وتنؤات جيدة فقد أظهرت العروض والبحوث بأن ال ُمستهلكين
عرضة ل ُمعالجة اإلعالنات مع اإلنتباه والتقييم ال ُمدرك واإلتخاذ قرارات الشراء المبنية
أكثر ُ
على ال ُحجج واإلدعاءات عندما :
✓يكون ال ُمنتج ال ُمعلن عنه جديد أو يحتوي على عناصر جديدة وحديثة ،فعلى سبيل المثال
:المكانس الكهرائية ُ Dysonمقارنة مع مكانس Dysonالكهربائية التقليدية .
✓تكون فئة ال ُمنتج جديدة كالتكنولوجيا الجديدة والحديثة ،مثل :الهواتف الذكية ،والكمبيوتر
اللوحي ،والحواسيب ،وشاشات التلفاز ثُالثية األبعاد .
✓يكون ال ُمنتج باهض الثمن وال يتم شراءه بشكل ُمتكرر ،كالسيارات والرهون السكنية .
✓يكون الهدف من اإلعالنات توليد إستجابة ُمباشرة أكثر من تأخير البيع ،كإعالنات جمع
التبرعات الخيرية أو البرامج اإلقتصادية ال ُمصممة إلقناع ال ُمشاهدين على اإلتصال حاالً .
أكثر
ُربما من الواضح أن الهدف من اإلعالنات هو زيادة مبيعات ال ُمنتج ال ُمعلن عنه ولكن الواقع ُ
تعقيداً ،وكما وصفنا في الفصل الثاني أن القليل من الحمالت اإلعالنية لها تأثير كبير على المبيعات
وأن أغلبها ال يؤثر على المبيعات حيث أن تكاليف األعالنات ُمرتفعة الثمن ك ُمساهم ففي المتوسط،
الزيادة بنسبة %1في المبيعات تُنتج فقط ما نسبته %.1زيادة في المبيعات ُمقارنة مع تخفيض
األسعار التي تؤثر 20مرة أكثر على المبيعات ،وبالتالي يُمكن لل ُمعدالت أن تكون خادعة .
في دراسة شهيرة نُشرت عام 1995من قبل John Philip Jonesوالذي عّرض إعالنات 78
عالمة تجارية إلى نحو 2000أسرة أمريكية تم ُمقارنتها بالمبيعات الفعلية عبر سنتين حيث قام
Johnبقياس اإلختالف في المبيعات ل ُمدة أسبوع بعد عرض اإلعالن على التلفاز فاكتشف أنه في
ال ُمتوسط قامت البيوت التي شاهدت اإلعالن بشراء ما نسبته %24أكثر من ال ُمنتجات ال ُمعلن عنها
ُمقارنة بالبيوت التي لم تُشاهد اإلعالن وبذلك كانت اإلعالنات فعّالة في تلك الدراسة .
205
ولكن اإلكتشاف ال ُمفاجئ كان التنوع الكبير في تلك النتائج ،أكثر من %20من اإلعالنات زادت
المبيعات بنسبة %98بال ُمقارنة مع البيوت التي لم تُشاهد اإلعالنات والذين كانوا الفائزين أما آخر
%20من اإلعالنات فقد ولدوا مبيعات أقل بنسبة ُ %18مقارنة مع البيوت غير المكشوفة ,في
الوسط أقرب %20من األعالنات األقل لم يكن لها أي تأثير على المبيعات أي إختالف بنسبة %0
والـ %20التالية زادت المبيعات بنسبة %30إذ إن أغلب اإلستفادة من اإلعالنات كانت في أعلى
بنسبة %40من اإلعالنات واألكثر فائدة كانت في أعلى %20من اإلعالنات بينما الـ %20من
اإلعالنات كانت أفضل بقليل من نُقطة التعادل ,و %40من اإلعالنات فعليا ً كان لها آثار سلبية على
المبيعات أو ال تأثير عليها .
في بعض الحاالت ،ال يُمكن لإلعالنات زيادة المبيعات ألن جميع ال ُمنافسين يُعلنون عن ُمنتجاتهم
بشكل ُمكثف وبذلك يذهب مجهودهم بشكل أساسي إلى إلغاء بعضهم البعض ولكن ال يزال الكثير
طرحت فإن كان بمقدور أبحاث اإلعالنات من اإلعالنات ال ُمهدرة والزائدة في تلك النسب التي ُ
التقليدية التنبؤ بشكل دقيق حول تأثير المبيعات الفعلية على تلك اإلعالنات ُربما لم يتم عرض الكثير
منهم .
على عكس الطريق ال ُمباشر ،إن الطريق غير ال ُمباشر لفاعلية اإلعالنات،له نموذج من خطوتين :
1تؤثر اإلعالنات على أسهم العالمة التجارية بالشكل الذي تُغير فيه المواقف والذاكرة والتفا ُ
عالت
باتجاه العالمة التجارية .
2تؤثر مواقف العالمة التجارية واإلرتباطات الذهنية على المبيعات على نُقطة الشراء .
تَبْني اإلعالنات أسهم العالمة التجارية وأسهم العالمة التجارية تدفع سلوك الشراء (انظر إلى الفصل
التاسع) .
ومن منظور المسوقينُ ،هنالك إستفادة واحدة ُمهمة للطريق غير ال ُمباشر كطريقة للنظر إلى فاعلية
اإلعالنات والتي تُحدد المزيد من حواجز التسويق بين التعرض لإلعالن وشراء ال ُمنتج فعند تلك
ب األمر يتم تعديله بدالً من ُمحاولة ربط اإلعالنات بشكل ُمباشر
طلَ َ
النقاط يُمكن قياس التسويق وإذا ت َ َ
مع المبيعات ،حيث إن وضع العالمة التجارية بشكل مسا ٍو في الوسط يُس ّهل ربط القطع أوالً ،وأن
التغيُرات في أسهم العالمة التجارية يُمكن ربطه بشكل ُمباشر مع اإلعالنات ألنهما تظهر في عقل
ال ُمشاهد كنتيجة ل ُمشاهدة اإلعالن .
ثانياً ،إن اإلرتباطات الذهية بين أسهم العالمة التجارية والجوانب ال ُمتعددة وال ُمتنوعة ألداء السوق
أيضا ً ُمباشر ،وكما وضحنا في الفصل التاسع أن أسهم العالمة التجارية يُمكن أن تؤثر على أداء
طرق القابلة للقياس بما في ذلك التأثير القوي على التوقعات العالمة التجارية من خالل عدد من ال ُ
واألهداف والقيم والتي بدورها تؤثر على إتخاذ القرارات وسلوك السراء بشكل ُمباشر .
206
ووفقا ً لوجهة النظر تلك ،فإن الهدف وراء اإلعالنات هو زيادة وتطوير أسهم العالمة التجارية .وقد
تحقق هذا التأثير من خالل التكيّف ،فهي عملية تعلم ضمني يتم من خاللها خلق وتعزيز إرتباطات تذكَّر
عاطفية إيجابية مع العالمة التجارية من خالل اإلعالنات ،حيث يعمل التكيّف من خالل التكرار
فيجب رؤية اإلعالنات عدة َ مرات حتى يظهر التكيّف وبعد ذلك يتم تحقيق اإلرتباطات العاطفية
اإليجابية عند نُقطة البيع عندما يتم التعرض للعالمة التجارية ومن ُهناك يُمكنها التأثير على خيار
وسلوك الشراء .
يصف المسار غير ال ُمباشر عملية اإلستحضار الذهني والخيار -الذي تظهر بشكل كبير في نظام
التفكير التقليدي لـ Kahnemanوالذي يُعد نظاما ً غير ُمدرك وتلقائي وينقاد بالعاطفة أكثر من
المنطق ،-أن المسار غير ال ُمباشر يميل إلى العمل في أفضل حاالته عندما :
✓يتم اإلعالن عن ال ُمنتج وقد تم إنشاء فئة ال ُمنتج بشكل جيد ومألوف أي يرفع اإلرتباطات
الذهنية الموجودة واأللفة وسالسة ال ُمعالجة .
✓يتم تقليل معلومات و ُمحتوى الرسالة الخاصة في اإلعالن والتركيز على السرد بحيث تؤدي
العالمة التجارية دورا ً رئيسياً ،أال وهو تعزيز اإلرتباطات العاطفية مع تقليل الجدال العكسي .
✓ال يهدف اإلعالن إلى توليد إستجابة ُمباشرة في عقل ال ُمشاهد ولكن يهدف إلى بناء أو تعزيز
إرتباطات ذهنية طويلة المدى مع العالمة التجارية .
في هذا القسم سننظر عن كثب إلى كيفية تصديق المسار ال ُمباشر في كونه يقود إلى فاعلية اإلعالن
وسنقوم بتلخيص ما قاله ُمؤخرا ً بحث علم الدماغ عن آلية ووقت عمل هذا النموذج بشكل جيد أو
سيء .
المسار ال ُمباشر قائ ٌم بشكل أساسي على فاعلية اإلعالنات التي كان الناس األذكياء يبتكروها بالرغم
من عدم معرفة الناس بةجود العقل الالواعي ،وإلى حد كبير هذا ما حدث فعلياً ،تخيل بأن عقلك
الواعي ينظر إلى نفسه ويتسائل "كيف يُمكن لإلعالنات التأثير علي ؟!" حينها سيكون المسار
ال ُمباشر أفضل لإلجابة على ذلك .
207
ُكنت تريد ال ُمنتج (أ) وبعد ذلك تحتاج أن تشتري ُمنتجي (ال ُمنتج (ب) ) إذن عليك التركيز على
التواصل الذي تكمن فيه حجتك ،ال ُمهمة األولى هي خلق اإلعالن الفعّال وال ُمؤثر .
ستدرك بسرعة أنك تسطيع إيجاد ال ُحجة اإلكثر إقناعا ً التي يُمكن تصورها ولكنها ستكون بال فائدة
إن لم يسمعها أحد ،يجب أن يتم ُمالحظ رسالتك ويعني ذلك أن يولي الناس اإلنتباه لها -ومع ذلك
للتسوق ،-لذلك ُهنالك ثالث أسئلة رئيسة تتولد
ّ يُمكن أن تبقى بال فائدة إن لم يتذكرها الناس إذا ذهبوا
بشكل طبيعي إن ُكنت تُريد التأكد من أن إعالنك ينقاد بشكل ناجح خالل المسار ال ُمباشر لفاعلية
اإلعالنات :
اليوم ،نحن نعرف الكثير عن آلية عمل الدماغ بما في ذلك كيف يعتمد على العمليات ال ُمدركة وغير
ال ُمدركة فلدينا ثقة أقل في أن نطلب من عقولنا الواعية أن تشرح لنا آلية عملها ولذلك دعونا نأخذ
نظرة عن كثب (عن قرب) على كل سؤال من تلك األسئلة في ضوء اكتشافات الحديثة لعلم الدماغ .
يُعد اإلنتباه أحد الجوانب النفسية التي تبدو في البداية أمرا ً سهالً وبسيطا ً وتتدرج لتُصبح شديدة
التعقيد ،نحن نعتقد بأننا نعلم متى ننتبه إلى أمر ما ومتى ال ننتبه إليه ولكن إكتشف الباحثون بأن
اإلنتباه يأتي بأشكا ٍل ُمختلفة ،لقد تم تحديد شكلين ُمختلفين تماما ً من أشكال اإلنتباه :
✓اإلنتباه الشديد :هي حالة من اليقظة تقوم من خاللها بالتركيز وال ُمحافظ بنشاط وشكل إرادي
على إنتباهك نحو شيء ُمعين وهذا ما يُفكر به الناس عادة ً عندما يُفكرون باإلنتباه .
✓اإلنتباه القليل :يتضمن تحكما ً ذهنيا ً أقل بكثير فهو يتكون من رصد لألشياء واألحداث بشكل
غيبي غير معلوم في بيئتك وفي أغلب األحيان يكون بدون وعي للقيام به فأنت تُصبح أقل وعيا ً
ل ُمعالجة اإلنتباه القليل وعندما يحدث شيء ما يتصاعد اإلنتباه ليُصبح اإلنتباه شديداً ،مث ُل ذلك
:عندما تسمع اسمك يُنادى به في ُ
غرف ٍة ُمزدحمة .
إن اإلنتباه الشديد والقليل ُمرتبطين بمفهوم اإلنتباه التنازلي والتصاعدي ولكنهما ُمختلفان عنه (تم
شرح ذلك في الفصل الخامس) ،إن اإلنتباه التنازلي والتصاعدي آليات يُمكن من خاللهما الوصول أمور
إلى حالة اإلنتباه الشديد ،أما اإلنتباه القليل فهو الحالة التي نقوم من خاللها بالرصد الغيبي غير تقنية
المعلوم لبيئتنا التي تسمح لألحداث الخارجية أن تُحفز اإلنتباه التصاعدي وهو أيضا ً حالة من اإلنتباه
نقوم بتخصيصها لألشياء األخرى عندما ننتبه بشدة إلى شيء واحد .
208
إن اإلنتباه الشديد هو ما قام بإفترضه العديد من ال ُمعلنين بشكل ُمتعارف عليه وهو ما يجب على
اإلعالنات تحقيقه لتُصبح أكثر فعالية وتأثيراً ،ولكن كما رأينا ال ُمشاهدين ُمنخرطين في اإلنتباه
الشديد عند رؤيتهم اإلعالنات ضمن ضبط طبيعي بدالً من تكريس أغلب اإلنتباه على اإلعالنات
فقط.
ومن غير ال ُمفاجئ أن يكون اإلنتباه الشديد هدفا ً ذا طموح نبيل لإلعالنات ،نحن نتعرض إلى ما
يقارب 5000 - 3500إعالن /يوم ،وبذلك سيكون األمر كارثيا ً على جميع أهدافنا اليومية
األخرى إن نشطنا إنتباهنا لجميع اإلعالنات ولذلك طورنا بعض إستراتيجيات ال ُمقاومة الطبيعية في
ُمعالجتنا غير ال ُمدركة لإلعالنات وقُمنا بتصفيتهم وقُمنا بتنشط األهداف التصحيحية ُمقابل الجهود
إلقناعنا .
في العديد من الظروف ،قد ال يكون اإلنتباه الشديد لإلعالنات فكرة ً جيدة عادة ً ما تكون اإلعالنات
ُمعيقة ،فقد تُعد مصدرا ً لإلزعاج عند وضعها مع أشياء لنحصل على أشياء أخرى نُريدها تحذير!
كالعروض التلفازية أو مقاطع الفيديو التي على اإلنترنت وبذلك فإن إستجابتنا الفطرية ألي إعالن
تجذب إنتباهنا ومن ال ُمحتمل أن تكون إيجابياته كسلبياته وهي بالضبط اإلرتباطات العاطفية التي
يُريد ال ُمعلنون تجنبها من أجل ُمنتجاتهم وعالماتهم التجارية .
لقد قُمنا بتكريس قسم من الفصل الثامن من أجل حدود التراسل ال ُمقنع في عملية إتخاذ القرار لدى
ال ُمستهلك ،حيث أننا لن نُكرر تلك النقاط ُهنا -فبدالً من ذلك -يجب أن نشير إلى إن اإلقناع التقليدي
غالبا ً ما يكون غير ُمتصل بثالث خصائص لقرارات الشراء الخاصة بال ُمستهلك عندما :
✓تتجاوز العديد من قرارات ال ُمستهلك التداول ال ُمدرك وبذلك ال يتركون أي فُرصة للتراسل
ال ُمقنع حتى يؤثر على قرارات الشراء .
✓يغيب التداول ال ُمدرك ،تكون قرارات الشراء أكثرإحتماالً إلى أن تتأثر باإلستدالل وتصميم
الخيارات أي الطريقة التي تُعرض بها الخيارات في بيئة التسوق أكثر من أي رسالة ُمقنعة من
اإلعالنات .
✓إن العديد من قرارات الشراء إعتيادية (روتينية) ،ويتم تحفيزها من خالل اإلشارات البيئية
حيث يتم تنفيذها تلقائيا ً دون أي إشراف ُمدرك ويتضمن ذلك أي إسترجاع نشط لل ُحجج ال ُمقنعة
من اإلعالنات .
وبالطبع ُهنالك حاالت شرائية ال يكون فيها اإلقناع ذات صلة بها -خاصة ً -عندما تكون الفئة أو
ال ُمنتج جديدة أو حديثة أو عندما يكون الهدف من اإلعالن إقناع ال ُمشاهد بفعل شيء بشكل ُمباشر
كالقيام بالتبرع أو اإلتصال على الرقم المجاني لشراء ُمنتج تم اإلعالن عنه ،وبذلك يكون لإلعالن
209
أثر واضح ألغلب األشياء التي يقوم بشرائها ال ُمستهلك يومياً ،فالفكرة ال ُمتعارف عليها لإلقناعال ُمقنع ٌ
هي وبكل بساطة ليست ُجزءا ً من ُمعادلة الشراء .
في قراراتنا ال ُمتعلقة بالذاكرة والعالمات التجارية في الفصل التاسع ،قُمنا بوصف نوعين من الذاكرة
طويلة المدى :الذاكرة الصريحة والذاكرة الضمنية ،حيث أن نوع الذاكرة التي يُفترض به العمل في
المسار ال ُمباشر هو الذاكرة الصريحة ألنه تم فحصها وإختبارها من خالل طرح أسئل ٍة على الناس
عن األمور التي يستطيعون إسترجاعها وإستذكارها بشكل ُمدرك من تجربة ُمعينة وقعت في
الماضي.
عندما فكر ال ُمعلنون وباحثو السوق أول مرة في إختبار فاعلية اإلعالنات من خالل سؤال الناس إن
كانوا يتذكرون رؤية إعالن ،كانوا -على األرجح -غير ُمدركين لإلختالف ما بين الذاكرة الضمنية
تحذير!
والصريحة بشكل كامل ولكنهم عندما حصلوا على إجابة هذا السؤال لقياسهم األساسي حول فاعلية
اإلعالنات (إستذكار اإلعالنات) فهم يعزلون أنفسهم عن قياس الذاكرة الضمنية وعلى غرار ذلك فقد
نسوا وسيلة رئيسية تعمل من خاللها اإلعالنات فعليا ً في ذاكرة اإلنسان .
وألن ربط اإلعالنات ُمباشرة بالمبيعات أمر يُطور إستذكار اإلعالن تدريجيا ً إلى نوع من آلية
القياس البديل لفاعلية اإلعالن ،وكما الحظنا سابقا ً ظهر المنطق خا ٍل من العيوب فإذا أردت أن
تتذكر إعالن بهدف التأثير عليك في نقطة البيع ،وبعدها تذكرت اإلعالن بشكل أفضل ،وعلى
األرجح أنه يؤدي ذلك الدور وذلك تكون جميع اإلعالنات األخرى ُمتساوية.
يشعر بعض ُمراقبي اإلعالنات بأن هذه ال ُمعادلة تسببت سعي بعض ال ُمعلنين للذاكرة الصريحة بأي
ثمن وذلك بأن تكون أعلى وأغرب وأكثر إزعاجا ً من اإلعالنات األخرى ،ألنها تتبنى فكرة أقر إلى
المبدأ الذي يقول"ال يوجد إعالن سيء" ،ويبدو أن بعض اإلعالنات مبنية على الفكرة "ال يوجد
ذكريات سيئة " ،ومن خالل إلقاء نظرة خاطفة على الجزء الثاني من الكتاب ،والذي سيزودك
بالعديد من األمثلة حول سبب عدم كونها القضية األساسية .
باإلضافة إلى ذلك ،إن البحث ال ُمباشر حول األثر المتوقع إلستذكار المبيعات ،حيث أن مجموعةً
كبيرة من الدراسات التي قام بها األكاديميون وال ُممارسون والذين إكتشفوا عالقة صغيرة جدا ً بين
اإلعالن والمبيعات أو حصة السوق ،يبدو أن األراء توافقت ،بأن اإلعالنات ال ُمختارة والمبنية على
عملة بطريقة ما هي أخبار جيدة ،إن فشل اإلستذكار للتنبؤ أساس اإلستذكار حول ما يُعادل تقليب ُ
بالمبيعات يعني أن عملية أخرى يجب أن تعمل لتلك اإلعالنات التي لها تأثير كبير على المبيعات
على األقل في بعض األحيان .
210
وأخيرا ً وصل المسار غير ال ُمباشر إلى فاعلية اإلعالنات إلى الغاية نفسها كالمسار ال ُمباشر ،ولكن
اإلختالف إلى حد كبير في كيفية وصول المسار إلى ُهناك وبدالً من اإلعتماد على اإلنتباه الشديد
يُركز المسار على اإلنتباه القليل وبدالً من اإلعتماد على اإلقناع الصريح يعتمد المسار على
اإلستحضار الذهني والتكيّف ال ُمتكرر وبدالً من أن يكون الهدف منه خلق ذكريات صريحة تُركز
على خلق ذكريات ضمنية ,وأخيرا ً من ُمحاولة التأثير على المبيعات بشكل ُمباشر يُركز المسار
على التأثير على أسهم العالمة التجارية والتي بعد ذلك ستنقل العوائق الخاصة في التأثير على
سلوك الشراء عند نقطة البيع.
طرحتيُمكن أن تكون الفكرة في كون اإلنتباه القليل أفضل لفاعلية اإلعالنات من اإلنتباه الشديد فقد ُ
ألول مرة من قبل Herbert Krugmanفي ستينيات القرن العشرين وقد عالجها من قبل
Robert Heathمنذ عام 2001وإمتد بشكل أكبر في كتابه عام 2012إغواء الالوعي علم
النفس ال ُمتعلق بالتأثير العاطفي في اإلعالنات (.)Wiley-Blackwell
إن الدليل على ُمعالجة اإلنتباه القليل ال ُمتعلق باإلعالنات قد إزداد منذ تسعينيات القرن العشرين ,في
وزمالئه في عام ,1997أظهرت دراسة تأثيرية ُمبكرة تم نشرها من قبلها ُ Stuart Shapiro
هذه الدراسة أن اإلعالنات ُوضعت على الحافة ال ُمتعلقة بنظرة ورؤية الناس مصحوبة ب ُمهمة
دراسية أجبرتهم على تركيز إنتباههم بشكل مركزي عليها ,وال يزالون يؤثرون على ال ُمنتجات التي
طلب منهم عمل الئحة التسوق ,وعندما يُعرض إعالن بسيط عن الجزر وفتّاحة يختارونها عندما ُ
العُلب يتم عرض تلك ال ُمنتجات في أغلب األحيان في لوائح التسوق بالرغم من عدم علم الناس
برؤية اإلعالن ,وقد أثبتت الدراسة أن اإلعالنات قد تؤثر على اإلختيار دون الحاجة إلى انتباه شديد
لها.
يُمكن ألغلب الناس تَقَبل فكرة أن اإلنتباه الشديد قد ال يكون جيدا ً لفاعلية اإلعالنات ,وبشكل العام
أمر ُمعيق وال نسعى له بفاعلية ونشاط ,حيث أن العديد من إدعاءات اإلعالنات تُعد اإلعالنات ٌ
ي ولكن الجهة األخرى من ال ُحجة أكثر ضعيفة جدا ً أو سخيفة إن بذلت ُجهدا ً للتفكير بهم بشكل جد ّ
تحديا ً وصعوبةً أال وهو كيف يُمكن لإلنتباه القليل أن يؤدي إلى أفضلية العالمة التجارية؟
✓األمور التي على اإلنتباه القليل القيام بها مع آلية استجابة العقول البشرية عاطفيا ً
لل ُمحفزات الحسية :نحن نُولد إستجابات حسية قبل أن ننتبه ولذلك ال يتطلب اإلنتباه إنشاء
اإلرتباطات العاطفية التي تكمن وراء اإلستحضار الذهني والتكيف.
✓األمور التي على اإلنتباه القليل القيام بها مع الذاكرة :إن اإلرتباطات العاطفية التي تنشأ في
المستويات الدُنيا لإلنتباه تؤدي إلى تأثيرات تدوم طويالً على المواقف والسلوكيات ُمقارنةً
211
بال ُحجج العقالنية ويُعزى ذلك إلى أن السلوكيات والمواقف تُحفز الذكريات الضمنية أكثر من
الذكريات الصريحة.
يبدو أن بعض اإلعالنات تنتهك وتخترق جميع قواعد فاعلية اإلعالنات التقليدية فهم ال يُنادون
إلنتباهك وال يحتوون على أي ُحجج ُمقنعة وهم بالكاد يذكرون ال ُمنتج ُربما فقط بشعار ُمنخفض يتم
عرضه في نهاية اإلعالن ,هم بالعادة يسردون قصة عاطفية ُمثيرة لإلهتمام وفي أغلب األحيان
توضع على إيقاع الموسيقى الجذابة والذي ليس له تأثير كبير على ال ُمنتج أو العالمة التجارية
بإستثناء إقتراح خفي ودقيق أال وهو نشر ال ُمعلن القيم اإليجابية الموضحة في اإلعالن.
وبالرغم من أن تلك اإلنتهاكات في مثل هذه اإلعالنات يُمكنها أن تكون فعّالة بشكل كبير ,ومع
صعوبة الحصول على البيانات التي تعتمد على األداء المالي للحمالت اإلعالنية من مصدر موثوق
أال وهو بنك البيانات ) (http://staging.ipa.autometrics.comمن معهد ال ُممارسين في
مجال اإلعالن الذي يتضمن 1400دراسة حالة للحمالت اإلعالنية الناجحة التي تم تقديمها لجوائز
المنافسة الفاعلة لمعهد ال ُممارسين في مجال اإلعالن على مر ثالث عقود وقد صنف الباحثون
الحمالت اإلعالنية إلى عاطفية وعقالنية ومزيج بينهم في استئنافهم الرئيسي وقد وجدوا أن
الحمالت اإلعالنية تحتوي على ُمحتوى عاطفي أكثر بمرتين وذلك لتحقيق مكاسب ربحية كبيرة جدا ً
أكثر من الحمالت اإلعالنية التي تُركز على ال ُمحتوى العقالني بنسبة ُ %31مقابل %18أما
الحمالت اإلعالنية التي تجمع بين ال ُمحتوى العاطفي والعقالني تُحقق مكاسب بنسبة ُ %26مقابل
%16وبالرجوع إلى تلك اإلستنتاجات فإن اإلعالنات العاطفية تعمل بشكل أفضل من اإلعالنات
العقالنية حيث تكمن أهميتها في خالصة الموضوع.
ولكن كيف تعمل تلك اإلعالنات؟ تبدأ اإلجابة على هذا السؤال من الطريقة التي نُعالج فيها
ال ُمدخالت العاطفية وكما وض ّحنا في الفصل الخامس ,فاإلستجابات العاطفية يتم استحضارها طليعة
الشعور ,حيث أن وجود دارات في أدمغتنا تُمكننا من القيام بالتقيمات العاطفية السريعة ال ُمتعلقة
باألشياء الموجودة في بيئتنا (إنشاء العالمات العاطفية) فنحن ُمدركين إراديا ً لها ,ومع الوقت نُالحظ
شيء ما أال وهو أن الشيء قد تم تحفيزه بعالمات عاطفية تُخبرنا إن كان علينا اإلقتراب من الشيء
أو تجنبه ,حيث أن هذه العملية فعالة جدا ً لعقولنا المعرفية البخيلة ألنها تحدث دون إهدار المصادر
المعرفية ال ُمكلفة الالزمة لل ُمداوالت ال ُمدركة.
ومن ثم ترتبط تلك اإلستجابات العاطفية مع العالمة التجارية ال ُمعلنة من خالل العملية النفسية
للتكيف والتي تستجيب لشيء واحد أي تُولد المشاعر من اإلعالن وتنقلها إلى الشيء (العالمة
التجارية).
وبشكل عملي ,تلك هي عملية التكيف المؤثرة والتي تختلف عن التكيف التقليدي ,قد تم توضيح
العملية في التجربة المشهورة Pavlov’s dogsفي التكيف المؤثر ,العواطف المرتبطة باإلعالن
أمور
تقنية
212
ال يتم تحفيزها فقط من خالل التعرض في وقت الحق إلى العالمة التجارية حيث يصبحوا جزءا َ ال
يتجزأ من هوية العالمة التجارية.
وعلى عكس اإلقناع المنطقي فإن التكيّف ال يتطلب إنتباهً لخلق إمكتنية التعلم ففي الواقع يُمكن
لإلنتباه أن يمنع التكيف الغير ُمدرك ألنه يُحفز تصحيح األهداف غير ال ُمدركة واآلراء ال ُمختلفة
ال ُمدركة في عقل ال ُمشاهد وهذا سبب تفضيل الباحثين ل ُحجة Robert Heathالذي إدعى فيها أن
تذكَّر
اإلنتباه ليس فقط صعب التحقق ألغلب اإلعالنات ولكنه قد يكون ضار لفاعلية اإلعالنات إن كان
من ال ُممكن تحقيقه ألنه يُمكن أن يُعطل اآللية الحقيقية التي تعمل من خاللها اإلعالنات.
تتطلب الذاكرة الصريحة مجهود كما انها تتالشى بشكل سريع نسبيا ً وال بد أن تُحفز بشك ٍل ُمنتظم
ولكن الذاكرة الضمنية يتم تحفيزها دون مجهود وتبقى إلى أجل غير ُمسمى ,ضع عالمة تجارية ما
في إعالن عاطفي وكرر اإلرتباطات الذهنية تحت تكيّف اإلنتباه القليل ك ُمشاهدة التلفاز حينها
ستحصل على تشكيل الذاكرة الضمنية والتفضيل التلقائي إتجاه عالمتك التجارية.
ت ذهنية على ال ُمستويين :الحسي والنظري ,إن لإلرتباطات الحسية تُنشأ الذاكرة الضمنية إرتباطا ٍ
عالقة مع التشابهات الماية أما اإلرتباطات النظرية فلها عالقة مع اإلرتباطات أو المعاني
الموضوعية ,عادة ً ما يكون أساس تكيّف اإلعالن الذي يدور حول خلق وتعزيز اإلرتباطات النظرية
وذلك ألن الهدف من اإلعالنات هو تغيير مفهومك عن العالمة التجارية.
للذاكرة الضمنية بعض الخصائص الغريبة والغير عادية فهي تعمل بشكل تلقائي خارج وعينا
اإلدراكي ولذلك ألننا ال نملك أي سيطرة ُمباشر عليها فهي ال تعتمد على اإلنتباه فلها قُدرة هائلة
ُمقارنةً بالذاكرة الصريحة فهي تبقى لفترات أطول من الذاكرة الصريحة وال يُمكن إسترجاعها
طوعا ً و تبقى غير مرئية لجميع نماذج إختبار إسترجاع تقارير اإلبالغ الذاتي.
ُهنالك خاصية ُمهمة أخيرة لتشكيل الذاكرة الضمنية وهي عدم إمكاية تقييمها بشكل ُمدرك أو أن يتم
ُمضاعفة فحصها من قبل إدراكنا الواعي ,إن اآلثار ال ُمترتبة على ال ُمستهلكين أنهم يحملون الكثير
من اإلرتباطات الذهنية الضمنية حول رؤوسهم والتي تم إنشاؤها من خالل اإلعالنات ولكنها ال
تخضع ألي نوع من التدقيق التقيمي ,قد يكون هذا األمر مثيرا ً للقلق إن كانت الطريقة الوحيدة التي
213
نتفاعل فيها مع ال ُمنتجات أو العالمات التجارية هي اإلعالنات ولكن ل ُحسن الحظ نحن نستخدم
ال ُمنتجات والعالمات التجارية فعليا ً لذلك فالخبرة ال ُمباشرة تُعد أيضا ً ُجزءا ً من ذكرياتنا ومواقفنا
وتوقعاتنا ,فال يُمكن ألذكى حملة إعالنية تجاوز حقيقة البيتزا ذات المذاق الذي يُشبه الورق ال ُمقوى.
صدفة أن تميل وسائل البحث التقليدية إلى إستخدمها لقياس المسار ال ُمباشر لفاعلية ليس من ال ُ
اإلعالنات حيث نمت الوسائل والنماذج مع بعضها البعض ,يقول الباحثون أن هذا التقارب خلق
ُمشكلة وهي أن ال ُمعلنين الذين يعتمدون على األساليب التقليدية لن يُنتجوا إال إعالنات المسار
ال ُمباشر ويُعزى ذك إلى فوز هذا النوع من اإلعالنات على تلك األنواع من القياسات ,تلك بالفعل
حيث نُدرك تماما ً بأن قياسات التسويق العصبي يُمكنها توفير إضافات ُمفيدة للقياساتُ ُمخاطرة
التقليدية وذلك إلختبار إعالنات المسار ال ُمباشر.
ولكن الفائدة الحقيقية من قياسات التسويق العصبي هي قُدرتها على توفير ُمتطلبات إختبار إعالنات
المسار ال ُمباشر والتي تكسب الكثير من قوتها من اإلستجابات التي تظهر دون الوعي اإلدراكي
وبالتالي ال يُمكن أن يتم إختبارها بقياسات التقرير الذاتي لبحوث اإلعالنات التقليدية ,حيث يعتمد
التسويق العصبي على نفس األساليب التي تم إستخدامها في البحوث العلمية للكشف عن التغيرات
ال ُمتعلقة بالمسار غير ال ُمباشر ك ُمعالجة اإلنتباه القليل وردود الفعل العاطفية الالواعية والتكيّف
والتعلم الضمني واإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية وسلوكيات الشراء.
يُمكن قياس اإلنتباه لإلعالنات في الوقت الحالي بإستخدام أساليب ُمتعددة (لمزيد من التفاصيل راجع
الفصل السادس عشر) ,إن األسالوبين التاليين ُهما األشهر:
✓تتبع العين :وبإستخدام ال ُمعدات والبرمجيات القياسية فإنه من ال ُممكن قياس عدد التثبيتات في
الثانية الواحدة عندما يُشاهد الشخص إعالنا ً ما ,وقد تم إيجاد هذا المقياس ل ُمراعاة الحمل أو
العبء المعرفي والذي يُقصد به كمية المعلومات التي يتم ُمعالجتها بشكل ُمدرك) والذي يولد
اإلنتباه األكثر نشاطا ً لإلعالن ,فعندما نستقبل المعلومات تميل عيوننا إلى التحرك بسرعة أكبر
من مكان إلى آخر في المجال البصري ونستغرق وقتا ً أقل في كل تثبيت.
✓ التخطيط الكهربائي للدماغ :للحصول على قياس ُمباشر أكثر لإلنتباه والتغيير في أنماط
أمواج دماغ ُمعينة في مناطق من فروة الرأس والتي يُمكن إستخدامها لتتبع التغيرات في اإلنتباه
التنازلي ,فعلى سبيل المثال إن إنخفاض الموجة ألفا في مناطق الدماغ األمامية يُمكن أن تتحول
إلى مقياس يُمكن اإلعتماد عليه في اإلنتباه لحظة بلحظة.
إن قياس اإلنتباه هي فقط الخطوة األولى حيث يُعتبر تفسير قياس اإلنتباه بنفس القدر من األهمية
ولإلعالنات التي تأخد المسار الغير ُمباشر لفاعلية اإلعالنات سنأخذ اإلنتباه القليل ال الشديد نصيحة
214
ولإلعالنات التي تأخد المسار ال ُمباشر سنأخذ العكس وفي كلتا الحالتين ولقياس هذا التأثير بشكل
دقيق من ال ُمهم إختبار اإلعالنات في سياق ال ُمشاهدة الطبيعية وذلك للحصول على ُمحاكاة واقعية
لتجربة ُمشاهدة إعالن تلفزيوني ومن أجل ذلك إقترحنا إخبار الناس بأنهم سيشاهدون برنامجا ً
تلفزيونيا ً وبعد ذلك عرض اإلعالنات كجزء من فاصل إعالني غير ُمعلن عنه تماما ً كالحياة
الواقعية.
تقف ردود األفعال العاطفية اإليجابية في ُمنتصف المسار الغير ُمباشر للفاعلية ,تنتج العواطف
ال ُمتعلقة بالنهج ال ُموجه من قبل العديد من البدائل والتي ناقشناها في فصول سابقة كسالسة ال ُمعالجة
وألفة ال ُمعالجة فقد أخبرنا علم الدماغ بأن اإلعالن القصير وال ُمفرح الذي شوهد عدة مرات ستُنتج
بالتأكيد مشاعر إيجابية أقوى لل ُمنتج والعالمة التجارية حتى وإن كان ال ُمنتج يحتوي على القليل من
المنطق مع التجربة ال ُمفرحة.
ُهنالك ثالث أساليب شائعة يستخدمها ُمستخدمو التسويق العصبي لقياس اإلستجابات العاطفية
لإلعالنات:
✓التخطيط الكهربائي للعضالت :يقيس هذا األسلوب تنشيط المستوى الدقيق لعضالت الوجه
والتي ترتبط بشكل ال إرادي مع ردود األفعال العاطفية كعضالت العبوس وعضالت اإلبتسامة.
✓تحليل تعابير الوجه :تُوفر العديد من البرمجيات تصنيفا ً تلقائيا ً لتعابير الوجه التي يُمكن
ُمالحظتها أثناء ُمشاهدة اإلعالنات وبعض تلك البرامج يُمكن تنفيذها من خالل كاميرات الويب
مما يسمح لوسيلة تدريجية إختبار عينات كبيرة من ال ُمشاهدين.
✓قياس التخطيط الدماغي لمنهج اإلقتراب والتجنب :تنشيطات نسبية ألمواج دماغ ُمعينة
تتكرر في يسار ويمين المناطق األمامية للدماغ والتي تم إكتشافها لتكون ُمؤشرات جيدة لتحفيز
اإلقتراب والتجنب الغير ُمدرك ,والذي تم تتبعه عبر الوقت أثناء ُمشاهدة الشخص لإلعالن
حيث يُمكن لهذا القياس أن يُحدد بشكل دقيق لحظات اإلعالن التي ساهمت بشكل أكبر عللى
إقتراب أو تجنب اإلستجابات.
في نهاية المطاف ,يكمن ال ُمفتاح إلختبار اإلعالن الناجح في كون ال ُمعلن ُمتأك ٌد من الشيء الذي
يُحاول تحقيقه فإذا كان اإلعالن ل ُمنتج جديد له خصائص كبيرة وجديدة فيُمكن أن تُغير الفكرة عن
فئتها وسترغب بجميع الخصائص ال ُمتعلقة بإعالن المسار الناجح :اإلنتباه الشديد والرسالة ال ُمقنعة
واإلستذكار الشديد ,حينها سترغب في البحث عن الحداثة والجذب وتنشيط األهداف ال ُمدركة وغير
ال ُمدركة وتنشيط الذاكرة الضمنية والصريحة وفي القيام بإختبار ُمهم في نُقطة البيع وتحديد غالف
ال ُمنتج وموقع رف التسوق الخاص بال ُمنتج حيث أن ترويج ال ُمنتجات المعروضة يُحفز وقعها من
215
خالل اإلعالنات وبالتالي ستشعر براحة أكبر عندما تسأل الناس عن رأيهم في ُمنتجك ألن اإلعالن
يعمل بشكل كبيرعلى المستوى اإلدراكي.
ولكن إن كنت من ناحية أخرى تختبر وتستهدف أسهم العالمة التجارية ال ُمتعلة بألفة ال ُمنتج مع
اإلرتباطات العاطفية اإليجابية فسترغب بإختبار ال ُمنتج من أجل تنفيذ المسار الغير ُمباشر الناجح أال
وهو اإلنتباه القليل والمشاعر اإليجابية بما في ذلك اإلستذكار القليل وتنشيط أكثر للذاكرة الضمنية
وبذلك سترغب بالتركيز على تأثيرات أسهم العالمة التجارية لإلعالن أكثر من إعالن المسار
ال ُمباشر وستشعر بالبهجة إتجاه قياسات التقرير الذاتي ألن الكثر من األمور التي تُحاول إنجازها مع
اإلعالن تحدث في المستوى غير ال ُمدرك وسترغب بربط إختبار اإلعالن الخاص بك بإختبار نقطة
البيع ويُعزى ذلك لرغبتك في معرفة كيفية تأثير إعالنك على السلوك الفعلي.
يُعد إختبار اإلعالنات أحد أكثر المجاالت الظاهرة والتي يُمكن ألساليب البحث الخاصة بالتسويق
العصبي إضافة قيمة حقيقية إلى األساليب التقليدية و ُكلما تعلمنا أكثر عن كيفية عمل اإلعالنات
سنرى إحتماالً أكبرلقياسات التسويق العصبي التي تسمح بالدخول إلى اإلستجابات الذهنية التي
تحدث دون مستوى الوعي اإلدراكي.
إن الحصيلة ال ُمحتملة ليست إعالنا ً أكثر فاعلية فقط ,فإذا كان بمقدور اإلعالنات تقليل إنشغلنا
باإلهتمام إلى جميع التكاليف نعتقد بأنها قد تُصبح ُمثيرة ً للغضب والحيرة بشكل أقل في حياة
ال ُمستهلك ,وإذاكان التركيز على نُقطة ُمهمة كرسالة ُمقنعة سليطة في بعض األحيان أو ألطف قليالً
حيث نعتقد بأن كالً من ال ُمعلنين وال ُمستهلكين سيتنفسون ال ُ
صعداء!
216
التسوقي والتسويق داخل المتجر
ّ العقل
✓ اكتشاف ُ
طرق لتصميم بيئات التسوق ألقصى تأثير
يأتي تأثير كل من العالمات التجارية وال ُمنتجات واإلعالنات عند نقطة البيع الخاصة بخبرة التسوق,
في هذا الفصل سنتطرق إلى ما يجب على علم الدماغ والتسويق العصبي إخبارنا به فيما يتعلق
بالتسوق في بيئته الطبيعية داخل المتجر ,وفي الفصل التالي سنتطرق إلى التسوق عبر اإلنترنت أي
العالم اإلفتراضي حيث تبقى األشياء كما هي ولكن بإختالف بعض األمور بشكل جذري.
يُعد التسوق تجربة ُمعقدة للعقل البشري حيث تبدأ بأهداف وتوقعات ُمدركة ُمنبثقة من مصدرين:
✓ اإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلمة والتي يتم الحصول عليها من خالل اإلعالنات والتسويق
والخبرة ال ُمكتسبة من اآلخرين.
في العالم الحقيقي ك ُمقارنة مع العالم اإلفتراضي (سنقوم بتغطيته في الفصل التالي) يُعد التسوق
تجربة تتطلب الحركة إلنجازها ,و من الواضح أن هذه الحقيقة ُمهمة ألن العقل البشري يكتمل
بالتقييم فهو جيد في التنقل داخل المكان وذلك للحصول على األشياء في التي تُلبي اإلحتياجات
األساسية للجسم كالطعام والمأوى ,ليس هذا فقط ما نُجيده ولكننا ننساق للقيام بالتسوق ونولد الشعور
باإلرتياح الشديد من خالل البحث و ايجاد األشياء التي نريدها ونحتاجها.
إن عملية التسوق هي ال ُمكافئ الحديث للقنص والتجميع بالرغم من أنها تُو ّجه من خالل األهداف
ال ُمدركة ,فهي تستخدم العمليات غير ال ُمدركة ذاتها التي نُحددها في أذهاننا ,وهي القُدرة على
ُمالحظة الحداثة واأللفة في بيئتنا والحافزالذي يجعلنا نقترب من األشياء التي تبدو جيدة لنا وتجنب
األشياء السيئة وال ُمثابرة على ُمتابعة أهدافنا في مواجهة العقبات واإلنقاطاعات والقُدرة على
اإلختيار السريع من بين البدائل .
217
نحن نتسوق بنفس طريقة أسالفنا وأجدادنا أال وهي القنص والتجميع وذلك من خالل المساحة الفعلية
بإستخدام اإلشارات البيئي التي تصب في أدمغتنا من خالل جميع مساراتنا الحسية لتُرشدنا نحو
تحقيق أهدافنا.
تقوم متاجر البيع بالتجزئة وبيئات التسوق األخرى كصاالت العرض بتحفيز حواس ال ُمتسوق التي
تؤثر على تجربة التسوق من خالل تلك ال ُمحفزات ,و يُمكن لتلك الخبرات الحسية أن يتم تنشيطها
بشكل ُمتداول من خالل تاجر التجزئة أو يُمكن أن تظهر بمحض الصدفة ولكن يمتص دماغ
ال ُمستهلك كل تجربة سواء أكانت ُمدركة أو غير ُمدركة فهو لديه القُدرة على زيادة أو تقليل
إحتمالية عملية الشراء التي يقوم بها ال ُمتسوق.
بدأت بحوث التسويق العصبي في التركيز على هذه الجوانب الحسية الخاصة في عملية التسوق
حيث نشأت شركات التسويق العصبي ال ُمتخصصة بإختيار التأثير الحسي وبدأت أيضا ً بتقديم
المشورة والنُصح لبائعي التجزئة فيما يخص أفضل ال ُممارسات الحسية ,إليك بعض النتائج واآلثار
ال ُمترتبة على الحواس الخمسة:
✓ البصر هي حاسة ُمهمة للغاية لل ُمتسوقين في بيئة البيع بالتجزئة حيث يُمكن إستخدام تصميم
الغالف وال ُمنتج والعرض واإلشارات واأللوان وأنماط الكتابة وعناصر أخرى ُمتنوعة لجذب
اإلنتباه وتحضير ال ُمتسوق لإلستحضار الذهني والتتبع السريع للقرارات وخلق إرتباطات
التعرف السريع وسالسة ال ُمعالجة.ّ عاطفية أو ال ُمساعدة في
✓ اللمس هي حاسة ُمهمة للغاية فعندما يتسوق الناس لشراء األشياء التي تُالمس الجسم
كالمناشف والمالبس و ُمنتجات الجمال بما في ذلك ال ُمنتجات التي تُحمل كالمظالت والصناديق
الصغيرة والحقائب المحافظ ,وقد إكتشف الباحثون أن لحاسة اللمس آثار ُمثيرة للدهشة فيما
يخص اإلستحضار الذهني كالوزن والتركيب وصالبة األشياء الملموسة التي يُمكنها التأثير على
أحكامنا الالحقة عن الناس أو العالمات التجارية أو ال ُمنتجات ُكلما ُكنت أكثر جدية و صعوبة و
تشددا ً.
✓ التذوق هي حاسة ُمهمة ُمرتبطة بتذوق أنواع الطعام والمشروبات ال ُمختلفة خاصةً عندما
يُمكن للشراء أن يتغير بواسطة التكلفة العالية وعدم األلفة,حيث يُعد إختبار الطعم وسيلة مؤكدة
للتقليل من المخاطر وتفعيل األهداف والتي قد تؤدي إلى شراء تجريبي لل ُمنتج حيث أن كل من
طريقة العرض وإختبار الفرد للتحكم بالطعم قد يؤدي إلى جعل المستهلك يقوم باإلستحضار
الذهني وخلق توقعات إيجابية أو سلبية يُمكنها إلى حد كبير التأثير على تجربة التذوق.
✓ الشم تُستغل هذه الحاسة بشكل كبير من خالل بائعي التجزئة وذلك بإستخدام العطور التي
تُحفز اإلرتباطات الذهنية وتُنشط األهداف من أجل الشراء فعلى سبيل المثال يُمكن لسوبر
الرضع قد تنثر بودرة األطفال من
ماركت اإلستغناء عن رائحة الخبز الطازج ومتاجر األطفال ُ
خالل قنوات الهواء ويُمكن للمتاجر الكبيرة أن تستخدم الروائح لتحفيز اإلرتباطات الذهنية
218
ال ُمتعلقة بفئة ُمنتج ُمعين كرائحة الشاطئ في قسم مالبس السباحة ,وقد أصبح تسويق الرائحة
من األعمال التجارية الكبيرة التي ترتادها وكاالت ُمتخصصة على نطاق واسع من البيئات
تتضمن البنوك وغرف عرض السيارات ومراكز اللياقة البدنية ومسارح األفالم والفنادق
ومتاجر البقالة والمكاتب الطبية والسفن السياحية والطائرات.
✓ الصوت تتلقى هذه الحاسة إنتباها ً أكثرمن ال ُمستهلكين حيث تُستخدم لتنشيط اإلرتباطات
الذهنية اإليجابية التي تستحضر الشراء فعلى سبيل المثال وضع سوبر ماركت في المملكة
ال ُمتحدة اربع زجاجات من الخمر الفرنسي وأربع زجاجات من الخمر األلماني ال ُمتطابقات في
النمط والسعر على رفوف المتجر وقام بتشغيل الموسيقى الفرسية أليام عند وحدة رفوف الخمر
األلمانية وقام بتشغيل الموسيقى األلمانية عند الخمر الفرنسي ,في األيام التي تم تشغيل
الموسيقى الفرنسية فيها كانت نسبة شراء الخمر الفرنسي %77أما األيام التي تم تشغيل
الموسيقى األلمانية فيها كانت نسبة شراء الخمر األلماني %73حيث يظهر استخدام الموسيقى
في التسويق لمواجهة أي ُمقاومة من ال ُمتسوقين بدالً من التسويق بالرائحة ألنها في الغالب تُعتبر
غير ُمالئمة.
سلطت تلك األمثلة الضوء على طرق ُمتنوعة يُمكن لل ُمدخالت الحسية من خاللها التأثير على بيئات
التسوق ,وقد تم دراسة إختبارات التسويق العصبي لتقييم تلك التأثيرات الحسية على تجربة التسوق
ألن العديد من تلك األمثلة تظهر دون مستوى الوعي اإلدراكي.
وكما ناقشنا في الفصل السابع ,أن بإمكان الناس السعي وراء األهداف دون معرفتهم بذلك فهم
يقومون بذلك تماما ً مع المجموعة ذاتها ال ُمرافقة للسلوك والتي يتم ُمالحظتها مع السعي وراء
األهداف ال ُمدركة ,حيث تعمل األهداف ال ُمدركة مع مرور الوقت وتؤثر الحقا ً على السلوك
والحاالت المزاجية تماما ً كاألهداف ال ُمدركة.
ويُمكن لعمليات السعي وراء األهداف أن تُصنف على نطاق واسع إلى فئتين ُممثلتين بالعبارات
الشائعة ال ُمتعلقة بالقيام بالتسوق والتي تأخذ فكرة التسوق كعمل رتيب ,أو أنها تأخذ فكرة الذهاب
للتسوق والتي تأخذ فكرة ال ُمتعة حيث تختلف األهداف تماما ً بين هذان النوعان من التسوق كما أنه
التوازن مابين األهداف ال ُمدركة وغير ال ُمدركة في كل تجربة.
فعند القيام بالتسوق يريد ال ُمستهلك حرفيا ً إختصار الوقت و الجهد والمال الذي يحتاجه لشراء
األشياء الضرورية ألن التسوق ُمهمة متكررة وتسير بشكل إعتيادي ,حيث يذهب ال ُمستهلك إلى
نفس المحال التجارية ويشتري نفس العالمات التجارية وال ُمنتجات وفي تلك األمثلة من ال ُمحتمل أن
يسعى ال ُمتسوق إلى السعى وراء أهدافه إلختصار الوقت والجهد والمال ويكون إلى حد كبير غير
عرضة ُمدرك وفي مثل هذه العقلية تكون العادة هي المسؤولة ويكون الحذر قليل فال ُمتسوق أقل ُ
لرسائل التسويق الصريحة وليس لديه إهتمام في السعي ال ُمتنوع أو اإلختيار ال ُمعقدة.
219
عرضة للسعي وراء األهداف ال ُمدركة والسبب هو وعند ذهاب ال ُمستهلك للتسوق يكون أكثر ُ
ً
اإلستعداد حيث يتطلع ال ُمستهلك إلى رحلة التسوق وهو مهيء نفسيأ و ُمحفز بالعروض واألفكار
عرضة لإلنخراط في السعي ال ُمتنوع و تريب فكرة اإلختيار من الجديدة وبذلك يكون ال ُمستهلك أكثر ُ
بين الخيارات البديلة ,بهذه العقلية يكون الحذر شديدا ً ويبحث ال ُمتسوق بنشاط عن رسائل تسويقية
وإشارات بيئية ذات صلة تقوم بزيادة وتحفيز وإطالة تجربة التسوق.
ومن ال ُمحتمل أن ينخرط نفس ال ُمتسوق بكل من الذهاب والقيام بالتسوق ولكن في ُمناسبات وحاالت
ُمختلفة وغالبا ً ما تكون في أنواع ُمختلفة من المتاجر ,فما يكون ُمشتركا ً عند الذهاب للتسوق قد
يكون ُمزعجا ً عند القيام بالتسوق ,حيث تُشير البحوث إلى أن بعض فئات التجزئة كالسوبر ماركت
وبنكوك الخدمات المصرفيات ومحطات الوقود تندرج تحت فئة القيام بالتسوق بينما محالت األزياء
(للسيدات) ومحالت الكمبيوتر( للرجال) والمحالت ال ُمتخصصة بشكل عام كالمكتبات و محالت
األثاث الراقية تميل إلى أن تندرج تحت فئة الذهاب للتسوق.
وليكون األمر ناجحا ً يحتاج تُجار التجزئة إلى مواءمة استراتيجيات التسويق داخل المتجر الخاصة
بهم مع أهداف التسوق الخاصة بعُمالءهم ,وعلى محالت السوبر ماركت أو المتاجر ال ُكبرى
نصيحة
التركيز على توفير الوقت الوجهد والمال ,حيث تحتاج تلك المحالت إلى أن تجعل التسوق
اإلعتيادي أسهل بإدارة جيدة للفئة ووضع ُمنتجات ثابتة وعروض إستثنائية وواضحة لل ُمستهلك
وخروج سريع ,للذهاب للتسوق استراتيجية ُمختلفة تماما ً قد تكون ناجحة كخدمة العُمالء ال ُمحترفة
واألجواء الهادية وتكتيكات األسعار المدروسة.
إن الكفاءة والراحة عامالن ُمهمان لتعزيز أهداف ال ُمتسوق اإلعتيادية ولكنها ال تُساعد في تطوير
العالقات القوية مع ال ُمتسوق وكنتيجة لذلك يكون الوالء ُمنخفا ً ,ولكن إن عرض تاجر التجزئة على تحذير!
ال ُمتسوق توفر الوقت والمال والجهد عليه فلن يتردد ال ُمتسوق.
يرتبط بعض تُجار التجزئة بعملية القيام بالتسوق والتي تُعالج هذه ال ُمشكلة من خالل إدراج هذه
العناصر إلى متاجرهم بحيث تُوفر الفوائد العاطفية والتي يتم تقديمها عادة ً من خالل الذهاب للتسوق
فعلى سبيل المثال توفر سلسة متاجرة البقالة العالمية Aldiأسعارا ً ُمنخفضة جدا ً على البضائع غير
عنصر التسوق ال ُممتع إلى متاجرهم, الموجودة عادة ً في محالت السوبرماركت باإلضافة إلى إدخال ُ
وبالمثل قامت محالت Costcoب ُمفاجأة ال ُمتسوقين بأشياء متوفرة بفترات ُمعينة ,وبشكل أساسي
تخلق تلك اإلستراتيجيات الحذر واإلحتمالية و ال ُمفاجأة وال ُمتعة فتلك الفوائد العاطفية توازن تجربة
القيام بالتسوق من خالل تقديم بعض عناصر الذهاب للتسوق.
أظهرت الدراسات ال ُمتعلقة بنقاط ال ُمكافأة في الدماغ البشري أنه عندما يتم توصيل ال ُمتعة بطريقة
غير ُمتوقعة يتم إنشاء معنى أكبر لل ُمتعمة ُمقارنة بالحالة العادية وبالتالي إن إحتمالية الحصول على
أمور
ُمكافأة أيضا ً يُعد أمرا ً ُمدهشا ً و ُمحفزا ً وذلك من خالل الحصول على ال ُمكافأة بشكل ُمتوقع ,وعلى تقنية
عكس األمور التي يُمكن توقعها تميل األمور التي ال يُمكن توقعها إلى إخبارنا بشيء جديد و ُمختلف
عن العالم ,ألنه يتم تقديمها كإشارات تُخبرنا بأنه يُمكن ل ُمكافأة كبيرة أن تكون قريبة حيث تحظى,
220
حيث يقوم تُجار التجزئة بتحفيز الدارات التحفيزية القوية داخل أدمغتنا من خالل تزويد أدمغتنا التي
تبحث عن الراحة بمعلومات عن إمكانية الحصول على ُمكافأة غير ُمتوقعة.
إن تنشيط األهداف ال ُمدركة وغير ال ُمدركة هو جزء أساسي و ُمهم ألي تجربة تسوق حيث تكمن
وظيفة توقعات ال ُمستهلكين واإلشارات البيئية في معرفة األهداف التي تم تنشيطها وما يترتب عليها
فإن كانت التوقعات واإلشارات متوافقة فمن ال ُمحتمل أن تكون النتائج إيجابية لكل من المتسوق
والمتجر ولكن إن تباعدت التوقعات واإلشارات فمن ال ُمحتمل أن تكون النتائج ُمخيبة لكل من
المتسوق والمتجر.
هنالك جانب ُمهم من أبحاث التسوق أال وهو تأثير شخصية ال ُمستهلك واألنماط السلوكية على سلوك
التسوق وال ُمخرجات ,فبالرغم من أن ُمعظم أبحاث التسويق العصبي تُركز على كيفية توليد المواد
التسويقة إلستجابات ُمختلفة ُمتعلقة بال ُمستهلك إال أن بعض ُمستخدمو التسويق العصبي بدأو بالنظر
إلى الجانب اآلخر من ال ُمعادلة – كيف يُمكن ألنواع ُمختلفة من ال ُمستهلكين اإلستجابة للمواد
التسويقية ذاتها.
في علم النفس ,يُسمى ذلك باإلختالف ما بين تفسيرات السمة الشخصية والحالة حيث تُعد السمة
طرق ُمعينة أما الحالة فهيالشخصية ُمستقرة نسبيا ً وتحتاج لوقت طويل لإلستعداد للتصرف ب ُ
أمور
إستجابات لفترة قصيرة لحاالت وأحداث ُمعينة فسرعة الغضب سمة شخصية أما الشعور بالغضب
تقنية
حيال موظف مبيعات وقح فهذه حالة ,يُمكن للسمات الشخصية أن تكون أساسا ً لنماذج التجزئة
ال ُمتعلقة بال ُمستهلك حيث أن أكثر نماذج التجزئة التي تُستخدم في أبحاث السوق اليوم إما ُ
سكانية
مبنية على عوامل كالعمر والجنس والدخل أو نفسية مبنية على عوامل كالمواقف واإلهتمامات
ونمط الحياة ,وقد فتح التسويق العصبي إمكانية التقسييم والتجزئة المبنية على الدماغ والتي يُمكن
تسميتها بالتصميم العصبي ويُقصد به تقسيم ال ُمستهلك من خالل نزعات السمات الشخصية
كاإلنبساط أو التهور.
إن تجزئة التصميم العصبي تخصص جديد نسبيا ً في التسويق العصبي ,بمنطق عصبي يظهر ليؤثر
بشكل كبيرعلى كيفية تفكير وتصرف الناس ك ُمستهلكين ,إليكم ثالث أمثلة على خصائص السمات
الشخصية التي تم ايجادها للتمييز من بين األفراد والتأثير على توجههم نحو التسوق والتسويق:
نظام الكبح السلوكي ُمقابل نظام التنسيط السلوكي :يختلف الناس في تعريفهم لتوجههم ال ُكلي في
اإلقتراب والتجنب نحو العالم.
يُعد التنشيط والكبح السلوكي توجه في البناء األساسي لإلقتراب والتجنب ال ُمتعلق باألفراد حيث يميل
نظام الكبح السلوكي العالي ال ُمتعلق باألفراد إلى اإلنسحاب من التحفيز العالي للخبرات والتجارب
بينما يميل نظام التنشيط السلوكي العالي إلى البحث والتمتع بمثل تلك التجارب والخبرات ,وقد وجد
العُلماء عالقة قوية بين اتجاهات األشخاص التابعة للنظامين وأنشطتهم ال ُمتعلقة بالنظامين
221
ك ُمستهلكين ,بشكل عام إن األشخاص الذين حققوا درجات عالية في نظام الكبح السلوكي ينجذبون
العروض التي تُركز على تجنب المخاسر بينما األشخاص الذين حققوا درجات عالية في نظام
التنشيط السلوكي فقد ارتبطوا بالشراء ال ُمندفع واإلفراط في تناول الطعام وتعاطي ال ُمخدرات.
التركيز التنظيمي :يختلف الناس في كيفية تنهيجهم لل ُمشكلة والسعي وراء األهداف فقد يكون من
خالل تعزيز التركيز(التركيز على المثالية وتحقيق ال ُمخرجات المرغوب بها) أو منع
التركيز(التركيز على األوامر وتجنب ال ُمخرجات السلبية).
طرق تتوافق مع رسالة التسويق أو تجربة التسوق وقدد حدد البحث ال ُمتعلق بالتركيز التنظيمي عدة ُ
من أجل التوجيه ال ُمفضل للشخص –إما التعزيز أو المنع -و تحسين الحافز وزيادة السعي وراء
األهداف باإلضافة إلى زيادة القيمة الملموسة من األعمال التجارية أو تجربة التسوق فعلى سبيل
المثال إن األشخاص الذين يدعمون تعزيز التركيز هم أكثر حساسية لوجود أو غياب ال ُمخرجات
اإليجابية ولذلك هم أكثر تقبالً للعروض و الفُرص المرموقة أو الصفقات التي ال تقبل ال ُمنافسة أما
األشخاص الذين يدعمون منع التركيز فهم على العكس منهم فهم أكثر حساسية لوجود أو غياب
ال ُمخرجات السلبية ولذلك يميلون إلى التأثر بالعروض ذات الضمانات القوية و نماذج أخرى من
الحماية ضد الخسارة أو العروض التي تُركز على تحقيق اإللتزامات والوفاء بالمسؤوليات.
ألم الدفع :يختلف الناس في المدى األلم النفسي لتجربة التسوق عندما يتعلق األمر بالمال حيث أدى
إلى التمييز بين البُخالء (األشخاص الذين يُعانون من ألم شديد حيال الدفع) وال ُمبذرين( األشخاص
الذين ال يُعانون من ألم شديد حيال الدفع).
أللم الدفع أُسس عصبية منطقية موجودة في اإلكتشاف ال ُمدهش في كون أن الدفع يُنشط نفس
المراكز العصبية في الدماغ وال ُمنشطة من خالل األلم النفسي فالدفع قد يؤذي الشخص و يبدو أنه
يؤذي بعض األشخاص أكثر من غيرهم ,فال ُمبذرين والبُخالء يُظهرون سلوكيات ُمختلفة خاصة
عرضة لحمل بطاقات الدين بثالث مرات أكثر من البُخالء الذين بال ُمستهلكين فال ُمبذرين أكثر ُ
يستخدمون البطاقة اإلئتمانية وهم أكثر إحتماالً بمرتين أن يملكون أقل من 10آالف دوالر في
وربما األكثر
ال ُمدخرات أما البُخالء فيميلون إلى أن يملكوا أكثر من 250ألف دوالر في ال ُمدخرات ُ
دهشةً هو أن النفقات تختلف بين ال ُمبذرين والبخالء بخمس مرات أكثر بين الرجال من النساء
ويتضمن ذلك أن ألم الدفع له تأثير أقل على سلوك الشراء الخاص بالنساء من سلوك الشراء الخاص
بالرجال.
هنالك فقط ثالث أمثلة عن ال ُ
طرق التي يختلف فيها الناس في السمات الشخصية أو الميوالت التي
تؤثر على أدائهم وعلى أساليب التسوق الخاصة بهم وأكثر.
إن ُكنت تاجر تجزئة أو ُمعلن وتنظر إلى ُمشاركة شركة خاصة بالتسويق العصبي وذلك للقيام
بدراسة عن التسوق تأكد من أن تسألهم عن ما إذا كانوا يستخدمون تجزئة التصميم العصبي وعن نصيحة
222
كيفية إستخدامهم له في أبحاثهم وكيف سيوصون بتقسيم ُمشاركي البحث الخاص بنا ًء على البحث
الذي ترغب بمتابعته.
هنالك ثالث مهام رئيسية يجب على أي متجر تجزئة أو متجر على شبكة اإلنترنت تحقيقه لجعل
طرقالتسوق أبسط للعقل ,حيث يُمكنهم اإلستفادة من أفكار التسويق العصبي ويمكنهم تقيمم ب ُ
التسويق العصبي:
✓ اإليجاد :على ال ُمتسوقين أن يتمكنوا من إيجاد األشياء التي يبحثون عنها كما يجب أن يكتشفوا
أشياء جديدة ال يكونوا يبحثون عنها فكيف يُمكن لتُجار التجزئة ُمساعدة ال ُمتسوقين على التجول في
بيئة المتجر؟
✓ اإلختيار :على ال ُمتسوقين أن يتمكنوا من اإلختيار من بين البدائل بحيث يمكن أن يكون اإلختيار
أسهل أو أصعب وأن تضيع العديد من عمليات البيع فإذا كانت ُمهمة اإلختيار شاقة كيف يُمكن
لتُجار التجزئة السماح ليس فقط بأي إختيار بل باإلختيار المثالي لكل من ال ُمتسوقين والمتجر؟
✓ الدفع :على ال ُمتسوقين أن يتمكنوا من تجاوز ألم الدفع حيث أن بعض ال ُمتسوقين يشعرون بألم
أكثر من غيرهم ولكن جميع ال ُمتسوقين يشعرون باأللم فكيف يُمكن لتُجار التجزئة تقليل ألم الدفع؟
تقديم تجربة تسوق ناجحة تشمل كل من اإليجاد واإلختيار والدفع يُمكن أن تحدث فقط إذا كانت
التجربة تتوافق مع أهداف ال ُمتسوق سواء أكانت ُمدركة أو غير ُمدركة وكما وضحنا سابقا ً في هذا
الفصل أن تلك األهداف قد تختلف فالمتجر الذي يُقدم زبون يبحث عن كفاءة رحلة التسوق يجب أن
يُنظر إليه بطريقة ُمختلفة عن المتجر الذي يُقدم زبونا ً يُريد اإلستطالع واإلستكشاف فقط ,من
منظور التسويق العصبي يتم تطبيق جميع المبائ على الحالتين ولكن بشكل ُمختلف ,فعلى سبيل
المثال يُمكن لكل من تُجار التجزئة تطبيق مفاهيم التسوق العصبي كالصياغة والترسيخ
واإلستحضار الذهني ولكن ب ُ
طرق ُمختلفة لتحقيق أهداف ُمختلفة لل ُمتسوقين.
قد ال يكون لل ُمتسوقين وتُجار التجزئة دائما ً نفس األهداف فقد يكون هدف ال ُمتسوق الحصول على
رحلة تسوق ذات كفاءة عالية أما تاجر التجزئة فقد يكون هدفه تعزيز ال ُمتسوق لتعرض أطول
تحذير!
لألشياء التي كانت لديهم نية بشراءها أو ُربما زيادة إحتمالية حافز الشراء حيث يُمكن لتاجر التجزئة
إختيار كيفية إستخدام التسويق العصبي في ضوء استراتيجية التجزئة الضمنية.
من وجهة نظر تاجر التجزئة ,إن المتجر عبارة عن سلسلة من اإلشارات الخفية والظاهرة ل ُمساعدة
ال ُمتسوق على أشباع أهدافه الظاهرة بينما في الوقت ذاته تعمل على تحفيز وتحقيق أهداف إضافية
223
تُفيد التاجر ,هو تحقيق أقصى قدر من الوقت في المتجر من قبل الزبائن يُعزى ذلك إلى أن
ال ُمتسوقون يُغيرون رأيهم بإنتظام بعد لدخولهم متجر ما.
وقد قدم باحثو التسويق عدد من الطرق لتتبع حركة ال ُمستهلكين في المتجر بإستخدام إشارات الهاتف
أمور
الخلوي حيث يُمكن للمتاجر إنشاء خريطة ُمفصلة عن حركة الفرد وحركة السير التراكمية بإستخدام
سكانية كالجنس والعُمر,
تقنية
كاميرات للسمع وبرمجيات لتمييز الوجوه يحيث ُمكنهم تقدير الخصائص ال ُ
إن عربات التسوق ال ُمجهزة بالكمبيوتر اللوحي هي أداة أخرى إلرشاد ال ُمتسوقين خالل التسوق
بالمتجر.
و ُكلما تنقل ال ُمتسوق في المتجر وتمثلت األشياء المعروضة كاالستحضارات ذهنية وأثرت على
إنتباه ال ُمستهلك واإلرتباطات العاطفية واإلختيار من خالل العديد من اآلليات غير ال ُمدركة التي
حددناها في هذا الكتاب ,حيث أن الكثير من تصميم المتاجر وطريقة عرض ال ُمنتج ُمخصصة
لإلستحضار الذهني فعلى سبيل المثال يُمكن لمتجر البقالة تمثيل فكرة اإلنتعاش بعرض أزهار عذبة
و ُمنتج موضوع على الثلج بينما فكرة الشي الصحي والمحلي يُمكن تمثيلها بعرض شيء يأتي
ُمباشرة من المزرعة مع ُمحاكاة لعالمة من لوح الطباشير األسود.
وتماشيا ً مع مبادئ تنشيط األهداف غير ال ُمدركة والتي ناقشناها في الفصل السابع ,يُركز العديد من
التجار المرموقين على استحضار أهداف تحفيزية أوسع وأشمل ,فعلى سبيل المثال يعمل
Nordstromجاهدا ً لتقديم إشارات لل ُمتسوقين تجعلهم يستحضرون فكرة البحث عن األشياء
الفاخرة ,حيث أن تجهيزات Nordstromاألنيقة والخدمة الرائعة والموسيقى الكالسيكية وعوامل
أخرى ساهمت جميعها في جعل ال ُمستهلك يسعى وراء الفخامة طيلة وجوده في المتجر ,فال ُمحفزات
البيئية ال ُمنسقة كتلك ساعدت في تنشيط أهداف ال ُمستهلك غير ال ُمدركة وخلق عقلية تحمل أكثر من
قرار شراء واحد.
بمجر إيجاد ال ُمستهلك طريقه لرف الشراء يسعى التاجر إلى تشجيع اإلختيار ليس فقط إستعراض
الشيء فبالطبع يرغب ال ُموردون بتشجيع إختيار ُمنتجاتهم على إختيار ُمنتجات ُمنافسيهم ,عند هذه
النقطة في تجربة التسوق تأتي العوامل ال ُمدركة وغير ال ُمدركة مع بعضها البعض لتُساهم في
اإلختيار النهائي الذي قد يكون عدم اإلختيار ,حيث عرض علم الدماغ العديد من األفكار التي يُمكن
للباحثين وتُجار التجزئة إستخدامها للتأثير على قرار ال ُمستهلك.
تُعد خيارات ال ُمتسوق اإلعتيادية األسهل في التنبؤ ألنها تُمثل سلوكيات روتينية ال تحتاج للتفكير
فببساطة تكون ُمهمة تاجر التجزئة ُمتملة في التأكد من أن خياراته اإلعتادية لم يتم التشويش عليها, تذكَّر
وحسب ما قًمنا بطرحه في الفصل التاسع هذا يعني ال ُمحافظة على ال ُمحفزات الثابتة عند نقطة البيع
وتجنب أي نوع من الحداثة التي قد تُشوش على عملية الشراء اإلعتيادية.
224
إلك بعض اإلستراتيجيات التي حددتها أبحاث علم الدماغ خاصة أعراف اإلقتصاد السلوكي وذلك
لتبسيط وتسهيل اإلختيار في حاالت التسوق:
نصيحة
✓ تقليل الخيارات :هو أكثر المبادئ أهمية وبساطة وهو عدم إرباك ال ُمستهلك بالخيارات العديدة
وفر متجر بقالة لل ُمتسوقين فرصة تذوق خيارات من 24أو 6أنواع منوالكثيرة ,ففي هذه التجربة ّ
ال ُمربى ,توقف ُمتسوقين أكثر لتجربة التنوع األكثر من ال ُمربى ولكن المبيعات على المجموعة
النتي تحتوي على خيارات أقل كانت اكثر بخمس مرات.
✓ التالعب بتسعير األشياء :ال يستخدم ال ُمتسوقين الحساب (سالسة ال ُمعالجة في العمل) وينجذبون
لألشياء الكثيرة ففي تجربة تم إجراؤها عبارة عن زيادة %50وقد تم بيع %71أكثر من خصم
بنسبة %35وبالرغم من أن األخيرة أقل سعرا ً ولكن تعلم تُجار التجزئة أن تجميع األشياء يؤدي
إلى جعل الناس يشترون أكثر مثالً عشر أشياء ُمقابل ,10$أيضا ً األشياء الباهضة الثمن تخلق
ي (راجع الفصل الثامن) والذي يجعل األشياء الرخيصة تبدو أقل غال ًء . تأثيرا ً ترسيخ ّ
✓ زيادة حركة التسوق :وجد العُلماء أن عند شراء الناس لألشياء الرخيصة وسهلة الشراء
المعروضة في واجهة المتجر تُرجح من إحتمالية شرائهم اأشياء أغلى ثمنا ً من داخل المتجر ,حيث
أن شراء شيء واحد ال يهم إن كان عديم األهمية ولكنه يخلق النشاط لشراء المزيد والمزيد من
األشياء.
✓ التصنيف :إن التصنيف يُسهل اإلختيار حيث أن ال ُمستهلك على وجه الخصوص يُفضل أن تكون
المنتجات غير المألوفة ُمصنفة حتى وإن كانت الفئة ال معنى لها! وفي دراسة أجريت على أنواع
ُمختلفة من القهوة سيكون الناس أكثر رضاعن إختيارهم إن كانت من فئة ُمصنفة حتى وإن كانت
الفئات عبارة عن أ وب و ج.
✓ إضافة أشياء ُمشتركة :إن كان الشيء الذي قيمته 30$ال يُباع بشكل جيد لوحده فسيُباع بشكل
أفضل إن تم إضافته بجانب شيء ُمشابه تبلغ قيمته 90$هذا ما يُعرف بمبدأ الخمس أي إذا ُكنت
ترغب ببيع شطائر برغر أكثر بثالث ما عليك إال أن تضع خمس شطائر برغر بجانبها في قائمة
الطعام.
يتضمن كل قرار لشراء شيء ما ُمقايضة بين الفائدة ال ُمتوقعة من ُمعالجة الشيء واأللم المتوقع من
ألم البيع الناتج عنه وكما لوحظ في نقاش البخيل وال ُمبذر في قسم "الشخصية وأنماط التسوق" أن نصيحة
لتلك التوقعات عالمات واضحة في المناطق والشبكات ال ُمتميزة في الدماغ وقد إكتشف تُجار
التجزئة عدة من التكتيكات لتقليل ألم الدفع:
225
✓ تأخير الدفع :إن أبسط تكنيك هو إيجاد طريقة لتأخير الدفع وبهذه يتم نقل ألم الدفع إلى ال ُمستقبل
وبذلك تُقلل الحمل على تداول اإلختيار الحالي ,كخطط layawayوخطط عدم الدفع لثالث شهور
والترتيبات اإلئتمانية األخرى التي تُشجع على الشراء وذلك من خالل تأجيل الدفع ,حيث تعمل
البطاقات بشكل عام على هذا المبدأ فمعرفة أن الفاتورة لن تصدر إال نهاية الشهر يُسهل شراء أي
شيء اليوم.
طرق إلبطال الشراء فيما ✓ ضمان إرجاع المال :يُمكن تخفيف ألم الدفع ال ُمباشر من خالل تقديم ُ
بعد وبالرغم من أن ضمان إرجاع المال أمر صعب للغاية ولكنهم يُقدمون ركيزة نفسية يُمكنها
ُمساعدة ال ُمستهلك على تخطي ألم الدفع من خالل األساس المنطقي الذي يقول" يُمكنني استرجاع
أموالي دائما ً".
✓ ربط عمليات الشراء ببرامج ال ُمكافآت :تُزودنا برامج ال ُمكافآت بنوع آخر من األساس المنطقي
للقيام بعمليات الشراء ال ُمباشرة ,وفي هذه الحال ال يتم تعويض األلم ُمباشرة ً ولكنها تُضيف للفائدة
ال ُمتوقعة من عملية الشراء وبالتالي يكون تعويض األلم بطريقة غير ُمباشرة.
على عكس إستجابات ال ُمستهلك للرسائل التسويقية أو لتجارب استهالك ال ُمنتج والتي تكون نتيجتها
على هيئة حالة نفسية يريد كل من ال ُمسوقين والباحثين قياسها (كالتفضيل والتحفيز واأللفة
وال ُمفاجأة) حيث تكون ُمخرجات اإلستمتاع بالتسوق سلوك ظاهر يُمكن ُمالحظته ومن جهة أخرى
يوجد العديد من التداخالت في الحاالت الذهنية ال ُمتنوعة والتي يُريد الباحثون قياسها كسهولة إيجاد
ال ُمنتجات واإلنطباعات ال ُكلية عن المتجر وإحتمالية العودة ,ولكن في نهاية المطاف تُعد ُمخرجات
اإلستمتاع سلوكا ً شرائيا ً حيث أن لتلك الحقيقة البسيطة وقع كبير على إمكانية تطبيق التسويق
العصبي بفاعلية قُصوى لقياس تجربة التسوق.
إن كان سلوك الشراء النائج هو األهم في بحث التسوق فإن ما يراه ويتذوقه ويشمه ويسمعه
ال ُمتسوقين ُمدخ ٌل رئيسي ,ففي الحقيقة أن جميع أسئلة أبحاث التسوق التي نتصورها يُمكن أن
نُلخصها في سؤال واحد :كيف يأخذ ال ُمتسوق من كل شيء شاهده ذلك الشيء الذي قام بشراءه؟
يقودنا ذلك لتأثران ُمهمان ألبحاث التسويق العصبي عند القيام بعملية التسوق و ُهما:
✓ اإلختبار السلوكي :يتمثل بعرض ُمستهلكين بسيناريوهات إختيار وبالتالي تكون العوامل الظرفية
كالسعر وموقع رف التسوق ُمتنوعة وقد يكونوا أكثر فائدة من قياس الحالة الذهنية لوحدها.
✓ تتبع العين :لقياس المكان الذي ينظر إليه ال ُمستهلكين في ممر ورف التسوق ومتى يتم تفحص
ُمنتجات الفرد التي تميل إلى أن تكون جرءا ً ُمتكامالً من أي حل ُمفيد للتسويق العصبي.
226
تحديات تتبع ال ُمتسوق تُمثل ُمحاولة تتبع الحاالت الذهنية ل ُمتسوق ما في بيئة تسويقية طبيعية حيث
تُشكل عددا ً من التحديات وتزاد تلك التحديات ُكلما أصبحت تكنولوجيا جمع البيانات أكثر تطورا ً
وحساسية.
فعلى سبيل المثال تخطيط الدماغ الكهربائي يُقدم قياسات حساسة عن النشاط الكهربائي داخل الدماغ
(انظر إلى الفصل السادس عشر) وهو أيضا ً حساس جدا ً لحركة العضالت ,حيث أن قياس تخطيط
الدماغ الكهربائي أثناء تحرك الشخص بشكل طبيعي في المتجر وإدارة الشخص لرأسه وتحريك
عيناه وتنشيط عضالت أخرى يعمل على المساس بتلك اإلشارات األخرى والتي يجب إزالتها من
مجرى البيانات قبل أن يكون من ال ُممكن تحليلها وتفسيرها.
يُثير التجوال الحر لل ُمتسوقين العديد من التحديات اإلضافية للتصاميم والضوابط التجريبية التي
تُحاول قياس الحاالت الذهنية بغض النظر عن تكنولوجيا القياس ال ُمستخدمة ,حيث أن هنالك تبادل
دائم ما بين طبيعة البيئة التجريبية والقُدرة على إستخالص إستنتاجات ُمحكمة عن األسباب واآلثار
في التجارب العلمية ,فعند قياس الناس في بيئة طبيعية كأخذ رحلة تسوق في متجر ما حتما ً
ستتدفق حاالتهم الذهنية بشكل طبيعي أكثر ولكن العديد من األمور تحدث في نفس اللحظة فال يُمكن
تحديد أي من العوامل الظرفية أثرت على الحاالت الذهنية.
وقد طور باحثو التسويق العصبي عددا ً من البدائل في إختبار المتجر والتي تُقدم السيطرة الالزمة
بينما تُحافظ على ما يكفي من الواقعية لل ُمحاكاة إن لم يكن إعادة إنشاء تجربة تسوق طبيعية بشكل
رائع.
تم إيجاد اإلختبار السلوكي للسيناريوهات ال ُمفضلة في بيئة ال ُمختبر لترجمة بيئة العالم الحقيقي
ويُعزى ذلك إلى تنشيط اإلستدالالت والتحيزات غير ال ُمدركة.
وكتسوية ُمرضية بين الطبيعة والتحكم الذي يُمكن تحقيقه من خالل جعل ال ُمستهلكين يُشاهدون
تصويرات من مقاطع الفيديو لبيئات التسوق والخبرات وقد إكتشف العُلماء أن عرض مقطع فيديو
عن خبرات التسوق يُمكن أن تُكرر الحاالت الذهنية واإلستجابات السلوكية والتي يُمكننا إختبارها
في حالة التسوق في العالم الحقيقي.
الخطوة القادمة ل ُمشاهدة نُزهة خيالية أسفل شريط الفيديو لممر المتجر هي اإلنخراط في الواقع
اإلفتراضي التفاعلي لتجربة التسوق ,ال تعرض بيئات التسوق للواقع اإلفتراضي تكلفة كبيرة ُمقارنة
بتصميم وبناء المتاجر التجريبية فقط ولكنها توفر أيضا ً توازنا ً أفضل بين الطبيعة والتحكم أكثر ممكا
يُمكن تحقيقه ضمن تجارب ُمختبرات الفيديو ,ويستطيع ال ُمستهلك أن:
✓ يتعرض لسيناريوهات تسوق ُمتطبقة وبذلك يُمكن أن يتم السيطرة على ال ُمتغيرات الظرفية.
وقد بدأت عدة جهات بحثية في توفير عروض ُمفصلة جدا ً تتضمن بيئات مليئة بتقنية األبعاد
الثالثية حيث نتوقع رؤية هذا النهج ينمو كأداة بحث للتسويق العصبي خالل السنوات القليلة ال ُمقبلة.
✓ اإلطالع على ما يُسبب الشعور باإلحباط واإلرتباك والرفض إتجاه موقع اإلنترنت
228
✓ رؤية كيفية استخدامنا للعمليات غير ال ُمدركة عندما نتجه إلى اإلنترنت
✓ تحديد ثالث ُ
طرق رئيسية في كيفية تغيير اإلنترنت لعالمنا
يواجه العقل البشري شيئا ً جديدا ً مع اختراع عالم اإلنترنت وعلى مر التاريخ استوعبت أدمغتنا
العديد من اإلبتكارات العميقة في تكنولوحيا اإلتصاالت بدءا ً بإبتكار اللغة ومن ثم الكتابة والقراءة
ومن ثم اللغات المرئية ال ُمتعلقة بالتصوير الفوتوغرافي واألفالم كان آخرها ذروة حضارة البشر
والتلفاز.
ولكن تجربة الشراء عبر اإلنترنت تتضمن جميع وسائل اإلتصال تلك وأكثر وبذلك تتحدى وتغرو
أدمغتنا بطرق جديدة تسمح لألهداف ال ُمدركة والمهام أن تُحفز ضمن المساق حيث تُخلط مع بعضها تذكَّر
البعض داخل وسيلة عرض ديناميكية جديدة تُسمى بصفحة الويب.
يزيد اإلنترنت من المطالب الذهنية ُمقارنةً بالكثير من وسائل اإلعالم التقليدية لذلك ال ينبغي أن
نكون ُمندهشين حيال إيجاد عقولنا لتوظف استراتيجيات البُخل المعرفي إلدراة الحمل المعرفي
الناتج ,ولقياس مثل هذه اإلستراتيجيات يحتاج ال ُمسوقين أن يعتمدوا أكثر على تقنيات التسويق
العصبي للوصول إلى العمليات غير ال ُمدركة المعنية.
يُمكن أن يبدو التسويق عبر اإلنترنت وتجربة إستخدام اإلنترنت هي المناطق التي يُمكن أن يكون
طرق محدودة في عالم طبق التسويق العصبي ب ُالتسويق العصبي راسخا ً فيها ولكن في الحقيقة ُ
اإلنترنت ,يُعزى ذلك إلى عرض اإلنترنت للعديد من التحديات الفريدة من نوعها ألبحاث علم
الدماغ التي ال تظهر في العديد من وسائل التسويق التقليدية كالتلفاز وكما وضحنا خالل هذا الفصل
أن هذه التحديات تتمحور حول فكرة كون أدمغة الناس تُصبح أكثر نشاطا ُ عندما تتجه إلى اإلنترنت
ُمقارنة بإسترخاء أمام شاشة التلفاز وذلك يعني أن العديد من الدروس التي تعلمها ال ُمسوقون
و ُمستخدمو التسويق العصبي في اإلعالم التقليدي يجب أن يُعاد النظر بها عندما تتجه عقول
ال ُمستهلكين إلى اإلنترنت.
أوالً ,ننظر إلى مدى إختالف التسويق عبر اإلنترنت عن التسويق التقليدي وعندما إختبرنا وفحصنا
طرق التي يُمكن لصفحات الويب توفير تجربة ُمرضية أو ُمحبطة ومدى ُمساهمة العمليات غير ال ُ
ال ُمدركة في تلك النتائج وال ُمخرجات بعدها ,أخذنا بعين اإلعتبار كيفية زيادة قُدراتنا على إرضاء
العديد من اإلحتاجات البشرية األساسية مع بعض التأثيرات ال ُممتعة لعقولنا أخيرا ً ,تتطلعنا إلى
إمكانية إستخدام منهجيات التسويق العصبي إلختبار التسويق عبر اإلنترنت وتطوير تلك التجربة.
في األيام األولى للتلفاز بَدت اإلعالنات التجارية الكثيرة كاإلعالنات المطبوعة وبشكل ُمماثل في
أيام األنترنت اآلن تشبه اإلعالنات عبر اإلنترنت اإلعالنات على شاشة التلفاز كثيرا ً ,ولكن أدرك
229
ال ُمعلنين حديثا ً وجود إختالفات كبيرة بين ُمشاهدة التلفاز والتوجه إلى إستخدام اإلنترنت ,ثالث من
تلك اإلختالفات تُحدد الكثير من التحديات للتسويق واإلعالن في سياق إستخدام اإلنترنت.
وكما رأينا في الفصل الحادي عشر أن ُمشاهدة التلفاز أمر تقليدي يقوم بها الناس بهدف اإلسترخاء
وهم على إستعداد تام للسماح للتلفاز بتحديد مجرى تجربة اإلستمتاع الخاصة بهم لفترات طويلة من
الوقت (يتم ُمقاطعة هذا اإلسترخاء بتغيير المحطة أو من خالل فاصل إعالني سريع) في مثل هذه
عرضةً للتكيف
الحالة من اإلسترخاء ال تلفت تلك اإلعالنات إنتباه الناس ,حيث يُصبحو أكثر ُ
ال ُمتكرر من قبل اإلعالنات ال ُمتساهلة علميا ً وال ُمرضية عاطفيا ً.
ختلف تماما ً على عكس التلفاز فاإلنترنت وسيلة فعالة فعندما يتجه الناس
ٌ إن التوجه إلى اإلنترنت ُم
إلى إستخدم اإلنترنت فهم في هذه الحالة يقومون بشيء ما ليس فقط ال ُمشاهدة يُمكن لهذا األمر أن
يُحدث تغيرا ً جذريا ً في كيفية إستقبالهم و ُمعالجتهم لمعلومات ال ُمنتج واإلعالنات ,إليك بُعدان رئيسيان
لتمييزهما:
✓ التحكم والسيطرة :يسمح التوجه إلى اإلنترنت لل ُمستهلكين بالتحكم في كيفية تفاعلهم مع
المحتوى الموجود على اإلنترنت فعلى سبيل المثال يُمكن أت يتم تجاهل اإلعالن الموجود على
صفحة الويب بشكل تام ويُمكن ُمشاهدته دون إتخاذ أي إجراء آخر أو حتى الضغط عليه
للوصول إلى المزيد من المعلومات أو حتى إكمال عملية شراء.
ولل ُمشاركة في تجربة تفاعلية يجب أن تكون ُمنخرطا ً ذهنيا ً بها وبالرغم من أن المعلنين قد يظنوا أن
المزيد من التفاعل عبر اإلنترنت يكون دائما ً أفضل ,إكتشف العُلماء الكثير من العالقات ال ُمعقدة بين
التفاعل وفاعلية اإلعالنات ,وهذه العالقة تُدار بشكل كبير من خالل المدى الذي يكون فيه ال ُمستهلك
ُمستمتعا ً باإلنتباه إلى رسالة اإلعالن.
إن كان اإلنتباه واإلستمتاع ُمنخفضا ً كأن يكون اإلعالن ال عالقة له بهدف الشخص من ُمشاهدة
صفحة الويب فخصائص التفاعل حينها قد تكون ملحوظة ولكن لن يكون ال ُمستهلك ُمنخرطا ً بما
يكفي إلستخدامهم وفي مثل تلك الحاالت قد تكون ُمجرد تواجد الخواص التفاعلية كإشارة طرفية أو
أمر
إستحضار لإلنتباه القليل لل ُمستهلك الغير ُمنخرط ألن ال ُمستهلك يميل إلى تصديق أن التفاعل ٌ
جيد.
230
من الجهة األخرى يكون اإلستمتاع واإلنتباه شديدين كما هو الحال عندما يكون اإلعالن ُمرتبطا ً
إرتباطا ً وثيقا ً بتطلعات الشخص من ُمشاهدة صفحة الويب وقد يكون لعناصر التفاعل آثارا ً ُمتناقضة
للمدى الذي تُسهل فيه خصائص التفاعل اإلختيار وتُمكن ال ُمستهلك من التركيز على أكثر المعلومات
أهمية وهذا من شأنه تعزيز تجربة تصفح صفحة الويب وبذلك الحصول على تأثير إيجابي فيما
يتعلق باإلقناع وتفضيل العالمة التجارية ونويا الشراء أما إذا كانت خصائص التفاعل ُمرهقة جدا ً
للمصادر الذهنية لل ُمستهلك مثالً إن إستعصى على ال ُمستهلك ادارة تدفق معلومات التفاعل أو إمكانية
تعقب موقعه يُمكن أن يُصرف اإلنتباه عن تجميع المعلومات التي لها صلة وبالتالي زيادة اإلحباط
واإلقناع وتقليل اإلقناع وتفضيل العالمة التجارية ونوايا الشراء.
إن تبني التفاعل ليس بالسهولة التي قد تظهر للوهلة األولى ,فليس من الضروري أن يكون التفاعل
الزائد أفضل فإن لم تكن صفحة الويب ُمصممة بعناية لتوازن بين قُدرات التفاعل والمطالب
المعرفية أو قد يؤدي التفاعل إلى فاعلية أقل على اعالنات التي على اإلنترنت وليس العكس.
تم إيجاد صورة ُمختلطة لدرجة التحكم ال ُمزود من صفحة الويب بالحصول على تحكم وسيطرة
أكثر ,حيث يُمكن أن يؤدي إلى الحصول على ُمخرجات ونتائج أكثر إيجابية كرضا أكثر ومعرفة
أفضل وقُدرة أكبر على اإلستذكار باإلضافة إلى الثقة عند إصدار األحكام عند اإلختيار ولكن إن
كانت خصائص التحكم تتطلب الكثير من المصادر فيُمكن أن يحصلوا على تأثير سلبي على تلك
ال ُمخرجات والنتائج.
إن تحديد المدى الذي يكون فيه تأثير التفاعل أو التحكم سلبيا ً أو إيجابيا ً على تجربة إستخدام
اإلنترنت من قبل ال ُمستهلكين صعبٌ للغاية مع قياسات اإلبالغ الذاتي التقليدية ,حيث أن قياسات
التسويق العصبي يُمكنها عادة ً توفير ُمؤشرات افضل لإلستجابات المعرفية ال ُمرتبطة التي تتضمن
اإلنتباه و القوة العاطفية وردود الفعل اإليجابية أو السلبية.
يتوجه الناس إلستخدام اإلنترنت لهدف ما على عكس ُمشاهدة التلفاز حيث يُشاهد الناس التلفاز بشكل
أمر ُمستحيل دون أدنى هدف أو نية أو عام بال هدف إال الترفيه حيث أن إستخدام اإلنترنت عموما ً ٌ
حتى ُمهمة تقود السلوك فالهدف يختلف حسب إنخراط الناس باإلعالنات.
عندما تتواجد اإلعالنات في نطاق البيئة الطبيعية كما رأينا في الفصل الحادي عشريكون من النادر
ُمعالجتها بإستخدام النظام 2للتفكير المنطقي (المسار ال ُمباشر لفاعلية اإلعالنات) ,فهم عادة ً ال
يجذبوا الكثير من اإلنتباه ولكن عندما يجذبوا اإلنتباه عادة يكون ذلك بسبب توليدهم لإلستجابات
العاطفية السلبية من خالل تشويش تجربة اإلستمتاع والترفيه ,وفي مثل تلك الحاالت تُصبح فاعلية
الترفيه مسألة لتجاوز اإلنتباه واإلقناع واإلستذكار بإستخدام ُمعالجة اإلنتباه القليل وال ُمنخفض و
التكيّف ال ُمتكرر والذاكرة الضمنية (المسار غير ال ُمباشر لفاعلية اإلعالنات).
231
وفي نطاق الهدف ال ُموجه من ال ُممكن أن يُصبح المسار ال ُمباشر أكثر إرتباطا ً إن كان ال ُمستهلك
يتصفح صفحة الويب لهدف ما و يتضمن هذا الهدف الحصول على المعلومات فاإلعالنات في تلك
الصفحة يُمكن أن تُصبح شيء آخر غير التسويش ومن ال ُممكن أن تُصبح مصدرا ً آخر للمعلومات
التي قد تُساعد في ال ُمهمة التي ب ُمتناول اليد وعندما يسعى العقل البشي وراء هدف ما ينتبه إلى أي
شيء يُمكن أن يُساعده في تحقيق ذلك الهدف (انظر إلى الفصل السابع) إن اإلعالنات عبر اإلنترنت
في نطاق السعي وراء األهداف يُمكن أن تُعالج بطريقة ُمختلفة عن إعالنات التلفاز التقليدية هذا فقط
إذا تماشت المهمات واألهداف بإستخدام اإلنترنت التي يتتبعها في اللحظة التي شاهد فيها ال ُمستهلك
اإلعالن.
إن ال ُمشكلة ال ُمتعلقة بالكثير من اإلعالنات على شبكة اإلنترنت هي عدم تماشيها مع المهمات
واألهداف تلك بالطبع توقعات ال أكثر إن أكثر أنواع اإلعالن عبر اإلنترنت تماشيا ً هو إعالنات
البحث وهي عبارة عن اإلعالنات النصية التي تظهر فوق وعلى يمين نتائج البحث الخاصة بك
على Googleأو أي ُمحرك بحث آخر فإذا كنت تبحث عن معلومات حول الكاميرا الرقمية فإن
اإلعالنات التي تحتوى على أفضل األسعار ستظهر بجانب نتائج البحث وتلك اإلعالنات تكون ذات
صلة ُمباشر بإهتماماتك الحالية وستميل إلى اإلنتباه إليهم.
تنعكس إيجابية مواءمة إعالنات البحث في مدى إستثمار ال ُمعلنين لنفقاتهم عبر اإلنترنت وقد بقيت
شهرة ً فيما يتعلق باإلعالنات عبر اإلنترنت وهو ما يُمثل نصف إعالنات البحث أكثر النماذج ُ أمور
النفقات اإلعالنية عبر اإلنترنت في عام ُ 2012مقارنة بما يُقارب بثُلث اإلعلالنات المعروضة تقنية
والتي عادة ً ما تكون مليئة بالرسوم ولكن بشكل عام ليس لهم أي صلة بالمهام واألهداف ال ُمباشرة
والرئيسية.
وبذلك يُمكن لإلعالنات عبر اإلنترنت أن تكون ُمشابهةً إلى حد كبير لنموذج المسار ال ُمباشر في
أداءها إذا كانت ُمتماشيةً مع مهام وأهداف ال ُمستهلكين ولكن إن كان العكس سيكون من ال ُمحتمل أن
تُعامل كإعالنات التلفاز التقليدية أو يتم تجنبها ُكلما شوشت أداء المهمة التي في ُمتناول اليد أو يُمكن
أن تكون ُمتصفحة بشكل خارجي فمثالً يُمكن أن يُشاهد إعالن في التلفاز بإنتباه قليل ولكن من غير
ال ُمحتمل أن يجذب اإلنتباه أو أن يقوم بإيصال رسالة ُمقنعة كما يقوم نموذج المسار ال ُمباشر.
عندما تتماشى اإلعالنات التي على شبكة اإلنترنت مع المهام التي أيضا ً على شبكة اإلنترنت حينها
يسكون هنالك فُرصة حقيقية لإلعالنات في أن تُصبح أقل تدا ُخالً وأكثر ُمالءمة لمطالب وإحتياجات
ال ُمستهلكين فمثل تلك النتائج تُفيد كل من ال ُمستهلكين وال ُمعلنين أي أن يتعرض ال ُمستهلكون إلى
اإلعالنات التي لها قيمة إعالمية حقيقية بالنسبة لهم وبالتالي على ال ُمعلنين وضع رسالتهم أمام
الجمهور الذين لديهم إهتمام حقيقي لتلقي تلك الرسالة.
232
إن الطريقة األخيرة والتي بها يختلف التسويق عبر اإلنترنت عن التسويق التقليدي هي القُدرة على
تقديم اإلشباع ال ُمباشر والفوري حول نية الشراء -للمرة األولى منذ زوال مندوب المبيعات الذي
يأتي إلى البيوت – حيث أصبح بإمكان ال ُمستهلكين رؤية ال ُمنتج وطلبه وشراءه كل ذلك في وقت
واحد ,فعندما أصبح البيع عبارة عن عدة نقرات ,حيث أن أحد أهم المقاصد الرئيسية للتسويق
تضاءلت إلى حد كبير فلم يعد من الضروري إنشاء ذاكرة تدوم مدى الحياة سواء أكانت ذاكرة
ضمنية او صريحة ,أليام أو اشهر بين التعرض للرسائل أو فُرص الشراء.
إلى جانب اإلعالنات التي تتماشى مع مهمات وأهداف ال ُمستهلك حيث أن القُدرة على إتمام الشراء
حول تجارب الشراء عبر اإلنترنت إلى تجارب مبيعات شاملة هذا عند نُقطة التعرض لإلعالنات ت ُ ّ
يعني أن إختبار الفاعلية النسبية للتسويق عبر اإلنترنت يُمكن أن تشمل الخيار وال ُمخرجات بما في
ذلك اإلنتباه واإلستجابات العاطفية لإلعالنات ,والمدى الذي تعمل به تلك العوامل دون ُمستوى
الوعي اإلدراكي أو توظف اإلستدالل أي إختصارات األحكام وعمليات إتخاذ القرار ,حيث توفر
طرق التسويق العصبي أدوات ُمفيدة ل ُمقارنة تصاميم ُمختلفة. ُ
إن القُدرة على تحويل التعرض للتسويق إلى فُرص للمبيعات قد زادت من أهمية الصفحة المقصودة
أي الصفحة التي تظهر لك عند النقر على إعالن ما ,فالصفحات المقصودة هي المكان الذي يتحول
فيه ال ُمنتج المعروض في اإلعالن الموجود على صفحة الموقع إلى فُرصة شراء إن سارت األمور
على ما يُرام ,حيث أن المبادئ التوجيهية لزيادة قوة اإلقناع للصفحات المقصودة قد تم تطويرها
بواسطة ُمصممي صفحات الويب والعديد من تلك المبادئ التوجيهية أخذت على األقل جزءا ً من
مبادئ التسويق العصبي التي تمت تغطيتها في هذا الكتاب كسالسة ال ُمعالجة وتنشيط األهداف الغير
ُمدركة ومبادئ اإلقناع الستة الخاصة ب ( Cialdiniراجع الجزء الثاني).
عندما يستعرض الناس صفحة ويب ما تتفحص أعينهم الصفحة من خالل نوعين من اإلنتباه والذي
تطرقنا له سابقا ً :اإلنتباه التصاعدي و اإلنتباه التنازلي (انظر إلى الفصل الخامس).
إن األبحاث الواسعة النطاق الخاصة بتتبع العين قد أثبتت أن اإلنتباه التصاعدي يتم تفعيله تلقائيا ً
دون تحكم ُمدرك ويحدث ُمباشرة ً عندما يرى الشخص شيئا ً جديدا ً في المجال البصري الخاص بهم,
ي ألنهم يجذبون حيث أن بعض الخصائص الخاصة باألشياء التي نراها بارزة بصريا ً بشكل طبيع ّ
اإلنتباه التصاعدي المرئي بشكل تلقائي ويتضمن ذلك ما يلي:
233
✓ درجة السطوع بنا ًء على الخلفية
✓ الحدود ال ُمميزة
✓ مركز الرؤية
✓ تداخل العناصر
إن اإلنجذاب التلقائي يُمكن التنبؤ به ,حتى أن بعض الشركات توفر برمجية يُمكنها تحديد العناصر
البارزة الخاصة بصفحة إنترنت ما أو شيء بصري آخر وكذلك األمر ال ُمحتمل الذي يُمكن أن
يُصلح األشياء المرئية بدقة تصل إلى ُ %80مقارنة بالدراسة الفعلية لتتبع العين.
وبإستخدام المعلومات المبنية على علم األعصاب أصبح من ال ُممكن تفعيل تصميم موقع اإلنترنت
بخصائص بصرية بارزة لتوجيه أنظار ال ُمشاهدين إلى المواقع المطلوبة على الصفحة ,حيث يولد
اإلنتباه التصاعدي خطة بارزة عن األماكن الموجودة على صفحة اإلنترنت والتي تستحق التصفح
وتسمح أيضا ً لنا بشكل غير ُمدرك بتقسيم صفحة اإلنترنت إلى مناطق وأيضا ً تمهيد الطريق للنوع
الثاني من اإلنتباه وهو اإلنتباه التنازلي والموجه من قبل أهداف ونوايا ال ُمشاهد.
هنالك إكتشاف ُمهم من األبحاث الخاصة بتتبع العين وهو أن أهدافنا تصنع إختالفا ً لألماكن التي
ننظر إليها سواء أكان رؤية صفحة ويب أو رف تسوق أو إعالن مطبوع على مجلة حيث يستخدم تذكَّر
الناس إستراتيجيات تصفح ُمختلفة عندما يكون ُهنالك هدف في أذهانهم فاألهداف تُحدد بشكل كبير
األشياء التي نُعيرها إنتباهنا وقد أثبت العديد من الدراسات كيف أن المعلومات ال ُمتعلقة يتحقيق
الهدف بشكل أكبر أفضل من المعلومات التي لها عالقة لها بتحقيق الهدف.
إن اإلختيار البصري هو إختيار مناطق ُمعينة من صفحة الويب للتركيز عليها فإذا إختار ال ُمستهلك
شيء ما من مجموعة البدائل الموجودة على سبيل المثال سيُركز ال ُمستهلك أنظاره بشكل أكثر
إنتقائية على البدائل الفرعية ال ُمتاحة ومن ال ُمحتمل أن تتخذ قرارها من المجموعة الفرعية ,حيث
أكتشف أنه ُكلما إستغرق ال ُمستهلك وقتا ً في النظر إلى شيء ما كان من ال ُمحتمل أكثر أن يقوم
بإختياره وهذا األمر يخلق فُرصةً ل ُمصصمي صفحات الويب لهيكلة طريقة عرض خيارات
اإلختيار وذلك من خالل زيادة ُمدة عرض بعض الخيارات أكثر من غيرهم وبذلك يُصبح بمقدورهم
زيادة إحتمالية إختيار تلك الخيارات.
234
ليس لصفحات الويب خاصية موضوعية للفاعلية فهم أقل أو أكثر فاعلية بالنسبة للهدف أو المهمة
تحذير!
ال ُمعطاة فإذا عرض ُمزود التسويق العصبي إختبار صفحات الويب أو موقع اإلنترنت دون إعطاء
ال ُمشاركين في الدراسة مهمة صريحة ل ُمتابعتها فلن تُخبرك النتائج بالكثير ألن الناس يقومون بإنشاء
مهامهم الخاصة والتي ستختلف بشكل غير ُمتوقع ع باقي مجموعات اإلختبار ,وكعميل للتسويق
العصبي ستكون مسؤوليتك معرفة المهمة التي يُريد زوارك تحقيقها وإنجازها في كل صفحة من
صفحات موقع الويب الخاص بك وإيصالها ب ُمزود التسويق العصبي الذي تتعامل معه.
جرب الجميع اإلحباط الذي يتسبب به موقع الويب حيث أن ال ُمسبب الرئيسي لذلك هو عدم التوافق ّ
بين تصميم صفحات الويب ونية ال ُمستخدم وهو أيضا ً فشل صفحة الويب في تقديم األهداف
والتوقعات ال ُمتعلقة حول تفاعل الشخص مع الصفحة ,إن الباحثين حول إمكانية إستخدام اإلنترنت
عادة ما يجمعون األدلة بالمواءمة أو عدم المواءمة من خالل طرح األسئلة على الناس عن ما
طرق اإلبالغ تعرضوا له وذلك من خالل طريقة التحدث بصوت عا ٍل ولهذا األسلوب قيود ُمشابهة ل ُ
الذاتي األخرى وفي مثل تلك الحاالت يُمكن أن ال يكون االشخص ُمدركا ً لألسباب الحقيقية إلحباطه
ويُمكن أن يُقدم تبريرات معقولة في ذلك الوقت ولكن نُقطة إعادة التصميم يُعد إتجاها ً خاطئا ً.
هنالك عامل واحد يؤثر بشكل واضح على الرضا عن تجربة إستخدام اإلنترنت أال وهو وجود
إضطراب يؤثر على اإلعالن ,تتواجد اإلعالنات حول حواف صفحة اإلنترنت وغالبا ً ال يتوافقون
مع نية ال ُمتصفح وفي مثل هذه الحالة يُمكن أن يكون لها تأثير تشويشي هامشي من الصعب قياسه
طرق التقليدية حتى تتبع العين قد تكون ُمضللة في هذه الحالة ألنها فقط تقوم بتسجيل مركزنا بال ُ
البصري المرئي و ال تقوم بتسجيل نظرتنا الطرفية إن كانت اإلعالنات حول ال ُمحيط الخارجي
للصفحة فقد يظهروا في تسجيل تتبع العين أنه تم تجاهلهم تماما ً (النتيجة الشائعة لتتبع العين تُسمى
عمى اإلعالنات) ولكن في حقيقة األمر أنه تم ُمالحظتهم من الخارج وقد يكون لهم تأثير كبير
وواضح على تجربة ال ُكلية لتصفح صفحة الويب.
يُمكن لإلعالنات الخارجية في صفحة اإلنترنت تعطيل وتشويش تجربة التصفح من خالل خلق
فوضى تشويشية ال سيما إن كانت تتضمن جوانب لإلنتباه التصاعدي كاأللوان الزاهية والرسوم
ال ُمتحركة ال ُمضيئة أو الصور ال ُمتحركة التي يُمكن أن تكون ُمشوشة ألن رؤيتنا الخارجية تتحسس أمور
من الحركة حول الحواف ضمن المجال الرؤيا وبذلك ال يسعنا إال اإلنجذاب لها ولسوء حظ ال ُمعلنين تقنية
أن اإلنجذاب يأتي بتكلفة عاطفية سلبية بسبب حساسيته إتجاه الحركة الخارجية بإعتبارها عالمة
عاطفية لتحديد الخطر ,ولكن هذا ال يعني أن نُسقط حاسوبنا المحمول ونركض مفزوعين عندما
نتصور الحركة الموجودة على حواف صفحة الويب حيث شهدنا زيادة في اإلنزعاج وال ُمقاومة التي
ستؤثر على ذكرياتنا وسلوكياتنا فيما بعد.
حاول بعض الناشرين مواجهة هذه اآلثار السلبية بنقل اإلعالنات إلى وسط الصفحة حيث تتقاطع
مع تدفق ُمهمة ال ُمتصفح وقد وجد العُلماء عند دراسة هذا التكتيك نتيجة ُمتناقضة :اإلعالنات التي
235
لم تكن تتوافق مع النية حيث تم وضع اإلعالن في وسط مجرى تدفق المهام مما زاد بشكل كبير
وملحوظ الوعي والذاكرة ال ُمتعلقة باإلعالن ولكنه أيضا ً أدى إلى نتائج شرائية أقل ,وقد الحظ الناس
اإلعالن بشكل أكبر ولكنه أدى إلى إستجابات عاطفية سلبية بسبب هذا التشويش وقد دفع ال ُمعلنين
الثمن أما بالنسبة لإلعالنات التي تتماشى مع النية كان اإلعالن أكثر نجاحا ً وتم تطوير الوعي
واإلستذكار ونية الشراء.
يتم تنشيط العمليات الغير ُمدركة وال ُمخرجات بشكل كامل من خالل تجربة التسوق عبر اإلنترنت
حيث يعمل كل من اإلستحضار الذهني و ُمعالجة اإلنتباه والقليل والذاكرة الضمنية بجانب العمليات
ال ُمدركة ُكلما إنخرط ال ُمستهلك في تجارب الشراء عبر اإلنترنت حيث أن على ُمصممي مواقع
اإلنترنت وال ُمعلنين عبر الويب أن يفهموا كيفية تأثير تلك العمليات على مواقف وسلوكيات
ال ُمستهلك بهدف تحقيق أقصى قدر من الفاعلية والرضا بإستخدام شبكة اإلنترنت.
يوجد مثال على تلك العمليات في العمل في مقال عام 2008عنوانه " ال ُمعالجة غير ال ُمدركة
إلعالنات الويب" http://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/dir.2010/abstract
وبإستخدام تصميم تجريبي ذكي إستطاع المؤلف Chan Yun Yooإثبات أن اإلنتباه ال ُمدرك
لإلعالنات الموجودة على اإلنترنت لم يكن ُمهما ً حتى يُصبح لتلك اإلعالنات تأثير على ذاكرة
ال ُمشاركين ومواقفهم أو سلوك اإلختيار الالحق للعالمة التجارية وقد أنتجت هذه الدراسة 3
إكتشافات رئيسية:
✓ ال ُمستهلكين الذين تعرضوا لإلعالنات عبر اإلنترنت بشكل غير ُمدرك أثبتوا بشكل ملحوظ
تأثيرات اإلستحضار الذهني الناجمة عن الذاكرة الضمية لإلعالنات.
✓ يبني ال ُمستهلكين مواقف أكثر إيجابية إتجاه العالمات التجارية ال ُمعلن عنها بغض النظر إن
تعرضوا لإلعالنات عبر اإلنترنت بشكل ُمدرك أو غير ُمدرك.
✓ ال ُمستهلكين الذين تعرضوا لإلعالنات عبر اإلنترنت بشكل غير ُمدرك يميلون أكثر إلى إختيار
العالمة التجارية ال ُمعلن عنها في اليوم التالي إلختيار العالمة التجارية ُمقارنة بال ُمستهلكين الذين لم
يتعرضوا لإلعالن (المجموعة الضابطة).
تلك الدراسة هي من أوائل الدراسات التي أثبتت بشكل قاطع أن ال ُمعالجة الغير ُمدركة إلعالن
موجود على اإلنترنت ُممكنة ويُمكن أن تحدث في غياب الوعي اإلدراكي لرؤية اإلعالن وقد يؤدي
إلى تأثير إيجابي على إتجاهات العالمة التجارية ونوايا الشراء.
236
سم Chan وإلختبار آثار الذاكرة الضمنية في دراسته " ال ُمعالجة الغير ُمدركة إلعالنات الويب" ق ّ
Yoo Yunال ُمشتركين إلى ثالث مجموعات بشكل عشوائي المجموعة األولى هي المجموعة
الضابطة والتي شاهدت صفحات الويب بدون إعالنات والمجموعة الثانية شاهدت صفحات الويب
طلب منهم تجاهلها تماما ً أما المجموعة الثالثة فقط شاهدت صفحات الويب ذاتها بإعالنات ولكن ُ
ولكن ُ
طلب منهم أن ينتبهوا لإلعالنات.
بعد ُمشاهدة صفحات الويب أُعطي ال ُمشاركون مهمة لتكملة الكلمات وعليهم أن يقوموا بتكملة
الكلمات ك __ LIو __.KI
أحد اعالنات المعروضة على صفحة الويب ذكرت فيلم Lion Kingفعندما رأى أعضاء المجموعة
الثانية الذين رأوا اإلعالن وتجاهلوه أكملوا تلك الكلمات أكثر من الناس الذين لم يروا اإلعالن
(المجموعة الضابطة) وهذا دليل لصالح الذاكرة الضمنية حيث أن التجاهل صنع إنطباعا ً غير
ُمدرك مما سمح للكلمتان أن يتبادرا إلى األذهان أكثر من ال ُمتوقع.
طلبفي اإلختبار الثاني تم التواصل مع ال ُمشاركين عبر البريد اإللكتروني بعد يوم من التجربة و ُ
منهم إختيار فيلم واحد من األفالم الموجودة على اإلنترنت لتأجيره فإختار ال ُمشاركين من المجموعة
الثانية أفالما ً خيالية من اإلعالنات التي قاموا بتجاهلها وبذلك يكون هذا دليل آخر على تأثيرات
الذاكرة الضمنية حتى وإن لم يروا اإلعالن بشكل ُمدرك حيث قد تم تسجيل الموقع الذي رأوا فيه
اإلعالن داخل ذاكرتهم ومن ثُمن قاموا بتفعيله عندما إحتاجوه وكان ذلك أكثر من ال ُمتوقع.
في عالم اإلنترنت يكون ُمتوسط النقر على اإلعالنات بتقدير أقل من %0.2وقد أثبتت نتائج تتبع
العين أن ال حد ينتبه إلى اإلعالنات المعروضة على اإلنترنت وقد أظهرت تلك النتائج أخبارا ُ سارة
طرق أخرى يُمكن لإلعالنات عبر اإلنترنت التأثير على ال ُمستهلكين ,فمن خالل معرفة وقياس ُ
حيث يُقدم التسويق العصبي صورة أكثر واقعية عن كيفية عمل الجهود المبذولة على اإلنترنت فعليا ً
وبإستخدام التقيات الجديدة يُمكن لل ُمسوقين وال ُمعلنين فهم الكيفية التي تؤثر بها اإلنطباعات على
ال ُمستهلكين خارج الذاكرة الصريحة والنقر على اإلعالن.
لن يكون األمر ُمبالغة إن قُلنا أن اإلنترنت قد غيّر تقريبا ً جميع جوانب الحياة اليومية التي نعيشها,
إليكم أكثر مجاالت التغيير وكيف يؤثرون على التسويق عبر اإلنترنت وعلى تجارب إستخدام موقع
الويب:
✓ كيف نبحث عن األشياء :على عكس التلفاز الذي يوفر لنا تجربة ترفيهية تقليدية يُعد اإلنترنت
وسيلة للحصول على المعلومات وكل ما نقوم به من أمور على شبكة اإلنترنت يتضمن الحصول أو
تقييم أو ُمقارنة المعلومات وقد يكون لذل أثر عميق على آلية عمل التسويق واإلعالن.
237
✓ كيف نتبادل األشياء :أدت زيادة مواقع الشبكات اإلجتماعية إلى خلق العديد من ال ُ
طرق للتواصل
صنع عالقات صداقة جديدة حتى أن كلمة صديق تحولت إلى فعل! يُمكن مع األصدقاء القُدامى و ُ
للناس تبادل ومواءمة تفضيالتهم وأهدافهم مع أصدقائهم أسهل من ذي قبل وخلق فُرص وتحديات
جديدة لل ُمسوقين.
✓ كيف نشتري األشياء :بالنسبة إلى أي نوع من ال ُمنتجات يُمكن لإلنترنت حل الفارق الزمني ما
بين التسويق والشراء فالحاجة للتسويق لخلق ذكريات هو إحتما ٌل ضئيل ففُرص التسويق في خلق
رضا ُمباشر في إزدياد.
لقد غيّر اإلنترنت عالقتنا مع المعلومات ,في القديم لنقُل قبل عام 1995كان الناس يحصلون على
معلوماتهم من ال ُمجمعين الذين يختارون المعلومات لهم ,حيث يختار الناس ال ُمجمع الذي أعجبهم
ويُحضر لها أخبار الجرائد والمجالت و أخبار المساء ألن الناس يثقون بهؤالء ال ُمجمعين الذين
يقومون بإعطائهم المعلومات التي يحتاجونها ,كان تجميع المعلومات إلى حد كبير أمر سلبي فعادة ً
ال يبحث الناس عن المعلومات فهم يستهلكون ما تم تقديمه.
على اإلنترنت ,تم إستبدال إسهتالك المعلومات التقليدية بالبحث النشط ,وأصبحت التجميعات
القديمة أُمور ُمهددة باإلنقراض ُكلما إنخفضت إشتراكات المجالت والجرائد وقل ُمشاهدي أخبار
المساء ولكن اآلن وضعت ُمحركات البحث ك Googleو Bingمعلومات ال حصر لها وتحت
تصرف الناس وهذا لم يُغير فقط كمية المعلومات ال ُمتاحة ولكن الطريقة التي يتفاعل بها الناس مع
المعلومات.
إن البحث كالمهام األخرى على شبكة اإلنترنت يقوم بتوجيه هدف ما وقد إكتشف العُلماء أن نهج
الناس في البحث عن المعلومات على شبكة اإلنترنت يُشبه إلى حد ما بحث الحيوانات البرية عن
الطعام فهم ال يعتمدون على مصادر المعلومات الموثوقة ,فأي موقع يواجهونه يُعد رقعةً للمعلومات
حيث يقومون بتقييمها تحقيقا ً للجودة بنا ًء على كمية المعلومات الي يوفرها الموقع وال ُمرتبطة
بأهدافهم ف ُكلما أصبح الناس ُخبراء في البحث ُكلما كان تقيمهم تلقائيا ً وغير ُمدرك.
يعتمد كل من تصميم موقع اإلنترنت واإلعالنات الفعّالة عبر اإلنترنت على تحديد وفهم كيفية عمل
هذه العملية الجديدة وال ُمتعلقة بالبحث عن المعلومات حيث تختلف عن تقنيات تجميع المعلومات
التقليدية التي يستخدمها ال ُمستهلك في عصر ما قبل إستخدام اإلنترنت,إن النوايا الصريحة و المهام
ال ُمحفزة بشكل إرادي هي أمور رئيسية للبحث عن المعلومات ولكن العمليات غير ال ُمدركة التي
ي وتلقائي أيضا ً مما يجعل مجال البحث جاهزا ً للدمج الكامل مع تقنيات
دور رئيس ٌ
تحدث بسرعة لها ٌ
التسويق العصبي والتقنات التقليدية.
238
غير اإلنترنت كيفية تواصلنا مع اآلخرين وقام بتأثير كبير وواضح على كيفية تبادلنا وتشكيلنا لقد ّ
عمالئهم ومع طبيعة للتفضيالت ,سابقا ً كان ال ُمعلنون يتمتعون بطريقة تواصل واحدة بسيطة مع ُ
غير الجيل األول من اإلنترنت كل وتوقيت اإلتصاالت التي كانت تحت سيطرتهم ال ُمباشرة ,ولكن ّ
هذا وجعله أسهل بشكل ال يُعقل لتأسيس إتصاالت ثُنائية اإلتجاه بين ال ُمعلنين وال ُمستهلكين تحت
سيطرة اإلنتقال اآلنتي ذهابا ً وإيابا ً بين ال ُمعلن وال ُمستهلك وبذلك أصبحت الحياة أكثر تعقيدا ً.
وبعدها جاءت الشبكات اإلجتماعية لتُضيف طرفا ً ثالثا ً أكثر دقة إلى الوضع – نطاق واسع من
األصدقاء والمعارف الذين يتواصلون مع بعضهم البعض فورا ً -والذين يرغبون في تبادل وتوثيق
كل تفاصيل حياتهم بما في ذلك ما يُحبون وأين يذهبوون وماذا إشتروا.
علماء األعصاب حديثا ً أمرا ً غير ُمدهش ل ُمستخدمي موقع ال Facebookوهو أن التحدث عن وجد ُ
نفسك لآلخرين ُمكافأة بحد ذاتها كما أنه يُنشط دوائر ال ُمكافأة ذاتها داخل دماغنا كاألكل وإستالم
األموال ,وقد إستغلت مواقع الشبكات اإلجتماعية هذا النزع العميق في طبيعة البشر و إعطاء ُكل
شخص منا المنبر لتبادل أكثر األفكار خصوصية وحميمية مع المئات إن لم يكن الماليين من الناس.
إن العائد من كل هذا التبادل بين التسويق واإلعالنات هو جعل عمليات اإلقناع واإلختيار أكثر
تعقيدا ً ف ُكلما تضاعفت أعداد الخيارات التي نُصادفها كل يوم ُكلما أصبح الوصول إلى تفضيالتنا
أسهل والرسائل التي نتلقاها من ال ُمعلنين وال ُمسوقين ال عالقة لها مع كيفية اتخاذنا للقرار ,وقد ذهب
بعض ال ُمعلقين بعيدا ً إلى التكهن في أن اإلختيارال ُمستقبلي في عالم الشبكات اإلجتماعية سيُصبح
تقليدا ً أعمى أكثر من أن يكون إتخاذا ً للقرار.
أحد الخصائص ال ُمميزة والفريدة من نوعها والخاصة بالتسويق عبر اإلنترنت هي إزالة الفجوة ما
بين اإلعالن والشراء وجانب آخر من التطور أال وهو إنفجار الخيار في السوق ,فقط إختر أي ُمنتج
من أي فئة واإلنترنت سيوفر لك الفُرصة لشراء ال ُمنتج فورا ً وليس ذلك فحسب ولكن باإلضافة إلى
مجموعة من الخيارات غير المحدودة من العروض باإلضافة إلى األدوات التفاعلية ل ُمقارنة أي
بعرض آخر.
ٍ عرض
فعلى سبيل المثال بحث بسيط يتعلق بأفران التحميص ,كانت العائدات أكثر من 6000نتيجة مع
خيارات لتصنيف و ُمقارنة ال ُمنتجات المتوافرة من حيث السعر والعالمة التجارية وطريقة الطبخ
والحجم والخصائص ,إضافة إلى أن صفحة النتائج كانت ُمفيدة واقترحت العديد من ال ُمنتجات
ال ُمتعلقة بالفئة إلعتمادها بما في ذلك الحماصات وأفران المايكرويف وصانعة الساندويشات وقوالب
239
الوافل وصانعة القهوة وبإعطاء هذه الخيارات الكثيرة ال ُمتاحة في ُمتناول اليد يتولد السؤال التالي
بشكل طبيعي :كيف تؤثر الخيارات الالمحدودة على الطاقة البشرية إلتخاذ القرار.
علماء إتخاذ القرار بالنظر إلى هذا السؤال وقد أثبتت الدراسات بأن
علماء النفس اإلجتماعي و ُ بدأ ُ
اإلفراد في اإلختيار يُمكن أن يكون له العديد من التأثيرات على اتخاذ ال ُمستهلك للقرار:
✓ اإلمتناع عن إتخاذ القرار :عندما تواجه العديد من الخيارات يمتنع ال ُمستهلك عن اإلختيار.
✓ اإلعتماد على العادات :يُعطي الشراء اإلعتيادي ال ُمستهلك طريقةً لتجنب الخيارات ال ُمعقدة
باإلعتماد على اإلختيارات السابقة.
✓ اإلعتماد على اآلخرين :يعتمد الناس أكثر على آراء اآلخرين عندما ال يُمكن فصل الخيارات
ال ُمعقدة.
✓ خفض السيطرة على النفس :عندما يقوم ال ُمستهلكين بإتخاذ القرارات ال ُمعقدة تكون العملية
ُمرهقة ذهنية وعادة ً ما ينتج عنه إستنزاف قوة اإلرادة وضبط أقل للنفس وزيادة في اإلندفاع (انظر
إلى الفصل السابع).
✓ إعتماد أكبر على اإلستدالل :في حالة إستنزاف قوة اإلرادة ,من ال ُمرجح أن يعتمد ال ُمستهلكين
على اإلستدالل الذي يتجاوز عن النظام 2الخاص بقُدرات إتخاذ القرار (راجع الفصل الثامن).
بإختصار ,إن الخيارات الالمحدودة على شبكة اإلنترنت تضع أعباء كثيرة على قُدرة البشر على
إتخاذ القرارومع مواجهة الكثير من الخيارات نميل إلى تجنب اإلختيار أو الرجوع إلى النظام1
صنع القراروبذلك تُعتبر حالة صعبة ,ولكن ما أن أُعطي ُمصمم مواقع الويب فُرصةً لتطوير أدوات ل ُ
تدعيم القرار التي تُبسط القرار ال ُمعقد ويعود التحكم بالقرارات إلى ال ُمستهلكين وبالطبع هذا المجال
الذي يُمكن ل ُمستخدمو التسويق العصبي و ُمصممي مواقع الويب أن يضموا القوى لتقديم قيمة حقيقية
للمتسوقين عبر اإلنترنت كما هو الحال أيضا ً للتُجار وال ُمسوقين وال ُمعلنين.
كيفية إستخدام التسويق العصبي إلختبارات تجارب إستخدام اإلنترنت وفاعلية التسويق
لم نقوم بتطبيق التسويق العصبي على نطاق واسع لدراسة التسويق بإستخدام اإلنترنت وتجربة
إستخدام الويب وقد أعرب بعض ال ُمعلقين عن وجهة نظر وهي أن التسويق العصبي يُعد ُمبالغة
وإفراط لفهم النشاط عبر اإلنترنت ولقد إختلفنا مع وجهة النظر تلك حيث طرحنا العديد من األمثلة
حول كيفية تأثير العمليات غير ال ُمدركة والعالمات العاطفية واإلستحضار الذهني والذاكرة الضمنية
طرق واإلختيار البديهي على السلوك عند إستخدام اإلنترنت ومع مرور الوقت نتوقع أن تُصبح ُ
التسويق العصبي أدوات بحثية أكثر وضوحا ً لكل من باحثي التسويق عبر اإلنترنت و ُمصممي
مواقع اإلنترنت.
240
إختبار فاعلية اإلعالنات الموجودة على اإلنترنت
ال يُمكن اإلستغناء عن تتبع العين في إختبار اإلعالنات الموجودة على اإلنترنت ولكنه ليس حالً
كامالً ,أوالً هذا األسلوب ال يتتبع الرؤية ال ُمحيطية وبذلك ال يتتبع اإلنطباعات حول اإلعالنات التي
تظهر خارج نمط البصر باإلضافة إلى أن تتبع العين ال يُمكنه إخبارنا عن سبب تركيز ال ُمشاهد على
طرق إضافية لمعرفة ما إذا كانت تثبيتات منطقة ُمعينة في صفحة الويب ,ولذلك يجب إستخام ُ
البصر أحد وظائف اإلستجابات العاطفية اإليجابية أو السلبية.
✓ تحليل تعابير الوجه :إن ُمزامنة التغييرات الملحوظة في تعابير الوجه مع تثبيتات البصر يُمكن
أن يُعطينا أدلة حول إتجاه اإلستجابات العاطفية.
✓ التخطيط الكهربائي للعضالت :يُمكن لتنشيط عضالت العبوس واإلبتسامة أن تُشير بشكل موثوق
إلى أن التثبيت مصحوب بعواطف إيجابية أو سلبية على مستوى دقيق.
إن منهجيات اإلستجابة ال ُمباشرة للدماغ كالتخطيط الكهربائي للدماغ والتصوير بالرنين المغناطيسي
قد يكون أقل فائدة إلختبار اإلعالناات الموجودة على اإلنترنت يُعزى ذلك إلى جاجتها إلجراءات
تجريبية أكثر تفصيالً لفصل آثار اإلعالنات عن آثار العناصر األخرى الموجودة على صفحة الويب
باإلضافة إلى أنها أكثر تكلفة وتستغرق وقتا ً طويالً.
لقد أستُخدم كل من تتبع العين والتخطيط الكهربائي للعضالت والتعرف على الوجه بشكل ناجح
طرق التقليدية كتسجيالت الفيديو والتحدث بصوت عا ٍل إلختبارتجارب موقع الويب بالتزامن مع ال ُ
ألن اإلختبار يُمكن أن يبقى لساعات طويلة من الوقت ,أما تخطيط الدماغ الكهربائي والرنين
المغناطيسي عادة ً ليسوا عمليين بسبب الراحة ,حيث أن إختبار موقع الويب كإختبار اإلعالنات
الموجودة على الويب يجب أن يتم ضمن الهدف الواضح أو ال ُمهمة ما ينتج نتائج ذات قيمة.
241
الفصل الرابع عشر
فاعلية الترفيه
✓ اكتشاف الكيفية التي يعمل بها وضع ال ُمنتج ولما هو ممارسة ُمتزايدة في الترفيه
إن الصناعات اإلعالمية والترفيهية ضخمة بحد ذاتها باإلضافة إال أن ال ُمسوقين من قطاعات
الصناعة األخرى يستغلون اإلرتباطات التي قامت ببنائها تلك الصناعات مع ال ُمستهلكين لتعزيز
ُمنتجاتهم وعالماتهم التجارية في هذا المجال ,وقد بدأ التسويق العصبي للتو بتوفير منظور ُمختلف
عن القصص بشكل عام وعن األفالم واأللعاب بشكل خاص وخلق تجارب في عقول الناس بشكل
ُمدرك وغير ُمدرك يُمكنها التأثير بشكل ملحوظ على المواقف واألداء واألحداث.
إن فهم تلك اآلثار شيء ُمهم لل ُمسوقين والباحثين ليس فقط ألن سرد القصص تجارة كبيرة فحسب
ولكن ألنها وسط توصيل رئيسي لتغير المواقف والسلوك فهو روح وقلب التسويق ألن القصة ليست
ق ال تسطيع ُمراسالت اإلقناع التقليدي رسالة إقناع واضحة ولكن غالبا ً ما تستطيع إقناعنا ب ُ
طر ٍ
إقناعنا من خاللها.
242
✓ كيف تُحفزنا األفالم كجمهور ليس فقط كأفراد
✓ كيف تُمثل ألعاب الفيديو نوعا ً جديدا ً من الترفيه التي ينقلنا من ُمالحظين إلى ُمشاركين
نستنتج بمن خالل وصف ُمختصر لطرق وتقنيات التسويق العصبي أنهم ُ
طبقوا إلختبار تلك األنواع
ال ُمختلفة من تجارب الترفيه.
تظهر جاذبية القصص للدماغ البشري لتُصبح جزءا ً ال يتجزأ في نُظم ال ُمكافئة البيولجية الخاصة بنا,
علماء الدماغ
أي شخص قرأ القصة ذاتها لطفل رضيع سيعرف أن هذا األمر صحيح وقد استكشف ُ
هذا السؤال بالتفصيل وتوصلوا إلى ثالث فوائد رئيسية تُقدمها القصص للعقل البشري:
✓ تنشيط التعاطف :إن قراءة أو ُمشاهدة القصص يسمح لنا بتجربة شعور اآلخرين كما لو ُكنا
نحن.
✓ السماح لنا ب ُمحاكاة المواقف التي لم نُجربها بشكل ُمباشر :إن قراءة أو ُمشاهدة القصص يسمح
لنا بتجربة المواقف واألوقات واألماكن التي ال يُمكننا أبدا ً تجربتها بأنفسنا.
✓ تدفعنا وتُساعدنا على التعلم :للقصص ُمستوى من التفصيل والتواصل مع عناصر تجعل من
القدرة على تذكرهم أكثر سهولة ُمقارنة بالمعلومات ال ُمنظمة ب ُ
طرق يصعب الوصول إليها.
إن التعاطف هو القدرة على تخيل ما يُفكر ويشعر به األشخاص اآلخرون وقد إكتشف ُمستخدمو
التسويق العصبي أن تلك القُدرة ُمرتبطة بشبكة خاليا موجودة في الدماغ تُسمى مرآة الجهاز
العصبي وكلمة عصب هي كلمة يُقصد بها خاليا الدماغ فمرآة األعصاب تُتنشط عندما نقوم بنشاط
جسمي كتقشير إصبع موز ,إن األمر ال ُمثير لإلهتمام هو أن تلك األعصاب هي ذاتها التي نقوم
بتنشيطها عندما نرى شخصا ً آخر يقوم بتقشير إصبع موز حيث تسمح لها مرآة األعصاب بفهم
تصرفات الناس وإعادة تكرارها بأنفسنا وكما تسمح لنا بالشعور بمشاعر الناس كما لو أنها مشاعرنا
أي أنها تسمح لنا بالتعاطف مع اآلخرين.
إن المصدر الوحيد لقوة القصص هو قدرتها على تنشيط تلك األعصاب لترجمة سلسلة من الكلمات
على صفحة أو على صور مرئية على الشاشة إلى تجربة عاطفية ُمشتركة.
يُمكننا حرفيا ً الشعور بالمشاعر التي تشعر بها الشخصيات فشكرا ً لمرآة األعصاب الخاصة بنا
فالتعاطف يُحول اإلشارات العاطفية تلك إلى فضول حول النهاية ال ُممكنة لهذه القصة فتقودنا
إرتباطاتنا العاطفية في القصة إلى قمع وعينا وإدراكنا لألمور ال ُمحيطة بنا فعليا ً وتسمح لنا بالتجاوز
علماء النفس اإلحتماعي على والهروب إلى العالم الوهمي ولكن واقعيا ً إلى عالم القصة وقد أطلق ُ
243
هذه الحالة إسم النقل ولكن ليس معنى ذلك ركوب قطار الخيال ,سنوضخ في قسم "القصص
واإلقناع" في وقت الحق من هذا الفصل فإن هنالك الكثر للقيام به مع قوة القصص إلقناعنا.
وأن القدرة على التنقل في القصة تُساعد في شرح سبب كون القصص ُمفيدة ل ُمحاكاة الوقائع
والمواقف البديلة في أذهاننا ,حيث يوفر السرد الفعال فائدة ُمهمة على الواقع فهو يوفر تجارب
حسية تسمح لنا بالشعور بمشاعر التاس اآلخرين ولكن من دون خطر حقيقي ,أغلب الناس لن تتسلق
جبال Everestولكن بإمكانهم ُمحاكاة ما سيكون عليه الحال إذا قرأ ()account of climbers
غرف المعيشة خاصتهم. جميعها في ُ
إن السرد الفعّال يسمح لنا بالشعور بمشاعر شخصيات القصة وأيضا ً يُمكن أن يُنشط أجزا ًء أُخرى
من أدمغتنا فعلى سبيل المثال أظهرت الدراسات أن قراءة الكلمات كال ُخزامى والقرفة والعُطر
والقهوة أو الصابون يُنشط مناطق الشم في الدماغ و تُسمى حاسة الشم الرئيسية تماما ً وكأننا نشمهم
فعليا ً وكتعبير مجازي مثل " كان لل ُمغني صوت ُرخامي" تلك تُنشط مناطق في الدماغ تُعالج السمع
وكلمات توصف الحركة مثل " ركل ال ُكرة" حيث تُنشط مناطق الدماغ التي تتحكم بحركة الجسم.
تلك جميعها أمثلة رائعة عن الكفية التي يعمل بها الدماغ بمثابة آلة ُمحاكاة لتُساعدنا على فهم العالم
من حولنا (راجع الفصل السادس) ,إن اللغة قُدرة جديدة نسبيا ً خاصة بأدمغة الثديات التي تطورت
عبرماليين السنين بدون اللغة ويُعد ذلك ذكا ًء أي أننا أعدنا إستخدام عقلنا القديم لهذا النوع الجديد
تذكَّر
من ال ُمدخالت ,وبنفس الطريقة فهمنا تقشير إصبع الموز من خالل رؤية ما يقوم بذلك ومن منظور
إختالف كبير بين القراءة عن تجربة ما أو ُمشاهدتها في
ٌ عمليات ال ُمعالجة الخاصة بالدماغ ُهنالك
فيلم ما وتجريبها بأنفسنا في كل حالة يتم تنشيط مناطق األعصاب المنطقية ذاتها.
في تلك الحاالت وحاالت أُخرى يُنشط السرد نطاق واسع من الذكريات التي تشكلت من خالل
تجارب سابقة حيث أننا نستطيع الشعور بمشاعر ُمعينة وتجار حسية ُمكررة ألننا تعرضنا لها سابقا ً
وباإلستفادة من تلك الذكريات العاطفية يُمكن للسرد الفعال دمج التجارب الماضيية والتجارب
الواقعية بسياق وهمي جديد يُخلق داخل أدمغتنا ,إن تنشيط ذكرياتنا ال ُمتعلقة بالتجارب الفعلية كما
هي في األصل يُساعد في نقلنا إلى عالم الخيال.
إن تجربة القصص والروايات طريقة عميقة تُقدم فُرص قيّمة للتعلم دون التعرض لكدمات بسبب
عواقب التعلم في العالم الحقيقي حيث تُقدم القراءة أمثلة ال حصر لها عن اإلنخراط بأنواع ُمختلفة
من الناس وإستكشاف أفكار ومشاعر وأحاسيس اآلخرين و ُمشاهدة كيف أن الحاالت والظروف التي
لم نقم بتجربتها قط يُمكن أن نقوم بتجريبها فمن غير ال ُمدهش أن يكتشف العُلماء أن األشخاص الذين
يقرؤون ال ُكتب الخيالية يعرضون درجة أعلى من التعاطف مع اآلخرين وعلى إستعداد لرؤية العالم
من وجهات نظر اآلخرين ال من وجهة نظرهم.
244
منذ القصص األولى التي رويت عن نيران ال ُمخيمات عرف رواة القصص والخطباء أن تنظيم
السرعة والتوقيت أُمور بالغة في األهمية للحفاظ على الحماس عند السرد وبشكل خاص تُحدد
القصة الجيدة تسلسالً تبادلي من التوتر والحل بعناية فائقة على ُمستويات ُمختلفة في جميع أنحاء
القصة من تركيب ُجملة واحدة أو مشهد إلى آخر القصة ومن إدخال ال ُمشكلة إلى تصوير العقبات
الناجمة عن ال ُمشكلة ومن ثم حل ال ُمشكلة وتأثير التجربة على الشخصيات.
ومن وجهة نظر ُمعالجة الدماغ يُمكن قياس هذا التناوب بين التوتر والحل من حيث اإلثارة العاطفية أمور
عرفناه في الفصل السادس ,فاإلثارة شعور بالتحفيز والشدة تُصاحب التجربة ال ُمباشرة للتوتر كما ّ تقنية
وإنخفاض اإلثارة يُعد أحد النتائج الثانوية لل ُمكافئة الخاصة بالحل وبذلك يُمكن قياس وتيرة القصة
بمقاييس اإلثارة كالنشاط الكهربائي وإتساع بؤبؤ العين (للمزيد من التفاصيل راجع الفصل السادس
عشر) حيث أن هذا التأثيرات ُمهمة على إختبار القصص الترفيهية.
إن تنظيم سرعة القصة ُمهم جدا ً ألن تنظيم السرعة بشكل خاطئ قد يُشوش إنغماس ال ُمتلقي في العام
الوهمي وقد أظهرت األبحاث أن مرآة األعصاب تُفعّل فقط من خالل السلوك الهادف ومن ال ُمرجح
أن يُنظر للقصة على أنها ليست هادفة عندما تكون الوتيرة بطيئة فيتسلل إليها الملل والضجر وينهار
العالم الخيالي.
ومن ال ُمحتمل أن ينتج اإلرتباك عندما تسير أحداث القصة بسرعة فإجبار ال ُمتلقي على اللجوء للفكر
المعرفي ل ُمحاولة معرفة ما يحدث سيُدمر العالم الخيالي الذي صنعته القصة أو يُمكن أن يمنع القصة
من اإلنخراط في الخيال وبالتالي الوتيرة ُمهمة للغاية ألنها يُمكن أن تُعزز أو تُدمر قُدرة القصة على
نقلنا خارج عالمنا الحقيقي.
القصص واإلقناع
يُمكن لدراسة قُدرة القصص على نقلنا إلى عالم الخيال إيجاد عالقة قوية بين درجة التنقل واإلقناع
فعندما يُنقل الناس بعُمق إلى السرد يجدون عيوبا ً أقل في القصة ومن ال ُمحتمل أن يؤمنوا بال ُمعتقدات
و يقومون بإجراء تقييمات تتماشى مع ال ُمعتقدات والتقييمات التي تم اإلعراب عنها في القصة ,وفي
ال ُمقابل عندما يُنقل األشخاص ببطئ بواسط القصة من الضعيف أن يؤمنوا ب ُمعتقدات وتقييمات
القصة فال ُمثير لإلهتمام هو أن تلك النتائج تبقى ُمتناسقة سواء كان تصنيف القصة يدل على أنها
حقيقية أو خيال.
نستطيع فهم تلك اإلستنتاجات في ضوء نقاشنا ال ُمتعلق حول األحكام وإتخاذ القرار في الفصل الثامن
وكما عرضنا في ذلك الفصل ,يُمكن أن تكون أحكام الناس عادة ً مبنية على األحاسيس غير ال ُمدركة
عرضة ل ُمعالجة
أكثر من التداوالت ال ُمدركة فعندما ال ينخرط الناس في التداول يكونوا أقل ُ
عرضة لتوليد حجج ُمضادة لإلعتقادات والتقييمات الحاالت واإلدعاءات بشكل منطقي وبذلك هم أقل ُ
التي تعرضوا لها.
245
وقد سبب ذلك انجذاب ال ُمسوقين للقصص فهم يعرضون إمكانية ُمدشة لإلهتمام من اإلقناع دون أن
يبدو أنه إقناع وعندما ينسجمون في القصة يكون القارئ أو ال ُمشاهد أكثر تقلبالً للفكرة المطروحة تذكَّر
في القصة أكثر من أي طريقة ممكنة ,وأثناء اإلنسجامهم تكون ال ُمعتقدات واآلراء الموجودة سابقا ً
صعبة الوصول نسبيا ً وبذلك ينتاب ال ُمسوقين الفضول حول مدى إستجابة ال ُمستهلكين لل ُممثل
Brad Pittوهو يقود سيارة Priusفي الفيلم ُمقارنة بال ُممثل ذاته وهو يُروج لسيارة Priusفي
فقرة تلفازية.
لمسألة إقناع القصة آثار كبيرة جدا ً كما هو الحال في قاعة المحكمة حيث يُحاول ال ُمحامون
صور قضيتهم ,وبدراسة فوز وخسارة الحجج القانونية وال ُمدعون إقناع هيئة ال ُمحلفين مع قصص ت ُ ّ
فقد حدد علماء النفس Philip Mazzoccoو Melanie Greenعددا ً من العوامل التي يُمكن
أن تُحسن من قُدرة الراوي على اإلقناع:
✓ تصوير ال ُمغامرة :على القصة أن تُقدم تفاصيل كافية تسمح لل ُمستمع تصوير الشخصيات
والمشاهد.
✓ الواقعية :يجب أن يكون هنالك إتصال مع الواقع الذي يسمح لل ُمستقبل أن يتتبع القصة وإال لن
يكون لها معنى وسيُعيد ال ُمستقبل إلى الواقع.
✓ البناء (أ) :للقصة الجيدة بداية ووسط ونهاية فالقصة التي ال تتبع التدفق الطبيعي من ال ُمرجح أن
تتطلب المزيد من ال ُجهد العقلي حتى يتم فهمها وذلك يُقلل من قُدرة الراوي على نقل جمهوره.
✓ اإلنعزال عن األشياء ال ُمحيطة :إن اإلندماج في عالم وهمي يُمكن أن يتوقف من خالل
صراخ األطفال وغيرها من الضوضاء. اإلضطرابات الخارجية كاألحاديث الصاخبة و ُ
✓ قلة الوعي :عندما يُدرك ال ُمستقبلون أن الغرض من التعرض للقصة هو التأثير على مواقفهم
الخاصة و ُمعتقداتهم وقيمهم.
تستخدم األفالم ُمدخالت حسية ُمتعددة وبيئة ُمشاهدة وعرض مثالية للغاية (عندما يتم عرض األفالم
في المسرح) وهي بشكل خاص مركبات قوية لتقديم الروايات فكيف يُمكن لألفالم التأثير على
الجمهور بينما في نفس الوقت تُسليه؟ هذا سؤال بمليارات الدوالرات لكل من صناعة الفيلم
والصناعات األخرى التي تُريد تقديم ُمنتجاتهم داخل عالم الخيال الذي يصنعه الفيلم ,في هذا القسم
طرق تستخدمها تقنيات بحوث التسويق العصبي في صناعة األفالم: سنتطرق إلى ثالث ُ
246
✓ قياس قُدرة الفيلم على التأثير في سلوك ال ُمستهلك.
إفترض أنك وجارك تُشاهدان نفس الفيلم هل من ال ُممكن أن نقول أنكما اإلثنان تخوضان نفس
التجربة تقريبا ً أو أنكما تخوضان تجربة ُمشاهدة الفيلم ولكن ب ُ
طرق ُمختلفة تماماً؟
علماء األعصاب في المجال الجديد (علم صناعة األفالم العصبي) بالنظر إلى هذا السؤال من قام ُ
خالل قياس نشاط دماغ األشخاص أثناء ُمشاهدة األفالم وقد وجدوا أنه مزيج بين كل من بعض
مناطق الدماغ ال ُمتزامنة (هذا النشاط تم في نفس الطريقة وفي نفس االوقت) بينما األمر اآلخر هو
بعض مناطق في الدماغ ال ُمنشطة بشكل ُمختلف ألفراد ُمختلفين ولذلك يبدو أن لألفالم القُدرة على
ُمزامنة عقولنا وأيضا ً حركة أعيننا ولكن ذلك ال ُمستوى من التزامن يكون ُمختلفا ً بإختالف الهدف من
محتوى الفيلم والتحرير و أسلوب اإلخراج.
في دراسة تم نشرها عام 2008قام عالم األعصاب Uri Hassonو زميله بتسجيل صور دماغ
ال ُمشاركين بالرنين المغناطيسي أثناء ُمشاهدتهم ل ُمقتطفات قصيرة من فيلم أو عرض تلفزيوني لم
يقم الباحثون بتحليل دماغ كل شخص فقط ولكن أيضا ً مدى تبادل ال ُمشاركين الستجابات الدماغ ذاتها
في اللحظة ذاتها في أشرطة الفيديو.
أثبتت اإلكتشافات أن بعض األفالم تُنتج تزامنا ً كبيرا ً و ُمهما ً ألنشطة دماغ ال ُمشاهد وحركة العين
بالتماشي مع إستجابات الدماغ والتجارب الذهنية ال ُمرتبطة كالتصورات والعواطف واألفكار
والمواقف بيد أن هذا التأثير تم إيجاده مع اإلختالف الكبير تبعا ً لنوع الفيلم ,وفي حلقة لكوميديا
Larry Davidكان تزامن الدماغ للحماس نسبته %18من نشاط دماغ ال ُمشاهد بينما في حلقة
دراما التشويق Alfred Hitchcockكانت ال ُمزامنة بنسبة %65من نشاط دماغ ال ُمشاهد وعلى
النقيض من ذلك فقط في عرض فيديو دفعة واحدة ل حديقة Washington Squareفي مدينة
نيويورك والذي لم يستخدم أي أجهزة سنمائية حقق تزامن بنسبة %5فقط من نشاط دماغ ال ُمشاهد.
✓ يستجيب الناس بنفس الطريقة لإلثارة الشديدة والقصص ال ُمشوقة ُربما ألن اإلستجابات لتلك
الروايات تكون تلقائية إلى حد كبير وخارج سيطرتنا.
✓ يستجيب الناس بطريقة تزامنية أقل للكوميديا ُربما ألن الفُكاهة أكثر خصوصية ومبنية على
التجارب الشخصية والتي قد تختلف إختالفا ً كبيرا ً من شخص إلى آخر.
✓ اإلستنساخ اآللي للواقع دون أي نية سنمائية كالذي تم عرضه في حديقة Washington
أمر ليست ُمقنعة بما يكفي ل ُمزامنة نشاط دماغ ال ُمشاهد.
ٌ Square
247
بحث كهذا فتح أبوابا ً واسعةً لفُرصة تطوير قياسات موضوعة تتعلق بفاعلية الترفية بدالً من سؤال
الناس فيما إذا كان الفيلم قد أعجبهم أم ال فقط ,فنحن نستطيع قياس المدى الذي أثار الفيلم فيه ردود نصيحة
ُمتزامنة عبر نطاق واسع من الناس و ُكلما كانت ال ُمزامنة أكبر ُكلما حقق الفيلم أهداف السرد التي
وضعها.
ُمدة الفيلم الدعائي دقيقتان ونصف وهو فيلم ُمصغر لغرض واحد وهو جعل ال ُمشاهد يذهب ل ُمشاهدة
الفيلم لما وصفه وك ُمراسالت ُمقنعة حيث يجب على الفيلم الدعائي تحقيق عدد من األهداف لتحقيق
الغرض منه:
✓ عليه أن يُقدم الكثير من المعلومات األساسية :تتضمن هذه المعلومات عل نوعه وشخصياته
الرئيسية وال ُممثلون الذين يُمثلون فيه و موقعه بالزمان والمكان وجوهر الحبكة.
✓ عليه نقل النبرة العاطفية للفيلم :يحتاج ال ُمشاهد معرفة إن كان الفيلم كوميدي أم ُمخيف أو حتى
ُمشوق أو غامض أو رومانسي ,إلخ.
✓ واألكثر أهمية هو تنشيط األهداف التحفيزية :يجب أن تترك ال ُمشاهد بأهداف ُمدركة أو غير
ُمدركة حتى يكون راضيا ً برؤية الفيلم كامالً.
وقد تم إختبار الفيلم الدعائي تاريخيا ً بطرق اإلبالغ الذاتي القديمة فقد تم إحضار الناس إلى مسرح
وتم عرض الفيلم الدعائي ومن ثم سؤالهم إن كانو سيذهبون ل ُمشاهدة الفيلم ولماذا ,قدّم التسويق
العصبي منظورا ً ُمختلفا ً إلختبار الفيلم الدعائي والتركيز على كيفية تنشيط الفيلم الدعائي لإلستجابات تذكَّر
ال ُمدركة وغير ال ُمدركة في المشاهد كإنطباعات األلفة والحداثة وردود األفعال العاطفية الالإرادية
ال ُمختلفة للمشاهد وتقلبات اإلنتباه واإلهتمام وتنشيط الذاكرة وتحفيز التجنب و اإلقتراب وتزامن
الجمهور ,حيث توفر تلك التقنيات ُملخصا ً وقياسات لحظة بلحظة يُمكن إستخدامها ليس فقط لتقييم
فاعلية الفيلم الدعائي ولكن لضبطه وبذلك يُمكن جعله أكثر فاعلية وفي نهاية المطاف أكثر إقناعاً.
إن األفكار ال ُمميزة والفريدة من نوعها والتي جلبها علم الدماغ والتسويق العصبي إلختبارالفيلم
الدعائي تتمحور حول إمكانية تصميم الفيلم الدعائي حتى يكون كإستحضارات تعمل على تحفيز
طرق يُمكن أهداف الفيلم الدعائي غير ال ُمدركة تماما ً كما شرحنا في الفصل السابعُ ,هنالك عدد من ال ُ
للفيلم الدعائي من خاللها تحفيز األهداف غير ال ُمدركة:
يُمكن للفيلم الدعائي تحفيز اإلنجذاب الطبيعي لألفالم الخاص بأدمغتنا كتجارب ُمجزية بجوهرها
والتي يُمكنها نقلنا من الواقع الرتيب إلى واقع الخيال ,وللقيام بذلك يجب أن يُحقق الفيلم الدعائي
اإلنطباعات التي ستنقل ال ُمشاهد إذا قام بذلك من خالل التحفيز الناجح لحس التصحيح العاطفي أو
التساؤل عن عالم الفيلم.
248
يُمكن للفيلم الدعائي تحفيز ذكريات ال ُممثلين أو ال ُمشاهدين الذين إستمتعوا بتلك التجربة في الماضي
وبالتالي تنشيط الهدف لتكرار تل التجارب اإليجابية السابقة.
يُمكن أن يُشكل الفيلم الدعائي مسألة أو أن يرسم صراعا ً أو تحديا ً يُثير فضول ال ُمشاهد من خالل
الرغبة في معرفة كيف ستنتهي القصة والتي يُمكنها تفعيل أهداف تحفيزية قوية لرؤية الفيلم.
يُمكن للفيلم الدعائي تنشيط األهداف اإلجتماعية من خالل تذكير ال ُمشاهدين بأن أصدقائهم سيرغبون
ب ُمشاهدة هذا الفيلم وقد يتمتع بوضع إجتماعي أفضل أو قد يتمتع بأهداف تعزيزية من خالل ُمشاهدة
الفيلم.
يُمكن للفيلم الدعائي تنشيط التجارب السابقة مع استيديو الفيلم وإستيديو العالمات التجارية التي
يُمكنها تحفيز اإلرتباطات الذهنية ال ُمميزة لألفالم فمثالً ُمجرد معرفة أن هذا الفيلم من شركة
Disneyسيُعزز ذلك هدف ال ُمشاهدة من قبل طفل أو والد لطفل أو والدة أما شركات األفالم
ال ُمرتبطة بقيمة ُمعينة أو نوع ُمعين من األفالم ك Marvelأو Pixarوالتي قد تُنشط قيمة ُمعينة
أو خلق توقعات يُمكن ترجمتها لتنشيط هدف ُمشاهدة الفيلم.
وكما فصلنا في الفصل السابع أنه ب ُمجرد تنشيط األهداف غير ال ُمدركة سيتم تحفيزها حتى
تُثيرإنطباعا ً جيدا ً يُرضى ال ُمشاهد أو وسيتم إستئنافها إذا توقفت وسيُعاد توجيهها إذا واجهتها عقبة
وستُصبح أقوى ُكلما بقيت غير ُمشبعة لوقت أطول وبتقديم تلك الخصائص لم يعد من ال ُمدهش
صناع األفالم و ال ُمسوقون قد أصبحوا ُمهتمين في كيفية إعادة بناء الفيلم الدعائي لتنشيطمعرفة أن ُ
األهداف غير ال ُمدركة وإختبارها لمعرفة ما إذا كانت ناجحة في ذلك أم ال.
يجب ان تكون األفالم مصدرا ً طبيعيا ً لإلستحضار السلوكي بالتأثير على كل من األهدف غير
ال ُمدركة و السلوكيات الالحقة وبالخروج من أفالم البطل الخارق أولم نشعر جميعنا بالقوة و القُدرة
على تحقيق أي هدف نسعى وراءه في حياتنا؟ أولم يؤثر على طريقة تفكيرنا وتصرفاتنا على األقل
لفترة قصيرة من الوقت؟
إن المؤلفات األكاديمية حو ال ُمعالجة غير ال ُمدركة لم تستكشف آثار اإلستحضار الذهني على ُمشاهدة
الفيلم ُربما ألنها مصدر غني جدا ً باإلستحضارات الذهنية بحيث يصعب إستخدامها في تجارب
وربما ألن العديد من األهداف والتصرفات تُستحضر من خالل األفالم ألن فصل اآلثارال محكومة ُ
يُمكن أن يكون غير ُمتصل أو يُمكن قياسه في الدراسة الضابطة.
ونحن نعلم من األبحاث األخرى أن األفالم ُمتصلة بتجارب الترفيه التي تؤثر على السلوك ,فعلى
سبيل المثال العديد من الدراسات عن السلوك العدوان واإلعالم العنيف أثبتوا أن التعرض لألفالم و
عروض التلفاز العدوانية يُمكن أن تتسبب بزيادة السلوك العدواني والعنيف على سلوك الصغار
249
والكبار فعلى الرغم من أن طبيعة هذا اإلتصال تخضع لل ُمناقشات ولكن ال يوجد خالف حول وجود
آثار لإلستحضار الذهني.
وبإعطاء اآللية العامة التي يعمل بها اإلستحضار الذهني من ال ُمحتمل أن تستطيع األفالم إستحضار
السلوك اإلجتماعي المؤيد لل ُمجتمع أو السلوك اإليثاري ,وبالتأكيد أن هذا النوع من التأثير يُمكن أن
يكون من إستحضارات أخرى أقل تعقيدا ً فعلى سبيل المثال ,قُمنا بوصف تجربة في الفصل الخامس
سط وضع حقيبة ظهر ُمقابل حقيبة لألوراق على الطاولة حيث تستحضر سلوكيات تعاونية أكثر تُب ّ
الزمالء في لعبة ال ُمساومة ,فإستحضار الفيلم للسلوكيات اإليجابية موضوعٌ رائع نتوقع أن تتم بين ُ
تغطيته بتعمق أكبر في ُمستقبل أبحاث التسويق العصبي.
إن النوع الوحيد الذي تم إستكشافه بتفاصيل قليلة هو آثار ُمشاهدة األفالم على سلوك ال ُمستهلك و ُهنا
كان ُمعظم التركيز على ال ُمنتج أو وضع العالمة التجارية وكيف لمثل هذا األماكن التأثير في وقت
سرحت في القسم التالي.الحق على إختيار ال ُمنتج وقد لوحظت بعض اآلثار اإليجابية والتي ُ
وضع ال ُمنتج في األفالم وعروض التلفاز وما بعدها
يبدو أن ال ُمنتجات قد ظهرت في جميع مجاالت الترفيه هذه األيام ,ليس فقط في األفالم وعروض
التلفاز ولكن في أنواع أخرى من وسائل اإلعالم كألعاب وأشرطة الفيديو وألموسيقى ومقاالت
المجالت وحتى المالبس فقد بدأوا بالظهور في أماكن ال يُمكن تصورها قبل سنوات قليلة كالروايات
وال ُكتب الفُكاهية ال ُمصورة والمسرحيات.
لقد أصبح وضع ال ُمنتج عمالً تجاريا ً كبيرا ً تتراوح تكاليفه من 10000$لمئات اآلالف من
الدوالرات لكل لكل عرض إن اإلنفاق العالمي لوضع ال ُمنتجات قُدر بأكثر من 8مليار دوالر عام
2012حيث أن أكثر من %75من عروض التلفاز األمريكية تُروج للُمنتجات في حلقاتها.
ُهنالك سبب واحد يُذكر بإستمرار في نمو وضع ال ُمنتج أال وهو حقيقة أن أكثر من $40من البيوت
في أمريكا لديها ُمسجالت الفيديو الرقمية DVRsوالتي تسمح ل ُمشاهدي التلفاز بالحركة خالل
اإلعالن وذلك للوصول إلى ال ُمستهلكين الذين يُمكن أن يُقللوا ُمدخالت اإلعالنات التقليدية بشكل
طوعي وقد ركز ال ُمسوقين على أفضل شيء قادم أال وهو وضع ُمنتجاتهم ُمباشرة للترفيه ذاته ولكن
هل سيعمل هذا األمر؟
يُخبرنا التسويق العصبي وعلوم الدماغ التي تكم وراءه بأن وضع ال ُمنتج يجب أن يكون فعاالً ولكن
لن يكون بتلك السهولة في قياس فاعليته بإستخدام قنيات أبحاث اإلستبيانات التقليدية وبالرغم من أن
الباحثون قد حاولوا قياس آثار وضع ال ُمنتج بإستخدام التقارير الذاتية اللفظية لإلنتباه واإلهتمام
واإلدراك واإلستذكار والتمييز وتغيير المواقف ونوايا الشراء ولكن من ال ُمرجح أن تُقلل هذه
250
القياسات اآلثار األكثر أهمية لوضع ال ُمنتج ألنها ال تستطيع قياس العمليات الرئيسية ال ُمتضمنة
والخاصة بالدماغ.
إليكم إثنان من ال ُمخرجات الحرجة ال ُمتعلقة بوضع ال ُمنتج من منظور التسويق العصبي: أمور
✓ تفعيل ذاكرة العالمة التجارية في ذهن ال ُمستهلك والتي قد تتأثر . تقنية
✓ تحول ذاكرة العالمة التجارية إلى شراء والتي قد ال تحدث ال بعد وقت طويل .
إن العالقة ما بين ذاكرة العالمة التجارية وسلوك الشراء يُعد تنشيطا ً للهدف حيث يُمكن أن يكون
هدفا ً ُمدركا ً يُدركه ال ُمستهلك ولكن من ال ُمرجح أن يكون هدف غير ُمدرك يتم إستحضاره من خالل
وضع ال ُمنتج دون مستوى الوعي اإلدراكي لل ُمستهلك حيث تميل تقنية وضع ال ُمنتج إلى تحقيق هذا
التحويل إن تواجدت ثالث خصائص:
✓ إن كانت تقنية وضع ال ُمنتج تُقوي ذاكرة عالمة تجارية موجودة بدالً من تشكيل ذاكرة جديدة
حيث أنه من النادر أن تُستخدم تقنية وضع ال ُمنتج لعالمة تجارية جديدة أو ُمنتج جديد.
✓ ترفع اإلرتباطات الذهنية ال ُمتواجدة مع تلك العالمة التجارية ويُفضل أن تكون ب ُ
طرق جديدة
وحديثة كإستخدام سيارات BMWفي سلسلة أفالم .James Bond
إن الفائدة التي تتمتع بها تقنية وضع ال ُمنتج ليست ُمتاحة لإلعالنات التقليدية وذلك ألنه يتم عرض
ال ُمنتج من خالل سرد القصة كما شرحنا سابقا ً في هذا الفصل ف ُكلما كانت أعمق ُكلما نُقل ال ُمشاهد
إلى عالم الخيال من خالل اإلنخراط في السرد ُكلما كان التداول والتفكير المنطقي أقل حول ما
يُشاهده وهذا يعني أنه سيستقبل األفكار الموجودة في القصة أكثر ولن يسأل عن اإلدعاءات أو
األشياء الضمنية الموجودة في القصة والتي هي جزء من السرد.
وعند إضافة تقنية وضع ال ُمنتج إلى هذا المزيج سيُصبح األمر الضمني واضحا ً وردود األفعال إتجاه
ي,إعالن تقليد ّ
ٍ ال ُمنتج قد تتجاوز اليقظة والتعارض والذي قد يُحفّز بشكل طبيعي إن ظهر ال ُمنتج في
في الواقع يُمكن لهذه التقنية أن تجعل ال ُمنتج لل ُمنتج يُسيطر على المشاعر ال ُمرسلة من خالل السرد
والسماح له بال ُمشاركة في التعليق ال ُمصاحب ألي تجربة نقل عميقة من خالل السرد حيث أن تعزيز
أمر ُمفاجئ لل ُمنتج أيضاً.
اإلقناع ٌ
تحصل تقنية وضع ال ُمنتج على نتائج
وكقياس غير ُمباشر ,إن اإلرتفاع السريع في نفقات التسويق التي ُوضعت في لوضع ال ُمنتج حيث
قدمت أدلة قوية على أن ال ُمعلنون يحصلون على شيء ُمقابل أموالهم ,فاألبحاث العلمية حول وضع
251
ال ُمنتج أثبتت بشكل عام أن هذه التقنية فعّالة بالرغم من أن الكثر من هذا الشي يعتمد على قياسات
الذاكرة الصريحة فقط.
في دراسة حديثة قامت بإختبار اآلثار الضمنية والصريحة على وضع ال ُمنتج دعّمت وبشدة فاعلية
ال ُممارسة وقد تطرق الباحثان Yangو Roskos-Ewoldsenإلى ثالث أنواع لوضع ال ُمنتج:
ُمنتجات تم دمجها في الحبكة و ُمنتجات إستخدمها أحد الشخصيات و ُمنتجات ظهرت في الخلفية
وبقياس الذاكرة الصريحة والضمنية واالختيار الالحق لل ُمنتج وجدوا دعما ً آلثار قوية تتعلق بهذه
التقنية:
✓ عندما كان ال ُمنتج جزءا ً من القصة أو إستخدمه أحد الشخصيات كانت الذاكرة الضمنية لل ُمشاهد
أفضل من ظهور ال ُمنتج في الخلفية.
كان عام 2008عالمة فارقة لصناعات األلعاب الفيديو ,فكانت السنة العالمية التي تجاوزت فيها
مبيعات األلعاب الفيديو مبيعات األفالم حيث تُقدم ألعاب الفيديو شيء جديد تماما ً في تطور وسائل
الترفيه :اإلنتقال من ُمشاهد إلى العب في وسط تجربة الترفيه ,إن التطور ال ُمتسارع لتكنولوجيا
الحاسوب مكنت ُمصممي األلعاب من تعزيز بيئات وقوة األلعاب لغمس الالعبين في عالم ال ُمحاكاة
والقصص حيث أن التفاعل والقدرة على التحكم بتدفق اللعبة من خالل إجراءات الالعب والتي
تُضيف بُعدا ً جديدا ً غير ُمتوفر في تجارب اإلعالم التقليدية كاألفالم والتلفاز.
إن ألعاب الفيديو بتجاربها السريعة واإلنفعالية والتفاعلية تُعد أهداف طبيعية ألبحاث التسويق
العصبي ألنه أقرب إلى ال ُمستحيل أن يصف الناس شعورهم ُكلما إنخرطوا بمثل هذه التجربة.
لقد رأينا كيف يُمكن لألفالم نقل ال ُمشاهد إلى عالم الخيال وتقديم خبرات ويُمكن لأللعاب أن تأخذ
تأثير اإلنخراط ل ُمستوى أعلى من خالل السماح لالعبين أن يُصبحوا ُمشاركين نشطين في عالم
الخيال الذي قاموا بإنشاءه.
252
في أبحاث األلعاب ,يُستخدم ُمصطلح التواجد للتعبير عن تجربة اإلنغماس التي أنشأتها اللعبة وهي
الدرجة التي يشعر الالعبين خاللها بأنهم إنتقلوا بشكل كامل إلى تجربة اللعبة حيث أن التواجد
الكامل يعني أن الالعب لم يعد ُمدركا ً لل ُمحيط المادي بحيث يتم التركيز على ال ُمدخالت الحسية
ال ُمنبعثة من اللعبة بشكل حصري.
قد تمت دراسة التواجد في اللعبة على نطاق واسع كأحد أكبر المصادر التي تم إختبارها فهي الجودة
التقنية للعبة بحيث تتضمن دقة الشاشة واإلستجابة لحركات الالعب ف ُكلما كانت اللعبة ُمتطورة أكثر
كان لها تأثير إيجابي قوي على القصة أو السرد ,في دراسة للتفريق ما بين األلعاب التي تحتوي
على قصة واأللعاب التي ال تحتوي تم إستنتاج أن القصة تزيد حس التواجد واإلستثارة العاطفية
والتعاطف مع الشخصيات بل والرضا ال ُكلي عن تجربة اللعب ومع إضافة السرد إلى اللعبة تبدو
بالتأكيد تفاعليةً أكثر بنا ًء على توقعات ومنظور علم الدماغ.
قامت العديد من الدراسات بدراسة دور وضع ال ُمنتج والعالمة التجارية ضمن ألعاب الفيديو ,بالنسبة
للجزء األول بدت النتائج ُمشابهة لوضعها في األفالم أما في األلعاب فينجح أسلوب وضع ال ُمنتج في
الحاالت التالية:
وكاألساليب األخرى للترفيهُ ,كلما لم تتعطل تجربة اإلنخراط بسبب من وضع ال ُمنتج ُكلما كانت
اليقظة أقل وبذلك يزيادة اإلستحضار الذهني غير ال ُمدرك لتطوير المواقف ورفع مستوى الشراء
الخاص بال ُمنتج والعالمة التجارية.
في الجانب ال ُمفيد ,يبدو أن لعب ألعاب الفيديو يزيد قُدرات اإلدراك والتنسيق بين العين واليد وقد
أثبتت الدراسات أن العبي األلعاب اإلعتيادية تكون ردود أفعالهم ورؤيتهم الطرفية أسرع واإلنتباه
بصري ُمتزايد ولديهم تمميز أفضل ُمقارنة بغير الالعبين ,وقد ساعدت مثل هذه اإلكتشافات في
شرح النتائج ال ُمحيرة ك ُمالحظة تُفيد بأن بعض الجراحين البارعين في ألعاب الفيديو لديهم أخطاء
أقل بنسبة %47ويعملون أسرع بنسبة %39أكثر من أقرانهم.
253
إن النتائج ال ُمتعلقة بالسلوك اإلجتماعي أكثر إختالطاً ,حيث أن أغلب تلك األبحاث ّ
ركزت على
إنعكاسات األلعاب العدوانية كالدرات ال ُمتعلقة باألفالم العدوانية حيث إكتشفت تلك األبحاث أدلة على
زيادة السلوك ال ُمعادي بعد لعب األلعاب العدوانية ,وقد أعرب العُلماء عن مخاوفهم حول ُمساهمة
األلعاب في خفض مستويات التعاطف بين األطفال والبالغين.
في ال ُمقابل ,إكتشفت الدراسات الخاصة باأللعاب التي تحتاج التعاون بين أكثر من العب أنه يُمكن
لالعبين أن يكونوا أكثر تعاونا ً في الحياة بعد ال ُمشاركة بالسلوك التعاوني في ألعاب الفيديو.
وبالنظر إلى تلك النتائج من منظور التسويق العصبي وعلم الدماغ من غير ال ُمفاجئ أن يكون
هنالك خليط من اآلثار اإليجابية والسليبة لأللعاب ,وقد أخبرنا علم الدماغ بشيء واحد أال وهو أننا
تذكَّر
نتأثر بشكل أكبر بالظروف ال ُمحيطة بنا وحسب المهمة التي نقوم بها أكثر من قُدرتنا على التمييز
بشكل ُمدرك ,وعادة ً ما تكون تلك اآلثار قصيرة المدى نسبياً.
تستحق اآلثار الطويلة المدى الدراسات التي تُجرى حاليا ً ولكنها عادة ً ال تتضمن إشارا ٍ
ت ظرفية فقط
بل تتضمن أيضا ً مسائل شخصي ٍة وبالتالي ال يُمكن أن تكون سببا ً في األلعاب.
على خالف إختبار المواد التسويقية ,والتي هي في نهاية المطاف وظيفةٌ للسلوك الالحق كاإلختيار
والشراء ,وغالبا ً ما يكون إختبار الترفيه يدور حول ع ّما إذا كانت التجربة الحالية فعّالة وبذلك يكون
التركيز على ال ُمعظم بشكل ُمباشر فضالً عن كيفية أداء تلك القياسات ضمن التجربة أكثر من أي
وقت آخر.
إن التنقل واإلنخراط والوجود والتوتر جميعُها تجارب عاطفية بحتة ,وفي ال ُمقابل يُعد كل من التدفق
العاطفي والتكافؤ (اإلستياء والسرور) أمورا ً حاسمةً و ُمهمةً لجودة التجربة وبالنظر إلى تلك المعايير
والقياسات الحيوية أصبحت بشكل عام األساليب التالية هي ال ُمفضلة لقياس الترفيه:
✓ النشاط الكهربائي :يقيس إنتاج العرق على الجلد فهه أسلوب موثوق لقياس اإلثارة العاطفية
خاصةً خالل األُطر الزمنية الطويلة سهل التحكم وقد إستخدمت هذه التقنية في العديد من دراسات
الترفيه.
✓ التخطيط الدماغي للعضالت :يقيس الحركات الدقيقة للعضالت فهو أسلوب موثوق في قياس
التكافؤ العاطفي وهو أيضا ً جي ٌد في األُطر الزمنية القصيرة وعادة ً ما يُطبق على عضالت اإلبتسامة
والعبوس ولكن يُمكن تطبيقه على العضالت األخرى كالرقبة والكتف والفك والتي تميل إلى
ال ُمشاركة في حاالت القلق والتوتر وقد تم تطبيق هذا األسلوب على عدد كبير من الدراسات ال ُمتعلقة
بالترفيه.
254
وقد تم العثور على قياسات بيولوجية أُخرى لتوفير معلوما ٍ
ت ُمفيدة للترفيه تتضمن توسع بؤبؤ العين
و ُمعدل ضربات القلب والتنفس.
إليكم بعض األمثلة على أساليب قياس إستجابة الدماغ والتي تم تطبيقها على إختبار الترفيه:
✓ التخطيط الكهربائي للدماغ :إستخدم بشكل غير ُمتكرر في إختبار الترفيه ويرجع ذلك إلى أنه
أمر شائع عند
يُستخدم ألوقات طويلة بسبب حساسيته لحركة الجسم وتوتر العضالت وهو ٌ
اإلنخراط في تجربة ترفيهية بحتة.
إن اإلختبار السلوكي أقل أهمية عند قياس تجربة الترفيه ولكن عند التركيز على اإلنعكاسات
السلوكية كإختبار ما إذا كان وضع ال ُمنتج يؤثر على الذاكرة الضمنية أو على إختيار ال ُمنتج حينها
سيكون اإلختبار السلوكي هو األفضل.
255
الجزء الرابع
قياس استجابات
المستهلكين
باستخدام التسويق العصبي
256
" أرأيتم ؟ لقد نجحت اإلحصاءات".
257
في هذا الجزء...
سنلقي هنا نظرة ً على سلسلة كاملة من المنهجيات المتاحة في بحوث
التسويق؛ من أكثر تقليديةً إلى أكثرها تطورا ً وحداثة .كما سنقوم بتوضيح كيفية
عملها وما الجدوى منها ومتى يتم استخدامها .سنبدأ بأساليب " اإلبالغ الشخصي"
أسئل ٍة تتعلق فيما يفكرون به ،وكيفية التقليدية حيث يجيب فيها الناس على
تفكيرهم به وما الذي فعلوه في الماضي وما الذي يتوقعون فعله في المستقبل .ثُم
سنقارن هذه األساليب مع المنهجيات الجديدة التي يتبعها التسويق العصبي والتي
ت َرقٌب إشارات الجسد والدماغ لمعرفة االستجابات والدوافع العاطفية وسلوكيات
المستهلكين المستقبلية المحتملة.
قد تكون دراسات التسويق العصبي مكلفة ،لذا سنخصص فصالً كامالً عن
بعض األساليب غير المكلفة والتي يُمكن أن تستخدم تقريبا ً من ِقبل أ ّ
ي ِ تجار ٍة
فهم أفضل للمستهلكين والمنتجات والعالمات التجارية والجهود وذلك الكتساب ٍ
التسويقية.
إن الفصل األخير في هذا الجزء من الكتاب يوفّر قوائم وتوجيهات لربط
أكثر المنهجيات مناسبةً لحاجا ٍ
ت معين ٍة في بحوثك.
258
الفصل الخامس عشر
المنهجيات التقليدية:
ِلماذا ال نسأل الناس فحسب؟
سنناقش في هذا الفصل ما يأتي:
فهم السبب وراء عدم علم المستهلكين بما يفكرون به مع اعتقادهم العكس
طرح أسئلة ذات احتمالية أكبر في إجابة المستهلكين عليها بصدق ودقة
تعريف اإليجابيات والسلبيات للثالثة ٍ
أسس خاص ٍة بالبحوث التسويقية التقليدية
تخمين سبب حاجتنا إلى قياس االستجابات الواعية والالواعية عند المستهلك
سنراجع في هذا الفصل منهجيات البحوث التسويقية التقليدية والتي تتشارك عموما ً بالفكرة
المتضمنة ذاتها وهي :أنه إذا كنت تريد فهم سلوكيات المستهلكين وتصرفاتهم وآراءهم وتفضيالتهم
واختياراتهم للمنتجات ،فما عليك إال أن تسألهم عن ذلك فحسب.
وقد عرضنا -سابقا ً في هذا الكتاب -كيف يتم تحدي هذه الفكرة البديهية بعدة طرق من قِّبل علم
الدماغ الحديث ،وكيف برز التسويق العصبي كطريقة بديلة على األقل في التعامل مع االكتشاف غير
قدر قلي ٍل من الوعي بقيامهم بفع ٍل ما .لذا فعندما يُسأل الناس عن
المتوقع الذي يقول بأن البشر هم على ٍ
المنتجات التي يفضلونها أو التي سيشترونها مستقبالً ستكون إجاباتهم ال تتعدى كونها تخمينا ٍ
ت فقط.
وعندما يطرح هؤالء الناس تخميناتهم ،فإنهم على األغلب ال يكذبون أو يخدعون الباحثين ،إنما هم
فقد غير مدركين ألسباب ومسببات أفعالهم أو آرائهم.
وقد قدمنا في الفصل 2أيضا ً عقبة صعبة قد تحدث مستقبالً وهي :أن الناس ال يقومون
ت عقالني ٍة لحاالتهم الذهنية فحسب ،بل هم يُبالغون بتقدير دقة أقوالهم إلى ح ٍّد كبير .ويسمي
بتفسيرا ٍ
العلماء هذه فبركة الذكريات ( وتعني سد فجوةٍ في ذكرياتنا ببدي ٍل صنعناه ونعتقد حقا ً بأنه صحيح) .إن
تبرير لتطوير وتبني أساليب التسويق العصبي ٍ مواجهة عقبة فبركة الذكريات عند المستهلكين هو أهم
البحثية.
259
المسوقين ّ
بأال ّ ِّ نظرا ً لهذه التحديات ،فقد تعتقد أن مستخدمي التسويق العصبي قد ينصحون
يطرحوا األسئلة على المستهلكين ،إال أن هذه ليست هي القضية؛ فاستجابة الناس ألسئلة الباحثين -
ت أو في مجتمعٍ دراسة أو في استبيانة -تبقى مصدرا ً قيّ ٌم في جمع سوا ًء أكانت مطروح ٍة في مقابال ٍ
البيانات .إن معرفة ما يعتقد الناس بأنهم يفكرون به حتى وإن كنت تعلم أن إجاباتهم ستكون مؤشرا ٍ
ت
يعرفك بما هيّة الجوانب الكامنة أمر مفيدٌ إلى ح ٍّد ٍ
كبير؛ ألنه ِّ ّ ضعيفة على السلوك المستقبلي الفعلي هو ٌ
في العمليات العقلية الالواعية والتي ارتقت إلى مستوى أفكارهم وتعبيراتهم الواعية .وتكمن الخدعة
هنا أن يستمع الباحثون بانتبا ٍه إلى ما يقوله الناس ،وليس بالضرور ِّة أن يصدقونهم.
االنحراف المبني على الموافقة :فالناس يحبون أن يردوا على األسئلة باإليجاب والموافقة.
فإذا اعتقدوا أنهم يعرفون اإلجابة التي تعجب الباحث ،فمن المحتمل جدا ً أن يمنحوه الموافقة
عليه.
االنحراف المبني على الرغبة المجتمعية :يفضل الناس التعبير عن آراءٍ يعتقدون بأنها
مقبولةٌ اجتماعياً ،فإذا كان لديهم رأ ٌ
ي ال يُشاركهم فيه اآلخرون ،فقد ال يعبرون عنه.
االنحراف المبني على مدى التعرض للمعرفة :فال يميل الناس إلى كشف ما ال يعرفونه ،فإذا
ي في مسأل ٍة ما ،فقد يختلقون واحدا ً حتى ال يبدون بمظهر الجاهل.
لم يكن لديهم رأ ٌ
االنحراف المبني على خطأ في المعلومات :قد يكون الناس في بعض األحيان متناقضين ،وقد
ت خاطئةً عمدا ً وذلك ألنهم ال يحبون أن تُطرح عليهم األسئلة .وقد أصبح هذايجيبون بإجابا ٍ
األمر مشكلةً متكررة لدى الناس الذين تنهمر عليهم االستبيانات ،مثل أولئك الناخبين
والمصوتين في االنتخابات التمهيدية للواليات في أمريكا.
تشترك مصادر االنحراف بصفة أنها جميعها تتضمن تضليالً متعمدا ً من قبل الشخص الذي يتم
كل من هذه ت صادقة في ٍ بمعنى آخر ،أن الناس يعلمون أنهم ال يعطون إجابا ٍ
ً طرح األسئلة عليه؛ أي
طور الباحثون أساليب متعددة للتقليل من هذه األنواع في عدم دقة األجوبة لتجعلها قابلة
الحاالت .وقد ّ
للسيطرة عليها إلى ح ٍّد ما في النموذج الكلي الخاص بطرح األسئلة.
260
ومن األمور التي تُعتبر أكثر إشكالية في ذلك هي مصادر االنحراف التي ال يدركها الناس؛ أي
التخمينات التي يطرحها الناس -والتي يصدقون بأنها حقيقية -ألنهم ال يمتلكون القدرة على الوصول
إلى العمليات الذهنية الالواعية التي تقبع في تفكيرهم الواعي .وهنالك ثالثة أنواعٍ رئيسية لالنحرافات
في االستجابة عند الناس ،وك ُّل واحدةٍ منها تؤثر في نوعٍ مه ٍ ّم من أنواع األسئلة التي يطرحها
الباحثون طوال الوقت وهي:
انحراف الذاكرة :يطرح الباحثون بانتظام أسئلةً على الناس فيما يخص تجاربهم السابقة مع
منتجٍ أو عالم ٍة تجارية معينة ،إال أن اإلجابات التي يعطيها الناس على هذه األسئلة قد تكون
غير دقيقة ألن الذاكرة تُعدُّ مر ّكبة و ُمعرضة إلى أي تشويه وذلك لعدّة عوامل تتضمن
الحاجات والرغبات الفورية .وهذا ال يعني أن الذكريات دائما ً ما تكون خاطئة ،بل أن عملية
انتاج الذكريات الخاطئة سريعةٌ جدا ً (انظر الفصل .)6تنص النتيجة النهائية للبحوث إلى أنه
يمكن الوصول إلى الذكريات بدقة وخاصةً إذا ما كانت حديثةً نسبيا ً أو كانت على صلة
بالعواطف ،لكنها قد تتأثر وبكل سهولة من قِّبل طرح األسئلة أو من قِّبل االستحضار الذهني
وذلك إن لم يكن الباحثون حذرين.
نظرا ً إلى كل تلك العقبات التي تعيق االستجابة الدقيقة للمستهلك ،فإنه من المنطقي أن
ٌ
طرق أخرى لطرح األسئلة والتي قد يقلل من بعض هذه العقبات .إال نتساءل ع ّما إذا كان هناك
261
أنه وفي الواقع هنالك سب ٌل لفعل ذلك .إن الباحثين المهتمين بفهم متى وكيف يوقعون التصرفات
الفعلية للمستهلكين – مثل ما إذا كانت السلوكيات المناصرة للبيئة تؤدي إلى أفعا ٍل مثل إعادة التدوير-
ت في كيفية طرح أسئلة تخص السلوكيات على الناس ،وتسمى تلك الطريقة بنظرية طوروا تعليما ٍ
قد َّ
ي نوعٍ من أنواع المنهجيات التي تهدف إلى توقع السلوك المخطط له .وتفيد هذه التوجيهات أ ّ
السلوكيات من خالل المقابالت الشخصية واالستبيانات.
ت معينة وليس عن مواقفهم بشك ٍل عام .فعندما يُطلب من اسأل عن مواقفهم تجاه سلوكيا ٍ
الناس استذكار ما فعلوه في الماضي ،فهناك احتمالية أكبر لتخمين مواقفهم بدقة .فبدالً من
سؤالهم " كم تحب البروكلي؟" ،اسألهم "كم مرة ً تطبخ البروكلي؟".
ت مناظر ٍة لهم من الناس وليس عن مواقفهم الشخصية. اسأل عن مواقفهم تجاه مجموعا ٍ
إن سؤال الناس عن اآلخرين هي طريقة جيدة في جعلهم يعبرون عن معتقداتهم دون أن
يشعروا بأنهم سيحاسبون عليها .فمثالً اسألهم" :ما مدى شيوع البروكلي كعشاء نباتي عند
األمهات في حيّكم؟".
اسأل عن العوامل المسيطرة التي قد تساعد في إعاقة السلوكيات .فهذه األسئلة توفر طريقة
لتقييم العوامل الموقفية التي قد تساهم في السلوكيات .فعلى سبيل المثال ،اسألهم " :كم تكلفة
البروكلي مقارنةً بالخضروات التي تُباع في المتاجر؟" أو أن تسأل" :كم طريقةً تستطيع فيها
ثمن مرتفعٍ مقارنةً
طبخ البروكلي؟" .فقد يحب الشخص البروكلي ،لكنه إذا ما اعتقد أنها ذات ٍ
ببدائلها ،فقد يقل احتمال شراءه لها.
إن بعض التوجيهات التي قد تساعد في زيادة دقة وصدق إجابات المستهلك ألسئلة البحث
تتعلق بالزمان والمكان الذي يتم طرح السؤال فيه وهي كما يأتي:
ليكن سؤالك في أقرب زمان ومكان ممكنين حيث يكون فيه الناس يقومون بالسلوك
الذي تهتم بدراسته .فعلى سبيل المثال ،اطرح سؤالك عن البروكلي في ممر المنتجات في
محل البقالة.
ليكن سؤالك للناس عندما يكونون في الحالة العقلية والسياق الصحيحين .فمثالً ،اطرح
سؤالك عن تفضيلهم للطعام وذلك عندما يكون المستهلك في محل البقالة.
ظ من سلوكيات .فعلى سبل المثال وفي اطرح األسئلة لتأكيد أو توضيح ما هو مالح ٌ
المقابالت المجراة في محل البقالة ،اطرح سؤال" :لقد الحظت وجود البروكلي في عربة
صتك ،كم مرة ً تشتري فيها البروكلي؟".
التسوق خا ّ
وهنا تكون آخر مرةٍ نتحدث فيها عن البروكلي في هذا الكتاب ونحن نعدكم بذلك .
262
عرض األسس الثالثة لبحوث التسويق
لقد رست بحوث التسويق لعقو ٍد عديدة على ثالثة منهجيا ٍ
ت رئيسي ٍة في جمع البيانات وهي:
المقابالت الشخصية مع المستهلكين والمجتمعات الدراسية واالستبيانات .وقد خضعت ك ٌّل من هذه
والتطورات عبر السنين ،إال أن الفكرة األساسية التي تتشاركها
ُّ المنهجيات للعديد من التغييرات
جميعها تبقى ذاتها وهي :إذا أردت أن تعرف ما يُفكر فيه اآلخرون ،فسألهم عن ذلك ،وإنما تكمن
االختالفات فيما بينها في طريقتك بطرح السؤال فيها:
منظمة ،فالذي ُمقابِّلّ مقابالت متعمقة في األسئلة :تمي ُل المقابالت الجيدة ألن تكون غير
ت مثيرةٍ لالهتمام الماهر هو الذي ينقاد وراء المقابَل معه ،مما يؤدي إلى التعرف على مجاال ٍ
ت جديدةٍ غير متوقع ٍة في الواقع الحقيقي .تتعمق المقابالت حتى يتم استكشافها أو اتجاها ٍ
الشخصية أكثر من األساليب البحثية األخرى .فعلى سبيل المثال ،هنالك تقنية شائعة تسمى
"باألسباب الخمسة" ،فال يترك الشخص الذي يجري المقابلة سؤالً إال ويسأل عن سبب
وهلم حرا ً لخمس إجاباتٍ .وقد ّ ِّ
يدون َ اإلجاب ٍة ما ،ثم يسأل عن سبب تلك اإلجاب ِّة أيضاً،
ت في نفس الوقت التي يطرح فيه األسئلة ،إال أنه الشخص أحيانا ً الذي يجري المقابلة مالحظا ٍ
وفي األغلب يتم تسجيل المقابلة صوتيا ً أو مرئيا ً ثم يتم دراستها بالتفصيل الحقاً.
مجموعات الدراسة :وقد تكون أكثر أساليب البحث شهرة ً وشيوعاً ،حيث أن مجموعات
الدراسة تضم عددا ً صغيرا ً من المستهلكين (غالبا ً ما يكون عددهم ما بين الستة إلى عشر
أشخاص) لمناقشة مسألة أو مفهوم أو فكرة تسويقية ويتم إدارة هذا النقاش من قِّبل وسيط.
عاكس (زجاج أحادي الرؤية كذلك الذي يكون في ٍ ويتم أداء هذا النقاش عادة ً مقابل زجاجٍ
غرف التحقيق) فيقوم المسوقون بمالحظة مجريات النقاش من خلفه .تعتمد فائدة مجموعات
الدراسة على مهارة الوسيط فيها ،والذي يتوجب عليه موازنة الدينامكية المعقدة للمجموعة
للحصول على قراءة أفضل لآلراء المجموعة ككل.
استبيانات المستهلكين :وتعتبر أكثر األسس الثالثة اعتمادية على العلم ،حيث أن
دار لتكون عينة تمثيلية من المستهلكين االستبيانات تحتوي على استفتاءات منظمة حيث ت ُ ُ
ت إحصائية تستكشف مسائل رئيسية .كانت تجرى الدراسة عن طريق االستبيانات بتحليال ٍ
من الباب إلى الباب ،ثم عن طريق الهاتف ،إال أنها اليوم تجرى في األغلب عن طريق
صةً عندما شبكات االتصال (بالرغم من أن االستبيانات الهاتفية ما تزال تلعب دورا ً مهما ً وخا ّ
يتوجب أن تعطى اإلجابات بسرعة).
263
كانت الطرق الثالث هذه الوسائل الرئيسية التي يتم جمع من خاللها ردود فعل المستهلكين
للمنتجات والتسويق وذلك حتى برز التسويق العصبي .وهي اآلن تحتل ما نسبته 90بالمئة من وسائل
البحث التي تجريها صناعة البحوث التسويقية في يومنا هذا.
وسنلقي نظرة ً في هذا القسم على كل طريقة من هذه الطرق وسنصف كيفية ووقت كونها أكثر
إفادة في مزيجٍ من المنهجيات المتوفرة اآلن .وسنستعرض أنها – في ظروفٍ معين ٍة وألسباب محددة-
مهم في يومنا هذا.
دور ٍ
تستمر في لعب ٍ
إجراء مقابال ٍ
ت متعمقة في األسئلة
وكما يُظهره مصطلح المقابالت المتعمقة في األسئلة ،فإن هذه المقابالت تحاول الوصول إلى
عمق التبرير المنطقي عند المستهلكين ،في محاولة استكشافٍ لمحفًزات اآلراء والقرارات والمواقف
واألفعال عند المستهلكين .وبافتراض أن من يُجري المقابلة ذو مهارة وخبرة في هذا النوع من
المقابالت وأن المستجيبين لهذه المقابالت (من تُجرى معهم المقابالت) هم على األقل ممثلون عن
المجموعة التي تهدف الدراسة إلى تسليط الضوء عليها تقريبا ً ،فيمكننا أن نالحظ استخداما ٍ
ت عدّة
وبعض من متخاطرها ومحدوديتها.
ٍ لهذه الطريقة
توفر المقابالت المتعمقة ميزة دراسة عد ٍد قلي ٍل نسبيا ً من المستهلكين ،موفرة ً نتاجات
ومنظورات مألوفة ال يمكن للمقابالت واالستبيانات الموحدة أن تصل إليها .إال أن هذا التعمق ال يأتي
دون تكلفة ،فالعينة فيها تكون صغيرة ً جداً ،ويشكل قلة التوحيد فيها صعوبة في تعميم الدقة
ت مفيدة لمبادرات تطوير اإلحصائية من نتائجها .إال أن المنظورات الناتجة أحيانا ً ما توفر مدخال ٍ
التسويق والمنتجات التي قد تنفّذ الحقاً ،لذا فإن هذه العيوب ال يمكن أن يُنظر إليها كعائق ٍ
كبير لها.
ويُوصى باستخدام المقابالت المتعمقة الختبار الفرضيات التي هي موجودة ٌ في األصل ،إال أن
هذه المقابالت هي أروع وسيلة الستخدامها في المراحل األولى للدراسة؛ لتوليد الفرضيات واكتشاف
ومطوري المنتجات للتعلُّم من
ّ للمسوقين
ّ أفكار جديدة .توفر هذه المقابالت طريقة ممتازة
ٍ واستكشاف
المستهلكين ،مما يوفر تبادالً وافرا ً للمعلومات بين الشركات ومجموعة من عمالءها.
264
تكون المقابالت المتعمقة مصحوبةً أحيانا ً بتقنيات توضيحٍ لل َمجاز واللغة االصطالحية في
الكالم لكي تغوص في أعماق االرتباطات والدوافع لدى المستهلكين ،كجعل المستهلك يسترجع
ُطلب منه جم َع مجموعة من الصور التي تمثل كيفية شعورهم تجاه تجاربه عندما كان طفالً أو أن ي ُ
منتجٍ أو عالمة تجارية .ويُعتقد أن هذه الطرق تكشف الغطاء عن دوافع دفينة في ذات المستهلك
والتي تحفز االرتباطات الذهنية عنده تجاه منتجٍ أو عالم ٍة تجاري ٍة ما ،مما يجعلها مكملةً ألساليب
ت وسلوكيا ٍ
ت المستهلك. التسويق العصبي التي تتفحص األهداف والدوافع الالواعية في اختيارا ٍ
إن أكبر مخاطرة محتملة في استخدام المقابالت المتعمقة هو أن نتائجها التي قد اكتُشِفت من
خالل المقابالت قد يُساء التعرف إليها كنتائج تم تأكيدها .ولألسف ،يكون خبراء التسويق عرضة
المسوقين .فال يتطلب المنظور الذيّ إلساءة اطالق األحكام واالنحياز فيها كما هو األمر عند
اكتُشِّف حديثا ً الكثير من الوقت ليصبح محتوماً ،وذلك بفضل التأثيرات المحرفة لهذه المنظورات
والتي تخص انحرافات تقبُّل األمور عند المستهلكين وإدراكهم المتأخر لها ,أن المقابالت المتعمقة
تمتلك موثوقية ضعيفة فيما يخص اختبار وإعادة اختبار عينات الدراسة والتي تعتبر طريقة رائعة
في قول أنه إذا أجريت مقابلة مع مجموعة مختلفة من الناس ،فإنه يحتمل أن تحص َل على مجموعة
من النتائج المختلفة (والتي ستبدو أيضا ً حتمية عند استذكارها)؛ لذا فإن اعجابك المفرط بمنظوراتك
سيكون أمرا ً مغريا ً يجب عليك مقاومته.
265
السعي وراء المعرفة القوية الخاصة بمجموعات الدراسة
تضمن مجموعات الدراسة في العادة من ستة إلى عشرة أفرا ٍد مستهلكين حيث يمثلون
مجموعة معينة من المستهلكين والتي تكون مستهدفة في الدراسة؛ وذلك لمناقشة مسألة ما أو التعليق
على بعض المفاهيم أو األفكار أو العناصر .ويعتبر هذا النقاش نقاشا ً دائرا ً بين أعضاءه بحرية ويتم
إدارته من قِّبَل وسيطٍ والذي يقوم بتوضيح بعض القواعد ويحاول أن يبقي أعضاء المجموعة
المهيمنين على النقاش تحت السيطرة ،كما ويشجع الوسيط األعضاء الخجلين على المشاركة في
النقاش ويبقي النقاش في مساره الصحيح إذا ما انحرف عن موضوعه.
ت عديدة أول طريقة معيارية يلجأكانت المجموعات الدراسية المكلَّفة بإجراء دراسات لسنوا ٍ
إليه ا الكثير من المسوقين لالستفسار عن مدخالت آراء المستهلكين بشأن تحديات المتسوق ،أو أن
يريدوا بكل بساطة التأ ّكد أنهم على المسار الصحيح في عملهم التسويقي .لقد بدأت مؤخرا ً بعض
الشركات الكبيرة بالتحفظ على مجموعات الدراسة إلى أن األمر وصل إلى أن تمنعها من أن تكون
التسوق
ُّ صتها؛ وذلك ألن مجموعات الدراسة ال تقوى على تنبؤ السلوك جزءا ً من منهجيات البحث خا ّ
الفعلي.
وعند النظر إلى التجارب الماضية ،فلم تكن تلك النتيجة مفاجئةً ،حيث أن المجموعات
الدراسية وعلى غرار المقابالت المتعمقة هي منهجية دراسية وصفية؛ فهي تلتقط معلومات عن كيفيه
قيام مجموعة معينة من الناس باالستجابة و التقييم اآلن ،لكنها العينات التي تدرسها أكثر صغرا ً من
أن تعمم بقوة على تصرفات ومواقف مجموعة أكبر من الناس (مثل جميع المستهلكين الذين يشترون
منتجا ً ما) .لذا فمجموعات الدراسة -وكما هو األمر في المقابالت المتعمقة -تنفع في تعريف
الفرضيات والمسائل التي يجب التحقق منها ،ولكنها ال تنفع في اختبار الفرضيات.
وتكون مجموعات الدراسة ذات فائدةٍ أيضا ً عندما يتم جمع الناس ليتشاركوا في عملية صنع
ت العطل الرسمية
القرار أو تجربة منتجٍ ما .فعلى سبيل المثال ،عندما يُراد فه ُم حالة التسوق في أوقا ِّ
نقاش بين جميع أفراد عائل ٍة ما .وعندما يذهب األصدقاء في ٌ واألعياد ،فإنه من المنطقي أن يُجرى
نقاش
ٍ العادةِّ إلى التسوق لشراء المالبس ،فإنه من المنطقي أيضا ً أن يُدعى هؤالء األصدقاء إلى
266
جماعي ،مثل ذلك الكثير من األمثلة .ومن المحتمل أن تكون النقاشات الناتجة أكثر طبيعيةً ألن
استهالكية المجموعات تؤثر على الموقف الواقعي للتسوق.
للمسوقين ،فأن القيمة الرئيسية وراء استخدام مجموعات الدراسة هي أنها تمكنهم ّ أما بالنسبة
من رؤية المستهلكين عن كثب ،وتمكنهم من مالحظة اإلشارات والدالالت الدقيقة من خالل التفاعل
المسوقون في
ّ مع المستهلكين وجها ً لوجه .تكمن القضية هنا في أن أفضل المعلومات التي يجمعها
مجموعات الدراسة ليست من خالل ما يقوله الناس ،بل مما يفعلونه؛ أي إيماءات البسيطة يقومون بها
وتعابير وجههم وردود فعلهم تجاه أقوال غيرهم وهل َّم جراً.
إن من الغالب أن تكون هذه التفسيرات بديهيةً بطبيعتها ،فالباحثين الخبراء هم القادرون على
ت البديهية من كيفية كالم المشاركين في مجموعات الدراسة وكيفية تعبيرهم عن استنتاج المنظورا ٍ
أنفسهم باستخدام لغة الجسد وكيفية تغيرهم لنغمة صوتهم ،ومع من يتفاعلون ،وما إلى ذلك من
الطرق .عدا أن مثل هذه المنظورات ال تكون منطقيةً إلى ح ٍّد كبير أو قابلةً لالختبار بالمعنى العلمي
لها ،إال أنها مع ذلك تُعدُّ مفيدة ٌ جداً .فبالنظر إلى ذكريات من كانوا أسطورة ً في التسويق ،فإنه من
المفاجئ معرفة كم من منظوراتهم الناجحة قد بدت مستخلصة من المالحظات البديهية بسيطة.
ال تثق بهذه المالحظات والمنظورات كثيراً ،فهي عرضة ٌلالنحرافات بحد ذاتها كغيرها
من األمور التي يالحظها اإلنسان ،فال تسمح لها في أن تكون محتومة وضرورية بالنسبة لك؛
فهي فرضيات يجب أن تكون عرضة الختبارها علميا ً لتصبح أكثر دقة وذلك قبل أن تُستخدم
للتزويد عملية اتخاذ القرار بالمعلومات أو تغييرها.
تنتج الكثير من التحديات الفريدة من نوعها من خالل ديناميكيات المجموعة؛ وذلك ألن
مجموعات الدراسة تتعامل مع مجموعة من المستهلكين ،فالناس يتصرفون في المجموعات على نح ٍو
مغاير عن تصرفاتهم في موقف أحادية ،وتتضمن التحديات الناتجة عن ديناميكيات المجموعة ما
يأتي:
عم في المجموعة ،حيث يقوم في المجموعة الهيمنة :أو ما يُسمى بمشكلة المشارك المتز ِ ّ
مشاركٌ واحدٌ (أو في بعض األحيان مشاركيَن اثنين) بترأس النقاش والتأثير على آراء بقية
المشاركين في المجموعة.
التفكير الجماعي :وهو الميل النفسي عند المجموعات لموافقة بعضهم البعض والذي يندمج
قبل أوانه في التفكير الواعي لديهم.
267
المشاركين ال ُمح َّمسين :حيث يشعر المشاركون بالضغط للمساهمة في شيءٍ ما حتى ولو لم
ي فيه( .ويمكن استنتاج ذلك من خالل شعورهم بأنهم مجبورين على المشاركة يكن لديهم رأ ٌ
ألنه قد دُف َع إليهم مبلغ من المال ليقوموا بذلك.
بالرغم من كون مجموعات الدراسة نافعةً في مالحظة الهيئة التي تبدو فيها فكرة
الرسالة التسويقية أو منتجٍ ما فيما بين مجموع ٍة من المستهلكين ،إال أنه ال يجب أن تُستخدم في
محاولة تحديد ما الذي ينبغي على الرسالة التسويقية أن تكون عليه .وتميل ديناميكيات
مجموعات الدراسة إلى تشجيع االنسجام وكبح جماح اإلبداع فيها ،كما تميل أيضا ً إلى تقدير
مألوف على غير المألوف لديهم .وعندما يكون ٌ معروف على غير المعروف ،وما هو ٌ ما هو
األمر يتعلّق بتطوير رسال ٍة تسويقي ٍة استراتيجية ،فإن من غير أن المحتمل أن تخلق المجموعات
الدراسية جوا ً من المساهمة اإلبداعية.
من المعقول أن تُستخدم االستبيانات لطرح أسئل ٍة على الناس يستطيعون اإلجابة عليها،
كسؤالهم عما يفعلونه أو قد يفعلوه في العادة وخاصة إذا ما كنا نشير على الماضي القريب .لكنه من
الصعب أن تسأل الناس ع ّما يعتقدونه أو يؤمنون به؛ ألن المصدر الحقيقية وراء تفضيلهم لشيءٍ ما أو
تصرفاتهم قد يكون -وإلى ح ٍد كبير -غير معروفٍ لديهم ألنه يقبع في عقلهم الباطن .ومن غير الجيد
عرضةً أن تسأل الناس ع ّما سيفعلونه في المستقبل؛ ألن تخمينات الناس فيما يتعلق بالمستقبل هي ُ
للعديد من الشكوك واالنحيازات التي من غير المحتمل أن تؤدي إلى تنبؤا ٍ
ت دقيقة.
268
ويمكن لمثل هذه األسئلة أن تضلل الباحثين وبكل سهولة؛ ألن الناس يعتقدون حقا ً بأنهم يجيبون
ت قد تضلل الباحثين. ق ودقّة ،بيد أنهم في الحقيق ِّة يطرحون تبريرات و تخمينا ٍ
على األسئلة بصد ٍ
وهناك أساليب معينة للحد من مثل التبريرات غير الدقيقة تلك ،مثل الطلب إلى الناس القيام
باختيار سريع وبسيطٍ بدالً من تشكيل خيارا ٍ
ت تم التفكير بها ث َّم التعبير عنها ،فهذه الطريقة تقلل من ٍ
المصادر الرئيسية التي تشوه اإلجابات في االستبيانات؛ وهي الطلب إلى الناس استخدام النظام ()2
للعمليات الذهنية المدروسة من أجل سرد قصة معقولة بشأن االختيارات واألفعال التي يقومون بها
باستخدام النظام ( )1للعمليات الذهنية التلقائية( .انظر الفصل ( )8للمزيد من المعلومات عن النظام
( )1والنظام ())2
إن نظرية أساليب السلوك المخطط له (انظر فيه قسم "فهم السبب كون طرح األسئلة أمرا ً
يتضمن بعض المجازفة" سابقا ً في هذا الفصل) هي أيضا ً توفر توجيها ً نافعا ً لتشكيل أسئلة استبيانات
تقلل من االنحرافات في العرض الذاتي لألفكار كما وتحسن من الدقة التنبؤية للنتائج .ويمكن لتشكيل
االستبيانات التي تتمحور على التوجيهات الثالثة لنظرية السلوك المخطط له أن تُحسن من ك ٍّل من
الفائدة والدقة التنبؤية للنتائج التي تخرج بها استبيانات المستهلكين ،حيث أن التوجيهات الثالثة هذه
للنظرية هي :السؤال عن السلوكيات ،وعن سلوكيات المجموعات المناظرة األخرى ،وعن العوامل
الموقفية التي تؤثر على السلوكيات.
يكمن المحدد الرئيسي لالستبيانات في أنها تفترض أن الناس يستطيعون إطالع االستبانة
على مواقفهم ومعتقداتهم ومشاعرهم بدقة ،أو أن يصفوا تفضيلهم لشيءٍ ما بدقة ،أو أن يتذكروا
ما قاموا به في الماضي وسبب قيامهم به ،أو أن يتوقعوا ما سيقومون به في المستقبل .فبالرغم
من مما توصل إليه علم الدماغ باإلضافة إلى التحذيرات مستخدمي التسويق العصبي التي سوف
نشرحها بالتفاصيل الحقاً ،فإننا نعتقد بأن هذه األسئلة سوف تبقى تُطرح على الناس في استبيانات
المستهلكين .وكما يعلم أغلب باحثي السوق ،فإنه من األفضل معرفة شيء قد يكون خاطئا ً وأن يُعامل
معين بدالً من أال يعرفوا شيئا ً أبداً.
ٍ بحذر
ٍ
يمكن لبعض المشاكل المنهجية اإلضافية أن تؤثر على ص َّحة نتائج االستبيانات وقابليتها
للتعميم .وسنذكرها هنا بإيجاز ألنا بعيدة ٌ عن نطاق موضوع هذا الكتاب ،إال أن بعضها َيبرز مرارا ً
في نقاشنا للمشاكل المنهجية الخاصة بدراسات التسويق العصبي وذلك في مرحل ٍة الحق ٍة في هذا
الكتاب وهي كاآلتي:
269
يُحتمل نسيان أسئلة أهم منها في عقل المستهلكين .فيُعد إجراء مقابال ٍ
ت متعمقة قبل اتباع
منهجية االستبانة طريقة جيدة لتجاوز هذا المأزق.
انتقاء العينة :ويكمن التحدي األكبر هنا الحرص على أن تكون العينة ممثلة لمجتمع
مظهر أكثر خداعا ً مع االستبيانات اإللكترونية التي تطرح
ٍ الدراسة المستهدف .وهذا يكون ذا
مجموعات المستهلكين المشاركين فيها عن طريق االنترنت والتي ال تُم ِّث ّل مجتمع الدراسة
بالطرق المعروفة وغير المعروفة .ويكمن الخطأ الشائع هنا في افتراض أن هذه المشكلة قد
ت ُ َحل بجمع عينات أكبر ،عدا أن العينات الكبيرة المنحازة وذات االنحراف الكبير تكون
مضرة باالستدالالت اإلحصائية كالعينات الصغيرة المنحازة.
تحليل النتائج :إنه من المهم أال نخلط فيما بين األهمية اإلحصائية مع األهمية الموضوعية
ُ
حيث يتم توليد الكثير من العينات دون أي تكلفة وخاصة فيما يتعلق باالستبيانات في النتائج.
اإللكترونية ،فستنت ُج مثل هذه العينات بعض االرتباطات المهمة جدا ً ألن الكثير من
اإلحصاءات (مثل طريقة معامل االرتباط التي غالبا ً ما تُستخدم) تكون حساسة لحجم العينة.
فيجب تحليل االستبانات باستخدام أداة إحصائية متطورة ومتعددة المتغيرات وليست تلك
المتغيرين؛ ألن معظم عالقات ذات الصلةَ األدوات اإلحصائية الترابطية البسيطة ذات
ت عديدة وليس متغيرين فقط. بموضوع البحث تتضمن متغيرا ٍ
270
تعريف المجموعة المثلى قبل طرحه العرض التسويقي في السوق .وتفيد التصميمات التجريبية في
ق أوسع .يمكن استخداماختبار المنتجات الجديدة في السوق التجريبية وذلك قبل طرحها على نطا ٍ
اختبارات اإللكترونية ذات الخيارات المحصورة لصقل العروض التسويقية بعينات واسعة النطاق
قصير جداً.
ٍ خالل وق ٍ
ت
المسوقين المنافسين على الطرح ّ وهناك مجازفةٌ أخرى في اختبار التسويق وهو أنه ين ِّبّه
الوشيك للمنتج والشكل الذي سيتخذه ،باإلضافة إلى أن اختبار حركة التسويق قد يكون مكلفا ً ويستلزم
وقتا ً طويالً للحصول على نتائج نهائية .إال أنه مع ذلك تكون التصاميم التجريبية الخاصة باختبار
موثوق بها؛ ألنها تُبنى على سلوكٍ واقع ّ
ي ٍ للمستهلك. ٌ السوق والتي تجرى على النحو المالئم
يكمن التحدي الرئيسي في مثل مجموعات المستهلكين هذه المشاركة في الدراسة في أن
أعضاءها يصبحون أكثر إدراكا ً بأنه يتم مراقبتهم واإلشراف على سلوكياتهم ،مما يؤثر هذا بدوره
على ما يفعلونه .وقد أظهرت دراسات اختبار الموثوقية أن المستهلكين يظهرون نوعا ً من الميل إلى
تغيير سلوكياتهم عندما يكونوا جزءا ً في مثل هذه المجموعات .وتكمن نقطة مشوقة هنا أنهم في العادة
ال يكذبون بشأن سلوكياتهم ،بل يبدأون بالتصرف على نح ٍو يريدون أن يظهروا بأنهم يفعلونه.
الدراسات المسحية
وتُسمى الدراسات الرصدية أيضا ً بالدراسات المتعلقة بعلم اإلنسان أو األجناس البشرية ،والتي
تعتمد على القوة الحدسية للراصد الماهر .فبدالً من أن يطرح باحثو الدراسات الرصدية األسئلة ،فهم
يقضون وقتهم مع المستهلكين في بيئاتهم ونشاطاتهم الطبيعية؛ أي في المنزل وعند التسوق أو خالل
271
تواصلهم االجتماعي أو عند تناولهم الطعام أو عند بحثهم عن المعلومات وما إلى ذلك من األنشطة.
ت حدسي ٍة من خالل السلوك الطبيعي المرصود ومن خالل البيئة ويقوم الباحث بالتوصل إلى استنتاجا ٍ
التي يقع فيها السلوك .وال يكمن المبدأ الرئيسي عند الباحث الراصد بأن يرصد األمور من حوله فقط،
بل وأن يتفاعل معها فيحاول أن يكون كالذبابة على الحائط بالمعنى المجازي للجملة.
إن الدراسات الرصدية هي دراسات وصفيةٌ بطبيعتها وكما هو الحال في المقابالت المتعمقة
فإنها في العادة تغطي عينةً صغيرة ً فقط ،لذا فإنها ال تولد نتائج يمكن تعميمها ،بل وقد توفر منظورا ٍ
ت
ال يُمكن اكتشافها باتباع طريقة أخرى كما هو األمر في المقابالت المتعمقة.
فعلى سبيل المثال ،يمكن للدراسات الرصدية معرفة ما إذا كان المستهلكون يشترون منتجا ٍ
ت
لعالمة تجاري ٍة معينة وذلك على نح ٍو معتاد .فإذا الحظ الراصد أن معظم المستهلكين يلتقطون منتجات
هذه العالمة من على رفوف المتجر دون أي تردد أو مقارنة سعرها مع منتجات لعالمة تجارية
أخرى ،فإنه سيخمن بشك ٍل عقالني أن ما تمت مالحظته هو سلوكٌ اعتيادي قيد التنفيذ لمشترين
معتادين عليه .وبالطبع لن توضّح هذه الدراسة كيف أصبح هؤالء المستهلكون مشترون اعتياديون،
مهم في سوقهم الخاصة.
قسم ٍ
بل ستساعد مسوقي العالمات التجارية على فهم سلوكيات ٍ
ونحن نعتقد بأن الطرق التقليدية ومنهجيات التسويق العصبي تك ِّ ّمل بعضها بعضاً؛ فهي تشك ُل
معا ً صورة ً مكتملةً أكثر مما تشكله كل مجموعة من المنهجيات على حدى.
272
ب استخدام الطرق التقليدية في استكشاف وتوليد الفرضيات (مثل المقابالت المتعمقة ويتو ّج ُ
ومجموعات الدراسة) ولتوثيق السلوكيات الحديثة لعينات كبيرة من المستهلكين (والمقصود هنا
االستبيانات) .ويعتبر اإلبالغ الذاتي للمستهلكين عن تصرفاتهم ومشاعرهم وذكرياتهم وخططهم
المستقبلية أمرا ً مهماً؛ وذلك ألنه يمثل ما يؤمن الناس بصحته في عقلهم الواعي ،غير أنه يتو ّجب
حيث أنه ال يمثل إال قدرا ً بسيطا ً
ُ منظور التفاعل الواعي والالواعي؛
ِّ على الباحثين تفسيره من خالل
مما يحدث في عقولهم.
ص ِّ ّممت طرق التسويق العصبي للتعرف وقياس هذه النشاطات أما في الجهة األخرى ،فقد ُ
ق تجريبي ٍة واستدالال ٍ
ت إحصائي ٍة دقيقةٍ ،وقد يُعبَّر الالواعية في العقل البشري ،فهو يعتمد على طر ٍ
ت مدر َكة أو ال يتم ذلك.
عنها بأقوا ٍل وسلوكيا ٍ
273
الفصل السادس عشر
سنقوم في هذا الفصل بجولة في الجهاز العصبي البشري لمعرفة كيف يُنشِّئ الدماغ والجسد
ت يقيسها التسويق العصبي ،وسنمعن النظر في عشر إشارا ٍ
ت ناتجة من الدماغ والجسد. إشارا ٍ
وسنقوم بشرح التقنيات الرئيسية المستخدمة في التقاط هذه اإلشارات لكل واحدةٍ من اإلشارات العشر
هذه ،ومن ث َّم سنوضح كيف تساعدنا هذه المقاييس في فهم استجابات المستهلك وقراراته وأفعاله.
وستغطي الجولة نطاقا ً كبيرا ً من هذا الموضوع؛ وذلك ألن علم الدماغ قد ورث للتسويق العصبي كنز
274
من تقنيات القياس المتقدمة ،وقد تم تطبيق أغلبها وصقلها عبر عقو ٍد من الزمن في البحوث الطبية
واألكاديمية.
تشكيل االنطباعات
تحديد القيمة والمعنى
التفكير والتحليل
التكلُّم والقيام باألفعال
نستعرض في الشكل 1-16كيف تنسجم هذه األنشطة في صورةٍ أكبر للجهاز العصبي البشري
ككل .فيُعتبر الجهاز العصبي الذي يتوسطه الدماغ محركَ كل ما نشعر ونقوم به كبشر.
الشكل :1-16
عمل الجهاز
العصبي
المركزي
والمحيطي
275
النظام على التعرف
) ،)Composition Services Graphicsشركة (Wileyشكل توضيحي من صنع ويلي ( العصبي الخاص بك
إن القسم الرئيس للعمل في الجهاز العصبي هو مابين الجهاز العصبي المركزي ()CNS
والجهاز العصبي المحيطي ( .)PNSيتضمن الجهاز العصبي المركزي الدماغ والحبل الشوكي،
طيْن في نموذجنا هذا؛ أي نشا ُ
ط تحديد القيمة والفائدة نشاط التفكير والتحليل وهما يحدثان فالنشا َ
على وجه الحصر في الجهاز العصبي المركزي وهما مسؤوالن عن اتخاذ القرارات والتي تحدث
فقط في الجهاز العصبي المركزي.
وكما نود أن ننوه هنا إلى حواف الشكل ( ،)16-1فالجهاز العصبي المحيطي مسؤو ٌل عن
رصد اإلشارات الحسية وتنفيذ الحركات الجسدية ،بينما يكون الجهاز العصبي المركزي مسؤوالً عن
تحليل المدخالت واتخاذ القرارات.
276
ألنها تتضمن صنع صور للنشاط داخل الدماغ ،بينما تقوم المقاييس الجسدية بالتقاط األفعال البدنية
(أي حركة العضالت) والتي يتم توجيهها من قبل الدماغ من خالل الجهاز العصبي المحيطي .ويتم
توصيل األوامر الحركية عبر القسم الثاني المهم في الجهاز العصبي الذي تم توضيحه في الشكل
( :)1-16وهو القسم الموجود بين الجهاز العصبي المحيطي وهما الجهاز العصبي الجسدي ()SNS
والالإرادي (.)ANS
إن الفرق بين الجهاز العصبي الجسدي والالإرادي مه ٌّم لفهم مقاييس التسويق العصبي؛ ألن
اإلشارات التي تنتج من الجهاز العصبي الالإرادي بطيئةٌ نسبيا ً وتكون في األغلب الإرادية .وهذا
التعرق ومعدل نبض القلب والتنفُّس وا ِّت ّساع بؤبؤ العين .أما
ُّ يتضمن االستجابات الجسدية مثل
تحكم إرادي جزئي من
ٍ اإلشارات الناتجة من الجهاز العصبي الجسدي فهي أكثر سرعةً وتكون تحت
قبل الشخص .وتتضمن هذه اإلشارات استجابا ٍ
ت كتعابير الوجه وحركة العين والرمش واالستجابات
السلوكية.
ويُمكن تقسيم مقاييس الدماغ أيضا ً إلى فئتين رئيسيتين هما :مقياس تدفق الدم والذي يد على
النشاط الدماغي من الزيادات النسبية في معدل تدفق الدم الالزم لتوفير الطاقة (كاألوكسجين
والجلوكوز) للخاليا العصبية النشطة .أما الفئة الثانية فهي مقياس الكهربائية حيث أنها تلتقط
اإلشارات الكهربائية والمغناطيسية التي تنشئ عندما تكون الخاليا العصبية نشطةً بطريقة مباشرة.
ويُظهر الشكل ( )16-2كيفية تصنيف مقاييس التسويق العصبي -التي ستشرح في هذا
الفصل -وفقا ً لهذه التقسيمات.
277
الشكل :2-16
مقاييس التسويق
العصبي للدماغ
والجسد
) ،)Composition Services Graphicsشركة (Wileyشكل توضيحي من صنع ويلي ( التقاط اإلشارات من الجسد
وبالرغم من أننا نعتقد بأن السلوك هو حركاتٌ واضحةٌ كالمشي واالبتسام والتحدث ،إال أن
تسارع ضربات القلب وتقلص عضالت الوجه بشك ٍل غير ملحوظ
ُ جسدنا يستجيب أيضا ً بحركات
واتساع حدقة العين إلدخال المزيد من الضوء .فتلعب هذه المقاييس الفسيولوجية التي ال تكون
صا ً في قياس ردود الفعل الالواعية للمواد التسويقية .وإنها تقوم بذلك بسبب
ملحوظة دورا ً مهما ً وخا ّ
صلها في االرتباط الوثيق بين الجسد والعقل ،فغالبا ً ما تستجيب أجسادنا للمحفزات البيئية قبل أن
تأ ُّ
يُدرك عقلنا الواعي حدوث هذه االستجابة الجسدية.
وفيما يلي بعض الطرق المهمة التي يقوم بها الجسد بإرسال إشارا ٍ
ت ناجمة عن ردود أفعاله
إلى العالم من حوله:
تعابير الوجه :وهي استجابات ملحوظة وعامة في الوجه ناتجةً عن حال ٍة عاطفي ٍة ما (مثل
الفرح والغضب والمفاجأة وما إلى ذلك).
حركة عضالت الوجه :وهي حركات صغيرة ٌ جدا ً ال يُمكن مالحظتها من قِّبل العين البشرية
لكنها تصاحب االستجابات العاطفية الالواعية.
حركة العين :أي أنماط النظر والتحديق والرمش وردود فعل االنبهار واتساع بؤبؤ العين.
التعرق كاستجاب ٍة إلثارةٍ عاطفي ٍة ما.
ُّ النشاط الكهربائي :وتتضمن
معدل نبض القلب وضغط الدم والتنفس :وهي النواتج العرضية التي تنشأ من خالل استعداد
الجسد ألداء فع ٍل ما وهو مرتب ٌ
ط باالنتباه واالستجابة العاطفية.
أحكام
ٍ أزمنة االستجابات السلوكية :وهي مدى سرعة استجابتنا لمهمة االختيار أو إطالق
بسيطة ،والتي توفر دالئل تتعلَّ ُق بالمالئمة الشخصية والعواطف غير المدركة.
278
تفسير تعابير الوجه
ويتم التحكم بتعابير الوجه من خالل الجهاز العصبي الجسدي ،لذا فهي تحت سيطرةٍ إرادي ٍة
جزئياً ،وهي مؤشرات على الحاالت العاطفية على وجه العموم .فعلى سبيل المثال ،ترتب ُ
ط االبتسامة
الصادقةُ (على عكس االبتسامة الزائفة أو التي تكون ناتجة عند التواصل االجتماعي) في الغالب
بمشاعر السعادة ،وذلك بالرغم هذه الحالة ال تكون كذلك دائما ً (أي مثل ابتسامة االستياء التي ترتبط
بمشاعر االحباط).
وهذا يدل على محدودية تحليل تعابير الوجه؛ فبالرغم من أن تعابير الوجه العاطفية قد
ت عاطفية داخلية ،فقد يتعرض الناس إلى حاال ٍ
ت عاطفي ٍة داخلية دون أن يُبدوا تعابير ترتبط بحاال ٍ
وجه ٍه مصاحب ٍة لها.
وقد بنى الباحث إكمان على اكتشافه نظاما ً لفك تشفير تعابير الوجه ،قائ ٌم على حركة
العضالت في وجه اإلنسان ،وقد سماه بنظام تشفير حركة الوجه ( .)FACSفباستخدام هذا النظام،
تعبير وجهي يدويا ً وفقا ً لوحدة ثابتة تُع ِّبّر عن حركة العضلة
ٍ يمكن لخبراء التشفير فك تشفير أي
وتسمى وحدات الحركة ( .)AUsويقوم المش ِّفّرون عادة ً بتحليل مقاطع فيديو تصور الوجه البشري
لتعرف على التعابير الصغيرة جدا ً والعابرة التي تُمثّل التغيرات العاطفية.
ُّ والتي يمكن عرضها
279
ويمكن لبعض المش ِّفّرين أن يُصنفوا تعابير الوجه على أرض الواقع ،إال أن هذا يُعدُّ أمرا ً نادراً .إذا
ُكنتَ تودُّ أن تُصبح مشفَّر ( )FACSفهذا يتطلب تمرينا ً مكثفا ً وشهادة تثبت تمكنك في هذا المجال،
فتحليل نظام فك تشفير تعابير الوجه هو غايةٌ في الدقة ،ولكنه في بعض األوقات يستنزف وقتا ً ويعتمد
على توفُّر وحرفية المحللين ال ُم َّ
دربين.
وهنالك طريقة أخيرة قد تُلجأ ُ إليها بعض شركات البحوث وهي استخدام تعابير الوجه
صة بها إلى وصفٍ شفهي لالستجابات العاطفية للمواد التسويقية .فبدالً أن ي َ
ُطلب لترجمة صور الخا ّ
صور لتعابير وج ٍه مختلف ٍة على المشاركين ثم
ٍ إلى الناس وصف استجاب ٍة عاطفي ٍة ما ،يتم عرض
ُطلب منهم اختيار أكثر صورةٍ تمثل ما يشعرون به .وقد أكد الباحثون أن هذه الطريقة تعطي صورة
ي ُ
دقيقة لرد الفعل العاطفي وخاصةً للدراسات التي تخوض في ثقافات متعددة؛ ألنها ال تتطلب من
المشاركين أن يترجموا مشاعرهم إلى كلماتٍ ،وذلك قبل التعبير عن تلك المشاعر.
280
استشعار عضالت الوجه :تخطيط كهربية العضالت
ق دقَّةً في قياس حركة
إن عملية تخطيط كهربية عضالت الوجه ( )EMGهي أكثر طر ِّ
عضالت الوجه من نظام تشفير حركة الوجه ( )FACSوالتحليل التلقائي لتعابير الوجه ،فهو يقيس
النشاط الكهربائي الذي يَنتج عن تفعيل حركة عضالت الوجه والتي تحدث تحت مستوى ما هو
ملحو ٌ
ظ.
ٌ
بحث مكثف باستخدام تقنية ( )EMGإلى أن هناك عضالتٌ معينة في الوجه ذات صل
تو َّ
قدرة استجابة عالية للمنبهات العاطفية مثل عضلة مغضنة الحاجب؛ أي عضلة العبوس والعضلة
الوجنية؛ أي عضلة االبتسام .إن تقنية ( )EMGهي التقنية الوحيدة التي تستطيع التعرف وبسرع ٍة
كبيرة على النشاط الخفي لهذه العضالت والتي تحدث تلقائيا ً والشعوريا ً قبل أي تشك ٍل تعبيري متعمد.
وبالتالي ،تتمكن تقنية ( )EMGمن توفير مقياس عالي الحساسية للتقييم العاطفي الطبيعي التلقائي
(انظر الفصل )2والذي يُطبقه البشر على جميع المستقبالت الحسيَّة :البصر والسمع والشم واللمس
والتذوق.
ُّ
تكمن المفاضلة بالنسبة لتقنية ( )EMGفي أن هذه الدقة العالية تكتسب مقابل تجربة طويلة
أكثر من كونها طبيعية .فعند قياس إشارات تقنية ( ،)EMGيجب استخدام حساسات سلكية صغيرة
لتوضع على الوجه مباشرة وبالتحديد على مواضع العضالت المستهدفة ومن ث َّم ربطها بجهاز مكبر
ومسج ٍل لهذه اإلشارات.
281
حركة العين والتحديق
ت تقنية تحليل حركة العين على نح ٍو واسعٍ في بحوث التسويق منذ سبعينيات القرناستُخ ِّد َم ْ
الماضي .وفيما يلي ثالثة أنواعٍ رئيسة لحركة العين التي ت ُ ُ
قاس في دراسات تتبع حركة العين وهي
كاآلتي:
التحديق :وهي فترة ثبوت العين عندما تكون تتلقى المعلومات .وقد يكون من الصعب تحديد
شخص ما بتصفح صفحة ٌ معنى التحديق مع غياب المقاييس األخرى ،فمثالً عندما يقوم
إلكترونية على شبكة اإلنترنت ،فقد يُمثّل التحديق اهتماما ً كبيرا ً في جه ٍة معين ٍة من تلك
وصعب التفسير في تلك
َ الصفحة ،أو يمكن أن يكون مؤشرا ً على أن هناك جزءا ً معقدا ً
ألمر يصعُب فهمه،
ٍ الصفحة .قد يكون التحديق مطوالً مرتبطا ً بالشك أو المعالجة الذهنية
ت قصيرةٍ مرتبطا ً بالمعالجة الذهنية لسالس ٍة أكبر في فهم األشياء.
بينما يكون التحديق لفترا ٍ
ُ
تحدث بين فترات الرعشات السريعة للعين ( :)Saccadesوهي حركات سريعة للعين
التحديق ،وهي تمثل فترات البحث البصري خالل عدم حدوث عملية الكتساب المعلومات.
وتؤشر اتجاه ومسافة رعشة العين السريعة على تحوالت في االنتباه والفهم واألهداف
الذهنية .وغالبا ً ما تُم ِّث ّل رعشات العين االرتدادية (أي الرجوع في النظر إلى منطقة سبق
أمر معين .وقد تمثل التحوالت الفجائية في اتجاه النظر إليها) ارتباكا ً أو قصورا ً في فهم ٍ
الرعشة العينية السريعة تغييرا ً في أهداف الناظر الذهنية أو مؤشرا ً على منب ٍه ال يتوافق
وتوقعات الناظر.
مسارات التحديق :وتعني ُمجمل حاالت التحديق ورعشات العيون السريعة في فترة زمنية
ي ٍ كف ٍؤ وموج ٍه إلى ُ
حيث تؤشر مسارات التحديق السريعة والمستقيمة إلى انتقا ٍل بصر ّ معينة.
المطولة والحائمة غير المباشرة على وجود
ّ منب ٍه أو مح ِّفّ ٍز معين ،بينما تؤشر المسارات
ارتباكٍ أو قصور في التوجيه عند النظر.
ِّ ّ
لنرطب مقلة يُعد تر ُّمش العينين موضوعا ً مثيرا ً لالهتمام أكثر مما يبدو عليه ،فنحن نرمش
أعيننا بالطبع ،إال أننا قد نقوم بالرمش بنسب ٍة عالي ٍة أكثر من الالزم من أجل ذلك السبب الذي ال يحتا ُج
282
إلى ذلك .وقد وقام الباحثون بحساب أن ما نسبته %10من ساعات يقظتنا يتم فيها حجب المستقبالت
البصرية عن طريق تر ُّمش العين ،فمن المفترض أن هناك أمرا ً مهما ً يحدث عند قيامنا بذلك إذا ما
كان دماغنا يريد التضحية ببعض تلك اليقظة التي تتم من خالل البصر؛ حيث أن هناك الكثير مما
يحدث عندما نرمش بأعيننا.
وقد تبين أن السبب اآلخر وراء ترمش العين هو إلراحة أعيينا من تركيز في االنتباه على
المح ِّفّزات الخارجية لمجرد أجزاءٍ من الثانية؛ وذلك لتتيح لنا الفرصة في متابعة المعالجة الذهنية
الداخلية .ويبدو بأننا نمتلك أمور روتينية داخل أجسادنا في تحديد الوقت الذي نقوم فيه بالرمش حتى
ال نفقد انتباهنا إلى شيءٍ مه ٍ ّم في العالم الخارجي .إن معرفة وظيفة تر ُّمش العين تفيد التسويق
العصبي بأمرين هما :
يتوقف ترمش العين أثناء مهم ٍة تتطلب االنتباه وقد يكون أكثر في تلك التي ال تتطلب
الرمش في الدقيقة الواحدة)
الكثير من االنتباه والتركيز؛ لذا يُمكن لمعدل التر ُّمش (معدل َّ
وفترة التر ُّمش (أي المدة التي يتطلَّبها فعل الرمش) أن يكونا مؤشرين مفيدين في توزيع
االهتمام على مدى فترةٍ من الزمن.
يُمكن لتزامن الرمش (أي مدى تر ُّمش الشخص في اللحظ ِة ذاتها) لمجموع ٍة من
المشاهدين أن يكون مفيدا ً في المقياس اللحظي الندماج المشاهدين في برنامجٍ أو سر ٍد
قصصي ٍ مصور .وبسبب كون دماغ ك ِّّل مشاه ٍد هو ما يقرر متى يأخذ استراحةً من خالل
ّ
التر ُّمش على نح ٍو مستقل ،عندها يُصبح تزامن التر ُّمش مؤشرا ً على الوقت الذي يكون فيه
شريط الفيديو يسيطر على انتباه المشاهدين بفاعلية ،وفيما إذا كان يوصل المحتوى المراد
لهذا الفيديو بكفاءة.
يُعتبر رد فعل العين عند االنبهار حركةً الإراديةً يقوم بها الجهاز العصبي الجسدي ()SNS
شخص ما مندم ٌج بمه ّم ٍة معينة (مثل مشاهدة شريط
ٌ وهي كركةٌ َيسهل قياسها .ففي تجرب ٍة يكون فيها
فيديو أو صورا ً أو يقرأ قصةً) ،تم إطالق مقطع صوت قصير على شك ٍل متقطع عبر السماعات
العادية أو سماعات األذن .فعندما يُسمع ضجي ٌج أو صوتٌ ما في هذه الحالة ،فإن الشخص الذي
يسمعها سوف يستجيب تلقائيا ً من خالل العناصر المعتادة عند رد فعل االنبهار :وهو التر ُّمش
قباض في عضالت العين.
وان ٍ
283
مباشر للتوجيه التحفيزي (أي فعل االقتراب أو
ٍ يُعتبر رد فعل االنبهار إجرا ًء قويا ً وغير
التجنُّب) تجاه العنصر الذي شدَّ االنتباه .وكجزءٍ من استجابتنا العاطفية التطبيقية والالإرادية لكل ما
نواجهه ،تستمر أدمغتنا في تعديل حالتنا العاطفية وفقا ً الستعدادنا لفعل االقتراب أو التجنُّب .وتتأثر
درجة رد فعل االنبهار بالدرجة التي نكون فيها موجهين إلى فعل التجنُّب مسبقا ً أو عندما نكون في
حالة دفاعية ،فكلما كانت الحالة العاطفية أكثر سلبيةً ،سيكون رد فعل االنبهار أكبر .وفي المقابل،
كلما كانت الحالة العاطفة أكثر إيجابيةً ،قل حجم رد فعل االنبهار.
ضحت هذه العالقة من خالل مبدأ االستحضار الضمني (انظر الفصل )5الذي
وقد ُو ِّ ّ
ينص على ما يأتي :تجعل الحالة العاطفية السلبية -حتى ولو كانت حالة خفيفة -الجسم أكثرُّ
ميالً لالستجابةً الدفاعية؛ لذا فنحن قادرون على إبداء رد فعل االنبهار بطريقة أفضل عندما ال
نكون في حالة االستحضار الذهني للحالة الدفاعية.
يعني مقياس حدقة العين قياس حجم البؤبؤ والتغيرات الحاصلة عليه .وتكمن أكثر األنظمة
المستخدمة في تتبع العين في قياس حجم البؤبؤ على أنه فع ٌل ناتج عن حركة العين .إن اتساع بؤبؤ
العين -وعن دون الجوانب األخرى لحركة العين -يتم التحكم به من خالل الجهاز العصبي
صل العلماء إلى أن بؤبؤ العين يتسع كنتيج ٍة لالستجابة لمحفّ ٍز عاطفي أو االنتباه أو
الالإرادي .وقد تو َّ
العبء اإلدراكي (أي مقدار المعلومات التي تدور في ذهن الشخص ويفكر بها) ،لذلك يُمكن للتغيرات
في قطر البؤبؤ أن تكون مقياسا ً دقيقا ً وموثوقا ً لردود الفعل العاطفية واإلدراكية المختارة لتحفيز هذا
التغيير واقعياً.
ال تستجيب حركة اتساع البؤبؤ على نح ٍو مختلفٍ للتكافؤ العاطفي ،لذا فهو ليس مقياسا ً
جيدا ً لتفضيل الشخص ألم ٍر ما أو عدمه ،فإن اتساع البؤبؤ هو استجابةٌ للتوتر العاطفي لمنب ٍه ما
وليس لالتجاه العاطفي .وبسبب كون قطر حدقة العين ذا استجاب ٍة عالي ٍة للتغيرات في كمية
السطوع الخارجي ،فإن قياس اتساع بؤبؤ العين ليس مقياسا ً جيدا ً ليتم استخدامه مع موا ٍّد متغيرة
284
صور ثابتة مثل اإلعالنات المنشورة
ٍ السطوع مثل تسجيل فيديو ،إال أن يكون أكثر نفعا ً عند دراسة
والتي يبقى سطوعها ثابتا ً عندما تُعرض على المشاركين.
تعرقة:
دراسة األيدي ال ُم ِ ّ
النشاط الكهربي
يُعتبر النشاط الكهربي للجلد ( )EDAالدرجة التي يتمكن فيها التيار الكهربائي العبور خالل
التعرق في الجلد والذي يتم توليده من خالل غدد التعرق بكونها جزءا ً
ُّ الجلد .وهذه هي وظيفة مقدار
التعرق القليل.
ُّ من الجهاز العصبي الالإرادي ،فالتعرق المتزايد يُوصل الكهرباء بفعالي ٍة أكبر من
وتعتمد مقاييس النشاط الكهربي مثل االستجابة الغلفانية للجلد ( )GSRأو مثل االستجابة
وصل ٍة للكهرباء توضع على الموصلة للكهرباء في الجلد ( ،)SCRوفي العادة على حساسا ٍ
ت ُم ِّ
الكفين أو أصابع اليد لقياس االختالف في إنتاج العرق .ويتطلب قياس وتحليل النشاط الكهربي الخبرة
والتدريب ويجب أن يُنفَّذ من قِّبَل ُمحترفين.
إن سبب كون ازدياد قابلية توصيل الجلد للكهرباء نتيجةً لتفعيل رد فعل الكر والفر في
مقياس ممتاز
ٌ الجهاز العصبي الالإرادي ( ،)ANSفإن االستجابة ال ُموصلة للكهرباء في الجلد هي
لمح ِّفّ ٍز أو منب ٍه ما .وكما هو األمر عند قياس اتساع البؤبؤ ،فإن هذا المقياس بالرغم من ذلك ُ
غير
حساس لالتجاه أو التكافؤ في االستجابة للمحفّز العاطفي؛ لذا فإنه ال يقيس التفضيل وعدمه .ويحدث
ٍ
بتأخير معين يتبع التعرض لمحفّ ٍز منتجٍ لإلثارة العاطفية ،ويكون هذا
ٍ التوصيل الكهربائي في الجلد
ثوان ،وهذا يعني أن االستجابة ال ُموصلة للكهرباء في الجلد ليس مقياسا ً
ٍ التأخير من ثالث إلى خمس
ي ٍ أو مجم ٍل
كمقياس كل ّ
ٍ جيدا ً لتحديد المصادر اللحظية لمح ِّفّ ٍز ما ،ولكن من األفضل أن يُستخدم
للمثيرات العاطفية ففي فترة زمنية معينة.
كانت مقاييس النشاط الكهربي شائعة االستخدام في بحوث الدعاية واإلعالن في ستينيات
ص ِّل إلى نتائج ثابتة .إال أنها مؤخرا ً فقد توصلت دراسةٌ واحدة ٌ
القرن الماضي ،لكنها فشلت في التو ُّ
على األقل إلى أن قدرة الجلد على توصيل الكهرباء هي أفضل متنبىءٍ ألداء قطاع األسواق من قيام
285
المشاركون من الكالم عن أنفسهم .وقد استُخدم مقياس النشاط الكهربي على األغلب في دراسات
كمؤشر منفر ٍد على فاعلية التسويق واإلعالن.
ٍ التسويق العصبي
يُعدُّ ضغط الدم وكثافاته ومعدّل النبض ثالثة جوانب للنشاط األوعية الدموية (أي تدفق الدم
في الشرايين واألوردة) في جسم اإلنسان .ويُعتبر نشاط األوعية الدموية نشاطا ً عا ِّل االستجابة عند
ق واسعٍ من
تفعيل الجهاز العصبي والالإرادي لها ،إال أنه يُمكن تفعيل ذلك النشاط من خالل نطا ٍ
المدخالت النفسية بما فيها تفعيل المتعة والذاكرة واإلثارة العاطفية .إن الحاجة إلى حل هذه المصادر
المختلفة المحتملة يخلق حاجا ٍ
ت أخرى في التصميم والتنفيذ والتحليل التجريبي والذي يتطلب مقاييس
مستهدفة أكثر كقابلية الجلد على توصيل الكهرباء .وقد ُوجدَ أن نتائج قياس ضغط الدم ذاتُ حساسية
عالية لحجم والمكان الذي تُوض ُع فيه ُ
عصبَة جهاز ضغط الدم على يد الشخص المشارك في التجربة.
فربما ولهذه األسباب كانت مقاييس األوعية الدموية أندر ظهورا ً في البحوث والدراسات التسويقية
وأنها لم يُنظر إليها على أنها وسيلة واعدة في البحوث المستقبلية.
286
تُس ِّ ّجل م قاييس التنفس مدى عمق وسرعة تنفس الشخص .ويتم هذا القياس من خالل وضع
مقياس للتوتر (ويشبه شريطة مطاطية) على محيط الصدر ،أو من خالل استخدام عناصر من جهاز
قياس نبض القلب .ويرتبط التنفس السريع والعميق باإلثارة العاطفية سواء أكانت تكافؤا ً عاطفيا ً
إيجابيا ً (كالفرح والحماسة) أم سلبيا ً ( مثل الغضب والخوف) .بينما يكون التنفس السريع والسطحي
مؤشرا ً على القلق والتوتر والتركيز أيضاً .أما التنفس البطيء والعميق فهما يشيران إلى حالة
االسترخاء ،على عكس التنفس البطيء والسطحي فهو مرتب ٌ
ط بأحد السببين؛ إما االكتئاب أو السعادة
الهادئة.
ي مقياسا ً
وكما هو األمر في قابلية توصيل الكهرباء في الجلد ،فيُعتبر التنفس بشك ٍل أساس ّ
لمستثيرات العواطف ،وال يمكنه التفريق بين التكافؤ العاطفي السلبي واإليجابي .وبسبب وجود عالقة
تبادلية بين التنفس ومقاييس النشاط الكهربي مثل قابلية توصيل الكهرباء في الجلد ،فيُنظر إليه غالبا ً
على أنه مقياس زائد عن الحاجة ،أو أنه يُستخدم في تأكيد المقاييس األخرى.
يُبنى اختبار زمن االستجابة السلوكية على المبادئ النفسية لالستحضار الذهني وقابلية
ب سريعٍ ،فعندما يظهر العنصر الثاني
الوصول إلى الذكريات .فيتم عرض كلمتين أو صورتين بتعاق ٍ
حكم ما بأسرع وق ٍ
ت ممكن .فإذا استحضر عند هذا التعاقُب .فمن الواجب أن يتم اتخاذ ٍ
قرار أو إطالق ٍ
العنصر األول العنصر الثاني بنجاحٍ (مما يمكن الذهن من الوصول إليه في الذاكرة) ،عندها ستتم
287
المهمة على نح ٍو أسرع .أما إذا ما كان االرتباط بين كال العنصرين ضعيفاً ،فلن يتم استحضار
العنصر الثاني ذهنياً ،وستستلزم المهمة وقتا ً أطول لتتم .ويُمكن استخدام مقياس زمن االستجابة في
تقدير قوة الترابطات الذهنية بين المفاهيم التي يُمثلها المح ِّفّز الخارجي وذلك من خالل انتقاء الكلمات
أو الصور بحذر في كل زوج من المحفزات السلوكية.
ويشيع استخدام ثالثة أنواعٍ رئيسي ٍة من اختبارات االستجابة السلوكية من قِّبل التسويق
ال عصبي وهي :االستحضار الذهني الداللي ،واالستحضار الذهني العاطفي باإلضافة إلى اختبار
االرتباطات الضمنية ( .)IATوقد تم توضيح األنواع الثالثة هذه في الفصل ( )9على أنها طرق
لقياس االرتباطات الذهنية المتعلقة بعالم ٍة تجاري ٍة ما ،وسنشرحها بالتفصيل في الفصل (.)17
288
المناطق الفعّالة في الدماغ ،وأن تلك الحاجة يجب إشباعها من خالل زيادة تدفق الدم إلى تلك
المناطق.
يقيس التصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي ( )fMRIإشارة ً في الدماغ تسمى عامل المنوط
سجة الدم ( . )BOLDوتتباين هذه اإلشارة في من منطقة دماغية إلى أخرى وذلك ألن
بمستوى أك َ
الدم المنقول إلى منطقة دماغية نشطة معينة تتطلب دما ً محمالً أكثر باألوكسجين من تلك المنطقة
الدماغية غير النشطة .ويكمن أولوية أكسجة الدم في أنه ينتج حقالً مغناطيسيا ً أقوى من الدم غير
المؤكسج.
وتتضمن المحدودية التقنية لتقنية الرنين المغناطيسي الحل المؤقت الذي تعطيه ( أي أقل
الوقت تحتاجه إلنتاج مسحٍ أو مالحظ ٍة واحدة) .ويعطي الرنين المغناطيسي في العادة صورا ً للدماغ،
ثمان ثوان .وتعتمد هذه المدة
ِّ والذي يعطي معدالً للنشاط الدماغ ّ
ي في مدةٍ زمني ٍة تستمر من ثانيتين إلى
289
على قوة الحقل المغناطيسي وعلى شكل التجربة (مثل أشكال التجارب في غضون حد ٍ
ث ما ،فيمكن
للتأثير أن ينتشر بأقل من ثانية أو ثانيتين) .تحدُّ االستجابة النفسية الكامنة لتدفّق الدم من الحل المؤقت
بتأخير مدته
ٍ للتصوير المغناطيسي بشك ٍل أساسي؛ ألن تدفق الدم في المناطق الدماغية النشطة يَحدث
ست ثوان .وبالرغم من أن هذا الحل المؤقت هو أفضل بكثير مما يتم تحقيقه في التصوير المقطعي
باإلشعاع البوزيتروني ( ،)PETإال أنه أقل فاعليةً من تقنية تخطيط كهربية الدماغ ( )EEGأو من
تقنية تخطيط مغناطيسية الدماغ (.)MEG
ي لفاعلية تقنية الرنين المغناطيسي وهي أنها حساسةً جدا ً لحركات الشخص
وهناك ُمحدِّّد عمل ّ
حرك الشخص الذي يكون داخل ماسحات هذا الجهاز رأسه بقدر
ُجرى عليه االختبار .فإذا َّ
الذي ي َ
معنى .يُمكن تطبيق أنظمة
ً ضئيل كمليمترين فقط ،فسيُنتج صورة مشوشة وغير واضحة وال تعطي
رصد وتصحيح الحركة في بيانات الصورة الناتجة ،إال أن هذه األنظمة أكثر نفعا ً في أدنى درجات
الحركة للبدء برصدها وتصحيحها .وألن التحدُّث يسبب حركة الرأس ،فإنه من غير المسموح أدا ُء
استجابات الشفهية داخل الماسح ،إنما تُحصر االستجابات السلوكية بشك ٍل أساسي بحركات بسيطة في
األصابع وذلك لتتمكن أنظمة رصد وتصحيح الحركة من العمل.
إن الحاجة إلى منع الحركات داخل الماسح هو جانبٌ واحدٌ من جوانب المشكلة األكبر في
تقنية الرنين المغناطيسي وذلك وفقا ً لراحة وطبيعية الشخص في الماسح .تتطلب هذه التقنية أن
يستلقي الشخص على ظهره ويبقى ساكنا ً تماما ً داخل هذا المغناطيس الكبير الذي يُشبه الكعكة والذي
يُصدر ضجةً عاليةً باستمرار فيما يتم شحن المغناطيس ثم فصله عن الشحن.
وحتى عند وضع وسادة لصد اإلزعاج عن رأس الشخص التي ت ُ ِّ
جري عليه التجربة،
أذن عازلة للضجيج ،إال أنه ال يمكن التخلص من الضجيج بشك ٍلوبالرغم من استخدام سماعات ٍ
كامل ،ولذلك تُعد الدراسات التي تستخدم المحفزات السمعية صعبةً جداً.
ى
وقد يواجه بعض الناس ُرهاب األماكن المغلقة أو على األقل حالة من القلق على مستو ً
عا ٍل؛ وذلك بسبب الضجيج وحداثة ما يتعرضون إليه .أما بالنسبة لبحوث المستهلكين والسوق التي
التعرف إلى االختالفات الدقيقة في االستجابات السلوكية للمنتجات والعالمات
ُّ تُركز في الغالب على
تأثير مربكٌ يصعب حلُّه من خالل
ٌ التجارية واإلعالنات والرسائل التسويقية ،فقد ينتج عن هذه األمور
االستجابات السلوكية للمحفزات ذاتها.
290
ومن وجه نظر التسويق العصبي ،فإن التحدي األعظم في كون تقنية الرنين المغناطيسي
تقنية قياس لالستجابات السلوكية ليس بوجود محدودي ٍة تقني ٍة أو عملي ٍة لكيفية صنع الصور
الدماغية ،بل وبوجو ِّد محدودية علميّ ٍة لكيفية تفسير الصور الدماغية .وهنا سنستعرض ثالث
تحذيرات يجب أن تؤخذ بعين االعتبار عند قراءة الصور الدماغية .وكل هذه التحضيرات على
عالق ٍة بسوءٍ في تفسير صور الرنين المغناطيسي والتي نُطلق عليها اسم ( Locationismأي
االعتقاد الخاطئ الذي يقع ،حيث أن حدوث النشاط في الدماغ يفسره نوعا ً ما) .وتُلخص التحذيرات
الثالثة كما يأتي:
أن الدماغ هو شبكةٌ وليس مجموعة من "الوحدات" .فبسبب قيام الصور الدماغية
باستخدام ألوانا ً (غالبا ً ما تكون زاهية) لتحديد المناطق الدماغية النشطة ،إال أنها تمي ُل إلى
وصف هذه المناطق بالوحدات "أي المكان الذي يحدث فيه الحدث(س)" .إال أن هذه اللغة
االصطالحية غالبا ً ما تُترجم وتفسر حرفياً ،حيث بدأ الناس بالحديث عن "مراكز" مفترضة
معين في الدماغ ،إال أن صناعةٍ اختصاص
ٍ في الدماغ .وبالرغم من وجود أماكن ذات
مكان واحدٍ ،وهي دائما ً وظيفةُ
ٍ األفكار والمشاعر واالختيارات واألفعال غالبا ً ما تحدث في
الشبكة المعقدةِّ في المناطق الدماغية المتفاعلة مع بعضها.
والتحذير الثاني هو أن المناطق الدماغية تنشط ألسبا ٍ
ب مختلف ٍة .والتفسير الذي يجب أن
اعارته االنتباه هنا هو ما يُسمى باالستدالل الرجعي (والذي سنناقشه بالتفصيل في الفصل
"أن المنطقة الدماغية (أ) تنشط عندما ُ
حيث يُعنى بحقيقة أن التفسير المفرط لنتيج ِّة ّ )19
تحدث المهمة العقلية (ب)" تعني " أن المنطقة الدماغية (أ) تنشط فقط عندما تحدث المهمة
العقلية (ب)" وبذلك أنه " إذا ما تنشطت المنطقة الدماغية (أ) فإن من المؤكد أن تكون
ُ
تحدث في الدماغ" .وفي الواقع ،هنالك القليل من الحاالت التي تعم ُل فيها المهمة العقلية (ب)
أمر واح ٍد وربما ال تكون هذه الحاالتُ موجودة ً أصالً .فعلى سبيل
منطقة دماغية ما ألداء ٍ
المثال ،تنشط ما يُسمى بالقشرة الجزيرية في الدماغ عندما نُفكر بالحب الرومانسي وهي
تنشط أيضا ً عند تفكيرك بهاتفك (اآليفون) ،إال أن هذا ال يعني أنك واق ٌع في حبّ ِّ هاتفك؛
وذلك ألن بالقشرة الجزيرية تنشط كجزءٍ من الكثير من األفكار األخرى أيضاً.
إن معرفة مكان حدوث شيءٍ ما في الدماغ ال يعطيك السبب لالكتراث بذلك .وهذا أكثر
تحديات التفسيرية أهميةً في دراسات الرنين المغناطيسي .فعندما اكتشف باحثو تقنية الرنين
291
المغناطيسي األكاديميون أن جزءا ً ما في دماغنا قد "أش َّع" في الصورة الدماغية عند تجربة
ت التجارية المفضلة ،فقد يش ِّ ّكل هذا جزءا ً مفقودا ً في أحجية كيفية
ور للعالما ٍ
النظر إلى ص ٍ
عمل الدماغ ،إال أنه ال يُت َرجم تلقائيا ً على أنه استنتاجٍ مفي ٍد لمسوقي العالمات التجارية.
ب
يتو ّج ُ عندها االستنتاج؟"، هذا جدوى "ما اختبار والجتياز
ربط النتائج بالقرارات واألفعال الواقعية ،وقد بدأ ذلك بالحدوث في القليل من دراسات
الرنين المغناطيسي (انظر الفصل ( )22للمزيد من األمثلة) ،إال أن مثل هذا الربط ما يزال
نادراً.
بحقن
ٍ وبالنظر إلى المشاكل المحيطة بنظائر حقن المستهلكين المتطوعين في الدراسة
مناظرةس لتلك الحقن اإلشعاعية ،فإن تقنية ( )PETليست هي التقنية التي يُحتمل أن تُستخدم من قِّبل
292
ُ
فرق بحث متخصصة بتقنية ( )PETخارج نطاق المختبرات األكاديمية التسويق العصبي .وهنالك
والطبية وهم مؤهلون إلدارة المسح الذي تجريه هذه التقنية ،وهناك القليل من المتطوعين الذين
يقبلون بحقنهم بالمواد اإلشعاعية الختبار المنتجات التي يميل إليها المستهلكون.
إن أهم محددات تقنيات قياس الكهرباء في الدماغ مقارنةً مع تقنيات قياس تدفق الدم هي أنها
تفتقر كثيرا ً إلى تقديم حل حيزي ثالثي األبعاد ،أي أنها ال تستطيع أن تُمركز النشاط داخل الدماغ
ُ
بنفس الدقة التي تنتجها تقنيتي ( )PETو ()fMRI؛ وهذا ألنها تقيس اإلشارات التي على سطح فروة
الرأس فقط حيث تكون حساسات الجهاز موضوعة .ويُسمى العائق األساسي لهذه المقاييس بالمشكلة
االرتجاعية؛ وتعني الحاالت التي من المستحيل أن تجد مركزا ً أساسيا ً فريدا ً من نوعه رياضيا ً لنمط
النشاط الكهربائي الذي تم قياسه عن طريق فروة الرأس .وكنتيج ٍة لذلك ،يستطيع باحثو تقنيتي
( )EEGو( )MEGأن يخ ِّ ّمنوا (وغالبا ً يكونون على ثقة عالية من تخمينهم وذلك بنا ًء على مطابقة
النتائجها مع نتائج تقنية ( ،))fMRIالمكان الذي تنشأ فيه اإلشارة في الدماغ ،إال أنّهم ال يستطيعون
أن الجزم بذلك .وكما تم اإلشارة في قسم تقنية ( )fMRIفي هذا الفصل ،تنشأ اإلشارات في عدَّة
مناطق في الدماغ والتي تعمل معا ً إلنتاج نشاطٍ ذهني أو باألحرى يُع ِّقّد من مشكلة إيجاد موقع مصدر
تلك اإلشارات.
وهناك تح ٍد آخر يواجه تقنيات قياس كهربية الدماغ وهي أن اإلشارات التي تقيسها قد تختلط
ت تُنتج إشارا ٍ
ت كهربائي ٍة بنفس نطاق تردد بإشارا ٍ
ت كهربائية أخرى يُنتجها الجسد ،فحركة العضال ِّ
293
اإلشارات التي يُنتجها الدماغ ،إال أن هذه اإلشارات أقوى بمئات المرات من اإلشارات التي ينتجها
الدماغ ،وهذا يعني أن أقل حركة عضلية كحركة العين أو الرأس قد تطغى على اإلشارات الكهربائية
الدماغية وتجعل منها صعبة الرصد على نح ٍو فردي .وبنا ًء على ذلك ،يتوجب على الباحثين
صين بدراسة اإلشارات الكهربائية الدماغية أن يبذلوا جهدا ً أكبر في تصحيح النتائج (أي
المخت ّ
العمليات التلقائية أو غير التلقائية المحتملة لتمييز بين اإلشارات الدماغية عن اإلشارا ٍ
ت األخرى التي
قد تظهر في تسجيل اإلشارات الكهربائية).
وهو النشاط المترابط آلالف الخاليا العصبية التي تُنتج االختالف المحتمل في اإلشارات
الكهربائية في فروة الرأس والذي يمكن أن تُرصد باستخدام قبعة ذات قط ٍ
ب كهربائي متصلة بمض ّخ ٍم
متوفر بسهول ٍة عند باعة المعدات المتعددة.
ٌ لتلك اإلشارات .قد يكون الجهاز ذا تكلف ٍة معقول ٍة وهو
سعية ،حيث أنها تتحسس نشاط الخاليا العصبية مباشرةً.
يعتبر جهاز ( )EEGتقنية هادئة وغير تو ُّ
وفي الوقت الذي تصبح فيه نتائج استخدام تقنية ( )EEGمقتصرة على الجهاز نفسه والذي في العادة
يستطيع تسجيل الجهد الكهربائي في كل واح ٍد من أصل ثالثة أجزاءٍ من ألف في الثانية.
هناك أربعة أنواعٍ للتحليل المستخدم في تقنية ( )EEGوالتي يتم استخدامها بانتظام في
التسويق العصبي؛ أي في تحليل تردد الموجات الدماغية وتبايُن نصفي الدماغ األيمن واأليسر
واالحتماالت المتعلقة باألحداث ( )ERPووصف تضاريس حاالت الثبات في الدماغ ( .)SSTكل
ب مختلفٍ من اإلشارات التي تلتقطها تقنية ( ،)EEGكما أن
واحدة من تلك األنواع تركز على جان ٍ
قياس تُستخدم لإلجابة على األسئلة
ص ٍة بها على أنها تقنية ٍ ك َّل واحدةٍ منها تمتلك إيجابيا ٍ
ت وسلبيا ٍ
ت خا ّ
التي يطرحها التسويق العصبي.
294
10حلقات ترددية في الثانية الواحدة .وتخلف الترددات كاستجاب ٍة للحاالت الذهنية المختلفة والتي
تتباين بمرور الوقت وعبر أجزاءٍ مختلفة من الدماغ؛ لذلك فهناك الكثير من المجال لتفسير وترجمة
اإلشارات الكهربائية وربطها بعمليا ٍ
ت ذهني ٍة مختلفة.
رف تصنيف
ع ُلقد درس العلماء الموجات الدماغية لقرابة قرن من الزمان ،وقد بزغ ُ
سميت على أسماء األحرف اليونانية هي:
الترددات الملحوظة إلى وحدات ترددية ُ
وحدة دلتا :وهي التردد أقل من 4هيرتز ويكون هذا التردد المسيطر في النوم الذي ال
يتضمن أحالماً.
وحدة ثيتا :والتي تقدر من 4إلى 8هيرتز ،وترتبط بالعمليات الذهنية المركزة على العمليات
الداخلية مثل عملية تنشيط الذاكرة.
وحدة ألفا :وهي من 8إلى 12هيرتز ،وتُعبر عن التردد االفتراضي ويكون مسيطرا ً عندما
تكون العينين مغلقتين والدماغ في حالة استرخاء.
وحدة بيتا :وهي من 13إلى 30هيرتز ،وترتبط بالعملية التحذير وتنشيط االنتباه.
وحدة غاما :وهي ما يزيد عن 30هيرتز وترتبط بعمليات معالجة المعلومات والتعلُّم
والعمليات معالجة العواطف.
سيْن في تقدير مقاييس ترددات الموجات الدماغية ،أولهما يُسمى بالقوة يُشاع استخدام قيا َ
وهو يقيس درجة ِّك َب ِّر مقدار النشاط في وحدة ترددية معينة ضمن فترةٍ زمنية محددة (وغالبا ً ما تُقدَّر
ُ
حيث يقيس اتساق أو الترابط ترددات الموجات بثوان أو دقائق) .أما المقياس الثاني فيُدعى بالتماسك،
ٍ
الدماغية عبر مناطق مختلفة في الدماغ ،فكلما ازداد التماسك بين تلك المناطق فهذا غالبا ً ما يعني أن
هذه المناطق تتواصل فيما بينها كجزءٍ من عملية المعالجة الذهنية.
رف طويل األمد في بحوث التسويق عند تحليل الموجات الدماغية بواسطة تقنية
ع ٌوهنالك ُ
( )EEGبالعودة للدراسات األصيلة التي أجراها هيربيرت كروغمان ( )Herbert Krugmanفي
سبعينيات القرن الماضي ،حيث حاولت جهودٌ سابقة رب َ
ط االستجابات لمحفزات التسويق العصبي
ط بسي ٌ
ط جدا ً بالنسبة بالقوة الكلية لوحدات التردد المختلفة ،إال أنه قد ظهر بأن هذا الربط هو رب ٌ
التعرف على اختالفٍ ذا معنى .وقد ُ
ط ِّبّقت مؤخرا ً تقنياتٌ إحصائية متطورة لتُجمل ُّ لمقياس يسعى إلى
ٍ
295
صل إلى تنبؤا ٍ
ت مثيرةٍ لالهتمام عن وتماسك األنماط في الدماغ كله ،وقد بدأت هذه األساليب بالتو ُّ
ِّ قوة َ
سلوكيات المستهلكين على مستويي أدائهم الفردي وأدائهم في السوق.
وهو إحدى تطبيقات تحليل الترددات الذي تقوم به تقنية ( )EEGوالتي ترتبط باألخص
بالتسويق العصبي وهو مقياس لوحدات التبايُن (أي االختالف) الترددية بين المنطقتين الدماغيتين
واحدة ٌ في النصف األيمن من الدماغ وأخرى في النصف األيسر والموجودتين ناحية الجبة في الوجه.
وقد وجد العلماء أن هذه التبايُنات على صلة بمحفزات االقتراب والتجنُّب عند اإلنسان وفقا ً لألشياء
التعرض لمحفّز االقتراب ،فهناك وحدة ُ قوة ألفا في القسم األيمن أكثر من
ُّ أو المواقف الخارجية .فعند
القسم األيسر في الدماغ ،والعكس صحيح عند التعرض إلى محفّز التجنُّب.
هناك مجموعة ثانويه من مقاييس تقنية ( )EEGوهي تحليل االحتماالت المتعلقة باألحداث
صل اإلشارات الدماغية التي تحدث مباشرة ً
( .)ERPsوكما يتضمن اسم هذا المقياس ،فإنه يف ِّ ّ
كبير من هذه الحاالت من
ٍ ث ما .فمن خالل معادلة االستجابات مع بعضها لعد ٍد كاستجابة لحد ٍ
التعرض لمحفّ ٍز ما (وغالبا ً ما تكون كلمةً أو صورة ً ثابتة) ،يمكن لباحثي مقياس ( )ERPأن يعزلوا
ُّ
حفز ما ،فمن خالل مقارنة احتماالت
سلسلة من مكونات الموجة الدماغية التي أثيرت من ِّقبل ُم ٍ
ت مختلفة ،فيُمكن التوصل إلى استنتاجا ٍ
ت بشأن أنواعٍ مختلفة من المتعلقة باألحداث لمحفزا ٍ
االستجابات الواعية والالواعية مثل :
296
المفاجأة (والتي سماها باحثو مقياس ( )ERPخر ٌ
ق في التوقعات)
التكافؤ واإلثارة العاطفية
وثاقة صلة المحفّزات الشخصية
ُ
حيث أنّه ي قد تم دراسته جيداً،
إن عنصر - P300على سبيل المثال -هو احتما ٌل إيجاب ٌّ
التعرض إلى مح ِّفّ ٍز ما ،وهو مح ِّفّ ٌز
ُّ يحدث في حوالي 300جزءٍ من ألف من الثانية الواحدة بعد
حساس للتحوالت في االنتباه والحداثة ،ويمكن استخدامها أيضا ً لقياس التحوالت في االنتباه على
ٌ
نح ٍو دقيق ،والتي قد تحدث صراحةً (حين تصاحبها حركات جسدية أو في العين) أو ضمنا ً (حين
مقياس راس ٌخ لمعنى عدم التطابق وخرق التوقعات
ٌ تحدث في العقل فقط) .وهناك عنصر N400وهو
(المفاجأة) ،وهو احتما ٌل سلب ٌّ
ي يحدث بعد 400جزءٍ من ألفٍ من الثانية الواحدة ،وذلك إذا ما كان
محفّزين اثنين غير متطابقين سواء أكان عدم التطابق هذا مع مغزاهما أو مع المعتقدات الشخصية أو
مع معرفة الشخص الذي تُجرى عليه التجربة .يُمكن استخدام هذا العنصر الخاص بتقنية ( )ERPفي
قياس االرتباطات الذهنية لعالم ٍة تجاري ٍة ما؛ أي على سبيل المثال ،عندما تكون صفات عالم ٍة تجارية
عنصر N400بشك ٍل أكبر في
ِّ ما بالكا ِّد تتناسب مع اسم العالمة التجارية المعطى والذي يؤدي إلى
عنصر أخر من عناصر ( )ERPالمعروفة وهو االحتمال اإليجابي الحديث ()LPP
ٌ الدماغ .وهناك
والذي يحدث بعد 600جزءٍ من األلف في الثانية والذي يرتبط بالتكافؤ واألحكام العاطفية.
ين هما :االتساع؛ وهو مقياس غالبا ً ما تُقاس االحتماالت المتعلقة باألحداث وفقا ً لمقيا ّ
س ِّ
لمغناطيسية تأثير االحتماالت المتعلقة باألحداث( ،)ERPومقياس الحداثة الذي يقيس الفترة الزمنية
قبل وبعد حدوث هذا التأثير .وقد ت َّم دراسة ( )ERPلفترة طويلة من الزمن في بحوث اختصت
باالنتباه والعاطفة والذاكرة وعمليات معالجة اللغة وحقو ٍل أخرى ،وهي مفيدة ٌ على نح ٍو خاص
لدراسة استجابات المستهلكين السلوكية للمنتجات والعالمات التجارية.
إن مقياس تضاريس الحالة الثابتة في الدماغ ( )SSTهو تنوع في تحليل الموجات الدماغية
المستخدمة في تقنية ( )EEGوالتي قد وضَّحها عالم األعصاب ريتشارد سلبرستين ( Richard
297
)Silbersteinفي عام .1990أما اآلن ،فإن هذه التقنية قد أُعطيت رخصة خا َّ
صةً لشركة التسويق
العصبي الخاصة بسلبرستين المسماة بشركة بنيرو إنسايت ( )Neuro Insightذات الموقع
اإللكتروني التالي .)www.neuroinsight.com( :تبدأ تقنية ( )SSTبتقنية تخطيط كهربية الدماغ
ضيف عنصرا ً أخر عليها ،فبينما يكون الشخص الذي يُجرى عليه
ُ ( )EEGالمعيارية ،ولكنها ت ُ
إعالن تجاري) ويتم تسجيل موجات دماغه بتقنية ( ،)EEGفتُبيَّن
ٍ التجربة يُشاهد محفزا ً ما (مثل
ومضة في نهاية حقل الشخص البصري ،وتُثير هذه الومضة استجابةً لموجة
اإلشارة الباهتة ال ُم ِّ
دماغية تُسمى االحتمال ال ُمحفّز للحالة البصرية الثابتة ( )SSVEPوالتي تُسبب في تولي ِّد دماغ
الشخص لموج ٍة دماغي ٍة مطابق ٍة على التردد نفسه .وباستخدام الموجة الدماغية ال ُمحفّزةِّ هذه كنوعٍ من
خواص في إشارة ( )EEGمن خالل مقارنة االختالفات
َّ أنواعِّ أسس التوقيت ،فتد ُّل هذه الطريقة على
الزمنية بين اإلشارتين.
ووفقا ً لمعلومات شركة نيرو إنسايت ( ،)Neuro Insightيُمكن لتقنية ( )SSTأن تُستخدم
في تحديد التغيُّرات اللحظية في عدد استجابات المستهلكين للمواد التسويقية بما في ذلك التغيُّرات في
تنشيط الذاكرة طويلة األمد (بكال جزئيها الضمني والواضح) واالنجذاب (أي الشعور باالرتباط
الشخصي بالمواد التسويقية) وحافزي االقتراب والتجنُّب ( سواء أكان المواد التسويقية التي تجذب أو
تُن ِّفّر الناظر إليها) باإلضافة إلى الحافز المثير للعاطفة واالنتباه البصري.
س ِّ ّجلت نقطةُ ضعفٍ في لتقنية ( )SSTوهي أن بعض الناس يجدون الوميض مشتتا ً وقد ُ
لالنتباه ،كما ويرون أن الخوذة المتط َلبة إلجراء االختبار غير مريح ٍة نوعا ً ما .أما بالنسبة إلحدى
نقاط القوة الخاصة بهذه الطريقة بالمقارنة مع تقنية ( )EEGهو أن تمتلك مقاومة عالية لتدخالت
ص ِّل إلى نتائج ممتازة من حاالت التعرض لمحفزا ٍ
ت حركات العين والجسد وأن لديها القدرة على التو ُّ
ذهني ٍة في اختبار قياس اإلشارة الدماغية ،كما وتُعدُّ تلك ميزة ً مهمةً عندما تتم محاولة التقاط اإلشارات
لمحفز يمتاز بالحداثة وعدم األلفة.
ٍ الناتجة عن االستجابات لمحفّ ٍز مألوف مقابل االستجابات
298
تخطيط مغناطيسية الدماغ ()MEG
تعتبر تقنية تخطيط مغناطيسية الدماغ تقنيةً كهربائية أخرى تماثل تقنية تخطيط كهربية ُ
سعية ،كما أنها توفّر حالً مؤقتا ً ممتازا ً (في نطاق أجزاءٍ من
الدماغ ( )EEGفي أنها تقنية غير تو ُّ
الثواني) ،ويُمكن استخدامها أيضا ً لقياس النشاط العصبي باستمرار.
تعتمد تقنية ( - )MGEكما هو األمر في تقنية ( - )EEGعلى النشاط المترابط لعدة خاليا
عصبية والتي تُنتج حقوالً مغناطيسيةً يُمكن رصدها خارج الرأس وذلك باإلضافةً إلى إنتاجها
لإلشارات الكهربائية .وتُعد قوة الحقول المغناطيسية هذه ضئيلةٌ جداً؛ أي ما عادة ً ما تُقد ُّر بقرابة جزءا ً
بالمليار من الحقل المغناطيسي لكوكب األرض .إن األداة الوحيدة التي تتطلب حساسيةً لقياس هذه
الحقول هو جهاز تداخل الكميات فائقة التوصيل المغناطيسي ( .)SQUIDفمقارنةً مع تقنية
( ،)EEGتوفر تقنية ( )MEGكفاءة عالية لإلشارة الملتقطة وحالً زمنيا ً ممتازاً.
إال أن ال ُمحدد الرئيس لتقنية ( )MEGهو أنها أكثر تكلفة وذات معدات معقدة ،فأجهزة تقنية
( )MEGهي أعلى تكلفةً من ُمعدات تقنية ()EEG؛ وذلك ألنها تتطلب القيام بعمليا ٍ
ت ضمن درجات
ُ
حيث أنها تستخدم النيتروجين السائل لتحقيق هذه الدرجات حرارة قد تصل إلى الصفر األقصى،
جهاز فيها .ونتيج ٍة لذلك ،فلم
ٍ الحرارية المتدنية؛ لذلك فهي تتطلب بنية معقدة و باهضة الثمن لدعم ك ِّّل
يتم اختيار هذه التقنية من قِّبل أي شركة تسويق عصبي تجارية.
أمور هي:
ٍ تكمن القيمة األكثر أهمية في التسويق العصبي في طليعة الوظيفة التي تؤديها ثالثة
طر ُ
ح االستفسار التجاري الصحيح :أي تحديد المخرجات التسويقية المراد قياسها.
التعرف على استجابة المستهلك الصحيحة لقياسها :أي تلبية الحاجة إلى المعرفة باستخدام
ُّ
المقاييس الصحيحة لذلك.
تصميم النوع الصحيح من االختبارات لإلجابة على ذلك االستفسار :أي تصميم الدراسة
الميدانية أو التجريبية المناسبة التي تقوم بالمقارنات الصحيحة والتي تستخدم التوجيهات
الصحيحة وتجمع البيانات الصحيحة وتطبّق االختبارات اإلحصائية الصحيحة لإلجابة على
بقدر عا ٍل من الثقة ،والتي يُمكن أن تُستخدم التخاذ أفضل القرارات التجارية
هذا االستفسار ٍ
المبنية على ما تم تعلُّمه ومعرفته.
عتبرعمليات القياس المجراة على الدماغ التي تسعى ببساطة إلى قياس الدماغ كافيةً
ال ت ُ ُ
لتبرير استخدام طرق البحث الجديدة الخاصة بالتسويق العصبي .يكمن العنصر المذهل في
تقنيات بحوث الدماغ التي انتهت منذ زمن طويل ،فإن "ما يفعله دماغك" عند مشاهدتك أو
أمر عديم المعنى وذلك دون أن يكون هناك عالقة بالقرار أو السلوك أو
تجربتك لمنتجٍ ما هو ٌ
كليهما على وجه التفضيل.
صل إلى نهاي ٍة أو نتيج ٍة ما ،حيث يمنحنا النموذج الجديد الخاص
إنما التقنيات هي وسائ َل للتو ُّ
بالمستهلك اإلدراكي الذي قدمناه في الفصل ( )2المزيد من األسئلة لنطرحها ونسعى لإلجاب ِّة عنها.
300
ويعطينا التسويق العصبي الكثير من التقنيات الحديثة لإلجابة على هذه األسئلة واالستفسارات ،فمن
خالل جمع االستفسارات واألسئلة مع هذه التقنيات فقط لتوفير إجابا ٍ
ت لها لتؤثر في السوق ،عندها
سوف يقوم التسويق العصبي بتبرير وجودها في أدوات بحوث السوق.
وإذا ما استخدمتَ مبادئ ومنظورات التسويق العصبي لتطرح األسئلة الصحيحة وتُص ِّ ّم َم
االختبار الصحيح ،عندها يُمكنك في بعض األحيان أن تجد اإلجابة التي تبحث عنها دون الحاجة إلى
تطبيق أكثر التقنيات تقدما ً (وتكلفةً) التي بيَّناها في هذا الفصل .فيمكنك في أحيانا ً أن تالحظ سلوك
ت أقل تطورا ً لتقوم بتحديد ما يجري في ذهن المستهلكين ،ولماذا
المستهلكين أو أن تستخدم اختبارا ٍ
يتصرفون على شاكل ٍة معينة ،وما هي المضامين التي يتملكها هذا األمر فيما يخص عمليات تسويقك
وإعالناتك وتصاميم منتجاتك تنسيق متجرك وهل َّم جراً .وسنغطي هذه التقنيات اإلضافية في الفصل
التالي.
301
الفصل السابع عشر
ق غير مكلفة ت ُ ِ ّ
عرفك طر ٌ
بمستهلكي منتجاتك
تتطلب جميع دراسات التسويق العصبي أجهزة ً متقدمةً وحديثةً وال إلى فريق من حملة
ُ ال
صل إلى نظرةٍ عن كثب على ذهن المستهلك .فإننا سنقوم في هذا الفصل بإلقاء
درجة الدكتوراه للتو ُّ
تفويض من الشريك الذي تتواصل
ٍ نظرة على خيارات ذات تكلفة أقل ويُمكنك تطبيقها بنفسك ،أو على
معه على اإلنترنت ،أو إجراء دراساتك بمساعدة خبير في التسويق العصبي.
سل
وسنبدأ حديثنا في هذا الجزء بدراسات أزمن ِّة االستجابات السلوكية ،وهي طريقة بسيطة يَ ُ
صل إلى نتائج دقيقة فيما يتعلّق باالرتباطات الالواعية
تجهيزها والتسجيل فيها وتفسيرها ،وتؤدي للتو ُّ
302
للمنتجات والعالمات التجارية .ث ُّم سندرس بعض األدوات والطرق اإللكترونية التي تتَّبع الطرق
مقتصرة على وجودها في المختبر فقط أو التي ال تُعدُّ طرقا ً عملية ،ثم تجعلها متوفرة كخدم ٍة مالئم ٍة
على اإلنترنت ،متضمنةً تقني ِّة تتّبع العين وتحليل تعابير الوجه وتوقّعات السوق عندما يكون المستهلك
متصل باإلنترنت.
303
تستفيد دراسات أزمنة االستجابة مما يمتلكه االستحضار الذهني فاألشياء التي ترتبط في
أمور أخرى قد َخبُرنها تصبح متاحة ،لذا فإن قياس الفترة الزمنية المتطلَّبة للوصول إلى
ٍ الذاكرة مع
مؤشر على كيفية ارتباطها مع بعضها .فإذا تم عرض عنصرين ( كالصور أو ٌ هذه الذكريات هو
لشخص ما أداء مه ّمة سلوكية وفقا ً للعنصر الثاني (مثل الضغط على
ٍ الكلمات) على التوالي وأُو ِّكل
زر ما) ،فإنها ستؤدي تلك المهمة بشك ٍل أسرع وأدق ،سيُصبح هذين العنصرين أكثر ارتباطا ً في عقل
ٍ
هذا الشخص .ويُسمى العنصر األول بال ُمستحضر الذهني أما العنصر الثاني فيًسمى بالعنصر الهدف.
304
العلم أن هنالك عدة أجزاء فيه) .فإذا كان لديك ارتباطا ً ذهنيا ً إيجابيا ً أقوى مع علمة
الكوكاكوال التجارية ،عندها ستكون قادرا ً على نسب صور هذه العالمة التجارية مع الكلمات
اإليجابية لفئة الكوكاكوال والفكرة اإليجابية(.وهنالك المزيد من األمثلة على اختبار االرتباط
موقع: على باالطالع وننصحك (.)IAT الذهني
( )http://implicit.harvard.edu/implicitللحصول على شرحٍ كام ٍل عن ()IAT
وتجربته بنفسك.
ك ُّل تلك االختبارات ُمصم ّمةٌ لقياس االرتباطات الذهنية الضمنية أو التلقائية ،وليس خيارات
المأخوذة بعين االعتبار في الالوعي ،لذا فهي مفيدة ً على نح ٍو أخص عندما نفترض بأن مسألة طرح
تشوه من النتائج. األسئلة مباشرة ً قد تكون مسألة ّ
معرضة النحرافات االستجابات السلوكية التي قد ّ
لقد ناقشنا في الفصلين ( )5و( )7الفرق بين االستحضار الذهني االرتباطي واالستحضار
الذهني التحفيزي ،فاالستحضار الذهني االرتباطي يُن ّ
شِّط االرتباطات الذهنية بينما يُنشِّط
االستحضار الذهني التحفيزي األهداف الذهنية الواعية والالواعية والتي تؤدي إلى السلوك
الساعي لتحقيق هذه األهداف وذلك كما ُ
ش ِّرح في الفصل ( .)7وعندما يتم استخدام االستحضار
الذهني الداللي واالستحضار الذهني التأثيري في دراسات أزمنة االستجابات السلوكية ،فنحن نرفع
من خواصها المتعلقة باالستحضار الذهني االرتباطي .وبالرغم من كون المسوقين بشك ٍل عا ٍ ّم مهتمين
أكثر بتفعيل االستحضار التحفيزي في عمليات التسويق الواقعية ،فإن تأثيرات أزمنة االستجابة
لالستحضار الذهني االرتباطي هو ما يتم استخدامه في هذه األساليب.
305
للتصرفات التي قد يمانعون الكشف للمقابالت الشخصية واالستبيانات عن آرائهم
ُّ ت أكثر دقّةً
قراءا ٍ
ت تجاري ٍة معينة والتي ترتبط بإغراءاها لهم أو تُحفّزهم على االندفاع نحوها أو التساهل
بشأن عالما ٍ
عند شراءها.
إن اختبارات ( )IATهي مفيدة خاصةً عند المقارنة بين عالمتين تجاريتين واللتان تكونان
التصرف أو السلوك في
ُّ في العادة بدائل أو مناظرة لبعضها البعض؛ وذلك ألنها تقيس مدى قوة
المعنى النسبي ال المطلق .وهناك أيضا ً أنواع من اختبارات ( )IATوالتي تستطيع قياس االستجابات
السلوكية تجاه عالمة تجارية معينة فيما إذا لم يكن هنالك بديل أو عالمة تجارية مناظر ٍة لها.
ونستعرض هنا بعض اختبارات ( )IATلدراسات سلوك المستهلك والعالمة التجارية التي
تؤدي إلى نتائج مثيرةٍ لالهتمام وهذه األمثلة كما يأتي:
توصلت دراسة للـ( )IATعن تفضيل واستهالك األطعمة ذات السعرات الحرارية المرتفعة
والمنخفضة إلى أن االنطباعات الظاهرة والضمنية قد تتطابقت فقط عند حالة األطعمة ذات
السعرات الحرارية المنخفضة ،بينما في حالة األطعمة ذات السعرات الحرارية المرتفعة كان
ُ
حيث أنه تنبأ باالستهالك الفعلي لهذه األطعمة بشك ٍل أفضل. االنطباع الضمني أكثر إيجابيةً،
وقد وجدت دراسة خاصة بالـ( )IATعن االنطباعات تجاه متاجر األلبسة المشهورة بأن
االنطباعات الضمنية لم تتطابق مع االنطباعات الظاهرة ،لكنها كانت قادرة على التنبؤ بنوايا
الشراء عند المستهلكين أكثر من االنطباعات المتضمنة.
وفي دراس ٍة أجريت على استخدام أصوات المشاهير في اإلعالنات التجارية،وجد الباحثون
أنه عندما يقوم المشاركون في الدراسة بتقييم –علنا ً -اإلعالنات المفضلة لديهم والتي يتحدث
فيها المشاهير عن المنتج ،فإنهم يقللون من تأثير الشخصية المشهورة في تقيمهم ،لكن عندما
يتم قياس هذه الحالة باستخدام اختبار االرتباط الذهني الضمني ( ،)IATفإن انطباعاتهم
الضمنية تجاه هذا اإلعالن التجاري قد أثر عليه وعلى نح ٍو كبير انطباعهم نحو هذه
الشخصية المشهورة.
عند المقارنة بين مستخدمي الحواسيب األخرى ومستخدمي حواسيب من عالمة ()MAC
التجارية ،كانت نتائج اختبارات ( )IATمتناسقة مع نتائج االستبيانات التي تقيس االنطباعات
الظاهرة واالستخدام والملكية ،إال أن نتائج اختبارات ( )IATأظهرت اختالفا ٍ
ت أكبر في
306
أزمنة االستجابة السلوكية فيما يخص عالمة ( )MACالتجارية وهي نتيجة لم تظهر في
المقاييس العلنية.
يُعدُّ تجهيز وتوظيف اختبارات ( )IATأمرا ً بسي ٌ
طا ً نسبياً ،وذلك إذا ما كنت تستخدم شريكا ً
أو قالبا ً إلكترونيا ً عن طريق اإلنترنت للبدء بتلك االختبارات .فعلى سبيل المثال ،هناك شركة تُسمى
بشركة ميليسكند ( )Millisecondللبرمجيات ( )www.millisecond.comلديها أداة خاصة
باإلنترنت تُسمى باإلنكويست ( )Inquisitorsوالذي يُمكن استخدامه لتصميم اختبارات ()IAT
وعدة أنواع من اختبارات أزمنة االستجابة السلوكية وتش ِّغّيلها عندما يكون المشاركين متصلين بشبكة
اإلنترنت .وتوفر الشركة نصوصا ً يمكن تنزيلها من اإلنترنت وتعديلها وتخصيصها وفقا ً للمعلومات
الخاصة بعالم ٍة تجاري ٍة معين ٍة يُفضلها المستهلك المشارك بهذا االختبار .كما وتوفر الشركة أيضا ً
توجيها ٍ
ت في كيفية تحليل البيانات ال ُمخرجة في برنامج المجدول بُغية التوصل إلى نتائج.
إن السبب الذي دفعنا إلى تأليف هذا الكتاب هو توفير مرجع عا ّم للتسويق العصبي،
ت معينة أو أن نوفر معلوما ٍ
ت للوصول وليس للمقارنة بين شركاته .لذا فإننا نتجنب ذكر شركا ٍ
إليها على األغلب .إال أنه سيكون هذا الجزء هناك استثناء يخرق هذا المبدأ؛ ألننا نريد عرض بعض
عليكم أمثلةً على الحلول التي نشرحها لكم ،وألننا أيضا ً نريد إعطائكم نقطة بداية الستكشافا ٍ
ت
ت مستقبلية قد تقوموا بها الحقاً .ولذلك وحيثما يكون األمر مناسباً ،سنقوم بذكر أمثلة عن
ودراسا ٍ
ت معينة وفقا ً لمنهجية محددة تُستخدم في مثل هذه الدراسات؛ وهذا لدواعٍ توضيحية فقط ،وليس
شركا ٍ
ألننا نؤيد أيّة شرك ٍة يتم ذكرها ،أو أننا ننفي وجود شركا ٍ
ت مؤهلة أخرى يمكن أن توفر الخدمة ذاتها.
307
قياس االرتباطات الذهنية العاطفية والداللية
وتحتوي دراسات االستحضار الذهني الداللي في العادة على 100إلى 200زوج من
ت زائفة مستهدفة تبقي المشارك منتبهاً .أما لبقية أزواج الكلمات،
الكلمات ،تتضمن %25منها كلما ٍ
فإن على المستهلك تزويد الباحث بالكلمات والصور التي تُم ِّث ّل االرتباطات الذهنية التي يهتم الباحث
بشأنها في االختبار .فعلى سبيل المثال ،إذا أردت أن تختبر االرتباطات الذهنية بين خمسة منتجا ٍ
ت
منافسة لبعضها البعض مع خمس صفا ٍ
ت للمنتجات ،عندها تستطيع أن تقوم بصنع نص مكون من كل
منتجٍ مع صفة معينةٍ ،ث َّم يُقترنان مع بعضهما عدة مرات (وكقاعدةٍ عام ٍة تقوم عليها هذه التجارب ،أن
ت وذلك لتسهيل بيان االختالفات في االستجابة السلوكية لك ٍّل منها)،
خطط لتكرار كل زوجٍ خمس مرا ٍ
ف زوجا ً ذا كلما ٍ
ت زائفة ،ثم ق ْم ببعثرة ترتيب أزواج الكلمات والصور مع بعضها وح ِّ ّمل ض ْ
ثم ِّ
العنصر المح ِّفّز للسلوك في النص باستخدام أداة مثل أداة اإلنكويست (( )Inquisitاطلع على القسم
خاص بقياس أزمنة االستجابة.
ٍّ السابق) أو برنامجٍ آخر
هنالك عنصرين رئيسيين يضمنان الحصول على استجابة لعملية االستحضار الذهني ذات
معنى؛ وهما طول الفترة الزمنية لكل كلم ٍة تظهر على الشاشة وطول الفترة الفاصلة فيما بين ظهور
ً
ستحضر الذهني والعنصر المستهدف باالستحضار الذهني .فلقياس زمن ال ُمتعارف عليه عند
ِّ ال ُم
308
عشرين إلى خمسة
التعرض لمثل تلك العناصر هو من 200إلى 500جزء من ألف من الثاني (أي ُ
لقياس أكثر صحةً لنقطة التوقف الطارئة هو ما بين 100إلى 200جزءا ً
ٍ أعشر الثانية) .أما بالنسبة
باأللف من الثانية؛ فالتفعيالت المرتبطة فيها تكون أقوى في هذا اإلطار الزمني والتي بعدئ ٍذ تضمحل
بسرعة.
استُخدمت دراسات االستحضار الذهني الداللي الختبار االرتباطات الذهني الضمنية ألنواعٍ
مختلف ٍة من المنتجات ،فعلى سبيل المثال ،ألقت إحدى الدراسات نظرة على كيفية ارتباط المفاهيم
المتعارف عليها عالميا ً مع كلمتي كوك ( )Cokeوماء في عقل المستهلك .وتو َّ
صل العلماء إلى أن
كلمتي الطبيعة والغموض تمتلكان اختالفا ٍ
ت أكبر في أزمنة االستجابة لها عندما يتم استحضارها
دالليا ً عن طريق كلمة كوك ( )Cokeحيث أنها كلمة طبيعة ترتبط بشك ٍل أكبر بكلمة كوك عند الرجال
أما كلمة غموض ترتبط على نح ٍو كبير بكلمة كوك عند النساء.
يُمكنها القدرة على سبر وتف ُّحص االرتباطات الداللية الضمنية في عقول الناس المساعدة من
خالل طريقتين :أولها أنها تُساعد في اكتشاف ارتباطا ٍ
ت ذهني ٍة جديدة ذات الصلة بمنتجاتهم
ُعرف بأنها موجودة ٌ في األصل ،وثانياً؛ فهي تُساعد في مراقبة مدى
وعالماتهم التجارية التي قد ال ي ُ
كون االرتباطات التي يحاول الناس توصيلها مبنية ومدعومة جيدا ً في العقول المستهلكين.
أما في االستحضار الذهني التأثيري ،تكون االستجابة العاطفية الالإرادية لل ُمستحضر الذهني
مستنتجة من خالل سرعة تصنيف الكلمة المستهدفة من االستحضار كنقطة إيجابية أو سلبية عاطفياً.
معنى إيجابي أو سلبي غير واضح (فعلى سبيل المثال ،كلما ٍ
ت ً وتُختار الكلمات المستهدفة لتكون ذات
مثل الروعة أو االبتسامة أو الحزن أو الشقاء) ،لذا تُعدُّ هذه المهمة سهلة وبسيطة .إن الغاية وراء هذه
المهمة هي رؤية المدة التي تتطلبها قرارات التصنيف السهلة هذه بالنظر إلى ال ُمستحضر الذهني
شط ال ُمستحضر الذهني ارتباطا ً عاطفيا ً إيجابياً ،فستُصنَّف الكلمات اإليجابية
الذي يسبقها .فإذا نَ َّ
المستهدفة باالستحضار بشك ٍل أسرع من الكلمات السلبية المستهدفة والعكس صحيح إذا ما كان
شِّط ارتباطا ً عاطفيا ً سلبياً.
ال ُمستحضر الذهني يُن ّ
تُص ّمم دراسات االستحضار الذهني التأثيري على غرار دراسات االستحضار الذهني
ي ،ويَتم معايرة مرات
عرض بشك ٍل عشوائ ّ
ُ الداللي ،فيتم وضع الكلمات على شك ٍل زوجي ث ُ َّم ت ُ
ستحضرة والكلمة المستهدفة باالستحضار
ِّ التعرض إلى هذه الكلمات والفترات المتخللة بين الكلمة ال ُم
ُ
309
(حيث تُعدُّ فترة 100جزءٍ باأللفة في الثانية األفضل لعملية االستحضار الذهني العاطفي) ،ثُم
ُ الذهني
يتم عرض من 100إلى 200تجربة في هذه العملية .وبالنسبة لعملية االستحضار الذهني التأثيري،
عرض عشر
ُ تودُ التأ ّكد من أن ك َّل واحدةٍ منها ت ُ
ستحضرات الذهنية ،وقد َّ
ِّ فإنك تمتلك العدد نفسه من ال ُم
ستحضرات
ِّ ت مستهدف ٍة إيجابي ٍة وسلبيةٍ .إنها لفكرة ٌ جيدة ٌ بأن يتم تضمين ال ُم
ت على األقل مع كلما ٍ
مرا ٍ
تحضرات الذهنية
جراء تكرار ال ُم ِّ
ستحضرات المرادة لتفادي تأثيرات الرتابة ّ
ِّ الذهنية الحيادية بين ال ُم
وتخلق حالة من السيطرة على الوضع.
لقد استُخدِّم االستحضار الذهني في البحوث األكاديمية المنشورة لدراسة المواقف الضمنية
لدى الناس تجاه القطاع السياسي ،بما في ذلك مواقفهم تجاه المرشحين والمسألة والجماعات السياسية.
وقد تبنت شركات متخصصة ببحوث السوق ( كشركة ساينس ديسيجن سينتانت ( Sentient
: [www. التالي اإللكتروني الموقع ذات )Decision Science
)]Sentientdecisionscience.comلدراسة ال ُمح ِّفّزات التسويقية بما في ذلك من عالما ٍ
ت تجاري ٍة
ق ومنتجات.
ت تسوي ٍ
وعمليا ِّ
310
رفع قدرة الخدمات اإللكترونية
311
تفعيل كاميرا الويب في االختبارات :تقنية تتبع العين
لقد كانت تقنية تتبع العين متوفرة منذ عام ،2010وكانت الخدمات حينها سهلة ويسيرة جداً.
وفي ما يلي هنا مثا ٌل على إحدى العمليات التي تقوم بها إحدى الشركات اإللكترونية تدعى آي تراك
شوب (:)www.eyetrackshop.com( )EyeTrackShop
.2تقوم الشركة بتصميم نموذجٍ لالختبار ،ثم تقوم بالموافقة والتصديق عليه.
.3يتم إجراء االختبار على المشاركين بما يتوافق ومعايير التوظيف لديك.
.4يتلقى المشاركون في الدراسة بريدا ً إلكترونيا ً يُعلَ ُن فيه عن بدء االختبار ،حيث يوجههم
صتهم.
بإذن لالستخدام كاميرة الويب خا ّ
بالذهاب للموقع اإللكتروني ويزودهم ٍ
.5يتم تف ّحص الشروط الالزمة في االختبار مثل اإلضاءة وتحديد موقع الرأس ،ويتم معايرة
أنماط النظرات والتحديق .وعندما يكون ك َّل شيءٍ يعم ُل على أكمل وجه ،عندها يستطيع
المشاركين البدء في هذا االختبار.
312
.6يتم تتبع أنماط نظرات المشاركين في الوقت الذي يتم فيه عرض العنصر المحفّز لالستجابة
السلوكية لديهم .وقد يتم إضافة استبانة تقليدية في آخر هذا االختبار.
بصور وإحصائيا ٍ
ت عن النتائج، ٍ مزو ٍد
بتقرير ّ
ٍ .7تقوم الشركة بتحليل البيانات ومن ث َّم توافيك
بما في ذلك صورا ً وخرائط حرارية للشخص وأزمنة التحديق لألماكن المرادة ومسارات
النظرة والتحديق باإلضافة إلى مقارنات بين إجابات االستبانة الموجودة في االختبار.
ُ
حيث تُعدُّ تتصف تقنية تتبع العين القائمة على استخدام كاميرة الويب ببعض المزايا المقنّعة،
ُ
أيام من العمل في الدراسةأزمنة المعالجة في االختبار سريعةٌ جداً ،فهي تعادل خمسا ً إلى سبعِّ ٍ
العادية ،وتوفر بعض الشركات معالجةً لالختبار في غضون 48ساعة في لدراسات السريعة .وتٌقدَّر
التكاليف المتدنية هذه العملية بثُلث تكلفة دراس ٍة مخبري ٍة مماثلةٍ ،وذلك وفقا ً لما صرحته إحدى
الشركات .وقد تُعزى أكثر اإليجابيات بروزا ً لها ،أنه يمكن إجراء الدراسات في أي بقع ٍة من هذا
العالم ،حيث يمتلك ك َّل مشاركٍ في هذه االختبارات اإللكترونية جهاز حاسوب وكاميرة ويب ولديه
ب أو يستحيل
للمسوقين بالوصول إلى الجمهور الذي يصعُ ُ
ّ خدمة اتصال باإلنترنت ،وهذا يسمح
إجراء االختبار عليهم بأي طريقة.
وهناك أيضا ً بعض نقاط الضعف الخاصة بتقنية تتبع العين عن طريق شبكة اإلنترنت ،فالدقة
الحيزية لبرامج تتبع حركة العين عن طريق كاميرة الويب تقدَّر بقرابة نصف دقة معدات تتبع حركة
العين المتخصصة ،ويكون معدل جمع البيانات فيها أبطأ من تلك المعدات؛ وذلك ألنها تعتمد على
سرعات اتصال اإلنترنت وقوة المعالجة التي يمتلكها الحاسوب المستخدم ،حركات ارتعاش العين
السريعة التي تُسمى بسكيدز ( )Saccadesال يمكن التقاطها وتصويرها بهذه الطريقة ،كما وتميل
الحلول المستخدمة عبر الشبكة إلى أن تكون أفضل في استخدام الصور الثابتة أكثر من تسجيالت
الفيديو .إن كل هذه المحددات تتطور بسرعة في الوقت الذي تزداد فيها قوة أجهزة الحاسوب
وكاميرات تسجيل الفيديو وبازدياد سرعة االتصال باإلنترنت.
إن المسألة األكثر أهمية في تحليل تعابير الوجه عن طريق اإلنترنت (أو ما يُسمى أيضا ً بفك
شيفرة تعابير الوجه أو التصوير الوجهي) أنه مماث ٌل أيضا ً لتقنية تتبع العين عن طريق اإلنترنت.
فيَسهل على الشركات العمل بها ويمكن للمواد المراد اختبارها أن تُج ّهز وتُقدَّم من أجل إجراء
تنوعٍ في ك ِّّل
ت على ُّ الدراسة ،ثم توظف وتُختبَر في غضون ٍ
أيام قليلة .وتتضمن النتائج عادة ً عالما ٍ
313
عاطف ٍة على حدى .فعلى سبيل المثال ،توفر شركات فك تشفير تعابير الوجه عن طريق اإلنترنت
كشركة إنفيزو ( )www.nviso.ch( )nVisoوشركة ريآليز (www.realeyesit( )Realeyes
).comنتائج لحظية لحاال ٍ
ت عاطفي ٍة منفصلة والتي قد توافق أوال توافق األساسيات السبع للعواطف
التي وضعها خبير العواطف بول إكمان ( )Paul Ekmanوالذي تم توضيحها في الفصل ()16
وهي :السعادة والمفاجأة والحزن والخوف والغضب واالشمئزاز واالزدراء باإلضافة إلى حالة
االستقرار التي تم ِّث ّل الحاالت العاطفية المحايدة .فمثل تلك الدراسات فهي غير مكلفة ويمكن أن يُو َّ
سع
أيام نطاقها إلى عينا ٍ
ت أكبر من المشاركين في أماكن مختلفة ،حيث تكون نتائجها متوفرة في غضون ٍ
معدودة بدالً من أسابيع.
وكما هو األمر بالنسبة لتقنية تت ِّبّع العين عن طريق اإلنترنت ،فهنالك نقاط ضعفٍ لتقنية
تحليل تعابير الوجه عن طريق اإلنترنت مقارنةً بتقنيات فك تشفير تعابير الوجه المتخصصة .فوفقا ً
لبول إكمان ( ،)Paul Ekmanفمن ال ُمحت َّم أن تتخذ تقنيات فك تشفير تعابير الوجه التلقائية طرقا ً
مختصرة ً في عملها ،وذلك بالمقارنة مع تصنيف نظام تشفير الوجه ( )FACSللتعابير الوجه ،حيث
أن السابقة تحقق درجة دقة تُقدَّر بـ %70في التعرف على العواطف مقارنة بدرجة دقة تقدر بـ%90
لمحللي تقنية ( )FACSال ُمد َّربين .وهنالك محددُ آخر لهذه التقنية أيضا ً قد ذُ َ
كر في الفصل ( )16وهو
أن تحليل تعابير الوجه ال يقيس حركات العضالت التي تحدث فيما وراء المالحظات البصرية
لتعابير الوجه .وحتى يت َّم قياسها عند تلك الدرجة فإن األمر يتطلب وضع حساسات على الوجه األمر
الذي يجعل بعيدا ً عن نطاق تقنيات القائمة على استخدام شبكة اإلنترنت.
إن ما يبقى مفقودا ً في البحوث التي تستخدم حلوالً مثل كاميرة الويب هو تكام ٌل هاتين
ق واح ٍد ٍ
قائم اإلمكانيتين؛ ونعني بذلك تقنية تتبع العين وتحليل تعابير الوجه اللتان تندمجان في تطبي ٍ
على استخدام كاميرة الويب .وبالرغم من الحل المتكامل تماما ً لم يظهر إلى اآلن (ونحن في
منتصف عام ،)2013إال أن الشركات التي تنحدر من كال الرباطين هي على وعي بالقيمة
المضافة في كل ح ّل من هذين الحلَّين ،ويُشاع أن جهود التطوير عليها بأنها قيد التنفيذ في الوقت
الحالي .أما في الوقت الحاضر ،تعمل الشركات معا ً لتوفر حلوالً مؤقتة ،فشركة آي تراك شوب
( - )EyeTrackShopمثالً -توفر تكامالً من خالل الشراكة بين شركتين متخصصتين بفك تشفير
تعابير الوجه ،مما يسمح لعمالئها باختيار ما الذي يريدون استخدامه من بينهما وذلك إذا ما كان لديهم
تفضيل معين.
314
استخدام "التلعيب" في البحوث اإللكترونية
ال يُعتبر التلعيب نوعا ً محددا ً من الدراسات ،كدراسات تتبع العين أو أزمنة االستجابة
السلوكية ،إنما هو طريقة تقديم دراس ٍة ما .ظهر التلعيب أوالً في بحوث االستبانات على اإلنترنت
كح ٍّل لمشكلة جعل االستبانات أكثر متعة وتشويقاً .فمن خالل تطبيق بعض المزايا الخاصة باأللعاب
ستخدِّم التلعيب لزيادة معدالت االستجابة السلوكية ومعدالت استكمال
على عملية جمع البيانات ،فقد ا ُ
الدراسة باإلضافة إلى التشويق والدقة في االستبانات اإللكترونية الموجودة على اإلنترنت .وأصبحت
ُ
حيث تتضمن ما يأتي: مزايا التلعيب شائعةً في االستبانات اإللكترونية
صياغة مهمات جمع البيانات وجعلها تشبه التحديات ليتم األمر على نح ٍو جيداً.
وضع شروطٍ للربح وعرض جوائز.
إظهار تقييم تنافسي على لوحات أبرز المشاركين
منح شارا ٍ
ت كرموز لإلنجازات والصيت.
إظهار الحالة والتقدم في التطبيق على مواقع التوا ُ
صل االجتماعي.
هناك خالف شديد في عالم البحوث اإللكترونية على ما إذا كانت الزيادة في متعة في
االستبانات "ال ُم ْ
ستلعَبة" يخلق انحرافات في االستجابة السلوكية ،أمر الذي يحول نتائج االستبانة
لتكون غير معولمة .وهناك بعض البراهين الجيدة يقدمها طرفي الخالف ،لكنها جميعها تدور حول
سؤا ٍل واحدٍ :وهو كيف تؤثر مزايا التلعيب على االستجابات الواعية والتي تعتبر معرضةً
لالنحرافات في االستجابة وذلك بالمقارنة مع االستجابات الالواعية والتي تعتبر أقل عرضة
لالنحراف من قِّبل مزايا التلعيب.
وبالنسبة للدراسات التي تقيس االستجابات السلوكية الالواعية مباشرة ً أو التي تحاول كبح
التصحيح الواعي لالستجابات الالواعية ،فالتلعيب هو طريقة طبيعية للحفاظ على الفائدة والثبات،
وذلك عندما يتم تمويه الغاية الحقيقية وراء الدراسة ،وهنا ال تصبح المتعة انحرافا ً في االستجابة ،بل
أداة ملهيةً تسعى للتحسين من دقة ومصداقية االختبار .وهنا نستعرض بعض األمثلة التلعيب التي
تطبق على مقاييس االستجابات الالواعية في االختبارات اإللكترونية:
315
دراسات أزمنة االستجابات السلوكية :تتضمن السياقات اإلبداعية لمقاييس أزمنة االستجابة
"معرضا ً للرماية" و"تمرينا ً للرماية" في األلعاب التي تظهر فيها محفزات ال ُمستحضر
الذهني والعنصر المستهدف باالستحضار الذهني كعناصر في اللعبة وفي األهداف ال ُمختارة
عن طريق لوحة المفاتيح والفأرة (الماوس) .يكمن االختالف والتنوع في اللعبة يكون في
مهمة " البحث البصري" حيث يختار المشاركون صورة ً من الصور المستهدفة في شبكة من
مباشر للدرجة التي يجذب بها
ٌ مقياس
ٌ الصور المشتتة لالنتباه .إن أزمنة االستجابة هي
العنصر المستهدف االنتباه التلقائي األسفل علوي.
الدراسات ذات االختيار اإلجباري :قد ُوجد أن إضافة حدود زمنية أو مشتتا ٍ
ت لالنتباه إلى
االختبارات ذات االختيارات اإلجبارية بأنها طريقةٌ جيدة لكبح التفكير الواعي عند االستجابة.
وعلى سبيل المثال ،توصلت دراساتٌ أجرتها شركة براين جويسر ()BrainJuicer
( )www.brainjuicer.comإلى أن وضع حدو ٍد زمني ٍة ومهما ٍ
ت مشتتة لالنتباه ِّلمهمة
اختيار أغلفة المنتجات المفضلة يؤدي إلى مالحظة معدالت عالية في اختيار التصاميم
األبسط والذي ال يتطلب الكثير من التفكير.
الدراسات اإلدراكية :هنالك طريقة إبداعية لقياس مميزا ٍ
ت مثل المعالجة الذهنية لسالسة فهم
الشيء أو مدى ألفته وهي مهمة إدراكية ينتقل فيها الشيء ببطء من حالة الضبابية الشديدة في
العقل إلى حالة التركيز الحاد ،حيث يختار المشارك نقطة االنتقال التي يُصبح فيها الشيء
مدركا ً .ويمكن استخدام هذا النوع من االختبارات لقياس البروز البصري للصور والتصاميم
وذلك ما تم توضيحه في الفصل (.)13
دراسات الخاصة بالقدرة على حفظ الذكريات :وهي النسخة اإللكترونية للعبة التقليدية
الخاصة بالتركيز على البطاقات والتي يقوم فيها الالعب بقلب أزواجٍ من البطاقات لتُظهر
مواقع األشياء التي يتوجب على الالعب حفظها ،كما ويمكن استخدامها لقياس االختالف في
قدرات حفظ الذاكرة لعدة المنتجات والعالمات التجارية.
وبالرغم من أن اختبارات االستجابات الالواعية غير متوفرة كإمكانية مدمجة في
االختبارات توفرها شركات االستبانات اإللكترونية ،فإننا نعتقد بأنها ستكون كذلك قريباً .إنه لمن
المستحيل صن ُع اختبار باستخدام برامج التطوير ومن ث َّم الدخول إلى االختبار عبر ارتباطٍ تشعُّبي
من استبانة إلكترونية تقليدية وذلك كح ٍل مؤقت فحسب .هناك متطلَبٌ رئيسي لأللعاب التي تقيس
أزمنة االستجابة السلوكية وهو التأكد من القياس الدقيق للتوقيت لتسجيل االستجابة الحاصلة .إن
316
الكثير من ساعات أجهزة الحاسوب الشخصية غير دقيقة على مستوى أزمنة االستجابة السلوكية
التي تُقدّر أجزاء من األلف في الثانية ،لذا فإن البرامج المتخصص مثل برنامج إنكويست
(( )Inquisitانظر قسم " قياس االنطباعات الضمنية تجاه عالمة تجاري ٍة ما باستخدام دراسات
أزمنة االستجابة" سابقا ً في هذا الفصل) وهذه البرامج تحتاج إلى أن تتخصص لسد هذا النقص.
التزود الجماعي هو مصطل ٌح قد صيغ مؤخرا ً ويدل على جمع اآلراء من عد ٍدُّ إن مصطلح
بالتزود
ُّ كبير من الناس (الجمهور) الختيار األداء األكثر تفضيالً لديهم .أحد أكثر األمثلة صلةً
ٍ
الجماعي للبحوث هو األسواق التنبؤية (وهي المتاجر اإللكترونية تختص بتنبؤا ٍ
ت قائمة على
معتقدات المستهلكين بشأن النتائج المستقبلية المحتملة) .في هذه الطريقة ،وال يقوم المستهلكين
بتسجيل آرائهم كما هو الحال باالستبانات التقليدية ،بل يستخدمون طريقة الشراء والبيع (االفتراضي)
أناس آخرون حدوثه في المستقبل.
ُ لالختيارات المتاحة أو أن يُشاركوها كوسيلة للتعبير ع ًما يتوقّع
وتستفيد هذه الطريقة من ميزة األحكام البشرية التي ناقشناها في الفصل ( )15وهي حقيقة أن الناس
يكونون دقيقين عندما يتوقعون ما سيفعله اآلخرون أكثر من توقعهم لما سيفعلونه هم أنفسهم.
تعمل األسواق التنبؤية بنفس المبدأ التي تعمل فيه أسواق األسهم أو البورصةِّ .لنقُ ْل أن شركةً
أفكار لثالث منتجات جديدة ،فيتم دعوة المستهلكين لـ"شراء" األسهم بفكرة
ٍ ما تريد أن تختبر مفاهيم
أنهم سيربحون (بينما يوضح السوق مفهوم الربح وكيفيته) .وبعد كل جول ٍة من البيع والشراء ،فيكون
"سعر" كل سهم هو مقياس لكيفية استثمار كل المشاركين في السوق من خالل الخيارات المتاحة.
يستطيع ك ُّل مشاركٍ التراجع عن استثماراته في ضوء ارتفاع وانخفاض ألسعار األسهم .وفي آخر
المطاف ،تظهر فكرة ٌ ما على أنها هي األكثر تفضيالً ،مما يجذب الكثير من االستثمارات أكثر من
غيرها.
وقد أظهرت هذه الطريقة نتائج متفوقة في عد ٍد من التجارب التي تستجيب فيها مجموعة من
المستهلكين المشاركين عبر المتاجر التنبؤية اإللكترونية ومجموعة ٌ أخرى منهم لالستبانات التقليدية
التي تسألهم عن آرائهم .ويعتقد الباحثون أن ازياد درجة دقة المتاجر التنبؤية هي وظيفة التغذية
317
الراجعة التي يوفرها سلوك الشراء والبيع الذي يقوم به اآلخرون والذي يُترجم إلى معلوما ٍ
ت إضافي ٍة
يستخدمها المشارك ليعدِّّل من استثماراته ويركز عليها .وبينما يكون السوق هو عبارة عن اتحاد كامل
للخيار األكثر تفضيالً ،فإنه غالبا ً ما يُظهر قدرة ً غريبة على التنبؤ بالنتيجة الواقعية التي تظهر الحقا ً
في المتاجر الحقيقية.
318
هناك ِّسياقَين اثنين حيث يمكن أن تُفهم التجارب السلوكية البسيطة وتكون ذات معنى وهما:
في متاجر البيع بالتجزئة وعلى اإلنترنت .فالتجارب التي تُجرى داخل المتاجر يقوم بها بائعو التجزئة
ومسوقو المنتجات طوال الوقت؛ فعلى سبيل المثال ،يقومون في ك ِّّل وق ٍ
ت بتبديل أمكنة المنتجات على
الرفوف ،لكن هذه التعديالت غالبا ً ما تكون مخصصة وغير رسمية .ويُمكن للتجارب األكثر قوة
وتحكما ً أن تُطبّق باستخدام المبادئ األساسية للتصميم التجريبي (كما سيتم ذكره بإيجاز في الفصل
تسوقية.
ي ِّ بيئ ٍة ُّ
( )19وذلك الختبار العنصر الرئيسي لمزيج التسويقي للمنتجات في أ ّ
نستعرض هنا أمثلة عن بعض التجارب (وقد ذُكرت بعضها في جزءٍ آخر في هذا الكتاب)
والتي يمكنها أن تخدم نموذج االختبارات الذاتية في بيئة متاجر التجزئة وهي كالتالي:
اختبار تأثير موسيقى الخلفية في االختبار :إن اختبار المشروب الذي تم شرحه في الفصل
اختبار وذلك اإلقصاء هو تأثير أحد العوامل
ٍ ( )12هو مثا ٌل جيدٌ على التحكم بالمح ِّفّزات في
المحيطية ،حيث تكون في هذه الحالة تأثير الموسيقى الفرنسية مقابل الموسيقى األلمانية في
إعالنات المشروب.
ض َح اختبار تنوع منتجات ال ُمربَّى التي ذُ ِّكر في الفصل ()12
اختبار بداية عبء االختيار :و َّ
كيفية اختبار تأثيرات التنوع في المنتجات على سلوك االختيار فيما بينها .ويمكن تصميم
اختبارا ٍ
ت مماثلة الختبار تأثير فئات المنتجات على االختيار فيما بينها.
اختبار تأثير الرائحة العطرة في الهواء :في تجرب ٍة سلوكي ٍة بيَّنتها من قِّبَل شركة البحوث
براين جويسر ( ،)BrainJuicerتم تثبيت أجهزة باعثة للروائح العطرية أو ما تُسمى
بملطفات الجو في متاجرين لألبسة الداخلية .وعلى مدى سته أشهر ،كانت العطور التي تُرش
في إحدى المتجرين ال تُرش في المتجر اآلخر لمدة أسبوع ،ثم تم عكس العملية في األسبوع
التالي ،وفي نهاية التجربة ،تم مقارنة المبيعات في كال المتجرين ،وظهر بأن التصميم األنيق
ق واسعٍ من العوامل الخارجية المختلفة والتي يُمكن أن تؤثر على
سيطر بفاعلية على نطا ٍ
َ قد
المبيعات باإلضافة إلى العطور التي تُرش في الهواء.
اختبار تجاور المنتجات في المتاجرُ :
شرحت تجربة بأكثر من طريقة تقديمية تقليدية ،حيث
قارنت شركة للوجبات الخفيفة الممرات بين رفوف المنتجات والمبيعات التي حققتها هذه
المنتجات في عد ٍد من متاجر البقالة ،حيث ُوضعت رقائق البطاطس بجانب صلصة التغميس
في ممر واحد للرفوف ،وفي حال ٍة أخرى تم الفصل بينهما في هذه التجربة .وباستخدام
319
ي ٍ للموازنة بين العوامل األخرى التي قد تؤثر في المبيعات ،توصلوا بأن وضع
تصميم تجريب ّ
ٍ
المنتجات ذات الصلة ببعضها البعض معا ً قد أدى إلى زيادةٍ في معدل المبيعات لصلصة
التغميس إلى %75كما زاد من المبيعات في نفس ممر الرفوف الذي يتواجد فيه هذين
المنتجين إلى ،%3مما أدى إلى خلق حالة مقنعة لوضع هذه المنتجات المعلقة ببعضها لك ٍّل
من متاجر التجزئة وشركات إنتاج الوجبات الخفيفة.
حزم شرائية واحدة :شرح فيل باردين ()Barden Phil
اختبار تأثير تجميع المنتجات في ٍ
في كتبه "فك الشيفرة :العلم الكامن وراء شراءنا لألشياء" (( Decoded: TheScience
)Behind Why We Buy (Wileyالكثير من التجارب السلوكية الذكية متضمنةً سلسلة
أجريت في مقاصف المدارس الختبار تأثير الطريق المختلفة لتقديم
من التجارب التي ِ
الطعام على سلوك األكل .وكانت إحدى النتائج الملحوظة جم ُع الحلويات الصحية في حزمة
شرائية واحدة كجزءٍ من سعر الغداء ،واحتساب تكلفة الحلوى غير الصحية بشك ٍل
منفصل ،وهذا ما تسبب بزيادة تُقدر بـ %71في استهالك الحلوى الصحية باإلضافة إلى
انخفاض نسبته %55من استهالك الحلوى غير الصحية.
ٍ
إن العناصر الرئيسية للتجارب الجيدة التي تُجرى داخل المتاجر هي:
فرضياتٌ واضحةٌ.
تعريفات دقيقة للمزايا البيئية الخا ّ
صة بالمتاجر التي جري عليها المقارنات.
نتائج سلوكية واضحة.
أساليب تحكم جيدة للتقليل من تأثير العوامل الخارجية على نتائج تجربتك.
وبفضل توفُّر أدوات االختبار اآللية والمرونة الكامنة في تصميم صفحات اإلنترنت،
أصبحت التجارب اإللكترونية أكثر سهولةً في تأسيسها وإجرائها .فعند استخدام أدوات االختبار مثل
مدير التجارب اإللكترونية والذي يُسمى باألوبتيمايزلي ( )Optimizelyالموجود على الموقع
اإللكتروني ،)www.optimizely.com(:حيث يمكنك أن تؤسس لمقترحات االختبار بسهولة
اشتر اآلن" في الموقع اإللكتروني -والسماح لبرامج
وسرعة -مثل تحريك مكان وضع زر " ِّ
االختبارية بالتكفل بالتفاصيل مثل تتبُّع العرض العشوائي لك ٍّل من التصاميم البديلة وإضافة نتائج
320
خيار منها باإلضافة إلى تجهيز إحصائيات مقارنة لكي تستطيع رؤية ما الذي يجدي نفعا ً
ٍ سلوكية لكل
أكثر من غيره.
لقد قمنا في الفصل ( )8بوضع إدراج ستة استدالالت بارزة قد عُّرفت من قِّبل االقتصاديات
السلوكية (وبالطبع هناك الكثير من االستدالالت ،إال أن التي سنتحدث عنها هي أكثرها شهرة).
ق نظرة ًولنشرح كيف تستطيع مبادئ االقتصاديات السلوكية توجيه عملية تشكيل التجارب ،دعنا نل ِّ
ت مفيدة في االختبارأخرى على ك ِّّل واحدة من هذه االستدالالت ونرى كيف تُساعد في توليد فرضيا ٍ
التجريبي ،هذه االستدالالت هي كما يأتي:
فقدان النفور :هذا المبدأ الذي ال يُقدِّّر الناس مكاسبه ومخاسره على نح ٍو مكافئ .فعليك أن
ي ٍ ما وسيلةً لتحقيق مكس ٍ
ب أو تجنُّب عرض تجار ّ
ٍ تأخذ بعين االعتبار اختبار ما إذا كان تقديم
مخسر ما ،مما يؤدي إلى اختالفٍ في نسب المبيعات.
ٍ
ق .فاالرتكاز ذو االرتكاز :وفي هذا المبدأ ،يميل الناس إلى مقارنة األشياء بشك ٍل نسب ّ
ي ٍ ال مطل ٍ
صل ٍة باستراتيجيات التسعير وبالترتيب الذي تُعرض فيه البدائل .لذا فإنه يجب األخذ بعين
االعتبار اختبار ما إذا كان الطلب على المنتج الممتاز يزيد على في الوقت الذي يُعرض
رض على أنه أعلى المنتجات سعرا ً.
ع َسعر عا ٍل أو إذا ُ
بجانب بدائل ذات ٍ
التأطير :وفي هذا المبدأ تكون البيئة هي التي تهم في االختبار وحتى أكثر من المحتوى
أحيانا ً .فإن الصياغة هو ٌ
أمر مبدئي عندما تكون المنتجات موضوعة في إطار مروجٍ للمنتج
أو معيق له .فعلى سبيل المثال ،فضع في اعتبارك أن تختبر ما إذا يُحتمل أن يشتري
المستهلكون منتجا ً لديه " يعزز من الطاقة " مقابل منتج "يقلل من اإلجهاد".
االنحراف المفترض :يميل الناس في هذا المبدأ إلى اختيار االختيارات المفترضة بدالً من
ضع في اعتبارك االختبار وفقا ً لملحقات
ْ االختيارات الفعلية التي يقوم بها المستهلك .وهنا
321
المنتج المعروضة -مثالً -بمقارنة مبيعات منتجٍ ما يتضمن كفالة متضمنه في ذاتها ومنتجٍ
قرار إضافي.
ب إضافتها باتخاذ ٍ آخر بكفالة يتو َّج ُ
االستدالالت الشعورية :وفي هذا المبدأ غالبا ً ما يَستخدم المستهلك التأثير(المشاعر اإليجابية
ت منطقي ٍة ذات حاجة إدراكية .وهنا يجب أن تف ِّ ّكر في
والسلبية) كبدي ٍل عن وضع حسابا ٍ
اختبار إذا ما كانت إضافة المالمح اإلعجابية مثل (الوجوه المبتسمة والجراء الصغيرة)
لعملية االختيار المعقّدة قد يُغير من سلوك االختيار.
تأثير الملكية :وهنا يتعامل الناس مع األشياء التي يمتلكونها بأنها أكثر قيمة من األشياء التي
بحث حديث العهد على تأثير الملكية بأنها تزداد أيضا ً بمقدار ازدياد
ٌ ال يمتلكونها .وقد توصل
أي قيم ٍة شخصية عند الشخص ،وحتى إذا لم يكن يمتلكها .لذلك،
فهم وإدراك شيءٍ بامتالكه ُّ
ضع في اعتبارك تجربةً يكون فيها المنتج مرتب ٌ
ط "بقصة أساسية" في حالة معينة وليس
بأخرى .والسؤال هنا :هل تزيد القصة من السعر الذي ينوي المستهلك دفعه مقابل هذا
المنتج؟
وكما هو موضّح في هذه األمثلة الموجزة ،فإن االقتصاديات السلوكية هي حق ٌل َخ ْ
صب
ص ٍة بالتجارب الذاتية .فعلى عكس بدائل التسويق
ت خا ّ للمسوقين ،يم ِّ ّكنهم باستنتاج منظورا ٍ
ت وفرضيا ٍ
العصبي األكثر تعقيداً ،فيمكن أن تُدار هذه التجارب دون الحاجة إلى تدخالت أو تكاليف مضاف ٍة من
قِّبل شريك التسويق العصبي.
322
إنه وفي أغلب الحقول القائمة على التكنولوجيا ،كلما ز1شدتَ في تطبيق التكنولوجيا في حل
المشكلة التي تواجها ،زادت دقة المعلومات التي تحصل عليها وأصبح لديك فهما ً أكبر بما يتعلق
ت جيدة جدا ً
بإجراءات التجربة .أما بالنسبة لقطاع الطب مثالً ،فيمكنك الحصول على معلوما ٍ
اختبار فيزيائي ،ولكنك أنك تستطيع الحصول على معلوما ٍ
ت أكثر دقة ٍ ورخيصة نسبيا ً من خالل
وإجرائي ٍة عن طريق استخدام األشعة المقطعية.
أما في التسويق العصبي ،فإن معادلة التكنولوجيا المتقدمة والتكلفة المرتفعة والفهم األفضل
لم تتحقق بعد إلى اآلن .إنه لمن السخرية وتح ٍّد واضحٍ لهذا الحقل المسألة التي تنص على أنه كلما
قلَّت المنهجيات المتبعة للتكنولوجيا المتقدمة ،كانت في األغلب أسهل في الفهم .وفي الوقت الذي
يزداد فيه تعقيد التقنيات المستخدمة ،يبدو أن المقاييس تزداد إبهاما ً ويصعُ ُ
ب تفسيرها ،وليس العكس.
يجد الناس طريقة تصميم دراسات أزمنة االستجابة السلوكية سهلة في الفهم نسبياً ،كما هو
األمر لما تعنيه النتائج .وهم قادرون على فهم مبدأ عمل تقنية تتبع العين وسبب كونها مهمةً في
معرفة النقطة الذي ينظر إليها الناس والمدة التي ينظرون فيها إلى تلك النقطة .وهم أيضا ً يعلمون أنه
من األفضل لإلعالن التجاري أن يسبب في ابتسام من يشاهده وليس عبوسه .وعلى نح ٍو مماثل ،فإنهم
يحصلون على أكثر المقاييس حيويةً؛ حيث يكون من المنطقي أن نفتح أعيننا باتساعٍ أكبر عندما نكون
مندهشين ومتفاجئين ،كما ويزداد نبض قلوبنا وتتعرق أكفَّنا عندما نكون متحمسين ،وتتسع حدقة
بأمر ما وإلى آخره من االستجابات الجسدية.
أعيننا عندما نكون مهتمين ٍ
وما تزال الكثير من األساليب المتقدمة في التسويق العصبي تصارع لجعل مقاييسها ذات
المسوقين إلى االستعانة بأخصائي تقنية الرنين المغناطيسي أو
ّ ِّ معنى وقابلةً للتنفيذ .يتجه القليل من
ً
علم بأي شيءٍ
تقنية تخطيط كهربية الدماغ الخاصتين بالتسويق العصبي ألول مرةٍ ،وهم ليسوا على ٍ
يخص الموجات الدماغية أو معدل تدفق الدم في مناطق في الدماغ التي قد ال يمكن لفظ أسمائها ،وقد
ُّ
يكون أغلبهم ال يعلمون سبب اهتمامهم بهذا األشياء حتى.
وبالنظر إلى أن القوة الحاسوبية الموجودة في عالمنا الحديث ستستمر في زيادة على مستوى
سي ،فإن كل الحلول البسيطة وغير المكلفة التي ُ
شرحت في هذا الفصل ستستمر ال محالة المعدل األ ُ ِّ ّ
في أن تكون أذكى وأسرع وأرخص سعرا ً مع مرور الوقت .فإذا كانت أكثر تقنيات التسويق العصبي
تقدما ً تتنافس فيما بينها ،فإنه يتوجب عليها أن تترجم تفوقها التقني إلى مصطلحا ٍ
ت تجارية تتعلق
323
بمستوى الفائدة والتكلفة ،حتى يتمكن لعمالئها من فهمها وتصبح لديهم النية في الدفع مقابل الحصول
عليها.
وهنا يأتي السؤال :ما الذي يتوجب على المستعينين المحتملين لبحوث التسويق العصبي
فعله؟ وهنا نحن نقترح بض َع توجيها ٍ
ت أساسية وموضّحة كما يأتي:
تابع الخدمات اإللكترونية على اإلنترنت :فقد يُحتمل زوال نقاط الضعف التي قد جعلت
أشهر الماضية.
ٍ الخدمات غير تنافسية في الستة
ال تعتمد على الشركات اإللكترونية لتخبرك بأنك مخطئ في اعتمادك على شركا ٍ
ت إلكتروني ٍة
مستشار حيادي ليساعدك في ترتيب البدائل
ٍ أخرى .اعتمد على بحثك الخاص أو قم بتوظيف
لديك.
اختيار منضبطة لتقرر أفضل طريق إجراء الدراسة ،وأفضل مقايضة تقوم على
ٍ ات َّ ِبع عملية
أساس التكلفة والفائدة بالنسبة لك (انظر الفصل .)21
ال تخشى من تجربة االختبارات والتجارب البسيطة بنفسك .فأحيانا ً تكون التجارب ذات ا
التطبيق السها قد تؤدي إلى نتائج قيمة.
بأسعار أعلى.
ٍ ت تقنية لتطالب حذر من الشركات اإللكترونية التي تنوه إلى غايا ٍ
كن على ٍ
فيؤثر زيادة الطلب على لقطاع األعمال في غاياتها حتى تكون قادرا ً على موازنة التكاليف
مع الفوائد التجارية المحققة.
324
الفصل الثامن عشر
تلخيص نطاق االستجابات الدماغية لدى المستهلك التي يقيسها التسويق العصبي.
تصنيف أفضل التقنيات في قياس االستجابات السلوكية في نطاقات تسويقية رئيسية.
مالحظة كيفية قيام بعض الشركات بدمج التسويق العصبي مع أساليب بحثية أخرى.
وضّحنا في الجزء الثاني من هذا الكتاب النظرة الجديدة للمستهلك والتي تنشأ من علم الدماغ.
أما بالنسبة للجزء الثالث ،فقد ألقينا نظرة ً على كيفية لعب التفكير الالوعي دورا ً في الحقول التسويقية
ق واسعٍ من أساليب وتقنيات التسويق الست .وقمنا في الجزء الرابع من هذا الكتاب بعرض نطا ٍ
العصبي المتنوعة والتي يُمكن استخدامها لقياس استجابات المستهلك وسلوكياته .ونحن في هذا الفصل
نربط هذه المواضيع معا ً لتُش ّكل وجهة نظر موحدة لتحدد ما الذي يتناسب مع بعضه في البحث .إن
هدفنا هو أن نمنحك توجيها ً سريعا ً لتحديد أين يمكن للتسويق العصبي أن يساعدك في عرض حاجاتك
البحثية.
إننا نبدأ هنا بتصنيفٍ جدي ٍد ألنواعِّ العمليات الدماغية ونتائجها التي يمكن للتسويق العصبي
قياسها .ثم سنلقي نظرة ً على نقطة التقاء نطاقات التكنولوجيا والتسويق ،حيث أننا سنوفر في كل نقطة
التقاءٍ فيما بينهما قائمةً من النتائج والعمليات الدماغي ِّة هذه التي نعتقد بأنها أفضل المقاييس التي تؤديها
ي ٍ معين.
ق تسويق ّ
تقنية معينة في نطا ٍ
لتنافس عالي المستوى أن تؤخذ صورة ٌ واحدة في فترة زمنية معينة لحق ٍل يتطور بسرع ٍة ٌ إنه
يخص
ُّ قرار فيما
ٍ غمار حق ِّل التسويق العصبي واتخا ِّذ
ِّ كبيرة .مع ذلك ،فأنها نقطة بداية جيدة لدخول
ي ٍ مفي ٍد لك وأين يكون كذلك. كيفية كون التسويق العصبي أسلوب بح ٍ
ث تسويق ّ
325
ُ
يتحدث عن دمج التسويق العصبي في برامج بحثية كبيرة، قصير
ٍ بقسم
ٍ ثم سنختم هذا الفصل
وسنشرح كيف تتبنى الشركات الرائدة منظمات البحوث المستقبلية التي تدمج التسويق العصبي مع
لتكون صورة أشمل ّ ِّ أساليب بحثية أخرى -بعضها التقليدي وآخر جدي ٍد كالتسويق العصبي-
لمستهلكيهم ومنتجاتهم وعالماتهم التجارية.
االستحضار الذهني( :والذي استعرضناه في الفصل )5هي آلية أساسية يت ُّم من خاللها
التأثير على األشياء والمواقف المحيطة بنا عن طريق تصرفاتنا وأهدافنا وسلوكياتنا دون أن
نكون على وعي بذلك التأثير.
االنتباه( :والذي استُعرض في الفصل )6وهو آلية دماغية يتم من خاللها انتقال المدخالت
الذهنية من الالوعي إلى الوعي اإلدراكي .وتؤثر درجات االنتباه على العواطف والذاكرة
والتوقعات.
التكافؤ واإلثارة العاطفية( :وقد استعرضناها في الفصل )6وهي عبارة عن أبعاد عاطفية
(بعكس أنواع العواطف المنفردة) .فاإلثارة أو المح ِّفّز العاطفي يعني درجة الحدة والتحفيز
والهيجان ،أما التكافؤ فيعني اتجه التفضيل وعدمه سوا ًء أكان ردَّ فع ٍل إيجاب ّ
ي ٍ أو سلبي.
االقتراب والتجنب( :كما استعرضناه في الفصل )6هما بُعدي الدافع الالوعي الذي يحفز
أمر ما أو النفور منه ،كما أنهما
القيام بفع ٍل ما ،وهما مصدرين تحفيزيين لالنجذاب إلى ٍ
يتأثران بشدَّة بالمؤثرات العاطفية الالواعية (أي العالمات الجسدية)
تنشيط الذاكرة( :والتي استُعرض في الفصل )5هو مدى تحفيز عمليات تشفير الذكريات
واسترجاعها من خالل تجربة ما.
326
ضحت في الفصل )8وهي عبارة عن عملية حسابية ذهنية للقيمة المتوقعة أو القيمة( :كما ُو ِّ ّ
جربة أو المستذكرة .وتُشتق القيمة من عملية موازنة النفور ( مثالً النفور من التكاليف ُم ّ
واأللم واإلزعاج) مع السعي إلى الربح (مثل ربح الفائدة والسرور والمكافأة).
عرضت في الفصل )13وهي الدرجة التي تُعتبر فيها المهمة سهولة االستخدام( :وقد است ُ ِّ
اإللكترونية ممتعة وسهلة في التنفيذ ،وهي صفة تُعزى للصفحات والمواقع اإللكترونية.
التفضيل( :وقد تم استعراضه في الفصل )8وهو الحكم الذي يُطلق على قيمة كل خيار من
الخيارات البديلة.
السلوك واالداء( :كما استُعرض في الفصل )2وهي متغيرات إضافية مهمة للنتائج
التسويقية ،فالسلوك هو عبارة عن فع ٍل ظاهر ،إنما السلوكيات هي نتائج للعمليات الذهنية
الواعية والالواعية وتشمل ما يقوله ويفعله الناس .أما األداء فيُحدد من خالل قياس السلوك
حكم على النجاح أو الفشل النسبي للسلوك.
مقابل هدفٍ أو توقعٍ ما ،مما يؤدي إلى ٍ
327
وهي :دراسات أزمنة االستجابة السلوكية وتقنية تتبع العين والتجارب السلوكية والمقاييس الحيوية
وتقنية تخطيط كهربية الدماغ ( )EEGوتقنية الرنين المغناطيسي (.)fMRI
328
قياس استجابات المستهلك للتسويق وقطاع الترفيه جدول 1-18
أزمنة دراسات
االستجابة
تقنية ()fMRI تقنية ()EEG المقاييس الحيوية التجارب السلوكية تقنية تتبع العين
السلوكية
329
دراسات أزمنة
تقنية ()fMRI تقنية ()EEG المقاييس الحيوية التجارب السلوكية تقنية تتبع العين االستجابة
السلوكية
القيمة ،السلوك االرتباطات العواطف االستحضار االنتباه االرتباطات الدعاية
المنفردة ،التكافؤ الذهنية الضمنية، الذهني، الذهنية الضمنية، واإلعالن
واإلثارة العاطفية سلوك االقتراب االختيار، االستحضار
التجنب، أو السلوك الذهني ،االختيار
االنتباه ،تنشيط
الذاكرة
سلوك االقتراب القيمة ،االختيار االنتباه ،التفضيل االستحضار التسوق
ُّ
التجنب، أو الذهني، والتسويق داخل
االختيار االختيار، المتاجر
السلوك
االرتباطات سهولة االنتباه ،سهولة االستحضار التجربة
الذهنية الضمنية االستخدام، الذهني، االستخدام اإللكترونية
العواطف االختيار،
المنفردة ،التكافؤ السلوك ،سهولة
واإلثارة العاطفية االستخدام
االنتباه ،السلوك التكافؤ واإلثارة االختيار، االنتباه قطاع الترفيه
العاطفية السلوك
330
دراسات أزمنة االستجابة السلوكية
إن دراسات أزمنة االستجابة السلوكية (التي تحدثنا عنها في الفصل )17أدوات بسيطة وغير مكلفة
وقابلة للتوسع وسهلة التفسير ،حيث تستخدم هذه األدوات لقياس االرتباطات الذهنية الضمنية واالستحضار
الذهني الداللي والتأثُّري والتفضيالت واالختيارات .وبسبب اعتماد هذه األدوات على االستجابات السريعة
لعمليات االختيار أو التصنيف المنفصلة ،فإنها تكون في أقصى فائدتها بتحليلها للكلمات والصور الثابتة التي
خيار أقل مالئمةً
ٌ تشكل مح ِّفّزات لالستجابة .وتعتبر خيارا ً موفقا ً لدراسة العالمات التجارية والمنتجات ،ولكنها
لدراسة الدعاية واإلعالن (ما عدا اإلعالنات التجارية المطبوعة أو أخرى تأتي بهيئة ثابتة) باإلضافة إال أنها
التسوق أو المهمات اإللكترونية أو قطاع الترفيه.
ُّ ال تتناسب ودراسة
يمكن أن تجهز دراسات أزمنة االستجابة السلوكية بسرعة وذلك باستخدام الخدمات
اإللكترونية عبر اإلنترنت والتي تهتم بعمليات الترميز الضمنية المطلوبة لضمان دقة التوقيت
المخصص لمهمات االختيار .وهناك نماذج تجريبية متاحةٌ أيضا ً والتي تُعدُّ سهلة التخصيص للعمل
مع المح ِّفّزات التي تجري عليها الدراسة .ويُمكن أن يتم إجراء تجارب باستخدام اللوائح المستهلكين
اإللكترونية الموجودة أصالً ،مما يسمح لك بالحصول على مئات االختبارات المنجزة من قِّبل
مشاركين مؤهلين في غضون جداول زمنية قصيرة.
وتأتي تقنية تتبع العين على شاكلتين هما :تقنية تتبع حركة العين عن طريق اإلنترنت باستخدام كاميرة
الويب ،وتقنية تتبع العين المخبرية باستخدام أدوات متخصصة بذلك .من المفترض أن تكون شركات التسويق
331
العصبي اإللكترونية قادرة على مساعدتك في اتخاذ قرار فيما يخص الطريق التي تعبر األفضل في موازنة
دقة وقابلية توسع حاجاتك عند الدراسة.
التجارب السلوكية
إن التجارب السلوكية (التي ناقشناها في الفصل )17هي تقنية أساسية في اختبار المبادئ والمنظورات
في االقتصاديات السلوكية وعلم النفس االجتماعي .وتُعد األسلوب التجريبي (انظر الفصل 19لمراجعة
األساسيات فيه) مرنا ً وغير مكلفٍ نسبيا ً وسهل التجهيز وسهل الفهم والتفسير للنتائج .فمع كون االستدالالت
(أي األحكام والطرق اتخاذ القرار المختصرة) دليالً توجيهياً ،عندها يمكن أن تكون التجارب السلوكية أسلوبا ً
ممتازا ً الختبار الفرضيات التي تخص االستحضار الذهني واالختيار والسلوك في سيناريوهات مختلفة
للمستهلكين.
تكون التجارب السلوكية مفيدة وباألخص في دراسة تأثير االستحضار الذهني على االختيار والسلوك
التسوق ،سواء أكان في المتاجر العادية أو اإللكترونية .وقد
ُّ خالل المواقف التي يتعرض لها المستهلك عند
بدأت تُستخدم هذه التجارب أيضا ً بكثرة في اختبار تأثير العالمات التجارية والمنتجات واألغلفة والدعاية
ت ذهني ٍة لالختيار والسلوك .كما ويمكن استخدام التجارب السلوكية في اختبار االختيارات ستحضرا ٍ
ِّ بكونها ُم
والسلوكيات التي ُح ِّفّزت من خالل التجربة الترفيهية ،كاالستجابة للعروض الدعائية لألفالم الجديدة.
تكمن الفائدة القصوى للتجارب السلوكية في أنها تقيس السلوك مباشرةً ،لذا فال يكون هناك خطوة
صف قياسات اإلشارات إلى مقاييس مؤولة ليسهل فهمها.
ٍّ وسطية لترجمة
القياسات الحيوية
يُقاس نطاق واس ٌع من االستجابات الفيزيائية (الجسدية) عن طريق القياسات الحيوية (التي نوقشت في
الفصل ،)16وتتضمن قياس تعابير الوجه وحركات عضالت الوجه (باستخدام تقنية تخطيط كهربية عضالت
الوجه ] )[EMGوالمواصلة الكهربائية للجلد الناتجة عن عملية التعرق (نشاط كهربية الجلد ])[EDA
ومعدل نبض القلب وضغط الدم والتنفس ،حيث أنه يمكن استخدام المقاييس الحيوية عبر أغلب حقول
التسوق والدراسات
ُّ التسويق .إال أن الحقل الوحيد الذي ال تُستخدم فيه المقاييس الحيوية على بشك ٍل واسعٍ هو
التسوق والتي غالبا ً ما تتدخل في اإلشارات
ُّ المجراة داخل المتاجر؛ وذلك ألن الحركات الجسدية في بيئات
الجسدية.
إن أفضل ما تتناسب معه المقاييس الحيوية هو قياس االستجابات العاطفية الواعية والالواعية
للمحفّزات .وتُعدُّ مقاييس الجهاز العصبي الالإرادي مثل تخطيط كهربية الجلد ( )EDAومعدل نبض القلب
مقياس
ٌ مفيدة في قياس مدى اإلثارة والتحفيز العاطفي ،فتقنية تخطيط كهربية عضالت الوجه ( )EMGهي
332
دقيق وموثوق للتكافؤ العاطفي ،كما يُستخدم تحليل تعابير الوجه(سواء أكان تحليالً آليا ً أو عن طريق خبير)
بشك ٍل أساسي في قياس العواطف المنفردة (مثل الساعدة والمفاجأة وهل َّم جرا ً) .وتعتبر مقاييس تعبيرات الوجه
وتقنية تخطيط كهربية عضالت الوجه والمحفزات العاطفية هي أيضا ً مفيدة ٌ في اختبار مدى سهولة استخدام
االختبارات اإللكترونية؛ وذلك ألن هذه المقاييس تنفع في معايرة االستجابات العاطفية طويلة األمد للمهام
اإللكترونية مثل االرتباك أو اإلحباط أو الملل.
وذُ ِّكر أن إحدى شركات التسويق العصبي اإللكترونية ( مثل شركة إينرسكوب
] )[Innerscopeنجحت في استخدام المقاييس الحيوية لتنبؤ السلوكيات في السوق الناتجة عن
تصاميم المنتجات الجديدة؛ لذا فإننا نُض ِّ ّمن السلوك على أنه استجابةٌ يُمكن قياسها باستخدام
المقاييس الحيوية للحقل التسويقي الذي يتم تطبيق هذه المقاييس عليه.
تُعدُّ طريقة المقاييس الحيوية أقل تعقيدا ً من الطرق التي تستخدم تقنيتي ( )EEGو( ،)fMRIإال أنها
ما تزال تمثل مرتبة مهمة تجاه التعقيد وذلك بالمقارنة مع دراسات أزمنة االستجابة السلوكية وتقنية تتبع
حركة العين والتجارب السلوكية .فعلى عكس هذه الطرق المستخدمة ،فتتطلب دراسات المقاييس الحيوية
خبرة ومعرفة متخصصة وذلك لوضع حساسات األجهزة على الجسد بالطريقة الصحيحة ،كما وتتطلب تحكما ً
بشروط جمع البيانات وتحويل صفوف نتائج اإلشارات المست َقبَلة إلى مقاييس قابلة للتفسير.
ت تجارية جديدة وأفكار المنتجات لقد أدى استخدام تقنية ( )EEGإلى نتائج جيدة في التأسيس لعالما ٍ
وتصاميم األغلفة والمنتجات باإلضافة إلى دراسات الدعاية واإلعالن .إال أنها أقل استخداما ً في دراسات
التسوق وذلك بالرغم من أنه قد ذٌ ِّكر أن عن شركة للتسويق العصبي ( شركة ساندز ريسيرتش ( Sands ُّ
()Research, Incأنها قد حصلت على نتائج مثيرة لالهتمام وذلك باستخدام معدات تقنية ( )EEGمتنقلة
للتسوق داخل المتاجر.
ُّ ونظارة تستخدم تقنية تتبع العين فيها وذلك لدراسة االختيار والسلوك في مواقف فعلية
كر أن عدد الدراسات القائمة على تقنية ( )EEGكان أقل في اختبار التجربة اإللكترونية؛ وقد وقد ذُ َ
ق ُحر عند أداء المهام عبر اإلنترنت والتييكون ذلك بسبب طبيعة السعي وراء األهداف التي تُعتبر ذات نطا ٍ
يصعب التوفيق بينها وبين المستوى المرتفع للتحكم التجريبي المتطلَّب للمقاييس الدقيقة لإلشارات التي تنتج
333
عن تقنية ( )EEGوالتي تحتاج ألن تكون متوسطة فيما بين أفرا ٍد عدة .فعندما يخوض الناس تجربة المهام
ق مختلفة ،مما يجعل دماغهم ينتج سلسلة من الحاالت اإللكترونية ،فإنهم يسعَون إلى تحقيق أهدافهم بطر ٍ
الذهنية ومن ردود الفعل العاطفية التي يَصعب دمجها وتفسيرها باستخدام تقنية (.)EEG
تعتبر تقنية ( )EEGأكثر تأثيرا ً في قياس ردود الفعل الدافعة لالقتراب والتجنب التي تنتج في الالوعي
التعرض إلى ُمح ِّفّ ٍز لالستجابة وذلك باستخدام طريقة الالتناظر في جزئي الدماغ والذي شرحناه
ُّ عندما يتم
في الفصل ( .)16كما تُعد تقنية ( )EEGأيضا ً منهجية ثابتة لقياس التغيُّرات اللحظية في االنتباه عن طريق
استخدام الترددات في تغير وتقلب وضع الشريطة الخاصة بالقياس والموضوعة على الرأس ،وهي تقنية
التعرف على عملية تنشيط الذاكرة الواقعية فقط .وأخيراً ،فقد استُخدمت طريقة االحتماالت
ُّ قياس قادرة على
المتعلقة باألحداث ( )ERPsبشك ٍل واسعٍ للكشف عن العديد من جوانب االرتباطات الذهنية الضمنية بما في
ذلك التكافؤ العاطفي والشخصي وما يخرق التوقعات.
وفي علم األعصاب المختص بالمستهلكين (وهو فرع أكاديمي للتسويق العصبي) ،فقد استُخدمت تقنية
يختص بها.
ُّ والتسوق وقطاع الترفيه الذي
ُّ ( )fMRIلدراسة عملية التأسيس لعالم ٍة تجارية جديدة والدعاية
ت ذهني ٍة ضمنية وردود أفعا ٍل تجاهوقد تعرفت دراساتٌ رائدة في تأسيس العالمات الجديدة إلى ارتباطا ٍ
العالمات التجارية والتي تؤثر في عملية تقدير قيمة منتجٍ أو نتيج ٍة ما .وقد توصلت الدراسات إلى أن
سية األساسية مثل االرتباطات الذهنية القوية تجاه عالم ٍة تجاري ٍة ما لديها القدرة في التأثير في التجارب الح َ
والتذوق كما أنها تؤثر في اختيارات المنتجات.
ُّ حاسة الشم
إن تقنية ( )fMRIهي التقنية الوحيدة القادرة على كشف ديناميكيات العمليات المهمة في الدماغ
البشري ،سامحةً لعلماء األعصاب بالتعرف على كيفية تنشيط عمليات توقعات اكتساب الفائدة أو تبديد النفور
(مقاومة صرف المال عند الشراء) في مناطق مختلفة في الدماغ وتوفيقها في عملية اختيار وشراء منتجٍ أو
عالم ٍة تجاري ٍة ما .وتُستخدم تقنية ( )fMRIلتنبّؤ النتائج السلوكية التي تكون على نحٍ فردي أو جمعي في
إعالن تلفزيوني( .وستناقش هذه الدراسات التي أجراها فولك ()Falk ٍ التعرض إلى
ُّ المتاجر وذلك بعد
وليبرمان ( )Liebermanوزمال ٌء لهم في الفصل ).22
334
دمج التسويق العصبي مع طرق البحث التقليدية
يكمن تركيزنا في هذا الكتاب على التسويق العصبي ،ولكن في التجارة التي تستخدم خدمات البحوث
السوق بشك ٍل دوري فقد يتطلب األمر منظورا ً أوع من للحديث عنه .فإن التسويق العصبي هو األداة الواحدة
فقط في مجموع ٍة أكبر من الطرق والمنهجيات التي تُستخدم في ك ٍّل من بحوث المستهلكين الكبيرة والصغيرة.
وقادر على إبراز نفسه أيضا ً من أجل أن يندمج
ً فيجب على التسويق العصبي أن يتناسب مع هذه المنهجيات
مع برامج البحوث األوسع بكفاءة عالية.
335
الشكل1-18 :
دائرة المستهلك:
التسويق
والتسوق
ُّ
واالستهالك
تُش ِّ ّكل أشكال التفاعل الثالثة هذه ثالثة مراحل في العالقة الدورية بين المستهلك والمنتج أو العالمة
التجارية .وك ُّل مرحلة تنتج مخرجاتٍ؛ أي التوقعات أو االرتباطات الذهنية أو االختيارات ،حيث أن تكون هذه
المخرجات مدخال ٍ
ت لمرحل ٍة الحقة:
تسوقية (أي داخل المتاجر أو عبر األسواق فيالتسوق :فعندما يدخل المستهلك إلى في بيئة ُّ
ُّ
التسوق (أي
ُّ يتسوقون .ففي أثناء عملية
َّ اإلنترنت) فإن ارتباطاتهم الذهنية تكون معهم عندما
شط ،وتكون نتيجةالبحث واالختيار والشراء) ،تُنشط بعض االرتباطات الذهنية وأخرى ال تُن ّ
هذا التنشيط الوصول إلى اختيار الذي يؤدي إلى عملية الشراء.
336
ويولّد
ِّ إن البرنامج البحثي المثالي الخاص بالسوق هو ذلك الذي يغطي دورة المستهلك الكاملة هذه
بمعنى آخر ،فهو سيربط بين التسويق
ً مؤشرات أداء رئيسية لك ِّّل مرحلة في هذه الدورة ولك ِّّل نقطة ُّ
تحول.
والتسوق واالستهالك ،واالستهالك والتسويق ،ويربطها كلها بمجموعة موحدة من المقاييس. ُّ والتسوق،
ُّ
بدأت بعض الشركات الرائدة بالتفكير بشأن برامج بحوث السوق بهذه الطريقة الشمولية .فهم قد أحبطوا
جراء استخدام منهجيات البحث المنفصلة والتي لم تُضف شيئا ً يُذكر ( بما في ذلك التسويق العصبي) ،وهم
ي ٍ يوفر نظرة شاملة لمستهلكيهم عند ك ِّّل
بإطار كل ّ
ٍ يريدون دمجا ً وتركيبا ً خاصا ً ببياناتهم البحثية بنتائج مربوطة
نقطة في دورة المستهلك.
بحوث المالحظة :فهذه الدراسات تستخدم منهجيات خاصة بعلم اإلنسان أو علم األجناس
البشرية ،أو تستخدم المقابالت الشخصية التقليدية ومجموعات الدراسة؛ وذلك لمالحظة
قدر من التدخل .وتُعتبر هذه الدراسات دراسات وصفية ال كمية ،وتهدف إلى
المستهلكين بأقل ٍ
ت جديدة بشأن المستهلكين.اكتشاف حقائق ومنظورا ٍ
كرس هذه البحوث لدراسة مجموعات من البحوث اإللكترونية والهاتفية :ففي أيامنا هذه ،ت ُ ّ
الناس عن طريق اإلنترنت من خالل أنواعٍ مختلف ٍة من تحليل محتوى وسائل التواصل
االجتماعية (أو ما يُسمى بـ"بالمحادثات") .فباستخدام التسويق العصبي ،يُمكن أن تتوسع
لدراسات اإللكترونية والهاتفية للتضمن دراسات أزمنة االستجابة السلوكية و دراسات السريعة
لالختيار اإلجباري ودراسات االستجابات الضمنية القائمة على االستخدام كاميرة الويب.
بحوث المجراة داخل المتاجر وعلى نقاط البيع ( :)POSوتجرى هذه الدراسات في متاجر
حقيقية أو مزيفة لفحص سلوك التسوق والشراء .إن األدوات المستخدمة في البحث هي اختبار
الالفتات والعرض الموضوعة في والدراسات التي تجرى على طريقة عرض الرفوف في
المتجر ودراسات أنماط االزدحام فيه .ويضيف التسويق العصبي التجارب السلوكية داخل
المتجر واالستحضار الذهني الالوعي إلى هذا المزيج من المنهجيات والطرق.
337
( )POSوذلك لتقييم االداء وعائدات االستثمار ( )ROIالناتجة عن نفقات التسويق .وتتطلب
هذه الدراسات على األغلب كميات هائلة من البيانات التي يُمكن توفيرها من خالل شركات
ث كبرى .وتعتبر بيانات األداء و( )ROIمهمة جدا ً في تطوير قاعدة بيانات معيارية وهذا
بحو ٍ
الموضوع سيتم مناقشته بالتفصيل في الفصل .19
ويُضيف التسويق العصبي على هذه القائمة فرعا ً بحثيا ً خامسا ً وهو:
الدراسات المخبرية :وهي دراسات تجريبية تًجرى في شروطٍ مخبرية محكومة ويُستخدم في
إجرائها المقاييس الحيوية أو تقنية ( )EEGأو ( .)fMRIوتتضمن الدراسات المخبرية أيضا ً
تجارب محاكاة و تجارب افتراضية واقعية.
إن الخطوة الثانية التي يجب أن تتّخذ لدمج وتوحيد ذروع البيانات هذه مع بعضها هو لتطوير وتوظيف
ي ٍ شام ٍل للنتائج والدروس المستفادة من الفروع البحثية الخمس ِّة هذه ،حيث ت ُ ّ
نظ ُم حول بنية كليّة مستودع معرف ّ
مماثلة لنموذج دورة المستهلك (انظر الشكل .)1-18ويُمكن استخدام هذا المستودع المعرفي لجمع النتائج
ي ٍ على األداء لحساب العائدات أساس مبن ّ
ٍ ت جديدة ،واأله ُّم من ذلك ،توفير والتعرف على منظورا ٍ
ُّ
تخص شركةً كثيرة االستثمارات في بحوث السوق والتسويق. ُّ االستثماراتية ( )ROIالجارية والتي
ع من "السيطرة الهائلة" في البحوث؛ أي جمع التقنيات الحديثة من إال أن النظرة المطلقة هنا هي نو ٌ
تنظيم واح ٍد
ٍ ث أخرى جديدة واألساليب التقليدية في البحث ،حيث ت ُ َ
ض ُّم تحت التسويق العصبي ومنهجيات بح ٍ
مخصص للتخطيط واإلشراف على البرنامج البحثي الكامل الذي يخص هذه الشركة.
338
الجزء الخامس
339
في هذا الجزء ...
سنتأمل بعض االعتبارات العملية واألخالقية الستخدام التسويق
العصبي ،وسنشرح عددا ً من أفضل الممارسات التي يمكن للشركات الكبيرة
والصغيرة أن توظفها لطرح األسئلة البحثية الصحيحة ،ولتصميم أفضل
الدراسات ،والختيار أفضل الشركاء المستخدمين للتسويق العصبي،
ولتحقيق أفضل النتائج صرفهم األموال على على بحوث السوق.
وسنلقي أيضا ً نظرة ً على األشكال المسؤولة عن التسويق العصبي
األخالقي وسنستعرض بعض االستفسارات الخاصة بالسياسة العامة التي
ظهرت لتحوم حول استخدام التسويق العصبي .وسنناقش ما إذا يجب تحديد
التسويق العصبي ،أو ما إذا كان قد أصبح في الواقع قوة ً تُستخدم في سبيل
فائدة المجتمع.
340
الفصل التاسع عشر
إذا ما كنتُ تخطط لدراسة خاص ٍة بك باستخدام التسويق العصبي ،أو أن تُجري مقابلةً مع شركة
إلكترونية خاصة بالتسويق العصبي ،أو أن تُناقش موضوع التسويق العصبي فقط عند جلوسك قرب مبرد
أمور يجب عليك معرفتها لتكون مستهلكا ً أكثر ذكا ًء بخصوص ٍ المياه ،فإن هذا الفصل سيغطي خمسة
التسوق العصبي وحتى إذا تطلب األمر أن تكون ناقدا ً أكثر ذكا ًء أيضاً ،وتلك األمور الخمسة هي كاآلتي:
يجب عليك أن تكون قادرا ً على الحكم على جودة التصاميم التجريبية.
وعليك أن تكون واضحا ً بخصوص المقاييس التي تجري عمليات القياس في الواقع ،كما يتوجب
عليك أن تفهم مشكلة التأثير العكسي وكيف يتم استعراضها.
ى يجب عليك أن تثق بالنتائج ،األمر الذي يعني أن عليك فهم كما وتحتاج إلى أن تعرف إلى أي مد ً
كيفية استخدام اإلحصائيات.
يجب عليك ان تعرف ما إذا كانت البيانات المعيارية تُستخدم وكيفية استخدامها.
341
إال أن هذه مواضي ٌع كلها مواضي َع كبرى ،ولسنا نهدف في هذا الفصل إلى نجعل منك خبيرا ً بها ،بل
ت رئيسي ٍة على ك ِّّل موضوع ولنوفر التفاصيل الكافية لتستطيع فهم السبب الذي يقبعلنركز على بضعِّ مالحظا ٍ
وراء أهمية كل موضوع ،وكيف يؤثر في جودة دراسات التسويق العصبي ،وما هي أفضل الممارسات التي
ي ٍ إلكترونية أو لحق ِّل التسويق
يجب أن تكون على وعي ٍ بها؛ إما في دراسة فردي ِّة أو شركات التسويق عصب ّ
العصبي ككل.
ما هي االستجابة التي يجري قياسها؟ وتُسمى أيضا ً المتغير االعتمادي ،حيث تكون االستجابة هي
النتيجة التي تُقاس من ِّقبل التجربة .فقد ترغب بأن تكون االستجابة ذات ارتباطات ذهنية ضمنية في
تجربة التسويق العصبي حيث تتضمن هذه االرتباطات ما يلي :ما الذي يختاره المستهلكون؟ وكيف
يتغير سلوكهم؟ وكيف تتغير تفضيالتهم؟
حذر في دراسات التسويق العصبي التي تمتلك متغيرا ً سلوكيا ً يحدث في عقول ٍ كن على
الناس فقط .فعلى سبيل المثال ،افترض أن دراسةً ما تُقيس "االنتباه إلى الدعاية واإلعالن" بكونه
المتغير الخاص بها .فما هي االرتباطات الذهنية التجارية لمستوى االنتباه المرتفع مقابل االنتباه
إلعالن تجاري ٍ معين؟ وكما استعرضنا في الفصل ( ،)11فإن االنتباه قد يكون إما ٍ المنخفض
مرغوبا ً بشك ٍل أكبر أو أقل وذلك باالعتماد على نمط وشكل اإلعالن التجاري .إال أنه وفي الجهة
المقابلة لالستجابة في الحالة الذهنية الصافية ،فإن استجابةً سلوكيةً مثل "احتمالية شراء المنتج المعلن
عنه بعد مشاهدة اإلعالن" تمتلك ارتباطا ٍ
ت ذهني ٍة تجاري ٍة أقوى وأفضل.
َ من ُهم الذين ستُجرى عليهم الدراسة؟ إن المواضيع التي سيتم دراستها هي مصادر االستجابات.
فاألشخاص الذين تتم دراستهم -في التسويق العصبي -هم في العادة مستهلكين ذوي عالقة مع منتجٍ ُ
أو عالم ٍة تجاري ٍة ما .وأهم ما في دراسات التسويق العصبي هو الكيفية يتم من خاللها تعريف
342
مجتمع الدراسة؟ وما إذا كان الخاضعون للدراسة يُنت َقون بكفاءة من مجتمع الدراسة ذاك باستخدام
ت عدةٍ طريق ٍة االنتقاء عشوائي .وغالبا ً ما تكون الدراسة عن كيفية اختالف االستجابات بين مجموعا ٍ
في مجتمع الدراسة الواحد كاالختالف بين استجابات النساء والرجال عن بعضهم ،أو كالمستخدمين
بشراء منتجٍ واح ٍد
ِّ معين فقط ،أو من يغيرون ويبدلون منتجاتهم وال يلتزمونٍ الملتزمون بشراءٍ لمنتجٍ
فقط ،أو كاختالف سلوكيات المستهلكين الكبار في السن مقابل الصغار سنا ً .فيجب تعريف هذه
توظيف العدد الصحيح لكل مجموع ٍة ُ المجموعات قبل اختيار من سيتم إجراء الدراسة عليه ،لذا فيتم
فرعي ٍة ليتم مقارنتها في التجربة.
وفي تجربة التسويق العصبي ،فإنه يجب أن يكون من الواضح كيفية توظيف من يتم
إجراء الدراسة عليهم ولماذا هم يمثلون عينة عشوائية جيدة لمجتمع الدراسة المراد .فإذا كانت عملية
تعميم خاطىءٍ عندما يتم تطبيق ٍ أخذ العينات عملية منحازة ،فإن نتائج التجربة يُمكن أن تؤدي إلى
التجربة مرة ً اخرى على مجتمع الدراسة مرة ً أخرى.
هنالك مشكلةً شائعة في دراسات التسويق العصبي وهي في انحراف االختيار الذاتي .فبسبب
ميل الناس الذين ينوون أن يدخلوا جهاز الرنين المغناطيسي ( )fMRIأو وضع قبعة جهاز تخطيط
كهربية الدماغ ( )EEGعلى رؤوسهم إلى أن يكونوا مغامرين أكثر من األشخاص العاديين ،فإن
هذا قد يتسبب في انحراف نتائج دراسة ،حيث يكون فيها األشخاص أقل أو أكثر مغامرةً ،وقد
يستجيبون بطريقة مختلفة .احرص على أن تناقش معايير اختيار العينات مع شريكك في بحث
التسويق العصبي.
ما هي اإلجراءات التي يتم تطبيقها؟ وتُسمى بالمتغيرات المستقلة ،حيث تكون اإلجراءات هي
ت مختلف ٍةالتدخالت المختلفة التي تُطبّق على الشخص الذي تُجرى عليه الدراسة والتي تنت ُج استجابا ٍ
أو العكس .ففي دراسات التسويق العصبي ،تتعرض اإلجراءات عادة ً إلى محفزا ٍ
ت تسويقي ٍة مختلفةٍ،
مثل إصدارات مختلفة من اإلعالنات التجارية أو تصاميم األغلفة أو طرق عرض المنتجات داخل
المتاجر.
وفي إحدى تجارب التسويق العصبي ،تحتاج اإلجراءاتُ إلى أن تُصمم بطريق ٍة تحافظ
ي ٍ بصو ٍ
ت عا ٍل إعالن تجار ّ
ٍ عرض
ُ على معادلة جوانب اإلجراءات التي ال يتم دراستها .فإذا تم
منخفض مثالً ،فيُع ُّد ذلك خرقا ً للمعادلة والموازنة فيما بينهما ،مما يمكن أن يتسبب
ٍ وآخر بصو ٍ
ت
في انحرافٍ في نتائج التجربة .وسنقوم في الفصل ( )20بشرح عدد من المشاكل المحتملة من
هذا النوع.
سن تصميمها ،فمن المفترض أن يكون تعريف العناصر الثالثة هذه وكيفية وفي تجرب ٍة قد َح ُ
تفاعلها أمرا ً سهالً ، .ابحث عن أي شيءٍ يمكن أن ينتج انحرافا ً في النتائج على وجه الخصوص.
ففي تجرب ٍة تتعلق باالستجابات الضعيفة والمشوشة ،فإن عملية أخذ العينات المنحرفة أو
343
اإلجراءات التي قد ال تبقي التأثيرات األخرى -التي تؤثر في من تُجرى عليه الدراسة – ثابتة ،ستؤدي إلى
نتائ َج مضلل ٍة مهما كان مستوى المهارة التي تُجرى فيها الدراسة.
إن مهارة مستخدمي التسويق العصبي في التحكم بالتغيُّر والناتج عن العملية التي تتم فيها
فلمقاييس مثل ( )EEGو( )fMRIأو َ التجربة يمكن أن تكون نقطةً رئيسية في التفاضل والتمايُز.
المقاييس الحيوية على وجه الخصوص ،فليس من السهل الحصول على نتائج قابلة للمقارنة في
ت مختلفة .تستطيع االختبارات التي تُجرى بمواقع مختلفة من قِّبل فنيين مختلفين وباستخدام معدا ٍ
الشركات اإللكترونية الخاصة بهذه التجارب أن تقلل من نسبة التغيُّر ضمن هذه الحاالت من خالل
معايرة اإلجراءات والمنشآت وتدريب القائمين على التجارب بشك ٍل صارم .فإذا أردت أن تجري اختبارا ً
عالميا ً أو في نطاقا ٍ
ت متعددة ُ الثقافات ،فإن هذا قد يكون ذا أهمي ٍة كبيرةٍ عندما تقوم بمقارنة الشركاء في
التسويق العصبي.
وبالرغم من أنك دائما ً ما تريد التقليل من نسبة التغيُّر الناتجة عن عمليات القياس والعملية التي تتم من
خاللها التجارب ،إال أنك لن تستطيع التخلص منه كليا ً .فمهما كانت المشكلةُ كبيرة ً أو يُمكن السيطرة عليها
344
فهذا يعتمد على نوع التغيُّر الذي تواجهه .يب ِّيّن الشكل ( )19-1نوعين من األخطاء التي تمتلك ارتباطا ٍ
ت
مختلفة لنتائج تجرب ٍة ما.
الشكل :1-19
الخطأ بسبب
الصدفة مقارنة
بالخطأ الناتج
عن االنحراف
إن الخطأ الناتج عن الصدفة هو خطأ ل ِّيّ ٌن قاب ٌل للحل ،ألنه قد أ يزول بطريقة أو بأخرى .فعلى المدى
البعيد ،إذا كنت قد أخذت القياسات الكافية ،فإن األخطاء ستلغي بعضها بعضا ً وستحصل على -في المتوسط -
تقييم جي ٍد للقيمة الحقيقية الضمنية (أي تكون في مركز الهدف في لوحة الهدف على اليسار الشكل ٍ على
السابق) .ال يمكن التخلص من الخطأ النتاج عن الصدفة ،بل يمكن التحكم فيه عن طريق مهمة عشوائية
تتضمن مواضيع دراسة ليتم معالجتها كما تتضمن حجم عين ٍة كبير ٍة وكافية.
أما الخطأ الذي يسببه االنحراف فيشكل إشكاليةً أكبر من سابقه ،فيمكن أن يكون -في الواقع -خطأ
مبين على لوحة الهدف اليمنى في الشكل أعاله .ويعدٌ ي وذلك ألنه يبعد التجربة عن محورها ،فكما هوكارث ٌّ
االنحراف خطأ نظاميا ً (ال عشوائيا ً) ال يمكن التحكم به؛ ألنك ال تعلم بوجوده في األغلب ،فهو يُعدُّ خطا ً
متسلالً يخدعك بأن يظهر لك بأن لديك إجابا ٍ
ت دقيقة حيث أنك في الواقع ال تمتلكها.
وهذه ليست أنواعا ً للجهود التي تظهر في التقارير البحثية ،وإنما هي أساسياتٌ للحرص على أنه يمكن
كأسس لعملية اتخاذ القرار.
ٍ ث آخر بخصوص هذا الشأن) ي ِّ نتائج لبح ٍ
الوثوق بنتائج التسويق العصبي (أو أ ّ
345
ثــــالث قواعـــــــــــد عا ّمــــــة لتصميـــــم التجــــارب الجيـــــــدة
هنالك ثالث قواعد عامة ليصنف التصميم بها ،سواء أكانت في المقاييس أو العملية التي
تجري فيها التجربة. التجريبي على أنه تصمي ٌم جيدٌ وهي:
✓ أن يُفصل تأثير الفائدة فيه .حيث يجب معرفة
االستجابات واإلجراءات ومواضيع الدراسة التي ✓ قم باختيار بقية المتغيرات عشوائيا ً .فبالنسبة
تود قياسها بكل دق ٍة ممكنة .فإذا تتضمنت التجربة للمصادر المحتملة لألخطاء التي ال يمكنك التحكم
ت عشوائي ٍة إجراءين اثنين ،عندها احرص على أن تقيسهما بها ،استخدم مهمات أو اختيارا ٍ
صي التأثيرات غير المرغوبة بها .وقم كالهما على انفراد ومن ث ّم معا ً لتتمكن من فصل لتق ّ
بتخصيص إجراءات مواضيع الدراسة بشك ٍل تأثيرهما فيما بعد.
عشوائي ،ث ّم اختر ترتيب عدد مرات التعرض
ق لإلجراءات عشوائياً ،وخصص مواضيع الدراسة ✓ تحكم فيما تستطيع السيطرة عليه .أب ِّ
جرا ً.
َّ ّم وهل االختبار ومعدات غرف في ً اعشوائي المتغيرات الغريبة ثابتةً متى ما يكون ذلك ممكنا ً.
واجعل اإلجراءات مماثلة لبعضها قدر اإلمكان سيسمح ذلك ألي أخطاءٍ عشوائي ٍة لست قادرا ً
بإلغاء بعضها بعضا ً فيما يتم جمع
ِّ ما عدا العناصر التي تريد مقارنتها مع بعضها ،على التحكم بها
وعليك التقليل من المصادر التغير غير المرغوبة البيانات في الدراسة.
ولحسن الحظ ،هنالك فرع من فروع المنهجيات البحثية التي تولى أسئلةً كهذه وتُسمى بنظرية القياس.
فبالرغم من أن هذا قد يكون موضوعا ً عميقا ً للباحثين ،إال ان المبادئ األساسية هي ميسورة جدا ً ويمكنها
مساعدتك في التفكير في المقاييس التي تصادفها في بحوث التسويق العصبي وطرحِّ أسئل ٍة ذكية بشأنها.
346
قياس الشيء الصحيح وقياسه على النحو الصائب
تنظر نظرية القياس إلى جودة المقاييس من خالل بُعدين اثنين هما:
الصحة :وهي المدى التي تقيس فيه هذه المقاييس للشيء التي تعلن عن قياسه .وهذا يجيب على
السؤال التالي" :هل تقيس الشيء الصحيح؟"
الدقّة :وهو مدى عمل المقاييس بشك ٍل مماث ٍل في المواقف المماثلة .والسؤال هنا " :هل تقيس ذلك
الشيء على النحو الماثل؟"
تخص
ُّ ولفهم مدى صحة المقاييس ،فإن عليك فهم فكرة البنية النظرية لها .فالبنية النظرية هي فكرة ٌ
شيءٍ موجو ٍد في هذا العالم .فعلى سبيل المثال ،ففي هذا الكتاب تحدثنا عن االنتباه والعاطفة و فهم سالسة
بنى نظرية وال يمكن قياسها مباشرةً؛ لذلك فإننا نقيس األشياء التي الشيء والكثير من األفكار ،وهي كلها ً
نستطيع قياسها ،ثم نأمل في أنها تقيس فعالً البنى التي نحن مهتمون بدراستها .فإذا تم قياسها فعالً ،فإننا نقول
بأنها مقاييس صحيحة ( أو إذا ما أردنا أن نبدو أكثر علميةً ،فإننا نقول أنها تمتلك صحة بنيوية).
قد يبدو هذا لنا -وبشك ٍل ميؤوس منه -أمرا ً مجردا ً ال ملموساً ،ولكن ليس من الصعب أن نقيّم صحة
مقاييس التسويق العصبي .فخذ المقياس الذي يُسمى "باالنتباه" مثالً ،فإذا كان مقياسا ً صحيحاً ،عندها يجب أن
شخص ما يقوم بشيءٍ نعتقد بأنه يحتاج إلى الكثير من االنتباه (وذلك بنا ًء
ٌ ى عا ٍل فيه عندما يكون يُحقق مستو ً
فلم ما .ويجب أن يحقق هذا المقياس على فهمنا للبنية النظرية) ،مثل مشاهدة مشهد مطاردة بالسيارات في ٍ
ألمر ال يوجب الكثير من االنتباه مثل مشاهدة األبقار ترعى في المرج .وتميُّز
مرتبة متدنية عند فعل الشخص ٍ
ت مختلف ٍة للبنية النظرية التي تُسمى بالصحة التمييزية.
هذه القدرة بين مستويا ٍ
يجب على مقياس االنتباه الصحيح أن يؤدي إلى نتائج مشابهة للمقاييس األخرى الخاصة باالنتباه مثل
مقياس تتبع العين أو مقايس معدل نبض القلب أو مقايس اإلبالغ الذاتي عن مدى االنتباه (وذلك ألن االنتباه هو
استجابة واعية) .وحيثما يفعل هذا المقياس ذلك ،فإننا نستطيع القول بأن المقياس ذا الصحة المتقاربة.
وبسبب غموض مقاييس التسويق العصبي بطبيعتها نوعا ً ما ،فعلى الشركات ذات السمعة
الحسنة أن تمتلك مجموعات من األمثلة المتاحة لك ٍّل من الصحة التمييزية والصحة المتقاربة في
مقاييسها .ونحن نوصي هنا باالطالع على هذه األمثلة بالتفصيل مع شركة التسويق العصبي التي
تعمل معها وذلك لتتأكد من أن مقاييسها وإجراءاتها يمكن أن تٌطبق على ما تريد قياسه في تجربتك.
إن أفضل طريقة لفهم الصحة هي وفقا ً إلمكانية التكرار .فإذا كنت "تقيس على النحو الصحيح" ،فإنه
من المفترض أن تحصل على اإلجابة ذاتها في ك ِّّل مر ٍة تقيس فيها الشيء نفسه .فعلى سبيل المثال ،إذا ما تم
اختيار عينتين من مجتمع الدراسة ذاته ثم تم تعريضها إلى محفّ ٍز في ظروفٍ اختبارية مشابهة ،فمن المفترض
ت تُعزى فقط لخطأ عشوائي) .وهنا تكون إمكانية التكرار هي الميزات أن تكون النتائج متشابهة (مع اختالفا ٍ
لمقياس صحيح.
ٍ الرئيسية
347
وكما تمتلك شركات التسويق العصبي حسنة السمعة أمثلة على الصحة ،فيجب أن تكون قادرة
على أن تُريك أمثلةً على دقة وموثوقية مقاييسها .ونحن ننصحك بأن تراجع هذه األمثلة بالتفصيل قبل
أن تبدأ بعالق ٍة تجاري ٍة مع شركات التسويق العصبي؛ وذلك ألنها توفر لك مؤشرا ً ممتازا ً على الجودة
الكلّية إلمكانات الشركة وممارساتها.
الشكل :2-19
الصحة والدقة
وإمكانية
التعميم(Composition Servers
،شركة )Graphics
ت محتملة من الصحة والدقة. توضّح لوحات األهداف في الشكل ( )19-2أربع مجموعا ٍ
أشخاص يتم قياس استجاباتهم ،حيث تكون االستجابة ٌ تخيل أن التشتت الذي بين الحلقات في الشكل هي
"الحقيقية" هي النقطة المركزية للوحة الهدف .وفيما يلي نبين كيفية ارتباط األنماط األربعة بإمكانية التعميم:
المقياس الصحيح ولكن غير الدقيق :حيث ال يمكن تعميم هذه المركب ،وذلك ألنه يحتوي على
الكثير من األخطاء العشوائية ،فمن المحتمل أن يُفسد اإلجابة الصحيحة في مرةٍ الحقة ألنه بمثابة
المشتت لهذا المقياس .فبسبب عشوائية الخطأ هنا ،يكون المقياس الصحيح غير الدقيق سهالً نسبيا ً في
معالجة أحجام كبيرة من العينات (عيناتٌ كبيرة بما يكفي لتسمح ألخطاءٍ عشوائي ٍة بأن تلغي بعضها
بعضا ً).
المقياس الدقيق ولكن غير الصحيح :وهذا المقياس أيضا ً ُ
غير قاب ٍل للتعميم ألنه ال يهدف إلى إيجاد
اإلجابة الصحيحة ،فهو يحقق الدقة ،غير أنها تعتبر دقةً خاطئة .وقد يكون هذا المقياس مقياسا ً جيدا ً
وذلك إذا ما كانت صحة االختبار لم تُحقق بعد ،مما يجعل استخدامه على وجه الخصوص ينضوي
على مخاطرة .ليس من الممكن تصحيح المقياس الدقيق غير الصحيح إال في حال تعريف مصدر
االنحراف النظامي وتصحيحه.
348
المقياس غير الصحيح وغير الدقيق :وهذا المركب غير قاب ٍل للتعميم ألنه يهدف إلى التوص ِّل إلى
اإلجابة الخاطئة والتي غالبا ً ما تفشل ،فإذا ما تم المضي على النحو الخاطئ ،عندها يُعدُّ هذا المركب
صعب الفحص والتصحيح.
المقياس الصحيح والدقيق :وهذا المركب هو الوحيد الذي يحقق اإلجابة الصحيحة كما يحقق الدقة،
مما يعني أنه من المحتمل جدا ً أن يحقق اإلجابة الصحيحة في مرةٍ الحقة .ويُعدّ المقياس الذي يجتاز
اختبار الصحة والدقة قابالً للتعميم؛ أي من العينة إلى مجتمع الدراسة ككل ومن الحاضر إلى
المستقبل.
ق بسبب التشتت العشوائي بشك ٍليمكن تحسين المقياس الصحيح في أساسه والذي قد يكون غير دقي ٍ
سه ٍل نسبيا ً وذلك من خالل زيادة حجم العينة .فبسبب تشتت األخطاء فيه بشك ٍل عشوائي حول مركز صحة
المقياس ،فإنها ستلغي بعضها في العينة الكبيرة ،مظهرة ً القيمة الحقيقية للبنية النظرية المتضمنة .وإذا كان
مصدر التشتت هو عملية سير التجربة ،عندها يمكن تحسين درجة الدقة من خالل تضييق إجراءات التجربة
للتقليل من تشتت النتائج.
إن المقياس الذي يعاني من خطأ سببه االنحراف سيكون حتما ً مقياسا ً غير صحيحِّ وقد يكون غير دقي ٍ
ق
ت" عشوائي ال يمكن أن يتم التحكم به ومعالجته أيضا ً .فإن االنحراف الذي ينتج خطأ منهجي بدالً من "تشت ٍ
من خالل زيادة حجم العينة.
نحراف في القياس ،فقد يكون هناك عدم تطابق بين المقياس والبنية
ٌ وإذا كانت المشكلة المتضمنة هي ا
مؤشر على فرضية أن البنية موجودة في حالة عندما ال تكون كذلك أوُ النظرية المراد قايسها؛ فالمقياس هو
أن أنها غير موجودة عندما تكون العكس .وغالبا ً ما ويكون الحل في فصل المقياس مع المقاييس اإلضافية
تعرف البنية على نح ٍو أفضل في هذه الحاالت التي يفشل فيها المقياس األصلي عن القياس.
التي َّ
أما إذا كانت الفكرة المتضمنة هي انحرافا ً في عملية سير التجربة ،فإن الحل الوحيد هو تعريف مصدر
(أو مصادر) االنحراف وإصالحه في عملية سير التجربة .فإذا كانت العملية ذاتُ انحرافٍ في سيرها دقيقةً
في أساسها ،فإن المقياس سيكون دقيقا ً ولكن غير صحيحٍ .فكما ذُكر سابقاً ،يُعد هذا المركب مركبا ً خطرا ً
وليس نافعا ً.
349
وعلى سبيل المثال ،افترض أنه قد ُوجد أن عملية سير التجربة عمليةٌ منهجية ولكنها دقيقة جدا ً وذاتُ
قدر مبالغٍ فيه من االنتباه المخصص لإلعالنات التجارية التلفزيونية .فقد أظهرت العملية االختبارية أن ك َّل
إعالن تجاري يُتبع دائما ً بتوجي ٍه للمشاهد مثل "أرجو إعارة االنتباه إلى المشهد التالي" ،فيؤثر هذا التوجيه
ٍ
على استجابات الناس كثيراً ،مما يجعلهم يعيرون انتباها ً أكثر إلعالنات التجربة أكثر مما يفعلون عندما
يشاهدون اإلعالنات التجارية في منازلهم (حيث ال يكون هناك تنبيهٌ كهذا يُعرض عليهم) .والحل هنا أن يتم
إزالة هذا التوجيه ومالحظة ما إذا كان مقياس االنتباه أكثر صحةً.
إذا ما كان االنحراف في التجربة يؤدي إلى مقاييس غير صحيح ٍة وال دقيقة ،عندها ال يوجد الكثير مما
ي على نح ٍو كبير؛ ألنه من الصعب تخيُّل شركةً للتسويق يمكن عمله حيال ذلك ،فهذا الموقف هو افتراض ُّ
العصبي تظل تستخدم المقاييس غير صحيحة وال دقيقة.
إن النقطة التي يثرها النقّاد حول موضوع االستدالل العكسي هي أنها ليست نتيجة منطقية صحيحة،
وهذا يعني أنها ال تكون صحيحة منطقيا ً من خالل تعريفها .فعلى سبيل المثال ،نستعرض هنا استنتاجا ً متقدما ً
ذا تعريفٍ صحيح:
جـــو من الرجــــــال
فــــــان
ٍ إذن ،جــــــو
جيـــــــن فــــــــانية
350
كـــــــل الرجــــال فانـــــون
فان هم من الرجال
ولهذا فإن كل ما هو ٍ
إن عبارة التي تقول أن كل البشر فانون ال تعني منطقيا ً أن المخلوقات الوحيدة الفانية هي البشر .ففي
الحقيقة ،تمثل (جين) خطأ في االستنتاج ،حيث أن بعض الفانين هم من النساء.
ع الذي تنشره عنه المجالت إذن ،ما عالقة هذا بالتسويق العصبي؟ يعمل علم الدماغ األكاديمي (وهو نو ٌ
األكاديمية) بشك ٍل كبير على أساس االستدالل المتقدم؛ ويعني ذلك أن العلماء يستحدثون تجربة يُحفّز فيها حالةً
قاس حالةً دماغية أو جسدية معينة على أنها استجابة.
عقليةً معينة على أنها إجراء في التجربة ،ثم من بعدها ت ُ ُ
ُعرض العلماء أشخاصا ً بشك ٍل عشوائي إلى وفي دراس ٍة باستخدام تقنية ( )fMRIعلى سبيل المثال ،قد ي ِّ ّ
حزين أو مضحكٍ ،وذلك ليحفزوا الحاالت العاطفية الخاصة بالحزن أو الفرح ،ثم ٍ فلم
إجراءٍ يتضمن مشاهدة ٍ
يقومون بمقارنة عمليات تنشيط لمناطق دماغية معينة في دماغ الشخص التي تجري عليه التجربة في كال
ط في منطقة معين ٍة في الدماغ (الحالة الدماغية) مرتب ٌ
طا ً اإلجراءين ،ثم يتم االستدالل إلى ما إذا كان نشا ٌ
بالحزن أو الفرح (الحالة العقلية) وهذا ما هو باالستدالل المتقدم.
ويُذكر أن علما ً تطبيقيّا ً مثل التسويق العصبي يعمل في االتجاهين المعاكسين ،حيث أن الباحثين ال
ق بالحالة العقلية التي قد يحفزها إجرا ٌء ما؛ وذلك ألن هذا السؤال هو ما يريدون اإلجابة علم مسب ٍ
ليسوا على ٍ
عنه ،لذا فإنهم ينظرون إلى الحاالت العقلية أو الجسدية التي قد تم التوص ُل -في الدراسات األكاديمية أو في
بحوثهم الخاصة -مؤخرا ً أنها مرتبطةٌ بحال ٍة عقلي ٍة معين ٍة .فإذا حضرت هذه الحاالت الجسدية أو الدماغية؛
فإن ذلكَ يد ُّل على أن الحالة العقلية قد تكون حاضرة ً هي األخرى ،وهذا ما هو االستدالل العكسي .وفي مثالنا
صلوا إلى أنهذا الذي يتعلق بالدراسة التي تستخدم ( ،)fMRIسيستخدم العلماء االستدالل العكسي إذا ما تو ّ
الفلم قد يحفّز السعادة عند الشخص ،وهذا بنا ًء على نشاطٍ في منطق ٍة دماغي ٍة مرتبطة بمشاعر السعادة.
ولنكون واضحين في مسأل ِّة أن االستدالل العكسي قد يميل إلى السير في االتجاه الخاطئ على
نح ٍو كبير .فدرجة الخطأ في سيره ترتبط مباشرة ً بعدد الحاالت العقلية األخرى التي قد ترتبط بالحالة
الدماغية أو الجسدية المعطاة .فإذا لم تُبنَ هذه المعلومة الرئيسية نوعا ً ما على االستدالل العكسي ،فقد
يؤدي بك المطاف إلى نتائج سخيفة كالمثال الخاص بهاتف اآليفون ( )iPhoneالذي ناقشناه في
ط عندما تفكر في الحب الرومانسي ،وهي تنشط أيضا ً الفصل ( :)16حيث أن القشرة الدماغية المعزولة تنش ُ
عندما تفكر في هاتف اآليفون الخاص بك ،وهذا ال يعني أنك واق ٌع في حب اآليفون خاصتك .فمن غير
ث صل إلى أن القشرة الدماغية المعزولة تنش ُ
ط في قراب ِّة ثل ِّ المحتمل حقا ً أن يكون ذلك ما يعنيه؛ ألنه قد تم التو ُّ
الحاالت العقلية كلها التي تم عرضها في اختبارات الرنين المغناطيسي (.)fMRI
351
ظروف يكون فيها االستدالل العكسي ذا احتماليةً متدنيةً بأن يكون خاطئأ على
ٌ وعدا ذلك ،هناك أيضا ً
نح ٍو كبير ،ويُعدُّ ذلك مهما ً على صعيد مبدأ التسويق العصبي .افترض فيما يلي أن النتائج اآلتية قد لوحظت
في علم األعصاب األكاديمي:
ففي 300تجربة ، ،فإن قوة موجات (ألفا) لدى األشخاص في الفصوص الدماغية األمامية
لديهم أكبر مما هي الحال عندما ال يكونون منتبهين ،وذلك في حالة اعارتهم االنتباه لشيءٍ ما .أما
عشر فقط من التجارب التي تدرس االنتباه وقوة موجات (ألفا) ،فهذه العالقة غير موجودة.ٍ في
ي افتراضية:
ق عصب ّ
واآلن ضع في اعتبارك النتائج اآلتية هذه واستخدم االستدالل العكسي في دراسة تسوي ٍ
لقد وجدنا في تجربتنا أن لدى األشخاص قوة في موجات (ألفا) في الفصوص الدماغية األمامية
عندما يشاهدون اإلعالن التجاري (أ) أقل من تلك التي تكون عندما يشاهدون اإلعالن التجاري
(ب).
ولذلك ،فنحن نستنتج أنهم قد أعاروا انتباها ً أكبر لإلعالن (أ) أكثر من اإلعالن (ب(
فليس بالضرور ِة أن يكون ذلك أمرا ً صحيحاً؛ ألنه قد يكون حال قوة موجات (ألفا) قد تسبب بها شي ٌء
آخر عدا االنتباه إلى اإلعالن .فعلى سبيل المثال ،قد يكون األشخاص الذين شاهدوا اإلعالن (أ) يعيرون
ق بشعٍ على الحائط ،أو قد يكونون ملتهين بقبعة تقنية ( )EEGالحساسة التي قد ال تكون االنتباه إلى ملص ٍ
موضوعةٌ بشك ٍل جي ٍد على رؤوسهم .ففي كلتا الحالتين ،سيكون االستدالل الخاطئ بسبب خطأ في عملية سير
السليم على رأس
ِّ التجربة وهو أنه ال يجب وضع الملصق في الغرفة وأن تكون القبعة موضوعةٌ بالشكل
الشخص.
وقد تكون القوة المتدنية لموجات (ألفا) عند مشاهدة اإلعالن (أ) قد تسببت بها حالة أخرى قليلة الحدوث
عدا االنتباه .ففي هذه الحالة ،يكون الخطأ في االستدالل قد تسبب به خطأ في القياس؛ أي أن مقياس االنتباه
المستخدم يقيس أمرا ً آخر ،أي حال ٍة عقلي ٍة أخرى غير االنتباه.
أما لألشخاص الذين يُحبذون المنطق المحض ،فحقيقة ميل االستدالل العكسي إلى كونه خاطئا ً هو ٌ
أمر
كافٍ لعدم استخدامه العتباره "غير علمي" .إال أن األمر بالنسبة للعلماء الذين يعيشون في عالم العلوم
مختلف لديهم ،حيث أنهم يعتبرون المنطق المحض رفاهية يصعب الوصول إليها .فيكون هؤالء ٌ التطبيقية
أكثر اهتماما ً باالحتماالت وليس باألمور اليقينية ،لذا فإن هذا النوع من االستدالالت التي قد يتم التو ُّ
صل إليها
من قِّبَل مستخدمي التسويق العصبي تكون كاآلتي:
إذا ما كانت عالقة االستدالل المتقدم بين قوة موجات (األلفا) واالنتباه عالقةً راسخة (وفي هذه
الحالة فهي كذلك ما يقارب .)%97
352
وإذا كنا نعتقد بأن تجربة التسويق العصبي مصممة ومنفّذة على نح ٍو جيد وذلك لتكون احتمالية
حدوق خطأ في عملية سير التجربة قليلة.
ُ
ودقيق ،عندها تكون احتمالية حدوث خطأ في القياس وإذا كنا نعتقد بأن مقياس االنتباه صحي ٌح
ضئيلة.
إذن ،ستكون ثقتنا كبيرة بأن اإلعالن (أ) يجذب حقا ً االنتباه أكثر من اإلعالن (ب).
وهنا نعرض عليك نقاطا ً مهمة بشأن االستالل العكسي من المهم تذكرها وهي:
353
االختبارات اإلحصائية التي يشيع استخدامها في دراسات التسويق العصبي
ي نتيج ٍة يتوصل تكمن أول نقط ٍة هنا في أن االختبارات اإلحصائية الموجودة في فرضية أن أ ّ
إليها التسويق العصبي وال يتم حسابها باستخدام االختبار اإلحصائي المناسب هي نتيجةٌ وصفيةٌ فقط
ويجب أن تُعامل على هذا األساس .فهذه النتيجة غير معروفة الصحة والدقة ومدى قابليتها للتعميم.
اختبار إحصائي لتكون ٍ ونحن نعتقد بأنها أن استخدامك ألي نتيجة بحثية ال يتم حسابها عن طريق
مرشدة لعملية اتخاذ القرار هي فكرةٍ سيئة.
اختبار ( )Tالمتواضع
إن العمود الفقري لالختبارات اإلحصائية هو اختبار ( )Tالذي يُستخدم في التجارب الختبار ما إذا كان
يتوجب عليك أن تؤمن به عندما يؤدي إجراءين اثنين إلى نتائج مختلفة وفقا ً لمقياس االستجابة.
ومن أجل استخدام اختبار ( ،)Tفإنه يجب قياس االستجابات على أنها متغيرات مستمرة أو على
ى مرحلي ،لذا فإنك تستطيع حساب وسيلتها (أو معدلها) في مواضيع الدراسة جميعها وفي كل تجربة. مستو ً
ويأخذ اختبار ( )Tفي عين االعتبار تغير االستجابات؛ أي المدى التي تتسع فيه عند األشخاص الخاضعون
اختالف مهم احصائيا ً على ك ٍّل من الوسائل
ٌ لكل تجربة .ويعتمد تحديد ما إذا كان االختالف في الوسائل هو
ذاتها وعلى التغير القابع في االستجابات الفردية.
إن اختبار ( )Tهو أسهل وأكثر االختبارات اإلحصائية مباشرة ً مما يجعلك تتوقع وجوده واستخدامه في
تصر على مقارنة إجراءين اثنين فقط ،لذلك إذا كانت الدراسة ذات ثالثة
دراسات التسويق العصبي .وهو مق ٌ
إجراءات فأكثر ،أو لديها تعقيدات أخرى ،فإن اختبار ( )Tلن يكون وسيلة مناسبة لمقارنتها.
إن التصاميم األكثر تجريبيةً هي تصاميم معقدة جدا ً ليتم قياسها باختبار ( .)Tفإن االختبارات األكثر
مالئمةً لهذه التصاميم ستكون منحدرة ً من مجموعة األساليب اإلحصائية التي تُسمى بتحليل التبايُن
( ،)ANOVAفهذه األساليب اإلحصائية هي تعميم لمبدأ المتضمن في اختبار ()T؛ فهي تحدد تغيُّر في
مقياس االستجابة إلى مصادر مختلفة بما في ذلك اإلجراءات والتفاعالت بين اإلجراءات وبقايا التغيُّر
الحاصل نتيجةً لخطأ ما.
خاص بهذا التحليل والتي يجب أن تظهر ٍّ تمثل نتائج تحليل التباين ( )ANOVAفي جداول
في تقرير الدراسة .فإذا لم تكن على معرف ٍة في كيفية قراءة جداول ( ،)ANOVAفإن على شريكك
في دراسة التسويق العصبي أن يطلعك عليها لتتمكن من رؤية المقارنات الموجودة في دراستك
بكل دقة وما هي المقارنات منها تعتبر مهمةً إحصائيا ً وما التي ال تعدُّ ذات أهمية .فيُعتبر فهم
أمر مه ٌم جدا ً لفهمك الكلّي لألهمية التجارية الخاصة بدراستك.
اإلحصائيات هو ٌ
354
حذر من الشركات اإللكترونية التي تقوم -وبكل بساطة -بإدراج المستويات المهمة كن على ٍ
في قائمة وال ترشدك إلى كيفية إجراء اإلحصائيات .وتعتبر األهمية اإلحصائية ذات صل ٍة وثيق ٍة
بالصحة والدقة وقابلية التعميم ،كما وأنها أساسية في اتخاذ قرار بشأن مدى ثقتك بالنتائج .إن اتخاذ
قرا ٍر تجاري بنا ًء على دراس ٍة ال تُعدُ ذات شفافية ووضوحٍ كاملين فيما يخص اختباراتها اإلحصائية،
أمرا ً ها ّما ً وجوهريا ً عند شروعك في تجارتك ،لذا فنحن ال ننصح باتخاذه.
وتشير األداة إحصائية " :األهمية في ل (ح) = ( " 0.05حيث أن ل (ح) تعني االحتمالية) إلى أن
االختالف الذي تالحظه في تجربتك قد يحدث بنسبة %5فقط من عدد المرات ،وذلك إذا لم يكن هناك -في
أي اختالفٍ حقيقي في مجتمع الدراسة الذي أخذت منه العينة (وهذا ما يُسمى في النصوص الواقع ُّ -
اإلحصائية بالفرضية الباطلة) ،إال أن هناك القليل من الدراسات التي قد أنجزت باستخدامها ،لوجو ِّد شخص
يؤمن بأن الفرضية الباطلة صحيحة .إن األمر الذي يتوجب عليك معرفته في دراسة التسويق العصبي هو أنه
إذا ما كانت النتائج التي حصلت عليها تُمثل عالقة قوية أو ضعيفة بين اإلجراء واالستجابة ،وما إذا كان عليك
أن تدع هذه النتيجة تؤثر في عملية اتخاذك للقرارات التجارية بشك ٍل أساسي.
وبالمقارنة مع اختبارات األهمية اإلحصائية ،فإن مقاييس حجم التأثيرات تمنحك طريقة موضوعية
حجم صغير أو متوسط أو كبير .ولمقارنة ٍ قابلة للمقارنة لتصنف أحجام التأثيرات الملحوظة بتأثيرات ذات
االختالف بين كال المعدلين ،فإن أكثر العادالت إحصائية شيوعا ً في قياس حجم التأثير هي معادلة كوهينز د
حيث هذه المعادلة أداة إحصائية بديهيةً جداً ،فهي -وبكل بساط ٍة – تُعبر عن االختالف في ُ (،)Cohen’s d
تعوض المعدالت.
معدل النتائج إلجراءين اثنين يقسم بينهما مقياس التغيُّر أو معدل انتشار النتائج الفردية التي ُّ
تأثير
إن ذكر أداةٍ إحصائي ٍة كمعادلة ( )Cohen’s dمع األهمية اإلحصائية ال يسمح لك بقياس حجم أي ٍ
تجده فحسب ،بل يسمح لك بمقارنة أحجام التأثيرات في اإلجراءات وحتى في الدراسات التي تستخدم مقاييس
مختلفة .وهذا يوفر معلوما ٍ
ت ذات صل ٍة أكبر بالقرارات من تلك التي تنحدر من نتيجة األهمية اإلحصائية
وحدها.
إن عليك تشجيع شركائك في بحوث التسويق العصبي على ذكر األدوات اإلحصائية الخاصة
معيار للتقارير التي تخص حقل
ٍ ُ
حيث أنه ذلك ستساعد في إنشاء بأحجام التأثيرات في كل تقاريرهم،
التسويق العصبي الذي تم تبنيه من قِّبل أغلب المجاالت المختصة بعلم النفس وعلم األعصاب شهرة ً.
355
استدالل النظرية االفتراضية وعملية اتخاذ القرار
(وللمزيد من المعلومات عن معايير التسويق العصبي ،انظر الفصل .)22
متقدم جدا ً .إن تحليل النظرية االفتراضية هو طريقة لوضع ٍ سنلقي نظرة ً موجزة في هذا القسم على موضوعٍ
األدوات اإلحصائية القائمة على العمل الذي قام به عالم الرياضيات توماس بايز ( )Thomas Bayesفي
القرن الثامن عشر ،حيث أن هذه المسألة هي على عالقة بالتسويق العصبي؛ ألنه يوفر طريقة لتحديد فكرة
الثقة في نتيج ٍة ما .وهذا يعني أن استدالل النظرية االفتراضية يوفر بنية رياضية لتحديد مدى الثقة التي يجب
أن تتمتع بها بدقة ،وذلك بدالً من أن نقول بأنه يجب عليك أن تكون أكثر أو أقل ثقة بنتيج ٍة ما.
إننا نعتقد بأن استدالل النظرية االفتراضية سيستمر ازدياد شهرته كمنهجية إحصائية؛ ألن متوافق جدا ً
ذا قابلية أكبر مع لغة ومنطق عملية اتخاذ القرار التجاري الواقعية .ونحن نعتقد أيضا ً بأنه سيصبح
للتطبيق في التسويق العصبي؛ وذلك بسبب تزايد حجم البيانات المعيارية (التي سنناقشها في القسم التالي) في
بحوث التسويق العصبي.
تكمن النقطة األساسية في استدالل النظرية االفتراضية في أن تستطيع تجديد االحتمالية المتوقعة (أي
اإلمكانية أو ما يُسمى أو االحتمالية الالحقة) لحدوث نتيج ٍة ما من خالل األخذ بعين االعتبار لمعلومتين اثنتين
وهما:
إن قابلية تطبيق استدالل النظرية االفتراضية في التسويق العصبي والبيانات المعيارية وعملية اتخاذ
القرار التجاري تكون فكرة صريحة وواضحة ،وذلك إذا ما تم وضعه حيز التنفيذ .ويكون مستخدمو التسويق
العصبي محاطون بمعرف ٍة سابق ٍة بها ،إال أن بعضها قد احت ُ ْ
كرت ممن قِّبَل الدراسات األكاديمية والتي قد تكون
مباشر أو ال تكون كذلك .إال مستخدمي التسويق العصبي قادرون على بناء قاعدة ٍ مفيدة في التجربة بشك ٍل
ت معيارية باستخدام مقاييسهم الخاصة ونتائج تجاربهم ،وذلك لوضع حجر أساس للمعرفة األساسية التي بيانا ٍ
يمكن مقارنتها بنتائج جديدة تم تقييمها من أجل تأثيرها التجاري .فبجمع البيانات المعيارية من النتائج السابقة
ت جديدة من النتائج الجديدة (المالحظات الجديدة) ،يستطيع مستخدمو (أي االحتماالت السابقة) مع بيانا ٍ
ت متوقعة) يمكنها أن تؤثر مباشرة ً التسويق العصبي أن يزودوا المسوقين بنتائج بحثية أكثر دقةً (أي احتماال ٍ
في عملية اتخاذ القرار التجارية الحقيقية.
356
إنه إذا ما كنت ستمطر ،فإن السحب ستبقى تملئ ونستعرض هنا مثاالً يدل على كيفية تأثير
السماء بنسبة %100من الوقت (وهذا بديهي!). استدالل النظرية االفتراضية في القرار .افرض أنك
وتظهر السحب بشك ٍل عام في سماء مدينتك قرار بأخذ مظلتك اليوم إلى العمل أم
ٍ تحاول اتخاذ
بنسبة %30من الوقت. تركها في المنزل ،وفيما يأتي هي معرفتك السابقة
قبل اتخاذ هذا القرار وهي:
لذا ،هل ينبغي على هذه المالحظة أن تغير من
قرارك؟ فإذا استخدمت صيغةً تسمى بقاعدة بايز يوم
أن احتمالية تساقط االمطار في مدينتك في ٍ
( ،)Bayes’s ruleفإنك تستطيع أن تحسب ما هي .%20
ُ
حيث أنه بالنظر إلى االحتمالية المتوقعة للمطر،
السحب في السماء ،فإن احتمالية تساقط األمطار هي فعند النظر إلى هذه المعرفة ،فإنك قد تترك
.%6.6 مظلتك في المنزل .ولكنك في الوقت الحالي قد
اكتسبت مالحظة جديدة ،وهي أنك قد نظرت إلى
عندها يتوجب عليك أن تأخذ مظلتك معك عند سحبا ً في السماء ،وبذلك فقد اكتسبت
النافذة ورأيت ُ
الخروج. معرفةً إضافيةً على معرفتك السابقة بشأن هذه
السحب وهي:
فهي توفر سياقا ً واسعا ً لألداء الواقعي ،حيث يمكن مقارنة نتائج الدراسات الفردية وتفسيرها.
ت وارتباطا ٍ
ت وهي توفر حجر أساس لعملية االستكشاف والبحث عن البيانات للتعرف على منظورا ٍ
جديدة ،والتي ال يمكن مالحظتها إال في الدراسات التعددية.
ق العصبي مع النتائج السلوكية الواقعية
كما أنها الطريقة الوحيدة المؤكدة في ربط نتائج شركة التسوي ٍ
على صعيد المستهلك الفردي وصعيد السوق ككل.
وهي تعتبر اآللية الرئيسية التي يتم من خاللها صقل المقاييس ومعايرتها بمرور الوقت وذلك لتحسين
مدى صحتها ودقتها وقابليتها للتنبؤ.
البيانات ال ُمعايَرة (أو ال ُمو َّحدة) :حيث يتم معايرة النتائج مقابل البيانات الموجودة أصالً حتى يتم
مقارنتها .فعلى سبيل المثال ،قد يُقال أن إعالنا ً تجاريّا ً ما قد حقق ما نسبته " 75بالمئة" مقارنة
تقرير ضعيف؛ٌ إعالن آخر .وهنا يُعتبر ذلك نوعا ً من التقارير المعيارية ،عدا أنه في الحقيقة
ٍ ب200
ألنه ال يربط النتيجة بأي ارتباطا ٍ
ت سلوكي ٍة أو نتائج ألداء السوق.
البيانات المعيارية :وهنا تُربط النتائج بالسلوكيات أو مستويات األداء .فعلى سبيل المثال ،قد يُقال عن
إعالن
ٍ ي ٍ ذا درج ٍة عالية أنه -وفي متوسطه -قد حقق مبيعات أكثر بما نسبته %20من إعالن تجار ّ
ٍ
تقرير معياري ذا قوة أكبر ،ألنه يربط بين مقياس النتاج الواقعية.ٌ أقل منه مرتبة .وهذا
وتوفر البيانات المعيارية الحقيقية عالمة قياسية على األداء بغية تقدير العالقة التجارية بنتيج ٍة أو
دراس ٍة ما .ففي غياب البيانات المعيارية ،قد تظهر نتائج منفصلة ومضللة ،وقد يفقد متخذي القرار صبرهم
بسهولة مع المقاييس (والشركات اإللكترونية) التي ال تربط نتائج دراساتها بالنتائج الواقعية.
ي شركة إلكترونية للتسويق كن على معرف ٍة بمستوى البيانات المعيارية التي تعرضها عليك أ ُّ
وج ْد الوقت والجهد الذي تخصصه هذه الشركة في الحفاظ على قاعدة البيانات المعيارية، عصبيِّ ،
وكم هي الحاالت التي تحتويها قاعدة البيانات هذه ،وكم مر ٍة يتم فيها تحديث قاعدة البيانات المعيارية
خاصتها ،وكم مرةٍ تحدِّّث من مقاييسها القائمة على التغييرات الحاصلة على قاعدة البيانات المعيارية.
ت معياري ٍة جدية وحقيقية.حذر بشأن فكرة العمل مع شريكٍ ال يمتلك أيّة قاعدة بيانا ٍ
وكن على ٍ
358
الفصل العشرون
إلقاء نظرة على المخاطر التي تؤدي انحراف مسار الدراسات البحثية
طرح كيفية تجنُّب هذه المخاطر
العمل مع شركاءٍ في البحث للوصول إلى النتائج التي تريدها
ليست كل دراسات التسويق العصبي تنجح وتؤول إلى مبتغاها وال كل بحوث السوق تتكلل بالنجاح في
الواقع ،.وال تُعزى هذه النتيجة السيئة غالبا ً إلى المنهجيات المستخدمة ،إال أنه يمكن تتبعها للوصول إلى
عرفها وأبرزها الفلم العظيم للمخرج بول نيومان ( )Paul Newmanوالذي يُسمى مشكلة األزلية التي قد ّ
( ،)Cool Hand Luke: a failure to communicateأو كما ع ِّبّرت عنها برمجة الذكاء الحاسوبي الذي
يقوم على جمع ما هو تالف وغير صالح ثم التخلص منه .يُمكن ألكثر نوايا البحث أفضليةً أن تُحبَط وأن يتم
إعاقتها من خالل سوء التواصل والتخطيط الجيد قبل المباشرة في إجراء دراس ٍة ما .سنريك في هذا الفصل
صتك .وسنستعرض كل واحدةٍ من مخاطر قد تتسبب بإفساد دراسة التسويق العصبي خا ّ
ٍ كيفية تجنُب خمسة
هذه المخاطر على شكل سؤا ٍل يتوجب عليك إجابته قبل أن تشرع بإجراء دراستك ،وهذا ما نسميه بقائمة
ق
تدقيق ما قبل المباشرة بإجراء الدراسة .فكما يقوم الطيار بالتجهيز لرحل ٍة في الطائرة بوضع قائمة تدقي ٍ
ق من أمور الطائرة ،فإن عليك أن تجيب عن هذه األسئلة قبل أن تشرع أو "تقلع" في دراستك وليس قبل وتحق ٍ
ذلك.
359
ما هي أهدافك التجارية وراء هذه الدراسة؟
المسوقون في شرك ٍة ما
ّ موقف ساخر قد يحدث في الكثير من األحيان في التسويق العصبي :يصبح ٌ إليك
مفتونين بفكرة دراسة أدمغة المستهلكين ،لذا فهم يقررون القيام بمشروعٍ تجريبي ،فيختارون شركة تسويق
عصبي إلكترونية وتقوم بتوكيلها بمشروعٍ "الختبار إعالنين تجاريين" أو "لمعرفة طريقة تفكير الناس بتجاه
للمسوقين ،عندها يكونون في حير ٍة من أمرهم؛ ألن ّ التصميم الجديد غالفٍ لمنتجٍ ما" .فعندما تظهر النتائج
الدراسة ال تبدو بأنها تعطيهم الكثير من المعلومات عن أدمغة المستهلكين؛ فهناك الكثير من المقاييس
واإلجراءات التي تقتصر على فئ ٍة معين ٍة منهم ،ويظهر بأنه لم تتم اإلجابة على األسئلة التجارية المهمة .حينها
يشعر المسوقون بالخذالن ويستنجوا بأن التسويق العصبي ال يناسبهم ،ثم تعود شركة التسويق العصبي
أدراجها ،وتعاود الشركة استخدامها لالستبانات ومجموعات الدراسة.
إن المشاريع التجريبية المماثلة لهذا الذي قد ذكرناه ال تستطيع شركات التسويق العصبي مقاومته،
حيث أن خذالن عمي ٍل جديد يُعتبر أمرا ً صعباً ،فأفضل طريق ٍة هي تشجيع العميل على إيجاد هدفٍ تجاري
حقيقي يدفعهم إلجراء دراسة باستخدام التسويق العصبي .فإذا وجد العميل صعوبةً في تعريف هدفٍ ما
ومطابقته مع أساليب التسويق العصبي ،فإن على الشركة أن تقترح جلسة تثقيفية معه لمنحه تصورا ً عن
ي مالئم ،فقد
األسئلة التي يتقن التسويق العصبي معالجتها .فإذا بقي العميل غير قادر على إيجاد هدفٍ تجار ّ
يكون األفضل هنا أن ترفض الشركة العمل معه بأدب .من األفضل أن يتم توسيع المصادر والمدة المقررة
ي مكرر.عند كال الطرفين على مشروعٍ يحتمل أن يؤدي إلى مشروعٍ تجار ّ
وتكمن نصيحتنا للمسوقين وعمالء التسويق العصبي المحتملين هنا كاآلتي :ال تبدأ أول
مشروعٍ لك لتختبر التسويق العصبي؛ وإال فسينتهي بك المطاف خائب الظن .فإذا كنت جاد ّ
بموضوع التسويق العصبي وتريد أن يكون لديك فه ٌم أكبر عنه ،عندها ُخ ْ
ض في جلس ٍة تثقيفي ٍة عنه،
حيث يوفر العديد من مستشاري التسويق العصبي ذوي السمعة الحسنة تدريبا ً مخصصا ً لهذه الغاية.
فال تدفع مقابل مشروعٍ بحثي كام ٍل حتى يكون لديك مشكلة تجارية حقيقية تود معالجتها؛ وأقصد
بذلك مشكلةٌ يشترك فريقك واإلدارة العليا في شركتك في محاولة حلها ،واختر التسويق العصبي في حال
كونه الطريقة الصحيحة المالئمة لحل مشكلتك.
تُعد المشاكل التجارية مهمة ألنها تُشكل قرابة كل القرارات التالية :قرار ماه َية الفرضية التي يُراد
اختبارها وماهية االختبارات التي سيتم إجراءاتها و المواد التي ستختبر والجمهور المستهدف في عملية أخذ
جراً .وإضافةً إلى كل ذلك ،على اإلدارة العليا أن تتوقع هدفا ً تجاريا ً منطقياً .فككل ٍ
قسم في العينات وهل َّم ّ
360
شركات الوقت الحاضر ،فعلى التسويق أن يبرر مساهمته للشركة؛ حيث يتوجب عليه أن يكون قادرا ً على
عرض عوائده االستثمار ( )ROIللمبادرة التي يقوم بتنفيذها.
ال يتم تمويل المبادرات التسويقية في أغلب األحيان وذلك إذا لم تكن قائمة على قضية تجارية سليمة
تدعم االستثمار المطلوب .وتربط القضية التجارية هذه بين المبادرات التسويقية واألهداف المالية والتجارية
ى أعلى للغايات التجارية .وإذا طرحت دراسةٌ بحثيةٌ الخاصة بالشركة ،مما يجعل هذه المبادرة تضع في مستو ً
ما أسئلة ته ُّم الشركة بشك ٍل كبير ،فإن عليها أن تُض ِّ ّمن مبادرة تسويقية نشطة ٍ
بفهم جي ٍد للغاية التجارية .ويوفر
الهدف التجاري الخاص بالمشروع البحثي ارتباطا ً وثيقا ً باستراتيجية التسويقية وحدود الغايات التجارية ،ثم
من بعد أن يتم إنشاء هذا االرتباط بينهما ،يس ُهل تعريف وتصميم وتنفيذ وتفسير وربط الدراسة بشك ٍل أكبر.
غالبا ً ما تبدأ األهداف التجارية الخاصة بدراسات التسويق العصبي الناجحة بغاي ٍة تجاري ٍة رئيسي ٍة مثل
ت جديدة أو إنشاء حمالت دعائية جذابة أو تحسين حضور تحسين جودة العالمة التجارية أو التعريف بمنتجا ٍ
وبمعنى آخر ،تكون األهداف التجارية على عالقة وثيقة فيً الشركة داخل المتاجر العادية أو اإللكترونية ،أي
مجاالت التطبيق التي تم تفصيلها في الفصل 9وخالل الفصل ( .)14إذا كانت دراستك قادرة على بيان القيمة
في استعراض أحد المجاالت التجارية ،فيحتمل أن تساهم بشكل كبير في البرنامج البحثي واألهداف الخاصة
بشركتك.
والفكرة هنا أنه كلما زادت عمومية الهدف ،قلَّت الفائدة المرجاة منه .فعلى سبيل المثال ،إذا الهدف هو
"اختبار بعض اإلعالنات" فهو ليس بالهدف الجيد ،أما إذا كان الهدف المراد هو "تحديد ما إذا كانت الحمالت
هدف جيد .وإذا كان الهدف -مثالً -هوٌ الدعائية الجديدة تبرز التأثير العاطفي للحملة الدعائية الحالية" فهو
"اختبار قوة االرتباطات الذهنية بالعالمة التجارية" فهوال يُعتبر هدفا ً جيداً ،على عكس هدف "تصوير ما إذا
كانت حملة اإلعالن الجديد يصل وبكل كفاءة إلى أولى الصفات الثالثة الخاصة بالعالمة التجارية".
فيما يلي بعض األسئلة التي قد تساعد في تعريف األهداف التجارية القوية لدراسة التسويق
العصبي الخاصة بك:
تحت أي مبادرة (أو قسم) للتسويق سيتم إجراء هذه الدراسة؟
كيف ستساعد هذه الدراسة -وبشك ٍل عام -المبادرة الراعية لها في تحقيق هذه الغايات التجارية؟
ما هي األسئلة المعينة التي تستطيع هذه الدراسة تجيب عليها والتي تعالج غايات المبادرة بشكل ٍ
مباشر؟
ٍ
361
ما هي توقعاتك أو تفضيالتك بالنسبة لنتيجة هذه الدراسة؟
ما هي الفرضية التي ستختبرها وما هو االختبار األفضل ليتم استخدامه في
دراستك؟
إن من المفاجئ أال يمتلك تفويض الكثير من دراسات التسويق العصبي فرضية واضحة ليتم اختبارها،
فقد يكون غياب الفرضية في الدراسة هو المسبب الرئيسي الستياء العمالء من بحوث التسويق العصبي،
ستنزف للوقت في إنجازه إلى نتائج مبهمة ال يمكن
ٌ مكلف وم
ٌ ع
ظن الناس حين يؤدي مشرو ٌ حيث أنه فسيخيب ُّ
ي ٍ معين ،إال أن هذا ما يحدث عندما تجري دراسة لمعرفة "ما يفكر فيه الناس" فقط.
ربطها بأي سؤا ٍل بحث ّ
قد تكون نتائج دراسة التسويق العصبي التي تغيب فيها الفرضية مثيرة ً لالهتمام بعض الشيء ،إال أنه
ال صلة لها مع الحاجات التجارية ،وقد تكون في بعض األحيان غير مثيرةٍ لالهتمام حتى .إذاً ،ما الذي يجب
على فريق التسويق فعله بمعرف ٍة تفيد بأن اإلعالن التجاري ينشط مقدارا ً معينا ً من عملية معالجة الذكريات؟
فهناك سؤالين رئيسيين يتبعان ذلك مباشرة ً وهما" :بالمقارن ِّة مع ماذا؟" و"ماذا في ذلك؟" ،فالفرضية
معنى لهذه األسئلة المهمة التي تتلو السؤال الرئيسي.
ً الواضحة هي وحدها ما يعطي
إن أفضل طريقة في بدء تطوير فرضي ٍة مثيرةٍ لالهتمام هي القا ُء نظرةٍ عن كثب على األهداف
التجارية للدراسة .فتميل الفرضية إلى أن تنشأ من التوقعات التي تنحدر من خالل االهداف التجارية.
دعنا نطرح عليك مثاالً لنوضح هذا الموقف ،افترض أن مصممي األغلفة الخاصة بشرك ِّة بمنتجا ٍ
ت
غذائية قد طوروا تصميمين جديدين لألغلفة الخاصة بعالمة تجارية ثابتة خاصة بالبقالة .عندها يكمن الهدف
التجاري هنا في اختيار التصميم الذي سيتم استخدامه ،ثم يقررون اختبار خيارات التصميمين لمعرفة
التصميم األفضل أدا ًء بينهما .وقد يكون لدى مصممي أغلفة المنتجات توقعاتٌ مبنيةٌ على خبرتهم بتصاميم
ق عصبي ٍ معين ،مثل مقياس الحداثة أو المعالجة
تصميم سيتفوق على اآلخر في مقياس تسوي ٍ
ٍ ي
األغلفة بشأن أ ُّ
الذهنية لسالسة فهم األشياء أو االندماج العاطفي أو مقياس االرتباطات الذهنية الخاصة بالعالمة التجارية،
فهذا يسمح لهم بتشكيل فرضيتهم المبدئية وهي أن التصميم (أ) سيتفوق على التصميم (ب) في مقاييس أداءٍ
معينة.
ولكن هل يتوجب اختبار التصاميم الجديدة لألغلفة مقابل األغلفة الموجودة أصالً ،وذلك بالنظر إلى أن
تصميم يتوجب أن يكون ذا أداءٍ أفضل من التصميم الحالي؟ حيث ّ
أن هذه النقطة منطقية؛ ألن المشروع ٍ يأ َّ
التجاري لن يريد تح ُّمل تكلفة تحديث التصميم الحالي إذا كان ال يعتقد بأن هذا التحديث سيحسن من حضور
المنتج على رفوف المتاجر ،وهذا يولد فرضية عكسية هي :أن التصميم (أ) لن يتفوق على التصميم (ب)
فقط ،بل يتفوق على التصميم الحالي أيضاً.
وهنا يدرك فريق التصميم أن اختبار التصميمين الجديدين للغالف ومقارنتهما مع بعضهما ومع
الغالف الحالي ما يزال غير كافٍ ليتوافق مع األهداف التجارية .فعندما يكون الغالف المنتج جاهزا ً وعلى
رفوف المتاجر ،فإن األغلفة الجديدة لن تتنافس مع بعضها بعضا ً مع التصميم الحالي ،وعندما يتم اختيار
362
ت تجارية منافسة؛ وذلك لوجود حاجة ت لعالما ٍ
تصميم ما فسينافس في نيل انتباه المتسوقين مقابل أغلفة منتجا ٍ
ٍ
للمزيد من المراجعة في اختيار التصميم حيث :أن التصميم (أ) يجذب االنتباه عندما يكون على رفوف المتجر
أكثر من التصميم (ب) وأكثر من التصميم الحالي للمنتج ومن تصاميم األغلفة للمنتجات المنافسة من حوله.
تر كيف يتم تنقية تصميم الدراسة ففي هذ المثال والذي نعترف بأنه مثا ٌل قد تم تسهيله للفهم ،يمكنك أن َ
من الهدف المبهم الخاص "باختبار بعض تصاميم األغلفة الجديدة" لتكوين فرضي ٍة أكثر تحديدا ً وأقل عمومية.
وفي مثا ٍل على أرض الواقع ،فسيتم صقل هذه الفرضية أكثر من ذلك .فعلى سبيل المثال ،إذا ما كان الهدف
تصميم جديد قد نشط العالمة التجارية لتجذب جمهور المستهلكين الصغير في السن ،فإن على ٍ التجاري وراء
الفرضية أن تتضمن هذا العنصر التجزيئي .وإذا كانت الغاية الرئيسية للتصميم الجديد أن ينعش صورة
العالمة التجارة للمشترين الحاليين المعتادين عليها ،عندها سيتم صقل الفرضية على نح ٍو مختلف للتأكيد من
الحاجة للحفاظ على العناصر الرئيسية للتصميم والتي تساعد في التعرف عليه في حين يتم تجنب أي عرقلة
للعادات الشرائية الموجودة أصالً.
وعندما يتم اختيار الفرضية للدراسة ،عندها يكمن السؤال التالي الذي يتوجب طرحه هو إذا ما قد تم
تمييز وتحديد االختبارات المناسبة لتقييم هذه الفرضية .وستلعب شركة التسويق العصبي دورا ً مهما ً في هذه
المهمة؛ ألنها تتولى هذا المشروع و بحوزتها مجموعة البروتوكوالت االختبارية التي قد طورتها الختبار
ت كالتي لديك .لكن يجب عليك أن تطرح أسئلة متعمقة في مرحل ٍة ما من الدراسة؛ ألن هناك الكثير من فرضيا ٍ
االختالفات في االختبار التي -في الواقع -قد تكون أكثر أو أقل مالئمة للحاجاتك الخاصة.
فعلى سبيل المثال ،ما هو االختبار المناسب للفرضية الثالثة التي تنص على اختبار التصميم الجديد مع
تصاميم أغلفة المنتجات المنافسة؟ وهل يجب أن يتم اختبار تصاميم األغلفة البديلة على انفراد أم من خاال
نسق الرفوف في المتجر حيث تكون أغلفة المنتجات المنافسة معروضةً معه؟ هل يجب عليك استخدام
ق رفوفٍ واحدٍ)التصميم االختباري األحادي (حيث يرى كل مشاركٍ في الدراسة تصميم غالفٍ واح ٍد أو نس ِّ
أو التصميم األحادي التسلسلي (حيث يرى المشاركون سلسلة من األغلفة أو الرفوف وغالبا ً ما يكون ذلك
ب عشوائي) أو ربما تصميم االختيار اإلجباري (والذي يتم فيه عرض بدائل تصاميم األغلفة مع بترتي ٍ
ب في المختبر أم صور معروض ٍة على شاشة حاس ٍٍ بعضها)؟ هل يمكن أن يتم إجراء االختبار بكفاءة باستخدام
متجر حقيقية؟
ٍ هل عليك أن تختبر البدائل في بيئة
يمكن لتحديد االختبار الصحيح لتقييم فرضي ٍة معينة أن يتعمق بسرعة كبيرة في مسائل أكثر
تفصيالً ،إال أننا سنستعرض هنا ثالثة اسئلة ذات مستو ً
ى عا ٍل حتى تستعد إلجراء الدراسة وهي
كاآلتي:
ما هي الجوانب الخاصة المتعلقة بخبرة الزبائن ليتم اختبار هذه الفرضية :هل هي االستجابة
التسوق أم سياقات شراءٍ أخرى أم استهالك المنتج؟
ُّ للرسائل التسويقية أم عملية االختيار أثناء
363
ما هي االستجابة العقلية األكثر صلة بخبرة المستهلكين التي يجري قياسها :هل هي االنطباعات أم
ردود األفعال أم الدوافع أم التعلُّم؟
ما هي الصفات الخاصة واألكثر صلة بالمواد التي يتم قياسها هي :هل هي الحداثة أم األلفة أم
التأثير العاطفي أم المعالجة لسالسة فهم األشياء أم تنشيط األهداف الذهنية أم البروز أم صفات
أخرى؟
أوالً ،إذا كنت تستخدم الصور المرئية أو تسجيالت الفيديو في اختباراتك ،فيجب أن يوضع عدد من
العوامل التقنية بعين االعتبار .فلكون أساليب التسويق العصبي حساسة جدا ً للخواص المرئية للمحفزات،
عندها عليك أن تكون حذرا ً بشأن المشاكل التي تخص دقة الصورة أو الفيديو ونسب أبعاد الفيديو وحتى بشأن
مواضيع ضمنية مثل صيغة ملف الفيديو ( )PALمقابل صيغة ( .)NTSCكن متوقعا ً بأن تكون شركة
التسويق العصبي التي تشاركك الدراسة تمتلك معايير للمحفزات البصرية ،وال تكون متفاجئا ً إذا ما أثبتت تلك
المعايير أنه من الصعب توافقها مع ما كنت تتوقعه.
فقد توصالً -مثالً -إلى أنه بالرغم من أن أقسام التسويق تميل إلى أن يكون في حوزتها صورا ً
وتسجيالت فيديو ذات دقة عالية لمنتجاتها وإعالناتها ،فإنها ال تمتلك محفزا ٍ
ت ذات دقة مماثلة لتلك التي لديها
من لمنتجات أو اإلعالنات المنافسة ،وغالبا ً ما يكون االتجاه األول هو "أن يتم تحميلها من اإلنترنت" ،حيث
أن هذه المواد تميل إلى أن تكون ذات جودة ودقة منخفضة من المواد المطلوبة ذات درجة جودةٍ ودق ٍة
احترافيتين.
إن مقارنة المحفزات البصرية على صعيد درجات الدقة المختلفة قد يؤدي إلى اختالالت محتملة في
اختبار التسويق العصبي .واستذكر أن الكثير من ردود الفعل الالواعية تنحدر من سهولة الفهم أو المعالجة
الذهنية سالسة فهم األشياء .فإذا قارنت صورة ً ذات دقة عالية بأخرى ذات دقة متدنّية ،فإن االختالف الناتج
صةً إذا ما كنت تستخدم تقنيات حساسة تحرف من نتائج الدراسة وخا ّ
ٌ في عملية معالجة سالسة الفهم ذهنيا ً قد
لقياس الدماغ مثل تقنية تخطيط كهربية الدماغ ( )EEGأو تقنية تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي
ي اختالفٍ في العقل الواعي للمشارك ،إال أن االستجابات الالواعية قد تتأثر بتغيُّر ( .)fMRIوقد ال تسجل أ َّ
دقة الصورة.
364
وفيما يلي بعض المسائل التقنية التي تتعلق بالجودة التحفيزية التي يجب أخذها بعين االعتبار:
أن تكون المواد البصرية التي يتم مقارنتها بنفس مستوى الدقة والجودة.
أن تكون المواد التسويقية بمرحلة التطوير ذاتها؛ أي أنه ال يجب عليك أن تجري اختبارا ً على
إعالن قبل اإلنتاج.
ٍ إعالن قد تم إنتاجه مقارنة مع
عندما تجري اختبارا ً في بيئة واقعية مثل المتجر أو حجرة العرض ،فإن عليك أن تحرص على
التحكم بمقدار الضوضاء المحيطة والمحفزات الموجودة في البيئة المحيطة المنافسة لمحفزات
االستجابة التي تريدها دراستها.
أن تكون المواد الوصفية المكتوبة على نفس مستوى التعقيد الداللي وذلك ليتم التحكم
باالختالفات في معالجة سالسة فهم اللغة.
يكمن الجانب المهم الثاني في اختبار المواد الصحيحة في السؤال الذي يوازن األمور التي تختلف عن
المحفّز الذي يتم مقارنته وما يتم التحكم به أو إبقائه ثابتا ً (أي ال يُسمح له بأن يختلف عن المحفزات) .إن
أفضل نقطة للبدء هنا أن تكون واضحا ً فيما إذا كانت فرضيتك تتطلب منك أن تجري اختبارا ً على عناصر
مختلفة للمحفّز ذاته ،مثل اختالف الخط أو أسماء المنتجات على زجاجات الكاتشب -مثالً -أو المحفزات
الكلية المختلفة مثل التصاميم واألشكال المختلفة لزجاجات الكاتشب ،حيث تحتاج إلى أن تج ِّ ّهز موادَّ مختلفة
الختبار هذه الفرضيات المختلفة.
إن أحد األخطاء الشائعة في دراسات التسويق العصبي هو الفشل في نظم الفرضيات مع المواد
عنصر واح ٍد
ٍ االختبارية بصورة جيدة .فعلى سبيل المثال ،إذا كانت الفرضية تركز على التأثير الذي يغيّر من
في المحفز ما ولكن المحفزات المتوفرة تتضمن اختالفات أخرى فيها أيضاً ،عندها يطلق المختبرون في
ت خاطئة بأن هذه المواد "نافعة بما فيه الكفاية" الختبار الفرضيات ،بالرغم من أنها في الغالب افتراضا ٍ
الواقع ليست كذلك .وفي الوقت الذي تظهر فيه النتائج ،فمن المستحيل معرفة إذا ما كانت االختالفات التي تم
قياسها هي صفاتٌ للعنصر المراد في االختبار أو اختالفٍ معين بين المحفزات ،وهذا وبالتحديد نوع من
التسوية التي تؤدي إلى نتائج ال ترضي الجميع.
ٌ
ثالث لعملية اختيار المواد ليتم إجراء االختبار ،ويتعلق هذا الجانب جانب
ُ ومن الواجب ذكر أن هناك
سنتطرق
َّ بالقوة االستداللية لالختبار أو بمدى ثقتك بالنتائج .ويُعد ُّ هذا الموضوع موضوعا ً معقداً ،لذا فنحن
إلى النقاط الرئيسي ِّة هنا؛ ونعني األنواع المختلفة للمقارنات وذلك باستخدام المواد االختبارية المختلفة والذي
ت مختلفة من القوة االستداللية وهي كما يأتي:تؤدي إلى مستويا ٍ
365
مقياس معياري (أي
ٍ محفز واح ٍد مقابل
ٍ تكمن أدنى مستويات القوة االستداللية المحققة في اختبار
مقياس الذي تم جدولته حسب البيانات المعيارية أو على نقط ٍة قياسي ٍة معينة).
ٍ
وتتحقق قوة استداللية أشد عندما تقارن بين مح ِّفّزيْن أو أكثر ببعضها بعضا ً ومقارنتها بالمقياس
المعياري.
ت عديدة حيث يُحرص ى عا ٍل من القوة االستداللية عندما تقارن صفةً معينةً لمحفزا ٍ ويُحقق مستو ً
مقصور على الصفات التي
ٌ على إبقاء العناصر التفسيرية المحتملة ثابتة (إال أن مجال هذا االستدالل
اختُبِّرت ،لذا فال وجود لمقايض ٍة هنا).
ولك ن ولسوء الحظ ،لن تنفع هذه الطريقة في تجربة التسويق العصبي والتي تختلف عن المسح في
ب مه ٍ ّم جداً :وهو أنه في التجربة ،عليك أن تحدد المجموعات الفرعية ذات الصلة وذلك قبل أن تجري جان ٍ
الدراسة؛ ألنه ال يمكنك إنشاء مقارنة بين مجموعة فرعية جديدة بعدما تم جمع البيانات .لذا فإنه مهما كانت
المقارنات التي تنوي القيام بها (بنا ًء على الفرضية التي تود اختبارها) ،فيجب أن تكون قائمة داخل مخطط
الدراسة منذ البداية وأن على عملية أخذ العينات أن تنعكس على المقارنات المرادة.
صةً تلك التي تستخدم تقنيات قياس أنشطة الدماغ -بعينات يمكن إجراء دراسات التسويق العصبي -وخا ّ
صغير نسبياً؛ وذلك لوجود نسب تشتت عشوائي أقل ليتم معادلتها من خالل مقاييس الدماغ على ٍ ذات حجم
ص ِّ ّممت للتقليل
نح ٍو أفضل من استجابات الدراسة المسحية العادية ،حيث أن أدوات السيطرة على التجربة قد ُ
افتراض ينص على ٍ من التشتت العشوائي في نتائج العينة .عدا أن األحجام الصغيرة لهذه العينات قائمة على
366
المجموعة التي يتم قياسها متناسقة مما يعني أنها لن تُقسم مرة ً ثانية في مرحل ٍة الحقة عند تحليل النتائج .فإذا
أردت أن تقارن بين مجموعتين ،فإن عليك أن تحددهما على أنهما جز ٌء من مخططك وأن عليك مضاعفة
حجم العينة الستيعاب المقارنة بن تلك المجموعتين.
ولهذا السبب يُعد تخطيطك لعملية أخذ العينات أمرا ً مهماً ،فإذا كان السوق المستهدف بدراستك يتكون
من ذكور بعمر يتراوح فيما بين 34-18وتود أن تقارن استجاباتهم السلوكية إلعالنين تجاريين ،فإن عليك أن
ذكور أعمارهم تتراوح بين 34-18فقط .وإذا كانت أهدافك التجارية أن تجذب إناثا ً أعمارهن
ٍ تأخذ عينة من
ما بين 34-18لمنتجك ،وتود أن تالحظ كيف ستكون استجاباتهم إلعالنك التجاري مقارنةً بعينة الذكور
المأخوذة من المجموعة نفسها ،إال أنه يتوجب عليك هنا أن تضاعف حجم العينة.
وفيما يلي بعض المقارنات المجراة على بعض المجموعات الفرعية التي يمكن أن تؤدي إلى
ت مثيرةٍ لالهتمام وذات صلة بموضوعك في دراسات التسويق العصبي .فعند تخطيطك منظورا ٍ
ي هذه الفروقات يجب أن تُبنى في دراستك:
لمعايير أخذ العينات خاصتك ،ضع في اعتبارك أ ُّ
الرجال مقابل النساء :غالبا ً ما تظهر المقارنات بين الجنسين اختالفا ٍ
ت مثيرةٍ لالهتمام
صة في االستجابات الالواعية التي يمكن أن ترتفع عند التسويق.
وخا ّ
صغار السن مقابل كبار السن :قد تؤدي االختالفات اإلدراكية في األدمغة النامية والبالغة والتقدمة في
ت في االستجابة للتسويق.السن إلى اختالفا ٍ
المنتمون مقابل غير المنتمين لعالمة تجارية معينة :إن فهم أن من يلتزم باستخدام عالمة تجارية
معينة وآخر غير ملتزم بها يختلفون في االستجابة للتسويق الذي يمكنه المساعدة األهداف التجارية
في الدراسة في زيادة درجة انتمائها لعالمة تجارية معينة.
المستهلكين الحاليين مقابل المستهلكين المهملين في شراء عالمة تجارية معينة :قد يوفر
المستهلكون المهملون في شراء عالم ٍة ما أدلةً من خالل استجاباتهم السلوكية حيث أنها تشير إلى
الطريقة التي يمكن جذبهم بها إلى الشراء من هذه العالمة التجارية مرة أخرى.
المستهلكين من أقاليم ومناطق جغرافية مختلفة :قد تكون االختالفات اإلقليمية مهمة في االستجابات
المستهلكين للتسويق.
المستهلكين في مراحل مختلفة من االلتزام بشراء عالمة تجارية معينة :أي مقارنة المستهلكين -
من مراحل كونهم مشترين لعالم ٍة تجارية ألول مرة إلى مشترين معتادين عليها ث َّم إلى مؤيدين لهذه
العالمة التجارية ،ففي المراحل المختلفة من االلتزام قد تؤدي إلى منظورات مفيدة ومثيرة لالهتمام.
367
ممكن من الدقة في دراسات التسويق العصبي وذلك قبل إجراء ٍ قدر
إن تحديد عينتك بأكبر ٍ
الدراسة يُعدٌّ أمرا ً مثالياً ،ويكون ذلك في األغلب أمرا ً غير متوقعٍ من المسوقين الذين اعتادوا على
بأحجام أكبر من العينات.
ٍ قدر ممكن من التعميم
استخدام االستبانات والدراسات المسحية لتحقيق أكبر ٍ
وتتطلب التجارب تخطيطا ً مقدما ً وأقل مرونة وذلك الستكشاف االختالفات المثيرة لالهتمام وراء
كبير من األهمية لدراسات التسويق العصبي ٍ قدر
الحقائق ،وهذا سببٌ آخر لكون الفرضيات القوية على ٍ
مشوهة ومصاحبة مع أهدافٍ تجاري ٍة مبهمة كما ال تحتوي على َّ الناجحة .إن امتالكك عينة من مجتمعٍ عا ٍ ّم
فرضيات قد يُحتمل أن تؤدي إلى نتائج غامضة ذات قيمة ضئيلة عائدة على عملية اتخاذ القرار.
ونحن نقترح تدريبا ً مماثالً لفرق التسويق التي تجهز لدراس ٍة بحثي ٍة جديدة وهو:
أن يجلسوا ويفكروا بالخطوة التالية المبنية على نتائج هذه الدراسة .فإذا تم تأكيد فرضيتك ،عندها ما الذي
ستفعله الحقاً؟ وإذا لم تكن قد أ ُ ِّ ّكدت ،فما الذي ستفعله على نح ٍو مختلف؟ إن التخمين الصادق للتأثيرات
المحتملة لدراستك التي تخطط لها هو طريقةٌ ممتازة ٌ لمواجهة االنحراف الذي يتسبب فيه تفاؤلك ،ولرؤية ما
إذا كنت تشرع في مشروعٍ يمتلك تأثيرا ً تجاريا ً حقيقيا ً أم أنه تدريبٌ ممتع آخر في لعبة البحث هذه.
تولنكون منصفين ،ال تؤدي ك ُّل دراس ٍة إلى مضامين تجارية قوية ،ولن تتخذ معظم الشركات قرارا ٍ
صةً إذا ما كانت دراسةٌ واحدة ٌ تستخدم أساليب التسويق العصبي تجاري ٍة كبرى بنا ًء على أي دراسة مفردة وخا ّ
ألول مرة .لذلك فلربما يكون ما ستفعله بنتائج الدراسة هو مقارنتها مع نتائج أخرى حصلت عليها من بح ٍ
ث
آخر مستخدما ً أساليب أخرى ،فيعد ذلك أيضا ً استنتاجا ً مقبوالً جداً.
وهذا يعني أنك تود مراجعة كل ما تعلمته من هذه الدراسات السابقة وأن تتأكد بأن الدراسة الحالية
تؤدي إلى نتائج قابلةً للمقارن ِّة بشك ٍل مباش ٍر .وفي هذه الحالة ،فإنه البرنام ٌج البحثي األكبر -وليس دراسةً
واحدة -هو الذي يحمل عبء التأثير التجاري.
368
إن النتيجة الوحيدة التي يتوجب عليك القلق بشأنها هي تلك التي تفشل في تحديد أيّة مضامين
تجارية منطقية ناتجة عن دراستك .فإذا كانت تلك هي النتيجة ،فإن عليك أن تراجع جميع األسئلة
السابقة التي تتعلق باألهداف التجارية والفرضيات واالختبارات والمواد االختبارية وتحديد العينات،
ي ٍ قد
ي نشاطٍ تجار ّأمر مهم .وإذا كنت ما تزال ال تجدُ أ َّ
وأن تسأل نفسك إذا ما كنت قد غفلت عن ٍ
يكون متأثرا ً بهذه الدراسة ،فإن عليك أن تواجه االحتمالية الحقيقية بأن هذه الدراسة غير جديرة بإجرائها.
ق عصبي أمر عليكَ أن تتساعد أنت وشريك تسوي ٍ إن إنهاء قوائم التحقق قبل المباشرة في دراس ٍة ما هو ٌ
فيه .فإن الشريك ذو الخبرة والذي على معرفة عميقة بك ّل واح ٍد من هذه األسئلة سيكون مدركا ً ألهميتها ،وأن
يكون لديه النيّة في استثمار الوقت والجهد لمساعدتك في اإلجابة عليها على النحو الذي يرضيك .فإذا أعلمك
ي شيء" بدالً من أن تقضي وقتا ً في اإلجابة على هذه شريك التسويق العصبي بأنه من المهم أن "تنجز أ َّ
ش ٌر جيدٌ يدل على أنك تعمل مع شريك التسويق العصبي الخاطئ؛ وهذا ما سيكون األسئلة ،فإن ذلك هو مؤ ّ
موضوع الفصل التالي تحت عنوان :اختيار شريك التسويق العصبي الصحيح.
369
الفصل الحادي والعشرون
لقد شرحنا عن العديد من أساليب التسويق العصبي في الفصل ( )17والتي قد تود أن تتطرق إليها
ق الختيار الشريك المناسب في دراسة التسويق بنفسك ،إال أننا وفي هذا الجزء ،سنوفر توجيها ٍ
ت وقوائم تحق ٍ
العصبي والعمل معه .نحن نفترض بأنك ال تفكر في أول بح ٍ
ث في التسويق العصبي فقط ،بل بأنك تفكر فيما
التزام طويل األمد في اعتبار التسويق العصبي جزءا ً دائما ً في
ٍ إذا كان هذا المشروع سيرتقي إلى أن يكون
استراتيجيتك في أبحاث التسويق أيضا ً .وسنركز على ثالثة أسئلة وهي كاآلتي:
متى يتوجب عليك أن تفكر في اللجوء إلى خدمات شركة التسويق العصبي؟
ما نوع الشريك (أي شركة التسويق العصبي) الذي تحتاجه؟
كيف تختار أفضل شريك ليلبي احتياجاتك؟
ق عصبي اختيارا ً مه ّما ً يؤدي مباشرة ً إلى التأثير بجودة وفعالية في التسويق يُعدُّ اختيار أ ُّ
ي شركة تسوي ٍ
قرار استراتيجي يحتاج إلى أن ينتج عائد استثمار قاب ٍل للقياس (.)ROI
ٌ واإلعالن الخاص بك .وهو أيضا ً
وألن التسويق العصبي هو حق ٌل جديدٌ ومختلف بالمقارنة ببحوث التسويق التقليدية ،إال أن هناك متطلبٌ
إضافي في هذا الحقل لمشاركة المعلومات والمعرفة بانفتاح ،وقد يتضمن ذلك تثقيفا ً إضافيا ً من جهتك ،واأله ُّم
370
من ذلك أن عليك أن تحدد شريكك (أو شركاءك) في دراسة التسويق العصبي يتمتّع بالقدرة وااللتزام الكفيين
لمساعدتك في تعلم واستخالص القيمة الحقيقية من األسلوب الجديد في بحوث التسويق .وتكمن غاية هذا
الفصل في منحك أفضل الفرص لتحقيق ذلك الهدف.
ال يمكن التقليل من شأن أهمية االستعداد المؤسسي ،حيث أنه في أغلب الحاالت يُقلل من شأنها.
إن النتائج التي توصل إليها علم الدماغ بشأن حقيقة أنه يقاوم كل ما هو جديد (انظر الفصل )5ينطبق
عليك وعلى مؤسستك كما ينطبق على المستهلكين ،فكل البشر يشعرون بالفضول لكل ما هو جديد،
لنكهم يقاومونه .وحتى كون مقاومتنا أقل ،فإن علينا أن نعرف ونتعلم المزيد عن هذا الموضع الجديد
لنستطيع تخطي مرحلة المقاومة إلى مرحلة راحلة األلفة.
مفر منه .فإذا لم تكن قد يخلق طرح فكرة التسويق العصبي على شركتك مقاومةً له ،وهذا ٌ
أمر ال َّ
مؤسستك مستعدة ً للتغلب على هذه المقاومة ،فلن تنجح التجربة باستخدام التسويق العصبي فيها .وهنالك
طريقة بسيطة لتحديد ما إذا كانت مؤسستك جاهزة ً للتسويق العصبي أم ال ،وهي تتضمن استخدام أداة تقليدية
من استشارات التغييرات المؤسسية والتي تسمى المعادلة األساسية للتغيير الناجح وهي كاآلتي:
فإذا ما كان تركيب العناء والتصور والخطوات األولى غير كافية ووافية للتغلب على المقاومة ،فإن
جهودك للتغير سوف تبوء بالفشل .وتذكر بأن العالقة بين العناء والتصور والخطوات األولى هي عالقة
مضاعفة؛ فإذا كانت إحداها غير موجودة ،فإن الجانب األيمن من المعادلة سيكون صفراً ،وسيكون دائما ً أقل
من الجانب األيسر من المعادلة؛ ألن قيمة المقاومة دائما ً ما تكون أكبر من صفر.
371
دعنا اآلن نقوم بتفسير المعادلة وترجمتها لمجموعة من األسئلة تتعلق بمدى جاهزية مؤسستك ،وذلك
للتفكير وبك ِّّل بجدِّّية بشأن استخدام التسويق العصبي في الدراسة .وتساعدك األسئلة التالية في قياس حجم
المساعدة التي تحتاج إليها من شريك التسويق العصبي ،وما هي مجاالت الخبرة المهمة لك .وتساعد هذه
األسئلة في معرفة مشكلة العناء ،وتكون كاآلتي:
فإذا لم يكن لديك أيَّةُ شكا ٍو نابعة من أساليبك البحثية الحالية ،فال تضيِّّع وقتك في محاولة استخدام
راض بشك ٍل كامل بتجارتك كما هي العادة،
ٍ التسويق العصبي ،فإنك ال تحتاجه .أما من جه ٍة أخرى ،إذا لم تكن
تركيز متوسطا ً (مثل قلة
ٍ فإن عليك فهم ك ٍّل من مستوى العناء وتركيزه في المؤسسة التسويقية؛ أي إذا كان ذا
المنظورات الجديدة) أو شدي ٍد (مثل كارثة مهينة علنية لشكل أغلفة المنتجات) ،كما وعليك أن تفهم في أي
نقط ٍة يكون عدم الرضى كبيرا ً في المؤسسة.
التصور:
ُّ أما األسئلة التالية فتتعلق بمشكلة
372
متدن،
ٍ ت مدروس ٍة ألول سؤالين ،عندها يُعدُّ مستوى تصورك
فإذا لم تمتلك مؤسستك إلى اآلن إجابا ٍ
وعلى شريك التسويق العصبي أن يساعدك في بناءها ،ومن المفضل أن يكون ذلك قبل البدء بالمشروع
التجريبي للدراسة .فإذا كانت مؤسستك تتبع طريقة اكتساب تصور مستهلكيها على أنهم مستهلكين بديهيين
دون أن تو ِّ ّجه هذا االكتساب ،فإن هذه مشكلة عليك أن تتغلب عليها باالستعانة أيضا ً بشريك تسوي ٍ
ق عصبي.
ق عصبي
تساعدك اإلجابة عن هذه األسئلة في تحديد ما إذا كان يتوجب عليك البحث عن شريك تسوي ٍ
تصو ٍر عن التسويق العصبي وصقل توقعاتك عما تريد تعلمه عن مستهلكي منتجاتك ،أو
ّ يساعدك في تطوير
ما إذا كنت -وبكل بساطة -تحتاج إلى شريكٍ يساعدك في تطبيق مشروعٍ تتوافر فيه قيادة ذات تصور
واضح.
يختص بالتثقيف اإلضافي سؤاالً مهما ً .فقد رأينا الكثير من دراسات التسويق
ُّ يعتبر السؤا ُل الذي
ُ
العصبي قد انتهى بها المطاف لتكون مخ ِّيّبة آلمال ألن العمالء المستخدَمين لخدمات شركات التسويق العصبي
لم يكن لديهم خلفية جيدة عن مبادئه؛ لذا لم يكن لديهم عل ٌم فيما يجب توقُّعه .فإذا ربطتَ احتمالية سوء فهم
التسويق العصبي مع حتمية مقاومته ،فإنك سوف تحصل على احتمالية كبيرة في فشل دراستك.
تفيدك اإلجابة على هذه األسئلة في تحديد ما الذي يتوجب عليك فعله الحقا ً عند التقدم في مراحل
مشروعك ،كما وتساعدك في صقل أكبر لحاجاتك وفقا ً لشريك التسويق العصبي .وأما هنا فإليك تنويه آخر
يجب عليك أخذه بعين االعتبار وهو :إذا ما كنت غير متأك ٍد بكيفية إجابتك على السؤالين الثانيين ،فإن إجابتك
للسؤال األول ستكون "نعم".
373
والتصور والخطوات األولى .فإذا كان إحدى هذه المكونات مفقودا ً ،فإن عليك دعمها وسدُّها
ُّ المتعلقة بالعناء
قبل االنغماس في أول مشروعٍ يستخدم التسويق العصبي.
وإضافةً إلى ذلك ،وقبل أن تبدأ في تقييم شركاء التسويق العصبي المحتملين ،فإن عليك أن تطرح على
نفسك بعض األسئلة بشأن نطاق دعم شركتك المطلوب على المدى الطويل .فإن هذه المشاكل تتخطى
متطلباتك للمشروع التجريبي والمراد به أن يجعلك تفكر فيما إذا كان شريك التسويق العصبي يتدرج معك
بينما تتطور وتزداد حاجاتك مع مرور الوقت.
ما مقدار اختبار التسويق العصبي الذي تحتاجه إذا ما تم استخدامه في جميع حاجات التسويق
واإلعالن خاصتك.
ما المدى الذي تنتشر فيه دراستك ،وما هي النطاقات التي تحتاج إلى عمل شريك التسويق
ُّ
تحتك فيها تجارتك؟ العصبي أن يعمل فيها؟ وما هي اللغات والثقافات التي
من ُهم شركاء البحوث التسويقية الذين تعمل معهم اآلن؟ وهل يوفرون خدما ٍ
ت تخص التسويق
العصبي ،وهل يستطيعون دمج نتائج التسويق العصبي مع بيانات أخرى يوفرونها لك؟
ما يزال حقل التسويق العصبي صغيرا ً نسبياً ،وتختلف شركات التسويق العصبي من ناحية طاقتها
اإلنتاجية ومدى نطاق وصولها العالمي .فإن تقدير مدى الحجم الذي يمكن أن تصل إليه حاجاتك أوالً ،فإنك
ستكون مستعدا ً أكثر لتقييم مدى حجم دعم شركة التسويق العصبي الذي تحتاجه لهذه المتطلبات.
ومن الجدير بالذكر أن نمنح سؤال عالقات البحوث التسويقية الحالية الخاصة بك مالحظة
موجزة عليه .إن معظم أكبر مزودي خدمة البحوث إما أن يكونوا قد استثمروا في التسويق العصبي
ي إلكترونية .وهنا عليك أن تعرف ما هي
ق عصب ّ
بأنفسهم أو أسسوا عالقات عمل مع شركات تسوي ٍ
هذه العالقات وكيف يمكنك أن ترفع منها لمصلحتك.
374
نتائج تجارب التسويق العصبي وتدابيره هو مهمة كبيرة يتم دعمها بشك ٍل كبير وذلك إذا ما تستطيع االستفادة
من العالقات الموجودة أصالً بين شركات التسويق العصبي خاصتك وشركات البحوث التقليدية التي تعمل
معها.
ت لهذه األسئلة في متناول اليد ،عندها يكون لديك حسا ً جيدا ً بك ٍّل من الحاجات المباشرة
فعد توفر إجابا ٍ
(والتي تكون وفقا ً للجاهزية المؤسسية) والمتطلبات على المدى الطويل (وفقا ً للنطاق وإمكانية الوصول) التي
يجب على شريك التسويق العصبي الخاص بك أن يدعمها.
شركات التسويق العصبي اإللكترونية :وهي الشركات التي تختص في تنفيذ دراسات التسويق
العصبي ،وغالبا ً ما تتحمل مثل هذه الشركات المسؤولية عن التنفيذ الكامل للمشروع؛ من حيث
تصميم المشاريع وتوظيف المشاركين في الدراسات وجمع وتحليل البيانات وإعداد التقارير عن
النتائج .وهم يوظفون فرق التنفيذ خاصتهم والتي تختص في األغلب بإحدى التقنيات أو مجموعة
فرعية صغيرةٍ منه ،ويستخدمون منهاجياتهم ومعداتهم ومنشآتهم الخاصة لتنفيذ المشروع لك .كما
تميل شركات التسويق العصبي إلى أن تكون مختصة بتقنية معينة وداعية إليها في استخدامها
للطريقة المختارة في الدراسة.
مستشارو التسويق العصبي :وهم أفرادٌ أو شركات تعمل كمستشارين أو مفسرين أو وسطاء بينك
وبين شركات التسويق العصبي .فال يقوم المستشارون بإجراء بحث التسويق العصبي مباشرةً ،بل
هم يوفرون خدما ٍ
ت داعم ٍة متنوعة مثل التثقيف والتدريب ،وإعطاء النصائح فيما يخص اختيار
شركات التسويق العصبي واإلشراف على مشاريع التسويق العصبي ودمج وتفسير نتائج مشاريع
متعددة لشركات التسويق العصبي .وال يميل هؤالء االستشاريون إلى أن يختصوا في التقنيات؛
375
فهم أقل التزاما ً بتقنية واحدة فقط ولديهم نية أكبر للتفكير في أساليب مختلفة ومتنوعة في حل
مشاكل معينة في بحثك.
وتوفر شركات التسويق العصبي لك مجموعة متكاملة قائمة على تخميناتهم االحترافية للمطابقة بين
حاجاتك وإمكانيتها .إن ارتباط األفراد بعالقة عمل مع شركات التسويق العصبي يمتلك بداية ونهاي ٍة ثابتتين.
فعندما يتم االنتهاء من المشروع ،فإن ما يصلك منه غالبا ً ما يكون مستنداتٌ مكتوبةٌ تحتوي على تقارير لنتائج
تحليل البيانات والتفسيرات واالستنتاجات والتوصيات.
ويوفر مستشارو التسويق العصبي مجموعة متنوعة من الخدمات بنا ًء على التحديد المشترك لحاجاتك
البحثية .فقد تشركهم في مشروعٍ واح ٍد أو في خدمة تقديم نصائحٍ مستمر ٍة على المدى الطويل أو في إدارة
المشروع .ويمكنك أن تستعين بهم في مهما ٍ
ت قصيرة األمد مثل تقديم جلسات تثقيفية عن التسويق العصبي أو
المساعدة في تقييم شركات التسويق العصبي أو تقديم رأي ٍ آخر في نتائج الدراسة.
وأحيانا ً ولجعل األمور أكثر صعوبةً ،قد تمتلك شركة التسويق العصبي مستشارين خاصين بها في
طاقم موظفيها حيث تقدم خدمة االستشارية .كجزءٍ من خدماتنا .إن الشركات التي تكافح لتكون أكثر شريكٍ
ي ٍ استراتيجي ٍ غالبا ً ما تمتلك مجموعة من االستشاريين لتوفر الكثير من الخدمات التي قمنا بذكرها سابقا ً.
بحث ّ
كبير من النزاهة ،بل هم خبراء
قدر ٍوهؤالء المستشارون هم بالطبع يروجون لحلول شركتهم ،فهم ليسوا على ٍ
عموميون يمتلكون منظورا ٍ
ت أوسع والكثير من الخبرات التي يودون مشاركتها .وهناك شركات تسويق
ي ٍ بأقل الزخارف .ومن جه ٍة
عصبي أخرى هي مزودات لخدمات أكثر تعاملية وتركز على صنع منتجٍ معيار ّ
أخرى ،فبعض شركات التسويق العصبي يميلون إلى كونهم مثل شركة نوردستورم ( ،)Nordstromوأخرى
هي أكثر ميالً لتتشابه مع شركة كاستاكو (.)Costco
إذا ما كانت مؤسستك مبينة على أسس متينة في مفاهيم التسويق العصبي ومبادئه ،فإن
مستوى عدم الرضى من األساليب البحثية التقليدية سيكون عا ٍل وسيكون لديك فكرة واضحة
ومحددة بشأن ما تريد أن تحققه باستخدام التسويق العصبي ،فإن عليك إيجاد الشركة التي تمتلك
توجها ٍ
ت تكنولوجي ٍة تطابق وتفضيالتك ،ث َّم المضي معها في الدراسة.
376
إذا كانت مؤسستك ال تمتلك فهما ً جيدا ً لألسس العلمية الخاصة بالتسويق العصبي أو لنموذج
المستهلك البديهي أو للعوائد المحتملة للتسويق العصبي ،فإن عليك تضع في اعتبارك العمل مع
ق عصبي لتحسين جاهزية مؤسستك قبل المباشرة بأول دراس ٍة لك.
مستشار تسوي ٍ
وإذا كانت مؤسستك على مشارف البحوث التسويقية الحديثة وكنت تمتلك الميزانية والطموح
الستخدام البحث لفائدة تنافسيةٍ ،عندها يتوجب عليك أن تفكر في إدراج ك ٍّل من الشركات
ومستشاري التسويق العصبي في بحث عن قيادة مستمرة في تجارتك.
وإذا ما كنت سعيدا ً جدا ً بنتائج بحثك التسويقي الحالي وتوجيهه ،فال يتوجب عليك في الواقع أن
تستخدم التسويق العصبي حاليا ً على األقل.
وفي األقسام التالية في هذا الجزء ،سنلقي نظرة ً على هذه الخيارات بتفصي ٍل أكثر.
377
تميل شركات التسويق العصبي إلى أن تكون من أقوى المروجين لمنهجياتها واختصاصاتها
في تقنية معينة .وكما شددنا في الفصل ( )16و( ،)17فإن كل تقنية لديها من يؤيدها ويعارضها،
وإن عليك أن تجعل الشركة تركز على كيفية تحسين النتائج التجارية الخاصة بك بدالً من َّ
تتفوق
ق عصبي ما تختص بتقنية في المناقشات التقنية المجردة ال الملموسة .وتكمن الفائدة التنافسية لشركة تسوي ٍ
تخطيط كهربية الدماغ ( - )EEGمثالً -في أن تصبح وظيفتها القدرة على التوصل إلى نتائج متسقة وذات
جودة عالية وذات صلة تجارية في الوقت المناسب ،وليس فقط مناقشة حقيقةَ أن تقنية ( )EEGتوفر "حالً
ممتازا ً مؤقتا ً" وأن تقنية ( )fMRIال يمكنها ذلك.
متى ت ُ ِ
درج مستشار تسوق عصبي معين في قائمتك
ي
ق عصب ّ
لقرار بإدراج مستشار تسوي ٍ
ٍ إليك خمس مؤشرا ٍ
ت يمكنك أن تستدل فيها على كيفية اتخاذك
معين:
ٍ
الحكم على جاهزية مؤسستك بأنها تحتاج إلى تحسين قبل الشروع في مشروع تسوي ٍ
ق عصبي
تجريبي.
ّ أال يكون لديك خبرة سابقة بنوع الدراسة التي ستجريها ،وأن تحتاج إلى نصيح ِّة طرفٍ ثال ٍ
ث في
كيفية متابعتك لعملك بأفضل الطرق.
أن يكون لديك أسئلة عالقة لم يتم اإلجابة عنها تتعلق باألهداف أوالتفاصيل أو المضامين التجارية
للدراسة التي تفكر في المضي بها.
أن تجمع دراسةً أو برنامجا ً متعدد الدراسات مع بعضها والتي يمكن أن تتطلب دمج عدة تقنيات أو
ق عصبي مختلفة.
شركات تسوي ٍ
ّ أال يكون لديك عالقة راسخة مع أي شركة تسويق عصبي ،وأن تحتاج إلى نصيح ٍة في كيفية
اختيار الشركة الصحيحة لدعم حاجاتك.
378
ومما هو مه ٌم أكثر مما سبق أن تتفحص مؤهالت مستشار التسويق العصبي بعناية أكثر من شركة
شخص يرتدي ساعة رولكس وبذلةً فاخرة يمكنه االدّعاء بأنه
ٍ ي
التسويق العصبي ,ففي نهاية المطاف ،أ ُّ
ق عصبي أن يكون لديك خبرات في أربع
ق عصبي .فما تحتاجه في بحثك عن مستشار تسوي ٍ
مستشار تسوي ٍ
مجاالت وهي:
المنهجيات والتقنيات :هو الفهم السليم لإلحصائيات ولنطا ٍ
ق واسعٍ من منهجيات البحث التي
توفرها شركات التسويق العصبي.
شركات التسويق العصبي والمشاريع الصناعية والتجارية :وهي الخبرة الواسعة في قطاع
الصناعة والتجارة والمعرفة العميقة لنقاط القوة والضعف النسبية لشركات التسويق العصبي والتي
تُكتسب من خالل العمل معها أو لديها في عدة مشاريع.
علم الدماغ :وهي المعرفة الحديثة آلخر التطورات في علم الدماغ ،باإلضافة إلى وجهة نظر
المنهجيات الرائدة التي تمتلك أكبر إمكانية للتطبيق على قطاع التسويق.
التسويق :أي الفهم الراسخ لمشاكل التسويق وتحدياته ،لذا يستطيع مستشار التسويق العصبي أن
المسوقين وأن يترجم العلم والمشاكل التقنية إلى لغة تجارية بكفاءة.
ّ يخلق عالقة مع حاجات
ع واحدٌ من دراسات التسويق العصبي التي ينفذها مستشارو التسويق العصبي على نح ٍو منتظم
هناك نو ٌ
ي ٍ باستخدام مفاهيم التسويق العصبي ومنظوراته -وغالبا ً ما
ويسمى بالبحث المكتبي ،وهو تقيي ٌم لتح ٍّد تسويق ّ
تُسمى بأفضل الممارسات -المتوفرة في القطاع العام أو أن ينحدر من الخبرة الشخصية للمستشار .وأحيانا ً
تكون المنظورات التي يوفرها البحث المكتبي كافيةً لإلجابة عن السؤال الموجود دون الحاجة إلى جمع بيانا ٍ
ت
ق عصبي كاملة ،مما يوفر الوقت والجهد.
جديدةٍ في دراسة تسوي ٍ
379
ي واحدةٍ منها بكفاءة المختص بها؟ ففي هذا القسم سنسلط الضوء
أمور كثيرة ولكن قد ال تؤدى أ ُّ
ٍ كيفية أداء
على كل واحدةٍ من هذه التو ُّجهات.
أخصائيو التقنية
381
فكما هو مبين في الجدول ،1-21تترتب اختصاصيات التسويق العصبي في تسلس ٍل هرمي يدل على
مدى التعقيد .فتكون الخبرات العلمية المتعمقة – عموما ً -ضمن تركيز االختصاصيات ،فكلما كانت عملية
جمع البيانات في بيئة مقيدة ،تتطلب هذا األمر استعدادا ً أكبر (مثل وضع الحساسات األجهزة على المنطقة
المراد فحصها) وسيزداد الوقت الكلي للتجربة وستزداد التكلفة .وبالرغم من أن هذه العوامل تلعب دورا ً في
عملية اتخاذ القرار خاصتك ،إال أنها تحتاج إلى يتم تقييمها في ضوء األهداف التجارية التي تريد تحقيقها من
ب هنا هو إيجاد التوازن الصحيح بين المالئمة والتكلفة من جهة والقيمة التجارية من
دراستك .إن أفضل أسلو ٍ
جه ٍة أخرى.
مقارنة أخصائيي التقنية من ناحية التعقيد والوقت الكلي والتكلفة جدول 1-21
وقد شرحنا عن فكرة البرنامج البحثي الموحد في الفصل ( ،)18فهذا المفهوم يتضمن تطوير بيئة
اختبار متعددة المنهجيات وتطبيقها والتي تتشمل على المراحل الثالث جميعها لدورة المستهلك الخاصة
ٍ
بتجربة عالمتك التجارية ومنهجياتك والتي تتكون من ثالث مراحل من التفاعل والسلوك وهي:
التسويق :أي قياس تأثير رسائلك التسويقية على ردود فعل الناس تجاه العالمة التجارية والمنتج
واالرتباطات الذهنية التي تخصها.
التسوق
ُّ التسوق :قياس مدى تأثير االستجابات السلوكية للتسويق على سلوك المستهلك في بيئة
ُّ
عند البحث عن المنتجات واختيارها وشراؤها.
االستهالك :قياس كيفية استهالك المواد المشتراة كيفية تأثير االستهالك على المعتقدات
والسلوكيات والتوقعات عند المستهلكين التي تصبح عندئ ٍذ مدخال ٍ
ت على استجابات المستهلكين
للتسويق.
ي ٍ موح ٍد لتتبع استجابات المستهلكين في المراحل الثالثة هذه هو تح ٍد مه ٍ ّم في مجال
إن بناء برنامجٍ بحث ّ
يطور أخصائيو الحلول الموحدة خبرة ً أو أن يوسعوا في خبرتهم وذلك للمساعدة في
بحوث السوق .وإما أن ّ ِّ
التغلب على هذا التحدي .وكما ناقشنا في الفصل ( ،)18فإن الطريقة التي يُمكن فيها أن تُجمع مع بعضها في
ي ٍ موح ٍد في اتجاه أخصائيي الحلول الموحدة ،تتضمن ما يلي:
برنامجٍ بحث ّ
الدراسات التي تعتمد على المالحظة :وهي دراسات علم اإلنسان واألجناس البشرية التي تركز
على المستهلكين وعاداتهم الطبيعية.
الدراسات المخبرية :وتتضمن المقاييس الحيوية والعصبية وعمليات المحاكاة.
البحوث الشبكة اإللكترونية :وهي دراسات أزمنة االستجابة واختبار االختيار المنفصل ودراسات
االستجابة الضمنية القائمة على استخدام كاميرة الويب وتحليل محتوى وسائل التواصل
االجتماعي.
383
البحوث المجراة داخل المتاجر وعلى نقاط البيع :مثل تجارب سلوك الشراء والسلوكيات داخل
المتاجر واالختبارات المجراة على الالفتات وطريقة العرض في المتجر ودراسات طرق عرض
المنتجات على الرفوف ودراسات أنماط ازدحام المستهلكين في المتجر.
دراسات األداء وعائد االستثمار ( :)ROIإن تصميم نموذج السوق المزجي الذي يطابق اختبار
العينة عبر وسائل اإلعالم باستخدام بيانات مجموعات المستهلكين فإن بعض مجاالت االختبار
هذه تقع تحت التسويق العصبي بالتحديد.
إن بعض هذه الحلول الموحدة يقع تحت بحوث السوق التقليدية وبعضها اآلخر يتضمن مزيجا ً من
األساليب .ويمتلك الخبراء العموميون في الحلول الموحدةِّ معا ً اتساعا ً في منظورهم لرؤية مجاالت االختبار
ي ٍ أكبر وأوسع.
لعالم البحث ّ
جميعها كأجزاء مك ّملة ٍ
384
تصفية الخيارات
يٍ ،سواء أكان
إن أول مجموع ٍة من األسئلة هي تلك التي يجب عليك أن تطرحها على أي شريكٍ بحث ّ
شركةً بحثية تقليدية أو خاصة بالتسويق العصبي .وتساعدك هذه األسئلة في إقصاء الشركاء المحتملين الذين
ال يتوافقون والمتطلبات األساسية .وهناك أربعة أنواعٍ من األسئلة التي يجب أن تضعها في حسبانك وهي:
االستقرار المالي :فقد ال ترغب في أن تفترض وجود مخاطر ٍة في العمل مع شرك ٍة ال تمتلك أساسا ً
متقطعٍ ،أو أن تختفي في منتصف المشروع. ّ ماليا ً سليماً ،فمثل هذه الشركات قد تؤدي عملها بشك ٍل
أما من جه ٍة أخرى ،إذا ما كنت مستخدما ً سابقا ً لها وعلى استعدا ٍد بأن تضع هذه المخاطر في
الحسبان ،فإن هذه لن ترقى إلى مستوى مشكل ٍة بالنسبة لك.
ونحن نقترح مهمتين اجتهاديتين لتقييم مدى االستقرار المالي للشركة:
تحقق من المراجع التجارية للشركة .فستوفر الكثير من البنوك وأصحاب االئتمان مراجع
لكيفية دفع الشركات فواتيرها ،األمر الذي يجعلها ممثالً جيدا ً عن كيفية تولي هذه الشركات
ألمورها المالية بشك ٍل أعم.
اسأل عن الحاالت المالية :حيث يسهل معرفة هذه المعلومات بنفسك وذلك إذا ما تعاملت
مع شرك ٍة حكومية ،ولكن إذا ما كانت الشركة التي تتعامل معها من القطاع الخاص ،فقد
تحتاج إلى أن تسأل عن حساباتها المدققة وعن الحالة المالية الخاصة بها ،فالشركات ذات
ملخص عن حالتها المالية.
ٍ السمعة الحسنة ستقوم على األقل بعرض
الخبرة :وهنا عليك أن تسأل كل من الشركة وموظفيها الذين سيعملون معك عن أعما ٍل سابقة قاموا
بها و عن السنوات التي عملت فيها وعن خبرتها في مجال البحوث .أما بالنسبة ألخصائيي التقنية،
معين يشير إلى أهليتهم وكفاءتهم في مجال التقنية بما في ذلك خلفيا ٍ
ت عن علماء ٍ فاسأل عن دلي ٍل
وقادة الشركة الرئيسيين .احرص على معرفة الموظفين سيعملون معك وتأكد من خبرتهم ومستوى
اطالعهم ودرايتهم.
إن جودة األفراد الذين ستعمل معهم -وال أقصد مدى مصداقية وكفاءة الشركة ككل -
كبير في نجاح مشروعك.
تأثير ٌ
ٌ سيكون لها
الشهادات والوثائق :حيث أنك ستقصي الشركات التي ال تمتلك عضوية في
جمعيات المهنية ذات الصلة بعملها أو التي ليست مشتركة بقوانين أخالقية تجارية (مثل تلك التي
385
تمتلكها مؤسسة بحوث اإلعالن ] [ARFأو جمعية التجارة وعلم التسويق العصبي
].)[NMSBAفهذا وبك ِّّل بساطة إجرا ٌء احتراز ٌّ
ي وهو يشجع الشركات على المشاركة في عملية
التقنين المتنامية لتجارة التسويق العصبي.
القدرة :فعليك أن تؤسس نفسك مبكرا ً على معرفة ما إذا كانت شركةٌ ما تخطط لتنفيذ مشروعك
على نح ٍو مستقل أو إذا ما كانت تخطط الستخدام مقاولين ثانويين ألداء بعض األجزاء من
المشروع .وقد يكون هؤالء المقاولون مناسبين ألداء أجزاء التنفيذية في المشروع؛ مثل تعيين
المشاركين في الدراسة ،إال أن الشركة ستقوم باالستعانة بمصادر خارجية لألداء عناصر أساسية
في المشروع وقد يكون ذلك خطا ً أحمر .وعليك أيضا ً أن تسأل كل شريكٍ محتمل عن قدرته التي
تتوافق ونطاق متطلبات الدعم التي تم تحديدها من قِّبَل التقييم الذاتي لمؤسستك.
استخدم هذه األسئلة لتتخذ قرارا ً بشأن الشركاء المحتملين الذين ستحصرهم بقائمة صغيرة ،وعندما يتم
وضع قائمة محصورة بهم ،ج ِّ ّهز لجول ٍة ثاني ٍة من االستفسارات الختيار الشريك النهائي من مجموعة الشركاء
المؤهلين لذلك.
وكإضاف ٍة قائمة التحقق هذه التي تتعلق بتقييم شركاء التسويق العصبي المحتملين ،فإننا
ننصحك باستخدام التوجيهات التي توفرها جمعية تجارة بحوث السوق ( )ESOMARوهي
توجيهات تحت عنوان " 36سؤاالً للمساعدة في تفويض بحوث علم األعصاب" المتوفرة على
الموقع اإللكتروني التالي:
386
www.esomar.org/uploads/public/knowledgeand- standards/codes-and-
guidelines/ESOMAR_36-Questions-tohelp- commission-neuroscience-
research.pdf
أسلوب العمل
إنما تود تعلمه هنا هو عن مدى توافق أسلوب عمل الشريك المحتمل مع أسلوبك الخاص .فسواء أكنت
ٌ
تعاون كبير مع شريكك أم كنت تريد أن يكون لك شريك يؤدي العمل بنفسه فقط ،فعليك تريد أن يكون لديك
أن تعرف إذا ما كان هذا الشريك يعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها .وفيما يلي بعض األسئلة الرئيسية
لطرحها في هذا السياق وهي:
هل سيعمل مدراء الشركة معك؟ وإذا كانت اإلجابة "نعم" ،فمن سيعمل معك؟ وإذا كانت اإلجابة
"ال" ،فما نوع المشاركة التي سيعملون عليها؟
من في فريقك هو المسؤول األساسي على نجاح مشروعك؟ وكيف يمكنك الوصول إليهم ومتى؟
هل ستوفر خطة أداء مفصلة وهل ستجدول المشروع؟ ما مستوى التعاون الذي تحتاج إليه من
وم َّمن سيكون متى ولمن وإلى متى؟
فريقك ِّ
إذا ما كنتَ ال أفهم ما سأقوم به وكيف ،فكيف سأحصل على األجوبة المطلوبة؟
وال نعني هنا أنها خبرة األكثر عمومية والذي يعني أنه يجب تقييمها في الجولة األولى من األسئلة ،بل
في خبرةٍ محددةٍ في إجراء الشركة لدراسا ٍ
ت تشبه دراستك .وتحتاج إلى معرفة إذا ما كان الشريك المحتمل قد
أجراها عدة مرات سابقا ً أو أنه يتعلم عن أدائها في األساس .لذا قم بطرح األسئلة التالية:
387
ْ
أجرت لهم شركتكم دراسا ٍ
ت هل ستكون قادرا ً على الرجوع مباشرة أل ّ
ي ٍ من الزبائن الذين قد
مشابه ٍة لهذه الدراسة؟
االنفتاح العلمي
إنه كلما زاد تعقيد وتطور المنهجيات البحثية التي يستخدمها شريك التسويق العصبي خاصتك ،زاد
حجم المساعدة التي تحتاجها في فهم ما تفعله وكيف تفعله بدقة .إن لدى بعض الشركات انفتاحا ً كبيرا ً بشأن
األساليب التي تستخدمها ،بينما تفضل شركاتٌ أخرى أن تحافظ على سرية وغموض األساليب التي تمتلكها،
ي طريق ٍة سننتفع معك .إليك بعض األسئلة التي يمكنك أن تطرحها في هذا الموضوع:
لذا فعليك أن تحدد أ َّ
يُعد الحفاظ على السرية الخاصة بالمشاركين في دراستك أمرا ً مهما ً جدا ً وذلك للحرص على االلتزام
بالمبادئ البحثية التي تتعلق بأشخاص الذين تُجرى عليهم التجارب (انظر الفصل 22للمزيد من التفاصيل).
وإضافةً إلى ذلك ،عليك أن تتأكد من أن شريكك المحتمل سيفهم ويحترم متطلبات سرية البحث خاصتك .فيما
يلي بعض األسئلة التي يمكنك طرحها على هذا الشريك المحتمل:
هل تم التصديق على أساليبك في إجراء التجارب من ِّقبل هيئة المراجعة المؤسسة (أو المستقلة)
()IRBلكونها مناسبةً لتستخدم على األشخاص التي تُجرى عليهم التجربة؟
كيف ستحافظ على سرية المشاركين في مشروعي؟
388
كيف ستحافظ على سرية نتائج مشروعي؟
من هم العمالء الذين عملت معهم على مشاريع مشابهة وما مدى رضاهم عن النتائج؟ (وهذا سؤا ٌل
خادع ،حيث إنه إذا ما تحدثت الشركة بانفتاح عن العمالء اآلخرين أمامك ،فقد يتحدثون عنك
بانفتاحٍ لعمالءٍ آخرين).
389
الفصل الثاني والعشرون
سنلقي في هذا الفصل نظرة ً على بعض المواضيع المهمة التي تحوم حول التسويق العصبي؛ أي
القواعد ومبادئ التنفيذ األخالقية والمعايير والممارسات الخاصة بالشفافية والقبول باإلضافة إلى مضامين
السياسة العامة لالتجاهات التنفيذية المستقبلية للتسويق العصبي.
يُعدُّ التسويق العصبي حقالً فتيا ً بدأ بالنشوء مما نسميه حقبة "الغرب المتوحش" بمعنى أنه ما زال
مطور .ففي باكورة تلك األيام ،كان هناك الكثير من الدعاية والبساطة في عرض المنتجات من قبل
ّ بدائيا ً غير
ك ٍّل من أصحاب المهن ومدراء الشؤون التجارية المتحمسين األوائل .وهذا ليس غريبا ً لمثل هذا الحقل الجديد،
إال أنه قد خلّف ٍ
آثار لم ُ
تزل بعد .أما اآلن ،فإن هذا الحقل يتنامى وبدأ بتطوير الكثير من الزخارف والزيادات
الخاصة بمجتمع البحث القائم مثل "المسارات" المخصصة لمؤتمرات االتجاه البحثي العام ومجموعاته
390
التجارية الخاصة وتطوير المعايير والتوجيهات ومظهر البحوث التي يراجعها الطرفين واالنغماس البطيء
الثابت بمنهجيات التسويق العصبي في للعروض البحثية الخاصة لمزودي االتجاه البحثي العام الكبير.
ونبدأ هنا بتسليط الضوء على الممارسات األخالقية للتسويق العصبي في ثالثة مجاال ٍ
ت رئيسية وهي:
حماية المشاركين في تجارب البحوث وتقديم التسويق العصبي عبر وسائل اإلعالم وتوفير إثباتا ٍ
ت على صحة
إجراءاته للمشترين المحتملين .ثم سنبحث في سير عملية تطوير المعايير والتفويضات الخاصة بشركات
التسويق العصبي ،بعدها سنغطي بعض األسئلة القانونية التي تتعلق بقوانين استخدام التسويق العصبي.
وأخيراً ،سننهي هذا الفصل باستعراضنا لثالثة مجاالت للسياسة العامة حيث نعتقد بأن التسويق العصبي ٌ
قادر
ي ٍ في إعالنات الخدمات العامة وتصميم السياسة العامة وفي مجال التعليم.
دور إيجاب ّ
على لعب ٍ
وكان كاتبوا هذه المقالة قد اقترحوا مدونة أخالقية تمهيدية لمستخدمي التسويق العصبي والتي
سنلخصها في هذا القسم تحت ثالثة مواضيع رئيسية وهي :حماية حقوق المشاركين في البحث واستخدام
وسائل اإلعالم على نح ٍو مسؤول في ما يخص التسويق العصبي والصدق مع العمالء والزبائن.
391
حماية حقوق األشخاص الذين يُجرى عليهم البحث :حيث أن القانون في أغلب الدول يكلف بحماية
حقوق من تُجرى عليه األبحاث التي تشرف عليها الحكومة فقط .أما في الواليات المتحدة ،فتُحدد
سياسات مواضيع البحث الممولة فدراليا ً من قِّبَل قسم الخدمات الصحية واإلنسانية .وتتطلب هذه
السياسات من جميع البحوث التي تتضمن األشخاصا ً يُجرى عليهم البحث أن تكون مصدَّقة من هيئة
المراجعة المؤسسية (المستقلة) ( .)IRBوتتضمن السياسات التي يجب تصديقها (وإعادة تصديقها
سنويا ً) من هيئة ( )IRBما يلي:
بروتوكوالت واضحة للتعامل مع النتائج ال َع َرضية (الحاالت الطبية التي يتم اكتشافها في
الشخص الذي يُجرى عليه البحث كنتائج جانبية لعملية جمع البيانات.
فبالرغم من امتالك العلماء الذين يتم تمويلهم فدراليا ً والذين يعملون في الحقل األكاديمي
ولدى الحكومة أو في بيئ ٍة تجارية مسؤوليةً قانونية في الحصول على موافقة مبلَّغة ،وأنهم يحمون
خصوصية األشخاص الذين تجرى عليهم الدراسة ،إال أن هذه المتطلبات القانونية قد ال يتم تطبيقها
في شركات التسويق العصبي في القطاع الخاص والتي ال ِّ ّ
توظف طاقم موظفين مموالً فدرالياً ،وال
تشارك في البحوث الممولة من الجهة ذاتها .ففي مثل هذه الحاالت ،فنحن نعتقد بأن لدى شركات
التسويق العصبي التزاما ً أخالقيا ً في توفير مستويا ٍ
ت مماثلة من الحماية للمشاركين .إن أفضل طريق ٍة
للحصول على موافقة هيئة ( )IRBهذه لإلجراءات البحثية و سياسات حماية البيانات (ويمكن
تفويض الكثير من هيئات ( )IRBلتوفير المستوى المناسب من مراجعة الكيانات التجارية والبحوث
الربحية).
متطلبات هيئة ( )IRBمفصلة جداً ،ويمكن للمقاالت أن تنشر مئات الصفحات من وتُع ُّد
الوثائق التي تشرحها ،إال أن ذلك يجب أن يُعتبر تكلفة مدفوعة للعالقة مع شركات التسويق العصبي.
إن فشل شركة التسويق العصبي في أخذ موافقة من هيئة ( )IRBقد يكون إشارة ً على أنها قد ال تكون
جدّيةً بشأن التزامها بأعلى مستو ً
ى من معايير وأخالقيات البحث.
392
وتتضمن االعتبارات اإلضافية لحماية مواضيع الدراسة البشرية الحرص على أن منافسة
ت عالية لتكون نوعا ً من اإلكراه غير المباشر.
المشاركين ال تتسبب بحوافز مالية على مستويا ٍ
وكجزءٍ من الموفقة المبلّغة أيضاً ،يجب نًصح المشاركين وتذكيرهم بحقهم في االنسحاب من أ َّ
ي
ي ِّ سبب بما في ذلك عدم االرتياح البسيط من الدارسة .وبالرغم من أن معظم تقنيات
دارسة وأل ّ
التسويق العصبي ال تمتلك إال قدر بسيط من الخطورة ،إال أنه يجب ذكر هذه المخاطر بالتفصيل
للمشاركين قبل أن تُطلب الموافقة المبلَّغة.
حماية قطاعات مجتمع البحث الضعيفة من استغالل التسويق لها :يجب أن تتضمن سياسات حماية
مواضيع البحث البشرية أو يحتمل أن يكونوا من إحدى قطاعات مجتمع الدراسة الضعيفة .وإضافةً
إلى ذلك ،يجب على عمليات الدعاية واإلعالن المتأثرة بالتسويق العصبي التي تستهدف مجموعات
من المستهلكين المحميين أن تركز -وبشك ٍل إيجابي -على ما يخدم الحاجات الخاصة لمجتمع الدراسة
ى سواء أكان ذا طبيع ٍة مالية أو نفسية.
دون تهميش أو إهانة أو كل ما يتسبب بأذ ً
تتضمن مجتمعات الدراسة المحمية والضعيفة أشخاصا ً مثل األطفال والنساء الحوامل
بأمراض عقلي ٍة او جسدية .وهذا التوجيه يصعب
ٍ وأمهات األطفال الصغار والطالب والمصابين
تطبيقه؛ وذلك ألن التسويق العصبي ال يتحكم بعملية التسويق وهذه نقطةٌ قد شرحناها في الفصل (.)1
ى" أمرا ً سهالً كما يبدو ،ولهذه األسباب
باإلضاف ِّة إلى ذلك ،فقد ال يكون تحديد ما يتسبب في "أذ ً
ب أخرى ،فقد تبنت الكثير شركات التسويق العصبي سياسة رفض أي بح ٍ
ث يتضمن أن يُجرى وأسبا ٍ
معين ،أما السياسات التي
ٍ على األطفال ككل وذلك لتجنُّب أ ّ
ي احتمالية أو إدراكٍ لوجود استغال ٍل
تتضمن المجموعات األخرى الضعيفة فليست واضحة.
اإليضاح الكامل الألهداف والفوائد والمخاطر :يمكن تحقيق هذا اإليضاح من خالل نشر مبادئ شركة
التسويق العصبي األخالقية وفقا ً لمدى حفظها لخصوصية مواضيع البحث البشرية والمستهلكين
وحقوقهم.
393
العصبي التي يشترك فيها أعضاء هذه الجمعيات حيث تشابه تلك المبادئ األخالقية التي تناقش أشكاالً أخرى
من البحوث .ومن بين هذه الجهود هناك ثالثة مبادئ عامة من الجدير ذكرها باالسم وهي:
394
علم بأن هذه االدعاءات مبال ٌغ فيها جداً ،وفي المجموعة الثانية،
المجموعة األولى ،إلى أن األكاديميين على ٍ
إلى أن دعاة حماية المستهلك يخشون من أن تكون هذه االدعاءات صحيحة.
تدرس التفسيرات المبالغ فيها للنتائج عملية تصوير نشاط األعصاب باستخدام تقنية الرنين
ساخر-
ٍ المغناطيسي الوظيفي ( )fMRIمنطقة معينة في الدماغ؛ وذلك ألن بحوث (التي تًصنّفُت -وعلى نح ٍو
يٍ) قد أظهرت بأنه تفسيرات علم األعصاب تصاحب الصور ذات الترميزات الملونة
ق عصب ّ
كبحث تسوي ٍ
الخاصة بعمليات مسح الدماغ ،وذلك حتى ولو كانت الصور غير متصلة بالتفسيرات ،فإن المجتمع العام
يجدها أكثر إقناعا ً من الوقت الذي تكون فيه الصور غير موجودة.
يُعدُّ علم ألعصاب األكاديمي مهما ً على وجه التحديد في بحوث تقنية ( )fMRIفي التسويق
والدعاية واإلعالن التي تدعي أنها تحدد "النقاط الحساسة" في الدماغ حيث يحدث النشاط الدماغي
خالل العديد من المهام أو الحاالت الذهنية .وقد وصلت هذه المسألة إلى أوجها في عام 2007حين
نظر معينة في جريدة نيويورك تايمز األمريكية ( The New York
ظهرت مقالة تعبر عن وجهة ٍ
)Timesوالتي قدمت فيها مزاعم في تحديد مواقف الناس تجاه المرشحين السياسيين بنا ًء على عمليات مسحٍ
بارز على هذه
ٍ ب
للدماغ باستخدام تقنية ( .)fMRIوقد أجابت المجموعة (أ) المكونة من 17عا ِّلم أعصا ٍ
المقالة برسالة أرسلوها إلى محرر الصحيفة ،يعترضون فيها وبشدة على النتائج المذكورة ،مفسرين ذلك
أمر كتعقيد المواقف السياسية بشك ٍل قاطعٍ من خالل
االعتراض بأنه وببساطة من غير الممكن أن تحكم على ٍ
مالحظة النشاط في منطقة دماغية معينة.
وقد اقترح ميرفي وإليز ورينير التوجيهات التالية للمناقشة كيفية تقديم التسويق العصبي في وسائل
اإلعالم والتسويق للناس وهي كاآلتي:
العرض في وسائل اإلعالم والتسويق الصحيح للتسويق العصبي :تتحمل شركات التسويق
العصبي عبء صحة عرض خدماتها على وسائل اإلعالم وفي المواد التسويقية .وعليها -
على األقل -أن تبيِّّن منهجيات ومقاييس الصحة العلمية الخاصة بها في كل عروض ووسائل
اإلعالم مثل تقارير األخبار وجلسات طرح وجهات النظر واالفتتاحيات.
فهم يعتقدون -ونحن نتفق معهم -أن االلتزام بقانون عملية نقل المعلومات المسؤولة والحقيقة الكامنة
في الدعاية واإلعالن ضروري لتعزيز اإلدراك العام اإليجابي واليقيني لبحوث علم الدماغ ،باإلضافة إلى
لتطوير إضافي في فاعلية تقنيات التسويق العصبي.
ٍ الترويج
395
ونحن نؤمن بأن لدى مستخدمي التسويق العصبي التزا ٌم بالحفاظ على الشفافية العلمية في
وسائل اإلعالم والتواصالت التسويقية التي تتعدى ما يتطلبه مزودو بحوث السوق التقليديين؛ وذلك
ألن أساليبهم ومنهجياتهم جديدة ومختلفة وأن الكثير من المبادئ العلمية الكامنة في أساليبهم ليست
حدسية .وهذا كان بالفعل تفسيرا ً للعلم القابع وراء التسويق العصبي والذي يمكن الوصول إليه من قبل
أخصائيي التسويق والمجتمع العام.
الصحة الداخلية والخارجية :حيث يجب على ضوابط الصحة الداخلية أن تكون قائمة على
قاعدة بيانات شاملة ووافية على األقل؛ لتوفير نتائج منطقية وفعّالة لمستهلكي التسويق العصبي .إن
ضمان الصحة الخارجية الثابتة يتطلب من التسويق العصبي أن ينظم منتجات ومقاييس لزبائن
التسويق العصبي مع اللتقنيات الصعبة والمعرفة واسعة بالتسويق العصبي ،فالمحافظة على سالمة
أمر مطلوبٌ جداً.
وكفاءة اإلثباتات في بحوث وتطوير ونشر التسويق العصبي هي ٌ
إن توفُّر قاعدة بيانات معيارية (وهي مجموعة من النتاجات التي تقارن مقاييس شركة التسويق
متعلق جدا ً بمسألة تأسيس الصحة
ٌ أمر
العصبي مع مستوى األداء الفعلي للسوق؛ انظر الفصل )19هو ٌ
وتوصيلها .إال أن مثل قاعدة البيانات هذه قد تتطلب سنوا ٍ
ت من البناء ،مما يجعل األمر ال يستحق العناء.
تمتلك شركات البحوث التقليدية أفضلية كبيرة هنا؛ وذلك ألن الكثير منها يمتلك قاعدة بيانا ٍ
ت معياري ٍة تحتوي
ت قد تعود إلى عقو ٍد مضت .ولم تنشر أيّة شرك ٍة مختص ٍة بالتسويق
على أسئلة الدراسات المسحية وإجابا ٍ
نظير لها بنا ًء على بيانا ٍ
ت معيارية ،وذلك بالرغم من ٍ العصبي إثباتا ً عن مقاييسها التي قد تم مراجعته من قِّب ِّل
396
أن العديد من الشركات قد ادعت بأنها كانت تعمل على هذه المسألة .فكيف يمكن لشركات التسويق العصبي
في الوقت الحالي أن توفر دليالً على صحة ودقة مقاييسها؟
يمكن لشركات التسويق العصبي أن تظهر التزامها في مواكبة التقنيات والمعرفة المتبدّلة من خالل
العمل كقنوا ٍ
ت بين علم الدماغ والمجتمع التسويقي .فمن خالل تحديد التطورات التكنولوجية
المسوقين وتفسيرها ،فإنها توفر معا ً دليالً على االنغماس المستمر
ّ ِّ والنتاجات العلمية في العالقة مع
في العلم الواقعي وفي التزامهم بجعل ذلك العلم يسيرا ً لقاعدة عمالئهم المس ِّوقين و الدعائيين.
يمكن لشركات التسويق العصبي أن تبذل جهدا ً أكبر في ربط منهجياتهم مع البنية المتنامية
للنتاجات والتي تظهر اآلن في مجال البحث األكاديمي مصادقةً على الكثير من االفتراضات
الجوهرية التي تكمن في التسويق العصبي .إليك أربعة أمثلة حديثة تختص بهذا الشأن:
ففي سلسلة من المقاالت التي نُشرت بين عامي 2008و ،2011تمكنت مجموعة من علماء
األعصاب اإليطاليين بقيادة الورا أستولفي ( )Laura Astolfiوجيوفاني فيكياتو
( )Giovanni Vecchiatoمن تنبؤ عملية تنشيط ذاكرة وتفضي ٍل لإلعالن القائم على
الجمع بين أنماط موجا ٍ
ت دماغية معينة باستخدام تقنية تخطيط كهربية الدماغ ()EEG
والنشاط الكهربي في الجلد ومعدل نبض القلب.
وفي عام ،2012أظهر الباحثون الفنلنديون وهم نيكالس رافاجا ()Niklas Ravaja
وزمال ٌء له بأنه يمكن تنبؤ بقرارات الشراء المتعلقة بالعالمة التجارية وذلك من خالل نتائج
عمليات المسح باستخدام تقنية ( )EEGوالتي تُظهر عدم التناسق في بين النصف األيمن
واأليسر للفصوص األمامية للدماغ ،مثبتةً مقياس الدافع العاطفي الذي يستخدمه الكثير من
مستخدمي التسويق العصبي المختصون بتقنية (.)EEG
وفي دراس ٍة أخرى نُشرت في عام ،2012استخدم عال َمي األعصاب غريغوري بيرنز
( )Gregory Bernsوسارا موور ( )Sara Mooreتقنية ( )fMRIللتنبؤ بمدى شعبية
األغاني ،ففي تجربتهما ،يستمع المراهقون إلى سلسلة من األغاني لمغنيين المعروفين نسبيا ً
بينما تتم عملية مسح أدمغتهم لتسجيل النشاط الدماغي لديهم .وبعد ثالث سنوات من هذه
397
التجربة ،ربط الباحثون نتائج المسح بمدى شعبية هذه االغاني التي تم قياسها من خالل حجم
مبيعات هذه األغاني خالل السنوات الثالث المتخللة بين الفترتين ،وقد وجدوا أن المبيعات
مرتبطة مع النشاط في مراكز الحس بالمكافأة في أدمغة المجموعة الصغيرة التي أ ُ ِّ
جري
عليها البحث ،بينما لم تكن تفضيالت األغاني المعبر عنها متن ِّبّئة للمبيعات الفعلية.
وفي مقالتين نُشرتا في عامي 2011و ،2012أعد ك ٌّل من إيملي فولكس ()Emily Falk
وماثيو ليبرمان ( )Matthew Liebermanوزمال ٌء لهما حمالت دعائية لوقف التدخين
ْ
شرت لهم ،أن استجاباتمستخدمين في ذلك تقنية ( .)fMRIففي الدراسة األولى التي نُ
الشخص الدماغية لإلعالن كانت متنبئا ٍ
ت لوقف التدخين لديهم وذلك أفضل من اآلراء
الواضحة عن مدى إقناع اإلعالن لهم .أما في الدراسة الثانية ،قام المدخنون والخبراء
ت لثالثة حمالت دعائية ضد التدخين بينما كانت تُجرى عملية المسح عليهم،
بمشاهدة إعالنا ٍ
تأثير إقناعي على المدخنين .وعندما تم
ٍ ث َّم قاموا بتقييم هذه الحمالت وفقا ً الحتمالية وجود
عرض الحمالت الدعائية في السوق الواقعي ،فقد تم تقييم مدى فاعليتهم عن طريق مقارنة
رقم مجاني .ففي جميع الحاالت تنبأ النشاط الدماغي بالنجاح
تقييماتهم عبر مكالمة على ٍ
النسبي للحمالت بشك ٍل أفضل من آراء ك ٍّل من المدخنين والخبراء ،مظهرة ً أن االستجابات
كبير من مجتمعات
ٍ ق
العصبية لمجموعة صغيرة من األفراد يمكن أن تتنبأ بسلوك نطا ٍ
البحث ،كما أنها تتنبأ بشك ٍل أفضل من األحكام ال ُمعبر عنها وحتى أحكام هؤالء الخبراء في
هذا المجال.
ومن أجل أن تتمتع شركات التسويق العصبي بالفاعلية "المتوهجة" في هذه الدراسات
أساس منتظم) ،فما تحتاج إليه هذه الشركات هي أن تشارك الطريقة التي
ٍ (وأخرى بدأت تظهر على
تستخدم فيها األساليب ذاتها أو المشابهة لها بشك ٍل كبير.
ولكن ولسوء الحظ ،فهذا يخلق مشكلةً لبعض الشركات التي تُصر على عرض منهجياتها
ق أسود" يضم أساليبها التي تتفوق في أدائها على المنهجيات الموضّحة وبكل شفافية في
في "صندو ٍ
ق بحثي ٍة يراجعها شركاتٌ نظيرةٌ .وفي غياب البيانات المعيارية القنعة ،فإن هذا يصادق على
أورا ٍ
هذا االفتراض ،مما يجعل هذه الشركات تقع في ورطة .لذا فإننا ننصح بأن يتعامل مشترو خدمات
التسويق العصبي مع الشركات المتكتمة على منهجياتها ببعض من الحذر والريبة .ويتطور
398
التسويق العصبي ليصبح حقالً يرفع من علم الدماغ الثابت ليكون أساسا ً له .تبهت ادعاءات بعض
شركات التسويق العصبي بأدائها المتفوق مع إبقاء األساليب التي تمتلكها سرا ً بكون هذا ذوا
أفضلية تنافسية .ويتطلب األمر شفافيةً أكبر ليقوم التسويق العصبي بتبني معايير ذات معنى.
ففي بداية أيام نشوء التسويق العصبي كما ذكرنا سابقاً ،فقد تخلل ٌّ
جو من ال ِّقدم في هذا الحقل الحديث.
كانت المقاالت الصحفية بعناوين مثل " البحث عن زر الشراء في الدماغ" و"اإلقناع الخفي أم العلم التافه؟" و
"هل اإلعالن التجاري هو النجاح؟ ستخبرنا الموجات الدماغية بذلك كلّه" شائعة في تلك األيام ،فقد كان
التواقين المتحدثون باسم التسويق العصبي سعيدين بتوفير تسجيال ٍ
ت صوتية تحريضي ٍة ال أساس لها للمراسلين ّ
لهذه المواضيع .وقد كانت المجموعات المناصرة للمجتمع غاضبةً جدا ً بشأن هذا التهديد الجديد الظاهر
الستقاللية المستهلك وإرادته الذاتية.
هناك عدد قليل من الشركات المشترية والتي تمتلك ميزانية تقديرية كانت تنوي تجربة هذه التقنية
الجديدة ،فهؤالء المستخدمين األوائل كانوا نوعا ً من القائدين في أ ّ
ي ِّ حقل ،والذين سيقومون بتجربة أشياءٍ
مصدر جدي ٍد يعطيهم أفضلية تنافسية ،ولكنهم يدركون تماما ً أن معظم هذه التجارب تبوء
ٍ جديدة على أمل إيجاد
تناقض حاد ،حيث يتبعون االتجاه السائد في يميل المشترين إلى تجنب
ٍ بالفشل .إن هؤالء المشترون يقفون في
التقنيات الجديدة حتى يتم إثباتها واستخدامها من قِّبل معظم نظرائهم.
399
مغالى فيها ،فهم
ً ت جامحةً
لم يتفاجئ المستخدمون األوائل للتقنيات الحديثة بسماعهم ادعاءا ٍ
يتوقعونها؛ ألنهم يعلمون بأن الشركات الجديدة تتنافس في اكتساب انتباههم وسيقولون أي شيءٍ يلفت االنتباه
إليهم .لذلك فهم يتناسون هذه االدعاءات ويشترونها بأيّة حال ،ألنهم ينوون تجربة وفهم هذه التقنية الجديدة .إال
أن االدعاءات المبالغ فيها ال تنفع مع المشترين الذين يتبعون االتجاه السائد بتحكمهم في أغلبية الميزانية في
ي تجارة ،فهؤالء المشترون ال يريدون التجربة ،بل يريدون استخدام حلول مثبتة في تنفع إجراءاتهم أ َّ
بمعنى آخر ،فهم يريدون حلوالً معيارية وقابلة للتنبؤ.
ً وممارساتهم الموجودة أصالً .أي
ويمكن للمعيار أن يكون معيارا ً لألداء مثل معيار فاعلية استهالك الوقود والذي ينص على أن
السيارات الجديدة في الواليات المتحدة يجب أن تحقق مسافة معدلها 87.7كيلو متر في الغالون الواحد بحلول
عام .2025
يكمن الشرط األساسي للمعايير التجارية في دعم بنية المعايير التجارية .ففي التجارة اإللكترونية،
تقوم شركةٌ تسمى مختبرات التأمين ( )ULباختبار المعدات اإللكترونية ،لذا تتم معايرة المصابيح الكهربائية
على أنها "مصدقة من قِّبل ) )ULعندما توافق معاير هذه الشركة.
تطور مدونا ٍ
ت أخالقي ٍة ومعايير يتوجب إن معظم المشاريع التجارية قائمة على معايير تجارية والتي ّ
على أعضائها االلتزام بها حيث يكون ذلك جزءا ً من تمثيل هذه المعايير للقطاع التجاري ككل .فكتجارة
استطالع الرأي – فمثالً -التي تمتلكها الجمعية األمريكية لبحوث الرأي العام ( American Association
)for Public Opinion Researchوتجارة بحوث السوق الخاصة جمعية بحوث السوق ( Marketing
)Research Associationوتجارة الدعاية واإلعالن التي تمتلكها منظمة بحوث الدعاية واإلعالن
( .)Advertising Research Foundationوقد أُسست في عام 2012أول جمعي ٍة تجاري ٍة مخصصة
400
للتسويق العصبي بالتحديد وهي جمعية تجارة وعلم التسويق العصبي ( & Neuromarketing Science
.)Business Association
أُط ِّلقت أول جهو ٍد معياري ٍة رائدة ومو َّجهة نحو التسويق العصبي في عام 2010من قِّبل منظمة
بحوث الدعاية واإلعالن ( .)ARFوقد قامت ك ُّل واحدةٍ من تسع شركا ٍ
ت للتسويق العصبي تستخدم تقنيا ٍ
ت
مختلفة -مثل تقنية ( )fMRIوالمقاييس الحيوية وتقنية فك تشفير تعابير الوجه وتقنية تخطيط مغناطسية
عرضت النتائج العضالت ( - )EMGبتحليل إعالنا ٍ
ت تلفزيونية وفرتها 12شرك ٍة راعي ٍة لهذه اإلعالنات .و ُ
على مجموعة من خبراء العلوم والتسويق الذين ألقوا نظرة على اتساقات هذه النتاج حيث يمكن تحديد
المنهجيات. على تطبيقها أو المعايير
حدد الخبراء عدة قطاعات اعتقدوا بأنه يمكن تطبيق المعايير فيها؛ أولها ،وفقا ً لمدى مالئمتها لألساليب
ت مختلفة لإلعالن .وثانيها ،وفقا ً لمدى وضوح التواصل بخصوص جوانب
المختلفة في قياس استجابا ٍ
ق عصبي وباستخدام أيّة منهجيةَّ .
إن المعايير الموصى بها لقياس التصميم والتنفيذ المتعددة ألي دراس ِّة تسوي ٍ
المتغيرات المختلفة الستجابات لإلعالن تتضمن ما يأتي:
إدراك وفهم الرسائل التسويقية :تقيُّم الطرق التقليدية اإلدراك الواعي بشك ٍل جيد ،أما علم األعصاب
فهو يقيس إمكانية تطبيق هذه الطرق التقليدية عن طريق تحديد مواقع اإلشكالية في الرواية أو
الرسالة التسويقية.
النية في الشراء :يمكن للمقاييس التقليدية أن تكون كافية وذلك إذا ما كانت معدّة ومثبَتة على نح ٍو
جيدٍ .وقد توفر تقنية ( )fMRIمقاييس تكميلية لالستجابات العاطفية.
مقياس
ٍ تركيز االنتباه البصري :وتظهر تقنية تتبع العين بأنها أفضل
الذاكرة :وتنفع الطرق التقليدية في قياس عملية االستذكار الواعي ،بينما تستطيع طرقة علم
األعصاب أن تقيم ذكرى الضمنية طويلة األمد كما وتوفر تفاصي َل عن ذلك مثل اللحظات التي لم
تعالج فيها هذه الذكرى على نح ٍو بيِّّ ٍن.
اإلثارة العاطفية وقوة االستجابات العاطفية :حيث أن المقاييس الحيوية والمنهجيات العصبية تمتلك
بشك ٍل عام أفضليةً هنا على الطريقة والمنهجيات التقليدية.
401
االتجاه العاطفية (التفضيل أو عدمه) :فقد تكون المنهجيات العصبية وعملية فك تشفير إيماءات
صةً لتقييم "فترات عرض العالمة التجارية" ،ولكن مع
الوجه هنا أكثر دقةً من الطرق التقليدية وخا ًّ ّ
ذكر محدودية هذه المنهجيات.
االندماج واألهمية الشخصية واالندماج العاطفي :فيجب هنا أن تُحدد المفاهيم بطريق ٍة أوضح ،فحين
تكون المنهجيات الخاصة بعلم األعصاب قد ُحددت على النحو المناسب ،عندها يحتمل أن يكون لها
األفضلية على المنهجيات التقليدية.
الرغبة المجتمعية :حيث تتجنب منهجيات علم األعصاب بشك ٍل عام االنحرافات اإلدراكية مثل
الرغبة المجتمعية التي تعتبر صبة التقييم في الطرق التقليدية.
وقد اتفق الخبراء على أن دراسات التسويق العصبي ستستفيد من عملية المعايرة والتقييس في العديد
من المجاالت وفقا ً لتصميم وتنفيذ البحث ،وهذه المجالت هي كاآلتي:
تفسير حجم العينة وتشكيلها ،ووجود معايير توظيفٍ لمواضيع البحث البشرية فيها.
الفصل وبكل وضوح بين نتاجات عمليات تفسير البيانات في تقارير عن النتائج البحث.
توفر معايير التسويق العصبي هذه بدايةً ممتازة ،فقد ساهمنا في وضع بعض األفكار في
معايير المماثلة
ٍ مجموعة من معايير التصميم والتنفيذ في الفصلين ( )19و( .)20فقد يتم تناول جهود
والتسوق
ُّ لتطبيقها في مجاال ٍ
ت أخرى مثل التأسيس لعالمة تجارية وتصميم المنتج وتصميم األغلفة
402
والتجربة اإللكترونية والترفيه؛ وذلك ألن يمكن تطبيق توصيات منظمة بحوث اإلعالن ( )ARFوبالتحديد
على اختبار عملية الدعاية وإلعالن .ويكن لهذه الجهود أن تتزعمها مؤسسات في كل هذه المجالت التطبيقية
ق عصبي مخصصة مثل جمعية ).(NMSBA
أو أن يتم شراؤها تحت مؤسسة تسوي ٍ
إن إحدى المواضيع التي لم تتطرق إليها تجارة التسويق العصبي بعد (حتى النصف عام )2013هو
تفويض الشركات (وهي عملية التصديق على مؤسس ٍة ما بأنها مؤسسة مؤهلة للعمل في مجا ٍل معين) .إن
المؤسسات التجارية الناضجة غالبا ً ما تشترك في عضوية للمطابقة المعايير التفويض .ويعزز التفويض من
مؤشر على الكفاءة والذي يسمح للمشترين بأن
ٍ صورة تجارةٍ ما إلزالة المنافسين غير المؤهلين وتوفير
يربطوا هذه التجارة بموثوقي ٍة وإمكانية اكبر على تنبؤها .وقد ال يكون التسويق العصبي جاهزا ً للتفويض في
الوقت الحالي ،ولكن في الوقت الذي تُصبح فيه المعايير أكثر رسوخا ً وثابتاً ،فقد يكون ذلك وظيفة قد تفكر
جمعية ( )NMSBAفي تبنيها.
403
هل يجب حظر التسويق العصبي؟
قد يبدو هذا السؤال عنيفا ً بعض الشيء ،حتى تعرف أنه -في الواقع -قد تم حظر استخدام التسويق
العصبي في فرنسا ،حيث أنه في عام ،2011حظر البرلمان الفرنسي جميع استخدامات تقنيات التصوير
العصبي لغير غايات البحث الطبي أو العلمي أو حاالت اإلدالء بشهادة في القضايا المعروضة على المحاكم،
حيث كان األثر الكامل لهذا الحظر هو لجعل التسويق العصبي غير قانوني في فرنسا.
ب وكما أنه ساب ٌق ألوانه .فسبب ومن وجهة نظرنا ،إن مثل هذا النشاط التشريعي هو نشت ٌ
ط غير مناس ٍ
سابق ألوانه هو ألنه يتضمن تسرعا ً في إطالق الحكم المناسب قبل األخذ بكل
ٌ كون هذا النشاط التشريعي
األدلة ذات الصلة بالموضوع .فإذا تم حضر كل تقني ٍة جديدةٍ بسبب تصريحا ٍ
ت طائشة للدعاة األوائل لهذه
التقنية ،فإن الكثير من األفكار التقنية اإلبداعية ستتوقف في سيرها .يدرك أول المستخدمين للتقنية الجديدة
الميل نحو المبالغة في الحقول التقنية الجديدة ،فهم يستثمرون في التقنية الجديدة بالرغم من المزاعم
تأثير من تلك االدعاءات ،وهم -وكل تأكيد -ال يحتاجون إلى
ٍ واالدعاءات التي تحوم حولها وليس بسبب
مشرعين حكوميين يشككون في كيفية تطور التقنيات بمرور الوقت.
ِّ ّ
واألهم من ذلك كله ،إن مثل ردّ الفعل التشريعي هذا غير مناس ٍ
ب؛ ألنه يستبدل عملية صنع
القرار التجاري إلى عملية صنع القرار التشريعي .فإن مشترين هم من يحددوا ما يصدقونه وذلك
ت غير مالئمة ،فلنبنا ًء على األداء وليس النوع .فإذا أطلق مستخدمي التسويق العصبي ادعاءا ٍ
تستغرق الساحة التجارية طويالً حتى تكتشف سوء ادعاءاتهم وتنقل بحوثها إلى حق ٍل آخر .ومثال
ذلك أن الكثير من الشركات واألفراد الذين كانوا على عالقة مع "الدعاية للتقنيات العصبي" في بدايات
التسويق العصبي لم يعودوا نشطين في هذا الحقل اآلن.
404
موازنة المسائلة القانونية وحرية التعبير في ساحة السوق
مثير لالهتمام أثاره التسويق العصبي في األوساط القانونية هو ما إذا كانت الرسائل
إن أكثر سؤا ٍل ٍ
واإلشارات التي نتلقاها عبر وسائل اإلعالم في العقل الالواعي تتضمن "الكالم" الذي يجب أن يندرج تحت
حماية قوانين حرية التعبير(ففي الواليات المتحدة ،تندرج هذه القوانين صالحية التعديل األول للدستور
األمريكي) أو إذا ما كانت عرضةً لفصلها عن هذه القوانين لتندرج تحت قوانين أكثر تقييداً .وتكمن الفكرة
صا ً من
ال ُمتضمنة في أن التأثيرات الالواعية في المستهلكين (مثل االستحضار الذهني) تتضمن نوعا ً خا ّ
الضغط واإلجبار الذي يضعف من استقاللية اتخاذ القرار عند األفراد من خالل تعريضهم إلى تأثيرات على
اختياراتهم وأفعالهم التي ال يدركونها وبالتالي ال يمكنهم التحكم بها.
وبالنظر إلى أن االستجابة الالواعية للتأثيرات الالواعية هو ما تقضي فيه أدمغتنا معظم الوقت للقيام
به ،فيبدو أن تسمية ذلك "بالقسر" معضلة .فكيف لنا أن نفصل بين التأثيرات القسرية وغير القسرية؟ وهنا
نستخدم اإلشارات الالواعية عند تمتعانا بالفن وحكمنا على الناس واختيارنا للمشروبات الخفيفة .فتساعدنا
حيان أخرى تضللنا .وقد تساعدنا العمليات الذهنية التأثيرات الالواعية أحيانا ً في اتخاذ قرارا ٍ
ت أفضل ،وفي أ ٍ
الالواعية على مقاومة التأثيرات الالواعية على شكل أهداف التصحيح اإلقناعية ( انظر الفصل .)8وعلى
ب مع عقولنا الواعية ،وأنها تحاول باستمرار
النقيض من فكرة القسر ،فإن عقولنا الالواعية ليست في حر ٍ
بأفكار سيئة وإغراءات ال يمكن مقاومتها .فإن هذين النظامين يعمالن معا ً دائماً ،وهما يبرعان
ٍ تقويضها
عموما ً في إبقاءنا آمنين وراضينفي نفس الوقت.
إن الحقيقة التي ال مهرب منها هنا أننا نستوعب الرسائل واإلشارات األخرى القادمة من بيئتنا من
405
ت ذهنية واعي ٍة والالواعية .وهذا بتأكيد يخلق تحديا ٍ
ت مثيرةٍ لالهتمام لتعريف مفهوم "الكالم" في خالل قنوا ٍ
السياق القانوني ،إال أنه ال يمنح الحكومات الحرية في بدء تصنيف بعض الرسائل واإلشارات على أنها قسرية
وأن غيرها العكس.
406
وكما ناقشنا في الفصل ( ،)11يمكن إلحدى أشكال عملية إعالن الخدمات العامة -أي االستجابة
المباشرة التي تتطلب فعالً فوريا ً مثل المساهمة في مؤسسة خيرية -أن يتم تقيمها وفقا ً للمسار المباشر لفعالية
الدعاية واإلعالن .وفهو يحتاج إلى أن يلفت االنتباه وأن يولد االهتمام وأن يوصل رسالة مقنعة وجذابة ث َّم
لتحفز فعالً مباشراً.
وتُعدُّ االستجابة العاطفية عنصرا ً مه ّما جدا ً لمثل هذه اإلعالنات ،ويمكن لمقاييس التسويق العصبي
المباشر للعواطف أن تساعد في التغلب على االنحراف الشديد الذي تتسبب به الرغبة المجتمعية التي غالبا ً ما
تشوه من اإلبالغ الذاتي عن المسببات والسلوكيات المؤثرة.
وقد تكون العواطف أكثر أهميةً لإلعالنات الخدمات العامة التي يُرادُ منها تغيير سلوكٍ ذا مد ً
ى أطول:
مثل الترويج لوقف التدخين وحمالت تحصين المناعة وللفحوصات الطبية وهل َّم جراً .وهنا نالحظ بعض
االختالف المثير لالهتمام في إعالنات الخدمات العامة عن اإلعالنات التجارية .فعلى النقيض من اإلعالنات
التقليدية التي تثير الجانب اإليجابي فقط من السلسلة العاطفية ،تميل إعالنات ( )PSAإلى استخدام نطاق
أوسع من العواطف في التواصل مع المشاهدين .وهنا يُقدم التسويق العصبي إسهامات مفيدة -نظريا ً وعمليا ً -
فهم أكثر لكيفية تأثير هذه العواطف بفعالية فيها.
من خالل مساعدة مستخدمي إعالنات ( )PSAفي ٍ
ولقد كانت بعض أعمال التسويق العصبي األولية في هذا المجال مثيرة ً لالهتمام ،فقد كانت شركة
البحوث البريطانية برايان جويسر ( - )BrainJuicerعلى سبيل المثال -قد اكتشفت استخدام إعالنات
( )PSAللعواطف السلبية ،كما وجدت بأن للعواطف السلبية تأثيراتٌ مختلفة وذلك وفقا ً لكيفية توجيهها .ووفقا ً
للدراسة ،يمكن لعاطفة الحزن أن تُحفّز الفعل وذلك إذا ما كان اإلعالن يُشجع المشاهدين على الشعور بحزن
اآلخرين ،ولكن ليس إذا ما كان يجعل المشاهدين يشعرون بالحزن في أنفسهم ببساطة .وعلى غرار ذلك،
يمكن لتحفيز العواطف السلبية -كاالشمئزاز أو الغضب أو حتى الخوف -مع وجود رسال ٍة تأكيدية بشأن
كيفية التغلب على هذه العواطف ،أن يكون محفزا ً قويا ً للتغيير في الفعل أو السلوك.
منشور مثل دراسات فولك ( )Falkلوقف التدخين (والتي ذكرناها سابقا ً فيٍ وقد اطلعنا على بح ٍ
ث
ق قد ال تكون هذا الفصل) أن إعالنات ( )PSAهي في الواقع تجدي نفعاً ،كما وتبدو أنها تعمل بطر ٍ
يسيرة ً كثيرا ً للعقل الواعي .وهذا ما يخلق فرصا ً طبيعيةً لمستخدمي التسويق العصبي ليساهموا في
بحث فعّا ٍل إلعالنات ( ،)PSAويحتمل أن يكون ذلك بالشراكة مع جمعية تجارية راعيةً لهذا البحث.
407
وستكون النتائج مفيدة ً لصانعي إعالنات ( ،)PSAكما ستصقل سمعة التسويق العصبي أيضاً.
فتستفيد هذه "الوكزة" من االنحراف الموجه األساسي (أي الطرق المختصرة التخاذ القرار) الذي
استعرضناه في الفصل ( .)8فإن أدمغتنا البخيلة إدراكيا ً ستفضل قبول ما هو أساسي أيا ً يكن بدالً من بذل
قرار واضح وصريح.
الجهد التخاذ ٍ
وتتضمن أمثلتنا التي تتحدث عن الوكزات الناجحة الخاصة بالسياسة العامة صنع أساسيات إلدراج
401من خطط التقاعد وتشجيع صيانات الطاقة من خالل تعليم الناس عن كمية الطاقة التي يوفرها جيرانهم.
مدهش مع مبدأ استراتيجيات التسويق الخاصةٍ إن مبدأ وكزات السياسة العامة هذه تتشابه وعلى نح ٍو
بالمتسوق والتي نوقشت في الفصل ( ،)12حيث يمكن تطبيق هذه المبادئ أيضاً.
ّ ِّ
408
التسويق العصبي والتعليم
والسؤال الذي يُطر ُح هنا هو :هل يمكن استخدام التسويق العصبي لتحسين التعليم؟ ونحن نعتقد بأنه
صة بالتسويق العصبي متعلقةٌ أيضا ً بالتعليم ،وأحيانا ً
يمكنه ذلك .فقد كانت الكثير من نتاجات علم الدماغ الخا ّ
نحو عكسي .فعلى سبيل المثال ،لقد شرحنا في الفصل ( )5بأن المعالجة الذهنية للسالسة تُثبط من
على ْ
االستقراء الواعي في العقل ،كما تنتج عملية معالجة عدم السالسة استقرا ًء أكبر في العقل الواعي ،وتزيد من
درس سه ٍل في العملية التعليمية
ٍ االنتباه إلى التفاصيل باإلضافة إلى حفظٍ أكبر للذكرى .لذا فإننا نحصل على
وهو :استخدام الخطوط صعبة القراءة في تدريس المواد التعليمية.
ففي بعض الحاالت ،فما ينفع مع المواد التسويقية قد ال يكون ذا نفعٍ مع المواد التعليمية بالتحديد ،إال
المسوقين ومستخدمي التسويق العصبي.
ّ ت أخرى ،قد يتوجب على المعلّمين أن يتعلموا من
أنه وفي حاال ٍ
فكيف يمكن لمبادئ المعالجة الذهنية التي تتطلب انتباها ً أقل أن تُطبق على قطاع التعليم؟ وهل من الممكن
االستفادة من القدرة الكبيرة للذاكرة الضمنية بشك ٍل أكبر وأن يتم التعلم في السياقات التعليمية؟ وهنا يمكن
ساس للتعاون فيما بين المعلمين ومستخدمي التسويق العصبي.
لهذه األسئلة أن تزودنا بأ ٍ
يمكن اختبار بعض المواد التعليمية على نح ٍو مفي ٍد من قِبَل أساليب التسويق العصبي .فيمكن
للمقاييس التي تُستخدم في اختبار فاعلية اإلعالنات التجارية أن تُستخدم هي نفسها في اختبار فعالية المواد
التعليمية .والسؤال الذي يُطر ُح هنا هو :لماذا يُفترض أن العروض التقديمية والتوضيحية والمواد الدراسية
غرفنا الصفّية أقل متعةً وجاذبيةً من اإلعالنات التجارية التي نُشاهدها على
التي نستخدمها في ُ
التلفاز؟
إن الفكرة األخيرة التي نريد طرحها هي أنه لربما يجب تدريس التسويق العصبي نفسه أو
على األقل مفاهيم علم األعصاب الرئيسية التي يُنبى عليها التسويق العصبي (انظر الفصل )24في
المدارس .فمن خالل هذا الكتاب ،نحن ننوه إلى أن أفضل دفاعٍ للمستهلك ضد التأثيرات العقالنية
والالواعية الخاصة بالنظام ( )1هو أن يمتلك فهما ً أساسيا ً لديناميكيات الدماغ ال ُمتضمنة ولكيفية عملها خارج
ت ال تُع ُّد وال تحصى أنه عندما يتم جعل الناس مدركين
إدراكنا الواعي .ونحن نعلم من خالل دراسا ٍ
َحضرات الذهنية واإلشارات غير المدركة التي تؤثر على سلوكياتهم ،فإن هذا التأثير يكون ظاهرا ً.
لل ُمست ِ
وإننا لنعتقد أنه ليس من المبكر جدا ً أن يتم البدء بتعليم األطفال عن كيفية عمل أدمغتهم ،وكيفية عمل
409
التسويق العصبي ،وكيف يتخذون القرارات ،وكيف يمكنهم أن يجهزوا أنفسهم ليكونوا مستهلكين أفضل
وأذكى.
410
الجزء السادس
المالحظات المكونة من عشرة نقاط
ال
411
في هذا الجزء...
قمنا بالتركيز على بعض النقاط ال ُمهمة من الكتاب في قائمتي "أفضل ،"10أوالً :بدّنا (أزلنا اللبس عن)
ي ،وبعد ذلك قمنا بشرح عشر مبادئ علمية تدعم التسويق العصبي عشرة أساطير تتعلق بالتسويق العصب ّ
وتُلخص سبب تغيرها لنمط أبحاث السوق التقليدي.
مع األخذ بعين اإلعتبار جزء "الحقائق ال ُممتعة" من هذا الكتاب والمليء بالحكايات ال ُممتعة والتي تُمكنك من
الخوض بالمناقشات المسلية في رحلة التنزه العائلية ال ُمقبلة .
ِ
412
الفصل الثالث العشرون
سيوافق الجمهور على إضافة علم الدماغ لبحث السوق برحابة صدر وأذرع مفتوحة ,هذا ما إعتقده
ُمستخدمو التسويق العصبي عندما برز المجال ألول مرة فقد بالغ بعض الرواد األوائل في قُدرات التسويق
العصبي مما خلق قدرا ً كبيرا ً من ردود الفعل السلبية بين ُمزودي األبحاث التقليدية والعُلماء والصحفيين ,
بعض من ذلك اإلنتقاد كان ُمبررا ً ولكن البعض اآلخر كان مبنيا ً على فرضيات خاطئة من ال ُممكن أن
نسمعها إلى اآلن في العديد من نقاشات التسويق العصبي سواء المؤيدة أو ال ُمعارضة منها ,ستناول عشرة
من تلك اإلفتراضات الخاطئة في هذا الفصل.
ُربما يُمكنك إستذكار أكثر من فيلم يُسيطر فيه الشرير على عقل الشخص ويجعله يفعل أشياء -عادة ً -ال يقوم
بها ,في األفالم يكون ذلك "زر قتل" يتحكم به الشخص السيء ولكن في نقاشات التسويق العصبي يُسمى ب
"زر الشراء"الذي يُقلك الناس فما مدى حقيقة هذا اإلهتمام؟ هل يُمكن أن يحدث حقا ً أم أنه جهاز مؤامرة
ي جيد؟هوليوود ّ
لقد تم التعبير عن هذا اإلهتمام من قبل جماعلت حماية ال ُمستهلك والتي تخشى أن يُقدم التسويق العصبي
بعض أنواع التقنيات الجديدة والخارقة التي ل يستطيع ال ُمستهلك ُمقاومتها نعتقد أنه من الجيد دائما ً أن تُبقي
العين ساهرة ً على التسويق ألنه التجاوز واإلحتيال العني ال بُد أن يكون موجودا ً ولكن في هذه الحالة نعتقد
بأن الفرضية األساسية ليست صحيحة.
أوالً ,ال يوجد دليل علمي على وجود نظام أو موقع في الدماغ يعمل بمثابة زر شراء أما في أحسن األحوال
يُعد ذلك تطبيق زائف لفكرة اإلنعكاس ,وهي عملية ُمعقدة و ُمختلفة تماما ً عن إستغالل شخص وضربه على
يديه التي تؤلمه.
ثانيا ً ,وعلى الرغم من عدم إنكار حقيقة إستخدام الناس للعمليات غير ال ُمدركة عندما يتصرفون ك ُمستهلكين
ال يُمكن أن تكون العمليات إنتقائية من قبل ال ُمسوقين وفقد رأينا أدلة على أن بعض تلك العمليات التصحيحية
والتي يُمكنها حماية الناس من إقناع التسويق ال ُمبالغ لهم أي إن أصر الناس على إستخدام زر الشراء نحن
413
نعتقد بأن عليهم التحدث عن زر " ال تشتري" حيث تقود العمليات غير ال ُمدركة نظام اإلقتراب والتجنب
وليس فقط نظام اإلقتراب.
غالبا ً ما تُثار قصة اإلعالن ال ُمدرك كدليل على أن اإلنجذاب للعقل الالواعي قد يتحكم بالسلوك ولكننا اليوم
نعلم بأن التجربة ال ُمفترضة أثبتت هذا المبدأ والتي أجراها James Vicaryفي دار السنيما عام 1957
حيث إدعى أنه سيزيد المبيعات على الوجبات الخفيفية من خالل رسائل مموهة (رسائل تُضيء على الشاشة
بسرعة لرؤية الناس) ُربما هذا المثال هو األول الذي سجله التسويق العصبي!
هنالك العديد من الدراسات الحقيقية على تأثير الرسائل الوهمية تم إجراؤها منذ ذلك الحين وقد أثبتت تلك
الدراسات دون إستثناء أن الناس ينظرون إلى هذه الرسائل الإراديا ً وهذا يُمكن أن يؤثر على السلوك الحقا ً
ولكن تأثيره صغير وال يبقى طويالً وال يُمكنه إنتاج مثل تلك النتائج.
في الواقع إن حقيقة ال ُمستهلكين األموات على هيئة أحياء فقط خيال علمي ووهم على الرغم من أنه يوجد
الكثير لنتعلمه عن الدماغ البشري ولكن ال يوجد دليل على وجود شيء كـ" زر الشراء" تذكَّر
يُمكن للتسويق السيطرة عليك
وباإلعتماد على تعريفك للسيطرة فمن ال ُممكن أن تكون قد وقعت تحت سيطرة سلسة ُكتب للبُسطاء عندما
إشتريت هذا الكتاب بالغالف األبيض واألسود المألوف والعنوان الخاطف وواجهة المتجر ال ُمريحة والعالمة
التجارية المألوفة جميع تلك العوامل ساهمت في إتخاذ قرارك ولكن هل جعلتك تلك العوامل أن تشتري
الكتاب ُرغما ً عنك؟ ال نعتقد ذلك .
نعتقد بأن :التحكم" يختلف تماما ً عن "التأثير" فالتحكم بالنسبة لنا عدم وجود مسار بديل أي أن تفعل ما يُريده
منك الشخص ال ُمتحكم فعله ولكن هذا السيناريو ببساطة ليس واقعيا ً في عالم إختيار ال ُمستهلك الذي نعيش فيه
اليوم وبفضل ال ُمنافسة ُهنالك دائما ً طريق و ُمنتج وخيار بديل.
أما التأثير فيتمحور حول اإلحتماالت وليس الحقائق المؤكدة ,إن رأيت إعالنا ً فإن إحتمالية شراء ال ُمنتج
ستزيد بنسبة %5ولكن إن إستخدمت ذلك ال ُمنتج أيام الطفولة فإن إحتمالية شراء ذلك ال ُمنتج يُمكن أن تكون
بنسبة %95سواء أشاهد اإلعالن أم ال.
أيضا ً يتمحور التأثير حول الظروف والشروط وإن تغريت ظروفك فقط سيتغير سلوكك حتى إتجاه ال ُمنتج
الذي ُكنت تستخدمه منذ الطفولة إن لم يكن ُمتوفرا ً في المتجر أو إن لم يكن معك المال الكافي لشرائه أو إن
توقفت الشركة ال ُمصنعة عن إنتاج ال ُمنتج حينها ستقوم بشيء ُمختلف ُهنالك دوما ً فُرصة بنسبة %5تتتمحور
حول إختيارك لبديل .
ضعفاء عندما يتعلق األمر ب ُمقاومة الرسائل التسويقية وكما عرضنا في الفصل السابع إن ال ُمستهلكين ليسوا ُ
أن اإلقناع صعب فبعض األحيان يُنشط الناس أهدافهم غير ال ُمدركة ل ُمقاومة الرسائل ال ُمقنعة وإحباط أهداف
ال ُمسوقين وبالنظر إلى هذا اإلستنتاج فال ُمستهلك البديهي الذي يستجيب لإلعالنات والتسويق برود أفعال ال
إدراكية وتلقائية ففي الحقيقة ليس من السهل على ال ُمسوقين أن يكون البيع أكثر صرامة وتشددا ً.
414
ما رأيك بالحجة القائلة بأن اإلعالنات أمر أساسي تُحفز األفكار واألفعال بشكل تلقائي وخارج الوعي
اإلدراكي فب ُمجرد ُمشاهدة اإلعالن أو سماع رسالة ما نكون ُمبرمجين لشراء ذلك ال ُمنتج دون ُمقاومة؟ نحن
نعتقد بأن اإلعالنات أمر رئيسي ويُمكن أن يُحفز السلوك ولكن من الضروري أن تتذكر القيدان الرئيسيان
لإلستحضار الذهني:
✓ تُقاوم الناس إستحضار الهدف إن لم يشعروا بفجوة بين الهدف وحالتهم الحالية.
يُمكن اإلنتقال إلى الفصل الخامس لمعرفة المزيد عن اإلستحضار الذهني وعن هاتان النقطتان ,إن
المخاوف كاألمور التي ناقشناها في هذا القسم والتي قد تأتي بسبب إعتقادات خاطئة ومغلوطة أال وهي أن تذكَّر
العمليات ال ُمدركة وغير ال ُمدركة في الدماغ في حالة حرب مع بعضهما البعض نوعا ً ما ,لقد أثبتت
تفسيرات علم الدماغ أنه بدالً من العمل ضد بعضهما البعض يستطيع أن يعمل ُك ٌل من هما كفريق فيضعونا
على المسار الصحيح إلتخاذ القرارات الصائبة في حياتنا اليومية.
يُمكن أن تعتبر ما قُلناه طريقة ُمتطرفة ولكننا سنقوله على أي حال فهو الهدف من التسويق ليس من التسويق
العصبي فقد أصبح زرع األفكار في الرأس حقيقة وواقع منذ أن تسلمت أول رسالة تسويقية ُربما منذ
إختراع ساكن الكهف لفكرة الترويج لنقل مخزونه من الرماح.
نحن نستوعب األفكار من خالل التجارب والتعلم الشخصي والتعلم من اآلخرين سواء بشكل طوعي أو
إجباري ,حيث تقوم أعضاء الحواس خاصتنا بتدفيق اإلنطباعات الحسية إلى أدمغتنا ب ُمعدل ُمذهل ,يبغ ُمعدل
اإلدخال ب 11مليون بت من المعلومات في الثانية حيث يُمكننا العمل فقط تحت هذا التدفق من المعلومات
بإستخدام عمليات فلترة وتحديد لألولويات بشكل ُمتطور جدا ً داخل أدمغتنا ومعظمها الواعية وتعمل خارج
وعينا اإلدراكي والخالصة فوضع األفكار داخل رؤوسنا عمليةٌ ُمعقدة ٌ جدا ً ال يُمكن القيام بها فقط من خالل
التسويق العصبي أو من خالل الوسائل الخارجية األخرى.
واألهم من ذلك أن الدماغ ليس وعاء يُمكن أن يكون ُممتأل بأي مواد توضع فيه ,فنحن نبني التجارب ونُشكل
التصورات عبر الوقت ودائما ً لدينا القُدرة على موازنة الخيارات فبعض أساليب اإلقناع على سبيل المثال
النداءات العاطفية قد تجعلك أكثر تقبُالً للنظر في األفكار الجديدة أكثر من غيرها ولكننا ال نأخذ بال ُمراسالت
والتصرفات التلقائية بدون كمية ضخمة من أعمال الدماغ ال ُمتداخلة.
في الواقع العكس هو الصحيح يُمكن لعقلك الواعي دائما ً إبطال عمل عقلك الالواعي ال العكس وقد تم تأكيد
وربما اآلالف من الدراسات التي تُعنى بتأثيرات العقل الواعي على سلوكيات الشخص ذلك في المئات ُ
(ال ُمستهلك) وفي كل حالة ,عندما كان ال ُمشاركين يُدركون أساليب التأثير غير ال ُمدركة التي أستخدمت في
415
التجارب كان التأثير يزول ,فبالتأكيد يعمل العقل الالواعي كشريك للعقل الواعي المليء بالكثير من األمور
التي نراها في العالم ويُهيئنا لإلستجابة ,أما العقل الالواعي فينخز بلطف شيء دون اآلخر ليحمله إلنتباها
الواعي وال ُمدرك حيث يتشارك العقل الالواعي عميقا ً في عمليات ُ
صنع القرار التي عادة ما نُخفق في في
تقديم المزيد من المصادر ال ُمدركة لإلختيار.
فإن كان ُهنالك ُمشكلة في تقسيم العمل ال يعني أن عقنا الواعي ال يُمكنه إبطال عمل العقل الالواعي ولكن
يُعزى ذلك إلى رغبتنا في ذلك على الرغم من قُدرتنا على القيام بذلك على أكمل وجه.
إن اإلبداع على قيد الحياة في التسويق يل وبصح ٍة جيدة! فالتسويق العصبي ليس عدوا ً لإلبداع حيث تواصل
الوكاالت ال ُمبدعة تقديم اإلعالنات ال ُمميزة وتخلق شركات التسويق التي تجذب إنتباه ال ُمستهلك بُرهة
صغيرة من الفرح حيث تُحسن في بعض األحيان المبيعات واألرباح وحصة السوق بشكل جذي لل ُمنتجات
والعالمات التجارية المحظوظة.
ونحن نؤمن بأن التسويق العصبي هو نوع من أنواع البحوث التي تدعم عملية اإلبداع أكثر من األبحاث
التقليدية وألن أدمغتنا تنساق بشكل طيعي نحو الحداثة نحن على إطالع دائم إلى األشياء البارزة كاألشياء
الجديدة وال ُمختلفة حيث أن اإلبداع في اإلعالنات هو الطريق الوحيد الذي يُمكن ال ُمسوقين اإلستفادة من دمج
الفضول لجذب إنتباهنا لل ُمنتجات واألفكار الجديدة والتي يُمكن أن تكون جيدة لنا.
وآلثار الحداثة تحدياتها ألن الناس ال تُعجب باألشياء الجديدة بسهولة فال تزال ألدمغتنا ُمنحازة للراحة
واأللفة وسالسة ال ُمعالجة (أنظر إلى الفصل الخامس),و نحن نؤمن بأن أفضل العقول ال ُمبدعة في التسويق
طرق يُمكن أن تتبنى هذا التحديد وأن تستخدم مواهبها ل ُمساعدة ال ُمستهلكين على تقبّل األفكار الجديدة ب ُ
إبداعية وبذلك تتخطي إنحيازهم الطبيعي نحو ُمقاومة األشياء الجديدة والمألوفة.
بالرغم من أن بعض ُمستخدمو التسويق العصبي قد توقعوا نهاية اإلستبيانات ومجموعات الحوار ولكن توقع
تالشيهم في أي وقت أمر غير واقعي فنحن نعتقد بأن ال ُمسوقين بدأوا برؤية هذه األساليب ولكن بطريقة
ُمختلفة نوعا ً ما حيث أننا ال نتوقع لهم أن يتالشوا ,فهم يُقدمون نوعا ً ُمفيدا ً من القيمة لباحثي السوق.
بالنسبة لإلستبيانات فسيكون ُهنالك بعض األسئلة المعقولة والمنطقية لطرح األسئلة على الناس بحيث تحصل
على إستجابات دقيقة وكما شرحنا في الفصل الخامس عشر أن الناس عموما ً أفضل بكثير في وصف ما
يفعلون ُمقارنة بما يُفكرون أو يشعرون به ,وإن الطلب من الناس إعطاء خيارات سريعة وثُنائية أيضا ً تقنية
إستبيان جيدة ألنها تُقلل التحيز في اإلستجابات فأنت ستدخل في مشاكل إن سألت الناس عن سبب إختيارهم
ٍ
للخيار (أ) دون الخيار (ب) ألن األغلب سيقول بأنه ال يعلم سبب ذلك.
إن مجموعات الحوار ليست جيدة في التحقق من أي شيء حيث يحب أن تُستخدم منهجيات علمية لمثل هذا
عمالئهم عن قُرب في وضع طبيعي الغرض فالقيمة من مجموعات الحوار هو أنها تسمح لل ُمسوقين بتجريبة ُ
416
نسبيا ً فهم يُحققون الحاجة إلى اإلتصال البشري والتي ال يُمكن تكرارها في األوضاع العلمية وأن أفضل
طريقة لنقل المعلومات هي مجموعة الحوار ولكن ليس نقل ما يقوله الناس بقدر طريقة تصرفهم حيث يُمكن
لل ُمسوقين البديهيين إلتقاط تلك الفروقات ودمجها كأفكار.
سخرية ,تماما ً كال ُمستهلكين البديهيين ال يستطيع ال ُمسوقون البديهيون عادة ً توضيح آلية العمل أو
ال ُمثير لل ُ
السبب الذي تعمل من أجله ومتى تعمل.
من ال ُمضحك نوعا ً ما أن التسويق العصبي يستطيع تفسير سبب مواجعنا لألشياء الجديدة وال ُمختلفة -
كالتسويق العصبي – أال وهو إستقبال تلك األشياء بال ُمقاومة والرفض ,وردة الفعل األولى إتجاه شيء جديد
و ُمختلف هي كما وصفناها في الفصل الخامس عادة ً ما تكون الحذر واليقظة أكثر من عدم تفضيلها.
وهكذا مع العديد من ردود األفعال األولية للتسويق العصبي وأن اإليحاء بأن التسويق العصبي سيحل محل
ال ُ
طرق التقليدية أيضا ً زاد من قلق الناس و كأنها قوة غريبة يجب رفضها.
لقد أشرنا في الفصل األول إلى أن ردة الفعل تخلط كل من التسويق والتسويق العصبي حيث يُمكن بالتأكيد
إستخدام التسويق ألغراض شريرة كإستخدامه في توصيل اإلدعاءات اإلحتيالية ولكن عموما ً ينظر ال ُمجتمع
إلى التسويق على أنه شيء جيد و ُمفيد ولديه دور إيجابي أكثر أهمية أال وهو جلب المعلومات إلى الجمهور
ال ُمستهلك والذي يُساعهم على مالئمة إحتياجاتهم ومطالبهم مع ال ُمنتجات والخدمات التي تُلبي تلك المطالب
واإلحتياجات.
إن التسويق العصبي مجموعة من التقنيات واألفكار الجديدة ال ُمتعلقة بأبحاث السوق المبنية على علوم الدماغ
طرق الجديدة لقياس التسويقخيرة في مضمونها حيث توفر تلك التقنيات بعض ال ُ التي تكون إما شريرة أو ّ
وآليه عمله خالل ال ُممارسة ,من خالل إستناد القرارات التسويقية إلى الفهم الواقعي إلستجابة عقل ال ُمسهلك
للعالمات التجارية وال ُمنتجات والتي ستُسفر عن نتائج أفضل من النتائج التي تعتمد على المعرفة الشعبية أو
التفكير الخيالي.
نحن نؤمن بأن التسويق العصبي يُمكن أن يكون قوة للخير إن إختار الناس إستخدامه بتلك الطريقة على
سبيل المثال ,ال يوجد أدنى سبب يمنع إستخدام التسويق العصبي لتطوير ُمراسالت الخدمات العامة
وال ُمصممة لتشجيع الناس على اإلهتمام بأنفسهم وال ُمحيطين بهم بشكل أفصل وقد فتحت األمور ال ُمهمة
للدماغ آفاق وإحتماالت جديدة لمثل هذا النوع من ال ُمراسالت والتي لم يتم النظر فيها من قبل.
و ُكلما أصبحت أبحاث التسويق العصبي أكثر إنتشارا ً ستُكثف صناعة أبحاث السوق جهودها لوضع معايير
و مبادئ توجيهية لل ُممارسات األخالقية ال ُمرتبطة بالتسويق العصبي على غرار المبادئ والتوجيهات التي تم
وضعها لتقنيات األبحاث حيث ناقشنا تلك الجهود بالتفصيل في الفصل الواحد والعشرين و الثاني والعشرين.
417
إمتألت األيام األولى للتسويق العصبي بالكثير من القصص واإلدعاءات ال ُمبالغ بها ولكن لألسف كان
األساس العلمي لهذه التداعيات محدود في أفضل األحوال ,اليوم ومع دخول الكثير من ال ُمشاركين إلى هذا
المجال ومع تزايد إعتماد التسويق العصبي من قبل الشركات الرئيسية أصبح ُهنالك طلب كبير على
ال ُمساءلة والكشف عن المعلومات ال ُمتعلقة بالعلم الذي يكمن وراء التسويق العصبي ولقد رأينا هذا اإلتجاه
عمق العلم الذيعلى أنه إيجابي جدا ً ألن ما يجعل التسويق العصبي ُمقنعا ً ليس اإلدعاءات ال ُمبالغ بها ولكن ُ
يكمن وراءه.
تطرقنا إلى قدر ال بأس به من التفاصيل حول ذلك ال ِعلم الحقيقي ,ألنه عل ٌم رائع ب ُمحتواه وألن ُمزودو
التسويق العصبي قاموا بإخفاءه نوعا ً ما لرغبتهم بسرد قصة بسيطة لبيع بضاعتهم ,نحن بطبيعتنا نُحب
البساطة ولكن ال نُحب البساطة الكثيرة ,سنُبين في هذه الصفحات أبحاث تتعلق بالتخصصات التي يعتمد
عليها التسويق العصبي :علم األعصاب و علم النفس اإلجتماعي واإلقتصاد السلوكي ,حيث يوفر كل
تخصص من تلك التخصصات أساسا ً قويا ً للتسويق العصبي حيث نعتقد بأن المجال يُمكن أن يُصبح أكثر
مصداقية من خالل إعترافه باإلعتماد على تلك المصادر العلمية الحقيقية.
يُمكن تطبيق العلوم األساسية التي تكمن وراء التسويق العصبي على أغلب ال ُمحاوالت البشرية ,حيث أن
ت في العديد من المجاالت تطوير وإختبار اإلعالنات والتسويق اُمور ُمهمة ورئيسة حاليا ً ومع وجود تطبيقا ٍ
األخرى ,وقد قُمنا هذا الكتاب بذكر المدى الذي يُستخدم فيه التسويق العصبي بشكل واسع في الشركات في
جميع أنحاء العالم ,وتقنياته التي أصبحت تُستخدم حاليا ً في تطبيقات ُمتنوعة إلختبار أسهم العالمة التجارية
وتطور ال ُمنتج وتصميم األغلفة والتسويق داخل المتجر والتسويق عبر اإلنترنت والترفية باإلضافة إلى
العديد من التطبيقات األخرى التي تلوح في األُفق ولكننا لم نُغطيها في هذا الكتاب وذلك ألنه لم يكن لدينا
ُمتسع ,بما في ذلك التطبيقات القانونية والسياسية واإلقتصادية والتعليمية للتسويق العصبي.
إن الميل إلى ُمساواة التسويق العصبي حصرا ً مع اإلعالن على األرجح نتيجة لل ُمعتقدات الخاطئة التي
ناقشناها سابقا ً عن قوة التسويق العصبي في السيطرة على عقولنا بالكبس على "زر الشراء" داخل عقولنا,
تلك المخاوف جعلت التسويق العصبي يظهر على أنه نذير شؤوم عند تطبيقه على اإلعالنات ولكن كما رأينا
في الفصل الحادي عشر لدى مجال أبحاث اإلعالنات الكثير ليتعلمه من علم الدماغ والتسويق العصبي ولكن
كيفية تحفيز زر الشراء في أدمغة ال ُمستهلكين ليس أحد تلك الدروس.
طوال هذا الفصل قُمنا بدراسة عدد من المواقف التشكيكية إتجاه التسويق العصبي بالرغم من أنها تزيد من
مخاوفنا ,يوجد أيضا ً إستجابة ُمعاكسة يُمكن تسميتها بـ "الوثنية العصبية" وهي تقنية للوثوق بأي شيء ُكتب
أو قيل عن التسويق والمصحوب بصورة للدماغ هل سمعت بمقولة " ثق بي أنا طبيب" ؟ حسنا ً لقد تم تطبيق
نفس المنطق أكثر من مرة في التسويق العصبي ولألسف يبدوأن لبعض إدعاءات علم الدماغ قُدرة سحرية
في بعض األحيان على إيقاف الدماغ.
418
بصور بصور دماغية رائعة فقط لنكتشف بأن له عالقة بالمبادئ أو
ٍ من غير المألوف أن نرى مقاالً
اإلجراءات العلمية ,في األيام األولى للتسويق العصبي الواسع في الغرب كان ُهنالك بالتأكيد فُرصة لمدنوبي
مبيعات زيت األفعى لإلستفادة من جهل وفضول ال ُمشترين بإدعاءات و ُمطالبات عديمي الضمير.
وكما هو الحال مع أي منهجي ٍة بحثي ٍة أخرى ,من ال ُمهم دائما ً أن تطرح السؤال ال ُمناسب ال أن تأخذ إدعادات
الباعة بشكلها الظاهري ,في الجزء الخامس قدمنا الكثير من األمور لمزودي التسويق العصبي حتى يتمكنوا
من طرح األسئلة واإلستفسارعن أساليبهم وأُسسهم العلمية كما هو الحال مع األبحاث األخرى فالتعمق في
أمر ُمهم.
كفية قيام الباحثون بتلخيص ومواءمة اإلثباتات في البحوث العلمية ٌ
توفر العديد من ال ُمنظمات وال ُمؤسسات اليوم مصادر لطرف ثالث لل ُمساعدة في تقييم صالحية وفعالية
التسويق العصبي ,وقد بدأت ُمنظمات صناعية مثل ) ESOMAR (www.esomar.orgو مؤسسة تذكَّر
أبحاث اإلعالنات ) (www.thearf.orgبوضع مبادئ توجيهية ألبحاث التسويق العصبي و قواعد السلوك
لتغطية أخالقيات البحث في هذا المجال.
419
الفصل الرابع والعشرون
لقد خصصنا الكثير من هذا الكتاب لتسليط الضوء على األسس العلمية الخاصة بالتسويق العصبي حيث
سنستعرض ُهنا عشرة من أكثر الجوانت العلمية أهميةً والتي تكمن وراء هذا المجال ,إن كل فكرة من تلك
األفكار تستعرض إكتشافا ً ُمهما ً وبارزا ً في أحد علوم الدماغ :علم األعصاب وعلم النفس اإلجتماعي أو
كبير على فهمنا لسبب وكيفية تصرف ال ُمستهلكين بالطريقة التي
ٌ تأثير
ٌ اإلقتصاد السلوكي وكل منهم له
يتصرفون بها بما في ذلك األمور التي يُفضلونها وكيف يختارون األشياء وسبب شرائهم لتلك األشياء.
النظام 1والنظام2
لم يخترع Daniel Kahnemanنماذج النظام 1والنظام 2الخاصة بعمليات الدماغ ولكن أعمله على مدى
تلك العقود العديدة الماضية والتي قد شاع ذكرها بإعتبارها واحدة من أكثر األطر الشاملة فائدة ً لفهم كيفية
عمل الدماغ البشري وبشكل أدق كيف تعمل أجزاء التفكير ال ُمدرك والغير ُمدرك مع بعضها البعض ,حيث
ناقشنا أهمية هذا النموذج في الفصلين الثاني والثامن.
إن النظام 1والنظامُ 2محايدان حيث يصفان نظامان من ال ُمعالجة الحسية ال ُمتميزة وأنظمة إتخاذ القرار في
الدماغ فالنظام 1سريع والنظام 2بطيء ,النظام 1تلقائي وخارج نطاق سيطرتنا أما النظام 2طوعي وتحت
سيطرتنا وأيضا النظام 1يقوم بإتخاذ األحكام البديهية المبنية على اإلرتباطات الذهنية البسيطة ال ُمنحازة نحو
اإلعتقاد والعمل أما النظام 2فهو أكثر حذرا ً ويقوم بإتخاذ األحكام المبنية على المنطق والبُرهان.
إن وجود النظام 1كان مخفيا ً حتى عقود قليلة ماضية ألن النظام 2هو النظام الوحيد الذي نألفه ونُدركه
ويعمل النظامان مع بعضهما البعض وليس بشكل ُمضاد ,وعادة ما يعمل النظام 2ك ُمراقب للنظام 1ولكنه
ُمراقب كسول لذلك أغلب إنطباعاتنا اليومية و ردود أفعالنا وقراراتنا تقودها عمليات النظام.1
إن هذا النموذج هو ال ُمفتاح لفهم سبب كون المنهجيات التقليدية إزاء أبحاث السوق في خطر ولما ظهر
التسويق العصبي كبديل ودليل؟ كانت أبحاث السوق مبنية على نظرة النظام 2للدماغ قبل ظهور التسويق
العصبي وقد تم ُمناقشة جميع حقول السوق تلك في الفصل الخامس عشر وهم ال ُمقابالت ومجموعات النقاش
420
واإلستبيانات ,إفرض أن ال ُمستهلكين قد قاموا بالوصول إلى حاالتهم الذهنية وأصبح بإمكانهم وصف ما
يُعجبهم وسبب إختيارهم لل ُمنتج بدقة!
ولكن قام علم الدماغ بجمع كميات هائلة من األدلة التي تُثبت بأن هذا اإلفتراض غير صحيح وبأن ال ُمستهلين
يستخدمون عمليات النظام 1بشكل ُمنتظم وتلك العمليات تنحاز لسلوك ال ُمستهلك ب ُ
طرق يُمكن التنبؤ بها والتي
ال تتوافق مع توقعات المنطق.
وقد ظهر التسويق العصبي ألنه يوفر ُ
طرق بحثية جديدة يُمكنها قياس عمليات النظام 1وأيضا ً توفير رؤى
جديدة حول كيفية إستجابة ال ُمستهلك للتسويق وكيف يتصرف في السوق.
اإلستحضار الذهني
إن اإلستحضار الذهني هو العملية التي يقوم من خاللها النظام 1بالتأثير على ما نُفكر وما نقوم به كبشر
وبالطبع ك ُمستهلكين وقد تم شرح ذلك بالتفصيل في الفصل الخامس حيث يُمكن أن يكون اإلستحضار الذهني
بديالً للنظام 1في ُمراسالت اإلقناع حيث يتطلب اإلقناع إنتباه الناس للرسالة واإلعتراف بصحتها وتذكرها
أما اإلستحضار الذهني فال يتطلب أي من تلك األمور.
إن اإلستحضار الذهني مبني على عمليات ذهنية تتتعلق بالتنشيط الترابطي وهو قُدرة الدماغ على تحيز
األفكار والجوانب ال ُمرتبطة بأمر ما بشكل تلقائي وسريع فعندما تخطر فكرة ما إلى الدماغ ُمجرد أن يخطر
"كلب" ما إلى ذهنك يقوم الدماغ ُمباشرة بتنشيط شبكات ضخمة من اإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالكالب وال
تدفق تلك اإلرتباطات الذهنية إلى عقلك الواعي وعندما يخطر إلى ذهنك فكرة فطائر ال pancakesسيتم
تنشيط شبكة من اإلرتباطات الذهنية ال ُمختلفة وذلك بسبب استباق عقلنا للعالم من حولنا حتى أنه يُهيئنا
للحدث في أي ظرف من الظروف.
إن اإلستحضار الذهني هو أحد اآلليات الرئيسية التي يعمل من خاللها التسويق حيث يؤثر بشكل واضح
وكبير على القرارات التي نقوم بإتخاذها ك ُمستهلكين ويُعد كل من اإلعالنات ووضع ُمنتج ما في فيلم
وعرض صورة ما في متجر ما استحضارا ً ذهنيا ً ,فاإلستحضار الذهني عملية غير ُمدركة وال إرادية لذلك
ال يُمكنك تعلم آلية عملها من خالل طرح األسئلة على الناس فقط.
ُهنالك أمر رئيسي عليك تذكره عن اإلستحضار الذهني أال وهو أنه ال يتبع قواعد المنطق التي تحكم عمليات
النظام ,2إن اإلستحضار الذهني ببساطة يقوم ببعض األمور األكثر قابلية للوصول إلى أساس العمليات
الذهنية ,حيث أن األفكار التي تكمن وراء اإلستحضار الذهني ال يجب أن تكون موصولة بأي طريقة
عقالنية فعلى سبيل المثال وكما شرحنا في الفصل الثامن إن إعطاء الناس قلم حبر بحبر أخضر يزيد من
تفضيلهم لل ُمنتجات ذات اللون األخضر.
421
تعمل العواطف والمشاعر على مستويين في حياتنا الذهنية أحدها المستوى اإلدراكي واآلخر المستوى غير
اإلدراكي ,إن المشاعر ال ُمدركة هي التي عادة ً ما نُطلق عليها األحاسيس أما المشاعر الغير ُمدركة هي التي
علماء النفس "الحاالت العاطفية " حيث تتضمن العالمات العاطفية الجسمية والتي إكتشفها ألول يُطلق عليها ُ
مرة عالم األعصاب Antonio Damasioوتلك العالمات العاطفية الجسمية وال ُمسماة بالعالمات العاطفية
في الفصل السادس تؤدي دورا ً حاسما ً في قرارات ال ُمستهلك وإستجاباته إزاء التسويق.
تُعد العالمات العاطفية ذكريات اإلستجابات الجسمية للتجارب التي حدثت في الماضي حيث أن ال ُمحتويات
العاطفية لتلك التجارب ُمصنفة بالذاكرة و يتم الوصول إليها من خالل اإلستجابات العاطفية الروتينية التي
التمر من خالل التداول ال ُمدرك بمعنى آخر أنهم يظهرون خارج وعينا ويُمكن تحفيز العالمات العاطفية من
خالل إستحضار الذهني والتأثير على إمكانية الوصول لألفكار األخرى عندما يتم التعرض لإلستحضار.
بالنسبة لل ُمستهلكين ,تؤدي العالمات العاطفية دورا ً كبيرا ً في اصدار األحكام واإلختيار وتُبسط كيفية تفاعلنا
مع عالم التسويق من حولنا وبالرغم من ذلك قد نكون غير ُمدركين لدرجة اإلنجذاب أو النفور التي حددناها
ل ُمنتج أو عالمة تجارية ُمعطاه وقد تُزودنا تلك العالمات بإختصارات غير ُمدركة إلستجابة سريعة و بديهية
من شأنها أن تُبسط لنا عملية إتخاذ القرار (راجع الفصل الثامن).
وبالرضوخ إلى فرضيات Damasioو ال ُمتعلقة بالعالمات العاطفية التي تنص على أن العالمات العاطفية
تنشأ وتتحدث مع كل تجربة نتعرض لها في حياتنا وهذا يعني أن في كل مرة يتعرض ال ُمستهلك ل ُمنتج أو
عالمة تجارية ما سواء بشكل ُمباشر أو غير ُمباشر تتكون فرصة لتغير بسيط في العالمات العاطفية
الخاصة بال ُمستهلك إما بإتجاه إيجابي أو سلبي أو تأثير على السلوك الالحق لل ُمستهلك و بنا ًء على ذلك فإن
فهم وقياس اإلتجاه وقوة العالمات العاطفية في الجمهور ال ُمستهدف بشكل أساسي يجب أن تكون ُمهمة
ُمدراء ال ُمنتجات والعالمات التجارية في الشركات على إختالف حجمها.
سالسة ال ُمعالجة
إن سالسة ال ُمعالجة هي خاصية من خصائص التحفيز وهو شيء يُمكن ُمالحظته في العالم الحقيقي من
حولنا ,تستجيب له أدمغتنا فهو ليس شيئا ً نولده داخل أذهاننا كعالمة عاطفية ,فعندما نقول شيئا ً سلس في
علماء النفس اإلجتماعي أن ال ُمعالجة فنحن نقصد بكل بساطة أنه من السهل على أدمغتنا ُمعالجته وقد إكتشف ُ
العديد من خصائص التحفيز يُمكنها تكوين سالسة ال ُمعالجة بما في ذلك التكرار والتماثل والتباين وأيضا ً
التعرض ال ُمسبق للشيء يُمكن أن يزيد من معرفته وأُلفته (راجع الفصل العاشر).
يرتبط كل من اإلستحضار الذهني وسالسة ال ُمعالجة ببعضهم البعض فقد إكتشف الباحثون أن األشياء
المسبوقة باإلدراك الحسي أو اإلستحضار المفاهيمي يسهل ُمعالجها ُمقارنة باألشياء الغير ُمستحضرة ذهنيا ً
باإلضافة إلى أن األشياء ال ُمستحضرة ذهنيا ً ُمفضلة أكثر من األشياء الغير ُمستحضرة ذهنيا ً ويُمكن أن
يظنوا أنها مالوفة عليهم أكثر.
إن سالسة ال ُمعالجة ُمهمة جدا ً للتسويق ألن أدمغتنا بخيلة معرفيا ً ال تُحب أن تعمل أو تُفكر كثيرا ً فعندما
يطرأ أمر ما يسهل ُمعالجته نميل إلى إعطاءه عالجا ً خاصا ً وكما شرحنا في الفصل الخامس ,لسالسة
422
ال ُمعالجة تأثير غير ُمتناسب على العديد من أحكامنا وقراراتنا ك ُمستهلكين حيث أن ال ُمنتج والغالف أو
أمر مألوف وموثوق وأكثر جماالً وأقل خطرا ً اإلعالن سهل ال ُمعالجة من ال ُمرجح أن يُنظر إليه على أنه ٌ
وجدير بالثقة أكثر .
التصنيف
أحد األمور التي تعلمها العُلماء من دراسة عمليات النظام 1والنظام 2بشكل ُمنفصل أال وهي أن النظام1
غامض فهو يجعل اإلرتباطات الذهنية والسلوك مبنية على إرتباطات بسيطة وليس على المنطق فعندما
يصنع النظام 1إرتباطات ذهنية فمن ال ُمفترض أن تكون تلك اإلرتباطات صحيحة وحقيقية وتبدأ بتحفيز
سلسلة من اإلرتباطات الذهنية التي تتبعها إال أن ُخطوات النظام 2هي لتخطي هذه العملية ب ُمداوالت ُمدركة
وعلى األرجح سنستجيب ونتصرف كأن جميع هذه اإلرتباطات الذهنية صحيحة وحقيقية.
وكما شاهدنا في المثال الخاص بسالسة ال ُمعالجة كما هو الحال في العديد من األمثلة األخرى التي تم
عرضها خالل هذا الكتاب ,إن العديد من اإلختصارات واألحكام وعمليات إتخاذ القرار التي يستخدمها
النظام 1مبنية على التصنيف فعند تخطيك لسالسة ال ُمعالجة للحقيقة والجمال وجدارة الثقة أو األلفة فأنت في
هذه الحالة تقوم بعملية التصنيف وعندما ال تتمكن من إدرك أن إضافة ُمنتجات باهضة وخادعة على واجهة
المتجر قد تؤثر على قرار الشراء الخاص بك وبدالً من ذلك يعود إختيارك لتفضيل قديم ُهنا أنت تقوم بعملية
التصنيف.
عادة ً ال تكون عملية التصنيف ُمشكلةً كبيرة وغالبا ً ما تُعطينا النتائج المرجوة وحتى إن جعلتنا في المسار
الخاطئ فال ُمنتج الذي يُظهرنفسه بسالسة ووضوح وبساطة على األرجح هو ُمنتج جيد يفي بوعوده أما إن
كان العكس فتجربة اإلستخدام السلبي ستضبت تجاربنا بسرعة وبذلك ال نعد ُمنخدعين بسحر سالسة
ال ُمعالجة الخاصة به وقد تكون عملية التصنيف ُمشكلة أكبر لعمليات الشراء الكبيرة وغير ال ُمتكررة ولكن
في مثل تلك الحاالت نكون أقل عرضة لتجاوز النظام 2كجزء من عملية القرار الخاص بنا وبذلك فإن عملية
عرضة في أن تكون حاسمة وحازمة في مثل هذه الحاالت والظروف. التصنيف في النظام 1أقل ُ
أما بالنسبة لل ُمسوقين وباحثي السوق فقد يكون التصنيف خطرا ً كبير عندما تُستمد اإلستنتاجات من خالل
طرح أسئلة على ال ُمستهلكين وتصديق إجاباتهم حتى وإن كان ال ُمستهلكون غاية في الصدق واإلخالص فإن
لم يعرفوا مصادر األحكام والقرارات الخاصة بهم واإلبالغ الذاتي الخاص بهم وبالتالي سيُضللوا الباحثين
وكما شرحنا في الفصل الثاني يُعد ذلك أحد ال ُمبررات الرئيسية لزيادة ُ
شهرة تقنيات القياس الخاصة
بالتسويق العصبي والتي ال تكمن وراء اإلبالغ الذاتي.
إن أحد النتائج البارزة و ال ُمناقضة في علم النفس اإلجتماعي هو إكتشاف السعي وراء األهداف الغير ُمدركة
في إختيار سلوك اإلنسان وال ُمستهلك خصوصا ً وقد تم تغطية األهداف الغير ُمدركة بالتفصيل في الفصل
السابع ألنهم قدموا أليات ُمهمة تربط اإلستحضار الذهني بأفعال ال ُمستهلك حيث يُمكن تنشيط األهداف غير
423
ال ُمدركة من خالل العديد من اإلستحضارات التحفيزية ال ُمتنوعة بما في ذلك الحاالت اإلجتماعية والناس
والعالمات التجارية واإلعالنات واألعراف.
وب ُمجرد تنشيطهم يتم تحفيز األهداف غير ال ُمدركة تماما ً كاألهداف ال ُمدركة ولكن دون وعي إدراكي:
✓ إذا توقفت نستأنف السعي وراء السهدف في أول فُرصة حتى وإن كان كانت أكثر األنشطة ال ُمتاحة لنا
جاذبية.
✓ يُمكن ل ُمخرجات السعي وراء الهدف أن تُغير الحالة المزاجية والسلوك لدى الشخص سواء أكانت النتيجة
هي النجاح أو الفشل في البحث عن الهدف.
إن األهداف غير ال ُمدركة ُمهمة جدا ً للتسويق ألنها يُمكن أن تؤثر على تفضيل ال ُمنتج والخيارات وسلوك
التسوق ,هنالك درس ُمهم لل ُمسوقين أال وهو أن العالقة ما بين اإلستحضارات الذهنية واألهداف يجب
إختبارها ولكن ال يُمكن إفتراضها ,وقد ال تُحفز اإلستحضارات األهداف التي نتوقعها فعلى سبيل المثال لقد
قُمنا بتوثيق وجود أهداف تصحيح اإلقناع في الفصل السابع والتي يُمكن أن يتم تحفيزها عندما يشعر
ال ُمستهلكون أنهم يتعرضون لضغط اإلقناع ,أما اإلستحضار الذهني والذي يبدو أنه إيجابي للتسويق ولكن في
الحقيقة يُوليد ال ُمقامة الالإرادية بدالً من قبول رسائل التسويق ,إن تعقيد ودقة عملية السعي وراء األهداف
الغير ُمدركة ال تُس ّهل ُمهمة ال ُمسوقين أبدا ً ألن ال ُمستهلكين ال يُمكنهم الوصول إلى أهدافهم غير ال ُمدركة
وبذلك كان من الضروري دراسة عملية السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة بشكل غير ُمباشر واستنباط
طريقة لتفعيل األهداف والسعي خالل خيارات وسلوكيات ال ُمستهلك في مجاالت وسياقات التجارب
طرق التسويق العصبي ُمالحظة وقياس قوة األهداف غير ال ُمدركة أثناء العمل. المحكومة حيث تتطلب ُ
إستنتاج آخر غير ُمتوقع في غاية األهمية للتسويق العصبي أال وهو اإلكتشاف الذي يقول أن اإلنتباه قد ال
يكون جيدا ً لفاعلية اإلعالنات حيث يبدو أنه شرط ُمهم لفاعلية اإلعالنات ولكن أبحاث علم الدماغ أثبتت أن
الحقيقة الظاهرة والتي قد تكون على خالف واقع ُمعالجة النظام 1واإلستجابات العاطفية والتكيف الذاكرة
الضمنية حيث تعتمد اإلعالنات على اإلرتباطات الذهنية العاطفية والتكيّف التكراري لتعزيز اإلرتباطات
الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية وقد يكون لتلك ال ُمفارقات تأثير كبير علينا عندما ال ننتبه لهم بشكل أكبر
ُمقارنةً بإنتباهنا لهم.
424
وكما شرحنا في الفصل الحادي عشر تعمل ُمعالجة اإلنتباه القليل كجزء من المسار الغير ُمباشر لفاعلية
ُكون ذكريات وبالنقيض من ذلك اإلعالنات على عكس اإلقناع المنطقي فإن التكيّف ال يحتاج إلى إنتباه حتى ي ّ
فقد أثبتت الدراسات أن اإلنتباه قد يحول دون التكيّف الفعال فعليا ً ألنه قد يُحفز أشيا ًء ُمضادة في ذهن
ال ُمشاهد فال شيء يقتل تأثير إعالن ُمسلي أكثر من التوقف عن إدراك مدى أهمية ال ُمحفزات الغير منطقية
ال ُمنبثقة عن الواقع.
إن اإلستفادة من اإلنتباه القليل ال معنى له عند اإلعالن عن ُمنتج جديد أو عندما تُحاول إقناع الناس بإتخاذ
إجراءات ُمباشرة كالتبرع أو اإلتصال على الرقم المجاني ولكن يبدو أن الحمالت الدعائية ما زالت تتبنى
نموذج ُمعالجة اإلنتباه القليل أكثر وأكثر لبناء المزيد من اإلرتباطات الذهنية اإليجاية دون اإلتصال بأي نوع
من أنواع الرسائل الصريحة ال ُمقنعة ,سيقدم التسويق ال ُمستفيد من مبادئ ُمعالجة اإلنتباه القليل طريقة بديلة
لل ُمسوقين لبناء عالقات بين ال ُمنتج والعالمة التجارية وال ُمستهلكين .
الذاكرة الضمنية
هي عملية ال إرادية أُخرى ُمذهلة تكمن وراء العديد من مبادئ و تقنيات القياس الخاصة بالتسويق العصبي
وألننا نُفكر بشكل طبيعي في عملية التحفظ بعتقد بأنها ال تحتاج إلى مجهود وأن أدمغتنا تستطيع باستمرار
تسجيل كميات ال حصر لها من المعلومات دون أي مجهود ُمدرك وهو ما يصعب علينا تقبله ولكن يبدو أنه
ال مفر منه وإال كيف يُمكننا تذكرالمكان الذي وضعنا فيه المفاتيح وكيف نركب الدراجة أو كيف نجد طريق
العودة لمقهى Starbucksالذي إكتشفناه أمس؟
وكما بينا في الفصل الحادي عشر ,للذاكرة الضمنية بعض الخصائص اإلستثنائية:
✓ تتطلب الذاكرة الضمنية الجهد ولكنه يتالشى بسرعة نسبيا ً وال بد من تعزيزها بإنتظام حيث يتم تحفيز
الذاكرة الضمنية بال مجهود ويبدو أنه يستمر إلى مدى الحياة .
✓ تعمل الذاكرة الضمنية تلقائيا ً وخارح وعينا اإلدراكي وبذلك ال نملك أي سيطرة ُمباشرة عليها.
القرارات الضمنية
425
وكما وضحنا في الفصل األول ووضحنا في هذا الكتاب أن عقول البشر بخيلة معرفيا ً أي أن التفكير ٌ
أمر
صعب وأننا نُحاول تجنبه إن إستطعنا ذلك وال ُمهمة الصعبة جدا ً بنسبة لنا هي إتخاذ القرارات ,فمن غير
ال ُمفاجئ إعتمادنا على اإلشارات العاطفية و ال ُمحفزات كعناصر ُمساعدة لصنع القرار إلعطاء عقولنا البخيلة
معرفيا ً إختصارات سهلة إلتخاذ القرار بسرعة دون ُجه ٍد معرفي.
تظهر القرارات الضمنية عندما نتجاوز التداوالت ال ُمدركة ونقوم بعمل قفزات ذهنية من اإلنطباعات غير
ال ُمدركة وردود األفعال إلى السلوك اإلختياري وكما شرحنا في الفصل الثامن ,أن القرارات الضمنية تنقاد
من خالل عمليات النظام 1التلقائية والتي ال تحتاج إلى مجهود بحيث ال تبدو أنها قرارات أبدا ً ,ألنهم
وزن للحجج وبذلك فهم مأوى ٍ تجاوزت التداوالت ال ُمدركة وال تقوم بأي نوع من اإلستجوابات الداخلية أو
ومالذ ال ُمراسالت التقليدية ال ُمقنعة وهذا بالطبع يخلق بعض المشاكل لل ُمعلنين الذين يعتقدون بأن عليهم
اإلعتماد على ال ُمراسالت ال ُمقنعة للتأثير على السلوك.
يخلق واقع القرارات الضمنية الكثير من المخاطر األساسية ألساليب البحث التقليدية فعندما يتخذ الناس
القرارات الضمنية ال يكون بمقدورهم الوصول لمصادر قراراتهم وهذا بحد ذاته تحديا ً كبيرا ً ولكن ال ُمشكلة
األكبر أن الناس ال يعلمون بأهم ال يُمكنهم إتخاذ القرارات الضمنية لذلك يستعلمون ويتوصلون إلى تفسيرات
معقولة وهذا ما قدمه الباحثون ولسوء الحظ أن تلك القصص تميل إلى أن تكون تبريرات وليست تفسيرات
وغالبا ً ما تُنتج نتبؤات سلبية للسلوك ال ُمستقبلي.
اإلستدالل العكسي
أساسنا العلمي العاشر الخاص بالتسويق العصبي هو المنطق الخاص باإلستدالل العكسي والذي شرحناه في
الفصل التاسع عشر حيث يبدو كلغز منطقي بسيط ولكنه أساسي لمحتوى المنطق الخاص بالتسويق العصبي
فهو يوفر الجسر ما بين األبحاث العلمية في علوم الدماغ والتطبيق العملي لتلك البحوث في التسويق
العصبي.
يُخبرنا اإلستدالل العكسي عن مدى الثقة التي يجب أن تكون لدينا إتجاه إكتشافات التسويق العصبي
وال ُمعرب عنا في هذا النموذج " لقد ظهرت استجابة العقل والجسم" وبالتالي إحتلت الحالة الذهنية مكانا ً
فعلى سبيل المثال ,إذا الحظنا بإستخدام برمجيات تحليل تعابير الوجه أن شخصا ً ما إبتسم أثناء ُمشاهدة
إعالن (استجابة جسمية ) فما هو إحتمالية أن يجعل ذلك اإلعالن هذا الشخص سعيداً؟ (الحالة النفسية)
يقول منطق اإلستدالل العكسي أن هذه اإلحتمالية ال يُمكن أن تكون ُمطابقة بنسية %100قم بإفتراض أمر
تم التحقق منه من خالل 1000دراسة:
✓ جميع اشخاص الذين يشعرون بالسعادة أثناء ُمشاهدة إعالن يُظهرون إبتسامة.
✓ هذا الشخص إبتسم أثناء ُمشاهدة إعال ما بالتالي هذا اإلعالن جعله سعيدا ً.
426
أخبرنا اإلستدالل العكسي بأن أي إستنتاج من التسويق العصبي هو إستنتاج إحتمالي( يعتمد جزء منه على
الحظ) و غير مؤكد أبدا ً ,فالدرجة التي يُمكنك من خاللها تصديق إستنتاج ما من التسويق العصبي يعتمد
صممتعلى موازنة األدلة الموجودة والتي تدعم اإلستدالل باإلضافة إلى ثقتك في أن التجربة قد أجريت و ُ
بشكل صحيح وسليم وبذلك تكون البدائل قد تسببت في النتائج الملحوظة والخاضعة للرقابة.
راض عن أن التجربة سليمة عليك زيادة الثقة في كون اإلستدالل العكسي صحيحا ً ولكنك لن تكون
ٍ إن ُكنت
متأكد بنسبة %100من ذلك ,وقد تكون ُمتأكد قبل القيام بالتجربة بشكل أكثر.
427