You are on page 1of 427

1

‫شركة رينايسنس‬
‫للترجمة واالنتاج العلمي‬
‫رينايسنس هي شركة متعددة الجنسيات مقرها الرئيسي في هولندا متخصصة بترجمة احدث‬
‫االصدارات العلمية وتصديرها للعالم بالمجان او باسعار رمزية ‪ ,‬ليتمكن كل شخص لم تنصفه‬
‫الحياة من ان يمتلك الوسيلة والمعلومة الالزمة لينصف بها نفسه ‪.‬‬

‫اهداء‬
‫لكل فقراء العالم و مظلومي وضحايا التخلف والحروب ‪ ,‬ولكل طالب حقيقي للعلم ‪.‬‬

‫فريق العمل‬

‫‪2‬‬
‫لمحة عن محتوى الكتاب‬

‫المقدمة………………………………………………………………‪8‬‬
‫الجزء األول‪ : :‬العالم الجديد الرائع للتسويق العصبي ‪15..................................‬‬
‫الفصل (‪ 1‬ما هو صحيح وما هو خاطئ عن التسويق العصبي ‪17........................................‬‬

‫الفصل (‪ :)2‬ما الذي نعلم عنه اآلن ولم نعلم عنه سابقاً‪33.....................................................‬‬

‫الفصل (‪ :)3‬وضع التسويق العصبي في حيّز العمل ‪50.......................................................‬‬

‫الفصل (‪ :)4‬لماذا يه ّمنا أمر التسويق العصبي ‪75..............................................................‬‬

‫الجزء الثاني‪ :‬جوهر التسويق العصبي‪:‬‬


‫العقل الالواعي للمستهلك‪87.......................................................................‬‬
‫الفصل (‪ :)5‬المستهلك اإلدراكي‪ :‬العمليات الالواعية‬

‫القابعة وراء سلوكيات المستهلكين ‪89...........................................................................‬‬

‫الفصل (‪ :)6‬دور العواطف المركزي في استجابات المستهلكين ‪114......................................‬‬

‫الفصل (‪ :)7‬فهم جديد ألهداف ودوافع المستهلكين ‪131.......................................................‬‬

‫الفصل (‪ :)8‬لماذا نشتري األشياء التي سبق واشتريناها من قبل ‪147.......................................‬‬

‫الجزء الثالث‪ :‬التسويق العصبي في حيز العمل ‪165..........................................‬‬


‫الفصل (‪ :)9‬تأثير العالمات التجارية على الدماغ ‪167........................................................‬‬

‫الفصل (‪ :)10‬صنع منتجا ٍ‬


‫ت وأغلفة تٍرضي عقول المستهلكين ‪186........................................‬‬

‫الفصل (‪ :)11‬الترويج للكفاءة ‪204...............................................................................‬‬

‫‪3‬‬
‫التسوقي والتسويق داخل المتاجر ‪219..................................................‬‬
‫ُّ‬ ‫الفصل (‪ :)12‬العقل‬

‫الفصل (‪ :)13‬عندما يتجه عقل المستهلك الى االنترنت‪131.................................................‬‬

‫الفصل (‪ :)14‬فاعلية الترفيه ‪244.................................................................................‬‬

‫الجزء الرابع‪ :‬قياس استجابات المستهلك‬


‫باستخدام التسويق العصبي ‪258..................................................................‬‬
‫الفصل (‪ :)15‬الطرق التقليدية‪ :‬لماذا ال نسأل الناس فحسب؟ ‪261...........................................‬‬

‫الفصل (‪ :)16‬مقاييس التسويق العصبي‪ :‬مالحظة اإلشارات‬

‫اآلتية من العقل والجسد ‪276......................................................................................‬‬


‫ٌ‬
‫طرق غير مكلفة‬ ‫الفصل (‪ :)17‬التسويق العصبي والميزانية‪:‬‬

‫ت ُ ِّ ّ‬
‫عرفك بمستهلكي منتجاتك ‪334.................................................................................‬‬

‫الفصل (‪ :)18‬اختيار األسلوب المناسب لتلبية الحاجات الخاصة ببحثك ‪377............................‬‬

‫الجزء الخامس‪ :‬العيش متأثرا ً بالتسويق العصبي‪:‬‬


‫االعتبارات العملية واألخالقية ‪341..............................................................‬‬
‫الفصل (‪ :)19‬خمسة أمور يتوجب عليك معرفتها بخصوص‬

‫دراسات التسويق العصبي ومقاييسه ‪343.....................................................................‬‬

‫ي الناجحة ‪361............‬‬
‫الفصل (‪ :)20‬قائمة تدقيق لما قبل عملية إجراء دراسات التسويق العصب ّ‬
‫الفصل (‪ :)21‬اختيار شريك التسويق العصبي الصحيح ‪372...............................................‬‬

‫الفصل (‪ :)22‬أخالقيات التسويق العصبي ومعاييره ومضامين سياسته العامة ‪392...................‬‬

‫الجزء السادس‪ :‬المالحظات المكونة من عشر نقاط ‪413....................................‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل (‪ :)23‬عشر ُمعتقدات مغلوطة عن التسويق العصبي ‪415.........................................‬‬

‫الفصل (‪ :)24‬الركائز العلمية عشر التي تكمن وراء التسويق العصبي ‪422.............................‬‬

‫‪5‬‬
‫عن المؤلفين‪.‬‬
‫‪ :Stephen J. Genco‬من الرواد في مجال التسويق العصبي‪ ,‬أسس أحد أوائل شركات البحث‬
‫ال ُمتعلقة بالتسويق العصبي عام ‪ 2006‬ومن عام ‪ 2009‬حتى عام ‪ 2012‬كان رئيس تنفيذي لإلبتكار‬
‫ستشار ُمستقل يُساعد العُمالء على‬
‫ٌ‬ ‫في شركة أخرى رائدة في مجال التسويق العصبي وهو حاليا ً ُم‬
‫ُمستوى العالم في تنمية وتنفيذ برامج أبحاث السوق وإستراتيجيات األعمال التي تدمج األبحاث‬
‫التقليدية مع أحدث األساليب واألدوات ال ُمتقدمة في المجال األخالقي والعصبي والبيولوجي‪.‬‬

‫لديه أكثر من ‪ 20‬عاما ً من الخبرة ك ُمبتكر لبحوث ال ُمستهلك و ُمنظم و ُمدير إستشاري وباحث في‬
‫العلوم اإلحتماعية و ُمربي وقبل الدخول في عالم األعمال كان ُمعلما ً وباحثا ً في العلوم السياسية و‬
‫ُمتخصصا ً في إستطالعات الرأي العام و إتخاذ القرار التنفيذي وهو أيضا ً حاصل على درجة‬
‫الدكتوراة والماحستير والبكالوريوس من جامعة ‪ Stanford‬وهو درجة ماجستير أخرى من‬
‫الجامعة كولومبيا البريطانية‪.‬‬

‫‪ :Andrew P. Pohlmann‬كان رائدا ً في استراتيجيات األعمال والتسويق على مدى ‪ 20‬عاماً‪,‬‬


‫في عام ‪ 2008‬قاد التطوراألول إلستشارات التسويق العصبي في العالم وساعد عددا ً من‬
‫شركات‪ Fortune Global 100‬و خمس شركات عالمية أخرى في دمج تقنيات التسويق‬
‫عليا في بنك ‪ Citigroup‬و بنك ‪JPMorgan‬‬ ‫العصبي لفهم سلوك ال ُمستهلك‪ ,‬وقد عقد أدوارا ً ريادية ُ‬
‫و‪ Alticor‬وأدوارا ً في تطوير األعمال والتسويق وكان شريك ‪ Meridian‬لإلستشارات وساعد في‬
‫إطالق ‪ BoardVantage‬و منصة اإلتصاالت الرائدة لمجلس إدارة الشركة‪ ,‬وقد امتدت خبرة‬
‫‪ Andrew‬لصناعات ومناطق ُمتعددة بما في ذلك ال ُمؤسسات والعُمالء ال ُمستهلكين في أمريكا‬
‫الشمالية وأوروبا وآسيا‪.‬‬

‫‪ :Peter Steidl‬هو ُمستشار لل ُمسوقين ووكاالتهم في آسيا وال ُمحيط الهادي وخارجهما وقد نفذ‬
‫عمالئه من شركات ‪Fortune Global 100‬‬ ‫ُمهمات في ‪ 20‬دولة موزعة في ‪ 5‬قارات ‪,‬عد ٌد من ُ‬
‫عمالئه قُدرته على تطبيق رؤى‬
‫وشركات خدمات إحترافية و ُمتخصصة وهيئات حكومية حيث قدّر ُ‬
‫وأفكار التسويق العصبي لرفع فاعلية إستراتيجيات و ُمبادرات التسويق‪.‬‬

‫حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة ‪ Vienna‬و خدم مع الطاقم الدائم لجامعتي‬
‫‪ Vienna‬و ‪ Adelaide‬وعقد زيارة أُستاذية في جامعة ‪ Curtin‬في ‪ Perth, Australia‬وحاز‬
‫كتابه األخير ‪ Neurobranding‬على قائمة ال ُمرشحين لكتاب التسويق الخاص بمجلة ُخبراء‬
‫ال ُمسوقين لجائزة عام‪.2013‬‬

‫‪6‬‬
‫اإلهداء‪...‬‬
‫في ذكرى والدتي العزيزة والتي لم تُتاح لها الفُرصة في أن تتباهى وتتفاخر أمام أصدقاءها ألن‬
‫– ‪Steve‬‬ ‫إبنها أصبح مؤلفا ً لسلسلة ُكتب (‪)For Dummies‬‬

‫إلى زوجتي ‪ Denise‬التي قدمت لي الدعم والشجاعة التي يحلم بها أغلب الناس وإلى والداي اللذان‬
‫– ‪Andrew‬‬ ‫رباني على اإلحترام واإلنجاز واللذان قدماني إلى عجائب العلوم‪.‬‬

‫– ‪Peter‬‬ ‫ي إستمراري في التعلم‬


‫عمالئي الذين سهلوا عل ّ‬
‫إلى ُ‬

‫‪7‬‬
‫الشكر والتقدير ل‪....‬‬
‫نود أن نشكر ‪ُ Anam Ahmed‬محررة التكاليف في شركة ‪ John Wiley‬وأوالده في كندا والتي‬
‫أجرت ال ُمكالمة األولى لتشجيعنا على القيام بفكرة هذا الكتاب والحمد هلل أننا لم نأخذ هذه ال ُمكالمة‬
‫على أنها مقلب فنحن نُقدر لها توجيهها وإرشادها لتحفيز سير العملية ونشكر أيضا ً لل ُمحررة‬
‫‪ Elizabeth Kuball‬و الدكتور ‪ Michael Smith‬ال ُمحرر التقني إللتزامهم الدؤوب في التفاصيل‬
‫فمن دون ُمراجعاتهم وإقتراحاتهم وإرشاداتهم ومطالبهم لم يكن الكتاب جديرا ً بأن يكون ضمن سلسلة‬
‫(‪.)The Dummies‬‬

‫وأخيرا ً نود أن نشكر العديد من ُممارسي التسويق العصبي والباحثين الذين عملنا معهم على مدى‬
‫تلك السنوات والتي أثرت معرفتهم وأفكارهم ُكل صفحة من صفحات الكتاب نتمنى أن نكون قد‬
‫إستطعنا ذكركم جميعكم باإلسم‪ ,‬إن اإلتساع والتعمق في التفكير في هذا المجال الجديد هو ال ُملهم‬
‫وأي أخطاء في كتابة هذا الفكر في هذا الكتاب هي بالطبع أخطاءنا وحدنا!‬

‫شكر وتقدير للناشرين‪...‬‬


‫ُمنسق المشروع ‪Kristie Rees‬‬ ‫ُمحررة التكاليف ‪Anam Ahmed‬‬

‫ُمحرر اإلنتاج ‪Kristie Rees‬‬ ‫ُمحرر المشروع ‪Elizabeth Kuball‬‬

‫صورة الغالف ‪© Alex Slobodkin /‬‬ ‫ال ُمحررة ‪Elizabeth Kuball‬‬


‫‪iStockphoto‬‬

‫ال ُمحرر التقني ‪Michael E. Smith‬‬

‫‪8‬‬
‫ُهناك تطبيقات سلسلة كُتب البُسطاء للجميع‬
‫مع وجود أكثر من ‪ 200‬مليون كتاب للطباعة وأكثر من ‪ 1600‬عنوان ُمميز كانت سلسلة ُكتب‬
‫البُسطاء الرائد العالمي في كيفية اإلعالم والتبليغ واآلن أصبح بإمكانك الحصول على نفس النسخة‬
‫الرائعة من سلسلة ُكتب البُسطاء من خالل تنزيل التطبيق على هاتفك المحمول وستحصل على دخول‬
‫فوري إلى العناوين التي تُريد معرفتها بصيغة موثوقة ‪.‬‬

‫للحصول على معلومات حول تطبيقات ُكتب البُسطاء زر المواقع التالية‪:‬‬

‫‪ www.Dummies.com/go/mobile‬من جهاز الحاسوب‪.‬‬

‫‪ www.Dummies.com/go/iphone/apps‬من الهاتف المحمول‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ال ُمقدمة‬

‫اهالً وسهالً بكم في التسويق العصبي ‪ ,‬إن موضوع التسويق العصبي هو أحد المواضيع التي يتحدث‬
‫عنها الكثير من الناس‪ ،‬ولكن قليل منهم يدركونها‪ ،‬وهو حقل جديد قائم على االرشادات الخاصة‬
‫بثالث مجاالت موجودة فعليا ً وهي التسويق والبحوث الخاصة به ‪ ,‬وعلم الدماغ ‪ .‬وفي هذا الكتاب‬
‫سلّطنا الضوء على تلك االبعاد الخاصة بالتسويق العصبي مع مراعاة أخالقيات هذا العلم بما فيها آثار‬
‫السياسة العامة‪.‬‬

‫وكلّما تعمقت في هذا الكتاب سترى بأن التسويق العصبي ليس عبارة عن أزرار شراء سحرية في‬
‫الدماغ وال عن خلق (مستهلكين أموات على هيئة أحياء ) عاجزين عن مقاومة اإلغراءات التي يقوم‬
‫بها المسوقين لدماغ االنسان ‪ ,‬بل انه من بعض االكتشافات االجديدة والرائعة في العلوم الخاصة‬
‫بالدماغ والتي تُغير و بشكل اساسي طريقتنا في التفكير وبالطبع التأثيرعلى طريقة تفكيرنا نَحو‬
‫الشراء والبيع وحتى تف ُحص المنتجات والخدمات‪ ,‬وهي الثورة وال ُمتعة – التي يمثلها التسويق‬
‫العصبي وهذا ما نحاول التوصل إليه في كتاب التسويق العصبي للبُسطاء‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫نبذة عن الكتاب ‪:‬‬

‫يقوم منهجنا على نظام معروف ليكون مفيدا ً وفعاالً لسلسلة ُكتب البُسطاء وقمنا بتغطية مواضيع‬
‫الكتاب على شكل وحدات وبهذا يُمكنك االنتقال إلى أي نقطة دون الشعور بالضياع ‪ ,‬ويمكنك قراءة‬
‫فصول الكتاب في أي ترتيب يعجبك ‪ ,‬ألن كل فصل من الفصول له محتوى ُمنفصل ‪ ,‬فاذا قمنا بذكر‬
‫شيء ما قُمنا بتغطيته في فصل آخر ‪ ,‬نقوم باخبارك أين يُمكنك الحصول على معلومات أكثر عنه ‪.‬‬

‫األشرطة الجانبية (النصوص في المربعات الرمادة ) وأي شئ يتميز بأيقونة تقنية يمكن تخطيها‪,‬‬
‫والشيء االخير ‪ ,‬لقد قمنا باتخاذ القرارات الخاصة بالمصطلحات التي يمكن ان تحظ ببعض النقاشات‬
‫ال ُمعمقة بين العلماء والباحثين ‪ ,‬وذلك لتبسيط قصتنا ولحمايتك من الضياع في الجدل الفلسفي ‪:‬‬

‫✓ قمنا باستخدام مصطلحات العقل والدماغ بطريقة متغيرة بالرغم من أن بعض األكاديميون‬
‫والفالسفة قد يحتج على مثل هذا التبسيط ‪.‬‬

‫✓ قمنا باستخدام المصطلح العام (علوم الدماغ ) لتشمل الثالث مجاالت الفرعية للعلوم الذي ندرجهم‬
‫كأساسيات للتسويق العصبي ‪ :‬علم العصاب ‪ ,‬علم النفس االجتماعي واالقتصاد السلوكي ‪.‬‬

‫✓ غالبا ً ما ُكنا نستخدم ُمصطلح (المستهلكين) لنصف الناس في كتاب التسويق العصبي وللذين‬
‫يريدون ان يفهمو مضمون السياق وفي بعض االحيان نُطلق عليهم (الناس)‬

‫✓ الناس الّذين يشاركون في الدراسات والتجارب في العادة نطلق عليهم اسم (المشاركون ) النه لم‬
‫يعجبنا ال ُمصطلح الطبي (الحاالت) ومع ذلك فقد قمنا باستخدامه مرة في كل فترة ‪.‬‬

‫في هذا الكتاب ‪ ,‬ستالحظ بان بعض عناين الويب التي ستفصل بين سطرين في النص اذا كنت تقرا‬
‫الطبعة الورقية من هذا الكتاب ‪ ,‬وتريد ان تقوم بزيارة احدى صفحات الويب ‪ ,‬ببساطة فان المفتاح‬
‫في عنوان الويب كما هو واضح تماما ً في النص الظاهر ‪ ,‬كما لو ان الخط الفاصل ليس موجوداأ‪ ,‬اذا‬
‫كنت تقرا هذا الكتاب بنسخته االلكترونية ‪ ,‬فانه من السهل ايجاده فقط قم بكتابة عنوان الويب ليتم‬
‫االنتقال بك الى صفحة لويب مباشرة‪.‬‬

‫اخيراً‪ ,‬في المنظوم العام لسلسلة ( البُسطاء) ال نأخذ مواضيعنا على محمل الجد‪ ,‬وال نكون كذلك‬
‫ايضا ً وذلك ُمهم بشكل خاص لموضوع التسويق العصبي ألن بعض االشخاص يعاملون هذا‬
‫الموضوع على أنه شيء غايةً في التعقيد ليتم فهمه ‪.‬‬

‫عادة ً عندما يُخبرك األخصائي بأن شيئا ً ما في غايةً التعقيد ويصعب فهمه هذا يعني بأنك على وشك‬
‫ان تدفع الكثير من المال أو أنه ال يريدك أن تسأل الكثير من األسئلة ‪,‬نامل أن يُساعدك هذا الكتاب في‬
‫خلق فرص متكافئة بين الممارسين والمستهلكين لخدمات التسويق العصبي وبذلك يكون لدى كل‬
‫الشخص صور أكثر واقعية لما هو حقيقي وما هو مشترك ليتم توقعه في (العالم الجديد الرائع‬
‫للتسويق العصبي )‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫إفتراضات حمقاء‬

‫لقد قمنا بكتابة هذا الكتاب ألي شخص لديه شغف في معرفة التسويق العصبي ‪ ,‬لذلك قُمنا بإفتراض‬
‫عدد قليل من الفرضيات عنك وعن ما تريد معرفته للحصول على أقصى إستفادة من هذا الكتاب إليك‬
‫االفتراضات التي قمنا بإفتراضها‪:‬‬

‫✓ نفترض بأنك لست حاصالً على شهادة في علم النفس أو علم اإلاقتصاد أو اإلحصاء أو علم‬
‫األعصاب‪ ,‬ولكن إن كنت حاصالً على شهادة في تلك التخصصات فإنه لن يُؤثر عليك كثيراً‪.‬‬

‫✓ نفترض بأنك ُمهتم في معرفة طريقة تفكير األشخاص ولماذا يتصرفون بالشكل الذي يتصرفون‬
‫به حتى عندما ال يتصرفون بمنطقية ‪.‬‬

‫✓ نفترض بأنك ُمهتم في كيفية تأثر الناس بالتسويق واإلعالنات ولكننا ال نفترض بأنك خبير في‬
‫تلك المجاالت‪. .‬‬

‫✓ نفترض بأنك ُمهتم بالتسويق العصبي ‪ ,‬ألنك تعتقد بأنه يُمكن أن يُساعدك في أعمالك أو ألنه يمكن‬
‫أن يؤذيك كعميل و لقد قُمنا بتغطية ِّكلتا وجهات النظر بشكل ُمعمق ‪.‬‬

‫✓ نفترض بأنك ترغب في معرفة أفكار جديدة عن دماغك والتي قد تبدو بديهية عن سماعك لها‬
‫للمرة االولى ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الرموز المستخدمة في هذا الكتاب ‪:‬‬

‫الرموز عبارة عن الصور الصغيرة الموجودة على هوامش الكتاب والتي قُمنا بإستخدامها في أرجاء‬
‫الكتاب لنلفت إنتباهك لمعلومات ُمعينة ومعاني هذه الرموز كالتالي ‪:‬‬

‫يُمثل رمز النصيحة اي معلومات قد تُساعدك في تطبيق مبادئ التسويق العصبي في أعمالك أو‬
‫نصيحة‬
‫تصميم تسويق عصبي مفيد أو في الدراسات أو العمل بنجاح مع شركة تعمل في التسويق العصبي ‪.‬‬

‫أكثر النقاط أهمية في كل فصل يتم تمييزها بوضع رمز التذكير ‪ ,‬إن ُكنت تُريد أن تقفز بسرعة إلى‬ ‫تذكَّر‬
‫النقاط الرئيسية في كل فصل ‪ ,‬فقد تتبع رموز التذكير ‪.‬‬

‫نستخدم رمز التحذير لنشير إلى االشياء التي تحتاج إلى أن تبحث عنها فتلك األشياء قد تكون بمثابة‬ ‫تحذير!‬
‫تحديات ُمتعلقة بتفسير المفاهيم العلمية الواردة في الكتاب أو نصيحة تُساعدك في الحصول على‬
‫شركاء التسويق العصبي ‪.‬‬ ‫اقصى إستفادة من العمل مع ُ‬

‫في بعض األحيان ال يُمكننا مشاركتك ببعض التفاصيل التقنية التي لست بحاجة أن تعرفها لفهم بقية‬ ‫أمور‬
‫الفصل في الغالب تلك عبارات هي تفاصيل إضافية عن مواضع علمية أو حول كيفية إستخدام‬ ‫تقنية‬
‫التسويق العصبي في ال ُممارسة العملية وقد ميزنا تلك المعلومات برمز األمور التقنية وبذلك يُمكنك‬
‫تخطيها إن أردت‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫هدف الكتاب‬

‫باالضافة إلى المادة الموجودة في الكتاب المطبوع أو اإللكتروني التي تقرأها حاليا ً يأتي هذا ال ُمنتج‬
‫مع بعض األمور الجيدة فيما يتعلق بالدخول من أي مكان على شبكة االنترنت‪ ,‬تصفح ورقة الغش‬
‫المجانية على الرابط‪www.dummies.com/cheatsheet/neuromarketing :‬‬

‫للنصائح حول كيفية تطبيق التسويق العصبي في اإلعالنات وللمعلومات عن النموذج اإلستهالكي‬
‫البديهي وإختالفه عن النموذج اإلستهالكي العقالني ( يُستخدم في التسويق التقليدي )‬

‫إلى أين نذهب‬

‫بالرغم من أنك ال تستطيع الذهاب إلى أي نُقطة موجودة في هذا الكتاب‪ ,‬لدينا بعض التوصيات‬
‫بخصوص المكان الذي قد ترغب بالبدء به‪.‬‬
‫✓ لألساسيات ‪ :‬نحن نوصي بالفصل االول والثاني النهما يزودانك بلمحة عامة عن الكتاب كامالً‬
‫و ُمقدمة لألساسيات العلمية الخاصة بالتسويق العصبي‪.‬‬

‫✓ إن كان لديك إهتمام في مجال تسويق ُمعين كالعالمات التجارية و تصميم ُمنتجات التسوق أو‬
‫الترقية يُمكنك العثور على الفصل الذي يتناول هذه المواضيع في الجزء الثالث ‪.‬‬

‫✓ إن أردت معرفة كيفية الحصول على أقصى إستفادة من دراسة التسويق العصبي راجع الفصول‬
‫من الثامن عشر وحتى الحادي عشر ‪.‬‬

‫✓ إن أردت أن تتعمق في اآلثار ال ُمترتبة على السياسة األخالقية للتسويق العصبي نقترح عليك‬
‫البدء بالفصل الرابع والثاني والعشرون‪.‬‬

‫إن أردت أن تتعمق أكثر وأكثر في علوم الدماغ والتي ستزودك باُسس التسويق العصبي نقترح عليك‬
‫مقدمتان رائعتان ‪ :‬علم االعصاب للبسطاء ل ‪ Frank Amthor‬واالقتصاد السلوكي للبُبسطاء‬
‫ل‪( Morris Altman‬كالهما نشرهما ‪.)Wiley‬‬

‫لمزيد من إقتراحات القراءة والمراجع لجميع الدراسات التي تم مناقشتها في الكتاب واألمور‬
‫المحذوفة وال ُمضافة لمحتوى الكتاب ومؤشرات فُرص التدريب وال ُمناظرات القادمة يرجى زيارة‬
‫مواقع الويب الخاصة بالمؤلفين ‪www.intuitiveconsumer.com‬‬

‫‪14‬‬
15
‫الجزء االول‬

‫العالم الجديد الرائع للتسويق العصبي‬

‫بريشة ريك تينانت‬ ‫الموجة الخامسة‬

‫تنتقل المعلومات عبر ناقل عصبي من خلية عصبية إلى أُخرى من خالل نقاط اإلشتباك العصبي إلى‬
‫الدماغ حيث تكمن ومن ثم يتم إستقبالها بواسطة صفعة على مؤخرة الرأس‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫في هذا الجزء‪...‬‬

‫يُقدم هذا الجزء لمحة عامة عن العالم الجديد للتسويق العصبي وباإلضافة إلى المواضيع التي سيتم‬
‫تغطيتها بتفصيل أكثر في باقي الكتاب فإن كنت ترغب بتلخيص سريع عن التسويق العصبي وعن‬
‫محتوى الكتاب إبدا من هنا!‬

‫لقد ظهر التسويق العصبي في أبحاث السوق اليوم ويُعزى ذلك لبعض االكتشافات المذهلة في علم‬
‫االعصاب وعلم النفس االجتماعي وعلم االقتصاد السلوكي والذي غيّر مفهومنا عن التجارب التي‬
‫يخوضها الدماغ كالتفسير وإتخاذ القرارات وما يقعله في العالم‪.‬‬

‫ُربما كان من ال ُمحتمل أن تكون هذه اإلكتشافات ُمطبقة على اإلعالنات و التسويق وسلوك المستهلك‬
‫ولكن ال يزال هناك الكثير من اللبس حول هذا المجال الجديد وأكثر من سوء فهم عما يُمكن وما ال‬
‫يمكن القيام به ‪ ,‬وسواء أكان شيئا ً جيدًا أم سيئا ً سنقوم في هذا الجزء بإزالة اللبس وسنقوم بإعطاءك‬
‫لبنة صلبة لفهم التسويق العصبي‪ :‬عن إيجابياته وكيفية تأثيره على أبحاث السوق والتسويق‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل األول‬

‫ما هو صحيح وما هو خاطئ عن التسويق العصبي‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫✓ تعريف مفهوم التسويق العصبي‬

‫✓ جعل العلم القائم على التسويق العصبي أكثر قيمة‬

‫✓ رؤية كيفية إستخدام التسويق العصبي اليوم‬

‫✓ فهم األساسيات ال ُمتعلقة بقياس التسويق العصب‬

‫✓ النجاح مع بحث التسويق العصبي‬

‫التسويق العصبي‪ :‬هو مجال جديد ظهر بسرعة في العالم يتفرع من أبحاث المستهلكين ويرى‬
‫بعض المراقبين أنه ( الكأس ال ُمقدسة) لبحوث التكنولوجيا التي ستخلصنا من ذلك الغموض فيما‬
‫يتعلق بأسرار إختيار ال ُمستهلك والسلوك في الدماغ ‪ ,‬أما لآلخرين فهو أساس الشر الذي سيُعطي‬
‫المسوقين وال ُمعلنين في نهاية المطاف تحكما ً ال حدود له على ُ‬
‫عقولنا وأموالنا ‪.‬‬

‫إذا ً ما هو التسويق العصبي ؟ أهو ٌ‬


‫كاس مقدسة ام اساس الشر ؟‬

‫كما هو الحال مع معظم المبالغات ‪ ,‬تكون الحقيقة في مكان ما في الوسط حيث يقوم التسويق العصبي‬
‫فعليا ً بجلب بعض األفكار واألساليب القوية لبحوث ال ُمستهلك ‪ ,‬وفي هذا الكتاب سنُناقش هذه‬
‫ال ُمساهمات بالتفصيل ولكن التسويق العصبي ليس أُسلوبا ً لتحويل األشخاص إلى ُمستهلكين ( أموات‬
‫على هيئة أحياء) وسنُناقش بالتفصيل عن سبب كون التسويق العصبي هو القضية ‪.‬‬

‫ير للجدل في كثير من األحيان وذلك لعدم فهمه كفاية فهو ينمو ويتطور‬‫إن التسويق العصبي مث ٌ‬
‫هدف متحركٌ في هذه المرحلة ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بسرعة هائلة إذا هو‬

‫‪18‬‬
‫تعريف التسويق العصبي‬

‫وألننا نريد أن يكونَ هذا الكتاب بمثابة مرجع لجميع جوانب التسويق العصبي فتعريفنا لهذا المجال‬
‫حيث قمنا بتعريف التسويق العصبي كأي تسويق أو نشاط متعلق بأبحاث السوق التي‬ ‫ُ‬ ‫واسع جدا ً‬ ‫تذكَّر‬
‫تستخدم األساليب وال ُ‬
‫طرق الخاصة بعلم الدماغ ( راجع القسم التالي )‬

‫في النهاية‪ ,‬يُعد التسويق العصبي حالً لنفس المشاكل التي يهدف لحلها جميع أنواع األبحاث التسويقية‬
‫وكيفية إنفاق الشركة ميزانيتها الخاصة بالتسويق والدعاية لتوصيل قيمة ُمنتجاتها لعمالئها بينما‬
‫تُحقق األرباح والعائدات لمساهميها!‬

‫إن كان التسويق العصبي يمنح الكفاءة في العمل فالبد أن يُساعد المسوقين في حل هذه المشاكل بشكل‬
‫أفضل بكثير من األنواع األخرى من البحوث ‪.‬‬

‫ع آخر من أبحاث‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ,‬ال يوجد أي شئ غامض حول التسويق العصبي فهو ليس إال نو ٌ‬
‫السوق ويخضع لنفس القيود من الوقت والمال والفائدة كأي نوع آخر من األبحاث التي تُنفد كل يوم ‪.‬‬

‫التسويق العصبي مقابل التسويق‬

‫يعتقد بعض الناس أن التسويق العصبي عبارة عن مجال ُمكرس للتأثير على الناس لشراء األشياء –‬
‫في الغالب أشياء ال يحتاجونها وبالتالي هذا األمر خطير ويُعد جزءا ً من المسؤولية التي تقع على‬
‫عاتق المصطلح نفسه‪.‬‬

‫مثير للريبة وكأنه نوع ُمختلف وشنيع من أنواع التسويق ‪ ,‬ولكن هذا ليس‬
‫يبدو أن التسويق العصبي ٌ‬
‫صحيحا ً إليك الفرق الذي يجب أن تأخذه بعين االعتبار ‪:‬‬ ‫تذكَّر‬

‫✓ التسويق هو مجال مكري للتأثير على الناس لتفضيل األشياء وفي النهاية لشراء األشياء بما في‬
‫ذلك األشياء التي قد ال يحتاجونها‪ ,‬حيث يُدرك المسوقون أن الناس لديهم ادمغة وبالتالي تم تكريس‬
‫التسويق للتأثير على عقول الناس‪.‬‬

‫✓ التسويق العصبي هو طريقة جديدة لقياس مدى فاعلية التسويق حيث يعتقد ُمستخدموا التسويق‬
‫العصبي أنها طريقة أفضل لقياس التسويق ألنه قائ ٌم على فهم واقعية و كيفية عمل عقول المستهلكين‬
‫(ننقاش االدلة على هذا اإلدعاء في الفصل الثاني) ‪.‬‬

‫أمر سيء إذا ً من وجهة نظرنا أن شكواك مع التسويق‬


‫لذلك إن كنت تعتقد بأن التأثير على األدمغة ٌ‬
‫وليس مع التسويق العصبي ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ماذا نستفيد من التسويق العصبي‬

‫ومع األخذ بهذه النظرة الشاملة عن التسويق العصبي هنالك ثالث طرق رئيسية يُمكنها ُمساعدتنا على‬
‫فهم التسويق وسلوك ال ُمستهلك بشكل أفضل‪:‬‬

‫✓ يمكنه إخبارنا بما يجري في أدمغة الناس في الوقت الذي يختبرون فيه ال ُمحفزات الموجودة في‬
‫عملية التسويق أي أيّة مواد تسويقية مطروحة في إختبار بحثي تم تحكيمه‪.‬‬

‫✓ يمكنه إخبارنا بكيفية إستجابة األدمغة للمؤثرات التسويقية ال ُمقدمة في سياقات ظرفية مختلفة‪,‬‬
‫على سبيل المثال منتج لوحده و بجانبه ُمنتجات ُمنافسة أُخرى بأسعار ُمختلفة تُباع في متجر تجاري‬
‫على الواقع أو على شبكة االنترنت وهلم جراً‪.‬‬

‫✓ يمكنه إخبارنا بكيفية ترجمة األدمغة لمثل هذه اإلستجابات الخاصة بقرارات ال ُمستهلك وسلوكياته‬
‫مثل شراء منتج ما أو تبديل الشراء من عالمة تجارية ُمعتاد عليها إلى عالمة تجارية جديدة‪.‬‬

‫علم الدماغ واألُسس ال ُمتعلقة بالتسويق العصبي‬

‫إستخدمنا في هذا الكتاب ُمصطلح علم الدماغ لإلشارة إلى كافة المجاالت العلمية التي تكمن وراء‬
‫التسويق العصبي ألننا نُريد التركيز على المصدر العلمي الوحيد الواضح للتسويق العصبي أال وهو‬
‫علم االعصاب‪.‬‬

‫هو ليس فقط العلم الوحيد الذي يكمن وراء التسويق العصبي ولكن في الحقيقة أن التسويق العصبي‬
‫مبني على قمة ال تقل عن ثالث مجاالت في العلوم األساسية والتي ُجمعت مع بعضها البعض كعلوم‬
‫الدماغ أو ببساطة علم الدماغ ‪.‬‬

‫✓ علم األعصاب هو دراسة لجهاز األعصاب البشري بما في ذلك الدماغ وتركيبه ووظائفه حيث‬
‫يُمكنك السيطرة على الجهاز العصبي الطرفي فعلم األعصاب هو األكثر ُمالئمة لفهم الحاالت‬
‫والمشاعر وردود الفعل النفسية للدماغ ال ُمرافقة لرؤية العالمات التجارية وال ُمنتجات و المواد‬
‫التسويقية ‪.‬‬

‫✓ اإلقتصاد السلوكي هو دراسة كيفية إتخاذ الناس للقرارات اإلقتصادية في العالم الحقيقي‬
‫فاإلقتصاد السلوكي هو األكثر ُمالئمة لفهم التاثيرات ال ُمحيطة بإختيار ال ُمستهلك وسلوكه ‪.‬‬

‫✓ علم النفس االجتماعي هو دراسة كيفية تفكير وتصرف الناس ( بشكل حقيقي أو وهمي ) بوجود‬
‫ركز علم النفس االجماعي في السنوات األخيرة على أثر اإلجراءات الالإرادية‬ ‫ُ‬
‫آخرين‪,‬حيث ّ‬ ‫أشخاص‬
‫على تصرفات اإلنسان‪ ,‬وهو العلم األكثر ُمالئمة لفهم كيفية عمل العمليات اإلرادية والإلارادية مع‬
‫بعضها في إختيار المستهلك وسلوكه‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ُمصطلح الدماغ أو العقل؟ ال إرادي أو غير واعي أو الالوعي؟‬

‫الدماغ ُمقابل العقل‬

‫تميل كلمة (دماغ) إلى أن تُستخدم عندما يتحدث الناس عن البُنية التشريحية أو الدارات الموجودة في‬
‫الدماغ‪ ,‬أما ُمصطلح العقل يميل إلى أن يُستخدم لالشارة إلى مشاعر اإلدراك الشخصي التي يولدها‬
‫الدماغ‪ ,‬فعلى سبيل قشرة الفص الجبهي هو جزء تشريحي للدماغ وبشكل عام نحن نستخدم هذه‬
‫المصطلحات بشكل ُمتغير فنحن نعتبر بأن العمليات الالإرادية في الدماغ قد تُعادل (العقل الالارادي‪,‬‬
‫الغير واعي‪,‬طليعة الشعور والالارادي)‬

‫هنالك الكثير من األفكار الزائدة و ال ُمرتبطة بجميع المصطلحات التي يمكن إستخدامها لإلشارة إلى‬
‫العمليات الالإرادية في الدماغ ‪.‬‬

‫والالوعي له بعض الدالالت السيئة من وجهة نظر الالوعي ( الفرويدي ) واالرتباط بحاالت‬
‫التخدير‪.‬‬

‫في المقاُبل يحمل الالوعي داللة ثانوية أو تابعة لشيء ما كما لو أنه شيء أقل وبالتالي أقل من الوعي‬
‫وهنالك مصطلح مشابه أال وهو طليعة الشعور والذي يُمكن أن يكون مناسبا ً تماما ً ‪ ,‬لكنه يعني ان‬
‫االمر غير صحيح دائما ً‪ ,‬وبالنظر إلى كافة المسائل فقد قُمنا‬‫ٌ‬ ‫الوعي دائما ً يتبع طليعة الشعور وهذا‬
‫بإستخدام المصطلح األكثر حيادية ( الالإرادي ) في هذا االكتاب حيث أن إلستخدام هذا المصطلح‬
‫فائدة وهي اإلشارة بشكل محايد إلى كل الال وعي وباإلضافة إلى أن هذا ال ُمصطلح أصبح معيارا ً في‬
‫المؤلفات االكاديمية ‪.‬‬

‫وهناك تخصصات أُخرى مهمة كعلم االقتصاد العصبي وعلم النفس المعرفي والذي يكمن وراء‬ ‫أمور‬
‫التسويق العصبي ايضا ً ولكننا ال نُغطي هذه المجاالت بالتفصيل في هذا الكتاب ‪ ,‬أيضا كالً من‬
‫تقنية‬
‫المجاالت المذكورة هنا تُنتج مجاالت فرعية جديدة أو مجاالت ُمدمجة كعلم أعصاب ال ُمستهلك وعلم‬
‫نفس المستهلك وعلم األعصاب اإلجتماعي وعلم األعصاب ال ُمتعلق بالقرار إن النقطة االساسية هنا‬
‫هي أن هذه األوقات ال ُممتعة في علم الدماغ والتسويق العصبي وهي ال ُمستفيد من كل هذه المجاالت ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫فهم األُسس العلمية الجديدة للتسويق العصبي‬

‫التسويق العصبي عبارة عن نهج ُمميز ألبحاث السوق ألنه قائم على معرفة وإكتشافات جديدة في‬
‫علوم الدماغ ‪ ,‬وهذا أثرى ون ّمى المعرفة بسرعة ووفر العديد من وجهات النظر الجديدة لفهم سلوك‬
‫المستهلك ونحن نسمي هذا المفهوم الجديد للمستهلك ب (نموذج المستهلك البديهي ) ‪ ,‬على عكس‬
‫نموذج المستهلك العقالني الذي يكمن وراء أبحاث السوق التقليدية ( ناقشنا هذين النموذجين بالتفصيل‬
‫في الفصل الثاني)‬

‫في هذا القسم ‪ ,‬سنقدم لمحة عامة عن بعض اإلستنتاجات الرئيسية التي تكمن وراء النموذج‬
‫االستهالكي البديهي والتسويق العصبي حيث يُخبرنا علم الدماغ بأن المستهلك العادي ليس بطيئا ً‬
‫وليس منافس حذر عندما يتعلق األمر بشراء األولويات وفيما يتعلق بالقرارات أيضا ً ولكن البديل هو‬
‫نظرية اإلدراك االجتماعي‪ ,‬التي تُزودك بالدماغ الذي يتكيّف مع التطور للحفاظ على الطاقة وإصدار‬
‫قرارات وأفعال سريعة و فعالة لل ُمستهلك ال بتقييم عميق ومنطقي لرسائل التسويق وإقتناء الفُرص‬
‫حيث تجذب عقول ال ُمستهلكين إلى كل ما هو جديد ومألوف ويفضلون الشيء البسيط على ال ُمعقد‬
‫وهذه الميوالت مبنية في دارات الدماغ والتي غالبا ً ما تؤثر علينا دون مستوى االدراك الواعي وهذه‬
‫هي الصورة الجديدة للدماغ البشري حيث يدور فهمنا حول كيفية رؤية الناس وتفسيرهم للعالم من‬
‫حولهم ‪ ,‬ولهذا الفهم آثار عدة على أبحاث السوق والتي سنتطرق لها في الفصل الثاني وسنقوم‬
‫بتغطيتها بالتفصيل بالفصل الخامس ‪ ,‬ومن أهم هذه اآلثار إمتالك البشر فعليا للقليل من الوعي حول‬
‫السبب الذي يجعلهم يقومون باألمور التي يقومون بها ‪ ,‬وهذا يعني عندما يسأل الباحثون الناس حول‬
‫ما يحبون أو ما سيقومون به‪ ,‬ثبت أن هذه التخمينات ليست واقعية وأن دقة التخمينات التي يقوم بها‬
‫الناس كل يوم حول ما يفكرون أو ما ينوي االخرون القيام به أكثر دقة ‪ ,‬وان الناس ال تكذب او ال‬
‫تحاول خداع الباحثين عندما ال يصدرون مثل هذه التخمينات ‪ ,‬ألنهم حرفيا ً غير مدركين لألسباب‬
‫وال ُمسببات الحقيقية ألفعالهم ‪.‬‬

‫يُحدد هذا اإلستنتاج التحدي األساسي ألبحاث السوق‪ ,‬كما أنها السبب في ظهور التسويق العصبي في‬
‫أبحاث السوق وذلك ألن أسباب التسويق العصبي من ال ُمحتمل أن تكون ناجحة في قياس ردود أفعال‬
‫المستهلكين التي تطرأ دون مستوى اإلدراك الواعي أي بشكل ال واعي‪ ,‬وأن العديد من االفكار‬
‫اإلضافية تتدفق من هذه الصورة القائمة على أساس علمي للمستهلك البديهي وسنركز على ثالث‬
‫جوانب أخرى من هذه الصورة في الجزء الثاني أال وهي كيف تؤثر العواطف على قرارات‬
‫المستهلك وسلوكه وكيف أن األهداف الغير ُمدركة تُحرك القرارات واألفعال وكيف يتخذ ال ُمستهلكون‬
‫القرارات ‪ ,‬وقد قطع علم الدماغ الحديث شوطا ً كبيرا ً في فهم دور العواطف على سلوك المستهلك‬
‫حيث تعمل العواطف على المستويين االرادي والالارادي بحيث يُثروا بعمق تصوراتنا ومعتقداتنا‬
‫وسلوكياتنا حتى وإن لم نكن على علم بها وذلك يؤثر بشكل كبير على ما نُالحظه عن طريق االنتباه‬
‫وكذلك الحال على ما نتذكره عن طريق الذاكرة و قد قُمنا بتغطية هذا الموضوع بدقة في الفصل‬
‫السادس ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫إن األسلوب القائم على توجيه أدمغتنا نحو أي نوع من القرارات أو التصرفات بما في ذلك قرارات‬
‫ال ُمستهلك وأفعاله عن طريق تنشيط السعي لتحقيق األهداف هو النظام التحفيزي الذي تطور على‬
‫مدى ماليين السنين وقد تعلمنا من علم الدماغ على األغلب في العقد الماضي ‪ ,‬بأن األهداف يمكن أن‬
‫تعمل بشكل ال إرادي وفي نفس الوقت بشكل إرادي على عكس تجربتنا ال ُمدركة نحن نقوم بإستمرار‬
‫بتفعيل تحقيق األهداف والتي يمكن أن ال يكون لدينا أي فكرة عنها‪ ,‬إن لهذا اإلستنتاج آثار ضخمة‬
‫فيما يخص التسويق وسلوك المستهلك لكال المسوقيين والمستهلكين وقد أخدنا بعين اإلعتبار هذه‬
‫اآلثار في الفصل السابع ‪.‬‬

‫لقد أحدث فهمنا لصنع القرار البشري ثورة في األربعين سنة الماضية ولقد إعتبرنا صنع القرار‬
‫عملية واعية وعملية ُمتبادلة يُمكن بناؤها بسهولة عن طريق الطلب من شخص ما أن يروي لك كيف‬
‫إتخذ قرارا ً معينا ً أما اليوم فنحن نعلم بأن الناس تستخدم نظما ً مختلفةً في الدماغ إلتخاذ أنواع مختلفة‬
‫من القرارات والكثير من القرارات قد تحدث تلقائيا ً دون مستوى الوعي اإلدراكي ‪.‬‬

‫وقد تأثرت قرارات المستهلكين بشكل كبير بالعوامل الظرفية مثل كيفية عرض منتج في متجر ما وما‬
‫المنتجات االُخرى التي تكون بجانب ذلك ال ُمنتج ‪.‬‬

‫وقد تم دراسة هذه العوامل الظرفية على نطاق واسع في حقل جديد لإلقتصاد السلوكي وقد أشارت‬
‫مجموعة كبيرة من الدراسات بأنها تحدث غالبا دون الوعي اإلدراكي‪ ,‬ومع الكثير من التأثيرات‬
‫صنع القرار الخاصة بالمستهلك نحن بحاجة إلى إلقاء نظرة جديدة على قوة‬ ‫الالإرادية على عملية ُ‬
‫ُ‬
‫حيث نعتقد بأن اإلقناع على األرجح أقل أهمية من التسويق‬ ‫اإلقناع التقليدي في التسويق واإلعالن‬
‫الناجح واإلعالن عكس ما كان يُعتقد سابقا ً‬

‫أفضل ‪ 9‬طرق إلتخاذ القرار الُمتعلق بتفضيالت ال ُمستهلك‬

‫لقد بين التسويق العصبي أن هذه األفكار وغيرها الكثير تُست َمد من علم الدماغ وتقوم بإستعارة‬
‫األدوات والتقنيات المتقدمة في علوم الدماغ بحيث يتم تطبيقها على عالم التسويق وسلوك المستهلك‬
‫وستستمر العلوم األساسية بالتقدم وسيستمر التسويق العصبي باإلسفادة من هذا األساس العلمي‬
‫النابض بالحياة ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫إستكشاف األماكن التي يستخدم فيها ال ُمسوقون التسويق العصبي اليوم‬

‫أصبح التسويق العصبي يُستخدم من قبل المسوقيين في العديد من المجاالت البحثية ( سنخركم في‬
‫الجزء الثالث عن كيفية إستخدامه وما النتائج التي يتم تحقيقها وكيف أنهُ من ال ُمرجح إستخدامه في‬
‫ست مجاالت تسويق رئيسية مستقبالً)‪.‬‬

‫صنعها هو المجال الذي يتناسب فيه التسويق‬ ‫✓ العالمات التجارية ‪ :‬فهم العالمات التجارية و ُ‬
‫العصبي بشكل طبيعي ‪ ,‬والعالمات التجارية هي باألساس أفكار موجودة في العقل الباطن تستمد‬
‫قوتها من خالل وجود إرتباطات ذهنية مع األفكار األُخرى في العقل حيث أن العالمة التجارية القوية‬
‫هي التي تُطلق إرتباطات ذهنية قوية مع أفكار قريبة فتبقى هذه العالمة التجارية "في مقدمة أفكار‬
‫العقل " للمستهلكين ‪ ,‬في الفصل التاسع سنعرض لكم كيف أن اإلرتباطات القوية في الذاكرة طويلة‬
‫المدى تجعل العالمات التجارية الرائدة صعبة اإلستبدال بواحدة ا ُخرى كما سنعرض لكم كيف أن‬
‫أساليب التسويق العصبي يمكن إستخدامها لقياس تأثير العالمة التجارية التي يُمكن أن ال يعلم‬
‫المستهلك بوجودها ‪.‬‬

‫✓ المنتج ‪ :‬يُعتبر إبتكار المنتج وتصميم مجموعة من ال ُمنتجات لعالمة تجارية ما نوعين من‬
‫المجاالت البحثية والتي يقوم التسويق العصبي بتأثيرات ملحوظة فيها وذلك ألن الناس قد تواجه‬
‫صعوبة في توقع األشياء التي سيحبونها أو سيفعلونها في المستقبل حيث يوفر التسويق العصبي ُ‬
‫طرقا ً‬
‫بديلة للمراقبة في حال وجود إستجابة إيجابية من المستهلك إتجاه فكرة جديدة ولقد قمنا بتغطية هذه‬
‫اإلستخدامات وإستخدامات اُخرى للتسويق العصبي في أَبحاث إختبار ال ُمنتج والمجموعة في الفصل‬
‫العاشر ‪.‬‬

‫✓ اإلعالنات ‪ :‬تُمثل بحوث اإلعالنات مجاالً نشطا ً للتسويق العصبي‪ ،‬فما هي آليه اإلعالنات وما‬
‫هو األمر الذي يجعل إعالنا ً ما أنجح من إعالن آخر وقد كان هذا األمر يكتنف بعض الغموض دائما ً‬
‫حيث يوفر التسويق العصبي أدوات وأساليب جديدة تُلقي الضوء على هذا الغموض إن لم تقم بحله‬
‫على وجه الخصوص ‪ ,‬ويقودنا علم الدماغ لفكرة مثيرة لإلهتمام أال وهي أن اإلعالنات يمكن أن‬
‫تعمل بشكل أفضل عندما ال تُركز على شيء ما وأن تكرار اإلرتباطات العاطفية اإليجابية أفضل من‬
‫الرسائل ال ُمقنعة التي تبثها اإلعالنات وربما أكثر فاعلية في تعزيز العالمات التجارية وزيادة‬
‫المبيعات ‪ ( ,‬وقد قمنا بمناقشة هذه األفكار وأفكار اُخرى عن اإلعالنات والدماغ في الفصل الحادي‬
‫عشر ) ‪.‬‬

‫✓ التسويق ‪ :‬التسويق والتسويق داخل المتاجر مجاالت بحثية لدى التسويق العصبي الكثير ليقدمه‬
‫بالتسوق‪,‬وهذا أمر عجيب حيث يقومون بأخذ‬
‫ّ‬ ‫لها‪ ,‬يقوم المتسوقون بالتفكيربقليل من الوعي عند قيامهم‬
‫عدد كبير جدا ً من اإلشارات البصرية والحسية االُخرى طيلة تنقلهم في رحلة التسوق ولكنهم في‬
‫بعض األحيان ال يدركون معظم هذه االشارات والعوامل الظرفية التي تؤثر بشكل كبير في تحديد‬
‫نتائج التسوق وفي األغلب على حساب النوايا اإلدراكية للمتسوقيين فكيف يُمكن إسخدام التسويق‬

‫‪24‬‬
‫العصبي إلختيار ردور أفعال المتسوقيين في كال من بيئات التسويق الحقيقي والمحاكاه والتي سيتم‬
‫تغطيتها في الفصل الثاني عشر ‪.‬‬

‫✓ إستخدام اإلنترنت ‪ :‬وهي ذات صلة وثيقة لتجربة التسوق داخل المتجر وهي التسوق عبر‬
‫اإلنترنت ‪ ,‬ولكن هنالك إختالفات ُمهمة في عالم التسوق عبر اإلنترنت فاإلعالن والبيع يُمكن أن‬
‫يكونا بجانب بعضهما البعض ومع عدم الحاجة لتأجيل إشباع رغبة المستهلك لتكون رحلته القادمة‬
‫إلى مجمع التسوق وكنتيجة لذلك فإن تنشيط والسعي وراء أهداف ال ُمستهلك هما األكثر سرعة‬
‫وديناميكية في التسوق عبر اإلنترنت و لمزيد من التفاصيل على اآلثار ال ُمترتبة على هذا الوضع‬
‫الفريد وكيفية تكيف الدماغ البشري على تجربة التسوق عبر اإلنترنت تصفح الفصل الثالث عشر‪.‬‬

‫✓ الترفيه‪ :‬و هي محطة التسويق األخيرة التي سنستكشفها في الجزء الثالث بالرغم من أن الناس‬
‫أكثر قُدرة على اإلختيار عندما تتم تسليتهم أكثر من إقناعهم حيث أنهم يمتلكون وصوالً إدراكيا ً‬
‫لكونهم وجدوا برنامجا ً تلفزيونيا ً أو فيلما ً أو ألعاب فيديو أكثر تسلية من أشياء اُخرى‪ ,‬ولقد قام علم‬
‫الدماغ بتزويدنا بعض المعلومات المفيدة عن ما يجعل قصة ما مسلية‪ ,‬وكيف يتم تصوير الفائدة‬
‫للدماغ والذي يفتح إمكانية التسويق العصبي في إختبار البرامج الترفيهية‪ ,‬وسنطلع على هذا البحث‬
‫في الفصل الرابع عشر‪.‬‬

‫توضيح كيفية قياس التسويق العصبي إلستجابات المستهلك‬

‫في الجزء الرابع‪,‬سنحول إهتمامنا من مصادر وتطبيقات التسويق العصبي إلى أساسيات إختبار‬
‫التسويق العصبي وكيف أن أساليب قياس التسويق العصبي تختلف عن أبحاث التسويق التقليدية‬
‫وكيف أنها ُمقتبسة من أدوات وتقنيات الدماغ‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬نؤكد على الرغم من أن مستخدمو التسويق العصبي إنتقدوا بعض الفرضيات التي تكمن وراء‬
‫أبحاث السوق التقليدية والتي ال يزال هنالك مكان لهذه المناهج بين مناهج البحث الحديثة‪ ,‬في الفصل‬
‫الخامس عشر سنستعرض الثالثة حقول ال ُمنتجة ألبحاث السوق‪ -,‬المقابالت‪ ,‬مجموعات‬
‫التركيز‪,‬واإلستطالعات ومناقشة متى يشكلون خطرا ً وقيوداً‪.‬‬

‫وبالنظر إلى أدوات البحث الجديدة للتسويق العصبي ‪ ,‬سنرى في الفصل السادس عشر بأنهم جميعهم‬
‫يندرجون ضمن فئتين عامتين‪ :‬المناهج التي تقسم إستجابات الجسم للتسويق و المناهج التي تقيس‬
‫إستجابات الدماغ‪ ,‬وكل منهج يُجسد نوعا ً مختلفا ً من اإلشارات‪ ,‬وكالً منها يأتي بمجموعة مختلفة من‬
‫اإليجابيات والسلبيات كونتها تكنولوجيا القياس ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫في الفصل السادس عشر وحتى الثامن عشر سنستعرض هذه األساليب بالتفصيل ‪.‬‬

‫وأكثر التدابير الفسيولوجية أو البيولوجية أهمية (بنا ًء على إشارات الجسم) ال ُمستخدمة في التسويق‬
‫العصبي والتي تتتضمن التالي‪:‬‬

‫✓ تعابير الوجه‪ :‬يُسجل وجه اإلنسان تشكيلة واسعة من الحاالت العاطفية والتي من خاللها يُمكن‬
‫قراءة تعابير الوجه على مستويين‪ :‬تغيرات ملحوظة في التعبير‪,‬على سبيل المثال يبتسم أو يستهجن)‬
‫أو تغير العضالت الصغيرة الغير ملحوظة (على سبيل المثال تتقلص العضالت ال ُمرتبطة بردود‬
‫الفعل العاطفية اإليجابية والسلبية‪,‬وقد إكتشفت قياسات تعابير الوجه لتكون مؤشرا ً قويا ً لردود الفعل‬
‫العاطفية والتي تُسمى (التكافؤ العاطفي)‪.‬‬

‫✓ آلية تتبع العين‪ :‬قياس حركات العين وإتساع حدقة العين عند مشاهدة شيء أو مشهد ما‪ ,‬حيث أن‬
‫ٌ‬
‫ملحق إلجراءات‬ ‫لتتبع العين إستخدامات كثيرة في التسويق العصبي‪ ,‬كالهما أدواتٌ ُمنفصلة وكأنهما‬
‫اُخرى كسرعة وإتجاهاه التغيرات في حاالت الغاز أيضا ً تُزودنا بمؤشرات إهتمام و فائدة وإنجذاب‬
‫قيّم‪.‬‬

‫✓ النشاط الكهربي‪ :‬مقياس للعرق الموجود على الجلد وعادة ً يُقاس باالَصابع‪ ,‬وتزداد اإلشارات مع‬
‫إزدياد اإلثارة الحسية كالتحفيزوال ُمتعة حيث يُعزى لعدم القدرة على التمييزبين التكافؤ الحسي‬
‫اإليجابي والسلبي‪.‬‬

‫سرعة نبضات القلب وسرعة تنفس الشخص‬ ‫✓ التنفس و ُمعدل ضربات القلب‪ :‬تُركز القياسات على ُ‬
‫حيث تم إيجاد معدل ضربات القلب لتبطيئها بشكل مؤقت عند إزدياد اإلنتباه أما التنفس العميق‬
‫والسريع ف ُمرتب ٌ‬
‫ط بال ُمتعة‪ ,‬بينما يتضمن التنفس السطحي كالً من التركيزو التوتر أو الذعر والخوف‪.‬‬

‫✓ وقت اإلستجابة‪ :‬إحدى الطرق التي تكشف عمليات الدماغ الالواعي في السلوك من خالل تسهيل‬
‫أو التدخل في سرعة اإلستجابة إتجاه المقارنات أو الخيارات البصرية وقياس وقت اإلستجابة وتقديم‬
‫طريقة بسيطة وسهلة إلختبار قوة الترابط بين المفاهيم ال ُمختلفة‪ .‬والتي إستخدمت بطريق ٍة ناجحة من‬
‫قِّبَ ِّل ُمستخدمو التسويق العصبي في الدماغ إلختيار ال ُمنتج والغالف‪.‬‬

‫عادة ً ما تكون القياسات العصبية مبنية على إشارات الدماغ أكثر تعقيدا ً ودقةً من قياسات الجسم‪ ,‬في‬
‫بعض األحيان يكون الجهد اإلضافي والتكلفة ُمرتبطان بتلك التقنيات التي تستحق كل ذلك العناء‪,‬‬
‫ثالث طرق لإلشارة تم التحدث عنها بشكل عام عند النقاش الخاص بالقياسات العصبة‬ ‫ُ‬ ‫وهنالك‬
‫للتسويق العصبي ‪:‬‬

‫✓ التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي‪ :‬وهذا االُسلوب هو ال ُمفضل لدى الباحثين االكاديميين‬
‫مكان داخل الدماغ‪ .‬وذلك عن طريق قياس تدفق الدم‬‫ٍ‬ ‫وذلك ألنه يسمح بالتصوير الدقيق للنشاط في أي‬

‫‪26‬‬
‫بسبب إحتواء الدم على الحديد حيث يُمكن تتبع هذا التدفق من خالل المغناطيس الضخم الذي يُحيط‬
‫بدماغ الشخص الذي تمت دراسته إن آلالت الرنين المغناطيسي الوظيفي آالت باهظة الثمن ولكنها‬
‫تتواجد في أَغلب ال ُمستشفيات و الجامعات ومراكز التصوير ال ُمنفصلة‪.‬‬

‫وال يُستغنى عنهم في إختبار النظريات الخاصة في آلية عمل الدماغ ولكن بعض ُمستخدمو التسويق‬
‫العصبي يبتعدون عن التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي بسبب تكلفته العالية والتعقيد وإختبار‬
‫البيئة اإلصطناعية فهو أمر ُمبالغ فيه بالنسبة ألبحاث السوق‪.‬‬

‫شهرة ً ويُعزى ذلك ل ُكلفته‬


‫✓ التخطيط الكهربائي للدماغ‪ :‬ربما هو أكثر تكنولوجيا التسويق العصبي ُ‬
‫ال ُمنخفضة وكون األدوات المطلوبة تتميز بإمكانية التحكم بها ويقيس تخطيط الدماغ الكهربائي قوة‬
‫فروة الرأس في حقول كهربائية صغيرة تتولد من نشاط الدماغ حيث أنها تكنولوجيا راسخة إستفادت‬
‫من المؤلفات األكاديمية الهائلة‪ .‬والتحجيم األكبر لتخطيط الدماغ الكهربائي يُعزى لعدم قُدرته على‬
‫قياس التغيرات في النشاط الكهربائي بشكل عميق داخل الدماغ‪.‬‬

‫✓ التخطيط المغناطيسي للدماغ‪ :‬هذه التقنية تقيس التغيرات اللحظية داخل حقل مغناطيسي يُنتجه‬
‫الدماغ وله العديد من اإليجابيات ولكنه يتطلب أكثر من مليون دوالر كتجهيز لآللية ويجب أن تكون‬
‫فائقة البرودة أي إلى ما يُقارب الصفر لتعمل وتُستخدم هذه التقنية في الدراسات األكاديمية‪ ,‬ولكنها لم‬
‫تكن طريقة عملية للتسويق العصبي التجاري‪.‬‬

‫جميع تلك التقنيات سنناقشها بالتفصيل في الفصل السادس عشرحيث سنُغطي سلبياتها وإيجابياتها في‬
‫أنواع ُمختلفة من األبحاث في الفصل الثامن عشروأيضا ً سنناقش كيف أن بعض الشركات الرائدة‬
‫تقوم بدمج أنواع ُمختلفة من األبحاث ‪-‬التسويق العصبي والتسويق التقليدي‪ -‬ضمن هيكل تنظيمي‬
‫موحد لتقديم وحدة ُمتكاملة ونظرة ُمتعددة األبعاد إلهتمامات وسلوكيات ال ُمستهلك‪.‬‬

‫وقد ُخصص الفصل السابع عشر لموضوع التسويق العصبي والميزانية‪ ,‬وقد قُمنا بشرح ثالث‬
‫إستراتيجيات يُمكن أن تُستخدم لكسب أفكارغير ُمرحب بها تتيعلق بالتسويق العصبي ألعمالك‪:‬‬

‫✓ دراسات زمن اإلستجابة‪ :‬يٌمكن إستخدام برنامج ال ُمزامنة الخاص بالتوقيت لقياس زمن اإلستجابة‬
‫في األلف من الثانية‪ ,‬سواء كنت تستخدم اإلنترنت أو في مختبر الكمبيوتر حيث يُمكن لدراسات زمن‬
‫االستجابة أن تقوم بتحويل األفكار غير ُمكلفة إلى عالمات تجارية أو ُمنتج ُمميز في مجال التسوق‬
‫باإلضافة إلى اإلستجابة لكل من اإلعالنات الثابتة وال ُمتغيرة‪.‬‬

‫✓ الخدمات عبر اإلنترنت ( تتبع العين وتحليل تعابير الوجه)‪ :‬تستطيع الدراسات عبر اإلنترنت‬
‫اآلن أن تُدرج ُكال من تتبع العين وتعابير الوجه وذلك باستخدام كميرات خاص باإلنترنت أو كميرات‬
‫موجودة داخل الكومبيوتر‪ ,‬إلى جانب تصاميم تجريبية ذكية والتعهيد الجماعي أي ُمراهنة إفتراضية‬
‫حيث تمنح هذه القدرات فُرصا ً إلختبار آالف المشاركين في الدراسة عبر‬
‫ُ‬ ‫لتنبؤ ب ُمخرجات السوق‬
‫اإلنترنت بأسعار زهيدة وبوقت أقل‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫✓ التجارب السلوكية‪ :‬يستمد اإلقتصاد السلوكي أفكار ومبادئ من خالل ُ‬
‫طرق الناس في إتخاذ‬
‫القرار في ظروف العالم الحقيقي‪ ,‬وبذلك نُرشدك إلى كيفية إعداد وتشغيل التجارب السلوكية في‬
‫متجرك أو على موقعك االلكتروني و إختبار نتائج تكوينات مختلفة بشكل نسبي بسرعة وسهولة‪.‬‬

‫النجاح مع دراسات التسويق العصبي‬

‫تم تخصيص الجزء الخامس للقضايا العملية واألخالقية ال ُمتعلقة بأبحاث التسويق العصبي‪ .‬في الفصل‬
‫التاسع عشر حيث سنقوم بتعريف خمس جوانب عملية من دراسات االتسويق العصبي التي تحتاجها‬
‫لفهم ما إذا ُكنت ترغب بأقصى إستفادة من العمل مع أحد موردي التسويق العصبي‪ ,‬وذلك ألن‬
‫التسويق العصبي مجال جديد ويجب عليك التأكد بأن المزود لديه لبنة صلبة في كل من المجاالت‬
‫التالية‪:‬‬

‫✓ التصميم التجريبي‪ :‬هل تجربتك ُمصممة إلختبار كفاءة الفرضيات والسيطرة على العوامل‬
‫الخارجية التي يُمكن أن تخلط أو تطمس نتائج الدراسة ؟‬

‫✓ صحة القياس والموثوقية‪ :‬إلى أي مدى تم إختبار مقاييس المورد ؟يجب اإلجابة على سؤاالن‬
‫رئيسيان ُهما‪ :‬هل يقيسون فعليا ً ما قاله ال ُمزود وأكد على قياسه؟ وهل تشمل العينات الجديدة قياس‬
‫الظروف المستقبلية ؟‬

‫✓ اإلجراءات الوقائية ضد اإلستخراج العكسي‪ :‬يُمثل هذا ال ُمصطح األنواع المشتركة من‬
‫اإلستخراج المنطقي في دراسات التسويق العصبي فإن كانت إشارة الدماغ (ا) نشطة‪ ,‬إذا ً الحالة‬
‫العقلية للدماغ (ب) يجب أن تكون نشطة‪ ,‬ولكن حتى وإن كانت الحالة العقلية للدماغ(ب) ُمتصلة مع‬
‫إشارة الدماغ (ا) فإنها ال تتبع المنطق التالي‪" :‬في كل مرة تكون إشارة الدماغ (ا) نشطة‪ ,‬فإن الحالة‬
‫العقلية للدماغ (ب) نشطة" حيث يُمكن إلشارة الدماغ (ا) أن تظهر ألسباب اُخرى لذى يجب أن تكون‬
‫لدى المزود القدرة على توضيح كيفية التعامل مع تحديات اإلستخراج‪.‬‬

‫✓ الداللة اإلحصائية‪ :‬ينبغي تطبيق اإلختبارات اإلحصائية المناسبة لتحديد اإلحتماالت وإن النتيجة‬
‫لم تأتي بمحض الصدفة والتعقيد ال ُمعطى للعديد من تصميم التسويق العصبي‪ ,‬فاإلختبارات ال ُمناسبة‬
‫ليست بتلك السهولة‪.‬‬

‫✓ البيانات المعيارية (معايير المقارنة)‪ :‬هل يُمكن للمزود توفير بيانات ترتبط قياساتها بالقياسات‬
‫السلوكية لنجاح التسويق ؟على سبيل المثال‪ ،‬الشركات الخاصة بأبحاث اإلعالنات تزود الناس‬
‫ت معيارية تقارن المعايير ال ُمسجلة على قياسات المبيعات منتج ما أو قياسات أداءٍ آخر في‬‫ببيانا ٍ‬
‫ُ‬
‫األسابيع األخرى ويتم إختبار اإلعالنات التي تم عرضها ُمسبقا ً ‪.‬وما هي نوعية البيانات المعيارية‬
‫ي أن يمتكلها إلظهار القيمة التنبؤية للقياسات ؟‬
‫التي على مزود التسويق العصب ّ‬

‫‪28‬‬
‫تقوم بمراجع ٍة بسيطة ‪،‬ولكنها تكون حاسمةً (قائمة مراجعة ما قبل الطيران) قبل‬
‫ونحن نحبّذ بأن َ‬
‫اإللتزام بأي دراسة للتسويق العصبي‪ ،‬على قائمة المراجعة أن تحتوي على خمسة أسئلة ‪:‬‬

‫✓ هل تقوم بإختبار الفرضية الصحيحة ؟‬

‫ي المناسب ؟‬
‫✓ هل لديك التصميم التجريب ّ‬

‫✓ هل تقوم بإختبار المواد المناسبة ؟‬

‫✓ هل تقوم بأخذ عينة من السكان المناسبين ؟هل تعلم كيف ستقوم بإستخدام نتائجك ؟‬

‫ومع المعلومات التي تمت تغطيتها في هذا الكتاب‪ ،‬نحن نعتقد بأنك سوف تكون ُمجهزا ً بالكامل‬
‫لإلجابة على جميع تلك األسئلة‪ ،‬وأن تقوم بإجراء دراس ٍة صالحة موثوق بها للتسويق العصبي‬
‫‪.‬وسنقدم المزيد من التفاصيل حول كل سؤال في الفصل العشرين ‪.‬‬

‫درسان في تَعَلُ ِّم كيفية تحقيق النجاح مع دراسات التسويق العصبي ‪:‬كيف تختار الشريك‬
‫ِّ‬ ‫ال يزال هناك‬
‫ال ُمناسب ؛لمساعدتك على إجراء بحوث التسويق العصبي‪ ،‬وكيف تتأكد من معرفة أي دراسات‬
‫التسويق العصبي قامت بتلبية أعلى المعايير األخالقية ‪.‬‬

‫وفي الفصل الحادي والعشرين‪ ،‬سنتطرق إلى كيفية إختيار شريك التسويق العصبي األفضل لتلبية‬
‫إحتياجاتك‪ ،‬وكلما نما هذا المجال سنشهد فيه ظهور نوعان من الشركاء التي يمكن أن تأخدهم بعين‬
‫اإلعتبار ‪:‬‬

‫✓ موردّو التسويق العصبي ‪:‬هي الشركات التي تقوم بإجراء دراسات التسويق العصبي من أجلك‪،‬‬
‫بإستخدام منهجيا ٍ‬
‫ت من إختيارهم‪ ،‬ويأتي كل مزود بخبرته وبتجربته ليضعها في دراستك‪ ،‬ويميل‬
‫المزودون إلى العمل بشكل ُمنعزل عن بعضهم البعض ‪.‬‬

‫✓ مستشارو التسويق العصبي ‪:‬هي سلسلة مختلفة من ُمقدمي الخدمة والذين بدأوا بالظهور على‬
‫ساحة التسويق العصبي‪ُ ،‬مستشارو التسويق العصبي ال يقومون بإجراء الدراسات بأنفسهم‪ ،‬ولكنهم‬
‫يقدمون النصح والمشورة للشركات والمؤسسات التي ترغب بإجراء دراسات التسويق العصبي أو‬
‫ث أكبر ولكن بحاجة إلى شريك لمساعدتهم للقيام بالعديد من األُمور التي تم تغطيتها في‬‫لبرنا َمجِّ أبحا ٍ‬
‫كتابك ‪:‬إختر المزود(ون) المناسب(ون)‪ ،‬إسأل األسئلة الصائبة‪ ،‬قم باإلشراف على المشروع‪ ،‬قدم‬
‫تفسير ُمستقل للنتائج‪ ،‬قد يتصرف ُمستشارو التسويق العصبي في بعض األحيان كمقاولين يقومون‬
‫بتجميع فريق البحث ‪،‬و يقومون باإلشراف على المشروع‪ ،‬وأيضا ً يقومون بالمساعدة في دمج النتائج‬
‫مع عملية إتخاذ القرار الخاصة بعملك ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫التفاصيل حول هذين النوعين من الشركاء باإلضافة إلى السلبيات واإليجابيات ال ُمتعلقة بإختيار أحدهم‬
‫ستت ُم مناقشته في الفصل الحادي والعشرين‪ ،‬وفيما يتعلق ببعض مستخدمي التسويق العصبي‬
‫ي وليس المنهجي أو التنظيمي ؛ويُعزى‬ ‫ال ُمحتملين‪ ،‬تتمحور القضية األكثر أهمية حول إعتماده األخالق ّ‬
‫ذلك للخالفات التي لحقت بالتسويق العصبي على مر السنين فالكثير من ال ُمسوقين يرغبون في معرفة‬
‫سس األخالقية والمعايير التي ترتكز عليها‬ ‫ما إن كان التسويق العصبي يرتكز على نفس األ ُ‬
‫تخصصات أبحاث السوق االخرى ‪.‬‬

‫وفي الفصل الثاني والعشرين‪ ،‬سنقوم بتلخيص مجموعة من الضمانات والمبادئ األخالقية التي يُ ْعتقد‬
‫بأن على جميع المزودون التحلي بها لنضمن سالمة كل الدراسات‪ ،‬وأنه تم تصويرها بدقة‪ ،‬وأنها‬
‫جديرة ٌ بالثقة ‪.‬‬

‫والعديد من هذه الضمانات والمبادئ بدأ العمل بها من قِّبل البعض‪-‬بما في ذلك تمييز الذين يتمتعون‬
‫بصفات أخالقية‪، -‬وقد قمنا بتلخيصهم تحت ثالثة مبادئ رئيسة ‪:‬‬

‫✓ حماية حقوق بحوث المشاركين التي تضمن السرية‪ ،‬واإلفصاح التام‪ ،‬والسالمة ؛تماشيا ً مع‬
‫المبادئ اإلرشادية لمواضيع اإلنسان الخاصة ووزارة الخدمات اإلنسانية والصحة األمريكية‬
‫والهيئات والمنظمات األخرى حول العالم ‪.‬‬

‫✓ تقدم أبحاث ونتائج عادلة بمنتهى الدقة في جميع وسائل اإلعالم واإلتصاالت التسويقية ‪.‬‬

‫✓ تقديم دليل على الصحة والموثوقية بجميع المقاييس العصبية ‪،‬والحيوية للمشتريين ال ُمحتملين‬
‫لخدمات التسويق العصبي ‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى ذلك كله ‪،‬فقد ناقشنا بروز معايير الصناعة الخاصة بالتسويق العصبي من المنظمات‬
‫البحثية مثل ‪، ESOMAR (www.esomar.org) :‬ومؤسسة بحوث اإلعالن ( ;‪ARF‬‬
‫‪، )www.thearf.org‬وقد قمنا بالنظر بالتفصيل إلى ُمبادرة المعايير العصبية لبحوث اإلعالن التي‬
‫تم إطالقها من خالل ‪ ARF‬وبرعاية بعض ال ُمعلنين األكثر في العالم ‪.‬‬

‫وأخيراً‪ ،‬قمنا بإعادة النظر في بعض المسائل القانونية واإلجتماعية والسياسية الهامة المتعلقة‬
‫بالتسويق العصبي‪ ،‬إستنادا ً إلى األدلة التي قمنا بجمعها في هذا الكتاب‪ ،‬وهي أن التسويق العصبي هو‬
‫شكل قانوني ألبحاث السوق التي ستستمر باإلزدياد الشعبي‪ ،‬وتقديم قيمة للتسويق كمجتمع‪ ،‬وهو ليس‬
‫غسيل للدماغ أو مؤامرة لجعل الناس يفرطون في الشراء أو اإلستهالك‪ ،‬واآلن هو بحاجة إلى أن يتم‬
‫اإلشراف عليه بنفس المعايير األخالقية كأي منهجية بحثية أُخرى‪ ،‬ونحن متفائلون فيما بتعلق‬
‫بمستقبل التسويق العصبي‪ ،‬واألمان بأنه يمكن أن يكون مصدر خير للمجتمع‪ ،‬ونغلق الجزء الخامس‬
‫بمناقشة ثالثة مجاالت ‪،‬حيث يمكن للتسويق العصبي أن يؤثر إيجابيا ً على السياسة العامة‪ ،‬الخدمات‬
‫العامة‪ ،‬تصميم السياسة العامة‪ ،‬التنفيذ‪ ،‬والتعليم ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫التسويق العصبي ‪:‬هو طريقة جديدة للتفكير في التسويق‪ ،‬وقد برز ذلك خالل العقد الماضي ؛ويعزى‬
‫ذلك لطرح التسويق العصبي –بخاصة المجاالت الخاصة بعلوم الدماغ‪ ،‬االقتصاد السلوكي‪ ،‬وعلم‬
‫النفس اإلجتماعي– بصورة جديدة عن كيفية تفكير الكائنات البشرية وكيف تقرر وتتصرف في العالم‬
‫ت ال أكثر ‪ ...‬قبل هذه الصورة التي سيتم تطبقها على سلوك المستهلك‪،‬‬ ‫الحقيقي‪ ،‬وما هي إال مسألةُ وق ٍ‬
‫كما سنعرض لكم في الفصل الثاني‪ ،‬والذي يخبرنا الكثير عما كنا نظن أنه صحيح ِّحيال تفكير‬
‫المستهلك والسلوك وهو في واقع األمر خاطئ ‪...‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫ما نعلمه اآلن هو ما لم نعلمه سابقا ً‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫✓ فهم كيف تم اإلطالع على سلوك المستهلك ‪،‬وإختباره لسنوات ‪.‬‬

‫✓ إكتشاف كيف أن الناس تدرك ‪،‬وتقوم بتفسير العالم من حولها ‪.‬‬

‫✓ التفكير في الناس على أنهم مستهلكيين بديهيين ‪،‬وليس على أنهم مستهكون عقالنيون ‪.‬‬

‫فِّهم التسويق العصبي على أنه ‪:‬قبول بعض األفكار الجوهرية الجديدة والتي هي مختلفة كل اإلختالف‬
‫عن الطرق التقليدية عن التفكير بالمستهلكين‪ ،‬التسويق‪ ،‬واإلعالن‪ ،‬يتطلب التسويق العصبي من‬
‫المختصين النظر إلى ما يقومون به بطريقة مختلفة ‪.‬‬

‫في هذا الفصل‪ ،‬سنقوم بإعطائك جميع األساسيات التي تحتاجها لمعرفة جميع طرق التفكير القديمة‪،‬‬
‫والطرق الجديدة التي أدت إلى ظهور التسويق العصبي‪ ،‬وقد بدأنا بالنظر إلى اإلعالنات ؛ألن أبحاث‬
‫اإلعالنات كانت أول نوع من أنواع أبحاث التسويق ظهورا ً ‪.‬واستعرضنا كيف كان الناس ينظرون‬
‫إلى اإلعالنات لسنوات‪ ،‬وبهذا فنحن لدينا فكرة عن كيفية تطور هذا النوع من البحوث‪ ،‬وتبين لنا بأن‬
‫هذا النوع من البحوث كان مبنيا ً على ت ّ‬
‫صور كيفية تفكير المستهلك وكيفية إتخا ِّذ ِّه للقرارات وهذا ما‬
‫يُسمى بالنموذج اإلستهالكي العقالني‪ ،‬ومن ثم سنعرض لكم ما توصل له علم الدماغ وعن كيفية‬
‫تفسير وإدراك الناس للعالم ؛ألنك عندما تفهم ذلك ستعلم لما التسويق العصبي قد برز بين العلوم‬
‫الجديدة ‪.‬وأخيرا ً سننهي هذا الفصل بإقتراح طريقة جديدة للتفكير بنموذج المستهلك البديهي ‪.‬‬

‫إعتقاداتنا السابقة عن المستهلكين‬

‫أمور أكثر تعقيدا‪ ،‬حيث يميل المسوقون إلى‬


‫ٍ‬ ‫في األيام الماضيه –قبل بدأ علم الدماغ من صنع‬
‫التفكير بالمستهلكين بشكل أساسي كمعالجين المنطقيين للمعلومات مع كمية بسيطة من األحاسيس‬
‫البديهية والتي ألقي فيها هذا النموذج اإلستهالكي العقالني والذي يمكن أن يذكركم بشخصية من‬
‫مسلسل ‪ ،Star Trek‬المذبذب ذو أذنين وفائق المنطقية (السيد سبوك)‪ ،‬في هذا القسم نستخدم السيد‬
‫سبوك لتوضيع النموذج اإلستهالكي العقالني ومن ثم سنوضح كيف أن األفكار األولية ستكون عن‬
‫التسويق واإلعالن التي ستتمحور حول هذا النموذج اإلستهالكي ‪-‬النموذج االستهالكي العقالني‪-‬‬
‫‪،‬وسوف نتطرق حول كيفية إختبار فاعلية التسويق واإلعالن‪ ،‬وسنشير إلى عيوب هذه الطريقة‬
‫القديمة في النظر إلى المستهلكين ‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫ال ُمستهلك العقالني‪ :‬ذهب السيد سبوك للتسوق‬

‫يطمح السيد سبوك إلى أن يصبح مستهلك عقالني باحث وصاحب قرار منطقي‪ ،‬وفي الغالب بسبب‬
‫إثارة زميله (الدكتور م ّكوي)‪ ،‬والطبيب ال ُمعالج في السفينة‪ ،‬الذي يعتمد على مشاعره في إتخاذ‬
‫سدون دور (الدكتور م ًكوي) أكثر من (السيد سبوك)‪ ،‬كان‬‫القرارات‪ ،‬وبالرغم من أن ال ُمستهلكين يج ّ‬
‫نموذج المستهلك العقالني هو المعيار الذهبي لعدّة سنوات‪ ،‬مع األخذ بعين اإلعتبار الخصائص‬
‫المنطقية للسيد سبوك ‪،‬وهذا بالفعل يمكن تضيفه لتجربة التسوق ‪:‬‬

‫ُ‬
‫يبحث دماغه عن المعلومات فيُخزنها‪ ،‬ويقوم‬ ‫✓ يفكر السيد سبوك في مدى توفر المعلومات ‪:‬‬
‫بإسترجاعها إلتخاذ القرارات‪ ،‬وليس للعواطف أي دور ُمهم في كل تلك العمليات ‪.‬والسيد سبوك على‬
‫دراي ٍة بالعالمات التجارية والمنتجات‪ ،‬ألن دماغه يجمع المعلومات ويتذكرها طوال حياته ‪.‬‬

‫✓ يُمكن للسيد سبوك إسترجاع هذه المعلومات بالكامل وبشك ٍل دقيق‪ ،‬في أي لحظة حينما يتعرض‬
‫لموقف مشابه له حيث يعمل دماغه تماما ً كالقرص الصلب في الحاسوب ‪.‬‬

‫✓ يحدد السيد سبوك تفضيالته بعقالنية بين أي مجموعة من البدائل‪ ،‬تكون تفضيالت السيد سبوك‬
‫واضحة ال لبس فيها ‪،‬وثابتة ( طالما خصائص هذه البدائل ثابتة ) ‪.‬‬

‫✓ يستخدم السيد سبوك حسابات التكلفة والعائد إلتخاذ القرارات المتعلقة بالشراء وهذه الحسابات‬
‫يتم تحديدها‪ ،‬على سبيل المثال ‪:‬أن السيد سبوك سيحجز العالمة التجارية (أ) أو (ب) في عربة‬
‫التسوق ‪.‬‬

‫✓ يُمكن ألفضليات السيد سبوك أن تتغير في حالة واحدة ‪،‬أال وهي تقديم معلومات جديدة تقوم‬
‫بتغيير ُمعتقداته عن ال ُمنتجات فتؤثر على سلوكه فتغيره‪ ،‬إن كان ُمقتنعا ً بأن معتقداته السابقة خاطئة‬
‫‪.‬‬

‫✓ وسائل اإلتصال الخاصة بالتسويق واإلعالن ‪:‬هي عبارة عن رسائل تقدم حجج منطقية‬
‫صمم إلقناع السيد سبوك‬
‫وعقالنية عن العالمات التجارية والمنتجات ووسائل االتصال ‪:‬كل ذلك ُ‬
‫حتى يختار المنتج (أ) عن المنتج (ب) في حالة الشراء ‪.‬‬

‫✓ الحالة الوحيدة التي من الممكن أن تؤثر على السيد سبوك هي إسترجاعه بوعي حججهم‬
‫ال ُمقنعة ‪:‬فعند تذكره إياهم‪ ،‬يمكن أن يقوم بتطبيقها في قرار الشراء وحسابات التكلفة والعائد ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫علم األعصاب الحديث‪ ،‬وعلم النفس اإلجتماعي‪ ،‬وعلم اإلقتصاد السلوكي قدموا إعتراضات قوية‬
‫أثر على‬
‫على ك ٍل من هذه اإلفتراضات‪ ،‬وفي القسم التالي‪ ،‬سنعرض كيف أن لهذه اإلفتراضات ٌ‬
‫أبحاث التسويق واإلعالن ألكثر من قرن ‪.‬‬

‫عقالني لمستهلكين عقالنيين‬


‫ّ‬ ‫تسويق‬
‫ٍ‬ ‫النماذج العقالنية من أجل‬

‫الرواد األوائل لبحوث التسويق واإلعالن كان البد أن يكون لديهم شيء ُمشابه لهذا النموذج العقالني‬
‫في العقل عندما قاموا بصياغة النظريات األولى لـ "فعالية اإلعالن" في بداية القرن العشرين‪ ،‬وقد تم‬
‫إشتقاق هذه النظريات من أفضل نموذج اإلقناع الناجح في ذلك الوقت أال وهم مندوبي المبيعات ‪.‬‬

‫في عام ‪ ،1903‬كان تعريف اإلعالن شهيرا ً باسم " فن البيع في الطباعة " ‪ ،‬واإلعالن األكثر من‬
‫هؤالء في األيام األولى كان ُمصمما ً لتحفيز مندوبي المبيعات ‪،‬بنقل رسالة مقنعة بسرعة بهدف‬
‫مشتر ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫تحويل العميل المحتمل إلى‬

‫ي‪ ،‬وعمليةٌ مبنية على المعلومات‪ ،‬حيث ال يوجد مكان‬ ‫كان ينظرللبيع عبر اإلعالن على أنه عقالن ّ‬
‫إلستئناف العواطف أو ما نسميه " اإلبداع " في اإلعالن ‪.‬كمندوب المبيعات الجيد‪ ،‬يكون اإلعالن‬
‫جيدا ً على قدر المعلومات المطلوبة‪ ،‬وتقديم الحجج المقنعة لل ُمنتج‪ ،‬ومن ثم شر ٌح عن كيفية شراء‬
‫ال ُمنتج‪ ،‬هذه هي الطريقة التي يعمل بها ‪.‬‬

‫نموذج الـ (‪: )AIDA‬هو أول ترجمة لنظرية المبيعات إلى نطرية إعالنات‪ ،‬وهي عادة ً ما تُنسب إلى‬
‫أمور‬
‫(إلمو لويس) الذي صاغها في كتابات عدّة على مدى العقد األول من القرن العشرين‪ ،‬وكانت أفكار‬
‫لويس تدور حول أن التسويق يعمل من خالل التسلسل الهرمي للجهود التي يجب أن تُبذل بنظام ثابت‬
‫تقنية‬
‫لتقديم نتائج إيجابية ‪.‬وإختصار هذا النموذج هو (‪ُ )AIDA‬مشتق من كل هذه الخطوات االربع‪:‬‬

‫‪ .1‬اإلنتباه (‪: )Attention‬أوالً إجعل زبونك على إطالع تام بمنتجك ‪.‬‬

‫‪ .2‬اإلهتمام (‪: )Interest‬بعد ذلك‪ ،‬قم بإثارة فضول المستهلك من خالل إثبات مزايا وفوائد ُمنتجك ‪.‬‬

‫‪ .3‬الرغبة (‪: )Desire‬بعد ذلك‪ ،‬تقنع زبونك بأنه يريد أو حتى يرغب بمنتجك حتى يُلبي إحتياجاته ‪.‬‬

‫‪ .4‬الفعل (‪: )Action‬وأخيراً‪،‬يتولد لدى زبونك دافع للقيام بالتصرفات التي تجعله يشتري ُمنتجك ‪.‬‬

‫وقد تطورت العديد من النماذج األخرى منذ ذلك الوقت من خالل األكاديميين وال ُممارسيين الذين‬
‫قدموا أنواعا ً ُمختلفةً من نماذج التأثير على شكل تسلسل هرمي‪ ،‬وكانت كلها أشكاالً ُمختلفة عن‬
‫نموذج الـ ‪ AIDA‬األصلي‪ ،‬فعلى سبيل المثال ‪:‬في عام ‪ 1961‬كتب (روجر كولي) "إن اإلعالنات‬

‫‪34‬‬
‫تنقل الناس من الجهل إلى الوعي ومنه إلى الفهم ومنه إلى اإلدانة ومن ثم إلى الرغبة ومن ثم إلى‬
‫الحدث" ‪.‬‬

‫وكل هذه الصيغ لنجاح الدعاية ت ُ ْعرض على المستهلك على أنه معالج معلومات عقالني كالسيد سبوك‬
‫‪.‬أثارت المعلومات اإلنتباه‪ ،‬ثم ولّدت اإلهتمام‪ ،‬فقادت إلى الرغبة‪ ،‬وحفزت القيام بالفعل‪ ،‬وخدعة‬
‫الدعاية فيما بعد التسويق‪ ،‬إلرسال رسائل إلى ال ُمستهلك والتي توجه هذه الرحلة من الجهل إلى‬
‫الشراء‪ ،‬وخدعة أبحاث التسويق واإلعالن وفي المقابل‪ ،‬كان يستخدم لقياس ما إن كانت هذه اآلثار‬
‫تحدُث ‪.‬‬

‫قياس فاعلية الطرق القديمة‬

‫ت مختلفة ؛إلختبار فاعلية التسويق‬ ‫ت ومنهجيا ٍ‬ ‫طور وصقل الباحثون أدوا ٍ‬‫على مدى القرن الماضي ّ‬
‫واإلعالن من خالل أ ُ ٍ‬
‫سس ومبادئ تم تغطيتها في األقسام السابقة‪ ،‬وذلك إلعتقاد الباحثين بأن‬
‫المستهلك العقالني ُمرتبط بالوعي والحسابات العقالنية‪ ،‬والطريقة الطبيعية بالنسبة لهم لمعرفة المزيد‬
‫عن تلك الحسابات كانت بطرح األسئلة على المستهلكين عن األُمور التي كانوا يفكرون بها ‪.‬‬

‫هنالك ثالثة منهجيات تقليدية تعد حجر األساس ألساليب أبحاث السوق التقليدية التي أُستُخدمت لجمع‬
‫المعلومات عما يُفكر به المستهلك إتجاه الرسائل‪ ،‬المنتجات‪ ،‬والعالمات التجارية ‪:‬‬
‫تذكّر‬

‫التسوق‬
‫ّ‬ ‫✓ ال ُمقابالت ‪:‬ألساليب إجراء ال ُمقابالت طرق متنوعة وواسعة‪ ،‬تبدأ من إعتراض مراكز‬
‫حتى ال ُمقابالت ال ُمعمقة وال ُمركزة‪ ،‬التي تتحقق من المصادر العميقة لمعرفة رغبات ال ُمستهلك‬
‫وإحتياجاته ‪.‬‬

‫وبالتفاعل ال ُمباشر بين الحالة (الشخص الذي يتم إجراء المقابل ِّة معه) ‪،‬وال ُمحاور (الشخص الذي‬
‫يطرح االسئلة) ‪.‬‬

‫✓ مجموعات النقاش ‪:‬هي إمتداد إلجراء ال ُمقابالت‪ ،‬فبدالً من إجراء ال ُمقابالت ل ُمستهلك واحد‪،‬‬
‫تَجْ ِّلب المجموعات المحورية مجموعةً من ال ُمستهلكين تحت إشراف ُمشرف يقوم بتوجيه نقاش‬
‫المجموعة حول موضوع قيد البحث‪ ،‬مثل ‪:‬إعالنات ال ُمرشحين‪ ،‬أو مقارنة العالمات التجارية‬
‫علي للنقاش الذي سيكشف عن أفكار إضافية‬ ‫للمنتجات في فئة معينة‪ ،‬الفكرة تكمن في الطابع التفا ُ‬
‫إلجراء المقابالت مع المستهلكين وبذلك ستغيب العُزلة ‪.‬‬

‫✓ إستطالعات ال ُمستهلك ‪:‬هي إستبانات ُمنظمة ُمصممة و ُمدارة بهدف إستخالص إجابات عن‬
‫األسئلة بطريقة ُمعممة ومراقبة اإلجابات بشكل سليم‪ ،‬يمكن لإلستطالعات(اإلستبانات) تقدير رأي‬
‫الماليين من الناس يشكل دقيق من خالل عينة من المئات فقط ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫عمل اإلستطالعات(اإلستبانات) بالذهاب إلى منزل ال ُمستهلك أو عبر الهاتف أو حتى عبر اإلنترنت‪،‬‬
‫وهذا األسلوب هو الدعامة األساسية ألبحاث السوق منذ أربعينيات القرن العشرين ‪.‬‬

‫طرق تشترك بسمتين مهمتين ‪:‬اإلعتماد على تقارير النفس اللفظية (ما يقوله الناس)‬ ‫جميع هذه ال ُ‬
‫؛لتحديد توجهاتهم‪ ،‬أفضلياتهم‪ ،‬وسلوكهم‪ ،‬واإلعتماد على ذاكرة الناس في اإلستذكار بشكل دقيق ما‬
‫قاموا به أو ما كانوا يفكروا به في ال ُمستقبل ‪.‬‬

‫عند فشل النماذج العقالنية‬

‫الجميع في مجال أبحاث السوق يعلمون بأن قياسات التبليغ الذاتي –سواء أكان ُمستمد من ال ُمقابالت‪،‬‬
‫المجوعات المحورية أو اإلستطالعات‪-‬في الغالب تقدم نتائج ُمضللة‪ ،-‬تُرسل الباحثين في إتجاه‬
‫خاطئ‪ ،‬والنتيجة في اإلعالنات ليس لها أي تأثير حتى على المنتجات التي ما زالت ُمكدّسة على‬
‫الرفوف ‪.‬‬

‫يميل باحثو التسويق التقليدي لرؤية المشاكل التي يُمكن حلها بأساليب أفضل باإلضافة إلى الرقابة‪،‬‬
‫على سبيل المثال ‪:‬صيغة األسئلة األكثر ذكا ًء في اإلستطالع‪ ،‬أو عينات تمثيلية أكثر للمستهلكين الذي‬
‫ي‬
‫يتم إجراء اإلستطالع عليهم‪ ،‬وهذه التطورات والتحسينات جديرة باإلهتمام‪ ،‬وال زال لها تأثير إيجاب ّ‬
‫على النوعية والفائدة لتلك المنهجيات ‪.‬‬

‫يأخذ الباحثون التسويقيون وجهة النظر األكثر عقالنية وينظرون إلى األُمور بنظرة ُمختلفة نوعا ً ما‪،‬‬
‫حيث يُميزون عددا ً من العيوب في نموذج اإلبالغ الذاتي التي ال يُمكن حلها في التحسينات الثابتة‪،‬‬
‫تتمحور هذه العيوب حول مفهوم إمكانية الوصول ‪.‬‬

‫تفترض قياسات التبليغ الذاتي –بإتباع نموذج ال ُمستهلك العقالني‪ -‬بأن الناس لديها قابلية وصول‬
‫كم هائ ٍل من‬
‫عقالنية لحالتهم العقلية (وهذا هو المفتاح‪ ،‬هم يعلمون ما يعلمون)‪ ،‬وقد تبيّن من خالل ٍ‬
‫األبحاث بشكل قاطع بأن الناس فعليا ً ال يعلمون ما يعلمون‪ ،‬في الحقيقة ‪-‬في األغلب‪ -‬ال يعلم الناس‬
‫السبب الحقيقي وراء قيامهم باألعمال ‪،‬أو إتخاذهم موقف أو رأي ُمعينين ‪.‬عملياتهم العقلية التي‬
‫ي‪.‬‬‫تنطوي على اإلدراك‪ ،‬والتقييم‪ ،‬والحافز يمكن أن ال يصل أبدا ً لمرحلة الوعي اإلدراك ّ‬
‫هذه هي ال ُمشكلة الرئيسة لبحوث السوق الذي يُعالجه التسويق العصبي ‪،‬بجلب أفكار علم الدماغ إلى‬
‫عالم المستهلك الخاص بمواقفه وسلوكه‪ ،‬والتسويق العصبي يبني مجموعة من أساليب األبحاث‬
‫ت أكثر واقعية والنماذج التي تكمن وراءها أدوات أبحاث السوق‬‫والمنهجيات التي ترتكز على فرضيا ٍ‬
‫التقليدية ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫كيف يرى ويفسر الناس العالم‬

‫بالتناقض مع النماذج السابقة‪ ،‬التسويق العصبي الحديث‪ ،‬وعلم النفس االجتماعي واالقتصاد‬
‫السلوكي‪ ،‬يعطينا فهما ً واقعيا ً ولكنه أكثر تعقيدا ً لطريقة تفكير الناس وكيف يقررون ويتصرفون في‬
‫العالم الحقيقي ‪.‬‬

‫في هذا القسم‪ ،‬نُقد ُم نسخةً مبسطةً من هذا النموذج الجديد‪ ،‬الذي ال يحتوي الفروق البسيطة التي‬
‫ض كيف أن التسويق العصبي والتخصصات التي لها‬ ‫تطرق لها الباحثون األكاديميون‪ ،‬ولكنه يَ ْع ِّر ُ‬
‫صلة توفر أساسا ً أكثر عقالنية للنظر إلى تفكير وسلوك المستهلك‪ ،‬لدى نموذجنا أربع خطوات رئيسة‬
‫(أنظر إلى الرسم التوضيحي‪: )1-2‬‬

‫‪ 1‬تشكيل اإلنطباعات ‪:‬كلما تفاعلنا مع العالم من حولنا‪ ،‬يستقبل دماغنا اإلنطباعات التي‬
‫نأخذها من خالل حواسنا ‪.‬‬

‫‪ 2‬تحديد المعنى والقيمة ‪:‬نحن نحدد المعنى والقيمة من اإلنطباعات التي نُشكلها بعمل‬
‫إتصاالت عقلية سريعة لألشياء األُخرى التي قمنا بتخزينها في الذاكرة ‪.‬‬

‫‪ 3‬المداولة والتحليل ‪:‬نحن نقوم بالمداولة والتحليل من خالل اإلنخراط في محادثات عقلية‬
‫داخلية مع أنفسنا ‪.‬‬
‫‪ 4‬التصرف والتحدث ‪ُ :‬‬
‫نحن نعبر عن أنفسنا من خالل التحدث والتصرف ‪،‬وبذلك ننخرط في‬
‫ي‪.‬‬
‫السلوك فعل ّ‬
‫ِّ‬

‫تحديد‬
‫التداول‬ ‫التحدث‬
‫من انطباع‬ ‫المعاني‬
‫والتحليل‬ ‫والتصرف‬
‫والقيم‬

‫‪37‬‬
‫من الالوعي‬ ‫الوعي‬
‫هذا النموذج يساعدنا على فهم األدوار التي قمنا بها بعمليات الدماغ سواء أكانت في الواعي وفي غير‬
‫الواعي‪ ،‬كيف نتفاعل ‪:‬‬

‫✓ تقوم أنظمتنا الحسية بخلق إنطباع بطريقة ال‪-‬واعية ‪:‬نحن ال نملك القدرة للوصول للواعي‬
‫لكيفية حصول أدمغتنا على المعلومات البصرية والسمعية والحسية األخرى ‪،‬وكيف يقومون بتحوليها‬
‫إلى مشاهد وأصوات وروائح ُمدركة ‪.‬‬

‫✓ وبالمثل‪ ،‬كيف نحدد المعاني والقيم من خالل ربط اإلنطباعات بمفاهيم أخرى وأفكار في ذاكرتنا‬
‫بعيدة األمد التي تحدث خارج وعينا ‪.‬‬

‫✓ التداول والتحليل هي في الغالب عمليات ُمدركة ويتضمنو مجموعة واسعة من األنشطة الفكرية‬
‫ونحن ندرك ُمباشرة األشياء ‪،‬مثل ‪:‬الحفظ والتذكر والحساب والتخطيط ‪.‬‬

‫✓ الكالم والتصرف هما في الغالب أعمال ُمدركة والتعابير هي سلوكيات والتي يتم رصدها من قبل‬
‫االخرين‪ ،‬من خالل سمعه ورؤيتهم لنا ‪.‬‬

‫هذا النموذج البسيط لديه بعض اإلختالفات‪ ،‬وإلثارة اإلهتمام‪ ،‬فإنه يمكن الوصول من تحديد المعنى‬
‫والقيمة إلى الحديث والتصرف دون تدخل التداول أو التحليل‪ ،‬هذا ما يعنيه الناس عادة ً بـ "القيام‬
‫بشيء ما دون التفكير فيه"‪ ،‬أمثلة تتضمن تعلم المهارات ‪،‬مثل ‪:‬الغوص وركوب الدراجة ‪.‬‬

‫تشكيل اإلنطباعات‪ :‬كيف نُشكل اإلنطباعات من العالم حولنا‬

‫تعطي "الفطرة السليمة" المعدل من غير العلماء بأن أعيننا وآذاننا تتصرف ك ُمسجالت الفيديو‪،‬‬
‫يُ ْنشِّؤون تسجيالت واضحة للعالم من حولنا‪ ،‬ومن ثم ندخل إلى ذاكرتنا حيثما نريد‪ ،‬الشعور الذي‬
‫نملكه جميعنا في عقلنا الواعي هو الذي ندرك بواستطه كل شيء حولنا بمنتهى الدقة بشكل مباشر‬
‫وحيادي ‪.‬‬

‫ولكن علم الدماغ الحديث يحكي قصةً ُمختلفة ‪:‬إنطباعات الناس عن العالم أساسا ً تم إنشاؤها من خالل‬ ‫أمور‬
‫العمليات غير ال ُمدركين لها ‪-‬تختلف تماما ً عن اإلشارات الجسدية التي تتدخل فيها أعضائهم الجسدية‪-‬‬
‫تقنية‬
‫‪ ،‬فعلى سبيل المثال ‪:‬الصور البصرية التي تتمثل في الجزء الخلفي من عين اإلنسان هي في الحقيقة‬

‫‪38‬‬
‫تتكون رأسا ً على عقب‪ ،‬ولكن أدمغتنا تقلبهم تلقائيا ً إلى الشكل الصحيح وبذلك نتمكن من رؤية العالم‬
‫صلحاً‪ ،‬وقد وضع ال ُمجربون نظارات مقلوبة رأسا ً على عقب على أشخاص‬ ‫في التوجيه األكثر ُ‬
‫إلختبار هذه القدرة‪ ،‬فبعد عدة ساعات‪ ،‬قلب الدماغ الصورة المرئية إلى الوضع الصحيح‪ ،‬وعند خلع‬
‫النظارات‪ ،‬أُعيدت الصورة إلى شكلها الصحيح مجددا ً بعد عدة ساعات ‪.‬وعملياتنا اإلدراكية الالواعية‬
‫ليست فقط تتدخل في تشكيل اإلنطباعات‪ ،‬ولكن تمأل الكثير من التفاصيل نحن ال ندركها فعليا ً بشكل‬
‫ُمباشر‪ ،‬فعلى سبيل المثال ‪:‬يمكن لعينيك التركيز فقط على منطقة صغيرة جداً‪ ،‬ولكن إذا مددت‬
‫ذراعك لألمام‪ ،‬فسيتكون إنطباعك هو أن مجال الرؤية بالكامل واض ٌح وعند التركيز فإنك تخلق هذا‬
‫اإلستمرار(المتابعة) تلقائية وبسرعة فائقة ويتحرك تركيزك حول مجال‬
‫ُ‬ ‫اإلنطباع وتكون عملية‬
‫الرؤية بالكامل ‪.‬ومن ثم يجمع دماغك كل تلك اإلنطباعات الصغيرة ويحولها إلى إشارة‪ ،‬وإلى صورةٍ‬
‫مستقرة وهي ما تراه انت كصورة كاملة وواضحة ‪.‬‬

‫حتى وإن كان ذلك اإلنطباع يتضمن الكثير من التعبئة التلقائية‪ ،‬يعزى ذلك إلى عدم إمتالكنا للوقت‬
‫الذي يُم ّكننا من إدراك المجال بالتزامن مع سرعة تغير هذا المجال ‪.‬‬

‫تشكيل اإلنطباعات ُمه ٌم جدا ً للتسويق العصبي‪ ،‬إذا كانت إنطباعاتنا عن العالم يتم إنشاؤها بشكل كبير‬
‫تذكّر‬
‫ت تجذب وتؤثر في عقولنا لذلك فالمسوقون يريدون‬ ‫في أدمغتنا‪ ،‬والمسوقون يريدون أن يبنو إنطباعا ٍ‬
‫معرفة العوامل المؤثرة على عملية خلق اإلنطباعات‪ ،‬عند رؤيتنا إلعالنات مطبوعة في مجلة أو‬
‫لوحات إعالنية موجودة على طول الطريق السريع‪ ،‬ما الذي نراه فعليا ً ؟ما الذي يلفت إنتباهنا ؟وما‬
‫الشيء ال ُمرجح أن نتذكره ؟‬

‫ألدوات وتكنولوجيا التسويق العصبي الجديد القدرة على اإلجابة على هذه االسئلة بطرق جديدة‪ ،‬دون‬
‫الحاجة لسؤال الناس بشكل ُمباشر ‪.‬‬

‫تحديد قيمة ومعنى ‪:‬إنشاء إرتباطات ذهنية داخل عقلنا‬

‫نكون قد كونّا مفهوما ً أو تصورا ً لهذه‬


‫عندما نربط اإلنطباعات بالمعاني والقيم‪ ،‬نحن بذلك ّ‬
‫اإلنطباعات‪ ،‬وتتم عملية التصور هذه بسرعة كبيرة وتلقائية حيث بالكاد ندرك حدوثها‪ ،‬ولكنها في‬
‫غاية األهمية لنعلم كيف نُفسر ونستجيب للعالم ‪.‬‬

‫كان علماء النفس األوائل يفكرون في التصور كجزء آخر لإلدراك أو اإلنطباع ‪.‬وافترضوا أنه عندما‬
‫يرى الشخص كلباً‪ ،‬فإن إدراك الكلب كان جزءا ً من رؤيته فقط ‪.‬ما يُخبرنا به علم الدماغ الحديث هو‬
‫أن عملية تشكيل المفاهيم هي بغاية التعقيد وبعيدة عن الوضوح‪ ،‬وتنطوي على ترابطات شبكية‬
‫سريعة وتلقائية من الذكريات إلى اإلنطباع ‪.‬‬

‫والنتيجة ‪،‬هي أن الناس ‪-‬في العادة‪ -‬ت َ ْشعُ ُر بأنهم يعلمون ما يبحثون عنه بشكل آني‪ ،‬وذلك عندما تتلقى‬
‫أدمغتنا اإلنطباعات عند حافة التصنيفات الضمنية‪ ،‬نصبح فعليا ً ُمدركون للتجهيزات العقلية المعنية‪،‬‬

‫‪39‬‬
‫فعلى سبيل المثال ‪:‬يمكنك بالعادة تمييز الرجل من المرأة دون جهد عقلي ‪.‬ولكنّا جميعنا تعرضنا‬
‫لمواقف رأينا فيها شخصا ً ولم نكن ُمتأكدين فيما كان ذكرا ً أم أنثى ‪، )Saturday Night Live(.‬‬
‫هي مسرحية هزلية تدور حول هذا الموضوع فالشخصية (بات) عندما تقابل شخصا ً ليس واضحا ً‬
‫فيما إن كان ذكر أم أنثى كالخفاش مثالً‪ ،‬تجد نفسك تبحث عن سمة له كشكل الجسم‪ ،‬أو عمق الصوت‬
‫‪،‬إلخ‪.‬‬

‫التصور (عملية التشكيل وتعزيز المفاهيم) وهي عملية التعلم ‪.‬وهي ُمهمة للمسوقون ؛ألنها تُساعدهم‬
‫تذكّر‬
‫على فهم طريقة عمل العالمة التجارية‪ ،‬وهي العنصر األساسي للتسويق واإلعالن‪ ،‬العالمة التجارية‬
‫(أ) أساسا ً لها مفهوم ‪:‬بأنها مزروعة بعناية داخل الشبكة العقلية لإلرتباطات الذهنية وتتضمن‬
‫ال ُمنتجات‪ ،‬الشركات‪ ،‬اإلتجاهات‪ ،‬المعاني‪ ،‬التطلعات‪ ،‬واإلرتباطات األخرى ‪.‬ت ُ ْن ِّفق الشركات مليارات‬
‫الدوالرات كل سنة‪ ،‬في محاولة لتقوية الروابط اإليجابية لعالمتهم التجارية‪ ،‬ولكن بسبب عملية‬
‫تشكيل المفاهيم التي تحدث بشكل كبير خارج اإلدراك الواعي‪ ،‬ال يمكن للمستهلكين أن يُعبر بسهولة‬
‫سواء عن وجود تلك الترابطات أو قوة القرابة أو قوة التحمل ‪.‬‬

‫قام التسويق العصبي بإعطاءنا أدوات جديدة إلستكشاف ورسم الخرائط الخاصة بشبكة المفاهيم‬ ‫أمور‬
‫المحيطة بالعالمات التجارية والمنتجات التي في أذهان المستهلكين ‪.‬أليكم اثنين من هذه العمليات‬
‫تقنية‬
‫الدماغية التي تُساعدنا على القيام بذلك ‪.‬‬

‫✓ التسهيل ‪:‬عندما نأتي بفكرة لإلدراك الواعي‪ ،‬فإن دماغنا يُسهل المفاهيم المرتبطة بالفكرة داخل‬
‫ي ‪،‬وهذه المفاهيم المرتبطة ال يتم جلبها لإلدراك الواعي ُمباشرةً‪ ،‬ولكنها في الواقع‬
‫الذاكرة بشكل تلقائ ّ‬
‫يتم تحضيرها للتفعيل اإلدراكي ‪-‬إذا لزم األمر‪. -‬‬

‫✓ التقدير الطبيعي ‪:‬هذا يعود لقدرة الدماغ على إرفاق العديد من السمات ‪،‬أو الخصائص بشكل‬
‫ي وغير واعي ٍ لتصور األجسام ‪-‬وبعضها ما هو إال خصائص فيزيائية كالحجم‪ ،‬المسافة‪،‬‬ ‫تلقائ ّ‬
‫‪،‬وإرتفاع الصوت‪ ،‬ولكن البعض اآلخر مجردا ً بشك ٍل أكبر‪ -‬ويمكن أن يكون له تأثيرا كبيرا ً على‬
‫سلوكيات ومواقف المستهلك‪ ،‬مثل ‪:‬التشابه‪ ،‬الميول السببي‪ ،‬الجدية‪ ،‬التقييم العاطفي (حب الشيء أو‬
‫عدم حبه) ‪،‬والمزاج ‪.‬‬

‫يُنتج التسهيل إشارات ُمميزة للدماغ يُمكن أن تُستخدم لتحديد قوة العالقة بين المفاهيم حسب تفعيلها‬
‫‪.‬وهذا يُنتج األُسس لقياسا ٍ‬
‫ت جديدة لل ُمنتج والعالمة التجارية وال ُمرتبطة في دماغ الُمستهلك ‪،‬وأدوا ٍ‬
‫ت‬
‫جديدة لرصد تأثير التسوق واإلعالن على مفاهيم العالمة التجارية على مر الزمان ‪.‬‬

‫التقييم الطبيعي ل ُحب الشيء أو عدم ُحبه (التقييم العاطفي) ‪:‬هي عملية خاصة ومهمة التي يتصرف‬
‫بها اإلنسان لعدد ال يُحصى من المرات في كل يوم لتحديد قيم ِّة األشياء والمواقف التي تواجههم‪ ،‬وقد‬

‫‪40‬‬
‫أظهرت التجارب بأن اإلنسان يُمكنه أن يُترجم اإلستجابة العاطفية اإليجابية أو السلبية إلى نهج ‪،‬حتى‬
‫إبطال رد الفعل الجسدي (على سبيل المثال ‪:‬الميل إلى األمام أو بعيداً) في أقل من ربع ثانية كل هذا‬
‫دون إدراك واعي ٍ لما يقومون به ‪.‬‬

‫تشكيل المعاني والقيم ينطوي تحت عمليات الدماغ اإلبداعية والتي تسمح لنا أدوات وطرق التسويق‬
‫العصبي بإظهارها وقياسها تلقائيا ً من المرة األُولى‪ ،‬وإطالة النظر إلى هذه العمليات الإلدراكية يُنشئ‬
‫لفهم أعمق للعمليات اإلدراكية التي سنناقشها في القسمين التاليين ‪ :‬المداولة‪ ،‬التحليل‪،‬‬‫إمكانية أكثر ٍ‬
‫التحدث‪ ،‬والتصرف ‪.‬‬

‫التداول والتحليل ‪:‬ما نقوله عندما نتحدث ألنفسنا‬

‫قبل إكتشاف الالشعور‪ ،‬كان الناس يدركون بأن لديهم إمكانية الوصو ِّل الفكارهم‪ ،‬مشاعرهم أو على‬
‫األقل القدرة للوصول بشكل كافٍ للتعبير بشكل دقيق عن ُمالحظاتهم ال ُمتعلقة بالحاالت الذهنية‬
‫الداخلية ‪.‬وفي عملية التداول‪ ،‬يطلب الناس ‪-‬بشكل بسيط‪ -‬من عقولهم تحديد ما الذي يفكرون به أو‬
‫يشعرون به حيال شيء ما‪ ،‬كان باحثو السوق يعتقدون بأن هذه العملية كانت دقيقة بما يكفي لتقديم‬
‫التوجيه الجيد لمواقف وأفعال ال ُمستهلكين ال ُمستقبلية المتوقعة‪ ،‬وبذلك فإن العديد من عمليات صناعة‬
‫ي قد تولدت ‪.‬‬
‫البحث اإلستطالع ّ‬
‫وقد هدم علم الدماغ الحديث هذا اإلفتراض الذي يولّد التفاؤل‪ ،‬يُمكن للناس إسترجاع بعض األُمور‬
‫بدقة كبيرة‪ ،‬كأحداث الحركة الجسدية الحديثة نسبياً‪ ،‬مثل ‪:‬هل أخرجتُ القمامة البارحة ؟ ولكننا‬
‫وبشكل ملحوظ سيئون في تحديد أسباب سلوكياتنا من خالل ال ُمداوالت‪ ،‬وهذا ال يعني أننا كثيروا‬
‫النسيان ولكن ألن هذه األسباب تحدث خارج إدراكنا الواعي‪ ،‬ولم ننساهم ‪،‬ولكننا ال نعلم ما الذي‬
‫كانت عليه في المكان األول‪ ،‬وال زال الناس يستخدمون المداوالت بكثرة في كل لحظة في كل يوم‪،‬‬
‫ي‪ ،‬وتفعيل سلسلة من األنشطة العقلية‪ ،‬مثل ‪:‬‬
‫حوار داخل ّ‬
‫ٍ‬ ‫وينخرطون في‬

‫✓ إسترجاع الذكريات ‪":‬هنالك ‪ Marge‬وزوجها‪ ،‬أظن أن اسمه ‪."Bill‬‬

‫✓ تفسير الماضي ‪":‬انا أتساءل ع ّما كانت تعنيه بذلك"‪.‬‬

‫ي تحضيره على العشاء ؟"‪.‬‬


‫✓ توقع ال ُمستقبل ‪" :‬ما الذي يجب عل ّ‬

‫✓ التخطيط ‪" :‬سأحضّر المعكرونة‪ ،‬علي إحضار القليل من صلصة الطماطم عند عودتي من‬
‫العمل" ‪.‬‬

‫✓ تتشكيل النوايا ‪" :‬سأحضر بعض المثلجات أيضاً‪ ،‬في العادة آخذُ نكهة الفانيال‪ ،‬ولكني اليوم أشعر‬
‫بالحماسة‪ ،‬لذلك سآخذ نكهة الشكوالتة" ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫✓ التقييم‪/‬الحكم ‪" :‬الموظف الذي في البقالة كان وقحا ً جداً" ‪.‬‬

‫ي التصرف بنفس الطريقة إذا سكب شخص ما عصير البرتقال على‬


‫✓ ال ُمحاكاة ‪" :‬ربما لم يكن عل ّ‬
‫مالبسي"‪.‬‬

‫ت إن كان في كل مرة ‪ $ 2.49‬لمأل زجاجةً من عصير‬


‫✓ الحساب ‪" :‬كم يجب أن أدفع لست مرا ٍ‬
‫البرتقال ‪." ....‬‬

‫ي أن أعترف بأني أسقطت زجاجات‬


‫✓ المنطق ‪":‬إذا إشتكوت للموظف‪ ،‬سيتصل بمديره‪ ،‬وعل ّ‬
‫العصير‪ ،‬إذا اعترفت سيقوم مديره بـ ‪. "...‬‬

‫✓ التبرير ‪:‬يجب أن أكون بمزاج سيء هذه الليلة على العشاء ؛بسبب الحادث ال ُمزعج الذي وقع في‬
‫البقالة"‪.‬‬

‫خطأ واحد إقترفه نموذج المستهلك العقالني ‪،‬هو إفتراض أن معظم التقييمات واألحكام تتولد من‬ ‫تذكّر‬
‫خالل مداوالت واعية‪ ،‬وبذلك يمكن أن يتم إمساكهم فيما بعد عن طريق الرد على عمليات الفكر في‬
‫ي‪ ،‬ولكن الكثير من األبحاث تظهر بأن الكثير من المداوالت يمكن أن تكون ُمكرسة‬ ‫ي ذات ّ‬
‫تقرير لفظ ّ‬
‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫لتبرير التقييم بدال من إنشائه ‪.‬كما هو الحال مع اإلنطباعات‪ ،‬فـتقيماتنا وأحكامنا تتولد بشكل كبير بال‬
‫ي ‪،‬ومن ثم يتم تقليلها بواسطة التداول‪ ،‬ويتم توضيحها من خالل التحدث والتصرف بعد الحقيقة ‪.‬‬ ‫وع ّ‬
‫ولكن في بعض األحيان يبدو أن الناس يريدون القفز من المفاهيم إلى األفعال‪ ،‬مع القليل من التداول‬
‫فيما بينها‪ ،‬هنالك نوعان من الظروف الرئيسة والتي ينبثق عنها ذلك ‪:‬‬

‫ت ال ُمكتسبة ‪:‬المهارات ال ُمكتسبة هي قدرات نتعلمها من خالل‬ ‫‪ ‬عندما تُشتق أفعالنا من المهارا ِ‬
‫الممارسة والتي تحدث تلقائيا ً عبر الزمن ‪.‬واألمثلة المعطاه هي مهارات‪ ،‬مثل ‪:‬ركوب الدراجة أو‬
‫قيادة السيارة ‪.‬مع التعلم ال ُمتكرر‪ ،‬تتحول هذه األنشطة من الوعي إلى اإلعتماد على التلقائية ‪.‬‬
‫المهارات ال ُمكتسبة ال تلعب دورا ً كبيرا ً في سلوك ال ُمستهلك ‪.‬‬
‫✓ عندما تكون أعمالنا ُمشتقة من عاداتنا ‪:‬العادات في ال ُمقابل تلعب دورا ً كبيرا ً في سلوك‬
‫ال ُمستهلك‪ ،‬وتتشكل العادات من خالل اإلستخدام والتجربة‪ ،‬فإذا كنت تستخدم نفس العالمة التجارية‬
‫راض‪ ،‬فمن ال ُمحتمل أنك قد تجاهلت‬ ‫ٍ‬ ‫لمعجون األسنان منذ سنوات‪ ،‬وال يوجد لديك سبب لتكون غير‬
‫جميع معاجين األسنان الموجودة على الرف ‪،‬على الرغم من تغليفهم البراق‪ ،‬وعروضهم الترويجية‪،‬‬
‫وخصومات األسعار فتجلب فقط معجون األسنان من العالمة التجارية ال ُمعتادة ‪.‬‬

‫✓ عندما تعتمد العادات على ترابطات مفاهيمية ُمتطورة بدرجة عالية والتي تُحرك بشكل ُمباشر‬
‫تعابير (سلوك الشراء)‪ ،‬وألنهم تجاوزوا التداول اإلدراكي‪ ،‬فمن الصعب على المسوقين أن يتغلبوا‬
‫عليها‪ ،‬لماذا ؟ألن التداول موجود حيث تتشكل حجج ُمضادة‪ ،‬وحيث تُصنع النوايا الواعية‪ ،‬وتوفر‬
‫‪42‬‬
‫العادات مزايا كبيرة جدا ً لتأسيس العالمات التجارية المعروفة‪ ،‬وهي غالبا ً تُمثل العقبة األكبر ألي‬
‫ت تحاول جذب ال ُمشترين بعيدا ً عن القادة ‪.‬‬
‫عالمات تجارية جديدة و ُمنتجا ٍ‬

‫الكالم والفعل وأخيرا ً التصرف !‬

‫هناك نوعان من التعابير تعتبر إبداعية للتسويق وأبحاث السوق ‪:‬‬

‫✓ التعبير اللفظي ‪:‬اإلبالغ الذاتي عن اآلراء والمواقف‪ ،‬األفضليات‪ ،‬والتوقعات للسلوك في‬
‫ال ُمستقبل ‪.‬‬

‫✓ سلوك ال ُمستهلك ‪:‬التسوق‪ ،‬الشراء‪ ،‬وإستخدام المنتجات والخدمات ‪.‬‬

‫كان الباحثون يعتقدون بأن هذان النوعان من التعابير مرتبطان إرتباطا ً وثيقا ً ‪.‬يفترض نموذج‬
‫المستهلك العقالني بأن جميع قراراتنا وأفعالنا مبنية على منطق التداولي الواعي‪ ،‬والذي يؤدي بشكل‬
‫طبيعي إلى فكرة أنه يمكننا إجراء تقييم دقيق والتعبير لفظيا ً عن أسبابنا الحقيقية لقيامنا بالتصرف‬
‫بطريق ٍة ما أو بأُخرى ‪.‬الكثير من أبحاث السوق التقليدية مبنية على هذا اإلفتراض ‪،‬إذا كنت تريد أن‬
‫تعرف فيما إذا كان الناس ستشتري ُمنتجك‪ ،‬فقط إسألهم ‪.‬‬

‫لألسف ‪:‬هذا ُمعتقد آخر يحمل التفاؤل ‪،‬فإن علم الدماغ الحديث قد ُهدمه‪ ،‬وما أخبرتنا به األبحاث‬
‫الحديثة هو أن "القيام بالعمل والتفكير في القيام بشيء ما" ترتبط إرتباطا ً ضعيفا ً ‪.‬‬

‫علم األعصاب اليوم مشغول برسم خرائط مسارات العمليات خالل الدماغ‪ ،‬وعلم النفس االجتماعي‬
‫واالقتصاد السلوكي مشغولون في تحديد اآلثار المترتبة على هذه اإلختالفات للفرد والسلوك الجماعي‬
‫أيضاً‪ ،‬ونتائج رسم رسومات ما ستكون مختلفة تماما ً عن اللوحات الموجودة في نموذج المستهلك‬
‫العقالني ‪.‬‬

‫اإلبالغ الذاتي‪":‬قل أنها ليست كذلك"‪.‬‬

‫التعابير اللفظية والتي أوجدها العُلماء هي بالحقيقة إنعكاسات ضعيفة جدا ً للحاالت الذهنية الداخلية‬
‫الواقعية ‪،‬وهذا من الصعب تقبله إذا تبنّيتَ نموذج المستهلك العقالني‪ ،‬ولكنه مفهوم كامل إن أخذت‬
‫بعين اإلعتبار اإلكتشافات الحديثة حول العمليات الالوعية ‪.‬‬

‫عدم التطابق بين التعابير اللفظية والعمليات العقلية الواقعية أصبح معروفا ً بين علماء النفس لبعض‬
‫الوقت‪ ،‬وقد وثّقت ألول مرة من قبل ‪ Richard Nisbett‬و ‪ Timothy Wilson‬في ‪،1977‬‬
‫سئال عما نُفكر به‪ ،‬خمنا بنفس الطريقة التي نستخدمها عندما نحاول معرفة‬ ‫وخالصة ما قالوه عندما ُ‬
‫ما يُفكر به اآلخرون ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ولعل الحقيقة تكمن في أن عدم قدرتنا على الوصول إلى عمليات الدماغ الالواعية لم يكن سيئا ً‬
‫ألبحاث السوق إذا ميّز الناس بأنهم ال يستطيعون الوصول الى عمليات الدماغ الالواعية وأظهروا‬
‫بعض التواضع في التحدث عن هذه العمليات إلى باحثي السوق ‪.‬ولكن ما قام به "نييبت"‬
‫و"ويلسون" بتوثيقه في طريق العودة إلى زمن الديسكو‪ ،‬وما أكدته جبال األبحاث الالحقة‪ ،‬هو ‪:‬أننا ال‬
‫نُشكل تفسيرات مقنعة لحاالتنا العقلية ما نتذكره وما نُحبه ولما أحببناه وما سنقوم به في المستقبل‬
‫‪،‬إلخ‪ ،‬ولكننا وإلى حد كبير نُبالغ في تقييم تقاريرنا ‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬نحن ليس فقط نختلق القصص بل نعتقد إعتقادا ً راسخا ً بالصور التي نختلقها‪ ،‬ونقول هذه‬
‫ق وإخالص‪ ،‬ويأخذ هؤالء الباحثون بكلمتنا ويقومون بإنتاج‬ ‫القصص لباحثي التسويق بكل صد ٍ‬
‫المنتجات التي أخبرناهم بأننا سنشريهم منهم بكل صدق‪ ،‬ومن ثم يقوم الجميع بحك رؤوسهم عندما‬
‫تتكدس هذه المنتجات على الرف ‪.‬ألن الناس ال يريدونها بعد كل شيء ‪.‬‬

‫توصل العلماء إلى كلمة عظيمة لهذه العملية ‪-‬من صياغة األشياء ومن ثم يعتقدون بأنها صحيحة‪،-‬‬
‫وهي ال ُمسامرة ؛إستبدال فجوة من ذكرياتنا بتزييف نعتقد حقا ً بأنه سيكون صحيحا ً ‪,‬وقد تكون‬ ‫تذكّر‬
‫ف الشركات مليارات الدوالرات في العام‬ ‫ال ُمسامرة رقم واحد للمسوقين وباحثي السوق وهي ت ُ ْك ِّل ُ‬
‫الواحد ‪,‬ومكافحة ال ُمسامرة بال ُمبرر االهم وهواللتطور و اعتماد أساليب بحثسة للتسويق العصبي ‪.‬‬

‫سلوك المستهلك‪ :‬المعيار الذهبي لبيانات أبحاث السوق‬

‫وعلى عكس التعابير اللفظية‪ ،‬فالسلوك الفعلي للمستهلك هو الصفقة الحقيقية ألبحاث السوق‪،‬‬
‫والمسوقوم يهتمون بهذه البيانات (أين متاجر المستهلكين‪ ،‬وكيف يتسوقون‪ ،‬وماذا يشترون‪ ،‬وكم‬
‫يدفعون‪ ،‬وكم ‪-‬في الغالب‪ -‬يشترون‪ ،‬وما سيقومون بإخبار أصدقائهم به ‪،‬إلخ) ‪.‬‬

‫ت ُمفصلة‬‫شركات األبحاث الكبيرة تقوم بجمع كميات هائلة من سلوك المستهلك ال ُمباشر‪ ،‬وبيانا ٍ‬
‫وصوالً إلى مستوى مشتريات نقاط البيع الفردية (‪ُ )POS‬مفصلة بالمتجر والوقت واليوم‪ ،‬تلك‬
‫البيانات تُطحن خالل حسابات ُمعقدة‪ ،‬لتحديد األنماط في العالقة ال ُمتقلبة ما بين كم يتم اإلنفاق على‬
‫التسويق واإلعالن ‪،‬وكم ُمنتج نُفذّ في األسواق ‪.‬‬

‫هناك أبحاث كثيرة على سلوك ال ُمستهلك –بالعادة تُسمى نمذجة المزيج التسويقي التجاري‪ ،-‬وبالبحث‬
‫عن اإلرتباطات والعالقات النسبية بين نفقات التسويق وأداء السوق‪ ،‬في الواقع هذا البحث عن‬
‫تخفيض األسعار على المستهلكين ‪،‬وبهذا يقطع العمليات الذهنية في عقول الماليين من المستهلكين‬
‫الذين يتعرضون للرسائل التسويقية‪ ،‬ومن ثم إنفاق المال الذي ينتجه السوق‪ ،‬ويُفترض أن يكون‬
‫ألغراض التحليل‪ ،‬وأن جميع تلك العمليات العقلية تبلغ في المتوسط تأثير الصفر خالل البيانات‬
‫الكاملة لماليين الحاالت الفردية لسلوك المستهلك ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ي من مدخالت ومخرجات التسويق المفيد ( ‪Gerard‬‬ ‫وما نراه عندما ننظر إلى هذا النظام النق ّ‬
‫‪ ،)Tellis‬هو باحث درس هذه المشكلة لعقود‪ ،‬الشيء الذي إكتشفه هو "أنه عند أخذ عقل ال ُمستهلك‬
‫خارج ُمعادلة اإلنفاق اإلعالني فإن له تأثيرا ً ضئيالً على المبيعات"‪.‬‬

‫وقد تتبع تيليس ما يسمى بمرونة اإلعالن التي تقيس التأثير على المبيعات بالنسبة المئوية من تغيير‬
‫قدرة ‪ %1‬من مستوى اإلعالن‪ ،‬وبعبارةٍ أُخرى‪ ،‬مرونة اإلعالن أجابت عن السؤال ‪":‬إذا قمت بزيادة‬
‫ي بنسبة ‪ ،%1‬كم بالمئة ستزيد عائداتي ؟" ‪.‬‬
‫اإلنفاق اإلعالن ّ‬
‫النتائج ُمذهلة إلى حد ما‪ ،‬في الحسابات األخيرة لهذا القياس في عام ‪ ،2010‬وجد تيليس وشريكه في‬
‫الكتاب أنه في المتوسط أي بزيادة قدرها ‪ %1‬في اإلعالن يولد ‪ %0.12‬زيادة في المبيعات قصيرة‬
‫المدى‪ ،‬وتم حساب هذا الرقم في ‪ 2010‬وهو أقل بعشرين مرة عند تخفيض مرونة السعر ‪،‬وتم‬
‫حسابها في عام ‪ 2005‬والتي أظهرت بأن إنخفاض ‪ %1‬من األسعار أدى بالمتوسط إلى زيادة‬
‫المبيعات بمقدار ‪. %2.26‬‬

‫ومع مليارات الدوالرات التي تم إنفاقها على اإلعالنات في كل سنة‪ ،‬كان صافي العائد للمدى القصير‬
‫هو الحد االدنى ‪.‬وبشكل واضح‪ ،‬ال يزال لدينا الكثير لنتعلمه حول كيفية تقديم إعالنات أكثر فاعلية ‪.‬‬

‫على الرغم من أن هذا المعدل (الرقم المتوسط) ٌمخيبٌ لآلمال‪ ،‬لكنه يملك تبايا ً كبيراً‪ ،‬ألنها مصنوعة‬
‫من بعض الحمالت اإلعالنية الناجحة‪ ،‬وبعض الكالب الحقيقية‪ ،‬والكثير من الحمالت التي لم تؤثر‬
‫ُظهره هذا النوع من األبحاث هو " ِّل َم بعض الحمالت‬‫على نسبة المبيعات أبداً‪ ،‬واألمر الذي لم ي ْ‬
‫اإلعالنية أداؤها جيد (أعلى من المتوسط) ‪،‬وهنالك حمالت أُخرى بائسة (أقل من المتوسط) ؟" ‪.‬من‬
‫وجهة نظر المسوقين وباحثي التسويق هو سؤا ٌل ُمهم‪ ،‬هم ال يريدون إلعالناتهم أن تكون ضمن‬
‫المتوسط‪ ،‬هم يريدون أن تكون إعالناتهم فوق المتوسط بنسبة هائلة ‪.‬‬

‫ي المفقود في هذه المعادلة أال وهو‬


‫ومن أجل فصل الجيد عن البائس‪ ،‬يجب أن نقدم المتغير الرئيس ّ‬
‫عقل المستهلك ‪.‬ولكن كما رأينا أن عقل المستهلك ال يُمثل القيمة فقط من خالل سؤال المستهلك فيما‬
‫طرق أُخرى لتحقيق هذه المصادر ال ُمتعلقة بسلوك المستهلك‪ ،‬وهذا‬ ‫يفكر ‪,‬نحن بحاجة إلى البحث عن ُ‬
‫يعني التجاوز عن التقارير الذاتية لفهم المصادر الالواعية لقرارات وسلوكيات المستهلك ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫نظام ‪ 1‬ونظام ‪ 2‬لـ (دانيال كانيمان)‬

‫بدأ كانيمان وزميله "عموس تفيرسكي" ببرنامج بحوث في سبعينيات القرن العشرين لتحديد‬
‫طريقة إتخاذ اإلنسان للقرار ‪،‬بدالً من معرفة كيف كان من المفترض أن يتخذوا القرارات فقاموا‬
‫وأعوانهم بإنتاج سلسلة من الدراسات التي أظهرت بأن األشخاص الحقيقيين ليسوا عقالنيين "كـالسيد‬
‫سبوك" صانع القرارات‪ ،‬ولكن بدالً من ذلك أُستخدم نوعٌ يشبه العقالنية المحدودة‪ ،‬وبإستخدام عد ٍد من‬
‫التحيزات ال ُحكمية واإلختصارات لصنع القرار كان ذلك األمرحدثا ً هاما ً تعلق بالتفكير‪ ،‬حاز "كانيمان"‬
‫على جائزة نوبل التذكارية في علوم اإلقتصاد في عام ‪ 2002‬لمساهماته هو و"تفيرسكي" الذي توفي‬
‫في عام ‪ 1996‬ولألسف لم يعش لتقاسم اإلنجاز‪ ،‬وصف "كانيمان" نموذجه في كيفية إنتاج الدماغ‬
‫للقرارات وذلك بالتحدث عن نظامين مميزين الذين سماهما بـ النظام ‪ 1‬والنظام ‪ ، 2‬وهذه هي‬
‫الخصائص الرئيسة للنظام ‪ 1‬والنظام ‪- 2‬كما هما موضحان من قِّ َبل كانيمان في عام ‪: -2003‬‬

‫النظام ‪2‬‬ ‫النظام ‪1‬‬

‫بطيء‬ ‫سريع‬

‫متسلسل (قادر على التعامل مع مهمة واحدة‬ ‫موازي (قادر على التعامل مع العديد من المهام في وقت‬
‫فقط في كل مرة)‬ ‫واحد)‬

‫يتم التحكم به‬ ‫تلقائي‬

‫بمجهود‬ ‫بال مجهود‬

‫محكوم بالقواعد‬ ‫ترابطي‬

‫مرن‬ ‫بطيء التعلم (تحكمه العادة)‬

‫حيادي‬ ‫عاطفي‬

‫المصدر ‪:‬دانيال كانيمان ‪:‬خرائط تحددها العقالنية ‪:‬علم النفس‪ ،‬اإلقتصاد السلوكي"نظرة اإلقتصاد‬
‫األمريكي‪ ،‬أيلول ‪. 2003‬‬

‫النظام ‪: 1‬هو النظام الذي نستخدمه لصنع القرارات البديهية‪ ،‬نستخدم هذا النظام عندما نقوم‬
‫بصنع قرارات ُمفاجئة مبنية على ردود األفعال‪ ،‬وال يمكنه الوصول إلى اإلدراك الواعي ‪.‬‬

‫النظام ‪: 1‬هو المسؤول خالل بناء اإلنطباع وإنشاء مراحل المعاني للتفكير‪ ،‬وأيضا ً يدور حول‬
‫أعماله وفي األغلب يكون غير خاضع للرقابة من قبل العقل الواعي‪ ،‬وهذا النظام الذي نستخدمه عندما‬
‫نتذكر بصعوبة وجها ً جديدا ً ومن ثم نميز ذلك الوجه بعد ‪ 10‬سنوات ‪.‬‬

‫النظام ‪: 2‬هو نظامنا لصنع القرارات التداولية‪ ،‬وهو النظام الذي نستخدمه عندما نقوم بوزن‬
‫البدائل أو السلبيات واإليجابيات المتكافئة ‪.‬‬

‫النظام ‪: 2‬هو المسؤول خالل عميات التداول والتحليل‪ ،‬وهو النظام الذي نستخدمه عندما نقوم‬

‫‪46‬‬
‫بممارسة ذلك الصوت الصغير داخل رأسنا‪ ،‬مثل ‪:‬عندما نحاول جمع ‪267 +1334‬‬

‫إستبدال نموذج المستهلك العقالني بنموذج ال ُمستهلك البديهي‬

‫بدأنا في هذا الفصل بالرجوع لسيد سبوك‪ ،‬الضابط األول فائق المنطقية على مؤسسة المركبة‬
‫الفضائية داخل العرض التلفازي (‪ ،)Star Trek‬وقمنا بصناعة الحالة التي يكون فيها السيد سبوك‬
‫فتى ال ُملصقات لنموذج المستهلك العقالني الذي لديه أبحاث التسويق والتسوق ل ُمعظم القرن الماضي ‪.‬‬

‫وبالنظر إلى ما تعلمناه من علوم الدماغ الخاصة بالتسويق العصبي ‪،‬وعلم النفس اإلجتماعي‬
‫ي وإستبداله بالنموذج األكثر‬ ‫ي‪ ،‬فمن المنطقي أن نعتبر إعتزال الم ْست َهل العقالن ّ‬
‫واالقتصاد السلوك ّ‬
‫واقعية نموذج المستهلك البديهي‪ ،‬ولدينا فصل من برنامج (‪ ،)Star Trek‬وهو الذي يمثل ال َمثل‬
‫األعلى الجديد بكل لُطفٍ –العاطفة– تقود كبار المسؤولين على مؤسسة المركبة الفضائية "الدكتور‬
‫م ّكوي"‪ ،‬على عكس "السيد سبوك"‪ ،‬السيد م ّكوي يتخذ قراراته بنا ًء على اإلستجابات العاطفية‬
‫للمواقف‪ ،‬هو يعلم بداخله الشي الصحيح للقيام به‪ ،‬حتى وإن لم يستطع التعبير عن ذلك بشكل واضح‪،‬‬
‫للتسوق ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وهذا يخالف السيد سبوك‪ ،‬دعونا نتخيل كيف يذهب السيد م ّكوي‬

‫✓ على عكس السيد سبوك‪ ،‬السيد مكّوي ال يقوم بالكثير من التفكير المعتمد حول ال ُمنتجات التي‬
‫سيقوم بشرائها من البقالة ‪:‬يستخدم دماغه العادة‪ ،‬والتجربة‪ ،‬والعظة العاطفية كإختصارا ٍ‬
‫ت إلتخاذ‬
‫القرارات‪ ،‬تلعب العواطف الجزء ال ُمهيمن في هذه العمليات‪ ،‬وهو ال يمكلك ذكريات واضحة وعميقة‬
‫حول ال ُمنتجات والعالمات التجارية ال ُمختلفة‪ ،‬وال يستطيع إخبارك عن أكثر اإلدعاءات التي وضعت‬
‫في اإلعالنات التي يراها ‪.‬‬

‫✓ يسترد الدكتور مكّوي مشاعره حول ال ُمنتجات والعالمات التجارية والمعلومات الواقعية لنطاق‬
‫محدد بأسلوب واسع ومتفاوت والكثير من هذه العمليات تحت إدراكه الواعي‪ ،‬وبذلك ال يُمكنه‬
‫إستردادها بدقة ‪.‬‬

‫✓ تفضيالت السيد مكّوي ضمنية إلى حد كبير ومبنية على العادة‪ ،‬وآراء أصدقاءه‪ ،‬وخبرته في‬
‫ال ُمنتج وال يقوم بإخضاع تفضيالته لتحليل منطقي دقيق‪ ،‬في الحقيقة ‪-‬في أغلب األحيان‪ -‬يستدل على‬
‫تفضيالته من سلوكه أكثر من الطرق األخرى من حوله ‪.‬وبين أي مجموعة من البدائل‪ ،‬تفضيالت‬
‫السيد م ّكوي ربما ال تتناسق منطقيا ً –يفضل العالمة التجارية (أ) عن العالمة التجارية (ب)‪ ،‬والعالمة‬
‫التجارية (ب) على العالمة التجارية (ج)‪ ،‬ولكنه أيضا ً يُفضل العالمة التجارية (ج) على العالمة‬
‫التجارية (أ) ‪.‬‬

‫✓ يقوم السيد مكّوي بإتخاذ معظم قرارات الشراء بشكل عفوي وبدون الكثر من التفكير ال ُمعقد في‬
‫مكان الشراء وإذا سألته لما وضعت العالمة التجارة (أ) بدالً من العالمة التجارية (ب) في عربة‬
‫التسوق‪ ،‬هو في الواقع لن يعطيك سببا ً وجيها ً إال إذا اخترع سبباً‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫✓ يمكن أن يقوم السيد مكّوي بتغيير ال ُمنتجات والعالمات التجارية التي يختارها‪ ،‬ليس لتوفر‬
‫المعلومات على قدر تغير الوضع ضمن ما يريده في التسوق سلوك السيد المكوي في التسوق يمكن‬
‫أن يتغير‪ ،‬ولكن اإلقناع الصريح من خالل الحجج المنطقية‪ ،‬ولكنها غير فعّالة بشكل ُمثير للدهشة‪،‬‬
‫وعندما يقوم بمعرفة أنك تحاول إقناعه سيطرح الدفاعات المعرفية ويصبح أقل ليس أكثر تقبُالً‬
‫لرسائلك‪.‬‬

‫✓ يُمكن أن يكون للتسويق واإلعالن تأثيرا ً كبيرا ً على الدكتور مكّوي ولكنهم يملون إلى أن يقومو‬
‫بطرق ال‪-‬واعية خارج إدراكه ويقسِّم لك الدكتور م ًكوي بأن اإلعالنات ال تؤثر على سلوكه‪ ،‬ولكن‬
‫ئ‪.‬‬‫غالب تقييمه الذاتي يكون خاط ً‬

‫✓ الطريقة الرئيسة هي تأثير التسويق واإلعالنات غير المباشرة على السيد مكّوي‪ ،‬من خالل‬
‫علن عنها إال‬
‫ترابطات ذهنية ُمتكررة لألهداف والصور اإليجابية لل ُمنتجات أوالعالمات التجارية ال ُم ِ‬
‫إذا كان يفكر بشكل فعّال آخذا ً بعين اإلعتبار شراء ُمنتج ُمعين فسوف يبحث عنه بوعي‪ ،‬وإعارة‬
‫االنتباه له‪ ،‬واإللتزام بمعلومات الذاكرة والحجج ال ُمقنعة بخصوص ال ُمنتجات داخل مجال إهتمامه ‪.‬‬
‫نموذج المستهلك البديهي ال ُممثل للسيد م ّكوي خلق الكثير من التحديات الجديدة لألبحاث‪ ،‬ولكنه أيضا ً‬
‫قدّم دليالً أكثر واقعية ل ُمختصي التسويق ‪،‬وأبحاث السوق ‪.‬أن التسويق العصبي حول إكشاف‬
‫وإحتضان كيفية عمل هذا النموذج لتطوير نظريات تنبؤية أعمق وقياسات لكيفية إتخاذ ال ُمستهلك‬
‫ت حقيقية ‪،‬وهو يقوم بإجراءا ٍ‬
‫ت حقيقية في السوق الحديث ‪.‬‬ ‫الحقيقي قرارا ٍ‬

‫‪48‬‬
‫الفصل ‪3‬‬

‫وضع التسويق العصبي في حيز العمل‬

‫في هذا الفصل سنناقش ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬بيان كيفية تطبق التسويق العصبي في مجاالت تسويقية مختلفة‬

‫مجرد أداة لدفع الناس إلى شراء األشياء‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬إدراك أن التسويق العصبي أكثر من‬

‫‪ -‬الكشف عن المنظور جديد الذي يقدمه التسويق العصبي لكيفية تفكير و رد فعل الزبائن‬

‫ت علمية فحسب ‪ ،‬فنحن سنستعرض في تفاصيل‬ ‫مجرد أطروحا ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ال يُعتبر التسويق العصبي‬
‫الجزء الثالث و في ملخص هذا الفصل أن التسويق العصبي قد دخل فعالً حيز التطبيق في الكثير من‬
‫المجاالت التسويقية الكبرى‪ :‬كتسويق العالمات التجارية وابتكار المنتجات وتصميمها والخبرة في‬
‫التسوق والتسويق المنتجات داخل المتاجر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشبكات الحاسوبية والتسويق‪ ،‬واإلعالن والترفيه وعملية‬
‫فهم أعمق للمحركات‬ ‫ففي ك ِّّل واح ٍد من هذه المجاالت بدأ التسويق العصبي فعالً يالمساهمة في ٍ‬
‫السلوكية عند المستهلك‪ ،‬كما ويقدم أفكارا ً جديدة لتطوير كفاءة التسويق‪.‬‬

‫ونستعرض في هذا الفصل ملخصا ً عن هذه التطورات‪ .‬ونترك التفاصيل ليتم شرحها في‬
‫شملت في هذا الملخص‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حيث ُخصص فص ٌل كامل لك ٍل من المواضيع التي ُ‬ ‫الجزء الثالث‬

‫التأسيس لعالما ٍ‬
‫ت تجارية أفضل‬
‫باستخدام التسويق العصبي‬
‫إن كالً من التسويق العصبي تسويق العالمات التجارية قد وجدا لتكميل بعضهما البعض‪،‬‬
‫فكالهما مهت ٌم بشكل أساسي بكيفية خلق وربط األفكار في العقل البشري‪.‬‬

‫فعندما تُعرض على العقل البشري عالمة تجارية معينة‪ ،‬فإن العقل قد يخلق ذكرى معينة من‬
‫يروج لعالمة تجارية‬
‫كإعالن ّ‬
‫ٍ‬ ‫التعرض لمثل هذه العالمة‪ .‬وقد ترتبط هذه الذكرى بعناصر عديدة ربما‬
‫ما أو لمنتجٍ تحت عالمة تجارية معينة أو تصميم معين أو خبرة استهالكية معينة‪ .‬ومهما كانت‬

‫‪49‬‬
‫العناصر التي ُحفظت في ذاكرة اإلنسان ‪ ،‬فإنها ترتبط مع بعضها مش ّكلةً ذكرى عن هذه العالمة‬
‫التجارية‪.‬‬
‫عندما تُعرض عالمة التجارية ما على العقل ألول مرة ‪َ ،‬ي ُ‬
‫خز ُن العقل ذكريات جديدة ّ‬
‫لتوسع‬
‫بدورها الذكرى التي ُحفظت سابقا ً عن هذه العالمة التجارية ‪ .‬وقد يتم ربط الذكرى المحفوظة لهذه‬
‫إعالن ما عالمةً‬
‫ٌ‬ ‫العالمة التجارية و أنماطا ً أخرى من الذكريات‪ .‬فعلى سبيل المثال ‪ ،‬عندما يتعسرض‬
‫تجاريةً في سياق عطلة يقضيها الشخص على شاطئ البحر ‪ ،‬فإن عقل المشاهد قد يربط بين العالمة‬
‫التجارية و مجموعة من ذكرياته على شاطئ البحر‪.‬‬

‫وفي الوقت الذي تتطور فيها هذه العملية ‪ ،‬تتشكل ذكرى العالمة التجارية ثم يُعاد تشكيلها‪،‬‬
‫وتنوعهُ أيضاً‪.‬‬
‫فهي تتوسع وتتنوع ‪ ،‬مغيرة ً مفهوم العالمة التجارية ّ ِّ‬
‫تحدث هذه العمليةُ في عقولنا على نحو طبيعي‪ ،‬إال أن غاية مروجي العالمات التجارية هي‬
‫التأثير على هذه العملية عن طريق تعريض المشاهدين للعالمات التجارية التي يُرادُ بها ربط هذه‬
‫العالمة بمدلوالت ومشاعر وقدرات معينة وما إلى ذلك‪ .‬وهم يطبقون ذلك عن طريق ابتكار‬
‫واإلعالن عن المنتجات والسلع‪ ،‬وتسويقها للمشترين‪ ،‬والتواصل عبر شبكات اإلنترنت بهدف‬
‫تسويقها وغيرها من الوسائل‪.‬‬

‫المسوقين في كيفية قياس الذكرى الخاصة بالعالمة التجارية‪ .‬فعلى‬‫ّ ِّ‬ ‫تكمن المشكلة عن‬
‫سبيل المثال‪ ،‬عندما تحاول حملة دعائية ربط الذكرى الخاصة بالعالمة التجارية عند الزبون‬ ‫تذكر‬
‫يودّون معرفة ما إذا كانت هذه االرتباطات موجودة ً في األصل في عقل‬ ‫بسلوك أو صفة معينة‪ ،‬فإنهم َ‬
‫المستهلك‪ ،‬أو ما إذا أصبحوا أكثر قوة بعد تنفيذ الحملة الدعائية أو إطالق منتج جديد‪.‬‬

‫وفي يومنا هذا ‪ ،‬يتم تطبيق التسويق العصبي في حقول البحوث الخاصة بتسويق العالمات‬
‫المسوقين على فهم كيفية تش ُّكل الذكرى الخاصة بالعالمة التجارية عند‬
‫ّ ِّ‬ ‫التجارية ‪ ،‬ليساعد‬
‫المستهلكين‪ ،‬وكيف يُمكن تشكيلها ‪،‬ومدى تأثيرهم على مشاعر وسلوكيات المستهلكين وعلى قراراتهم‬
‫بالشراء على نح ٍو أساسي‪.‬‬

‫االرتباطات الذهنية هي المغزى من العالمات التجارية‬


‫المسوقين في العادة على الذكريات الواضحة؛ أي تلك الذكريات التي يكمن استرجاعها‬ ‫ّ ِّ‬ ‫يركز‬
‫المسوقون مدى كفاءة مبادراتهم التسويقية من خالل قياس‬
‫ّ ِّ‬ ‫بشكل واضح ودقيق‪ .‬وبهذه الطريقة يقيّم‬
‫أنماط متعددة من التذ ّكر‪ -‬أي تذ ّكر اإلعالن‪ -‬والمنتج والرسالة التي يحتويها اإلعالن وما إلى ذلك‪.‬‬
‫يكمن االفتراض األساسي فيما إذا لم يستطع الزبون تذ ُّكر ُّ‬
‫تعرضه للعالمة التجارية‪ ،‬فعندها تكون‬
‫المبادرة التسويقية بال جدوى‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫آخر من الذكريات تسمى بالذكريات الضمنية‪.‬‬ ‫ع ٌ‬‫ويطرح علم الدماغ نقطة أن هنالك نو ٌ‬
‫تذكر‬
‫وهي ذكريات الواعية أي أنه ال يمكن الوصول إليها وتذ ُّكرها‪ .‬لكنها مع ذلك موجودة ٌ في عقل‬
‫تأثير عميق على كيفية شعور المستهلكين تجاه العالمات التجارية وما‬ ‫ٌ‬ ‫المستهلك ويمكن أن يكون لها‬
‫المسوقين في أن المستهلكين وبكل بساطة ال يدركون‬ ‫َّ‬ ‫يختارون شراءه‪ .‬تكمن المشكلة الكبرى لدى‬
‫تلك التأثيرات‪.‬‬

‫ت أخرى‪ ،‬وبذلك‬ ‫ت من الترابطات مع ذكريا ٍ‬ ‫تُش ِّ ّكل الذكريات الخاصة بالعالمة التجارية شبكا ٍ‬
‫تكون سببًا وراء إمكانية تفعيل ذكرى خاصة بعالم ٍة تجاري ٍة وذلك من خالل تفعيل الذكريات‬
‫المرتبطة بها‪ .‬فمثالً‪ ،‬إذا ما ربط اإلعالن على نح ٍو مستمر أو لفترة زمنية مطولة عالمة تجارية‬
‫لمنتجات طعام الكالب بفكرة تقول " منتجاتنا ُوجدت من أجل كالبكم" (كما هو موجود في أصل‬
‫العالمة التجارية)‪ ،‬فيمكننا أن نتوقع تعرض المستهلكين لسلسة منتجات من عالمة تجارية معينة على‬
‫رفوف المتاجر مذ ّكرة ً المتسوقين بعالقتهم العاطفية مع كالبهم‪ ،‬وتربط عالمة التجارية مع هذه‬
‫ب خارج المتجر قد يوحي وبكل بساطة للمتسوقين أن يبحثوا على منتجات هذه‬ ‫المشاعر‪َّ .‬‬
‫فإن رؤية كل ٍ‬
‫العالمة ويشترونها‪.‬‬
‫أمرا سهالً ‪ ،‬إال أنها في الواقع العكس؛ وذلك لسببين أولهما ‪ّ ،‬‬
‫أن‬ ‫قد تبدو عمليات الربط هذه ً‬
‫المستهلكين ‪ -‬كما قد اكتشف الباحثون‪ -‬يقاومون الرسائل التي يبعثها التسويق لهم ‪ .‬أما السبب الثاني‬
‫واألكثر أهميةً‪ ،‬هو أن العالمات التجارية المتنافسة غالبًا ما تسعى إلى تشكيل الترابطات ذاتها في‬
‫عقل المستهلك وعادة ً ما تكون الرسائل التي تبعثها العالمات التجارية للمستهلكين متشابهة‪.‬‬

‫كيف تؤثر العالمات التجارية على عقولنا‬


‫مسيطرا على‬
‫ً‬ ‫تأثيرا مه ًّما أو حتى‬
‫ً‬ ‫برهنت دراساتٌ عديدة ٌ على ّ‬
‫أن العالمات التجارية تتضمن‬
‫التجربة االستهالكية عند المستهلكين‪ .‬وكمثا ٍل يمكن االستشهاد به على هذا التأثير تجربةٌ تتضمن‬
‫تذوق المستهلكين نبي ٍذ من زجاجة بعالمة تجارية رفيعة المستوى وواحدة من عالمة تجارية رخيصة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫تذوق الناس من الزجاجة ذات العالمة التجارية الرخيصة ‪ ،‬قيموا النبيذ الذي تذوقوه بأنه سيء‬ ‫عندما ّ‬
‫جداً‪ .‬أما عند تذوقهم من الزجاجة ذات العالمة التجارية رفيعة المستوى قيّموا النبيذ بأنه جيد جداً‪ .‬إال‬
‫أن الباحثين بالطبع قاموا بتقديم النبيذ نفسه في كال الحالتين‪ ،‬فحكم الناس على ما تذوقوه وفقًا‬
‫لتوقعاتهم من عالمات تجارية معينة‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫وباستخدام طريقة التسويق العصبي‪ ،‬ت َّم إجراء التجربة مع زبائن تم تصوير أدمغتهم عن‬
‫طريق جهاز الرنين المغناطيسي بينما كانوا يستمتعون بمذاق نبيذهم المفضل وكانت النتائج مذهلة‪:‬‬
‫فقد كانت تجربة المشاركين للنبيذ في الواقع على على نح ٍو مختلف حينما قُد َِّّم على أنه من عالمة‬
‫تجارية مرموقة بدالً من أخرى رخيصة‪.‬‬

‫يُطلق على هذا التأثير القوي في بعض األحيان اسم التأثير المهدّئ لتسويق العالمات‬
‫التجارية‪ .‬وكما هي الحال في أقراص الدواء المهدئة‪ ،‬ال تُغير العالمة التجارية المظهر الخارجي‬ ‫تذكر‬
‫فقط‪ ،‬بل تُغير كيفية ردود فعل المستهلكين لتجربتهم ‪ .‬وقد افترض الباحثون أن هذا مثا ٌل على كيفية‬
‫استهالك الناس للمفاهيم بدالً من المنتجات نفسها ‪ .‬فقد تعزو رضاك عن منتجٍ ما (أو عدمه)‬
‫لالستهالك المادي‪ ،‬إال أن المفهوم النابع من التجربة االستهالكية هو في الحقيقة يؤثّر على ردّة‬
‫فعلك على نح ٍو كبير‪.‬‬

‫لماذا يَصعُب استبدال العالمات التجارية الرائدة‬


‫ُ‬
‫ط ِّبّقَ التسويق العصبي على مشكلة فهم السبب وراء كون العالمات التجارية الجديدة تواجه‬
‫صعوبة في الحلول محل العالمات التجارية الرائدة في فئات العالمات التجارية المستقرة غير القابلة‬
‫للتطور في تسويقها‪.‬‬

‫أحدى تلك األسباب من منظور التسويق العصبي هو أن العالمات التجارية الرائدة تميل إلى‬
‫امتالكها شبكات من ذكريات الخاصة بها ذات تنوعٍ وارتباطٍ أكثر‪ .‬وذلك ألنها "تتبادر إلى الذهن"‬
‫بشك ٍل أسهل عندما تُذكر فئة معينة من المنتجات‪ ،‬ويمكنها االستفادة من تنشيط الذكرى الخاصة بها‬
‫من عدة زوايا ‪ ،‬حتى مع تعرضها لعالمات تجارية أقل في نفس فئتها‪.‬‬

‫تستفيد العالمات التجارية الرائدة من دورة فعّالة ل تعزيز استهالك منتجاتها‪ .‬وبذلك تكون‬
‫العالمة التجارية ‪:‬‬

‫✓ مألوفة ‪ ،‬وبذلك يميل المستهلكون إلى الوثوق بها‪.‬‬

‫باالختيار‪.‬‬ ‫✓ تُس ّهل من عملية اتخاذ القرار وال تتطلب من الزبائن بقضاء وقتهم وجهدهم‬

‫✓ يقلل من احتمال المخاطرة‬

‫✓ لديها امكانية خلق تجربة استهالكية إيجابية ألن الزبائن يتوقعونها من منتجاته هذه العالمة‬
‫التجارية ‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫وفي الوقت ذاته ‪ ،‬قد يُحتمل تعرض العالمة التجارية إلى عملية تجزئة أوسع و استبدال‬
‫منتجاتها بأخرى أفضل وذات تغطية اعالمية أكبر وذات تزايد في توصية المستهلكين من لهذه‬
‫المنتجات من قِّبَل أصحاب المحال باإلضافة إلى أنشطة ترويجية أكثر عن طريق عمليات التجزئة‬
‫وأصحاب العالمات التجارية‪ .‬وهذا يزيد من تعرض المستهلك لهذه العالمة التي بدورها تعزز من‬
‫اعتياد الزبائن عليها وتجعلها أكثر تفضيالً لديهم‪.‬‬

‫وأخيراً‪ ،‬قد يُعزى السبب وراء صعوبة استبدال هذه العالمات التجارية أنها على األغلب‬
‫التسوق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أمر مساهم بشكل أساسي في عادات‬ ‫تُشترى دون إعارتها الكثير من التفكير وهذا ٌ‬
‫إن مثل الجملة الفوائد هذه قد يكون من صعب التغلُّب عليها‪ .‬إال أننا قد نالحظ غالبًا أن‬
‫خوض تح ٍّد ناجحٍ‬
‫ِّ‬ ‫العالمات التجارية "الناشئة" قد تحوز على هذه الميزات‪ .‬فما هو السر وراء‬
‫وهزيمة عالمة تجارية رائدة ؟‬

‫إنه بالرغم من أن العالمات التجارية الرائدة تميل إلى االستفادة من عملية اتخاذ القرار‬
‫نصيحة‬
‫ضمنية في الالوعي والتي تُفضّل تكرار عملية شراء منتج ما ‪ ،‬إال أن العالمات التجارية المنافسة‬
‫قرار ضمنية إلى‬
‫تستطيع االستفادة من ذلك عن طريق تغيير قرارات المستهلكين من عملية اتخاذ ٍ‬
‫قرار ظاهرة ‪ .‬تهدف العالمات التجارية المنافسة إلى تغيير السلوك ‪ ،‬وأكثر أنجح طريق‬ ‫عملية اتخاذ ٍ‬
‫لفعل ذلك هو عرضها وجذب االنتباه إليها وطرح برهان ُمقنِّعٍ على سبب وضع العالمة التجارية‬
‫بعين االعتبار‪ ،‬ويدحض أي فكرة مخالفة قد تتبادر إلى ذهن المستهلك عندما يقومون بتحليل تلك‬
‫االدعاءات‪.‬‬

‫استخدام التسويق العصبي في اختبار العالمات التجارية‬

‫قد تكون بعض وسائل وطريق التسويق العصبي التي ذكرناها في هذا الفصل غير مألوفة‬
‫لك (لمزيد من المعلومات عن هذا الموضوع اقرأ من الفصل ‪ 16‬إلى ‪ .)18‬إال أننا اآلن نقتر ُح‬
‫نصيحة‬
‫عليك أن تلقي نظرة على أقسام " استخدام التسويق العصبي ‪ "...‬في هذا الفصل للوصول إلى معنى‬
‫التنوع في الطرق الجديدة التي يُقدمها التسويق العصبي‪ .‬ويمكنك تتطلع على التفاصيل الحقًا‪.‬‬
‫ّ‬
‫وير ّكز اختبار العالمات التجارية باستخدام التسويق العصبي على ثالثة مظاهر من ردود‬
‫فعل المستهلكين ‪:‬‬

‫✓ الترابطات الذهنية‪ :‬فالعالمات التجارية ت ُ ّ‬


‫عرف من خالل تنوعها وغناها باالرتباطات في عقل‬
‫المستهلك‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫ُ‬
‫حيث تحث العواطف المستهلك إما نحو العالمة التجارية أو بعيدًا عنها‪.‬‬ ‫✓ العواطف‪:‬‬

‫✓ الحوافز‪ :‬يمكن للتعرض لعالمة تجارية معينة أن يُف ِّعّل األهداف الموجودة في العقل الواعي‬
‫والالواعي للمستهلك مما يُح ِّفّز القيام بالفعل‪.‬‬

‫يوفر التسويق العصبي عدة طرق لقياس االرتباطات الخاصة بالعالمات التجارية‪ .‬وتقيس‬
‫إحدى هذه الطرق (مثل االستحضار الداللي‪ 1‬واختبار االرتباطات الضمنية) االستجابات السلوكية‪.‬‬
‫وتقيس أخرى (مثل جهاز الرنين المغناطيسي وتخطيط موجات الدماغ) التغييرات في حاالت الدماغ‬
‫التي ترافق تفعيل ارتباطات قوية في الذاكرة‪.‬‬

‫ب قياس العواطف بالتقارير التقليدية الفعلية‪ ،‬إال أن هناك عدة أساليب يستخدمها‬
‫يصعُ ُ‬
‫مستخدمي التسويق العصبي لقياس االستجابات العاطفية للعالمات تجارية ما‪ ،‬بما في ذلك عمليات‬
‫استحضار فعّالة وعمليات تخطيط كهربية األنسجة العضلية وتحليل تعابير الوجه‪.‬‬
‫ٍ‬
‫يمكن لمستخدمي آلية التسويق العصبي قياس تفعيل الهدف التحفيزي عن طريق دراسات‬
‫سلوكية (مثل‪ :‬قياس النتائج السلوكية ناتجة عن عملية استحضار ذهني لعالمة تجارية) مقاييس‬
‫الدماغ (مثل قياس موجات الدماغ الخاصة بطريقة تجنّب الحوافز )‪.‬‬

‫تصميم منتجات وسلع أقضل باستخدام التسويق العصبي‬


‫ث ثم تطبيقه بشك ٍل‬ ‫ُ‬
‫طبّق التسويق العصبي على نج ٍو واسعٍ في تصميم المنتجات واألغلفة‪ ،‬حي ُ‬
‫تصميم ما أمرا ً صعبًا‪ ،‬وألنهم‬
‫ٍ‬ ‫جزئي وذلك ألن الناس يجدونه بيان السبب وراء إعجابهم أو عدمه في‬
‫المسوقين‬
‫ّ‬ ‫ال يستطيعون التنبؤ بسلوكهم الشرائي مستقبالً‪ .‬ويستطيع التسويق العصبي مساعدة‬
‫ومصممي المنتجات في اإلجابة على ثالث أسئلة ‪:‬‬

‫✓ كيف يُلفت النظر إلى المنتجات الجديدة ؟‬

‫✓ ما الذي يجعل منتجا ً أو غالف سلعة ما ذا جاذبية ؟‬

‫‪ - 1‬االستحضار الداللي‪ :‬حيث يكون الفكرة واستحضارها من الفئة الداللية فمثالً‪ ،‬تُعتبر كلمة كلب هي االستحضار الداللي لكمة ذئب وذلك‬
‫ألنهما يتشاركان صفا ٍ‬
‫ت متشابهة‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫✓ لماذا تفشل العديد من المنتجات الجديدة ‪ ،‬وما الذي يمكن فعله حيال ذلك ؟‬

‫كيف يمكن للمنتجات الجديدة أن تلفت النظر‬


‫المسوقين‬
‫ّ‬ ‫عند تطوير منتجات جديدة أو صنع غالف جديد لمنتجٍ ما‪ ،‬فإن أول ما يجب على‬
‫فعله هو إيجاد التوازن الصحيح بين اثنين من الجوانب األساسية للتصميم ‪ :‬الحداثة ومدى ألفة المنتج‬
‫للمستهلك‪ .‬فمعظم المستهلكين ينجذبون إلى الشيء الجديد ألن العقولنا هي بطبيعتها فضولية ومتلهفة‬
‫لألشياء الجديدة‪ .‬ولكن الكثير من الحداثة يربكنا وقد يؤدي بنا إلى رفض المنتج الجديد إذا لم يكن‬
‫مألوفًا بما يكفي بالنسبة لنا لمعرفة كيفية تلبيته الحتياجاتنا‪ .‬فنحن أيضا منجذبون إلى ما هو مألوف‬
‫ألنه يوفر الشعورا ً بالراحة والثقة والفهم‪.‬‬

‫إن مفتاح الحصول على انتباه الناس لمنتج جديد هو العثور على "النقطة المحببة" بين‬
‫الحداثة ومدى ألفة المنتج لدى الناس والتي توفر اختالفًا عن المنتجات الموجودة أصالً من نفس الفئة‪.‬‬
‫كما أنها أيضا تضمن موافقة المنتج الجديد لتوقعات المستهلك العاطفية‪ ،‬وهذا يعني ‪ -‬في علم الدماغ‪-‬‬
‫التركيز على جوانب معينة من االنتباه والعاطفة ‪:‬‬

‫يمكن قياس االختالف عن طريق مدى جذب المنتج من األدنى إلى األقصى (أي االنتباه ✓‬
‫الالإرادي الذي ال يكون مو ّج ًها من قِّبل المشاهد) وذلك عندما يُعرض هذا المنتج في سياق المنتجات‬
‫المنافسة‪.‬‬

‫يمكن قياس االستجابة العاطفية للمستهلك بمدى إثارة ردود الفعل العاطفية التي ُحفّزت إما ✓‬
‫بطريقة مباشرة (عن طريق الشكل أواللون أوالقالب‪،‬أو ما يحمله من رمزية‪ ،‬أو إشارات أخرى) أو‬
‫قد ُحفزت بشكل غير مباشر (من خالل االستحضار الذهني المنتج أو وسالسة معالجته أو العالمات‬
‫العاطفية في الالوعي الناتجة عنه) ‪.‬‬

‫لمعرفة المزيد عن هذه الشروط‪ ،‬انتقل إلى الجزأين الثاني والثالث من هذا الكتاب‪.‬‬
‫وللحصول على مقدمة سريعة لبعض المفاهيم العلمية الرئيسية‪ ،‬راجع الفصل ‪.24‬‬

‫التصميم العصبي لألمور اليومية‬


‫يستطيع مصممو أغلفة المنتجات ومصممو المشاريع والرسومات والمصممون الصناعيين‬
‫تعلم الكثير من التصميم العصبي (الذي يُعتبر أحد فروع علم األعصاب علم النفس االجتماعي)‪.‬‬
‫ويستكشف التصميم العصبي كيفية انجذاب عقولنا إلى بعض التصاميم أكثر من غيرها بالضافة إلى‬

‫‪55‬‬
‫استكشاف السبب وراء هذا اإلنجذاب وسبب إدراكنا لبعض الخصائص أكثر طبيعيةً وجماليةً والتي‬
‫تجلب البهجة لنا أكثر من خصائص أخرى‪.‬‬
‫وجد العلماء أن بعض الردود الفعل للجمالية الموجودة في شيءٍ ما تبدو أكثر انتشارا ً عالميا ً‬
‫و"مقترنة بشدة" في أدمغتنا‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يتراىء أن لدى الناس تفضيل الطبيعي للخطوط‬
‫منحنية والحواف بالمقارنة مع خطوط مستقيمة و الحواف مدببة‪ .‬ونحن نميل أيضا إلى تفضيل‬
‫التصاميم البسيطة والمتناظرة‪ ،‬وذات درجة عالية من التباين‪.‬‬

‫وهناك مصدر آخر مهم من مصادر الجاذبية يعالج سالسة المنتج (أي السهولة الالزمة التي‬
‫تعرف شيءٍ ما)‪ .‬فعندما تكون معالجة السالسة في أدمغتنا عالية‪ ،‬فال يحتاج‬
‫تمكن أدمغتنا من فهم ُّ‬
‫مترو‪ ،‬فيمكنهم معالجة الشيء (كالغالف أو المنتج) وفهمه دون‬
‫ٍّ‬ ‫المستهلكين إلى االنخراط في التفكير‬
‫الكثير من التفكير الواعي‪.‬‬

‫سن عملية معالجة السالسة في شيءٍ معين من خالل التصميم نفسه فقط ‪ ،‬بل ومن خالل‬ ‫لم ت ُح َّ‬
‫طريقة عرض التصميم‪َّ .‬‬
‫فإن التعرض المتكرر للمنتج (أي وجود األلفة للمنتج مرة أخرى)‪ ،‬وتنبؤ‬
‫نمطه و مدى نموذجيته (أي مدى كون لتصميم متوسطا أو نموذجيا ً في فئة معينة من المنتجات)‪،‬‬
‫وعملية االستحضار الذهني هي جميعها تُساهم في معالجة السالسة لمنتجٍ ما‪.‬‬

‫التسويق العصبي وابتكار المنتجات الجديدة‬


‫يطرح التسويق العصبي مشكلتين أساسيتين وراء فشل الكثير من المنتجات الجديدة وهي‪:‬‬

‫✓ ضعف التنبؤ عند الناس لما سيفعلونه في المستقبل‪.‬‬

‫✓ إنجذاب الناس إلى حداثة المنتجات الجديدة رغم وجود عدم ارتياحٍ لديهم تجاه تلك الحداثة‪.‬‬

‫يُعتبر االقتصاد السلوكي واحدًا من األنظمة األساسية في التسويق العصبي‪ ،‬وقد عالج‬
‫المشكلة األولى‪ ،‬فتوصل االقتصاد السلوكي إلى ما يسمى سهولة المنال (انظر الفصل ‪ .)2‬فعند‬
‫تخيلنا لما يمكننا فعله في المستقبل فنحن نلتقط األشياء سهلة المنال في عقولنا‪ .‬إال أن ذلك ‪-‬ولألسف ‪-‬‬
‫غالبا ما يكون أساسا ً ضعيفا ً للتنبؤ‪ ،‬وينتهي بنا المطاف إلى أن نكون مخطئين‪ .‬وقد ت ُعطى تلك‬
‫التنبؤات الخاطئة إلى الباحثين في السوق في مجموعات البحث والدراسات االستقصائية والمقابالت‪.‬‬

‫إال أن المشكلة الثانية تعيدنا إلى فكرة الحداثة‪ ،‬وعلى وجه الخصوص إلى مسألة كيفية‬
‫استجابة أدمغتنا إلى الحداثة عادةً؛ أي أننا ننجذب لها ولكننا ال نثق بها‪ .‬وقد فُ ّ‬
‫سِّر ذلك من ِّقبل فترات‬
‫نشوءنا وتطورنا‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫تخيل أجدادنا وهم يتجولون في بيئة مليئة بالمخاطر؛ فإن أي شيء من شأنه مساعدتنا في‬
‫البقاء على قيد الحياة في تلك البيئة تنتقل من جيل إلى جيل‪ .‬وأحد األشياء التي ساعدتنا بشكل كبير في‬
‫البقاء على قيد الحياة هو مالحظة أشياء جديدة في البيئة‪ .‬ولكن أشياء جديدة غالبا ما تميل إلى تكون‬
‫خطرة مثل الحيوانات المفترسة المختبئة بين الحشائش الطويلة‪ .‬ولهذا تعلمنا أن نحذر بشأن أي‬
‫تغييرات في بيئتنا باإلضافة إلى توجيه انتباهنا نحو ما هو جديد مع كوننا في حالة تأهب ومنفعلين‬
‫قليال عندما نصادفها‪.‬‬

‫ويبدو أن تلك النزعات قد تنتقل الى عقولنا المعاصرة وذلك على الرغم من أننا نعمل في بيئة‬
‫مختلفة إلى حد كبير‪ ،‬فهي ت ُظهر نزعة طبيعية ت ُنتج ردَّ فع ٍل سلبي على أشياء جديدة حتى ولو جذبتهم‬
‫أوالً‪.‬‬

‫عند الجمع بين ضعف القدرة على التنبؤ والميل إلى كره األشياء الجديدة‪ ،‬نحصل على‬
‫احتمال كبير بأن الناس لن يكونوا قادرين على إطالعك على ما سيرغبونه في المستقبل‪.‬‬

‫ما الذي يتوجب على مبتكري المنتجات فعله ؟ يجيب التسويق العصبي على هذا السؤال‬
‫نصيحة‬
‫بأن أفضل نهج لذلك هو الجمع بين مستويات معتدلة من االبتكار و عناصر مدركة من األلفة‪ .‬خذ‬
‫على سبيل المثال الحاسوب اللوحي من ماركة أبل المسمى (باآليباد)‪ ،‬فإنه يُعتبر منتجا ً مبتكرا ً من‬
‫نواح كثيرة‪ ،‬إال أن لديه ميزات مألوفة ؛ فهو مشابه لجهاز الحاسوب‪ ،‬لذلك فإن أي شخص مطلع على‬
‫عناصر مألوفة‪ ،‬مثل القدرة على تقليب‬ ‫َ‬ ‫الحاسوب سوف سيجد هذا الجهاز مألوفا ً‪ .‬كما أنه يشتمل على‬
‫الصفحات على الشاشة بنفس الحركة التي نستخدمها في تصفح المجلة‪.‬‬

‫يمكن للتسويق واإلعالن أن يلعبا دورا ً هاما ً في مساعدة المستهلكين على فهم منتجٍ جديدٍ‪،‬‬
‫وتسليط الضوء على كيفية استخدامه ومدى تلبيته ألهداف واحتياجات المستهلكين‪ ،‬بما في ذلك‬
‫األهداف الموجودة في عقلهم الباطن التي قد ال يكون المستهلك على علم بوجودها أصالً‪ .‬وال يتمثل‬
‫التحدي في وضع المنتج في حيز الحداثة فقط ‪ ،‬بل بخلق بيئة مألوفة وإقامة ترابطات ذهنية مع‬
‫احتياجات وأهداف القائمة الموجدة في األصل‪.‬‬

‫اختبار األفكار جديدة للمنتجات‬


‫باستخدام التسويق العصبي‬
‫يتوجب على تصاميم المنتجات واألغلفة الجديدة جذب االنتباه البصري عند المستهلكين‪ .‬فإن‬
‫معظم من يستخدم التسويق العصبي يستعملون آلية تتبع العين الختبار االنتباه البصري؛ ألنه يوفر‬

‫‪57‬‬
‫تسجيالً دقيقا ً للوقت والمكان الذي يتم توجيه االنتباه البصري‪ .‬كما تسمح آلية تتبع العين بقياس اتساع‬
‫حدقة العين والتي يمكن أن تكون مؤشرا جيدا على اإلثارة العاطفية عند عرض الشيء‪.‬‬

‫من الضروري أن تكون آلية تتبع العين متكاملة مع مهام محددة حتى يتم االستفادة منها‪.‬‬
‫نصيحة‬
‫فإذا كان الناس يحدقون بصورةٍ ما دون تأث ّر‪ ،‬فستكون أنماط تتبع العين ال عالقة لها مع ما‬
‫سيفعله الناس في حالة التسوق الحقيقي‪ .‬وعندما توكل مهمة ما المشاركين في الدراسة ‪ -‬كالعثور على‬
‫منتج جديد موجود على الرف مزدحم مليء بالمنتجات المنافسة – فإن ذلك يوفر أساسا ً مشترك يمكن‬
‫من خالله تقييم النتائج آلية تتبع العين‪.‬‬

‫وهناك منهجية أخرى أصبحت شائعة في البحوث المجراة على المنتجات واألغلفة وهي‬
‫عنصر أو عنصرين في تصميمها‬ ‫ٍ‬ ‫اختبار الخيار القسري‪ .‬فيتم عرض تصاميم بديلة فيها اختالف‬
‫(مثل اللون أو حجم أو رقعة زجاج ٍة ما) على شاشة حاسوب‪ ،‬ويجب على المشاهدين اختيار ما‬
‫مطوالً‪ ،‬وبالتالي‬
‫يفضلونه بسرعة أكبر‪ .‬وهنا يُجبر شرط االختيار السريع الناس على عدم التفكير ّ‬
‫المترو في العقل الواعي لديهم‪.‬‬
‫ّ ِّ‬ ‫يقلل من دور التفكير‬

‫وأخيرا‪ ،‬يمكن جمع هذه األساليب السلوكية مع مقاييس الدماغ أو الجسد لتقييم اآلليات العقلية‬
‫المعنية الكامنة في الدماغ‪ .‬يمكن للجمع بين آلية تتبع العين مع تخطيط الدماغ أو الرنين المغناطيسي‬
‫التعود ترافق‬
‫ُّ‬ ‫الوظيفي للدماغ ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬أن يوفر مزيدا ً من الفهم فيما كانت حاالت‬
‫االرتباط الذهني أو االرتباك‪.‬‬

‫إنشاء إعالنات مؤثرة‬


‫باستخدام التسويق العصبي‬
‫يقدم التسويق العصبي منظورا ً مختلفا ً جدا ً بخصوص مجال البحث المختص باإلعالنات أكثر‬
‫مما هو موجود في مناهج البحث التقليدية‪ .‬و يتضمن هذا المنظور الجديد إجابات جديدة على ما‬
‫يسمى بالثالثة أسئلة أساسية خاصة ببحوث اإلعالن التجارية وهي كاآلتي‪:‬‬

‫✓ ما هو الغرض من اإلعالن ؟‬

‫✓ كيف يحقق اإلعالن غايته ؟‬

‫✓ كيف يمكننا قياس أفضل تأثير إعالني ؟‬

‫‪58‬‬
‫فوفقا لوجهة النظر التقليدية‪ ،‬إن الغرض من اإلعالن هو إقناع المستهلك بشراء المنتج‪.‬‬
‫ويقوم بذلك من خالل توفير دلي ٍل منطقي ٍ يستذ ُّكره المستهلك الحقا عندما يكون في المتجر أو حالة‬
‫شراء أخرى‪ .‬وتحدث هذه العملية على مست ٍو واعي تماما ً في دماغ المستهلك ويمكن الوصول إليه‬
‫بشكل كامل عند التذ ُّكر مرة أخرى‪ ،‬بحيث يمكن للمستهلك أن ينقل للباحث بدقة كيفية وسبب كون‬
‫اإلعالنات مقنعة‪ ،‬ومدى مساهمة الرسالة التي تحملها في التأثير على قرار المستهلك بالشراء‪.‬‬

‫يتجه منظور التسويق العصبي إلى وجه ٍة مختلف ٍة‪ ،‬فوفقا لمعظم مستخدمي التسويق العصبي‪،‬‬
‫فإن الغرض من اإلعالن هو تحويل العالقة العاطفية إلى عالمة تجارية‪ ،‬حيث يتم ترجمتها إلى عملية‬
‫بيع عندما يتم تفعيل االرتباطات العقلية الخاصة بالعالمة التجارية عند حالة بيعها‪ .‬وتحدث هذه‬
‫العملية كثيرا ً على المستوى الالواعي في دماغ المستهلك‪ ،‬ونتيجةً لذلك ال يمكن للمستهلك أن ينقل‬
‫بدقة كيفية تأثر قراره بالشراء من قِّبَل اإلعالن التجاري ‪.‬‬

‫ومن وجهة النظر التقليدية‪ ،‬يُحقق اإلعالن التجاري هدفه من خالل عمليات واعية لتذكير‬
‫وإلقناع المستهلكين بشراء المنتجات‪ ،‬والتي ت ُعتبر من وظائف االنتباه والمنطق والتعلم الواضح‪ .‬إال‬
‫أنه من وجهة نظر التسويق العصبي‪ ،‬فإن أكثر وقت يُحقق فيه اإلعالن غايته يكون من خالل عمليات‬
‫في الالوعي وهي ‪ :‬خلق ارتباطات ذهنية إيجابية مع عالمة تجارية‪ ،‬الربط المنطقي المتكرر‪ ،‬والتعلم‬
‫الضمني ‪.‬‬

‫عرض مسارا ً مختلفا ً جدا ً عن تأثير اإلعالن التجاري ولهذا تقدم توصيات مختلفة‬
‫ٍ‬ ‫يقدم ك ُّل‬
‫لكيفية قياسه‪ ، .‬فإننا ندعو ‪ -‬في هذا الكتاب ‪ -‬هذين المسارين بالطريق المباشر والطريق غير‬ ‫تذكَّر‬
‫المباشر إلى تأثير اإلعالن التجاري ‪:‬‬

‫✓ يقيس مسار الطريق المباشر مدى التأثير وفقا ً لالنتباه الواعي للمنتج واإلقناع المنطقي‬
‫والتذ ّكر وعروض المبيعات‪.‬‬

‫✓ ويقيس الطريق غير المباشر التأثير وفقا ً لالرتباطات العاطفية في العقل الالوعي‬
‫واإلعداد والذاكرة الضمنية والسلوكيات الناتجة عن عالمة التجارية معينة وعروض المبيعات‪.‬‬

‫ال يدَّعي مستخدمو التسويق العصبي أن الطريق غير المباشر هو األسلوب الصحيح لجميع‬
‫اإلعالنات و جميع الحاالت‪ .‬فال يزال أسلوب الطريق المباشر األفضل للمنتجات الجديدة التي ال‬ ‫نصيحة‬
‫تمتلك هوية تجارية قوية وهي بحاجة الى أن يتم تفسيرها للمستهلكين من أجل أن تباشر بحيازة‬
‫حصتها الشرائية في السوق‪ .‬ويُعتبر أسلوب الطريق المباشر أيضا ً طريقة جيدة لالستدراج المباشر‬
‫للمستهلكين أو في اإلعالنات المل ّحة‪ ،‬وذلك عندما يكون الغرض من اإلعالن هو إقناع المشاهد أن‬
‫يتخذ بعض اإلجراءات‪ ،‬مثل التبرع أو "الدعوة فورا ً" إلى شراء المنتج الذي يقدمه اإلعالن‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫أسلوب الطريق المباشر‪:‬‬
‫التأثير المباشر على أسعار بيع‬
‫ت لنموذج عن المستهلك العقالني‬ ‫يعكس أسلوب الطريق المباشر إلى اإلعالن افتراضا ٍ‬
‫ي ٍ وعلى قدر‬
‫ي ٍ و المنطق ّ‬
‫قرار عقالن ّ‬
‫(انظر الفصل ‪ .)2‬فوفقا لهذه الرؤية يُعتبر المستهلكين صناع ٍ‬
‫عا ٍل من الوعي؛ لذا فإن أفضل طريقة للوصول لهم هو جذب انتباههم واكتساب اهتمامهم وإثارة‬
‫رغبتهم مما يدفع إلى اتخاذ قرار شراء المنتج المعلن عنه‪ .‬وهناك عدد من الصعوبات مع هذا‬
‫النموذج حيث سنناقشها مطوالً في الفصل ‪ 11‬وهي كاآلتي ‪:‬‬

‫الكثير من االنتباه لإلعالنات التجارية‪.‬‬


‫َ‬ ‫الناس عادة ً‬
‫ُ‬ ‫✓ ال يُ ِّع ْر‬

‫✓ عندما يفكر الناس فيما يَدَّعيه اإلعالن عن المنتج‪ ،‬فإنهم يميلون إلى مقاومته‪.‬‬

‫✓ َيق ُّل وجود ما يدل على أن الناس يفكرون في إعالن ما عند التسوق‪.‬‬

‫إعالن ما‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫جوانب معينة من‬
‫َ‬ ‫الناس عادة غير قادرين على تذ ُّكر‬
‫ُ‬ ‫✓ يكون‬

‫✓ يُعتبر اإلعالن بشكل عام ذا تأثير ضئيل جدا ً على المبيعات‪.‬‬

‫ال تبطل هذه التحديات نموذج الطريق المباشر‪ ،‬لكنها تبطل ما يشير إلى أنه أقل إمكانية‬
‫لتطبيقه مما كان يظنه الباحثون‪.‬‬

‫أسلوب الطريق غير المباشر‪:‬‬


‫تغيير وتعزيز ردود الفعل تجاه العالمة التجارية‬
‫يُعتبر أسلوب الطريق غير المباشر أكثر انسجاما مع نموذج المستهلك البديهي وذلك فيما‬
‫تأثير على المبيعات بشكل غير مباشر‬
‫ٌ‬ ‫يخص مدى تأثير اإلعالن (انظر الفصل ‪ .)2‬ويُعتقد أن للدعاية‬
‫ُّ‬
‫تغير في السلوكيات وردود الفعل‪ ،‬وتشكيل ذكرى خاصة بالعالمة التجارية لدى‬ ‫وذلك عن طريق ٍ‬
‫المستهلك‪ ،‬باإلضافة إلى تفعيل أهداف معينة في العقل الالواعي التي تتحقق بعدئ ٍذ عند عملية الشراء‪.‬‬
‫تحث على سلوك الشراء‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ويبني اإلعالن على نح ٍو أساسي عدالة العالمة التجارية‪ ،‬وهي بدورها‬

‫إن التكييف هو عملية تعلُّ ٍم الضمنية تخلق ارتباطا ً عاطفيا ً إيجابيا ً مع العالمة التجارية وهذا‬
‫أمور‬
‫أمر أساسي في هذه العملية‪ .‬وألن التكييف يعمل من خالل التكرار وعملية معالجة االنتباه‬
‫المنخفض‪ ،‬إال أنه من المهم تعريض المشاهد إلى اإلعالن التجاري عدة مرات بينما يُقلّل من مقدار‬
‫تقنية‬
‫‪60‬‬
‫االنتباه الواعي الموجه نحو اإلعالن‪ .‬وبعد حدوث عملية التكييف‪ ،‬قد تُفعّل الترابطات العاطفية‬
‫اإليجابية عند عرض المنتج للبيع والتأثير في السلوك الشرائي للمستهلك‪.‬‬

‫وقد أظهرت األبحاث أن أسلوب الطريق غير المباشر يعمل بشكل أفضل في العالمات‬
‫التجارية المألوفة‪ ،‬وذلك عندما يكون المنتج رخيص ويتم شراؤه كثيراً‪ ،‬وعندما يقدم اإلعالن سردا ً‬
‫ممتعا ً على نح ٍو عاطفي حيث تلعب العالمة التجارية فيه دورا ً محوريا ً‪.‬‬

‫اختبار الدعاية واإلعالن باستخدام التسويق العصبي‬


‫إن أفضل استخدام للتسويق العصبي في اإلعالن هو الختبار مدى تأثير اإلعالن باستخدام‬ ‫ّ‬
‫األسلوب الطريق غير المباشر التي تعمل دون مستوى اإلدراك الواعي على نحو كبير‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يمكن اختبارها باستخدام مقاييس اإلبالغ الذاتي المستخدم في البحوث الدعائية التقليدية‪.‬‬

‫وتشمل تقنيات التسويق العصبي التي يشيع استخدامها في بحوث الدعاية واإلعالن على ما‬
‫يأتي ‪:‬‬

‫✓ مقاييس تتبع العين وتخطيط الموجات الدماغية لتتبع انتباه المستهلك‪.‬‬

‫✓ آلية قياس كهربية العضالت لتتبع ردود الفعل العاطفية اللحظية عن طريق قياس الحركات‬
‫الضئيلة في عضالت الوجه‪.‬‬

‫✓ برنامج التعرف على الوجه لتتبع وقياس مقدار مالحظتها لتعابير الوجه أثناء مشاهدة إعالن ما‪.‬‬

‫✓ آلية تخطيط الدماغ لقياس نهج و ردود الفعل العاطفية المتجنّبة لإلعالن من خالل تحديد أنماط‬
‫أمواج الدماغ المتعلقة بكل استجابة‪.‬‬

‫فهم العقل المتسوق باستخدام التسويق العصبي‬


‫ت في ذهن المتسوق وتنتهي بقرار‬ ‫تُعتبر عملية التسوق تجربةً معقدة تبدأ مع أهدافٍ وتوقعا ٍ‬
‫الشراء أو عدمه‪ .‬وفي ضمن هذه العملية تجربة جسدية تنطوي على التنقُّل خالل حي ٍّز مادي وتفعيل‬
‫جميع حواسنا‪ ،‬والتفكير مليا ً بالكثير من البدائل‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫يمكن للتسوق أن يكون ‪ -‬وغالبا ما يكون ‪ -‬تجربةً ممتعةً‪ .‬ومن يلتفت عائدا ً إلى العصور‬
‫طورت تجاربنا النشوئيةُ عقولنا‬ ‫السابقة حيث كان الصيد وجمع الثمار حينها‪ .‬في نواح كثيرة‪ ،‬وقد ّ‬
‫للتسوق بعدة طرق وأساليب‪ ،‬فنحن خبراء في إيجاد طريقنا عبر المشاهد حولنا للحصول على‬
‫األشياء التي نريدها ونحتاجها‪ ،‬مثل الغذاء والدفء‪ .‬نحن ال نجيد التسوق فقط ‪ ،‬ولكن نود أن نصل‬
‫إلى أقصى درجات الرضى من خالل تحقيق أهدافنا‪.‬‬

‫تتالئم عملية بحث المتسوق على ما يريده مع أساليب التسويق العصبي بشكل طبيعي‪،‬‬
‫وذلك ألن التسوق ينطوي على العديد من العمليات العقلية التي تعتبر أساسية لمنظور التسويق‬
‫تذكَّر‬
‫العصبي وهي ‪:‬‬

‫✓ القدرة على مالحظة ما هو جديد ومألوف‪.‬‬

‫✓ الدافع لإلقتراب من األشياء المربحة وتجنب األشياء التي ليست كذلك‪.‬‬

‫✓ اإلصرار على متابعة البحث لتحقيق أهدافنا في مواجهة العقبات والمقاطعات‪.‬‬

‫✓ القدرة على اختيار بسرعة بين البدائل ‪.‬‬

‫فهم عقل المتسوق‬


‫التسوق تجربة متعددة الحواس تجذب عقل المتسوق بطريقة أكثر تأثيرا ً عندما يتم تنشيط‬
‫الحواس الخمس بطريقة متَّسقة‪ .‬وقد بدأ تجار التجزئة يدركون قوة اإلشارات الحسية وهم اآلن‬
‫يستخدمون دراسات التسويق العصبي لضبط بيئاتهم حسب الحواس خمسة كلها‪ :‬البصر والسمع‬
‫سي لبيئة البيع يمكن أن‬
‫واللمس والشم والتذوق‪ .‬وقد وجد الباحثون أن التعديالت في "مشهد" الح ّ‬
‫تمتلك تأثيرا ً كبيرا ً على ك ٍّل من رضى المتسوقين وسلوك الشراء‪ ،‬حتى عندما يكون المتسوق غير‬
‫مدركٍ للتغييرات التي تم إجراؤها‪.‬‬

‫يبرز التسويق العصبي أيضا أهمية السعي لتحقيق الهدف في ذهن المتسوق‪ ،‬حيث تظهر‬
‫الدراسات كيف تؤدي أهداف مختلفة تجارب التسوق متباينة على نح ٍو واسعٍ‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يقوم‬
‫المتسوقين في كثير من األحيان بالتمييز بين القيام بالتسوق‪ ،‬عندما يرون التسوق كعمل روتيني‪،‬‬
‫والذهاب للتسوق‪ ،‬عندما يرون التسوق بأنها تجربة ترفيهية ممتعة‪ .‬وتختلف األهداف التي يتم السعي‬
‫إلى تحقيقها تماما في هذه البيائات‪ ،‬ويحتاج تجار التجزئة إلى توفير خبرات مختلفة تماما ً لتلبية‬
‫توقعات وحاجات المتسوقين في كل حالة‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫وهناك عنصر أخير في فهم عقل المتسوق وهو تأثير شخصية المستهلك ومزاجه وأسلوبه‬
‫تعرف علماء النفس قبل وقت وجيز أن لدى الناس ميول مختلفة‬ ‫السلوكي في سلوك التسوق لديه‪ .‬وقد ّ‬
‫في كيفية تصرفهم ؛ فبعضنا أكثر تسرعا ً أو أكثر حذرا أو أكثر انفتاحا ً وهلم جرا‪ .‬وقد تم تطبيقها هذه‬
‫التصنيفات في اآلونة األخيرة على بعض المستهلكين‪ ،‬وقد تم تحديد االختالفات مثيرة لالهتمام في‬
‫أساليب التسوق‪ .‬إنما معرفة األنماط االستهالكية هي أداة ٌ أخرى يمكن لتجار التجزئة استخدامها في‬
‫صقل بيئاتهم التسوقية لتلبية احتياجات الزبائنهم‪.‬‬

‫جعل المتاجر صديقة لدماغ المستهلك‬


‫يمكن لتجار التجزئة التأثير على ثالثة جوانب من التسوق بغية جعل متاجرهم الصديقة‬
‫لدماغ المستهلك أكثر‪ .‬يمكن للثالثة جوانب االتستفادة من رؤى التسويق العصبي ويمكن تقييمها‬
‫تذكَّر‬
‫باستخدام أساليب التسويق العصبي ‪:‬‬

‫✓ البحث‪ :‬توجب على المتاجر مساعدة المتسوقين في العثور على ما يبحثون عنه‪ ،‬واكتشاف أشيا َء‬
‫الجديدة قد ال يكونون يبحثون عنها أيضا ً‪.‬‬

‫✓ االختيار‪ :‬تحتاج متاجر ألن تس ِّ ّهل للمتسوقين االختيار من بين البدائل‪ .‬وإذا كانت مهمة االختيار‬
‫شاقة للغاية بالنسبة للمستهلك ّ‬
‫فإن الكثير من عروض المبيعات قد تخسر‪.‬‬

‫✓ الدفع‪ :‬من الضروري أن تقوم المتاجر بمساعدة المتسوقين في التغلب على االنزعاج من دفع‬
‫النقود‪ ،‬فبعض المتسوقين يشعر بهذا االنزعاج أكثر من غيرهم‪ ،‬إال أن جميع المتسوقين يشعرون به‪.‬‬

‫البحث‬
‫ولدعم عملية البحث التي يقوم بها المستهلكون العثور‪ ،‬يجب على موارد متاجر التجزئة أن‬
‫تتضمن تصميم المتجر ومعروضاته واأليقونات الصورية والدعايات‪ ،‬واألنشطة التفاعلية (مثل‬
‫اختبار تذوق طعم منتجٍ ما في المتجر) واألهم من ذلك‪ ،‬كيفية عرض البضائع على الرفوف‪.‬‬

‫مروجات تؤثر على انتباه المستهلك واالرتباطات العاطفية التي‬ ‫وهذه العناصر هي بمثابة ّ ِّ‬
‫التسوق‪ .‬قد تر ّكز استراتيجية متاجر التجزئة على خلق صورة معينة‬‫ّ‬ ‫لديه وقرارات التي يتخذها عند‬
‫عن طريق نشر موضوعات ورموز معينة‪ ،‬وهي تثيرها في جميع أنحاء المتجر لتوجيه المتسوقين‬
‫وتفعيل األهداف واالنطباعات المرادة لديهم‪ ،‬مثل متجر البقالة الذي يصنع قسما ً لإلنتاج ريفي من‬

‫‪63‬‬
‫األخشاب والبراميل والصناديق الخشبية المكدسة فتقوم بالترويج لشراء هذه منتجات عن طريق‬
‫اإلشارة إلى أن منتجات السوق "طازجة من المزرعة "‪.‬‬

‫تحاول عملية إنشاء الشكل موضوعي لبيئات البيع بالتجزئة الترويج ألهدافٍ العاطفي ٍة‬
‫أوسع‪ ،‬مثل الشعور المستهلك باألهمية‪ ،‬وإشباع رغباته وشعوره بأنه ذو مستوى رفيع وأنيق وأنه‬
‫ث له‪ ،‬وهل َّم جرا ً‪ .‬ولكن هذه المبادئ ذاتها تنطبق على حالة تعلُّق األمر‬
‫وأنه ذا مسؤولية‪ ،‬وأنّه مكت ََر ٌ‬
‫بفئات محددة من المنتج أو المنتجات معينة على حدى ‪ ،‬فيمكن لمتاجر التجزئة استخدام مجموعة‬
‫المروجات في عروض المبيعات‪ ،‬فيتم التعبير عن طريقة تثمين المعلومات‪ ،‬في البيئة‬ ‫ّ ِّ‬ ‫واسعة من‬
‫الموجودة حول المنتج الذي يتم التسويق له سواء كان بالرائحة والصوت والملمس و حتى الطعم‬
‫وذلك اعتمادا ً على المنتج الذي يُفكر فيه المستهلك‪.‬‬

‫االختيار‬
‫أما لدعم اختيار المستهلك‪ ،‬تحتاج المتاجر إلى تحقيق التوازن بين احتياجات المتسوقين‬
‫الميالين للراحة‪ ،‬والمتسوقين الميالين نحو المنتجات الجديدة‪ .‬فإن غاية المتسوق الذي يسعى إلى‬
‫الراحة هي الدخول والخروج من المتجر بأسرع وقت ممكن بأقل اختيارات ممكنة‪ .‬فيس ُهل تشتيت‬
‫سلوكه الشرائي إذا ما وقف أي شيءٍ في طريق أنماط التسوق المعتادة‪.‬‬

‫أما في المقابل‪ ،‬فإن اندماج المستهلكين في التسوق الترفيهي يحب التنوع بشكل عام‪ .‬لكن‬
‫المتسوق‬
‫ّ ِّ‬ ‫بحذر لتجنب الخيارات الزائدة (أي تقديم خيارات كثيرة جدا ً مما يُربك‬
‫ٍ‬ ‫ُدار التنوع‬
‫يجب أن ي َ‬
‫وينتهي به المطاف إلى عدم اختياره لشيء)‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يُعتبر وضع المنتجات في فئات‬
‫االختيار من بينها أسهل‪ ،‬حتى إذا كانت الفئات ال معنى لها‪ .‬فقد يَرتبك المتسوقين عند االختيار‬
‫َ‬ ‫يجعل‬
‫من ‪ 30‬نوعا من أفضل المنتجات المعروضة معاً‪ ،‬إال أنهم ال يواجهون مشكلةً في االختيار إذا تم‬
‫تجميع أفضل المنتجات تلك في ستة صناديق مصنّفة في الترتيب من (أ) إلى (و)‪.‬‬

‫ويُناقش في الفصل ‪12‬عدة تقنيات أخرى لتبسيط الختيار في عند عملية التسوق‪.‬‬

‫الدفع‬
‫ي تقنية تخلق‬ ‫لدى التجار العديد من خيارات في جعبتهم للتقليل األلم واالنزعاج دفع المال‪ .‬فأ ُّ‬
‫‪ -‬بشك ٍّل عام‪ -‬مسافة نفسية بين الشراء والدفع ‪ ،‬فإنها ت ُساعدُ على التقليل االنزعاج عند الدفع‪ .‬وهذا هو‬
‫المبدأ األساسي وراء وجود بطاقة االئتمان؛ فال تصلك الفاتورة حتى نهاية شهر‪ .‬أو خطط الدفع بعيدة‬
‫المدى‪ ،‬أو خطط " الالدفع لمدة ثالثة أشهر"‪ ،‬أو غيرها من ترتيبات االئتمان التي تُحقق التأثير ذاته‪.‬‬
‫ويمكن أيضا التخفيف من االنزعاج من الدفع عن طريق تقديم سب ٍل للتراجع عن عملية بيع ما مثل‬

‫‪64‬‬
‫ضمان استعادة االموال‪ .‬وأخيرا‪ ،‬يمكن التقليل من هذا االنزعاج عن طريق ربط فكرة دفع المال‬
‫بمكافأة يتالقاها المستهلك عند الدفع‪ ،‬مثل نقاط رحالت الطيران المتكررة‪ 2‬أو خصومات على‬
‫المشتريات الالحقة‪.‬‬

‫اختبار بيئات التسوق باستخدام التسويق العصبي‬


‫اهت َّم الباحثون ‪ -‬بشكل خاص‪ -‬في قياس النتائج الملحوظة من تجربة التسوق(إما بالشراء أو‬
‫عدمه)‪ ،‬أي ما الذي يشتريه المستهلكين‪ ،‬وأين يشترونه ومتى‪ ،‬وألي مدى يستمرون بشرائه‪ .‬وهذا‬
‫ألن النتيجة من التسوق هو سلوك سواء أكان الشرا ُء أو عدمه‪.‬‬

‫ففي بيئة تجارة التجزئة‪ ،‬ك ُّل ما يجري للتأثير على النتائج الشرائية يجب أن ينظر إليه أو أن‬
‫المتسوق‪ .‬وهذا ما يعزو كون اثنين من أنواع االختبارات األبرز هي البحوث على المتسوقين‬ ‫َّ‬ ‫يجربه‬
‫داخل المتاجر‪:‬‬

‫تنوع عوامل‬
‫✓ االختبار السلوكي‪ :‬مثل استعراض المستهلكين مع حدث يبرز عملية االختيار بينما َّ‬
‫موقفية عدة مثل األسعار أو أمكنة الرفوف‪.‬‬

‫✓ آلية تتبع العين‪ :‬مالحظة المكان الذي يبحث فيه المستهلكون في ممر المنتجات المعروضة و‬
‫الرفوف‪ ،‬وعندما يقومون بتف ّحص المنتجات على حدى‪.‬‬

‫ت‬‫بالنسبة لبعض المنهجيات‪ ،‬فإن قياس المتسوقين الحائمين بين المنتجات يستعرض تحديا ٍ‬
‫في جمع البيانات‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تُعتبر سجالت قياس الموجات الدماغية حساسةً لحركة‬
‫العضالت ‪ ،‬ولذلك فإن قياس الموجات الدماغية عند الناس المتجولين في المتجر‪ ،‬والذين يتلفتون‬
‫وينحنون لالتقاط المنتجات وما إلى ذلك‪ ،‬يضيف تشويشا ً كبير عند تسجيل القياسات‪ ،‬والتي تأخذ وقتا‬
‫وجهدا إلزالته في مرحلة ما بعد المعالجة‪.‬‬

‫ويقترح بعض مستخدمي التسويق العصبي فحصا ً يتم إجراؤه في المختبر يحاكي جوانب من‬
‫تجربة التسوق في بيئة متح ّك ٍم بها أكثر كبديل إلجراء عملية القياس في المتجر‪ ،‬ويمكن إجراء آلية‬
‫تتبع العين بصور عن رفوف المتاجر‪ ،‬و يمكن إجراء االختبارات السلوكية بصور المنتجات بدال من‬
‫المنتج الفعلي المعروض‪ .‬يمكن للمشاركين في الدراسة أيضا مشاهدة تصوير الفيديو لتجارب التسوق‬
‫في المختبر‪ .‬فببقاء المشاركين في االختبار ثابتين‪ ،‬تتم ّكن التقنيات المستخدمة مثل تقنية قياس‬
‫جس ردود فع ٍل عقلي ٍة أعمق مثل التنوعات في النوايا والعواطف والذكريات‪.‬‬ ‫الموجات الدماغية َّ‬

‫‪ (FFP) 2‬هي برامج لتشجيع زبائن الخطوط الجوية على دخول البرنامج وزيادة نقاطهم بالتسجيل المتكرر في الرحالت الجوية ليُمنحوا‬
‫رحلة جوية مجانية أو جوائز أخرى‬

‫‪65‬‬
‫ويُعتبر بناء بيئات التسوقية افتراضي تطورا ً آخر جديد يحمل نجاحا ً واعدا ً في جعل الدراسات‬
‫التسوق في المختبر أكثر واقعية وانضباطاً‪.‬‬

‫جذب العقول عن طريق اإلنترنت باستخدام التسويق العصبي‬


‫اإلنترنت هو شيء جديد (على األقل بالنسبة لعقولنا التي تطورت في عالم الواقع المادي)‪.‬‬
‫والتسويق العصبي هو شيء جديد أيضا ً‪ .‬وإنك لتعتقد أن هذين األمرين سيرتبطان مع بعضهم‬
‫البعض‪ ،‬إال أن وحتى اآلن لم يتم تطبيق التسويق العصبي على أساليب تواصلية مثل اإلنترنت بنفس‬
‫التسوق في المتاجر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الطريقة التي ُ‬
‫ط ِّبّق فيها في األساليب التقليدية‪ ،‬مثل االعالنات التلفزيونية وعند‬
‫حيث أصبحت أساليب التسويق العصبي معدّلة أكثر للتتناسب‬ ‫ُ‬ ‫نحن نقعتقد أن هذه هي بداية التغيير‪،‬‬
‫مع الميزات الفريدة الخاصة بعالم االنترنت‪.‬‬

‫طراز قديم‬
‫ٍ‬ ‫دخول غمار االنترنت‪ :‬شيء جديد لدماغ ذا‬
‫استوعب الدماغ البشري العديد من تكنولوجيات االتصال الجديدة على مدى آالف السنين‪:‬‬
‫مثل اللغة نفسها والكتابة والقراءة والتصوير الفوتوغرافي واألفالم والتلفزيون‪ .‬إال أن اإلنترنت‬
‫يتضمن ويفوق وسائط االتصال ثورية هذه في ثالثة جوانب مهمة لها آثار عميقة على التسويق‪:‬‬

‫✓ لدى اإلنترنت قدرة أكبر على التفاعل ويتيح تحكما ً أكبر‪ .‬تميل تجارب وسائل اإلعالم التقليدية‬
‫إلى أن تكون سلبية‪ ،‬في حين أن التجارب على االنترنت عادة ما تكون أكثر نشاطا وتوجيها ً نحو‬
‫هدفٍ ما‪ .‬فعند مشاهدة التلفزيون أو االستماع إلى الراديو أو القراءة في مجلة ما‪ ،‬فإنك تفعل ذلك عادة ً‬
‫مصو ٍر فإنك ال تلعب فيه دورا ً رئيسيا ً‪ .‬مع ذلك‪ ،‬فإنك‬
‫َّ‬ ‫عالم‬
‫لترتاح وتسترخي فعندما تخوض في ٍ‬
‫بأمر ما‪ :‬كالبحث عن المعلومات أو للتواصل مع‬ ‫عندما تدخل عالم االنترنت فإنك يكون عادة للقيام ٍ‬
‫شخص ما‪ ،‬أو لشراء شيء ما‪.‬‬
‫ٍ‬
‫يتم تنشيط أهداف محددة في معظم أنشطة اإلنترنت‪ ،‬وقد تضمن مدى تحقيق هذه األهداف‬
‫بسهولة تأثير كبير على ما إذا كان يُنظر إلى النشاط على أنه نجاح أو فشل‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬عندما‬
‫يقوم الناس بالتسوق عبر اإلنترنت‪ ،‬فإنهم يحكمون على هذه التجربة من خالل مدى سهولة التصفح‬
‫والبحث فيها و النتيجة النهائية من اتخاذ قرار الشراء أم ال فيها‪.‬‬

‫إن التفاعل والتحكم هما جانبان من جوانب تجربة خوض في االنترنت التي يمكن أن يكون‬
‫لها تأثير كبير على الرضا العام والسلوك المحتمل مستقبليا ً (مثل العودة إلى موقع على شبكة‬
‫االنترنت أو عدمه)‪ .‬وقد وجد الباحثون أن التفاعل ال يعمل بطريقة بسيطة أو طريقة"ما هو أكثر هو‬
‫أفضل"‪ ،‬فالتفاعل القليل جدا ً سيسبب ظهور المواقع االلكترونية على أنه مملة وجامدة‪ ،‬إال أن الكثير‬
‫من التفاعل ويمكن أيضا ً أن يكون له تأثير سلبي إذا كان هناك فرض كثير للضرائب على الموارد‬

‫‪66‬‬
‫المعرفية للمشاهد‪ .‬وقد ظهرت نتائج مشابهة لميزات التحكم‪ .‬فإن الكثير من التفاعل أو قليله قد يكون‬
‫مثيرا ً لإلحباط ‪.‬‬

‫إلعالن يتضمن مهام وأهداف معينة‪ .‬فتعتبر القدرة على‬


‫ٍ‬ ‫✓ يسمح اإلنترنت بتخطيط غير مسبوق‬
‫مواءمة اإلعالنات مع رغبات الشخص واالحتياجات في لحظة محددة شي ٌء قد راوغ صانعي‬
‫إعالم أكثر سلبية‪ .‬إال أنه وفي عالم االنترنت الذي يحتوي لعى الكثير من المعلومات‬
‫ٍ‬ ‫اإلعالنات في‬
‫تمر ذهابا وإيابا بين المستخدم والموقع و اختيار المحتويات خوارزمية المعقدة التي تتماوج في خلفية‬
‫البرامج ‪ ،‬فإن وضع اإلعالنات المتراصفة على الموقع يصبح اآلن أمرا ً ممكنا جدا‪ .‬ونناقش في‬
‫الفصل ‪ 13‬كيف يمكن لهذا القدرة الجديدة تغيير األفكار حول فعالية الدعاية واإلعالن في اإلعالنات‬
‫على شبكة اإلنترنت‪.‬‬

‫ويدعم قيمة االعالن على شبكة االنترنت حقيقةَ أن أكثر أنواع اإلعالنات المتراصفة على‬
‫شبكة االنترنت – أي تلك اإلعالنات القليلة التي تظهر على صفحة نتائج البحث استنادا ً إلى ما تكتبه‬
‫في محرك البحث‪ -‬هي الشكل األكثر شعبية من اإلعالنات على شبكة االنترنت‪ ،‬أي ما يقرب من‬
‫نصف جميع النفقات التي يدفعها المعلنون على اإلنترنت‪.‬‬

‫✓ يلغي اإلنترنت تأخير ما بين التسويق والشراء‪ .‬يم ِّ ّك ُن اإلنترنت الشركات من تحويل إعالن إلى‬
‫بيع الفوري دون وجود تأخير بين العمليتين‪ .‬ويتمثل أحد اآلثار الرئيسية للتسويق و التسويق العصبي‬
‫في أن صنع ذكرى دائمة لم يعد هدفا ً مهما ً لإلعالن التجاري‪ .‬باإلضافة إلى أنه في الوقت الذي تصب ُح‬
‫فيه الخبرات التسويقية على االنترنت في َمهب خبرات المبيعات‪ ،‬فإن اختبار احتياجات التسويق على‬
‫االنترنت يحتاج إلى أن يشمل االختيار والنتائج الفعلية‪ ،‬فضال عن االهتمام والعاطفية الردود‪.‬‬
‫هناك بعض المخاطر للمستهلكين من هذا التطور‪ .‬قد تصبح تفعيل الهدف الباطن مصدرا ً‬
‫تحذير!‬
‫أكثر بروزا ً لعمليات الشراء‪ ،‬قد يصبح من الصعب مقاومة عمليات الشراء متهورة عندما تكون‬
‫"فترة الهدوء" بين العرض والبيع قد اختفت‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫بناء الموقع اإللكتروني األمثل‬
‫ق فعّالة ‪:‬‬
‫يمكن أن يُسهم التسويق العصبي في تصميم الموقع من خالل ثالثة طر ٍ‬

‫✓ من خالل مساعدة المصممين في فهم كيفية قيام أدمغة الناس فعال باستهالك الصفحات‬
‫اإللكترونية‪ :‬قد أظهر التطبيق آللية تتبع العين عند عرض الموقع اإللكتروني أنماط تحديق ُحد ْ‬
‫ِّّدت‬
‫نمطين من أنماط االنتباه‪:‬‬

‫• االنتباه من األسفل إلى األعلى‪ :‬وهذا النوع من االهتمام هو غير الطوعي و أوتوماتيكي‪.‬‬
‫عند عرض المواقع‪ ،‬تنجذب حالة االنتباه من األسفل إلى األعلى إلى أنواع معينة من الميزات‪ ،‬مثل‬
‫السطوع الخاص بالخلفية‪ ،‬وأُطر الصفحة الواضحة ووسط الصفحة المعروضة‪ ،‬والتجمعات ضيقة‬
‫من الكائنات على الصفحة‪ .‬تنتج ردود الفعل تلقائيا ً من قِّبَل نظام المعالجة البصرية في الدماغ ويمكن‬
‫للبرمجيات التنبؤ بها بمعدل دقة ‪ 80‬في المئة‪.‬‬

‫• االنتباه من أعلى إلى أسفل‪ :‬ويتكون هذا النوع من االنتباه من أهداف وتوقعات المشاهد‪.‬‬
‫وبعد لحظات القليلة األولى من تف ُّحص المشاهد للصفحة التي يتم التحكم من قبل النظام االنتباه‬
‫التلقائي‪ ،‬تتولى األهداف الخاصة بالمشاهد لتحديد المكان الذي سوف ينظر المشاهد الحقا ً و إلى متى‬
‫سيبقى محدقا ً‪.‬‬

‫ى‬
‫ويعني هذا االعتماد على أهداف أنه ال ينبغي نعتقد أن الصفحات اإللكترونية تمتلك مستو ً‬
‫ُمدرك من "الفعالية"‪ .‬ويمكن فقط أن يُحكم على الصفحة اإللكترونية وفعالية الموقع اإللكتروني‬
‫نصيحة‬
‫أنها قريبة من أهداف وتوقعات التي يفترضها المشاهد من الصفحة‪.‬‬

‫✓ من خالل توفير أدلة بشأن المصادر الرئيسية لإلحباط الناتج من المواقع اإللكترونية‪ :‬فقد‬
‫أظهرت الدراسات أن اإلحباط الناتج عن الموقع اإللكتروني يحدث عادة عندما تكون قد أعاقت‬
‫أهداف والتوقعات المشاهد من تنظيم الصفحة اإللكترونية‪ ،‬أو تصميم عرض المهام في الصفحة‪ ،‬أو‬
‫فوضى الناتجة عن أهدافٍ ليست لديها صلة ببعضها (وتكون عادة ً اإلعالنات) الموجودة حول‬
‫الصفحة‪ .‬يمكن أن حدث هذه المقاطعات لسعي المشاهد وراء هدفه على المستوى الالوعي في‬
‫دماغه‪ ،‬يمكن لها أن تؤثر بشكل كبير على ردود فعل المشاهد والسلوكه وغالبا ً ما تحدث دون إدراك‬
‫المشاهد للمصدر المسبب لردود أفعاله حيال ذلك‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫✓ عن طريق مساعدة المصممين على فهم التأثير الالوعي على التجربة اإللكترونية‪ :‬فبالرغم من‬
‫أن األهداف والمهمات المبتغاة من المواقع اإللكترونية تكون مدركة على نح ٍو سائ ٍد في أصلها‬
‫دور مه ٍ ّم في عرض الصفحة اإللكترونية‪.‬‬
‫ومتابعة تحقيقها‪ ،‬إال أن العمليات الالواعية تستمر في لعب ٍ‬
‫ويحتاج مصممي المواقع اإللكترونية والمعلنين على شبكة اإلنترنت إلى فهم كيفية عمل عمليات‬
‫االنتباه المنخفض وإعداد المنتج عقليا ً وتأثير الذاكرة جنبا ً إلى جنب مع العمليات في العقل الواعي‬
‫وذلك من أجل تصميم تجربة إلكترونية تزيد من الفعالية على اإلنترنت والرضى الناتج عن التجربة‬
‫اإللكترونية‪.‬‬

‫إرضاء جميع االحتياجات (تقريباً) عن طريق اإلنترنت‬


‫يطرح اإلنترنت مسائل مثيرة لالهتمام فيما يخص كيفية تمكيننا من إرضاء بعضا ً من‬
‫حاجاتنا البشرية األساسية بطريق ٍة كانت مستحيلةً قبل اآلن‪ .‬وسنناقش ثالثة تغييرا ٍ‬
‫ت من هذا النوع في‬
‫الفصل ‪ 13‬وهي كاآلتي‪:‬‬

‫✓ طريقة بحثنا عن المعلومات‪ :‬إن ك َّل ما نفعله على شبكة اإلنترنت تقريبا ً هو الحصول على‬
‫المعلومات وتقييمها ومقارنتها مع بعضها وذلك بكل سهولة األمر الذي لم نكن نعتقد أنه سيحصل قبل‬
‫بضعة سنوات‪.‬‬

‫✓ األمور التي نتشاركها‪ :‬يستطيع الناس اآلن مشاركة وصف أهدافهم وما يعجبهم مع أصدقائهم‬
‫شك ٍل أسهل من ذي قبل‪.‬‬

‫المتجر‬
‫ُ‬ ‫✓ طريقة شرائنا لألشياء‪ :‬ففي اإلنترنت‪ ،‬يكون المتجر هو اإلعالن ذاته ‪ ،‬واإلعالن هو‬
‫عرض إغراء اإلرضاء المباشر للمستهلك بشك ٍل أكثر قوة ً من ذلك‪.‬‬
‫بح ِّدّ ذاته‪ .‬فلم يسبق أن ُ‬

‫إن ك ّل واحدة من هذه اإلمكانيات الجديدة تمتلكُ نتائج غير مباشرةٍ ومه ّمة‪ .‬فقد أدى استبدال‬
‫االستهالك السلبي للمعلومات عن طريق البحث الفعال إلى انحدار العديد من المعلومات التقليدية‬
‫"ال ِّوجهات" مثل الصحف والمجالت ونشرات أخبار المساء‪ .‬وقد غيَّر مدى سهولة مشاركة الناس‬
‫المسوقون قد اعتمدوا عليهما لعقود‪ .‬وقد‬
‫ّ ِّ‬ ‫ألذواقهم وما يفضلونه من دوافع اإلقناع واالختيار التي كان‬
‫رفع االختيار الالمحدود عند التسوق عبر اإلنترنت نتائج االختيار المفرط والذي يضع أعبا ًء جديدة‬
‫ومهمة على كاهل القدرة البشرية في اتخاذ القرارات‪.‬‬

‫وإن المعاني الضمنية طويلة المدى في هذه التغييرات الجذرية هي كما تم معرفته مؤخراً‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫استخدام التسويق العصبي‬
‫في اختبار التجربة اإللكترونية‬
‫لقد تم استخدام آلية تتبع العين وتخطيط الموجات الدماغية وآلية التعرف على الوجوه جميعها‬
‫في اختبار استخدام المواقع اإللكترونية‪ .‬ففي الوقت الذي يسعى فيه مصممي المواقع اإللكترونية إلى‬
‫حلول أكثر تناغما ً الختبار ك ٍّل من الدوافع الواعية والالواعية للتجربة اإللكترونية‪ ،‬فإننا نتوقّع رؤية‬
‫زيادة في استخدام تقنيات التسويق العصبي باالرتباط مع المنهجيات التقليدية مثل تسجيالت الفيديو‬
‫والمالحظة المباشرة‪.‬‬

‫ف التسويق العصبي على نح ٍو واسعٍ في دراسة التسويق واإلعالن اإللكتروني‪ ،‬إال‬ ‫ولقد ُو ِّ ّ‬
‫ظ َ‬
‫أنه هناك تح ٍد واح ٍد وهو أن آليات قياس ردود فعل الدماغ المباشرة مثل قياس الموجات الدماغية‬
‫وقياس كهربية العضالت لم تقم بتطوير منهجيات قوية لفصل تأثير اإلعالنات عن تأثير عناصر‬
‫أخرى في الصفحة اإللكترونية‪ .‬وهنالك تح ٍّد آخر وهو تضمين أهداف ومهمات المستهلك والتي ال‬
‫تتناغم مع طرق التسويق العصبي بالقدر الذي تتطلبه‪.‬‬

‫ترفيهي جذّاب مع التسويق العصبي‬


‫ّ‬ ‫صناعة قطاع‬
‫مباشر‪ ،‬بل هو تجربة قائمةٌ بح ِّدّ ذاتها مما‬
‫ٍ‬ ‫ال يُعتبر قطاع الترفيه جزا ً من التسويق بشك ٍل‬
‫يعني أنه يوفّر األرباح لذاته‪ .‬أما في المقابل ‪ ،‬قد يكون قطاع التسويق مسليا ً ‪ ،‬إال أن غايته الحقيقية‬
‫تقبع في خارجه؛ فمهمته هي التأثير على التصرفات والسلوكيات بعيدا ً عن التجربة التسويقية ذاتها‪.‬‬

‫ب عن التسويق والتسويق العصبي إذا ً ؟ هذا‬ ‫لماذا نناقش موضوع قطاع الترفيه في كتا ٍ‬
‫ألنه ومن خالل علم الدماغ عرفنا أن الترفيه هو وسط رئيسي ناق ٌل لتغيير التصرفات والسلوكيات‬ ‫تذكّر‬
‫قلب وقالب التسويق نفسه‪ .‬فالقصة ليست رسالة تسويقية مقنعة وواضحة ‪ ،‬إال أنها‬ ‫و الذين يُعتبران َ‬
‫المسوقون ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫سك به‬‫ق ال تتمكن الرسائل التسويقية التقليدية فعلها‪ .‬وهذا ما يتم ّ‬‫تستطي ُع إقناع الناس بطر ٍ‬
‫ويتوجب على المستهلكين فعل األمر ذاته‪.‬‬

‫لماذا تحب أدمغتنا القصص‬


‫نظام في أدمغتنا يسمى‬
‫ٍ‬ ‫أظهرت البحوث أن القصص تفعّل التقمص العاطفي فيها‪ .‬ومن خالل‬
‫بالـ" بالخاليا العصبية العاكسة"‪ ،‬يمكننا الشعور بما تشعر به شخصيات القصة‪ .‬وبينما تقوم القصة‬
‫ط عواطفنا بالقصة مما يشتت إدراكنا لما يحيط بنا في الواقع‪ .‬وهذا يجعلنا نترك‬ ‫بشدنا إليها‪ ،‬ترتب ُ‬
‫الواقع ونستمتع بوقتنا في العالم الذي تخلقه القصة‪ .‬فعندما نُنقل إلى العالم الخيالي هذا‪ ،‬فنحن نكون في‬

‫‪70‬‬
‫حالة اقتناعٍ كبير ألن دفاعاتنا الطبيعية ضد الرسائل التسويقية المقتنعة تكون قد تركت في الواقع‬
‫كنتيج ٍة لذلك‪ .‬إن تأثرنا العاطفي بالواقع يُسهل علينا ترتيب معتقداتنا وتقييماتنا مع القصة‪.‬‬

‫تستطيع القصص إضفاء الصخب إلى حياتنا وذلك عن طريق تركنا نخوض تجربة المواقف‬
‫التي لم تختبرها من قبل أو قد ال نجربها أبداً‪ .‬فبالرغم من كون هذه التجربة تجربةً "ثانويةً"‪ ،‬إال أنها‬
‫ت جديدة في عقولنا ‪ ،‬وخلق تنوعا ً في الذكريات الموجودة‬ ‫تُعد تجربة تغني حياتنا وتخلق من ذكريا ٍ‬
‫أصالً‪ .‬ومن المهم أن نتخيل المخاطر التي يتوجب على شخوص القصة أن يغامروا باتخاذها دون أن‬
‫نُ َّ‬
‫طر للمغامرة بأنفسنا‪.‬‬
‫وال تسمح القصة المؤثرة لنا بالشعور بعواطف شخوصها فحسب‪ ،‬بل إنها تُفع ُل أجزاءا ً‬
‫أخرى في عقولنا‪ .‬فقد نشعر بالروائح عندما نقرأ عن القهوة‪ ،‬أو قد نشعر بملمس يدي الشرير‬
‫منظور‬
‫ٌ‬ ‫قطار مسرعٍ‪ .‬وهنا يقول‬ ‫ٍ‬ ‫المتينتان عندما نقرأ عنهما ‪ ،‬أو نشعر بالحركة عندما يقفز البطل من‬
‫مهم للتسويق العصبي‪ :‬أن القصة تستطيع أن تُفعّل ذات المناطق التي في أدمغتنا حين يتم تفعيلها من‬
‫قبل تجربة واقعية مماثلة‪.‬‬

‫يخبرنا علم الدماغ بأن أدمغتنا تستوعب ما نقرأه من خبرات أو نشاهدها في األفالم وذلك عن‬
‫طريق محاكاة كيفية يمكن أن نجربها بأنفسنا‪ .‬وهذا هو السبب وراء كون التسويق العصبي يقول عادة ً‬
‫أن ردود فعل الدماغ عند األشخاص الذين يُشاهدون خبرة ً ما هي مؤ ِّ ّ‬
‫ش ٌر جيد على ردود فعل العقلية‬
‫ألشخاص يشركون أنفسهم بهذه الخبرة فعلياً‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫المحتملة‬

‫امتداد مدى علم األعصاب إلى قطاع األفالم‬


‫ويدرس حق ٌل فرعي من علم األعصاب يسمى بالـ"السينمائيات العصبية" تأثير األفالم على‬ ‫ُ‬
‫العقل‪ .‬وقد وجد الباحثون أن األفالم جيدة الصنع ذات الحبكة القصصية الجيدة والمشاهد الموجهة‬
‫جمهور‬
‫ٍ‬ ‫بشدّة نحو العاطفية ( مثل أفالم اإلثارة والتشويق) تزامن حركة العين واألنشطة الدماغية نحو‬
‫من المشاهدين‪ .‬فأنه كلما أصبحت اإلثارة والتشويق أكثر فعالية‪ ،‬فإن جميع المشاهدين سيستجيبون‬
‫مثير لالهتمام‪ -‬تزامنا ً أقل من‬
‫بالطريقة ذاتها وبالوقت ذاته‪ .‬وتخلق القصص المصورة ‪-‬على نح ٍو ٍ‬
‫أمر صعب والموت‬ ‫أفالم اإلثارة‪ ،‬فربما هذا يؤيد نواح الممثلين الفكاهيين بقولهم أن "الكوميديا هي ٌ‬
‫أمر سهل"‪.‬‬ ‫هو ٌ‬
‫وتُعدُّ األفالم الجمهور وتفعّل األهداف لديهم وتؤثر على سلوكهم‪ .‬وقد ركز البحث بشكل‬
‫رئيسي على الجانب المظلم لإلعداد‪ ،‬مبيّنا ً كيف يُمكن ربط عرض األفالم العنيفة بزيادة السلوكيات‬
‫العنف والعداوة لدى األطفال والبالغين‪ .‬ومن المحتمل أيضا ً أن تعمل األفالم كمهيئات إيجابية تقود‬
‫الناس إلى حب الخير والتحلي باألخالق والتصرف بسلوكيا ٍ‬
‫ت داعمة للمجتمع‪ ،‬إال أن هذا النوع من‬
‫اهتمام قلي ٍل من الباحثين‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫االستحضار الذهني لم َّ‬
‫يتلق سوى‬

‫‪71‬‬
‫قصير يتضمن غايةً تسويقيةً‪ :‬وهي دعوة‬ ‫ٍ‬ ‫فلم‬
‫إن المقطع الدعائي للفلم هو عبارة عن ٍ‬ ‫َّ‬
‫المشاهدين لرؤية الفلم‪ .‬ويختبر الباحثون التقليديون المقاطع الدعائية لألفالم من خالل سؤال‬
‫المشاهدين بعد رؤيتهم لهذه المقاطع ع ّما إذا كانوا يخططون لمشاهدة الفلم‪ .‬وتستطيع بحوث التسويق‬
‫العصبي فعل ما هو أكثر من ذلك ‪ ،‬فيمكنه إيصال المنظورات في ردود الفعل الالواعية إلى المقاطع‬
‫الدعائية مثل انطباعات الحداثة ومدى كون الشيء مألوفا ً ‪ ،‬وردود الفعل العاطفية للمشاهد المختلفة ‪،‬‬
‫والتقلبات في االنتباه واالهتمام وتزامن المشاهدين معها‪.‬‬

‫إبراز المنتجات في األفالم والبرامج التلفزيونية وما إلى ذلك‬


‫أصبح وضع وإبراز المنتجات شكالً واضحا ً من الدعاية ألنه من مالحظ أنه يخلق أنواعا ً من‬
‫المسوقون وهي‪ :‬إثبات تفضيل عالم ٍة تجاري ٍة ما والنية في شراء المنتج ثم‬
‫ّ ِّ‬ ‫ردود الفعل التي يحبها‬
‫سلوكٍ شرائي فعلي‪ .‬لذا فإنه من غير العجيب أننا نرى تزايدا ً سريعا ً في وضع المنتجات في األفالم‬
‫والبرامج التلفزيونية واأللعاب اإللكترونية والمقاالت الموجودة في المجالت وأماكن أخرى‪.‬‬

‫للمسوقين من وضع المنتجات هذا هو حقيقة أن المنتج‬


‫ّ ِّ‬ ‫وتعتبر الفائدة الوحيدة بالنسبة‬
‫تذكّر‬
‫ُعرض ضمنَ سر ٍد قصصي‪ ،‬فكلما زاد اندماج المشاهد مع القصة ‪ ،‬ق ّل وصول المشاهد للتفكير‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫العقالني والمدروس بشأن ما يشاهده ‪ ،‬وهذا يعني أن المشاهد سيكون أكثر تقبُّالً لألفكار المعروضة‬
‫في القصة وسيكون أقل تشككا ً في اإلدعاءات التي المتضمنة كجزءٍ من القصة‪ .‬فعندما يُعرض المنتج‬
‫المسوقون بأن هذا سيسوقهم إلى مشاعر أكثر تقبالً تخلقها القصة ‪ ،‬مما يسم ُح‬
‫ّ ِّ‬ ‫في هذا المزيج ‪ ،‬يأم ُل‬
‫تأثير أفضل في اإلقناع والتي تخلقها القصة‪.‬‬
‫لهم بمشاركة قابلية ٍ‬

‫مستقبل قطاع الترفيه‪ :‬األلعاب والمحاكاة الغامسة للمشاهد فيها‬


‫م ّكن التطور في القدرة الحاسوبية مصممي األلعاب من خلق ألعابا ً أكثر واقعية غمسا ً‬
‫األلعاب الالعب تح ُّكما ً مباشرا ً في سير القصة ‪ ،‬تدمج‬
‫ُ‬ ‫للمستخدم فيها‪ .‬فعلى عكس األفالم‪ ،‬تمن ُح‬
‫الالعب باالنغماس في اللعبة‬
‫ُ‬ ‫االنغماس في التحكم والتفاعل مع اللعبة‪ .‬وتُسمى الدرجة التي يشعر فيها‬
‫ق إلى اللعبة سيترك أثرا ً على‬ ‫بـ"الحضور"‪ .‬وأظهر البحث أن إضافة قصة أو سر ٍد قصصي ّ ِّ‬
‫مشو ٍ‬
‫نح ٍو مثير‪ .‬باإلضافة إلى أن الحبكة القصصية القوية تجذب العواطف و تعززها ‪ ،‬مما تقود إلى‬
‫اندماج مع الشخصيات ويرفع من الرضى العام لالعب من خالل الخبرة التي يخوضها في اللعبة‪.‬‬
‫ت الحقة متفاوتة ‪ .‬ويالح ُ‬
‫ظ أن المهارات اإلدراكية‬ ‫وقد ُوجدَ أن اللعب المنغمس يمتلك تأثيرا ٍ‬
‫ُعزز من خالل اللعب المتواصل‪ ،‬ولكنه يزيد من العنف‬ ‫والتنسيق فيما بين العين واليد أثناء اللعب ي َّ‬
‫المطول في ألعاب العنف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ويقلل من التعاطف األمر الذي ت ًّم مالحظته بعد االنغماس‬

‫‪72‬‬
‫استخدام التسويق العصبي‬
‫الختبار القطاع الترفيهي‬
‫إن اختبار القطاع الترفيهي أكثر اهتماما ً بالقياسات اللحظية وبالتحديد كيفية تُنفّذ هذه القياسيات خالل‬
‫خوض التجربة؛ وذلك ألن التركيز هنا عبى التجربة بح ِّد ّ ذاتها‪.‬‬

‫مؤشر مهم على فعالية القطاع الترفيهي‪ ،‬فيمكن‬ ‫ٌ‬ ‫ويُعتبر الهيجان العاطفي ( أي في شدّة المحاكاة) هو‬
‫قياسه من خالل جهاز قياس نشاط كهربية الجلد (‪ ،)EDA‬وهو يقيس كمية التعرق في الجلد‪ .‬ويُعتبر‬
‫ت زمنية‬ ‫صةً عبر فترا ٍ‬
‫ي أيضا ً (سواء كان بتفضيل الشيء أو عدمه) أمرا ً مهما ً ‪ ،‬وخا ّ‬
‫التكافؤ العاطف ُّ‬
‫طولة‪ .‬فيُمكن استخدام جهاز قياس حركة عضالت الوجه لتتبُّع الحركات العضلية الضئيلة جدا ً‬ ‫َّ‬
‫والمرتبطة بالتكافؤ من خالل عضالت االبتسام أو العبوس‪ .‬ويمكن استخدام قياس كهربية العضالت‬
‫لقياس التوتر واإلجهاد عن طريق وضع الحساسات على الرقبة والكتف وعضالت الفك‪.‬‬

‫إن التقنيات التي تجس اإلشارات الدماغية على نح ٍو أعمق مثل قياس الموجات الدماغ والرنين‬
‫المغناطيسي قد استُخدمت بشك ٍل أقل اتساعا ً في دراسات القطاع الترفيهي‪ .‬وهذا ألنها تخلق بيئة غير‬
‫تأثير‬
‫ٌ‬ ‫طبيعية وغير مريحة للتسجيل لفترة طويلة‪ .‬فهي أيضا ً حساسة للحركات الجسدية التي تُعتبر‬
‫جانبي عادي للتجربة المنغمسة في قطاع الترفيه‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫لماذا يه ّمنا أمر التسويق العصبي‬

‫في هذا الفصل سنناقش ما يأتي ‪:‬‬

‫‪ -‬فهم المساهمة التي يمكن للتسويق العصبي القيام بها في مجال التسويق‪.‬‬

‫صلة في التسويق العصبي وكيفية التخفيف منها‪.‬‬


‫‪ -‬األخذ بعين االعتبار المخاطر المتأ ِّ ّ‬
‫‪ -‬استكشاف الفوائد الممكنة من التسويق العصبي‪.‬‬

‫‪ -‬رؤية التسويق العصبي في بيئة أوسع‪.‬‬

‫لم يظهر التسويق العصبي في المجال التسويقي دون أن يتلقى نصيبه من الجدل حوله‪ .‬فإذا‬
‫قمتَ بتفقد حسابات اإلعالم العام لهذا المجال فستجد القليل من الناقدين هناك‪ .‬ونحن نقدم في هذا‬ ‫ْ‬
‫مستو عا ٍل من بعض أهم‬
‫ً‬ ‫الكتاب الكثير من تلك االنتقادات‪ .‬وفي هذا الفصل ‪ ،‬نطر ُح نظرة عامة على‬
‫الموضوعات التي يُثار الجدل حولها ونقدّم وجهات نظرنا حول مدى أخذ هذه المخاطر الممكنة على‬
‫محمل ال ِّ ّجد‪.‬‬

‫إن ما لن تجده في اإلعالم العام هو الكثير من النقاشات التي تدور حول الفوائد الممكنة التي‬
‫قد يوفرها التسويق العصبي لمجالي التسويق والبحوث التسويقية‪ .‬ربما يكون هذا الموضوع أقل‬
‫جاذبية في األصل‪ ،‬لكننا نعتقد أنه مهم على ح ٍّد سواء‪ .‬ونحن بذلك نل ّخص ثالثة أنواع من الفوائد في‬
‫هذا الفصل‪.‬‬

‫وكما يكون منظورنا واضح ونحن نعتقد بأنه كذلك في أغلبه‪ ،‬فإن التسويق العصبي هو‬
‫إضافة إيجابية لألدوات األسلوبية المتاحة لباحثي قطاع التسويق‪ .‬فهو يستحضر نظرة أكثر واقعية‬
‫للعقل البشري إلى البحوث المجراة على المستهلكين و يُظهر الكثير من نقاط الضعف في البحوث‬
‫التقليدية وذلك كما وضّحنا في الفصل الثاني‪ .‬نحن نعتقد أن التسويق العصبي يمكنه المساعدة في‬
‫تحسين كفاءة وفاعلية للتسويق‪ ،‬كما ويقلل من فشل المنتجات والحمالت الدعائية ‪ ،‬ويجعل التسويق‬
‫بشك ٍل أساسي أكثر استجابة للحاجات والرغبات الواقعية للمستهلكين‪.‬‬

‫المسوقين إذا ما كانوا يريدون‬


‫ّ‬ ‫نعترف أنه يمكن إساءة استخدام التسويق العصبي منة قِّبَل‬
‫ُ‬
‫الضارة أو غير اآلمنة أو كانوا يريدون استغالل مجموعة من‬
‫ّ‬ ‫تشجيع شراء المنتجات والخدمات‬
‫تحذير!‬

‫‪74‬‬
‫المستهلكين الحساسين مثل األطفال والمجموعات ذات الدخل المتدني‪ .‬فمث ُل هذه الممارسات ال‬
‫يصنعها أو يُش ّجعها التسويق العصبي ولكنه قد يساعد عليها كما يساعد عليها أي شك ٍل آخر من أشكال‬
‫البحوث التسويقية‪.‬‬

‫األخطار المحتملة للتسويق العصبي‬


‫‪Hidden Persuader‬كما في عام ‪ 1957‬حين نشر فينس باكارد كتابه األكثر مبيعا ً‬
‫(ال ُمقنِّعون الخفيون)‪ ،‬أعرب النقّاد عن قلقهم بأن المسوقين كانوا يستخدمون تقنيات نفسية وال شعورية‬
‫التي تُعدُّ خطرا ً على الناس‪ .‬وقد كان أساس تحذيراتهم مبني على افتراض أن المسوقين كانوا‬
‫متالعبين عديمي الضمير والذين سيستخدمون في مبيعاتهم أيَّة وسيل ٍة تجعل المستهلكين يشترون‬
‫العالمة التجارية والمنتجات التي يبيعونها ‪.‬‬

‫المسوقين يريدون‬
‫ّ ِّ‬ ‫المسوقين غير منصف ٍة لهم‪ .‬فالمن المؤكد أن‬
‫ّ ِّ‬ ‫وتُعتبر وجهة النظر هذه تجاه‬
‫ي ٍ ال يرحم تح ُّل‬
‫تشجيع المستهلكين على شراء منتجاتهم‪ ،‬إال أن السوق نفسه ما هو إال ميدان تنافس ّ‬
‫المنتجات والعالمات التجارية المنافسة محل تلك التي ال تمتلك قيمة حقيقية بسرعة‪ .‬ويكون فيه‬
‫المسوقون االستراتيجيات والتطبيقات الفعّالة وغير‬‫ّ ِّ‬ ‫النجاح والفشل ملحوظان بشك ٍل كبير ويتعلم‬
‫مستو عام حيث يكون تأثير التالعب‬ ‫ً‬ ‫الفعالة بسرع ٍة من بعضهم البعض‪ .‬وهذا يخلق ملعبا ً على‬
‫بالمستهلكين أو اطالق إدعاءات كاذبة أكثر احتمالية في أن يكون ذا مفعو ٍل عكسي بدالً من أن يقود‬
‫إلى نجاحهم وذلك مهما است ُ ْع ِّم َل من تقنيات اإلقناع‪.‬‬

‫قد تكون حداثة التسويق العصبي في بعض األحيان مبالغا ً فيها من قِّبَل النقّاد‪ ،‬فالممارسات‬
‫اض طويل من االكتشاف والنشر الذي‬ ‫التي نُسبت إلى تأثير التسويق العصبي غالبا ً ما كانت تمتلك م ٍ‬
‫بدأ على نح ٍو جيد وذلك قبل أن يكون التسويق العصبي موجودا ً في هذه المسألة‪ .‬ففي الكثير من‬
‫الحاالت يستطيع التسويق العصبي اآلن إثبات سبب كون بعض هذه الممارسات فعّالة ( أو غير‬
‫فعّالة)‪ ،‬إال أن هذه الممارسات نفسها ال يُمكن أن تُنسب إلى التسويق العصبي ‪ .‬فعلى سبيل المثال‪:‬‬

‫المسوقون مصممي صور األطعمة وذلك قبل وق ٍ‬


‫ت طويل من تأكيد التسويق العصبي‬ ‫ّ ِّ‬ ‫✓ استعمل‬
‫على أن صور الطعام الجذّابة يمكن أن ت َشدَّ االنتباه و تُف ِّعّل األهداف العقلية وتزيد من فرص شراء‬
‫المنتج‪.‬‬

‫متذوقين وغير المتذوقين وذلك قبل وق ٍ‬


‫ت طويل من‬ ‫✓ َّ‬
‫جزأ المسوقون متاجر محبي الشوكوال إلى ّ‬
‫تأكيد التسويق العصبي على أن هذه التقسيمات تظهر فعالً أنماطا ً مختلفة جدا ً من أنشطة الدماغ ‪.‬‬

‫المسوقون أن الكثير من القرارات يتخذها العقل الباطن وأن التعرض للرسائل التي‬
‫ّ‬ ‫✓ لطالما عرف‬
‫تبعثها اإلعالنات له تأثير على المستهلك حتى إذا لم يتذ ّكر التعرض لها‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫المسوقون المشاهير في دعم العالمات التجارية وذلك قبل أن يؤكد التسويق العصبي‬
‫ّ‬ ‫✓ لقد استخدم‬
‫أن مثل هذا الدعم قد يؤثر إيجابا ً على قرار المستهلك بالشراء ‪.‬‬

‫قد ينتقل عدم االرتياح من التسويق أحيانا ً إلى التسويق العصبي ‪ ،‬فبعض النقّاد في األصل ال‬
‫تعجبهم فكرة التسويق‪ .‬فهم ال يحبون أن تنهال عليهم اإلعالنات التجارية أينما التفتوا‪ .‬وال يحبون أن‬
‫تكون مالبسهم تعلن عن اسم العالمة التجارية المنتسبة لها‪ .‬وال يحبون فكرة أن يُطلق اسم ملعب‬
‫"سباغاتتي إكسبرس" على ملعب كرة السلة المفضل لديهم ‪ .‬فهذه مخاوف منطقية ‪ ،‬لكن هذه‬
‫التجاوزات في التسويق ال يُمكن أن تنسب إلى التسويق العصبي وال ألن تكون مشكلة صغيرة إذا ما‬
‫كان التسويق العصبي غير موجود‪.‬‬

‫نحن نعتقد حقيقةً أن التسويق العصبي يمتلك اإلمكانية ِّليُري المشوقين أخيرا ً كيف تؤثر‬ ‫تذكّر‬
‫المضرة على عالماتهم التجارية و على سمعتهم المشتركة‪ .‬سنناقش في الفصل‬ ‫َّ‬ ‫هذه التجاوزات‬
‫السابع كيفية تطوير المستهلكين لدفاعاتهم الواعية والالواعية ضد اإلعالنات التي تحمل رسائل مقنعة‬
‫المسوقين على فهم أين يكونون يسرفون في أموالهم حين يبعدون المستهلكين‬ ‫ّ ِّ‬ ‫‪ .‬ومن خالل مساعدة‬
‫بأيديهم في محاول ٍة لهم في التقدّم على فوضى المنتجات وإدعاءات الشركات المنافسة ‪ ،‬فنحن نؤمن‬
‫المسوقين‬
‫ّ‬ ‫المسوقين والمستهلكين على ح ٍّد سواء ‪ ،‬حيث يساعد‬‫ّ ِّ‬ ‫بأن التسويق العصبي يستطيع إفادة‬
‫على صرف األموال التي يستخدمونها في التسويق بحكمة ‪ ،‬وهو يساعد المستهلكين في العيش في‬
‫عالم ذا ض ّج ٍة تسويقية أقل وغير مرتبطٍ بفوضى التسويق‪.‬‬
‫ٍ‬
‫دعونا نلقي نظرة ً على االتهامات الثالثة الرئيسية المو ّجهة للتسويق العصبي‪.‬‬

‫قراءة عقولنا و انتهاك خصوصيتنا‬


‫المعلّقين هو أن التسويق العصبي هو نوع من تكنولوجيا قراءة‬
‫ِّ‬ ‫أحد أكبر المخاوف عند‬
‫للمسوقين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صة وكشفها‬
‫العقول التي تتمكن من الدخول إلى أفكارنا الخا ّ‬
‫ويحرف حقيقة العلم الذي يشك ُل‬ ‫ِّ ّ‬ ‫قوة التسويق العصبي وال‬ ‫أمور يغالي هذا الخوف في تقدير ّ‬
‫أساسا ً له‪ .‬وسنغطي هذا الموضوع بالتفصيل في كتابنا هذا‪ ،‬ولكننا نريد اآلن أن نشدّد على أن قياس‬
‫تقنية‬
‫الموجات الدماغية واإلشارات الجسدية بالعديد من أنواع األجهزة الحساسة ليس أمرا ً مماثالً لقراءة‬
‫األفكار‪ ،‬فما يُمكن لتكنولوجيا التسويق القول هو أن بعض الدقة في الموضوع هي أن الشخص في‬
‫ت عقلي ٍة معينة ( ككونه يقظا ً أو يراوده داف ٌع‬ ‫ُظهر حاالت نفسية معينة ترتب ُ‬
‫ط بحاال ٍ‬ ‫لحظ ٍة ما ي ُ‬
‫باالقتراب أو أن َيشعر باالرتباك)‪ ،‬لكن الحاالت العقلية هذه ليست بح ِّدّ ذاتها أفكاراً‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬تمتلك الموجات العقلية لديك شكالً مميزا ً عندما تكون تُعير االنتباه إلى‬
‫شيءٍ ما‪ ،‬إال أن الموجات الدماغية هذه ال تبيّن بدق ٍة ما الذي تعيره انتباهك ‪ .‬فقد تكون منتبها ً إلى ما‬
‫يقوله موظف المبيعات ‪ ،‬أو إلى الساع ِّة ألنك تريد من موظف المبيعات السكوت حتى تذهب إلى‬
‫‪76‬‬
‫اجتماعٍ لديك ‪ ،‬أو قد تكون تتمرن على ما ستقوله في االجتماع القادم ‪ .‬فال تستطيع الموجات الدماغية‬
‫لديك أن توضّح الفرق ؛ فهي تُظ ِّه ُر أنك منتبهٌ لشيءٍ ما فقط‪.‬‬

‫تمتلك أدمغتنا كينونة داخلية معقدة وذلك فوق "عملها اليومي" في توجيهنا وإبقاءنا في مأمن‬
‫في هذا العالم وهذا كما سنفسره لك في الفصول الالحقة ‪ .‬ال وجود لسيناريو ذا سمعة حسن ٍة عاميا ً‬
‫فحص خارجي في المستقبل المتوقع ‪ ،‬فهذه ليست المشكلة‬ ‫ٍ‬ ‫حيث الكينونة الداخلية للدماغ ستنفتح على‬
‫التي يجب على المستهلكين وجماعات الدفاع العا ّمة القلق حيالها‪.‬‬

‫أمر مهم ‪ .‬فالمعايير الموجودة حول‬


‫أما في الجهة األخرى ‪ ،‬فإن الخصوصية هي ٌ‬
‫أمر مه ٌم باألساس لسالمة التسويق العصبي وقابلية تطبيقه على المدى البعيد‬
‫الخصوصية هي ٌ‬
‫لمجموعة مهمة؛ أي المشاركين في دراسات التسويق العصبي البحثية‪.‬‬

‫ث ممو ٍل فدراليا ً يجرى على‬


‫عالم يُشاركُ في بح ٍ‬
‫ففي الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬يتوجب على أي ٍ‬
‫عينات بشرية أن يستجيب لمتطلبات حماية الخصوصية كما هي موضّحة بتعليمات العينات البشرية‬
‫الخاصة بدائرة الصحة والخدمات البشرية ‪ .‬فتتطلب هذه التعليمات إشرافا ً على كل دراسة قائمة‬
‫مراجعة مؤسسية (أو مستقلة) مؤلّفة من خبراء الرعاية الصحية وخبراء عينات البحث ومدراء‬
‫وتزود هيئة المراجعة المؤسسية (‪ )IRB‬بالموافقات الخطية لكل مخططات الدراسية و‬ ‫ّ ِّ‬ ‫اجتماعيين ‪.‬‬
‫نماذج الموافقة و اإلجراءات المتبعة لحماية العينات الدراسية الحساسة (مثل األطفال والمرضى‬
‫والنساء الحوامل) باإلضافة إلى حماية خصوصية المشاركين‪.‬‬

‫السرية وأن‬
‫ّ‬ ‫خزن بيانات المشاركين‬ ‫تتطلب سياسات الخصوصية التي تحت تفويض فدرالي أن ت ُ ّ‬
‫عرف بهوية مجهولة حيث يُمكن مطابقتها ببيانات هويتها السرية باستخدام‬ ‫نتاجاتها من دراسة ما ست ُ ّ‬
‫قاعدة بيانات ثالثة مطابقة وآمنة على ح ٍّد سواء‪ .‬وتبيّن بعض سياسات هيئة المراجعة المؤسسية‬
‫(‪ )IRB‬أنه ال يُمكن للبيانات أن تُنقل على أساس فردي ‪ ،‬وذلك حتى ولو كانت مخفية ؛ فإنها على‬
‫العكس يمكن نقلها على شكل المتوسط الحسابي لمجموع ٍة ما ‪.‬‬
‫ق عصبي عضوا ً في هيئة الموظفين يحتل وظيفة التدريس الجامعي أيضا ً‬ ‫ظفت شركة تسوي ٍ‬ ‫إذا ما َو ّ‬
‫تحذير!‬
‫ق هيئة المراجعة المؤسسية (‪)IRB‬؛ ألنه يتطلب‬ ‫‪ ،‬فإنه من المحتمل أن تعمل هذه الشركة تحت اتفا ِّ‬
‫من أعضاء التدريس في الكليات أن يكون لديهم موافقة من هيئة المراجعة المؤسسية لجميع البحوث‬
‫المجراة على عينات بشرية التي يقومون بها حتى ولو أ ُ ِّ‬
‫جر َي ْ‬
‫ت لمؤسس ٍة خاصة‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فقد ال‬
‫تخضع مؤسسات التسويق العصبي الخاصة إلى قوانين الخصوصية وذلك إن لم ت َكن مرتبطة بهيئة أو‬
‫ث ممول فدراليا ً ‪ .‬لذلك فإنه من األفضل دائما ً أن تسأل الشريك المحتمل في التسويق العصبي عن‬ ‫بح ٍ‬
‫سياسات حماية الخصوصية للمشاركين في بحثه ‪ .‬وستجدُ أن هناك شركاتٌ ذات سمعة جيدة إما تعمل‬
‫بموافقة من هيئة المراجعة المؤسسية أو ت ُ ِّق ُّر بتعليمات سياسة الخصوصية في منظمات البحوث‬
‫الصناعية مثل منظمة(‪ (www.esomar.org) )ESOMAR‬أو جمعية علوم وأعمال التسويق‬
‫العصبي )‪.(www.nmsba.com‬‬

‫‪77‬‬
‫ضغ ُ‬
‫ط "زر الشراء" في عقولنا‬
‫وهذا األمر يتبع بشكل ما سبق وتحدثنا عنه أوالً‪ .‬فإذا مستخدمي التسويق العصبي يستطيعون‬
‫قراءة عقولنا ‪ ،‬فإنهم يستطيعون اكتشاف السبل للتالعب بنا وحثِّ ّنا على شراء األشياء التي قد ال‬
‫نشتريها على نح ٍو آخر؛ أي بما معناه أنهم إذا كانوا يستطيعون إيجاد "زر الشراء" في عقولنا‬
‫فسيضغطون عليه و يجعلوننا نشتري هذه األشياء‪.‬‬

‫باستمرار أن علماء‬
‫ٍ‬ ‫يُحبُّ اإلعالم العام استخدام استعارة المجازية "زر الشراء" ويفترضون‬
‫األعصاب كالصولجان الذي يعرف المصدر السحري للسيطرة على المستهلكين والذي سيسمح‬
‫للمسوقين أن جعل المستهلكين آالت شراء عديمة العقل (ونحن نفضل اطالق مصطلح المستهلكين‬ ‫ّ‬
‫المسوقين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اآلليين) تحت تصرف‬

‫إال أن هناك خل ٌل واحدٌ في هذا السيناريو الباعث للرعب الممتع وهو أن العقول ال تعمل بتلك‬
‫الطريقة ‪ ،‬وال وجود لـ"زر الشراء" في الدماغ ‪ .‬فقرارات الشراء ما هي إال سلوكيات معقّدة تحدث‬
‫ت بين توقعا ٍ‬
‫ت لربحٍ معين أو‬ ‫وتفرض تبادال ٍ‬
‫ُ‬ ‫ت واعية والواعية في العقل ‪،‬‬‫عبر الوقت مشركةً عمليا ٍ‬
‫معرضة لتعددية التأثير الموجودة خارج عقل المستهلك‪ .‬فقد‬
‫انزعاج من دفع المال لقاء شرائها وهي ّ‬
‫تُحاول شركة (فيراري) ضغط "زر الشراء" في عقلك وتجعلك ترغب بالشراء متى رغبت ذلك‪،‬‬
‫دوالر في حسابك المصرفي ؛ فعندها لن تشتري السيارة (تيستاروزا)‬‫ٍ‬ ‫ولكن طالما لديك ‪ 250‬ألف‬
‫الجديدة الخاصة بشركة فيراري‪.‬‬

‫ونحن ونحن نؤمن بالفعل أن التسويق العصبي – الذي قد يكون منتشرا ً‪ -‬قد يُؤدي إلى‬
‫ت تجاري ٍة أكثر جاذبية للمستهلكين‪ ،‬ويزيد من فعالية التسويق و يؤدي إلى مبيعات و‬ ‫منتجات وعالما ٍ‬
‫أرباحٍ ودخل أكثر‪ .‬أما في الوقت الحاضر فإن هذا يُعتبر نظرية بدالً من حقيقة مثبتة ‪ ،‬إال أنه ت َّم‬
‫اختبارها حول العالم ‪ .‬ونحن نؤمن أن فهم المبني على العلم لمبادئ التسويق العصبي يستطيع أن‬
‫للمسوقين لتشكيل قرارات وأفعال المستهلكين بفعالية أكثر‪ .‬وهذا سيحدث ليس ألن‬ ‫ّ ِّ‬ ‫يخلق فرصا ً‬
‫سيزودون السوق بمنتجات أكثر جاذبية‪.‬‬‫ّ‬ ‫المسوقين يحيزون على سيطرة أكثر ولكن ألن‬ ‫ّ‬
‫وكما أدرك الروائي (وليام غيبسون) مقولته المشهورة ‪ " :‬إن المستقبل موجودٌ هنا أصالً‬
‫متوزعا ً بالتساوي"‪ .‬وهذا ما يحصل مع التسويق العصبي‪ .‬فإذا كان المجال الجديد هذا‬ ‫ّ‬ ‫ولكن ليس‬
‫وسيتطور إلى ممارسة سائدة ‪ ،‬وستتعادل الميزات اإليجابية هذه في‬ ‫ّ‬ ‫يمنح ميزة تنافسية ألول متبنيه‪،‬‬
‫السوق‪ .‬وإذا جعل من التسويق أكثر كفاءة وأقل تبذيرا ً ‪ ،‬فإن هذه المدَّخرات ستنتشر عائدة ً إلى‬
‫ت أفضل أو قيم متزايدة ألصحاب األسهم‪ .‬فإذا كانت‬ ‫اإلقتصاد على شكل أسعار منخفضة أو منتجا ٍ‬
‫ت أخرى أكثر نفعاً‪ .‬ففي الحالتين فستحدث هذه التغييرات‬ ‫تتيح قيمة منافسة بالفعل‪ ،‬فستُستبدل بمنهجيا ٍ‬
‫ُحث أحدٌ على شراء شيء ‪.‬‬‫بدون أن ي ُّ‬

‫‪78‬‬
‫جعلنا نرغب بأشياءٍ غير نافع ٍة لنا‬
‫ضار ٍة لهم هم مشكلة في السياسة الشخصية والعامة‪ ،‬وأحيانا ً ما‬
‫ّ‬ ‫إن الناس الذين يفعلون أشيا َء‬
‫تنتهي بعواقب مأساوية‪ .‬ولكن المشكلة التي كانت واجهتنا قبل نشوء التسويق العصبي بوقت قليل‪،‬‬
‫وأن المشكلة التي ستظ ُّل تواجهنا طالما نخوض صراعا ً دائما ً في عقلنا بين المقاومة أو االستسالم‬
‫لإلغراء‪.‬‬

‫حق في خشيتهم من كون التسويق العصبي يخلق إغراء أصعب من أن‬ ‫ولكن لديه النقاد ٌّ‬
‫تحذير!‬
‫يقاوم في التفكير كذلك‪ .‬وفي تخمين أن المنتجات والتسويق هما معدلين بطريقة جيدة لتؤثر بعمق‬
‫صةً إذا كان الناس‬
‫بأجزاء ساذجة والواعية في أدمغتنا‪ ،‬وسوف يصبح من الصعب مقاومتها ‪ ،‬وخا ّ‬
‫غير مدركين بأنه يتم التأثير عليهم ‪ ،‬فإن قدرتهم على المقاومة ستتعرض إلى خطر‪ .‬وهذا األمر الذي‬
‫يخشى النقاد منه هو أمر منطقي‪.‬‬

‫مع ذلك ‪ ،‬فيُعدُّ النقّادُ مخطئين عندما يستعرضون التسويق العصبي على أنه سالح يُمكن‬
‫ُعتبر عل ُم‬
‫للمسوقين فقط ليُضعفون قدرة المستهلك على كبح ِّجماح اإلغراءات التي يقومون بها‪ .‬فال ي ُ‬
‫الدماغ ‪-‬في الواقع‪ -‬الذي يُبنى عليه التسويق العصبي سالحا ً لطرفٍ أو طرفٍ آخر‪ .‬فإنه هذا العلم‬
‫يستمر في تحسين فهمنا السبب وراء قيام الناس إقحام أنفسهم بسلوكٍ يسبب األذى لهم ‪ ،‬والمعرفة‬
‫التي يستطيع التسويق الكشف عنها والتي يُمكن استخدامها في تطوير حلوالً عملية للتصدي لمثل هذا‬
‫السلوك ‪ ،‬ال الستخدامه فقط‪ .‬ويبرز السؤال هنا ع ّمن سيختار أن يستخدمه‪.‬‬

‫وكما سنناقش في الفصل ‪ ،12‬قد تمتلك الصفات والتو ّجهات الشخصية تأثيرا ً أكبر على جميع‬
‫السلوكيات التي تسبب األذى للشخص ذاته (مثل الشراهة واإلدمان والسلوكيات الملزمة والمخاطرة‬
‫الزائدة وما إلى ذلك من سلوكيات) وذلك أكثر من أي نوعٍ من الرسائل التي يتضمنها التسويق مهما‬
‫كانت الرسالة معدّلة جيدا ً وهادفة‪.‬‬

‫ال يجعلنا التسويق العصبي نشتري أو نفعل أشيا ًء بالمعنى الحرفي للكلمة سواء أكانت‬
‫تذكَر‬
‫تلك األشياء جيدة لنا أم ال‪ .‬إنما التسويق هو من غير ريب مسألة محاولة جعلنا نشتري األشياء ‪،‬‬
‫وأن التسويق العصبي هو بالطبع مسألة مساعدة التسويق في أداء مهمته ‪ ،‬ولكن ال يُمكن إجبار البشر‬
‫ق فسيقول‪ :‬إذا كان ذلك بتلك‬‫مسو ٍ‬
‫على أن يفعلوا شيءٍ ال يريدون فعله في مرحل ٍة ما‪ .‬وإذا سألت أي ّ ِّ‬
‫السهولة ‪ ،‬فإن الجميع سيقومون به‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫الفوائد الكامنة في التسويق العصبي‬
‫فيما سبق‪ ،‬ألقينا نظرة ً على الجزء الفارغ من الكأس ‪ ،‬أما اآلن دعنا نلقي نظرة ً على النصف‬
‫ق يُمكن من خاللها أن يوفّر‬
‫الممتلئ منه‪ .‬لقد بدأ أصحاب المهن وكتاب التقارير بالتفكير في طر ٍ‬
‫والمسوقين وللمجتمع على النطاق الواسع‪ -‬وذلك‬
‫ّ‬ ‫التسويق العصبي منافع عا ّمة ‪-‬أي للمستهلكين‬
‫بالرغم من ضعف تقديمه لنسخة صحفية مثيرة‪ .‬وفي هذا القسم سنوضّح ثالثة منافع رئيسية تم‬
‫طرحها‪.‬‬

‫استخدام التسويق العصبي لإلعالم والتعليم‬


‫يُمكن للتسويق العصبي أن يُستخدم من قِّبل القطاع العام لتطوير برامج فعالة للتغيرات‬
‫السلوكية وتزويد المستهلكين بمنظورات جديدة في عمليات اتخاذ القرار لديهم‪ .‬ويُمكن أن يستخدمه‬
‫المستهلكين لمساعدتهم في فهم كيفية قيامهم باتخاذ القرارات وكيفية التأثير عليها ؛ وذلك بغية أن‬
‫يمتلكوا سيطرة أكبر على قراراتهم بالشراء التي يتخذونها بسرعة من دون تفكير واعٍ بها‪.‬‬

‫أن االقتصاديات السلوكية هي إحدى الفروع األكاديمية التي يتضمنها التسويق العصبي‪,‬‬ ‫َّ‬
‫ويسلط الضوء على كيفية قيام البشر باتخاذ قرارات اقتصادية وتجارية‪ .‬وتمنحنا االقتصاديات‬
‫السلوكية وسائل قوية وجديدة لفهم ومنع حصول األزمات االقتصادية أو للتعامل مع العواقب الناتجة‬
‫عنها في حال لم يكن من الممكن منعها‪ .‬وقد لقيت االقتصاديات السلوكية أيضا ً جمهورا ً منفتحا ً من‬
‫صة الهادفين إلى تطوير فعالية القرارات التي يحتاجون‬ ‫المدراء التنفيذيين في القطاعات العا ّمة والخا ّ‬
‫إلى اتخاذها‪ .‬ويجب على النتيجة النهائية لتبني هذا النموذج الواقعي التخاذ القرارات أن تكون‬
‫التعرف عليها وتصحيحها‬ ‫ّ‬ ‫إيجابية؛ وذلك ألن انحراف القرارات التي لم نكن مدركين لها سابقا ً قد تم‬
‫في عملية اتخاذ القرارات المالية الشخصية والمشتركة‪.‬‬

‫موقف مماث ٌل متعلقا ً بالتسويق العصبي يحدث اآلن‪ .‬فالتسويق العصبي‬ ‫ٌ‬ ‫نحن نعتقد أن هناك‬
‫ي على نتائج علم الدماغ الذي تسم ُح لنا فهم كيفية قيام المستهلكين باتخاذ القرارات فعالً وكيف يتم‬‫مبن ٌّ‬
‫ت عقلية داخلية ومن خالل تلميحا ٍ‬
‫ت من البيئة التي حولنا‪.‬‬ ‫التأثير على هذه القرارات من قِّبَل عمليا ٍ‬
‫المسوقون استخدام هذه المنظورات ليرفعوا فعالية التقنيات واالستراتيجيات التي يتبعونها‪،‬‬‫ّ ِّ‬ ‫ويستطيع‬
‫ت أفضل‪.‬‬‫ويستطيع المستهلكون هذه المنظورات ذاتها التخاذ قرارا ٍ‬

‫س فيه مبادئ علم األعصاب في المدارس ‪ ،‬مساعدة ً الطالب‬ ‫ونحن نلحظ مستقبالً حيث ت ُ ّ‬
‫در ُ‬
‫على تطوير قوة إرادتهم في اتخاذ القرارات‪ ،‬وتحسين قدرتهم على تغيير العاداتهم السيئة ‪ ،‬وزيادة‬
‫وعيهم وإدراكهم لكيفية تشكيل االنطباعات الالواعية والمنحرفة لقراراتهم وحتى أكثر من ذلك‪.‬‬

‫ُعتبر التسويق ‪-‬على الرغم من ذلك‪ -‬نوعا ً من التعلُّم‪ .‬ففي الواقع‪ ،‬يُعتبر في بعض‬ ‫وي ُ‬
‫تذكَر‬
‫الحاالت نوعا ً من أنواعِّ التعلُّم األكثر قوة ً من مما حققناه في غرفنا الصفّية‪ .‬فإن معظم األمريكيين‬

‫‪80‬‬
‫ال يستطيعون تذ ُّكر عواصم الواليات األمريكية الخمسين التي حفظوها في المدرسة ‪ ،‬ولكنهم ما زالوا‬
‫يهمهمون باألغنية الخاصة بالواليات الخمسين التي شاهدوها على التلفاز عندما كانوا صغارا ً‪ .‬ويمكن‬
‫تطبيق مبادئ علم الدماغ ذاتها التي يتض ّمنها التسويق العصبي بل ويجب تطبيقها لتحسين تقنيات‬
‫التعليم والتثقيف حول العالم‪.‬‬

‫يجعل حياة المستهلك أكثر سهلةً‬


‫إن المستهلكين هم في العادة مشغولون‪ّ ،‬‬
‫وإن الكثير من عمليات الشراء التي قاموا بها مهمة‬
‫لهم في األساس‪ .‬وهم يريدون أن يُفروا الوقت والجهد والمال‪ .‬ويريدون أيضا ً إحداث انعطاف جي ٍد في‬
‫للمسوقين لتقديم أهدافهم بطريقة أكثر‬
‫ّ ِّ‬ ‫االستفادة عندما يقومون بالشراء‪ .‬ويسمح التسويق العصبي‬
‫فعالية‪.‬‬

‫توفّر العالمات التجارية طرقا ً مختصرة وسريعة لإلرباك الكبير للمنتجات والعروض في‬
‫العديد من الفئات‪ .‬فبدالً من مقارنة أعدادا ً كبيرة من المنتجات البديلة ‪ ،‬فإن المستهلكين يحددون عملية‬
‫اتخاذهم للقرارات إلى عدد قليل من العالمات التجارية المعروفة ‪ .‬ويساعد التسويق العصبي‬
‫المسوقين على فهم كيفية سير هذه العملية وكيف يمكنهم تسهيلها على المستهلكين في استخدام‬ ‫ّ‬
‫العالمات التجارية على أنها طرق مختصرة التخاذ القرارات‪.‬‬

‫حقل فرعي من عمل الدماغ ويسمى التصميم العصبي والذي يُر ّكز على التعرف على‬
‫عناصر في تصميم األشياء المادية التي يجدها عقلنا بطبيعته مبهجةً جماليا ً (انظر الفصل ‪ .)10‬وقد‬
‫أمد مستخدمي التسويق العصبي هذه العملية بالمال من أجل مساعدة مصممي المنتجات على تطوير‬
‫وتضيف صفة من المتعة‬
‫ُ‬ ‫الناظر إليها والتي َيسهُ استخدامها‬
‫ِّ‬ ‫المنتجات وأغلفتها التي تعكس متعة إلى‬
‫الجمالية على حياتنا اليومية‪.‬‬

‫المسوقين يعتاشون‬
‫ّ‬ ‫ُنظر إلى التسويق العصبي أحيانا ً من زاوية سلبية ‪ ،‬ولكن من المهم تذ ُّكر‬
‫ي ُ‬
‫إن التسويق السليم هو الذي‬ ‫من إيصال المنتجات التي يُفضلها البشر ويعودون إلى شرائها مجدداً‪َّ .‬‬
‫ت مختلفة‪ .‬وهذا ير ّكز‬ ‫أناس مختلفين في الرغبات والحاجات من خالل منتجا ٍ‬ ‫يتفهم كيف يُمكن إرضاء ٍ‬
‫ت جديدة ‪،‬‬‫تنوعٍ متزاي ٍد منها في السوق‪ ،‬ويوفّ ُر خيارا ٍ‬
‫على جماعات مستهدفة أكثر للمستهلكين وإلى ّ‬
‫ويرف ُع من قيمتها‪ .‬وكامتدا ٍد إلمكانية التسويق العصبي المساعدة في الكشف عن حاجات ورغبات‬
‫قادر‬
‫الزبون المختلفة التي ال يستطي ُع الناس في العادة التعبير عنها بأنفسهم‪ ،‬فإن التسويق العصبي ٌ‬
‫ت جديدةٍ في السوق والتي تمتلك فرصة أفضل في‬ ‫على مساعدة شراكات اإلنتاج في طرح منتجا ٍ‬
‫النجاح‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫االعتراف بأهمية‬
‫القيمة غير الملموسة‬
‫ب مؤ ِّث ّ ٍر عام‬
‫بإلقاء خطا ٍ‬
‫ِّ‬ ‫قام المدير التنفيذي في شركة (‪)Ogilvy‬للدعاية والتسويق (روي سوذرالند)‬
‫‪ 2009‬حيث ناقش أنه ال يجب على صانعي اإلعالنات ( كامتدا ٍد للمسوقين) االعتذار عما يفعلونه بل‬
‫ويجب عليهم االحتفاء بحقيقة أنهم باألحرى يوفرون خدمة رائعةً للمجتمع؛ فهم يزيدون من المتعة‬
‫والبهجة التي نحص ُل عليها من استهالكنا لألشياء عن طريق زيادة القيمة غير الملموسة وذلك بدالً‬
‫من القيمة الملموسة لألشياء من حولنا‪.‬‬

‫تكمن النقطة التي تحدث عنها (سوذرالند) بطريقة ساخرة في أنها نقطة مهمة‪ .‬وقد علمتنا‬
‫العلم العصبي واالقتصاديات السلوكية أن كل القيم كما ُوضّحت في العقل البشري متقاربة‪ .‬فليس‬
‫صلةً في "الشيء" الخارجي فقط بل هي مدركة؛ أي أنها ذاتية مبنية داخل عقولنا ودائما ً ما تكون‬ ‫متأ ِّ ّ‬
‫ت الذاتية أخرى‪ .‬ويسأ ُل (سوذرالند) سؤاالً ابتداعي هو ‪ :‬ما السيء بشأن‬ ‫صلة ببعض المدركا ٍ‬
‫على ِّ‬
‫تحسن متعتنا عن طريق تحسين مدركاتنا بدالً من انفاق أموالنا على تحسين السلع الماديّة مباشرةً؟‬

‫أطلق بعض كاتبي التقارير اسم التأثير المهدّئ على القيمة غير الملموسة للتسويق‪ .‬فهو‬
‫كالحبوب المهدئة ال تفعل شيء ولكنها تشعرنا بأننا أفضل حاالً‪ .‬وقد استشهد (سوذرالند) بالتعريف‬
‫الشهير للشعر وهو‪ " :‬الشعر هو حين عندما تجعل من األشياء الجديدة أشيا ًء مألوفة‪ ،‬ومن األشياء‬
‫ويق إال مساعدة ً‬
‫تعريف التسويق‪ .‬ما التس ُ‬
‫ُ‬ ‫المألوفة أشيا ًء جديدة‪ ".‬ويمكن لهذا أن يكون وبكل بساط ٍة‬
‫للناس على تقبُّل قيمة األشياء الجديدة واالستمرار برؤية قيمة األشياء المألوفة‪ .‬ويوفّر التسويق‬
‫المسوقين في التغلب على هذا التحدي‪.‬‬ ‫ّ ِّ‬ ‫العصبي وسائل جديدة فريدةٍ من نوعها لمساعدة‬

‫وتحمل العالمات التجارية القيمة غير الملموسة‪ ،‬فهي تسهل االختيار وتتضمن روح ما قدمه‬
‫ع ُم ٍر من الجدارة بالتنوع في المنتجات التي تنتمي‬
‫المنتجات للمستهلكين‪ .‬ويمكن أن تلخص خبرة ُ‬
‫لعالمة تجارية واحدة‪ .‬وقد تُضيف العالمات التجارية القوية قيمةً غير ملموس ٍة للتجربة االستهالكية‬
‫أوحس بالرخاء أو رفعٍ للجدارة الذاتية لدى المستهلك‬
‫ٍّ‬ ‫وذلك من خالل إضافة المتعة أوالبهجة أواألمان‬
‫‪ ،‬وبذلك إعطاء المنتج قيمة أكبر من تلك المنتجات التي ال تنتمي إلى عالمة تجارية والتي تأمل‬
‫تحقيق ذلك‪.‬‬

‫أمر سي ٌء جدا ً ؟‬
‫هل ذلك هو ٌ‬

‫‪82‬‬
‫تعلُّم العيش مع التسويق العصبي‪ :‬وقائ ُع جديدة‬
‫نحن نعتقد ‪-‬ومن دون استغراب‪ -‬أن التسويق العصبي هنا ليظل معنا وهذا ‪ ،‬وإال فلم نكون‬
‫مفهوم‬
‫ٍ‬ ‫مجرد‬
‫ّ‬ ‫كتبنا هذا الكتاب! ونحن نؤمن بأن السبب الذي يثبت ذلك هو أن التسويق العصبي ليس‬
‫ب وراسخٍ لالكتشاف العلمي‪.‬‬ ‫ألساس صل ٍ‬
‫ٍ‬ ‫طوره بعض الخبراء أو األكاديميين‪ .‬فهو امتدادٌ طبيعي‬
‫يٍ ّ‬
‫ذك ّ‬
‫ع علمية قديرة وشديدة‬ ‫فعلم األعصاب و علم النفس االجتماعي واالقتصاديات السلوكية كلُّها فرو ٌ‬
‫كبير من المنظورات والنتاجات إلى التسويق العصبي‪.‬‬ ‫الحساسية والتي ستستمر في توجيه ك ُّم ٌ‬

‫التسويق العصبي موجو ٌد هنا ليبقى‬


‫نحن ال نصدِّّق أن التسويق العصبي سيُرشد الممارسات التسويقية الجديدة والمتبعثرة ‪ .‬بل‬
‫نحن نتوقّع أن تكون منظورات التسويق العصبي ومفاهيمه ومنهجياته غير ملموسة في الوسائل‬
‫فهم‬
‫ت مبنية على ٍ‬‫بالمسوقين لتحسين ممارساتهم الحالية عن طريق منحهم منظورا ٍ‬‫ّ‬ ‫الموجودة الخاصة‬
‫أكثر واقعية لكيفية عمل عقول المستهلكين‪.‬‬

‫للمسوقين أن يستعرضوا العديد من تحدياتهم األكثر ثباتا ً من خالل‬


‫ّ‬ ‫يسمح التسويق العصبي‬
‫منظور جديد‪ .‬فهو يُتي ُح بنية تفسيرية تض ُع الكثير من المشاكل القديمة التي واجهوها في صورةٍ‬
‫ٍ‬
‫جديدة‪ .‬وسنذكر القليل من األمثلة التي ساعد التسويق العصبي المسوقين على فهمها ‪:‬‬

‫✓ سبب رفض المستهلكون ألفكار منتجا ٍ‬


‫ت جديدة عندما تقييمها في مجموعات بحث أو مقابالت‪،‬‬
‫ثم ينتهي بهم المطاف بتقبُّل المنتج الجديد بحماس ٍة عندما يُطرح في األسواق‬

‫✓ سبب تقبُّل المستهلكين ألفكار المنتجات الجديدة بحماسة في مجموعات البحث أو المقابالت‪ ،‬ثم‬
‫يقصرون في شراء المنتجات الجديدة عندما تُطر ُح في السوق‬

‫✓ سبب فشل بعض المبادرات الممتازة لعالما ٍ‬


‫ت تجارية رفيعة المستوى والحمالت الدعائية بنقل‬
‫مبيعاتها ‪ ،‬بينما تكون لألخرى تأثير ضخم لمبيعاتها‬

‫ي ٍ ما من أجل أن يؤثر ذلك اإلعالن التجاري‬


‫إعالن تجار ّ‬
‫ٍ‬ ‫✓ سبب عدم حاجة المستهلكين لتذ ّكر‬
‫على منظوراتهم المتعلقة بالعالمات التجارية وعلى قراراتهم بالشراء‬

‫‪83‬‬
‫المستهلكون غير عاجزون‬
‫ي على افتراض التأثير الذي‬ ‫أبدى النقّاد الكثير من المخاوف على أن التسويق العصبي مبن ٌّ‬
‫عاف ومستسلمين‪ ،‬وبذلك يَس ُهل خداعهم من قِّبل المسوقين‬
‫ض ٌ‬ ‫يتوجب حماية المستهلكين منه ألنهم ِّ‬
‫األذكياء والم َّكارين‪.‬‬

‫ساخر؛ ألنه إذا ما استغرق هؤالء النقّاد في فهم علم الدماغ الذي يتضمنه‬
‫ٌ‬ ‫لكن هذا تقيي ٌم‬
‫مزودين بأدمغة متطورة‬
‫التسويق العصبي (كقراءة هذا الكتاب!)‪ ،‬سيدركون حينها أن المستهلكين َّ‬
‫ع بين‬
‫مستو عا ٍل مما يجعل منهم العبين مرعبين في هذه اللعبة االقتصادية التي هي صرا ٌ‬ ‫ً‬ ‫على‬
‫الشاري والبائع‪ .‬وكما نوضّح في الفصل الثاني ‪ ،‬فالمستهلكين ليسوا مستهلكين عقالنيين كما تم‬
‫افترضت نظرية اقتصادية وتسويقية تقليدية‪ ،‬لكنهم مستهلكين مدركين بحدسهم والذين يعمل لديهم‬
‫عالم‬
‫العقل الواعي والالواعي مع بعضهما لمساعدتهم في التنقل واتخاذ القرارات الجيدة بنجاحٍ وسط ٍ‬
‫مفعم بالضجيج والتعقيد‪.‬‬‫ٍ‬
‫درس مهم يعلمهم إياه التسويق العصبي‪ ،‬فهو أن يُذ ّكرهم بأن يولوا‬
‫ٌ‬ ‫للمسوقين‬
‫َّ‬ ‫وإذا كان‬
‫احتراما ً أكبر للقوى الحسية لدى المستهلكين الذين يريدون التأثير عليهم‪ .‬فالمستهلكين في الواقع‬
‫تحذير!‬
‫للمسوقين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هم أصعب من أن يتم خداعهم وسيسعون الختيار ما هو األفض ُل لهم وليس ما هو أفضل‬
‫طو َر المستهلكون في‬ ‫صةً في الفصلين السابع والثامن) ‪ ،‬فقد َّ‬
‫وكما نستعرض في هذا الكتاب (وخا ّ‬
‫االقتصاديات الغربية الحديثة بعضا ً من ردود الفعل تصحيحية وطرقا ً مختصرة ً التخاذ القرارات مما‬
‫يجع من الرسائل المقنعة التي تبثّها اإلعالنات صعبة التحقيق وليس العكس‪.‬‬

‫المسوقين الستغالل‬
‫ّ‬ ‫وال يُقر التسويق العصبي حزمة من "الخدع الرخيصة" في مساعدة‬
‫المسوقين‬
‫ّ‬ ‫ضعاف‪ .‬فهو يوفّر طريقة مبنية على أساس علمي بحت لفهم عقلي ك ٍّل من‬
‫المستهلكين ال ِّ ّ‬
‫والمستهلكين‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫المسوق‬
‫ِّ‬ ‫رؤية العالم من خالل نظرة‬
‫المسوقين‬
‫ّ ِّ‬ ‫المسوقين وذلك وكما يُساعد‬
‫ّ‬ ‫يساعد التسويق العصبي المستهلكين لفهم طريقة تفكير‬
‫على فِّهم طريقة تفكير المستهلكين‪.‬‬

‫فالمسوقين‬
‫ّ‬ ‫المسوقين أساسا ً أن يفهموا ك ّل ما يتعلق بالمستهلكين ألنهم يريدون اسعادهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فيريد‬
‫ق سيخبرك بأنه عمله سيكون‬ ‫مسو ٍ‬
‫ي ّ‬ ‫يريدون إرضاء حاجات المستهلكين وليس للتالعب فيهم‪ .‬فأ ُّ‬
‫أسهل إذا ما تمكن من إعطاء المستهلك ما يريده‪ ،‬بدالً من محاولة إقناعه بشراء شيءٍ ال يهتمون به‬
‫حقاً‪.‬‬

‫المسوقين لن يستخدموا جميع مواردهم المتاحة لجعل المستهلكين يشترون‬ ‫ّ‬ ‫وهذا ال يعني أن‬
‫منتجاتهم بدالً من منتجات منافسيهم ؛ ألنهم يعلمون أن منافسيهم يفعلون الشي َء ذاته‪ .‬ففي الوقت الذي‬
‫تتعرف عليها أدمغتنا وتستهلك القيمة غير الملموسة‬
‫المسوقين بإدراك واستثمار الطرق التي ّ‬
‫ّ‬ ‫يقوم فيه‬
‫المسوقون في التأثير عليهم في‬
‫ّ‬ ‫‪ ،‬فإنه سيصبح من الصعب على المستهلكين إدراك الجهود التي يبذلها‬
‫السوق‪.‬‬

‫ويطرح أحد مبادئ التسويق العصبي أن التأثير الالواعي على خيارات وآراء الناس ستفقد‬
‫قدرتها على التأثير عندما يكون الناس مدركين لها‪ .‬فعندما يُثقّف الناس أنفسهم –عن طريق قراءة‬
‫كتاب مثل هذا الكتاب‪ -‬فيستطيع المستهلكين تعلُّم كيفية عمل عقلهم الباطن ‪ ،‬كما ويتعلموا عن كيفية‬
‫تأثير عمليات إطالق األحكام واتخاذ القرارات في الالوعي عليهم فيما يمارسون أنشطتهم اليومية‪.‬‬

‫المسوقين للتسويق العصبي لفهم والتأثير على‬


‫ّ‬ ‫نحن نؤمن أن اإلدراك األوسع لكيفية استخدام‬
‫قرارات وأفعال المستهلكين ستساعد المستهلكين على أن يسبحوا مواطنين اقتصاديين ‪ ،‬متخذين‬
‫ت أكثر عقالنية ‪ ،‬واكتساب قيم ملموسة وغير ملموسة أكثر والتي هي متاحةً أكثر في السوق‬ ‫قرارا ٍ‬
‫العالمي الواسع‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫الجزء الثاني‬

‫جوهر التسويق العصبي‪:‬‬


‫الجانب الالواعي‬
‫في عقل المستهلك‬

‫بريشة ريتشارد تينانت‬ ‫الموجة الخامسة‬

‫" قد يكون هناك طريقة أخرى لقولها‪".‬‬

‫‪86‬‬
‫في هذا الجزء‪...‬‬
‫سنلتفت إلى االستنتاجات الجديدة في حقو ٍل متعدد التي وفّرت‬
‫لنا نظرة جديدة وأساسية في كيفية عمل عقل المستهلك‪.‬‬
‫وتتضمن هذه الحقول استنتاجات جديدة وأحيانا ً مذهلة وحدسية‬
‫فيما يتعلق بكيفية تفاعل العقل الالواعي مع العقل الواعي لخلق‬
‫انطباعات وأحكام واختيارات وسلوكيات‪ .‬وتمتلك هذه‬
‫االستنتاجات مضامين طبيعية عن سلوك التسويق العصبي‬
‫والمستهلك ويمكن تطبيقها حتميا ُ على استفسارات التسويق‪.‬‬

‫ففي هذا الجزء سنحدثكم ع ّما تدور حوله هذه الجلبة‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫الفصل الخامس‬

‫المستهلك االدراكي‪:‬‬
‫العمليات الالواعية ضمن‬
‫سلوك المستهلك‬

‫في هذا الجزء سنناقش ما يلي‪:‬‬


‫‪ -‬فهم العمليات العقلية الحدسية‪.‬‬
‫‪ -‬إدراك كيفية تفكيرنا الالواعي‬
‫‪ -‬إلقاء نظرة ثانية على غاية التفكير الواعي‬
‫‪ -‬تعريف ثالثة متغيرات رئيسية في بحوث التسويق العصبي‬

‫سنلقي الضوء في هذا الفصل على بعض الطرق المهمة التي يساهم فيها العقل الالواعي‬
‫في قراراتنا وأفعالنا كمستهلكين‪ .‬سنناقش أوالً فكرة أن العقل البشري ما هو إال بخيل‬
‫إدراكيا ً ؛ أي أنه يكره بذل أيّه طاقة عقلية أكثر مما هو ضروري لتدبر أمره في الحياة‬
‫الواقعية‪ .‬وسنقدم لكم أربعة مبادئ في عمل الدماغ التي تو ِّ ّجه سلوكنا وتس ِّ ّهل اختياراتنا‬
‫كالبخالء اإلدراكيا ً وهي‪ :‬الكفاءة والحداثة ومدى األلفة وسالسة المعالجة‪.‬‬
‫ث َّم سنستعرض بعدها كيفية استخدام العقل الالوعي لهذه المبادئ في مساعدتنا على‬
‫استيعاب عالمنا وجعلنا نقرر ما سنفعله األمر نقوم به آالف المرات في اليوم الواحد‪.‬‬
‫وسنناقش قدرة الدماغ الرائعة في اتخاذ القرارات دون أن التفكير بها تفكيرا ً واعياً‪،‬‬
‫وسنستعرض كيف تتمكن آلية رائعة تسمى باالستحضار الذهني بتحفيز االختيارات‬
‫واألفعال المعقدة وذلك وبك ِّّل بساطة عن طريق تشكيل االرتباطات الذهنية بين األفكار‬
‫الموجودة في عقولنا والتي تحدث كلها خارج نطاق وعينا اإلدراكي‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫وتقودنا قدرات عقلنا الالواعي الرائعة هذه إلى أن نسأل ما يجيده عقلنا الواعي في‬
‫الواقع‪ .‬وتر ّكز البقية على أن التفكير الواعي ما يزال مه ّما ً جدا ً فقط في التعلُّم والتخطيط‬
‫‪ ،‬وليس التخاذ القرارات على نح ٍو واسعٍ‪.‬‬
‫فهم أعمق للمتغيرات الثالثة الرئيسية‬
‫وفي النهاية سنط ِّبّق هذه المعرفة الجديدة لتوفير ٍ‬
‫التي يُعنى بها المسوقين عندما يفكرون أدمغة المستهلكين وهي‪ :‬االنتباه والعاطفة‬
‫والذاكرة‪.‬‬

‫المستهلك الحدسي‬
‫هو بخيل إدراكيا ً‬
‫شخص يكره صرف المال‪ .‬فالبخيل الحقيقي هو من يعرف طرقا ً كثيرة‬ ‫ٌ‬ ‫ما البخي ُل إال‬
‫مطعم ما‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫عذر مثالي لجعل غيره يدفع فاتورة العشاء في‬ ‫تج ِّنّبهُ صرف النقود‪ ،‬كابتكار ٍ‬
‫وعقولنا هي أيضا ً بخيلة ‪ ،‬لكن القيمة التي يتجنبون دفعها هي الجهد الذهني؛ أي مقدار‬
‫النشاط اإلدراكي المستلزم التخاذ قرار أو القيام بفع ٍل ما في عالمنا ‪ ،‬وذلك يتضمن اتخاذ‬
‫القرار والتصرف كمستهلكين ومتسوقين‪.‬‬
‫بكثير من الطرق في سلوك المستهلك‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وتستعرض نزعة تجاه البخل اإلدراكي هذه نفسها‬
‫وسنوضّح أربعةً أمثلة مه ّمة في هذا القسم‪:‬‬

‫✓ الكفاءة‪ :‬فأدمغتنا الواعية هي "أدوات تحكم كسولة" لتقديراتنا وقراراتنا الحدسية‪.‬‬

‫✓ الحداثة‪ :‬فنحن ننجذب إلى الحداثة ونو ِّ ّجه انتباهنا بطبعنا إلى األشياء الجديدة‬
‫والمثيرة لالهتمام‪.‬‬

‫ُ‬
‫حيث ننجذب إلى األشياء المألوفة لدينا ونكتسب نزعة طبيعية من األلفة‬ ‫✓ مدى األلفة‪:‬‬
‫تجاه ما هو مشابه لها‪.‬‬

‫✓ معالجة السالسة‪ :‬فنحن نفسر المعلومات التي يس ُهل معالجتها ذهنيا ً على أنها أكثر‬
‫مصداقية وإقناعا وجديرة بأن تكون مفضلة‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫تفسير عالمنا بكفاءة‬
‫ال تحبُّ أدمغتنا أن تعمل كثيراً‪ ،‬فالجهد الذهني يتطلب طاقة حيث يستهلك الدماغ البشري‬
‫ي ِّ عض ٍو آخر في الجسد؛ فبالرغم من أن وزن الدماغ العادي يُعادل ‪%3‬‬ ‫طاقة أكثر من أ ّ‬
‫من نسبة وزن الجسم إال أنه يستهلك ‪ %20‬من السعرات الحرارية التي يحصل عليها‬
‫طو َر ليعمل بكفاءة‪.‬‬
‫الجسم في اليوم الواحد‪ .‬لذا فإنه قد ّ ِّ‬
‫قمنا في الفصل الثاني بإطالعكم على دانيال كينمان ونموذجي النظام ‪1‬و‪ 2‬الخاصان‬
‫ب مهم من جوانب‬ ‫بعمليات المعالجة الذهنية‪ .‬ويساعدنا نموذج كينمان على فهم جان ٍ‬
‫الكفاءة العقلية والتي يسميها بـ"بالتحكم الكسول"‪ .‬إنما التحكم الكسول هو وبشكل أساسي‬
‫ب عمل النظام ‪( 2‬العقل الالواعي) عن كثب‪.‬‬ ‫فكرة أن النظام‪( 2‬العقل الالواعي) ال يرقُ ُ‬
‫فبسبب كون أدمغتنا تعمل بكفاءة أكثر عندما نتجنّب الجهد الذهني الكبير‪ ،‬فإن اآللية‬
‫األساسية لدينها هي تجنب تفعيل التحكم الواعي إذا لم األمر ضروريا ً جدا ً ويستوجب‬
‫ذلك‪ .‬وبالتالي يبذل عقلنا الواعي مجهودا ً ضئيالً للتحكم في عمليات المعالجة في‬
‫الالوعي‪.‬‬
‫قد تعتقد أن ميلنا إلحداث الكفاءة العقلية عن طريق عمليات المعالجة الالواعية ما هي إال‬
‫أمر سيء‪ ,‬أنه يُستحسن أن نبتعد عنها إذا ما قمنا – مثل السيد سبوكس‪ -‬بإجبار عقولنا‬ ‫ٌ‬
‫حين آلخر‪ .‬إال أنه وفي الحقيقة ال يوجد أي دلي ٍل مهم على أن هذا‬
‫على العمل أكثر من ٍ‬
‫االعتقاد خاطئ‪ ،‬فقد اكتشف العلماء أن استهالك الطاقة العقلية للتحكم في سلوكياتنا‬
‫يستنزف قدرتنا على بذل المجهود في التحكم فيه الحقاً‪ .‬ويُسمى هذا التأثير " االستنزاف‬
‫عرضةً لإلغراءات وفقدان السيطرة الذاتية مما يؤدي إلى نوبة من‬ ‫الذاتي" والذي يجعلنا ُ‬
‫الجهد الذهني الكبير‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬وفي عدة اختبارات أجراها عالم النفس االجتماعي الذي يُدعى بـ‬
‫أشخاص قاوموا إغراء الصوت الناتج عن مضغ حلوى‬ ‫ٍ‬ ‫"روي باومستر" على‬
‫توا ً كانوا أقل قدرة ً على مقاومة اإلغراءات األخرى في‬
‫"‪ "M&M's‬أو الكعك المخبوز ّ‬
‫حزين ‪ ،‬كانوا‬
‫ٍ‬ ‫فلم‬
‫مرحلة الحقة‪ .‬فعندما ُو ّجه الناس على كبح مشاعرهم خالل عرض ٍ‬
‫لغز‬
‫ت الحقة تتطلب ضبط النفس مثل العمل على حل ٍ‬ ‫أسرع استسالما ً في اختبارا ٍ‬
‫هندسي أو تمرين قبض اليدين‪ .‬فك ُّل هذه التأثيرات الخاصة بالجهد العقلي الكبير على‬
‫النشاطات الالحقة قد حصلت خارج نطاق وعي المشارك اإلدراكي‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫الدرس الذي يجب أن يستفيد منه المستهلكون هو‪ :‬إذا كنت تحاول جهدك للسيطرة‬
‫نصيحة‬
‫على وجباتك التي تعتبر جزا ً من الرجيم الجديد الخاص بك‪ ،‬فقد تجد نفسك أقل قدرة‬
‫على مقاومة شراء علبة الكعك تلك في المرة التس تذهب بها إلى التسوق‪ .‬فال يكون مبدأ‬
‫الكفاءة العقلية دائما ً هو العدو للمستهلك العاقل؛ فهو أحيانا ً ما يكون مجرد تصوير له‪.‬‬
‫فالتفكير الكثير أو قلة التفكير يجعالننا نقوم بأشياء نندم عليها الحقاً‪.‬‬
‫صل فيهم الخاص بالكفاءة العقلية‪ ،‬فقد‬ ‫وبمعرفة المسوقين أن الناس لديهم هذا الميل المتأ ِّ ّ‬
‫يواجههم خيار أخالقي‪ :‬هو إما أن يُعدوا الممارسات التسويقية على أساس توصيل فكرة‬
‫منتجاتهم وعالماتهم التجارية أكثر كفاءة على الصعيد الحدسي‪ ،‬أو أن يحاولوا " يتالعب‬
‫بالنظام" عن طريق خلق ارتباطات خاطئة يأملون ّأال يالحظها المستهلكون ناتج عن‬
‫مقاومتهم لالشتراك في تقييم واعي ومدروس‪ .‬ونحن هنا ال نحبذ المسلك الثاني أبداً‪ ،‬ليس‬
‫ألنه مضلل أو الأخالقي فحسب‪ ،‬بل ألنه قائم على مقترح زائف‪ .‬ويُعتبر المستهلكين‬
‫الحدسيين أقدر على معرفة االرتباطات الزائفة من مما قد يعتقده أولئك المسوقين عديمي‬
‫الضمير‪.‬‬

‫لفت انتباهنا لكل ما هو جديد‬


‫خذ هذا السيناريو كمثال (وقد طرحه جيف هاوكنز في كتابه الذكاء }كتب الوقت{ )‪،‬‬
‫يوم ما أنك تمشي في مكتبك المبعثر والفوضوي‬ ‫فيسرد السيناريو ما يلي‪ :‬افرض في ٍ‬
‫تر ذلك الكوب‬‫وتالحظ كوب قهوةٍ أزرق اللون موضوعا ً على مكتبك‪ ،‬مع العلم أنك لم َ‬
‫مسبقا ً وتعرف أنه جديد‪ .‬فكيف قمت بذلك الفعل؛ أي مالحظة شيءٍ جديد من بين كل تلك‬
‫األشياء األخرى في الغرفة؟‬
‫واإلجابة هي أنك تمرن بنية أساسية في الجانب الوظيفي للعقل؛ فعقلك ال يالحظ العالم‬
‫حوله بسلبية‪ ،‬بل أن يتنبأ مسبقا ً بما يتوقع رؤيته (أو يشعر به) في كل لحظة‪ .‬ففي هذا‬
‫المثال‪ ،‬كنت قادرا ً على مالحظة كوب القهوة األزرق مباشرة ً ودون بذل أدنى جهد؛‬
‫وذلك ألنه –وحده‪ -‬يتعارض مع تنبؤات عقلك بما يتوقع رؤيته في الغرفة‪.‬‬
‫ما الحداثةُ إال داللة على وجو ِّد خطأ في عملية التنبؤ‪ ،‬والتي تسمى أيضا ً خرقا ً لعملية‬
‫التوقع‪ .‬فكلما يتعارض شي ٌء ما مع توقعاتك ‪ ،‬فستزيد فرصة تفاجؤنا به وتزيد الحداثة‬
‫من المصدر الذي يُعزى إلى هذا الخرق‪ .‬إنما عقولنا مجبولة على تنبيه عقلنا الواعي لما‬
‫تحوالً في االنتباه تجاه‬
‫يحدث من خروقات لتوقعاتنا‪ .‬وتكون نتيجة هذه العملية عادة ً ُّ‬
‫الشيء الجديد‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫للمسوقين؛ وذلك ألنها غاية أساسية‬
‫ّ ِّ‬ ‫اهتمام‬
‫ٍ‬ ‫مصدر‬
‫َ‬ ‫تحذير! من الواجب أن تكون هذه العملية‬
‫في مالحظة أي مغلف بضاعة جديدة موضوعة على رفوف المتاجر أو في‬
‫اإلعالنات على التلفاز خالل وقت ذروة تواجد المشاهدين أمام شاشته وهو الذي سيجذب‬
‫ي للحداثة‬
‫جانب سلب ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫انتباه الناس والذي يبرز المنتج من بين كل تلك الضجة‪ .‬إال أن هناك‬
‫وهو أنها ال ترتبط تلقائيا ً مع ردود الفعل العاطفية‪ .‬أما في المقابل‪ ،‬فإن العقل يميل إلى‬
‫االقتراب مما هو حديث بحذر‪ .‬ومن األعراض الجانبية لالنتباه هو اليقظة‪ ،‬ألن كل ما‬
‫هو جديد وغير معروف قد يكون خطرا ً أو مسببا ً لألذى؛ لذا يأتي انتباهنا لكل ما هو‬
‫جديد مع لمسة من التناقض‪ :‬حيث أننا ننجذب إلى ما هو حديث ألنه يمكننا التعلم منه‪ ،‬إال‬
‫أننا في العادة ال نحبّذه حتى يصبح أقل حداثة‪.‬‬
‫يرى المسوقون في األغلب هذا التأثير عندما يقدمون منتجا ً جديدا ً للمستهلكين أو تصاميم‬
‫جديدة للمنتجات‪ .‬وهم يجدون في الكثير من األحيان أن البديل ذا التقييم العالي " المختلف‬
‫والجديد" قد قُ ِّيّم على أنه أقل تفضيالً لدى الناس‪.‬‬
‫ففي سياق النشوءنا‪ ،‬فقد ساعدنا انتباهنا لكل ما هو جديد على النجاة ألنه يم ّكننا من‬
‫معرفة الجديدة وتقلل من المخاطرة والشك في حياتنا‪ .‬وكلما تعلمنا عن كل ما هو جديد‬
‫في بيئتنا‪ ،‬فإن توجهنا تجاهها يتغير‪ .‬فهي تصبح أقل حداثة ونتحول من حالة االنجذاب‬
‫إلى الحداثة إلى راحة الموجودة عندما نألف تلك األشياء‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫بعث الراحة فينا من خالل مدى ألفة األشياء‬
‫قوة ً لسلوك المستهلك‪ .‬وكما هي الحال في انجذابنا إلى‬ ‫تُعتبر األلفة إحدى أكثر المحفزات ّ‬
‫ما هو جديد‪ ،‬فإن انجذابنا إلى ما هو مألوف يضرب جذورا ً في أصل نشؤنا‪ .‬فبالرغم من‬
‫أن الحداثة تنبهنا للفرص المتاحة للتعلم منها‪ ،‬فإن األلفة تنحنا إحساسا ً بالراحة بما قد‬
‫تعلمناه مسبقاً‪ .‬فإذا كان شي ٌء ما مألوفا ً لدينا‪ ،‬عندها نتمكن من يحدد جهذا ً عقليا ً أقل بكثير‬
‫تجاهه‪ .‬فنكتسب إحساسا ً متزايدا ً باليقين دون بذل الكثير من الطاقة العقلية اإلضافية‪ ،‬فمن‬
‫الواضح أن هذه صفقة جيدة فيما يخص أدمغتنا البخيلة إدراكياً‪.‬‬
‫مصدر رئيسي لتفضيل المنتجات والعالمات‬‫ٌ‬ ‫تُعدُّ األلفة مه ّمةً لباحثي التسويق ألنها‬
‫التجارية‪ .‬وبسبب كون المستهلكين ذوي بخل إدراكي فإنهم يتخذون القرارات بالشراء‬
‫باستخدام التحكم المتكاسل وذلك بدالً من التفكير المدروس‪ ،‬وبالتالي تُصبح األلفة‬
‫المرشد(بصنعها طرقا ً مختصرة التخاذ القرارات) الذي يُساعدهم في تحديد خياراتهم‬
‫اختيار نهائي‪ .‬وتيُعتبر دى ألفة المنتج والسعر هما أكثر شيءٍ العوامل‬
‫ٍ‬ ‫واإلقدام على‬
‫المشهودة في اختيارات المستهلكين‪.‬‬
‫تولّد ُ مشاعر إجابية‪ ،‬بمعزل عن‬
‫وقد اكتشف علماء النفس االجتماعي أن األلفة بح ِّدّ ذاتها ِّ‬
‫مميزات العنصر المراد‪ .‬ومن خالل عملية معالجة عقلية تسمب بـتأثير التعرض‬
‫المحض لشيءٍ ما يميل إلى زيادة التفضيل له‪ -‬مهما كان – وحتى إذا كنا ال نملك سببا ً‬
‫آخر لتفضيلنا له‪ .‬خ َّمن العلماء أن االرتباط التلقائي بين األلفة والتفضيل هما السبب‬
‫الرئيسي لكون األلفة مرتبطة أكثر بتفضيل المستهلك‪.‬‬
‫التعرض‬‫ُّ‬ ‫وأظهرت الدراسات أيضا ً أن المستهلكين هم عموما ً غير مدركين لتأثير‬
‫المحض ينسبون –أو على نح ٍو أصح سيسؤن نسب‪ -‬مشاعرهم اإليجابية تجاه العالمات‬
‫تشوه ص َّحة أراء‬
‫ت ّ ِّ‬‫التجارية المألوفة لمميزاتها المتأصلة فيها‪ .‬وهذه إحدى عدة انحيازا ٍ‬
‫المستهلكين التي يُعبرون فيها عن تفضيلهم للمنتجات والعالمات التجارية (انظر الفصل‬
‫‪.)15‬‬
‫قوة األلفة وتأثير التعرض المحض تمتلك وعلى األقل ثالثة مضامين رئيسية‬
‫ويُفهم أن ّ‬
‫للتسويق والدعاية وسلوك المستهلك وهي كاآلتي‪:‬‬

‫✓ أن األلفة هي عنصر أساسي في تساوي العالمات التجارية‪ ،‬باألخذ بعين االعتبار‬


‫لكثير من إيجابيات المتجر الخاصة بالعالمات التجارية الرائدة (انظر الفصل ‪.)9‬‬
‫ٍ‬

‫‪93‬‬
‫منتج أو عالم ٍة تجارية معينة من مونها جديدة‬
‫ٍ‬ ‫✓ يُوفّر التعرض المحض آليةً لتحويل‬
‫إلى كونها مألوفة‪ .‬فإن الكثير من طرق التسويق كالعينات المجانية أو "العروض‬
‫التقديمية" تمتلك تأثيرا ً في زيادة التعرض للمنتجت الجديدة التي يأمل المسوقون أن‬
‫تُترجم إلى جعلها مألوفة لديهم وتفضيلهم لها وتكرار شراءها (انظر الفصل ‪.)10‬‬

‫✓ ويذهب التعرض المحض باتجاه تفسير السبب وراء كون الدعاية واألعالن يجديان‬
‫نفعاً‪ ،‬حتى وإن أقسم الناس على أنهم ليسوا متأثرين بها مطلقا ً (انظر الفصل ‪.)11‬‬
‫هنالك بالطبع حدود للتأثير العاطفي اإليجابي الخاص باأللفة؛ وذلك ألن التفضيل ال‬
‫يزداد بالتكرار أبداً‪ .‬فهو في نقط ٍة ما سيكون مزعجا ً أو ممالً بكل بساطة‪ ،‬مما يحول‬
‫االرتباطات العاطفية من اإليجاب إلى السلب‪ .‬أما بالنسبة إلى الحداثة‪ ،‬فإن الكثير من‬
‫األلفة قد يؤدي إلى تجنب الناس للمنتج بدالً من االقتراب منه‪.‬‬
‫تكمن المشكلة الرئيسية لدى المسوقين في تحديد متى وأين يمكنهم تحدث نقاط التحول‬
‫تلك‪.‬‬

‫اإلبقاء على األشياء سهلة‬


‫باستخدام معالجة السالسة‬
‫تعني معالجة السالسة مدى السهولة التي يمكن من خاللها تفسير الشيء أو الموقف‬
‫وفهمه من قِّبل العقل‪ .‬وهي تؤثر في قدرتنا على تشكيل انطباعات أو تحديد المعنى‬
‫والقيمة‪ .‬وتميل معالجة الصياغة‪-‬حالها كحال األلفة‪ -‬إلى زيادة المشاعر اإليجابية‪ ،‬ولكنها‬
‫تفعل ذك من خالل استخدام آلية مختلفة‪ .‬فتخلق األلفة التفضيل من خالل تكرار التعرض‬
‫لشيءٍ ما‪ ،‬بينما تقوم معالجة السالسة بذلك من خالل سهولة المعالجة الذهنية لشيءٍ ما‪.‬‬
‫وقد أظهرت دراساتٌ عديدة أن معالجة السالسة يمكن أن تمتلك تأثيرات على أحكام‬
‫الناس وقراراتهم‪ ،‬وكثير منها ترتبط بشدّة بالتسويق وبحوثه وهي كاآلتي‪:‬‬

‫ساخر‪ ،‬عندما يمتلك شي ٌء ما درجة عالية من معالجة‬


‫ٍ‬ ‫✓ األلفة والتفضيل‪ :‬فعلى نح ٍو‬
‫السالسة‪ ،‬فيمكنه أن يبدو أكثر ألفةً حتى إذا لم يكن كذلك‪ ،‬جاعالً الناس يشعرون بإيجابي ٍة‬
‫أكثر تجاهه من إذا ما كان أقل سهولةً في المعالجة‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫✓ الحقيقة‪ :‬إن البراهين والروايات التي يَس ُهل قراءتها هي أكثر احتمالية أن تبدو بأنها‬
‫بألوان يسهل قراءتها بأنها صحيحة أكثر‬
‫ٍ‬ ‫صحيحة‪ .‬فيُحكم على الروايات الواقعية المقدمة‬
‫بألوان صعبة القراءة‪ .‬فالمقوالت الشعبية المقدمة في قوافٍ هي‬
‫ٍ‬ ‫من الوقت الذي تُقدم فيه‬
‫أكثر ارتباطا ً وص َّحةً من تلك التي ال قافية لديها‪.‬‬

‫✓ الجمال‪ :‬تُعتبر الوجوه األكثر تناسقا ً ذات جاذبية أكبر‪ .‬فاألشياء التي تمتلك تناسقا ً و‬
‫تباينا ً كبيرين بين الواجهة والخلفية ‪ ،‬وتلك ذات األنماط التي يُمكن توقعها هي أكثر‬
‫ارتباطا ً كلما كانت مبهجةً جمالياً‪.‬‬

‫أسهم‬
‫ٍ‬ ‫✓ المخاطرة‪ :‬إن الشركات الطرح العام األولي الجديدة (‪ )IPO‬التي تمتلك رموز‬
‫أشهر لها من‬
‫ٍ‬ ‫يمكن لفظهاال (على سبيل المثال‪ )KAR :‬تعمل بشك ٍل أفضل في أول ستة‬
‫تلك الشركات التي لتمتلك رموزا ً ال يمكن لفظها (مثالً‪ .)XXY :‬فالمدينة المالهي ذات‬
‫األسماء صعبة اللفظ مرتبطة بكونها أكثر متعة ومغامرة ً من تلك التي تمتلك أسماء سهلة‬
‫اللفظ‪ .‬وتبدو اإلضافات الغذائية ذات األسماء صعبة اللفظ أكثر ضررا ً من تلك اإلضافات‬
‫التي يُمكن لفظ أسمائها‪.‬‬
‫✓ التفحص والتعلم‪ :‬إن المواد التي يسهل معالجتها هي أكثر احتمالية أن تكون متَف ّحصةَ‬
‫ص أكثر‪ ،‬وجذب إنتباه أكبر‬ ‫بعناية‪ .‬أما ن جهة أخرى‪ ،‬قد تؤدي عدم السالسة إلى تف ّح ٍ‬
‫للتفاصيل‪ ،‬وقدرة أكبر على تذكرها‪ .‬فالطالب الذين يقرأون دروسا ً ذات خطوط صعبة‬
‫ت أعلى في االختبارات من أولئك الذين قرأوا الدروس ذاتها‬ ‫القراءة قد أحرزوا عالما ٍ‬
‫بخطوطٍ سهلة القراءة (انظر الفصل ‪.)22‬‬

‫وكما هي الحال في بعض تأثيرات األلفة والتكرار التفضيل‪ ،‬فإن تأثير االعتقادات‬
‫الخاطئة عن سالسة الصياغة تميل ألن تكون غير معروفة؛ ألنها تحدث في الالوعي‪.‬‬
‫مفاجئ – تزول‪ .‬لذا‪ ،‬فنحن قادرون على‬‫ٍ‬ ‫فعندما تُف ّ‬
‫سر للناس‪ ،‬فإن التأثيرات –وعلى نح ٍو‬
‫إهمال تأثيرات معالجة السالسة‪ ،‬ولكننا نحتاج ألن نكون على وعي ٍ بها بغيةَ إهمالها‪.‬‬
‫لكثير من هذه‬
‫ٍ‬ ‫وإنه ربما يكون من الصحيح ّأال يكون المستهلكون والمسوقون مدركين‬
‫المؤثرات وتأثيرها المهمل على أحكام المستهلك وقراراته وسلوكه‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫وتندرج ثالثة نصائح يقدمها التسويق العصبي من هذه األمثلة الخاصة بالمعالجة‬
‫نصيحة‬
‫السالسة وهي كاآلتي ‪:‬‬

‫✓ إذا أردت أن بداية جديدة نحو تفضيل منتجك‪ ،‬اجعل اسم منتجك سهل اللفظ‪.‬‬

‫إعالن جديد‪ ،‬فاجعله إعالنا ً بسيطا ً وتذ َّكر أن السالسة أو‬


‫ٍ‬ ‫✓ عندما تعرض منتجك في‬
‫عدمها في كيفية حديثك عن منتجك سينتقل إلى المنتج نفسه‪.‬‬

‫✓ عندما تعرض معلومات عن منتجٍ في وسائل االتصال التسويقية‪ ،‬فقم بتشكيل وعرض‬
‫رسالتك بحيث تسهل المعالجة الذهنية السلسة وذلك من خالل جم ٍل قصيرة والكثير من‬
‫المساحة البيضاء في اإلعالن باإلضافة إلى الرسومات التوضيحية التصويرية وما إلى‬
‫ذلك‪.‬‬

‫✓ أما بالنسبة إلى صنّاع القرار والقوانين‪ ،‬فأعر االنتباه إلى تأثيرات سالسة المنتج‬
‫عندما تتواصل مع مستهلكين يحتمل أن يشكلوا لك خطراً‪ .‬وكن على حذر من أن‬
‫المنتجات المطوية على وجود مخاطر فيها فقد يُنظر إليها على أنها منتجات آمنة وذلك‬
‫ألن أسماؤها سهلة اللفظ‪.‬‬

‫العقل الالواعي يثبتنا أيضا ً‬


‫كانت عملية التفكير الالواعي منبوذة على أنها عمليةٌ بسيطة وغبية إلى ح ٍد ما‪ .‬إال أن‬
‫علم الدماغ المعاصر كشف أن هذه العمليات الذهنية تلعب دورا ً أكثر فعالية في الكثير‬
‫نت القدرات العقلية التي نُث ّمنها على أنها قدرات بشرية فريدة‪ ،‬متضمنة اإلبداع والتعلم‬
‫والملكة اللغوية وتحقيق أهدافنا ومخططاتنا‪.‬‬

‫مبدأ النجاة في التفكير الالواعي‬


‫ى واعٍ‬
‫لم يُعتبر ‪ -‬وعلى مدار تاريخ وفلسفة العلوم ‪ -‬النشاط الذهني بأنه على مستو ً‬
‫بطبيعته وعلى نح ٍو سائد إال مؤخراً‪ ،‬حيث أن هناك عمليات ذهنية على المستوى‬
‫‪96‬‬
‫عذّت كمصادر متقطعة لالمنطقية أو االضطراب كما هو الحال في المعتقد‬ ‫الالواعي ُ‬
‫الفرويدي‪ 1‬عن العقل الباطن المتصف بالعناد والخطورة‪ .‬أما في الوقت الحاضر‪ ،‬يقوم‬
‫علماء الدماغ البشر بتغيير العقل الواعي بالعقل الالواعي ببطئ وجعله مركز النشاط‬
‫التحول بقدر أهمية و عمق التحول في علم الفلك الذي كان‬
‫ُّ‬ ‫الذهني البشري‪ .‬ويُعتبر هذا‬
‫يعتقد بأن األرض هي مركز النظام الشمسي ثم تغير هذا االعتقاد إلى أن الشمس هي‬
‫مركز هذا النظام الشمسي‪.‬‬
‫إن المنظور الناشئ هذا منقاد ٌ بشك ٍل كبير من ِّق َبل إدراك أكبر لألصول التطورية والقيم‬
‫التكيفية للعقل الالوعي‪ .‬فتُعدُّ النشاطات العقلية التي تحدث ما دون مستوى الوعي‬
‫اإلدراكي اآلن نظاما ً سلوكيا ً توجيهيا ً والذي ُ‬
‫ط ّ ِّور ليساعدنا على البقاء آمنين وعلى‬
‫العمل بكفاءة في الوقت الحالي وذلك دون االضطرار إلى بذل الكثير من الجهد اإلدراكي‬
‫في ذلك‪.‬‬
‫وقد أسس هذا النظام التوجيهي على أربعة أنظمة عقلية منفصلة يُمكنها أن تُف ّعل مباشرة ً‬
‫ومن دون وعي من قِّبل التغييرات في بيئتنا ومن ث َّم تحفيز القيام بالسلوكيات دون تدخل‬
‫من العقل الواعي وهي كاآلتي‪:‬‬

‫✓ نظام اإلدراك الحسي‪ :‬وهو يوجهنا إلى كيفية أخذ انطباعات ما و يوجه انتباهنا‬
‫وأجسادنا إلى العالم الحسي‪.‬‬

‫✓ النظام التقييمي‪ :‬وهو يوجه سلوك االقتراب واالبتعاد المبني على التقييمات التلقائية‬
‫التي تحدث كجزءٍ من تفسيراتنا وفهمنا لموقفٍ معين‪.‬‬

‫✓ النظام التحفيزي‪ :‬والذي يوجه متابعة األهداف واإلنجازات الالواعية عبر التفعيل‬
‫الالواعي لألهداف عند ردود الفعل واألحداث الخارجية‪.‬‬

‫✓ النظام العاطفي‪ :‬والذي يوجه التفعيل الالواعي لألهداف والحاالت التحفيزية عبر‬
‫التأثير الالواعي للحالالت العاطفية مثل المزاج وردود الفعل اإليجابية والسلبية‪.‬‬
‫فكل األنظمة الالواعية تلك تشكل مع بعضها بعضا ً أساس سلوكياتنا اليومية وتوجهاتنا‬
‫ى عا ٍل؛ فقد خدمتنا جيدا ً عندما‬
‫ألي موقف حالي نواجهه‪ .‬فهي مرنة ومتكيفة على مستو ً‬
‫ت صغيرة وننام على األشجار‪ ،‬وتستمر في خدمتنا في‬ ‫كنا نعيش قديما ً في مجموعا ٍ‬

‫‪97‬‬
‫عالمنا المعاصر بما في ذلك العالم المعقد بازدياد الخاص بالتسوق والشراء واستخدام‬
‫المنتجات التجارية‪.‬‬

‫لماذا ال نكون مدركين لعقلنا الالواعي‬


‫يُعتقد أن الدماغ البشري هو سلسلة من الطبقات مثل كالمبنى ذو العدة طوابق والذي قد‬
‫أسس قبل ماليين السنين طبقة فوق طبقة‪ .‬فالطبقة األدنى تتولى وظيفة تدبير شؤون‬
‫جسدنا‪ ،‬كالحفاظ على درجة حرارة جسمنا وتبقي على نبض قلوبنا‪ ،‬وهذا ما يُسمى‬
‫طو َر مؤخرا ً بشك ٍل أكبر من سابقه‬
‫بالدماغ الزاحف‪ .‬وفوق تلك الطبقة يوجد ما هو قد ّ ِّ‬
‫والمسمى دماغ الثدييات‪ ،‬حيث تكمن الكثير من العمليات الالواعية والتلقائية‪ .‬فهذه‬
‫العمليات الذهنية قد اختيرت وحفظت من قِّبل تطور قيمة البقاء وذلك قبل وجود اإلدراك‬
‫فينا بكثير‪ ،‬وقد ورثناها نحن‪ .‬أما الطبقة العليا والتي تعتبر أحدث إضافة في دماغنا‪،‬‬
‫وهي الدماغ البشري الفريد من نوعه‪ ،‬حيث يوجد عقلنا الواعي وانعكاس شخصيتنا‪.‬‬
‫وبالرغم من أن بعض األجزاء في دماغنا أقدم من غيرها‪ ،‬إال أنه من المهم أن نتذكر أنها‬
‫كلها تستمر في التطور معاً‪ ،‬فال يجب أن يُنظر إليها على أنها دماغ ٌ قديم يصارع دماغنا‬
‫الحديث‪.‬‬

‫إن السبب الرئيس وراء كوننا غير مدركين لعقلنا الباطن هو الكيفية التي بنيت على‬
‫ط على نح ٍو كبير مع العالم الخارجي وذلك من خالل‬ ‫أساسها أدمعتنا‪ ،‬فعقلنا الواعي مرتب ٌ‬
‫إدراكنا له بحواسنا‪ ،‬إال أنه أقل ارتباطا ً مع العالم الداخلي الخاص بالمستوى األدنى للعقل‬
‫أي العقل الزاحف وعقل الثدييات الذي نشأنا عليه قديماً‪ .‬وهذا األمر يشابه ركوبنا‬
‫مصعدا ً يصعد مباشرة ً إلى سقيفة منز ٍل ما؛ حيث أن بصعودك إلى السقيفة ستجد منظرا ً‬
‫جميالً من األعلى ولكنك لن تمتلك الفرصة لتقابل جيرانك الذين يعيشون في الطوابق‬
‫السفلية‪.‬‬
‫إال أنه عندما تفكر بفعلية‪ ،‬فإنك ستالحظ وبسهولة السبب الذي يقبع وراء تطور الترتيب‬
‫الذهني هذا بهذه الطريقة‪ .‬تكمن الفائدة العظيمة الخاصة بعقولنا الواعية في قدرتها على‬
‫التذكر والتعلم من الماضي وتطبيق ما تعلمناه للتخطيط للمستقبل‪ .‬قد نكون أقل فاعلية‬
‫في فعل ما سبق وذلك إذا ما كرسنا معظم انتباه عقلنا الواعي إلى إدارة كل تفصيل من‬

‫‪98‬‬
‫تفاصيل توجيه أنفسنا في الحاضر‪ .‬لذا‪ ،‬فإن عقلنا الباطن يتولى الكثير من تلك المهام‬
‫بالنيابة عن عنا‪ .‬ويعمل العقل الالواعي على تثبيتنا في كل لحظة‪ ،‬مما يجعلنا –على‬
‫األغلب‪ -‬آمنين وقادرين على أداء مهامنا فيمكننا استخدام عقلنا الواعي لألشياء أكثر‬
‫أهمية كالتعلم والتخطيط‪.‬‬

‫كيف يمكننا اتخاذ القرارات دون التفكير بها‬


‫سِّن عقلنا الواعي من أجل التعلم والتخطيط وليس اتخاذ القرارات‪ .‬وقد يكون هذا‬ ‫لقد ُح ّ‬
‫والمسوقين‪ ،‬لكن هذا هو الدرس‬
‫ّ ِّ‬ ‫االستنتاج صدمةً للكثير من للمختصين في االقتصاد‬
‫األفضل في حقل االقتصاديات السلوكية‪ .‬فنحن ال نستخدم عقلنا الواعي التخاذ القرارات‬
‫إال إذا أُجبرنا على ذلك‪ ،‬ربما يكون السبب في ذلك أن أكثر المضامين أهمية في قاعدة‬
‫الكفاءة اإلدراكية هو أن عقلنا الواعي هو بخي ٌل إدراكياً‪ ،‬فاتخاذ القرارات يتطلب بذل‬
‫الكثير من "العملة" اإلدراكية‪ ،‬وبهذا تتجنب عقولنا اتخاذ القرارات في العقل الواعي‬
‫حين يمكن ذلك‪.‬‬
‫طوروا طرقا ً في الالوعي تدعم الكفاء‬
‫وكما نستعرض في هذا الفصل‪ ،‬فالبشر قد َّ‬
‫اإلدراكية لديهم‪ .‬وعندما يتم تطبيق الطرق المختصرة تلك عند وجود مشكلة في‬
‫االختيار‪ ،‬تسمح هذا الطرق لنا بتحويل القرارات المحتملة التي تتطلب جهدا ً ذهنيا ً كبيرا ً‬
‫إلى ردود الفعل السريعة والبسيطة‪.‬‬
‫طور البشر الكثير من المصطلحات لوصف القرارات "السريعة والرديئة" هذه مثل‪:‬‬ ‫كما ّ‬
‫األحكام المفاجئة والقرارات الحدسية وردود الفعل السريعة و الخاطفة‪ .‬إال أن جميع هذه‬
‫فحص داخلي للمشاعر من‬‫ٍ‬ ‫المصطلحات تتشارك في صفة رئيسية وهي أنها تحل محل‬
‫أجل مراعاة إدراكية أكثر إلحاحا ً للوقائع الخارجية‪.‬‬
‫ويُعدُّ دور المشاعر والعواطف في سلوكيات المستهلك ذا أهمية كبيرة حيث أننا سنكرس‬
‫فصالً كامالً في الحديث عنه (الفصل ‪ .)6‬أما اآلن‪ ،‬سننوح فقط إلى أننا نتخذ القرارات‬
‫دون التفكير بها وذلك عن طريق قراءة اإلشارات العاطفية والتي تعتبر طريقة أساسية‬
‫على نح ٍو كبير أو للتجنب تلك واإلشارات حيث أننا قد أسسنا على نظامنا العصبي‬
‫مباشرة وذلك عن طريق خبراتنا السابقة أو –بعض الحاالت‪ -‬أو موروثا النشوئي‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫متدن جدا ً في عقولنا والذي نادرا ً ما نكون‬
‫ٍ‬ ‫ى‬
‫وتحدث هذه العملية بسرعة كبيرة في مستو ً‬
‫مدركين له‪.‬‬

‫توجيهات االستحضار الذهني‪ :‬التأثير غير المدرك‬


‫ت سلوكية وتطرح‬ ‫تمتلك مناقشة مؤثرات العقل الالواعي تأثيرا ً مباشرا ً على افتراضا ٍ‬
‫سؤاالً مهما ً وهو إذا ما كانت العوامل الخارجية تستطيع التأثير على سلوكياتنا مباشرة ً‬
‫دون مرورها على عقلنا الواعي‪ ،‬ثم كيف تقوم بذلك؟ وبأي آلية بديلة تحقق هذا التأثير‬
‫شبه السحري؟ تُسمى اآللية التي تؤدي هذه المهمة بآلية االستحضار الذهني وتسمى‬
‫بالمستحضرات الذهنية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫محفزات االستحضار الذهني‬
‫يُعتبر االستحضار الذهني عملية تجري في العقل الالواعي‪ .‬فتحث هذه العملية سريعا ً‬
‫وعلى نح ٍو تلقائي دون بذل أي جهد‪ .‬ويطلق اسم التفعيل الترابطي على العملية الذهنية‬
‫التي يحدث داخلها االستحضار الذهني‪ .‬فهذه العملية معروفة جدا ً هند علماء النفس حيث‬
‫تصف كيفية يفعل التعرض لفكرةٍ ما في عقولنا تلقائيا ً أفكارا ً أخرى مرتبطة في تلك‬ ‫ْ‬
‫الفكرة الموجودة في عقولنا‪ ،‬حيث أنها يمكنها الحقا ً أن تح ِّفّز ردود فع ٍل جسدي ٍة‬
‫ت معقدةٍ جدا ً كاألفعال واألقوال‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬عندما ترى إعالنا ً عن‬ ‫وسلوكيا ٍ‬
‫تحضر وعا ًء‬ ‫ُ‬ ‫البيتزا على التلفاز فيمكن لذلك أن يستحضر عملية األكل‪ ،‬وقد تجد نفسك‬
‫من رقائق الذرة في الفاصل اإلعالني التالي‪ ،‬وهذا ما يسمى باالستحضار الذهني‪ .‬يعتمد‬
‫التفعيل االرتباطي على نزعة متأصلة في عقولنا في تخيل أي موقفين يحدثان تعاقبيا ً‬
‫كالمسبب وتأثيره‪ .‬وهذا ليس تطورا ً منطقياً‪ ،‬ولكنها طريقة إلعداد جسدنا للفعل المحتمل‪.‬‬
‫قد يحتمل أن يكون التفعيل االرتباطي الذي يحدث عن طريق توسيع أي ارتباطات في‬
‫ذاكرتنا طويلة األمد‪،‬مرتبطا ً مع االرتباطات المفترضة التي نتخيلها‪ .‬وتوسع هذه‬
‫ت ذهنية أخرى في سلسلة مندفعة منها والتي تنتج بسرعة‬ ‫االرتباطات بدورها ارتباطا ٍ‬
‫في مناطق أكبر في الذاكرة والتي وجدت لتكون جاهزة لمساعدتنا في فهم واالستجابة‬
‫لعالقة المسبب والتأثير المتَخيَّلة‪ .‬ويحدث هذا كلَّه قبل أن يستطيع عقلنا الواعي تطبيق‬
‫استجابة منطقية مدروسة لموقفٍ ما‪.‬‬

‫مثال على التفعيل الترابطي‬

‫‪100‬‬
‫ت ذهني ٍة في عقلك ولم‬ ‫✓تم تفعيل ارتباطا ٍ‬ ‫إقرأ الكلمات اآلتية‪:‬‬
‫يستحضرها العقل الواعي كله بل ُج ِ ّهزت ليتم‬
‫استحضارها في العقل الواعي‪ .‬وقد أصبحت‬ ‫زبدة الفستق‬
‫أكثر جاهزية إلدراك واالستجابة لألشياء والمفاهيم‬
‫المرتبطة باالختناق وزبدة الفستق‪.‬‬ ‫االختناق‬

‫لقد حدثت عدة أشياء بعد تعرضك المباشر‬


‫ق أخرى قد تحدث فيها‬ ‫ٍ‬ ‫طر‬ ‫في‬ ‫بالتفكير‬ ‫قمت‬ ‫لقد‬ ‫✓‬
‫لهاتين الكلمتين على التوالي‪:‬‬
‫النتيجة المؤسفة التي تخيلتها‪ ،‬وكنتيج ٍة لذلك‪ ،‬كنت‬
‫قدر من الجاهزية للتفكير في كلما ٍ‬
‫ت مرتبط ٍة‬ ‫✓ لقد تخيلت مباشرة ً سلسلة من االرتباطات على ٍ‬
‫ت أخرى مثل هذه‪.‬‬ ‫ً مع سيناريوها ٍ‬
‫العادية بين كلتا الكلمتين مشكالً مشهدا ً قصصيا‬
‫يضمن تسبب زبدة الفستق باالختناق‪.‬‬
‫✓قمت بتقدير احتمالية أو تكرار حدوث هاتين‬
‫✓لقد قمت باستجابة جسدية لهذه القصة الفكرتين معاً‪ .‬وبسسب كون هاتين الكلمتين ال‬
‫المتخيلة‪ ،‬كأنها كانت تحدث معك تقريباً؛ فقد تتصاحبان معا ً في العادة‪ ،‬فإنك تتعرض لدرحة‬
‫تعرضت لبعض من الصور والذكريات معتدلة من المفاجئة‪.‬‬
‫المزعجة‪ ،‬وتوعك وجهك قليالً بتعبير‬
‫واقشعر فك ُّل هذه التأثيرات تحث خارج نطاق إدراكك‬ ‫َّ‬ ‫االشمئزاز وازدادت نبضات قلبك‪،‬‬
‫الواعي‪.‬‬ ‫بدنك بدأت بالتعرق‪.‬‬

‫معين في عقلك؛ أي أنك قد مالحظة‪ :‬تم اشتقاق هذا المثال مع القليل من‬
‫ٍ‬ ‫تحذير‬
‫ٍ‬ ‫✓ تم تفعيل‬
‫التعديل من كتاب التفكير‪ :‬السريع والبطيء‬ ‫ي ٍ مؤقت‪.‬‬
‫نفور عاطف ّ‬
‫تعرضت إلى ٍ‬
‫(‪ )Thinking, Fast and Slow‬للكاتب دانيال‬
‫كانمان (‪ )Daniel Kahneman‬للشركة النشر‬
‫(‪)Farrar, Straus and Giroux‬‬

‫يُعتبر االستحضار الذهني نتيجةً ثانوية من عملية التفعيل االرتباطي‪ ،‬فعندما يتم تفعيل‬
‫فكرةٍ ما فكرة ً أخرى ‪ ،‬فيمكننا القول أن الفكرة األولى استحضرت الفكرة الثانية‪ .‬فعندما‬
‫ينتج سلوكٌ ما عن سلسلة تفعيالت ذهنية‪ ،‬هنا يمكننا القول أن السلوك كان قد است ُ ِّ‬
‫حض َر‬
‫قياس‬
‫من ِّق َبل فكرةٍ قد قامت فعلت تلك السلسلة‪ .‬ويُعد تأثير االستحضار الذهني الناتج أداة ٍ‬
‫(المستحضر) وفكرة أخرى أو فعل (تأثير‬
‫ِّ‬ ‫لقوة االرتباطات الذهنية الموجودة بين الفكرة‬
‫االستحضار الذهني)‪ .‬ومن خالل قياس تأثيرات االستحضار الذهني‪ ،‬يمكن لعلماء الدماغ‬

‫‪101‬‬
‫مباشر فقط في العالم‬
‫ٍ‬ ‫والمستخدمي التسويق العصبي أن يمعنوا النظر فيما إذا كان غير‬
‫غير المرئي لالرتباطات الذهنية واالستجابات السلوكية التلقائية‪.‬‬
‫ازدادت بحوث االستحضار الذهني بشك ٍل هائل في العقد الماضي وأدت إلى الكثير نت‬
‫األمثلة الخادعة للتأثير الذهني على العقل دون إدراكها والتي تتعلق بالتسويق وسلوكيات‬
‫المستهلك‪ .‬فمن األمثلة على ذلك ما يلي‪:‬‬
‫تستحضر ذهنيا ً سلوكا ً‬
‫َ‬ ‫✓ يمكن لحقيبة ظهر موضوعة بشك ٍل غير واضح في الغرفة أن‬
‫تعاونياً‪ ،‬بينما تستحضر حقيبة برجل األعمال سلوكا ً تنافسياً‪.‬‬

‫✓ يمكن لقطع الحلوى أن تستحضر سلوكيات السعي وراء المتعة والتي ال عالقة لها‬
‫بتناول الحلوى‪.‬‬

‫✓ ويُعدُّ حل األلغاز التي تحتوي على كلمات تتعلق بالعصر القديم قادرا ً على استحضار‬
‫فعل السير البطيء الذي يأتي بعد إكمال االختبار‪.‬‬

‫✓ ويمكن للمال (على سبيل المثال‪ ،‬فاتورة بقيمة دوالر تكون تترك غالبا ً على الطاولة)‬
‫أن تستحضر سلوك الطمع‪.‬‬

‫✓ كما وتستحضر الروائح العطرية الخاصة بمنتجات التنظيف والتي بالكاد يمكن ش ُّمها‬
‫سلوك غسيل اليدين‪.‬‬

‫المتطلّب) أن يستحضر ذهنيا ً األهداف‬


‫ِّ‬ ‫مهم معين (كاألب‬
‫شخص ٍ‬
‫ٍ‬ ‫✓ ويمكن لذكر‬
‫والسلوكيات المتعلقة بذلك الشخص( مثل الجهد الكبير الذي يتطلبه في معالجة مشكلة‬
‫ما)‪.‬‬

‫✓ كما يمكن للتعرض لعالم ٍة تجارية ما أن يستحضر سلوكيا ٍ‬


‫ت متعلقة بتلك العالمة (‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬التعرض لشعار شركة (أبل‪ )Apple،‬التجارية يستحضر سلوك‬
‫اإلبداع عند الناس في االختبارات اإلبداعية)‪.‬‬

‫مستحضرا ٍ‬
‫ت ذهنية يُفترض أن‬ ‫ِّ‬ ‫فمن وجهة نظر التسويق العصبي‪ ،‬فتعتبر اإلعالنات‬
‫تؤثر على السلوك الشرائي في مرحل ٍة الحقةٍ‪ .‬كما وتُعدُّ طريقة عرض المنتجات في‬

‫‪102‬‬
‫ت ذهني ٍة يُفترض أن تؤثر‬ ‫مستحضرا ٍ‬
‫ِّ‬ ‫المتجر والصور الموجودة على أغلفة المنتجات‬
‫على الختيار الفوري في موقفٍ شرائي ما‪ ،‬وهذا األمر مماث ٌل للعالمات الشرائية التي‬
‫ت ذهني ٍة يُفترض أن ترتبط مع المنتجات والشركات الجامدة مع‬ ‫مستحضرا ٍ‬
‫ِّ‬ ‫تعتبر‬
‫مطامحنا وأهدافنا الشخصية العميقة‪.‬‬
‫إن االستحضار الذهني‪-‬بالنسبة إلى التسويق العصبي‪ -‬ما هو إال آلية أساسية تضرب‬ ‫َّ‬
‫جذورها عميقا ً في علم الدماغ الذي يم ّكن التسويق بجميع أشكاله ( كاإلعالنات والعرض‬
‫المبيعات والترويجها والخصومات عليها باإلضافة إلى تفضيل المشاهير لها وحتى‬
‫وضع أسمائها في مالعب البيسبول) من التأثير على موقف المستهلكين وسلوكهم‬
‫الشرائي‪.‬‬

‫كيف تعمل آلية االستحضار الذهني‬


‫عرفت بحوث االستحضار الذهني طريقتين مختلفتين في كيفية عمله‪:‬‬
‫ّ‬

‫المتحضر الذهني‬
‫ِّ‬ ‫✓ االستحضار الذهني االرتباطي‪ :‬وهو ارتباط إدراكي السلبي بين‬
‫ت تتحدث عن العصر القديم‪ .‬فتميل‬ ‫وتأثيره‪ ،‬كالمشي ببطءٍ بعدما يم التعرض إلى كلما ٍ‬
‫المستحضرات الذهنية االرتباطية إلى قصر أجلها وكونها ضعيفة نسبيا ً وذات قوة‬
‫متالشية عبر الزمن‪ ،‬كما وأنه يَسهل تفسيرها‪.‬‬

‫تحفيز فعّال للهدف الذي سيؤثر على السلوك‪،‬‬‫ٌ‬ ‫✓ المستحضرات الذهنية التحفيزية‪ :‬وهو‬
‫فالتأثيرات االستحضار الذهني القائمة على الهدف سواء أكانت قد فُ ِّعّلت بإدراكٍ أو‬
‫بدونه‪ ،‬فإنها تدوم عبر العقبات‪ ،‬وتقل بسرعة عندما يتم تحقيق الهدف‪ .‬وتبدأ‬
‫المستحضرات الذهنية التحفيزية مع تلك االرتباطية‪ ،‬إال أنها تُحفز الحقا ً األهداف‬
‫واالرتباطات الذهنية‪.‬‬

‫والمسوقين بشك ٍل كبير بالنوع الثاني من االستحضار الذهنيز‬


‫ّ ِّ‬ ‫ويهتم التسويق العصبي‬
‫ق نظرة على مناقشتنا لألهداف التحفيزية‬‫وللمزيد من التفاصيل عن هذا الموضوع‪ ،‬أل ِّ‬
‫وسلوكيات المستهلك في الفصل ‪ .7‬وللمزيد من الشرح األعمق في موضوع االستحضار‬

‫‪103‬‬
‫الذهني االرتباطي‪ ،‬انظر مناقشتنا للدراسات المجراة على توقيت االستجابة السلوكية في‬
‫الفصل ‪.17‬‬

‫ِل َم ال يحولنا االستحضار الذهني إلى متسوقين آليين‬


‫لنكن صريحين هنا أن فكرة التأثير على العقل دون اإلدراك له الخاصة بتأثير‬
‫المستحضرات الذهنية على سلوكياتنا دون علمنا به يجعل أغلب الناس يشعرون بالقلق ‪.‬‬‫ِّ‬
‫فنحن نشعر بأننا ضعاف مستسلمين مستسلمين تحت رحمة المسوقين الم ّكارين الذين‬
‫يتستطيعون تحفيز االرتباطات الذهنية في عقولنا حيث اننا ال نمتلك القوة لمقاومتها‪ .‬وقد‬
‫بقي هذا الفكرة موضوع حديث بعض المقاالت الصحافة الشائعة التي تشجب التأثير‬
‫الناجم عن التسويق العصبي ‪ ،‬محذِّّرة ً من االكتشاف الوشيك لما يُسمى بـ "زر الشراء"‬
‫الموجود في أدمغتنا والتي إذا فُ ِّعّل سنتحول إلى "متسوقين آليين" غير قادرين على‬
‫مقاومة إغواء المسوقين لنا‪.‬‬
‫إال أنه وفي الواقع أظهرت بحوث االستحضار الذهني أن الناس ليسوا عاجزين كما‬
‫يبدو‪ ،‬فقد أظهرت العديد من االستنتاجات أن آلية االستحضار الذهني هي في الحقيقة‬
‫ب ذهني غير مرغوب‪ ،‬وقد يمكنها حتى أن توفر دفاعا ً‬ ‫ذات مقاومة عالية ألي تالع ٍ‬
‫المسوقين أن يصلوا إلى‬
‫ّ ِّ‬ ‫الواعيا ً مما يجعل األمر أكثر صعوبة وليس أكثر سهولة على‬
‫عقل المستهلكين وإقناعهم برسائلهم التسويقية‪.‬‬
‫أظهرت البحوث شرطين يتوجب وجودهما في االستحضار الذهني التحفيزي والمبني‬
‫على األهداف حتى يعمل جيدا ً وهما‪:‬‬

‫✓ الفجوة فيما بين الحالي اآلنية وحالة تحقيق الهدف‪ :‬فالشخص الذي يتعرض إلى‬
‫عملية االستحضار الذهني يتوجب أن يكون في فجوة بين كيفية شعوره في الوقت الحالي‬
‫والهدف الذي يتم استحضاره‪ .‬فعلى سيبيل المثال‪ ،‬إذا ما أراد شخص ما أن يخسر ‪5‬‬
‫ي ٍ سيحفّز سلوكا ً يدفعه إلى‬
‫كيلوغرامات من وزنه فإنه سيكون معرضا ً الستحضار ذهن ّ‬
‫ت من وزنه‪،‬‬ ‫تحقيق هدفه‪ .‬أما إذا كان شخص آخر قد حقق هدفه بخسارة ‪ 5‬كيلوغراما ٍ‬
‫المستحضرات الذهنية تل لن يكون لها تأثير عليه‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫فإن‬

‫‪104‬‬
‫✓ الشعور اإليجابي تجاه الهدف‪ :‬فيتوجب هنا أن يكون الهدف أمرا ً يشعر الشخص‬
‫بإيجابي ٍة تجاهه‪ ،‬فالناس ال يستطيعون استحضار فعل شيءٍ ما ال يودون القيام به‪ .‬فإذا لم‬
‫شخص ما أن يبدأ بالتدخين‪ ،‬فإن تحفيزعملية االستحضار الذهني باستخدام شعار‬
‫ٌ‬ ‫يُرد‬
‫رجل المرلبورو (‪ )Marlboro Man‬الخاص بإحدى عالمات السجائر التجارية بأن‬
‫يدفعه إلى التدخين‪ .‬فال يخلق االستحضار الذهني أهدافاً‪ ،‬بل هو فقط يوجه السلوك تجاه‬
‫أهدافٍ موجودة أصالً‪.‬‬

‫يؤثر وجود تأثيرات هذه الشروط يدعم فكرة أن االستحضار الذهني ما هو إلى ألية‬
‫صتنا‪ ،‬فإنها لما اختيرت من قِّبل تطورنا‬
‫تكيُّفية‪ .‬فإذا كانت تعمل ضد فرص البقاء خا َّ‬
‫ونشوئنا منذ زمن بعيد‪ .‬فالسبب وراء وجودها اليوم على األغلب أنها تعمل لصالحنا‬
‫وليس ضدنا‪.‬‬
‫جانب آخر لالستحضار الذهني والذي قد يستعرضه المسوقين مع بعض‬ ‫ٌ‬ ‫يود هنالك‬
‫التحذيرات‪ .‬في دراس ٍة حديثة أجريت عن تأثيرات االستحضار الذهني ألسماء وشعارات‬
‫العالمات التجارية‪ ،‬اكتشف باحثون وعلى رأسهم جوليانو الران (‪)Juliano Laran‬‬
‫ت عكسية لالستحضار الذهني( أي االستحضار عكس ما نتوقعه)‪ .‬فقد وجد‬ ‫وجود تأثيرا ٍ‬
‫هؤالء الباحثين أن االستحضار بأسماء العالمات التجارية المتجزئة مرتبطة بالتوفير‪،‬‬
‫ت أقل عن‬‫مثال عالمتي ووالمارت أوكيمارت (‪ )Walmart, Kmart‬والتي أدت إلى تقديرا ٍ‬
‫كمية صرف الشخص للنقود في التسوق التالي‪ ،‬بينما يرتبط االستحضار الذهني مع‬
‫أسماء العالمات التجارية المتجزئة مع التسوق التبذيري‪ .‬مثل عالمتي نوردستورم‬
‫أوتيفاني التجارييتين (‪ )Nordstrom or Tiffany‬التي أدت إلى تقديرات عالية في صرف‬
‫األموال وكان هذا متوقعاً‪ .‬إال أنه عندما تم إجراء بعض االختبارات مع شعارات متاجر‬
‫التجزئة هذه‪ ،‬فقد وجد الباحثون تأثيرا ً عكسيا ً لالستحضار الذهني‪ ،‬فتستحضر شعارات‬
‫متاجر التوفير اآلن تقديرات عالية من صرف األموال فيها بينما تستحضر شعارات‬
‫المتاجر باهظة الثمن العكس‪.‬‬
‫والتفسير الذي أكده العلماء مع العديد من التجارب هو أن المشاركين في هذه التجارب قد‬
‫فهموا الشعارات على أنها محاوالت إقناع على العكس من أسماء العالمات التجارية‪ .‬وقد‬
‫حضر هذا الفهم هدفا ً عند المشاركين لم الباحثون ينون استحضاره ذهنيا ً والذي هو‬
‫است َ ِّ‬
‫مقاومة اإلقناع‪ .‬إال أنه المشاركين عندئذ قاموا بتحقيق هذا الهدف عن طريق توقع المزيد‬

‫‪105‬‬
‫من إنفاقا ً لألموال بعدما رأوا شعارات متاجر التوفير وتوقعوا إنفاقا ً أقل عند رؤيتهم‬
‫لشعارات المتاجر باهظة الثمن‪ .‬وقد حدث كل ذلك على المستوى الالواعي في عقلهم‪،‬‬
‫فلم يكن المشاركون مدركين تماما ً للشعارات التي حفزت تصحيح وجهة الهدف‪ ،‬أو أنهم‬
‫حقق ذلك الهدف بالطريقة التي نُ ِّفّذت فيها تقديرات مهمة التسوق‪.‬‬
‫كان ذلك مثاالً احدا ً على تنامي المعرفة تجاه تصحيح األهداف ذات األهمية العالية‬
‫تذكر‬
‫في التسويق‪ .‬فبتعلمنا عن مقاومة دماغنا عند التفكير العميق عموما ً في هذا الفصل‪،‬‬
‫فال يفترض بنا أن نكون متفاجئين جدا ً بأن عقولنا المخربة لآلليات التسويقية قد طورت‬
‫دفاعا ً داخليا ً تلقائيا ً ضد اإلقناع الذي –بعد كل ذلك‪ -‬يتطلب انتباها ً إدراكيا ً جادّا ً ألداء‬
‫مهامه‪ .‬إن فكرة صنع متسوقين آليين ليست بسهولة المعرفة العادية التي يفترضها‬
‫االستحضار الذهني‪.‬‬
‫نحن ال نريد أن ننتقل إلى الفرضية الضدية التي تعني أن التسويق عديم الفائدة‪ ،‬ولكننا‬
‫نؤمن بأنه يوفر دليالً حقيقيا ً على أن المستهلك الحدسي ليس ضعيفا ً عندما يكون يتعلق‬
‫المستحضرات الذهنية التسويقية‪ .‬وليس بالضرورة أن‬
‫ِّ‬ ‫األمر بمعالجة واالستجابة إلى‬
‫تكون العمليات التي تجري في عقالنا الالواعي ضدنا وذلك ألننا غير مدركين لها‪.‬‬

‫إذاً‪ ،‬ما فائدة العقل الواعي بأيه حال؟‬


‫إذا ما كان العقل الباطن هو مقيّم جيد ومتخذ قرارات ومؤثر كبير على السلوك‪ ،‬فهنا‬
‫مباشرة ً يُطرح سؤا ٌل آخر وهو‪ :‬ما فائدة العقل الواعي إذاً؟‬

‫تولي المهام بالنيابة عن العقل الالواعي عند الضرورة‬


‫إن العقل الواعي – أو باألخص الوعي الشخصي‪ -‬يمنح البشر فائدة عظيمة عن دون‬
‫األجناس األخرى على هذا الكوكب‪ .‬فهو يمنحنا القدرة َ على اإلمعان في تفكيرنا‪ ،‬ومراقبة‬
‫سلوكياتنا والوصول إلى االستنتاجات والتخطيط للمستقبل بنا ًء على تلك المعرفة‪.‬‬
‫من األفضل المواقف التي يعمل بها العقل الالواعي هي المواقف الروتينية‪ ،‬فطالما كانتا‬
‫األشياء ال تتغير بسرعة كبيرة‪ ،‬عندها تكون العمليات الذهنية التلقائية التي ال تتطلب أي‬
‫جهد تعمل بكفاءة عالية‪ .‬إال أنه وعندما تصدافة أمرا ً جديدا ً أو لم يسبق لك أن توقعته‪ ،‬هنا‬

‫‪106‬‬
‫يتولى العقل الواعي غالبية السيطرة‪ ،‬حيث يركز على الموقف الجديد ويقارنه بالخبرة‬
‫السابقة لديه‪ ،‬ومن ث َّم يخطط لما سيقوم به الحقاً‪.‬‬
‫إن العقل الواعي دائما ً ما يمتلك القدرة على تفسير والهيمنة على العقل الالواعي‪ ،‬إال أنه‬
‫ال يفعل ذلك إال في بعض األحيان وذلك وبسبب مبدأ الكفاءة‪ .‬اتفق العلماء على أن هناك‬
‫‪ %5‬من أصل ‪ %10‬من كمية المعلومات التي يجري معالجتها يستخدمها التفكير‬
‫الواعي‪ ،‬وهذا يعني أن ‪%90‬ـــ ‪ %95‬يقوم بها العقل الالواعي‪.‬‬
‫إن األمر الوحدي الذي يفعله العقل الواعي هو إظهار تأثيرات العقل الالواعي‪ .‬فقد وثقت‬
‫األبحاث على حقيقة أن التأثيرات مثر االستحضار الذهني ومعالجة السالسة يميالن إلى‬
‫اإلختفاء عندما يدركها الناس ويصبحون على وعي ٍ بها‪ .‬فعال=ى سبيل المثال‪ ،‬إذا‬
‫أمر يمكن أن يستحضر ذهنيا ً روح‬‫رت أن وجود حقيبة ظهر في زاوية الغرفة هو ٌ‬ ‫أُخبِّ َ‬
‫التعاون‪ ،‬عندها سيختفي التأثير ولن تستحضر الشعور بروح التعاون عندما تكون حقيبة‬
‫مختصر‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫طريق‬ ‫الظهر في الزاوية‪ .‬إن اعتمادنا على عمليات العقل الالواعي ما هو إال‬
‫مريح إلبداء سلوكٍ معين‪ ،‬ويكون عقلنا الواعي حرا ً ليهيمن عليها إذا ما اخترنا ذلك‪.‬‬
‫إال أن المشكلة بالنسبة للمسوقين هي‪ :‬أنهم قد تريدون تفعيل التفكير الواعي لمنتجهم أو‬
‫عالمتهم التجارية وأحيانا ً ال يودون ذلك‪ .‬فإن معرف الوقت الذي تعمل فيه عمليات‬
‫المعالجة العقلية لمصلحتهم أو عكس مصلحتهم قد يساعدهم في الفهم‪.‬‬

‫التحدث إلى أنفسنا‬


‫نحن نعرف عقلنا الواعي في األصل على أنها أصواتٌ في رأسنا‪ ،‬وهذا الصوت دائما ً ما‬
‫يتحدث وقد ينقسم أحيانا ً إلى قسمين حين يجري الشخص حوارا ً مع نفسه‪ ،‬وهذا الحوار‬
‫الداخلي المستمر هو جزء من كوننا بشر‪ ،‬وهو يُعنى بكيفية ربط عالمنا مع أنفسنا‪ ،‬وهو‬
‫يشكل آليةً في كيفية انتقاء بعض ماضينا والتخطيط لمستقبلنا‪.‬‬
‫إن أكبر عائق محتمل لتقبُّل واقع عقلنا الالواعي هو أكبر مشهد على كون تفكيرنا‬
‫الواعي‪ -‬الذي نخب ُُر بنشاطٍ كبير‪ -‬هو كل التفكير الذي نقوم به‪ ،‬ولكنه هو كل التفكير الذي‬
‫نحن على وعي ٍ به‪ .‬نحن في الواقع نعمل بمعلوما ٍ‬
‫ت جزئي ٍة عن أنفسنا وما يؤثر علينا‪.‬‬
‫وكما يقول ليونارد ملوديناو(‪ )Leonard Mlodinow‬في كتابه الرائع الذي تحت‬
‫عنوان()‪)Subliminal: How Your Unconscious Mind Rules Your Behavior (Pantheon‬‬

‫‪107‬‬
‫(الالشعور‪ :‬كيف يتحكم عقلك الباطن بتصرفاتك) فنظرتنا إلى أنفسنا ودوافعنا عي‬
‫كأحجية الجقسو(أحجية الصورة المتقطعة) التي فُقدت معظم أجزائها‪.‬‬

‫التفكير في الماضي والمستقبل‬


‫إن ما يتقن العقل الواعي فعله وال يعجز العقل الالواعي عنه هو التفكير بالماضي‬
‫والتخطيط لمستقبل‪ .‬إن القدرة على دراسة موقفنا الحالي ومقارنته بالماضي ثم تخيل‬
‫سناريوهات مختلفة قد تكون محتملة للمستقبل‪ ،‬وتوفير فائدة تعايشية كبيرة وذلك عبر‬
‫االستجابة ببساطة بطريق ٍة الواعية‪.‬‬
‫ويطلق علماء النفس على نظام التوجيه السلوكي اللالواعي الذي استعرضناه في هذا‬
‫الفصل بالنظام االفتراضي لتوجيه سلوكياتنا‪ ،‬وهو النظام الذي كان موجودا ً عند نشأتنا‬
‫تطور الوعي عندنا بكثير‪ .‬أما اآلن وبما أننا نمتلك الوعي‪ ،‬فلدينا مسلكٌ آخر‬
‫وذلك قبل ُّ‬
‫لمثل هذه األنظمة‪ ،‬إال أن إحداها غير قادر على التعمق في طريقة عملها ألنه يعمل على‬
‫مستوى مختلفٍ في الدماغ عن المستوى التي تعمل فيه تلك األنظمة‪ .‬لذا فبالرغم من أن‬
‫باستمرار مع العقل الالواعي‪ ،‬وأنه يعتمد باستمرار على مخرجات‬
‫ٍ‬ ‫عقلنا الواعي يتفاعل‬
‫العمليات الذهنية في الالوعي وهو غير مدركٍ بأن الالوعي يقوم بذلك‪.‬‬
‫واإلجماع هنا أن الدور األساسي الذي يلعبه العقل الالواعي هو أن يبقينا على ارتباطٍ مع‬
‫الحاضر وذلك لتوفير "نكزاتٍ" تلقائية توجيهية للسلوك تعمل على توجيهنا نحو سلوكٍ ذا‬
‫احتمالية كبيرة ألن يكون آمنا ً وصحيحا ً ومناسبا ً في الموقف الذي نجد فيه أنفسنا‪ .‬وهذا‬
‫ع فيهوهو أن يشترك فيما سماه عالم النفس جون بارغ‬ ‫يدع العقل الواعي يؤدي ما يبر ُ‬
‫وتصور‬
‫ُّ‬ ‫(‪" )John Bargh‬بالسفر عبر الزمن"؛ أي السفر إلى الماضي لتذكر ما تعلمناه‬
‫أنفسنا في المستقبل لنخطط ونشارك في كيفية انجازنا للحاالت المستقبلية التي نتمنى أن‬
‫نكون عليها‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫المتغيرات الرئيسية الثالث‬
‫الخاصة بالتسويق العصبي‬
‫تعمل العمليات الواعية والالواعية معا ً داخل أدمغتنا وذلك لمساعدتنا على فهم وأداء‬
‫مهماتنا اليومية بنجاح في العالم المحط بنا‪ .‬فأحيانا ً هذه اآللية الوظيفية الرائعة في دماغنا‬
‫ت جديدة واكتشاف‬ ‫بأفكار عظيمة وتطوير فلسفا ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫قد ُوضعت للمهمات ال ِّقّيمة كالتفكير‬
‫ت علمية للعالم المتغير من حولنا‪ .‬ولكننا في أغلب األغلب األحيان نستخدم عقولنا‬ ‫نظريا ٍ‬
‫ت تميل إلى كونها عادية جداً‪ ،‬كتذكرك إحضار الحفاظات لطفلتك الصغيرة من‬ ‫في مهما ٍ‬
‫متجر (‪.)Stop & Shop‬‬
‫إن غاية التسويق العصبي هو أن يشرح كيفية استخدامنا ألكثر الكائنات تعقيدا ً في الكون‬
‫للقيام بأشياءٍ مثل شراء معجونَ أسنان‪ .‬وبغية تحقيق هذه الغاية التي تجعلك في النهاية‬
‫أكثر اهتماما ً مما يبدو عليه األمر‪ ،‬يعود التسويق العصبي مرارا ً وتكرارا ً إلى المتغيرات‬
‫الثالث التي تستعرض ثالثة أمور يهتم بشأنها المسوقون كثيرا ً عندما يريدون فهم أدمغة‬
‫المستهليكن وهي كاآلتي‪:‬‬
‫✓ االنتباه‪ :‬هل انتبهوا إلى اإلعالن أو المنتج ؟‬
‫✓ العاطفة‪ :‬هل أحبوا المنتج ؟‬
‫✓ الذاكرة‪ :‬هل سيتذكرون المنتج؟‬
‫هذه هي العمليات اإلدراكية الرئيسية الثالث التي يكرس التسويق العصبي نفسه لفهمها‬
‫في سياق سلوكيات المستهلك‪ .‬إن كل واحدةٍ منها تمتلك عناصر من العقل الواعي‬
‫والالواعي‪ .‬سنختتم هذا الفصل بنظرةٍ وجيز على كيفية ارتباط العمليات الثالث هذه مع‬
‫المواضيع التي نقشناها في فصو ٍل سابقة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫االنتباه‪ :‬المدخل المؤدي إلى الوعي اإلدراكي‬
‫نحن ال نستطيع إعارة االنتباه إلى شيءٍ ما دون أن نكون مدركين أننا نعيره ذلك االنتباه‪.‬‬
‫حدث واعٍ‪ ،‬إال أن هنالك شي ٌء يجب أن يحدث في الدماغ لجعلك تنتبه أة‬ ‫ٌ‬ ‫لذا‪ ،‬فاالنتباه هو‬
‫تعير انتباهك من شيءٍ آلخر‪ .‬فإما أن تكون هذه العمليات التي تسبق فعل االنتباه واعية‬
‫أو الواعية‪.‬‬
‫إنك لتستطيع إعارة انتباهك إرادياً‪ ،‬كم هو األمر عندما تبحث عن وجه صديقك في غرفة‬
‫مزدحمة باألشخاص‪ ،‬فهذا يسمى بـاالنتباه من األعلى إلى األسفل‪ .‬أو أن تُعير انتباهك‬
‫تلقائيا ً لنفسك عن طريق بيئتك‪ ،‬كما هو عندما تسمع اسمك يُلفظ في غرف ٍة ما‪ ،‬وهذا ما‬
‫يُسمى باالنتباه من األسفل إلى األعلى‪.‬‬
‫يتعلق االنتباه بشك ٍل وثيق مع اكتشاف ما هو جديد‪ ،‬فالمفاجئة هي آلية أساسية في إعارة‬
‫ألمر ما‪ ،‬فنحن ميّالون بطبيعتنا إلى االنتباه الواعي المباشر لألشياء والمواقف‬
‫ٍ‬ ‫االنتباه‬
‫التي تعتبرها أدمغتنا بالجديدة‪.‬‬
‫تُعدُّ قدرتنا على تركيز انتباهنا محدودة ً جداً‪ ،‬فاستخدام االنتباه المر ّكز على األشياء هو‬
‫شاق على أدمغتنا‪ ،‬فاالنتباه يستهلك الكثير من الجهد اإلدراكي السبب الذي يجعل‬ ‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫ٌ‬
‫أدمغتنا البخيلة إدراكيا ً أن تستخدمه ببخل‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمسوقين فاالنتباه ليس أمرا ً جيدا ً في كل األوقات‪ .‬فعندما تريد المستهلكين أن‬
‫إعالن جديد‪ -‬عندئذ تودُّ أن تجذب انتباهه له‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫يُجربوا شيءا ً جديدا ً‪ -‬كمنتجٍ أو غالفٍ أو‬
‫إال أن تأثيرات تفضيل ماهو مألوف و معالجة سالسة فهم المنتج قد تختفي عندما يُركز‬
‫النظر على هذه األشياء‪.‬‬
‫يُعتبر االنتباه أمرا ً مهما ً للمنتجات والعالمات التجارية الجديدة‪ ،‬ويعدُّ متغيرا ً مهما ً في‬
‫عالم اإلنترنت؛ وذلك ألن تجربة الخاصة بعالم اإلنترنت تجربةٌ نشطة وموجة نحو‬
‫األهداف‪ ،‬وليست سلبية كمشاهدة التلفاز‪ .‬وقد يكون االنتباه عامالً سلبيا ً للدعاية‬
‫واإلعالن؛ ألنه قد ظهر بأنه يحفز على صد الحجج التي تأتي بها اإلعالنات‪ ،‬األمر الذي‬
‫يمحو فاعلية اإلعالنات‪ .‬وقد يكون االنتباه متغيرا ً قابالً ألن يُتالعب به في مجال الترفيه؛‬
‫عنصر أساسي في المفاجئة في سرد القصص‪ ،‬وكما هو الحال في السحر‬ ‫ٌ‬ ‫فالتضليل هو‬
‫واألوهام‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫وفي جميع هذه السياقات‪ ،‬يُعتبر االنتباه مكونا ً يجب أن يتم قياسه‪ .‬ويوفر التسويق‬
‫العصبي عدَّة طرق لقياسه (انظر الفصل ‪.)16‬‬

‫العاطفة‪ :‬إثارة العاطفة واالنجذاب والدافعية‬


‫تعتبر العواطف غايةً فاألمية بكل جوانب التسويق وسلوكيات المستهلكين‪ .‬فعلى نح ٍو‬
‫تقليدي‪ ،‬حاولت بحوث التسويق أن تقيس المشاعر وهي الخبرات العاطفية الواعية‪ .‬إال‬
‫أن ردود الفعل العاطفية الالواعية مثل ردود فعل االقتراب والتجنب و التكافؤات‬
‫خزن في‬ ‫الضئيلة (مثل التلميحات العاطفية الدقيقة التي ترتبط مع كل شيءٍ نخب ُُره وت ُ ّ‬
‫ذاكرتنا) قد تلعب دورا ً أكبر في سلوك المستهلك‪.‬‬
‫ف العواطف في األغلب في ثالثة أبعا ٍد والتي سوف نشرحها بالتفصيل في الفصل‬‫وتُصنّ ُ‬
‫‪ 6‬و‪ 7‬وهي كالتالي‪:‬‬
‫✓ التكافؤ‪ :‬وهو اتجاه العاطفة ويُقاس من السلب إلى اإليجاب‬
‫✓ إثارة العاطفة‪ :‬أي مدى شدة العاطفة وتُقاس من األدنى إلى األعلى‪.‬‬
‫ُقاس من خالل فعل االقتراب أو التجنُّب‬
‫✓ الحافز‪ :‬الفعل المو ّجه للعاطفة وي ُ‬

‫تُعدُّ العواطف الناتج النهائي لك ٍّل من األلفة ومعالجة السالسة‪ .‬فإن األشياء التي يتم‬
‫الشعور تجاهها باأللفة أو سهلة المعالجة ذهنيا ً تميل إلى كونها مفضلةً أكثر‪ ،‬إال أن هذه‬
‫االرتباطات غالبا ً ما يُسا ُء نسبها‪ .‬فنحن نخطئ في استجابتنا إلى الشكل أو السياق‬
‫صلة‪ .‬إال أن هذه االستجابات تكون أكثر شيوعا ً وذات‬ ‫الخاص بشيءٍ ما بصفاتها المتأ ِّ ّ‬
‫صلة أكبر مع التسويق‪.‬‬
‫يُعتبر االرتبا ُ‬
‫ط العاطفي ذا أهمية كبيرة ً لفكرة الوالء لكال العالمة التجارية والمنتج‪ .‬فقد‬
‫اكتسب ذلك من خالل استخدام وتجربة المنتج وتأييد المجتمع له‪ .‬وتُعدُّ العواطف مهمة‬
‫أيضا ً لالستجابة للكثير من أشكال شبكات التواصل‪ ،‬فإن البحث عن المعلومات عبر‬
‫ي في المقام األول‪ ،‬إال أن متابعة‬ ‫ط إدراك ٌ‬‫محرك بحث جوجل (‪ )Google‬هو نشا ٌ‬

‫‪111‬‬
‫ي معقّد من أشكال‬
‫األصدقاء على موقع فيس بوك (‪ )Facebook‬هو شك ٌل عاطف ٌ‬
‫التواصل االجتماعي‪.‬‬
‫تختلف أهمية العواطف في كونها متغيّر تفسيري أو كمتغير ناتج عنها من سياق مستهلكٍ‬
‫طور مستخدمو التسويق العصبي عدّة طرق لقياس االستجابات العاطفية‬ ‫إلى آخر‪ .‬وقد ّ‬
‫مباشرة ً وحين حدوثها بدالً من الطلب من الناس أن يقيموها بعد أداءهم لهذه االستجابات‪.‬‬

‫الذاكرة‪ :‬كيف نبني الماضي ونسترجعه ونعيد بناءه‪.‬‬


‫متغير تعقيدا ً من بين المتغيرات التسويق العصبي الثالث الرئيسية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫إن الذاكرة هي أكثر‬
‫فهي تمتلك وظائف اإلدخال واإلخراج التي تُعد مهمة جدا ً للتسويق‪ .‬فإحدا جوانب‬
‫خزن الذكريات‪ .‬أما إحدى جوانب اإلخراج فيها هو‬ ‫اإلدخال في الذاكرة‪ ،‬أننا نُر ِ ّمز أو نُ ّ‬
‫أننا نسترجع ونستذكر الذكريات‪.‬‬
‫ويصب المسوقون اهتمامهم على كال هذين الجانبين في الذاكرة‪ ،‬فلدى كليهما عنصرا ً‬
‫واعيا ً والواعيا ً فيه‪ .‬إنما الترميز الواعي هو العملية الذهنية المألوفة والخاصة بالتعلم‬
‫ي في ترميز الذاكرى التي تُعتبر الواعية‬ ‫الظاهر أو الحفظ‪ .‬إال أن هناك شكل ضمن ٌّ‬
‫وعديمة المجهود‪ .‬ويحدث التعلم الضمني في غياب الحفظ ويلعب دورا ً كبيرا ً في كيفية‬
‫عمل الرسائل التسويقية‪.‬‬
‫ففي جانب االسترجاع في الذاكرة‪ ،‬فجميعنا مدركين لعملية التذكر الواعي؛ أي عملية‬
‫اال سترجاع الذهنية اإلرادية‪ .‬أما ما هو ذا أهمية مساوية ألهمة االسترجاع بالنسبة‬
‫للمسوقين هو اإلدراك الذي يُعدُّ استرجاعا ً تصاعدي في الذاكرة‪ .‬فقد ال نكون قادرين‬
‫إعالن ما‪ ،‬إال أننا نستطيع إدراكه بسهولة عندما نراه‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫على استرجاع محتوى‬
‫إن األمر المهم الذي يتوجب على المسوقين فهمه بشأن الذاكرة هو أنها مركبة وال يمكن‬
‫استرجاعها دون وعي‪ .‬فالذاكرة ليست كتسجيل الفيديو الذي يمكننا "إعادة تكرار تشغيله‬
‫مرةٍ نسترج ُع فيها ذكرى ما‪ ،‬فإننا نُغ ِّيّرها‪ .‬وهذا ال يعني‬
‫" عندما نقوم بالتذكر‪ .‬ففي كل ّ‬
‫ت فقط‪ ،‬بل هو يغيرها ‪ .‬فعلى المسوقين أن يفهموا مضامين‬ ‫أن التسويق يُحفز الذكريا ِّ‬
‫هذه الحقيقة المذهلة بشك ٍل كام ٍل‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫وتعتبر الذاكرة إحدى أهم المكونات الخاصة بألفة األشياء‪ ،‬ويُعدُّ غيابها تلميحا ً على‬
‫وجود المفاجئة واالنتباه‪ .‬كما تعد الذاكرة أمرا ً أساسيا ً لتساوي العالمات التجارية وألي‬
‫رسائل تسويقية تتطلب االستمرار عبر الوقت مثل اإلعالنات‪ .‬إال أنها أقل أهمية‬
‫للمسوقين على شبكة اإلنترنت حيث التأخير أقل من يُسمى مشكلة‪.‬‬
‫طور المسوقون مقاييس لتحديد ما إذا كان تفعيل الذاكرة عند المستهلك يحدث‪ ،‬ألن‬ ‫وقد ّ‬
‫هذه الطرق ليست قادرة ً إلى اآلن على التمييز بين عمليات ترميز أو تخزين الذكريات‬
‫وعمليات استرجاعها‪ ،‬إال أنه ما يزال هناك طرقا ً تقليديةً لقياس عمليات الذاكرة‪ ،‬وغالبا ً‬
‫ما يكون سؤال الناس ع َّما يتذكرونه يؤدي ذلك الغرض‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫الفصل السادس‬

‫الدور العواطف المركزي في‬


‫استجابات المستهلكين‬

‫سنناقش في هذا الجزء ما يلي‪:‬‬


‫‪ -‬استعراض السبب وراء كون العواطف الالواعية أساسية في استجابات المستهلك‬
‫‪ -‬فهم االختالف بين العواطف الالواعية والمشاعر الواعية‬
‫‪ -‬تقدير الطرق الدقيقة لتأثير العواطف على أجسادنا والعكس‪.‬‬
‫‪ -‬شرح كيفية تأثير العواطف على االنتباه والذاكرة‬

‫في عام ‪1994‬نشر الطبيب وعا ِّلم األعصاب في جامعة لوا (‪ )Lowa‬المدعو بأنتونيو‬
‫داماسيو (‪ )Antonio Damasio‬كاتبا ً غير من فكرة علماء الدماغ عن العقالنية عند‬
‫اإلنسان وعواطفه‪ .‬وفي كتاب خطأ ديكارت‪ :‬العاطفة والعقل والدماغ البشري‬
‫()‪ ،)Descartes’ Error: Emotion, Reason, and the Human Brain (Penguin‬استعرض‬
‫كعدو للعقل وأنها ضرورية التخاذ‬
‫ٍّ‬ ‫داماسيو العاطفة على أنها أبعد ما تكون عن ظهورها‬
‫القرارت‪ .‬لم يكن المرضى الذين لديهم ضررا ً في مركز العواطف في أدمغتهم متخذي‬
‫ت هادئين مثل السيد المفرط في العقالنية (انظر الفصل ‪ .)2‬بل ال يكادون‬ ‫قرارا ٍ‬
‫يستطيعون اتخاذ القرارات أصالً! وقد أوجد داماسيو هذا االرتباط العميق الذي يدل على‬
‫أن العواطف ليست متوافقة مع القرارات الجيدة فحسب‪ ،‬مساهماتٌ ضرورية فيها‪.‬‬
‫سنستكشف في هذا الفصل نظرة جديدة على العواطف التي برزت في علم الدماغ منذ‬
‫االكتشاف الذي أتى به داماسيو‪ .‬وسنشرح السبب وراء كونها أساسيةً في فهم سلوك‬
‫المستهلك واستعراض كيفية تفاعل العواطف مع كال االنتباه والذاكرة للتأثير على‬
‫استجابات المستهلك للتسويق والمنتجات‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫فهم "العالمات" العاطفية الالواعية‬
‫استخدم داماسيو مصطلح العالمات الجسدية لوصف كيفية تأثير العواطف على‬
‫المشاركين والتقييمات والقرارات والسلوكيات‪ .‬وتُعدُّ العالمات الجسدية في األساس‬
‫ذكريات عن استجابا ٍ‬
‫ت جسدية في تجارب سابقة‪.‬‬
‫ووفقا ً لنظرية داماسيو للعالمات الجسدية‪ ،‬فإن هذه العالمات توجد وتتطور في كل‬
‫تجربة يواجهها الشخص‪ .‬فعندما نواجه موقفا ً جديداً‪ ،‬حينها يتم اللجوء إلى هذه العالمات‬
‫– وفي األغلب دون وعي‪ -‬لتوفر توجيها ً عاطفيا ً لما سنفعله الحقاً‪ .‬وإذا كنا مدركين كل‬
‫ت مختلفة‪.‬‬‫هذا التأثير فنَخبُر شعورا ً قليالً بالسعادة أوعدمها مرتبطةً بخيارا ٍ‬
‫إال أن المرضى الذين يُشرف عليهم الدكتور دماسيو (‪ )Damasio‬والذين ُحرموا من‬
‫العالمات العاطفي ِّة هذه كانوا قد أقحموا أنفسهم في تحلي ٍل مشوش عديم الجدوى للخيارات‬
‫والعواقب المترتبة على موقفٍ ما‪ ،‬ولم يكونوا قادرين على الوصول إلى نتيجة نهائية‪،‬‬
‫حتى أن اختيارهم فيما بين عالمتين تجاريتين لمنتجات رقائق الذرة أثبت بأنها عملية‬
‫متعبة وعديمة النفع‪.‬‬
‫أن فوائد االعتماد على العالمات العاطفة – لنا نحن البقية‪ -‬هي واضحةٌ وجليَّة‪ ،‬فتُسهل‬ ‫تذكر‬
‫العالمات العاطفية علينا التفاعل مع العالم من حولنا بنجاح‪ .‬فبالرغم من أننا قد نكون‬
‫غير مدركين للدرجة انجذابنا أو كرهنا لما قد "وضعنا عالمة عليه" من شيءٍ أو موقفٍ‬
‫ت في الالوعي لالستجابة السريعة والمقبولة‬ ‫ما‪ ،‬فإن تلك العالمات توفر لنا اختصارا ٍ‬
‫لتلك العالمات‪ ،‬مجتازين عبر المتداد التأييد أو التعارض المحتمل والذي قد يكون على‬
‫عالقة بذلك‪ .‬وقد تجعلنا العالمات العاطفية التي وضعتها تجاربنا السابقة لكل نتيجة‪،‬‬
‫ننجرف إلى شيءٍ ما أو نصدُّ بعيدا ً عنا وهذا يكون غريزياً‪ .‬وكنتيج ٍة لذلك –وعلى عكس‬
‫ُ‬
‫مرضى الدكتور دماسيو‪ -‬فإننا نتخذ القرارات بشك ٍل أسرع وأسهل‪.‬‬
‫حيث تسمح لنا العالمات العاطفية باالستجابة‬ ‫ُ‬ ‫وتتضح هنا القيمة العيش في هذا النظام‪،‬‬
‫تفكير واعٍ‪ .‬تخيل‬
‫ٍ‬ ‫ُث رد الفعل تلقائيا ً وغريزيا ً دون‬
‫غريزيا ً للتغيرات في بيئتنا‪ ،‬فيحد ُ‬
‫ت مفترسة‪ ،‬فهناك من كان قادرا ً على‬ ‫أسالفنا من البشر األوائل وهم يواجهون حيوانا ٍ‬
‫االستجابة غريزيا ً والركض للنجاة بحياته‪ ،‬أما الذي كان يقف ليفكر بما سيفعله أصب َح‬
‫عشا ًء لذلك المفترس‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫أما في عالمنا المعاصر‪ ،‬طبق البشر هذه اآللية على تفضيل المستهلكين للمنتجات واتخاذ‬
‫ُ‬
‫حيث أن‬ ‫القراراتهم والسلوكياتهم تجاه المنتجات‪ .‬فيواجه المستهلكون ضيقا ً بالوقت ـ‬
‫معلومات المنتجات تنها ُل عليهم وقد يواجهون العدد القليل من البدائل المنتجات المميزة‬
‫ت بالشراء‪ .‬وألن‬‫والتي تعتمد على ردود فعل من السهل الوصول إليها التخاذ قرارا ٍ‬
‫مباشر لصفات المنتجات أو للرسائل التسويقية التي يتم‬‫ٍ‬ ‫ردود الفعل هذه لمتعلقة بشك ٍل‬
‫قاس غالبا ً من قِّبل بحوث التسويق‬
‫تذكرها ‪ ،‬فهي تعم ُل خارج قائمة المتغيرات التي ت ُ ُ‬
‫والتذكُُ ر واإلقناع‪.‬‬
‫َ‬ ‫التقليدية؛ أي اإلدراك الواضح والرغبة‬
‫إال أنه وعلى عكس باحثي التسويق التقليدين‪ ،‬يضع مستخدمو التسويق العصبي‬
‫العواطف الالواعية المح ِّيّرة هذه في أس ِّا فهمهم لسلوك المستهلك‪ ،‬باإلضافة إلى أنهم‬
‫طوروا مجموعة من الطرق لقياسها‪.‬‬ ‫َّ‬

‫العواطف غير ال ُمدركة مقابل المشاعر المدركة‬


‫يضم مصطلح العواطف تنوعا ً واسعا ً من الحالت الذهنية‪ .‬وأول وأه ُّم مميزةٍ لها هو‬
‫أمور‬
‫ُعرف بالـمشاعر) والعواطف غير‬ ‫االختالف فيما بين العواطف المدركة (أو ما ي ُ‬
‫المدركة (التي تُسمى علميا ً بالتأثير أو الحاالت التأثيرية)‪ .‬ونحن على وعي بالمشاعر‪،‬‬
‫تقنية‬
‫فإننا نعرف متى نشعر بالحزن أو الفرح أو الغضب أو اإلكتئاب‪ .‬وقد تُعزى المشاعر‬
‫ق تحبُّه الذي يقف في الصفٍ طوي ٍل في‬ ‫معين ( مثل لقائك لصدي ٍ‬
‫ٍ‬ ‫غالبا ً إلى شيءٍ أو موقفٍ‬
‫البنك)‪ ،‬إال أنها قد تكون في بعض األحيان حاالتٌ مزاجية عا ّمة؛ أي أنها حاالتٌ عاطفية‬
‫مصدر واضح‪.‬‬
‫ً‬ ‫ال يكون لها‬
‫ش ِّرح في القسم السابق‪ ،‬فتُعدُّ العالمات الجسدية حاال ٍ‬
‫ت الواعية تأثيرية‪ .‬فنحن‬ ‫وكما ُ‬
‫عموما ً ال نكون مدركين لها ال نستطيع الوصول إلى كيفية تأثيرها على مدركتنا الحسية‬
‫أو اختياراتنا أو سلوكياتنا‪.‬‬
‫ويعتقد علماء الدماغ أن العواطف الواعية والالواعية تعمل معا ً لتلفت انتباهنا إلى‬
‫الفرص المفيدة لنا في بيئتنا وتنبهنا إلى المخاطر وتذ ِّ ّكرنا بما تعلمناه من تجاربنا‪ .‬فإحدى‬
‫النظريات البارزة والتي اقترحها روي بيومستر (‪ )Roy Baumeister‬وزمالءه في‬
‫مباشر بدالً من تشكيلها بشك ٍل‬
‫ٍ‬ ‫عام ‪ 2009‬تقول‪ :‬أن العواطف تُش ِّ ّك ُل سلوكنا بشك ٍل غير‬
‫مباشر وذلك من خالل ما يلي‪:‬‬
‫ٍ‬

‫‪116‬‬
‫✓ التعلُّم‪ :‬فتظهر العواطف ال ُمدركة بعد –بدالً من ظهورها قبل‪ -‬األحداث العاطفية حيث‬
‫أنها تستطيع تعزيز التعلُّم بأفضل ما يكون وتؤسس أو تدعم االرتباطات العاطفية‬
‫الالواعية‪.‬‬
‫حيث يُمكن لتَفعيل العواطف الالواعية تلقائيا ً أن تح ِّفّز فوريا ً سلوك االقتراب‬
‫ُ‬ ‫✓التوقُّع‪:‬‬
‫أو االجتناب أو –في الغالب‪ -‬تؤثر على األحكام واألهداف واالختيارات واألفعال عبر‬
‫وسائل غير ُمدركة‪.‬‬
‫✓االنعكاس‪ :‬فعندما تتداخل في الذاكرة‪ ،‬عندها تستطيع المعرفة المكتسبة من التجارب‬
‫العاطفية أن تكون مدخال ٍ‬
‫ت تؤدي إلى أفعال واستراتيجيات االختيار لتحقيق (أو اجتناب)‬
‫النتائج العاطفية في المستقبل‪.‬‬
‫ويُعتبر ذلك تغذية راجعةً طبيعيةً في هذا النظام على كال المستويين الواعي والالواعي‪.‬‬
‫ففي الجانب الواعي‪ ،‬فما نتعلمه من األحداث العاطفية يُطبَّق في المستقبل على أحدا ٍ‬
‫ث‬
‫مشابه ٍة والتي عندئ ٍذ تو ِّفّ ُر فرصا ً للتعلم في المستقبل‪ .‬أما من الجانب الالواعي‪ ،‬تُحدَّث‬
‫صتنا عن طريق كل صدف ٍة تخب ُُرها مع األشخاص أو األشياء في‬ ‫العالمات العاطفية خا ّ‬
‫عالمنا‪.‬‬
‫وتمنحنا هذه الطريقة في التعلم عن العواطف أساسا ً لفهم مبدأ العواطف في استجابات‬
‫ق سريعةٍ‪ ،‬فإننا نتعلم من التجربة‬‫المستهلكين‪ .‬فعندما تثيرنا تجربة قيادة سيارة سبا ٍ‬
‫ت مباشرةٍ في مشاعر مدركة الحقة أو تفضيالً‬ ‫العاطفية الواعي ِّة تلك‪ ،‬وهذا يكون مدخال ٍ‬
‫ت مستقبلية في فئة المنتجات‪.‬‬‫ت وسلوكيا ٍ‬
‫لعالم ٍة تجارية ما أو اختيارا ٍ‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فهذه التجربة تُحدث من العالمات العاطفية الالواعية خاصتنا مما‬
‫ت بشأن‬ ‫يؤثر على علمياتنا الذهنية التي ال نُدركها‪ ،‬كالمدى الذي نالحظ فيه معلوما ٍ‬
‫سيارةٍ ما في المستقبل‪ ،‬أو مثل نو ومقدار النموذج الذي يتعلق بشراء وقيادة السيارات‪.‬‬
‫ف العواطف أيضا ً إما بشك ٍل منفصل أو على شكل نقاطٍ تندرج تحت األبعاد‬ ‫وتُصنَّ ُ‬
‫المتض َّمنَة للعواطف‪ .‬وتؤكد طريقة العواطف المنفصلة على أن كل عاطفة (مثال‬
‫الغضب أو االبتهاج أو ا الشمئزاز) تمتلك لمحة خاصة في التجربة اإلنسانية و الشكل‬
‫ي‪ ،‬يُمكن أن تُصنف جميع العواطف في عدد‬ ‫الخارجي و السلوك‪ .‬ووفقا ً للمنظور البعد ُّ‬
‫قلي ٍل من األبعاد الرئيسية‪ ،‬وكما قد ُوضّح في الفصل ‪ ،3‬فإن معظم األبعاد شيوعا ً التي تم‬
‫قياسها هي‪:‬‬

‫‪117‬‬
‫✓ إثارة العاطفة‪ :‬التفعيل‪ ،‬الحث‪ ،‬الحماس‬
‫✓ التكافؤ‪ :‬التفضيل أو عدم التفضيل‬
‫✓ الحافز‪ :‬التوجيه نحو الفعل‪ ،‬نزعة االقتراب أو التجنب‬
‫حاسم‪ ،‬إال أن الدليل الحالي يميل إلى دعم‬
‫ٍ‬ ‫وبالرغم من أن هذه المسألة لم تُح َّل بشك ٍل‬
‫النظرة البُعدية للعواطف‪ .‬وقد أظهرت األسس البعدية نفعها في تصنيف الحاالت‬
‫العاطفية وتوقّع تأثيرها على السلوك‪ .‬إن معظم أدوات التسويق العصبي التي تقيس‬
‫العواطف تستخدم قياسات دماغية أو جسدية لتصنيف االستجابات في واحد أو أكثر من‬
‫تلك األبعاد الثالثة (انظر الفصل ‪.)16‬‬

‫ألشعر بألمك‪ :‬الحاالت الجسدية والعاطفية‬


‫ُ‬ ‫إنني‬
‫هناك جانب مه ٌّم آخر للعواطف هو أنها مرتبطةٌ كثيرا ً مع الحاالت الجسدية‪ ،‬وهذا يعمل‬
‫في اتجاهين‪ :‬أن التغيرات في أجسادنا تُنت ُج تغيرات في العواطف‪ ،‬وأن التغيرات في‬
‫العواطف تُنت ُج تغيرات في أجسادنا‪ .‬وهذا االرتباط يمتلك مضامين واضحة للتسويق‬
‫ت بحثية مثيرة لالهتمام في التسويق العصبي‪.‬‬‫وتو ِّفّر أساسا ً التجاها ٍ‬
‫وأوضحت الكثير من نتائج البحوث في علم النفس االجتماعي أن التغيير في حاالت‬
‫ت في العواطف‪ .‬وهذه‬‫الجسدية مثل التحرك والتعابير الوجه يمكنها أن تؤدي إلى تغييرا ٍ‬
‫سد ‪:‬‬
‫ث في هذا المجال تحت اسم إدراك مج َّ‬ ‫بعض األمثلة من بح ٍ‬
‫لب من أشخاص أن يومئوا برؤوسهم (مثل إيماءة الموافقة) في الوقت الذي كانوا‬‫ط َ‬‫✓ ُ‬
‫يستمعون فيه إلى رسائل تسويقية مقنعة وهذا ما أعطى شعورا ً باإليجابية تجاه تلك‬
‫لب منهم هز الرؤوسهم (كتلك اإليماءة عند‬‫ط َ‬‫الرسائل وذك أفضل من األشخاص الذين ُ‬
‫عدم الموافقة)‪.‬‬
‫✓ إن األشخاص الذين كانوا ينظرون إلى الرموز الصينية عندما كانوا يسحبون العتلة‬
‫باتجاهها (حركة اقتراب) كانوا قد أحبوا تلك الرموز الحقا ً أكثر من األشخاص الذين‬
‫كانوا ينظرون إلى الرموز ذاتها وهم يدفعون بالعتلة بعيدا ً عنها (حركة التجنُّب)‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫طلب من أشخاص أن يضعوا أقالما ً في أفواههم بطريقة تجعل أفواههم على هيئة‬ ‫✓ ُ‬
‫تعبير االبتسام كانوا أكثر استمتاعا بمشاهدة الرسوم المتحركة وذلك بعكس األشخاص‬
‫لب إليهم بوضع أقالم في أفواههم بطريقة تجعلهم بوضع العبوس‪.‬‬
‫ط َ‬‫الذين ُ‬

‫✓ إن األشخاص الذين كانوا يحملون أكواب قهو ٍة ساخن ٍة بأيديهم كانوا أكثر احتماليةً أن‬
‫يق ِّيّموا شخص خيالي على أنه رقيق ودافئ وودود بعكس األشخاص الذين كانوا يحملون‬
‫أكوابا ً من القهوة الباردة‪.‬‬
‫✓ واألشخاص الذين قرأوا السير الذاتية المرفقة على لوحات الثقيلة كانوا أكثر ميالً إلى‬
‫تقييم المرشحين للوظيفة بأنهم ذوي كفاءة أكثر من تلك السير الذاتية المرفقة على لوحا ٍ‬
‫ت‬
‫خفيفة‪.‬‬

‫ترتبط الحاالت العاطفية والجسدية ارتباطا ً عميقا ً مع اإلدراك والتواصل االجتماعي‪.‬‬


‫إحدى اآلليات التي تربط وتتواصل من خاللها العواطف مع التفاعالت االجتماعية هي‬
‫المحاكاة والتقليد‪ ،‬حيث أظهرت الدراسات أن محاكاة اإليماءات العاطفية هي عنصر مه ٌّم‬
‫في التقمص العاطفي ( أي القدرة على استنتاج الحالة العاطفية عند اآلخرين)‪ .‬كما‬
‫ع في تفسير العواطف الظاهرة في‬ ‫أظهرت دراسة مشابهة عن التعابير الوجه أننا نبر ُ‬
‫اآلخرين وذلك عندما نحاكي تعابير الوجه عند اآلخرين على وجوهنا‪ ،‬إال أننا نكون في‬
‫ُ‬
‫تحدث خارج نطاق اإلدراك الواعي لدينا‪.‬‬ ‫األغلب غير مدركين لما نفعله؛ ألن المحكاة‬
‫أكدت دراسات حديثة لتصوير األعصاب أن هذه العملية التي تتعلق بفهم العواطف عند‬
‫اآلخرين وتحفيزها في أنفسنا تُنفّذ عن طريق تفعيل األجزاء ذاتها في الدماغ خالل‬
‫نشعر –‬
‫ُ‬ ‫عنى آخر‪ ،‬فنجن‬‫المراقبة التي تُفعّل عندما تظهر العواطف جلية أمامنا‪ .‬أو بم ً‬
‫شخص آخر عن طريق تفعيل مراكز األلم في الدماغنا حتى‬ ‫ٍ‬ ‫بالمعنى الحرفي للكلمة‪ -‬بألم‬
‫وإن لم نكن نشعر حقا ً ٍ‬
‫بألم في اللحظة ذاتها‪.‬‬

‫يكمن هنا درس أعمق للتعلم منه‪ :‬فباإلضافة إلى كون الدماغ آلةً توقعٍ مذهلة (كما هو‬
‫تذكر‬
‫مشروح في الفصل ‪ ،)5‬فهو أيضا ً آلة محاكاة رائعة‪ .‬تستخدم أدمغتنا المحاكة (أي‬
‫تصور موقف ذهنيا ً ثم نتخيل بعدها كيفية تعاملنا مع هذا الموقف) ليس لفهم العواطف‬
‫عند اآلخرين‪ ،‬بل لفهم وتوقع جميع المواقف الحالية والمستقبلية‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫إن فكرة أن الحاالت الجسدية تغير من العواطف هي فكرة حدسية عند معظم الناس‪،‬‬
‫ولكننا نعرف فكرة أن العواطف تمتلك قدرة تغيير حاالت الجسد‪ .‬فمن ذا الذي لم يجرب‬
‫شعور " الغثيان" قبل أن يقدم خطابا ً أمام الناس أو يجرب شعور "الفزع والقفز من‬
‫مقعده" عندما يكون يشاهد فلما ً مرعباً؟‬
‫وفي مستوى أعمق‪ ،‬فالحاالت العاطفية –وإن كانت غير ُمدرك‪ -‬فإنها تُحفّز تغيرات‬
‫أمور‬
‫قاس لتخمين حضور العواطف في بحوث‬ ‫في الحالة الجسدية‪ .‬فمثل هذه التغيرات ت ُ ُ‬
‫التسويق العصبي‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪:‬‬
‫تقنية‬
‫✓ إثارة العاطفة مرتبطة بزيادة في التعرق ومعدل نبضات القلب واتساع في البؤبؤ‪.‬‬
‫ط بتغير غالبا ً ما يكون غير ملحوظ في عضالت الوجه مثل عضالت‬ ‫✓ التكافؤ مرتب ٌ‬
‫العبوس ( التي تُسمى علميا ً بعضلة مغضنة الحاجب) التي تنقبض عند دما يكون هناك‬
‫تكافؤ سلبي وتنبسط عندا يكون التكافؤ إيجابياً‪.‬‬
‫✓ تكون ردود فعل االقتراب أو التجنُّب مصاحبة لحركة جسدية فعلية باالقتراب او‬
‫االبتعاد‪ ،‬مثل الميل إلى األمام أو إلى الخلف‪ ،‬أو االلتفاف نحو أو بعيدا ً عن مسبب‬
‫العاطفة عند الشخص‪.‬‬

‫ما هي العواطف التي تنفعنا‬


‫نحن نتعرض في حياتنا للعواطف وال يمكننا منعها من الحدوث وقد يكون من الصعب‬
‫ب أنها جزء من‬ ‫أحيانا ً أن نسيطر عليها‪ .‬ف ِّل َم بقيت كعمليا ٍ‬
‫ت إدراكي ٍة وهي من غير ري ٍ‬
‫الحالة اإلنسانية؟ومن أكثر المبررات احتمالية هو أن العواطف موجودة ٌ ألنها تؤدي‬
‫اثنتين من أهم الحاجات اإلنسانية في العيش‪:‬‬
‫✓ فهي تنبهنا إلى المواقف التي قد يحتمل أن تخرج بنتائج إيجابية أو سلبية‪ ،‬دون أن‬
‫يتطلب األمر منا أن نتعرض إلى تلك النتائج‪.‬‬
‫✓ وهي تجبرنا على التعلم؛ ألن التجارب العاطفية ال ُمدركة سواء أكانت إيجابية أم سلبية‬
‫هي ذات أهمية كبيرة لحياتنا التي تدفعنا إلى توقعها وإما أن نسعى وراءها أو أن نتجنبها‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫فوفقا ً لبيوميستر (‪ ) Baumeister‬وزمالءه‪ ،‬فإن غاية العواطف الواعية هو أن تتحكم‬
‫في انتباهنا وأن تُحفز من عملية التعلم لدى اإلنسان‪ .‬أما في المقابل فإن غاية ردود الفعل‬
‫ت مباشرةٍ للمواقف السلوكية‬‫التلقائية الفعّالة ( العالمات العاطفية) هو أن توفر مدخال ٍ‬
‫الفورية‪ ،‬وهي تفعل ذلك غالبا ً قبل أن يقوم التفكير الواعي من قياس الموقف ويقدم خطة‬
‫تصرفٍ مع هذا الموقف‪.‬‬
‫ق بسلوك المستهلك؛ وذلك ألن الكثير مما يُح ِّفّز سلوكنا‬
‫تُعدُّ العواطف على ارتباطٍ وثي ٍ‬ ‫تذكر‬
‫يتعلق باألشياء التي نشتريها واألشياء التي نريدها وتلك التي نريد تجنبها‪ .‬ويُحسن‬
‫سلوك التفضيل (التكافؤ العاطفي اإليجابي) من خالل آليات مثل مدى كون شيءٍ ما‬
‫مألوفا ً أو يسهل معالجته ذهنياً‪ .‬يُحفّز التعرض إلى استجابات عاطفية للمنتجات‬
‫والعالمات التجارية التعلُّم وتدعمه‪ ،‬حيث يمكن عندئ ٍذ أن تُشكل استجاباتنا لخبرا ٍ‬
‫ت‬
‫ت يُمكن أن‬ ‫ت وتفضيال ٍ‬ ‫مستقبلية مع تلك المنتجات والعالمات التجارية مما يخلق عادا ٍ‬
‫تدوم طوال حياة الشخص‪.‬‬
‫إنذار مهمة‪ ،‬فألننا نستطيع التعاطف مع غيرنا من البشر‪ ،‬فنحن‬ ‫ٍ‬ ‫تمتلك العواطف وظيفة‬
‫بارعون في قراءة العواطف عند غيرنا‪ .‬وهذا يساعدنا في نشاطنا االجتماعي وتعاوننا‬
‫وفي إدارة االختالفات االجتماعية‪ .‬أما في سياق المستهلك‪ ،‬فإننا نرى المنتجات التي‬
‫تُعجب األصدقاء والعائلة والمعارف واألغراب والتي ال تُعجبهم‪ ،‬وهذا يُساهم في في‬
‫تعلمنا الذاتي عن هذه المنتجات‪ .‬فيُعتبر التعلم من ردود الفعل العاطفية عند اآلخرين أكثر‬
‫سع تطور اإلعالم المعاصر‬ ‫فعالية ومالئمةً من تجربة كل ردود الفعل تلك بأنفسنا‪ .‬وقد و َّ‬
‫إلى ح ٍدّ كبير من إمكانية التعلم من خالل مالحظة اآلخرين‪.‬‬
‫وأخيراً‪ ،‬توفر العواطف طرقا ً مختصرة فعّالة التخاذ المستهلك القرارات‪ ،‬فالعواطف‬
‫تحفّز األهداف الذهنية وتُف ِّعّل نظامي االقتراب والتجنب عند الشخص الذي يو ِّ ّجه ويُسهل‬
‫من اختياراتنا كمستهلكين‪ ،‬وهي غالبا ً ما تقوم بهذه الوظائف على أكمل وجه خارج‬
‫وعينا اإلدراكي‪ .‬وباإلضافة إلى لقيام هذه الطرق المختصرة بالتخمينات واالختيارات‬
‫بسهولة وسرعة‪ ،‬فهي تسمح للمستهلكين بتجنُّب مسار الشراء الذي تقيسه بحوث التسويق‬
‫على نح ٍو تقليدي – انطالقا من االنتباه واإلقناع والحفظ إلى استكار المنتج عند نقطة‬
‫شراءه‪ .‬ففي المقابل‪ ،‬تستفيد هذه الطرق المختصرة من "الطريق السريع" الذهني الذي‬ ‫ِّ‬
‫يختص التسويق العصبي بقياسه وتقديره؛ أي من ذلك‬‫ُّ‬ ‫يؤدي إلى اختيار المستهلك والذي‬
‫الشعور الغامض باالعجاب بشيءٍ ما إلى منصة الدفع في المتجر‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫العواطف واالنتباه‬
‫لقد أطلقنا اسم المتغيرات الرئيسية الخاصة ببحوث التسويق العصبي على االنتباه‬
‫والعاطفة والذاكرة (انظر الفصل ‪ ،) 5‬إال أنه من بين هؤالء الثالثة‪ ،‬تكون العاطفة في‬
‫مقدمتها؛ فهي تُحسن من االنتباه والذاكرة على نح ٍو طبيعي‪ .‬وفي هذا القسم‪ ،‬سنشرح‬
‫العالقة فيمنا بين العاطفة واالنتباه وسنناقش أهميتها لفهم استجابات المستهلكين‪.‬‬

‫تركيز بؤرة االنتباه باستخدام العالمات العاطفية‬


‫ال تُعتبر العواطف المصدر الوحيد لجذب االنتباه‪ ،‬بل إنها تُعدُّ مصدرا ً موثوقا ً‬
‫لكثير من األشياء‪ ،‬فإن الشيء الذي يُعدُّ ذا صل ٍة كبيرة‬ ‫ٍ‬ ‫وفعاالً لذلك‪ ،‬ففي الخقل المرئي‬
‫عاطفيا ً هو أكثر احتماليةً في أن يجذب انتباهنا نحوه‪ .‬وهذا يُعدُّ مثاالً على االنتباه من‬
‫ي في االنتباه والتركيز‪ ،‬مقارنةً مع االنتباه من‬ ‫األسفل إلى األعلى؛ أي تحو ٌل الإراد ٌ‬
‫معين إرادياً‪ .‬وهذا هو‬‫ٍ‬ ‫األعلى إلى األسفل الذي نختار فيه أن نو ِّ ّجه انتباهنا إلى شيءٍ‬
‫الفرق بين البحث عن عالمتك التجارية المفضلة لمنتج الحليب في بارد متجر البقالة‪ ،‬أو‬
‫مميز لم تكن قد رأيت مثله من قبل‪ .‬ففي كلتا‬ ‫ٍ‬ ‫أن تنتبه إلى علبة حليب ذات شك ٍل جدي ٍد‬
‫الحالتين‪ ،‬يُمثل تركيز االنتباه انتقاالً من التفكير الالواعي إلى التفكير الواعي‪ ،‬فليس من‬
‫عير انتباهك إلى األشياء دون أن تكون مدركا ً للشيء الذي تعيره اهتمامك ‪.‬‬ ‫الممكن أن ت ُ َ‬
‫ت عاطفية أقل‪.‬‬ ‫معين دون أخر ذا ارتباطا ٍ‬‫ٍ‬ ‫تُحفّز العالمات العاطفية االنتباه نحو شيءٍ‬
‫فبسبب كون العواطف على صلة بالدوافع‪ ،‬فيُمكن لردود الفعل الالواعية أن تو ِّ ّجهنا –في‬
‫أغلب األحيان‪ -‬نحو جوانب معينة في بيئتنا والتي قد تساعدنا على تحقيق أهدافنا‪ .‬وهذا‬
‫يُمهد الحتمالية التحليل الذهني والتعلم‪ .‬أما في الجهة المقابلة‪ ،‬فقد يُحتمل تجاهل أو نسيان‬
‫مصادر األشياء أو المعلومات التي تفشل في توليد ردَّة فعل عاطفية‪.‬‬
‫إحدى األبعاد الثالثة الخاصة بالعاطفة هو التكافؤ العاطفي الذي يميل إلى لفت انتباهنا‬
‫إلى ما هو مألوف ويسهل فهمه أو معالجته ذهنياً‪ .‬ويُمكن أن يُشتق الشعور باأللفة من‬
‫تجارب حقيقية أو ُمتخيَّلة‪ .‬وقد أظهرت دراسات أن دماغنا يستجيب بسهولة لألشياء التي‬
‫‪122‬‬
‫تُعد مألوفة جدا ً و األشياء التي قد يخطئ في اعتقادها مألوفة‪ .‬وهنا يكمن نوع من ردود‬
‫الفعل وهو أن األلفة تنتج إعجاباً‪ ،‬واإلعجاب يجذب اإلنتباه ‪ ،‬واالنتباه يزيد من شعور‬
‫األلفة‪ ،‬وبهذه الطريقة نصبح مرتاحين أكثر فأكثر لمجوعة من األشياء في عالمنا لنشبع‬
‫حاجاتنا‪ ،‬حتوى وإن كان هناك الكثير من البدائل التي تؤدي الغرض ذاته أيضاً‪.‬‬
‫تمتلك اإلثارة العاطفية عالقة مثيرة ً لالهتمام تربطها باالنتباه‪ .‬فاإلعجاب يزيد من التكافؤ‬
‫العاطفي‪ ،‬واالزدياد اإلثارة العاطفية يجذب االنتباه لكنه يض ِّيّق من مدى هذا االنتباه‪ .‬ففي‬
‫الوقت الذي نصبح فيه ذوي مثارين عاطفيا ً بشكل أكبر‪ ،‬أصبحنا نصفي انتباهنا من‬
‫باهتمام أكبر على الشيء المعين الذي يجذب انتباهنا‪ ،‬إال أنه هذا يعمل‬
‫ٍ‬ ‫الملهيات ثم نُر ّكز‬
‫فقط لح ٍد ما‪ .‬فإذا ازداد حدّة اإلثارة العاطفية كثيراً‪ ،‬عندها يبدأ االنتباه بالتدهور ويُصبح‬
‫التركيز أمرا ً صعباً‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬عندما يكون الناس تحت ضغطٍ شديد (وهو شك ٌل‬
‫شائ ٌع من أشكال اإلثارة العاطفية)‪ ،‬وقتها تضعف قدرتهم على السيطرة على الملهيات‬
‫ب منهمك بالعمل عندما يقول " دعوني‬ ‫والمشتتات لالنتباه‪ .‬فالصياح المعروف أل ٍ‬
‫وشأني‪ ،‬أريد أن أر ّكز!" هو إحدى أفضل األمثلة على مثل هذا التأثير‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن العواطف تحفّز وبقوةٍ االنتباه الواعي في العقل‪ ،‬إال أنه ال تُعتبر‬
‫تذكر‬
‫ضح في الفصل ‪ ،5‬فإن الحداثة‬ ‫تلك العاطفة هي المصدر الوحيد للفت االنتباه‪ .‬فكما ُو ِّ ّ‬
‫أو خرق التوقعات (أي رد الفعل الذهني الذي يحدث عندما نالحظ شيئا ً لم يتوقعه عقلنا)‬
‫مصدر معروف من مصادر جذب االنتباه‪ .‬تجذب الحداثة االنتباه حتى وإن كانت‬ ‫ٌ‬ ‫هي‬
‫عنصرا ً محايدا ً عاطفياً‪ ،‬فإذا كانت مرتبطةً بالعاطفة‪ ،‬فإنها تكون في األغلب على صلة‬
‫بعاطفة سلبية؛ ألن البشر بطبيعتهم يسلكون سلوكا ً حذرا ً تجاه األشياء الجديدة والمختلفة‪.‬‬
‫ألن خصائص وتأثيرات العناصر والمواقف الجديدة غير معروفة‪ ،‬فنحن نميل إلى أن‬
‫نقترب منها بدرج ٍة معينة من الحذر والذي يؤول تكافؤا ً عاطفيا ً سلبيا ً أو على األقل حتى‬
‫تصبح تلك العناصر أو المواقف مألوفةً أكثر له‪.‬‬

‫للمسوقين‬
‫ّ‬ ‫فهم السبب وراء كون االنتباه أحيانا ً غير نافعا ً‬
‫تعتبر الدعاية واإلعالن حقالً تسويقيا ً رئيسيا ً تتقاطع فيه العاطفة واالنتباه‪ .‬وهنا‪ ،‬يميل‬
‫البحث إلى السير في مسارين متناقضين نوعا ً ما‪ .‬تُر ّكز إحدى الطرق في اختبار‬
‫كعنصر لكفاءة اإلعالن‪ ،‬فكلما أعار الناس انتباههم إلى‬ ‫ٍ‬ ‫اإلعالنات على قيمة االنتباه‬
‫اإلعالن التجاري‪ ،‬كان من المحتمل جدا ً أن يتذكروه وأعتُبِّ َر أكثر فاعليةً‪ .‬وهذا ما يُسمى‬
‫‪123‬‬
‫غالبا ً بنموذج معالجة االنتباه الكبير لفعالية اإلعالنات التجارية‪ ،‬وهو على صل ٍة وثيق ٍة‬
‫بنموذج المستهلك العقالني الذي َوضّحناه في الفصل ‪.2‬‬
‫مضر حقيقةً لإلعالن في ظروفٍ معينة‬
‫ٌّ‬ ‫أمر‬
‫وتناقش الطريقة الثاني مسألة أن االنتباه هو ٌ‬
‫ت تسويقية معين (مثل إنشاء عالما ٍ‬
‫ت‬ ‫ومضر أيضا ً لغايا ٍ‬
‫ّ‬ ‫(مثل اإلعالنات المتلفزة)‬
‫تجارية)؛ وذلك ألنه كلما زا د انتباه الناس لإلعالن التجاري‪ ،‬كان من المحتمل أن‬
‫لححج ذهني ٍة مضادةٍ للرسائل التسويقية المقنعة في اإلعالن التجاري وبذلك‬
‫ٍ‬ ‫يؤسسوا‬
‫يطوروا مقاومةً للمثل تلك الرسائل‪.‬‬
‫وفقا ً لهذه الفكرة‪ ،‬فال تجدي اإلعالنات التجارية نفعا ً ألنها فقط تجذب االنتباه وتقنع‬
‫ط مع مع المنتج أو العالمة‬ ‫ت عاطفي ٍة إيجابي ٍة ترتب ُ‬‫تولّد استجابا ٍ‬
‫المشاهد منطقياً‪ ،‬بل ألنها ِّ‬
‫التجارية من خالل التكرار البسيط لتلك اإلعالنات‪ .‬فال يُساعد االنتباه الكبير لإلعالن‬
‫تناقض فيما بينها‪ .‬لذا يفضَّل االنتباه القليل‬
‫ٍ‬ ‫ذاته من هذ العملية وقد يؤدي في الحقيقة إلى‬
‫الذي يُصاحب االرتباطات الذهنية اإليجابية وهذا ما يُسمى بنموذج معالجة االنتباه القليل‬
‫لفاعلية اإلعالنات التجارية‪.‬‬
‫ت عدة‪ .‬ويُمكن لقياسات‬ ‫وقد ناقشت بحوث الدعاية واإلعالن حول هذه المسألة لسنوا ٍ‬
‫التسويق العصبي أن تُساعد في حل هذا الخالف‪ ،‬فهنالك كمية كافية من األدلّة التي تشير‬
‫أن الناس يقاومون ضمنيا ً الرسائل التسويقية المقنعة (كما هو موضح في الفصل ‪.)5‬‬
‫وإضافةً إلى ذلك‪ ،‬ال يصبُّ نموذج معالجة النتباه الكبير في الطرق الالواعية التي يُمكن‬
‫لإلعالنات من خاللها أن تؤثر على النطباعات المأخوذة عن العالمات التجارية‬
‫وسلوكيات ال شراء؛ وذلك ألنها مبنية على قياس استجابات واعية ذات اإلبالغ الذاتي‬
‫عنها باستخدام طرق البحث التقليدية مثل المقابالت الشخصية واالستبيانات‪ .‬لذا فنحن‬
‫نعلم أنها مبنية على صورة غير متكاملة للعمليات العقلية ذات الصلة بها‪.‬‬
‫وتوفر نتائج بحوث علم الدماغ الحديث بشأن العمليات الالواعية –مثل االستحضار‬
‫الذهني واأللفة ومعالجة السالسة والعالمات العاطفية‪ -‬مصدرا ً غنيا ً بالنماذج الجديدة‬
‫الختبار هاتين الطريقتين‪ .‬وبطرح فكرة مركزية العواطف الواعية والالواعية في‬
‫استجابات المستهلك‪ ،‬فقد يبدو من المحتمل أن تُعتبر العواطف اإليجابية جدا ً بدالً من‬
‫االنتباه الكبير أو القليل ركيزة فعالية الدعاية واإلعالن‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫العواطف والذاكرة‬
‫أكدت الكثير من الدراسات أن األحداث المفعمة بالعواطف يتم تذكرها أكثر من األحداث‬
‫صةً إذا ما ُح ِّفّزت العواطف من قِّ َبل أحدا ٍ‬
‫ث تتوافق والحالة العاطفية عند‬ ‫المحايدة‪ ،‬وخا ّ‬
‫المتعرض لها في تلك اللحظة‪ ،‬فإن كال العواطف اإليجابية والسلبية تُحسن من الذاكرة‪.‬‬
‫قصور في ذاكرتهم مثل مرضى‬ ‫ٌ‬ ‫ظ هذا التأثير حتى عند األشخاص الذين لديهم‬ ‫لوح َ‬
‫وقد ِّ‬
‫ألزهايمر‪.‬‬

‫العواطف تجعل الذكريات قابلةً للتذكر‬


‫سن العواطف من الذاكرة فقط‪ ،‬بل وتُحسن من الذاكرة التركيزية‪ .‬ويعتقد علماء‬ ‫ال تُح ّ‬
‫الدماغ البشري أن كال هذين التأثيرين على عالق ٍة بالدور الذي تلعبه العواطف في آليات‬
‫التنبيه والتعلُّم‪.‬‬
‫ومما يدعم هذه الفكرة‪ ،‬أن دراسات أجريت على تفاصيل الحوادث العاطقية أظهرت‬
‫أمور‬
‫سن فقط للمعلومات المتعلقة بمسبب الحادثة العاطفية وليس لتلك التي‬ ‫أن الذكريات تُح ّ‬
‫أشخاص‬
‫ٍ‬ ‫ع ِّرضت على‬ ‫على صلة بالمعلومات المحيطية‪ .‬وفي إحدى تلك الدراسات‪ُ ،‬‬
‫تقنية‬
‫جرا َء إصاب ٍة في الرأس‪ .‬كان أكثر ما‬
‫صورة راكبة دراجة مستلقية على األرض تنزف ّ‬
‫تكره الناس هو التفاصيل التي تخص تلك المرأة َك ِّ‬
‫لون السترة التي ترتديها أكثر مما‬
‫تذكروا التفاصيل الخارجية كلون السيارة التي كانت على مقرب ٍة منها‪ ،‬وهذه النتيجة‬
‫المطورة لتلقي المعلومات المتعلقة بالجوهر‬
‫ّ‬ ‫مقهومةٌ من وجهة النظر النشؤية‪ ،‬فالذاكرة‬
‫ي ِّ حادثة يُحتمل أن تكون أكثر فائدة من المعلومات المحيطية وذلك إذا ما‬ ‫العاطفي في أ ّ‬
‫ت الحق‪.‬‬‫موقف مماث ٌل في وق ٍ‬
‫ٌ‬ ‫حدث‬
‫إن معظم الناس يألفون فكرة الذكريات الومضية‪ ،‬وهي ذكريات ذات صلة بحادثة‬
‫عاطفية معينة (مثل الهجمات اإلرهابية التي وقعت في أمريكا ‪ 9/11‬أو تفجر المكوك‬
‫الفضائي المسمى بتشالنجر (‪ )Challenger‬الذي حصل عام ‪ )1986‬فهذ الذكريات‬
‫مصور على هذين الحدثين‪ .‬إال أن مثل هذه األحداث هي‬
‫ٍ‬ ‫ُح ِّفرت في ذاكرتنا بإثبا ٍ‬
‫ت‬
‫أحداث سلبية دائما ً مصاحبة لدرجا ٍ‬
‫ت عالية من المفاجئة والصدمة‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫أشخاص‬
‫ٍ‬ ‫ت مستقبلية على تسجيل تقارير عن أنشطة‬ ‫وقد أقدم علماء ذوي تطلعا ٍ‬
‫ومشاعرهم في عقب أحداث سلبية مشابهة‪ ،‬ثم كرروا التسجيل بعد فترة زمنية تقدر بسن ٍة‬
‫ت أو حتى عشر سنوات‪ ،‬وقاموا بإجراء مقابل ٍة مع هؤالء األشخاص‬ ‫واحدة أو ثالث سنوا ٍ‬
‫‪125‬‬
‫مرة ً أخرى وسجلوا ذكرياتهم‪ ،‬فكانت النتائج ثابتة على نح ٍو مفاجئ‪ .‬وبالرغم من امتالك‬
‫الناس يقينا ً راسخا ً بشأن دقّة ذكرياتهم لمثل تلك األحداث‪ ،‬إال أنه في أغلب األمثلة ال‬
‫تكون هذه الذكريات صحيحة‪ .‬ولكل أنواع التفاصيل – أين كان هؤالء األشخاص ومع‬
‫كبير عن مسارها‬
‫ٍ‬ ‫من كانوا وما الذي فعلوه ومتى فعلوه‪ -‬فقد انحرفت ذكرياتهم بشك ٍل‬
‫يخص هذه النتائج ليست معيبة بالقدر الكبير‪ ،‬بل‬
‫ُّ‬ ‫األصلي‪ .‬إن الشيء المثير لالهتمام فيما‬
‫ألن الناس هم متأكدين بشدّة بأن الذكريات المعيبة تلك هي صحيحة‪.‬‬
‫ط الضوء على ميزة ذات أهمية كبيرة في الذاكرة البشرية؛ تلك التي تُطبّق حتى‬ ‫وهذا يسل ُ‬
‫ى عاطفي‪ .‬تتغير‬ ‫على الذكريات التي يُمكن استذكارها بوضوح والمشبعة بمحتو ً‬
‫الذكريات لدينا باستمرار‪ ،‬أو حتى فعل االستذكار يُغ ِّيّر من محتوى ذكرياتنا‪.‬‬

‫كيف نستذكر الذكريات‬


‫أجرى علماء نفس من جامعتين في نيويورك دراسة مثيرة لالهتمام لفهم سبب كون‬
‫الذكريات المتعلقة بحوادث كتلك التي تشبه حادثة تفجير ‪ 9/11‬تمي ُل إلى االنحراف مع‬
‫مرور الوقت‪ .‬فقاموا أوالً بجعل مجموعة من المشاركين في هذه الدراسة يُسجلون‬
‫ذكرياتهم عن األحداث التي وقعت في ذلك اليوم‪ ،‬ث َّم طابق العلماء كل مشاركٍ مع آخر‬
‫كانت لديه التجربة نفسها‪ ،‬وك ُّل شخصين من هؤالء األشخاص الذين تمت مطابقتهم قد‬
‫ناقشوا ذكرياتهم المتعلقة بتفجير ‪ .9/11‬وقد وجدَ العلماء أنه عندما قام مشاركٌ ما‬
‫بمناقشة تفاصيل معينة في يومه عند وقوع الحداثة‪ ،‬كان كال المشاركين أكثر قدرة على‬
‫تذ ُّكر ذلك التفصيل الحقاً‪ .‬لكن إذا ما لم تتم مناقشة تفصي ٍل ما‪ ،‬فكان من الصعب عليهما‬
‫تذ ُّكره‪ ،‬وعلى وجه الخصوص‪ ،‬فإن الذكريات التي على صلة كبيرة بتلك التي ذ ُ ِّكرت‬
‫خالل المحادثة أصبح من الصعب الوصول إليها من كال المتحدث والسامع‪ .‬ومع مرور‬
‫الوقت‪ ،‬فقد يُحتمل أن تُنسى هذه الذكريات‪.‬‬
‫إن الذي كان يحدث هو نوعٌ من النسيان الجماعي المبني على تجربة االستذكار في ما‬
‫بمعنى آخر‪ ،‬يُمكن لمناقشة ذكرى معينة فيما بينهما –حتى وإن كانت‬
‫ً‬ ‫بين المشاركين‪ ،‬أو‬
‫ذكرى واضحة مثل المكان الذي كان فيه المشارك أو السيء الذي كان يقوم به في يوم‬
‫‪ -9/11‬أن تؤثر في تغيير تلك الذكرى مما يجعل من بعض التفاصيل يسهل الوصول‬
‫إليها وتذكرها وبعضها يصعب تذكرها‪ .‬وإذا ما نوقشت ذكرى معينة عدَّة مرا ٍ‬
‫ت مع عدة‬

‫‪126‬‬
‫معين من الذكرى‬
‫ٍ‬ ‫أشخاص‪ ،‬فإن التأثير الكلّي قد يكون استبدال الذكرى األصلية بنوعٍ‬
‫المشتركة المشوهة‪.‬‬
‫ت أكثر عمومية – وغالبا ً ما قد يُساء فهمها‪ -‬من صفات الذاكرة‬ ‫ضح التجربة صفا ٍ‬ ‫تو ِّ ّ‬
‫البشرية؛ فذكرياتنا تُبنى ويُعاد بناؤها باستمرار فال يت ُّم حفظها سليمة دون أي تشويه‪.‬‬ ‫تذكر‬
‫إن الكثير من الناس لديهم فكرة شائعة عن الذاكرة أنها تعمل كعمل خزانة المطبخ‪،‬‬
‫فالذكريات كأطباق العشاء التي توضع في خزائن المطبخ‪ ،‬وأنه عندما نودُّ الحصول‬
‫ق نقوم بفتح تلك الخزائن ونتناول الطبق الذي نريد‪ .‬ونحن بالطبع‬ ‫عليها في وق ٍ‬
‫ت الح ٍ‬
‫ق ذاتها‪ ،‬ألن الخزانة هي مجرد صندوق ال تأثير له‪.‬‬ ‫نتخيل ذكرياتنا كاألطبا ِّ‬
‫إال أن الذاكرة البشرية ال تعمل كـ"خزانة الذكرياتِّ" هذه‪ .‬فقد قدّم ليونارد ملودينو‬
‫(‪ ) Leonard Mlodinow‬تحليالً أفضل –وأكثر حداثة‪ -‬في كتابه ( ‪Subliminal:‬‬
‫)‪)How Your Unconscious Mind Rules Your Behavior (Pantheon‬‬
‫الال شعور‪ :‬كيف يتحكم عقلك الباطن بتصرفاتك‪ ،‬حيث قال فيه‪ :‬أن الذكريات كالصور‬
‫المخزنة في القرص الصلب الخاص بحاسوبك‪ .‬فبسبب أن الصور الخام تحتل حيّزا ً‬
‫كبيرا ً في الذاكرة‪ ،‬فال تُخزن حرفيا ً فيها‪ ،‬بل يُستخدم النظام العشري لحفظها في صيغٍ‬
‫مضغوط ٍة جدا ً تتضمن جوانب رئيسي ٍة معين ٍة من الصورة األصلية‪ .‬فعندما يتم‬
‫استرجاعها‪ ،‬فتكون مختلفةً بعض الشيء مما كانت عليه عند تخزينها‪.‬‬
‫وحتى هذا التحليل يفشل في وصف الذاكرة البشرية بالرغم من ذلك؛ ألننا نمزج ذكرياتنا‬
‫نستذكر ذكرى معينةٍ‪ ،‬فإن تلك الذكرى تكون جزئيةً وغير‬
‫ُ‬ ‫أكثر من ذلك‪ .‬ففي ك ِّّل مرةٍ‬
‫مكتمل ٍة ويقوم عقلنا الباطن بملئ الجوانب المفقودة من تلك الذكرى ببدائل معقولة والتي‬
‫ُّ‬
‫نظن أننا قمنا به‪.‬‬ ‫مستمر في ما‬
‫ٌ‬ ‫تغير‬
‫ٌ‬ ‫تُمزج عندها مع الذكرى األصلية‪ ،‬وتكون النتيجة‬
‫ساخر‪ ،‬فإن الطريقة الفضلى في الحفاظ على الذكرى سليمة هو في عدم‬ ‫ٍ‬ ‫وعلى نح ٍو‬
‫تذكرها !‬
‫وقد ُو ِّث ّقت قابلية الذاكرة البشرية على الخطأ جيداً‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬في السياق‬
‫ت باطلة والتي تحدد الحقا ً‬‫عيان إلى التسبب باتهاما ٍ‬
‫ٍ‬ ‫القانوني‪ ،‬تؤدي شهادة خاطئة لشاهد‬
‫عن طريق انتكاسات مبنية على الحمض النووي (‪ .(DNA‬ففي مختبرات علم النفس‪،‬‬
‫نجح العلماء في حث أي نوعٍ من أنواع الذاكرة الزائفة تقريبا ً عند المشاركين بالتجربة‬
‫والذين الذين كانوا مطمئنين‪ .‬من أشكال حث الذكريات الزائفة التي قاموا بها إقناع ما‬
‫نسبته ‪ % 62‬من المشاركين في إحدى الدراسات أنهم قد صافحوا شخصية باغز باني‬

‫‪127‬‬
‫(‪ )Bugs Bunny‬عندما قاموا بزيارة مدينة ديزني الترفيهية (‪ )Disneyland‬عندما‬
‫كانوا صغاراً‪ ،‬وهذا األمر يُعد مستحيالً ألن شخصية باغز باني تابعة لشركة ويرنار‬
‫بروس (‪ )Warner Bros‬وليس شخصية من شخصيات شركة دزني (‪)Disney‬؛ لذا‬
‫لم تكن شخصية باغز باني في مدينة دزني الترفيهية‪.‬‬

‫وكما لخص ملودينو (‪ ،)Mlodinow‬أدت البحوث المجراة على الذاكرة البشرية إلى‬
‫تذكر‬
‫ثالثة استنتاجا ٍ‬
‫ت رئيسية هي‪:‬‬
‫✓ أن الناس يمتلكون ذاكرة جيدة لحفظ الجوهر العام لألحداث لكنها ضعيفة في حفظ‬
‫التفاصيل‪.‬‬
‫✓ عندما يتم الضغط على االنس الستذكار التفاصيل التي لم يتم تذكرها‪ ،‬حتى أولئك‬
‫األشخاص الذين يبذلون جهدا ً كبيرا ً ليكونوا دقيقين في تذكرها سيملؤون النةاقص في‬
‫ذاكرتهم دون قصد‪.‬‬
‫✓ كما أن الناس يصدقون الذكريات التي يعدلونها‪.‬‬

‫تمتلك هذه االستنتاجات مضامين واضحة ك ٍّل من باحثي التسويق التقليديين و‬


‫مستخدمي التسويق العصبي‪ .‬فيعتبر االعتماد على تقارير المستهلكين الذاتية لمعرفة‬
‫تحذير!‬
‫ما فعله الناس في الماضي تقنية خطرة ً جداً‪ .‬وحتى عند استخدام أساليب التسويق‬
‫العصبي المطورة وغير الشفهية‪ ،‬فإن من المهم تذ ُّكرك أن آليات قياس تفعيل الذاكرة‬
‫مؤشر على أن العمليات المعالجة في‬‫ٌ‬ ‫(مثل قياس الموجات الدماغية) هي وبكل بساط ٍة‬
‫الذاكرة تحدث في الدماغ‪ ،‬وال تعرفك بشيءٍ من محتوى هذه الذاكرة متضمنا ً ما إذا كانت‬
‫تستذكر الشيء أو الموقف بدقّة‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫الذاكرة والعالمات العاطفية‬
‫تعزز العالمات العاطفية من عملية تفعيل الذاكرة‪ ,‬فكلما زادت حدة رد الفعل العاطفي‪،‬‬
‫زادت قوة الذكرى لدى اإلنسان‪ ،‬إال َّ‬
‫أن ما يتم تذكره ليس التسجيل المثالي لتجرب ٍة معين‪،‬‬
‫بل الذكريات المختارة فقط هي التي يترسخ فيها الكثير من التفاصيل‪ .‬ويتم ملئ هذه‬
‫التفاصيل وبكل سالس ٍة من قِّبل العقل الباطن عندما يتم استرجاع تلك الذكرى‪ .‬ونحن ال‬
‫نجيد التفرقة فيما بين الذكرى األصلية وما أضفناه عند استرجاعنا له‪ ،‬لذا فإدراكنا‬
‫الواعي لماضينا يكون جزئيا ً ومشوهاً‪.‬‬
‫إن هذا العالم هو سبي ٌل جنوني لبناء نظام ذاكرة معين وذلك إذا ما كانت غاية هذا‬
‫تذكر‬
‫النظان تذ ُّكر الماضي بدقة كشريط فيديو بشري دون أي عيوب او نواقص‪ .‬إال أن هذا‬
‫تتطور‬
‫ّ‬ ‫ليس هو السبب‪ ،‬مما يدلنا إلى أهم نقطة بشأن الذاكرة وهي‪ :‬أن الذاكرة البشرية لم‬
‫عالم‬
‫لتمكن من استرجاع الذكريات بشك ٍل مثالي؛ فهي قد تطورت للعيش والنجاة ضمن ٍ‬
‫غامض‪ .‬ويعتمد مبدأ النجاة بالضرورة على قدرتنا في معرفة الفرق بين ما هو مه ٌّم وما‬
‫هو العكس‪ ،‬فهو ال يعتمد على تذ ُّكر كل شيء‪ .‬ولذلك‪ ،‬تعمل عقولنا على أساس‬
‫المقايضة؛ فتوفر الذكرى المعززة عاطفيا ً نظاما ً ممتازا ً للتعرف والتعلُّم من أهم األحداث‬
‫في حياتنا؛ سواء أكانت إيجابية أم سلبية‪ ،‬أو واعدة بالربح أو مهددة للحياة‪ ،‬إال أن هذه‬
‫الذكرى تتجاهل الكثير من المعلومات في عملية التذكر‪.‬‬
‫تعمالن معا ً‬
‫ِّ‬ ‫ويُعدُّ هذا على صل ٍة بعالم التسويق وسلوكيات المستهلكين‪ ،‬فالذاكرة والعاطفة‬
‫كركائز في استج ابات المستهلكين وردود أفعالهم تجاه الرسائل التسويقية والعالمات‬
‫ى واعٍ في العقل‪ ،‬فهي غالبا ً ما تعمل‬ ‫التجارية والمنتجات‪ .‬وقد تعمل أحيانا ً على مستو ً‬
‫على المستوى الالواعي في عقل البشر‪ .‬إال أنها وفي كال المستويين تساعد على شق‬
‫يوم من حياتنا‪ .‬إال أن الكثير من هذه العملية‬
‫طريقنا في كمية هائلة من المعلومات في كل ٍ‬
‫ال يمكن الوصول إليها من قِّبل عقولنا الواعية‪ ،‬لذا ال يمكننا أن نخبر عنها بدقة إذا ما‬
‫طلب منا‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪129‬‬
‫الفصل السابع‬

‫فهم جديد ألهداف ودوافع المستهلك‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫فهم العلم الجديد ال ُمتعلق بالتحفز‬ ‫‪‬‬


‫رؤية كيف أن األهداف الالوعية تقوم بتوجيه السلوك‬ ‫‪‬‬
‫دراسة اآلثار ال ُمترتبة على ال ُمسوقين والمستهلكين‬ ‫‪‬‬
‫سنضع معا ً رؤية جديدة ألسلوب ال ُمستهلكين في التسوق والشراء‬ ‫‪‬‬
‫كل شخص يعرف تماما ً ما هو شعور أن يكون لديه هدف‪ ,‬إال إذا انتقلتَ بشك ٍل عشوائي ٍ إلى هذه‬
‫الصفحة‪ ,‬ومن ال ُمحتمل أنك تعمل حاليا ً تحتَ هدفٍ ُمدرك أال وهو تصفح هذا الفصل! إن األهداف‬
‫هي ال ُمسير التحفيزي وراء القرارات واإلجراءات وهي في غاية األهمية للتسويق والتسويق‬
‫العصبي‪ ,‬ألنها اآللية التي ربطنا من خاللها تصوراتنا وعواطفنا وأفضليات العالمات التجارية‬
‫وال ُمنتجات بالنسبة لخياراتنا وسلوكياتنا ك ُمستهلكين‪.‬‬
‫سرنا‬
‫في هذا الفصل‪ ,‬سنتطرق إلى العلم الجديد ال ُمثير وال ُمدهش ال ُمتعلق باألهداف والتحفيز‪ ,‬لقد ف ّ‬
‫كيف أن الناس لديهم أفكار غير ُمدركة بشكل ُمستمر وال يعلمون بها وكيف تتحقق وتتنشط وكيف‬
‫تكون هذة االهداف ُمقنعة إن تحققت أو لم تتحقق ؟ ماذا يحدث بعد السعي الناجح أو حتى الفاشل‬
‫لألهداف؟ وكيف يرتبط كل هذا بالتسويق العصبي؟ ‪.‬‬
‫النظر إلى كيفية تسيير أهدافنا لنا‬
‫ُعرف الهدف على أنّه تمثيل عقلي للحالة النهائية لما هو مرغوب به مع‬
‫في علم النفس االجتماعي‪ ,‬ي ّ‬
‫درجة ُمعينة من المعرفة الدقيقة او غير الدقيقة حول كيفية تحقيق هذه الحالة‪ ,‬بمعنى آخر الهدف هو‬
‫شيء تُريد تحقيقه إلى جانب إمتالكك لخطة ُمعينة للوصول إلى ذلك الهدف‪.‬‬
‫تعمل األهداف على جميع المراحل في حياتنا‪ ,‬من األهدف ال ُمباشرة والعابرة إلى هدفٍ لمدى الحياة‬
‫لقيادة حياة ُمنتجة وذات معنى فبعض األهداف ُمرتبطة باالقتناء واإلستهالك وهذا اهتمام رائع‬
‫لل ُمسوقين حيث أن االعالن ووسائل االتصال الخاصة بالتسويق بشكل عام هي باألساس جهود‬
‫إلقناعنا حتى نتجه نحو اهدافٍ ُمعينة ال نحو أهدافٍ أخرى‪.‬‬
‫كيف يحصل اإلنسان فعليا ً على األهداف وماذا يفعلون ب ُمجرد خضوعهم تحت تأثير هدف ما؟ هذا‬
‫الوسط االكاديمي العالمي بين أخصائي التسويق العصبي‬ ‫باهتمام ُمتزايد في َ‬
‫ٍ‬ ‫الموضوع الذي يتمتع‬ ‫تذكَّر‬
‫وعلم النفس االجتماعي و قد تم تطوير هذا البحث بإتجاهات غير ُمتوقعة ليس من باب ال ُمبالغة بل‬
‫للتحدث عن ظهور علم جديد للتحفيز على مدى العقدين الماضيين‪.‬‬

‫العلم الجديد للتحفيز‬

‫شيء وحيد يُمكن أن يبدو بديهيا ً عن األهداف وهو انه ال يُمكن أن يكون لديك هدف إال إذا علمت أنه‬
‫لديك هدف ولكن هذا يُشبه العديد من التصريحات البديهية التي تتحول إلى تصريحات خاطئة‪ ,‬وحتى‬

‫‪130‬‬
‫فترة بسيطة كان يعتقد العلماء أن األهداف تك ُمن بالكامل في مجال العقل الواعي وأن العديد من‬
‫األشخاص قد تعلم الكثير عن األهداف الواعية‪ ,‬والتي تتضمن تركيب الدماغ وردود الفعل الكيميائية‬
‫التي تنطوي وراء تنشيط االهداف الواعية كالسعي واإلنجاز‪.‬‬

‫حديث في علم النفس اإلجتماعي بالرغم من اتباع أخصائي علم النفس األوائل أمثال‬ ‫ٌ‬ ‫هناك عم ٌل‬
‫‪ John Bargh‬من جامعة ‪ Yale‬و ‪ Tanya Chartrand‬من جامعة ‪ ,Duke‬وقد تم الكشف سابقا ً‬
‫وزمالئهم قد إكتشفوا أن األهداف يُمكن أن‬ ‫عن جانب خفي لألهداف والحوافز وأن هؤالء العُلماء ُ‬
‫تُتنشط وتتفعل وتُتابع وحتى تتحقق خارج وعينا اإلدراكي تماما ً باإلضافة إلى ذلك‪ ,‬فقد قاموا‬
‫باكتشاف أن تلك العمليات التحفيزية التلقائية والغير إدراكية يُمكن أن يكون لها تأثيرات هامة وراء‬
‫الهدف نفسه من خالل تأثير غير مرئي لمزاجنا وأحكامنا وسلوكياتنا ال ُمتأخرة‪.‬‬ ‫أمور‬
‫وفي الوقت نفسه أكدّت األبحاث الحديثة في علم األعصاب اإلدراكي بأن األجزاء التي يتم تنشيطها‬ ‫تقنية‬
‫في الدماغ عندما نقوم بالرصد وال ُمراقبة بشكل واعي لسعينا نحو األهدافو تختلف عن األجزاء التي‬
‫تُدير السعي وراء الهدف " ُمبرمجة" ذاتياً‪.‬‬

‫علماء الدماغ على هذا التفكك ( فصل ما يظهر على أنه وظيفة دماغية واحدة إلى وظائف‬ ‫يُطلق ُ‬
‫وعناصر ُمنفصلة) وعندما يتواجد التفكك يُمكن أن تعمل األجزاء بشكل ُمنفصل وهذا ما يحدث عند‬
‫السعي وراء األهداف– حيث يُمكن لعمليات الدماغ أن تعمل دون تدخ ٍل من العمليات األخرى‪,‬‬
‫فأدمغتنا ُمعتادة على التحكم باألهداف بشكل ادراكي‪ ,‬يُمكن للنظام الهدف أن يعمل من تلقاء نفسه‬
‫بشكل ُمثير للدهشة خارج وعينا اإلدراكي تماماً‪.‬‬

‫إن اآللية التي يتم من خاللها تحقيق األهداف بشكل الواعي تُذكرنا باالستحضار الذهني )تم عرضه‬
‫في الفصل الخامس ) حيث يعتمد اإلستحضار الذهني على التنشيط الترابطي ( اآللية التي يتم من‬
‫خاللها تنشيط فكرة أو مفهوم واحد في ادمغتنا وتشغيل افكار ومفاهيم أخرى تكون "قريبة" في‬
‫الذاكرة)‪.‬‬

‫سماع كلمة (تكسي) على سبيل المثال في قصة ما ‪ ,‬تُنشط مفاهيم ذات صلة مثل كيف تدفع لركوب‬
‫طلب منك لفظ الكلمة (‪ )Fair‬بمعنى عدالة‪ ,‬ستقوم على األرجح‬ ‫سيارة األجرة (التكسي) ‪ ,‬أو إن ُ‬
‫(بالرغم من أن‬
‫ُ‬ ‫بلفظها (‪ )Fare‬ويُعزى ذلك إلى تأثير اإلستحضار الذهني لل ُمصطلح سيارة األجرة‬
‫كلمة (‪ )Fair‬تظهر بشكل ُمتكرر أكثر بال ُمحادثات والكتابات في اللغة اإلنجليزية(‪.‬‬

‫األهداف ال ُمدركة والغير ُمدركة‬

‫يُمكن ان يتم تمييز األهداف عن الحاالت الذهنية األخرى مثل التفضيالت أو المشاعر ‪ ,‬من خالل‬
‫مجموعة السلوكيات التي يُمكن التنبؤ بها والتي تعتبر فريدة من نوعها بالنسبة لألهداف ‪:‬‬

‫✓ تعمل األهداف على مدى فترات طويلة من الزمن ‪.‬‬

‫✓ ال تزال األهداف قائمة لتواجه العقبات‪.‬‬


‫‪131‬‬
‫✓ إذا انقطعت‪ ,‬نستئنف السعي وراء الهدف في أول فرصة حتى وإن كان العديد من األنشطة األكثر‬
‫جاذبية ُمتاحة لنا‪.‬‬

‫✓ قوة حافز الهدف تزداد بمرور الوقت حتى تتحقق ‪.‬‬

‫✓ ب ُمجرد تحقق الهدف يختفي الحافز بسرعة‪.‬‬

‫✓ ُمخرجات السعي وراء الهدف سواء النجاح أو الفشل في الوصول إلى الهدف‪ ,‬يمكن أن يُغير لنا‬
‫مزاجنا وسلوكنا بعد وقوعها‪.‬‬

‫األهداف ال ُمدركة هي ببساطة األهداف التي ندرك إمتالكنا لها‪ ,‬وقد اعتمدنا و وضعنا إستراتيجيات‬
‫الخطط للسعي وراء أهدافنا وقُمنا بتقييم تقدُمنا وق ّ‬
‫سمنا الكلمات واألفعال التي نأمل أنها ستُقربنا من‬
‫أهدافنا سلوكيا ً وقد تم تحريك جميع هذه األنشطة من خالل الحافز وقُمنا بتجربة الحافز لتحقيق‬
‫األهداف وإنخرطنا في السلوكيات إلرضاء تلك الحوافز‪.‬‬

‫إن االكتشاف األكثر إثارة للدهشة من أبحاث األهداف الغير ُمدركة هي ليس عدم قُدرتنا فعليا ً على‬
‫تحقيق األهداف دون العلم بها‪ ،‬بل نحن نقوم بذلك بنفس مجموعة السلوكيات ال ُمرافقة والتي تم‬ ‫تذكَّر‬
‫مالحظتها في السعي وراء الهدف ال ُمدرك حيث تعمل األهداف غير ال ُمدركة خالل الوقت وتستمر في‬
‫مواجهة العقبات‪ ،‬وت ُ ْست َأنف بسرعة‪ ،‬وتزداد قوة ً مع مرور الوقت‪ ،‬وتختفي بسرعة ب ُمجرد تحقيقها‬
‫‪،‬وتؤثر على المزاج والسلوك ال ُمتأخر كاألهداف ال ُمدركة تماما ً ‪.‬‬

‫علماء الدماغ التشابه بين السعي وراء األهداف ال ُمدركة وغير ال ُمدركة من ناحية التطور‬ ‫فَ َّ‬
‫س َر ُ‬
‫التدريجي‪ ،‬حيث إن األهداف ال ُمدركة موجودة في أدمغة الحيوانات قبل فترة طويلة من ظهور البشر‬
‫والوعي الذاتي و األنماط السلوكية‪ ،‬التي تقترن بالسعي وراء الهدف‪ ،‬وجميع ذلك يزيد من إحتمالية‬
‫ي أن تكون موجودة من األساس (كما هو الحال عندما ت َنشأ‬ ‫تحقيق األهداف‪ ،‬والتي من الضرور ّ‬
‫أ َجْ زاء أحدث للدماغ أعلى الدماغ القديم ويظهر الوعي)‪ ،‬فالسعي وراء الهدف ال ُمدرك بكل بساطة‬
‫عناصر للتداول ال ُمدرك والتخطيط‬
‫َ‬ ‫يقوم على إستخدام هذه اآلليات الموجودة من قبل‪ ،‬ويضيف عليها‬
‫‪.‬‬

‫ومن وجهة نظر علم الدماغ الموضوع ليس عن السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك ‪،‬بل إنه ُمحاكاة‬
‫للسعي وراء الهدف ال ُمدرك فعلى العكس من ذلك‪ ،‬فقد تم إنشاء آليات للسعي وراء الهدف غير‬
‫ال ُمدرك‪ ،‬وكل هذه اإلتصاالت السلوكية منذ زمن طويل في زمن التطور وإن السعي وراء األهداف‬
‫ال ُمدركة تسد عن اآلليات القائمة فيما بعد‪ ،‬وتوسع وتعزز نطاقها بطبقة جديدة من الوعي اإلدراكي‬
‫والسيطرة ‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫األهداف والسلوك‬

‫إن عملية السعي وراء الهدف‪ ،‬سواء أكان ُمدرك أو غير ُمدرك‪ ،‬يظهر في أربع مراحل ‪:‬‬

‫‪ 1‬يتم تنشيط الهدف‪ ،‬إما بشكل طوعي (السعي وراء الهدف ال ُمدرك)‪ ،‬أو من خالل تلميح خارجي‬
‫(السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك) ‪.‬‬

‫‪ 2‬يتم تنشيط أنظمة ُمعالجة المعلومات الداخلية لتوجيه السعي وراء الهدف ‪.‬‬

‫‪ 3‬حدوث إستجابات سلوكية ‪.‬‬

‫‪ 4‬ترتيب العواقب ‪.‬‬

‫يتضمن السعي وراء الهدف ال ُمدرك‪ ،‬اإلدراك الواعي‪ ،‬ورصد كل مرحلة من المراحل‪ ،‬ولكن في‬
‫جميع النواحي األخرى يعمل السعي وراء الهدف ال ُمدرك وغير ال ُمدرك بنفس الطريقة ‪.‬‬

‫اإلستحضار الذهني هو اآللية التي تستطيع من خاللها اإلشارات الخارجية في بيئاتنا تنشيط‬ ‫أمور‬
‫اإلستجابات الداخلية في ظل غياب الوعي اإلدراكي ‪.‬وفي الفصل الخامس‪ ،‬قمنا بعرض النوعان‬
‫تقنية‬
‫الرئيسيان لإلستحضار الذهني ‪:‬‬

‫اإلستحضار الذهني الترابطي ‪:‬هو اآللية المعرفية التي يتم من خاللها التفكير بفكرة واحدة أو مفهوم‪،‬‬
‫ويجعله سهالً للوصول إلى األفكار والمفاهيم األخرى التي لها إرتباط وثيق في الذاكرة‪ ،‬وكما تذكر ما‬
‫قلناه عن ُمصطلح سيارة األجرة وعند اإلستحضار الذهني للكلمة اُجرة بدالً من العدل هو مثال‬
‫توضيحي عن اإلستحضار الذهني الترابطي ‪.‬‬

‫اإلستحضار الذهني التحفيزي ‪:‬هو اآللية التي يتم من خاللها تحقيق األهداف بدالً من تنشيط الصالت‬
‫الذهنية بين المفاهيم في الذاكرة‪ ،‬اإلستحضار الذهني التحفيزي يُنشط سلسلة ُمتتالية من عمليات‬
‫السعي وراء الهدف والتي تبقى نشطة حتى يتم تحقيق الهدف أو التخلي عنه ‪.‬يُمكن وصف‬
‫اإلستحضار الذهني التحفيزي على أنه "إستحضار ذهني ترابطي زائد"‪ ،‬وهو قائم على ترابطات‪،‬‬
‫ولكن األهداف الذي يتم السعي وراءها باإلضافة إلى األهداف والمفاهيم ‪.‬‬

‫لإلستحضار الذهني الترابطي آثار على السلوك‪ ،‬ولكن آثاره ضعيفة نسبيا ً وقصيرة المدى‪ ،‬وتقل‬
‫بسرعة عبر الزمن أما اإلستحضار الذهني التحفيزي فلديه خصائص أقوى‪ ،‬فهو طويل المدى‪،‬‬
‫وآثاره ثابتة واألكثر أهمية من ذلك أن له التأثير األكبر على السلوك في عالم التسويق وسلوك‬
‫ال ُمستهلك‪ ،‬واإلستحضار الذهني التحفيزي هو المجال الذي ت َركز عليه أبحاث التسويق العصبي بكمية‬
‫كبيرة حاليا ً ‪.‬‬

‫في التجارب المعملية ال ُمبتكرة التي أجريت على السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة‪ ،‬كان يتم في‬
‫العادة إنجاز اإلستحضار الذهني من خالل عرض األشخاص لبعض الكلمات أو العبارات التي أدت‬
‫إلى عرض إرتباطات الباحثين التي أرادوا إختبارها‪ ،‬فعلى سبيل المثال ‪:‬يُمكن أن يُطلب من بعض‬
‫‪133‬‬
‫ال ُمشاركين إكمال إختبار ال ُجملة ال ُمبعثرة‪ ،‬بطريق ٍة ال يبعثرون بها قائمة قصيرة من الكلمات لتكوين‬
‫ُجمل صحيحة قواعديا ً‪ ،‬ومن غير المعروف لل ُمشاركين أن الكلمات الواردة في ال ُجمل تم إختيارها‬
‫إلستحضار إرتباطات أو أهداف ُمعينة‪ ،‬مثل ‪ :‬الزمن القديم (لعبة الحظ‪ ،‬العصر الفلوريدي‪ ،‬التقاعد)‪،‬‬
‫التدبير (بخيل‪ ،‬الحذر‪ ،‬قرش)‪ ،‬أو الترف (المكانة‪ُ ،‬مكلف‪ ،‬إعجاب)‪.‬‬

‫هذه األساليب فعّالة وتتضمن أدوات عدة للكثير من شركات التسويق العصبي اليوم (أ ُنظر للفصلين‬
‫السادس عشر والسابع عشر)‪.‬‬
‫إن ال ُمختبر ليس غرفة معيشة وال ممر متجر البقالة‪ ،‬لذلك فإن أكثر البحوث الحديثة ال تُركز كثيرا ً‬
‫ي‪.‬‬
‫على ُمحفزات اإلستحضار الذهني الصناعي ولكنها ترتكز على ال ُمحفزات التي تظهر بشكل طبيع ّ‬
‫وقد حدد الباحثون أنواع عدّة لإلستحضار الذهني التي تظهر على أنها جيدة بشكل خاص في تحفيز‬
‫بصور طبيعية ‪.‬وهذه بعض األمور األكثر أهمية ( ُملخصة مع بعض التعديالت‬
‫ٍ‬ ‫السعي وراء األهداف‬
‫من طبعة الـ ‪ 2007‬بواسطة شارتراند ُ‬
‫والزمالء بعنوان "سوابق وعواقب السعي وراء األهداف غير‬
‫ال ُمدركة") ‪:‬‬

‫✓ الحاالت اإلجتماعية‪:‬‬

‫ُمحفزات الحاالت اإلجتماعية ‪:‬الحاالت اإلجتماعية التي تمت مواجهتها مرارا ً وتكرارا ً يُمكن‬ ‫‪1‬‬
‫أن تقوم بتنشيط األهداف التحفيزية‪ ،‬وفي الغالب هذه الحاالت قد شاركت معاني ثقافية‪ ،‬مثل‬
‫‪:‬أماكن العمل‪ ،‬و بيئات المنزل ‪.‬ويمكنها تفعيل أهداف ُمشابهة بشكل وثيق بين األفراد ‪.‬‬
‫تهديدات النرجسية ‪:‬عندما يُنظر إلى الحالة اإلجتماعية على أنها تهديد إلحترام الذات أو‬ ‫‪2‬‬
‫المصلحة الشخصية للفرد‪ ،‬فإنها يُمكنها أن تؤدي إلى تنشيط الهدف تلقائيا ً بهدف التعزيز أو‬
‫الحفاظ على الشعور بالذات ‪.‬‬
‫ال ُمغريات ‪:‬يُمكن لل ُمغريات تنشيط األهداف التنافُسية تلقائيا ً التي تواجه ال ُمغريات ‪.‬هذا مثال‬ ‫‪3‬‬
‫على هدف غير ال ُمدرك يتصرف بطريقة دفاعية أو وقائية إلعتراض السلوكيات التي‬
‫نعتبرها خطرة‪ ،‬أو مؤذية‪ ،‬أو غير ُمالئمة ‪.‬‬
‫اإلختالفات الفردية في الحاالت اإلجتماعية ‪:‬لدى الناس ميوالت ُمختلفة فيما يتعلق‬ ‫‪4‬‬
‫باألهداف‪ ،‬ولهذه اإلختالفات القُدرة على جعل بعض األشخاص أكثر عرضة لبعض أنواع‬
‫اإلستحضارات الذهنية مقارنةً باآلخرين‪ ،‬فعلى سبيل المثال ‪:‬أظهرت دراسة بأن مفاهيم‬
‫اإلستحضار الذهني ُمتعلقة بقوة إثارة األهداف المتعلقة بالمسؤولية اإلجتماعية لألشخاص‬
‫في ال ُمجتمعات ال ُمو ّجهة‪ ،‬واألهداف المتعلقة بالمصالح الشخصية أكثر في األشخاص‬
‫المستلقيين بذاتهم ‪.‬‬
‫✓ األشخاص ‪:‬‬

‫‪ 1‬إنتشار الهدف ‪:‬رؤية شخص آخر يُتابع هدفا ً ما ‪،‬يعد كافيا ً في معظم األحيان لتحريك نفس‬
‫الهدف فيك ‪.‬ويُمكن لشخص واحد إلتقاط هدف ما بطريقة غير إدراكية من شخص آخر‪ ،‬حتى‬
‫وإن كان هدف الشخص الثاني ُمضمر أو ُمتخيل فقط ‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫‪ 2‬تفعيل المنطقية وال ُمقاومة ‪:‬عند مواجهة حالة ُمرتبطة بمجموعة نمطية‪ ،‬فإن األشخاص‬
‫الذين يؤمنون بالمساواة بشدة يميلون إلى التمتع بوعي ٍ مسبق يتعلق بالصورة النمطية‪ ،‬بينما‬
‫األشخاص األقل تكريسا ً لمبدأ ال ُمساواة فيُظهرون عالمات التنشيط النمطي ‪.‬‬
‫‪ 3‬التأثير بآخرين ‪:‬تعد إحدى أقوى أهداف اإلستحضار الذهني تأثيرا ‪،‬يَظهر عندما يتم تنشيط‬
‫أفكار شخص ُمؤثر في حياة أحد ما (األم‪ ،‬األب‪ ،‬الصديق) من خالل اإلستحضار الذهني‪،‬‬
‫وأوجدت الدراسات‪ ،‬على سبيل المثال ‪:‬أن تنشيط أفكار صديق ما يُمكنها أن توحي بأن‬
‫الهدف ُمفيد‪ ،‬وإن تفعيل وتنشيط أفكار أب يتطلب كثيرا ً من الجهد ويمكن أن يؤدي إلى إنجاز‬
‫الهدف ‪.‬‬
‫✓ األشياء والرسائل‪:‬‬

‫‪ 1‬األشياء والعالمات ذات القيمة الشخصية ‪:‬‬

‫عدّة دراسات حديثة بدأت بالبحث عن المدى الذي يُمكن للعالمات التجارية والشعارات وال ُهتافات‬
‫التسويقية أن تكون األساس للهدف ‪.‬توصلت هذه األبحاث إلى بعض النتائج ال ُمذهلة و ُمشيرة ً‪،‬‬
‫فقدتوصلت إلى أن تلك العالمات التجارية يُمكنها تمثيل وتحريك األهداف الطموحة‪ ،‬حتى وإن‬
‫واجهت أمرا ً خارجيا ً للغاية‪ ،‬في كثير من األحيان وبنفس الطريقة التي يقوم بها األشخاص‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال ‪:‬التعرض لشعار شركة (‪ ،)Apple‬وجد أنه يحفز األهداف اإلبداعية‪ ،‬التعرض‬
‫لشعار (‪ )Disney‬يُمكنه تحفيز أهداف الصدق‪ ،‬والتعرض لشعار (‪ )Walmart‬يُمكنه تحفيز‬
‫أهداف التدبير (لقد قمنا بدراسة شعار شركة ‪ Apple‬اإلبداعية بتفصيل أكثر في الفصل التاسع) ‪.‬‬

‫✓ األعراف اإلجتماعية ‪:‬‬

‫تفعيل القواعد بشكل إجتماعي ‪:‬أخيرا ً إكتشف الباحثون أن لألعراف اإلجتماعية القدرة على‬
‫تُنشيط السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة‪ ،‬وفي دراسة كان األشخاص يتعرضون لصورة مكتبة‬
‫أو محطة قطار‪ ،‬وتم إخباروهم بأنهم سيقومون بزيارة الموقع بعد اإلنتهاء من التجربة ب ُمهمة من‬
‫ال ُمفترض أنها ُمنفصلة والتي أدخلت القراءة بصوت عالي‪ ،‬واألشخاص الذين تعرضوا‬
‫إلستحضار المكتبة تحدثوا بصوت أنعم من األشخاص الذين تعرضوا إلستحضار محطة القطار‪،‬‬
‫عرف ما سيعمل على تنشيط‬ ‫فببساطة تستعرض الدراسة فكرة اإلحتجاج حيث (أ) اإلحتجاج على ُ‬
‫السلوك المعياري كردة فعل ُمناسبة ‪.‬‬
‫تذكَّر‬
‫ي‪،‬‬
‫إن إتساع نطاق هذه المصادر الخاصة باإلستحضار الذهني للهدف يؤدي إلى اإلستنتاج الحتم ّ‬
‫وهو أن اإلستحضار الذهني لألهداف البُد من أن يحدث في كل لحظة من كل يوم تقريبا ً‪ ،‬وحتى‬
‫ي لباحثي السوق ‪.‬ومع‬ ‫اآلن هذا المصدر الرئيس لخيارات ال ُمستهلك وسلوكه ال يزال غير مرئ ّ‬

‫‪135‬‬
‫ق ويُمكن آلثاره أن يتم تقصيها لكل من‬
‫ظهور التسويق العصبي يُمكن إستكشاف ذلك بعم ٍ‬
‫ال ُمسوقين وال ُمستهلكين ‪.‬‬

‫إمتالكنا ألهداف لسنا ُمدركين لها‬

‫يتناسب السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة بشكل ُمريح مع ميزات أُخرى للتقدم غير ال ُمدرك‬
‫والتي قُمنا بتسليط الضوء عليها‪ ،‬كالكفاءة المعرفية‪ ،‬واألُلفة‪ ،‬والتقدم ال ُمتقن (عدّ إلى الفصل‬
‫الخامس)‪ ،‬وعالمات عاطفية غير ُمدركة (عدّ إلى الفصل السادس) ‪.‬وهي آلية أ ُخرى في ُجعبة‬
‫اإلنسان خاصة في العمليات التلقائية والتي تجعلنا نعمل بأمان وفاعلية لحظةً بلحظة دون تحطيم‬
‫قدرات تقدُمنا ال ُمدرك بشكل محدود نسبياً‪.‬‬

‫في هذا القسم سنعي ما الذي تعنيه "عملية السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة" ال ُمتعلقة بفَهمنا‬
‫للتسويق وسلوك ال ُمستهلك‪ ،‬وما هي األثار ال ُمترتبة على كل من ال ُمسوقين والمستهلكين ‪.‬‬

‫العمل تحت تأثير األهداف غير ال ُمدركة‬

‫يعرض السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك صورة ُمختلفة تماما ً عن الطريقة التي يتوجه بها‬
‫المستهلكين إلى أعمالهم يوما ً بعد يوم من حيازة وإستهالك ال ُمنتجات والخدمات ‪.‬بدالً من التداول‬
‫وحسابات التكاليف والفوائد‪ ،‬مثل ما يُأكده النموذج اإلستهالكي العقالني‪ ،‬إيزاء القليل من اإلنتباه‬
‫لما يقومون به‪ ،‬واإلستعانة بالمصادر الخارجية في أكثر حساباتهم للعمليات الذهنية التي ال‬
‫يعلمون حتى بأنها موجودة ‪.‬‬
‫تذكَّر‬
‫اإلعتماد على سعي الناس وراء الهدف غير ال ُمدرك ال يجعلهم أقل حساسية اتجاه ظروفهم‬
‫كشخص في غفوةٍ من الحبوب ال ُمنومة‪ ،‬إنها في الحقيقة تجعلهم أكثر حساسية‪ ،‬ألنها‬
‫ٍ‬ ‫باشرة‪،‬‬
‫ال ُم ِّ‬
‫تجعلهم يتصرفون العملية التي ال عالقة لها في تركيزها ومرونتها في إمكانياتها ‪.‬جميع‬
‫السلوكيات ال ُمرتبطة بالسعي وراء الهدف التي قُمنا بوصفها هي الثبات في وجه العقبات‪،‬‬
‫واإلستئناف بعد اإلقطاع‪ ،‬وزيادة القوة التحفيزية عبر الزمن‪،‬إلخ كل ذلك يُساعد الناس على التنقل‬
‫عرضةً‬ ‫بمرونة نحو أهدافهم حتى مع تغير ظروفهم ال ُمباشرة ‪.‬إن عقولنا الالواعية هي أقل ُ‬
‫للتشويش من عقولنا الواعية ‪.‬‬

‫عندما بدأت بفهم آليات السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك أصبح لكثي ٍر من السلوكيات الغامضة معنى‪،‬‬
‫حيث أننا قُمنا بفعل ذلك عند طلب وعاء من اآليس كريم ونحن نُشاهد التلفاز البارحة ؟‪-‬إذا إستذكرت‬
‫فربما تذكرت أنك رأيت إعالنا ً في وقت سابق وقت الظهيرة لبيتزا تبدو لذيذة ً جدا ً ‪.‬يُمكن أن‬
‫ذلك‪ُ -‬‬
‫تكون قد قامت تلك الصورة بتنشيط هدف األكل لديك التي تمت عن طريق الدماغ بواسطة تركيزك‬
‫على اآليس كريم‪ ،‬ألن اآليس كريم كانت أفضل من البيتزا في الوصول إلى عقلك‪ ،‬الحظ أن هذه‬
‫العملية لم تكن منطقية جدا ً‪ ،‬فاآليس كريم ليست بيتزا ‪.‬ولكن العقل الالوعي ال يعمل بمنطق ‪،‬المنطق‬
‫هو الشيء الذي نقوم بتسليمه لعقولنا الواعية دون الحاجة إلى الكثير من التفكير ال ُمدرك‪ ،‬وعاء من‬

‫‪136‬‬
‫اآليس كريم جيدٌ إلشباع هدف تناول الطعام والتي حفزتها شريحة البيتزا‪ ،‬ومن خالل مثل هذا‬
‫العمليات نقوم بإتخاذ ُمعظم قراراتنا اإلستهالكية يوما ً بعد يوم ‪.‬‬

‫بالنظر إلى سلوك ال ُمستهلك‪ ،‬على أنه نشاط ُموجه‬


‫ِّ‬ ‫وفي العادة يقوم كالً من الباحثين والمستهلكين‬
‫َسوق له غرض‪ ،‬فالمعنى األكثر عمومية أن هذا الغرض يهدف إلى سد الفجوة بين ما‬ ‫للهدف‪ ،‬فالت ّ‬
‫نملكه وما نحتاجه‪ ،‬يعتقد ُمعظم ال ُمستهلكون بأنهم على وعي بجميع األهداف التي يَ ْسعَون إليها عندما‬
‫يتسوقون‪ ،‬وإذا أخبرتهم بأنهم يكونون في بعض األحيان تحت تأثير األهداف غير ال ُمدركة‪ ،‬سيظنون‬
‫أنك مجنون ‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإن السؤال المهم هو ‪:‬إلى أي مدى يُمكن أن يكون السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة ُمتصالً‬
‫بشكل ُمباشر في العمليات الرئيسية لسلوك ال ُمستهلك‪ ،‬كالتفضيالت للعالمات التجارية‪ ،‬وال ُمنتجات‪،‬‬
‫َسوق ‪.‬‬
‫وإختيار ال ُمستهلك‪ ،‬والسلوكيات ال ُمتعلقة بالت ّ‬
‫يُمكن لألهداف غير ال ُمدركة أن تؤثر على تفضيالت ال ُمنتج‬

‫أظهرت الدراسات ‪-‬وبشكل ُمتكرر‪ -‬أن تفضيالت ال ُمنتج يُمكن أن تتغير بشكل ملحوظ تحت تأثير‬
‫األهداف ال ُمختلفة التي يتم تنشيطها‪ ،‬على سبيل المثال ‪:‬تنشيط أهداف "اإلدخار" أو "المكانة" يُمكن‬
‫أن يُغير التفضيالت بشكل كبير بين ال ُمنتجات ال ُموجه لإلدخار والمكانة ضمن فئات ُمختلفة كإختالف‬
‫الجوارب‪ ،‬والمايكروويف‪ ،‬والسهولة التي يتم من خاللها التالعب باألفضليات‪ ،‬وكأغلب األسس غير‬
‫ال ُمباشرة والتي دفعت الكثير من الباحثين للتساؤل فيما إن كانت التفضيالت تبقى وتدوم لفترة طويلة‬
‫كما يعتقد ال ُمستهلكون وباحثي السوق ؟‬

‫يُمكن لألهداف غير ال ُمدركة أن تؤثر على إختيار ال ُمنتج‬

‫أظهرت دراسة أُخرى أن األهداف األساسية ال ُمتعلقة بالمكانة واإلدخار في دراسات‬

‫‪(Chartrand and colleagues,”Nonconscious Goals and Consumer Choice”,‬‬


‫طلب من ال ُمستهلكين إختيار خيارات حقيقية‪ ،‬وليس فقط اإلفصاح عن األفضليات‪،‬‬ ‫)‪ 2008‬والتي ت ُ‬
‫عرض على ال ُمستهلكين‬‫وذلك بإتباع تدريب اإلستحضار الذهني ال ُمتعلق باألهداف غير ال ُمدركة‪ ،‬لقد ُ‬
‫شقق‬‫اإلختيار من بين الخيارات الرخيصة والباهظة في الثمن بثالث فئات‪ :‬الجوارب الرياضية ‪،‬وال ُ‬
‫‪،‬وأنظمة الصوت‪.‬‬

‫حول اإلستحضار الذهني الخيارات السابقة بنسبة تصل إلى ‪ %40‬في اتجاه الخَيار‬
‫في كل حالة‪ّ ،‬‬
‫الذي يتماشى مع الهدف األساسي ‪.‬‬

‫ت ُظهر هذه الدراسة بشكل خاص ضرب مثال على "أهداف يتم إستحضارها ذهنيا ً وتُصبح أقوى عبر‬
‫س ِّمح للمستهلكين في مجموعة ما أن يُحددوا خيارات ال ُمنتج الخاص بهم بعد أن يتم‬ ‫الزمن"‪ُ .‬‬
‫ثمان دقائق قبل أن يقوموا‬
‫ِّ‬ ‫إستحضارها ذهنيا ً بثالث دقائق‪ ،‬بينما تم إجبار المجموعة الثانية لإلنتظار‬
‫بتحديد خياراتهم ‪.‬في حالة اإلختيار السريع ‪ %59‬من ال ُمستهلكين إختاروا الخيار الذي تم إستحضاره‬

‫‪137‬‬
‫ذهنيا ً‪ ،‬ولكن في حالة اإلختيار ال ُمتأخر‪ %70 ،‬من ال ُمستهلكين إختاروا الخيار الذي تم إستحضاره‬
‫ذهنيا ً وبذلك فإن تأخير‪ 5‬دقائق أضافت ‪ %11‬نسبة نحو البديل الذي تم إستحضاره ذهنيا ً ‪.‬‬

‫يُمكن لألهداف غير ال ُمدركة أن تُؤثر على سلوك الت َ ّ‬


‫سوق‬

‫هذه الخاصية في غاية األهمية فيما يتعلق باإلستحضارات الذهنية التحفيزية والتي يُمكن أن تكون‬
‫غير ُمزعجة أبدا ً و ُمدركة ‪ ،‬وتكون بمستوى أقل من الوعي اإلدراكي‪ ،‬وال تزال يُـأثر على سلوك‬
‫ال ُمستهلك ‪.‬‬

‫س ّوق والسلوك‬
‫قام الباحثون بدراسة آثار اإلستحضار الذهني لألهداف غير ال ُمدركة على نوايا الت َ‬
‫َسوق (عدّ إلى الفصل‬ ‫‪.‬ووجدت دراسة أخرى أن اإلستحضار الذهني العكسي يُـأثر على نوايا الت ّ‬
‫الخامس)‪ ،‬وبعد أن تم تعريض شعارات المتاجر الباهظة على ال ُمستهلكين بعد اإلستحضارات‬
‫التسوق ال ُمقبلة‪ ،‬ولكن عندما‬
‫ّ‬ ‫الذهنية‪ ،‬قاموا بالتصريح عن نواياهم في إنفاق مبلغ أكثر في رحلة‬
‫تعرضوا ل ُهتافات تلك المتاجر إنعكس ذلك على اإلستحضار الذهني‪ ،‬وقاموا بالتصريح عن نواياهم‬
‫في إنفاق مبلغ أقل في رحلة التسوق ال ُمقبلة ‪.‬‬

‫ويعزي الباحثون هذا التأثر إلى تنشيط تصحيح األهداف في العقول غير الواعية لل ُمتسوقين ‪،‬إذن هذا‬
‫هو‪ ،‬لقد قاموا بتنشيط هدف ما ليواجه تأثير ال ُمراسالت ال ُمقنعة ك ُهتافات بسيطة ‪.‬‬

‫مع األخذ بعين اإلعتبار كيف يُمكن لمتجر ِّبقالة أن يستخدم اإلستحضار الذهني بهدف تحفيز المزيد‬
‫َسوق من أجل تحقيق أرباح أكثر‪ ،‬إن العالمات التجارية لألطعمة التي تكون باهظة الثمن‬ ‫من الت ّ‬
‫بال ُمقارنة مع العالمات التجارية العامة أو الخصومات‪ ،‬ومن األمور التقليدية في إستراتيجيات‬
‫التسويق داخل المتجر والتي من الممكن وضعها داخل قسم ُمنفصل في المتجر من بين الكثير من‬
‫اللوحات الخاصة بال ُمستهلكين الُسعداء والراقيين الذي يستمتعون باألطعمة اللذيذة والفاخرة ذات‬
‫الزينة الغريبة‪ ،‬إلى جانب نسخة التسويق اإلضافية لشرح سبب كون هذه األطعمة خاصة ‪.‬‬

‫وبالنقيض من ذلك‪ ،‬إن اإلستراتيجية تهدف إلى اإلستفادة من السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة التي‬
‫وربما ال تحتوي‬ ‫خاص بـ "الترف" أو "النرجسية"‪ُ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫بإمكانها التركيز على اللوحات لتنشيط هدف عام‬
‫هذه الصور على مواد غذائية‪ ،‬ألن ذلك قد يدفع المتسوقين إلى تنشيط هدف تصحيحي‪ّ ،‬أال وهو‬
‫ُمقاومة اإلقناع‪ ،‬والذي قد يُعيق تأثير اإلستحضار الذهني ‪.‬ويُمكن اإلحتفاظ بفكرة إقامة قسم خاص‬
‫بذلك‪ ،‬ولكن قد يتم وضع القسم في الجزء الخلفي من المتجر‪ ،‬ويُمكن أن توضع الصور عند المدخل‬
‫حتى يكون هنالك فترة تأخير ُمناسبة بين اإلستحضار الذهني وإستحضار الرضى بالمواد الغذائية‬
‫الفاخرة‪ ،‬ويمكن أن يتم إلغاء التشديد على النُسخة المكتوبة‪ ،‬والسبب في ذلك هو أن القراءة تميل إلى‬
‫تنشيط التفكير الواعي والتقييمي‪ ،‬والذي بدوره قد يزيد الحجج ال ُمضادة باإلضافة إلى أن طريق‬
‫اإلستحضار الذهني للصور وقسم المواد الغذائية الفاخرة قد يحتاج إلى أخذ الحيطة والحذر إلزالته‬
‫عن المواد األخرى الفاخرة والتي قد تجذب المتسوقين الذي قاموا باإلستحضار الذهني وقد تُشبع‬
‫األهداف التي تم إستحضارها ذهنيا ً قبل أن يصل المتسوق إلى القسم الخاص فعليا ً‪ ،‬وقد تكون هذه‬

‫‪138‬‬
‫بمثابة إستجابة إلى مبدأ السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك حال ما يتحقق هدف الحوافز يختفي بسرعة‬
‫‪.‬‬

‫اآلثار ال ُمترتبة على أهداف التفكير غير ال ُمدرك‬

‫تخلق حقيقة األهداف غير ال ُمدركة وعملية السعي وراء الهدف تحديات ُمثيرة لإلهتمام وأسئلة لكل‬
‫من ال ُمسوقين و ال ُمستهلكين‪ ،‬وقد قُمنا بوصف القليل من تلك المواضيع ُهنا‪.‬‬

‫لل ُمسوقين ‪:‬‬

‫عمالئك أنهم ُمتأثرون بطرق ُمختلفة تماما ً عن نموذج اإلقناع ال ُمباشر الذي نَ َ‬
‫شأت عليه‬ ‫سيُظهر ُ‬
‫ك ُمسوق‪ ،‬وال يُمكنك أن تسألهم عن تلك التأثيرات‪ ،‬ألنهم ال يدركونها ‪.‬‬

‫إن عملية السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك‪ ،‬هي عملية مرنة و تكيُفية إذ إن ال ُمستهلكين عند السعي‬
‫وراء الهدف غير ال ُمدرك تكون عملية ُمستمرة و ُمحفزة للنجاح‪ ،‬بالرغم من أنهم ال يدركون ِّلما‬
‫تحذير!‬
‫عمالئك التي‬ ‫عمالئك‪ ،‬وربطت بين ُمنتجاتك وأهداف ُ‬ ‫يفعلون ‪.‬وإذ فَهمت األهداف التي يسعى إليها ُ‬
‫عمالئك طريقةً للحصول على ُمنتجاتك ‪.‬‬‫تُحقق رضاهم‪ ،‬سيجد ُ‬
‫قد يكون لدى ال ُمستهلكين القدرة على ُمقاومة الرسائل اإلقناعية‪ ،‬حتى الرسائل الخفية جدا ً كالشِّعارات‬
‫التي قد تؤدي إلى حدوث آثار عكسية لإلستحضار الذهني ‪.‬وهذا يعني أن مصاريف إعالناتك‬
‫وحمالتك التسويقية التي قمت بها بجهد جهيد قد تؤدي إلى تأثير عكسي لما تُحاول فعله ‪.‬‬

‫هل تقوم بتسويق رسائل تُخاطب العُقول الواعية لعُمالئك بالرغم من أنها تخلق نوع من ال ُمقاومة في‬
‫عقولهم الالواعية ؟‬

‫يُمكن إلعالنك أن يعمل على إستحضار الالوعي‪ ،‬فاإلستحضار الذهني ليس بالضرورة أن يكون‬
‫منطقيا ً‪ ،‬لذلك التعرض إلعالنك يُمكن أن يُنشط األهداف التي لم تنويها أبدا ً ‪.‬‬

‫ما األهداف والسلوكيات التي تستحضرها ؟‬

‫ما األهداف التي تستحضرها إعالنات ُمنافسيك ؟‬

‫يُمكن للعالمات التجارية أن تعمل كإستحضارات ذهنية وتؤدي إلى السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك‬
‫‪.‬‬

‫شركة ‪ Apple‬تستحضر اإلبتكار‪ ،‬وشركة ‪ Disney‬تستحضر المصداقية ‪.‬‬

‫حيث يستجيب ال ُمستهلكون ال‪-‬إراديا ً للعالمات التجارية بالطرق التي يستجيبون بها لألشخاص ‪.‬‬

‫ما األمر التي تقوم عالمتك التجارية بإستحضاره ؟‬


‫‪139‬‬
‫ما األهداف والسلوكيات التي تستحضرها العالمات التجارية ل ُمنافسيك ؟‬

‫للعُمالء ‪:‬‬

‫"أن تعلم بأنك تُحقق األهداف بشكل ال‪-‬إرادي قد يكون ُمزعجا ً بعض الشيء" ‪.‬‬

‫تقول أحدث علوم الدماغ بأن عملية البحث عن هدفك غير ال ُمدرك جيدة بشكل عام‪ ،‬حيث أنها توجهك‬
‫نحو إشباع ُمتطلباتك األساسية وبقائِّكَ بعيدا ً عن األمور التي قد تضرك‪ ،‬لكنك اآلن ال تزال تتساءل‬
‫‪:‬ما األمر الذي يتوجب عليك فعله إذا كانت عملية السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك تدفعك نحو‬
‫اتجاهات ال يُريد عقلك الواعي أن يتجه نحوها ؟‬

‫لقد رأينا بأن اإلستحضار الذهني للهدف غير ال ُمدرك ال يُجدي نفعا ً إال إذا اجتمع شرطان ‪:‬‬

‫✓ يجب أن تكون إيجابيا ً اتجاه الهدف الذي قمت بإستحضاره ذهنيا ً ‪:‬إذا لم يكن الهدف يروق لك‬
‫فإنه من غير ال ُممكن إستحضاره ذهنيا ً‪ ،‬االستحضار الذهني لتدخين السجائر‪ ،‬على سبيل المثال لن‬
‫يُجدي نفعا ً معك إذا وجدت أن التدخين يُثير إشمئزازك ‪.‬‬

‫✓يجب أن تشعر بحاجة ماسة لتلبية الهدف ال ُمستحضر ‪:‬إن كنت تشعر بأن ُهنالك فجوة ٌ بين حالتك‬
‫الحالية والحالة التي تُنشط الهدف حتى يتحقق لك‪ ،‬ال يُمكنك أن تقوم باإلستحضار لتحقيق لذلك الهدف‬
‫‪.‬‬

‫يُمكنك التحكم ال‪-‬إراديا ً بأي من هذه الظروف‪ ،‬بالرغم من أن الحالة الثانية هي أسهل للتحكم بها‬
‫من الحالة األولى‪ ،‬على سبيل المثال ‪:‬إذا أدركت أن التعرض للعالمة التجارية "‪"Nordstrom‬‬
‫يُمكن أن تدفعك نحو فكرة "اذهب و ُكن ُمسرفاً" كهدف غير ُمدرك‪ ،‬لكن عقلك الواعي يعلم بأن‬
‫نصيحة‬
‫حسابك الخاص ال يتحمل ذلك الهدف‪ ،‬يُمكنك أن تُلبي هذا الهدف بشرائك شيء أصغر "باهض‬
‫الثمن" كشراء كوب من الكابتشينو بقيمة ‪ 10‬دوالرات في مقهى عصري‪ ،‬سيكون عقلك الالوعي‬
‫راضيا ً‪ ،‬فقد أُنجزت ال ُمهمة ‪.‬ولن تذهب بعد اآلن لصرف ‪ 3000‬دوالر على بدلة جديدة في‬
‫(‪.)Nordstrom‬‬

‫وهنالك آثار أخرى ُمترتبة على األهداف غير ال ُمدركة لل ُمستهلكين‪ ،‬أال وهي حقيقة أنه ‪:‬قد يترتب‬
‫عواقب على الفشل إزاء تحقيق الهدف غير ال ُمدرك لما تشعر به وكيف تتصرف‪ ،‬يُمكن أن يبدو‬
‫أمرا ً غير عادل‪ ،‬ولكن أظهرت الدراسات أنه عندما تفشل من أجل تحقيق هدف لم تكن تعلم حتى‬ ‫تحذير!‬
‫أنك تسعى إليه‪ ،‬ستشعر بإستياء ويُعزى ذلك إلى أنك ال تكون ُمدرك للمصدر‪ ،‬فأنت ت ُجرب هذا‬
‫شعور كحال ٍة غامضة‪ ،‬أوشعور سلبي لما ال تستطيع التنازل عنه في موضوع ُمعين ‪.‬‬ ‫ال ُ‬

‫وجد الباحثون أن الحاالت المزاجية الغامضة سببها إنخفاض إحترام الذات‪ ،‬والتي تميل إلى‬
‫ُمتابعة الفشل حتى تحقيق الهدف غير ال ُمدرك ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫وهذا بدوره‪ ،‬قد يُنشط أهدافا ً غير ُمدركة أُخرى لتعزيز إحترام الذات‪ ،‬والذي يُمكن تحقيقه من‬
‫خالل اإلنخراط في نشاط لتعزيز الذات‪ ،‬واآلثار ال ُمترتبة على ال ُمستهلكين إن وجدت نفسك في‬
‫التسوق‬
‫ّ‬ ‫التسوق‪ ،‬فأنت لست بحاجة إلى القيام بالمزيد من‬
‫ّ‬ ‫حالة مزاجية غير ُمتوقعة بعد تجربة‬
‫لزيادة هذه الحالة المزاجية‪ ،‬فقط قم بفعل شيء يجعلك تشعر بالتحسن ‪.‬‬

‫حافز ال ُمستهلك‪ ،‬البحث عن الهدف‪ ،‬تحقيق الهدف‬

‫في هذا القسم‪ ،‬قُمنا بتلخيص كيف أن العلم الجديد ال ُمتعلق بالحافز وعملية السعي وراء الهدف‬
‫الغير ُمدرك ستُغير مفهومنا عن سلوك ال ُمستهلك‪ ،‬وتزيد الصورة ال ُمنبثقة عن ال ُمستهلك البديهي ‪.‬‬

‫المنهج واألُمور التي يتم تجنبها في طريقنا للتسوق‬

‫السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك يجعل من إستخدام اآلليات غير ال ُمدركة (تمت مناقشته في‬
‫فصول سابقة)‪ ،‬عالمات فعالة ونشطة وعاطفية وتتقدم بسرعة وتقوم باإلستحضار الذهني ‪.‬وهذه‬
‫العالمات معا ً تجتمع لتُعرفنا وتقودُنا نحو أهدافنا‪ ،‬مثلما سنناقش في الفصل القادم‪ ،‬سيقودنا ذلك‬
‫للوصول إلى باب القرار ويبدأ هذه بطرق الباب‪ ،‬ومع عد ٍد كبير من القوى غير ال ُمدركة والتي‬
‫ي أن تأتي ك ُمفاجأة لتعلم أن‬
‫قامت باإلصطفاف و ُممارسة تأثيرهم حيث أنه ليس من الضرور ّ‬
‫قراراتنا غالبا ً ما تكون ُمتوقعة‪ ،‬ولكن دعونا نؤجل هذا النقاش للفصل التاسع ‪.‬‬

‫حتى اآلن‪ ،‬نُريد أن نسأل أسئلة ُمختلفة ‪:‬كيف يُمكن ترجمة عملية السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك‬
‫مر يُمكن تنفيذه ؟‬
‫إلى أ ٍ‬
‫ما هي الحاالت أو ال ُمخرجات أو الشعور أو الدوافع التي تو ّجه السلوك الذي يجعلنا نسعى وراء‬
‫الهدف غير ال ُمدرك ؟‬

‫تعود بنا اإلجابة لنقاشنا حول المشاعر في الفصل السادس ‪.‬‬

‫أنه الشعور بأن أمرا ً ما يجب التعامل معه تجنبه‬

‫المنهج والتجنب ُهما اتجاهان للبُعد التحفيزي للعاطفة‪ ،‬فهما يملكان تعبيرات سلوكية حرفية جدا ً ‪:‬حافز‬
‫المنهج يجعلُنا نرغب في التحرك باتجاه شيء ما‪ ،‬وحافز التجنب يجعلنا نُريد اإلبعاد عن شيء ما‪،‬‬
‫إنهما يُجسدان اتجاهات الحدث (التي تتعلق بالحركات الجسدية)‪ ،‬كما قمنا بتفصيله في الفصل السادس‬
‫‪.‬‬

‫في ممر التسوق‪ ،‬تأتي جميع اآلليات التي قُمنا بوصفها مع بعضها البعض لتُقدم الحافز لإلقتراب‬
‫من ‪،‬أو تجنب هذا التأثير ‪،‬والذي يختلف تماما ً في الحجم ُمقارنة بالتجنب الذي يُمكن أن تتعرض‬
‫لها في حياتك ‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫إن التجنب في ممر التسوق يكون ضئيالً ُمقارنةً مع التجنب عندما تواجه أسدا ً جائع‪ ،‬ولكن آليات‬
‫الدماغ في العمل هي نفسها‪ ،‬هل ستمد يدك وتجلب زجاجة ال ُمنظفات تلك ؟أو هل ستقوم بحملها‬
‫لثانية ؟أو ستنظر إليها ؟أوتُعيدها مرة أُخرى إلى الرف ؟‬

‫دراسة في التسوق حديثة قام بها موردو التسويق العصبي في شركة ساندس لألبحاث والذين‬
‫قاموا بالنظر إلى هذا السؤال بإستخدام تخطيط الدماغ الكهربائي‪ ،‬وهي تقنية تقيس النشاط‬
‫الكهربائي في الدماغ‪ ،‬وتتبع العين‪ ،‬وهي تقنية تتبع أنماط نظرات العين ‪.‬‬

‫تقنية تخطيط الدماغ الكهربائي هي تقنية جيدة للنظر إلى إستجابات تجنب النهج ألنها تستطيع‬
‫قياس الترابطات الموثوقة بين حافر تجنب النهج وأنماط موجة الدماغ التي يتم قياسها بالتخطيط‬
‫الكهربائي للدماغ (المزيد من التفاصيل في الفصل السادس عشر) ‪.‬‬

‫قام الباحثون بإلتقاط ما يُقارب الـ ‪ 18,000‬حالة ألشخاص يقومون بتعديل وجهات نظرهم ل ُمنتجٍ‬ ‫أمور‬
‫ما على الرف في متجر بقالة‪ ،‬وفي الحقيقة ما يُقارب ‪ %80‬من تلك الحاالت‪ ،‬لم يقم ال ُمتسوقون‬
‫بشراء ال ُمنتج‪ ،‬ولكن ‪ %20‬منهم قاموا بشراء ال ُمنتج ‪.‬‬
‫تقنية‬

‫تحليل ردود أفعال التخطيط الكهربائي للدماغ بعد تلك التعديالت للنظرة األولية‪ ،‬وجد الباحثون‬
‫أن أفضل ُمؤشر لمعرفة إن كان سينتهي األمر بوضع ال ُمنتج في عربة التسوق أم ال هو حجم‬
‫واتجاه قياس التخطيط الكهربائي للدماغ لتجنب النهج في لحظة ُمحددة من الوقت‪ ،‬ما يُقارب‬
‫عشرين من الثانية) بعد النظرة األولى‪ ،‬إذا كانت إشارات الدماغ تقترب‬ ‫‪ 200‬مللي من الثانية ( ُ‬
‫في تلك اللحظة‪ُ ،‬هنالك نسبة كبيرة جدا ً بأن ينتهي بال ُمنتج داخل عربة التسوق‪ ،‬إذا كانت إشارات‬
‫الدماغ تبتعد‪ ،‬فإن ال ُمنتج على األرجح سيبقى على الرف ‪.‬‬

‫هذا اإلكتشاف يُطابق نتائج ُمماثلة للبحوث العلمية‪ ،‬ويوضح مدى سرعة وقوة العوامل غير‬
‫قرار ما‪ ،‬إن فهم الديناميكا غير ال ٌمدركة التي تقودنا لنتائج ما‪،‬‬
‫ال ُمدركة في تحفيز ال ُمستهلك نحو ٍ‬ ‫تذكَّر‬
‫تُعتبر بمثابة خطوة أولية نحو بناء نموذج أكثر قوة وتنبؤ لل ُمستهلك البديهي ‪.‬‬

‫الحافز وال ُمستهلك البديهي‬

‫ال ُمستهلك البديهي على عكس ال ُمستهلك العقالني الذي هو أساس أغلب أبحاث السوق التقليدية‪،‬‬
‫فهو يقضي القليل من الوقت في تداول ال ُمنتجات والعالمات التجارية بشكل واعٍ ومدرك‪ ،‬وقُمنا‬
‫بطرح سؤال على ال ُمستهلك البديهي أال وهو سبب شراءه لألشياء التي يقوم بشرائها‪ ،‬ولماذا‬
‫يتصرف بهذه الطريقة‪ ،‬حيث ستؤثر هذا على اإلستجابات الصادقة ولكن في ال ُمقابل سيكون لها‬
‫أهمية لل ُمحركات والدوافع الفعلية التي تكمن وراء سلوك ال ُمستهلك وإختياراته ‪.‬‬

‫بالرغم من ذلك فإن ال ُمستهلك البديهي هو أساس الكفاءة العقلية‪ ،‬فالحافز مصدر محدود وله آثار‬
‫ُمهمة للعواقب ال ُمترتبة على السلوك ال ُمحفز‪ ،‬مجموعة كبيرة من األدلة أثبتت بأن عملية السعي‬
‫وراء الهدف ال ُمدرك تستفيد من قوة اإلرادة‪ ،‬وهو االسم الشائع للوقود الذي يقود السلوك ال ُمحفز‬

‫‪142‬‬
‫فإذا كنت تستنفذ الطاقة العقلية التي تقوم بتنظيم سلوكك ضمن عملية السعي وراء هدفٍ ما‬
‫فسيكون لديك قوة إرادة أقل لتطبيق الهدف التالي الذي تريد أن تسعى وراءه‪ ،‬فعلى سبيل المثال‬
‫طلب منك قمع عواطفك خالل فيلم ُمضحك ‪-‬أن ال تضحك‪ ،-‬فستكون أقل قُدرة على ُمقاومة‬ ‫‪:‬إذا ُ‬
‫تناول وجبة خفيفة بعد الفيلم ‪.‬‬

‫دراسات حديثة قامت بتمديد هذا اإلكتشاف إلى السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك على الرغم من‬
‫أن عملية السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك تستنفد قوة اإلرادة أقل من السعي وراء الهدف‬
‫المدرك‪ ،‬إال أن ُهناك ثمن البد من دفعه في عملية إستنفاد قوة اإلرادة‪ .‬ولهذا األمر آثار ُمترتبة‬
‫على كل من ال ُمسوقين وال ُمستهلكين‪ ،‬حيث يمتلك العقل الالوعي قُدرة أكبر من العقل الواعي‬
‫بالرغم من محدودية هذه القُدرات يتم قصف ال ُمستهلك باإلستحضار ال ُمحفز وتطغى عليه‬
‫األهداف الالواعية والتي يُمكن أن تجعله ُمستهلكا ً ُمرهقا ً وغير قابل للتحفيز بشكل سريع دون‬
‫أدنى فكرة عن السبب‪ ،‬وهذا يقودنا إلى الحالة المزاجية الغامضة (عدّ إلى جزء "للعُمالء" الذي‬
‫تم طرحه في بداية الفصل)‪ ،‬كما هو الحال في العواقب السلبية‪ ،‬كإنخفاض أداء المهام التي‬
‫تتطلب التركيز وضبط النفس حتى تكتمل ‪.‬ثمة نقطة أخيرة نريد أن نتطرق لها بإيجاز وهي‬
‫العالقة بين الدوافع والعادات‪ ،‬حيث ال تنبع جميع سلوكيات ال ُمستهلك من السعي وراء الهدف‬
‫ال ُمدرك وغير ال ُمدرك حيث إن كثيرا ً من سلوكيات ال ُمستهلك هي إعتيادية‪ ،‬كشراء البوشار في‬
‫كل مرة تذهب بها إلى السينما ‪.‬‬

‫تنشأ العادات من التكرار‪ ،‬وعادة ما تتطور العادات عندما تحدث بشكل ُمنتظم و ُمستمر في سلوك‬
‫ُمعين (الموقع‪ ،‬الوقت) ‪.‬وبالرغم من أن السلوك يأتي في البداية من عملية السعي وراء الهدف‬
‫غير ال ُمدرك وال ُمدرك‪ ،‬وعبر الزمن يُصبح األداءا ً تلقائيا ً ومن هذا ال ُمنطلق فإن الجدلية الظرفية‬
‫وحدها يُمكن أن تؤدي إلى اإلستجابة التلقائية‪ ،‬وتنفيذ هذه السلوكيات بقليل من الوعي اإلدراكي‬
‫كعملية السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة حيث يتم تُنشط العادات والسلوك من خالل العمليات‬
‫غير ال ُمدركة‪ ،‬ولكن على عكس العمليات التحفيزية غير ال ُمدركة فهم ليسوا بحاجة إلى دعم‬
‫األهداف أو إلى تبنيها ‪.‬‬

‫إن العادات أقل تكيفا ً ومرونة من السلوك المحفز غير ال ُمدرك‪ ،‬فاألهداف غير ال ُمدركة كما رأينا‬
‫يُمكن متابعتها على طول المسارات ال ُمتعددة ويمكن إشباعها عن طريق نواتج ُمختلفة أو عن‬
‫طريق عادات أكثر جمودا ُ وتتميز بنفس ضوابط ال ُمخرجات التي تحدث في كل مرة‪ ،‬وبسبب هذا‬
‫الجمود يُمكن للعادات أن تنفصل عن األهداف التي تقوم بدعمها أساسا ً ‪.‬‬

‫إلى ما وراء دماغ الشراء ‪:‬أهداف أخرى يهتم بها ال ُمسوقون‬

‫كما رأينا في هذا الفصل وفي فصول سابقة أن ال ُمستهلك البديهي‪ ،‬يمكن أن يكون ال ُمستهلك‬
‫العقالني أيضا ً‪ ،‬فهو ُمستهلك يرغب ال ُمسوقون بأن يكون ُمدرك لذاته‪ ،‬وشخصا ً فصيحا ً ولكن‬
‫ليس ُمستهلك ميتا ً على هيئة ح ّ‬
‫ي‪ ،‬يستخدم ال ُمستهلك البديهي التفكير الالوعي ولكن نظام التوجيه‬

‫‪143‬‬
‫السلوكي المتطور ليس إال ليتنقل بنجاح في عالم اإلعالنات‪ ،‬والتسويق‪ ،‬والعالمات التجارية‪،‬‬
‫والتسوق ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وال ُمنتجات‬

‫وفهم كيفية عمل هذه األنظمة يُمكن أن يزود ال ُمسوقين ببعض األهداف الجديدة الخاصة بهم‪ ،‬إن‬
‫الهدف من التسويق ليس فقط تنشيط "دماغ الشراء"‪ ،‬بل يتطرق هو أيضا ً إلى بعض األهداف‬
‫األخرى التي يُريد المسوقين أن يُنشطها حتى تؤثر على ال ُمستهلك البديهي وتتواصل معه بفاعلية‬
‫‪.‬‬

‫✓ أن يولي إنتباهً واضحا ً ‪.‬‬

‫✓ أن ينشط التفكير الواعي ‪.‬‬

‫✓ أن يُتابع هدفا ً ُمختلفا ً ‪.‬‬

‫✓ أن يتواصل مع اآلخرين ‪.‬‬

‫✓أن يُعطي أو يُشارك ‪.‬‬

‫✓ أن يبدأ بالقيام بشيء جديد ‪.‬‬

‫✓ أن يتوقف عن القيام بشيء قديم أو الخروج من هذه العادة ‪.‬‬

‫✓ أن يقوم بربط ذهني جديد ‪.‬‬

‫✓ أن يشعر بأن شيء ما مألوف ‪.‬‬

‫✓ أن ينظر إلى الشيء من زاوية ُمختلفة ‪.‬‬

‫✓ أن يختار بشكل ُمختلف ‪.‬‬

‫في الفصل القادم‪ ,‬سنقوم بأخذ نظرة ُمفصلة على السلوك األخير هو كيف يُقرر ال ُمستهلك‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫الفصل الثامن‬

‫لماذا نشتري األشياء التي سبق واشتريناها من قبل !‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫تلخيص لكيفية تأثير العمليات غير ال ُمدركة على عملية صنع القرار لدى ال ُمستهلك ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التعمق أكثر في كيف يُساهم تفكير النظام‪ 1‬والنظام‪ 2‬في إختيار ال ُمستهلك ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فهم اإلختالفات بين عملية صنع القرار الصريحة والضمنية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ي‪ ،‬ولكن ال يزال قادرا ً على التنبؤ ‪.‬‬
‫توضيح ِّل َم قد ال يكون ال ُمستهلك عقالن ّ‬ ‫‪-‬‬
‫تقديم األحكام اإلستداللية كمصدر غير ُمدرك ُمهم لقرارات ال ُمستهلك ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تفسير ِّل َم يفشل اإلقناع بالقيام بدوره ال ُمتوقع في التأثير على خيارات ال ُمستهلك ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وحتى هذا النقطة في الجزء الثاني‪ُ ،‬كنا نبني خلفية حقائق وإكتشافات علم الدماغ التي نحتا ُجها من‬
‫أساس التسويق العصبي ‪:‬كيف يُقرر ال ُمستهلك ما‬
‫ُ‬ ‫أجل اإلجابة على سؤالين كبيرين والذين ُهما‬
‫سيشتريه ؟و ِّل َم نحتاج التسويق العصبي لفهم هذه القرارات ؟‬

‫في هذا الفصل‪ ،‬سنُجيب على هذه األسئلة من خالل ‪:‬الت َعمق بنماذج النظام‪ 1‬والنظام‪ 2‬لـ ‪Daniel‬‬
‫صنع القرار ‪.‬‬ ‫‪ Kahneman‬بالتركيز على ال ُ‬
‫طرق ال ُمختلفة التي يعمل بها هذان النظامان في عملية ُ‬
‫ومن ثم سننظر إلى نوعين من القرارات ‪:‬القرارات الصريحة‪ ،‬والقرارات الضمنية ‪.‬وإختبار مدى‬
‫أهميتهما إلختيارات ال ُمستهلك‪ ،‬ومن ثم سنقوم بتقديم األحكام اإلستداللية (إختصارات وإنحيازات‬
‫موجودة في أنظمة اإلنسان الخاصة بعملية صنع القرار)‪ ،‬وعرض كيف أن هذه العناصر تجعل‬
‫إختيارات ال ُمستهلك أقل عقالنية وأكثر قابلية للقياس مما كان يعُرف سابقا ً ‪.‬وأخيرا ً‪ ،‬سنعيد النظر في‬
‫صنع القرار تُغير فهمنا لدور اإلقناع‬ ‫موضوع اإلقناع‪ ،‬وكيف أن جميع هذه األفكار الجديدة حول ُ‬
‫حول إختيار ال ُمستهلك ‪.‬‬

‫كيف يقوم الناس بإتخاذ القرار‬

‫مر غامض من سلوك اإلنسان‪ ،‬وتعد كل القرارات هي إختيارات‪ ،‬ومن حيث المبدأ‬ ‫صنع القرار هو أ ٌ‬
‫ُ‬
‫ق للسلوك‪ ،‬وبالوقوف أمام هذا الخَيار يُمكنك أن‬ ‫فترق ال ُ‬
‫طري ِّ‬ ‫يمكن أن يسير بشكل ُمختلف‪ ،‬فهو ُم ُ‬
‫تختار الذهاب في هذا االتجاه أو بذاك‪ ،‬ولكن بعد قيامك باإلختيار فال يمكنك التراجع عنه‪ ،‬كل إنسان‬
‫يعلم معنى أن يتخذ قرارا ً‪ ،‬ولكن ما ال نُدركهُ عموما ً هو لماذا نتخذ الخيارات التي نتخذها ؟‪ ،‬نحن‬
‫ضعفاء جدا ً عن تعريف مصادر قراراتنا‪ ،‬وخاصةً في الخيارات اليومية والتي نتخذها بشكل ُمستمر‬
‫ك ُمستهلكين ‪.‬‬

‫يقود غموض عملية إتخاذ القرار باحثي السوق إلى الجنون‪ ،‬ويقف ال ُمستهلك عند رف متجر البِّقالة‬
‫ويختار أن يضع ال ُمنتج (أ) في عربة التسوق بدالً من ال ُمنتج (ب)‪ ،‬ف ِّل َم قام بهذا اإلختيار ؟‬

‫‪145‬‬
‫حتى اآلونة األخيرة‪ ،‬الطريقة الوحيدة التي يُمكن للباحث اإلجابة فيها على هذا السؤال هو أن يسأل‬
‫ال ُمستهلك ُمباشرة ‪.‬‬

‫كان يعتقد الباحثون بأن قرارات ال ُمستهلك مبنية على الحسابات العقالنية بإستخدام معلومات متوفرة‬
‫للموازنة بين التكاليف والفوائد‪ ،‬وبنا ًء على نموذج ال ُمستهلك العقالني (تم عرضه في الفصل الثاني)‪،‬‬
‫كيف يتم دعم ال ُمستهلكين إلتخاذ القرارات التي تبدو عقالنية ومنطقية‪ ،‬وبذلك يعمل النموذج العقالني‬
‫تذكَّر‬
‫في بعض األحيان‪ ،‬ولكن في أغلب األحيان ال يتصرف ال ُمستهلكون بعقالنية ومنطقية‪ ،‬فَ ُهم يقومون‬
‫بإتخاذ القرارات التي تتعارض بإستمرار مع جميع التوقعات ال ُمتعلقة بنموذج ال ُمستهلك العقالني‪،‬‬
‫أظهر علم الدماغ الحديث سبب هذه الظاهرة‪ ،‬كما شرحنا على مدى الثالثة فصول الماضية‪ ،‬أدمغة‬
‫اإلنسان ال تعمل بالطريقة التي كنا نظن بأنها تعمل بها ‪:‬‬

‫✓ أدمغتنا الواعية عبارة عن وحدات تحكم كسولة ألدمغتنا غير الواعية‪ ،‬وتُفضل الحلول‬
‫السريعة و الفعّالة والسهلة للمعالجة العميقة ‪.‬‬

‫✓ ينتابنا الفضول بشكل طبيعي وننتبه إلى الحداثة‪ ،‬ولكن ال نثق بها تماما ً ‪.‬‬

‫✓ نثق تماما ً بالمعرفة المألوفة ونقوم بإتخاذ العديد من القرارات بنا ًء على ما هو مألوف أكثر لنا‬
‫‪.‬‬

‫✓ نُفضل األمور سهلة ال ُمعالجة حيث أننا نُخطأ بعض األحيان في ال ُمعالجة ال ُمتقنة وذلك من أجل‬
‫تأصيل الخير والحقيقة واإلقناع والسالمة واإلعجاب ‪.‬‬

‫✓ يعتمد تفكيرنا بشكل كبير على عملية تُسمى اإلستحضار الذهني‪ ،‬التي تربط فكرة بأخرى‬
‫بشكل ُمدرك وغير ُمدرك‪ ،‬ولها تأثير واسع على سلسلة األفكار وردود األفعال للعالم من حولنا ‪.‬‬

‫✓ تتأثر أحكامنا وتفضيالتنا بشكل كبير بالعالمات العاطفية التي تعمل بشكل واسع تحت الوعي‬
‫اإلدراكي الخاص بنا‪ ،‬حيث أن له تأثيرات ُمهمة على ما نُالحظه ونتذكره ‪.‬‬

‫✓ نتحفز بأهدافنا التي ال نُدرك بأننا نسعى وراءها‪ ،‬مثل ‪:‬النجاح أو الفشل الذان يؤثران على‬
‫حاالتنا المزاجية وأداءنا بطرق تُعتبر بالنسبة لنا صعبةً للوصول ‪.‬‬

‫✓الكثير من سلوكياتنا محكومة بعاداتنا الناجمة عن ال ُمنبهات البيئية‪ ،‬حيث ت ُ ْ‬


‫ص ِّد ُر دون أفكارأو‬
‫أهداف أو نوايا ُمدركة ‪.‬‬

‫ومع كل تلك الدوافع التلقائية وغير ال ُمدركة التي تعمل خارج النطاق التقليدي لعملية صنع القرار‬
‫المنطقية والمدروسة‪ ،‬ال يجب أن نكون ُمندهشين كثيرا ً بسبب بقاء إختيار ال ُمستهلك لُغزاً‪ ،‬وبأن‬
‫القصص الجميلة الخاصة بال ُمستهلكين ت ُخبر باحثو السوق بأنه غالبا ً ما يفشلوا في مواكبة ما يحدث‬
‫حاليا ً في السوق ‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫التعمق في نظام ‪ 1‬ونظام ‪ 2‬الخاص بـ ‪Kahneman‬‬

‫نموذج النظام‪ 1‬والنظام‪ 2‬لـ ‪: Daniel Kahneman‬هو نظرية لعملية مزدوجة للنشاط الذهني الذي‬
‫يُفرق بين نوعين ُمختلفين جدا ً من التفكير وإتخاذ القرار ب ُمطابقة تقريبية للمفاهيم اليومية لإلستجابة‬
‫البديهية (النظام‪ )1‬واالستجابة المنطقية (النظام‪. )2‬‬

‫النظام ‪: 1‬السريع وال ُمفعم بالطاقة‬

‫السمات ال ُمميزة للنظام ‪ 1‬البديهي ‪ :‬أن القرارات فيه تكون بعفوية وسهولة ‪.‬‬

‫العفوية ‪:‬إن األفكار البديهية هي التي تتبادر إلى العقل من تلقاء نفسها‪ ،‬دون أي دفع أو جهد من‬
‫جانبنا‪ ،‬على سبيل المثال ‪:‬يُمكننا على الفور التعرف على وجه لم نره منذ عشرين عاما ً‪ ،‬ويُمكننا أن‬
‫نُكون جملة دون التوقف عن التفكير بالنحو أو القواعد‪ ،‬وما أن نرى اللون األحمر المميز ستفكر على‬
‫الفور بكوكاكوال ‪.‬‬

‫إن معظم األفكار واألفعال تكون بديهية بشكل طبيعي‪ ،‬وفي هذا المعنى يُمكن أن تُصنف ك ُمنتجات‬
‫أمور‬
‫للنظام ‪ ،1‬فال ُمفتاح للعفوية يُمكن الوصول إليه‪ ،‬حيث يكمن في سهولة الفكرة التي تتبادر إلى الذهن‬
‫في أفكارنا الطبيعية التي تتدفق لحظةً بلحظةً‪ ،‬لقد حددنا العديد من اآلليات الذهنية التي تعمل في‬
‫تقنية‬
‫النظام‪ 1‬لتطوير إمكانية الوصول لألفكار‪ :‬كاإلستحضار الذهني‪ ،‬والمعالجة السريعة‪ ،‬والسعي وراء‬
‫الهدف غير ال ُمدرك‪ ،‬والعادات ‪.‬‬

‫السهولة ‪:‬هي الجودة ال ُمثيرة جدا ً لإلهتمام في نظام التفكير ‪1‬؛ ألن بعض خصائص األشياء أو‬
‫المواقف يمكن الوصول إليها بسهولة‪ ،‬يُسمى ذلك بالتقييمات الطبيعية‪ ،‬على سبيل المثال ‪:‬يتم إختبار‬
‫النظام ‪ 1‬لعديد من الخصائص الفيزيائية بسهولة كالحجم والمسافة وإرتفاع الصوت‪ ،‬كما يُمكننا‬
‫إختبار العديد من الخصائص ال ُمجردة بسهولة كالتشابه والسبب والنتيجة و ُمخالفة الشيء ال ُمتوقع‬
‫(ال ُمفاجأة) ‪.‬‬

‫تقييمان طبيعيان اللذان في غاية األهمية واللذان تم إختبارهما بسهولة عن طريق النظام ‪ 1‬وهما‬
‫التكافؤ العاطفي (المحبة وال ُكره)‪ ،‬وتجنب ميل النهج (اإلنجذاب الطبيعي أو النفور)‪ ،‬تلك التقييمات‬ ‫تذكَّر‬
‫ت سريعة لسؤالين عظيمين في‬ ‫تلعب دورا ً كبيرا ً في إختيار ال ُمستهلك‪ ،‬ألنها تُزود أدمغتنا بإجابا ٍ‬
‫األهمية لحاالت اإلختيار ‪:‬ماذا تُحب ؟وماذا تُريد ؟‪ ،‬وسهولة التفكير في النظام ‪ 1‬لها تأثيرات ُمهمة‬
‫خيار‬
‫ٌ‬ ‫على عملية اتخاذ القرار ‪.‬يتم قمع الغموض وإنعدام اليقين في النظام ‪ 1‬عندما يتبادر إلى الذهن‬
‫واحد‪ ،‬وتُمثيل ذلك الخيار بسرعة وتلقائية‪ ،‬وفي الغالب ال يُنظر إليه على أنه خيار على اإلطالق بل‬
‫خطوة تالية طبيعية في التدفق الخطي والسهل لألفعال ‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫النظام ‪: 2‬البطيء والمنهجي‬

‫السمات ال ُمميزة للقرارات في النظام ‪: 2‬هي السيطرة المدروسة والمجهود‪ ،‬وبالمقارنة مع النظام ‪1‬‬
‫إن عمليات النظام ‪ 2‬أبطئ وتتطلب مجهود عقليا ً واضحاً‪ ،‬وهي التي بدأت وسيطرت عليها طوعا ً ‪،‬‬
‫حيث أنه ال شيء يحدث بشكل عفوي أو تلقائي في النظام ‪( 2‬يتم رصد واستدعاء جميع العمليات‬
‫بوعي) ‪.‬‬

‫تكون نتائج النظام ‪ 2‬على شكل تداول لألحكام والتقييمات حيث يتشارك النظام ‪ 2‬في جميع األحكام‪،‬‬
‫سواء أكانت تنشأ على شكل إنطباعات (أحكام بديهية)‪ ،‬أو على شكل (أحكام متعمدة)‪ ،‬وهذه إحدى‬
‫الصفات الهامة لعمليات النظام ‪ ،2‬فـفهم عبارة واحدة عن الترابط وتتبادر إلى الذهن عندها يظهر‬
‫تداول جديد للفكر‪ ،‬فهو يشوه ويقطع الفكر السابق‪ ،‬ولذلك فهو يسمى بـ "تعدد المهام"‪ ،‬ال يُمكن‬
‫تحقيقه إال في واحدة من الطريقتين ‪ :‬إما اإلنتقال ذهابا ً وايابا ً بين المهام ال ُمختلفة ضمن النظام ‪ ،2‬أو‬
‫نُنحي ُمهمة ما للنظام ‪ 1‬من خالل ال ُممارسة أو تشكيل العادة ‪.‬‬

‫ألن تفكير النظام ‪ 2‬تحت السيطرة التطوعية‪ ،‬ويمكن أن يكون أكثر مرونة ومنطقية من النظام ‪،1‬‬
‫حيث يُمكننا تطبيقها بشكل إرادي بشروط القواعد والمعرفة المشروطة لتغيير ُخططنا من أجل تحقيق‬ ‫تذكَّر‬
‫أهدافنا ‪.‬والخطوة التالية التي يُمكن أن تُسيطر على القواعد بدالً من ُمجرد الوصول ال ُمسيطر عليها‪،‬‬
‫صنع القرار‪ ،‬وألننا نستطيع‬‫وهذا يُعطي النظام ‪ 2‬بعض اإليجابيات الكبيرة على النظام ‪ 1‬لعملية ُ‬
‫القيام بال ُمراقبة الذاتية لعمليات صنع القرار للنظام ‪ 2‬ونستطيع أن نقوم بالتصيح الذاتي‪ ،‬واألعمال‬
‫الهامة‪ ،‬والتي ليست ُمتاحة لعمليات إتخاذ القرارات التلقائية والسهلة في النظام ‪.‬‬

‫الرئيس هو ‪:‬كيفية تفاعل النظام ‪ 1‬والنظام ‪ 2‬؟اإلجابة هي بإختصار ‪:‬هي أن النظام ‪ 2‬يُراقب‬ ‫ِّ‬ ‫والسؤال‬
‫وفي بعض األحيان يتعدى على بعض أنشطة النظام ‪. 1‬والخاصية ال ُمثيرة لإلهتمام في هذه العالقة‬
‫هو أن هذا التعدي هو تراخي يحدث كثيرا ً‪ ،‬حيث يسمح النظام ‪ 2‬بالكثير من األحكام البديهية التي‬
‫تتولد من النظام ‪ 1‬والتي يتم اإلعراب عنها دون القيام بالكثير من عمليات التحقق من األخطاء‪ ،‬وهذه‬
‫ميزة أخرى بالغة األهمية لفهم كيف يُقرر ال ُمستهلكين ؟‬

‫فهم القرارات الصريحة والضمنية‬

‫ال ُمخطط ‪ 1-8‬يعرض خريطة القرارات الصريحة والضمنية على نموذجنا الخاص بعمليات الدماغ‬
‫من الفصل الثاني ‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫تحديد‬
‫التداول‬ ‫التحدث‬
‫من انطباع‬ ‫المعاني‬
‫والتحليل‬ ‫والتصرف‬
‫والقيم‬

‫القرارات الضمنية‬ ‫القرارات الصريحة‬

‫ال ُمخطط من ‪ : 1-8‬القرارات الصريحة والضمنية‬

‫تنتج القرارات الصريحة من الوعي اإلدراكي ومن تداوالت النظام ‪ ،2‬حيث أنه من األنواع الكثيرة‬
‫للتفكير الواعي التي شاركنا طوال الوقت وإن األنشطة العقلية كالتخطيط واإلستنتاج والتقييم‬
‫وال ُمحاكاة والخبرة جميهم يؤدون أدوارا ً في عمليات إتخاذ القرارات الصريحة ‪.‬‬

‫وفي ال ُمقابل تتجاوز القرارات الضمنية التداول ال ُمدرك حيث يتم تحريكها من قبل عمليات النظام ‪1‬‬
‫التلقائية والسهلة والتي عادة ً ال تبدو بأنها قرارات على اإلطالق‪ ،‬وهنالك نوعان من القرارات‬
‫الضمنية التي تمت ُمناقشتهما في المؤلفات األكاديمية عن اإلختيارات والسلوك ‪:‬‬

‫✓ القرارات الضمنية االنعكاسية ‪ّ :‬‬


‫إن ك ٍل من السبب والنتيجة ُهما خيارات تلقائية غير ُمدركة‪،‬‬
‫كخروجك تلقائيا ً عن الطريق عندما ترى شكل أفعى بين العُشب ‪.‬‬

‫✓ القرارات الضمنية البديهية ‪:‬نحن ندرك عملية االختيار‪ ،‬ولكننا ال نستطيع أن نُحدد تماما ً كيف‬
‫ولماذا قُمنا بذلك‪ ،‬فعلى سبيل المثال ‪:‬قرار تفضيلك أو ُكرهك لمعرفة جديدة غالبا ً ما تكون بديهية‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬وهذا النوع من القرارات الضمنية هو أكثر إرتباطا ً بعملية إتخاذ القرار الخاصة‬
‫بال ُمستهلك ‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫اإليماءات الجسدية وإتخاذ القرار‬

‫لقد قدمنا األفكار ال ُمؤثرة لعُلماء األعصاب في الفصل السادس‪ ،‬حيث قُمنا بوصف فرضيات‬
‫العالمات الجسدية لـ ‪ ،Antonio Damasio‬تُغني هذه الفرضيات عن شيء كاإليماءات‬
‫الجسدية هي نوع خاص من الشعور والذي يتشكل من خالل التجربة الجسدية‪ ،‬ومن خالل عملية‬
‫التعلم التي ترتبط مع أنواع ُمحددة من األحداث التي يُمكن أن تحدث في ال ُمستقبل ‪.‬عندما تظهر‬
‫مثل هذه األحداث حيث أن اإليماءات الجسدية ت ُثار وت ُحدث أثرا ً تلقائيا ً على اإلجراءات الالحقة‪،‬‬
‫إذا كان للمشاعر ال ُمتعلمة نغمة عاطفية سلبيةُ ستعمل كجرس ُمنبه تلقائي للتحذير من نتائج سلبية‬
‫على وشك أن تحدث‪ ،‬وإذا كان لها نغمة ايجابية فستعمل كمنارة تحفيزية للسعي وراء ال ُمخرجات‬
‫اإليجابية ال ُمتوقعة ‪.‬‬

‫العالمات الجسدية؛ هي ُمحفزات عاطفية ضمنية‪ ،‬يتم إسترجاعها من الذاكرة ال‪-‬إراديا ً وتقودنا‬
‫إلى الرد على التجربة كشيء جيد أو ال‪-‬واعي حيث إن نموذجنا الخاص بعمليات الدماغ (ورد‬
‫في الفصل الثاني) يؤثر على كل من اإلنطباعات وتشكيالت المعاني وتأثير السلوكيات التلقائية‬
‫والتجاوز الكامل للتداول والتحليل ‪.‬‬

‫وقد طبق العالم ‪ Damasio‬في اآلونة األخيرة فرضيات اإليماءات الجسدية لتوضيح دور‬
‫العواطف في عملية إتخاذ القرار البشري‪ ،‬ال ُمتمثلة في النموذج التالي‪ .‬فهو يقترح مسارين (من‬
‫الحالة إلى القرار) ‪:‬‬

‫المسار(أ) هو طريق تقليدي ُكنا نرغب ربطه مع عملية إتخاذ القرار لل ُمستهلك العقالني‪ ،‬تعرض‬
‫الحالة مجموعة من الحقائق كالخيارات ونظريات اإلستنتاج ال ُمطبقة على الحقائق والخيارات‪،‬‬
‫وقد ُوضع القرار وال حاجة لتطبيق العواطف ‪.‬‬

‫المسار(ب) هو الطريق إتخاذ القرارات العاطفية‪ ،‬الحالة تُنشط العالمات الجسدية بشكل ال‪-‬‬
‫إرادي‪ ،‬حيث يؤثر على تصور الحقائق والخيارات‪ ،‬ويتم إختيار إستراتيجيات اإلستنتاج والقرار‬
‫بحد ذاته‪ ،‬اإلستنتاج الصريح قد يكون أو ال يكون ُمشترك‪ ،‬ولكنه ال يبقى وحده‪ ،‬العواطف في‬
‫إطار العالمات الجسدية تؤثر على قراراتنا في كل خطوة على طول الطريق ‪.‬‬

‫المسار(أ)‬

‫المسار(ب)‬

‫‪150‬‬
‫الحقائق‬
‫الموقف (يتم تحفيزه‬ ‫استراتيجيات االستنتاج‬
‫خيارات للقرارات‬
‫التخاذ القرار)‬

‫اعادة عرض‬ ‫التنشيط السري لإلنحيازات‬


‫ل ُمخرجات ال ُمستقبل‬ ‫القرار‬
‫ُمرتبطة بخبرة سابقة بحاالت‬
‫ُمقارنة‬

‫(العالمات الجسدية)‬

‫القرارات الصريحة‪ :‬ال زالت المشاعر ُمسيطرة‬

‫في نموذج ال ُمستهلك العقالني التقليدي‪ ،‬يُنظر للمشاعر والحدس على أنهما عقبات إلتخاذ‬
‫القرارات العقالنية‪ ،‬ويُنظر لهم كإنخراطٍ في طريق القرارات الجيدة‪ ،‬كجذب ال ُمستهلكين لجعلهم‬
‫يختارون خيارات سيئة مبنية على اإلغراء ومعايير قرار ال صلة لها ‪.‬‬

‫األمر الذي ت ُخبرنا به علوم الدماغ الجديدة هو أن المشاعر والحدس ضروريات جدا ً إلتخاذ‬
‫القرار الصريح (كما سنصف في الفصل السادس)‪ ،‬أظهرت الدراسات أن على المرضى الذين‬
‫يُعانون من تلف في مراكز العمليات العاطفية في أدمغتهم لديهم القُدرة على إتخاذ القرارات‬
‫ال ُمتضررة بشكل كبير بدالً من كونها عقالنية‪ ،‬السيد ‪ Spocks‬هنالك أشخاص خائفون دائما ً‪،‬‬
‫وغير قادرين على حسم أمرهم أو البقاء على خيار واحد ‪.‬‬

‫إن اإلستجابات العاطفية ‪-‬في األغلب‪ -‬تكون تقييمات طبيعية تتشكل تلقائيا ً‪ ،‬خارج حدود األدراك‬
‫تذكَّر‬
‫الواعي ‪-‬وبالغالب‪ -‬ليست جزءا ً من الفكر الواعي المتداول ‪.‬‬

‫عندما يُقدم الناس تقريرا ً عن هذه المداوالت‪ ،‬فهم ال يستطيعون الوصول إلى العوامل العاطفية‬
‫الضمنية‪ ،‬وبالتالي يُقدمون حسابات غير صحيحة أو غير ُمكتملة عن مصادر قراراتهم ‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫ُمشكلة باحثو السوق واضحة وهي ‪:‬العواطف التي تُسيطر على القرارات ‪-‬حتى القرارات‬
‫الواضحة‪ ،-‬ولكننا ال نملك الوصول ال ُمدرك للكثير من ال ُمشغالت العاطفية فعندما سأل الباحثون‬
‫الناس ‪:‬لماذا قُمتم بإتخاذ قرار ُمعين ؟ إستفهموا عن ذكرياتهم حتى يتوصلوا إلى إجابة ُمقنعة‪،‬‬
‫ولكن تلك اإلجابة ستكون على األرجح خاطئة ‪.‬‬ ‫نصيحة‬
‫أخبرنا علم الدماغ الحديث بأمران ُمهمان حول إتخاذ القرارات الصريحة ‪:‬‬

‫✓ ُمعالجة التقارير الذاتية الخاصة بالناس حول سبب إتخاذهم القرارات بحذر شديد ‪ُ :‬ربما يُحولون‬
‫قراراتهم إلى قرارات عقالنية ولكن ال يُبررونها ‪.‬‬

‫✓ قم بإيجاد وإعتماد أساليب قياس يسمح لك بالوصول إلى ال ُمشغّالت غير ال ُمدركة للقرارات ‪:‬هذه‬
‫هي الطريقة الوحيدة التي ستعطيك الفرصة لفهم سبب إتخاذ الناس للقرارات التي يقومون بها فعالً ‪.‬‬

‫القرارات الضمنية ‪:‬العناصر الرئيسية لعملية إتخاذ القرار الخاصة بال ُمستهلك‬

‫من أصعب األشياء التي على باحثو السوق التقليديين تقبلها هو ذلك الوقت الكبير الذي يستغرقه‬
‫ال ُمستهلكون في إتخاذ القرار مع القليل من الفكر الواعي‪ ،‬ليس فقط ألن العواطف ُمحفز ُمهم لتلك‬
‫القرارات‪ ،‬ولكن ألن العواطف هي أساس القرار ‪.‬‬

‫قدر إستطاعتنا سواء أكانت‬ ‫ونحن نُحاول تجنُبه على ِّ‬


‫ُ‬ ‫عقول اإلنسان بخيلة معرفيا ً فالتفكير صعب‬
‫إشارات أو ُمحفزات عاطفية‪ ،‬يجذبون وسائل إتخاذ القرار ألدمغتنا البخيلة معرفيا ً‪ ،‬ألنهم يزودونا‬
‫بإختصارات سهلة تُمكننا من إتخاذ القرار بسرعة كبيرة دون الكثير من الجهد المعرفي ‪.‬‬

‫القرارات السهلة ‪:‬هي قرارات سريعة‪ ،‬والقرارات السريعة تعطي أدمغتنا الوقت للقيام بأمور أخرى‪،‬‬
‫كأحالم اليقظة‪ ،‬وتكرار التجارب السابقة‪ ،‬وتأمل مصائرنا ‪.‬‬

‫أدمغة ال ُمستهلكين وبكل بساطة ال تستغرق الوقت والجهد الذي يتوقع المسوقين أنهم يستغرقونه‬
‫بالتفكير ِّحيال ال ُمنتجات والخدمات الجميلة الالتي يشترونها (على األقل ليس كل الوقت)‪ ،‬وبدالً من‬ ‫تذكَّر‬
‫ذلك يُشغلون نوعا ً من الطيار اآللي بإستخدام العادة واإلشارات العاطفية لتحريك األمواج العاتية‬
‫ألسواق المستهلك الحديثة ‪.‬‬

‫هذه هي ال ُمشكلة التي يواجهها باحثو السوق يوميا ً‪ ،‬أن ال ُمستهلكون وبكل بساطة ال يتصرفون‬
‫بالطريقة المتوقعة التي يجب عليهم القيام بها ‪.‬‬

‫ِل َم قرارات ال ُمستهلك ليست عقالنية ؟‬

‫النظرة التقليدية للتسويق وإختيار ال ُمستهلك يذهبان بمثل هذا الشي إلى أن "للناس تفضيالت" عندما‬
‫ت ُ ُوا َجه بخيارات‪ ،‬يُراجعون تفضيالتهم داخل ذاكرتهم ويُصدرون األحكام حول ما يجب أن يقوموا به‪،‬‬

‫‪152‬‬
‫ثم يحددون إختياراتهم بنا ًء على تلك األحكام‪ ،‬اذا كانت ُمرتبطا ب ُمحاولة التأثير على إختيارات الناس‪،‬‬
‫هذا يعني أنك بالتسويق ‪.‬‬

‫إن كنت تتعلم القيام بذلك من خالل إرسال للناس الرسائل التي تحتوي على الحجج والتي تأمل بأنها‬
‫ستقنعهم لتغيير تفضيالتهم وأحكامهم‪ ،‬لتكون النتيجة "تغيير إختياراتهم"‪ ،‬فهنالك رابطان ضعيفان في‬
‫هذه السلسلة من اإلستنتاجات ‪:‬‬

‫✓ إفتراض أن تلك التفضيالت ثابتة ومستمرة على مر الزمن‪ ،‬وموجودة قبل أن تظهر فُرصة‬
‫اإلختيار ‪.‬‬

‫✓ إفتراض أن تلك التفضيالت الثابتة تُنتج أحكام ثابتة على نفس القَدر‪ ،‬والتي يُمكن تسجيلها‬
‫بشكل موثوق في دراسات إستطالعية تُترجم إلى خيارات وسلوكيات ُمنسقة ويُمكن التنبؤ بها ‪.‬‬

‫ال ُحكم الخاص ببحث علم الدماغ الواسع هو أي من هذه اإلفتراضات صحيحة‪ ،‬بدالً من ذلك ‪:‬‬

‫✓ تفضيالت ال ُمستهلك نادرا ً ما تكون ثابتة و ُمستمرة‪ ،‬وعلى العكس من ذلك أيضاً‪ ،‬فإنها تميل‬
‫إلى أن تكون مبنية في اللحظة التي يكون فيها الخيار في إطار شديد الحساسية‪ ،‬وهذا يعني بأنه‬
‫يُمكن إسترجاعهم بسهولة بتغيير إطار الخيار و البدائل المطروحة أو العوامل األخرى ال ُمنطلقة‬
‫من الخيار بحد ذاته ‪.‬‬

‫✓ وبشكل ُمشابه‪ ،‬األحكام والخيارات حساسة للغاية لما يبدو من إختالفات بسيطة في السياق‪،‬‬
‫كوجود أشخاص آخرين‪ ،‬واإلنحرافات المعرفية‪ ،‬والضغوطات الزمنية‪ ،‬واإلستحضار غير‬
‫ال ُمدرك‪ ،‬باإلضافة إلى أنهم يخضعون لإلنحيازيات المتنبئ بها والتي تفرضها األحكام اإلستداللية‬
‫(سيتم مناقشته في القسم التالي)‪ ،‬والتي يبدو أنها موجوده في عمليات النظام ‪ 1‬الخاص بإتخاذ‬
‫القرارات ‪.‬‬

‫المثال على هشاشة التفضيالت والخيارات ال ُمزودة يتوضح من قِّبل دراسة قام بنشرها ‪Jonah‬‬ ‫✓ ِّ‬
‫‪ A. Berger‬و ‪ Gráinne Fitzsimons‬في مجل ٍة لبحوث التسويق عام ‪ ،2008‬في تجربة ما ُ‬
‫طلب‬
‫من ال ُمشاركين إكمال إستطالع يتعلق بتفضيالت المنتج والتي تتضمن بعض ال ُمنتجات ذات اللون‬
‫البرتقالي‪ ،‬والبعض كان لونه أخضر والباقي لم يكن برتقاليا أو أخضر‪ ،‬وتم إعطاء ال ُمشتركين بشكل‬
‫عشوائي أقالم حبر بحبر برتقالي أو أخضر إلستكمال اإلستطالع فتبين أنه من قام بتعبأة اإلستطالع‬
‫بأقالم الحبر البرتقالية إختاروا ال ُمنتجات ذات اللون األخضر أكثر من إختيار ال ُمنتجات ذات اللون‬ ‫أمور‬
‫البرتقالي‪ ،‬وبنفس القياس لمن استخدم أقالم الحبر ذات اللون األخضر ‪.‬‬ ‫تقنية‬
‫آلية العمل في مثل هذا المثال كانت اإلستحضار الذهني‪ ،‬لون قلم الحبر زاد وبشكل ال‪-‬إرادي إمكانية‬
‫الوصول لعناصر البيئة ال ُمحيطة والتي تُشارك سمة اللون ذاتها‪ ،‬لم يكن أي من ال ُمشاركين ُمدركا ً‬
‫بأنه يتأثر بلون القلم وعلى األرجح إن جميع ال ُمشاركين ُزودو بتفسير ُمفصل (و خاطئ) لسبب‬
‫إختيارهم لل ُمنتج الذين قاموا بإختياره ‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫إن لم يتم ترسيخ التفضيالت التي تتأثر باألحكام واإلختيارات والعوامل العرضية التي ال تؤثر على‬
‫الحجج ال ُمقنعة‪ ،‬فتتبع اإلقناع الذي من الممكن أن ال يكون األنجح في تغيير عقول وسلوكيات‬
‫نصيحة‬
‫ال ُمستهلك ‪.‬‬

‫األحكام اإلستداللية ‪:‬الطريقة التي ننفعل بها‬

‫وبالبدأ بـ ‪ Kahneman‬و‪ Tversky‬في سبعينيات القرن العشرين‪ ،‬درس أخصائيو علم اإلقتصاد‬
‫السلوكي طريقة إستخدامنا ل ُحكم اإلستدالل (اإلختصارات التقييمية) لرفع الحاالت التي تجعلنا نتخذ‬
‫فيها القرارات‪ ،‬وهنا بعض األمثلة والتأثيرات للتسويق وسلوك المستهلك ‪:‬‬

‫✓ النفور من الخسارة ‪:‬نحن ال نُقدر األرباح والخسائر بطريقة ُمكافئة‪ ،‬وفي ال ُمتوسط يكون‬
‫ال ُمتداولين في سوق األسهم يبيعون األسهم ال ُمربحة في وقت أقرب مما ينبغي‪ ،‬ويُبقوا األسهم‬
‫الخاسرة فترة أطول مما ينبغي لل ُمستهلكين‪ ،‬واإلعراب عن العروض لتجنب الخسائر‪ ،‬على سبيل‬
‫المثال ‪:‬العروض لفترة محدودة‪ُ -‬متقبلة أكثر من العروض نفسها ال ُمعرب عنها لتحقيق األرباح ‪.‬‬

‫✓ الترسيخ ‪:‬نُحب تكوين ال ِّنسب وليس األرقام ال ُمطلقة أو ال ُمقدرة ‪ ،‬ضع زجاجة من النبيذ بثمن‬
‫‪ 30‬دوالرا ً بجوار زجاجة بثمن ‪ 130‬دوالرا ً وعلى األرجح ستقوم بشرائها‪ ,‬ضع الزجاجة نفسها‬
‫بجانب زجاجة بثمن ‪ 20‬دوالرا ً وعلى األرجح لن تقوم بشرائها‪ ,‬يُستخدم الترسيخ بصورة ُمستمرة‬
‫في تسعير ُمنتجات ال ُمستهلك‪ ,‬فعندما يعرض إعالن ترويجي " ستدفع فقط ‪ 45‬دوالرا ً على سكين‬
‫كهذه! "‪.‬‬

‫✓ التشكيل‪ :‬ضع رسالة ما بالشكل ال ُمناسب وستبيع نفسها من ناحية علمية‪ ,‬أطلق عل الضريبة "‬
‫ضرائب عقارية" و ‪ %80‬من الناس سيكونون ضدها‪ ,‬ألن الناس األغنياء هم فقط من يملكون‬
‫العقارات‪ ,‬أطلق عليها اسم "ضريبة الموت" وسيكون ‪ %80‬من الناس ضدها ألن على الحكومة‬
‫أال تفرض فقط الضرائب على الناس ألنهم ماتوا‪ ,‬يُظهر ال ُمستهلكون تحيزات ُمستمرة بنا ًء على‬
‫التأطير اللغوي‪ ,‬فعلى سبيل المثال‪ ,‬يُفضل ‪ %75‬من ال ُمستهلكين باستمرار اللحم المفروم الخالي‬
‫من الدهون‪ ,‬و‪ %25‬من اللحم المفروم الذي يحتوي على دهون‪ ,‬بكل االحوال إن الخيارين‬
‫متعادلين ‪.‬‬

‫✓ التحيز االفتراضي‪ :‬في البلدان التي يجب على الناس تفقد صندوق التطوع ليكون لل ُمتبرعين‬
‫باألعضاء بنسبة ما يُقارب ال‪ %5‬وفي البلدان التي يجب على الناس تفقد الصناديق الغير‬
‫ُمخصصة للتطوع نسبة ال ُمتبرعيين باألعضاء ‪ %80‬بالنسبة لل ُمستهلكين‪ ,‬االفتراضات فعالة‬
‫بشكل خاص للخدمات اإلشتراكية‪.‬‬

‫✓ التأثير على اإلستبدال‪ :‬إذا أحببنا شيء ما‪ ,‬فإنا نستخدم هذا اإلعجاب كبديل لتقييم أكثر صعوبة‬
‫حيث يستخدم الناس اإلستجابات العاطفية كاحتياطات لتقييم المخاطرة األكثر تعقيدا ً والتقديرات‬
‫ال ُمتكررة و تقييمات السالمة وحتى التنبؤ بالوضع اإلقتصادي ال ُمستقبلي ل ُمختلف الصناعات‬

‫‪154‬‬
‫بالنسبة لل ُمستهلكين ‪ ,‬إن التأثير (اإلعجاب أو ال ُكره) يُستخدم لتجنب النظر إلى تركيبات ُمعقدة‬
‫لل ُمخاطرة و استبدال مشاعر إيجابية أو سلبية للقيام بحسابات منطقية صعبة‪.‬‬

‫✓ تأثير الهبات‪ :‬نحن نتعامل مع األشياء التي نمتلكها بشكل أفضل ُمقارنة باألشياء التي ال‬
‫سئل الناس عن المبلغ الذي سيدفعونه ُمقابل كوب قهوة عادي فكان معدل اإلجابات ‪3‬‬ ‫نمتلكها‪ُ ,‬‬
‫سئلوا عن المبلغ الذي قد يبيعون‬‫دوالراشخاص آخرين أعطوا كوب قهوة عادي كهدية‪ ,‬وبعد ذلك ُ‬
‫هذا الكوب به فكان ُمعدل اإلجابات ‪ 7‬دوالرات‪ ,‬بالنسبة لل ُمستهلكين هذا التأثر يُمكن رؤيته في‬
‫استراتيجيات تجميع المبيعات حيث ينتهي األمر ب ُمشترو السيارات بشراء إضافات أكثر‪,‬إن كانت‬
‫البداية مع نموذج ُمكمل‪ ,‬وإزالة اإلضافات التي ال يريدونها‪ ,‬بدالً من البدء بنموذج بال إضافات‬
‫واضافة اإلضافات التي يريدونها‪.‬‬

‫ألن أدمغتنا بخيلة معرفيا ً‪ ,‬فنحن نميل إلى إعتماد عدد محدود من األحكام اإلستدااللية مثل تلك‬
‫لتقييم األوضاع وإتخاذ القرارات‪ ,‬هذه اإلستدالالت تسمح لنا بتقليل القرارات ال ُمعقدة إلى مهام‬
‫أكثر بساطة من ذلك‪ ,‬وبدالً من الخوض في حسابات تداول عميقة نقوم وبكل بساطة بتطبيق‬
‫اإلستدالل الصحيح‪.‬‬

‫األحكام االستداللية في نموذج اتخاذ القرار لدى ال ُمستهلك‬

‫األحكام اإلستدااللية في غاية األهمية وذلك لفهم قرارات ال ُمستهلك التي ستحصل عليها إلستكمال‬
‫التقدّم في النموذج اإلدراكي وغير إدراكي‪.‬‬

‫تؤثر إستدالالت ال ُحكم على المرحلتين األولى والثانية لإلستجابة المعرفية‪ :‬في تكوين اإلنطباعات‬
‫وتحديد المعاني والقيم و ُمساعدة الحكم واإلستدالالت بشكل خاص والتي تُؤثر على القيمة ال ُمطلقة‬
‫الغير مدركة حيث يساعد ذلك ال ُمستهلك بشكل بديهي في تعيين القيم للبدائل والخيارات وبالتالي‬
‫اتخاذ القرارات بسهولة وسرعة أكبر‪ ,‬وتشجيع األفعال الفورية عبر المداوالت التي تستغرق وقتا ً‬
‫طويالً (تحقيق رغباتنا واحتياجاتنا حاالً)‪.‬‬

‫القرارات الصريحة‬

‫ميزة ُمهمة الستدالالت ال ُحكم أال وهي أنها تعمل جيدا ً في أغلب الوقت‪ ,‬ولكنها ألنها تتجاوز التداول‬
‫ال ُمدرك فهم في بعض األوقات يُنتجون نتائج دون المستوى األمثل وبمعنى آخر أن اإلستدالالت تقوم‬
‫بتقديم أخطاء و تحيزات عملية إتخاذ القرار التي يُمكن أن تتسبب بالتوصل إلى اختيارات تختلف عن‬
‫ما يُمكن أن يفعله ال ُمستهلك العقالني ‪ ,‬فعلى سبيل المثال إن النفور من الخسارة يُسبب لنا دافع أكبر‬
‫لتجنب الخسائر أكثر مما لو ُكنا عقالنيين تماماً‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫الفكرة الرائعة ألخصائي االقتصاد السلوكي – والتي ربما جعلت ‪ Daniel Kahneman‬يحصل‬
‫على جائزة نوبل – هو أن تلك اإلنحرافات عن العقالنية ليست عشوائية‪ ,‬ولكنها ُمتناسقة ويُمكن التنبؤ‬
‫بها باإلضافة إلى أنها تتحيز نحو إستجاباتنا ال ُمتعلقة بالخسائر في نفس االتجاه‪ -‬فنحن دائما ً نميل إلى‬
‫تذكَّر‬
‫دفع المزيد لتجنب الخسائرفذلك فإن استدالالت ال ُحكم تُزودنا بأسس علم التنبؤ واالختيار وسلوك‬
‫ال ُمستهلك وبذلك يُمكن أن يُسفر عن تفسيرات وتنبؤات أكثر دقة من التي يُمكن تحقيقيها في نماذج‬
‫المستهلك العقالني لوحدها ‪.‬‬

‫صناع قرار عقالنيين ‪ ,‬ولكنهم يتخذنون الذي يمكن التنبؤ به وهذه الفكرة‬ ‫والنتيجة هي أن البشر ليسو ُ‬
‫وراء عنوان كتاب ‪ Dan Ariely‬المشهور حول االقتصاد السلوكي ( كما هو متوقع عشوائياً‪ :‬القوى‬
‫الخفية التي تُشكل قراراتنا ) (‪ ,)Harper Perennial‬وبسبب حكم االستدالل الذي يبدوأنه يوجد‬
‫عالميا ً داخل ُمعالجة آليات النظام‪ ,1‬نستجيب جميعنا بالطريقة ذاتها لحاالت ُمشابهة تماماً‪ ,‬إن‬
‫ال ُمسوقين األذكياء ال ُمدركون لهذه اإلستدالالت يُمكنهم تعديل بيئة ال ُمستهلك لتشجيع قرارات ت ُحبذ‬
‫عالماتهم التجارية ومنتجاتهم أكثر من ال ُمنافسين ‪.‬‬

‫هذه احدى الطرق الرئيسية الخاصة بابتكار التسويق والتي يدعمها التسويق العصبي حالياً‪ ,‬إن‬
‫التسوق يُمكنها‬
‫ّ‬ ‫طر واإلفتراضات واالستدالالت األخرى ال ُمحفزة في بيئة‬ ‫االستغالالت الحذرة من األ ُ‬
‫أن تحظى على أقل المبيعات على قدر ما تكون الرسائل اإلعالنية ُمقنعة‪ ,‬كل هذه األساليب يُمكن أن‬
‫تُستمد من فهم كيفية ادراك وتفسير الدماغ للعالم إلتخاذ القرارات‪.‬‬

‫حدود ال ُمراسالت ال ُمقنعة في عملية إتخاذ القرار الخاصة بال ُمستهلك‬

‫إلقناع ال ُمستهلك ُمباشرة لشراء ُمنتجك عليك أنت تلفت إنتباهه حتى تجعله يستمع لما تقوله‪ ,‬وأن‬
‫تستذكر حجتك في المرة القادمة التي تُتيح لك الفُرصة للشراء‪ ,‬إن هذا طلبٌ طويل له خطوات كثيرة‬
‫باإلضافة إلى قدر كبير من المسؤولية العلمية المطلوبة من ال ُمستهلكين‪ ,‬والعديد من النقاط المحتملة‬
‫التي يُمكن لها إيقاف العملية‪,‬‬

‫والمنظور الجديد الذي جلبه علم الدماغ لهذا التحدي له شقين‪:‬‬

‫✓يُخبر ال ُمسوقين وباحثو التسويق أن إقناع ال ُمستهلكين بالحجج واالدعاءات صعب جدا ً وإعطاء‬
‫الطريقة الفعلية التي يُفكر بها ال ُمستهلك البديهي إلتخاذ القرارات‪.‬‬

‫✓ يُقدم إمكانيات تُثير فضول ال ُمستهلك وجميع تلك الجهود قد تكون بجانب هذه النقطة وقد تكون‬
‫ال ُمراسالت ال ُمقنعة ُمبالغا ً بها كآلية للتسويق‪.‬‬

‫في هذا القسم ‪ ,‬أخذنا بعين اإلعتبار بعض التحديات التي تواجه الرسائل ال ُمقنعة كآلية للتأثير على‬
‫مواقف وسلوكيات ال ُمستهلك البديهي‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫المبادئ الستة الخاصة باإلقناع‬

‫األستاذ الفخري لعم النفس والتسويق ‪ Robert Cialdini‬من جامعة ‪ Arizona State‬أمضى‬
‫حياته المهنية في دراسة اإلقناع ‪ ,‬كتابه ‪ (,‬التأثير‪ :‬اإلقناع وعلم النفس (‪ )Harper Business‬هو‬
‫أحد أكثر ال ُكتب المشهورة بأكثر من ‪ 2‬مليون نُسخة مطبوع ‪ ,‬يقول ‪ Cialdini‬بأنه أصبح ُمهتما ً‬
‫باإلقناع‪ ,‬ألنه سئم من التحدث حول القيام بأمور هو فعليا ً ال يُريد القيام بها من قِّبَ ِّل العديد من مندوبي‬
‫المبيعات‪ ,‬فقام بتحليل أساليب األقناع التي استخدمها ال ُخبراء وقام تحديد ست مبادئ أساسية لجعل‬
‫اإلقناع بشكل خاص صعب ال ُمقاومة‪:‬‬

‫✓ ال ُمعاملة بالمثل‪ :‬إذا قبل الشخص هدية صغيرة ال يهم إ كانت بسيطة أو حتى غير مرغوب‬
‫بها‪ ,‬سيكون على ال ُمتلقي اعطاء شيء آخر في ال ُمقابل ‪.‬‬

‫✓ اإللتزام والتمسك‪ :‬إن قام شخص ما بعمل إلتزام علني مهما كان حتى إن كان بسيط أو غير‬
‫منطقي‪ ,‬سيكون من ال ُمرجح أن يتصرفوا بطريقة تتفق مع هذا اإللتزام ‪.‬‬

‫✓ الدليل اإلجتماعي‪ :‬اذا رأى شخص ما اآلخرين يقومون بأمر ما أو وجد ألدلة بأن األشخاص‬
‫اآلخرين يقومون بشيء ما‪ ,‬سيكون من ال ُمرجح بأنه سيتصرف بما يتوافق مع هذا السلوك ‪.‬‬

‫سلطة‪ :‬اذا كان الشخص يؤمن بسلطة شخص ما ويوافق على خيار أو سلوك ُمعين سيكون‬ ‫✓ ال ُ‬
‫سلطة‪.‬‬‫من ال ُمرجح قيام هذا الشخص بالعمل بنصيحة الشخصية التي لها ال ُ‬

‫✓ اإلعجاب‪ :‬اإلعجاب‪ :‬اذا كان الشخص يُحب الشخص الذي يطلب الشيء‪ ,‬سيكون من ال ُمرجح‬
‫أنه سيمتثل إلى هذا الطلب الذي يطلبه الشخص‪.‬‬

‫✓ النُدرة‪ :‬اذا اعتقد الشخص بأن شيء ما نادر الحصول عليه ‪ ,‬سيكون هذا الشيء مرغوب به‬
‫أكثر‪.‬‬

‫المرة األولى التي نُشرت فيها مبادئ ‪ Cialdini‬كانت عام ‪ ,1984‬هي توقُع أو إنعكاس االستدالالت‬
‫ال ُمحددة من ُخبراء اإلقتصاد السلوكي على سبيل المثال‪:‬‬

‫✓ ال ُمعاملة بالمثل هو تطبيق لالستحضار الذهني‪ ,‬تنشيط للهدف الغير ُمدرك‪( ,‬يؤدي إلى‬
‫حصول الهدف)‬

‫✓ ادعاء االعجاب بإمكانيات الراحة من األلفة و التأثير على اإلستدالالت‪.‬‬

‫✓ األعمال النادرة‪ ,‬على األقل في جزء ما‪ ,‬ألنه يُنشط النفور من الخسارة‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫جميع المبادئ الستة تسمح بتشكيل االستدالل‪:‬‬

‫سلطة‪ ,‬التناسق‪ ,‬قواعد المجموعة) لجعل اإلمتثال أكثر‬


‫الكل يُشكل الطلب بطريقة ُمختلفة (بالرجوع لل ُ‬
‫إحتماالً للحدوث‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر هو أن فعالية جميع مبادئ اإلقناع تضعف بشكل ملحوظ‪ ,‬اذا كان الشخص الذي‬
‫تم إقناعه ُمدرك آلليات ال ُمستخدمة‪ ,‬بمعنى آخر‪ ,‬تعمل هذه المبادئ باستحضار مستوى غير ُمدرك‬
‫من تشكيل اإلنطباعات وتحديد المعنى والقيمة‪ .‬ومن ثم يتعرضون لضوء المداوالت الواعية وتأثيرها‬
‫على التراجع عن الخيارات‪.‬‬

‫اإلقناع ُمقابل قرارات ال ُمستهلك الضمنية‬

‫تتجاوز قرارات ال ُمستهلك الضمنية التداول ال ُمدرك‪ ,‬هذه القرارات ُمختبرة دون أي استجواب‬
‫(تحقيق) داخلي ‪ ,‬أو موازنة للحجج ‪ ,‬دون ترك فرصة للرسائل اإلقناعية حتى تؤثر على ناتج القرار‪,‬‬
‫على األقل ليست بالطريقة التي يكون بها ال ُمستهلك ُمدرك لها ويُمكنه التعبير للباحثين ‪.‬‬

‫يُمكن لإلقناع أن يؤدي دورا ً في مثل هذه القرارات‪ ,‬ولكن تأثيره على األرجح يكون غير ُمدرك‬
‫وظرفي‪ ,‬ليس ُمدركا ً و منطقي‪ ,‬على سبيل المثال‪ ,‬يُمكن أن يتم اقناع ال ُمستهلك لشراء ُمنتج ما‪ ,‬ألنهم‬
‫سلطة‪ ,‬ولكنهم على األرجح يعتمدون‬ ‫يعتقدون بنقص العروض‪ ,‬أو ألنه تم إقراره من ِّق َبل شخص ذو ُ‬
‫على االشارات الظرفية والبيئية في التوصل إلى هذه اإلستنتاجات وليس على الحجج ال ُمقنعة‪.‬‬

‫نظرا ً لهجمة الرسائل ال ُمقنعة التي يتعرض لها ال ُمستهلكين في حياتهم ‪ ،‬هنالك دليل على أن اإلقناع‬
‫يولد رد فعل إلقناع ُمضاد غير ُمدرك عند الكثير من المستهلكين ‪ ,‬حتى الرسالة البريئة ال ُمقنعة مثل‬
‫شعار متجر التجزئة‪ ,‬تم ايجاده لتحريك أهداف وسلوكيات التسويق ال ُمضادة في ال ُمستهلكين (انظر‬
‫إلى النقاش لهذا البحث في الفصل السابع) ‪.‬‬

‫هذه االستكشافات لها تأثيرات ُمهمة على اإلعالنات‪ ,‬التي يُنظر إليها من قبل العديد من ال ُممارسين‬
‫كأول عربة تسوق للرسائل ال ُمقنعة‪ ,‬وبالرجوع لهذه الرؤية (جزء من نموذج ال ُمستهلك العقالني الذي‬
‫تم وصفها في الفصل الثاني)‪ ,‬والغرض من اإلعالن هو إليصال رسالة ًمقنعة بطريقة ُمبتكرة وبذلك‬
‫يُالحظ ويتذكر ال ُمتفرجون الرسالة في مرحلة الحقة‪ ,‬عندما يُفكرون بالشراء‪.‬‬

‫بحث علم الدماغ الذي قُمنا باستعراضه ال يدعم هذه الرؤية‪ ,‬انها ترسم صورة ُمختلفة جدا ً عن فعالية‬
‫اإلعالن‪ ,‬وبالطريقة التي يكون فيها االستحضار الذهني هو اآللية الرئيسية التي يؤئر بها االعالن‬
‫تذكَّر‬
‫علينا‪ ,‬الطريقة التي يستنتج بها ال ُمستهلك أهمية اإلعالن الحتياجاته ومصالحه ليست من خالل التقدم‬
‫ال ُمعتمد في الحجج ال ُمقنعة‪ ,‬ولكن بالتقاط أدلة وإشارات من السمات كاأللفة و ُمعالجة االتقان‪,‬‬
‫العالمات العاطفية‪ ,‬وتنشيط الهدف الغير ُمدرك‪ ,‬تسببت باستحضار ذهني عشوائي‪ ,‬تم مواجهتها‬
‫بشكل منطقي في سياق ال عالقة له وبذروة الالعقالنية‪ ,‬واهمال التوزيع قد يبدو مصدر واسع‬
‫اإلنتشار لقرارات وأفعال ال ُمستهلك ‪ ،‬عندما تنساق بتفكير النظام‪.1‬‬

‫‪158‬‬
‫الرسائل ال ُمقنعة لها مكان في العديد من أنواع التسويق‪ ,‬وبالطبع‪ ,‬وفي أي وقت‪ ,‬يكون فيه نظام‪2‬‬
‫للتفكير هو السائد‪ ,‬في اإلعالن‪ ,‬االستجابة ال ُمباشرة لإلعالنات التي تطلب من ال ُمشاهدين ال ُمساهمة أو‬ ‫تحذير!‬
‫زيارة موقع على اإلنترنت ذا فُرص ُمرتبطة بالرسائل ال ُمقنعة‪ ,‬كاإلعالنات التي عليها ايصال اشياء‬
‫ُمرضية لتكون فعالة ‪:‬‬

‫✓ يجب أن يتم تفعيل ُمعالجة النظام‪ ,2‬والتي تُعتبر ُمهمة صعبة بحد ذاتها‪ ,‬ويُعزى ذلك للتحكم‬
‫الكسول والذي يوفره النظام‪ 2‬على النظام‪.1‬‬

‫✓ عندما يتم تنشيط النظام‪ , 2‬يجب على الحجة أن تنفذ من ال ُمرشحات المنطقية حسب القواعدو‬
‫تطابق الخبرة وال ُمحاكاة و الحجج ال ُمضادة والتي ستنطبق عليه‪.‬‬

‫الباحث ‪ Gary Klein‬الذي درس اتخاذ القرار الضمني (الذي نُسميه اتخاذ القرار البديهي)‪ ,‬في‬
‫مجموعة واسعة من المهن ك ‪ :‬األعمال التنفيذية‪ ,‬رجال اإلطفاء‪ ,‬ال ُممرضين والجنود‪ .‬في كتابه‪ ,‬قوة‬
‫الحدس‪ :‬كيف تستخدم حدسك التخاذ قرارات أفضل في العمل (‪ , )Crown Business‬وقد قدّر‬
‫‪ Klein‬بأن ‪ %90‬تقريبا ً من قراراتنا بديهية ال واعية وكذلك ال ُمسوقين و باحثو السوق الذين‬
‫يواجهون تحديات تتعلق في كون نموذج اإلقناع التقليدي ُمرتبط بما يُقارب ‪10‬بـ ‪ %‬من القرارات‬
‫التي يجب فهمها‪ ,‬وال ‪ %90‬الباقية لعملية اتخاذ قرار ال ُمستهلك‪.‬‬

‫االقناع ُمقابل األحكام اإلستداللية‬

‫تعمل استدالالت األحكام كجزء من ُمعالجة النظام‪ ,1‬ألنها تؤثر على القرارات واألفعال دون ُمستوى‬
‫الوعي اإلدراكي و التي تخضع للحدود المطرحة من خالل ال ُمراسالت ال ُمقنعة‪ ,‬إن إستدالالت‬
‫األحكام هي اساسا ً لل ُمراسالت المقنعة التي ت ُبسيط عملية اتخذ القرار باختصارات و تقديرات بديهية‬
‫وذلك يجعل التصعيد الذهني باتجاه التداول ال ُمدرك ليس ضرورياً‪ ,‬مما يوفر طريقا ً بديالً للخيار‬
‫والفعل والذي يُمكنه بسهولة تقديم الجهد ال ُمقنع األكثر جدية ‪ ,‬وك‪ ,‬وكإقتصاد سلوكي أصبح أكثر‬
‫انتشارا ً في العقد األخير‪ .‬وبفضل الكتب الشهيرة مثل ُكتب (‪ )Daniel Kahneman‬بالتفكير‪,‬‬
‫السرعة والبطيء وتوقعات (‪ )Dan Ariely‬أصبح المسوقين أكثر وعيا ً الستدالالت ال ُحكم وأكثر‬
‫تطورا ً في استخداماتهم ‪ ,‬هذا ما ينطبق بشكل خاص على التسوق والبيع بالتجزئة‪ ,‬حيث يكمن‬
‫االستهالك ال ُمباشر أو االستحواذ الذي يتم توجيهه في اإلتجاهات المطلوبة حرصا ً على العوامل‬
‫كتصميم المتجر و القُرب من ال ُمنتجات ال ُمنافسة و الترتيب الذي توضع فيه القطع وخيارات التسعير‬
‫و توفر البدائل التوهيمية (بدائل معروضة لمرة واحدة لجعل العروض األخرى أكثر جاذبية) ‪ ،‬إليكم‬
‫بعض األمثلة باستخدام الترسخ االستداللي‪:‬‬

‫✓ في التجربة التي أُجريت في إحدى المتاجر الصغيرة‪ ,‬التي كان ُمتوسط الشراء فيها ‪4‬‬
‫دوالرات أُعطي بعض ال ُمستهلكين قسيمة تُعطيهم ‪ 1‬دوالر على كل فاتورة بقيمة ‪ 6‬دوالرات‬
‫على األقل‪ ,‬بينما البعض اآلخر اعطي قسيمة بقيمة ‪ 1‬دوالر على كل فاتورة بقيمة ‪ 2‬دوالر فأكثر‪,‬‬
‫حيث أنفق ال ُمستهلكين الذين استلمو القسيمة التي بقيمة ‪ 6‬دوالرات أكثر من المتوسط‪ ,‬ولكن‬

‫‪159‬‬
‫ال ُمستهلكين الذين استلمو قسيمة بقيمة ‪ 2‬دوالر أنفقو أقل من المتوسط حيث خلقت الكوبونات تأثيرا ً‬
‫ترسيخيا ً يضبط لهم نفقاتهم ال ارادياً‪.‬‬

‫✓ في مطاعم الوجبات الرسيعة‪ ,‬ال ُمدخالت ألحجام المواد الغذائية القياسية على سبيل المثال‪,‬‬
‫خمس شطائر همبرغر) تم ايجادها لزياد الطلب لخيارات اقل بقليل " ُمفاجئة" كثالث شطائر‬
‫همبرغر بتقديم نقطة ربط جديدة تجعل الخيار السابق األكثر تشددا ً يبدو أقل تشدداً‪.‬‬

‫✓ المنطق ال ُمتشابه يُستخدم في أغلب األحيان في التسعير حيث يتشكل التأثير الترسيخي من‬
‫خالل اضافة بدائل ُمرتفعة بالسعر جدا ً في مثل هذه المجموعة‪ ,‬مما يجعل يجعل البدائل السابقة‬
‫التي كانت تبدو غالية الثمن تبدو ُمعتدلة‪.‬‬

‫✓ تستخدم متاجر ‪ Warehouse‬أساليب عرض قطع ثمينة بشكل ملحوظ كشاشات التلفاز‬
‫الكبيرة‪ ,‬والجواهرالمعروصة امام المتجر لتقليل مقاومة شراء ال ُمنتجات األقل تكلفة في أي مكان‬
‫داخل المتجر‪.‬‬

‫في كل من تلك الحاالت‪ ,‬يتأثر خيار ال ُمستهلك الاراديا ً من خالل تنشيط ُحكم اإلستدالل في كل جزء‬
‫من عملية اتخاذ القرار الضمني طالما ال يكون ال ُمستهلك ُمدركا ً بأن قراره مبني على االستدالل الغير‬
‫ُمدرك و ال ُمراسالت ال ُمقنعة والتي ال تكون ُمرتبطة بالقرار و بسؤال ال ُمستهلك عما إذا كان اإلعالن‬
‫أو الرسائل الدعائية األخرى لها تأثير على إختيارهم‪ ,‬وبذلك يُمكنهم أن يجيبوا بنعم أو ال‪ ,‬ولكن‬
‫الجواب على األرجح ال عالقة له بعملية اتخاذ القرار‪.‬‬

‫والجدير بالذكر هو أن ال ُمراسالت ال ُمقنعة تقتص من اختيار ال ُمستهلك بهذه الطريقة من خالل تنشيط‬
‫قرار النظام‪ , 1‬حيث أن قُدرة ال ُمستهلك على تنشيط ُحجج اإلقناع ال ُمضادة الخاصة به أيضا ً ت ُقتطع‬ ‫تحذير!‬
‫من العملية ألن مثل هذه التداوالت تكون جزءا ً من عمليات اتخاذ القرار في النظام‪ ,2‬بالرغم من‬
‫وجود أدلة على أن ال ُمستهلك قادر على تنشيط تصحيح األهداف الغير ُمدركة ل ُمقاومة ال ُمراسالت‬
‫ال ُمقنعة (والتي نوقشت في الفصل السابع) فإن أساليب التصحيح ذاتها قد ال تُجدي نفعا ً ل ُمقاومة‬
‫استدالالت ال ُحكم الغير ُمدركة أو تأثيرات قرار آخر كاالستحضار الذهني أو ال ُمعالجة السريعة‪.‬‬

‫إن األدلة مأخوذة من مئات التجارب الخاصة بال ُمعالجة الغير ُمدركة والتي تدعم االستنتاجات التي‬
‫حيث تُعد ضرورية للتصدي لتأثير استدالالت النظام‪ , 1‬بمعنى آخر اذا لم يكن‬‫ُ‬ ‫يتجاوزها النظام‪2‬‬
‫ال ُمستهلك ُمدركا ً بشكل واعي لسلوك اختياره‪ ,‬ال يُمكنه عرض تلك اآلثار‪.‬‬

‫اإلقناع ُمقابل العادة‬

‫وأخيرا ً‪ ,‬يجب أن يتنافس اإلقناع مع العادة‪.‬‬


‫والرجوع إلى ما ُ‬
‫شرح في الفصل السابع ال تتطلب العادة دعم األهداف‪ -‬ال ُمدركة والغير ُمدركة‪ -‬أو‬
‫أن يتم تفعيل النوايا حيث تنشأ العادات من التكراربحيث تُفعل من خالل االشارات البيئية‪ ,‬و التي‬

‫‪160‬‬
‫تؤدي دورا ً تلقائيا ً دون رقابة ُمدركة‪ ,‬وقد تغيير العادات من خالل ال ُمراسالت ال ُمقنعة التي تم‬
‫اكتشافها بشكل عام لتؤثر بدرجة كبيرة على عدم التوفيق بين محاولة التأثير على العملية الالارادية‬
‫بتفعيل العملية االرادية ‪ ,‬والعمليتان ال تتصالن‪.‬‬

‫يكشف بحث عن العادات أن ما يُقارب ‪ %45‬من نشاطات الناس يوما ً بعد يوم ُمتكررة أو على‬
‫األغلب روتينية وغالبا ً ما تحدث في نفس الموقع‪ ,‬وينتشر التكرار في سلوك ال ُمستهلك كما تم‬
‫تلخيصه من خالل الباحثين ‪ Wendy Wood‬و‪ David T. Neal‬في كتابهما " ‪The Habitual‬‬
‫‪ " Consumer‬أي "ال ُمستهلك اإلعتيادي" (‪:)Journal of Consumer Psychology, 2009‬‬

‫التسوق‬
‫ّ‬ ‫✓ يميل ال ُمستهلكون إلى شراء نفس العالمات التجارية لل ُمنتجات من بين حلقات‬
‫ال ُمختلفة‪.‬‬

‫✓ يشتري ال ُمستهلكون نفس الكميات من متجر ما للبيع بالتجزئة بين الزيارات ال ُمتكررة‪.‬‬

‫✓ يأكل ال ُمستهلكون أصناف غذائية ُمتشابهة في وجبة ما خالل األيام‪.‬‬

‫✓ لهذه العادات تأثيرات مالية على شركات ال ُمنتج‪ ,‬وزيادة الشراء واإلستهالك ال ُمتكرر يرتبط‬
‫بزيادة حصة السوق لعالمة تجارية ما‪ ,‬القيمة الدائمة لل ُمستهلك ‪ ,‬والحصة من المحفظة‪.‬‬

‫المزايا الرئيسة للعادات تكون جامدة‪ ,‬ولذلك يميلون إلى أن ينقلوها بنفس الطريقة حتى وإن‬
‫تغيرت األهداف أو السياقات‪ .‬وكنتيجة لذلك‪ ,‬تتغير العادات ببطئ عبر التجارب ال ُمتكررة فقط‪.‬‬

‫لإلعالنيون الذين يريدون تغيير اختيارات ال ُمستهلك وسلوكه من خالل اإلعالنات ال ُمقنعة‪ ,‬تُقدم‬
‫العادات تحديا ً صعبا ً و فريدا ً من نوعه‪ ,‬هذا التحدي دفع بعض الباحثين إلى إعادة النظر في‬
‫العالقة بين اإلعالن وتغير السلوك‪ ,‬كان من األوائل ‪ Andrew Ehrenberg‬الذي اقترح الفكرة‬
‫تحذير!‬
‫اإلستداللية عام ‪, 1974‬حيث أن الغرض من اإلعالن كان ليس تغيير السلوك‪ ,‬ولكن تعزيز‬
‫الرضا بالعالمة التجارية ال ُمستخدمة‪.‬‬

‫وقال ‪ Ehrenberg‬أن االعالن هو باألساس وسيلة لتعزيز الوعي وتأييد العالمة التجارية وليس‬
‫آلية لزيادة المبيعات بشكل ُمباشر‪ ,‬وجادل فكرة كون االعالنات ال ُمكررة للعالمة التجارية‬
‫صمم لتقديم تأكيد عاطفي لعادات الشراء ال ُمتكررة ‪.‬‬
‫ال ُمؤسسة كانت في المقام األول سالح دفاعي ُ‬
‫لم تُستقبل وجهات نظر ‪ Ehrenberg‬استقباالً حسنا ً من ُمجتمع التسويق وبقيت وجهات النظر‬
‫تلك كرأي لألقلية لعدة عقود‪ ,‬ولكن علم الدماغ الحديث وباإلضافة لفهمنا ل ُمعالجة النظام‪1‬‬
‫والنظام‪ 2‬قد زودنا بأساس أقوى لألفكار كأفكار ‪ Ehrenberg‬وقد عالجنا هذه القضايا في نقاشنا‬
‫للتسويق العصبي واالعالنات في الفصل الحادي عشر‪.‬‬

‫‪161‬‬
162
‫الجزء الثالث‬
‫التسويق العصبي في حيز العمل‬
‫بريشة ريك تينانت‬ ‫الموجة الخامسة‬

‫إنه العُمدة يا ميتش! اجتياح المدينة ينهب سالل النفايات الورقة وحلقات القهوة‪ ,‬انه يبحث عن قائد‬
‫وذلك القائد سيُنقذنا ‪ ,‬ميتش! ربطة العُنق تلك تقول لي بأنك أنت ذلك الرجل!‬

‫‪163‬‬
‫في هذا الجزء‪..‬‬
‫ُهنا‪ ,‬سنصف كيف و أين يُطبق التسويق العصبي اليوم‪ ,‬وفي الرأي القائل بأن التسويق العصبي‬
‫أسلوب جديد جذري وغير ُمختبر بعد‪ ,‬لجعل الناس يشترون األشياء هم بالحقيقة ال يحتاجونهاحيث‬
‫سنعرض كيفية استُخدم التسويق العصبي كبحث سوق تقليدي ليس إال‪ -‬لتوفير إجابات جديدة لنفس‬
‫األسئلة القديمة التي حيرت المسوقين لعقود والي تتمحور في هل أحب ال ُمستهلكين عالمتي التجارية؟‬
‫طبّقت أساليب التسويق العصبي في بعض‬ ‫‪ ,‬هل يُريدون ُمنتجي؟ ‪ ,‬هل يتذكرون إعالناتي؟ وقد ُ‬
‫المجاالت الجديدة التي تقع خارج مجال التسويق التقليدي‪ ,‬كإختبار الترفيه‪ ,‬وتقييم تجربة إستخدام‬
‫اإلنترنت‪.‬‬

‫في هذا الجزء‪ ,‬سنكتشف كيف أن أفكار واكتشافات علم الدماغ ظهرت من ال ُمختبرات العلمية وانتقلت‬
‫إلى أدوات ُمستخدمو التسويق العصبي‪ ,‬وسنستعرض كيف أن هذه األدوات أعطت ُمستخدمو‬
‫التسويق العصبي آفاق جديدة لفهم وتحسين فاعلية التسويق‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫الفصل التاسع‬

‫تأثير العالمات التجارية على الدماغ‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫✓فهم كيف تبني اإلرتباطات الذهنية عالمات تجارية قوية في الدماغ‪.‬‬

‫✓رؤية كيف أن العالمات التجارية الناجحة تؤثر علينا‪.‬‬

‫✓اكتشاف كيف أن العالمات التجارية القوية تُشكل تأثير دائم على السوق‪.‬‬

‫✓تحديد ُ‬
‫طرق إلختبار وبناء عالمات تجارية أقوى‪.‬‬

‫إن أحد المفاهيم البعيدة المنال في مجال التسويق واإلعالن هي فكرة وجود العالمة التجارية فقط‬
‫كم هائ ٍل من‬
‫أطلب من ال ُمستهلكين أن يصفوا لك ما تعنيه لهم العالمة التجارية وستحصل على ٍ‬
‫الردود‪,‬حيث أن على بحوث السوق التقليدية أن تُحدث نقلة نوعية من تلك الردود المذكورة لتت َوقع‬
‫النتائج من تلك اإلهتمامات‪ ,‬ككيفية تأثير العالمات التجارية على انطباعات ال ُمنتج و اإلختيار و أخيرا ً‬
‫على السلوك الشرائي‪ ,‬وألن الكثير من آثار العالمات التجارية على اختيار ال ُمستهلك والسلوك تكون‬
‫غير ُمدركة‪ ,‬فإن هذا التمرين الخاص في تفسير التوقعات من الكالم المفصلي لل ُمستهلكين يُمكن أن‬
‫يُضلل بسهولة فففي كثير من األحيان ال يتصرف ال ُمستهلكون بنفس الشيء والطريقة التي يقولون‬
‫بأنهم سيتصرفونها في هذا الفصل‪ ,‬سنعرضنا كيف أن العالمات التجارية ُممثَلة في الدماغ‪ ,‬وكيف‬
‫يُمكن لهذه االحتجاجات أن تُعزز أو تُغير من خالل التسويق!‬

‫بنقاش حول العالمات التجارية والذاكرة وبصف كيف أن تجارب الناس مع العالمات‬ ‫ٍ‬ ‫لقد بدأنا‬
‫التجارية تتحول إلرتباطات ذهنية خاصة في العالمة التجارية والوالء على المدى البعيد‪ ,‬ومن ثم‬
‫أخذنا بعين اإلعتبار كيف يُمكن لل ُمستهلكين أن يتأثروا بالعالمات التجارية في مرحلة غير إدراكية‪,‬‬
‫بعذ ذلك بحثنا عن سبب صعوبة استبدال العالمات التجارية الرائدة وكيف يُمكن للشركات الناشئة أن‬
‫تُصبح عالمة تجارية ال يُمكن استبدالها‪ ,‬وأخيرا ً لقد لخصنا كيف يُمكن لقياسات التسيق العصبي أن‬
‫تُستخدم لدراسة تأثير العالمات التجارية على الدماغ‪.‬‬

‫تدور العالمات التجارية حول اإلرتباطات الذهنية‬

‫للعالمة التجارية جوانب مادية‪ ,‬مثل الشعار أو ال ُهتافات أو الشخص ال ُمتحذث باسم العالمة التجارية‪,‬‬
‫ولكن في جوهرها‪ ,‬هي فكرة مجودة في عقول الناس‪ ,‬والعنصر األهم في هذه الفكرة هو كيفية‬
‫ارتباطها بأفكار وأحاسيس أُخرى في عقول الناس‪ ,‬وهذه اإلرتباطات الذهنية في ال ُمقابل هي وظيفة‬
‫‪165‬‬
‫لخبرة مدى الحياة مع العالمة التجارية ال ُمباشرة (من خالل اإلستخدام الفعلي) وغير ال ُمباشر(من‬
‫خالل التعرض لإلعالنات والتسويق وتجارب اآلخرين)‪ ,‬وذلك بسبب عد وعي ال ُمستهلكين لكيفية‬
‫صنع العالمات التجارية هو مجال طبيعي لألبحاث من أجل‬ ‫تأثير العالمات التجارية عليهم‪ ,‬إن ُ‬
‫تطبيق أفكار علم الدماغ وأساليب التسويق العصبي‪.‬‬

‫رؤية العالمات التجارية في كل مكان‬

‫أظهرت الدراسات بأن يُمكن لألطفال تمييز مئات العالمات التجارية حيث أنه مع الوقت وعندما‬
‫عمر الثالث سنوات سيكون لديهم خيارات آلالف العالمات ومع الوقت سيصبحوا في‬ ‫يُصبحوا في ُ‬ ‫تذكَّر‬
‫سن ال ُمراهقة وبعدها بالغين وقد قاموا بتجميع عدد ضخم من االرتباطات واالنطباعات ال ُمتعلقة‬
‫بالعالمات التجارية‪.‬‬

‫إن العالمات التجارية ُمتجسدة بعُمق داخل أدمغتنا‪ ,‬ألنها تُساعدنا في اإلختيار من بين مجموعة‬
‫واسعة من ال ُمنتجات والخدمات التي تُعرض علينا يوميا ً في حياتنا ك ُمستهلكين‪ ,‬وألن أدمغتنا بخيلة‬
‫معرفيا ً تبحث عن اإلختصارات لتجنب التعمق والتفكير المتداول وعملية صنع القرار فقد قامت‬
‫العالمات التجارية بتزويدنا ببدائل جذابة إلعادة التفكير في إتخاذ القرارات فيما يتعلق بال ُمنتجات في‬
‫كل مرة نقوم بإختيار‪.‬‬

‫في الواقع ‪ ,‬إن العالمات التجارية تزيد من قيمة التجارب لمدى الحياة (أو على األقل لفترة طويلة من‬
‫الخبرات ال ُمتكررة سواء ال ُمباشرة وغير ال ُمباشرة) لتُصبح ُملخصا ً واحدا ً لل ُمنتجات ال ُمتنوعة تحت‬
‫عالمة تجارية واحدة حيث قام ال ُمسوقون بإستثمار سنوات من التكرار والمشاهدات المصنوعة بعناية‬
‫ليُعلموننا سبب بقاء العالمة التجارية ونحن نتعلم حتى لو لم نُدرك ذلك‪.‬‬

‫فهم "إنصاف" العالمة التجارية واإلرتباطات الذهنية في الذاكرة‬

‫تتواجد العالمات التجارية في الدماغ‪ ,‬ولفهم كيفية تأثيرهم على قرارات ال ُمستهلك عليك أن تفهم‬
‫ترتيب ذاكرة اإلنسان بشكل أفضل‪ ,‬إليك النقاط الرئيسية لتتذكرها‪:‬‬
‫تذكَّر‬

‫✓بعض الذكريات ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية واضحة ويُمكن الوصول إليها‪ :‬وهي الذكريات‬
‫التي يستطيع ال ُمستهلك الوصول إليها عندما يقوم الباحث بسؤاله عن رأيه حول عالمات تجارية‬
‫و ُمنتجات ُمعينة‪.‬‬

‫✓بعض الذكريات تُعتبر ضمنية وال يُمكن الوصول إليها‪ :‬وهي الذكريات التي تؤثر على سلوك‬
‫ال ُمستهلك مع عدم إدراكه لهذا التأثير أو حتى العلم بوجوده أساساً‪.‬‬

‫✓تختلف أنظمة الذاكرة تلك من ناحيتين أولها‪ :‬أن الذاكرة الصريحة تتطور مع اإلنتباه بينما‬
‫الذاكرة الضمنية تعمل فقط عند غياب اإلنتباه‪ ,‬ثانيا ً إن من الضروري تحديث الذاكرة الصريحة‬

‫‪166‬‬
‫بشكل ُمنتظم تجنُبا ً للكتابة فوقها من قِّبل ذاكرة جديدة‪ ,‬بينما يُمكن للذاكرة الضمنية أن تبقى وقتا ً‬
‫أطول دون الحاجة إلى الدعم‪.‬‬

‫العالمات التجارية وعالقتها بالذاكرة‬

‫من ال ُمفترض تسمية ذاكرة اإلنسان بذكريات اإلنسان ويُعزى ذلك ألن أدمغتنا تأتي ُمجهزة‬
‫بإختالفات عدّة ولكن األنظمة التفاعية هي‪:‬‬

‫✓الذاكرة الحسية‪ :‬هو النظام الذي يسمح لك في تذكر ال ُمدخالت الحسية ل ُمدة كافية تسمح‬
‫ب ُمعالجتها داخل دماغك حيث تستغرق أقل من ثانية‬

‫✓الذاكرة القصيرة المدى‪ :‬هو النظام الذي يسمح لك بإسترجاع معلومة واحدة في عقلك‬
‫الواعي‪ ,‬وبالعادة تكون ألقل من دقيقة بينما كنت معتمد عليها‪.‬‬

‫✓الذاكرة الطويلة المدى‪ :‬هو النظام الذي يقوم بتخزين ذكرياتك القديمة جدا ً ويتضمن ذلك‬
‫األمور التي تعلمتها وتجاربك التي تعرضت لها‪.‬‬

‫إن الذاكرة الطويلة المدى ُمهمة جدا ً للعالمات التجارية و ُ‬


‫صنعها حيث تمتلك بُنية ُمتميزة تتكون‬
‫من نظامين فرعيين ُهما الذاكرة الصريحة والذاكرة الضمنية‪.‬‬

‫الذاكرة‬
‫الطويلة‬
‫المدى‬

‫الذاكرة‬ ‫الذاكرة‬
‫الصريحة‬ ‫الضمنية‬

‫اإلستحضار‬
‫عرضية‬ ‫داللية‬ ‫تكيّفية‬ ‫اجرائية‬
‫الذهني‬

‫يُمكن للذكريات الواضحة استرجاعها طوعا ً وبذلك يُمكن الوصول إليها بصورة إدراكية‪ ,‬أما‬
‫الذكريات الضمير غير ُمدركة وال يُمكن الوصول إليها ولذلك لسنا ُمدركين لتلك الذكريات‬

‫‪167‬‬
‫فالذاكرة العرضية تقوم بتخزين التجارب الشخصية ال ُمتعلقة بالعالمات التجارية كاألحداث التي‬
‫شارك بها في وقت ومكان ُمعين‪.‬‬

‫الذاكرة الداللية وهو المكان الذي يتم فيه تخرين المعلومات القابلة للوصول وال ُمتعلقة بعالمة‬
‫تجارية ما كإسمها‪ ,‬وسمات ال ُمنتج وبعض المفاهيم األخرى المبنية على المعرفة‪ ,‬حيث تؤدي‬
‫العالمات التجارية دورا ً ُمهما ً في العمليات ال ُمتعلقة بالذاكرة الضمنية‪.‬‬

‫أما اإلستحضار الذهني فقد تم شرحه في الفصل الخامس‪ ,‬وهو عملية خاصة في الذاكرة الضمنية‬
‫حيث تخطر الفكرة بصورة أسهل إلى الدماغ وذلك بعد التعرض لفكرة أخرى‪ ,‬قد يتم استحضار‬
‫العالمة التجارية ذاتيا ً أو من خالل أمور أخرى ويعتبر اإلستحضار الذهني عملية ُمهمة لفهم‬
‫طريقة عمل العالمات التجارية‪.‬‬

‫الذاكرة التكيفية هي عملية ربط شيئان داخل الذاكرة من خالل عرضهم بشكل ُمتكرر مع بعضهما‬
‫البعض‪ ,‬إن الكثير من إعالنات العالمات التجارية يتم ممارستها من خالل التكيف‪.‬‬

‫يقوم عقلنا تلقائيا ً وبدون أي مجهود بربط سمات ُمعينة بعالمات تجارية ُمعينة‪ ,‬أما الذاكرة‬
‫اإلجرائية تتعامل مع المهارات ال ُمتعلمة كركوب الدراجة أو قيادة السيارة‪ ,‬وبالرغم من عدم‬
‫ارتباط العالمات التجارية عموما ً بمثل هذه المهارات التي يُمكن أن تكون جزءا ً من تصور‬
‫الشخص حول مهار ٍة ما‪ ،‬كما هو الحال عندما يتم اإلعتقاد بأن العالمة التجارية فيما يتعلق‬
‫بال ُمعدات الرياضية التي تتميز على العالمات التجارية األخرى ‪.‬‬

‫إن الذاكرتين الصريحة والضمنية متشابكتين بشكل كبير‪ ،‬وكل ذاكرة منهما ُمرتبطةٌ بالذكريات‬
‫األُخرى ‪ ،‬فعلى سبيل المثال ‪:‬ذاكرتك الخاصة بالعالمة التجارية (‪ )Coca- Cola‬هي ذاكرة‬
‫يوم حار‪ ،‬وعندما كنت‬ ‫وربما ترتبط بتبريد عطشك بعلبة من الكوكاكوال ال ُمثلجة في ٍ‬‫داللية‪ُ ،‬‬
‫صغيرا ً وفي بلدك وهذه تُعتبر ذاكرة عرضية تشهد كوكاكوال الخاصة بسانتا كلوز ُربما تكون قد‬
‫ت ذهنية ال تُمحى داخل عقلك طوال شبابك عبر التكيف بين ك ٍل من عيد الميالد‬ ‫أَنشأت إرتباطا ٍ‬
‫والكوكاكوال‪ ،‬وقد تشكلت تلك اإلرتباطات ال ُمعززة والضعيفة داخل الذاكرة في كل مرة ترى فيها‬
‫متجر أو عند إستخدامك ل ُمنتجٍ معين ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫إعالن أو‬
‫ٍ‬ ‫تلك العالمة التجارية في‬

‫تُعد أ ْس ُهم العالمة التجارية قيمةٌ تتوقعها شركة ما من ُمنتجٍ أو من العالمة التجارية ال ُمرتبطة‬
‫أسهم للعالمة‬
‫ٍ‬ ‫بإرتباطات ذهنية قوية و ُمميزة وإيجابية‪ ،‬إن الدليل اإلقتصادي يُظهر بأن بناء‬
‫التجارية يؤدي إلى مبيعات إضافية وهوامش أفضل للربح‪ ،‬حيث أن العالمة التجارية القوية تفتح‬
‫األبواب للوسطاء والشركاء ال ُمحتمليين وبالتالي تسمح للفرص غير ال ُمتوفرة للعالمة التجارية‬
‫ذات األسهم المحدود أو عديمة األسهم فاألسهم القوية ترفع من قيمة الشركات التي تمتلك هذه‬
‫العالمة‪ ،‬وتساعد الشركات على جذب أفضل المواهب وتزودهم بتركيز واضح لُمبادرات‬
‫التسويق ‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫ومن منظور التسويق العصبي التخزين في الذاكرة ضمن شبكة من اإلرتباطات الذهنية حيث‬
‫يُمكن إعتبار هذه العالمة التجارية كعُقدة في هذه الشبكة مرتبطة بعُقد أُخرى ُمتنوعة والتي تتشكل‬ ‫تذكَّر‬
‫اإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية‪ ،‬فعلى سبيل المثال ‪:‬يُعد مضمون المفهوم الخاص‬
‫بالعالمة التجارية (‪ )Red Bull‬هي ذاتها فكرة ُ مشروب الطاقة وهي عبارة عن مشروبات‬
‫كافيين يتم إستهالكها من أجل رفع مستوى الطاقة داخل الجسم‪ ،‬وإن هذه الفكرة ُمرتبطة داخل‬
‫الذاكرة بحاسة تذوق ُمعينة أو نقاط بيع ُمحتملة أو مشروبات ُمفضلة لل ُمناسبات أو حتى صور‬
‫مرئية ُمتنوعة كالشعارات‪ ،‬واأللوان‪ ،‬وفكرة التصميم‪ ،‬والعُلبة‪ ،‬وغيرها من األمور التي يتم‬
‫إستهالكها وترتبط في ك ٍل من الذاكرة الداللية والعرضية‪ ،‬ولكن بال ُمقابل قد قامت العالمة‬
‫التجارية ببناء إلرتباطات ذهنية أوسع داخل عقول ال ُمستهلكين كموقف ُمتهور في الحياة أو ُحب‬
‫الرياضات القاسية‪ ،‬ورعاية األحداث ال ُمتعلقة بال ُمغامرات والترقيات ُمرتبطة بشعار للعالمة‬
‫التجارية والتعبير مجازي هو " بيعطيك جوانيح" ‪.‬‬

‫حيث يرغب بعض ال ُمسوقين في فهم وتغيير مفهوم تلك اإلرتباطات في بعض الحاالت من حيث‬
‫قوتهم و إتصالهم بالمفاهيم األُخرى‪ ،‬وبسبب هذه اإلرتباطات الذهنية أصبح من ال ُممكن تنشيط‬
‫مفهوم أو عاطف ٍة ُمرتبطة بشكل قوي‬
‫ٍ‬ ‫ذاكرة العالمة التجارية بشك ٍل غير ُمباشر من خالل تنشيط‬
‫عطلة مليئة‬‫ي حول ُ‬ ‫عرض برنامجٍ تلفاز ّ‬
‫َ‬ ‫بذاكرة العالمة التجارية‪ ،‬فعلى سبيل المثال ‪:‬إن‬
‫علم بذلك من‬
‫بال ُمغامرات قد يُنشط مفهوم العالمة التجارية ‪ Red Bull‬وقد يكون ال ُمستهلك على ٍ‬
‫خالل التفكير الواعي ‪ Red Bull‬أو قد يحدث ذلك من خالل العملية غير اإلدراكية للتفكير ‪.‬‬

‫تجريب عالمة تجارية ما‬

‫إن الخاليا العصبية داخل الدماغ تتنشط مع بعضها البعض بشك ٍل ُمتكرر‪ ،‬لتطوير إرتباطات‬
‫ذهنية أقوى لل ُمساعدة في تقوية الذاكرة في عقل ال ُمستهلك والعكس صحي ٌح أيضا ً (أن اإلرتباطات‬
‫الذهنية لمجموعة من الخاليا العصبية غير ال ُمنشطة مع بعضها البعض لفترة طويلة من الزمن‬
‫ستصبح أضعف) ‪.‬‬

‫وهذا يعني من منظور التسويق أن ذاكرة العالمة التجارية يجب أن تُنشط بشك ٍل ُمنتظم لضمان‬
‫عدم نسيان ال ُمستهلك للعالمة التجارية‪ ،‬ولكن أيضا ً يحتاج ال ُمستوقين إلى تنشيط اإلرتباطات‬
‫الذهنية المرغوب بها بشكل ُمتكرر من أجل تقويتها ‪.‬‬

‫وكما تم شرح الذاكرة في الفصل السادس على أنها مبنية وال يُمكن إسترجاعها بسهولة‪ ،‬فإنه عند‬
‫تنشيط ذاكرة العالمة التجارية يحاول الدماغ تجميع ذلك من خالل تجميع جزيئات المعلومات‬
‫وبعض الروابط مع بعضها البعض‪ ،‬ومع ذلك قد تكون ضعيفةً إلى ح ٍد ما‪ ،‬وقد تُفقد بعض‬
‫عناصر الذاكرة‪ ،‬وقد يمأل العقل الثقوب التي داخل الذاكرة من خالل خلق اإلفتراضات أو تزيين‬
‫ذاكرة العالمة التجارية التي تحمل العواطف والمشاعر القوية ‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫ولذلك يُمكننا القول وبكل تأكيد بأنه ال يوجد ذاكرة دقيقة (أي أنها تتغير مع مرور الزمن) ‪،‬‬
‫وبذلك يكون تحدي المسوقين بلورة ذاكرة العالمة التجارية لل ُمستهلك وذلك لزيادة إحتمال الشراء‬
‫‪.‬‬

‫وهنالك طريقتين يُمكن من خاللهما تحديث ذاكرة العالمة التجارية ‪:‬‬

‫✓من خالل التجربة ال ُمباشرة للعالمة التجارية كشرب مشروب الطاقة ‪ ،Red Bull‬أو من‬
‫خالل إرتداء أحذية ‪ ،Nike‬أو إستخدام جهاز ‪. Apple iPad‬‬

‫✓من خالل التعرض ل ُمراسالت عن العالمة التجارية ك ُمشاهدة إعالن على شاشة التلفاز‪ ،‬أو من‬
‫خالل رؤية أنواع أخرى من رسائل التسويق كالوحات اإلعالنية أو اإلعالنات المطبوعة أو حتى‬
‫من خالل التحدث مع أصدقاءك حول تجاربهم مع عالمة تجارية ما ‪.‬‬

‫إن تجريب عالمة تجارية ما بشكل ُمباشر يكون أقوى مصدر لتغيير أو تعزيز اإلرتباطات‬
‫الذهنية ال ُمرتبطة بالعالمة التجارية داخل الذاكرة‪ ،‬ولكن أظهرت مجموعة كبيرة من األبحاث أن‬ ‫تحذير!‬
‫التجربة التي في أغلب األحيان تتشكل من خالل الذاكرة القائمة والموجودة ‪.‬وليس العكس ‪-‬وهو‬
‫األمر ال ُمثير للدهشة‪-‬‬

‫إن اآللية التي يحدث من خاللها هذا التأثير هي "التوقعات"‪ ،‬حيث أن التجارب التي تتعلق‬
‫بالتعرض للتسويق تُنشأ وتُحدث من توقعات ال ُمستهلك حول تجريب العالمة التجارية ُمستقبالً‪،‬‬
‫حيث يطلق بعض الباحثين على هذه اإلفتراضات اسم (تأثير الدواء الوهمي) إلفتراضات العالمة‬
‫ي في إختبار فعالية‬ ‫التجارية على تجربة ال ُمنتج‪ ،‬ألن هذه التوقعات تتصرف كحبوب الدواء الوهم ّ‬
‫األدوية‪ ،‬وفي مثل هذه اإلختبارات تزودنا األدوية الوهمية أو ال ُمهدئات بنفس اإلغانة التي نأخذها‬
‫من األدوية الحقيقية‪ ،‬بسبب توقع الناس لحدوث ذلك ‪.‬‬

‫ي للتسويق العصبي الكالسيكي حول هذا التأثير تم إجرائه من قِّبل‬ ‫حيث أن العرض التحضير ّ‬
‫فريق من الباحثين في جامعة ‪ Baylor‬عام ‪ ،2004‬في حين أن ال ُمشاركين في الدراسة قد تم‬
‫تفحص أدمغتهم من خالل التصوير وذلك بإستخدام الماسح الضوئي لجهاز الرنين المغناطيسي‬
‫شتهر في إعالن ‪ Pepsi‬في‬ ‫الوظيفي (أنظر الفصل السادس عشر)‪ ،‬حيث قاموا بإختبار أ ُ ّ‬
‫سمي بتحدي ‪ Pepsi‬وفي نسخة اإلعالن الخاصة باإلختبار قام الناس‬ ‫ثمانينيات القرن العشرين ُ‬
‫ب ُمقارنة طعم نوعان من الكوال دون معرفة اسم العالمة التجارية لكل منهما حتى ال يُفضّلوا طعم‬
‫الـ ‪ Pepsi‬على طعم الـ ‪. Cola‬‬

‫بإختبار ُمختلفٍ قليالً‪،‬فقد قاموا بإخبار ال ُمشتركين أنهم كانوا يشربون‬


‫ٍ‬ ‫وفي التجربة‪ ،‬قام الباحثون‬
‫الـ ‪ Cola‬أو الـ ‪ Pepsi‬ومن ثم ُمقارنة الصور الدماغية لمواليي الـ ‪ Cola‬ومواليي الـ ‪Pepsi‬‬
‫بينما يتذوقون المشروبات الغازية ‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫وأيا ً كان‪ ،‬فقد كان شاربي الـ ‪ Cola‬يتذوقون فعالً المشروب الغازي (قام الباحثون بخلط أنواع‬
‫المشروبات الغازية ببعضهما البعض)‪ ،‬وبينما كان الناس يظننون بأنهم كانوا يشربون الـ ‪Cola‬‬
‫فقد تنشطت أجزاء ُمختلفة من دماغهم بصورة أكبر مما كانت عليه عندما كانوا يظننون بأنهم‬
‫كانوا يشربون الـ ‪ ،Pepsi‬عندما قام األشخاص بتذوق الـ ‪ Pepsi‬كما كانوا يعتقدون فقد إرتبطت‬
‫مناطق في دماغ بال ُمكافأة الفورية كتنشيط تجريب الطعم الحلو‪ ،‬ولكن عندما تَذَوق األشخاص‬
‫الذين ظنوا بأن ما كان يشربونه هو الـ ‪ Cola‬فقد تنشطت مناطق إضافية في دماغهم والتي كانت‬
‫ُمرتبطة بالمشاعر والعواطف اإليجابية والذكريات الصريحة العرضية ‪.‬‬

‫وقد كانت تفسيرات الباحثين "أن اإلرتباطات الذهنية للناس ال ُمتعلقة بالذكريات ذات العواطف‬
‫اإليجابية مع الـ ‪ ،Cola‬في األغلب تشكلت عبر التجارب ال ُمباشرة والتعرض للتسويق مدى‬
‫الحياة‪ ،‬ولهذا التأثير األكبر على تجربة التذوق أكثر على الطعم الفعلي للـ ‪.Cola‬‬

‫إن توقعات العالمة التجارية تُؤثر على تجربة العالمة التجارية أكثر من التأثير الذي تؤثره‬
‫تجربة العالمة التجارية على التوقعات الخاصة بها ‪.‬‬

‫بإختصار‪ ،‬هي قوة أسهم العالمة التجارية‪ ،‬حيث يتم طرح فكرة ُمثيرة لإلهتمام "أنه عندما‬
‫يستهلك ال ُمستهلك ُمنتج ُمعين من عالمة تجارية قوية‪ ،‬ويُمكن أن يكون فعليا ً يستهلكون توقعات‬ ‫تذكَّر‬
‫العالمة التجارية أكثر من كونهم يستهلكون ال ُمنتج بحد ذاته"‪ ،‬حيث تبدو هذه الفكرة جنونية إذا‬
‫تتبعت نموذج ال ُمستهلك العقالني الذي يكمن وراء أبحاث السوق التقليدية‪ ،‬ولكنها تتدفق بشكل‬
‫طبيعي من نموذج ال ُمستهلك البديهي الذي يكمن وراء علم الدماغ الحديث والتسويق العصبي ‪.‬‬

‫كيف تؤثر العالمات التجارية على أدمغتنا‬

‫يُمكن أن يكون ال ُمستهلكين غير ُمدركتين لتأثيرات العالمات التجارية عليهم‪ ،‬ولكن لمواجهة‬
‫عالمة تجارية معروفة تأثيرات كبيرة على طريقة تفكير وتصرف ال ُمستهلكين‪ ،‬وبإستكشاف‬
‫كيفية تأثير العالمة التجارية على العمليات غير ال ُمدركة خالل تقديم ال ُمسوقين ألفكار جديدة‬
‫يُمكنهم إستخدامها لزيادة كفاءة إستراتيجيات عالمتهم التجارية ‪.‬‬

‫تنشيط التفكير الالواعي مع العالمات التجارية‬

‫قام عالما اإلقتصاد السلوكي ‪ Dan Ariely‬و ‪ Michael Norton‬عام ‪ 2008‬بنشر مقالة في‬
‫غاية األهمية تُسمى " اإلستهالك المفاهيمي"‪ ،‬حيث كانت حجتهم في أنه يُمكن لألكاديميين‬
‫ولل ُمسوقين اإلستفادة من التفكير بالُمستهلكين كإستهالك وليس ك ُمنتجات بل كمفاهيم ‪.‬‬

‫حيث إن تطبيق الفكرة بشكل خاص لصنع العالمة ولتغيير ُمصطلحاتها ال ُمرتبطة بها‪ ،‬ويُمكننا‬
‫تحديد أربع فئات لمفاهيم العالمة التجارية والتي يُمكن لل ُمستهلك من خاللها أن يتجاوز اإلستهالك‬
‫المادي لإلستهالك ‪:‬‬

‫‪171‬‬
‫✓التوقعات ‪:‬كما قُمنا بالتوضيح في القسم السابق فإنه يُمكن لتوقعات العالمة التجارية التأثير‬
‫على اإلستهالك المفاهيمي في ُمستوى يكون واضحا ً في دراسات تخطيط الدماغ‪ ،‬حيث يُمكن‬
‫لهذا التأثير أن يظهر إن لم يكن ال ُمستهلكون ُمدركون تماما ً له‪.‬‬

‫✓األهداف ‪:‬يُمكن للعالمات التجارية تحديث ك ٍل من األهداف ال ُمدركة وغير ال ُمدركة‪ ،‬ويُمكن‬
‫التأثير الكبير على سلوك الناس (كما تم وصفه في الفصل السابع)‪ ،‬وبشكل‬
‫ُ‬ ‫لألهداف أن يكون لها‬
‫ُمتجدد و ُمكرر يُمكن لها أن تأثر على الظهور بشك ٍل كامل خارج الوعي اإلدراكي ‪.‬‬

‫✓اإلتقان ‪:‬عندما يربط الناس التقدم ال ُمدقن بالصدق والجمال واإلعجاب واأللفة (إنظر إلى‬
‫الفصل الخامس) في الحقيقة هم يحصدون الشعور بالرضا من إستهالك هذا اإلتقان أكثر من‬
‫إستهالك ُمنتجٍ ما يعكس اإلتقان‪ ،‬ويحدث عادة ً دون أي وعي للتأثير ‪.‬‬

‫✓القيم ‪:‬عندما تكون العالمة التجارية ُمرتبطة بشكل قوي بقيمة في عقول الناس كاإلرتباطات‬
‫الذهنية بين ‪ Red Bull‬و التصرفات المتهورة في الحياة وبالتالي قد يكون الناس يستهلكون هذه‬
‫القيمة عندما يستهلكون هذا ال ُمنتج‪ ,‬وذلك بإتباع البحث الذي قام به علماء النفس ‪E. Tory‬‬
‫‪ Higgins‬و ‪ Ariely‬و ‪ Norton‬الذين أطلقوا هذا التناسب التنظيمي بين تجربة القيمة‬
‫واإلستهالك‪ ,‬إن القيمة تُشبه األهداف ولكنها أعم وأشمل حيث يشعر الناس بالرضا عن أنفسهم‬
‫عندما تتناسب األهداف التي يسعون لها مع تبني قيم أكبر‪.‬‬

‫وفي كل نوع من اإلستهالك المفاهيمي في أغلب األحيان ُكنا نجد تفسيرات لسلوك ال ُمستهلك‬
‫الذي يبدو أقل مثالية من منظور ال ُمستهلك العقالني البحت‪ ،‬فعلى سبيل المثال ‪:‬حيث يُمكن للناس‬
‫إستهالك أطعمة وهم سعداء بالرغم من كون األطعمة أقل لذةً‪ ،‬وذلك ألنهم يتوقعون بأن طعمها‬
‫أفضل‪ ،‬حيث يُعزى ذلك لإلرتباطات الذهنية للعالمة التجارية فيما يتعلق بالطعم الحلو‪ ،‬وألنها‬
‫تُساعدهم في تحقيق هدف كخسارة الوزن‪ ،‬وذلك ألنها تأتي بشكل خاص للتحضير السريع (سهلة‬
‫اإلستخدام) أو ألنها تعكس اإللتزام بالقسم األعلى واألفضل كتشجيع المحاصيل الزراعية المحلية‬
‫‪.‬‬

‫ي‪ ،‬حيث أن ال ُمستهلكين غير‬ ‫وعادة ما يظهر اإلستهالك المفاهيمي في المستوى غير اإلدراك ّ‬
‫ُمدركين تماما ً لمستوى الرضا الخاص بهم مع الخبرة ال ُمتعلقة بعالم ٍة تجارية ما‪ ،‬والتي يُمكن أن‬ ‫تذكَّر‬
‫تتحقق من اإلستهالك المفاهيمي أكثر من اإلستهالك المادي أو اإلستخدام وذلك ألنهم غير‬
‫ُمدركين لهذه التأثيرات وغير قادرين على بلورتها في ال ُمقابالت أو إستطالعات الرأي أو‬
‫مجموعات الحوار ‪.‬‬

‫إختبار العالمة التجارية ‪ Apple‬واإلبداع‬

‫‪172‬‬
‫أراد علماء النفس اإلجتماعي في جامعة ‪ Duke‬إختبار فيما إن كانت اإلرتباطات الذهنية تتركز‬
‫من خالل العالمة التجارية في تسويقها وإعالناتها والتي يمكن أن تُحفز األهداف وتقوم بتوافق‬
‫السلوك مع تلك العالمة التجارية‪ ،‬وبذلك فقد قرروا استخدام العالمة التجارية ‪ Apple‬والتي‬
‫قضت سنوات طويلة في ربط نفسها باإلبداع واإلبتكار الذي يعكسه شعارها في الحمالت‬
‫بصور من ال ُمبتكرين‬
‫ٍ‬ ‫اإلعالنية "ف ّكر بشكل ُمختلف"‪ ،‬حيث قامت شركة ‪ Apple‬بربطها‬
‫وال ُمبدعين أمثال ‪ Albert Einstein‬و ‪ Pablo Picasso‬و ‪ Alfred Hitchcock‬و ‪Jimi‬‬
‫‪. Hendrix‬‬

‫وإلختبار مدى ربط شركة ‪ Apple‬لإلرتباطات الذهنية مع اإلبداع في عقول ال ُمستهلكين ‪،‬‬
‫ضبط الباحثون تجربة ذكية‪ ،‬الجزء األول من التجربة‪ ،‬إعتقد ‪ُ 400‬مشارك بأنهم كانوا يقومون‬
‫بإختبار التوافق بين اليد والعين‪ ،‬بالضغط على أزرار لوحة المفاتيح حتى تظهر فقاعة صغيرة‬
‫على الجهة اليُمنى أو اليُسرى من شاشة الحاسوب ‪.‬‬

‫ولكن األمر غير المعروف لدى ال ُمشاركين أن تلك الفقاعات تحتوي على صورة المعة وال يمكن‬
‫تتبعها على الشاشة ألجزاءٍ من ثانية‪ ،‬إما شعار ‪ Apple‬أو العالمة التجارية ‪ IBM‬المعروفة‬
‫وال ُمكافئة لها ‪.‬‬

‫في وقت الحق من هذا القسم‪ ،‬سيقوم ال ُمشاركين بالقيام ب ُمهمة تقليدية؛ تُستخدم لقياس اإلبداع‪،‬‬
‫طلب منهم تحديد الجوهر األساسي لإلبداع‪ ،‬وبعد ذلك سيقوم الباحثون بتحديد درجة إبداعهم‬ ‫وسيُ ُ‬
‫إستنادا ً على إستجاباتهم ‪.‬‬

‫فكانت النتائج ُمذهلة‪ ،‬وخاصة بأنها قامت بإعطاء الباحثين حقائقَ لم يكن ال ُمشاركون مدركون‬
‫لوجود أي من الشعارات التجارية‪ ،‬إن الذين تعرضوا لشعار ‪ IBM‬كان المتوسط ‪ 5.5‬في مقياس‬
‫درجة اإلبداع‪ ,‬أما ال ُمشاركين في حالة التحكم كان المتوسط ‪ ،6.1‬أما المشاركين الذين تعرضوا‬
‫لشعار ‪ Apple‬فقد كان المتوسط ‪. 7.3‬بذلك تكون لشركة ‪ Apple‬النسبة األعلى مقارنةً‬
‫بالمجموعتين السابقتين ‪.‬‬

‫كانت النتائج ُمفاجأة بما يكفي ليُعيد الباحثون اإلختبار بإستخدام العالمة التجارية ‪Disney‬‬
‫والصدق كسلوك ُمستهدف ورأوا نفس النتائج‪ ,‬فكانت هذه أولى الظاهرات التي أظهرت كيف‬
‫يُمكن لإلرتباطات الذهنية ال ُمتعقة بالعالمة التجارية أن تُثير سلوك السعي وراء الهدف الذي تم‬
‫تحفيزه حتى وإن تم تجربته بشكل ال‪-‬ارادي‪.‬‬

‫فإن كنت تتطلع حقا ً إلى المعرفة ‪ ,‬يُمكنك أن تقرأ كل شيء عن هذه الدراسة في التأثيرات التلقائية‬
‫الخاصة بالتعرض للعالمة التجارية على السلوك ال ُمخفَز وكيف جعلتك ‪ Apple‬ت ُفكر بشكل‬
‫ُمختلف والتي قام بها ‪ Gráinne M.Fitzsimons‬و ‪ Tanya L. Chartrand‬و ‪Gavin J.‬‬
‫‪Fitzsimons‬في مجل ٍة ألبحاث ال ُمستهلك ( ُحزيران ‪ )2008‬يُمكنك تنزيل النسخة اإللكترونية‬
‫للمقال من الرابط‪:‬‬

‫‪173‬‬
‫_‪https://faculty.fuqua.duke.edu/~tlc10/bio/TLC_articles/2008/Fitzsimons‬‬
‫‪Chartrand_Fitzsimons_2008.pdf‬‬

‫وبمواجهة ال ُمشكلة ال ُمتعلقة بتحديد المصادر غير ال ُمدركة لسلوك ال ُمستهلك‪ ,‬فإن لدى ال ُمسوقين و‬
‫الباحثين مسارين لفتحها ‪:‬‬

‫✓قياس إستجابات الدماغ أوالجسم ال ُمباشرة‪ :‬والتي تزودنا بأدلة عن كيفية إستجابة الناس ال‬
‫إراديا ً للعالمة التجارية أو للمواد التسويقية ال ُمشابهة‪.‬‬

‫✓قياس اإلستجابات السلوكية ‪ :‬مثل األفعال التي يقوم بها الناس حاليا ً أو ُمحاكاة حاالت الشراء‬
‫بعد التعرض للعالمات التجارية أو للمواد التسويقية ال ُمشابهة‪.‬‬

‫قُمنا ب ُمناقشة العديد من األمثلة عن المنهجين طيلة هذا الكتاب فيما يتضمن القسم األخير من هذا‬
‫الفصل‪ ,‬في الشريط الجانبي " إختبار العالمة التجارية ‪ Apple‬واإلبداع‪ ,‬وقد وصفنا بشكل خاص‬
‫تجربة ُمبتكرة إستخدمت المنهج السلوكي لتقييم اإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية وآثارها‬
‫على تحفيز األهداف‪.‬‬

‫بناء العالمة التجارية مع مرور الوقت‬

‫يُعد مفهوم العالمة التجارية من المفاهيم ال ُمخزنة في الذاكرة ضمن شبكة من اإلرتباطات الذهنية‪,‬‬
‫حيث يجب على هذه اإلرتباطات الذهنية أوالً أن تكون ُمنشأة ‪ ,‬وتُصبح أقوى مع مرور الوقت‪ ,‬حيث‬
‫تتبع النظرية التي تنص على أن "بناء العالمة التجارية إستثمار بعيد المدى" إلنشاء مفهوم العالمة‬
‫التجارية في ذاكرة ال ُمستهلك ولخلق ولتقوية اإلرتباطات الذهنية المرغوبة ‪.‬‬

‫على العالمة التجارية الجديدة أن تبرز إذا كانت ستخلق مفهوما ً ُمميزا ً وفريدا ً من نوعه في عقل‬
‫ال ُمستهلك‪ ,‬فيجب أن يُرى المفهم على أنه شيء جديد ال شيئا ً مألوفا ً ولكن ال يُمكن للعالمة التجارية‬
‫أن تُرى كشيء جديد وغير مألوف أو أنها ستحفز ال ُمقاومة العاطفية‪ ,‬يجب على صانعي العالمة‬
‫التجارية أن يسيروا على خطى دقيقة ‪:‬عرض مفهوم العالمة التجارية الجديدة بشكل ُمختلف بشكل‬
‫كافٍ للفت اإلنتباه إليه‪ ،‬وربطها باإلنفعاالت اإليجابية من خالل عرض مدى جمعها بين أهداف‬
‫ال ُمستهلك وإحتياجاته بشكل أكثر فعالية من منافسة العالمات التجارية الموجودة فعلياً‪.‬‬

‫إن ربط العالمات التجارية بالمفاهيم إيجابية في الذاكرة‪ ،‬ماهي إال مضيعةٌ للوقت باإلضافة إلى كونها‬
‫وربما تحقيق‬
‫باهضة الثمن‪ ،‬حيث أن بعض العالمات تحاول أن تأخذ اإلختصارات حول هذه العملية‪ُ ،‬‬
‫ت قصيرة المدى كنتيج ٍة لذلك‪ ،‬فعلى سبيل المثال ‪:‬إن العالمة التجارية التي تربح المبيعات من‬ ‫نجاحا ٍ‬
‫خالل نسخ العالمة التجارية الرائدة فضالً عن التمييز (اإلبداع)‪ ،‬أو العالمة التجارية التي تربح من‬
‫خالل مزايا التوزيع فضالً عن وضعها‪ ،‬أو العالمة التجارية التي يتم شرائها بنا ًء على السعر‪ ،‬إلخ‬

‫‪174‬‬
‫إن الغالبية العُظمى من العالمات التجارية الجديدة ال تنجح إال إذا تمكنوا من تطوير مفهوم ُمميز‬
‫للعالمة التجارية في عقل ال ُمستهلك مع إرتباطات ذهنية ذات صلة بالعالمة التجارية وأن تكون قويةً‬
‫وإيجابة و ُمرتبطة بذلك المفهوم‪ ،‬إن اإلحصاءات المعروفة حول ُمقدمات ال ُمنتج الجديد أن ‪ %80‬من‬
‫ال ُمنتجات الجديدة تبوء بالفشل وهذا دلي ٌل على صعوبة هذه ال َمهمة ‪.‬‬

‫ومع مرور الوقت تقوم العالمة التجارية ببناء إرتباطات ذهنية في الذاكرة من خالل الذاكرة الضمنية‬
‫أمور‬
‫وتُسمى بعملية التكيّف والتي تعمل من خالل ثالثة أجزاء بسيطة و ُمتسلسلة ‪:‬‬
‫تقنية‬
‫✓التعرض للعالمة التجارية ‪.‬‬

‫✓اإلرتباط بمفهوم إيجابي عاطفيا ً ‪.‬‬

‫✓التعزيز من خالل التكرار ‪.‬‬

‫إن كنت تفكر بأن ذلك يُشبه كالب البافلوف فأنت ُمحق‪ ،‬فهذا هو النهج التقليدي للتعليم ال ُمكيف تماما ً‬
‫‪.‬يتم تعليم كالب البافلوف حتى يسيل لُعابها عندما تسمع رنين الجرس‪ ،‬فقد تعلّم ال ُمستهلكين ربط‬
‫العالمات التجارية بمفاهيم إيجابية‪ ،‬مثل ‪:‬العالمة التجارية ‪ Apple‬واإلبداع (كالمثال الذي ورد في‬
‫صندوق العرض السابق في هذا الفصل)‪ ،‬وبعد ربط المفهوم بالعالمة التجارية ستزداد اإلرتباطات‬
‫الذهنية قوة ً في كل مرة يتم التعرض فيه للعالمة التجارية أو للمفهوم‪ ،‬كيفما كان ذلك بصورة ُمباشرة‬
‫من خالل التجربة أو بطريقة غير ُمباشرة من خالل ال ُمراسالت ‪.‬‬

‫إن هدف التسويق هو نقل العالمة التجارية من الحداثة إلى األلفة وفي النهاية إلى عادة ُمترسخة‬
‫وثابتة ُمتمثلة بالشراء ال ُمعتاد للعالمة التجارية وكلما كان هنالك عائدات تُصبح العالمة التجارية‬
‫ُمرتبطة بوعد في عقل ال ُمستهلك‪ ،‬للوفاء بالتوقعات التي طورها ال ُمستهلك من خالل التعرضات‬ ‫نصيحة‬
‫السابقة للعالمة التجارية وتجربة اإلستهالك ال ُمرتبطة بها‪ ,‬وبالتالي فإن العالمة التجارية الناجحة‬
‫تتميز من أجل التماسك وتوقعات الرضا الثابتة وال ُمترسخة لدى ال ُمستهلكين‪.‬‬

‫تنامي العالمات التجارية الصديقة للدماغ‬

‫ي‪ ،‬ولذلك ال‬


‫التعلم التكيّفي ‪:‬هو إحدى عملية الذاكرة الضمنية حيث ت َظهر بال مجهود وبشكل ال‪-‬إراد ّ‬
‫يدرك الناس كيفية عملها‪ ،‬ويعني ذلك أن ال ُمسوقون ال يُمكنهم أن يسألوا الناس بشكل ُمباشر عن‬
‫اإلرتباطات الذهنية التي يُشكلونها مع عالمتهم التجارية ‪.‬‬

‫ولحسن الحظ‪ ،‬تقوم أبحاث علم الدماغ بتزويدنا بالمبادئ التوجيهية التي يُمكن أن تُستخدم لتحسين‬
‫نصيحة‬
‫الفرص التي تظهر بها عملية التعلم التكيّفي‪ ،‬ومن خاللها ستصبح ناجحة ‪:‬‬

‫‪175‬‬
‫✓تحفيز أهداف الشراء وتأكد من أن العالمة التجارية وإرتباطاتها الذهنية تتمثل بصورة‬
‫مرئية على مقربة من بعضها البعض‪ :‬يتم تنشيط ال ُمعالجة الالإرادية بشكل أسهل من خالل‬
‫اإلشارات البصرية حيث يتم تجهيزة بشكل أسهل من الرسائل المكتوبة (من أجل ال ُمعالجة‬
‫ال ُمتقنة)‪.‬‬

‫✓إن اإلرتباطات الذهنية اإلستهالكية الناجحة مع العالمة التجارية غالبا ً ما تكون أسهل من‬
‫خالل اإلرتباطات القوية واإليجابية والعاطفية ‪:‬إن تحفيز األهداف هي الدوافع الرئيسية لنوايا‬
‫الشراء‪ ،‬ولكن اإلرتباطات الذهنية العاطفية غالبأ ما تكون المكونات الرئيسية إلختيار ُمحدد يتم‬
‫إعتماده في نهاية المطاف‪.‬‬

‫✓عندما تمتلك العالمة التجارية إرتباطات ذهنية قوية مع ُمناسبات الشراء كعطلة أو األحداث‬
‫من الوالدة حتى الوفاة فهذا مؤشر جيد تُعزز فيه اإلرتباطات الذهنية اإلستهالكية بنجاح في‬
‫اإلعالنات والتسويق الخاصة بها‪.‬‬

‫✓إن وجود مستويات عليا من الرضا والوالء لدى ال ُمستهلك تعد مؤشرات على أن العالمة‬
‫التجارية تُحقق بإستمرار توقعات ال ُمستهلك في أي وقت تواجد فيه الشراء ‪.‬‬

‫✓كلما زاد وتكرر ت َغَير عالمة تجارية ما لإلرتباطات الذهنية اإلستهالكية ال ُمرتبطة بالتسويق‬
‫واإلعالنات‪ ,‬كلما قلت إحتمالية تحقيق اإلرتباطات الذهنية المعززة على المدى البعيد للعالمة‬
‫التجارية داخل الذاكرة‪ :‬يتم تعطيل التعلم التكيّفي بسهولة في حالة تبديل اإلرتباطات الذهنية‬
‫بأخرى ‪.‬‬

‫✓قياس العالمات التجارية التي تعتمد فقط على األلفة للحفاظ على إرتباطاتهم الذهنية‬
‫بالمفاهيم ال ُمعرضة للخطر‪ ,‬وحتى رواد الفئة ال ُمنشأة يحتاجون إلى تحديث اإلرتباطات الذهنية‬
‫الخاصة بعالمتهم التجارية بشكل ُمنتظم في عقول عمالئهم إما من من خالل تقوية اإلرتباطات‬
‫الذهنية القائمة أو من خالل تطوير إرتباطات ذهنية جديدة ‪.‬إن العالمة التجارية الناضجة‬
‫والناجحة ليست تلك التي تجمع بين الحداثة واأللفة في ُمراسالتها ال ُمعرضة للخطر من خالل‬
‫رؤية إرتباطاتها الذهنية تتدهور أو إحتوائها من قبل عالمات تجارية ناشئة‪.‬‬

‫لم العالمات التجارية الرائدة صعبة اإلستبدال؟‬

‫إن جميع عمليات التحيز ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية التي تمت ُمناقشتها في هذا الفصل هي لجعل‬
‫العالمات التجارية صعبة اإلستبدال ‪.‬‬

‫وألن الوصول العقلي هو ال ُمحرك الرئيسي لألحكام واإلختيارات البديهية ( أنظر إلى الفصل الثامن)‪،‬‬
‫وكونها العالمة التجارية األكثر وصوالً لعق ِّل ال ُمستهلك فمن المؤكد أن لها فوائد كثيرة‪ ،‬على الرغم‬ ‫تذكَّر‬
‫‪176‬‬
‫من ذلك تأتي الشركات الناشئة في بعض األحيان جنبا ً إلى جنب وتهز عرش العالمات التجارية‬
‫الرائدة والسبب وراء تلك النواتج ال ُممكنة يُمكن إيجاده في عمليات الدماغ لل ُمستهلكيين االبديهيين ‪.‬‬

‫اإلستفادة من العالمة التجارية الرائدة‬

‫تُلبي العالمات التجارية نطاقا ً واسعا ً من الوظائف ال ُمهمة‪ ،‬حيث يزيدون ألفة وإتقان ال ُمنتجات ذات‬
‫العالمة التجارية‪ ،‬حيث يزودوننا بإختصارات لإلختيار في حال كانت البدائل صعبة الحساب‬
‫وخبرات اإلستخدام كما يُزودوننا بضمانات‬ ‫ويُشكلون التوقعات التي يُمكن أن تؤثر على اإلستهالك ِّ‬
‫للتناسق وجودة المشتريات ال ُمستقبلية ‪.‬وأخيراً‪ ،‬يُمكنهم اإلحتجاح على اإلرتباطات الذهنية العاطفية‬
‫والضمنية التي تؤثر على اإلنتباه والجذب و تنشيط الذاكرة ‪.‬‬

‫تستفيد العالمة التجارية الرائدة من تلك الوظائف والمهام كـنوعٍ من التعزيز الذاتي‪ ،‬حيث أن لها‬
‫مجموعة قوية من اإلرتباطات الذهنية اإليجاية داخل عقل ال ُمستهلك وبذلك تكون متاحةً أكثر في‬
‫أغلب الظروف مقارنةً مع العالمات التجارية األخرى التي من نفس فئتها‪ ،‬وبذلك فإن القابلية األكبر‬
‫وإنتشار أكبر بين الناس في وسائل‬
‫ٍ‬ ‫للوصول تُترجم إلى مبيعات أكثر‪ ،‬حيث ت َْخ ِّل ُق فرص توزيعٍ أوسع‬
‫اإلعالم‪ ،‬باإلضافة إلى المزيد من التغطية اإلعالمية التحريرية‪ ،‬وتوظيف ال ُمنتجات‪ ،‬وأماكن عرض‬
‫ال ُمنتجات داخل متاجر بيع التجزئة والمزيد من التوصيات من قبل موظفي المبيعات‪ ،‬وأنشطة‬
‫ترويجية أكثر من قبل أصحاب المحالت والعالمات التجارية وحتى الوصول إلى إختيار أفضل‬
‫المواهب عندما يتعلق األمر بتوظيف األفراد في فريق التسويق أو تحديد وكالة إبداعية‪ ,‬إن تلك‬
‫المزايا بدورها تزيد وتيرة وجودة تعرض العالمات التجارية الرائدة لل ُمستهلكين سامحةً بتقديم‬
‫تنشيطات لمفهوم العالمة التجارية وإلرتباطاتها الذهنية الموجودة في ذاكرة ال ُمستهلك بشكل أكثر‬
‫تكرارا ً وفاعلة‪ ,‬وكنتيجة لذلك فقد أصبحت إمكانية الوصول ألكبر للعالمة التجارية مع مرور الوقت‪.‬‬

‫أكد الباحثون أن العالمة التجارية القوية يُمكنها اإلستفادة أكثر من اإلعالنات والعروض ُمقارنة‬
‫بالعالمات التجارية األقل شهرة‪ ,‬وليس باألمر غريب على ال ُمستهلك أن يُعزي إعالنات العالمة‬ ‫تحذير!‬
‫التجارية ال ُمنافسة أو التعرض للعالمة التجارية األخرى للعالمات الرائدة‪ ,‬ويُعزى ذلك إلى أن‬
‫شطت رسائل ال ُمنافسين مفاهيم الفئة‬ ‫ال ُمستهلكين ال ينتبهون إلى اإلعالنات والتسويق‪ ،‬وإذا ن ّ‬
‫واإلرتباطات الذهنية التي يُمكنها اإلتصال بالعالمات التجارية الرائدة وبالتالي يقوم ال ُمستهلك بربط‬
‫الرسالة بالعالمة التجارية الرائدة عند طريق الخطأ بدالً من أن يربطها بالشركة ال ُمنافسة ‪.‬‬

‫اإلستفادة من الشراء اإلعتيادي‬

‫إن أكثر فوائد العالمات التجارية قوة ً هي قدرتها على اإلستفادة من الشراء اإلعتياد ّ‬
‫ي‪ ،‬إن العادات‬ ‫ّ‬
‫(كما تم مناقشتها في الفصل السابع)‪ ،‬تنشأ من التكرار حيث أنها تلقائية إلى حد ما وهذا عكس السلوك‬
‫ال ُمحفز الذي ينساق إما من خالل عملية السعي وراء الهدف ال ُمدرك أو غير ال ُمدرك حيث أن العادات‬
‫ال تتطلب أي شكل من اإلنتباه أو تنشيطٍ لألهداف فبمجرد ُمالقاة اإلشارة الظرفية الصحيحة يتم تحفيز‬
‫السلوك اإلعتيادي ويُجري العمل بالفعل أو السلوك ‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫أمر إعتيادي وعلى الرغم من أن ُخبراء التجزئة في أغلب األحيان‬ ‫الكثير من التسوق اليومي هو ٌ‬
‫يقولون بأن ‪ %90‬من قرارات الشراء يتم إتخاذها داخل المتجر (أنظر إلى الفصل الثاني عشر) وفي‬
‫الحقيقة‪ ،‬ال تستند نسبة كبيرة من عمليات الشراء تلك على القرارات الضمنية أو الصريحة‪ ،‬ولكن بدالً‬
‫من ذلك فهم عبارة عن وظيفة للعادات حتى وإن كانت معظم عمليات الشراء الرئيسية إعتيادية‪ ،‬فعلى‬
‫سبيل المثال ‪:‬الكثير من ال ُمستهلكين ينجذبون تلقائيا ً لنفس العالمة التجارية الخاصة بالسيارات أو‬
‫األجهزة الكهربائية أو حتى نفس ُمقدم التمويل العقاري‪ ,‬و ُكلما كان البائع في ُمقدمة القائمة فالعالمة‬
‫التجارية الرائدة تأخذ حصة األسد من عملية الشراء اإلعتيادي هذه‪ ,‬ومن ناحية أخرى فإنه يجب أن‬
‫يتم تعليم العادات فهنالك دائما ً عملية إختيار لألوليات والتي من ال ُممكن أن تتضمن بعض التجارب‬
‫مع عالمات تجارية ُمختلفة أو ُمنتجات ُمختلفة ومن ثم يستقر ال ُمستهلك على إختيار ُمعين ومع مرور‬
‫الوقت تتطور عمليات الشراء اإلعتيادية‪ ،‬لتُصبح تلقائيةً ‪.‬‬

‫عندما تقل إمدادات العالمة التجارية (أ) فإن ال ُمستهلك تأخذ المزيد من العالمة التجارية (أ) في‬
‫مشواره التسويقي القادم دون أي تفكير‪ ،‬ويُعزى ذلك لعدم وجود قرار مدروس ‪.‬أما العالمات التجارية‬
‫الرائدة فالهدف األساسي لها هو تشجيع الشراء اإلعتيادي وتجنب أي شيء يُمكن أن يُعطل عادات‬ ‫نصيحة‬
‫الشراء ال ُمترسخة والتي تُأيد وتدعم العالمة التجارية الرائدة وبالتالي فقد إقترح علم الدماغ العديد من‬
‫اإلستراتيجيات التي تدعم هذا الهدف ‪:‬‬

‫✓ال ُمحافظة على ال ُمحفزات ال ُمتناسقة مع نقطة البيع ‪:‬حيث أنها ال تُغير اإلشارات الظرفية‬
‫التي تُحفز الشراء اإلعتيادي ‪.‬أما تغيير طريقة العرض داخل المتجر وزيادة العروض فيُمكنه أن‬
‫يغير السلوك ال ُمعتاد ‪.‬‬

‫✓إياك وأن تطلب من عميلك أن يُفكر ‪:‬فقد يُفكر بالعالمات التجارية البديلة إذا فكر بعملية‬
‫الشراء‬

‫✓إياك واإلخالل بتوقعات ال ُمشتري اإلعتيادية فإن حدث أي تغيير في أي جانب من جوانب‬
‫ال ُمنتج سواء السعر أو التعبئة أو التغليف أو المكونات قد يُحدث ذلك خلالً في عملية الشراء‬
‫اإلعتيادي‪ ،‬حيث أن الحداثة تجذب اإلنتباه ‪.‬واإلنتباه يؤدي إلى تداول ُمدرك يُمكن له أن يؤدي‬
‫إلى النظر في البدائل ‪.‬‬

‫✓إن تحفير السلوك ال المواقف ‪:‬إن الشراء اإلعتيادي يتمحور حول تنشيط سلوك ما مع إشارة‬
‫ظرفية وليس تذ ُكر الموقف حيث إن تنشيط الموقف يولد نتائج يُمكن تنبؤها بشكل أقل من تنشيط‬
‫سلوك ما‪.‬‬

‫وبالرجوع لما تتضمنه المبادئ الشرائية‪ ،‬فإن الشراء اإلعتيادي يُمكنه أن يتعطل بينما ترغب العالمة‬
‫التجارية الرائدة في ال ُمحافظة على زبائنها اإلعتياديين أما العالمة التجارية الناشئة فترغب في‬
‫اإلطاحة بزبائن العالمة التجارية الرائدة وبالتالي يُمكن لهذا الخلل واإلضطراب أن يُستخدم من قبل‬
‫‪178‬‬
‫الشركات الرائدة والناشئة‪ ،‬أما التحدي الذي يواجههما فهو إما وضع إستراتيجية لإلطاحة بالزبائن‬
‫اإلعتياديين لل ُمنافسين ولكن ليس زبائنهم اإلعتياديين ‪.‬‬

‫فهم ُمشكلة العالمات التجارية الناشئة‬

‫حسناً‪ ،‬ما الذي بإمكان العالمة التجارية ال ُمافسة فعله في الشراء اإلعتيادي الذي يدعم العالمة‬
‫التجارية الرائدة؟‬

‫قام ُمستخدمي التسويق العصبي بالنظر إلى علم الدماغ بحثا ً عن األدلة حيث كانت النتيجة أن أفضل‬
‫طريق ٍة لكسر العادات تُساعد العالمة التجارية الرائدة ‪-‬دون اإلطاحة بزبائنك اإلعتياديين‪ -‬هو أن‬
‫تغض إنتباه ال ُمستهلكين بعيدا ً عن العالمة التجارية الرائدة ومشاركة الزبائن بالحداثة الكافية لتعطيل‬ ‫نصيحة‬
‫دورة الشراء اإلعتيادي واإلحساس العميق باأللفة التي كانوا يستمتعون بها مع العالمة التجارية‬
‫الرائدة ‪.‬‬

‫إن تعطيل دورة الشراء اإلعتيادي يحتاج إلى فهم ال ُمحفزات واإلرتباطات الذهنية والتي من خاللها‬
‫تعمل هذه الدورة إلستفادة العالمة التجارية الرائدة‪.‬‬

‫وإعتمادا ً على قول خبير إبتكار ال ُمنتجات ‪ Jean-Marie Dru,‬أنه عندما يتم إستخدام التحفيز‬
‫واإلرتباطات الذهنية من قبل العالمة الرائدة بشكل مفهوم فإن هدف العالمة التجارية الناشئة ال يجب‬
‫أن يكون إفساد أوتعطيل الصورة الذهنية بل يجب أن يكون هدفها تزويد ال ُمستهلك بمجموعة ُمختلفة‬
‫من الصفات المرغوبة وال ُمحببة‪ ،‬وبالوقت ذاته ال ترتبط بقوة بالعالمة التجارية الرائدة‪ ،‬ولكن قد‬
‫ترتبط بالعالمة التجارية الناشئة‪ ,‬فمجموعة المفاهيم واإلرتباطات الذهنية هذه تصبح فيما بعد منطقةً‬
‫أو إقليما ً ذهني يُمكن للعالمة التجارية الناشئة السيطرة عليه و تبتكر وتُعزز شبكة جديدة من‬
‫اإلرتباطات الذهنية لتقود ال ُمستهلكين إلى العالمة التجارية الناشئة بدالً من العالمة الرائدة ‪.‬‬

‫هناك طريقة واحدة لتقوم بهذه ال ُخدعة ال ُمنظمة وهي أن تُزيل صفحة إستراتيجيات اإلستهالك‬
‫المفاهيمي أي أن تربط عالمتك التجارية الناشئة بمجموعة من القيم العُليا ال ُمهمة لل ُمستهلكين ولكنها‬
‫ليست مرجعية من قبل بعض العالمات التجارية ال ُمنافسة ‪.‬‬

‫قد تم ضرب مثال على قسم أطعمة الكالب فمنذ سنوات قد كانت أطعمة الكالب تُروج بنا ًء على‬
‫مواصفات ال ُمنتج كالفيتامينات والمعادن وحجم القطع والمحتوى من اللحوم‪ ،‬وقد أطاحت نسبة‬
‫العالمة التجارية بإتفاقية التسويق هذه من خالل وضع نفسها بال ُمستويات العُليا واإلعالنات التي‬
‫‪":‬نحن خصيصا ً للكالب" مع حمالت إعالنية مؤثرة‪ ،‬مثل ‪":‬نحن نُحب الكالب أكثر‬ ‫ُ‬ ‫تُروجها‪ ،‬مثل‬
‫من أي عالمة تجارية ُمخصصة لطعام الكالب‪...‬إشتري عالمتنا التجارية" ‪.‬‬

‫إتالف ذاتي للنِّسب وذلك ك ُمحاولة لخلع العالمة التجارية‬


‫ٌ‬ ‫وقد يكون األمر شبه ُمستحيل أو ُربما‬
‫الرائدة من خالل التأكيد والتركيز على المواصفات والجودة ألكثر ال ُمنتجات‪ ،‬وبعد كل شيء تقوم‬
‫ت ذهني ٍة قوية في عقول ال ُمستهلكين فيما يتعلق بمواصفات‬‫العالمة التجارية الرائدة بتطوير إرتباطا ٍ‬

‫‪179‬‬
‫وجودة ال ُمنتج حيث أنها يتنشط ويتفعل بشكل ُمتكرر ويتقوى من خالل اإلعالنات‪ ،‬والعروض‪،‬‬
‫والكفالة والرعاية والتعبة والتغليف على نطاق واسعٍ وشامل‪ ،‬وحتى تتم دراسة هذه اإلرتباطات عليك‬
‫أن تعلم أنه قد يكون األمر محفوفا ً بالمخاطر ؛ألنها قد تُطيح بالشراء اإلعتيادي في جميع أجزاء الفئة‪،‬‬
‫ألن ذلك يتضمن طرح األسئلة أو عمل الدراسة حول إرتباطات النسب ال ُمتعلقة بمواصفات وجودة‬
‫ال ُمنتج ‪.‬‬

‫وبدالً من ذلك‪ ،‬تُركز ُمراسالت النسب على إرتباطا ٍ‬


‫ت ذهنية جديدة مع قيم ٍة لم تكن ُمرتبطة بالعالمة‬
‫التجارية الرائدة أو مع أي عالم ٍة تجارية أخرى وال تزال لديها إرتباطات ذهنية قوية ل ُمحبي الكالب‬
‫ونتيجة الحملة كانت جدا ً ناجحة ‪.‬‬

‫عادة ً ما يكون اإلطاحة بالشيء أو تعطيله أمرا ً الزما ً وليس خيارا ً وفي هذه الحاالت فإن العالمات‬
‫التجارية الجديدة ‪-‬على األرجح‪ -‬ال تنجح عندما تتبع فقط إستراتيجية العالمة التجارية الرائدة والتي‬
‫يُمكنها أن تُحافظ على حالتها في أن تكون في ُمقدمة الخيارات في العقل وذلك من خالل تكيّف‬
‫عاطفي بسيط بإستخدام إرتباطات ذهنية عاطفية‪ ،‬وعادة ً ما يكون ذلك في حاالت اإلنتباه القليل لتعزيز‬
‫اإلرتباطات الذهنية اإليجابية وتحفيزات للشراء اإلعتيادي لعالمتها التجارية ‪.‬‬

‫وبالرغم من وجود توقعات بأن العالمة التجارية ‪ Pepsi‬إتبعت إستراتيجية العالمة التجارية الرائدة‬
‫(أنظر إلى تجريب "عالمة تجارية ما" في بداية هذا الفصل)‪ ،‬في أحيان كثيرة تحتاج العالمات‬
‫التجارية الجديدة إلى تبني منهجٍ ُمختلف‪ ،‬منهج ينقل ال ُمستهلكين من عملية إتخاذ القرار الضمني إلى‬
‫عملية إتخاذ القرار الصريح والتي هي كالتالي ‪:‬‬

‫✓عليهم أن يخطفوا اإلنتباه ال ُمدرك ‪.‬‬

‫✓عليهم تبرير وشرح السبب لجعل ال ُمستهلكين يعتمدونهم في الشراء من خالل ُمراسالت أكثر‬
‫عمقا ً وموجهة بشكل منطقي ‪.‬‬
‫ُ‬

‫✓يجب أن ينخرطوا ويشبعوا الحجج ال ُمضادة المقترنه بإنتظام التحليل ال ُمدرك لمطالب‬
‫التسويق‪،‬لعدم وجود ُمتسع إلستخدام عملية التعزيز من خالل ُمعالجة اإلنتباه القليل وال ُمنخفض ‪.‬‬

‫إستخدام التسويق العصبي إلختبار العالمات التجارية‬

‫ث طبيعي لتطبيق أفكار‬‫صنع العالمة التجارية هو مجال بح ٍ‬ ‫وكما الحظنا في بداية هذا الفصل‪ ،‬أن ُ‬
‫طرق التسويق العصبي‪ ،‬في هذا القسم‪ ،‬سنقوم بتقديم بعض الطرق التي تم إستخدامها‬ ‫علم الدماغ و ُ‬
‫قسم مثل هذا في نهاية كل فصل‬
‫ي‪،‬سنقوم بوضع ٍ‬ ‫من خالل ُمستخدمي التسويق العصبي في وقتنا الحال ّ‬
‫ق ال ُمختلفة‪ ،‬فإذا وجدت أي شيء‬‫ت التطبي ِّ‬
‫من الفصول الخمسة القادمة وبهذه الطريقة سنعرض مجاال ِّ‬
‫من ال ُمقدمات التقنية القصيرة‪ ،‬وأثارت في نفسك أسئلة أكثر وال يوجد لديها إجابات فما عليك إال‬
‫متابعة القراءة وباألخص الجزء الرابع وكال من الفصول ‪. 18-16‬‬

‫‪180‬‬
‫نصيحة‬
‫قياس أسهم العالمة التجارية بالطريقة القديمة‬

‫لسوء الحظ‪ ،‬لم تُقدم أبحاث السوق التقليدية طريقة عامة مقبولة لقياس أسهم العالمة التجارية‪ ،‬حيث‬
‫أن العديد من الباعة يُروجون لقياسات العالمة التجارية التي يملكونها ولكن ألن األمر ينتهي بإختالفٍ‬
‫ي‬
‫كبير في النتائج ال ُمتعلقة بالعالمات التجارية لكل قياس ذلك ال يُعتمدعلى أي ٍ منهم بشكل حاسم وقطع ّ‬
‫ٍ‬
‫‪.‬‬

‫إن أغلب قياسات أسهم العالمة التجارية يعتمد إلى حد كبير على المقاييس الحسابية كحصة السوق‪،‬‬
‫ي‪ ،‬والقيمة مدى الحياة للعمالء‪ ،‬فإن مثل هذه القياسات ُمفيدة ٌ في رصد تقدم أداء العالمة‬‫والسعر النسب ّ‬
‫التجارية في السوق ولكنهم ال يسلطون الضوء على تطور وتقدم أسهم العالمة التجارية حيث تكمن‬
‫وتتواجد في عقل ال ُمستهلك ‪.‬‬

‫توفرمنهجيات بعض المفاهيم‪ ،‬تعيين العالمة التجارية الصريحة ولكنهم يقتصرون إعتمادهم على‬
‫ُمداوالت ال ُمستهلك الواعي وال ُمدرك وذلك لتحديد اإلرتباطات الذهنية مع العالمة التجارية في‬
‫الذاكرة‪ ،‬ومثل هذه المنهجيات‪ ،‬تُدخل التحيزات إلى عملية تعيين اإلرتباطات الذهنية‪ ،‬ألنهم يُشجعون‬
‫ال ُمستهلكين على التفكير في اإلرتباطات الذهنية التي يجب أن تكون في عالمة تجارية ُمعينة بدالً من‬
‫ي أن ت َظهر في مستوى الالوعي وهذا هو سبب كون الدراسة‬ ‫اإلرتباطات الذهنية التي من الضرور ّ‬
‫ال ُمتعلقة في أسهم العالمة التجارية في عقل ال ُمستهلك باإلضافة إلى أن عواقب سلوك ال ُمستهلك يُعتبر‬
‫مثاليا ً ألدوات وتقنيات التسويق العصبي ‪.‬‬

‫التحقق من اإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية مع التسويق العصبي‬

‫بالنسبة ل ُمستخدمي التسويق العصبي هنالك ثالثة عناصر رئيسة هم بمثابة نقطة البداية لقياس أسهم‬
‫العالمة التجارية ‪:‬‬

‫✓اإلرتباطات الذهنية ‪:‬قوة وطبيعة إرتباطات العالمة التجارية في الذاكرة ‪.‬‬

‫✓العواطف ‪:‬اإلستجابات العاطفية اإليجابية والسلبية واإلنفعال واإلثارة التي يتم تفعيلها‬
‫وتنشيطها من خالل العالمة التجارية ‪.‬‬

‫✓التحفيزات ‪:‬هي حلقة الربط بين العالمة التجارية ووعي ال ُمستهلك واألهداف غير ال ُمدركة ‪.‬‬

‫قدم التسويق العصبي العديد من الطرق لقياس اإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية فبعض‬
‫هذه المنهجيات تقوم بقياس اإلستجابات السلوكية والبعض اآلخر يقوم بقياس التغيرات في حالة‬
‫الدماغ التي تُصاحب تنشيط اإلرتباطات الذهنية القوية في الذاكرة ‪.‬‬

‫تستفيد المنهجيات السلوكية من التفعيل اإلرتباطي الرئيسي في الدماغ (تمت ُمناقشته في الفصل‬
‫الخامس "اإلستحضار الذهني")‪ ،‬فعندما ترتبط فكرتين بشكل قريب في الذاكرة يتم تنشيط الفكرة مع‬

‫‪181‬‬
‫إشارة خارجية كعرض كلمة على الشاشة حيث تجعل تنشيط األفكار األخرى أسهل وأسرع‪ ،‬وبذلك‬
‫يُمكن لقوة اإلرتباطات الذهنية أن تُستبدل سلوكيا ً من األنواع ال ُمنتوعة لدراسات زمن اإلستجابة‬
‫(لمزيد من التفاصيل عن هذه األساليب أنظر في الفصلين السادس والسابع عشر) ‪.‬‬

‫✓اإلستحضار الذهني الداللي ‪:‬كأن يتم عرض كلمتين بشكل سريع من أجل تصنيف الكلمة‬
‫الثانية بطريقة موضوعية حتى وإن كانت كلمةً حقيقية أو وهمية فكلما زاد اإلرتباط بين الكلمة‬
‫األولى والثانية سيكون ال ُمشترك قادرا ً على تصنيف الكلمة الثانية بشكل أسرع ‪.‬‬

‫ي األكثر تعقيدا ً‪ ،‬ترتبط الكلمات أو‬


‫إختبار تصنيف ّ‬
‫ٌ‬ ‫✓إختبار اإلرتباط الضمني (‪: )IAT‬هو‬
‫الصور بمحموعة ُمختلفة من سمات العالمة التجارية في الوقت نفسه بإستخدام ُمهمة اإلختيار‬
‫القصري حيث تكون أوقات اإلستجابة أسرع‪ ،‬فترتبط العالمة التجارية والسمات بشكل إيجابي‬
‫داخل الذاكرة وأبطأ عندما تتعارض مع بعضها البعض ‪.‬‬

‫تتغير منهجبات قياس حالة الدماغ أثناء نشاط الدماغ وال ُمتعلقة بعمليات الذاكرة التي تتنشط من خالل‬
‫اإلرتباطات الذهنية القوية داخل الذاكرة ‪:‬‬

‫✓التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (‪: )FMRI‬إن الدراسات التي تستخدم جهاز‬
‫التصوير بالرنين المغناطيسي التصويري كتحدي ‪ Pepsi‬تُحدد مناطق الدماغ التي تجذب أكبر‬
‫تدفق للدم عندما تُنشط اإلرتباطات الذهنية القوية (أنظر إلى قسم "تجريب العالمة التجارية" في‬
‫بداية هذا الفصل)‪.‬‬

‫✓التخطيط الكهربائي للدماغ (‪: )EEG‬إن الدراسات بإستخدم التخطيط الكهربائي للدماغ‬
‫لقياس اإلشارات الكهربائية في الدماغ ُمرتبطةً مع تنشيط الذاكرة‪ ،‬حيث أن هنالك تطبيق‬
‫ي يُسمى "اإلحداث ال ُمحتمل وال ُمرتبط"‪،‬فهو يُحلل أنماط موجة الدماغ‬
‫ُمتخصص للتخطيط الدماغ ّ‬
‫صور بشكل‬
‫ٍ‬ ‫ويعد من مكونات التخطيط الدماغي والتي تنخرط عندما يتم عرض كلما ٍ‬
‫ت أو‬
‫ُمتسلسل بحيث ترتبط بشكل قوي في الذاكرة‪ ،‬بإستخدم الكثير من موردي التسويق العصبي‬
‫لمكونات التخطيط الدماغي كجزء من عروض ُمنتجاتها (وللمزيد من التفاصيل على التخطيط‬
‫الكهربائي والتخطيط الدماغي أنظر إلى الفصل السادس عشر)‪.‬‬

‫إن من الصعب قياس العواطف والمشاعر بإستخدام التقارير اللفظية التقليدية ولكن العديد من‬
‫المنهجيات التي تُستخدم لقياس اإلستجابات العاطفية للعالمة التجارية تُستخدم من قِّبَل ُمستخدمي‬
‫التسويق العصب‪،‬حيث أن أغلب اإلستجابات العاطفية غير ال ُمدركة لمواد العالمة التجارية ال ُمرتبطة‬
‫ي) واإلثارة‬ ‫هي إستجابات ُمباشرة وتلقائية وذلك ألن التكافؤ (سواء أكان في االتجاه اإليجابي أو السلب ّ‬
‫طرق لقياسها بنفس الزمن وليس في وقت الحق‪ ،‬إن طرق‬ ‫(الشدة أو ُمستوى التحفيز) ُهما أفضل ال ُ‬
‫التسويق العصبي لقياس اإلستجابات العاطفية للعالمات التجارية تتضمن التالي ‪:‬‬

‫‪182‬‬
‫✓اإلستحضار الذهني الفعال ‪:‬يُشبه اإلستحضار الذهني الداللي‪ ،‬تستخدم هذه التقنية السلوكية‬
‫أزواج من الكلمات التي تم عرضها بسرعة‪ ،‬واحدة تلو األخرى‪ ،‬ولكن الكلمة الثانية ُمصنفة‬
‫حسب كونها إيجابية أو سلبية والسرعة مع الكلمة التي تم تصنيفها هي وظيفة اإلستجابة العاطفية‬
‫للكلمة األولى ‪.‬‬

‫✓التخطيط الكهربائي للعضالت (‪: )EMG‬إن الدراسات بإستخدام التخطيط الكهربائي لقياس‬
‫حركات عضالت الوجه الدقيقة تظهر دون مستوى التعابير التي يُمكن ُمالحظتها‪ ،‬فهنالك‬
‫عضالت ُمعينة كعضالت العُبوس واإلبتسامة تُعتبر عن شدة الحساسية لردود الفعل العاطفية ‪.‬‬

‫✓تحليل تعابير الوجه ‪:‬تحليل تلقائي لتعابير الوجه التي يُمكن ُمالحظتها يتوفر من خالل العديد‬
‫من البرامج‪،‬ألن بعضها من الذي يُمكن تنفيذه يتم من خالل كاميرات الويب بنتائج أقل أو أكثر‬
‫موثوقية (أنظر إلى الفصل السادس عشر)‬

‫إن تنشيط األهداف ال ُمحفز للعالمات التجارية يُمكن قياسها من خالل ُمستخدمي التسويق‬
‫العصبي سلوكيا ً ومن خالل قياسات الدماغ ‪:‬‬

‫✓الدراسات ال ُمتعلقة بالسلوك ‪:‬كما هو ُمبين في الفصل السابع " العالمة التجارية ‪Apple‬‬
‫واإلبداع"‪ ،‬إستطاع ال ُمشاركين بعمل إستحضار ذهني مع العالمة التجارية بطرق عدة ومن ثم‬
‫التعرض لظروف اختبارية تتضمن مدى الذي تؤثر فيه العالمة التجارية على أنواع ُمحددة من‬
‫عملية تحفيز الهدف سواء أكانت بشكل ُمدرك أو غير ُمدرك ‪.‬‬

‫ي‬
‫علماء األعصاب بأن التنشيط النسب ّ‬‫✓قياس التخطيط الدماغي لإلقتراب والمنع ‪:‬لقد إكتشف ُ‬
‫لترددات موجة ُمعينة للدماغ في يمين أو يسار المناطق األمامية منه هي ُمؤشرات موثوقة‬
‫ل ُمحفزات اإلقتراب والمنع‪،‬ألن كالً من األكاديميين و ُمستخدمي التسويق العصبي قاموا بتطوير‬
‫المقاييس التي تستخدم هذا المؤشر لقياس درجة التحفيز في اإلستجابة للعالمات التجارية‪ ،‬وهذا‬
‫األسلوب يقيس تنشيط اإلستجابة لإلقتراب والمنع ولكنه ال يقيس بشكل ُمباشر النتائج السلوكية‬
‫للتنشيط ‪.‬‬

‫يمكن إستخدام هذه المنهجيات بشكل ُمنفصل أو مع بعضها البعض في الدراسات التي تستخدم‬
‫أساليب قياسات ُمتعددة لزيادة الموثوقية من خالل ُمقارنة اإلستجابات ال ُمختلفة مع بعضها البعض‬
‫‪.‬‬

‫الفصل العاشر‬

‫‪183‬‬
‫إبتكار ُمنتجات وأغلفة تُرضي عقول ال ُمستهلكين‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫✓ النظر إلى الموازنة بين إبراز الشيء و ُمالئمته على رف التسوق‪.‬‬

‫✓ فهم األمر الذي يجعل تصاميم ال ُمنتج والمجموعة ُمقنعة عاطفيا ً للدماغ‪.‬‬

‫✓ ُمعالجة ال ُمشكلة الكبيرة ال ُمتعلقة بإبتكار ال ُمنتجات التي غالبا ً ما تفشل‪.‬‬

‫✓ تحديد مبادئ و ُ‬
‫طرق التسويق العصبي لتطبيقها في جميع تلك المجاالت‪.‬‬

‫في هذا الفصل‪ ,‬سنستعرض كيف يُمكن لعلم الدماغ والتسويق العصبي ُمساعدة الشركات في إبتكار‬
‫صنع ُمنتجات يُريد الناس شراءها و بُروز مجموعات على رف التسوق بجانب العشرات إن لم‬ ‫و ُ‬
‫يكن المئات من البدائل‪.‬‬

‫سن من قُدرة ال ُمنتج على جذب النظر و‬ ‫أوالً‪,‬إختبرنا التوازن المؤقت بين الحداثة واأللفة والتي تُح ّ‬
‫اإلنتباه إلى الرف‪ ,‬وبعدها سنكشف بعض المبادئ العامة لتحقيق اإلتقان والتي يُمكن تطبيقها على‬
‫ال ُمهمات الصعبة ال ُمتعلقة بتصميم ال ُمنتج والتغليف وأخيرا ً‪ ,‬سنعرض إبتكار ال ُمنتج وال ُمشكلة‬
‫ال ُمستمرة ال ُمتعلقة بفشل ‪ %80‬من ال ُمنتجات الجديدة‪.‬‬

‫سنعرض طيلة هذا الفصل كيف أن مبادئ علم الدماغ التي تم عرضها في الفصل الخامس حتى‬
‫الفصل الثامن يُمكن تطبيقها لفهم هذه األسئلة العملية ال ُمتعلقة بال ُمنتج والتغليف وكيف يُمكن ألساليب‬
‫التسويق العصبي أن تزيد وتُعزز أساليب البحث التقليدية‪.‬‬

‫كيف يُمكن لل ُمنتجات الجديدة أن تكون ملحوظة‬

‫عندما يقترب ال ُمتسوق من رفٍ عادي في ممر عرض ُمنتجا ٍ‬


‫ت عادي داخل متجر ِبقال ٍة أو تجزئة‬
‫عادي‪ ,‬فسيجد نفسه يُحدق بمئات ال ُمنتجات واألغلفة ال ُمختلفة ليس فقط بعالمات تجارية ُمختلفة وال‬
‫ُمنتجات تتنافس على لفت اإلنتباه نحو الرف ولكن يُمكن ل ُمنتجٍ واحد أن يكون له بدائل ُمنتوعة فعلى‬
‫سبيل المثال يُمكن ل ُمنظفات الغسيل أن يكون لها خمسون تغليفٍ ُمختلف و مكونات لها بدائل ُمتنوعة‬
‫معروضة على الرف مع بعضها البعض‪.‬‬

‫في الفصل التاسع‪ ,‬قٌمنا بشرح التحديات ال ُمختلفة التي تواجهها العالمات التجارية الرائدة والعالمات‬
‫التجارية الناشئة عندما يتعلق األمر بجذب ال ُمستهلكين فالعالمات التجارية الرائدة استفادت من ميزة‬ ‫تذكَّر‬
‫األلفة وتجربة ال ُمنتج والشراء اإلعتيادي لل ُمحافظة على حصتهم الموجودة في السوق بل والعمل‬
‫على زيادتها بينما على العالمة التجارية الجديدة اإلستفادة من التجدد و اإلقناع لتقوم ببناء وجودها‬
‫الخاص في السوق‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫إن العالمات التجارية عبارة عن مفاهيم غير ملموسة تبني قيمة من خالل إبتكار وتعزيز‬
‫اإلرتباطات الذهنية في الدماغ ولكن التحدي ما بين العالمة التجارية الجديدة والرائدة بدأ حقا ً في‬
‫العالم الحقيقي الخاص بال ُمنتجات والمجموعات المادية والملموسة ففي هذا العالم على العالمات‬
‫التجارية أن تكون ملحوظة قبل أن يتم إختيارها وشراءها وليتحقق ذلك األمر أخبرنا علم الدماغ بأن‬
‫عليها ايجاد األمر األكثر تأثيرا ً بين الحداثة واأللفة بتقييمين تلقائيين تقوم عقولنا بتحديده لكل شيء‬
‫أو تجربة نواجهها من خالل حواسنا (لقد تم وصف ردود األفعال تلك بالتفصيل في الفصل الخامس)‬

‫البروز ُمقابل التوازن‬

‫إن التوتر والضغط بين الحداثة واأللفة هو كفا ٌح تسويقي قديم‪ ,‬حيث يعلم ال ُمسوقون بديهيا ً بأن األلفة‬
‫الزائدة تؤدي إلى الملل وبالنهاية إلى تراجع ال ُمستهلك عن ال ُمنتج بينما الحداثة الزائدة تؤدي إلى‬
‫رفض ُمنتجات جديدة ويُعزى ذلك إلى عدم قُدرة ال ُمستهلك على رؤية مدى ُمالئمته إلى فئة ال ُمنتج‬
‫الذي يعرفونه جيدا ً‪.‬‬

‫الحداثة‬ ‫األلفة‬
‫اإلقتراب‬

‫النجنب‬

‫ال ُمغامرة‬ ‫ال ُمتعة‬ ‫اإلرتياح‬


‫الملل‬

‫من الناحية المثالية‪ ,‬تُريد ال ُمنتجات الجديدة على رف التسوق الوصول إلى نقطة ال ُمتعة الموجودة‬
‫على ُمحنى الحداثة وليس أن تكون حديثةً جدا ً كنقطة ُمتغيرة وال مألوفةً فتصبح كال ُمنتجات الرائدة‬
‫وبالمثل تُريد ال ُمنتجات ال ُمنشأة والحديثة الوصول إلى نُقطة اإلرتياح الموجودة على ُمنحنى األلفة‪.‬‬
‫ِ‬
‫فإذا أصبح ال ُمنتج شديد الحداثة أي وصل إلى نُقطة ال ُمتعة سيُعيق ال ُمشتريين اإلعتياديين (كما تم‬
‫شرحه في الفصل التاسع) وسيُحفز السعي ال ُمنوع ولكن إذا لم يقم ال ُمنتج بإعادة تنشيط نفسه من‬
‫وقت إلى آخر فستُصبح المخاطر ُمملة مما سيفتح عليه تحديات كثيرة مع البدائل األخرى‪.‬‬

‫وألن ال ُمنتجات تُعتبر جزء من فئة األلفة‪ ,‬علينا األخذ بعين اإلعتبار حداثة أو ألفة ال ُمنتج وعالقتها‬
‫نصيحة‬
‫بتلك الفئة‪ ,‬إن ال ُمنتج الجديد يدعم ويُعزز قدراته للبروز والتميز من بين ال ُمتميزين األكثر ألفة في‬
‫نفس الفئة فقط إن كان بمقدورة القيوم بأمرين‪:‬‬

‫‪185‬‬
‫✓ أن يكون ُمتميزا ً بشكل ملموس ليلفت اإلنتباه الإلرادي لنقاط البيع‪.‬‬

‫✓ اإلشارة إلى األهداف سواء كانت ضمنية أو صريحة حيث تُساعد على أن إنجاز‬
‫ال ُمستهلك‪.‬‬

‫دعونا نأخذ مثاالً عن آلية عمل هذه العوامل مع بعضها البعض ل ُمساعد ال ُمنتج الجديد في البروز‬
‫على رف التسوق‪.‬‬

‫تخيل بأن ُمستهلكا ً ما يقترب من ممر اللبن داخل متجر البقالة ال ُمفضل له حيث يوجد هناك ُمنتج لبن‬
‫جديد على الرف وبذلك ال يُعتبرشراء اللبن أمرا ً إعتياديا ً بالنسبة لل ُمستهلك وال يوجد عالمة تجارية‬
‫ُمعينة لشراءها من اللبن حيث أن المسح المبدئي للرف يُعطي نظرة لكل مجموعة ُمدتها تقل عن‬
‫الثانية ‪,‬في هذه اللحظة يحتاج ال ُمنتج الجديد إثبات نفسه فإما يلفت إنتباه ال ُمستهلك أو يتخطى‬
‫ال ُمستهلك عنه دون أن يُالحظه حيث أن أهم ثالث خصائص حالية هي اللون والشكل واإلضاءة‪.‬‬

‫وبالرغم من أن بعض األلوان كاألحمر والبُرتقالي وبعض األشكال كالحواف ال ُمستديرة واألجسام‬
‫ال ُمتعرجة لها قُدرة ذاتية على جذب اإلنتباه حيث أن العُنصر الرئيسي لبروز الشيء على الرف هو‬ ‫نصيحة‬
‫التميز‪ ,‬فالصندوق ذا اللون البرتقالي ال ُمضيء والالمع سيكون بارزا ً وهو بمفرده ولكن ليس على‬
‫رف فيه صناديق لونها برتقالي فمن ال ُمهم األخذ بعين اإلعتبار عند إختبار ُمنتج جديد و تغليف‬
‫جديدة إختبارها في حالة تسوق واقعية فأن إختبار التسويق العصبي الذي يقيس مدى اإلنجذاب إلى‬
‫ال ُمنتج وهو ُمنعزل ال يُخبرك عن مقدار اإلنجذاب الذي سيجذبه ال ُمنتج وهو على رف ُمزدحم‬
‫بال ُمنتجات‪.‬‬

‫وبالرغم من أن البروز أمر ُمهم ولكنه فقط الخطوة األولى من طريق الشراء فاللبن الجديد ال يُمكن‬
‫أن يكون ُمختلفا ً فقط ليكون ُمختلفا ً يجب عليه توصيل إشارات ذات معنى يستطيع ال ُمستهلك تفسيرها‬
‫لتلبية اهدافه فعلى سبيل المثال‪ ,‬مجموعة اللبن الجديدة عليها تحويل الخصائص بسهولة كالعذوبة‬
‫والطعم اللذيذ والطعام الصحي‪ ,‬حيث يُمكن لهذه العملية أن تحمل جوانب ُمدركة وغير ُمدركة‪.‬‬

‫التسوق‬
‫ّ‬ ‫في المستوى الغير مدرك يُمكن لل ُمنتجات والعالمات التجارية واإلشارات األخرى في بيئة‬
‫كاإلشارات اإلرشادية وطريقة العرض أن تقوم بتحفيز عملية السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك‬
‫والذي يَنتج عنه انباه أكثر ل ُمنتج واحد أكثر من بقية ال ُمنتجات األخرى الموجودة على الرف و‬
‫يُسمى هذا النوع من اإلنتباه " اإلنتباه التصاعدي" ألنه يحدث بشكل إلزامي كنتيجة لعملية‬
‫اإلستحضار الذهني التحفيزي والذي تم شرحه في الفصل السابع وألن التحفيز حدث دون مستوى‬
‫الوعي اإلدراكي فال يستطيع ال ُمستهلك التمييز فيما إذا أثرت على إنتباه ال ُمستهلك أو إلى أي مدى‬
‫أثرت على إنتباهه إزاء ُمنتج ُمعين‪.‬‬

‫حيث يُمكن ت َعلم اإلستحضار الذهني لألهداف غير ال ُمدركة من خالل منهج الذاكرة الضمنية للتكيف‬
‫(انظر إلى الفصل التاسع) ومع مرور الوقت‪ ,‬يتكيف ال ُمستهلكون من خالل التسويق وتجريب ال ُمنتج‬ ‫أمور‬
‫إلرتباط خصائص ُمعينة بالصفات الحالية والفوائد واإلستخدامات ال ُمتعلق بال ُمناسبات أو بالعالمات‬ ‫تقنية‬
‫‪186‬‬
‫التجارية‪ ,‬يستخدم ال ُمسوقون ال ُمصطلح (الرموز ال ُمتعلمة) لوصف هذه اإلرتباطات الذهنية – يتعلم‬
‫ال ُمستهلك المعنى الخاص بإشارة ُمعينة ويتم التواصل عن طريق ال ُمنتج أو المجموعة من خالل‬
‫اإلرتباطات الذهنية ال ُمكررة لإلشارة مع خاصية ُمعينة لل ُمنتج‪.‬‬

‫يُمكن لل ُمنتجات الجديدة اإلستفادة من الرموز ال ُمتعلمة لزيادة الشعور باأللفة الخاصة بها فعلى سبيل‬
‫المثال ترتبط ألوان الضوء في العديد من األسواق بأنواع متنوعة من خصائص وصفات ُمنتجات‬
‫الضوء المادية كتقليل الدهون في ال ُمنتجات الغذائية ‪,‬حيث يعلم ال ُمستهلكون أن صورة ارتفاع البُخار‬
‫ترتبط بوعاء من الشوربة الساخنة ‪,‬أما األطراف الممدودة من ال ُجبنة الذائبة فترتبط بالبيتزا الساخنة‬
‫واللذيذة ‪,‬وبسبب تلك الرموز ال ُمتعلمة يُمكن لل ُمنتجات الجديدة أن تُنشأ حد من األلفة في الفئة‬
‫الرئيسية الخاصة بها لتوازن بين الخصائص الجديدة وال ُمختلفة التي سيُضيفونها للفئة‪.‬‬

‫في المستوى ال ُمدرك‪ ,‬لل ُمستهلكين أهداف واضحة حول ُمنتج ما كاللبن و على ال ُمنتج الجديد أن‬
‫يتوقع تلك األهداف وذلك لجذب اإلنتباه التنازلي على عكس اإلنتباه التصاعدي فاإلنتباه التصاعدي‬
‫ضرب عن اللبن‪,‬‬ ‫إختياري و يُمكن التحكم به وموجهة من قِبل األهداف ال ُمدركة ففي المثال الذي ُ‬
‫توجه ال ُمستهلك إلى رف اللبن مع المعرفة الحالية والتوقعات واألهداف ال ُمتعلقة باللبن بما في ذلك‬
‫األذواق والعالمات التجارية ال ُمفضلة وتجارب اإلستهالك السابقة سوا ًء سلبية أو ايجابية منها مع‬
‫ُمنتجات اللبن ال ُمختلفة‪.‬‬

‫وقد مهدت تلك العوامل الواعية وغير الواعية الطريق لل ُمنتج من أجل البروز وجذب اإلنتباه داخل‬
‫متجر أو ممر ما ‪ ,‬حيث أن اإلنتباه وحده ليس كافيا ً لنقل ال ُمستهلك من مرحلة ُمالحظة ُمنتج ما‬ ‫نصيحة‬
‫لشراءه ‪ ,‬حيث يجب توفر معيار ثالث داخل دماغ ال ُمستهلك أال وهو إنشاء وتعزيز إرتباطات‬
‫عاطفية إيجابية من خالل اإلستحضار الذهني وسالسة ال ُمعالجة أو تنشيط عالمات عاطفية غير‬
‫ُمدركة‪.‬‬

‫ُمراقبة جيرانك‬

‫نادرا ً ما يتم عرض ال ُمنتجات بنفسها وعادة ما يتم تجميعها إلى فئات‪ -‬يُمكن لمس ذلك في محالت‬
‫سهل عليهم‬‫بيع التجزئة‪ -‬وكذلك في عقل ال ُمستهلك حيث يُحب ال ُمستهلكين التصنيف ألنه يُ ّ‬
‫اإلختيارفمن الممكن التخلص من جميع الفئات أومن فئة واحدة أو إثنتان يتم إختيارهم بنا ًء على تقييم‬
‫ُمعمق بدالً من إتخاذ القرار مع إحترام كل ُمنتج فقد أظهرت الدراسات بأن ال ُمستهلكين يُفضلون أن‬
‫يمتلكوا فئات ال قيمة لها مثل (أ‪,‬ب‪,‬ج) على ّاال يحصلوا على أي فئة‪.‬‬

‫وقد رجحت األبحاث على إحتمالية تأثير ردود األفعال الضمنية الخاصة بال ُمستهلكين للفئة التي‬
‫يتواجد بها ال ُمنتج على إستجاباتهم العاطفية لل ُمنتج نفسه فعلى سبيل المثال عندما تكون فئة ما‬
‫ُمتركزة بشكل جيد في عقل ال ُمستهلك فال ُمنتجات التي تتوافق مع توقعات وتطلُعات الفئة ال ُمنشأة أي‬
‫الرموز ال ُمتعلمة تستسفيد من سالسة ال ُمعالجة‪ ,‬أما عندما يقوم ال ُمنتج بتشكيل فئة ما بشكل سيء‬
‫وغامض في عقل ال ُمستهلك على سبيل المثال التفكير في أول مرة رأيت فيها جهازك ال ‪iPod‬‬

‫‪187‬‬
‫تولد ردودا ً عاطفية إيجابية أكثر عندما يُساعدون‬
‫األول‪ ,‬حيث أن ال ُمنتجات الحديثة يُمكن أن ّ‬
‫ال ُمستهلك على فهم الفئة بشكل أفضل وأيضا ً فهم تركيبها‪.‬‬

‫إن من األمور ال ُمهمة أيضا ً أمور السياق والتي تعمل بشكل كامل خارج الوعي اإلدراكي من خالل‬
‫آلية تُسمى (عدوى ال ُمنتج) في الفصل السابع نافشنا عدوى األهداف وهي ميول الناس لألهداف‬
‫بشكل غير ُمدرك لصيد األهداف التي يتم ُمتابعتها من خالل اآلخرين في مناطقهم ال ُمجاورة بشكل‬
‫ُمباشر وقد قام العُلماء بتحديد عملية ُمشابهة تعمل مع ال ُمنتجات التي على الرفوف وداخل عربات‬
‫التسوق‪.‬‬

‫اإلشمئزاز هي العاطفة التي خدمت البشر بشكل جيد ويُعزى ذلك إلى أنها تُبعدنا عن اإلشياء التي قد‬
‫تُلوثنا كالطعام الفاسد والدم وأجزاء الجسم والحشرات والديدان‪ ,‬أما اليوم فالكثر من ال ُمنتجات غير‬ ‫أمور‬
‫الغذائية كفضالت القطط وأكياس القُمامة والحفاضات وال ُمنتجات الصحية النسائية قد تم إكتشافها‬ ‫تقنية‬
‫إلثارة ُمستويات ُمماثلة من اإلشمئزاز في ال ُمستهلك‪ ,‬وقد إكتشف الباحثون أن ردود األفعال تلك‬
‫يُمكن تحويلها ل ُمنتجات أخرى إذا كان يُنظر إلى تلك ال ُمنتجات على أنها تالمس ال ُمنتج ال ُمثير‬
‫لإلشمئزاز‪ ,‬وقد تم تقيم ال ُمنتجات ال ُملوثة على أنها أقل جاذبية وأقل إحتماالً ليتم إختيارها من‬
‫ال ُمنتجات الغير ُملوثة‪ ,‬حيث أن بعض التفاصيل ال ُمثيرة لإلهتمام تكمن وراء هذا التأثير فعلى سبيل‬
‫المثال‪ ,‬على ال ُمنتجات أن تكون ملموسة بشكل مادي للتأثير‪ ,‬حيث تؤثر على ال ُمنتجات الموجودة‬
‫داخل حاويات شفافة بشكل أكبر‪ ,‬فال يوجد لدى ال ُمستهلكين أدنى فكرة حول التقييم اإلدراكي‬
‫لل ُمنتجات الملوثة ومدى تأثُرها بالتواصل مع ُمنتجات أُخرى بنفس الطريقة‪.‬‬

‫هذا اإلستنتاج تذكير بالعوامل الالإرادية التي تقود أحكام وإختيارات ال ُمستهلك فليس بالضرورة أن‬
‫تكون عقالنية حيث ال يُمكن شرحها بطريقة عقالنية أو منطقية وفي هذه الحالة تُعد خصائص‬ ‫تذكَّر‬
‫اإلشمئزاز ليست في مكانها وأيضا ً ليست واقعية وأن أ ّ‬
‫ي من تلك ال ُمنتجات ال ُمثيرة لإلشمئزازفهي‬
‫فعليا ً غير آمنة أو نظيفة في أي حال من األحوال وال يُمكن للتلوث اإلنتقال من مجموعة ُمغلقة‬
‫ومختومة إلى أُخرى‪ ,‬وبالرغم من ذلك ال يُمكن ردع الفكر الالواعي من تلك الحقائق والوقائع حيث‬
‫يُمكن أن يكون لل ُمستهلك وجهات نظر غير منطقية لما يعنيه اإلشمئزاز ومن ثم تطبيق ُمعتقدات‬
‫عدوى غير منطقية على األشياء تتوافق مع ما يُعتقده‪.‬‬

‫اإلستفادة من اإلرتباطات الذهنية العاطفية‬

‫وكما شرحنا في الفصل السادس‪ ,‬فإنه يُمكن لإلستجابات العاطفية اإليجابية والسلبية أن تُحفز اإلنتباه‬
‫حيث ينطبق ذلك بشكل خاص على التكافؤ العاطفي (أي اإلدراك الحسي لألشياء ُكلما كانت مرغوبة‬
‫من قبل ال ُمستهلك بشدة أو العكس ) حيث يعرف ال ُمسوقون عموما ً بأن ُمنتجاتهم و ُمغلفاتهم قد تُعزز‬
‫اإلنجذاب في البيئات ال ُمكتظة وال ُمزدحمة كرفوف متجر البِقالة وذلك من خالل تنشيط العواطف‬
‫والمشاعر اإليجابية بإستخدام الشكل واللون والنموذج والرموز و اإلشارات األخرى التي ال يُدركها‬
‫ال ُمسوقون كثيرا ً أال وهي أن رؤية علم الدماغ تتشكل في كون اإلرتباطات الذهنية العاطفية اإليجابية‬

‫‪188‬‬
‫يُمكن أن يتم التحكم بها بشكل غير ُمباشر من خالل اإلستحضار الذهني وسالسة ال ُمعالجة أو تنشيط‬
‫وتفعيل العالمات العاطفية الالواعية الموجودة (أنظر إلى الفصل الخامس)‪.‬‬

‫وبالنظر إلى كرسي بسيط إلى شكله ومواده وإلى الغُرفة التي يتواجد فيها كل ذلك قد يُحفز‬
‫سلطة والهيبة والطبيعة والشباب والحنين إلى‬ ‫اإلرتباطات الذهنية ال ُمرتبطة بالراحة والصحة وال ُ‬
‫الماضي وأكثر بكثير من تلك اإلرتباطات‪ ,‬ومن ال ُمحتمل أن يُالحظ كرسي واحد دونا ً عن مئات‬
‫الكراسي األخرى في صالة عرض األثاث وقد يزداد ذلك إذا تم تحفيز ذلك الكرسي باستجابة‬
‫عاطفية ايجابية تلقائية وهذا باإلضافة إلى كونه مميز بصريا ً و يتماشى مع الرموز ال ُمتعلمة والتي‬
‫تُطابق أهداف ال ُمستهلك ال ُمدركة وغير ال ُمدركة‪.‬‬

‫إن مدى تعزيز العواطف والمشاعر سواء اإليجابية أو السلبية و اإلنجذاب لألشياء اليومية بما في‬
‫أمور‬
‫ذلك السلع المنزلية الشائعة والتي تم دراستها في مجا ٍل بحثي ٍ جديد يُسمى تحليل التكافؤ الدقيق وذلك‬
‫بإستخدام تدابير اإلستجابة الضمنية (انظر إلى الفصل السابع عشر)‪ ,‬وقد بدأ الباحثون بتتبع‬
‫تقنية‬
‫اإلستجابات العاطفية الدقيقة التي يجب أن تكون ُمحايدة بالنسبة للناس كفناجين القهوة وأباريق الشاي‬
‫والكراسي والساعات والمصابيح إلخ‪ ,‬وقد إكتشف العُلماء أن حتى هذه األشياء اإلعتيادية تولد‬
‫إستجابات تكافؤ إيجابية وسلبية لفائدة ُمحددة ُمتعلقة بتقاطع ال ُمنتجات والعوطف واإلهتمام ما هو إال‬
‫استنتاج ُمتعلق بالدور الحاسم الذي تؤديه بالطريقة التي يتفحصها ويُركز عليها الناس عند رؤية‬
‫و ُمشاهدة مشهد بصري ما‪ ,‬وبالرغم من عدم وعي وإدراك الناس بالتكافؤ الدقيق إال أنهم يتحيزون‬
‫بشكل ُمستمر إلى األشياء التي ينظرون ويُركزون إهتمامهم نحوها عندما يتمعنون ويتنقلون في‬
‫مشهد بصري ُمعقد‪.‬‬

‫يظهر التكافؤ الدقيق للخروج من التكامل واإلندماج الخاص بإرتباطات ُمتعلمة وإتقان ُمعين حيث‬
‫يُعزز هذان المصدران بعضهما البعض ألنه من األسهل تطوير اإلعجاب بشيء يتضمن إدراكأ ً‬
‫حسيا ً ايجابيا ً فعلى سبيل المثال‪ ,‬يُمكن لل ُمستهلك تطوير اإلرتباطات الذهنية اإليجابية بسهولة أكثر‬
‫مع أباريق الشاي الالمعة وال ُمنحنية وال ُمتناظرة من ال ُمملة ذات الزوايات غير ال ُمتناظرة‪ ,‬في القسم‬
‫التالي سنعرض كيف يُمكن لتصاميم ال ُمنتج واألغلفة اإلستفادة من اإلرتباطات الذهنية اإليجابية‬
‫المبنية على سالسة ال ُمعالجة لتعزيز اإلهتمام و األداء واإلختيار أيضا ً عند إتخاذ ال ُمستهلك للقرار‪.‬‬

‫في بعض األحيان يُمكن لل ُمنتج تحفيز إرتباطات ذهنية عاطفية ليست نموذجية لفئة ال ُمنتج فعلى‬
‫ت وأشياء لإلستخدام اليومي في أرجاء‬ ‫سبيل المثال تبتكر شركة األدوات اإليطالية " ‪ "Alessi‬أدوا ٍ‬
‫المنزل والمكتب كالمفاتيح وحاملة أعواد األسنان وكسارة البُندق و الساعات وسالل الفواكه‬
‫واألطباق أوحاملة مشابك الورق والتي تُضيف المرح وال ُمتعة من خالل تصميمها الغريبة والتي‬
‫عادة ما تكون غير ُمتوقعة ولكنها تحتوي على خصائص ال ُمنتج ال ُمفيد والمحبوب أنظر إلى الرسم‬
‫(‪ )10-2‬فهو مثال رائع حول الجمع بين ال ُمحفزات العاطفية والحداثة لزيادة اإلنتباه واإلقتراب من‬
‫التحفيز‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫حاملة مشابك الورق‬ ‫المرش‬
‫مفتاح العُلب‬

‫يُمكن لألشياء البسيطة تحفيز العواطف من خالل اإلرتباطات الذهنية ال ُمفاجئة‬

‫في بعض األمثلة يُعتبر التغليف أكثر أهمية من ال ُمنتج وذلك لرفع اإلرتباطات الذهنية العاطفية‬
‫لجذب اإلنتباه في نقطة البيع‪ ,‬فيُعتبر العطر مثاالً ُمنتج صعب التمييز بصريا ً ولكنه يبرز من خالل‬
‫تصميم الغالف ال ُمميز وبذلك يُحفز نطاقا ً كبيرا ً من اإلرتباطات الذهنية كاإلثارة والشباب واإلهتمام‬
‫والقوة والرغبة والثقة واألناقة وهكذا باإلضافة إلى الرموز ال ُمتعلمة والتي تُحسن كل من اإلنتباه‬
‫التصاعدي والتنازلي لألغلفة‪.‬‬

‫وألن هذه اإلرتباطات الذهنية اإليجابية غالبا ً ما تكون الإرادية في و من الممكن أن تُقاوم قياسات‬
‫استجابة اإلبالغ الذاتي التقليدي‪ ,‬يُمكن للباحثين االكاديميين و ُمستخدمي التسويق العصبي قياس عدد‬ ‫تذكَّر‬
‫من الخصائص واإلرتباطات الذهنية لتقديم صورة واضحة عن اإلستجابات العاطفية واإلنتباه‬
‫التسوق والتبضع‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫لل ُمنتجات واألغلفة في سياقات‬

‫‪190‬‬
‫✓ األلفة ‪ :‬إن ال ُمنتجات المألوفة قليالً ما يتم ُمالحظتها ويُعزى ذلك إلى طريقة التغليف‬
‫ولكن في نفس الوقت قد تجذب اإلنتباه بنسبة كبيرة وذلك بسبب خبرة ال ُمستهلكين السابقة مع‬
‫ال ُمنتج أو التعرض ال ُمتكرر للتسويق‪.‬‬

‫عوض من خالل‬ ‫✓ سالسة ال ُمعالجة‪ :‬إن سهولة ُمعالجة ال ُمنتجات و األغلفة يُمكن أن ت ُ ّ‬
‫اإلستجابات العاطفية السلبية التي تُرافق الحداثة من خالل إبتكار حس األلفة والثقة في‬
‫غياب التجربة الفعلية السابقة أو التعرض ال ُمتكرر للتسويق‪.‬‬

‫✓ اإلقتراب واإلمتناع‪ :‬إن التكافؤ العاطفي الدقيق يُمكن أن يؤثر على تركيز إنتباه‬
‫ال ُمستهلكين وإحتمالية إختيار ُمنتجا ٍ‬
‫ت ُمختلفة‪.‬‬

‫✓ تنشيط األهداف ال ُمدركة وغير ال ُمدركة‪ :‬يُمكن أن تُقوم ال ُمنتجات بإستحضار ذهني‬
‫لتحفيز السعي وراء الهدف غير ال ُمدرك‪ ,‬حيث أن اإلنحياز إلى الرموز ال ُمتعلمة يُمكن أن‬
‫يجذب اإلنتباه التنازلي إلرضاء األهداف الشرائية ال ُمدركة‪.‬‬

‫طرق غير ال ُمدركة من اإلنتباه‬‫طرق الجديدة إلستكشاف ال ُ‬ ‫تُقدم منهجيات التسويق العصبي تلك ال ُ‬
‫التسوق وتُساعد الباحثين على تحديد تقييم اإلشارات التي تُرسلها ال ُمنتجات‬
‫ّ‬ ‫والعواطف خالل‬
‫واألغلفة إلى ال ُمستهلكين عبر عناصر التصميم ال ُمتقنة كاألسلوب واللون والشكل والمادة والشعور‬
‫والرائحة حيث تُقدم مقاييس جديدة لتقدير الدرجة التي يقوم ال ُمنتج الجديد أو المجموعة الجديدة من‬
‫خاللها بعمل إرتباطات عاطفية و ُمعالجة أهداف ال ُمستهلك و البروز على رف تسوق ما أو في‬
‫مكان العرض بجانب العشرات من ال ُمنتجات ال ُمنافسة‪.‬‬

‫التصميم العصبي لألشياء اليومية‬

‫يُركز التسويق العصبي على فهم كيفية تأثير العقل الالواعي على األحكام والقرارات ال ُمدركة‬
‫والواعية‪ ,‬حيث أن هنالك أنواع ُمعينة و ُمحددة من اإلستجابات الالواعية كالدرجة التي يكون فيها‬
‫الشيء مفهوم بسهولة وكفاءة في العقل (سالسة ال ُمعالجة) والتي تُترجم إلى ردود أفعال إيجابية أو‬
‫سلبية إزاء ذلك الشيء أو ذلك الشعور أو حتى ذلك األمر المألوف‪ ,‬وقد بدأ بعض الباحثون‬
‫بإستكشاف العالقة من جهة الشيء بدالً من جهة إستجابة الدماغ مع السؤال فيما إن كانت‬
‫الخصائص ال ُمحددة لألشياء تجعلهم أسهل أو أصعب في ال ُمعالجة أو أقل إحتمالية في أن يتم‬
‫إستحضار اإلستجابات العاطفية اإليجابية‪.‬‬

‫إن طرح تلك األسئلة قادنا إلى مجال فرعي خاص بالتسويق العصبي يُسمى (التصميم العصبي)‬
‫وهو الدراسة الخاصة للعناصر الشائعة للتصميم وال ُمتعلقة في األشياء المادية الملموسة والتي يميل‬
‫الناس لرؤيتها كشيء جميل و و ُمفرح وجذاب وأن هذا العمل جاء للفت إنتباه ُمستخدمي التسويق‬
‫العصبي فهو يُستخدم لتطوير األفكار ال ُمتعلقة بمبادئ تصميم ال ُمنتجات واألغلفة كإختبار جديد‬
‫لتحديد الفائزين والخاسرين من بين التصاميم ال ُمرشحة‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫نحن نتصرف بشكل تلقائي إزاء التصميم الجيد‬

‫إن ال ُمستهلك الذي في محل أدوات المطبخ ينظر إلى المعروضات من األكواب واألواني الزجاجية‬
‫أو أدوات المائدة يميل إلى بعض ال ُمنتجات المعروضة بينما ال ُمنتجات األخرى تُستبعد فورا ً‪ ,‬و‬
‫برد المتجر أو البحث في متجر‬ ‫يحدث نفس الشيء عند النظر إلى العشرات من علب اللبن في ُم ّ‬
‫األثاث أو األلعاب‪.‬‬

‫إن لل ُمستهلكين ردود فعل فورية وتلقائية سواء أكانت إيجابية أو سلبية ُكلما تفحصوا مجموعة من‬
‫البدائل عند قيامهم بالتسوق‪ ,‬وقد ساعدنا علم الدماغ ليس فقط على فهم كيفية حدوث تلك الردود‬
‫وأسبابها (سالسة ال ُمعالجة واأللفة والحداثة واإلستحضار الذهني) ولكن لمعرفة أي من الخصائص‬
‫الخاصة باألشياء المعروضة تميل إلى تحفيز ردود األفعال اإليجابية أو السلبية ‪.‬‬

‫ليس من الغريب أن يجد الباحثون الذين ينظرون إلى تطوردماغ اإلنسان الحديث بعض األسباب‬
‫التطورية ال ُمقنعة للعديد من إستجابات اإلقتراب أو اإلمتناع الطبيعية فعلى سبيل المثال في الدراسة‬
‫التي أُجريت عام ‪ 2006‬قام الباحثين في جامعة ‪ Havard‬للطب بإثبات أن البشر لديهم تفضيل‬
‫أمور‬
‫فطري لألشياء المنحنية أكثر من األشياء ال ُمدبدبة عبر فئات كبيرة (ساعات و األرائك وال ُمنتجات‬
‫الصناعية والتصاميم التجريدية ونمط الخط) ‪,‬وقد وجدوا أن الناس فضلوا األشياء ال ُمنحنية على‬
‫تقنية‬
‫األشياء ذات الحواف الحادة وقد وجدوا أيضا ً أن هذا التأثير لم يظهر فقط مع األشياء ذات الحواف‬
‫الحادة بل مع ال ُمنتجات التي لها إرتباطات ذهنية مع األمور الخطرة كالسكاكين والمقصات بل‬
‫وكذلك األمر مع األشياء ال ُمحايدة كاألرائك والخطوط‪.‬‬

‫وقد أثبت ال ُمؤلفون أن هذا التأثير الذي يبدو جزءا ً من تشكيل اإلنطباع والذي يسبق تقييم الشيء أو‬
‫ال ُمنتج يُمكن أن يكون آلية تقييمية تُساعدنا على معرفة اإلختالف بين األشياء التي تُعزز السالمة‬
‫واألشياء التي تُمثل تهديدات ُمحتملة ‪ ,‬حيث يُنظر إلى هذه اإلستجابة التلقائية العاطفية الالواعية‬
‫وغير ال ُمدركة على أنها جزء من نظام اإلنذار ال ُمبكر التكيفي للدماغ والذي يحمينا من التفكير كثيرا ً‬
‫في ُمواجهة الخطر‪.‬‬

‫وبالنقاس حول اإلشمئزاز وعدوى ال ُمنتج في ُمقدمة هذا الفصل نتوصل إلى أن هذه اإلرتباطات‬
‫الذهنية حول ألشياء ال ُمدبدبة والخطر عادة ما تكون غير منطقية في العالم الحديث وأن ُمهاجمة‬ ‫تذكَّر‬
‫أمر نادر أما اليوم فتلك اآلليات تؤدي دورا ً‬
‫حسابات الناس بواسطة أرائك ذات حواف ُمدبدة هو ٌ‬
‫حاسما ً لل ُمسوقين و ُمصممي ال ُمنتجات فهم يؤثرون على ما نُالحظ وما نُحب وفي نهاية المطاف على‬
‫ما نقوم بشراءه‪.‬‬

‫نصائح التصميم من المعمل‬


‫ٌ‬
‫بحث واسع النطاق الكثير منه‬ ‫إن البحث الذي يدور حول موضوع التصميم وسالسة ال ُمعالجة هو‬
‫قد خرج من المعمل ليتناول سؤاالً أسمى من ذلك بكثير أال وهو ما هو الجمال؟‬

‫‪192‬‬
‫كانت النطريات التي تدور حول طبيعة الجمال لها وجهتي نظر ُمتعارضتان ُكليا ً كانت وجهة‬
‫أمور‬
‫النظراألولى هي وجهة النظر الموضوعية التي إدعت بأن الجمال خاصية للشيء حيث تُقدم تجربة‬
‫ُممتعة للشخص عند إدراك ذلك الشيء وفي الجهة األخرى وجهة النظر الشخصية التي إدعت بأن‬ ‫تقنية‬
‫وربما يختلف بين الثقافات ال ُمختلفة‪.‬‬
‫الجمال يجب أن يتغير مع الوقت ُ‬
‫وقد أثبت بحث في علم الفس اإلجتماعي التوافق بين وجهتي النظر من خالل استحضار فكرة‬
‫سالسة ال ُمعالجة‪ ,‬وأن األدلة موجودة في سلسلة من الدراسات التي قام بها ‪ Rolf Reber‬و‬
‫‪ Norbert Schwartz‬و‪ Piotr Winkielman‬إلظهار أن العديد من الخصائص الموضوعية‬
‫ُمرتبطة بالجمال تبدأ بتقييمات الناس الشخصية ألنهم يدعمون سالسة ال ُمعالجة أي أن الجمال له‬
‫مصادر موضوعية وشخصية‪.‬‬

‫سواء أكانت ُمطبقة على األشياء الفنية أو اليومية وإن لهذه الفكرة آثار ضمنية وعميقة على‬
‫التصميم‪ ,‬في عالم ال ُمنتج وتصميم األغلفة يُفضل ال ُمستهلكين ال إراديا ً التصاميم التي يُسهل‬
‫ُمعالجتها بمجهود األقل‪.‬‬

‫إليك بعض الخصائص الموضوعية الرئيسية لألشياء المادية والملموسة والتي تم إيجادها لرفع‬
‫سالسة ال ُمعالجة مع األخذ بعين اإلعتبار الجاذبية ودرجة التفضيل‪:‬‬

‫✓ ال ُمحافظة على المعلومات‪ :‬إن األشياء التي تحتوي على معلومات أقل هي أسهل في‬
‫عملية ال ُمعالجة و تميل إلى أن يُحكم عليها بأنها أكثر جاذبية ُمقارنة باألشياء التي تحتوي‬
‫على معلومات أكثر‪ ,‬فعلى سبيل المثال إن األنماط البصرية ال ُمتكررة تُقلل كمية المعلومات‬
‫التي يجب ُمعالجتها لتشكيل إنطباع دقيق حول الشيء‪.‬‬

‫✓ التماثل‪ :‬إن األشياء التي تتناظر حول محور أفقي و عمودي و قطري تحتوي على‬
‫معلومات غير ُمكررة و غيرزائدة بشكل أقل ُمقارنة باألشياء غير ال ُمتماثلة ولذلك هي أسهل‬
‫في عملية ال ُمعالجة و ُمحبذة‪ ،‬إن التماثل العمودي هو أسهل في عملية ال ُمعالجة من التماثل‬
‫األفقي الذي بدوره أسهل من التناظر القُطري وبذلك فإن األشياء ال ُمرتبة ترتيبا ً عموديا ً على‬
‫األرجح تكون جذابة أكثر من األشياء ال ُمرتبة ترتيبا ً أُفقيا ً أو قُطريا ً‪.‬‬

‫✓ التناقض والوضوح‪ :‬إن تناقض شكل األرض هو ُمصطلح يُستخدم لوصف المدى الذي‬
‫يُمكن للشئ تمييزه بوضوح من خلفيته‪ ,‬فتناقض شكل األرض األعلى يُطور السالسة‬
‫اإلدراكية وبالتالي تُساهم في خلق الجاذبية وعلى نحو ُمماثل‪ ,‬تُعد األشياء ذات الخطوط‬
‫النقية والواضحة أسهل في عملية ال ُمعالجة وتُعتبر أكثر جاذبية من األشياء ذات الخطوط‬
‫الضبابية وغير الواضحة‪.‬‬

‫أظهر بحث إضافي بأن تلك الخصائص تؤدي إلى تفضيل أكبر وإصدار أحكام تُعبر عن اإلنجذاب‬
‫عندما تُساهم في ُمعالجة السالسة ولكنها تختلف في إحداث هذا التأثير عندما ال تُساهم في ُمعالجة‬

‫‪193‬‬
‫السالسة فعلى سبيل المثال إن تناقض شكل األرض يجب أن يكون ُمساعدا ً في ُمعالجة األشياء‬
‫عندما يتم عرضهم لفترة قصيرة من الوقت ولكن ليست ُمساعدة لدرجة كبيرة عندما يتم عرض‬
‫األشياء لفترات أطول وبإختبار تلك الفرضيات فقد وجد العلماء بأنه ُكلما زاد التناقض زاد إصدار‬
‫األحكام ال ُمتعلقة بالجاذبية وذلك عندما يتم عرض األشياء ألقل من ثانية ولكن ال تزيد إذا عرضنا‬
‫ثوان‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫األشياء لعشر‬

‫إن من العوامل األخرى التي ترفع من سالسة ال ُمعالجة والجاذبية ال ُمتصورة والتفضيالت التي ال‬
‫تؤثر ذلك التأثير القوي على الخصائص وشكل الشيء بل تؤثر على تجربة الشخص مع الشيء‪:‬‬

‫التعرض ال ُمتكرر‪ :‬بالرجوع إلى تأثير التعرض ال ُمجرد الذي ورد في الفصل الخامس‪ ,‬عندما‬
‫نتعرض للشيء بكثرة في أغلب األحيان ‪ -‬تقريبا ً أي شيء مهما كان‪ -‬يُصبح مألوفا ً أكثر و أسهل في‬
‫عملية ال ُمعالجة وكنتيجة لذلك نميل إلى تفضيله أكثر وننظر إليه على أنه أكثر جاذبية ُمقارنة‬
‫باألشياء األقل ألفة‪.‬‬
‫ي مفهوما ً‬
‫التعرف على األنماط الضمنية‪ :‬يُمكن ُمعالجة األشياء بسهولة عندما يكون بناؤها التركيب ّ‬
‫حيث يُفضل الناس األنماط البصرية ال ُمعقدة بدرجة أكبر عندما يكون بمقدورهم التنبؤ بها وأن‬
‫ال ُجمل التي تتبع القواعد اللغوية أسهل في عملية ال ُمعالجة من ال ُجمل التي ال تتبعها‪.‬‬

‫المثالية (المتوسط أو الشكل المثالي)‪ :‬إن األشياء التي تُمثل نُسخة مثالية أو متوسطة من فئة ما تُعد‬
‫أسهل في عملية ال ُمعالجة و ُمفضلة بدرجة أكبر من األشياء األقل مثالية وقد تبين ذلك مع مجموعة‬
‫واسعة و ُمتنوعة من األشياء بما فيها بُقع اللون واألغاني والموسيقى و األعمال الفنية ووجوه‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫اإلستحضار الذهني‪ :‬وكما نوقش في الفصل الخامس‪ ,‬فإن األشياء التي يتم إستحضارها ذهنيا ً‬
‫ي يسهل ُمعالجتها ُمقارنة باإلشياء الغير ُمستحضرة ذهنيا ً ويُمكن إعتبارها أكثر‬‫بإستحضار ترابط ّ‬
‫ٍ‬
‫أُلفةً مما هي عليه فعليا‪ ,‬حيث أن هذا التأثير يُسلط الضوء على أهمية السياق في األحكام ال ُمتعلقة‬
‫ً‬
‫باإلعجاب والتفضيل‪.‬‬

‫تؤدي التوقعات دورا ً مهما ً في ترجمة سالسة ال ُمعالجة إلى تجربة شخصية للتفضيل أو األولويات‬
‫وقد وجد العُلماء أن للسالسة تأثير قوي على التفضيل عندما يكون المصدر مجهوالً وتأتي تجربة‬
‫سالسة ال ُمعالجة ك ُمفاجأة إذا كان الناس ُمدركين ألصل سالسة ال ُمعالجة في كل من إعدادات العالم‬
‫التجريبي والواقعي كتكرار ملحوظ ُمخطط أو نمط ُمتوقع بسيط جدا ً‪ ,‬حيث أن تأثير السالسة على‬
‫الجاذبية المتصورة والتفضيل قد تكون مكتوما ً وأيضا ً التأثير ال ُمتعلق بالسالسة على األحكام‬
‫والتفضيالت الشخصية قد يتقلص ويتضائل فعلى سبيل المثال إن التأثير اإلعتيادي على التفضيل‬
‫ال ُمتصور يختفي عندما يُقال للناس بأنهم ُربما يُفضلون بعض األشياء أكثرو يُعزى ذلك إلى تشغيل‬
‫األغاني والموسيقى في الخلفية‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫يُمكن ل ُمصممي ال ُمنتجات وال ُمغلفات أخذ العديد من الدروس من إكتشافات علم الدماغ تلك‪ ,‬واألمر‬
‫األكثر أهمية هو أن بعض عناصر التصميم وبكل موضوعية تُعتبر أكثر جاذبية و إبهاجا ً لعقل‬ ‫تذكَّر‬
‫اإلنسان من العناصر األخرى حيث يُفضل الناس الحواف ال ُمستديرة على الحواف الحادة وال ُمدببة‬
‫والتصميم البسيط على ال ُمعقد و الشكل التماثلي على غير التماثلي وعالية التناقض والوضوح على‬
‫األشكال والحدود الغير واضحة والضابية ولكن الخبرة والتجربة والتعلم هو ما يختلف ويتراوح من‬
‫عرضة‬ ‫شخص إلى شخص إضافةً إلى أنها تؤدي دورا ً ُمهما ً في اإلستجابات الجمالية فالناس أكثر ُ‬
‫لإلنجذاب نحو األشياء التي يرونها بشكل ُمتكرر‪ ,‬ذات البُنية التركيبية سهلة الفهم واإلستيعاب والتي‬
‫تكون مثالية أو متوسطة بالنسبة لفئتها وال ُمستحضرة ذهنيا ً من خالل المعلومات السياقية التي تجعلها‬
‫أكثر توقعا ً‪.‬‬

‫الجمال في محفظة حاملها!‬

‫لن يكون اإلنجذاب الجمالي ُمتعلقا ً بالتسويق إن لم يُترجم إلى قرارات وأفعال‪ ,‬فالعالمة التجارية‬
‫‪ Apple‬غالبا ً ما تُعطى كأفضل مثال على كيفية ترجمة التصميم الجيد إلى أداء ُمتميز في السوق‪,‬‬
‫وبالرغم من وجود العديد من العناصر في تركيبة شركة ‪ Apple‬لتنجح ولكن األمر الجلي أن‬
‫تصميم ال ُمنتج هو أحد العناصرال ُمهمة فعندما عرضت شركة ‪ Apple‬جهاز ال ‪ iPad‬عام ‪2001‬‬
‫كانت تجني ‪ 5‬مليار دوالر سنويا ً كشركة حواسيب وفي عام ‪ 2011‬كانت اإلدخاالت الجديدة للجيل‬
‫ال ُمتعدد ألجهزة ال ‪ iPhone‬وال ‪ُ iPod‬متماشيا ً مع تصاميم الحواسيب الجديدة كحواسيب‬
‫‪ MacBook Air‬في ذلك الوقت كانت الشركة تجني ‪ 150‬مليار دوالر سنويا ً‪ ,‬فتصاميم شركة‬
‫‪ Apple‬بين خطوط إنتاجها تُجسد المبادئ الجمالية الثالث التي تُساهم في سالسة ال ُمعالجة‪:‬‬
‫ال ُمحافظة على المعلومات والتماثل والتناقض والوضوح حيث تُحبذ شركة ‪ Apple‬الزوايا‬
‫ال ُمستديرة أيضا ً‪.‬‬

‫إن التعابير ال ُمماثلة الخاصة بسالسة ال ُمعالجة موجودة في العديد من تصاميم ال ُمنتجات الناجحة‬
‫كال ُمنتجات الخاصة بشركة ‪ Bang & Olufsen‬و‪ BMW‬و ‪ IKEA‬ففي جميع تلك الحاالت تكون‬
‫تصاميم ال ُمنتج ال ُمتميزة تلك ليست فقط المصدر الوحيد لنجاح الشركة ولكنها جزء من نمط أكبر‬
‫لإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية والتي تبني مع بعضها البعض مفهوما ً قويا ً للعالمة‬
‫تجارية في عقل ال ُمستهلك‪ ,‬حيث أن ابتكارات التصميم لشركة ‪ Apple‬تُعزز بشكل طبيعي من‬
‫ارتباطاتها الذهنية القوية وال ُمتعلقة باإلبتكار انظر إلى الفصل التاسع لرؤية أمثلة على ذلك‪.‬‬

‫يُمكن توضيح أثر ال ُمنتج وتصميم الغالف على المبيعات من خالل أمثلة سلبية‪ ,‬حيث وقعت حالة‬
‫خاصة ُمؤلمة في عام ‪ 2009‬للعالمة التجارية ‪ Tropicana‬لبيع عصير البرتقال حيث كانت تبحث‬
‫عن ابتكار تصميم غالف جديد يُمكن له تعزيز خصائص وسمات ال ُمنتج وقد قدمت ‪Tropicana‬‬
‫غالف جذري ُمعاد التصميم فأزالت شعار العالمة التجارية " برتقالة تخرج منها ماصة بنصف‬
‫كوب من عصير البرتقال حيث تواجد التصميم الجديد مع تسويق ضخم ولكن بعد مرور شهرين من‬
‫وجود العصائر على الرفوف التسويقية داخل المتاجر انخفضت مبيعات الشركة بنسبة ‪ %19‬أو‬
‫‪195‬‬
‫بقيمة ‪ 33‬مليون دوالر مع ال ُمنافسين آخذين حصتها المفقودة في السوق‪ ,‬وحينها قامت الشركة‬
‫بسحب ال ُمغلفات الجديدة وإعادة ال ُمغلفات القديمة بتكاليف ضخمة لم يُكشف عنها أما األمر الملحوظ‬
‫هو أنه عندما عادت ال ُمغلفات القديمة بالظهور ُمجددا ً عادت المبيعات إلى مستوياتها القديمة بسرعة‬
‫مرة أُخرى‪.‬‬

‫ُهنالك عدد من العوامل التي قد تؤدي إلى كارثة حيث أن الكثير من ال ُمستهلكين يشترون عصير‬
‫البرتقال بطريقة إعتيادية بالرغم من إدعاء الشركة بأن التغليف الجديد قد فشل ألن ال ُمستهلكون لم‬
‫وربما كشف تقييم التسويق العصبي بأن التغليف‬ ‫يُقدّروا من قبل الرابطة العاطفية للتغليف القديم ُ‬
‫الجديد فُقد من ببين ال ُمنافسيين في البراد ال ُمخصص لعصير البرتقال‪ ,‬حيث أن التغيير الجذري في‬
‫مظهرالغالف جعل من التشارك عملية تلقائية نسبيا ً حيث أصبح على ال ُمتسوقين إيجاد العصير مما‬
‫أدى إلى إعاقة نمط الشراء اإلعتيادي لهم وتعزيز قرار شراء آخذين بعين اإلعتبار ُمنتجا ً بديالً‪.‬‬

‫ُهنالك إختبار بسيط نسبيا ً بإستخدام تتبع العين لتتبع أنماط ونماذج النظرات الخاصة بال ُمتسوقين عند‬
‫رؤية صور الرف وعليه تغليفات قديمة وجديدة في مكان ما ومن ثم القيام بسؤالهم أي من ال ُمنتجات‬
‫الموجودة على الرف ستشترون وقد نكون إختبرنا هذه الفرضيات في وقت مبكر من عملية تصميم‬
‫الغالف‪ ,‬إن كان مسوقو وباحثو شركة ‪ Tropicana‬أكثر وعيا ً لتغيرات التسوق اإلعتيادي وأهمية‬
‫لربما طالبوا بإختبار إدراكي بسيط كجزء من عمليتهم التقييمية‪.‬‬
‫إتخاذ القرار الضمني لفئتهم ُ‬
‫وجهة نظرنا هي ليست إنتقاء األُناس الجيدون ل ‪ Tropicana‬والذين يشربون عصير البرتقال‬
‫اللذيذ وال ُمفضل فكمؤلفي لهذا الكتاب نقاشنا وضع ال ُمنتج في الفصل الرابع عشر فبدالً من التأكيد‬ ‫تذكَّر‬
‫على منظور التسويق العصبي الذي يُقدم في بعض األحيان فهما ً أبسط لسلوك ال ُمستهلك أكثر من‬
‫نهج بحث تقليدي ولربما كانت اإلجابة على هذه القضية هو عدم قدرة الناس على إيجاد غالف جديد‬
‫على رف التسوق ويُعزى ذلك إلى أن شركة ‪ Tropicana‬أزالت سهوا ً اإلشارات األولية والتي من‬
‫خاللها يظهر اإلختيار اإلعتيادي‪.‬‬

‫التسويق العصبي و إبتكار ُمنتجات جديدة‬

‫تُعتبر ال ُمنتجات الجديدة عصب وشريان الحياة للعالمات التجارية ولكن أكثر من ‪ %80‬من‬
‫ال ُمنتجات الجديدة تفشل وفي بعض األحيان ويكون لها تأثير ُمدمر على توازن الشركة‪ ,‬في هذا‬
‫القسم سنستكشف سبب فشل بعض ال ُمنتجات الجديدة وما الذي يُمكننا فعله لرفع نسبة النجاح‬
‫باإلعتماد على أفكار ومفاهيم ومنهجيات التسويق العصبي‪.‬‬

‫لماذا تفشل ‪ %80‬من ال ُمنتجات الجديدة‬

‫يخاف الناس من التنبؤ بما سيقومون به في ال ُمستقبل حيث أظهرت األبحاث بأن أكثر من ‪ %90‬من‬
‫ال ُمستهلكين الذين يتبعون حمية غذائية يتخلون عن إتباعها ويكسبون الوزن الذي خسروه في غضون‬

‫‪196‬‬
‫سنة واحدة وبالمثل ال يتابع الناس قراتهم الحالية مع قراراتهم في السنة الجديدة بالرغم من‬
‫مصداقيتهم عند وضعهم ل ُخططهم وإلتزاماتهم في ليلة السنة الجديدة‪.‬‬

‫قم بتطبيق تلك الدروس إلى مجموعة النقاش الخاصة بتقييم ال ُمنتج النموذجي ‪ ,‬فهنالك العشرات أو‬
‫أكثرمن ال ُمستهلكين يستغرقون ‪ 90‬دقيقة في النقاش وعادة ً ما يُسيطر على هذا النقاش شخص أو‬
‫إثنان يُطلق عليهم " ال ُمشاكون في مادة ألفا" حيث يشعرون بأن آراءهم أهم من رأي أي شخص‬
‫آخر‪ ,‬وفي نهاية الجلسة يسأل ال ُمشرف جميع الحاضرين عن إحتمالية شرائهم لل ُمنتج الذي كانوا‬
‫يتناقشون فيه‪ ,‬باإلضافةً إلى عدم قُدرتهم بشكل عام على التنؤ بما سيقومون به فقد تكون إجاباتهم‬
‫ُمستحضرة ذهنيا ً بنا ًء على األموال التي إستلموها من أجل ُمشاركتهم ورغبتهم في إظهار ذكاءهم‬
‫وبصيرتهم ففي الحقيقة هم أنهم إستغرقوا فقط ‪ 90‬دقيقة في الحديث عن ال ُمنتج الذي يستغرقون‬
‫القليل من الوقت في التفكير به‪.‬‬

‫إنه ألمر عادي وغير ُمفاجئ بأن تكون التنؤات مبنية على أساليب بحوث السوق التقليدية مثل‬
‫مجموعات النقاش التي تتحول لتكون أقل دقة إليكم بعض األمثلة التقليدية حول ُمنتجات ناجحة لم‬
‫تكن لترى ضوء النهار إن لم تتجاهل نتائج مجموعة النقاش ال ُمزرية‪:‬‬

‫✓ كراسي المكتب من ‪ Herman Miller‬تم رفضها في كل دراسات أبحاث السوق ولكن‬


‫ما أن تم إطالقها حتى أصبحت أكثر كراسي المكتب مبيعا ً على اإلطالق‪.‬‬

‫✓ كريمة ‪ Bailey’s Irish Cream‬كانت مرفوضة من قبل ال ُمستهلكين في مجموعة‬


‫النقاش ولكنها تحولت إلى نجاح كبير ودائم بعد أن تم إطالقها‪.‬‬

‫✓ أخبر الباحثون شركة ‪ Bang & Olufsen‬بأنهم يتوقعون لهم بيع ‪ 65‬وحدة نظام صوت‬
‫جديدة ولكن بعد أن تم إطالقها أصبحت ال ُمنتج األكثر مبيعا ً‪.‬‬

‫✓ أكثر من ‪ %80‬من ال ُمستهلكين األستراليين قالوا بأنهم لن يستخدموا جهاز الصراف‬


‫اآللي وذلك عندما أُجريت البحوث قبل الشروع بالعمل‪ ,‬أما اليوم أكثر من ‪ %80‬من‬
‫ال ُمستهلكين األستراليين يستخدمون الصرافات اآللية بإنتظام‪.‬‬

‫✓ ‪ Sony Walkman‬أحد أشهر ال ُمنتجات في التاريخ كان مرفوضا ً في جميع دراسات‬


‫أبحاث السوق ولكنها أحدثت ثورة في طريقة إستماع ال ُمستهلكين إلى الموسيقى واألغاني‬
‫أثناء التنقل والحركة‪.‬‬

‫تكررت نتائج كتلك مرارا ً وتكرارا ً حيث يُظهر ال ُمستهلكين ذلك القدر من السوء عندما يتبؤون بما‬
‫سيفضلون وما سيبغضون وذلك بنسبة ‪ %80‬من الفشل حيث أن منهجيات أبحاث السوق التقليدية‬ ‫تذكَّر‬
‫في حاجة ماسة لبعض ال ُمساعدة‪ ,‬و قدم علم الدماغ بعض التفسيرات وقدم التسويق العصبي بعض‬
‫المنهجيات البديلة الجديرة بالدراسة‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫التغلب على التحيز في ضوء ال ُمنتجات الجديدة‬

‫إن الحداثة تلفت اإلنتباه ولكن األلفة تغرس الراحة‪ ,‬فسالسة ال ُمعالجة تُعزز تفضيل الشيء الذي‬
‫يخلق إنطباعا ً من األلفة وتُشجع اإلقتراب و التحفيز أما الحداثة تُخالف التوقعات وتزيد الحذر أكثر‬
‫من الراحة وبالتالي ترتبط بالحذر وتجنب التحفيز كما أنها تُحفز التعلم ألننا نُحاول إستيعاب‬
‫الدروس الجديدة وإلزام الذاكرة بها‪.‬‬

‫بإختصار‪ ,‬تكشف أعمال العقل تلك بأن لدينا القدرة على ُمالحظة األشياء الجديدة وال ُمختلفة فنحن‬
‫نُركز اإلنتباه الواعي وال ُمدرك عليهم ولكننا نميل إلى عدم الثقة بهم‪ ,‬ولكن مع مرور الوقت و ُكلما‬
‫مهدت الحداثة الطريق إلى األلفة والحذر تُستبدل الحقا ً بالعادة والراحة فتصبح األشياء الجديدة جزء‬
‫من حياتنا اليومية ولكن تلك األشياء ال تبدأ بتلك الطريقة‪.‬‬

‫وفي إطار تلك العالقات واإلرتباطات الذهنية بين الحداثة واأللفة والحذر والراحة والتعلم والتحفيز‬
‫والعادة أصبحت تفسيرات علم الدماغ ال ُمتعلقة بعدم قُدرتنا على التنبؤ باألشياء التي ستُعجبنا‬
‫واألشياء التي لن تُعجنا واضحة فنحن ال نعلم متى ستُترجم األشياء الحديثة حاليا ً إلى أشياء مألوفة‬
‫الحقا ً‪.‬‬

‫أما بالنسبة لرأي ُمصممي ال ُمنتجات والتغليف فبعد كل شيء سيتقبل ال ُمستهلكين ال ُمنتجات الجديدة‬
‫وال ُمبتكرة طوال الوقت و سيُستبدل رواد ال ُمنتجات القديمة برواد ال ُمنتجات الجديدة وستظهر فئات‬
‫جديدة ُكليا ً على الساحة وستجتاح ال ُمنتجات القديمة والمألوفة وسنضعها جانبا ً فكيف يتم تجاوز‬
‫إبتكار ال ُمنتجات في ضوء تحيزنا الداخلي ضد ال ُمنتج الجديد؟‬

‫حيث قام الباحثون الذين يدرسون العالقة بين الحداثة والتفضيل في تصميم ال ُمنتج بتحديد مسار‬
‫للخروج من ورطة واضحة و جلية من خالل مستويات متوسطة من اإلبتكار ُمرتبطة بعناصر‬
‫نصيحة‬
‫معروفة من األلفة فاإلبتكارات األكثر تقبالً هي التي ال تنتهك التوقعات بشكل جذري ولكنها توفر‬
‫فقط ما يكفي من الحداثة بنطاق مألوف لكسر الرتابة من األلفة الزائدة والكثيرة‪.‬‬

‫ُهنالك ثالث إستجابات رئيسية ُمتغيرة فيما يتعلق باإلنتباه واإلستذكار والتفضيل والتي تم اكتشافهم‬
‫ليكونوا في أقل مستوياتهم عندما يكون اإلبتكار إما طفيفا ً أو أن يكون تخريبيا ً أي أن يكون تغييرا ً‬
‫كبيرا ً ويكون اإلبتكار في أعلى ُمستوياته عندما يكون اإلبتكار بين هاتين النسبتين أي أن ال يكون‬
‫التغيير كبيرا ً جدا ً وال قليالً جدا ً‪.‬‬

‫كررن عدد من الدراسات في فئات ُمختلفة كالمطبخ واألثاث واألدوات المنزلية والسيارات تلك‬
‫النتائج في عام ‪ 2012‬حيث اُجريت دراسة في المجلة العالمية للتصميم أوجد فيها الباحثون أن‬
‫ال ُمشاركون قد قيموا مجموعة من تصاميم الكراسي بمستويات ُمختلفة من الحداثة بثالث أبعاد هي‬
‫األناقة و التعقيد وال ُمشاركة العاطفية ووجدوا أن العالقة بين الحداثة والتفضيالت الجمالية شكلت‬
‫صنفت الكراسي بالقرب من نصف األناقة والتعقيد‬ ‫ُمنحنى مقلوب على شكل ‪ U‬في كل بُعد وقد ُ‬
‫وال ُمشاركة العاطفية واعتُبرت أكثر التجربة الجمالية ُمتعة‪.‬‬
‫‪198‬‬
‫وبذلك فإن المسار األول هو للخروج من ورطة ومأزق الحداثة التي تُحجم ُمستوى الحداثة و لتجنب‬
‫إنتهاك توقعات ال ُمستهلكين وأيضا ً انتهاك اإلرتباطات الذهنية المألوفة لهم أما المسار الثاني فهو‬ ‫نصيحة‬
‫إلستخدام أفكار التصميم ورسائل التسويق من أجل خلق إرتباطات ذهنية جديدة ومفهوم جديد لما هو‬
‫مألوف وبذلك حتى أكثراإلبتكارات التخريبية تبدو مألوفة و ُمريحة على الرغم من أنها في حقيقة‬
‫األمر عالمة تجارية جديدة‪.‬‬

‫إليك ثالث مفاتيح من التسويق العصبي لهذا النهج‪:‬‬

‫✓ استخدم مبادئ التصميم والتي ترفع من سالسة ال ُمعالجة‪.‬‬

‫✓ استخدم التراسل (اإلعالنات ووسائل التسويق األخرى لتأسيس إرتباطات ذهنية أخرى‬
‫بين ال ُمنتج الجديد والتوقعات التي لدى ال ُمستهلك فيما يتعلق بمطالبه وإحتياجاته‪.‬‬

‫✓ استخدام التكرار لتعزيز األلفة والتفضيل من خالل تأثير التعرض ال ُمجرد‪.‬‬

‫عندما يكون ال ُمنتج غير مألوفا ً يُنصح ال ُمصممون في أن يضموا أكبر عدد ُممكن من التصاميم لنقاط‬
‫التواصل المألوفة فعلى سبيل المثال‪ ,‬إن نجاح ال ‪ iPhone‬و ال ‪ iPad‬يُمكن أن يكون بسبب ُمحاكاة‬
‫ال ُمنتجات أي الطريقة التي تكون مألوفة لل ُمستهلكين لطي صفحات المجالت فاأللفة ال تجعل التنقل‬
‫أكثر بديهية فقط ولكن تُساعد في تحفيز العواطف اإليجابية وال ُمرتبطة باإلسترخاء مع مجلة وكو ٍ‬
‫ب‬
‫من القهوة‪.‬‬

‫أصبحت أهمية التكرار موثقة في العديد من الدراسات فعلى سبيل المثال‪ ,‬عندما يتعرض‬
‫ال ُمستهلكون ل ُمنتج ُمبتكر ألول مرة فإنهم يميلون لصالح ال ُمنتج المألوف ولكن عندما يتعرضون‬
‫ُمجددا ً بعد فترة من الوقت ل ُمنتج ُمبتكر تم رفضه سابقا ً فإنهم يميلون لتفضيل ال ُمنتج الجديد على‬
‫ال ُمنتج المألوف وقد توافقت الدراسات مع آثار التكرار بإستخدام مقاييس موضوعية (النشاط‬
‫الكهربائي) كما هو الحال مع التقييمات الشخصية من قبل ال ُمستهلكين حيث تؤكد تلك النتائج على‬
‫أهمية األلفة وسالسة ال ُمعالجة ال ُمرتبطة لزيادة التفضيل ال ُمتصور وال ُمتوقع لل ُمنتجات الجديدة‬
‫وال ُمبتكرة‪.‬‬

‫في الفصل القادم‪ ,‬سنتعمق في العالقات حول التكرار وبناء اإلرتباطات الذهنية واإلعالنات لتحديد‬
‫طرق تُمكن أفكار ال ُمنتجات الجديدة من إقتحام اإلزدحام ال ُمتعلق في ال ُمنتجات المألوفة لكسب موافقة‬
‫ال ُمستهلك وكسب حصة السوق ُمقابل العالمة التجارية القوية ورواد ال ُمنتجات‪.‬‬

‫استخدام التسويق العصبي إلختبار ال ُمنتجات و تصميم األغلفة‬

‫ُهنالك منهجان ُمناسبان إلختبار غالف ال ُمنتج كتتبع العين و إختبار القرار اإلضطراري فكل طريقة‬
‫من تلك ال ُ‬
‫طرق يُمكن توفيرها عن طريق قياسات أكثر تعقيدا ً ُمتعلقة بالدماغ والجسم لكسب فهم‬
‫إضافي للدعائم واألساسيات العاطفية للسلوك اإلجباري إن كانت أفكار أعمق وتتطلب أسئلة بحثية‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫الحل لدى العيون‪ :‬تتبع العيون و إبتكار التصميم‬

‫وبسبب الكثير من األسباب ال ُمتعلقة بتصميم ال ُمنتج والغالف وذلك لجذب اإلنتباه وألن تتبع العين‬
‫تُكنولوجيا طبيعية لإلختبار بحيث تقوم حلول تتبع العين الحديثة بتزويدنا ب ُمسجل للوقت الحقيقي‬
‫ومكان توجيه اإلنتباه البصري‪ ,‬باإلضافة إلى كيفية تغيير تمدد بؤبؤ العين مع مرور الوقت حيث‬
‫يُعتبر مؤشرا ً ُمفيدا ً لإلستثارات العاطفية‪.‬‬

‫لتسجيالت تتبع العين ‪ 3‬أنواع رئيسية ُمتعلقة بتفاصيل حركة العين والتي تقوم بتزويدنا بلمحة عن‬
‫العمليات الذهنية التي تكمن وراء حركة العين اثناء النظر إلى األشياء أو المناظر ك ُمنتج ُمنفرد أو‬
‫رف في متجر ما مليء بال ُمنتجات الُمنافسة‪:‬‬

‫✓ التثبيتات‪ :‬هي لحظات تتحرك فيها العين بشكل ثابت نسبيا ً حيث ميل التثبيت إلى أن‬
‫يكون ُمرتبطا ً بالحصول على المعلومات‪ ,‬إن التكرار والموقع وال ُمدة الزمنية والنظام‬
‫قياساتٌ ُمفيدة لفهم كيفية تخصيص اإلنتباه أثناء عرض صورة ما‪.‬‬

‫✓ حركات العين السريعة‪ :‬هي حركات للعين من نُقطة إلى أخرى في مشهد ما حيث‬
‫التظهر المعلومات أثناء حركات العين السريعة ولكن تقوم أنواع ُمختلفة منها بإعطاء أدلة‬
‫على اإلنخراط أو الجهد في عملية تفسير صورة ما فعلى سبيل المثال إن حركات العين‬
‫السريعة غير الموفقة والعائدة من نقاط في صور شوهدت ُمسبقا ً يُمكن أن تُشير إلى‬
‫اإلرتباك أو صعوبة ال ُمعالجة (اإلفتقار إلى السالسة)‪.‬‬

‫الرمش وحجم بؤبؤ العين‪ :‬إن لم يختلف لمعان العين أثناء العرض وال ُمشاهدة‬ ‫✓ ُمعدل َ‬
‫يُمكن أن يكون إتساع بؤبؤ العين مقياسا ً لإلهتمام أو اإلنخراط بالشيء‪ ,‬وتُعد ُمعدالت‬
‫الرمش البطيئة دليالً على ُجهد‬
‫الرمش مؤشرا ً على العمليات الذهنية حيث تُعد ُمعدالت َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫الرمش أسرع كلما أشارت إلى اإلرتباك أو اإلجهاد والتعب‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ال ُمعالجة فكلما كانت ُمعدالت َ‬
‫تعتمد البيانات ال ُمتعلقة بتتبع العين إعتمادا ً كبيرا ً على ال ُمهمة التي يؤديها الناظر فإن لم يُعطى‬
‫ال ُمستهلكون ُمهمة ُمعينة أثناء عرض صورة ما فسيُشكلون واحدة بنفسهم وذلك هو السبب وراء‬
‫ثوان ولكنها تميل إلى‬
‫ٍ‬ ‫كون نتائج تتبع العين مبنية على التعليمات مثل‪ :‬أنظر إلى هذه الصورة لعشر‬ ‫تحذير!‬
‫أن تكون بال معنى‪ ,‬وكحالة ُمشابهة لتلك الحالة قيام ال ُمشاهدون عادة ً بتعيين ُمهمة ما يطلبها منهم‬
‫ق الهاوي والتي يُحاولون من خاللها معرفة ما يُمكن أن يكون مخفيا ً في تلك‬ ‫الباحثون ك ُمهمة ال ُمحق ٍ‬
‫الصورة والتي يُريد الباحثون منهم إيجاده وبالطبع تلك ُمهمة غير واقعية أبدا ً ُمقارنة مع ما يقوم به‬
‫ال ُمستهلكون في سياق التسوق الحقيقي‪.‬‬

‫إن أهم نوعان من المهام التي يؤديها ال ُمستهلكون أثناء التسوق ُهما مهام البحث ومهام اإلختيار‪,‬‬
‫والتي تتطلب من ال ُمستهلك إيجاد ال ُمنتج الذي على الرف وعندما ينخرط ال ُمستهلك بمثل تلك ال ُمهمة‬
‫تُصبح نتائج تتبع العين ذات معنى وغنية بالمعلومات حيث أن قياس "الوقت للتثبيت األول" على‬

‫‪200‬‬
‫ال ُمنتج ال ُمحدد وال ُمستهدف يُعد مؤشرا ً بسيطا ً وبديهيا ً لبروز ال ُمنتج من بين مجموعة ُمنافسة وذلك‬
‫من خالل التنويع بأحجام وأعداد األشياء على الرفوف ال ُمحيطة ُمقارنة بمرات البحث في مساقات‬
‫ُمختلفة والتي يُمكنها حساب اإلنتباه التصاعدي بنا ًء على ال ُمدة التي يستغرقها الشيء ال ُمستهدف ُكلما‬
‫زاد حجم السياق‪.‬‬

‫تطلب مهام اإلختيار من ال ُمستهلك اإلختيار وإصدار األحكام من بين مجموعة من البدائل إما مع‬
‫بعضها البعض أو بشكل فردي حيث يُعد وصف صورة ُمنتج ما على أنها مصدرا ً ُممتازا ً لتحليل‬
‫تتبع العين‪ ,‬فكيف يتفحص ال ُمشاهدون الصورة عندما يُطلب منهم إختيار أفضل أو أسوء تغليف‬
‫حيث يُمكن ان يكون ُمفيدا ً للغاية أكثر من اإلختيار الفعلي عند عرض صور األغلفة بشكل فردي‬
‫سؤل ال ُمستهلك أسئلة ُمختلفة وذلك بإعطاءهم‬ ‫حينها سيكشف تتبع العين عن معلومات ُمختلفة إن ُ‬
‫مهام إختيار ُمختلفة وقد إكتشف العُلماء أن الناس سيتفحصون األغلفة بطرقة ُمختلفة تماما ً عندما‬
‫سألوا الناس عن مدى جاذبية األغلفة ومن ثم عندما سألوا ما مدى إحتمالية شرائكم لهذا ال ُمنتح‪.‬‬

‫اإلختيار بغمضة عين‬

‫تقنية أخرى للتسويق العصبي والتي تُعتبر ُمفيدة ً جدا ً لتقييم تصاميم األغلفة وال ُمنتجات كإختبار‬
‫اإلختيار اإلجباري‪ ,‬هذا النوع من اإلختبارات يعرض على ال ُمستهلكين صورا ً تختلف عن بعضها‬
‫بخاصية واحدة أو إثنتان كعُلب الكاتشب والتي تُعد متماثلة الشكل بإستثناء األغطية أو إختالف في‬
‫ال ُملصقات‪ ,‬تلك الصور عادة ما ت ُعرض مرتين في نفس الوقت على الشاسة وقد يُطلب من‬
‫علبة الكاتشب التي أعجبتهم في أسرع وقت ُممكن‪.‬‬ ‫ال ُمشاهدين أخد ُ‬
‫إن ُمتطلب اإلستجابة السريعة تُجبر الناس على أن يعتمدوا ُمباشرة ً على ردود الفعل الغريزية‬
‫الخاصة بهم مما يُقلل من دور التداول ال ُمدرك وزيادة التأثير الخاص بالعمليات الغير ُمدركة وذلك‬
‫من خالل خلق سلسلة من ال ُمقارنات السريعة التي تختلف بعدد قليل من الخصائص في وقت واحد‬
‫ومن ثم تُعيد صياغة النتائج إلى مهام إجمالية للخصائص ال ُمتعلقة بالتصميم الكامل وقد يتجاوز هذا‬
‫المنهج العديد من تحيزات التقرير واإلبالغ الذاتي التي ينتج عنها التقييمات ال ُكلية لل ُمنتج أو الغالف‪.‬‬
‫إن نتائج اإلختيار اإلجباري أسهل في التفسير من قياسات الدماغ أو الجسم ألنها تُقدم سلوكا ً فعليا ً‬
‫‪,‬حيث يُستخدم هذا األسلوب إلختبار العديد من الجوانب ال ُمتعلقة في ال ُمنتجات واألغلفة بما في ذلك‬
‫التصاميم والعناصر ال ُمختلفة في تصميم والسعر‪.‬‬

‫طرق تتبع العين واإلختيار اإلجباري مع قياسات الدماغ أو الجسم لتقديم‬ ‫يُمكن الجمع بين أساليب و ُ‬
‫إختبار ُمفص ٌل أكثر عن آليات الفهم الذهني والتي تقود نتائج السلوك الظاهر‪ ,‬فالجمع بين تتبع العين‬ ‫تذكَّر‬
‫و تخطيط الدماغ الكهربائي أو الرنين المغناطيسي يُمكن على سبيل المثال أن يُزودنا بأفكار إضافية‬
‫طرق‬ ‫ع ّما إذا كان التثبيت ُمرتبطا ً باإلنخراط أو اإلرتباك‪ ,‬و ُهنالك المزيد من التفاصيل حول تلك ال ُ‬
‫واألساليب في الفصل السادس عشر وحتى الثامن عشر‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫الفصل الحادي عشر‬

‫الترويج للكفاءة \ فاعلية االعالنات‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫✓التفريق بين وجهتي النظر‪ ،‬في آلية عمل اإلعالنات ‪.‬‬

‫✓فهم التحديات الخاصة بالنموذج التقليدي لفاعلية اإلعالنات ‪.‬‬

‫✓رؤية كيف يُمكن لإلعالنات أن تكون فعّالة بالرغم من عدم إنتباهنا لها ‪.‬‬

‫✓تعلم كيف يُمكن لإلعالنات التأثير على خصائص ومبيعات العالمة التجارية دون إحتوائها‬
‫على رسالة ُمقنعة ‪.‬‬

‫لدى الناس عالقة حب وكراهية مع اإلعالنات حيث سجلوا برامجهم التلفزيونية ال ُمفضلة ب ُمسجالت‬
‫الفيديو الرقمية (‪ )DVDs‬وبذلك يُمكنهم إعادة توجيهها بشكل أسرع من خالل اإلعالنات ‪.‬أما من‬
‫الجهة األخرى يستمعون إلى بطولة كرة القدم سنويا ً ‪-‬على األغلب‪ -‬مثلما يُشاهدون اإلعالنات‬
‫واأللعاب ‪.‬‬

‫تُعتبر اإلعالنات موضوعا ً يتعلق بعد ٍد هائ ٍل من األبحاث األكاديمية والتجارية فهو موضوع ُمعقد‬
‫و ُمتعدد األوجه‪ ،‬لذلك سنُركز في هذا الفصل على اإلعالنات التلفازية فقط التي ال تزال أكثر‬
‫المجاالت إلنفاق الدوالرات‪ ،‬وفي الفصول الالحقة سنتطرق إلى اإلعالنات داخل المتاجر (الفصل‬
‫الثاني عشر)‪ ،‬واإلعالنات على شبكة اإلنترنت (الفصل الثالث عشر)‪ ،‬وتوضح ال ُمنتجات التي‬
‫تُعرض في األفالم والبرامج التلفازية (الفصل الرابع عشر) ‪.‬‬

‫تأخذ نظرتنا العامة حول اإلعالنات ثالثة أسئلة ُمهمة‪ ،‬والتي يميل ُمستخدمو التسويق العصبي‬
‫وال ُمسوقون إلى اإلجابة عليها بشكل ُمختلف ‪:‬‬

‫✓ما هو الهدف من اإلعالنات ؟‬

‫✓ما مدى تحقيق اإلعالنات لغايتها ؟‬

‫✓كيف يُمكننا قياس فاعلية اإلعالنات بأفضل طريقة ؟‬

‫‪202‬‬
‫ي النظر في آلية عمل اإلعالنات‬
‫وجهت ّ‬
‫فربما سيُجيب إجابة طويلة وغير‬ ‫إذا سألت باحثا ً ُمختصا ً بالسوق التقليدي عن الهدف من اإلعالنات ُ‬
‫دقيقة ولكن جوهر اإلجابة سيكون زيادة المبيعات‪ ،‬وكل هذا يُعد من وظائف اإلقناع ‪.‬واإلقناع وظيفة‬
‫اإلنتباه على الشيء وال ُحجة المنطقية والتعلم‪ ،‬فقد يذكر الشخص اإلستدعاء العاطفي ولكن غالبا ً ما‬
‫سيكون كشيء يُساعد على نقل المعلومات‪ ،‬تعمل اإلعالنات على نُقطة البيع من خالل إستذكار‬
‫الشيء فيستذكر ال ُمستهلك ال ُحجة المنطقية ال ُمتصلة باإلعالن وشراء ال ُمنتج ‪.‬‬

‫فإن سألت ُمستخدمي التسويق العصبي نفس السؤال ستجد جوابا ً ُمختلفا ً تماما ً ولكن إن كان لديك‬
‫أساسيات في علم الدماغ فستتأكد من أن الهدف من اإلعالنات هو أيضا ً زيادة المبيعات ولكن‬
‫بطريقة غير ُمباشرة من خالل خلق إرتباطات ذهنية إيجابية مع العالمة التجارية أو ال ُمنتج في‬
‫الذاكرة ويحدث ذلك من خالل التكيّف وليس من خالل اإلقناع الصريح لل ُمنتج أو العالمة التجارية‬
‫ويُعد التكيّف وظيفة لإلرتباطات الذهنية العاطفية والتكرار والتعليم الضمني وقد يقوم بذكر اإلنتباه‬
‫ولكن قد تراه كعقبة أمام فاعلية اإلعالنات فقد ذكرنا بأن اإلعالنات تعمل بشكل ُمباشر على نُقطة‬
‫زيادة المبيعات ولكن هذه المرة من خالل اإلستحضار الذهني من خالل رؤية العالمة التجارية في‬
‫متجر ما وإستخضار اإلرتباطات الذهنية العاطفية التي تنشأ من خالل اإلعالنات والتي تزيد من‬
‫اإلنتباه واإلهتمام يصبح بذلك ال ُمستهلك يميل إلى الرغبة في شراء ال ُمنتج‪ ،‬ومن جهة أخرى يعمل‬
‫اإلستحضار الذهني في أفضل حاالته إن نجح اإلعالن في زيادة األلفة و ُمعالجة السالسة وتفضيل‬
‫العالمة التجارية الموجودة على الرف في متجر التسوق ‪.‬‬

‫وهنا أوصاف ُمبسطة جدا ً ولكنها تُسلط الضوء على اإلختالفات الرئيسة بين وجهتي النظر‬
‫ال ُمتعلقتين باإلعالن والتي قُمنا بتحديدها في هذا الفصل ‪:‬‬

‫✓المسار ال ُمباشر لفاعلية اإلعالنات ‪:‬عن طريق تأكيد اإلنتباه واإلهتمام وال ُمعالجة ال ُمدركة‬
‫والحجة المنطقية واإلستذكار الصريح والمبيعات ‪.‬‬

‫✓المسار غير ال ُمباشر لفاعلية اإلعالنات عن طريق تأكيد اإلرتباطات الذهنية العاطفية‬
‫وال ُمعالجة غير ال ُمدركة واإلستحضار الذهني والذاكرة الضمنية والمواقف ال ُمتعلقة بالعالمة‬
‫التجارية والمبيعات ‪.‬‬

‫عادة ً ما يتم عرض وجهات النظر تلك على أنها ُمتعارضة ولكننا نؤمن بأنهم ُمكمالت ألي واحدة‬
‫تكون نموذجا ً أكثر واقعية في ظروف ُمختلفة ألنواع ُمختلفة من ال ُمنتجات أو ال ُمستهلكين‬
‫منهما وقد ّ‬
‫‪.‬‬

‫طرق التسويق‬ ‫وعند األخذ بعين اإلعتبار مشروع بحث عن اإلعالنات بإستخدام الطرق التقليدية أم ُ‬
‫العصبي ت َأ َ َكد من ْ‬
‫أن تكون أنت وشريكك في البحث تتشاركان تعريفا ً شائع لفاعلية اإلعالنات‪ ،‬تقريبا ً‬
‫تحذير!‬
‫كأن تعمل مع ُمزود أو إستشاري للتسويق العصبي تأكد حينها أنك تنحاز إما للطريق ال ُمباشر أو‬

‫‪203‬‬
‫غير ال ُمباشر والذي يُجسد أهدافك ال ُمتعلقة باإلعالن‪ ،‬فهذا سيجعل دراسات التصميم أسهل بكثير‬
‫وسيمنع اإلحباط واإلرتباك طول الطريق عندما تُعرض النتائج ‪.‬‬

‫الطريق ال ُمباشر ‪:‬التأثير على المبيعات بشكل ُمباشر‬

‫ي الخاص بالطريق ال ُمباشر لفاعلية اإلعالنات قد تم إيجاده في نماذج اإلقناع‬


‫إن األساس التاريخ ّ‬
‫عرف اإلقناع على‬
‫التقليدية (تمت مناقشتها في الفصل الثاني)‪ ،‬بما في ذلك نموذج الـ ‪ AIDA‬والذي ّ‬
‫أنها عملية من أربع خطوات خاصة لتش ّد اإلنتباه وإثارة اإلهتمام وإتاحة فعل الشراء ‪.‬‬

‫وباإلعتماد على وجهة النظر هذه‪ ،‬فإن الهدف من اإلعالنات هو التوصل إلى ُحجة بسيطة ومنطقية‬
‫تُقنع ال ُمستهلكين بشراء ُمنتج ما سواء من خالل تعزيز تفضيالتهم الحالية من أجل ال ُمنتج أو تغيير‬
‫تفضيالتهم عن ال ُمنتج ال ُمنافس وبذلك فإن دور اإلبداع في اإلعالن هو الحصول على ُمستهلكين‬
‫إستذكار الحق وهو مطلوبٌ في نقطة البيع‬
‫ٍ‬ ‫ينتبهون لهذه ال ُحجج ألن اإلهتمام العالي يؤدي إلى‬
‫إلستكمال اإلرتباطات الذهنية بين اإلعالنات والبيع ‪.‬‬

‫يَصف الطريق ال ُمباشر عملية اإلقناع واإلختيار ‪-‬والتي تكثر في نظام التفكير الخاص بـ‬
‫‪ Kahneman‬فهو ُمدرك و ُمتعمد ومنطقي‪ ،-‬إن وجهة النظر هذه مبنية على إفتراضات ُمتعددة‬
‫تُسمى نموذج ال ُمستهلك العقالني والتي تم تحديثها من خالل العمل األخير في التسويق العصبي‬
‫وعلم النفس اإلجتماعي واإلقتصاد السلوكي ‪.‬‬

‫إن المخاوف إزاء هذا النهج ال تستمد من أي مخاوف سواء أكان مسار اإلقناع الذي تم وصفه من‬
‫الناحية النفسية‪ ،‬حيث أظهرت العديد من الدراسات أن هذا المسار يُمكن أن يعمل بل هو الذي يعمل‬
‫في ظروفٍ عديدة و ُمتنوعة‪ ،‬ولكن المسألة هي أن ال ُمستهلكون في وضعهم الطبيعي واليومي عند‬
‫تذكَّر‬
‫القيام بالتسوق وإتخاذ القرارات بشكل عام ال ينخرطون في التفكير الواعي وفي إتخاذ القرارات‬
‫العقالنية والتي أرجعها النموذج لهم وبذلك تكون ال ُمشكلة ليست بأنهم ال يتأثرون في اإلعالنات‬
‫بالطريقة التي يتم وصفها ‪.‬‬

‫إليكم بعض المسائل التي تم تحديدها في نموذج الطريق ال ُمباشر ‪:‬‬

‫✓يولي الناس القليل من اإلنتباه إلى ُمعظم إعالنات التلفاز ‪.‬‬

‫✓عادة ال يكون بمقدور الناس إستذكار جوانب ُمعينة من اإلعالنات ولكن عندما يستذكرون تلك‬
‫عرضة لتذكر الوصف التفصيلي والشخصيات أكثر من إدعاءات‬ ‫الجوانب بنجاح فهم أكثر ُ‬
‫ال ُمنتج والجداالت الشفهية ‪.‬‬

‫✓يُقاوم الناس إدعاءات اإلعالنات من ذاتهم وإن قامو باإلصغاء واإلنتباه إلى تلك اإلدعاءات‬
‫فهم يميلون إلى تقيمها من ناحية ُمضادة ‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫✓في سياقات التسوق في العالم الحقيقي ال يُدرجون إدعاءات اإلعالنات إلى عمليات إتخاذ‬
‫ي ِ أحكام أوإختصارات ُمتعلقة‬‫القرار الخاص ِة بهم‪ ،‬فيعتمدون على األساليب البحثية واإلستدالل أ ّ‬
‫صنع القرار‪،‬فهم معتادون على إتخاذ القرارات ل ُمعظم عمليات الشراء ‪.‬‬ ‫ب ُ‬

‫✓إرجاع المبيعات إلى اإلعالنات هي حالة صعبة وإستثناء األقلية في الحاالت‪ ،‬بالتالي ال تؤثر‬
‫اإلعالنات تأثيرا ً كبيرا ً على المبيعات (راجع الشريط الجانبي القريب "ليس من السهل التأثير‬
‫على المبيعات من خالل اإلعالنات") ‪.‬‬

‫✓إن تلك التحديات التي تواجه نموذج الطريق ال ُمباشرال تُبطله ومع ذلك نعتقد بأن التحديات‬
‫تُشير إلى أن إمكانية تطبيق هذا النموذج أكثر محدودية من ال ُمفترض ضمن مجال تطبيقها‪،‬‬
‫حيث يُزودنا هذا النموذج بتوقعات وتنؤات جيدة فقد أظهرت العروض والبحوث بأن ال ُمستهلكين‬
‫عرضة ل ُمعالجة اإلعالنات مع اإلنتباه والتقييم ال ُمدرك واإلتخاذ قرارات الشراء المبنية‬
‫أكثر ُ‬
‫على ال ُحجج واإلدعاءات عندما ‪:‬‬

‫✓يكون ال ُمنتج ال ُمعلن عنه جديد أو يحتوي على عناصر جديدة وحديثة‪ ،‬فعلى سبيل المثال‬
‫‪:‬المكانس الكهرائية ‪ُ Dyson‬مقارنة مع مكانس ‪ Dyson‬الكهربائية التقليدية ‪.‬‬

‫✓تكون فئة ال ُمنتج جديدة كالتكنولوجيا الجديدة والحديثة‪ ،‬مثل ‪:‬الهواتف الذكية ‪،‬والكمبيوتر‬
‫اللوحي‪ ،‬والحواسيب‪ ،‬وشاشات التلفاز ثُالثية األبعاد ‪.‬‬

‫✓يكون ال ُمنتج باهض الثمن وال يتم شراءه بشكل ُمتكرر‪ ،‬كالسيارات والرهون السكنية ‪.‬‬

‫✓يكون الهدف من اإلعالنات توليد إستجابة ُمباشرة أكثر من تأخير البيع‪ ،‬كإعالنات جمع‬
‫التبرعات الخيرية أو البرامج اإلقتصادية ال ُمصممة إلقناع ال ُمشاهدين على اإلتصال حاالً ‪.‬‬

‫ليس من السهل التأثير على المبيعات من خالل اإلعالنات‬

‫أكثر‬
‫ُربما من الواضح أن الهدف من اإلعالنات هو زيادة مبيعات ال ُمنتج ال ُمعلن عنه ولكن الواقع ُ‬
‫تعقيداً‪ ،‬وكما وصفنا في الفصل الثاني أن القليل من الحمالت اإلعالنية لها تأثير كبير على المبيعات‬
‫وأن أغلبها ال يؤثر على المبيعات حيث أن تكاليف األعالنات ُمرتفعة الثمن ك ُمساهم ففي المتوسط‪،‬‬
‫الزيادة بنسبة ‪ %1‬في المبيعات تُنتج فقط ما نسبته ‪ %.1‬زيادة في المبيعات ُمقارنة مع تخفيض‬
‫األسعار التي تؤثر ‪ 20‬مرة أكثر على المبيعات‪ ،‬وبالتالي يُمكن لل ُمعدالت أن تكون خادعة ‪.‬‬

‫في دراسة شهيرة نُشرت عام ‪ 1995‬من قبل ‪ John Philip Jones‬والذي عّرض إعالنات ‪78‬‬
‫عالمة تجارية إلى نحو ‪ 2000‬أسرة أمريكية تم ُمقارنتها بالمبيعات الفعلية عبر سنتين حيث قام‬
‫‪ John‬بقياس اإلختالف في المبيعات ل ُمدة أسبوع بعد عرض اإلعالن على التلفاز فاكتشف أنه في‬
‫ال ُمتوسط قامت البيوت التي شاهدت اإلعالن بشراء ما نسبته ‪ %24‬أكثر من ال ُمنتجات ال ُمعلن عنها‬
‫ُمقارنة بالبيوت التي لم تُشاهد اإلعالن وبذلك كانت اإلعالنات فعّالة في تلك الدراسة ‪.‬‬
‫‪205‬‬
‫ولكن اإلكتشاف ال ُمفاجئ كان التنوع الكبير في تلك النتائج‪ ،‬أكثر من ‪ %20‬من اإلعالنات زادت‬
‫المبيعات بنسبة ‪ %98‬بال ُمقارنة مع البيوت التي لم تُشاهد اإلعالنات والذين كانوا الفائزين أما آخر‬
‫‪ %20‬من اإلعالنات فقد ولدوا مبيعات أقل بنسبة ‪ُ %18‬مقارنة مع البيوت غير المكشوفة ‪ ,‬في‬
‫الوسط أقرب ‪ %20‬من األعالنات األقل لم يكن لها أي تأثير على المبيعات أي إختالف بنسبة ‪%0‬‬
‫والـ‪ %20‬التالية زادت المبيعات بنسبة ‪ %30‬إذ إن أغلب اإلستفادة من اإلعالنات كانت في أعلى‬
‫بنسبة ‪ %40‬من اإلعالنات واألكثر فائدة كانت في أعلى ‪ %20‬من اإلعالنات بينما الـ‪ %20‬من‬
‫اإلعالنات كانت أفضل بقليل من نُقطة التعادل‪ ,‬و‪ %40‬من اإلعالنات فعليا ً كان لها آثار سلبية على‬
‫المبيعات أو ال تأثير عليها ‪.‬‬

‫في بعض الحاالت‪ ،‬ال يُمكن لإلعالنات زيادة المبيعات ألن جميع ال ُمنافسين يُعلنون عن ُمنتجاتهم‬
‫بشكل ُمكثف وبذلك يذهب مجهودهم بشكل أساسي إلى إلغاء بعضهم البعض ولكن ال يزال الكثير‬
‫طرحت فإن كان بمقدور أبحاث اإلعالنات‬ ‫من اإلعالنات ال ُمهدرة والزائدة في تلك النسب التي ُ‬
‫التقليدية التنبؤ بشكل دقيق حول تأثير المبيعات الفعلية على تلك اإلعالنات ُربما لم يتم عرض الكثير‬
‫منهم ‪.‬‬

‫الطريق غير ال ُمباشر ‪:‬تغيير وتعزيزالمواقف لصالح العالمة التجارية‬

‫على عكس الطريق ال ُمباشر‪ ،‬إن الطريق غير ال ُمباشر لفاعلية اإلعالنات‪،‬له نموذج من خطوتين ‪:‬‬

‫‪ 1‬تؤثر اإلعالنات على أسهم العالمة التجارية بالشكل الذي تُغير فيه المواقف والذاكرة والتفا ُ‬
‫عالت‬
‫باتجاه العالمة التجارية ‪.‬‬

‫‪ 2‬تؤثر مواقف العالمة التجارية واإلرتباطات الذهنية على المبيعات على نُقطة الشراء ‪.‬‬

‫تَبْني اإلعالنات أسهم العالمة التجارية وأسهم العالمة التجارية تدفع سلوك الشراء (انظر إلى الفصل‬
‫التاسع) ‪.‬‬

‫ومن منظور المسوقين‪ُ ،‬هنالك إستفادة واحدة ُمهمة للطريق غير ال ُمباشر كطريقة للنظر إلى فاعلية‬
‫اإلعالنات والتي تُحدد المزيد من حواجز التسويق بين التعرض لإلعالن وشراء ال ُمنتج فعند تلك‬
‫ب األمر يتم تعديله بدالً من ُمحاولة ربط اإلعالنات بشكل ُمباشر‬
‫طلَ َ‬
‫النقاط يُمكن قياس التسويق وإذا ت َ َ‬
‫مع المبيعات‪ ،‬حيث إن وضع العالمة التجارية بشكل مسا ٍو في الوسط يُس ّهل ربط القطع أوالً‪ ،‬وأن‬
‫التغيُرات في أسهم العالمة التجارية يُمكن ربطه بشكل ُمباشر مع اإلعالنات ألنهما تظهر في عقل‬
‫ال ُمشاهد كنتيجة ل ُمشاهدة اإلعالن ‪.‬‬

‫ثانياً‪ ،‬إن اإلرتباطات الذهية بين أسهم العالمة التجارية والجوانب ال ُمتعددة وال ُمتنوعة ألداء السوق‬
‫أيضا ً ُمباشر‪ ،‬وكما وضحنا في الفصل التاسع أن أسهم العالمة التجارية يُمكن أن تؤثر على أداء‬
‫طرق القابلة للقياس بما في ذلك التأثير القوي على التوقعات‬ ‫العالمة التجارية من خالل عدد من ال ُ‬
‫واألهداف والقيم والتي بدورها تؤثر على إتخاذ القرارات وسلوك السراء بشكل ُمباشر ‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫ووفقا ً لوجهة النظر تلك‪ ،‬فإن الهدف وراء اإلعالنات هو زيادة وتطوير أسهم العالمة التجارية ‪.‬وقد‬
‫تحقق هذا التأثير من خالل التكيّف‪ ،‬فهي عملية تعلم ضمني يتم من خاللها خلق وتعزيز إرتباطات‬ ‫تذكَّر‬
‫عاطفية إيجابية مع العالمة التجارية من خالل اإلعالنات‪ ،‬حيث يعمل التكيّف من خالل التكرار‬
‫فيجب رؤية اإلعالنات عدة َ مرات حتى يظهر التكيّف وبعد ذلك يتم تحقيق اإلرتباطات العاطفية‬
‫اإليجابية عند نُقطة البيع عندما يتم التعرض للعالمة التجارية ومن ُهناك يُمكنها التأثير على خيار‬
‫وسلوك الشراء ‪.‬‬

‫يصف المسار غير ال ُمباشر عملية اإلستحضار الذهني والخيار ‪-‬الذي تظهر بشكل كبير في نظام‬
‫التفكير التقليدي لـ ‪ Kahneman‬والذي يُعد نظاما ً غير ُمدرك وتلقائي وينقاد بالعاطفة أكثر من‬
‫المنطق‪ ،-‬أن المسار غير ال ُمباشر يميل إلى العمل في أفضل حاالته عندما ‪:‬‬

‫✓يتم اإلعالن عن ال ُمنتج وقد تم إنشاء فئة ال ُمنتج بشكل جيد ومألوف أي يرفع اإلرتباطات‬
‫الذهنية الموجودة واأللفة وسالسة ال ُمعالجة ‪.‬‬

‫✓يتم تقليل معلومات و ُمحتوى الرسالة الخاصة في اإلعالن والتركيز على السرد بحيث تؤدي‬
‫العالمة التجارية دورا ً رئيسياً‪ ،‬أال وهو تعزيز اإلرتباطات العاطفية مع تقليل الجدال العكسي ‪.‬‬

‫✓يكون ال ُمنتج رخيصا ً ويُمكن شراءه بسهولة (أقل ُ‬


‫عرضة للتداول وإتخاذ القرار بوضوح) ‪.‬‬

‫✓ال يهدف اإلعالن إلى توليد إستجابة ُمباشرة في عقل ال ُمشاهد ولكن يهدف إلى بناء أو تعزيز‬
‫إرتباطات ذهنية طويلة المدى مع العالمة التجارية ‪.‬‬

‫قيادة المسار ال ُمباشر إلى فاعلية اإلعالنات‬

‫في هذا القسم سننظر عن كثب إلى كيفية تصديق المسار ال ُمباشر في كونه يقود إلى فاعلية اإلعالن‬
‫وسنقوم بتلخيص ما قاله ُمؤخرا ً بحث علم الدماغ عن آلية ووقت عمل هذا النموذج بشكل جيد أو‬
‫سيء ‪.‬‬

‫المسار ال ُمباشر قائ ٌم بشكل أساسي على فاعلية اإلعالنات التي كان الناس األذكياء يبتكروها بالرغم‬
‫من عدم معرفة الناس بةجود العقل الالواعي ‪ ،‬وإلى حد كبير هذا ما حدث فعلياً‪ ،‬تخيل بأن عقلك‬
‫الواعي ينظر إلى نفسه ويتسائل "كيف يُمكن لإلعالنات التأثير علي ؟!" حينها سيكون المسار‬
‫ال ُمباشر أفضل لإلجابة على ذلك ‪.‬‬

‫إن ُكنت تؤمن أن عقل اإلنسان عق ٌل عقالن ّ‬


‫ي ومنطقي فسيتبع ذلك توقعك بإقتناع العقل بالحجة‬
‫المنطقية أكثر ويَعود ذلك إلى أنه من ال ُممكن التعبير عن ال ُحجة بكلمات أو صور (توضيح ال ُمنتج‬
‫بإعالن يُعد شكالً من أشكال ال ُججج ال ُمقنعة)‪ ،‬وبذلك ستبحث عن الكلمات ال ُمناسبة أو التوضيح‬
‫ال ُمناسب فقط للتعبير عن ُحجتك كـشيء يتناسب مع القول أو شكل الرسوم ليدل على ُحجتك فإذا‬

‫‪207‬‬
‫ُكنت تريد ال ُمنتج (أ) وبعد ذلك تحتاج أن تشتري ُمنتجي (ال ُمنتج (ب) ) إذن عليك التركيز على‬
‫التواصل الذي تكمن فيه حجتك‪ ،‬ال ُمهمة األولى هي خلق اإلعالن الفعّال وال ُمؤثر ‪.‬‬

‫ستدرك بسرعة أنك تسطيع إيجاد ال ُحجة اإلكثر إقناعا ً التي يُمكن تصورها ولكنها ستكون بال فائدة‬
‫إن لم يسمعها أحد‪ ،‬يجب أن يتم ُمالحظ رسالتك ويعني ذلك أن يولي الناس اإلنتباه لها ‪-‬ومع ذلك‬
‫للتسوق‪ ،-‬لذلك ُهنالك ثالث أسئلة رئيسة تتولد‬
‫ّ‬ ‫يُمكن أن تبقى بال فائدة إن لم يتذكرها الناس إذا ذهبوا‬
‫بشكل طبيعي إن ُكنت تُريد التأكد من أن إعالنك ينقاد بشكل ناجح خالل المسار ال ُمباشر لفاعلية‬
‫اإلعالنات ‪:‬‬

‫✓هل تلفت إنتباه الناس ؟‬

‫✓هل الناس ُمقتنعة ب ُحجتها ؟‬

‫✓هل سيتذكرها الناس ؟‬

‫اليوم‪ ،‬نحن نعرف الكثير عن آلية عمل الدماغ بما في ذلك كيف يعتمد على العمليات ال ُمدركة وغير‬
‫ال ُمدركة فلدينا ثقة أقل في أن نطلب من عقولنا الواعية أن تشرح لنا آلية عملها ولذلك دعونا نأخذ‬
‫نظرة عن كثب (عن قرب) على كل سؤال من تلك األسئلة في ضوء اكتشافات الحديثة لعلم الدماغ ‪.‬‬

‫إنتبه! أنا أتحدث إليك!‬

‫يُعد اإلنتباه أحد الجوانب النفسية التي تبدو في البداية أمرا ً سهالً وبسيطا ً وتتدرج لتُصبح شديدة‬
‫التعقيد‪ ،‬نحن نعتقد بأننا نعلم متى ننتبه إلى أمر ما ومتى ال ننتبه إليه ولكن إكتشف الباحثون بأن‬
‫اإلنتباه يأتي بأشكا ٍل ُمختلفة‪ ،‬لقد تم تحديد شكلين ُمختلفين تماما ً من أشكال اإلنتباه ‪:‬‬

‫✓اإلنتباه الشديد ‪:‬هي حالة من اليقظة تقوم من خاللها بالتركيز وال ُمحافظ بنشاط وشكل إرادي‬
‫على إنتباهك نحو شيء ُمعين وهذا ما يُفكر به الناس عادة ً عندما يُفكرون باإلنتباه ‪.‬‬

‫✓اإلنتباه القليل ‪:‬يتضمن تحكما ً ذهنيا ً أقل بكثير فهو يتكون من رصد لألشياء واألحداث بشكل‬
‫غيبي غير معلوم في بيئتك وفي أغلب األحيان يكون بدون وعي للقيام به فأنت تُصبح أقل وعيا ً‬
‫ل ُمعالجة اإلنتباه القليل وعندما يحدث شيء ما يتصاعد اإلنتباه ليُصبح اإلنتباه شديداً‪ ،‬مث ُل ذلك‬
‫‪:‬عندما تسمع اسمك يُنادى به في ُ‬
‫غرف ٍة ُمزدحمة ‪.‬‬

‫إن اإلنتباه الشديد والقليل ُمرتبطين بمفهوم اإلنتباه التنازلي والتصاعدي ولكنهما ُمختلفان عنه (تم‬
‫شرح ذلك في الفصل الخامس)‪ ،‬إن اإلنتباه التنازلي والتصاعدي آليات يُمكن من خاللهما الوصول‬ ‫أمور‬
‫إلى حالة اإلنتباه الشديد‪ ،‬أما اإلنتباه القليل فهو الحالة التي نقوم من خاللها بالرصد الغيبي غير‬ ‫تقنية‬
‫المعلوم لبيئتنا التي تسمح لألحداث الخارجية أن تُحفز اإلنتباه التصاعدي وهو أيضا ً حالة من اإلنتباه‬
‫نقوم بتخصيصها لألشياء األخرى عندما ننتبه بشدة إلى شيء واحد ‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫إن اإلنتباه الشديد هو ما قام بإفترضه العديد من ال ُمعلنين بشكل ُمتعارف عليه وهو ما يجب على‬
‫اإلعالنات تحقيقه لتُصبح أكثر فعالية وتأثيراً‪ ،‬ولكن كما رأينا ال ُمشاهدين ُمنخرطين في اإلنتباه‬
‫الشديد عند رؤيتهم اإلعالنات ضمن ضبط طبيعي بدالً من تكريس أغلب اإلنتباه على اإلعالنات‬
‫فقط‪.‬‬

‫ومن غير ال ُمفاجئ أن يكون اإلنتباه الشديد هدفا ً ذا طموح نبيل لإلعالنات‪ ،‬نحن نتعرض إلى ما‬
‫يقارب ‪ 5000 - 3500‬إعالن ‪ /‬يوم‪ ،‬وبذلك سيكون األمر كارثيا ً على جميع أهدافنا اليومية‬
‫األخرى إن نشطنا إنتباهنا لجميع اإلعالنات ولذلك طورنا بعض إستراتيجيات ال ُمقاومة الطبيعية في‬
‫ُمعالجتنا غير ال ُمدركة لإلعالنات وقُمنا بتصفيتهم وقُمنا بتنشط األهداف التصحيحية ُمقابل الجهود‬
‫إلقناعنا ‪.‬‬

‫في العديد من الظروف‪ ،‬قد ال يكون اإلنتباه الشديد لإلعالنات فكرة ً جيدة عادة ً ما تكون اإلعالنات‬
‫ُمعيقة‪ ،‬فقد تُعد مصدرا ً لإلزعاج عند وضعها مع أشياء لنحصل على أشياء أخرى نُريدها‬ ‫تحذير!‬
‫كالعروض التلفازية أو مقاطع الفيديو التي على اإلنترنت وبذلك فإن إستجابتنا الفطرية ألي إعالن‬
‫تجذب إنتباهنا ومن ال ُمحتمل أن تكون إيجابياته كسلبياته وهي بالضبط اإلرتباطات العاطفية التي‬
‫يُريد ال ُمعلنون تجنبها من أجل ُمنتجاتهم وعالماتهم التجارية ‪.‬‬

‫أنت ُمقتنع رسميا ً بال ُمنتج!‬

‫لقد قُمنا بتكريس قسم من الفصل الثامن من أجل حدود التراسل ال ُمقنع في عملية إتخاذ القرار لدى‬
‫ال ُمستهلك‪ ،‬حيث أننا لن نُكرر تلك النقاط ُهنا ‪-‬فبدالً من ذلك‪ -‬يجب أن نشير إلى إن اإلقناع التقليدي‬
‫غالبا ً ما يكون غير ُمتصل بثالث خصائص لقرارات الشراء الخاصة بال ُمستهلك عندما ‪:‬‬

‫✓تتجاوز العديد من قرارات ال ُمستهلك التداول ال ُمدرك وبذلك ال يتركون أي فُرصة للتراسل‬
‫ال ُمقنع حتى يؤثر على قرارات الشراء ‪.‬‬

‫✓يغيب التداول ال ُمدرك‪ ،‬تكون قرارات الشراء أكثرإحتماالً إلى أن تتأثر باإلستدالل وتصميم‬
‫الخيارات أي الطريقة التي تُعرض بها الخيارات في بيئة التسوق أكثر من أي رسالة ُمقنعة من‬
‫اإلعالنات ‪.‬‬

‫✓إن العديد من قرارات الشراء إعتيادية (روتينية)‪ ،‬ويتم تحفيزها من خالل اإلشارات البيئية‬
‫حيث يتم تنفيذها تلقائيا ً دون أي إشراف ُمدرك ويتضمن ذلك أي إسترجاع نشط لل ُحجج ال ُمقنعة‬
‫من اإلعالنات ‪.‬‬

‫وبالطبع ُهنالك حاالت شرائية ال يكون فيها اإلقناع ذات صلة بها ‪-‬خاصة ً‪ -‬عندما تكون الفئة أو‬
‫ال ُمنتج جديدة أو حديثة أو عندما يكون الهدف من اإلعالن إقناع ال ُمشاهد بفعل شيء بشكل ُمباشر‬
‫كالقيام بالتبرع أو اإلتصال على الرقم المجاني لشراء ُمنتج تم اإلعالن عنه‪ ،‬وبذلك يكون لإلعالن‬

‫‪209‬‬
‫أثر واضح ألغلب األشياء التي يقوم بشرائها ال ُمستهلك يومياً‪ ،‬فالفكرة ال ُمتعارف عليها لإلقناع‬‫ال ُمقنع ٌ‬
‫هي وبكل بساطة ليست ُجزءا ً من ُمعادلة الشراء ‪.‬‬

‫إقرأه مرة أخرى لي!‬

‫في قراراتنا ال ُمتعلقة بالذاكرة والعالمات التجارية في الفصل التاسع‪ ،‬قُمنا بوصف نوعين من الذاكرة‬
‫طويلة المدى ‪:‬الذاكرة الصريحة والذاكرة الضمنية‪ ،‬حيث أن نوع الذاكرة التي يُفترض به العمل في‬
‫المسار ال ُمباشر هو الذاكرة الصريحة ألنه تم فحصها وإختبارها من خالل طرح أسئل ٍة على الناس‬
‫عن األمور التي يستطيعون إسترجاعها وإستذكارها بشكل ُمدرك من تجربة ُمعينة وقعت في‬
‫الماضي‪.‬‬

‫عندما فكر ال ُمعلنون وباحثو السوق أول مرة في إختبار فاعلية اإلعالنات من خالل سؤال الناس إن‬
‫كانوا يتذكرون رؤية إعالن‪ ،‬كانوا ‪-‬على األرجح‪ -‬غير ُمدركين لإلختالف ما بين الذاكرة الضمنية‬
‫تحذير!‬
‫والصريحة بشكل كامل ولكنهم عندما حصلوا على إجابة هذا السؤال لقياسهم األساسي حول فاعلية‬
‫اإلعالنات (إستذكار اإلعالنات) فهم يعزلون أنفسهم عن قياس الذاكرة الضمنية وعلى غرار ذلك فقد‬
‫نسوا وسيلة رئيسية تعمل من خاللها اإلعالنات فعليا ً في ذاكرة اإلنسان ‪.‬‬

‫وألن ربط اإلعالنات ُمباشرة بالمبيعات أمر يُطور إستذكار اإلعالن تدريجيا ً إلى نوع من آلية‬
‫القياس البديل لفاعلية اإلعالن‪ ،‬وكما الحظنا سابقا ً ظهر المنطق خا ٍل من العيوب فإذا أردت أن‬
‫تتذكر إعالن بهدف التأثير عليك في نقطة البيع‪ ،‬وبعدها تذكرت اإلعالن بشكل أفضل‪ ،‬وعلى‬
‫األرجح أنه يؤدي ذلك الدور وذلك تكون جميع اإلعالنات األخرى ُمتساوية‪.‬‬

‫يشعر بعض ُمراقبي اإلعالنات بأن هذه ال ُمعادلة تسببت سعي بعض ال ُمعلنين للذاكرة الصريحة بأي‬
‫ثمن وذلك بأن تكون أعلى وأغرب وأكثر إزعاجا ً من اإلعالنات األخرى‪ ،‬ألنها تتبنى فكرة أقر إلى‬
‫المبدأ الذي يقول"ال يوجد إعالن سيء"‪ ،‬ويبدو أن بعض اإلعالنات مبنية على الفكرة "ال يوجد‬
‫ذكريات سيئة "‪ ،‬ومن خالل إلقاء نظرة خاطفة على الجزء الثاني من الكتاب‪ ،‬والذي سيزودك‬
‫بالعديد من األمثلة حول سبب عدم كونها القضية األساسية ‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬إن البحث ال ُمباشر حول األثر المتوقع إلستذكار المبيعات ‪ ،‬حيث أن مجموعةً‬
‫كبيرة من الدراسات التي قام بها األكاديميون وال ُممارسون والذين إكتشفوا عالقة صغيرة جدا ً بين‬
‫اإلعالن والمبيعات أو حصة السوق‪ ،‬يبدو أن األراء توافقت‪ ،‬بأن اإلعالنات ال ُمختارة والمبنية على‬
‫عملة بطريقة ما هي أخبار جيدة‪ ،‬إن فشل اإلستذكار للتنبؤ‬ ‫أساس اإلستذكار حول ما يُعادل تقليب ُ‬
‫بالمبيعات يعني أن عملية أخرى يجب أن تعمل لتلك اإلعالنات التي لها تأثير كبير على المبيعات‬
‫على األقل في بعض األحيان ‪.‬‬

‫أخذ المسار غير ال ُمباشر إلى فاعلية اإلعالنات‬

‫‪210‬‬
‫وأخيرا ً وصل المسار غير ال ُمباشر إلى فاعلية اإلعالنات إلى الغاية نفسها كالمسار ال ُمباشر‪ ،‬ولكن‬
‫اإلختالف إلى حد كبير في كيفية وصول المسار إلى ُهناك وبدالً من اإلعتماد على اإلنتباه الشديد‬
‫يُركز المسار على اإلنتباه القليل وبدالً من اإلعتماد على اإلقناع الصريح يعتمد المسار على‬
‫اإلستحضار الذهني والتكيّف ال ُمتكرر وبدالً من أن يكون الهدف منه خلق ذكريات صريحة تُركز‬
‫على خلق ذكريات ضمنية‪ ,‬وأخيرا ً من ُمحاولة التأثير على المبيعات بشكل ُمباشر يُركز المسار‬
‫على التأثير على أسهم العالمة التجارية والتي بعد ذلك ستنقل العوائق الخاصة في التأثير على‬
‫سلوك الشراء عند نقطة البيع‪.‬‬

‫اإلعالنات و ُمعالجة اإلنتباه القليل‬

‫طرحت‬‫يُمكن أن تكون الفكرة في كون اإلنتباه القليل أفضل لفاعلية اإلعالنات من اإلنتباه الشديد فقد ُ‬
‫ألول مرة من قبل ‪ Herbert Krugman‬في ستينيات القرن العشرين وقد عالجها من قبل‬
‫‪ Robert Heath‬منذ عام ‪ 2001‬وإمتد بشكل أكبر في كتابه عام ‪ 2012‬إغواء الالوعي علم‬
‫النفس ال ُمتعلق بالتأثير العاطفي في اإلعالنات (‪.)Wiley-Blackwell‬‬

‫إن الدليل على ُمعالجة اإلنتباه القليل ال ُمتعلق باإلعالنات قد إزداد منذ تسعينيات القرن العشرين‪ ,‬في‬
‫وزمالئه في عام ‪ ,1997‬أظهرت‬ ‫دراسة تأثيرية ُمبكرة تم نشرها من قبلها ‪ُ Stuart Shapiro‬‬
‫هذه الدراسة أن اإلعالنات ُوضعت على الحافة ال ُمتعلقة بنظرة ورؤية الناس مصحوبة ب ُمهمة‬
‫دراسية أجبرتهم على تركيز إنتباههم بشكل مركزي عليها‪ ,‬وال يزالون يؤثرون على ال ُمنتجات التي‬
‫طلب منهم عمل الئحة التسوق‪ ,‬وعندما يُعرض إعالن بسيط عن الجزر وفتّاحة‬ ‫يختارونها عندما ُ‬
‫العُلب يتم عرض تلك ال ُمنتجات في أغلب األحيان في لوائح التسوق بالرغم من عدم علم الناس‬
‫برؤية اإلعالن‪ ,‬وقد أثبتت الدراسة أن اإلعالنات قد تؤثر على اإلختيار دون الحاجة إلى انتباه شديد‬
‫لها‪.‬‬

‫يُمكن ألغلب الناس تَقَبل فكرة أن اإلنتباه الشديد قد ال يكون جيدا ً لفاعلية اإلعالنات‪ ,‬وبشكل العام‬
‫أمر ُمعيق وال نسعى له بفاعلية ونشاط‪ ,‬حيث أن العديد من إدعاءات اإلعالنات‬ ‫تُعد اإلعالنات ٌ‬
‫ي ولكن الجهة األخرى من ال ُحجة أكثر‬ ‫ضعيفة جدا ً أو سخيفة إن بذلت ُجهدا ً للتفكير بهم بشكل جد ّ‬
‫تحديا ً وصعوبةً أال وهو كيف يُمكن لإلنتباه القليل أن يؤدي إلى أفضلية العالمة التجارية؟‬

‫تأتي اإلجابة على جزئين‪ ,‬والتي سنقوم ب ُمناقشتهما في الفسمين القادمين‪:‬‬

‫✓األمور التي على اإلنتباه القليل القيام بها مع آلية استجابة العقول البشرية عاطفيا ً‬
‫لل ُمحفزات الحسية‪ :‬نحن نُولد إستجابات حسية قبل أن ننتبه ولذلك ال يتطلب اإلنتباه إنشاء‬
‫اإلرتباطات العاطفية التي تكمن وراء اإلستحضار الذهني والتكيف‪.‬‬

‫✓األمور التي على اإلنتباه القليل القيام بها مع الذاكرة‪ :‬إن اإلرتباطات العاطفية التي تنشأ في‬
‫المستويات الدُنيا لإلنتباه تؤدي إلى تأثيرات تدوم طويالً على المواقف والسلوكيات ُمقارنةً‬

‫‪211‬‬
‫بال ُحجج العقالنية ويُعزى ذلك إلى أن السلوكيات والمواقف تُحفز الذكريات الضمنية أكثر من‬
‫الذكريات الصريحة‪.‬‬

‫تفصيل إعالن الشعور بالسعادة‬

‫يبدو أن بعض اإلعالنات تنتهك وتخترق جميع قواعد فاعلية اإلعالنات التقليدية فهم ال يُنادون‬
‫إلنتباهك وال يحتوون على أي ُحجج ُمقنعة وهم بالكاد يذكرون ال ُمنتج ُربما فقط بشعار ُمنخفض يتم‬
‫عرضه في نهاية اإلعالن‪ ,‬هم بالعادة يسردون قصة عاطفية ُمثيرة لإلهتمام وفي أغلب األحيان‬
‫توضع على إيقاع الموسيقى الجذابة والذي ليس له تأثير كبير على ال ُمنتج أو العالمة التجارية‬
‫بإستثناء إقتراح خفي ودقيق أال وهو نشر ال ُمعلن القيم اإليجابية الموضحة في اإلعالن‪.‬‬

‫وبالرغم من أن تلك اإلنتهاكات في مثل هذه اإلعالنات يُمكنها أن تكون فعّالة بشكل كبير‪ ,‬ومع‬
‫صعوبة الحصول على البيانات التي تعتمد على األداء المالي للحمالت اإلعالنية من مصدر موثوق‬
‫أال وهو بنك البيانات )‪ (http://staging.ipa.autometrics.com‬من معهد ال ُممارسين في‬
‫مجال اإلعالن الذي يتضمن ‪ 1400‬دراسة حالة للحمالت اإلعالنية الناجحة التي تم تقديمها لجوائز‬
‫المنافسة الفاعلة لمعهد ال ُممارسين في مجال اإلعالن على مر ثالث عقود وقد صنف الباحثون‬
‫الحمالت اإلعالنية إلى عاطفية وعقالنية ومزيج بينهم في استئنافهم الرئيسي وقد وجدوا أن‬
‫الحمالت اإلعالنية تحتوي على ُمحتوى عاطفي أكثر بمرتين وذلك لتحقيق مكاسب ربحية كبيرة جدا ً‬
‫أكثر من الحمالت اإلعالنية التي تُركز على ال ُمحتوى العقالني بنسبة ‪ُ %31‬مقابل ‪ %18‬أما‬
‫الحمالت اإلعالنية التي تجمع بين ال ُمحتوى العاطفي والعقالني تُحقق مكاسب بنسبة ‪ُ %26‬مقابل‬
‫‪ %16‬وبالرجوع إلى تلك اإلستنتاجات فإن اإلعالنات العاطفية تعمل بشكل أفضل من اإلعالنات‬
‫العقالنية حيث تكمن أهميتها في خالصة الموضوع‪.‬‬

‫ولكن كيف تعمل تلك اإلعالنات؟ تبدأ اإلجابة على هذا السؤال من الطريقة التي نُعالج فيها‬
‫ال ُمدخالت العاطفية وكما وض ّحنا في الفصل الخامس‪ ,‬فاإلستجابات العاطفية يتم استحضارها طليعة‬
‫الشعور‪ ,‬حيث أن وجود دارات في أدمغتنا تُمكننا من القيام بالتقيمات العاطفية السريعة ال ُمتعلقة‬
‫باألشياء الموجودة في بيئتنا (إنشاء العالمات العاطفية) فنحن ُمدركين إراديا ً لها‪ ,‬ومع الوقت نُالحظ‬
‫شيء ما أال وهو أن الشيء قد تم تحفيزه بعالمات عاطفية تُخبرنا إن كان علينا اإلقتراب من الشيء‬
‫أو تجنبه‪ ,‬حيث أن هذه العملية فعالة جدا ً لعقولنا المعرفية البخيلة ألنها تحدث دون إهدار المصادر‬
‫المعرفية ال ُمكلفة الالزمة لل ُمداوالت ال ُمدركة‪.‬‬

‫ومن ثم ترتبط تلك اإلستجابات العاطفية مع العالمة التجارية ال ُمعلنة من خالل العملية النفسية‬
‫للتكيف والتي تستجيب لشيء واحد أي تُولد المشاعر من اإلعالن وتنقلها إلى الشيء (العالمة‬
‫التجارية)‪.‬‬

‫وبشكل عملي‪ ,‬تلك هي عملية التكيف المؤثرة والتي تختلف عن التكيف التقليدي‪ ,‬قد تم توضيح‬
‫العملية في التجربة المشهورة ‪ Pavlov’s dogs‬في التكيف المؤثر‪ ,‬العواطف المرتبطة باإلعالن‬
‫أمور‬
‫تقنية‬
‫‪212‬‬
‫ال يتم تحفيزها فقط من خالل التعرض في وقت الحق إلى العالمة التجارية حيث يصبحوا جزءا َ ال‬
‫يتجزأ من هوية العالمة التجارية‪.‬‬

‫وبالنظر إلى أي من أقوى اإلرتباطات الذهنية للعالمات التجارية فستُفكر ب ‪ Nike‬واإلنجاز و‬


‫ب‪ Apple‬واإلبداع وب ‪ Michelin‬واألمان وب ‪ Disney‬والعائلة إن جميع تلك اإلرتباطات‬
‫ت من التكيف الثابت من خالل اإلعالنات ونماذج أُخرى‬‫الذهنية تم بناؤها مع مرور سنوات وسنوا ِ‬
‫للتسويق والتي ربطت الجانبين مع بعضهما البعض داخل عقلك‪ ,‬وقد حدث ذلك ُكله دون أي مجهو ٍد‬
‫ُمدرك على ال ُجزء الخاص بك ويُعزى ذلك لكون التكيف عملية تعلم ضمنية تستخدم الذاكرة‬
‫الضمنية إلنشاء اإلرتباطات الذهنية في الذاكرة الطويلة المدى الخاصة بك دون مجهود ُمدرك منك‬
‫أو تدخل‪.‬‬

‫وعلى عكس اإلقناع المنطقي فإن التكيّف ال يتطلب إنتباهً لخلق إمكتنية التعلم ففي الواقع يُمكن‬
‫لإلنتباه أن يمنع التكيف الغير ُمدرك ألنه يُحفز تصحيح األهداف غير ال ُمدركة واآلراء ال ُمختلفة‬
‫ال ُمدركة في عقل ال ُمشاهد وهذا سبب تفضيل الباحثين ل ُحجة ‪ Robert Heath‬الذي إدعى فيها أن‬
‫تذكَّر‬
‫اإلنتباه ليس فقط صعب التحقق ألغلب اإلعالنات ولكنه قد يكون ضار لفاعلية اإلعالنات إن كان‬
‫من ال ُممكن تحقيقه ألنه يُمكن أن يُعطل اآللية الحقيقية التي تعمل من خاللها اإلعالنات‪.‬‬

‫أراك الحقاً‪ :‬التعلم دون الحاجة إلى اإلستماع!‬

‫تتطلب الذاكرة الصريحة مجهود كما انها تتالشى بشكل سريع نسبيا ً وال بد أن تُحفز بشك ٍل ُمنتظم‬
‫ولكن الذاكرة الضمنية يتم تحفيزها دون مجهود وتبقى إلى أجل غير ُمسمى‪ ,‬ضع عالمة تجارية ما‬
‫في إعالن عاطفي وكرر اإلرتباطات الذهنية تحت تكيّف اإلنتباه القليل ك ُمشاهدة التلفاز حينها‬
‫ستحصل على تشكيل الذاكرة الضمنية والتفضيل التلقائي إتجاه عالمتك التجارية‪.‬‬

‫ت ذهنية على ال ُمستويين‪ :‬الحسي والنظري‪ ,‬إن لإلرتباطات الحسية‬ ‫تُنشأ الذاكرة الضمنية إرتباطا ٍ‬
‫عالقة مع التشابهات الماية أما اإلرتباطات النظرية فلها عالقة مع اإلرتباطات أو المعاني‬
‫الموضوعية‪ ,‬عادة ً ما يكون أساس تكيّف اإلعالن الذي يدور حول خلق وتعزيز اإلرتباطات النظرية‬
‫وذلك ألن الهدف من اإلعالنات هو تغيير مفهومك عن العالمة التجارية‪.‬‬

‫للذاكرة الضمنية بعض الخصائص الغريبة والغير عادية فهي تعمل بشكل تلقائي خارج وعينا‬
‫اإلدراكي ولذلك ألننا ال نملك أي سيطرة ُمباشر عليها فهي ال تعتمد على اإلنتباه فلها قُدرة هائلة‬
‫ُمقارنةً بالذاكرة الصريحة فهي تبقى لفترات أطول من الذاكرة الصريحة وال يُمكن إسترجاعها‬
‫طوعا ً و تبقى غير مرئية لجميع نماذج إختبار إسترجاع تقارير اإلبالغ الذاتي‪.‬‬

‫ُهنالك خاصية ُمهمة أخيرة لتشكيل الذاكرة الضمنية وهي عدم إمكاية تقييمها بشكل ُمدرك أو أن يتم‬
‫ُمضاعفة فحصها من قبل إدراكنا الواعي‪ ,‬إن اآلثار ال ُمترتبة على ال ُمستهلكين أنهم يحملون الكثير‬
‫من اإلرتباطات الذهنية الضمنية حول رؤوسهم والتي تم إنشاؤها من خالل اإلعالنات ولكنها ال‬
‫تخضع ألي نوع من التدقيق التقيمي‪ ,‬قد يكون هذا األمر مثيرا ً للقلق إن كانت الطريقة الوحيدة التي‬

‫‪213‬‬
‫نتفاعل فيها مع ال ُمنتجات أو العالمات التجارية هي اإلعالنات ولكن ل ُحسن الحظ نحن نستخدم‬
‫ال ُمنتجات والعالمات التجارية فعليا ً لذلك فالخبرة ال ُمباشرة تُعد أيضا ً ُجزءا ً من ذكرياتنا ومواقفنا‬
‫وتوقعاتنا‪ ,‬فال يُمكن ألذكى حملة إعالنية تجاوز حقيقة البيتزا ذات المذاق الذي يُشبه الورق ال ُمقوى‪.‬‬

‫إستخدام اإلعالنات إلختبار التسويق العصبي‬

‫صدفة أن تميل وسائل البحث التقليدية إلى إستخدمها لقياس المسار ال ُمباشر لفاعلية‬ ‫ليس من ال ُ‬
‫اإلعالنات حيث نمت الوسائل والنماذج مع بعضها البعض‪ ,‬يقول الباحثون أن هذا التقارب خلق‬
‫ُمشكلة وهي أن ال ُمعلنين الذين يعتمدون على األساليب التقليدية لن يُنتجوا إال إعالنات المسار‬
‫ال ُمباشر ويُعزى ذك إلى فوز هذا النوع من اإلعالنات على تلك األنواع من القياسات‪ ,‬تلك بالفعل‬
‫حيث نُدرك تماما ً بأن قياسات التسويق العصبي يُمكنها توفير إضافات ُمفيدة للقياسات‬‫ُ‬ ‫ُمخاطرة‬
‫التقليدية وذلك إلختبار إعالنات المسار ال ُمباشر‪.‬‬

‫ولكن الفائدة الحقيقية من قياسات التسويق العصبي هي قُدرتها على توفير ُمتطلبات إختبار إعالنات‬
‫المسار ال ُمباشر والتي تكسب الكثير من قوتها من اإلستجابات التي تظهر دون الوعي اإلدراكي‬
‫وبالتالي ال يُمكن أن يتم إختبارها بقياسات التقرير الذاتي لبحوث اإلعالنات التقليدية‪ ,‬حيث يعتمد‬
‫التسويق العصبي على نفس األساليب التي تم إستخدامها في البحوث العلمية للكشف عن التغيرات‬
‫ال ُمتعلقة بالمسار غير ال ُمباشر ك ُمعالجة اإلنتباه القليل وردود الفعل العاطفية الالواعية والتكيّف‬
‫والتعلم الضمني واإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية وسلوكيات الشراء‪.‬‬

‫تتبُع اإلنتباه الشدشد والقليل‬

‫يُمكن قياس اإلنتباه لإلعالنات في الوقت الحالي بإستخدام أساليب ُمتعددة (لمزيد من التفاصيل راجع‬
‫الفصل السادس عشر) ‪ ,‬إن األسالوبين التاليين ُهما األشهر‪:‬‬

‫✓تتبع العين‪ :‬وبإستخدام ال ُمعدات والبرمجيات القياسية فإنه من ال ُممكن قياس عدد التثبيتات في‬
‫الثانية الواحدة عندما يُشاهد الشخص إعالنا ً ما‪ ,‬وقد تم إيجاد هذا المقياس ل ُمراعاة الحمل أو‬
‫العبء المعرفي والذي يُقصد به كمية المعلومات التي يتم ُمعالجتها بشكل ُمدرك) والذي يولد‬
‫اإلنتباه األكثر نشاطا ً لإلعالن‪ ,‬فعندما نستقبل المعلومات تميل عيوننا إلى التحرك بسرعة أكبر‬
‫من مكان إلى آخر في المجال البصري ونستغرق وقتا ً أقل في كل تثبيت‪.‬‬

‫✓ التخطيط الكهربائي للدماغ‪ :‬للحصول على قياس ُمباشر أكثر لإلنتباه والتغيير في أنماط‬
‫أمواج دماغ ُمعينة في مناطق من فروة الرأس والتي يُمكن إستخدامها لتتبع التغيرات في اإلنتباه‬
‫التنازلي‪ ,‬فعلى سبيل المثال إن إنخفاض الموجة ألفا في مناطق الدماغ األمامية يُمكن أن تتحول‬
‫إلى مقياس يُمكن اإلعتماد عليه في اإلنتباه لحظة بلحظة‪.‬‬

‫إن قياس اإلنتباه هي فقط الخطوة األولى حيث يُعتبر تفسير قياس اإلنتباه بنفس القدر من األهمية‬
‫ولإلعالنات التي تأخد المسار الغير ُمباشر لفاعلية اإلعالنات سنأخذ اإلنتباه القليل ال الشديد‬ ‫نصيحة‬
‫‪214‬‬
‫ولإلعالنات التي تأخد المسار ال ُمباشر سنأخذ العكس وفي كلتا الحالتين ولقياس هذا التأثير بشكل‬
‫دقيق من ال ُمهم إختبار اإلعالنات في سياق ال ُمشاهدة الطبيعية وذلك للحصول على ُمحاكاة واقعية‬
‫لتجربة ُمشاهدة إعالن تلفزيوني ومن أجل ذلك إقترحنا إخبار الناس بأنهم سيشاهدون برنامجا ً‬
‫تلفزيونيا ً وبعد ذلك عرض اإلعالنات كجزء من فاصل إعالني غير ُمعلن عنه تماما ً كالحياة‬
‫الواقعية‪.‬‬

‫رصد ردود األفعال العاطفية‬

‫تقف ردود األفعال العاطفية اإليجابية في ُمنتصف المسار الغير ُمباشر للفاعلية‪ ,‬تنتج العواطف‬
‫ال ُمتعلقة بالنهج ال ُموجه من قبل العديد من البدائل والتي ناقشناها في فصول سابقة كسالسة ال ُمعالجة‬
‫وألفة ال ُمعالجة فقد أخبرنا علم الدماغ بأن اإلعالن القصير وال ُمفرح الذي شوهد عدة مرات ستُنتج‬
‫بالتأكيد مشاعر إيجابية أقوى لل ُمنتج والعالمة التجارية حتى وإن كان ال ُمنتج يحتوي على القليل من‬
‫المنطق مع التجربة ال ُمفرحة‪.‬‬

‫ُهنالك ثالث أساليب شائعة يستخدمها ُمستخدمو التسويق العصبي لقياس اإلستجابات العاطفية‬
‫لإلعالنات‪:‬‬

‫✓التخطيط الكهربائي للعضالت‪ :‬يقيس هذا األسلوب تنشيط المستوى الدقيق لعضالت الوجه‬
‫والتي ترتبط بشكل ال إرادي مع ردود األفعال العاطفية كعضالت العبوس وعضالت اإلبتسامة‪.‬‬

‫✓تحليل تعابير الوجه‪ :‬تُوفر العديد من البرمجيات تصنيفا ً تلقائيا ً لتعابير الوجه التي يُمكن‬
‫ُمالحظتها أثناء ُمشاهدة اإلعالنات وبعض تلك البرامج يُمكن تنفيذها من خالل كاميرات الويب‬
‫مما يسمح لوسيلة تدريجية إختبار عينات كبيرة من ال ُمشاهدين‪.‬‬

‫✓قياس التخطيط الدماغي لمنهج اإلقتراب والتجنب‪ :‬تنشيطات نسبية ألمواج دماغ ُمعينة‬
‫تتكرر في يسار ويمين المناطق األمامية للدماغ والتي تم إكتشافها لتكون ُمؤشرات جيدة لتحفيز‬
‫اإلقتراب والتجنب الغير ُمدرك‪ ,‬والذي تم تتبعه عبر الوقت أثناء ُمشاهدة الشخص لإلعالن‬
‫حيث يُمكن لهذا القياس أن يُحدد بشكل دقيق لحظات اإلعالن التي ساهمت بشكل أكبر عللى‬
‫إقتراب أو تجنب اإلستجابات‪.‬‬

‫إختبار األشياء الصحيحة‬

‫في نهاية المطاف‪ ,‬يكمن ال ُمفتاح إلختبار اإلعالن الناجح في كون ال ُمعلن ُمتأك ٌد من الشيء الذي‬
‫يُحاول تحقيقه فإذا كان اإلعالن ل ُمنتج جديد له خصائص كبيرة وجديدة فيُمكن أن تُغير الفكرة عن‬
‫فئتها وسترغب بجميع الخصائص ال ُمتعلقة بإعالن المسار الناجح‪ :‬اإلنتباه الشديد والرسالة ال ُمقنعة‬
‫واإلستذكار الشديد‪ ,‬حينها سترغب في البحث عن الحداثة والجذب وتنشيط األهداف ال ُمدركة وغير‬
‫ال ُمدركة وتنشيط الذاكرة الضمنية والصريحة وفي القيام بإختبار ُمهم في نُقطة البيع وتحديد غالف‬
‫ال ُمنتج وموقع رف التسوق الخاص بال ُمنتج حيث أن ترويج ال ُمنتجات المعروضة يُحفز وقعها من‬

‫‪215‬‬
‫خالل اإلعالنات وبالتالي ستشعر براحة أكبر عندما تسأل الناس عن رأيهم في ُمنتجك ألن اإلعالن‬
‫يعمل بشكل كبيرعلى المستوى اإلدراكي‪.‬‬

‫ولكن إن كنت من ناحية أخرى تختبر وتستهدف أسهم العالمة التجارية ال ُمتعلة بألفة ال ُمنتج مع‬
‫اإلرتباطات العاطفية اإليجابية فسترغب بإختبار ال ُمنتج من أجل تنفيذ المسار الغير ُمباشر الناجح أال‬
‫وهو اإلنتباه القليل والمشاعر اإليجابية بما في ذلك اإلستذكار القليل وتنشيط أكثر للذاكرة الضمنية‬
‫وبذلك سترغب بالتركيز على تأثيرات أسهم العالمة التجارية لإلعالن أكثر من إعالن المسار‬
‫ال ُمباشر وستشعر بالبهجة إتجاه قياسات التقرير الذاتي ألن الكثر من األمور التي تُحاول إنجازها مع‬
‫اإلعالن تحدث في المستوى غير ال ُمدرك وسترغب بربط إختبار اإلعالن الخاص بك بإختبار نقطة‬
‫البيع ويُعزى ذلك لرغبتك في معرفة كيفية تأثير إعالنك على السلوك الفعلي‪.‬‬

‫يُعد إختبار اإلعالنات أحد أكثر المجاالت الظاهرة والتي يُمكن ألساليب البحث الخاصة بالتسويق‬
‫العصبي إضافة قيمة حقيقية إلى األساليب التقليدية و ُكلما تعلمنا أكثر عن كيفية عمل اإلعالنات‬
‫سنرى إحتماالً أكبرلقياسات التسويق العصبي التي تسمح بالدخول إلى اإلستجابات الذهنية التي‬
‫تحدث دون مستوى الوعي اإلدراكي‪.‬‬

‫إن الحصيلة ال ُمحتملة ليست إعالنا ً أكثر فاعلية فقط‪ ,‬فإذا كان بمقدور اإلعالنات تقليل إنشغلنا‬
‫باإلهتمام إلى جميع التكاليف نعتقد بأنها قد تُصبح ُمثيرة ً للغضب والحيرة بشكل أقل في حياة‬
‫ال ُمستهلك‪ ,‬وإذاكان التركيز على نُقطة ُمهمة كرسالة ُمقنعة سليطة في بعض األحيان أو ألطف قليالً‬
‫حيث نعتقد بأن كالً من ال ُمعلنين وال ُمستهلكين سيتنفسون ال ُ‬
‫صعداء!‬

‫الفصل الثاني عشر‬

‫‪216‬‬
‫التسوقي والتسويق داخل المتجر‬
‫ّ‬ ‫العقل‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫✓ فهم السبب والكيفية التي تجعلنا نتوقف‬

‫✓ استكشاف الطبيعة ال ُمتعددة الحواس ال ُمتعلقة بالتسوق‬

‫✓ تحديد أساليب ُمختلفة من التسوق مبنية على السمات الشخصية والجنس‬

‫✓ اكتشاف ُ‬
‫طرق لتصميم بيئات التسوق ألقصى تأثير‬

‫يأتي تأثير كل من العالمات التجارية وال ُمنتجات واإلعالنات عند نقطة البيع الخاصة بخبرة التسوق‪,‬‬
‫في هذا الفصل سنتطرق إلى ما يجب على علم الدماغ والتسويق العصبي إخبارنا به فيما يتعلق‬
‫بالتسوق في بيئته الطبيعية داخل المتجر‪ ,‬وفي الفصل التالي سنتطرق إلى التسوق عبر اإلنترنت أي‬
‫العالم اإلفتراضي حيث تبقى األشياء كما هي ولكن بإختالف بعض األمور بشكل جذري‪.‬‬

‫فهم عقل ال ُمتسوق‬

‫يُعد التسوق تجربة ُمعقدة للعقل البشري حيث تبدأ بأهداف وتوقعات ُمدركة ُمنبثقة من مصدرين‪:‬‬

‫✓ التجربة الفعلية مع ال ُمنتجات والعالمات التجارية‪.‬‬

‫✓ اإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلمة والتي يتم الحصول عليها من خالل اإلعالنات والتسويق‬
‫والخبرة ال ُمكتسبة من اآلخرين‪.‬‬

‫في العالم الحقيقي ك ُمقارنة مع العالم اإلفتراضي (سنقوم بتغطيته في الفصل التالي) يُعد التسوق‬
‫تجربة تتطلب الحركة إلنجازها‪ ,‬و من الواضح أن هذه الحقيقة ُمهمة ألن العقل البشري يكتمل‬
‫بالتقييم فهو جيد في التنقل داخل المكان وذلك للحصول على األشياء في التي تُلبي اإلحتياجات‬
‫األساسية للجسم كالطعام والمأوى‪ ,‬ليس هذا فقط ما نُجيده ولكننا ننساق للقيام بالتسوق ونولد الشعور‬
‫باإلرتياح الشديد من خالل البحث و ايجاد األشياء التي نريدها ونحتاجها‪.‬‬

‫إن عملية التسوق هي ال ُمكافئ الحديث للقنص والتجميع بالرغم من أنها تُو ّجه من خالل األهداف‬
‫ال ُمدركة‪ ,‬فهي تستخدم العمليات غير ال ُمدركة ذاتها التي نُحددها في أذهاننا ‪ ,‬وهي القُدرة على‬
‫ُمالحظة الحداثة واأللفة في بيئتنا والحافزالذي يجعلنا نقترب من األشياء التي تبدو جيدة لنا وتجنب‬
‫األشياء السيئة وال ُمثابرة على ُمتابعة أهدافنا في مواجهة العقبات واإلنقاطاعات والقُدرة على‬
‫اإلختيار السريع من بين البدائل ‪.‬‬

‫التسوق‪ :‬تجربة ُمتعددة الحواس‬

‫‪217‬‬
‫نحن نتسوق بنفس طريقة أسالفنا وأجدادنا أال وهي القنص والتجميع وذلك من خالل المساحة الفعلية‬
‫بإستخدام اإلشارات البيئي التي تصب في أدمغتنا من خالل جميع مساراتنا الحسية لتُرشدنا نحو‬
‫تحقيق أهدافنا‪.‬‬

‫تقوم متاجر البيع بالتجزئة وبيئات التسوق األخرى كصاالت العرض بتحفيز حواس ال ُمتسوق التي‬
‫تؤثر على تجربة التسوق من خالل تلك ال ُمحفزات‪ ,‬و يُمكن لتلك الخبرات الحسية أن يتم تنشيطها‬
‫بشكل ُمتداول من خالل تاجر التجزئة أو يُمكن أن تظهر بمحض الصدفة ولكن يمتص دماغ‬
‫ال ُمستهلك كل تجربة سواء أكانت ُمدركة أو غير ُمدركة فهو لديه القُدرة على زيادة أو تقليل‬
‫إحتمالية عملية الشراء التي يقوم بها ال ُمتسوق‪.‬‬

‫بدأت بحوث التسويق العصبي في التركيز على هذه الجوانب الحسية الخاصة في عملية التسوق‬
‫حيث نشأت شركات التسويق العصبي ال ُمتخصصة بإختيار التأثير الحسي وبدأت أيضا ً بتقديم‬
‫المشورة والنُصح لبائعي التجزئة فيما يخص أفضل ال ُممارسات الحسية‪ ,‬إليك بعض النتائج واآلثار‬
‫ال ُمترتبة على الحواس الخمسة‪:‬‬

‫✓ البصر هي حاسة ُمهمة للغاية لل ُمتسوقين في بيئة البيع بالتجزئة حيث يُمكن إستخدام تصميم‬
‫الغالف وال ُمنتج والعرض واإلشارات واأللوان وأنماط الكتابة وعناصر أخرى ُمتنوعة لجذب‬
‫اإلنتباه وتحضير ال ُمتسوق لإلستحضار الذهني والتتبع السريع للقرارات وخلق إرتباطات‬
‫التعرف السريع وسالسة ال ُمعالجة‪.‬‬‫ّ‬ ‫عاطفية أو ال ُمساعدة في‬

‫✓ اللمس هي حاسة ُمهمة للغاية فعندما يتسوق الناس لشراء األشياء التي تُالمس الجسم‬
‫كالمناشف والمالبس و ُمنتجات الجمال بما في ذلك ال ُمنتجات التي تُحمل كالمظالت والصناديق‬
‫الصغيرة والحقائب المحافظ ‪ ,‬وقد إكتشف الباحثون أن لحاسة اللمس آثار ُمثيرة للدهشة فيما‬
‫يخص اإلستحضار الذهني كالوزن والتركيب وصالبة األشياء الملموسة التي يُمكنها التأثير على‬
‫أحكامنا الالحقة عن الناس أو العالمات التجارية أو ال ُمنتجات ُكلما ُكنت أكثر جدية و صعوبة و‬
‫تشددا ً‪.‬‬

‫✓ التذوق هي حاسة ُمهمة ُمرتبطة بتذوق أنواع الطعام والمشروبات ال ُمختلفة خاصةً عندما‬
‫يُمكن للشراء أن يتغير بواسطة التكلفة العالية وعدم األلفة‪,‬حيث يُعد إختبار الطعم وسيلة مؤكدة‬
‫للتقليل من المخاطر وتفعيل األهداف والتي قد تؤدي إلى شراء تجريبي لل ُمنتج حيث أن كل من‬
‫طريقة العرض وإختبار الفرد للتحكم بالطعم قد يؤدي إلى جعل المستهلك يقوم باإلستحضار‬
‫الذهني وخلق توقعات إيجابية أو سلبية يُمكنها إلى حد كبير التأثير على تجربة التذوق‪.‬‬

‫✓ الشم تُستغل هذه الحاسة بشكل كبير من خالل بائعي التجزئة وذلك بإستخدام العطور التي‬
‫تُحفز اإلرتباطات الذهنية وتُنشط األهداف من أجل الشراء فعلى سبيل المثال يُمكن لسوبر‬
‫الرضع قد تنثر بودرة األطفال من‬
‫ماركت اإلستغناء عن رائحة الخبز الطازج ومتاجر األطفال ُ‬
‫خالل قنوات الهواء ويُمكن للمتاجر الكبيرة أن تستخدم الروائح لتحفيز اإلرتباطات الذهنية‬

‫‪218‬‬
‫ال ُمتعلقة بفئة ُمنتج ُمعين كرائحة الشاطئ في قسم مالبس السباحة‪ ,‬وقد أصبح تسويق الرائحة‬
‫من األعمال التجارية الكبيرة التي ترتادها وكاالت ُمتخصصة على نطاق واسع من البيئات‬
‫تتضمن البنوك وغرف عرض السيارات ومراكز اللياقة البدنية ومسارح األفالم والفنادق‬
‫ومتاجر البقالة والمكاتب الطبية والسفن السياحية والطائرات‪.‬‬

‫✓ الصوت تتلقى هذه الحاسة إنتباها ً أكثرمن ال ُمستهلكين حيث تُستخدم لتنشيط اإلرتباطات‬
‫الذهنية اإليجابية التي تستحضر الشراء فعلى سبيل المثال وضع سوبر ماركت في المملكة‬
‫ال ُمتحدة اربع زجاجات من الخمر الفرنسي وأربع زجاجات من الخمر األلماني ال ُمتطابقات في‬
‫النمط والسعر على رفوف المتجر وقام بتشغيل الموسيقى الفرسية أليام عند وحدة رفوف الخمر‬
‫األلمانية وقام بتشغيل الموسيقى األلمانية عند الخمر الفرنسي‪ ,‬في األيام التي تم تشغيل‬
‫الموسيقى الفرنسية فيها كانت نسبة شراء الخمر الفرنسي ‪ %77‬أما األيام التي تم تشغيل‬
‫الموسيقى األلمانية فيها كانت نسبة شراء الخمر األلماني ‪ %73‬حيث يظهر استخدام الموسيقى‬
‫في التسويق لمواجهة أي ُمقاومة من ال ُمتسوقين بدالً من التسويق بالرائحة ألنها في الغالب تُعتبر‬
‫غير ُمالئمة‪.‬‬

‫سلطت تلك األمثلة الضوء على طرق ُمتنوعة يُمكن لل ُمدخالت الحسية من خاللها التأثير على بيئات‬
‫التسوق‪ ,‬وقد تم دراسة إختبارات التسويق العصبي لتقييم تلك التأثيرات الحسية على تجربة التسوق‬
‫ألن العديد من تلك األمثلة تظهر دون مستوى الوعي اإلدراكي‪.‬‬

‫التسوق والسعي وراء األهداف‬

‫وكما ناقشنا في الفصل السابع‪ ,‬أن بإمكان الناس السعي وراء األهداف دون معرفتهم بذلك فهم‬
‫يقومون بذلك تماما ً مع المجموعة ذاتها ال ُمرافقة للسلوك والتي يتم ُمالحظتها مع السعي وراء‬
‫األهداف ال ُمدركة‪ ,‬حيث تعمل األهداف ال ُمدركة مع مرور الوقت وتؤثر الحقا ً على السلوك‬
‫والحاالت المزاجية تماما ً كاألهداف ال ُمدركة‪.‬‬

‫ويُمكن لعمليات السعي وراء األهداف أن تُصنف على نطاق واسع إلى فئتين ُممثلتين بالعبارات‬
‫الشائعة ال ُمتعلقة بالقيام بالتسوق والتي تأخذ فكرة التسوق كعمل رتيب‪ ,‬أو أنها تأخذ فكرة الذهاب‬
‫للتسوق والتي تأخذ فكرة ال ُمتعة حيث تختلف األهداف تماما ً بين هذان النوعان من التسوق كما أنه‬
‫التوازن مابين األهداف ال ُمدركة وغير ال ُمدركة في كل تجربة‪.‬‬

‫فعند القيام بالتسوق يريد ال ُمستهلك حرفيا ً إختصار الوقت و الجهد والمال الذي يحتاجه لشراء‬
‫األشياء الضرورية ألن التسوق ُمهمة متكررة وتسير بشكل إعتيادي‪ ,‬حيث يذهب ال ُمستهلك إلى‬
‫نفس المحال التجارية ويشتري نفس العالمات التجارية وال ُمنتجات وفي تلك األمثلة من ال ُمحتمل أن‬
‫يسعى ال ُمتسوق إلى السعى وراء أهدافه إلختصار الوقت والجهد والمال ويكون إلى حد كبير غير‬
‫عرضة‬ ‫ُمدرك وفي مثل هذه العقلية تكون العادة هي المسؤولة ويكون الحذر قليل فال ُمتسوق أقل ُ‬
‫لرسائل التسويق الصريحة وليس لديه إهتمام في السعي ال ُمتنوع أو اإلختيار ال ُمعقدة‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫عرضة للسعي وراء األهداف ال ُمدركة والسبب هو‬ ‫وعند ذهاب ال ُمستهلك للتسوق يكون أكثر ُ‬
‫ً‬
‫اإلستعداد حيث يتطلع ال ُمستهلك إلى رحلة التسوق وهو مهيء نفسيأ و ُمحفز بالعروض واألفكار‬
‫عرضة لإلنخراط في السعي ال ُمتنوع و تريب فكرة اإلختيار من‬ ‫الجديدة وبذلك يكون ال ُمستهلك أكثر ُ‬
‫بين الخيارات البديلة‪ ,‬بهذه العقلية يكون الحذر شديدا ً ويبحث ال ُمتسوق بنشاط عن رسائل تسويقية‬
‫وإشارات بيئية ذات صلة تقوم بزيادة وتحفيز وإطالة تجربة التسوق‪.‬‬

‫ومن ال ُمحتمل أن ينخرط نفس ال ُمتسوق بكل من الذهاب والقيام بالتسوق ولكن في ُمناسبات وحاالت‬
‫ُمختلفة وغالبا ً ما تكون في أنواع ُمختلفة من المتاجر‪ ,‬فما يكون ُمشتركا ً عند الذهاب للتسوق قد‬
‫يكون ُمزعجا ً عند القيام بالتسوق‪ ,‬حيث تُشير البحوث إلى أن بعض فئات التجزئة كالسوبر ماركت‬
‫وبنكوك الخدمات المصرفيات ومحطات الوقود تندرج تحت فئة القيام بالتسوق بينما محالت األزياء‬
‫(للسيدات) ومحالت الكمبيوتر( للرجال) والمحالت ال ُمتخصصة بشكل عام كالمكتبات و محالت‬
‫األثاث الراقية تميل إلى أن تندرج تحت فئة الذهاب للتسوق‪.‬‬

‫وليكون األمر ناجحا ً يحتاج تُجار التجزئة إلى مواءمة استراتيجيات التسويق داخل المتجر الخاصة‬
‫بهم مع أهداف التسوق الخاصة بعُمالءهم‪ ,‬وعلى محالت السوبر ماركت أو المتاجر ال ُكبرى‬
‫نصيحة‬
‫التركيز على توفير الوقت الوجهد والمال‪ ,‬حيث تحتاج تلك المحالت إلى أن تجعل التسوق‬
‫اإلعتيادي أسهل بإدارة جيدة للفئة ووضع ُمنتجات ثابتة وعروض إستثنائية وواضحة لل ُمستهلك‬
‫وخروج سريع‪ ,‬للذهاب للتسوق استراتيجية ُمختلفة تماما ً قد تكون ناجحة كخدمة العُمالء ال ُمحترفة‬
‫واألجواء الهادية وتكتيكات األسعار المدروسة‪.‬‬

‫إن الكفاءة والراحة عامالن ُمهمان لتعزيز أهداف ال ُمتسوق اإلعتيادية ولكنها ال تُساعد في تطوير‬
‫العالقات القوية مع ال ُمتسوق وكنتيجة لذلك يكون الوالء ُمنخفا ً‪ ,‬ولكن إن عرض تاجر التجزئة على‬ ‫تحذير!‬
‫ال ُمتسوق توفر الوقت والمال والجهد عليه فلن يتردد ال ُمتسوق‪.‬‬

‫يرتبط بعض تُجار التجزئة بعملية القيام بالتسوق والتي تُعالج هذه ال ُمشكلة من خالل إدراج هذه‬
‫العناصر إلى متاجرهم بحيث تُوفر الفوائد العاطفية والتي يتم تقديمها عادة ً من خالل الذهاب للتسوق‬
‫فعلى سبيل المثال توفر سلسة متاجرة البقالة العالمية ‪ Aldi‬أسعارا ً ُمنخفضة جدا ً على البضائع غير‬
‫عنصر التسوق ال ُممتع إلى متاجرهم‪,‬‬ ‫الموجودة عادة ً في محالت السوبرماركت باإلضافة إلى إدخال ُ‬
‫وبالمثل قامت محالت ‪ Costco‬ب ُمفاجأة ال ُمتسوقين بأشياء متوفرة بفترات ُمعينة‪ ,‬وبشكل أساسي‬
‫تخلق تلك اإلستراتيجيات الحذر واإلحتمالية و ال ُمفاجأة وال ُمتعة فتلك الفوائد العاطفية توازن تجربة‬
‫القيام بالتسوق من خالل تقديم بعض عناصر الذهاب للتسوق‪.‬‬

‫أظهرت الدراسات ال ُمتعلقة بنقاط ال ُمكافأة في الدماغ البشري أنه عندما يتم توصيل ال ُمتعة بطريقة‬
‫غير ُمتوقعة يتم إنشاء معنى أكبر لل ُمتعمة ُمقارنة بالحالة العادية وبالتالي إن إحتمالية الحصول على‬
‫أمور‬
‫ُمكافأة أيضا ً يُعد أمرا ً ُمدهشا ً و ُمحفزا ً وذلك من خالل الحصول على ال ُمكافأة بشكل ُمتوقع‪ ,‬وعلى‬ ‫تقنية‬
‫عكس األمور التي يُمكن توقعها تميل األمور التي ال يُمكن توقعها إلى إخبارنا بشيء جديد و ُمختلف‬
‫عن العالم ‪,‬ألنه يتم تقديمها كإشارات تُخبرنا بأنه يُمكن ل ُمكافأة كبيرة أن تكون قريبة حيث تحظى‪,‬‬

‫‪220‬‬
‫حيث يقوم تُجار التجزئة بتحفيز الدارات التحفيزية القوية داخل أدمغتنا من خالل تزويد أدمغتنا التي‬
‫تبحث عن الراحة بمعلومات عن إمكانية الحصول على ُمكافأة غير ُمتوقعة‪.‬‬

‫إن تنشيط األهداف ال ُمدركة وغير ال ُمدركة هو جزء أساسي و ُمهم ألي تجربة تسوق حيث تكمن‬
‫وظيفة توقعات ال ُمستهلكين واإلشارات البيئية في معرفة األهداف التي تم تنشيطها وما يترتب عليها‬
‫فإن كانت التوقعات واإلشارات متوافقة فمن ال ُمحتمل أن تكون النتائج إيجابية لكل من المتسوق‬
‫والمتجر ولكن إن تباعدت التوقعات واإلشارات فمن ال ُمحتمل أن تكون النتائج ُمخيبة لكل من‬
‫المتسوق والمتجر‪.‬‬

‫الشخصية وأنماط التسوق‬

‫هنالك جانب ُمهم من أبحاث التسوق أال وهو تأثير شخصية ال ُمستهلك واألنماط السلوكية على سلوك‬
‫التسوق وال ُمخرجات‪ ,‬فبالرغم من أن ُمعظم أبحاث التسويق العصبي تُركز على كيفية توليد المواد‬
‫التسويقة إلستجابات ُمختلفة ُمتعلقة بال ُمستهلك إال أن بعض ُمستخدمو التسويق العصبي بدأو بالنظر‬
‫إلى الجانب اآلخر من ال ُمعادلة – كيف يُمكن ألنواع ُمختلفة من ال ُمستهلكين اإلستجابة للمواد‬
‫التسويقية ذاتها‪.‬‬

‫في علم النفس‪ ,‬يُسمى ذلك باإلختالف ما بين تفسيرات السمة الشخصية والحالة حيث تُعد السمة‬
‫طرق ُمعينة أما الحالة فهي‬‫الشخصية ُمستقرة نسبيا ً وتحتاج لوقت طويل لإلستعداد للتصرف ب ُ‬
‫أمور‬
‫إستجابات لفترة قصيرة لحاالت وأحداث ُمعينة فسرعة الغضب سمة شخصية أما الشعور بالغضب‬
‫تقنية‬
‫حيال موظف مبيعات وقح فهذه حالة‪ ,‬يُمكن للسمات الشخصية أن تكون أساسا ً لنماذج التجزئة‬
‫ال ُمتعلقة بال ُمستهلك حيث أن أكثر نماذج التجزئة التي تُستخدم في أبحاث السوق اليوم إما ُ‬
‫سكانية‬
‫مبنية على عوامل كالعمر والجنس والدخل أو نفسية مبنية على عوامل كالمواقف واإلهتمامات‬
‫ونمط الحياة‪ ,‬وقد فتح التسويق العصبي إمكانية التقسييم والتجزئة المبنية على الدماغ والتي يُمكن‬
‫تسميتها بالتصميم العصبي ويُقصد به تقسيم ال ُمستهلك من خالل نزعات السمات الشخصية‬
‫كاإلنبساط أو التهور‪.‬‬

‫إن تجزئة التصميم العصبي تخصص جديد نسبيا ً في التسويق العصبي‪ ,‬بمنطق عصبي يظهر ليؤثر‬
‫بشكل كبيرعلى كيفية تفكير وتصرف الناس ك ُمستهلكين‪ ,‬إليكم ثالث أمثلة على خصائص السمات‬
‫الشخصية التي تم ايجادها للتمييز من بين األفراد والتأثير على توجههم نحو التسوق والتسويق‪:‬‬

‫نظام الكبح السلوكي ُمقابل نظام التنسيط السلوكي‪ :‬يختلف الناس في تعريفهم لتوجههم ال ُكلي في‬
‫اإلقتراب والتجنب نحو العالم‪.‬‬

‫يُعد التنشيط والكبح السلوكي توجه في البناء األساسي لإلقتراب والتجنب ال ُمتعلق باألفراد حيث يميل‬
‫نظام الكبح السلوكي العالي ال ُمتعلق باألفراد إلى اإلنسحاب من التحفيز العالي للخبرات والتجارب‬
‫بينما يميل نظام التنشيط السلوكي العالي إلى البحث والتمتع بمثل تلك التجارب والخبرات‪ ,‬وقد وجد‬
‫العُلماء عالقة قوية بين اتجاهات األشخاص التابعة للنظامين وأنشطتهم ال ُمتعلقة بالنظامين‬

‫‪221‬‬
‫ك ُمستهلكين‪ ,‬بشكل عام إن األشخاص الذين حققوا درجات عالية في نظام الكبح السلوكي ينجذبون‬
‫العروض التي تُركز على تجنب المخاسر بينما األشخاص الذين حققوا درجات عالية في نظام‬
‫التنشيط السلوكي فقد ارتبطوا بالشراء ال ُمندفع واإلفراط في تناول الطعام وتعاطي ال ُمخدرات‪.‬‬

‫التركيز التنظيمي‪ :‬يختلف الناس في كيفية تنهيجهم لل ُمشكلة والسعي وراء األهداف فقد يكون من‬
‫خالل تعزيز التركيز(التركيز على المثالية وتحقيق ال ُمخرجات المرغوب بها) أو منع‬
‫التركيز(التركيز على األوامر وتجنب ال ُمخرجات السلبية)‪.‬‬

‫طرق تتوافق مع رسالة التسويق أو تجربة التسوق‬ ‫وقدد حدد البحث ال ُمتعلق بالتركيز التنظيمي عدة ُ‬
‫من أجل التوجيه ال ُمفضل للشخص –إما التعزيز أو المنع‪ -‬و تحسين الحافز وزيادة السعي وراء‬
‫األهداف باإلضافة إلى زيادة القيمة الملموسة من األعمال التجارية أو تجربة التسوق فعلى سبيل‬
‫المثال إن األشخاص الذين يدعمون تعزيز التركيز هم أكثر حساسية لوجود أو غياب ال ُمخرجات‬
‫اإليجابية ولذلك هم أكثر تقبالً للعروض و الفُرص المرموقة أو الصفقات التي ال تقبل ال ُمنافسة أما‬
‫األشخاص الذين يدعمون منع التركيز فهم على العكس منهم فهم أكثر حساسية لوجود أو غياب‬
‫ال ُمخرجات السلبية ولذلك يميلون إلى التأثر بالعروض ذات الضمانات القوية و نماذج أخرى من‬
‫الحماية ضد الخسارة أو العروض التي تُركز على تحقيق اإللتزامات والوفاء بالمسؤوليات‪.‬‬

‫ألم الدفع‪ :‬يختلف الناس في المدى األلم النفسي لتجربة التسوق عندما يتعلق األمر بالمال حيث أدى‬
‫إلى التمييز بين البُخالء (األشخاص الذين يُعانون من ألم شديد حيال الدفع) وال ُمبذرين( األشخاص‬
‫الذين ال يُعانون من ألم شديد حيال الدفع)‪.‬‬

‫أللم الدفع أُسس عصبية منطقية موجودة في اإلكتشاف ال ُمدهش في كون أن الدفع يُنشط نفس‬
‫المراكز العصبية في الدماغ وال ُمنشطة من خالل األلم النفسي فالدفع قد يؤذي الشخص و يبدو أنه‬
‫يؤذي بعض األشخاص أكثر من غيرهم‪ ,‬فال ُمبذرين والبُخالء يُظهرون سلوكيات ُمختلفة خاصة‬
‫عرضة لحمل بطاقات الدين بثالث مرات أكثر من البُخالء الذين‬ ‫بال ُمستهلكين فال ُمبذرين أكثر ُ‬
‫يستخدمون البطاقة اإلئتمانية وهم أكثر إحتماالً بمرتين أن يملكون أقل من ‪ 10‬آالف دوالر في‬
‫وربما األكثر‬
‫ال ُمدخرات أما البُخالء فيميلون إلى أن يملكوا أكثر من ‪ 250‬ألف دوالر في ال ُمدخرات ُ‬
‫دهشةً هو أن النفقات تختلف بين ال ُمبذرين والبخالء بخمس مرات أكثر بين الرجال من النساء‬
‫ويتضمن ذلك أن ألم الدفع له تأثير أقل على سلوك الشراء الخاص بالنساء من سلوك الشراء الخاص‬
‫بالرجال‪.‬‬
‫هنالك فقط ثالث أمثلة عن ال ُ‬
‫طرق التي يختلف فيها الناس في السمات الشخصية أو الميوالت التي‬
‫تؤثر على أدائهم وعلى أساليب التسوق الخاصة بهم وأكثر‪.‬‬

‫إن ُكنت تاجر تجزئة أو ُمعلن وتنظر إلى ُمشاركة شركة خاصة بالتسويق العصبي وذلك للقيام‬
‫بدراسة عن التسوق تأكد من أن تسألهم عن ما إذا كانوا يستخدمون تجزئة التصميم العصبي وعن‬ ‫نصيحة‬

‫‪222‬‬
‫كيفية إستخدامهم له في أبحاثهم وكيف سيوصون بتقسيم ُمشاركي البحث الخاص بنا ًء على البحث‬
‫الذي ترغب بمتابعته‪.‬‬

‫تبسيط المتاجر للعقل‬

‫هنالك ثالث مهام رئيسية يجب على أي متجر تجزئة أو متجر على شبكة اإلنترنت تحقيقه لجعل‬
‫طرق‬‫التسوق أبسط للعقل‪ ,‬حيث يُمكنهم اإلستفادة من أفكار التسويق العصبي ويمكنهم تقيمم ب ُ‬
‫التسويق العصبي‪:‬‬

‫✓ اإليجاد‪ :‬على ال ُمتسوقين أن يتمكنوا من إيجاد األشياء التي يبحثون عنها كما يجب أن يكتشفوا‬
‫أشياء جديدة ال يكونوا يبحثون عنها فكيف يُمكن لتُجار التجزئة ُمساعدة ال ُمتسوقين على التجول في‬
‫بيئة المتجر؟‬

‫✓ اإلختيار‪ :‬على ال ُمتسوقين أن يتمكنوا من اإلختيار من بين البدائل بحيث يمكن أن يكون اإلختيار‬
‫أسهل أو أصعب وأن تضيع العديد من عمليات البيع فإذا كانت ُمهمة اإلختيار شاقة كيف يُمكن‬
‫لتُجار التجزئة السماح ليس فقط بأي إختيار بل باإلختيار المثالي لكل من ال ُمتسوقين والمتجر؟‬

‫✓ الدفع‪ :‬على ال ُمتسوقين أن يتمكنوا من تجاوز ألم الدفع حيث أن بعض ال ُمتسوقين يشعرون بألم‬
‫أكثر من غيرهم ولكن جميع ال ُمتسوقين يشعرون باأللم فكيف يُمكن لتُجار التجزئة تقليل ألم الدفع؟‬

‫تقديم تجربة تسوق ناجحة تشمل كل من اإليجاد واإلختيار والدفع يُمكن أن تحدث فقط إذا كانت‬
‫التجربة تتوافق مع أهداف ال ُمتسوق سواء أكانت ُمدركة أو غير ُمدركة وكما وضحنا سابقا ً في هذا‬
‫الفصل أن تلك األهداف قد تختلف فالمتجر الذي يُقدم زبون يبحث عن كفاءة رحلة التسوق يجب أن‬
‫يُنظر إليه بطريقة ُمختلفة عن المتجر الذي يُقدم زبونا ً يُريد اإلستطالع واإلستكشاف فقط‪ ,‬من‬
‫منظور التسويق العصبي يتم تطبيق جميع المبائ على الحالتين ولكن بشكل ُمختلف‪ ,‬فعلى سبيل‬
‫المثال يُمكن لكل من تُجار التجزئة تطبيق مفاهيم التسوق العصبي كالصياغة والترسيخ‬
‫واإلستحضار الذهني ولكن ب ُ‬
‫طرق ُمختلفة لتحقيق أهداف ُمختلفة لل ُمتسوقين‪.‬‬

‫قد ال يكون لل ُمتسوقين وتُجار التجزئة دائما ً نفس األهداف فقد يكون هدف ال ُمتسوق الحصول على‬
‫رحلة تسوق ذات كفاءة عالية أما تاجر التجزئة فقد يكون هدفه تعزيز ال ُمتسوق لتعرض أطول‬
‫تحذير!‬
‫لألشياء التي كانت لديهم نية بشراءها أو ُربما زيادة إحتمالية حافز الشراء حيث يُمكن لتاجر التجزئة‬
‫إختيار كيفية إستخدام التسويق العصبي في ضوء استراتيجية التجزئة الضمنية‪.‬‬

‫جعل ال ُمتسوقين في المكان الذي يُريدونه‬

‫من وجهة نظر تاجر التجزئة‪ ,‬إن المتجر عبارة عن سلسلة من اإلشارات الخفية والظاهرة ل ُمساعدة‬
‫ال ُمتسوق على أشباع أهدافه الظاهرة بينما في الوقت ذاته تعمل على تحفيز وتحقيق أهداف إضافية‬

‫‪223‬‬
‫تُفيد التاجر‪ ,‬هو تحقيق أقصى قدر من الوقت في المتجر من قبل الزبائن يُعزى ذلك إلى أن‬
‫ال ُمتسوقون يُغيرون رأيهم بإنتظام بعد لدخولهم متجر ما‪.‬‬

‫وقد قدم باحثو التسويق عدد من الطرق لتتبع حركة ال ُمستهلكين في المتجر بإستخدام إشارات الهاتف‬
‫أمور‬
‫الخلوي حيث يُمكن للمتاجر إنشاء خريطة ُمفصلة عن حركة الفرد وحركة السير التراكمية بإستخدام‬
‫سكانية كالجنس والعُمر‪,‬‬
‫تقنية‬
‫كاميرات للسمع وبرمجيات لتمييز الوجوه يحيث ُمكنهم تقدير الخصائص ال ُ‬
‫إن عربات التسوق ال ُمجهزة بالكمبيوتر اللوحي هي أداة أخرى إلرشاد ال ُمتسوقين خالل التسوق‬
‫بالمتجر‪.‬‬

‫و ُكلما تنقل ال ُمتسوق في المتجر وتمثلت األشياء المعروضة كاالستحضارات ذهنية وأثرت على‬
‫إنتباه ال ُمستهلك واإلرتباطات العاطفية واإلختيار من خالل العديد من اآلليات غير ال ُمدركة التي‬
‫حددناها في هذا الكتاب‪ ,‬حيث أن الكثير من تصميم المتاجر وطريقة عرض ال ُمنتج ُمخصصة‬
‫لإلستحضار الذهني فعلى سبيل المثال يُمكن لمتجر البقالة تمثيل فكرة اإلنتعاش بعرض أزهار عذبة‬
‫و ُمنتج موضوع على الثلج بينما فكرة الشي الصحي والمحلي يُمكن تمثيلها بعرض شيء يأتي‬
‫ُمباشرة من المزرعة مع ُمحاكاة لعالمة من لوح الطباشير األسود‪.‬‬

‫وتماشيا ً مع مبادئ تنشيط األهداف غير ال ُمدركة والتي ناقشناها في الفصل السابع‪ ,‬يُركز العديد من‬
‫التجار المرموقين على استحضار أهداف تحفيزية أوسع وأشمل‪ ,‬فعلى سبيل المثال يعمل‬
‫‪ Nordstrom‬جاهدا ً لتقديم إشارات لل ُمتسوقين تجعلهم يستحضرون فكرة البحث عن األشياء‬
‫الفاخرة‪ ,‬حيث أن تجهيزات ‪ Nordstrom‬األنيقة والخدمة الرائعة والموسيقى الكالسيكية وعوامل‬
‫أخرى ساهمت جميعها في جعل ال ُمستهلك يسعى وراء الفخامة طيلة وجوده في المتجر‪ ,‬فال ُمحفزات‬
‫البيئية ال ُمنسقة كتلك ساعدت في تنشيط أهداف ال ُمستهلك غير ال ُمدركة وخلق عقلية تحمل أكثر من‬
‫قرار شراء واحد‪.‬‬

‫جعل الخيارات أسهل‬

‫بمجر إيجاد ال ُمستهلك طريقه لرف الشراء يسعى التاجر إلى تشجيع اإلختيار ليس فقط إستعراض‬
‫الشيء فبالطبع يرغب ال ُموردون بتشجيع إختيار ُمنتجاتهم على إختيار ُمنتجات ُمنافسيهم ‪ ,‬عند هذه‬
‫النقطة في تجربة التسوق تأتي العوامل ال ُمدركة وغير ال ُمدركة مع بعضها البعض لتُساهم في‬
‫اإلختيار النهائي الذي قد يكون عدم اإلختيار‪ ,‬حيث عرض علم الدماغ العديد من األفكار التي يُمكن‬
‫للباحثين وتُجار التجزئة إستخدامها للتأثير على قرار ال ُمستهلك‪.‬‬

‫تُعد خيارات ال ُمتسوق اإلعتيادية األسهل في التنبؤ ألنها تُمثل سلوكيات روتينية ال تحتاج للتفكير‬
‫فببساطة تكون ُمهمة تاجر التجزئة ُمتملة في التأكد من أن خياراته اإلعتادية لم يتم التشويش عليها‪,‬‬ ‫تذكَّر‬
‫وحسب ما قًمنا بطرحه في الفصل التاسع هذا يعني ال ُمحافظة على ال ُمحفزات الثابتة عند نقطة البيع‬
‫وتجنب أي نوع من الحداثة التي قد تُشوش على عملية الشراء اإلعتيادية‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫إلك بعض اإلستراتيجيات التي حددتها أبحاث علم الدماغ خاصة أعراف اإلقتصاد السلوكي وذلك‬
‫لتبسيط وتسهيل اإلختيار في حاالت التسوق‪:‬‬
‫نصيحة‬

‫✓ تقليل الخيارات‪ :‬هو أكثر المبادئ أهمية وبساطة وهو عدم إرباك ال ُمستهلك بالخيارات العديدة‬
‫وفر متجر بقالة لل ُمتسوقين فرصة تذوق خيارات من ‪ 24‬أو ‪ 6‬أنواع من‬‫والكثيرة‪ ,‬ففي هذه التجربة ّ‬
‫ال ُمربى ‪ ,‬توقف ُمتسوقين أكثر لتجربة التنوع األكثر من ال ُمربى ولكن المبيعات على المجموعة‬
‫النتي تحتوي على خيارات أقل كانت اكثر بخمس مرات‪.‬‬

‫✓ التالعب بتسعير األشياء‪ :‬ال يستخدم ال ُمتسوقين الحساب (سالسة ال ُمعالجة في العمل) وينجذبون‬
‫لألشياء الكثيرة ففي تجربة تم إجراؤها عبارة عن زيادة ‪ %50‬وقد تم بيع ‪ %71‬أكثر من خصم‬
‫بنسبة ‪ %35‬وبالرغم من أن األخيرة أقل سعرا ً ولكن تعلم تُجار التجزئة أن تجميع األشياء يؤدي‬
‫إلى جعل الناس يشترون أكثر مثالً عشر أشياء ُمقابل ‪ ,10$‬أيضا ً األشياء الباهضة الثمن تخلق‬
‫ي (راجع الفصل الثامن) والذي يجعل األشياء الرخيصة تبدو أقل غال ًء ‪.‬‬ ‫تأثيرا ً ترسيخ ّ‬
‫✓ زيادة حركة التسوق‪ :‬وجد العُلماء أن عند شراء الناس لألشياء الرخيصة وسهلة الشراء‬
‫المعروضة في واجهة المتجر تُرجح من إحتمالية شرائهم اأشياء أغلى ثمنا ً من داخل المتجر‪ ,‬حيث‬
‫أن شراء شيء واحد ال يهم إن كان عديم األهمية ولكنه يخلق النشاط لشراء المزيد والمزيد من‬
‫األشياء‪.‬‬

‫✓ التصنيف‪ :‬إن التصنيف يُسهل اإلختيار حيث أن ال ُمستهلك على وجه الخصوص يُفضل أن تكون‬
‫المنتجات غير المألوفة ُمصنفة حتى وإن كانت الفئة ال معنى لها! وفي دراسة أجريت على أنواع‬
‫ُمختلفة من القهوة سيكون الناس أكثر رضاعن إختيارهم إن كانت من فئة ُمصنفة حتى وإن كانت‬
‫الفئات عبارة عن أ وب و ج‪.‬‬

‫✓ إضافة أشياء ُمشتركة‪ :‬إن كان الشيء الذي قيمته ‪ 30$‬ال يُباع بشكل جيد لوحده فسيُباع بشكل‬
‫أفضل إن تم إضافته بجانب شيء ُمشابه تبلغ قيمته ‪ 90$‬هذا ما يُعرف بمبدأ الخمس أي إذا ُكنت‬
‫ترغب ببيع شطائر برغر أكثر بثالث ما عليك إال أن تضع خمس شطائر برغر بجانبها في قائمة‬
‫الطعام‪.‬‬

‫التقليل من ألم الدفع‬

‫يتضمن كل قرار لشراء شيء ما ُمقايضة بين الفائدة ال ُمتوقعة من ُمعالجة الشيء واأللم المتوقع من‬
‫ألم البيع الناتج عنه وكما لوحظ في نقاش البخيل وال ُمبذر في قسم "الشخصية وأنماط التسوق" أن‬ ‫نصيحة‬
‫لتلك التوقعات عالمات واضحة في المناطق والشبكات ال ُمتميزة في الدماغ وقد إكتشف تُجار‬
‫التجزئة عدة من التكتيكات لتقليل ألم الدفع‪:‬‬

‫‪225‬‬
‫✓ تأخير الدفع‪ :‬إن أبسط تكنيك هو إيجاد طريقة لتأخير الدفع وبهذه يتم نقل ألم الدفع إلى ال ُمستقبل‬
‫وبذلك تُقلل الحمل على تداول اإلختيار الحالي‪ ,‬كخطط ‪ layaway‬وخطط عدم الدفع لثالث شهور‬
‫والترتيبات اإلئتمانية األخرى التي تُشجع على الشراء وذلك من خالل تأجيل الدفع‪ ,‬حيث تعمل‬
‫البطاقات بشكل عام على هذا المبدأ فمعرفة أن الفاتورة لن تصدر إال نهاية الشهر يُسهل شراء أي‬
‫شيء اليوم‪.‬‬

‫طرق إلبطال الشراء فيما‬ ‫✓ ضمان إرجاع المال‪ :‬يُمكن تخفيف ألم الدفع ال ُمباشر من خالل تقديم ُ‬
‫بعد وبالرغم من أن ضمان إرجاع المال أمر صعب للغاية ولكنهم يُقدمون ركيزة نفسية يُمكنها‬
‫ُمساعدة ال ُمستهلك على تخطي ألم الدفع من خالل األساس المنطقي الذي يقول" يُمكنني استرجاع‬
‫أموالي دائما ً"‪.‬‬

‫✓ ربط عمليات الشراء ببرامج ال ُمكافآت‪ :‬تُزودنا برامج ال ُمكافآت بنوع آخر من األساس المنطقي‬
‫للقيام بعمليات الشراء ال ُمباشرة‪ ,‬وفي هذه الحال ال يتم تعويض األلم ُمباشرة ً ولكنها تُضيف للفائدة‬
‫ال ُمتوقعة من عملية الشراء وبالتالي يكون تعويض األلم بطريقة غير ُمباشرة‪.‬‬

‫إستخدام التسويق العصبي إلختبار بيئات التسوق‬

‫على عكس إستجابات ال ُمستهلك للرسائل التسويقية أو لتجارب استهالك ال ُمنتج والتي تكون نتيجتها‬
‫على هيئة حالة نفسية يريد كل من ال ُمسوقين والباحثين قياسها (كالتفضيل والتحفيز واأللفة‬
‫وال ُمفاجأة) حيث تكون ُمخرجات اإلستمتاع بالتسوق سلوك ظاهر يُمكن ُمالحظته ومن جهة أخرى‬
‫يوجد العديد من التداخالت في الحاالت الذهنية ال ُمتنوعة والتي يُريد الباحثون قياسها كسهولة إيجاد‬
‫ال ُمنتجات واإلنطباعات ال ُكلية عن المتجر وإحتمالية العودة ‪ ,‬ولكن في نهاية المطاف تُعد ُمخرجات‬
‫اإلستمتاع سلوكا ً شرائيا ً حيث أن لتلك الحقيقة البسيطة وقع كبير على إمكانية تطبيق التسويق‬
‫العصبي بفاعلية قُصوى لقياس تجربة التسوق‪.‬‬

‫إن كان سلوك الشراء النائج هو األهم في بحث التسوق فإن ما يراه ويتذوقه ويشمه ويسمعه‬
‫ال ُمتسوقين ُمدخ ٌل رئيسي‪ ,‬ففي الحقيقة أن جميع أسئلة أبحاث التسوق التي نتصورها يُمكن أن‬
‫نُلخصها في سؤال واحد‪ :‬كيف يأخذ ال ُمتسوق من كل شيء شاهده ذلك الشيء الذي قام بشراءه؟‬

‫يقودنا ذلك لتأثران ُمهمان ألبحاث التسويق العصبي عند القيام بعملية التسوق و ُهما‪:‬‬

‫✓ اإلختبار السلوكي‪ :‬يتمثل بعرض ُمستهلكين بسيناريوهات إختيار وبالتالي تكون العوامل الظرفية‬
‫كالسعر وموقع رف التسوق ُمتنوعة وقد يكونوا أكثر فائدة من قياس الحالة الذهنية لوحدها‪.‬‬

‫✓ تتبع العين‪ :‬لقياس المكان الذي ينظر إليه ال ُمستهلكين في ممر ورف التسوق ومتى يتم تفحص‬
‫ُمنتجات الفرد التي تميل إلى أن تكون جرءا ً ُمتكامالً من أي حل ُمفيد للتسويق العصبي‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫تحديات تتبع ال ُمتسوق تُمثل ُمحاولة تتبع الحاالت الذهنية ل ُمتسوق ما في بيئة تسويقية طبيعية حيث‬
‫تُشكل عددا ً من التحديات وتزاد تلك التحديات ُكلما أصبحت تكنولوجيا جمع البيانات أكثر تطورا ً‬
‫وحساسية‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال تخطيط الدماغ الكهربائي يُقدم قياسات حساسة عن النشاط الكهربائي داخل الدماغ‬
‫(انظر إلى الفصل السادس عشر) وهو أيضا ً حساس جدا ً لحركة العضالت‪ ,‬حيث أن قياس تخطيط‬
‫الدماغ الكهربائي أثناء تحرك الشخص بشكل طبيعي في المتجر وإدارة الشخص لرأسه وتحريك‬
‫عيناه وتنشيط عضالت أخرى يعمل على المساس بتلك اإلشارات األخرى والتي يجب إزالتها من‬
‫مجرى البيانات قبل أن يكون من ال ُممكن تحليلها وتفسيرها‪.‬‬

‫يُثير التجوال الحر لل ُمتسوقين العديد من التحديات اإلضافية للتصاميم والضوابط التجريبية التي‬
‫تُحاول قياس الحاالت الذهنية بغض النظر عن تكنولوجيا القياس ال ُمستخدمة ‪ ,‬حيث أن هنالك تبادل‬
‫دائم ما بين طبيعة البيئة التجريبية والقُدرة على إستخالص إستنتاجات ُمحكمة عن األسباب واآلثار‬
‫في التجارب العلمية ‪ ,‬فعند قياس الناس في بيئة طبيعية كأخذ رحلة تسوق في متجر ما حتما ً‬
‫ستتدفق حاالتهم الذهنية بشكل طبيعي أكثر ولكن العديد من األمور تحدث في نفس اللحظة فال يُمكن‬
‫تحديد أي من العوامل الظرفية أثرت على الحاالت الذهنية‪.‬‬

‫وقد طور باحثو التسويق العصبي عددا ً من البدائل في إختبار المتجر والتي تُقدم السيطرة الالزمة‬
‫بينما تُحافظ على ما يكفي من الواقعية لل ُمحاكاة إن لم يكن إعادة إنشاء تجربة تسوق طبيعية بشكل‬
‫رائع‪.‬‬

‫بدائل التسويق العصبي إلختبارها في المتجر‬

‫تم إيجاد اإلختبار السلوكي للسيناريوهات ال ُمفضلة في بيئة ال ُمختبر لترجمة بيئة العالم الحقيقي‬
‫ويُعزى ذلك إلى تنشيط اإلستدالالت والتحيزات غير ال ُمدركة‪.‬‬

‫وكتسوية ُمرضية بين الطبيعة والتحكم الذي يُمكن تحقيقه من خالل جعل ال ُمستهلكين يُشاهدون‬
‫تصويرات من مقاطع الفيديو لبيئات التسوق والخبرات وقد إكتشف العُلماء أن عرض مقطع فيديو‬
‫عن خبرات التسوق يُمكن أن تُكرر الحاالت الذهنية واإلستجابات السلوكية والتي يُمكننا إختبارها‬
‫في حالة التسوق في العالم الحقيقي‪.‬‬

‫تحفيز تجربة التسوق‬

‫الخطوة القادمة ل ُمشاهدة نُزهة خيالية أسفل شريط الفيديو لممر المتجر هي اإلنخراط في الواقع‬
‫اإلفتراضي التفاعلي لتجربة التسوق‪ ,‬ال تعرض بيئات التسوق للواقع اإلفتراضي تكلفة كبيرة ُمقارنة‬
‫بتصميم وبناء المتاجر التجريبية فقط ولكنها توفر أيضا ً توازنا ً أفضل بين الطبيعة والتحكم أكثر ممكا‬
‫يُمكن تحقيقه ضمن تجارب ُمختبرات الفيديو‪ ,‬ويستطيع ال ُمستهلك أن‪:‬‬

‫✓ يكون ُمحاطأ ً ببيئة واقعية جدا ً في المتجر‬


‫‪227‬‬
‫✓ يتحرك خالل تلك البيئة دون الحاجة إلى التنقل بشكل ملموس‬

‫✓ يتم قياسها بدقة أثناء التجربة‬

‫✓ يتعرض لسيناريوهات تسوق ُمتطبقة وبذلك يُمكن أن يتم السيطرة على ال ُمتغيرات الظرفية‪.‬‬

‫وقد بدأت عدة جهات بحثية في توفير عروض ُمفصلة جدا ً تتضمن بيئات مليئة بتقنية األبعاد‬
‫الثالثية حيث نتوقع رؤية هذا النهج ينمو كأداة بحث للتسويق العصبي خالل السنوات القليلة ال ُمقبلة‪.‬‬

‫الفصل الثالث عشر‬

‫عندما يتجه عقل ال ُمستهلكين إلى اإلنترنت‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫✓ تمييز كيف أن التسويق عبر اإلنترنت يختلف عن التسويق التقليدي‬

‫✓ فهم كيفية استهالك عقولنا لصفحات الويب‬

‫✓ اإلطالع على ما يُسبب الشعور باإلحباط واإلرتباك والرفض إتجاه موقع اإلنترنت‬

‫‪228‬‬
‫✓ رؤية كيفية استخدامنا للعمليات غير ال ُمدركة عندما نتجه إلى اإلنترنت‬

‫✓ تحديد ثالث ُ‬
‫طرق رئيسية في كيفية تغيير اإلنترنت لعالمنا‬

‫يواجه العقل البشري شيئا ً جديدا ً مع اختراع عالم اإلنترنت وعلى مر التاريخ استوعبت أدمغتنا‬
‫العديد من اإلبتكارات العميقة في تكنولوحيا اإلتصاالت بدءا ً بإبتكار اللغة ومن ثم الكتابة والقراءة‬
‫ومن ثم اللغات المرئية ال ُمتعلقة بالتصوير الفوتوغرافي واألفالم كان آخرها ذروة حضارة البشر‬
‫والتلفاز‪.‬‬

‫ولكن تجربة الشراء عبر اإلنترنت تتضمن جميع وسائل اإلتصال تلك وأكثر وبذلك تتحدى وتغرو‬
‫أدمغتنا بطرق جديدة تسمح لألهداف ال ُمدركة والمهام أن تُحفز ضمن المساق حيث تُخلط مع بعضها‬ ‫تذكَّر‬
‫البعض داخل وسيلة عرض ديناميكية جديدة تُسمى بصفحة الويب‪.‬‬

‫يزيد اإلنترنت من المطالب الذهنية ُمقارنةً بالكثير من وسائل اإلعالم التقليدية لذلك ال ينبغي أن‬
‫نكون ُمندهشين حيال إيجاد عقولنا لتوظف استراتيجيات البُخل المعرفي إلدراة الحمل المعرفي‬
‫الناتج‪ ,‬ولقياس مثل هذه اإلستراتيجيات يحتاج ال ُمسوقين أن يعتمدوا أكثر على تقنيات التسويق‬
‫العصبي للوصول إلى العمليات غير ال ُمدركة المعنية‪.‬‬

‫يُمكن أن يبدو التسويق عبر اإلنترنت وتجربة إستخدام اإلنترنت هي المناطق التي يُمكن أن يكون‬
‫طرق محدودة في عالم‬ ‫طبق التسويق العصبي ب ُ‬‫التسويق العصبي راسخا ً فيها ولكن في الحقيقة ُ‬
‫اإلنترنت‪ ,‬يُعزى ذلك إلى عرض اإلنترنت للعديد من التحديات الفريدة من نوعها ألبحاث علم‬
‫الدماغ التي ال تظهر في العديد من وسائل التسويق التقليدية كالتلفاز وكما وضحنا خالل هذا الفصل‬
‫أن هذه التحديات تتمحور حول فكرة كون أدمغة الناس تُصبح أكثر نشاطا ُ عندما تتجه إلى اإلنترنت‬
‫ُمقارنة بإسترخاء أمام شاشة التلفاز وذلك يعني أن العديد من الدروس التي تعلمها ال ُمسوقون‬
‫و ُمستخدمو التسويق العصبي في اإلعالم التقليدي يجب أن يُعاد النظر بها عندما تتجه عقول‬
‫ال ُمستهلكين إلى اإلنترنت‪.‬‬

‫أوالً ‪ ,‬ننظر إلى مدى إختالف التسويق عبر اإلنترنت عن التسويق التقليدي وعندما إختبرنا وفحصنا‬
‫طرق التي يُمكن لصفحات الويب توفير تجربة ُمرضية أو ُمحبطة ومدى ُمساهمة العمليات غير‬ ‫ال ُ‬
‫ال ُمدركة في تلك النتائج وال ُمخرجات بعدها‪ ,‬أخذنا بعين اإلعتبار كيفية زيادة قُدراتنا على إرضاء‬
‫العديد من اإلحتاجات البشرية األساسية مع بعض التأثيرات ال ُممتعة لعقولنا أخيرا ً‪ ,‬تتطلعنا إلى‬
‫إمكانية إستخدام منهجيات التسويق العصبي إلختبار التسويق عبر اإلنترنت وتطوير تلك التجربة‪.‬‬

‫فهم مدى إختالف التسويق عبر اإلنترنت‬

‫في األيام األولى للتلفاز بَدت اإلعالنات التجارية الكثيرة كاإلعالنات المطبوعة وبشكل ُمماثل في‬
‫أيام األنترنت اآلن تشبه اإلعالنات عبر اإلنترنت اإلعالنات على شاشة التلفاز كثيرا ً‪ ,‬ولكن أدرك‬

‫‪229‬‬
‫ال ُمعلنين حديثا ً وجود إختالفات كبيرة بين ُمشاهدة التلفاز والتوجه إلى إستخدام اإلنترنت‪ ,‬ثالث من‬
‫تلك اإلختالفات تُحدد الكثير من التحديات للتسويق واإلعالن في سياق إستخدام اإلنترنت‪.‬‬

‫تبني التفاعل وسيطرة ال ُمستهلك‬

‫وكما رأينا في الفصل الحادي عشر أن ُمشاهدة التلفاز أمر تقليدي يقوم بها الناس بهدف اإلسترخاء‬
‫وهم على إستعداد تام للسماح للتلفاز بتحديد مجرى تجربة اإلستمتاع الخاصة بهم لفترات طويلة من‬
‫الوقت (يتم ُمقاطعة هذا اإلسترخاء بتغيير المحطة أو من خالل فاصل إعالني سريع) في مثل هذه‬
‫عرضةً للتكيف‬
‫الحالة من اإلسترخاء ال تلفت تلك اإلعالنات إنتباه الناس‪ ,‬حيث يُصبحو أكثر ُ‬
‫ال ُمتكرر من قبل اإلعالنات ال ُمتساهلة علميا ً وال ُمرضية عاطفيا ً‪.‬‬

‫ختلف تماما ً على عكس التلفاز فاإلنترنت وسيلة فعالة فعندما يتجه الناس‬
‫ٌ‬ ‫إن التوجه إلى اإلنترنت ُم‬
‫إلى إستخدم اإلنترنت فهم في هذه الحالة يقومون بشيء ما ليس فقط ال ُمشاهدة يُمكن لهذا األمر أن‬
‫يُحدث تغيرا ً جذريا ً في كيفية إستقبالهم و ُمعالجتهم لمعلومات ال ُمنتج واإلعالنات‪ ,‬إليك بُعدان رئيسيان‬
‫لتمييزهما‪:‬‬

‫✓ التفاعل‪ :‬إن التوجه إلستخدام اإلنترنت هو ٌ‬


‫أمر تفاعلي بمعنى أنه يُعطي ال ُمستهلكين فُرصا ً‬
‫لل ُمشاركة بشكل فعّال في التجربة الديناميكية مع صفحات الويب (ال ُمحتوى التفاعلي) كما هو‬
‫الحال مع ُمستهلكين آخرين و ُمعلنين و تُجار تجزئة و ُموردين (تواصل تفاعلي) حيث يوفر ذلك‬
‫فرص جديدة للتعلم وتلبية المطالب واإلحتياجات‪.‬‬

‫✓ التحكم والسيطرة‪ :‬يسمح التوجه إلى اإلنترنت لل ُمستهلكين بالتحكم في كيفية تفاعلهم مع‬
‫المحتوى الموجود على اإلنترنت فعلى سبيل المثال يُمكن أت يتم تجاهل اإلعالن الموجود على‬
‫صفحة الويب بشكل تام ويُمكن ُمشاهدته دون إتخاذ أي إجراء آخر أو حتى الضغط عليه‬
‫للوصول إلى المزيد من المعلومات أو حتى إكمال عملية شراء‪.‬‬

‫ولل ُمشاركة في تجربة تفاعلية يجب أن تكون ُمنخرطا ً ذهنيا ً بها وبالرغم من أن المعلنين قد يظنوا أن‬
‫المزيد من التفاعل عبر اإلنترنت يكون دائما ً أفضل‪ ,‬إكتشف العُلماء الكثير من العالقات ال ُمعقدة بين‬
‫التفاعل وفاعلية اإلعالنات‪ ,‬وهذه العالقة تُدار بشكل كبير من خالل المدى الذي يكون فيه ال ُمستهلك‬
‫ُمستمتعا ً باإلنتباه إلى رسالة اإلعالن‪.‬‬

‫إن كان اإلنتباه واإلستمتاع ُمنخفضا ً كأن يكون اإلعالن ال عالقة له بهدف الشخص من ُمشاهدة‬
‫صفحة الويب فخصائص التفاعل حينها قد تكون ملحوظة ولكن لن يكون ال ُمستهلك ُمنخرطا ً بما‬
‫يكفي إلستخدامهم وفي مثل تلك الحاالت قد تكون ُمجرد تواجد الخواص التفاعلية كإشارة طرفية أو‬
‫أمر‬
‫إستحضار لإلنتباه القليل لل ُمستهلك الغير ُمنخرط ألن ال ُمستهلك يميل إلى تصديق أن التفاعل ٌ‬
‫جيد‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫من الجهة األخرى يكون اإلستمتاع واإلنتباه شديدين كما هو الحال عندما يكون اإلعالن ُمرتبطا ً‬
‫إرتباطا ً وثيقا ً بتطلعات الشخص من ُمشاهدة صفحة الويب وقد يكون لعناصر التفاعل آثارا ً ُمتناقضة‬
‫للمدى الذي تُسهل فيه خصائص التفاعل اإلختيار وتُمكن ال ُمستهلك من التركيز على أكثر المعلومات‬
‫أهمية وهذا من شأنه تعزيز تجربة تصفح صفحة الويب وبذلك الحصول على تأثير إيجابي فيما‬
‫يتعلق باإلقناع وتفضيل العالمة التجارية ونويا الشراء أما إذا كانت خصائص التفاعل ُمرهقة جدا ً‬
‫للمصادر الذهنية لل ُمستهلك مثالً إن إستعصى على ال ُمستهلك ادارة تدفق معلومات التفاعل أو إمكانية‬
‫تعقب موقعه يُمكن أن يُصرف اإلنتباه عن تجميع المعلومات التي لها صلة وبالتالي زيادة اإلحباط‬
‫واإلقناع وتقليل اإلقناع وتفضيل العالمة التجارية ونوايا الشراء‪.‬‬

‫إن تبني التفاعل ليس بالسهولة التي قد تظهر للوهلة األولى‪ ,‬فليس من الضروري أن يكون التفاعل‬
‫الزائد أفضل فإن لم تكن صفحة الويب ُمصممة بعناية لتوازن بين قُدرات التفاعل والمطالب‬
‫المعرفية أو قد يؤدي التفاعل إلى فاعلية أقل على اعالنات التي على اإلنترنت وليس العكس‪.‬‬

‫تم إيجاد صورة ُمختلطة لدرجة التحكم ال ُمزود من صفحة الويب بالحصول على تحكم وسيطرة‬
‫أكثر‪ ,‬حيث يُمكن أن يؤدي إلى الحصول على ُمخرجات ونتائج أكثر إيجابية كرضا أكثر ومعرفة‬
‫أفضل وقُدرة أكبر على اإلستذكار باإلضافة إلى الثقة عند إصدار األحكام عند اإلختيار ولكن إن‬
‫كانت خصائص التحكم تتطلب الكثير من المصادر فيُمكن أن يحصلوا على تأثير سلبي على تلك‬
‫ال ُمخرجات والنتائج‪.‬‬

‫إن تحديد المدى الذي يكون فيه تأثير التفاعل أو التحكم سلبيا ً أو إيجابيا ً على تجربة إستخدام‬
‫اإلنترنت من قبل ال ُمستهلكين صعبٌ للغاية مع قياسات اإلبالغ الذاتي التقليدية ‪ ,‬حيث أن قياسات‬
‫التسويق العصبي يُمكنها عادة ً توفير ُمؤشرات افضل لإلستجابات المعرفية ال ُمرتبطة التي تتضمن‬
‫اإلنتباه و القوة العاطفية وردود الفعل اإليجابية أو السلبية‪.‬‬

‫مواءمة اإلعالنات مع المهمات واألهداف بإستخدام اإلنترنت‬

‫يتوجه الناس إلستخدام اإلنترنت لهدف ما على عكس ُمشاهدة التلفاز حيث يُشاهد الناس التلفاز بشكل‬
‫أمر ُمستحيل دون أدنى هدف أو نية أو‬ ‫عام بال هدف إال الترفيه حيث أن إستخدام اإلنترنت عموما ً ٌ‬
‫حتى ُمهمة تقود السلوك فالهدف يختلف حسب إنخراط الناس باإلعالنات‪.‬‬

‫عندما تتواجد اإلعالنات في نطاق البيئة الطبيعية كما رأينا في الفصل الحادي عشريكون من النادر‬
‫ُمعالجتها بإستخدام النظام ‪ 2‬للتفكير المنطقي (المسار ال ُمباشر لفاعلية اإلعالنات)‪ ,‬فهم عادة ً ال‬
‫يجذبوا الكثير من اإلنتباه ولكن عندما يجذبوا اإلنتباه عادة يكون ذلك بسبب توليدهم لإلستجابات‬
‫العاطفية السلبية من خالل تشويش تجربة اإلستمتاع والترفيه‪ ,‬وفي مثل تلك الحاالت تُصبح فاعلية‬
‫الترفيه مسألة لتجاوز اإلنتباه واإلقناع واإلستذكار بإستخدام ُمعالجة اإلنتباه القليل وال ُمنخفض و‬
‫التكيّف ال ُمتكرر والذاكرة الضمنية (المسار غير ال ُمباشر لفاعلية اإلعالنات)‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫وفي نطاق الهدف ال ُموجه من ال ُممكن أن يُصبح المسار ال ُمباشر أكثر إرتباطا ً إن كان ال ُمستهلك‬
‫يتصفح صفحة الويب لهدف ما و يتضمن هذا الهدف الحصول على المعلومات فاإلعالنات في تلك‬
‫الصفحة يُمكن أن تُصبح شيء آخر غير التسويش ومن ال ُممكن أن تُصبح مصدرا ً آخر للمعلومات‬
‫التي قد تُساعد في ال ُمهمة التي ب ُمتناول اليد وعندما يسعى العقل البشي وراء هدف ما ينتبه إلى أي‬
‫شيء يُمكن أن يُساعده في تحقيق ذلك الهدف (انظر إلى الفصل السابع) إن اإلعالنات عبر اإلنترنت‬
‫في نطاق السعي وراء األهداف يُمكن أن تُعالج بطريقة ُمختلفة عن إعالنات التلفاز التقليدية هذا فقط‬
‫إذا تماشت المهمات واألهداف بإستخدام اإلنترنت التي يتتبعها في اللحظة التي شاهد فيها ال ُمستهلك‬
‫اإلعالن‪.‬‬

‫إن ال ُمشكلة ال ُمتعلقة بالكثير من اإلعالنات على شبكة اإلنترنت هي عدم تماشيها مع المهمات‬
‫واألهداف تلك بالطبع توقعات ال أكثر إن أكثر أنواع اإلعالن عبر اإلنترنت تماشيا ً هو إعالنات‬
‫البحث وهي عبارة عن اإلعالنات النصية التي تظهر فوق وعلى يمين نتائج البحث الخاصة بك‬
‫على ‪ Google‬أو أي ُمحرك بحث آخر فإذا كنت تبحث عن معلومات حول الكاميرا الرقمية فإن‬
‫اإلعالنات التي تحتوى على أفضل األسعار ستظهر بجانب نتائج البحث وتلك اإلعالنات تكون ذات‬
‫صلة ُمباشر بإهتماماتك الحالية وستميل إلى اإلنتباه إليهم‪.‬‬

‫تنعكس إيجابية مواءمة إعالنات البحث في مدى إستثمار ال ُمعلنين لنفقاتهم عبر اإلنترنت وقد بقيت‬
‫شهرة ً فيما يتعلق باإلعالنات عبر اإلنترنت وهو ما يُمثل نصف‬ ‫إعالنات البحث أكثر النماذج ُ‬ ‫أمور‬
‫النفقات اإلعالنية عبر اإلنترنت في عام ‪ُ 2012‬مقارنة بما يُقارب بثُلث اإلعلالنات المعروضة‬ ‫تقنية‬
‫والتي عادة ً ما تكون مليئة بالرسوم ولكن بشكل عام ليس لهم أي صلة بالمهام واألهداف ال ُمباشرة‬
‫والرئيسية‪.‬‬

‫وبذلك يُمكن لإلعالنات عبر اإلنترنت أن تكون ُمشابهةً إلى حد كبير لنموذج المسار ال ُمباشر في‬
‫أداءها إذا كانت ُمتماشيةً مع مهام وأهداف ال ُمستهلكين ولكن إن كان العكس سيكون من ال ُمحتمل أن‬
‫تُعامل كإعالنات التلفاز التقليدية أو يتم تجنبها ُكلما شوشت أداء المهمة التي في ُمتناول اليد أو يُمكن‬
‫أن تكون ُمتصفحة بشكل خارجي فمثالً يُمكن أن يُشاهد إعالن في التلفاز بإنتباه قليل ولكن من غير‬
‫ال ُمحتمل أن يجذب اإلنتباه أو أن يقوم بإيصال رسالة ُمقنعة كما يقوم نموذج المسار ال ُمباشر‪.‬‬

‫عندما تتماشى اإلعالنات التي على شبكة اإلنترنت مع المهام التي أيضا ً على شبكة اإلنترنت حينها‬
‫يسكون هنالك فُرصة حقيقية لإلعالنات في أن تُصبح أقل تدا ُخالً وأكثر ُمالءمة لمطالب وإحتياجات‬
‫ال ُمستهلكين فمثل تلك النتائج تُفيد كل من ال ُمستهلكين وال ُمعلنين أي أن يتعرض ال ُمستهلكون إلى‬
‫اإلعالنات التي لها قيمة إعالمية حقيقية بالنسبة لهم وبالتالي على ال ُمعلنين وضع رسالتهم أمام‬
‫الجمهور الذين لديهم إهتمام حقيقي لتلقي تلك الرسالة‪.‬‬

‫تقليص الفجوة بين التسويق والشراء‬

‫‪232‬‬
‫إن الطريقة األخيرة والتي بها يختلف التسويق عبر اإلنترنت عن التسويق التقليدي هي القُدرة على‬
‫تقديم اإلشباع ال ُمباشر والفوري حول نية الشراء ‪ -‬للمرة األولى منذ زوال مندوب المبيعات الذي‬
‫يأتي إلى البيوت – حيث أصبح بإمكان ال ُمستهلكين رؤية ال ُمنتج وطلبه وشراءه كل ذلك في وقت‬
‫واحد‪ ,‬فعندما أصبح البيع عبارة عن عدة نقرات‪ ,‬حيث أن أحد أهم المقاصد الرئيسية للتسويق‬
‫تضاءلت إلى حد كبير فلم يعد من الضروري إنشاء ذاكرة تدوم مدى الحياة سواء أكانت ذاكرة‬
‫ضمنية او صريحة‪ ,‬أليام أو اشهر بين التعرض للرسائل أو فُرص الشراء‪.‬‬

‫إلى جانب اإلعالنات التي تتماشى مع مهمات وأهداف ال ُمستهلك حيث أن القُدرة على إتمام الشراء‬
‫حول تجارب الشراء عبر اإلنترنت إلى تجارب مبيعات شاملة هذا‬ ‫عند نُقطة التعرض لإلعالنات ت ُ ّ‬
‫يعني أن إختبار الفاعلية النسبية للتسويق عبر اإلنترنت يُمكن أن تشمل الخيار وال ُمخرجات بما في‬
‫ذلك اإلنتباه واإلستجابات العاطفية لإلعالنات‪ ,‬والمدى الذي تعمل به تلك العوامل دون ُمستوى‬
‫الوعي اإلدراكي أو توظف اإلستدالل أي إختصارات األحكام وعمليات إتخاذ القرار‪ ,‬حيث توفر‬
‫طرق التسويق العصبي أدوات ُمفيدة ل ُمقارنة تصاميم ُمختلفة‪.‬‬ ‫ُ‬

‫إن القُدرة على تحويل التعرض للتسويق إلى فُرص للمبيعات قد زادت من أهمية الصفحة المقصودة‬
‫أي الصفحة التي تظهر لك عند النقر على إعالن ما ‪ ,‬فالصفحات المقصودة هي المكان الذي يتحول‬
‫فيه ال ُمنتج المعروض في اإلعالن الموجود على صفحة الموقع إلى فُرصة شراء إن سارت األمور‬
‫على ما يُرام‪ ,‬حيث أن المبادئ التوجيهية لزيادة قوة اإلقناع للصفحات المقصودة قد تم تطويرها‬
‫بواسطة ُمصممي صفحات الويب والعديد من تلك المبادئ التوجيهية أخذت على األقل جزءا ً من‬
‫مبادئ التسويق العصبي التي تمت تغطيتها في هذا الكتاب كسالسة ال ُمعالجة وتنشيط األهداف الغير‬
‫ُمدركة ومبادئ اإلقناع الستة الخاصة ب ‪( Cialdini‬راجع الجزء الثاني)‪.‬‬

‫بناء أفضل موقع إنترنت‬


‫وألن الناس تتوجه إلى إستخدم اإلنترنت لهدف ما‪ ,‬تواجدت مواقع اإلنترنت لتحقيق تلك األهداف أيا ّ‬
‫كانت‪ ,‬إن "أفضل" موقع إنترنت هو الموقع الذي يسمح لزواره بتحقيق أهدافهم و إنجاز مهامهم‬
‫بسهولة مع الشعور باإلرتياح والرضا‪.‬‬

‫كيف يستوعب الدماغ صفحات اإلنترنت!‬

‫عندما يستعرض الناس صفحة ويب ما تتفحص أعينهم الصفحة من خالل نوعين من اإلنتباه والذي‬
‫تطرقنا له سابقا ً‪ :‬اإلنتباه التصاعدي و اإلنتباه التنازلي (انظر إلى الفصل الخامس)‪.‬‬
‫إن األبحاث الواسعة النطاق الخاصة بتتبع العين قد أثبتت أن اإلنتباه التصاعدي يتم تفعيله تلقائيا ً‬
‫دون تحكم ُمدرك ويحدث ُمباشرة ً عندما يرى الشخص شيئا ً جديدا ً في المجال البصري الخاص بهم‪,‬‬
‫ي ألنهم يجذبون‬ ‫حيث أن بعض الخصائص الخاصة باألشياء التي نراها بارزة بصريا ً بشكل طبيع ّ‬
‫اإلنتباه التصاعدي المرئي بشكل تلقائي ويتضمن ذلك ما يلي‪:‬‬

‫‪233‬‬
‫✓ درجة السطوع بنا ًء على الخلفية‬

‫✓ الحدود ال ُمميزة‬

‫✓ مركز الرؤية‬

‫✓ التجمعات الديقة الخاصة باألشياء المرئية‬

‫✓ تداخل العناصر‬

‫✓ الحركة (خاصة حول الحواف)‬

‫✓ الوجود والمواقع حيث تنظر الوجود‬

‫إن اإلنجذاب التلقائي يُمكن التنبؤ به‪ ,‬حتى أن بعض الشركات توفر برمجية يُمكنها تحديد العناصر‬
‫البارزة الخاصة بصفحة إنترنت ما أو شيء بصري آخر وكذلك األمر ال ُمحتمل الذي يُمكن أن‬
‫يُصلح األشياء المرئية بدقة تصل إلى ‪ُ %80‬مقارنة بالدراسة الفعلية لتتبع العين‪.‬‬

‫وبإستخدام المعلومات المبنية على علم األعصاب أصبح من ال ُممكن تفعيل تصميم موقع اإلنترنت‬
‫بخصائص بصرية بارزة لتوجيه أنظار ال ُمشاهدين إلى المواقع المطلوبة على الصفحة‪ ,‬حيث يولد‬
‫اإلنتباه التصاعدي خطة بارزة عن األماكن الموجودة على صفحة اإلنترنت والتي تستحق التصفح‬
‫وتسمح أيضا ً لنا بشكل غير ُمدرك بتقسيم صفحة اإلنترنت إلى مناطق وأيضا ً تمهيد الطريق للنوع‬
‫الثاني من اإلنتباه وهو اإلنتباه التنازلي والموجه من قبل أهداف ونوايا ال ُمشاهد‪.‬‬

‫هنالك إكتشاف ُمهم من األبحاث الخاصة بتتبع العين وهو أن أهدافنا تصنع إختالفا ً لألماكن التي‬
‫ننظر إليها سواء أكان رؤية صفحة ويب أو رف تسوق أو إعالن مطبوع على مجلة حيث يستخدم‬ ‫تذكَّر‬
‫الناس إستراتيجيات تصفح ُمختلفة عندما يكون ُهنالك هدف في أذهانهم فاألهداف تُحدد بشكل كبير‬
‫األشياء التي نُعيرها إنتباهنا وقد أثبت العديد من الدراسات كيف أن المعلومات ال ُمتعلقة يتحقيق‬
‫الهدف بشكل أكبر أفضل من المعلومات التي لها عالقة لها بتحقيق الهدف‪.‬‬

‫إن اإلختيار البصري هو إختيار مناطق ُمعينة من صفحة الويب للتركيز عليها فإذا إختار ال ُمستهلك‬
‫شيء ما من مجموعة البدائل الموجودة على سبيل المثال سيُركز ال ُمستهلك أنظاره بشكل أكثر‬
‫إنتقائية على البدائل الفرعية ال ُمتاحة ومن ال ُمحتمل أن تتخذ قرارها من المجموعة الفرعية‪ ,‬حيث‬
‫أكتشف أنه ُكلما إستغرق ال ُمستهلك وقتا ً في النظر إلى شيء ما كان من ال ُمحتمل أكثر أن يقوم‬
‫بإختياره وهذا األمر يخلق فُرصةً ل ُمصصمي صفحات الويب لهيكلة طريقة عرض خيارات‬
‫اإلختيار وذلك من خالل زيادة ُمدة عرض بعض الخيارات أكثر من غيرهم وبذلك يُصبح بمقدورهم‬
‫زيادة إحتمالية إختيار تلك الخيارات‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫ليس لصفحات الويب خاصية موضوعية للفاعلية فهم أقل أو أكثر فاعلية بالنسبة للهدف أو المهمة‬
‫تحذير!‬
‫ال ُمعطاة فإذا عرض ُمزود التسويق العصبي إختبار صفحات الويب أو موقع اإلنترنت دون إعطاء‬
‫ال ُمشاركين في الدراسة مهمة صريحة ل ُمتابعتها فلن تُخبرك النتائج بالكثير ألن الناس يقومون بإنشاء‬
‫مهامهم الخاصة والتي ستختلف بشكل غير ُمتوقع ع باقي مجموعات اإلختبار‪ ,‬وكعميل للتسويق‬
‫العصبي ستكون مسؤوليتك معرفة المهمة التي يُريد زوارك تحقيقها وإنجازها في كل صفحة من‬
‫صفحات موقع الويب الخاص بك وإيصالها ب ُمزود التسويق العصبي الذي تتعامل معه‪.‬‬

‫موقع الويب واإلحباط أو اإلرتباك أو الرفض الذي يتسبب به موقع الويب‬

‫جرب الجميع اإلحباط الذي يتسبب به موقع الويب حيث أن ال ُمسبب الرئيسي لذلك هو عدم التوافق‬ ‫ّ‬
‫بين تصميم صفحات الويب ونية ال ُمستخدم وهو أيضا ً فشل صفحة الويب في تقديم األهداف‬
‫والتوقعات ال ُمتعلقة حول تفاعل الشخص مع الصفحة‪ ,‬إن الباحثين حول إمكانية إستخدام اإلنترنت‬
‫عادة ما يجمعون األدلة بالمواءمة أو عدم المواءمة من خالل طرح األسئلة على الناس عن ما‬
‫طرق اإلبالغ‬ ‫تعرضوا له وذلك من خالل طريقة التحدث بصوت عا ٍل ولهذا األسلوب قيود ُمشابهة ل ُ‬
‫الذاتي األخرى وفي مثل تلك الحاالت يُمكن أن ال يكون االشخص ُمدركا ً لألسباب الحقيقية إلحباطه‬
‫ويُمكن أن يُقدم تبريرات معقولة في ذلك الوقت ولكن نُقطة إعادة التصميم يُعد إتجاها ً خاطئا ً‪.‬‬

‫هنالك عامل واحد يؤثر بشكل واضح على الرضا عن تجربة إستخدام اإلنترنت أال وهو وجود‬
‫إضطراب يؤثر على اإلعالن‪ ,‬تتواجد اإلعالنات حول حواف صفحة اإلنترنت وغالبا ً ال يتوافقون‬
‫مع نية ال ُمتصفح وفي مثل هذه الحالة يُمكن أن يكون لها تأثير تشويشي هامشي من الصعب قياسه‬
‫طرق التقليدية حتى تتبع العين قد تكون ُمضللة في هذه الحالة ألنها فقط تقوم بتسجيل مركزنا‬ ‫بال ُ‬
‫البصري المرئي و ال تقوم بتسجيل نظرتنا الطرفية إن كانت اإلعالنات حول ال ُمحيط الخارجي‬
‫للصفحة فقد يظهروا في تسجيل تتبع العين أنه تم تجاهلهم تماما ً (النتيجة الشائعة لتتبع العين تُسمى‬
‫عمى اإلعالنات) ولكن في حقيقة األمر أنه تم ُمالحظتهم من الخارج وقد يكون لهم تأثير كبير‬
‫وواضح على تجربة ال ُكلية لتصفح صفحة الويب‪.‬‬

‫يُمكن لإلعالنات الخارجية في صفحة اإلنترنت تعطيل وتشويش تجربة التصفح من خالل خلق‬
‫فوضى تشويشية ال سيما إن كانت تتضمن جوانب لإلنتباه التصاعدي كاأللوان الزاهية والرسوم‬
‫ال ُمتحركة ال ُمضيئة أو الصور ال ُمتحركة التي يُمكن أن تكون ُمشوشة ألن رؤيتنا الخارجية تتحسس‬ ‫أمور‬
‫من الحركة حول الحواف ضمن المجال الرؤيا وبذلك ال يسعنا إال اإلنجذاب لها ولسوء حظ ال ُمعلنين‬ ‫تقنية‬
‫أن اإلنجذاب يأتي بتكلفة عاطفية سلبية بسبب حساسيته إتجاه الحركة الخارجية بإعتبارها عالمة‬
‫عاطفية لتحديد الخطر ‪ ,‬ولكن هذا ال يعني أن نُسقط حاسوبنا المحمول ونركض مفزوعين عندما‬
‫نتصور الحركة الموجودة على حواف صفحة الويب حيث شهدنا زيادة في اإلنزعاج وال ُمقاومة التي‬
‫ستؤثر على ذكرياتنا وسلوكياتنا فيما بعد‪.‬‬

‫حاول بعض الناشرين مواجهة هذه اآلثار السلبية بنقل اإلعالنات إلى وسط الصفحة حيث تتقاطع‬
‫مع تدفق ُمهمة ال ُمتصفح وقد وجد العُلماء عند دراسة هذا التكتيك نتيجة ُمتناقضة ‪ :‬اإلعالنات التي‬

‫‪235‬‬
‫لم تكن تتوافق مع النية حيث تم وضع اإلعالن في وسط مجرى تدفق المهام مما زاد بشكل كبير‬
‫وملحوظ الوعي والذاكرة ال ُمتعلقة باإلعالن ولكنه أيضا ً أدى إلى نتائج شرائية أقل‪ ,‬وقد الحظ الناس‬
‫اإلعالن بشكل أكبر ولكنه أدى إلى إستجابات عاطفية سلبية بسبب هذا التشويش وقد دفع ال ُمعلنين‬
‫الثمن أما بالنسبة لإلعالنات التي تتماشى مع النية كان اإلعالن أكثر نجاحا ً وتم تطوير الوعي‬
‫واإلستذكار ونية الشراء‪.‬‬

‫ال ُمعالجة غير ال ُمدركة وتجربة الشراء عبر اإلنترنت‬

‫يتم تنشيط العمليات الغير ُمدركة وال ُمخرجات بشكل كامل من خالل تجربة التسوق عبر اإلنترنت‬
‫حيث يعمل كل من اإلستحضار الذهني و ُمعالجة اإلنتباه والقليل والذاكرة الضمنية بجانب العمليات‬
‫ال ُمدركة ُكلما إنخرط ال ُمستهلك في تجارب الشراء عبر اإلنترنت حيث أن على ُمصممي مواقع‬
‫اإلنترنت وال ُمعلنين عبر الويب أن يفهموا كيفية تأثير تلك العمليات على مواقف وسلوكيات‬
‫ال ُمستهلك بهدف تحقيق أقصى قدر من الفاعلية والرضا بإستخدام شبكة اإلنترنت‪.‬‬

‫يوجد مثال على تلك العمليات في العمل في مقال عام ‪ 2008‬عنوانه " ال ُمعالجة غير ال ُمدركة‬
‫إلعالنات الويب" ‪http://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/dir.2010/abstract‬‬

‫وبإستخدام تصميم تجريبي ذكي إستطاع المؤلف ‪ Chan Yun Yoo‬إثبات أن اإلنتباه ال ُمدرك‬
‫لإلعالنات الموجودة على اإلنترنت لم يكن ُمهما ً حتى يُصبح لتلك اإلعالنات تأثير على ذاكرة‬
‫ال ُمشاركين ومواقفهم أو سلوك اإلختيار الالحق للعالمة التجارية وقد أنتجت هذه الدراسة ‪3‬‬
‫إكتشافات رئيسية‪:‬‬

‫✓ ال ُمستهلكين الذين تعرضوا لإلعالنات عبر اإلنترنت بشكل غير ُمدرك أثبتوا بشكل ملحوظ‬
‫تأثيرات اإلستحضار الذهني الناجمة عن الذاكرة الضمية لإلعالنات‪.‬‬

‫✓ يبني ال ُمستهلكين مواقف أكثر إيجابية إتجاه العالمات التجارية ال ُمعلن عنها بغض النظر إن‬
‫تعرضوا لإلعالنات عبر اإلنترنت بشكل ُمدرك أو غير ُمدرك‪.‬‬

‫✓ ال ُمستهلكين الذين تعرضوا لإلعالنات عبر اإلنترنت بشكل غير ُمدرك يميلون أكثر إلى إختيار‬
‫العالمة التجارية ال ُمعلن عنها في اليوم التالي إلختيار العالمة التجارية ُمقارنة بال ُمستهلكين الذين لم‬
‫يتعرضوا لإلعالن (المجموعة الضابطة)‪.‬‬

‫تلك الدراسة هي من أوائل الدراسات التي أثبتت بشكل قاطع أن ال ُمعالجة الغير ُمدركة إلعالن‬
‫موجود على اإلنترنت ُممكنة ويُمكن أن تحدث في غياب الوعي اإلدراكي لرؤية اإلعالن وقد يؤدي‬
‫إلى تأثير إيجابي على إتجاهات العالمة التجارية ونوايا الشراء‪.‬‬

‫كيف تمكن الناس من الكشف عن ذكريات ال يعلمون بها‬

‫‪236‬‬
‫سم ‪Chan‬‬ ‫وإلختبار آثار الذاكرة الضمنية في دراسته " ال ُمعالجة الغير ُمدركة إلعالنات الويب" ق ّ‬
‫‪ Yoo Yun‬ال ُمشتركين إلى ثالث مجموعات بشكل عشوائي المجموعة األولى هي المجموعة‬
‫الضابطة والتي شاهدت صفحات الويب بدون إعالنات والمجموعة الثانية شاهدت صفحات الويب‬
‫طلب منهم تجاهلها تماما ً أما المجموعة الثالثة فقط شاهدت صفحات الويب ذاتها‬ ‫بإعالنات ولكن ُ‬
‫ولكن ُ‬
‫طلب منهم أن ينتبهوا لإلعالنات‪.‬‬

‫بعد ُمشاهدة صفحات الويب أُعطي ال ُمشاركون مهمة لتكملة الكلمات وعليهم أن يقوموا بتكملة‬
‫الكلمات ك __‪ LI‬و __‪.KI‬‬

‫أحد اعالنات المعروضة على صفحة الويب ذكرت فيلم ‪ Lion King‬فعندما رأى أعضاء المجموعة‬
‫الثانية الذين رأوا اإلعالن وتجاهلوه أكملوا تلك الكلمات أكثر من الناس الذين لم يروا اإلعالن‬
‫(المجموعة الضابطة) وهذا دليل لصالح الذاكرة الضمنية حيث أن التجاهل صنع إنطباعا ً غير‬
‫ُمدرك مما سمح للكلمتان أن يتبادرا إلى األذهان أكثر من ال ُمتوقع‪.‬‬

‫طلب‬‫في اإلختبار الثاني تم التواصل مع ال ُمشاركين عبر البريد اإللكتروني بعد يوم من التجربة و ُ‬
‫منهم إختيار فيلم واحد من األفالم الموجودة على اإلنترنت لتأجيره فإختار ال ُمشاركين من المجموعة‬
‫الثانية أفالما ً خيالية من اإلعالنات التي قاموا بتجاهلها وبذلك يكون هذا دليل آخر على تأثيرات‬
‫الذاكرة الضمنية حتى وإن لم يروا اإلعالن بشكل ُمدرك حيث قد تم تسجيل الموقع الذي رأوا فيه‬
‫اإلعالن داخل ذاكرتهم ومن ثُمن قاموا بتفعيله عندما إحتاجوه وكان ذلك أكثر من ال ُمتوقع‪.‬‬

‫في عالم اإلنترنت يكون ُمتوسط النقر على اإلعالنات بتقدير أقل من ‪ %0.2‬وقد أثبتت نتائج تتبع‬
‫العين أن ال حد ينتبه إلى اإلعالنات المعروضة على اإلنترنت وقد أظهرت تلك النتائج أخبارا ُ سارة‬
‫طرق أخرى يُمكن لإلعالنات عبر اإلنترنت التأثير على ال ُمستهلكين‬ ‫‪ ,‬فمن خالل معرفة وقياس ُ‬
‫حيث يُقدم التسويق العصبي صورة أكثر واقعية عن كيفية عمل الجهود المبذولة على اإلنترنت فعليا ً‬
‫وبإستخدام التقيات الجديدة يُمكن لل ُمسوقين وال ُمعلنين فهم الكيفية التي تؤثر بها اإلنطباعات على‬
‫ال ُمستهلكين خارج الذاكرة الصريحة والنقر على اإلعالن‪.‬‬

‫تلبية أغلب إحتياجاتنا بإستخدام اإلنترنت‬

‫لن يكون األمر ُمبالغة إن قُلنا أن اإلنترنت قد غيّر تقريبا ً جميع جوانب الحياة اليومية التي نعيشها‪,‬‬
‫إليكم أكثر مجاالت التغيير وكيف يؤثرون على التسويق عبر اإلنترنت وعلى تجارب إستخدام موقع‬
‫الويب‪:‬‬

‫✓ كيف نبحث عن األشياء‪ :‬على عكس التلفاز الذي يوفر لنا تجربة ترفيهية تقليدية يُعد اإلنترنت‬
‫وسيلة للحصول على المعلومات وكل ما نقوم به من أمور على شبكة اإلنترنت يتضمن الحصول أو‬
‫تقييم أو ُمقارنة المعلومات وقد يكون لذل أثر عميق على آلية عمل التسويق واإلعالن‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫✓ كيف نتبادل األشياء ‪ :‬أدت زيادة مواقع الشبكات اإلجتماعية إلى خلق العديد من ال ُ‬
‫طرق للتواصل‬
‫صنع عالقات صداقة جديدة حتى أن كلمة صديق تحولت إلى فعل! يُمكن‬ ‫مع األصدقاء القُدامى و ُ‬
‫للناس تبادل ومواءمة تفضيالتهم وأهدافهم مع أصدقائهم أسهل من ذي قبل وخلق فُرص وتحديات‬
‫جديدة لل ُمسوقين‪.‬‬

‫✓ كيف نشتري األشياء‪ :‬بالنسبة إلى أي نوع من ال ُمنتجات يُمكن لإلنترنت حل الفارق الزمني ما‬
‫بين التسويق والشراء فالحاجة للتسويق لخلق ذكريات هو إحتما ٌل ضئيل ففُرص التسويق في خلق‬
‫رضا ُمباشر في إزدياد‪.‬‬

‫األبحاث عبر اإلنترنت والمعلومات التي ال حدود لها‬

‫لقد غيّر اإلنترنت عالقتنا مع المعلومات‪ ,‬في القديم لنقُل قبل عام ‪ 1995‬كان الناس يحصلون على‬
‫معلوماتهم من ال ُمجمعين الذين يختارون المعلومات لهم‪ ,‬حيث يختار الناس ال ُمجمع الذي أعجبهم‬
‫ويُحضر لها أخبار الجرائد والمجالت و أخبار المساء ألن الناس يثقون بهؤالء ال ُمجمعين الذين‬
‫يقومون بإعطائهم المعلومات التي يحتاجونها‪ ,‬كان تجميع المعلومات إلى حد كبير أمر سلبي فعادة ً‬
‫ال يبحث الناس عن المعلومات فهم يستهلكون ما تم تقديمه‪.‬‬

‫على اإلنترنت‪ ,‬تم إستبدال إسهتالك المعلومات التقليدية بالبحث النشط‪ ,‬وأصبحت التجميعات‬
‫القديمة أُمور ُمهددة باإلنقراض ُكلما إنخفضت إشتراكات المجالت والجرائد وقل ُمشاهدي أخبار‬
‫المساء ولكن اآلن وضعت ُمحركات البحث ك ‪ Google‬و‪ Bing‬معلومات ال حصر لها وتحت‬
‫تصرف الناس وهذا لم يُغير فقط كمية المعلومات ال ُمتاحة ولكن الطريقة التي يتفاعل بها الناس مع‬
‫المعلومات‪.‬‬

‫إن البحث كالمهام األخرى على شبكة اإلنترنت يقوم بتوجيه هدف ما وقد إكتشف العُلماء أن نهج‬
‫الناس في البحث عن المعلومات على شبكة اإلنترنت يُشبه إلى حد ما بحث الحيوانات البرية عن‬
‫الطعام فهم ال يعتمدون على مصادر المعلومات الموثوقة‪ ,‬فأي موقع يواجهونه يُعد رقعةً للمعلومات‬
‫حيث يقومون بتقييمها تحقيقا ً للجودة بنا ًء على كمية المعلومات الي يوفرها الموقع وال ُمرتبطة‬
‫بأهدافهم ف ُكلما أصبح الناس ُخبراء في البحث ُكلما كان تقيمهم تلقائيا ً وغير ُمدرك‪.‬‬

‫يعتمد كل من تصميم موقع اإلنترنت واإلعالنات الفعّالة عبر اإلنترنت على تحديد وفهم كيفية عمل‬
‫هذه العملية الجديدة وال ُمتعلقة بالبحث عن المعلومات حيث تختلف عن تقنيات تجميع المعلومات‬
‫التقليدية التي يستخدمها ال ُمستهلك في عصر ما قبل إستخدام اإلنترنت‪,‬إن النوايا الصريحة و المهام‬
‫ال ُمحفزة بشكل إرادي هي أمور رئيسية للبحث عن المعلومات ولكن العمليات غير ال ُمدركة التي‬
‫ي وتلقائي أيضا ً مما يجعل مجال البحث جاهزا ً للدمج الكامل مع تقنيات‬
‫دور رئيس ٌ‬
‫تحدث بسرعة لها ٌ‬
‫التسويق العصبي والتقنات التقليدية‪.‬‬

‫الشبكات اإلجتماعية والتبادل الالمحدود‬

‫‪238‬‬
‫غير اإلنترنت كيفية تواصلنا مع اآلخرين وقام بتأثير كبير وواضح على كيفية تبادلنا وتشكيلنا‬ ‫لقد ّ‬
‫عمالئهم ومع طبيعة‬ ‫للتفضيالت‪ ,‬سابقا ً كان ال ُمعلنون يتمتعون بطريقة تواصل واحدة بسيطة مع ُ‬
‫غير الجيل األول من اإلنترنت كل‬ ‫وتوقيت اإلتصاالت التي كانت تحت سيطرتهم ال ُمباشرة‪ ,‬ولكن ّ‬
‫هذا وجعله أسهل بشكل ال يُعقل لتأسيس إتصاالت ثُنائية اإلتجاه بين ال ُمعلنين وال ُمستهلكين تحت‬
‫سيطرة اإلنتقال اآلنتي ذهابا ً وإيابا ً بين ال ُمعلن وال ُمستهلك وبذلك أصبحت الحياة أكثر تعقيدا ً‪.‬‬

‫وبعدها جاءت الشبكات اإلجتماعية لتُضيف طرفا ً ثالثا ً أكثر دقة إلى الوضع – نطاق واسع من‬
‫األصدقاء والمعارف الذين يتواصلون مع بعضهم البعض فورا ً ‪ -‬والذين يرغبون في تبادل وتوثيق‬
‫كل تفاصيل حياتهم بما في ذلك ما يُحبون وأين يذهبوون وماذا إشتروا‪.‬‬

‫علماء األعصاب حديثا ً أمرا ً غير ُمدهش ل ُمستخدمي موقع ال‪ Facebook‬وهو أن التحدث عن‬ ‫وجد ُ‬
‫نفسك لآلخرين ُمكافأة بحد ذاتها كما أنه يُنشط دوائر ال ُمكافأة ذاتها داخل دماغنا كاألكل وإستالم‬
‫األموال‪ ,‬وقد إستغلت مواقع الشبكات اإلجتماعية هذا النزع العميق في طبيعة البشر و إعطاء ُكل‬
‫شخص منا المنبر لتبادل أكثر األفكار خصوصية وحميمية مع المئات إن لم يكن الماليين من الناس‪.‬‬

‫إن العائد من كل هذا التبادل بين التسويق واإلعالنات هو جعل عمليات اإلقناع واإلختيار أكثر‬
‫تعقيدا ً ف ُكلما تضاعفت أعداد الخيارات التي نُصادفها كل يوم ُكلما أصبح الوصول إلى تفضيالتنا‬
‫أسهل والرسائل التي نتلقاها من ال ُمعلنين وال ُمسوقين ال عالقة لها مع كيفية اتخاذنا للقرار‪ ,‬وقد ذهب‬
‫بعض ال ُمعلقين بعيدا ً إلى التكهن في أن اإلختيارال ُمستقبلي في عالم الشبكات اإلجتماعية سيُصبح‬
‫تقليدا ً أعمى أكثر من أن يكون إتخاذا ً للقرار‪.‬‬

‫أمر يُناشد أدمغتنا البخيلة معرفيا ً فسواء أقُمنا بنسخ‬


‫إن نسخ سلوك أو قرارات اآلخرين اإلستراتيجية ٌ‬
‫تفضيالت أصدقاءنا أو الناس بشكل عام سيكون األثر الصافي عالما ً يُمكن التنبؤ به بحيث يُصبح‬
‫سمعة العالمة التجارية أو عرض بيع‬ ‫الشيء مشهورا ً فقط ألنه مشهور وليس لجودة أوجوهره أو ُ‬
‫عالم ضعف فيه قوة الوالء للعالمة التجارية بسبب قوة التوافق اإلجتماعي‪.‬‬ ‫فريد من نوعه في ٍ‬
‫التسوق عبر اإلنترنت واإلختيار الالمحدود‬

‫أحد الخصائص ال ُمميزة والفريدة من نوعها والخاصة بالتسويق عبر اإلنترنت هي إزالة الفجوة ما‬
‫بين اإلعالن والشراء وجانب آخر من التطور أال وهو إنفجار الخيار في السوق‪ ,‬فقط إختر أي ُمنتج‬
‫من أي فئة واإلنترنت سيوفر لك الفُرصة لشراء ال ُمنتج فورا ً وليس ذلك فحسب ولكن باإلضافة إلى‬
‫مجموعة من الخيارات غير المحدودة من العروض باإلضافة إلى األدوات التفاعلية ل ُمقارنة أي‬
‫بعرض آخر‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫عرض‬

‫فعلى سبيل المثال بحث بسيط يتعلق بأفران التحميص‪ ,‬كانت العائدات أكثر من ‪ 6000‬نتيجة مع‬
‫خيارات لتصنيف و ُمقارنة ال ُمنتجات المتوافرة من حيث السعر والعالمة التجارية وطريقة الطبخ‬
‫والحجم والخصائص‪ ,‬إضافة إلى أن صفحة النتائج كانت ُمفيدة واقترحت العديد من ال ُمنتجات‬
‫ال ُمتعلقة بالفئة إلعتمادها بما في ذلك الحماصات وأفران المايكرويف وصانعة الساندويشات وقوالب‬
‫‪239‬‬
‫الوافل وصانعة القهوة وبإعطاء هذه الخيارات الكثيرة ال ُمتاحة في ُمتناول اليد يتولد السؤال التالي‬
‫بشكل طبيعي‪ :‬كيف تؤثر الخيارات الالمحدودة على الطاقة البشرية إلتخاذ القرار‪.‬‬

‫علماء إتخاذ القرار بالنظر إلى هذا السؤال وقد أثبتت الدراسات بأن‬
‫علماء النفس اإلجتماعي و ُ‬ ‫بدأ ُ‬
‫اإلفراد في اإلختيار يُمكن أن يكون له العديد من التأثيرات على اتخاذ ال ُمستهلك للقرار‪:‬‬

‫✓ اإلمتناع عن إتخاذ القرار‪ :‬عندما تواجه العديد من الخيارات يمتنع ال ُمستهلك عن اإلختيار‪.‬‬

‫✓ اإلعتماد على العادات‪ :‬يُعطي الشراء اإلعتيادي ال ُمستهلك طريقةً لتجنب الخيارات ال ُمعقدة‬
‫باإلعتماد على اإلختيارات السابقة‪.‬‬

‫✓ اإلعتماد على اآلخرين‪ :‬يعتمد الناس أكثر على آراء اآلخرين عندما ال يُمكن فصل الخيارات‬
‫ال ُمعقدة‪.‬‬

‫✓ خفض السيطرة على النفس‪ :‬عندما يقوم ال ُمستهلكين بإتخاذ القرارات ال ُمعقدة تكون العملية‬
‫ُمرهقة ذهنية وعادة ً ما ينتج عنه إستنزاف قوة اإلرادة وضبط أقل للنفس وزيادة في اإلندفاع (انظر‬
‫إلى الفصل السابع)‪.‬‬

‫✓ إعتماد أكبر على اإلستدالل‪ :‬في حالة إستنزاف قوة اإلرادة‪ ,‬من ال ُمرجح أن يعتمد ال ُمستهلكين‬
‫على اإلستدالل الذي يتجاوز عن النظام‪ 2‬الخاص بقُدرات إتخاذ القرار (راجع الفصل الثامن)‪.‬‬

‫بإختصار‪ ,‬إن الخيارات الالمحدودة على شبكة اإلنترنت تضع أعباء كثيرة على قُدرة البشر على‬
‫إتخاذ القرارومع مواجهة الكثير من الخيارات نميل إلى تجنب اإلختيار أو الرجوع إلى النظام‪1‬‬
‫صنع القراروبذلك تُعتبر حالة صعبة‪ ,‬ولكن ما أن أُعطي ُمصمم مواقع الويب فُرصةً لتطوير أدوات‬ ‫ل ُ‬
‫تدعيم القرار التي تُبسط القرار ال ُمعقد ويعود التحكم بالقرارات إلى ال ُمستهلكين وبالطبع هذا المجال‬
‫الذي يُمكن ل ُمستخدمو التسويق العصبي و ُمصممي مواقع الويب أن يضموا القوى لتقديم قيمة حقيقية‬
‫للمتسوقين عبر اإلنترنت كما هو الحال أيضا ً للتُجار وال ُمسوقين وال ُمعلنين‪.‬‬

‫كيفية إستخدام التسويق العصبي إلختبارات تجارب إستخدام اإلنترنت وفاعلية التسويق‬

‫لم نقوم بتطبيق التسويق العصبي على نطاق واسع لدراسة التسويق بإستخدام اإلنترنت وتجربة‬
‫إستخدام الويب وقد أعرب بعض ال ُمعلقين عن وجهة نظر وهي أن التسويق العصبي يُعد ُمبالغة‬
‫وإفراط لفهم النشاط عبر اإلنترنت ولقد إختلفنا مع وجهة النظر تلك حيث طرحنا العديد من األمثلة‬
‫حول كيفية تأثير العمليات غير ال ُمدركة والعالمات العاطفية واإلستحضار الذهني والذاكرة الضمنية‬
‫طرق‬ ‫واإلختيار البديهي على السلوك عند إستخدام اإلنترنت ومع مرور الوقت نتوقع أن تُصبح ُ‬
‫التسويق العصبي أدوات بحثية أكثر وضوحا ً لكل من باحثي التسويق عبر اإلنترنت و ُمصممي‬
‫مواقع اإلنترنت‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫إختبار فاعلية اإلعالنات الموجودة على اإلنترنت‬
‫ال يُمكن اإلستغناء عن تتبع العين في إختبار اإلعالنات الموجودة على اإلنترنت ولكنه ليس حالً‬
‫كامالً‪ ,‬أوالً هذا األسلوب ال يتتبع الرؤية ال ُمحيطية وبذلك ال يتتبع اإلنطباعات حول اإلعالنات التي‬
‫تظهر خارج نمط البصر باإلضافة إلى أن تتبع العين ال يُمكنه إخبارنا عن سبب تركيز ال ُمشاهد على‬
‫طرق إضافية لمعرفة ما إذا كانت تثبيتات‬ ‫منطقة ُمعينة في صفحة الويب‪ ,‬ولذلك يجب إستخام ُ‬
‫البصر أحد وظائف اإلستجابات العاطفية اإليجابية أو السلبية‪.‬‬

‫✓ تحليل تعابير الوجه‪ :‬إن ُمزامنة التغييرات الملحوظة في تعابير الوجه مع تثبيتات البصر يُمكن‬
‫أن يُعطينا أدلة حول إتجاه اإلستجابات العاطفية‪.‬‬

‫✓ التخطيط الكهربائي للعضالت‪ :‬يُمكن لتنشيط عضالت العبوس واإلبتسامة أن تُشير بشكل موثوق‬
‫إلى أن التثبيت مصحوب بعواطف إيجابية أو سلبية على مستوى دقيق‪.‬‬

‫إن منهجيات اإلستجابة ال ُمباشرة للدماغ كالتخطيط الكهربائي للدماغ والتصوير بالرنين المغناطيسي‬
‫قد يكون أقل فائدة إلختبار اإلعالناات الموجودة على اإلنترنت يُعزى ذلك إلى جاجتها إلجراءات‬
‫تجريبية أكثر تفصيالً لفصل آثار اإلعالنات عن آثار العناصر األخرى الموجودة على صفحة الويب‬
‫باإلضافة إلى أنها أكثر تكلفة وتستغرق وقتا ً طويالً‪.‬‬

‫أمر أساسي لفاعلية اإلعالنات الموجودة على اإلنترنت يجب أن تكون‬


‫وألن مواءمة نية ال ُمستهلك ٌ‬
‫صلب إختبار تصاميم اإلعالنات الذي قد يتطلب توحيد كل من القياسات الضمنية‬‫نية ال ُمشاهد في ُ‬
‫والصريحة كإختبارات وقياسات الذاكرة الضمنية للمواقف والسلوكيات والنوايا الصرحة‪.‬‬

‫إختبار سهولة إستخدام موقع اإلنترنت‬

‫لقد أستُخدم كل من تتبع العين والتخطيط الكهربائي للعضالت والتعرف على الوجه بشكل ناجح‬
‫طرق التقليدية كتسجيالت الفيديو والتحدث بصوت عا ٍل‬ ‫إلختبارتجارب موقع الويب بالتزامن مع ال ُ‬
‫ألن اإلختبار يُمكن أن يبقى لساعات طويلة من الوقت‪ ,‬أما تخطيط الدماغ الكهربائي والرنين‬
‫المغناطيسي عادة ً ليسوا عمليين بسبب الراحة‪ ,‬حيث أن إختبار موقع الويب كإختبار اإلعالنات‬
‫الموجودة على الويب يجب أن يتم ضمن الهدف الواضح أو ال ُمهمة ما ينتج نتائج ذات قيمة‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫الفصل الرابع عشر‬

‫فاعلية الترفيه‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫✓ تقدير قوة القصص من أجل الترفيه واإلقناع‬

‫✓ فهم سبب إنجذاب أدمغتنا لألفالم وألعاب الفيديو‬

‫✓ اكتشاف الكيفية التي يعمل بها وضع ال ُمنتج ولما هو ممارسة ُمتزايدة في الترفيه‬

‫✓ رؤية كيفية إستخدام التسويق العصبي إلختبار فاعلية الترفيه‬

‫إن الصناعات اإلعالمية والترفيهية ضخمة بحد ذاتها باإلضافة إال أن ال ُمسوقين من قطاعات‬
‫الصناعة األخرى يستغلون اإلرتباطات التي قامت ببنائها تلك الصناعات مع ال ُمستهلكين لتعزيز‬
‫ُمنتجاتهم وعالماتهم التجارية في هذا المجال‪ ,‬وقد بدأ التسويق العصبي للتو بتوفير منظور ُمختلف‬
‫عن القصص بشكل عام وعن األفالم واأللعاب بشكل خاص وخلق تجارب في عقول الناس بشكل‬
‫ُمدرك وغير ُمدرك يُمكنها التأثير بشكل ملحوظ على المواقف واألداء واألحداث‪.‬‬

‫إن فهم تلك اآلثار شيء ُمهم لل ُمسوقين والباحثين ليس فقط ألن سرد القصص تجارة كبيرة فحسب‬
‫ولكن ألنها وسط توصيل رئيسي لتغير المواقف والسلوك فهو روح وقلب التسويق ألن القصة ليست‬
‫ق ال تسطيع ُمراسالت اإلقناع التقليدي‬ ‫رسالة إقناع واضحة ولكن غالبا ً ما تستطيع إقناعنا ب ُ‬
‫طر ٍ‬
‫إقناعنا من خاللها‪.‬‬

‫في هذا الفصل‪ ,‬تتطرقنا ألربع جوانب لفاعلية الترفيه‪:‬‬

‫✓ كيف تُسيطر القصص على عقولنا وتخيالتنا‬

‫‪242‬‬
‫✓ كيف تُحفزنا األفالم كجمهور ليس فقط كأفراد‬

‫✓ كيف يعمل توظيف ال ُمنتج في وسائل اإلعالم ال ُمختلفة‬

‫✓ كيف تُمثل ألعاب الفيديو نوعا ً جديدا ً من الترفيه التي ينقلنا من ُمالحظين إلى ُمشاركين‬
‫نستنتج بمن خالل وصف ُمختصر لطرق وتقنيات التسويق العصبي أنهم ُ‬
‫طبقوا إلختبار تلك األنواع‬
‫ال ُمختلفة من تجارب الترفيه‪.‬‬

‫لما تُفضل أدمغتنا القصص!‬

‫تظهر جاذبية القصص للدماغ البشري لتُصبح جزءا ً ال يتجزأ في نُظم ال ُمكافئة البيولجية الخاصة بنا‪,‬‬
‫علماء الدماغ‬
‫أي شخص قرأ القصة ذاتها لطفل رضيع سيعرف أن هذا األمر صحيح وقد استكشف ُ‬
‫هذا السؤال بالتفصيل وتوصلوا إلى ثالث فوائد رئيسية تُقدمها القصص للعقل البشري‪:‬‬

‫✓ تنشيط التعاطف‪ :‬إن قراءة أو ُمشاهدة القصص يسمح لنا بتجربة شعور اآلخرين كما لو ُكنا‬
‫نحن‪.‬‬

‫✓ السماح لنا ب ُمحاكاة المواقف التي لم نُجربها بشكل ُمباشر‪ :‬إن قراءة أو ُمشاهدة القصص يسمح‬
‫لنا بتجربة المواقف واألوقات واألماكن التي ال يُمكننا أبدا ً تجربتها بأنفسنا‪.‬‬

‫✓ تدفعنا وتُساعدنا على التعلم‪ :‬للقصص ُمستوى من التفصيل والتواصل مع عناصر تجعل من‬
‫القدرة على تذكرهم أكثر سهولة ُمقارنة بالمعلومات ال ُمنظمة ب ُ‬
‫طرق يصعب الوصول إليها‪.‬‬

‫إن التعاطف هو القدرة على تخيل ما يُفكر ويشعر به األشخاص اآلخرون وقد إكتشف ُمستخدمو‬
‫التسويق العصبي أن تلك القُدرة ُمرتبطة بشبكة خاليا موجودة في الدماغ تُسمى مرآة الجهاز‬
‫العصبي وكلمة عصب هي كلمة يُقصد بها خاليا الدماغ فمرآة األعصاب تُتنشط عندما نقوم بنشاط‬
‫جسمي كتقشير إصبع موز‪ ,‬إن األمر ال ُمثير لإلهتمام هو أن تلك األعصاب هي ذاتها التي نقوم‬
‫بتنشيطها عندما نرى شخصا ً آخر يقوم بتقشير إصبع موز حيث تسمح لها مرآة األعصاب بفهم‬
‫تصرفات الناس وإعادة تكرارها بأنفسنا وكما تسمح لنا بالشعور بمشاعر الناس كما لو أنها مشاعرنا‬
‫أي أنها تسمح لنا بالتعاطف مع اآلخرين‪.‬‬

‫إن المصدر الوحيد لقوة القصص هو قدرتها على تنشيط تلك األعصاب لترجمة سلسلة من الكلمات‬
‫على صفحة أو على صور مرئية على الشاشة إلى تجربة عاطفية ُمشتركة‪.‬‬

‫يُمكننا حرفيا ً الشعور بالمشاعر التي تشعر بها الشخصيات فشكرا ً لمرآة األعصاب الخاصة بنا‬
‫فالتعاطف يُحول اإلشارات العاطفية تلك إلى فضول حول النهاية ال ُممكنة لهذه القصة فتقودنا‬
‫إرتباطاتنا العاطفية في القصة إلى قمع وعينا وإدراكنا لألمور ال ُمحيطة بنا فعليا ً وتسمح لنا بالتجاوز‬
‫علماء النفس اإلحتماعي على‬ ‫والهروب إلى العالم الوهمي ولكن واقعيا ً إلى عالم القصة وقد أطلق ُ‬
‫‪243‬‬
‫هذه الحالة إسم النقل ولكن ليس معنى ذلك ركوب قطار الخيال‪ ,‬سنوضخ في قسم "القصص‬
‫واإلقناع" في وقت الحق من هذا الفصل فإن هنالك الكثر للقيام به مع قوة القصص إلقناعنا‪.‬‬

‫وأن القدرة على التنقل في القصة تُساعد في شرح سبب كون القصص ُمفيدة ل ُمحاكاة الوقائع‬
‫والمواقف البديلة في أذهاننا‪ ,‬حيث يوفر السرد الفعال فائدة ُمهمة على الواقع فهو يوفر تجارب‬
‫حسية تسمح لنا بالشعور بمشاعر التاس اآلخرين ولكن من دون خطر حقيقي‪ ,‬أغلب الناس لن تتسلق‬
‫جبال ‪ Everest‬ولكن بإمكانهم ُمحاكاة ما سيكون عليه الحال إذا قرأ (‪)account of climbers‬‬
‫غرف المعيشة خاصتهم‪.‬‬ ‫جميعها في ُ‬

‫هذا يُذكرني بقصة‪...‬‬

‫إن السرد الفعّال يسمح لنا بالشعور بمشاعر شخصيات القصة وأيضا ً يُمكن أن يُنشط أجزا ًء أُخرى‬
‫من أدمغتنا فعلى سبيل المثال أظهرت الدراسات أن قراءة الكلمات كال ُخزامى والقرفة والعُطر‬
‫والقهوة أو الصابون يُنشط مناطق الشم في الدماغ و تُسمى حاسة الشم الرئيسية تماما ً وكأننا نشمهم‬
‫فعليا ً وكتعبير مجازي مثل " كان لل ُمغني صوت ُرخامي" تلك تُنشط مناطق في الدماغ تُعالج السمع‬
‫وكلمات توصف الحركة مثل " ركل ال ُكرة" حيث تُنشط مناطق الدماغ التي تتحكم بحركة الجسم‪.‬‬

‫تلك جميعها أمثلة رائعة عن الكفية التي يعمل بها الدماغ بمثابة آلة ُمحاكاة لتُساعدنا على فهم العالم‬
‫من حولنا (راجع الفصل السادس)‪ ,‬إن اللغة قُدرة جديدة نسبيا ً خاصة بأدمغة الثديات التي تطورت‬
‫عبرماليين السنين بدون اللغة ويُعد ذلك ذكا ًء أي أننا أعدنا إستخدام عقلنا القديم لهذا النوع الجديد‬
‫تذكَّر‬
‫من ال ُمدخالت‪ ,‬وبنفس الطريقة فهمنا تقشير إصبع الموز من خالل رؤية ما يقوم بذلك ومن منظور‬
‫إختالف كبير بين القراءة عن تجربة ما أو ُمشاهدتها في‬
‫ٌ‬ ‫عمليات ال ُمعالجة الخاصة بالدماغ ُهنالك‬
‫فيلم ما وتجريبها بأنفسنا في كل حالة يتم تنشيط مناطق األعصاب المنطقية ذاتها‪.‬‬

‫في تلك الحاالت وحاالت أُخرى يُنشط السرد نطاق واسع من الذكريات التي تشكلت من خالل‬
‫تجارب سابقة حيث أننا نستطيع الشعور بمشاعر ُمعينة وتجار حسية ُمكررة ألننا تعرضنا لها سابقا ً‬
‫وباإلستفادة من تلك الذكريات العاطفية يُمكن للسرد الفعال دمج التجارب الماضيية والتجارب‬
‫الواقعية بسياق وهمي جديد يُخلق داخل أدمغتنا‪ ,‬إن تنشيط ذكرياتنا ال ُمتعلقة بالتجارب الفعلية كما‬
‫هي في األصل يُساعد في نقلنا إلى عالم الخيال‪.‬‬

‫إن تجربة القصص والروايات طريقة عميقة تُقدم فُرص قيّمة للتعلم دون التعرض لكدمات بسبب‬
‫عواقب التعلم في العالم الحقيقي حيث تُقدم القراءة أمثلة ال حصر لها عن اإلنخراط بأنواع ُمختلفة‬
‫من الناس وإستكشاف أفكار ومشاعر وأحاسيس اآلخرين و ُمشاهدة كيف أن الحاالت والظروف التي‬
‫لم نقم بتجربتها قط يُمكن أن نقوم بتجريبها فمن غير ال ُمدهش أن يكتشف العُلماء أن األشخاص الذين‬
‫يقرؤون ال ُكتب الخيالية يعرضون درجة أعلى من التعاطف مع اآلخرين وعلى إستعداد لرؤية العالم‬
‫من وجهات نظر اآلخرين ال من وجهة نظرهم‪.‬‬

‫تنظيم السرعة والدماغ‬

‫‪244‬‬
‫منذ القصص األولى التي رويت عن نيران ال ُمخيمات عرف رواة القصص والخطباء أن تنظيم‬
‫السرعة والتوقيت أُمور بالغة في األهمية للحفاظ على الحماس عند السرد وبشكل خاص تُحدد‬
‫القصة الجيدة تسلسالً تبادلي من التوتر والحل بعناية فائقة على ُمستويات ُمختلفة في جميع أنحاء‬
‫القصة من تركيب ُجملة واحدة أو مشهد إلى آخر القصة ومن إدخال ال ُمشكلة إلى تصوير العقبات‬
‫الناجمة عن ال ُمشكلة ومن ثم حل ال ُمشكلة وتأثير التجربة على الشخصيات‪.‬‬

‫ومن وجهة نظر ُمعالجة الدماغ يُمكن قياس هذا التناوب بين التوتر والحل من حيث اإلثارة العاطفية‬ ‫أمور‬
‫عرفناه في الفصل السادس‪ ,‬فاإلثارة شعور بالتحفيز والشدة تُصاحب التجربة ال ُمباشرة للتوتر‬ ‫كما ّ‬ ‫تقنية‬
‫وإنخفاض اإلثارة يُعد أحد النتائج الثانوية لل ُمكافئة الخاصة بالحل وبذلك يُمكن قياس وتيرة القصة‬
‫بمقاييس اإلثارة كالنشاط الكهربائي وإتساع بؤبؤ العين (للمزيد من التفاصيل راجع الفصل السادس‬
‫عشر) حيث أن هذا التأثيرات ُمهمة على إختبار القصص الترفيهية‪.‬‬

‫إن تنظيم سرعة القصة ُمهم جدا ً ألن تنظيم السرعة بشكل خاطئ قد يُشوش إنغماس ال ُمتلقي في العام‬
‫الوهمي وقد أظهرت األبحاث أن مرآة األعصاب تُفعّل فقط من خالل السلوك الهادف ومن ال ُمرجح‬
‫أن يُنظر للقصة على أنها ليست هادفة عندما تكون الوتيرة بطيئة فيتسلل إليها الملل والضجر وينهار‬
‫العالم الخيالي‪.‬‬

‫ومن ال ُمحتمل أن ينتج اإلرتباك عندما تسير أحداث القصة بسرعة فإجبار ال ُمتلقي على اللجوء للفكر‬
‫المعرفي ل ُمحاولة معرفة ما يحدث سيُدمر العالم الخيالي الذي صنعته القصة أو يُمكن أن يمنع القصة‬
‫من اإلنخراط في الخيال وبالتالي الوتيرة ُمهمة للغاية ألنها يُمكن أن تُعزز أو تُدمر قُدرة القصة على‬
‫نقلنا خارج عالمنا الحقيقي‪.‬‬

‫القصص واإلقناع‬

‫يُمكن لدراسة قُدرة القصص على نقلنا إلى عالم الخيال إيجاد عالقة قوية بين درجة التنقل واإلقناع‬
‫فعندما يُنقل الناس بعُمق إلى السرد يجدون عيوبا ً أقل في القصة ومن ال ُمحتمل أن يؤمنوا بال ُمعتقدات‬
‫و يقومون بإجراء تقييمات تتماشى مع ال ُمعتقدات والتقييمات التي تم اإلعراب عنها في القصة‪ ,‬وفي‬
‫ال ُمقابل عندما يُنقل األشخاص ببطئ بواسط القصة من الضعيف أن يؤمنوا ب ُمعتقدات وتقييمات‬
‫القصة فال ُمثير لإلهتمام هو أن تلك النتائج تبقى ُمتناسقة سواء كان تصنيف القصة يدل على أنها‬
‫حقيقية أو خيال‪.‬‬

‫نستطيع فهم تلك اإلستنتاجات في ضوء نقاشنا ال ُمتعلق حول األحكام وإتخاذ القرار في الفصل الثامن‬
‫وكما عرضنا في ذلك الفصل‪ ,‬يُمكن أن تكون أحكام الناس عادة ً مبنية على األحاسيس غير ال ُمدركة‬
‫عرضة ل ُمعالجة‬
‫أكثر من التداوالت ال ُمدركة فعندما ال ينخرط الناس في التداول يكونوا أقل ُ‬
‫عرضة لتوليد حجج ُمضادة لإلعتقادات والتقييمات‬ ‫الحاالت واإلدعاءات بشكل منطقي وبذلك هم أقل ُ‬
‫التي تعرضوا لها‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫وقد سبب ذلك انجذاب ال ُمسوقين للقصص فهم يعرضون إمكانية ُمدشة لإلهتمام من اإلقناع دون أن‬
‫يبدو أنه إقناع وعندما ينسجمون في القصة يكون القارئ أو ال ُمشاهد أكثر تقلبالً للفكرة المطروحة‬ ‫تذكَّر‬
‫في القصة أكثر من أي طريقة ممكنة‪ ,‬وأثناء اإلنسجامهم تكون ال ُمعتقدات واآلراء الموجودة سابقا ً‬
‫صعبة الوصول نسبيا ً وبذلك ينتاب ال ُمسوقين الفضول حول مدى إستجابة ال ُمستهلكين لل ُممثل‬
‫‪ Brad Pitt‬وهو يقود سيارة ‪ Prius‬في الفيلم ُمقارنة بال ُممثل ذاته وهو يُروج لسيارة ‪ Prius‬في‬
‫فقرة تلفازية‪.‬‬

‫لمسألة إقناع القصة آثار كبيرة جدا ً كما هو الحال في قاعة المحكمة حيث يُحاول ال ُمحامون‬
‫صور قضيتهم ‪ ,‬وبدراسة فوز وخسارة الحجج القانونية‬ ‫وال ُمدعون إقناع هيئة ال ُمحلفين مع قصص ت ُ ّ‬
‫فقد حدد علماء النفس ‪ Philip Mazzocco‬و ‪ Melanie Green‬عددا ً من العوامل التي يُمكن‬
‫أن تُحسن من قُدرة الراوي على اإلقناع‪:‬‬

‫✓ تصوير ال ُمغامرة‪ :‬على القصة أن تُقدم تفاصيل كافية تسمح لل ُمستمع تصوير الشخصيات‬
‫والمشاهد‪.‬‬

‫✓ الواقعية‪ :‬يجب أن يكون هنالك إتصال مع الواقع الذي يسمح لل ُمستقبل أن يتتبع القصة وإال لن‬
‫يكون لها معنى وسيُعيد ال ُمستقبل إلى الواقع‪.‬‬

‫✓ البناء (أ)‪ :‬للقصة الجيدة بداية ووسط ونهاية فالقصة التي ال تتبع التدفق الطبيعي من ال ُمرجح أن‬
‫تتطلب المزيد من ال ُجهد العقلي حتى يتم فهمها وذلك يُقلل من قُدرة الراوي على نقل جمهوره‪.‬‬

‫✓ اإلنعزال عن األشياء ال ُمحيطة‪ :‬إن اإلندماج في عالم وهمي يُمكن أن يتوقف من خالل‬
‫صراخ األطفال وغيرها من الضوضاء‪.‬‬ ‫اإلضطرابات الخارجية كاألحاديث الصاخبة و ُ‬

‫✓ قلة الوعي‪ :‬عندما يُدرك ال ُمستقبلون أن الغرض من التعرض للقصة هو التأثير على مواقفهم‬
‫الخاصة و ُمعتقداتهم وقيمهم‪.‬‬

‫يدخل التسويق العصبي في األفالم‬

‫تستخدم األفالم ُمدخالت حسية ُمتعددة وبيئة ُمشاهدة وعرض مثالية للغاية (عندما يتم عرض األفالم‬
‫في المسرح) وهي بشكل خاص مركبات قوية لتقديم الروايات فكيف يُمكن لألفالم التأثير على‬
‫الجمهور بينما في نفس الوقت تُسليه؟ هذا سؤال بمليارات الدوالرات لكل من صناعة الفيلم‬
‫والصناعات األخرى التي تُريد تقديم ُمنتجاتهم داخل عالم الخيال الذي يصنعه الفيلم‪ ,‬في هذا القسم‬
‫طرق تستخدمها تقنيات بحوث التسويق العصبي في صناعة األفالم‪:‬‬ ‫سنتطرق إلى ثالث ُ‬

‫✓ إختبار كيف يُمكن لألفالم خلق تجارب ترفيهية ُمشتركة و ُمتبادلة‪.‬‬

‫✓ ال ُمساعدة في تصميم فيلم دعائي ُمقنع عن الفيلم‬

‫‪246‬‬
‫✓ قياس قُدرة الفيلم على التأثير في سلوك ال ُمستهلك‪.‬‬

‫كيف تُزامن األفالم أدمغتنا؟‬

‫إفترض أنك وجارك تُشاهدان نفس الفيلم هل من ال ُممكن أن نقول أنكما اإلثنان تخوضان نفس‬
‫التجربة تقريبا ً أو أنكما تخوضان تجربة ُمشاهدة الفيلم ولكن ب ُ‬
‫طرق ُمختلفة تماماً؟‬

‫علماء األعصاب في المجال الجديد (علم صناعة األفالم العصبي) بالنظر إلى هذا السؤال من‬ ‫قام ُ‬
‫خالل قياس نشاط دماغ األشخاص أثناء ُمشاهدة األفالم وقد وجدوا أنه مزيج بين كل من بعض‬
‫مناطق الدماغ ال ُمتزامنة (هذا النشاط تم في نفس الطريقة وفي نفس االوقت) بينما األمر اآلخر هو‬
‫بعض مناطق في الدماغ ال ُمنشطة بشكل ُمختلف ألفراد ُمختلفين ولذلك يبدو أن لألفالم القُدرة على‬
‫ُمزامنة عقولنا وأيضا ً حركة أعيننا ولكن ذلك ال ُمستوى من التزامن يكون ُمختلفا ً بإختالف الهدف من‬
‫محتوى الفيلم والتحرير و أسلوب اإلخراج‪.‬‬

‫في دراسة تم نشرها عام ‪ 2008‬قام عالم األعصاب ‪ Uri Hasson‬و زميله بتسجيل صور دماغ‬
‫ال ُمشاركين بالرنين المغناطيسي أثناء ُمشاهدتهم ل ُمقتطفات قصيرة من فيلم أو عرض تلفزيوني لم‬
‫يقم الباحثون بتحليل دماغ كل شخص فقط ولكن أيضا ً مدى تبادل ال ُمشاركين الستجابات الدماغ ذاتها‬
‫في اللحظة ذاتها في أشرطة الفيديو‪.‬‬

‫أثبتت اإلكتشافات أن بعض األفالم تُنتج تزامنا ً كبيرا ً و ُمهما ً ألنشطة دماغ ال ُمشاهد وحركة العين‬
‫بالتماشي مع إستجابات الدماغ والتجارب الذهنية ال ُمرتبطة كالتصورات والعواطف واألفكار‬
‫والمواقف بيد أن هذا التأثير تم إيجاده مع اإلختالف الكبير تبعا ً لنوع الفيلم‪ ,‬وفي حلقة لكوميديا‬
‫‪ Larry David‬كان تزامن الدماغ للحماس نسبته ‪ %18‬من نشاط دماغ ال ُمشاهد بينما في حلقة‬
‫دراما التشويق ‪ Alfred Hitchcock‬كانت ال ُمزامنة بنسبة ‪ %65‬من نشاط دماغ ال ُمشاهد وعلى‬
‫النقيض من ذلك فقط في عرض فيديو دفعة واحدة ل حديقة ‪ Washington Square‬في مدينة‬
‫نيويورك والذي لم يستخدم أي أجهزة سنمائية حقق تزامن بنسبة ‪ %5‬فقط من نشاط دماغ ال ُمشاهد‪.‬‬

‫تُشير هذه النتائج غلى بعض اإلستنتاجات األولية‪:‬‬

‫✓ يستجيب الناس بنفس الطريقة لإلثارة الشديدة والقصص ال ُمشوقة ُربما ألن اإلستجابات لتلك‬
‫الروايات تكون تلقائية إلى حد كبير وخارج سيطرتنا‪.‬‬

‫✓ يستجيب الناس بطريقة تزامنية أقل للكوميديا ُربما ألن الفُكاهة أكثر خصوصية ومبنية على‬
‫التجارب الشخصية والتي قد تختلف إختالفا ً كبيرا ً من شخص إلى آخر‪.‬‬

‫✓ اإلستنساخ اآللي للواقع دون أي نية سنمائية كالذي تم عرضه في حديقة ‪Washington‬‬
‫أمر ليست ُمقنعة بما يكفي ل ُمزامنة نشاط دماغ ال ُمشاهد‪.‬‬
‫‪ٌ Square‬‬

‫‪247‬‬
‫بحث كهذا فتح أبوابا ً واسعةً لفُرصة تطوير قياسات موضوعة تتعلق بفاعلية الترفية بدالً من سؤال‬
‫الناس فيما إذا كان الفيلم قد أعجبهم أم ال فقط‪ ,‬فنحن نستطيع قياس المدى الذي أثار الفيلم فيه ردود‬ ‫نصيحة‬
‫ُمتزامنة عبر نطاق واسع من الناس و ُكلما كانت ال ُمزامنة أكبر ُكلما حقق الفيلم أهداف السرد التي‬
‫وضعها‪.‬‬

‫كيف يُمكن لألفيلم الدعائية تنشيط األهداف غير ال ُمدركة؟‬

‫ُمدة الفيلم الدعائي دقيقتان ونصف وهو فيلم ُمصغر لغرض واحد وهو جعل ال ُمشاهد يذهب ل ُمشاهدة‬
‫الفيلم لما وصفه وك ُمراسالت ُمقنعة حيث يجب على الفيلم الدعائي تحقيق عدد من األهداف لتحقيق‬
‫الغرض منه‪:‬‬

‫✓ عليه أن يُقدم الكثير من المعلومات األساسية‪ :‬تتضمن هذه المعلومات عل نوعه وشخصياته‬
‫الرئيسية وال ُممثلون الذين يُمثلون فيه و موقعه بالزمان والمكان وجوهر الحبكة‪.‬‬

‫✓ عليه نقل النبرة العاطفية للفيلم‪ :‬يحتاج ال ُمشاهد معرفة إن كان الفيلم كوميدي أم ُمخيف أو حتى‬
‫ُمشوق أو غامض أو رومانسي‪ ,‬إلخ‪.‬‬

‫✓ واألكثر أهمية هو تنشيط األهداف التحفيزية‪ :‬يجب أن تترك ال ُمشاهد بأهداف ُمدركة أو غير‬
‫ُمدركة حتى يكون راضيا ً برؤية الفيلم كامالً‪.‬‬

‫وقد تم إختبار الفيلم الدعائي تاريخيا ً بطرق اإلبالغ الذاتي القديمة فقد تم إحضار الناس إلى مسرح‬
‫وتم عرض الفيلم الدعائي ومن ثم سؤالهم إن كانو سيذهبون ل ُمشاهدة الفيلم ولماذا‪ ,‬قدّم التسويق‬
‫العصبي منظورا ً ُمختلفا ً إلختبار الفيلم الدعائي والتركيز على كيفية تنشيط الفيلم الدعائي لإلستجابات‬ ‫تذكَّر‬
‫ال ُمدركة وغير ال ُمدركة في المشاهد كإنطباعات األلفة والحداثة وردود األفعال العاطفية الالإرادية‬
‫ال ُمختلفة للمشاهد وتقلبات اإلنتباه واإلهتمام وتنشيط الذاكرة وتحفيز التجنب و اإلقتراب وتزامن‬
‫الجمهور‪ ,‬حيث توفر تلك التقنيات ُملخصا ً وقياسات لحظة بلحظة يُمكن إستخدامها ليس فقط لتقييم‬
‫فاعلية الفيلم الدعائي ولكن لضبطه وبذلك يُمكن جعله أكثر فاعلية وفي نهاية المطاف أكثر إقناعاً‪.‬‬

‫إن األفكار ال ُمميزة والفريدة من نوعها والتي جلبها علم الدماغ والتسويق العصبي إلختبارالفيلم‬
‫الدعائي تتمحور حول إمكانية تصميم الفيلم الدعائي حتى يكون كإستحضارات تعمل على تحفيز‬
‫طرق يُمكن‬ ‫أهداف الفيلم الدعائي غير ال ُمدركة تماما ً كما شرحنا في الفصل السابع‪ُ ,‬هنالك عدد من ال ُ‬
‫للفيلم الدعائي من خاللها تحفيز األهداف غير ال ُمدركة‪:‬‬

‫يُمكن للفيلم الدعائي تحفيز اإلنجذاب الطبيعي لألفالم الخاص بأدمغتنا كتجارب ُمجزية بجوهرها‬
‫والتي يُمكنها نقلنا من الواقع الرتيب إلى واقع الخيال‪ ,‬وللقيام بذلك يجب أن يُحقق الفيلم الدعائي‬
‫اإلنطباعات التي ستنقل ال ُمشاهد إذا قام بذلك من خالل التحفيز الناجح لحس التصحيح العاطفي أو‬
‫التساؤل عن عالم الفيلم‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫يُمكن للفيلم الدعائي تحفيز ذكريات ال ُممثلين أو ال ُمشاهدين الذين إستمتعوا بتلك التجربة في الماضي‬
‫وبالتالي تنشيط الهدف لتكرار تل التجارب اإليجابية السابقة‪.‬‬

‫يُمكن أن يُشكل الفيلم الدعائي مسألة أو أن يرسم صراعا ً أو تحديا ً يُثير فضول ال ُمشاهد من خالل‬
‫الرغبة في معرفة كيف ستنتهي القصة والتي يُمكنها تفعيل أهداف تحفيزية قوية لرؤية الفيلم‪.‬‬

‫يُمكن للفيلم الدعائي تنشيط األهداف اإلجتماعية من خالل تذكير ال ُمشاهدين بأن أصدقائهم سيرغبون‬
‫ب ُمشاهدة هذا الفيلم وقد يتمتع بوضع إجتماعي أفضل أو قد يتمتع بأهداف تعزيزية من خالل ُمشاهدة‬
‫الفيلم‪.‬‬

‫يُمكن للفيلم الدعائي تنشيط التجارب السابقة مع استيديو الفيلم وإستيديو العالمات التجارية التي‬
‫يُمكنها تحفيز اإلرتباطات الذهنية ال ُمميزة لألفالم فمثالً ُمجرد معرفة أن هذا الفيلم من شركة‬
‫‪ Disney‬سيُعزز ذلك هدف ال ُمشاهدة من قبل طفل أو والد لطفل أو والدة أما شركات األفالم‬
‫ال ُمرتبطة بقيمة ُمعينة أو نوع ُمعين من األفالم ك ‪ Marvel‬أو ‪ Pixar‬والتي قد تُنشط قيمة ُمعينة‬
‫أو خلق توقعات يُمكن ترجمتها لتنشيط هدف ُمشاهدة الفيلم‪.‬‬

‫وكما فصلنا في الفصل السابع أنه ب ُمجرد تنشيط األهداف غير ال ُمدركة سيتم تحفيزها حتى‬
‫تُثيرإنطباعا ً جيدا ً يُرضى ال ُمشاهد أو وسيتم إستئنافها إذا توقفت وسيُعاد توجيهها إذا واجهتها عقبة‬
‫وستُصبح أقوى ُكلما بقيت غير ُمشبعة لوقت أطول وبتقديم تلك الخصائص لم يعد من ال ُمدهش‬
‫صناع األفالم و ال ُمسوقون قد أصبحوا ُمهتمين في كيفية إعادة بناء الفيلم الدعائي لتنشيط‬‫معرفة أن ُ‬
‫األهداف غير ال ُمدركة وإختبارها لمعرفة ما إذا كانت ناجحة في ذلك أم ال‪.‬‬

‫كيف تؤثر األفالم على السلوك‬

‫يجب ان تكون األفالم مصدرا ً طبيعيا ً لإلستحضار السلوكي بالتأثير على كل من األهدف غير‬
‫ال ُمدركة و السلوكيات الالحقة وبالخروج من أفالم البطل الخارق أولم نشعر جميعنا بالقوة و القُدرة‬
‫على تحقيق أي هدف نسعى وراءه في حياتنا؟ أولم يؤثر على طريقة تفكيرنا وتصرفاتنا على األقل‬
‫لفترة قصيرة من الوقت؟‬

‫إن المؤلفات األكاديمية حو ال ُمعالجة غير ال ُمدركة لم تستكشف آثار اإلستحضار الذهني على ُمشاهدة‬
‫الفيلم ُربما ألنها مصدر غني جدا ً باإلستحضارات الذهنية بحيث يصعب إستخدامها في تجارب‬
‫وربما ألن العديد من األهداف والتصرفات تُستحضر من خالل األفالم ألن فصل اآلثارال‬ ‫محكومة ُ‬
‫يُمكن أن يكون غير ُمتصل أو يُمكن قياسه في الدراسة الضابطة‪.‬‬

‫ونحن نعلم من األبحاث األخرى أن األفالم ُمتصلة بتجارب الترفيه التي تؤثر على السلوك‪ ,‬فعلى‬
‫سبيل المثال العديد من الدراسات عن السلوك العدوان واإلعالم العنيف أثبتوا أن التعرض لألفالم و‬
‫عروض التلفاز العدوانية يُمكن أن تتسبب بزيادة السلوك العدواني والعنيف على سلوك الصغار‬

‫‪249‬‬
‫والكبار فعلى الرغم من أن طبيعة هذا اإلتصال تخضع لل ُمناقشات ولكن ال يوجد خالف حول وجود‬
‫آثار لإلستحضار الذهني‪.‬‬

‫وبإعطاء اآللية العامة التي يعمل بها اإلستحضار الذهني من ال ُمحتمل أن تستطيع األفالم إستحضار‬
‫السلوك اإلجتماعي المؤيد لل ُمجتمع أو السلوك اإليثاري‪ ,‬وبالتأكيد أن هذا النوع من التأثير يُمكن أن‬
‫يكون من إستحضارات أخرى أقل تعقيدا ً فعلى سبيل المثال‪ ,‬قُمنا بوصف تجربة في الفصل الخامس‬
‫سط وضع حقيبة ظهر ُمقابل حقيبة لألوراق على الطاولة حيث تستحضر سلوكيات تعاونية أكثر‬ ‫تُب ّ‬
‫الزمالء في لعبة ال ُمساومة‪ ,‬فإستحضار الفيلم للسلوكيات اإليجابية موضوعٌ رائع نتوقع أن تتم‬ ‫بين ُ‬
‫تغطيته بتعمق أكبر في ُمستقبل أبحاث التسويق العصبي‪.‬‬

‫إن النوع الوحيد الذي تم إستكشافه بتفاصيل قليلة هو آثار ُمشاهدة األفالم على سلوك ال ُمستهلك و ُهنا‬
‫كان ُمعظم التركيز على ال ُمنتج أو وضع العالمة التجارية وكيف لمثل هذا األماكن التأثير في وقت‬
‫سرحت في القسم التالي‪.‬‬‫الحق على إختيار ال ُمنتج وقد لوحظت بعض اآلثار اإليجابية والتي ُ‬
‫وضع ال ُمنتج في األفالم وعروض التلفاز وما بعدها‬

‫يبدو أن ال ُمنتجات قد ظهرت في جميع مجاالت الترفيه هذه األيام‪ ,‬ليس فقط في األفالم وعروض‬
‫التلفاز ولكن في أنواع أخرى من وسائل اإلعالم كألعاب وأشرطة الفيديو وألموسيقى ومقاالت‬
‫المجالت وحتى المالبس فقد بدأوا بالظهور في أماكن ال يُمكن تصورها قبل سنوات قليلة كالروايات‬
‫وال ُكتب الفُكاهية ال ُمصورة والمسرحيات‪.‬‬

‫لقد أصبح وضع ال ُمنتج عمالً تجاريا ً كبيرا ً تتراوح تكاليفه من ‪ 10000$‬لمئات اآلالف من‬
‫الدوالرات لكل لكل عرض إن اإلنفاق العالمي لوضع ال ُمنتجات قُدر بأكثر من ‪ 8‬مليار دوالر عام‬
‫‪ 2012‬حيث أن أكثر من ‪ %75‬من عروض التلفاز األمريكية تُروج للُمنتجات في حلقاتها‪.‬‬

‫ُهنالك سبب واحد يُذكر بإستمرار في نمو وضع ال ُمنتج أال وهو حقيقة أن أكثر من ‪ $40‬من البيوت‬
‫في أمريكا لديها ُمسجالت الفيديو الرقمية ‪ DVRs‬والتي تسمح ل ُمشاهدي التلفاز بالحركة خالل‬
‫اإلعالن وذلك للوصول إلى ال ُمستهلكين الذين يُمكن أن يُقللوا ُمدخالت اإلعالنات التقليدية بشكل‬
‫طوعي وقد ركز ال ُمسوقين على أفضل شيء قادم أال وهو وضع ُمنتجاتهم ُمباشرة للترفيه ذاته ولكن‬
‫هل سيعمل هذا األمر؟‬

‫مبادئ التسويق العصبي التي تكمن وراء وضع ال ُمنتجات‬

‫يُخبرنا التسويق العصبي وعلوم الدماغ التي تكم وراءه بأن وضع ال ُمنتج يجب أن يكون فعاالً ولكن‬
‫لن يكون بتلك السهولة في قياس فاعليته بإستخدام قنيات أبحاث اإلستبيانات التقليدية وبالرغم من أن‬
‫الباحثون قد حاولوا قياس آثار وضع ال ُمنتج بإستخدام التقارير الذاتية اللفظية لإلنتباه واإلهتمام‬
‫واإلدراك واإلستذكار والتمييز وتغيير المواقف ونوايا الشراء ولكن من ال ُمرجح أن تُقلل هذه‬

‫‪250‬‬
‫القياسات اآلثار األكثر أهمية لوضع ال ُمنتج ألنها ال تستطيع قياس العمليات الرئيسية ال ُمتضمنة‬
‫والخاصة بالدماغ‪.‬‬

‫إليكم إثنان من ال ُمخرجات الحرجة ال ُمتعلقة بوضع ال ُمنتج من منظور التسويق العصبي‪:‬‬ ‫أمور‬
‫✓ تفعيل ذاكرة العالمة التجارية في ذهن ال ُمستهلك والتي قد تتأثر ‪.‬‬ ‫تقنية‬

‫✓ تحول ذاكرة العالمة التجارية إلى شراء والتي قد ال تحدث ال بعد وقت طويل ‪.‬‬

‫إن العالقة ما بين ذاكرة العالمة التجارية وسلوك الشراء يُعد تنشيطا ً للهدف حيث يُمكن أن يكون‬
‫هدفا ً ُمدركا ً يُدركه ال ُمستهلك ولكن من ال ُمرجح أن يكون هدف غير ُمدرك يتم إستحضاره من خالل‬
‫وضع ال ُمنتج دون مستوى الوعي اإلدراكي لل ُمستهلك حيث تميل تقنية وضع ال ُمنتج إلى تحقيق هذا‬
‫التحويل إن تواجدت ثالث خصائص‪:‬‬

‫✓ إن كانت تقنية وضع ال ُمنتج تُقوي ذاكرة عالمة تجارية موجودة بدالً من تشكيل ذاكرة جديدة‬
‫حيث أنه من النادر أن تُستخدم تقنية وضع ال ُمنتج لعالمة تجارية جديدة أو ُمنتج جديد‪.‬‬
‫✓ ترفع اإلرتباطات الذهنية ال ُمتواجدة مع تلك العالمة التجارية ويُفضل أن تكون ب ُ‬
‫طرق جديدة‬
‫وحديثة كإستخدام سيارات ‪ BMW‬في سلسلة أفالم ‪.James Bond‬‬

‫✓ أن ترتبط اإلرتباطات الذهنية الجديدة مع العالمة التجارية بعواطف قوية وإيجابية‪.‬‬

‫إن الفائدة التي تتمتع بها تقنية وضع ال ُمنتج ليست ُمتاحة لإلعالنات التقليدية وذلك ألنه يتم عرض‬
‫ال ُمنتج من خالل سرد القصة كما شرحنا سابقا ً في هذا الفصل ف ُكلما كانت أعمق ُكلما نُقل ال ُمشاهد‬
‫إلى عالم الخيال من خالل اإلنخراط في السرد ُكلما كان التداول والتفكير المنطقي أقل حول ما‬
‫يُشاهده وهذا يعني أنه سيستقبل األفكار الموجودة في القصة أكثر ولن يسأل عن اإلدعاءات أو‬
‫األشياء الضمنية الموجودة في القصة والتي هي جزء من السرد‪.‬‬

‫وعند إضافة تقنية وضع ال ُمنتج إلى هذا المزيج سيُصبح األمر الضمني واضحا ً وردود األفعال إتجاه‬
‫ي‪,‬‬‫إعالن تقليد ّ‬
‫ٍ‬ ‫ال ُمنتج قد تتجاوز اليقظة والتعارض والذي قد يُحفّز بشكل طبيعي إن ظهر ال ُمنتج في‬
‫في الواقع يُمكن لهذه التقنية أن تجعل ال ُمنتج لل ُمنتج يُسيطر على المشاعر ال ُمرسلة من خالل السرد‬
‫والسماح له بال ُمشاركة في التعليق ال ُمصاحب ألي تجربة نقل عميقة من خالل السرد حيث أن تعزيز‬
‫أمر ُمفاجئ لل ُمنتج أيضاً‪.‬‬
‫اإلقناع ٌ‬
‫تحصل تقنية وضع ال ُمنتج على نتائج‬

‫وكقياس غير ُمباشر‪ ,‬إن اإلرتفاع السريع في نفقات التسويق التي ُوضعت في لوضع ال ُمنتج حيث‬
‫قدمت أدلة قوية على أن ال ُمعلنون يحصلون على شيء ُمقابل أموالهم‪ ,‬فاألبحاث العلمية حول وضع‬

‫‪251‬‬
‫ال ُمنتج أثبتت بشكل عام أن هذه التقنية فعّالة بالرغم من أن الكثر من هذا الشي يعتمد على قياسات‬
‫الذاكرة الصريحة فقط‪.‬‬

‫في دراسة حديثة قامت بإختبار اآلثار الضمنية والصريحة على وضع ال ُمنتج دعّمت وبشدة فاعلية‬
‫ال ُممارسة وقد تطرق الباحثان ‪Yang‬و ‪ Roskos-Ewoldsen‬إلى ثالث أنواع لوضع ال ُمنتج‪:‬‬

‫ُمنتجات تم دمجها في الحبكة و ُمنتجات إستخدمها أحد الشخصيات و ُمنتجات ظهرت في الخلفية‬
‫وبقياس الذاكرة الصريحة والضمنية واالختيار الالحق لل ُمنتج وجدوا دعما ً آلثار قوية تتعلق بهذه‬
‫التقنية‪:‬‬

‫✓ عندما كان ال ُمنتج جزءا ً من القصة أو إستخدمه أحد الشخصيات كانت الذاكرة الضمنية لل ُمشاهد‬
‫أفضل من ظهور ال ُمنتج في الخلفية‪.‬‬

‫✓ عندما رأي ال ُمشاهدون ال ُمنتج كانوا أكثر ُ‬


‫عرضة لمأل األحرف المفقودة للكلمات التي بين‬
‫األقواس والتي تُمثل العالمة التجارية لل ُمنتج على سبيل المثال ‪ ”COKE‬ل “‪ C _ K E‬من‬
‫ال ُمشاهدين الذين لم يرو ال ُمنتج هذا األمر حقيقي بغض النظر عن األسوب الذي تم عرض ال ُمنتج‬
‫من خالله‪.‬‬

‫عرضة إلختيار ال ُمنتج‬ ‫✓ عندما ُ‬


‫عرض إختيار ال ُمنتج بعد اإلنتهاء من التحربة كان الناس أكثر ُ‬
‫الذي شاهدوه في القصة أيضا ً هذا األمر حقيقي بغض النظر عن األسوب الذي إستخدم فيه ال ُمنتج ‪.‬‬

‫ُمستقبل الترفيه‪ :‬األلعاب وال ُمحاكاة‬

‫كان عام ‪ 2008‬عالمة فارقة لصناعات األلعاب الفيديو‪ ,‬فكانت السنة العالمية التي تجاوزت فيها‬
‫مبيعات األلعاب الفيديو مبيعات األفالم حيث تُقدم ألعاب الفيديو شيء جديد تماما ً في تطور وسائل‬
‫الترفيه ‪ :‬اإلنتقال من ُمشاهد إلى العب في وسط تجربة الترفيه‪ ,‬إن التطور ال ُمتسارع لتكنولوجيا‬
‫الحاسوب مكنت ُمصممي األلعاب من تعزيز بيئات وقوة األلعاب لغمس الالعبين في عالم ال ُمحاكاة‬
‫والقصص حيث أن التفاعل والقدرة على التحكم بتدفق اللعبة من خالل إجراءات الالعب والتي‬
‫تُضيف بُعدا ً جديدا ً غير ُمتوفر في تجارب اإلعالم التقليدية كاألفالم والتلفاز‪.‬‬

‫إن ألعاب الفيديو بتجاربها السريعة واإلنفعالية والتفاعلية تُعد أهداف طبيعية ألبحاث التسويق‬
‫العصبي ألنه أقرب إلى ال ُمستحيل أن يصف الناس شعورهم ُكلما إنخرطوا بمثل هذه التجربة‪.‬‬

‫اإلنغماس والتواجد في األلعاب الموجودة على شبكة اإلنترنت‬

‫لقد رأينا كيف يُمكن لألفالم نقل ال ُمشاهد إلى عالم الخيال وتقديم خبرات ويُمكن لأللعاب أن تأخذ‬
‫تأثير اإلنخراط ل ُمستوى أعلى من خالل السماح لالعبين أن يُصبحوا ُمشاركين نشطين في عالم‬
‫الخيال الذي قاموا بإنشاءه‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫في أبحاث األلعاب‪ ,‬يُستخدم ُمصطلح التواجد للتعبير عن تجربة اإلنغماس التي أنشأتها اللعبة وهي‬
‫الدرجة التي يشعر الالعبين خاللها بأنهم إنتقلوا بشكل كامل إلى تجربة اللعبة حيث أن التواجد‬
‫الكامل يعني أن الالعب لم يعد ُمدركا ً لل ُمحيط المادي بحيث يتم التركيز على ال ُمدخالت الحسية‬
‫ال ُمنبعثة من اللعبة بشكل حصري‪.‬‬

‫قد تمت دراسة التواجد في اللعبة على نطاق واسع كأحد أكبر المصادر التي تم إختبارها فهي الجودة‬
‫التقنية للعبة بحيث تتضمن دقة الشاشة واإلستجابة لحركات الالعب ف ُكلما كانت اللعبة ُمتطورة أكثر‬
‫كان لها تأثير إيجابي قوي على القصة أو السرد‪ ,‬في دراسة للتفريق ما بين األلعاب التي تحتوي‬
‫على قصة واأللعاب التي ال تحتوي تم إستنتاج أن القصة تزيد حس التواجد واإلستثارة العاطفية‬
‫والتعاطف مع الشخصيات بل والرضا ال ُكلي عن تجربة اللعب ومع إضافة السرد إلى اللعبة تبدو‬
‫بالتأكيد تفاعليةً أكثر بنا ًء على توقعات ومنظور علم الدماغ‪.‬‬

‫وضع ال ُمنتج في األلعاب‬

‫قامت العديد من الدراسات بدراسة دور وضع ال ُمنتج والعالمة التجارية ضمن ألعاب الفيديو‪ ,‬بالنسبة‬
‫للجزء األول بدت النتائج ُمشابهة لوضعها في األفالم أما في األلعاب فينجح أسلوب وضع ال ُمنتج في‬
‫الحاالت التالية‪:‬‬

‫✓ عندما تتوافق مع نوع ونمط اللعبة‪.‬‬

‫✓ ال تُشوش إنسياب اللعبة أو تؤخر عوائدها‪.‬‬

‫✓ إن كانت تبدو كإمتداد طبيعي للعبة‪.‬‬

‫وكاألساليب األخرى للترفيه‪ُ ,‬كلما لم تتعطل تجربة اإلنخراط بسبب من وضع ال ُمنتج ُكلما كانت‬
‫اليقظة أقل وبذلك يزيادة اإلستحضار الذهني غير ال ُمدرك لتطوير المواقف ورفع مستوى الشراء‬
‫الخاص بال ُمنتج والعالمة التجارية‪.‬‬

‫الرجوع إلى كوكب األرض‪ :‬التأثير ال ُمتأخرة لإلنخراط في اللعبة‬


‫ل ّخص الباحثون العديد من اإلنعكاسات الواضحة والكبيرة لإلنخراط في اللعبة‪ ,‬بعضها يبدو ُمفيدا ً‬
‫والبعض اآلخر ُمثيرا ً للقلق‪.‬‬

‫في الجانب ال ُمفيد‪ ,‬يبدو أن لعب ألعاب الفيديو يزيد قُدرات اإلدراك والتنسيق بين العين واليد وقد‬
‫أثبتت الدراسات أن العبي األلعاب اإلعتيادية تكون ردود أفعالهم ورؤيتهم الطرفية أسرع واإلنتباه‬
‫بصري ُمتزايد ولديهم تمميز أفضل ُمقارنة بغير الالعبين ‪ ,‬وقد ساعدت مثل هذه اإلكتشافات في‬
‫شرح النتائج ال ُمحيرة ك ُمالحظة تُفيد بأن بعض الجراحين البارعين في ألعاب الفيديو لديهم أخطاء‬
‫أقل بنسبة ‪ %47‬ويعملون أسرع بنسبة ‪ %39‬أكثر من أقرانهم‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫إن النتائج ال ُمتعلقة بالسلوك اإلجتماعي أكثر إختالطاً‪ ,‬حيث أن أغلب تلك األبحاث ّ‬
‫ركزت على‬
‫إنعكاسات األلعاب العدوانية كالدرات ال ُمتعلقة باألفالم العدوانية حيث إكتشفت تلك األبحاث أدلة على‬
‫زيادة السلوك ال ُمعادي بعد لعب األلعاب العدوانية‪ ,‬وقد أعرب العُلماء عن مخاوفهم حول ُمساهمة‬
‫األلعاب في خفض مستويات التعاطف بين األطفال والبالغين‪.‬‬

‫في ال ُمقابل‪ ,‬إكتشفت الدراسات الخاصة باأللعاب التي تحتاج التعاون بين أكثر من العب أنه يُمكن‬
‫لالعبين أن يكونوا أكثر تعاونا ً في الحياة بعد ال ُمشاركة بالسلوك التعاوني في ألعاب الفيديو‪.‬‬

‫وبالنظر إلى تلك النتائج من منظور التسويق العصبي وعلم الدماغ من غير ال ُمفاجئ أن يكون‬
‫هنالك خليط من اآلثار اإليجابية والسليبة لأللعاب‪ ,‬وقد أخبرنا علم الدماغ بشيء واحد أال وهو أننا‬
‫تذكَّر‬
‫نتأثر بشكل أكبر بالظروف ال ُمحيطة بنا وحسب المهمة التي نقوم بها أكثر من قُدرتنا على التمييز‬
‫بشكل ُمدرك‪ ,‬وعادة ً ما تكون تلك اآلثار قصيرة المدى نسبياً‪.‬‬

‫تستحق اآلثار الطويلة المدى الدراسات التي تُجرى حاليا ً ولكنها عادة ً ال تتضمن إشارا ٍ‬
‫ت ظرفية فقط‬
‫بل تتضمن أيضا ً مسائل شخصي ٍة وبالتالي ال يُمكن أن تكون سببا ً في األلعاب‪.‬‬

‫إستخدام التسويق العصبي إلختبار الترفيه‬

‫على خالف إختبار المواد التسويقية‪ ,‬والتي هي في نهاية المطاف وظيفةٌ للسلوك الالحق كاإلختيار‬
‫والشراء‪ ,‬وغالبا ً ما يكون إختبار الترفيه يدور حول ع ّما إذا كانت التجربة الحالية فعّالة وبذلك يكون‬
‫التركيز على ال ُمعظم بشكل ُمباشر فضالً عن كيفية أداء تلك القياسات ضمن التجربة أكثر من أي‬
‫وقت آخر‪.‬‬

‫قياس مدى إستجابة الردود النفسية للترفيه‬

‫إن التنقل واإلنخراط والوجود والتوتر جميعُها تجارب عاطفية بحتة‪ ,‬وفي ال ُمقابل يُعد كل من التدفق‬
‫العاطفي والتكافؤ (اإلستياء والسرور) أمورا ً حاسمةً و ُمهمةً لجودة التجربة وبالنظر إلى تلك المعايير‬
‫والقياسات الحيوية أصبحت بشكل عام األساليب التالية هي ال ُمفضلة لقياس الترفيه‪:‬‬

‫✓ النشاط الكهربائي‪ :‬يقيس إنتاج العرق على الجلد فهه أسلوب موثوق لقياس اإلثارة العاطفية‬
‫خاصةً خالل األُطر الزمنية الطويلة سهل التحكم وقد إستخدمت هذه التقنية في العديد من دراسات‬
‫الترفيه‪.‬‬

‫✓ التخطيط الدماغي للعضالت‪ :‬يقيس الحركات الدقيقة للعضالت فهو أسلوب موثوق في قياس‬
‫التكافؤ العاطفي وهو أيضا ً جي ٌد في األُطر الزمنية القصيرة وعادة ً ما يُطبق على عضالت اإلبتسامة‬
‫والعبوس ولكن يُمكن تطبيقه على العضالت األخرى كالرقبة والكتف والفك والتي تميل إلى‬
‫ال ُمشاركة في حاالت القلق والتوتر وقد تم تطبيق هذا األسلوب على عدد كبير من الدراسات ال ُمتعلقة‬
‫بالترفيه‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫وقد تم العثور على قياسات بيولوجية أُخرى لتوفير معلوما ٍ‬
‫ت ُمفيدة للترفيه تتضمن توسع بؤبؤ العين‬
‫و ُمعدل ضربات القلب والتنفس‪.‬‬

‫قياس مدى إستجابة الدماغ والسلوك للترفيه‬

‫إليكم بعض األمثلة على أساليب قياس إستجابة الدماغ والتي تم تطبيقها على إختبار الترفيه‪:‬‬

‫✓ التصوير بإستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي‪ :‬إستخدام في بعض الدراسات الترفيهية‬


‫ال ُمتطورة جدا ً كالدراسات ال ُمتعلقة ب ُمزامنة الجمهور والتي تم شر ُحها في قسم " كيف تُزامن األفالم‬
‫أدمغتنا" في بداية هذا الفصل ولكن يتم إجراؤها في أجواء غير طبيعية وغير ُمريحة ول ُمدة طويلة‬
‫من الوقت‪.‬‬

‫✓ التخطيط الكهربائي للدماغ‪ :‬إستخدم بشكل غير ُمتكرر في إختبار الترفيه ويرجع ذلك إلى أنه‬
‫أمر شائع عند‬
‫يُستخدم ألوقات طويلة بسبب حساسيته لحركة الجسم وتوتر العضالت وهو ٌ‬
‫اإلنخراط في تجربة ترفيهية بحتة‪.‬‬

‫إن اإلختبار السلوكي أقل أهمية عند قياس تجربة الترفيه ولكن عند التركيز على اإلنعكاسات‬
‫السلوكية كإختبار ما إذا كان وضع ال ُمنتج يؤثر على الذاكرة الضمنية أو على إختيار ال ُمنتج حينها‬
‫سيكون اإلختبار السلوكي هو األفضل‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫الجزء الرابع‬

‫قياس استجابات‬
‫المستهلكين‬
‫باستخدام التسويق العصبي‬

‫بريشة ريتشارد تينانت‬ ‫الموجة الخامسة‬

‫‪256‬‬
‫" أرأيتم ؟ لقد نجحت اإلحصاءات‪".‬‬

‫‪257‬‬
‫في هذا الجزء‪...‬‬
‫سنلقي هنا نظرة ً على سلسلة كاملة من المنهجيات المتاحة في بحوث‬
‫التسويق؛ من أكثر تقليديةً إلى أكثرها تطورا ً وحداثة‪ .‬كما سنقوم بتوضيح كيفية‬
‫عملها وما الجدوى منها ومتى يتم استخدامها‪ .‬سنبدأ بأساليب " اإلبالغ الشخصي"‬
‫أسئل ٍة تتعلق فيما يفكرون به‪ ،‬وكيفية التقليدية حيث يجيب فيها الناس على‬
‫تفكيرهم به وما الذي فعلوه في الماضي وما الذي يتوقعون فعله في المستقبل‪ .‬ثُم‬
‫سنقارن هذه األساليب مع المنهجيات الجديدة التي يتبعها التسويق العصبي والتي‬
‫ت َرقٌب إشارات الجسد والدماغ لمعرفة االستجابات والدوافع العاطفية وسلوكيات‬
‫المستهلكين المستقبلية المحتملة‪.‬‬

‫قد تكون دراسات التسويق العصبي مكلفة‪ ،‬لذا سنخصص فصالً كامالً عن‬
‫بعض األساليب غير المكلفة والتي يُمكن أن تستخدم تقريبا ً من ِقبل أ ّ‬
‫ي ِ تجار ٍة‬
‫فهم أفضل للمستهلكين والمنتجات والعالمات التجارية والجهود‬ ‫وذلك الكتساب ٍ‬
‫التسويقية‪.‬‬

‫إن الفصل األخير في هذا الجزء من الكتاب يوفّر قوائم وتوجيهات لربط‬
‫أكثر المنهجيات مناسبةً لحاجا ٍ‬
‫ت معين ٍة في بحوثك‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫الفصل الخامس عشر‬

‫المنهجيات التقليدية‪:‬‬
‫ِلماذا ال نسأل الناس فحسب؟‬
‫سنناقش في هذا الفصل ما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬فهم السبب وراء عدم علم المستهلكين بما يفكرون به مع اعتقادهم العكس‬
‫‪ ‬طرح أسئلة ذات احتمالية أكبر في إجابة المستهلكين عليها بصدق ودقة‬
‫‪ ‬تعريف اإليجابيات والسلبيات للثالثة ٍ‬
‫أسس خاص ٍة بالبحوث التسويقية التقليدية‬
‫‪ ‬تخمين سبب حاجتنا إلى قياس االستجابات الواعية والالواعية عند المستهلك‬

‫سنراجع في هذا الفصل منهجيات البحوث التسويقية التقليدية والتي تتشارك عموما ً بالفكرة‬
‫المتضمنة ذاتها وهي‪ :‬أنه إذا كنت تريد فهم سلوكيات المستهلكين وتصرفاتهم وآراءهم وتفضيالتهم‬
‫واختياراتهم للمنتجات‪ ،‬فما عليك إال أن تسألهم عن ذلك فحسب‪.‬‬

‫وقد عرضنا ‪ -‬سابقا ً في هذا الكتاب‪ -‬كيف يتم تحدي هذه الفكرة البديهية بعدة طرق من قِّبل علم‬
‫الدماغ الحديث‪ ،‬وكيف برز التسويق العصبي كطريقة بديلة على األقل في التعامل مع االكتشاف غير‬
‫قدر قلي ٍل من الوعي بقيامهم بفع ٍل ما‪ .‬لذا فعندما يُسأل الناس عن‬
‫المتوقع الذي يقول بأن البشر هم على ٍ‬
‫المنتجات التي يفضلونها أو التي سيشترونها مستقبالً ستكون إجاباتهم ال تتعدى كونها تخمينا ٍ‬
‫ت فقط‪.‬‬
‫وعندما يطرح هؤالء الناس تخميناتهم ‪ ،‬فإنهم على األغلب ال يكذبون أو يخدعون الباحثين‪ ،‬إنما هم‬
‫فقد غير مدركين ألسباب ومسببات أفعالهم أو آرائهم‪.‬‬

‫وقد قدمنا في الفصل ‪ 2‬أيضا ً عقبة صعبة قد تحدث مستقبالً وهي‪ :‬أن الناس ال يقومون‬
‫ت عقالني ٍة لحاالتهم الذهنية فحسب‪ ،‬بل هم يُبالغون بتقدير دقة أقوالهم إلى ح ٍّد كبير‪ .‬ويسمي‬
‫بتفسيرا ٍ‬
‫العلماء هذه فبركة الذكريات ( وتعني سد فجوةٍ في ذكرياتنا ببدي ٍل صنعناه ونعتقد حقا ً بأنه صحيح)‪ .‬إن‬
‫تبرير لتطوير وتبني أساليب التسويق العصبي‬ ‫ٍ‬ ‫مواجهة عقبة فبركة الذكريات عند المستهلكين هو أهم‬
‫البحثية‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫المسوقين ّ‬
‫بأال‬ ‫ّ ِّ‬ ‫نظرا ً لهذه التحديات‪ ،‬فقد تعتقد أن مستخدمي التسويق العصبي قد ينصحون‬
‫يطرحوا األسئلة على المستهلكين‪ ،‬إال أن هذه ليست هي القضية؛ فاستجابة الناس ألسئلة الباحثين ‪-‬‬
‫ت أو في مجتمعٍ دراسة أو في استبيانة‪ -‬تبقى مصدرا ً قيّ ٌم في جمع‬ ‫سوا ًء أكانت مطروح ٍة في مقابال ٍ‬
‫البيانات‪ .‬إن معرفة ما يعتقد الناس بأنهم يفكرون به حتى وإن كنت تعلم أن إجاباتهم ستكون مؤشرا ٍ‬
‫ت‬
‫يعرفك بما هيّة الجوانب الكامنة‬ ‫أمر مفيدٌ إلى ح ٍّد ٍ‬
‫كبير؛ ألنه ِّ ّ‬ ‫ضعيفة على السلوك المستقبلي الفعلي هو ٌ‬
‫في العمليات العقلية الالواعية والتي ارتقت إلى مستوى أفكارهم وتعبيراتهم الواعية‪ .‬وتكمن الخدعة‬
‫هنا أن يستمع الباحثون بانتبا ٍه إلى ما يقوله الناس‪ ،‬وليس بالضرور ِّة أن يصدقونهم‪.‬‬

‫فهم السبب وراء كون طرح األسئلة هو عمل خطر‬


‫ت عدة أن الناس يفشلون في قول الحقيقة عند استجابتهم ألسئلة‬ ‫لقد عرف باحثو التسويق لسنوا ٍ‬
‫تشوه) نتائج البحث‪.‬‬
‫تحرف (أو ّ ِّ‬
‫الباحثين‪ ،‬وهذا ما يُسمى بانحراف االستجابة‪ ،‬ألن اإلجابات الخاطئة ِّ ّ‬
‫وقد درس علماء النفس عدّة أنواع من انحرافات االستجابة ووثَّقوها حيث تتضمن ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬االنحراف المبني على الموافقة‪ :‬فالناس يحبون أن يردوا على األسئلة باإليجاب والموافقة‪.‬‬
‫فإذا اعتقدوا أنهم يعرفون اإلجابة التي تعجب الباحث‪ ،‬فمن المحتمل جدا ً أن يمنحوه الموافقة‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪ ‬االنحراف المبني على الرغبة المجتمعية‪ :‬يفضل الناس التعبير عن آراءٍ يعتقدون بأنها‬
‫مقبولةٌ اجتماعياً‪ ،‬فإذا كان لديهم رأ ٌ‬
‫ي ال يُشاركهم فيه اآلخرون‪ ،‬فقد ال يعبرون عنه‪.‬‬

‫‪ ‬االنحراف المبني على مدى التعرض للمعرفة‪ :‬فال يميل الناس إلى كشف ما ال يعرفونه‪ ،‬فإذا‬
‫ي في مسأل ٍة ما‪ ،‬فقد يختلقون واحدا ً حتى ال يبدون بمظهر الجاهل‪.‬‬
‫لم يكن لديهم رأ ٌ‬

‫‪ ‬االنحراف المبني على خطأ في المعلومات‪ :‬قد يكون الناس في بعض األحيان متناقضين‪ ،‬وقد‬
‫ت خاطئةً عمدا ً وذلك ألنهم ال يحبون أن تُطرح عليهم األسئلة‪ .‬وقد أصبح هذا‬‫يجيبون بإجابا ٍ‬
‫األمر مشكلةً متكررة لدى الناس الذين تنهمر عليهم االستبيانات‪ ،‬مثل أولئك الناخبين‬
‫والمصوتين في االنتخابات التمهيدية للواليات في أمريكا‪.‬‬

‫تشترك مصادر االنحراف بصفة أنها جميعها تتضمن تضليالً متعمدا ً من قبل الشخص الذي يتم‬
‫كل من هذه‬ ‫ت صادقة في ٍ‬ ‫بمعنى آخر‪ ،‬أن الناس يعلمون أنهم ال يعطون إجابا ٍ‬
‫ً‬ ‫طرح األسئلة عليه؛ أي‬
‫طور الباحثون أساليب متعددة للتقليل من هذه األنواع في عدم دقة األجوبة لتجعلها قابلة‬
‫الحاالت‪ .‬وقد ّ‬
‫للسيطرة عليها إلى ح ٍّد ما في النموذج الكلي الخاص بطرح األسئلة‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫ومن األمور التي تُعتبر أكثر إشكالية في ذلك هي مصادر االنحراف التي ال يدركها الناس؛ أي‬
‫التخمينات التي يطرحها الناس ‪ -‬والتي يصدقون بأنها حقيقية‪ -‬ألنهم ال يمتلكون القدرة على الوصول‬
‫إلى العمليات الذهنية الالواعية التي تقبع في تفكيرهم الواعي‪ .‬وهنالك ثالثة أنواعٍ رئيسية لالنحرافات‬
‫في االستجابة عند الناس‪ ،‬وك ُّل واحدةٍ منها تؤثر في نوعٍ مه ٍ ّم من أنواع األسئلة التي يطرحها‬
‫الباحثون طوال الوقت وهي‪:‬‬

‫‪ ‬انحراف الذاكرة‪ :‬يطرح الباحثون بانتظام أسئلةً على الناس فيما يخص تجاربهم السابقة مع‬
‫منتجٍ أو عالم ٍة تجارية معينة‪ ،‬إال أن اإلجابات التي يعطيها الناس على هذه األسئلة قد تكون‬
‫غير دقيقة ألن الذاكرة تُعدُّ مر ّكبة و ُمعرضة إلى أي تشويه وذلك لعدّة عوامل تتضمن‬
‫الحاجات والرغبات الفورية‪ .‬وهذا ال يعني أن الذكريات دائما ً ما تكون خاطئة‪ ،‬بل أن عملية‬
‫انتاج الذكريات الخاطئة سريعةٌ جدا ً (انظر الفصل ‪ .)6‬تنص النتيجة النهائية للبحوث إلى أنه‬
‫يمكن الوصول إلى الذكريات بدقة وخاصةً إذا ما كانت حديثةً نسبيا ً أو كانت على صلة‬
‫بالعواطف‪ ،‬لكنها قد تتأثر وبكل سهولة من قِّبل طرح األسئلة أو من قِّبل االستحضار الذهني‬
‫وذلك إن لم يكن الباحثون حذرين‪.‬‬

‫الناس ع ّما يحبونه‬


‫َ‬ ‫‪ ‬انحراف الوصول إلى العواطف (والتفضيالت)‪ :‬دائما ً ما يسأل الباحثون‬
‫وما ال يحبونه‪ ،‬إال أن فهمنا لحاالتنا العاطفية‪ -‬كما هو األمر في فهمنا لعواطفنا‪ -‬هو فه ٌم‬
‫ى تحب البروكلي؟"‪ ،‬فال‬ ‫مر َّكب إلى ح ٍّد كبير‪ ،‬فعندما نُسأل سؤالً سهالً نسبيا ً مثل "إلى أ ّ‬
‫ي ِّ مد ً‬
‫يكون لدينا القدرة على الوصول إلى اإلجابة مباشرة‪ ،‬بل نسأل أنفسنا عن مدى حبنا للبروكلي‬
‫و نفعل كما يفعل المحققون الجنائيون بجمع األدلة من خالل تجاربنا‪ .‬وتُعتبر هذه العملية غايةً‬
‫في االنتقائية واالنحراف المتع ّمد‪ ،‬لذلك ال تكون اإلجابة بالدقة التي نعتقد أنها كذلك‪ ،‬حيث‬
‫ت أقل مما نعتقده‬‫تتضمن األسئلة المتعلقة بالتفضيل اشكالية‪ ،‬فالتفضيل هو مسألة ذات ثبا ٍ‬
‫(انظر الفصل ‪ ،)8‬لذا فنحن في األغلب نركبها عندما يُطلب منا فعل ذلك‪.‬‬

‫منتظم ع ّما سيفعله الناس مستقبالً‪ ،‬إال أن عملية توقع‬


‫ٍ‬ ‫‪ ‬انحراف التوقع‪ :‬يسأل الباحثون بشك ٍل‬
‫المستقبل تتدخل في نظامي العواطف والذكريات المركبين وتُضيف عليهما المعلومات‪ ،‬فنحن‬
‫نحاول تخيل ما فعلناه في الماضي ونحاول تقدير كيف ستكون عواطفنا في المستقبل ومن‬
‫تخمين بارعٍ لما قد نفعله في المستقبل‪ .‬وقد ُوثّقت كمياتٌ كبيرة من‬
‫ٍ‬ ‫ذلك ال ُمنطلق نحاول خلق‬
‫البحوث حقيقة أن هذه التوقعات نادرا ً ما تكون دقيقة‪ ،‬وهذا ال يجب أن يكون مفاجئاً؛ ألن كل‬
‫االفتراضات التي تُبنى على التوقعات كلها باطلة‪ .‬إال أننا نميل إلى نمتلك ثقةً غير مبررةٍ‬
‫بتوقعاتنا‪.‬‬

‫نظرا ً إلى كل تلك العقبات التي تعيق االستجابة الدقيقة للمستهلك‪ ،‬فإنه من المنطقي أن‬
‫ٌ‬
‫طرق أخرى لطرح األسئلة والتي قد يقلل من بعض هذه العقبات‪ .‬إال‬ ‫نتساءل ع ّما إذا كان هناك‬

‫‪261‬‬
‫أنه وفي الواقع هنالك سب ٌل لفعل ذلك‪ .‬إن الباحثين المهتمين بفهم متى وكيف يوقعون التصرفات‬
‫الفعلية للمستهلكين – مثل ما إذا كانت السلوكيات المناصرة للبيئة تؤدي إلى أفعا ٍل مثل إعادة التدوير‪-‬‬
‫ت في كيفية طرح أسئلة تخص السلوكيات على الناس‪ ،‬وتسمى تلك الطريقة بنظرية‬ ‫طوروا تعليما ٍ‬
‫قد َّ‬
‫ي نوعٍ من أنواع المنهجيات التي تهدف إلى توقع‬ ‫السلوك المخطط له‪ .‬وتفيد هذه التوجيهات أ ّ‬
‫السلوكيات من خالل المقابالت الشخصية واالستبيانات‪.‬‬

‫ت معينة وليس عن مواقفهم بشك ٍل عام‪ .‬فعندما يُطلب من‬ ‫‪ ‬اسأل عن مواقفهم تجاه سلوكيا ٍ‬
‫الناس استذكار ما فعلوه في الماضي‪ ،‬فهناك احتمالية أكبر لتخمين مواقفهم بدقة‪ .‬فبدالً من‬
‫سؤالهم " كم تحب البروكلي؟"‪ ،‬اسألهم "كم مرة ً تطبخ البروكلي؟"‪.‬‬

‫ت مناظر ٍة لهم من الناس وليس عن مواقفهم الشخصية‪.‬‬ ‫‪ ‬اسأل عن مواقفهم تجاه مجموعا ٍ‬
‫إن سؤال الناس عن اآلخرين هي طريقة جيدة في جعلهم يعبرون عن معتقداتهم دون أن‬
‫يشعروا بأنهم سيحاسبون عليها‪ .‬فمثالً اسألهم‪" :‬ما مدى شيوع البروكلي كعشاء نباتي عند‬
‫األمهات في حيّكم؟"‪.‬‬

‫‪ ‬اسأل عن العوامل المسيطرة التي قد تساعد في إعاقة السلوكيات‪ .‬فهذه األسئلة توفر طريقة‬
‫لتقييم العوامل الموقفية التي قد تساهم في السلوكيات‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬اسألهم‪ " :‬كم تكلفة‬
‫البروكلي مقارنةً بالخضروات التي تُباع في المتاجر؟" أو أن تسأل‪" :‬كم طريقةً تستطيع فيها‬
‫ثمن مرتفعٍ مقارنةً‬
‫طبخ البروكلي؟"‪ .‬فقد يحب الشخص البروكلي‪ ،‬لكنه إذا ما اعتقد أنها ذات ٍ‬
‫ببدائلها‪ ،‬فقد يقل احتمال شراءه لها‪.‬‬

‫إن بعض التوجيهات التي قد تساعد في زيادة دقة وصدق إجابات المستهلك ألسئلة البحث‬
‫تتعلق بالزمان والمكان الذي يتم طرح السؤال فيه وهي كما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬ليكن سؤالك في أقرب زمان ومكان ممكنين حيث يكون فيه الناس يقومون بالسلوك‬
‫الذي تهتم بدراسته‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬اطرح سؤالك عن البروكلي في ممر المنتجات في‬
‫محل البقالة‪.‬‬

‫‪ ‬ليكن سؤالك للناس عندما يكونون في الحالة العقلية والسياق الصحيحين‪ .‬فمثالً‪ ،‬اطرح‬
‫سؤالك عن تفضيلهم للطعام وذلك عندما يكون المستهلك في محل البقالة‪.‬‬

‫ظ من سلوكيات‪ .‬فعلى سبل المثال وفي‬ ‫‪ ‬اطرح األسئلة لتأكيد أو توضيح ما هو مالح ٌ‬
‫المقابالت المجراة في محل البقالة‪ ،‬اطرح سؤال‪" :‬لقد الحظت وجود البروكلي في عربة‬
‫صتك‪ ،‬كم مرة ً تشتري فيها البروكلي؟"‪.‬‬
‫التسوق خا ّ‬
‫وهنا تكون آخر مرةٍ نتحدث فيها عن البروكلي في هذا الكتاب ونحن نعدكم بذلك ‪.‬‬

‫‪262‬‬
‫عرض األسس الثالثة لبحوث التسويق‬
‫لقد رست بحوث التسويق لعقو ٍد عديدة على ثالثة منهجيا ٍ‬
‫ت رئيسي ٍة في جمع البيانات وهي‪:‬‬
‫المقابالت الشخصية مع المستهلكين والمجتمعات الدراسية واالستبيانات‪ .‬وقد خضعت ك ٌّل من هذه‬
‫والتطورات عبر السنين‪ ،‬إال أن الفكرة األساسية التي تتشاركها‬
‫ُّ‬ ‫المنهجيات للعديد من التغييرات‬
‫جميعها تبقى ذاتها وهي‪ :‬إذا أردت أن تعرف ما يُفكر فيه اآلخرون‪ ،‬فسألهم عن ذلك‪ ،‬وإنما تكمن‬
‫االختالفات فيما بينها في طريقتك بطرح السؤال فيها‪:‬‬

‫منظمة‪ ،‬فالذي ُمقابِّل‬‫ّ‬ ‫‪ ‬مقابالت متعمقة في األسئلة‪ :‬تمي ُل المقابالت الجيدة ألن تكون غير‬
‫ت مثيرةٍ لالهتمام‬ ‫الماهر هو الذي ينقاد وراء المقابَل معه‪ ،‬مما يؤدي إلى التعرف على مجاال ٍ‬
‫ت جديدةٍ غير متوقع ٍة في الواقع الحقيقي‪ .‬تتعمق المقابالت‬ ‫حتى يتم استكشافها أو اتجاها ٍ‬
‫الشخصية أكثر من األساليب البحثية األخرى‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬هنالك تقنية شائعة تسمى‬
‫"باألسباب الخمسة"‪ ،‬فال يترك الشخص الذي يجري المقابلة سؤالً إال ويسأل عن سبب‬
‫وهلم حرا ً لخمس إجاباتٍ‪ .‬وقد ّ ِّ‬
‫يدون‬ ‫َ‬ ‫اإلجاب ٍة ما‪ ،‬ثم يسأل عن سبب تلك اإلجاب ِّة أيضاً‪،‬‬
‫ت في نفس الوقت التي يطرح فيه األسئلة‪ ،‬إال أنه‬ ‫الشخص أحيانا ً الذي يجري المقابلة مالحظا ٍ‬
‫وفي األغلب يتم تسجيل المقابلة صوتيا ً أو مرئيا ً ثم يتم دراستها بالتفصيل الحقاً‪.‬‬
‫‪ ‬مجموعات الدراسة‪ :‬وقد تكون أكثر أساليب البحث شهرة ً وشيوعاً‪ ،‬حيث أن مجموعات‬
‫الدراسة تضم عددا ً صغيرا ً من المستهلكين (غالبا ً ما يكون عددهم ما بين الستة إلى عشر‬
‫أشخاص) لمناقشة مسألة أو مفهوم أو فكرة تسويقية ويتم إدارة هذا النقاش من قِّبل وسيط‪.‬‬
‫عاكس (زجاج أحادي الرؤية كذلك الذي يكون في‬ ‫ٍ‬ ‫ويتم أداء هذا النقاش عادة ً مقابل زجاجٍ‬
‫غرف التحقيق) فيقوم المسوقون بمالحظة مجريات النقاش من خلفه‪ .‬تعتمد فائدة مجموعات‬
‫الدراسة على مهارة الوسيط فيها‪ ،‬والذي يتوجب عليه موازنة الدينامكية المعقدة للمجموعة‬
‫للحصول على قراءة أفضل لآلراء المجموعة ككل‪.‬‬
‫‪ ‬استبيانات المستهلكين‪ :‬وتعتبر أكثر األسس الثالثة اعتمادية على العلم‪ ،‬حيث أن‬
‫دار لتكون عينة تمثيلية من المستهلكين‬ ‫االستبيانات تحتوي على استفتاءات منظمة حيث ت ُ ُ‬
‫ت إحصائية تستكشف مسائل رئيسية‪ .‬كانت تجرى الدراسة عن طريق االستبيانات‬ ‫بتحليال ٍ‬
‫من الباب إلى الباب‪ ،‬ثم عن طريق الهاتف‪ ،‬إال أنها اليوم تجرى في األغلب عن طريق‬
‫صةً عندما‬ ‫شبكات االتصال (بالرغم من أن االستبيانات الهاتفية ما تزال تلعب دورا ً مهما ً وخا ّ‬
‫يتوجب أن تعطى اإلجابات بسرعة)‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫كانت الطرق الثالث هذه الوسائل الرئيسية التي يتم جمع من خاللها ردود فعل المستهلكين‬
‫للمنتجات والتسويق وذلك حتى برز التسويق العصبي‪ .‬وهي اآلن تحتل ما نسبته ‪ 90‬بالمئة من وسائل‬
‫البحث التي تجريها صناعة البحوث التسويقية في يومنا هذا‪.‬‬

‫وسنلقي نظرة ً في هذا القسم على كل طريقة من هذه الطرق وسنصف كيفية ووقت كونها أكثر‬
‫إفادة في مزيجٍ من المنهجيات المتوفرة اآلن‪ .‬وسنستعرض أنها – في ظروفٍ معين ٍة وألسباب محددة‪-‬‬
‫مهم في يومنا هذا‪.‬‬
‫دور ٍ‬
‫تستمر في لعب ٍ‬

‫إجراء مقابال ٍ‬
‫ت متعمقة في األسئلة‬
‫وكما يُظهره مصطلح المقابالت المتعمقة في األسئلة‪ ،‬فإن هذه المقابالت تحاول الوصول إلى‬
‫عمق التبرير المنطقي عند المستهلكين‪ ،‬في محاولة استكشافٍ لمحفًزات اآلراء والقرارات والمواقف‬
‫واألفعال عند المستهلكين‪ .‬وبافتراض أن من يُجري المقابلة ذو مهارة وخبرة في هذا النوع من‬
‫المقابالت وأن المستجيبين لهذه المقابالت (من تُجرى معهم المقابالت) هم على األقل ممثلون عن‬
‫المجموعة التي تهدف الدراسة إلى تسليط الضوء عليها تقريبا ً ‪ ،‬فيمكننا أن نالحظ استخداما ٍ‬
‫ت عدّة‬
‫وبعض من متخاطرها ومحدوديتها‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫لهذه الطريقة‬

‫عندما تُفهم المقابالت المتعمقة‬

‫توفر المقابالت المتعمقة ميزة دراسة عد ٍد قلي ٍل نسبيا ً من المستهلكين‪ ،‬موفرة ً نتاجات‬
‫ومنظورات مألوفة ال يمكن للمقابالت واالستبيانات الموحدة أن تصل إليها‪ .‬إال أن هذا التعمق ال يأتي‬
‫دون تكلفة‪ ،‬فالعينة فيها تكون صغيرة ً جداً‪ ،‬ويشكل قلة التوحيد فيها صعوبة في تعميم الدقة‬
‫ت مفيدة لمبادرات تطوير‬ ‫اإلحصائية من نتائجها‪ .‬إال أن المنظورات الناتجة أحيانا ً ما توفر مدخال ٍ‬
‫التسويق والمنتجات التي قد تنفّذ الحقاً‪ ،‬لذا فإن هذه العيوب ال يمكن أن يُنظر إليها كعائق ٍ‬
‫كبير لها‪.‬‬

‫ويُوصى باستخدام المقابالت المتعمقة الختبار الفرضيات التي هي موجودة ٌ في األصل‪ ،‬إال أن‬
‫هذه المقابالت هي أروع وسيلة الستخدامها في المراحل األولى للدراسة؛ لتوليد الفرضيات واكتشاف‬
‫ومطوري المنتجات للتعلُّم من‬
‫ّ‬ ‫للمسوقين‬
‫ّ‬ ‫أفكار جديدة‪ .‬توفر هذه المقابالت طريقة ممتازة‬
‫ٍ‬ ‫واستكشاف‬
‫المستهلكين‪ ،‬مما يوفر تبادالً وافرا ً للمعلومات بين الشركات ومجموعة من عمالءها‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫تكون المقابالت المتعمقة مصحوبةً أحيانا ً بتقنيات توضيحٍ لل َمجاز واللغة االصطالحية في‬
‫الكالم لكي تغوص في أعماق االرتباطات والدوافع لدى المستهلكين‪ ،‬كجعل المستهلك يسترجع‬
‫ُطلب منه جم َع مجموعة من الصور التي تمثل كيفية شعورهم تجاه‬ ‫تجاربه عندما كان طفالً أو أن ي ُ‬
‫منتجٍ أو عالمة تجارية‪ .‬ويُعتقد أن هذه الطرق تكشف الغطاء عن دوافع دفينة في ذات المستهلك‬
‫والتي تحفز االرتباطات الذهنية عنده تجاه منتجٍ أو عالم ٍة تجاري ٍة ما‪ ،‬مما يجعلها مكملةً ألساليب‬
‫ت وسلوكيا ٍ‬
‫ت المستهلك‪.‬‬ ‫التسويق العصبي التي تتفحص األهداف والدوافع الالواعية في اختيارا ٍ‬

‫مخاطر ومحدودية المقابالت المتعمقة‬


‫تُعد المقابالت المتعمقة في األسئلة مكلفة ومستهلكة للوقت‪ ،‬وتعتمد كفاءة نتائجها بشك ٍل‬
‫كبير على خبرة الشخص الذي يُجري المقابلة‪ .‬فبعدما تتم المقابلة‪ ،‬فإنها تتطلب وقتا ً كبيرا ً لتحليل‬
‫وتفسير النتائج؛ لذا تٌعدُّ هذه الطريقة غير مناسبة للحصول على تغذي ٍة راجع ٍة سريع ٍة من السوق‪.‬‬

‫إن أكبر مخاطرة محتملة في استخدام المقابالت المتعمقة هو أن نتائجها التي قد اكتُشِفت من‬
‫خالل المقابالت قد يُساء التعرف إليها كنتائج تم تأكيدها‪ .‬ولألسف‪ ،‬يكون خبراء التسويق عرضة‬
‫المسوقين‪ .‬فال يتطلب المنظور الذي‬‫ّ‬ ‫إلساءة اطالق األحكام واالنحياز فيها كما هو األمر عند‬
‫اكتُشِّف حديثا ً الكثير من الوقت ليصبح محتوماً‪ ،‬وذلك بفضل التأثيرات المحرفة لهذه المنظورات‬
‫والتي تخص انحرافات تقبُّل األمور عند المستهلكين وإدراكهم المتأخر لها‪ ,‬أن المقابالت المتعمقة‬
‫تمتلك موثوقية ضعيفة فيما يخص اختبار وإعادة اختبار عينات الدراسة والتي تعتبر طريقة رائعة‬
‫في قول أنه إذا أجريت مقابلة مع مجموعة مختلفة من الناس‪ ،‬فإنه يحتمل أن تحص َل على مجموعة‬
‫من النتائج المختلفة (والتي ستبدو أيضا ً حتمية عند استذكارها)؛ لذا فإن اعجابك المفرط بمنظوراتك‬
‫سيكون أمرا ً مغريا ً يجب عليك مقاومته‪.‬‬

‫استخدم المقابالت في توليد الفرضيات‪ ،‬ولكن عليك استخدم االستبيانات أو أساليب‬


‫ِّ‬
‫التسويق العصبي الختبار عمومية هذه الفرضيات‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫السعي وراء المعرفة القوية الخاصة بمجموعات الدراسة‬
‫تضمن مجموعات الدراسة في العادة من ستة إلى عشرة أفرا ٍد مستهلكين حيث يمثلون‬
‫مجموعة معينة من المستهلكين والتي تكون مستهدفة في الدراسة؛ وذلك لمناقشة مسألة ما أو التعليق‬
‫على بعض المفاهيم أو األفكار أو العناصر‪ .‬ويعتبر هذا النقاش نقاشا ً دائرا ً بين أعضاءه بحرية ويتم‬
‫إدارته من قِّبَل وسيطٍ والذي يقوم بتوضيح بعض القواعد ويحاول أن يبقي أعضاء المجموعة‬
‫المهيمنين على النقاش تحت السيطرة‪ ،‬كما ويشجع الوسيط األعضاء الخجلين على المشاركة في‬
‫النقاش ويبقي النقاش في مساره الصحيح إذا ما انحرف عن موضوعه‪.‬‬

‫ت عديدة أول طريقة معيارية يلجأ‬‫كانت المجموعات الدراسية المكلَّفة بإجراء دراسات لسنوا ٍ‬
‫إليه ا الكثير من المسوقين لالستفسار عن مدخالت آراء المستهلكين بشأن تحديات المتسوق‪ ،‬أو أن‬
‫يريدوا بكل بساطة التأ ّكد أنهم على المسار الصحيح في عملهم التسويقي‪ .‬لقد بدأت مؤخرا ً بعض‬
‫الشركات الكبيرة بالتحفظ على مجموعات الدراسة إلى أن األمر وصل إلى أن تمنعها من أن تكون‬
‫التسوق‬
‫ُّ‬ ‫صتها؛ وذلك ألن مجموعات الدراسة ال تقوى على تنبؤ السلوك‬ ‫جزءا ً من منهجيات البحث خا ّ‬
‫الفعلي‪.‬‬

‫وعند النظر إلى التجارب الماضية‪ ،‬فلم تكن تلك النتيجة مفاجئةً‪ ،‬حيث أن المجموعات‬
‫الدراسية وعلى غرار المقابالت المتعمقة هي منهجية دراسية وصفية؛ فهي تلتقط معلومات عن كيفيه‬
‫قيام مجموعة معينة من الناس باالستجابة و التقييم اآلن‪ ،‬لكنها العينات التي تدرسها أكثر صغرا ً من‬
‫أن تعمم بقوة على تصرفات ومواقف مجموعة أكبر من الناس (مثل جميع المستهلكين الذين يشترون‬
‫منتجا ً ما)‪ .‬لذا فمجموعات الدراسة‪ -‬وكما هو األمر في المقابالت المتعمقة‪ -‬تنفع في تعريف‬
‫الفرضيات والمسائل التي يجب التحقق منها‪ ،‬ولكنها ال تنفع في اختبار الفرضيات‪.‬‬

‫عندما تصبح مجموعات الدراسة ذات معنى‬

‫للمسوقين عندما يريدون معرفة ما إذا كان‬


‫ّ‬ ‫تكون مجموعات الدراسة منهجيةً نافعة وذات معنى‬
‫المستهلكون يفهمون رسائلهم التسويقية ويفسرونها بالطريقة المراد بها‪ .‬إال أنك ال تستطيع تعميم ما‬
‫ت دراسي ٍة قليل ٍة على السوق ككل‪ ،‬إال أنه يمكن لمجموعات الدراسة توفير نوعا ً من‬ ‫ينتج عن مجموعا ٍ‬
‫أنظمة اإلنذار المبكر لتشير إلى ما إذا كان منتجا ً أو رسالة تسويقية تفتقد إلى ميزتها‪.‬‬

‫وتكون مجموعات الدراسة ذات فائدةٍ أيضا ً عندما يتم جمع الناس ليتشاركوا في عملية صنع‬
‫ت العطل الرسمية‬
‫القرار أو تجربة منتجٍ ما‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬عندما يُراد فه ُم حالة التسوق في أوقا ِّ‬
‫نقاش بين جميع أفراد عائل ٍة ما‪ .‬وعندما يذهب األصدقاء في‬ ‫ٌ‬ ‫واألعياد‪ ،‬فإنه من المنطقي أن يُجرى‬
‫نقاش‬
‫ٍ‬ ‫العادةِّ إلى التسوق لشراء المالبس‪ ،‬فإنه من المنطقي أيضا ً أن يُدعى هؤالء األصدقاء إلى‬

‫‪266‬‬
‫جماعي‪ ،‬مثل ذلك الكثير من األمثلة‪ .‬ومن المحتمل أن تكون النقاشات الناتجة أكثر طبيعيةً ألن‬
‫استهالكية المجموعات تؤثر على الموقف الواقعي للتسوق‪.‬‬

‫للمسوقين‪ ،‬فأن القيمة الرئيسية وراء استخدام مجموعات الدراسة هي أنها تمكنهم‬ ‫ّ‬ ‫أما بالنسبة‬
‫من رؤية المستهلكين عن كثب‪ ،‬وتمكنهم من مالحظة اإلشارات والدالالت الدقيقة من خالل التفاعل‬
‫المسوقون في‬
‫ّ‬ ‫مع المستهلكين وجها ً لوجه‪ .‬تكمن القضية هنا في أن أفضل المعلومات التي يجمعها‬
‫مجموعات الدراسة ليست من خالل ما يقوله الناس‪ ،‬بل مما يفعلونه؛ أي إيماءات البسيطة يقومون بها‬
‫وتعابير وجههم وردود فعلهم تجاه أقوال غيرهم وهل َّم جراً‪.‬‬

‫إن من الغالب أن تكون هذه التفسيرات بديهيةً بطبيعتها‪ ،‬فالباحثين الخبراء هم القادرون على‬
‫ت البديهية من كيفية كالم المشاركين في مجموعات الدراسة وكيفية تعبيرهم عن‬ ‫استنتاج المنظورا ٍ‬
‫أنفسهم باستخدام لغة الجسد وكيفية تغيرهم لنغمة صوتهم‪ ،‬ومع من يتفاعلون‪ ،‬وما إلى ذلك من‬
‫الطرق‪ .‬عدا أن مثل هذه المنظورات ال تكون منطقيةً إلى ح ٍّد كبير أو قابلةً لالختبار بالمعنى العلمي‬
‫لها‪ ،‬إال أنها مع ذلك تُعدُّ مفيدة ٌ جداً‪ .‬فبالنظر إلى ذكريات من كانوا أسطورة ً في التسويق‪ ،‬فإنه من‬
‫المفاجئ معرفة كم من منظوراتهم الناجحة قد بدت مستخلصة من المالحظات البديهية بسيطة‪.‬‬

‫ال تثق بهذه المالحظات والمنظورات كثيراً‪ ،‬فهي عرضة ٌلالنحرافات بحد ذاتها كغيرها‬
‫من األمور التي يالحظها اإلنسان‪ ،‬فال تسمح لها في أن تكون محتومة وضرورية بالنسبة لك؛‬
‫فهي فرضيات يجب أن تكون عرضة الختبارها علميا ً لتصبح أكثر دقة وذلك قبل أن تُستخدم‬
‫للتزويد عملية اتخاذ القرار بالمعلومات أو تغييرها‪.‬‬

‫مخاطر ومحدودية المجموعات الدراسية‬

‫تنتج الكثير من التحديات الفريدة من نوعها من خالل ديناميكيات المجموعة؛ وذلك ألن‬
‫مجموعات الدراسة تتعامل مع مجموعة من المستهلكين‪ ،‬فالناس يتصرفون في المجموعات على نح ٍو‬
‫مغاير عن تصرفاتهم في موقف أحادية‪ ،‬وتتضمن التحديات الناتجة عن ديناميكيات المجموعة ما‬
‫يأتي‪:‬‬

‫عم في المجموعة‪ ،‬حيث يقوم في المجموعة‬ ‫‪ ‬الهيمنة‪ :‬أو ما يُسمى بمشكلة المشارك المتز ِ ّ‬
‫مشاركٌ واحدٌ (أو في بعض األحيان مشاركيَن اثنين) بترأس النقاش والتأثير على آراء بقية‬
‫المشاركين في المجموعة‪.‬‬

‫‪ ‬التفكير الجماعي‪ :‬وهو الميل النفسي عند المجموعات لموافقة بعضهم البعض والذي يندمج‬
‫قبل أوانه في التفكير الواعي لديهم‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫‪ ‬المشاركين ال ُمح َّمسين‪ :‬حيث يشعر المشاركون بالضغط للمساهمة في شيءٍ ما حتى ولو لم‬
‫ي فيه‪( .‬ويمكن استنتاج ذلك من خالل شعورهم بأنهم مجبورين على المشاركة‬ ‫يكن لديهم رأ ٌ‬
‫ألنه قد دُف َع إليهم مبلغ من المال ليقوموا بذلك‪.‬‬

‫‪ ‬الدالالت الخاطئة‪ :‬فعندما يُطلب إلى المشاركين أن يقضوا ‪ 90‬دقيقة في مناقشة ٍ‬


‫أمر ال‬
‫كبير من التعليقات‬
‫بقدر ٍ‬
‫يكلفهم إال القليل من التفكير به فقط‪ ،‬فمن المحتمل أكثر أن يخرجوا ٍ‬
‫المسوقين أن يأخذونها على محمل ال ِّ ّجد أكثر من الالزم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫شبه العشوائية والتي قد يجعل‬

‫بالرغم من كون مجموعات الدراسة نافعةً في مالحظة الهيئة التي تبدو فيها فكرة‬
‫الرسالة التسويقية أو منتجٍ ما فيما بين مجموع ٍة من المستهلكين‪ ،‬إال أنه ال يجب أن تُستخدم في‬
‫محاولة تحديد ما الذي ينبغي على الرسالة التسويقية أن تكون عليه‪ .‬وتميل ديناميكيات‬
‫مجموعات الدراسة إلى تشجيع االنسجام وكبح جماح اإلبداع فيها‪ ،‬كما تميل أيضا ً إلى تقدير‬
‫مألوف على غير المألوف لديهم‪ .‬وعندما يكون‬ ‫ٌ‬ ‫معروف على غير المعروف‪ ،‬وما هو‬ ‫ٌ‬ ‫ما هو‬
‫األمر يتعلّق بتطوير رسال ٍة تسويقي ٍة استراتيجية‪ ،‬فإن من غير أن المحتمل أن تخلق المجموعات‬
‫الدراسية جوا ً من المساهمة اإلبداعية‪.‬‬

‫أخذ عينات آراء المستهلكين من االستبيانات الموزعة عليهم‬


‫تُعتبر االستبيانات الموزعة على المستهلكين أكثر طرق البحث استخداماً‪ ،‬وخاصةً منذ ظهور‬
‫االستبيانات اإللكترونية ومجموعات المستهلكين المشاركة في اإلجابة على االستبيانات المخصصة‬
‫لكل موضوعٍ بحثي يمكن تصوره‪ ،‬فقد أصبحت أرخص الوسائل تكلفةً وأداة سريعة التوزيع تهدف‬
‫إلى الكشف عن آراء وسلوكيات المستهلكين حول العالم‪ ،‬ولكنها ال تأتي من دون ثمن أو مجازفات‪.‬‬

‫عندما تصبح استبيانات المستهلكين ذات معنى‬

‫من المعقول أن تُستخدم االستبيانات لطرح أسئل ٍة على الناس يستطيعون اإلجابة عليها‪،‬‬
‫كسؤالهم عما يفعلونه أو قد يفعلوه في العادة وخاصة إذا ما كنا نشير على الماضي القريب‪ .‬لكنه من‬
‫الصعب أن تسأل الناس ع ّما يعتقدونه أو يؤمنون به؛ ألن المصدر الحقيقية وراء تفضيلهم لشيءٍ ما أو‬
‫تصرفاتهم قد يكون ‪ -‬وإلى ح ٍد كبير‪ -‬غير معروفٍ لديهم ألنه يقبع في عقلهم الباطن‪ .‬ومن غير الجيد‬
‫عرضةً‬ ‫أن تسأل الناس ع ّما سيفعلونه في المستقبل؛ ألن تخمينات الناس فيما يتعلق بالمستقبل هي ُ‬
‫للعديد من الشكوك واالنحيازات التي من غير المحتمل أن تؤدي إلى تنبؤا ٍ‬
‫ت دقيقة‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫ويمكن لمثل هذه األسئلة أن تضلل الباحثين وبكل سهولة؛ ألن الناس يعتقدون حقا ً بأنهم يجيبون‬
‫ت قد تضلل الباحثين‪.‬‬ ‫ق ودقّة‪ ،‬بيد أنهم في الحقيق ِّة يطرحون تبريرات و تخمينا ٍ‬
‫على األسئلة بصد ٍ‬
‫وهناك أساليب معينة للحد من مثل التبريرات غير الدقيقة تلك ‪ ،‬مثل الطلب إلى الناس القيام‬
‫باختيار سريع وبسيطٍ بدالً من تشكيل خيارا ٍ‬
‫ت تم التفكير بها ث َّم التعبير عنها‪ ،‬فهذه الطريقة تقلل من‬ ‫ٍ‬
‫المصادر الرئيسية التي تشوه اإلجابات في االستبيانات؛ وهي الطلب إلى الناس استخدام النظام (‪)2‬‬
‫للعمليات الذهنية المدروسة من أجل سرد قصة معقولة بشأن االختيارات واألفعال التي يقومون بها‬
‫باستخدام النظام (‪ )1‬للعمليات الذهنية التلقائية‪( .‬انظر الفصل (‪ )8‬للمزيد من المعلومات عن النظام‬
‫(‪ )1‬والنظام (‪))2‬‬
‫إن نظرية أساليب السلوك المخطط له (انظر فيه قسم "فهم السبب كون طرح األسئلة أمرا ً‬
‫يتضمن بعض المجازفة" سابقا ً في هذا الفصل) هي أيضا ً توفر توجيها ً نافعا ً لتشكيل أسئلة استبيانات‬
‫تقلل من االنحرافات في العرض الذاتي لألفكار كما وتحسن من الدقة التنبؤية للنتائج‪ .‬ويمكن لتشكيل‬
‫االستبيانات التي تتمحور على التوجيهات الثالثة لنظرية السلوك المخطط له أن تُحسن من ك ٍّل من‬
‫الفائدة والدقة التنبؤية للنتائج التي تخرج بها استبيانات المستهلكين‪ ،‬حيث أن التوجيهات الثالثة هذه‬
‫للنظرية هي‪ :‬السؤال عن السلوكيات‪ ،‬وعن سلوكيات المجموعات المناظرة األخرى‪ ،‬وعن العوامل‬
‫الموقفية التي تؤثر على السلوكيات‪.‬‬

‫مخاطر وحدودية استبيانات المستهلكين‬

‫يكمن المحدد الرئيسي لالستبيانات في أنها تفترض أن الناس يستطيعون إطالع االستبانة‬
‫على مواقفهم ومعتقداتهم ومشاعرهم بدقة‪ ،‬أو أن يصفوا تفضيلهم لشيءٍ ما بدقة‪ ،‬أو أن يتذكروا‬
‫ما قاموا به في الماضي وسبب قيامهم به‪ ،‬أو أن يتوقعوا ما سيقومون به في المستقبل‪ .‬فبالرغم‬
‫من مما توصل إليه علم الدماغ باإلضافة إلى التحذيرات مستخدمي التسويق العصبي التي سوف‬
‫نشرحها بالتفاصيل الحقاً‪ ،‬فإننا نعتقد بأن هذه األسئلة سوف تبقى تُطرح على الناس في استبيانات‬
‫المستهلكين‪ .‬وكما يعلم أغلب باحثي السوق‪ ،‬فإنه من األفضل معرفة شيء قد يكون خاطئا ً وأن يُعامل‬
‫معين بدالً من أال يعرفوا شيئا ً أبداً‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بحذر‬
‫ٍ‬
‫يمكن لبعض المشاكل المنهجية اإلضافية أن تؤثر على ص َّحة نتائج االستبيانات وقابليتها‬
‫للتعميم‪ .‬وسنذكرها هنا بإيجاز ألنا بعيدة ٌ عن نطاق موضوع هذا الكتاب‪ ،‬إال أن بعضها َيبرز مرارا ً‬
‫في نقاشنا للمشاكل المنهجية الخاصة بدراسات التسويق العصبي وذلك في مرحل ٍة الحق ٍة في هذا‬
‫الكتاب وهي كاآلتي‪:‬‬

‫علم بجميع األسئلة التي‬


‫ق فيها هو افتراض أنك على ٍ‬ ‫‪ ‬تصميم أسئلة االستبانة‪ :‬وأكبر مأز ٍ‬
‫تحتاجها‪ ،‬فغالبا ً ما تكون االستبانات محددة ً باألسئلة التي يعتقد المسوقون أنها مهمة‪ ،‬مما‬

‫‪269‬‬
‫يُحتمل نسيان أسئلة أهم منها في عقل المستهلكين‪ .‬فيُعد إجراء مقابال ٍ‬
‫ت متعمقة قبل اتباع‬
‫منهجية االستبانة طريقة جيدة لتجاوز هذا المأزق‪.‬‬

‫‪ ‬انتقاء العينة‪ :‬ويكمن التحدي األكبر هنا الحرص على أن تكون العينة ممثلة لمجتمع‬
‫مظهر أكثر خداعا ً مع االستبيانات اإللكترونية التي تطرح‬
‫ٍ‬ ‫الدراسة المستهدف‪ .‬وهذا يكون ذا‬
‫مجموعات المستهلكين المشاركين فيها عن طريق االنترنت والتي ال تُم ِّث ّل مجتمع الدراسة‬
‫بالطرق المعروفة وغير المعروفة‪ .‬ويكمن الخطأ الشائع هنا في افتراض أن هذه المشكلة قد‬
‫ت ُ َحل بجمع عينات أكبر‪ ،‬عدا أن العينات الكبيرة المنحازة وذات االنحراف الكبير تكون‬
‫مضرة باالستدالالت اإلحصائية كالعينات الصغيرة المنحازة‪.‬‬

‫‪ ‬تحليل النتائج‪ :‬إنه من المهم أال نخلط فيما بين األهمية اإلحصائية مع األهمية الموضوعية‬
‫ُ‬
‫حيث يتم توليد الكثير من العينات دون أي تكلفة وخاصة فيما يتعلق باالستبيانات‬ ‫في النتائج‪.‬‬
‫اإللكترونية‪ ،‬فستنت ُج مثل هذه العينات بعض االرتباطات المهمة جدا ً ألن الكثير من‬
‫اإلحصاءات (مثل طريقة معامل االرتباط التي غالبا ً ما تُستخدم) تكون حساسة لحجم العينة‪.‬‬
‫فيجب تحليل االستبانات باستخدام أداة إحصائية متطورة ومتعددة المتغيرات وليست تلك‬
‫المتغيرين؛ ألن معظم عالقات ذات الصلة‬‫َ‬ ‫األدوات اإلحصائية الترابطية البسيطة ذات‬
‫ت عديدة وليس متغيرين فقط‪.‬‬ ‫بموضوع البحث تتضمن متغيرا ٍ‬

‫ق أخرى لطرح األسئلة على المستهلكين‬ ‫ُ‬


‫طر ٌ‬
‫نوضح في هذا القسم ثالثة بدائل مختلفة عن المنهجيات األساسية التي وضّحناها في القسم‬
‫كبير في بحوث التسويق الحالية‪.‬‬
‫السابق‪ ،‬وتستخدم هذه البدائل بشك ٍل ٍ‬

‫إجراء االختبارات على التسويق باستخدام‬


‫ت تجريبية وعينا ٍ‬
‫ت مستهدفة‬ ‫تصميما ٍ‬
‫تُستخدم التصميمات التجريبية عادة ً الختبار االختالفات في العروض التسويقية‪ ،‬وتستخدم على‬
‫األغلب لضبط التسويق المباشر أو العروض التسويقية اإللكترونية‪ .‬وبسبب كون اختبار هذه البدائل‬
‫ت عشوائية صغيرةٍ نسبيا ً ذات تكلفة متدنية‪ ،‬فمن الممكن‬‫المختلفة في العروض أو تسعيرها بعينا ٍ‬

‫‪270‬‬
‫تعريف المجموعة المثلى قبل طرحه العرض التسويقي في السوق‪ .‬وتفيد التصميمات التجريبية في‬
‫ق أوسع‪ .‬يمكن استخدام‬‫اختبار المنتجات الجديدة في السوق التجريبية وذلك قبل طرحها على نطا ٍ‬
‫اختبارات اإللكترونية ذات الخيارات المحصورة لصقل العروض التسويقية بعينات واسعة النطاق‬
‫قصير جداً‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫خالل وق ٍ‬
‫ت‬

‫المسوقين المنافسين على الطرح‬ ‫ّ‬ ‫وهناك مجازفةٌ أخرى في اختبار التسويق وهو أنه ين ِّبّه‬
‫الوشيك للمنتج والشكل الذي سيتخذه‪ ،‬باإلضافة إلى أن اختبار حركة التسويق قد يكون مكلفا ً ويستلزم‬
‫وقتا ً طويالً للحصول على نتائج نهائية‪ .‬إال أنه مع ذلك تكون التصاميم التجريبية الخاصة باختبار‬
‫موثوق بها؛ ألنها تُبنى على سلوكٍ واقع ّ‬
‫ي ٍ للمستهلك‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫السوق والتي تجرى على النحو المالئم‬

‫مجموعات المستهلكين المشاركين في االستبانات‬


‫باستمرار‬
‫ٍ‬ ‫تضم لجنة المستهلكين أعضا ًء متطوعين يسمحون للباحثين بأن يُسجلوا سلوكياتهم‬
‫لفترة زمنية معينة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬وفي مجموعات المستهلكين المشاركة في االستبانات عن‬
‫طريق وسائل اإلعالم‪ ،‬يُطلب إليهم أن يُسجلوا سلوكياتهم حينما يستمعون إلى الراديو أو يُشاهدون‬
‫التلفاز‪ ،‬بينما يُطلب من المشاركين في مجموعات المستهلكين عند التسوق لشراء البقالة أن يُسجلوا‬
‫كل ما قاموا بشراءه من متجر البقالة‪ .‬وفي يومنا هذا‪ ،‬يتم جمع الكثير من البيانات تلقائيا ً وعلى نح ٍو‬
‫أكثر دقة‪ ،‬وذلك بواسطة أجهزة استقبال الخاصة بوسائل اإلعالم ومن خالل خزينات النقود في‬
‫المتاجر وبيانات بطاقة الشراء االئتمانية الموجودة في الجهاز القارئ للبطاقات االئتمانية عند شراء‬
‫منتجٍ ما‪ .‬توفر مثل هذه اللجنات مصدرا ً غنيا ً بالمعلومات لفهم كيفية تأثير التسويق واإلعالن على‬
‫القرارات التي يتخذها المستهلكين الواقعيين عند التسوق‪.‬‬

‫يكمن التحدي الرئيسي في مثل مجموعات المستهلكين هذه المشاركة في الدراسة في أن‬
‫أعضاءها يصبحون أكثر إدراكا ً بأنه يتم مراقبتهم واإلشراف على سلوكياتهم‪ ،‬مما يؤثر هذا بدوره‬
‫على ما يفعلونه‪ .‬وقد أظهرت دراسات اختبار الموثوقية أن المستهلكين يظهرون نوعا ً من الميل إلى‬
‫تغيير سلوكياتهم عندما يكونوا جزءا ً في مثل هذه المجموعات‪ .‬وتكمن نقطة مشوقة هنا أنهم في العادة‬
‫ال يكذبون بشأن سلوكياتهم‪ ،‬بل يبدأون بالتصرف على نح ٍو يريدون أن يظهروا بأنهم يفعلونه‪.‬‬

‫الدراسات المسحية‬
‫وتُسمى الدراسات الرصدية أيضا ً بالدراسات المتعلقة بعلم اإلنسان أو األجناس البشرية ‪ ،‬والتي‬
‫تعتمد على القوة الحدسية للراصد الماهر‪ .‬فبدالً من أن يطرح باحثو الدراسات الرصدية األسئلة‪ ،‬فهم‬
‫يقضون وقتهم مع المستهلكين في بيئاتهم ونشاطاتهم الطبيعية؛ أي في المنزل وعند التسوق أو خالل‬

‫‪271‬‬
‫تواصلهم االجتماعي أو عند تناولهم الطعام أو عند بحثهم عن المعلومات وما إلى ذلك من األنشطة‪.‬‬
‫ت حدسي ٍة من خالل السلوك الطبيعي المرصود ومن خالل البيئة‬ ‫ويقوم الباحث بالتوصل إلى استنتاجا ٍ‬
‫التي يقع فيها السلوك‪ .‬وال يكمن المبدأ الرئيسي عند الباحث الراصد بأن يرصد األمور من حوله فقط‪،‬‬
‫بل وأن يتفاعل معها فيحاول أن يكون كالذبابة على الحائط بالمعنى المجازي للجملة‪.‬‬

‫إن الدراسات الرصدية هي دراسات وصفيةٌ بطبيعتها وكما هو الحال في المقابالت المتعمقة‬
‫فإنها في العادة تغطي عينةً صغيرة ً فقط‪ ،‬لذا فإنها ال تولد نتائج يمكن تعميمها‪ ،‬بل وقد توفر منظورا ٍ‬
‫ت‬
‫ال يُمكن اكتشافها باتباع طريقة أخرى كما هو األمر في المقابالت المتعمقة‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬يمكن للدراسات الرصدية معرفة ما إذا كان المستهلكون يشترون منتجا ٍ‬
‫ت‬
‫لعالمة تجاري ٍة معينة وذلك على نح ٍو معتاد‪ .‬فإذا الحظ الراصد أن معظم المستهلكين يلتقطون منتجات‬
‫هذه العالمة من على رفوف المتجر دون أي تردد أو مقارنة سعرها مع منتجات لعالمة تجارية‬
‫أخرى‪ ،‬فإنه سيخمن بشك ٍل عقالني أن ما تمت مالحظته هو سلوكٌ اعتيادي قيد التنفيذ لمشترين‬
‫معتادين عليه‪ .‬وبالطبع لن توضّح هذه الدراسة كيف أصبح هؤالء المستهلكون مشترون اعتياديون‪،‬‬
‫مهم في سوقهم الخاصة‪.‬‬
‫قسم ٍ‬
‫بل ستساعد مسوقي العالمات التجارية على فهم سلوكيات ٍ‬

‫مزج الطرق التقليدية وطرق‬


‫التسويق العصبي ومطابقتها‬
‫إن المسوقين –كبقية البشر‪ -‬قد ينجذبون إلى تصديق النتائج التي تبدو مؤكدة ً لما يريدون‬
‫تصديقه‪ .‬وإلزالة هذا االنحراف المحتمل عندهم‪ ،‬يجب على المسوقين أن يختبروا جميع المنظورات‬
‫التي استخرجت من المنهجيات الوصفية مثل القابالت ومجموعات الدراسة علمياً‪ .‬وتستطيع‬
‫االستبيانات العلمية أن تلعب هذا الدور‪ ،‬وحتى نتائج االستبيانات األكثر دقةً إحصائيا ً يجب أن تراجع‬
‫مراجعة تكميلية وذلك قبل نقلها إلى القرارات التجارية والتسويقية والتي تؤدي إلى قرارا ٍ‬
‫ت بماليين‬
‫الدوالرات تُصرف على المنتجات والحمالت التسويقية الجديدة‪.‬‬

‫ونحن نعتقد بأن الطرق التقليدية ومنهجيات التسويق العصبي تك ِّ ّمل بعضها بعضاً؛ فهي تشك ُل‬
‫معا ً صورة ً مكتملةً أكثر مما تشكله كل مجموعة من المنهجيات على حدى‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫ب استخدام الطرق التقليدية في استكشاف وتوليد الفرضيات (مثل المقابالت المتعمقة‬ ‫ويتو ّج ُ‬
‫ومجموعات الدراسة) ولتوثيق السلوكيات الحديثة لعينات كبيرة من المستهلكين (والمقصود هنا‬
‫االستبيانات)‪ .‬ويعتبر اإلبالغ الذاتي للمستهلكين عن تصرفاتهم ومشاعرهم وذكرياتهم وخططهم‬
‫المستقبلية أمرا ً مهماً؛ وذلك ألنه يمثل ما يؤمن الناس بصحته في عقلهم الواعي‪ ،‬غير أنه يتو ّجب‬
‫حيث أنه ال يمثل إال قدرا ً بسيطا ً‬
‫ُ‬ ‫منظور التفاعل الواعي والالواعي؛‬
‫ِّ‬ ‫على الباحثين تفسيره من خالل‬
‫مما يحدث في عقولهم‪.‬‬

‫ص ِّ ّممت طرق التسويق العصبي للتعرف وقياس هذه النشاطات‬ ‫أما في الجهة األخرى‪ ،‬فقد ُ‬
‫ق تجريبي ٍة واستدالال ٍ‬
‫ت إحصائي ٍة دقيقةٍ‪ ،‬وقد يُعبَّر‬ ‫الالواعية في العقل البشري‪ ،‬فهو يعتمد على طر ٍ‬
‫ت مدر َكة أو ال يتم ذلك‪.‬‬
‫عنها بأقوا ٍل وسلوكيا ٍ‬

‫ي المعاصر‪ ،‬فإن تفاعل استجابات المستهلك الواعية والالواعية‬ ‫ث التسويق ًّ‬


‫وبالنسبة للباح ِّ‬
‫هي ما يهم في بحثه‪ .‬فما يحدث تحت مستوى الوعي في العقل يؤثر على االستجابات الواعية عند‬
‫المستهلك‪ .‬فمن خالل آلية تشكيل التوقعات‪ ،‬فإن معتقداتنا ومواقفنا الواعية تشكل االنطباعات‬
‫والتقييمات الالواعية الالحقة‪ ،‬لذلك إذا أراد الباحثون فهم ما يدور في عقول المستهلكين باإلضافة‬
‫إلى كيفية تغيير المستهلكين آلرائهم وسلوكياتهم بنا ًء على خبرتهم‪ ،‬فإن على الباحثين فهم ك ٍّل من‬
‫االستجابات الواعية والالواعية للمستهلكين‪.‬‬

‫‪273‬‬
‫الفصل السادس عشر‬

‫مقاييس التسويق العصبي‪:‬‬


‫االستماع إلى إشارا ٍ‬
‫ت آتي ٍة‬

‫من العقل والجسد‬

‫سنناقش في هذا الفصل ما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬فهم كيفية أنشأ الجهاز العصبي البشري اإلشارات‪.‬‬


‫‪ ‬مالحظة كيفية قيام التسويق العصبي بالتقاط إشارات الجسد‪.‬‬
‫‪ ‬مالحظة كيفية قيام التسويق العصبي بالتقاط اإلشارات الدماغية‪.‬‬
‫‪ ‬موازنة التركيز على بين تقنيات و استفسارات التجارة في التسويق العصبي‪.‬‬

‫سنقوم في هذا الفصل بجولة في الجهاز العصبي البشري لمعرفة كيف يُنشِّئ الدماغ والجسد‬
‫ت يقيسها التسويق العصبي‪ ،‬وسنمعن النظر في عشر إشارا ٍ‬
‫ت ناتجة من الدماغ والجسد‪.‬‬ ‫إشارا ٍ‬
‫وسنقوم بشرح التقنيات الرئيسية المستخدمة في التقاط هذه اإلشارات لكل واحدةٍ من اإلشارات العشر‬
‫هذه‪ ،‬ومن ث َّم سنوضح كيف تساعدنا هذه المقاييس في فهم استجابات المستهلك وقراراته وأفعاله‪.‬‬
‫وستغطي الجولة نطاقا ً كبيرا ً من هذا الموضوع؛ وذلك ألن علم الدماغ قد ورث للتسويق العصبي كنز‬

‫‪274‬‬
‫من تقنيات القياس المتقدمة‪ ،‬وقد تم تطبيق أغلبها وصقلها عبر عقو ٍد من الزمن في البحوث الطبية‬
‫واألكاديمية‪.‬‬

‫فهم المكان التي نشأت فيه إشارات التسويق العصبي‬


‫لقد قدمنا لكم في الفصل (‪ )2‬نموذجا ً نتحدث فيه عن كيفية استخدامنا أدمغتنا لفهم وتفسير‬
‫والتأثير في العالم من حولنا‪ .‬ويُقسم هذا النموذج عملياتنا الدماغية إلى أربعة أنشط ٍة رئيسة وهي‪:‬‬

‫‪ ‬تشكيل االنطباعات‬
‫‪ ‬تحديد القيمة والمعنى‬
‫‪ ‬التفكير والتحليل‬
‫‪ ‬التكلُّم والقيام باألفعال‬
‫نستعرض في الشكل ‪ 1-16‬كيف تنسجم هذه األنشطة في صورةٍ أكبر للجهاز العصبي البشري‬
‫ككل‪ .‬فيُعتبر الجهاز العصبي الذي يتوسطه الدماغ محركَ كل ما نشعر ونقوم به كبشر‪.‬‬

‫الشكل ‪:1-16‬‬

‫عمل الجهاز‬
‫العصبي‬
‫المركزي‬
‫والمحيطي‬
‫‪275‬‬
‫النظام‬ ‫على‬ ‫التعرف‬
‫)‪ ،)Composition Services Graphics‬شركة (‪Wiley‬شكل توضيحي من صنع ويلي (‬ ‫العصبي الخاص بك‬
‫إن القسم الرئيس للعمل في الجهاز العصبي هو مابين الجهاز العصبي المركزي (‪)CNS‬‬
‫والجهاز العصبي المحيطي (‪ .)PNS‬يتضمن الجهاز العصبي المركزي الدماغ والحبل الشوكي‪،‬‬
‫طيْن في نموذجنا هذا؛ أي نشا ُ‬
‫ط تحديد القيمة والفائدة نشاط التفكير والتحليل وهما يحدثان‬ ‫فالنشا َ‬
‫على وجه الحصر في الجهاز العصبي المركزي وهما مسؤوالن عن اتخاذ القرارات والتي تحدث‬
‫فقط في الجهاز العصبي المركزي‪.‬‬

‫اآلخريْن ‪ -‬تشكيل االنطباعات ونشاط التحدث والتصرف ‪ -‬في الجهاز‬


‫َ‬ ‫بينما يحدث النشا َ‬
‫طي ِّْن‬
‫سية (أي األعصاب التي تربط هذه المستقبالت‬
‫العصبي المحيطي الذي يتضمن المستقبالت الح ّ‬
‫بالدماغ) باإلضافة إلى أجهزة األوامر الحركية (والتي تتلقى األوامر من الدماغ وتوصلها إلى‬
‫العضالت والغدد)‪.‬‬

‫وكما نود أن ننوه هنا إلى حواف الشكل (‪ ،)16-1‬فالجهاز العصبي المحيطي مسؤو ٌل عن‬
‫رصد اإلشارات الحسية وتنفيذ الحركات الجسدية‪ ،‬بينما يكون الجهاز العصبي المركزي مسؤوالً عن‬
‫تحليل المدخالت واتخاذ القرارات‪.‬‬

‫رسم خريطة لقياسات التسويق العصبي للجهاز العصبي‬


‫هناك قسمان في الجهاز العصبي البشري ذوا أهمية كبيرة لفهم المصادر والعمليات الخاصة‬
‫بالتسويق العصبي‪ .‬أولهما‪ :‬هو ما بين الجهاز العصبي المركزي والمحيطي‪ ،‬أو على نح ٍو أبسط‪،‬بين‬
‫العقل والجسد‪ .‬ففي التسويق العصبي‪ ،‬تُركز المقاييس الدماغية على التقاط أنشطة الجهاز العصبي‬
‫المركزي داخل الدماغ‪ ،‬فتسمى التقنيات التي تقيس الدماغ في األغلب بتقنيات التصوير العصبية؛‬

‫‪276‬‬
‫ألنها تتضمن صنع صور للنشاط داخل الدماغ‪ ،‬بينما تقوم المقاييس الجسدية بالتقاط األفعال البدنية‬
‫(أي حركة العضالت) والتي يتم توجيهها من قبل الدماغ من خالل الجهاز العصبي المحيطي‪ .‬ويتم‬
‫توصيل األوامر الحركية عبر القسم الثاني المهم في الجهاز العصبي الذي تم توضيحه في الشكل‬
‫(‪ :)1-16‬وهو القسم الموجود بين الجهاز العصبي المحيطي وهما الجهاز العصبي الجسدي (‪)SNS‬‬
‫والالإرادي (‪.)ANS‬‬

‫إن الفرق بين الجهاز العصبي الجسدي والالإرادي مه ٌّم لفهم مقاييس التسويق العصبي؛ ألن‬
‫اإلشارات التي تنتج من الجهاز العصبي الالإرادي بطيئةٌ نسبيا ً وتكون في األغلب الإرادية‪ .‬وهذا‬
‫التعرق ومعدل نبض القلب والتنفُّس وا ِّت ّساع بؤبؤ العين‪ .‬أما‬
‫ُّ‬ ‫يتضمن االستجابات الجسدية مثل‬
‫تحكم إرادي جزئي من‬
‫ٍ‬ ‫اإلشارات الناتجة من الجهاز العصبي الجسدي فهي أكثر سرعةً وتكون تحت‬
‫قبل الشخص‪ .‬وتتضمن هذه اإلشارات استجابا ٍ‬
‫ت كتعابير الوجه وحركة العين والرمش واالستجابات‬
‫السلوكية‪.‬‬

‫ويُمكن تقسيم مقاييس الدماغ أيضا ً إلى فئتين رئيسيتين هما‪ :‬مقياس تدفق الدم والذي يد على‬
‫النشاط الدماغي من الزيادات النسبية في معدل تدفق الدم الالزم لتوفير الطاقة (كاألوكسجين‬
‫والجلوكوز) للخاليا العصبية النشطة‪ .‬أما الفئة الثانية فهي مقياس الكهربائية حيث أنها تلتقط‬
‫اإلشارات الكهربائية والمغناطيسية التي تنشئ عندما تكون الخاليا العصبية نشطةً بطريقة مباشرة‪.‬‬

‫ويُظهر الشكل (‪ )16-2‬كيفية تصنيف مقاييس التسويق العصبي ‪ -‬التي ستشرح في هذا‬
‫الفصل ‪ -‬وفقا ً لهذه التقسيمات‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫الشكل ‪:2-16‬‬

‫مقاييس التسويق‬
‫العصبي للدماغ‬
‫والجسد‬

‫)‪ ،)Composition Services Graphics‬شركة (‪Wiley‬شكل توضيحي من صنع ويلي (‬ ‫التقاط اإلشارات من الجسد‬
‫وبالرغم من أننا نعتقد بأن السلوك هو حركاتٌ واضحةٌ كالمشي واالبتسام والتحدث‪ ،‬إال أن‬
‫تسارع ضربات القلب وتقلص عضالت الوجه بشك ٍل غير ملحوظ‬
‫ُ‬ ‫جسدنا يستجيب أيضا ً بحركات‬
‫واتساع حدقة العين إلدخال المزيد من الضوء‪ .‬فتلعب هذه المقاييس الفسيولوجية التي ال تكون‬
‫صا ً في قياس ردود الفعل الالواعية للمواد التسويقية‪ .‬وإنها تقوم بذلك بسبب‬
‫ملحوظة دورا ً مهما ً وخا ّ‬
‫صلها في االرتباط الوثيق بين الجسد والعقل‪ ،‬فغالبا ً ما تستجيب أجسادنا للمحفزات البيئية قبل أن‬
‫تأ ُّ‬
‫يُدرك عقلنا الواعي حدوث هذه االستجابة الجسدية‪.‬‬

‫وفيما يلي بعض الطرق المهمة التي يقوم بها الجسد بإرسال إشارا ٍ‬
‫ت ناجمة عن ردود أفعاله‬
‫إلى العالم من حوله‪:‬‬

‫‪ ‬تعابير الوجه‪ :‬وهي استجابات ملحوظة وعامة في الوجه ناتجةً عن حال ٍة عاطفي ٍة ما (مثل‬
‫الفرح والغضب والمفاجأة وما إلى ذلك)‪.‬‬
‫‪ ‬حركة عضالت الوجه‪ :‬وهي حركات صغيرة ٌ جدا ً ال يُمكن مالحظتها من قِّبل العين البشرية‬
‫لكنها تصاحب االستجابات العاطفية الالواعية‪.‬‬
‫‪ ‬حركة العين‪ :‬أي أنماط النظر والتحديق والرمش وردود فعل االنبهار واتساع بؤبؤ العين‪.‬‬
‫التعرق كاستجاب ٍة إلثارةٍ عاطفي ٍة ما‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫‪ ‬النشاط الكهربائي‪ :‬وتتضمن‬
‫‪ ‬معدل نبض القلب وضغط الدم والتنفس‪ :‬وهي النواتج العرضية التي تنشأ من خالل استعداد‬
‫الجسد ألداء فع ٍل ما وهو مرتب ٌ‬
‫ط باالنتباه واالستجابة العاطفية‪.‬‬
‫أحكام‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬أزمنة االستجابات السلوكية‪ :‬وهي مدى سرعة استجابتنا لمهمة االختيار أو إطالق‬
‫بسيطة‪ ،‬والتي توفر دالئل تتعلَّ ُق بالمالئمة الشخصية والعواطف غير المدركة‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫تفسير تعابير الوجه‬

‫ب من جوانب السلوكيات والتواصل اإلنساني‪ .‬فإن أول ما‬


‫تقع العواطف في مركز كل جان ٍ‬
‫اقترحه تشارلز داروين (‪ )Charles Darwin‬هو أنه يمكن أن تكون بعض العواطف عامة وعالمية‬
‫البادية من خالل تعابير الوجه مفهومةً عند كل ثقافات العالم‪ .‬ففي بدايات سبعينيات القرن الماضي‪،‬‬
‫وجد عالم النفس األمريكي بول إكمان (‪ )Paul Ekman‬دليل على ستة عواطف إنسانية عامة ترتب ُ‬
‫ط‬
‫كل واحدةٍ منها بتعبير وجه مميز يمكن التعرف عليه دائما ً في كل الثقافات وهي عواطف الفرح‬
‫ت عاطفة االحتقار مؤخرا ً إلى العواطف‬
‫ض َّم ْ‬
‫والحزن والغضب والخوف واالشمئزاز والمفاجأة‪ .‬وقد ُ‬
‫الست لتصبح سابع عاطف ٍة عالمية يمكن أن تتعرف عليها في كل ثقافات العالم‪.‬‬

‫ويتم التحكم بتعابير الوجه من خالل الجهاز العصبي الجسدي‪ ،‬لذا فهي تحت سيطرةٍ إرادي ٍة‬
‫جزئياً‪ ،‬وهي مؤشرات على الحاالت العاطفية على وجه العموم‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ترتب ُ‬
‫ط االبتسامة‬
‫الصادقةُ (على عكس االبتسامة الزائفة أو التي تكون ناتجة عند التواصل االجتماعي) في الغالب‬
‫بمشاعر السعادة‪ ،‬وذلك بالرغم هذه الحالة ال تكون كذلك دائما ً (أي مثل ابتسامة االستياء التي ترتبط‬
‫بمشاعر االحباط)‪.‬‬

‫وهذا يدل على محدودية تحليل تعابير الوجه؛ فبالرغم من أن تعابير الوجه العاطفية قد‬
‫ت عاطفية داخلية‪ ،‬فقد يتعرض الناس إلى حاال ٍ‬
‫ت عاطفي ٍة داخلية دون أن يُبدوا تعابير‬ ‫ترتبط بحاال ٍ‬
‫وجه ٍه مصاحب ٍة لها‪.‬‬

‫قراءة تعابير الوجه‪ :‬نظام فك تشفير تعابير الوجه‬

‫وقد بنى الباحث إكمان على اكتشافه نظاما ً لفك تشفير تعابير الوجه‪ ،‬قائ ٌم على حركة‬
‫العضالت في وجه اإلنسان‪ ،‬وقد سماه بنظام تشفير حركة الوجه (‪ .)FACS‬فباستخدام هذا النظام‪،‬‬
‫تعبير وجهي يدويا ً وفقا ً لوحدة ثابتة تُع ِّبّر عن حركة العضلة‬
‫ٍ‬ ‫يمكن لخبراء التشفير فك تشفير أي‬
‫وتسمى وحدات الحركة (‪ .)AUs‬ويقوم المش ِّفّرون عادة ً بتحليل مقاطع فيديو تصور الوجه البشري‬
‫لتعرف على التعابير الصغيرة جدا ً والعابرة التي تُمثّل التغيرات العاطفية‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫والتي يمكن عرضها‬

‫‪279‬‬
‫ويمكن لبعض المش ِّفّرين أن يُصنفوا تعابير الوجه على أرض الواقع‪ ،‬إال أن هذا يُعدُّ أمرا ً نادراً‪ .‬إذا‬
‫ُكنتَ تودُّ أن تُصبح مشفَّر (‪ )FACS‬فهذا يتطلب تمرينا ً مكثفا ً وشهادة تثبت تمكنك في هذا المجال‪،‬‬
‫فتحليل نظام فك تشفير تعابير الوجه هو غايةٌ في الدقة‪ ،‬ولكنه في بعض األوقات يستنزف وقتا ً ويعتمد‬
‫على توفُّر وحرفية المحللين ال ُم َّ‬
‫دربين‪.‬‬

‫التعرف التلقائي لتعابير الوجه‬

‫طور الباحثون األكاديميون‬


‫لتجنب بعض ُمحددات عملية فك التشفير اليدوي لحركة الوجه‪َّ ،‬‬
‫والشركات التجارية أنظمةً حاسوبيةً ألت َمت ِّة تعريف وتصنيف تعابير الوجه‪ ،‬إال أن هذه األنظمة ليست‬
‫بدقة خبراء (‪ )FACS‬المحترفين حتى الوقت الحالي‪ ،‬لكنها أسرع منهم وأقل تكلف ٍة وقابل ٍة للتطوير‪.‬‬
‫إن األنظمة الحاسوبية المتوفرة في يومنا هذا قادرة ٌ على قراءة تعابير الوجه من خالل كاميرة ويب‬
‫أيام أو‬ ‫عادية‪ ،‬مما تمكن الدراسات التي ت ُ َ‬
‫جرى على آالف المشاركين فيها أن تتوصل إلى النتائج في ٍ‬
‫ت معدودةٍ‪ .‬فعند ربط تقنية تتبع العين بهذه الكاميرات‪ ،‬فإنها تنت ُج حلوالً قابلةً للتطوير‬
‫حتى في ساعا ٍ‬
‫ى عا ٍل الختبار االنتباه واالستجابات العاطفية لإلعالنات ومجاالت الترفيه والمنتجات‬
‫على مستو ً‬
‫واألغلفة‪.‬‬

‫استخدام صور عن تعابير الوجه لتوجيه اإلبالغ الذاتي لدى الشخص‬

‫وهنالك طريقة أخيرة قد تُلجأ ُ إليها بعض شركات البحوث وهي استخدام تعابير الوجه‬
‫صة بها إلى وصفٍ شفهي لالستجابات العاطفية للمواد التسويقية‪ .‬فبدالً أن ي َ‬
‫ُطلب‬ ‫لترجمة صور الخا ّ‬
‫صور لتعابير وج ٍه مختلف ٍة على المشاركين ثم‬
‫ٍ‬ ‫إلى الناس وصف استجاب ٍة عاطفي ٍة ما‪ ،‬يتم عرض‬
‫ُطلب منهم اختيار أكثر صورةٍ تمثل ما يشعرون به‪ .‬وقد أكد الباحثون أن هذه الطريقة تعطي صورة‬
‫ي ُ‬
‫دقيقة لرد الفعل العاطفي وخاصةً للدراسات التي تخوض في ثقافات متعددة؛ ألنها ال تتطلب من‬
‫المشاركين أن يترجموا مشاعرهم إلى كلماتٍ‪ ،‬وذلك قبل التعبير عن تلك المشاعر‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫استشعار عضالت الوجه‪ :‬تخطيط كهربية العضالت‬
‫ق دقَّةً في قياس حركة‬
‫إن عملية تخطيط كهربية عضالت الوجه (‪ )EMG‬هي أكثر طر ِّ‬
‫عضالت الوجه من نظام تشفير حركة الوجه (‪ )FACS‬والتحليل التلقائي لتعابير الوجه‪ ،‬فهو يقيس‬
‫النشاط الكهربائي الذي يَنتج عن تفعيل حركة عضالت الوجه والتي تحدث تحت مستوى ما هو‬
‫ملحو ٌ‬
‫ظ‪.‬‬

‫ٌ‬
‫بحث مكثف باستخدام تقنية (‪ )EMG‬إلى أن هناك عضالتٌ معينة في الوجه ذات‬ ‫صل‬
‫تو َّ‬
‫قدرة استجابة عالية للمنبهات العاطفية مثل عضلة مغضنة الحاجب؛ أي عضلة العبوس والعضلة‬
‫الوجنية؛ أي عضلة االبتسام‪ .‬إن تقنية (‪ )EMG‬هي التقنية الوحيدة التي تستطيع التعرف وبسرع ٍة‬
‫كبيرة على النشاط الخفي لهذه العضالت والتي تحدث تلقائيا ً والشعوريا ً قبل أي تشك ٍل تعبيري متعمد‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬تتمكن تقنية (‪ )EMG‬من توفير مقياس عالي الحساسية للتقييم العاطفي الطبيعي التلقائي‬
‫(انظر الفصل ‪ )2‬والذي يُطبقه البشر على جميع المستقبالت الحسيَّة‪ :‬البصر والسمع والشم واللمس‬
‫والتذوق‪.‬‬
‫ُّ‬

‫تكمن المفاضلة بالنسبة لتقنية (‪ )EMG‬في أن هذه الدقة العالية تكتسب مقابل تجربة طويلة‬
‫أكثر من كونها طبيعية‪ .‬فعند قياس إشارات تقنية (‪ ،)EMG‬يجب استخدام حساسات سلكية صغيرة‬
‫لتوضع على الوجه مباشرة وبالتحديد على مواضع العضالت المستهدفة ومن ث َّم ربطها بجهاز مكبر‬
‫ومسج ٍل لهذه اإلشارات‪.‬‬

‫النظر إليها بالطريقة الصحيحة‪ :‬تقنية تتبع العين‬


‫تتَبَّ ُع أعيننا تلقائيا ً ما يُثير اهتمامنا أو يهددننا أو يجذبنا‪ .‬وتتعلق التغيرات العديدة في حركة‬
‫العين بما في ذلك سرعة حركة العين ومدّة التحديق وأنماط سلوك البحث لدينا باإلضافة إلى أنماط‬
‫إعالن معين‪ .‬ويمكن قياس هذه‬
‫ٍ‬ ‫شخص ما لمحفّ ٍز ما كصورةٍ أو‬
‫ٍ‬ ‫وتكرار الرمش كلها بكيفية استجابة‬
‫الحركات من خالل التتبُّع ومن خالل وحدة قياس المليمتر وأجزاءٍ من الثانية عن طريق أجهزة‬
‫وبرامج متطورة لتتبع حركة العين‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫حركة العين والتحديق‬

‫ت تقنية تحليل حركة العين على نح ٍو واسعٍ في بحوث التسويق منذ سبعينيات القرن‬‫استُخ ِّد َم ْ‬
‫الماضي‪ .‬وفيما يلي ثالثة أنواعٍ رئيسة لحركة العين التي ت ُ ُ‬
‫قاس في دراسات تتبع حركة العين وهي‬
‫كاآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬التحديق‪ :‬وهي فترة ثبوت العين عندما تكون تتلقى المعلومات‪ .‬وقد يكون من الصعب تحديد‬
‫شخص ما بتصفح صفحة‬ ‫ٌ‬ ‫معنى التحديق مع غياب المقاييس األخرى‪ ،‬فمثالً عندما يقوم‬
‫إلكترونية على شبكة اإلنترنت‪ ،‬فقد يُمثّل التحديق اهتماما ً كبيرا ً في جه ٍة معين ٍة من تلك‬
‫وصعب التفسير في تلك‬
‫َ‬ ‫الصفحة‪ ،‬أو يمكن أن يكون مؤشرا ً على أن هناك جزءا ً معقدا ً‬
‫ألمر يصعُب فهمه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫الصفحة‪ .‬قد يكون التحديق مطوالً مرتبطا ً بالشك أو المعالجة الذهنية‬
‫ت قصيرةٍ مرتبطا ً بالمعالجة الذهنية لسالس ٍة أكبر في فهم األشياء‪.‬‬
‫بينما يكون التحديق لفترا ٍ‬
‫ُ‬
‫تحدث بين فترات‬ ‫‪ ‬الرعشات السريعة للعين (‪ :)Saccades‬وهي حركات سريعة للعين‬
‫التحديق‪ ،‬وهي تمثل فترات البحث البصري خالل عدم حدوث عملية الكتساب المعلومات‪.‬‬
‫وتؤشر اتجاه ومسافة رعشة العين السريعة على تحوالت في االنتباه والفهم واألهداف‬
‫الذهنية‪ .‬وغالبا ً ما تُم ِّث ّل رعشات العين االرتدادية (أي الرجوع في النظر إلى منطقة سبق‬
‫أمر معين‪ .‬وقد تمثل التحوالت الفجائية في اتجاه‬ ‫النظر إليها) ارتباكا ً أو قصورا ً في فهم ٍ‬
‫الرعشة العينية السريعة تغييرا ً في أهداف الناظر الذهنية أو مؤشرا ً على منب ٍه ال يتوافق‬
‫وتوقعات الناظر‪.‬‬
‫‪ ‬مسارات التحديق‪ :‬وتعني ُمجمل حاالت التحديق ورعشات العيون السريعة في فترة زمنية‬
‫ي ٍ كف ٍؤ وموج ٍه إلى‬ ‫ُ‬
‫حيث تؤشر مسارات التحديق السريعة والمستقيمة إلى انتقا ٍل بصر ّ‬ ‫معينة‪.‬‬
‫المطولة والحائمة غير المباشرة على وجود‬
‫ّ‬ ‫منب ٍه أو مح ِّفّ ٍز معين‪ ،‬بينما تؤشر المسارات‬
‫ارتباكٍ أو قصور في التوجيه عند النظر‪.‬‬

‫تر ُّمش العين وردود فعل االنبهار فيهما‬

‫ِّ ّ‬
‫لنرطب مقلة‬ ‫يُعد تر ُّمش العينين موضوعا ً مثيرا ً لالهتمام أكثر مما يبدو عليه‪ ،‬فنحن نرمش‬
‫أعيننا بالطبع‪ ،‬إال أننا قد نقوم بالرمش بنسب ٍة عالي ٍة أكثر من الالزم من أجل ذلك السبب الذي ال يحتا ُج‬

‫‪282‬‬
‫إلى ذلك‪ .‬وقد وقام الباحثون بحساب أن ما نسبته ‪ %10‬من ساعات يقظتنا يتم فيها حجب المستقبالت‬
‫البصرية عن طريق تر ُّمش العين‪ ،‬فمن المفترض أن هناك أمرا ً مهما ً يحدث عند قيامنا بذلك إذا ما‬
‫كان دماغنا يريد التضحية ببعض تلك اليقظة التي تتم من خالل البصر؛ حيث أن هناك الكثير مما‬
‫يحدث عندما نرمش بأعيننا‪.‬‬

‫وقد تبين أن السبب اآلخر وراء ترمش العين هو إلراحة أعيينا من تركيز في االنتباه على‬
‫المح ِّفّزات الخارجية لمجرد أجزاءٍ من الثانية؛ وذلك لتتيح لنا الفرصة في متابعة المعالجة الذهنية‬
‫الداخلية‪ .‬ويبدو بأننا نمتلك أمور روتينية داخل أجسادنا في تحديد الوقت الذي نقوم فيه بالرمش حتى‬
‫ال نفقد انتباهنا إلى شيءٍ مه ٍ ّم في العالم الخارجي‪ .‬إن معرفة وظيفة تر ُّمش العين تفيد التسويق‬
‫العصبي بأمرين هما ‪:‬‬

‫‪ ‬يتوقف ترمش العين أثناء مهم ٍة تتطلب االنتباه وقد يكون أكثر في تلك التي ال تتطلب‬
‫الرمش في الدقيقة الواحدة)‬
‫الكثير من االنتباه والتركيز؛ لذا يُمكن لمعدل التر ُّمش (معدل َّ‬
‫وفترة التر ُّمش (أي المدة التي يتطلَّبها فعل الرمش) أن يكونا مؤشرين مفيدين في توزيع‬
‫االهتمام على مدى فترةٍ من الزمن‪.‬‬
‫‪ ‬يُمكن لتزامن الرمش (أي مدى تر ُّمش الشخص في اللحظ ِة ذاتها) لمجموع ٍة من‬
‫المشاهدين أن يكون مفيدا ً في المقياس اللحظي الندماج المشاهدين في برنامجٍ أو سر ٍد‬
‫قصصي ٍ مصور‪ .‬وبسبب كون دماغ ك ِّّل مشاه ٍد هو ما يقرر متى يأخذ استراحةً من خالل‬
‫ّ‬
‫التر ُّمش على نح ٍو مستقل‪ ،‬عندها يُصبح تزامن التر ُّمش مؤشرا ً على الوقت الذي يكون فيه‬
‫شريط الفيديو يسيطر على انتباه المشاهدين بفاعلية‪ ،‬وفيما إذا كان يوصل المحتوى المراد‬
‫لهذا الفيديو بكفاءة‪.‬‬
‫يُعتبر رد فعل العين عند االنبهار حركةً الإراديةً يقوم بها الجهاز العصبي الجسدي (‪)SNS‬‬
‫شخص ما مندم ٌج بمه ّم ٍة معينة (مثل مشاهدة شريط‬
‫ٌ‬ ‫وهي كركةٌ َيسهل قياسها‪ .‬ففي تجرب ٍة يكون فيها‬
‫فيديو أو صورا ً أو يقرأ قصةً)‪ ،‬تم إطالق مقطع صوت قصير على شك ٍل متقطع عبر السماعات‬
‫العادية أو سماعات األذن‪ .‬فعندما يُسمع ضجي ٌج أو صوتٌ ما في هذه الحالة‪ ،‬فإن الشخص الذي‬
‫يسمعها سوف يستجيب تلقائيا ً من خالل العناصر المعتادة عند رد فعل االنبهار‪ :‬وهو التر ُّمش‬
‫قباض في عضالت العين‪.‬‬
‫وان ٍ‬

‫‪283‬‬
‫مباشر للتوجيه التحفيزي (أي فعل االقتراب أو‬
‫ٍ‬ ‫يُعتبر رد فعل االنبهار إجرا ًء قويا ً وغير‬
‫التجنُّب) تجاه العنصر الذي شدَّ االنتباه‪ .‬وكجزءٍ من استجابتنا العاطفية التطبيقية والالإرادية لكل ما‬
‫نواجهه‪ ،‬تستمر أدمغتنا في تعديل حالتنا العاطفية وفقا ً الستعدادنا لفعل االقتراب أو التجنُّب‪ .‬وتتأثر‬
‫درجة رد فعل االنبهار بالدرجة التي نكون فيها موجهين إلى فعل التجنُّب مسبقا ً أو عندما نكون في‬
‫حالة دفاعية‪ ،‬فكلما كانت الحالة العاطفية أكثر سلبيةً‪ ،‬سيكون رد فعل االنبهار أكبر‪ .‬وفي المقابل‪،‬‬
‫كلما كانت الحالة العاطفة أكثر إيجابيةً ‪ ،‬قل حجم رد فعل االنبهار‪.‬‬

‫ضحت هذه العالقة من خالل مبدأ االستحضار الضمني (انظر الفصل ‪ )5‬الذي‬
‫وقد ُو ِّ ّ‬
‫ينص على ما يأتي‪ :‬تجعل الحالة العاطفية السلبية ‪ -‬حتى ولو كانت حالة خفيفة ‪ -‬الجسم أكثر‬‫ُّ‬
‫ميالً لالستجابةً الدفاعية؛ لذا فنحن قادرون على إبداء رد فعل االنبهار بطريقة أفضل عندما ال‬
‫نكون في حالة االستحضار الذهني للحالة الدفاعية‪.‬‬

‫اتساع بؤبؤ العين‬

‫يعني مقياس حدقة العين قياس حجم البؤبؤ والتغيرات الحاصلة عليه‪ .‬وتكمن أكثر األنظمة‬
‫المستخدمة في تتبع العين في قياس حجم البؤبؤ على أنه فع ٌل ناتج عن حركة العين‪ .‬إن اتساع بؤبؤ‬
‫العين ‪ -‬وعن دون الجوانب األخرى لحركة العين ‪ -‬يتم التحكم به من خالل الجهاز العصبي‬
‫صل العلماء إلى أن بؤبؤ العين يتسع كنتيج ٍة لالستجابة لمحفّ ٍز عاطفي أو االنتباه أو‬
‫الالإرادي‪ .‬وقد تو َّ‬
‫العبء اإلدراكي (أي مقدار المعلومات التي تدور في ذهن الشخص ويفكر بها)‪ ،‬لذلك يُمكن للتغيرات‬
‫في قطر البؤبؤ أن تكون مقياسا ً دقيقا ً وموثوقا ً لردود الفعل العاطفية واإلدراكية المختارة لتحفيز هذا‬
‫التغيير واقعياً‪.‬‬

‫ال تستجيب حركة اتساع البؤبؤ على نح ٍو مختلفٍ للتكافؤ العاطفي‪ ،‬لذا فهو ليس مقياسا ً‬
‫جيدا ً لتفضيل الشخص ألم ٍر ما أو عدمه‪ ،‬فإن اتساع البؤبؤ هو استجابةٌ للتوتر العاطفي لمنب ٍه ما‬
‫وليس لالتجاه العاطفي‪ .‬وبسبب كون قطر حدقة العين ذا استجاب ٍة عالي ٍة للتغيرات في كمية‬
‫السطوع الخارجي‪ ،‬فإن قياس اتساع بؤبؤ العين ليس مقياسا ً جيدا ً ليتم استخدامه مع موا ٍّد متغيرة‬

‫‪284‬‬
‫صور ثابتة مثل اإلعالنات المنشورة‬
‫ٍ‬ ‫السطوع مثل تسجيل فيديو‪ ،‬إال أن يكون أكثر نفعا ً عند دراسة‬
‫والتي يبقى سطوعها ثابتا ً عندما تُعرض على المشاركين‪.‬‬

‫تعرقة‪:‬‬
‫دراسة األيدي ال ُم ِ ّ‬

‫النشاط الكهربي‬
‫يُعتبر النشاط الكهربي للجلد (‪ )EDA‬الدرجة التي يتمكن فيها التيار الكهربائي العبور خالل‬
‫التعرق في الجلد والذي يتم توليده من خالل غدد التعرق بكونها جزءا ً‬
‫ُّ‬ ‫الجلد‪ .‬وهذه هي وظيفة مقدار‬
‫التعرق القليل‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫من الجهاز العصبي الالإرادي‪ ،‬فالتعرق المتزايد يُوصل الكهرباء بفعالي ٍة أكبر من‬

‫وتعتمد مقاييس النشاط الكهربي مثل االستجابة الغلفانية للجلد (‪ )GSR‬أو مثل االستجابة‬
‫وصل ٍة للكهرباء توضع على‬ ‫الموصلة للكهرباء في الجلد (‪ ،)SCR‬وفي العادة على حساسا ٍ‬
‫ت ُم ِّ‬
‫الكفين أو أصابع اليد لقياس االختالف في إنتاج العرق‪ .‬ويتطلب قياس وتحليل النشاط الكهربي الخبرة‬
‫والتدريب ويجب أن يُنفَّذ من قِّبَل ُمحترفين‪.‬‬

‫إن سبب كون ازدياد قابلية توصيل الجلد للكهرباء نتيجةً لتفعيل رد فعل الكر والفر في‬
‫مقياس ممتاز‬
‫ٌ‬ ‫الجهاز العصبي الالإرادي (‪ ،)ANS‬فإن االستجابة ال ُموصلة للكهرباء في الجلد هي‬
‫لمح ِّفّ ٍز أو منب ٍه ما‪ .‬وكما هو األمر عند قياس اتساع البؤبؤ‪ ،‬فإن هذا المقياس بالرغم من ذلك ُ‬
‫غير‬
‫حساس لالتجاه أو التكافؤ في االستجابة للمحفّز العاطفي؛ لذا فإنه ال يقيس التفضيل وعدمه‪ .‬ويحدث‬
‫ٍ‬
‫بتأخير معين يتبع التعرض لمحفّ ٍز منتجٍ لإلثارة العاطفية‪ ،‬ويكون هذا‬
‫ٍ‬ ‫التوصيل الكهربائي في الجلد‬
‫ثوان‪ ،‬وهذا يعني أن االستجابة ال ُموصلة للكهرباء في الجلد ليس مقياسا ً‬
‫ٍ‬ ‫التأخير من ثالث إلى خمس‬
‫ي ٍ أو مجم ٍل‬
‫كمقياس كل ّ‬
‫ٍ‬ ‫جيدا ً لتحديد المصادر اللحظية لمح ِّفّ ٍز ما‪ ،‬ولكن من األفضل أن يُستخدم‬
‫للمثيرات العاطفية ففي فترة زمنية معينة‪.‬‬

‫كانت مقاييس النشاط الكهربي شائعة االستخدام في بحوث الدعاية واإلعالن في ستينيات‬
‫ص ِّل إلى نتائج ثابتة‪ .‬إال أنها مؤخرا ً فقد توصلت دراسةٌ واحدة ٌ‬
‫القرن الماضي‪ ،‬لكنها فشلت في التو ُّ‬
‫على األقل إلى أن قدرة الجلد على توصيل الكهرباء هي أفضل متنبىءٍ ألداء قطاع األسواق من قيام‬

‫‪285‬‬
‫المشاركون من الكالم عن أنفسهم‪ .‬وقد استُخدم مقياس النشاط الكهربي على األغلب في دراسات‬
‫كمؤشر منفر ٍد على فاعلية التسويق واإلعالن‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫التسويق العصبي‬

‫التنفس بعمق‪ :‬معدل نبضات القلب وضغط الدم والتنفس‬


‫ي سرعة النبض في القلب) مؤشرا ً على ردود فع ٍل‬‫يُمكن لمعدل نبضات القلب أن يكون (أ ُّ‬
‫مؤشر جيد ٌ‬
‫ٌ‬ ‫جسدي ٍة مختلف ٍة مثل االنتباه واإلثارة العاطفية والجهد اإلدراكي أو الجسدي‪ .‬وهو أيضا ً‬
‫على فعل االستذكار‪ .‬ويُقاس معدل نبضات القلب عادة ً وفقا ً لفترة ما بين نبض ٍة وأخرى‪ ،‬وقد ُوجدَ أن‬
‫هذا المعدل يَقل لفترةٍ قصيرةٍ‪ ،‬وذلك عندما يزداد االنتباه (ويرتبط هذا التباطؤ برد فعل "التوجيه") في‬
‫عرض إلى مح ِّفّ ٍز عاطف ّ‬
‫ي (وهنا‬ ‫حين يزداد معدل نبضات القلب على المدى الطويل عندما يتم الت ُّ‬
‫التسارع برد فعل "الدفاع")‪.‬‬
‫ُ‬ ‫يرتبط هذا‬

‫غير اعتيادي بالنسبة لمقاييس الجهاز العصبي الالإرادي‬ ‫مقايس ُ‬


‫ٌ‬ ‫ويُعتبر معدل نبض القلب‬
‫طؤ نبضات‬ ‫ت تسويقي ٍة متعددة‪ُ ،‬وجد أن معدل تبا ُ‬
‫مقياس جيدٌ للتكافؤ العاطفي‪ .‬ففي دراسا ٍ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫حيث أنه‬
‫القلب على المدى القصير يرتبط بك ٍّل من العواطف السلبية واإليجابية‪ ،‬إال أنه وعلى فترات زمنية‬
‫ُّ‬
‫يحث المنبه اإليجابية على زيادةٍ في معدل ضربات القلب بينما‬ ‫ثوان)‬
‫ٍ‬ ‫أطول (من ثالث إلى خمس‬
‫يؤدي المح ِّفّز السلبي إلى تباط ٍؤ في معدل نبضات القلب‪.‬‬

‫يُعدُّ ضغط الدم وكثافاته ومعدّل النبض ثالثة جوانب للنشاط األوعية الدموية (أي تدفق الدم‬
‫في الشرايين واألوردة) في جسم اإلنسان‪ .‬ويُعتبر نشاط األوعية الدموية نشاطا ً عا ِّل االستجابة عند‬
‫ق واسعٍ من‬
‫تفعيل الجهاز العصبي والالإرادي لها‪ ،‬إال أنه يُمكن تفعيل ذلك النشاط من خالل نطا ٍ‬
‫المدخالت النفسية بما فيها تفعيل المتعة والذاكرة واإلثارة العاطفية‪ .‬إن الحاجة إلى حل هذه المصادر‬
‫المختلفة المحتملة يخلق حاجا ٍ‬
‫ت أخرى في التصميم والتنفيذ والتحليل التجريبي والذي يتطلب مقاييس‬
‫مستهدفة أكثر كقابلية الجلد على توصيل الكهرباء‪ .‬وقد ُوجدَ أن نتائج قياس ضغط الدم ذاتُ حساسية‬
‫عالية لحجم والمكان الذي تُوض ُع فيه ُ‬
‫عصبَة جهاز ضغط الدم على يد الشخص المشارك في التجربة‪.‬‬
‫فربما ولهذه األسباب كانت مقاييس األوعية الدموية أندر ظهورا ً في البحوث والدراسات التسويقية‬
‫وأنها لم يُنظر إليها على أنها وسيلة واعدة في البحوث المستقبلية‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫تُس ِّ ّجل م قاييس التنفس مدى عمق وسرعة تنفس الشخص‪ .‬ويتم هذا القياس من خالل وضع‬
‫مقياس للتوتر (ويشبه شريطة مطاطية) على محيط الصدر‪ ،‬أو من خالل استخدام عناصر من جهاز‬
‫قياس نبض القلب‪ .‬ويرتبط التنفس السريع والعميق باإلثارة العاطفية سواء أكانت تكافؤا ً عاطفيا ً‬
‫إيجابيا ً (كالفرح والحماسة) أم سلبيا ً ( مثل الغضب والخوف)‪ .‬بينما يكون التنفس السريع والسطحي‬
‫مؤشرا ً على القلق والتوتر والتركيز أيضاً‪ .‬أما التنفس البطيء والعميق فهما يشيران إلى حالة‬
‫االسترخاء‪ ،‬على عكس التنفس البطيء والسطحي فهو مرتب ٌ‬
‫ط بأحد السببين؛ إما االكتئاب أو السعادة‬
‫الهادئة‪.‬‬

‫ي مقياسا ً‬
‫وكما هو األمر في قابلية توصيل الكهرباء في الجلد‪ ،‬فيُعتبر التنفس بشك ٍل أساس ّ‬
‫لمستثيرات العواطف‪ ،‬وال يمكنه التفريق بين التكافؤ العاطفي السلبي واإليجابي‪ .‬وبسبب وجود عالقة‬
‫تبادلية بين التنفس ومقاييس النشاط الكهربي مثل قابلية توصيل الكهرباء في الجلد‪ ،‬فيُنظر إليه غالبا ً‬
‫على أنه مقياس زائد عن الحاجة‪ ،‬أو أنه يُستخدم في تأكيد المقاييس األخرى‪.‬‬

‫مسابقة الزمن‪ :‬أزمنة االستجابات السلوكية‬


‫كمؤشر‬
‫ٍ‬ ‫تُستخدم مقاييس األزمنة االستجابة السلوكية ‪( Latencies‬وتعني التأخير في الوقت)‬
‫على قوة االرتباطات الذهنية بين المفاهيم في الذاكرة طويلة األمد‪ .‬ويُعتبر مقياس أزمنة االستجابات‬
‫السلوكية إحدى مقاييس الجهاز العصبي الجسدي الموضحة في الشكل (‪)16-2‬؛ وذلك ألنها تض ُّم‬
‫نشاطا ً إراديا ً لالستجابة الحركية‪ ،‬أو ما يُقال عنها عادةً‪ :‬الضغط على زر تشغيل االستجابة في‬
‫الدماغ‪ .‬إال أنه ال تكمن أهمية األمر في القيام بسلوكٍ ما إرادياً‪ ،‬بل هي الفترة التي يستغرقها الدماغ‬
‫ي سلوكٍ سيقو ُم به‪ ،‬ثم يبعث باألمر السلوكي المناسب للموقف إلى الجسد ليقوم باالستجابة‪ ،‬لذا‬
‫ليقرر أ َّ‬
‫ي أيضاً‪.‬‬
‫ومقياس جسد ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫ي‬
‫مقياس سلوك ٌ‬
‫ٌ‬ ‫يُمكن لألزمنة االستجابة السلوكية أن تُصنَّف على أنها‬

‫يُبنى اختبار زمن االستجابة السلوكية على المبادئ النفسية لالستحضار الذهني وقابلية‬
‫ب سريعٍ‪ ،‬فعندما يظهر العنصر الثاني‬
‫الوصول إلى الذكريات‪ .‬فيتم عرض كلمتين أو صورتين بتعاق ٍ‬
‫حكم ما بأسرع وق ٍ‬
‫ت ممكن‪ .‬فإذا استحضر‬ ‫عند هذا التعاقُب‪ .‬فمن الواجب أن يتم اتخاذ ٍ‬
‫قرار أو إطالق ٍ‬
‫العنصر األول العنصر الثاني بنجاحٍ (مما يمكن الذهن من الوصول إليه في الذاكرة)‪ ،‬عندها ستتم‬

‫‪287‬‬
‫المهمة على نح ٍو أسرع‪ .‬أما إذا ما كان االرتباط بين كال العنصرين ضعيفاً‪ ،‬فلن يتم استحضار‬
‫العنصر الثاني ذهنياً‪ ،‬وستستلزم المهمة وقتا ً أطول لتتم‪ .‬ويُمكن استخدام مقياس زمن االستجابة في‬
‫تقدير قوة الترابطات الذهنية بين المفاهيم التي يُمثلها المح ِّفّز الخارجي وذلك من خالل انتقاء الكلمات‬
‫أو الصور بحذر في كل زوج من المحفزات السلوكية‪.‬‬

‫ويشيع استخدام ثالثة أنواعٍ رئيسي ٍة من اختبارات االستجابة السلوكية من قِّبل التسويق‬
‫ال عصبي وهي‪ :‬االستحضار الذهني الداللي‪ ،‬واالستحضار الذهني العاطفي باإلضافة إلى اختبار‬
‫االرتباطات الضمنية (‪ .)IAT‬وقد تم توضيح األنواع الثالثة هذه في الفصل (‪ )9‬على أنها طرق‬
‫لقياس االرتباطات الذهنية المتعلقة بعالم ٍة تجاري ٍة ما‪ ،‬وسنشرحها بالتفصيل في الفصل (‪.)17‬‬

‫التقاط اإلشارات من الدماغ‬


‫يُنتج الدماغ البشري نوعين من اإلشارات‪ ،‬والتي استغلَّها العلماء في َ‬
‫س ْعيهم للوصول إلى‬
‫نظر ٍة أفضل على ما يحدث في أدمغتنا‪ .‬أول تلك اإلشارات هي تدفُّق الدم في الدماغ‪ ،‬والثانية هي‬
‫مباشر‬
‫ٍ‬ ‫ُنتجان أجزا ًء أساسيةً قويةً في البحوث التي تتعلق بشك ٍل‬
‫ِّ‬ ‫النشاط الكهربائي فيه‪ ،‬وكالهما ي‬
‫بالتسويق العصبي‪ ،‬إال أنه كالهما قد شكال خالفا ٍ‬
‫ت وأسئل ٍة لم يتم اإلجابة عليها‪.‬‬

‫اإلنصات إلى تدفق الدم في الدماغ‬


‫قياس رئيسيتين والذي يستنبط صورا ً عن النشاط الدماغي‬
‫تُستخدم في علم األعصاب تقنيتي ٍ‬
‫من خالل مقياس تدفق الدم في الدماغ وهما‪ :‬تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ (‪)fMRI‬‬
‫مباشر للنشاط‬
‫ٍ‬ ‫والتصوير المقطعي باإلشعاع البوزتروني (‪ .)PET‬توفر كال التقنيتين مقياسا ً غير‬
‫الدماغي بنا ًء على المبدأ التشريحي وهو أن النشاط الذهني يزيد من حاجته لألوكسجين والغلوكوز في‬

‫‪288‬‬
‫المناطق الفعّالة في الدماغ‪ ،‬وأن تلك الحاجة يجب إشباعها من خالل زيادة تدفق الدم إلى تلك‬
‫المناطق‪.‬‬

‫تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي‬

‫يقيس التصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي (‪ )fMRI‬إشارة ً في الدماغ تسمى عامل المنوط‬
‫سجة الدم (‪ . )BOLD‬وتتباين هذه اإلشارة في من منطقة دماغية إلى أخرى وذلك ألن‬
‫بمستوى أك َ‬
‫الدم المنقول إلى منطقة دماغية نشطة معينة تتطلب دما ً محمالً أكثر باألوكسجين من تلك المنطقة‬
‫الدماغية غير النشطة‪ .‬ويكمن أولوية أكسجة الدم في أنه ينتج حقالً مغناطيسيا ً أقوى من الدم غير‬
‫المؤكسج‪.‬‬

‫يَستخدم الرنين المغناطيسي مجاال ٍ‬


‫ت مغناطسي ٍة قوية يُنتجها مغناطيس على شكل كعكة‬
‫للدم في الدماغ‪.‬‬
‫يحيط برأس الشخص المشارك في االختبار؛ وذلك لقياس الخاصية المغناطيسية ِّ‬
‫الذرات في الدماغ‪ ،‬ثم يقوم جهاز‬ ‫إن النبضة المغناطيسية ‪ -‬من الناحية التقنية ‪ -‬ت ُ ُّ‬
‫حول اتجاه َّ‬
‫الرنين المغناطيسي بصنع صورةٍ للحالة الدماغية متضمنةً المناطق ذات النشاط األكبر واألقل في‬
‫ي‪.‬‬
‫الذرات بينما تعود إلى اتجاهها الطبيع ّ‬
‫الدماغ وذلك عن طريق قراءة اإلشارات المعطاة من قِّبل َّ‬

‫ت شيوعا ً في التصوير العصبي المستخدمة في بحوث علم‬


‫يُعد الرنين المغناطيسي أكثر التقنيا ِّ‬
‫األعصاب األكاديمية‪ ،‬كما وبدأ يُستخدم في بحوث المستهلكين أيضاً‪ .‬إال أن هذا االستخدام محدودٌ‬
‫نسبياً؛ ألن تكلفة جهاز الرنين المغناطيسي كبيرة‪ ،‬وأنه يحتاج إلى خبرة عالية لتشغيله‪ ،‬كما وتقل‬
‫ُ‬
‫وتزن ماسحات‬ ‫معدات هذا الجهاز والتي توجد غالبا ً في المستشفيات ومختبرات الجامعات فقط‪.‬‬
‫وتكلّ ُ‬
‫ف قرابة ‪ 2.5‬مليون دوالر (وهذا دون احتساب تكلفة‬ ‫ِّ‬ ‫الرنين المغناطيسي حوالي ‪ 12‬طنا ً‬
‫التركيب والتدريب على استخدامه باإلضافة إلى تكلفة الصيانة التي يحتاجها والتي قد تُقدَّر أيضا ً‬
‫بقرابة المليون دوالر)‪.‬‬

‫وتتضمن المحدودية التقنية لتقنية الرنين المغناطيسي الحل المؤقت الذي تعطيه ( أي أقل‬
‫الوقت تحتاجه إلنتاج مسحٍ أو مالحظ ٍة واحدة)‪ .‬ويعطي الرنين المغناطيسي في العادة صورا ً للدماغ‪،‬‬
‫ثمان ثوان‪ .‬وتعتمد هذه المدة‬
‫ِّ‬ ‫والذي يعطي معدالً للنشاط الدماغ ّ‬
‫ي في مدةٍ زمني ٍة تستمر من ثانيتين إلى‬

‫‪289‬‬
‫على قوة الحقل المغناطيسي وعلى شكل التجربة (مثل أشكال التجارب في غضون حد ٍ‬
‫ث ما‪ ،‬فيمكن‬
‫للتأثير أن ينتشر بأقل من ثانية أو ثانيتين)‪ .‬تحدُّ االستجابة النفسية الكامنة لتدفّق الدم من الحل المؤقت‬
‫بتأخير مدته‬
‫ٍ‬ ‫للتصوير المغناطيسي بشك ٍل أساسي؛ ألن تدفق الدم في المناطق الدماغية النشطة يَحدث‬
‫ست ثوان‪ .‬وبالرغم من أن هذا الحل المؤقت هو أفضل بكثير مما يتم تحقيقه في التصوير المقطعي‬
‫باإلشعاع البوزيتروني (‪ ،)PET‬إال أنه أقل فاعليةً من تقنية تخطيط كهربية الدماغ (‪ )EEG‬أو من‬
‫تقنية تخطيط مغناطيسية الدماغ (‪.)MEG‬‬

‫ي لفاعلية تقنية الرنين المغناطيسي وهي أنها حساسةً جدا ً لحركات الشخص‬
‫وهناك ُمحدِّّد عمل ّ‬
‫حرك الشخص الذي يكون داخل ماسحات هذا الجهاز رأسه بقدر‬
‫ُجرى عليه االختبار‪ .‬فإذا َّ‬
‫الذي ي َ‬
‫معنى‪ .‬يُمكن تطبيق أنظمة‬
‫ً‬ ‫ضئيل كمليمترين فقط‪ ،‬فسيُنتج صورة مشوشة وغير واضحة وال تعطي‬
‫رصد وتصحيح الحركة في بيانات الصورة الناتجة‪ ،‬إال أن هذه األنظمة أكثر نفعا ً في أدنى درجات‬
‫الحركة للبدء برصدها وتصحيحها‪ .‬وألن التحدُّث يسبب حركة الرأس‪ ،‬فإنه من غير المسموح أدا ُء‬
‫استجابات الشفهية داخل الماسح‪ ،‬إنما تُحصر االستجابات السلوكية بشك ٍل أساسي بحركات بسيطة في‬
‫األصابع وذلك لتتمكن أنظمة رصد وتصحيح الحركة من العمل‪.‬‬

‫إن الحاجة إلى منع الحركات داخل الماسح هو جانبٌ واحدٌ من جوانب المشكلة األكبر في‬
‫تقنية الرنين المغناطيسي وذلك وفقا ً لراحة وطبيعية الشخص في الماسح‪ .‬تتطلب هذه التقنية أن‬
‫يستلقي الشخص على ظهره ويبقى ساكنا ً تماما ً داخل هذا المغناطيس الكبير الذي يُشبه الكعكة والذي‬
‫يُصدر ضجةً عاليةً باستمرار فيما يتم شحن المغناطيس ثم فصله عن الشحن‪.‬‬

‫وحتى عند وضع وسادة لصد اإلزعاج عن رأس الشخص التي ت ُ ِّ‬
‫جري عليه التجربة‪،‬‬
‫أذن عازلة للضجيج‪ ،‬إال أنه ال يمكن التخلص من الضجيج بشك ٍل‬‫وبالرغم من استخدام سماعات ٍ‬
‫كامل‪ ،‬ولذلك تُعد الدراسات التي تستخدم المحفزات السمعية صعبةً جداً‪.‬‬

‫ى‬
‫وقد يواجه بعض الناس ُرهاب األماكن المغلقة أو على األقل حالة من القلق على مستو ً‬
‫عا ٍل؛ وذلك بسبب الضجيج وحداثة ما يتعرضون إليه‪ .‬أما بالنسبة لبحوث المستهلكين والسوق التي‬
‫التعرف إلى االختالفات الدقيقة في االستجابات السلوكية للمنتجات والعالمات‬
‫ُّ‬ ‫تُركز في الغالب على‬
‫تأثير مربكٌ يصعب حلُّه من خالل‬
‫ٌ‬ ‫التجارية واإلعالنات والرسائل التسويقية‪ ،‬فقد ينتج عن هذه األمور‬
‫االستجابات السلوكية للمحفزات ذاتها‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫ومن وجه نظر التسويق العصبي‪ ،‬فإن التحدي األعظم في كون تقنية الرنين المغناطيسي‬
‫تقنية قياس لالستجابات السلوكية ليس بوجود محدودي ٍة تقني ٍة أو عملي ٍة لكيفية صنع الصور‬
‫الدماغية‪ ،‬بل وبوجو ِّد محدودية علميّ ٍة لكيفية تفسير الصور الدماغية‪ .‬وهنا سنستعرض ثالث‬
‫تحذيرات يجب أن تؤخذ بعين االعتبار عند قراءة الصور الدماغية‪ .‬وكل هذه التحضيرات على‬
‫عالق ٍة بسوءٍ في تفسير صور الرنين المغناطيسي والتي نُطلق عليها اسم ‪ ( Locationism‬أي‬
‫االعتقاد الخاطئ الذي يقع‪ ،‬حيث أن حدوث النشاط في الدماغ يفسره نوعا ً ما)‪ .‬وتُلخص التحذيرات‬
‫الثالثة كما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬أن الدماغ هو شبكةٌ وليس مجموعة من "الوحدات"‪ .‬فبسبب قيام الصور الدماغية‬
‫باستخدام ألوانا ً (غالبا ً ما تكون زاهية) لتحديد المناطق الدماغية النشطة‪ ،‬إال أنها تمي ُل إلى‬
‫وصف هذه المناطق بالوحدات "أي المكان الذي يحدث فيه الحدث(س)"‪ .‬إال أن هذه اللغة‬
‫االصطالحية غالبا ً ما تُترجم وتفسر حرفياً‪ ،‬حيث بدأ الناس بالحديث عن "مراكز" مفترضة‬
‫معين في الدماغ‪ ،‬إال أن صناعة‬‫ٍ‬ ‫اختصاص‬
‫ٍ‬ ‫في الدماغ‪ .‬وبالرغم من وجود أماكن ذات‬
‫مكان واحدٍ‪ ،‬وهي دائما ً وظيفةُ‬
‫ٍ‬ ‫األفكار والمشاعر واالختيارات واألفعال غالبا ً ما تحدث في‬
‫الشبكة المعقدةِّ في المناطق الدماغية المتفاعلة مع بعضها‪.‬‬
‫‪ ‬والتحذير الثاني هو أن المناطق الدماغية تنشط ألسبا ٍ‬
‫ب مختلف ٍة‪ .‬والتفسير الذي يجب أن‬
‫اعارته االنتباه هنا هو ما يُسمى باالستدالل الرجعي (والذي سنناقشه بالتفصيل في الفصل‬
‫"أن المنطقة الدماغية (أ) تنشط عندما‬ ‫ُ‬
‫حيث يُعنى بحقيقة أن التفسير المفرط لنتيج ِّة ّ‬ ‫‪)19‬‬
‫تحدث المهمة العقلية (ب)" تعني " أن المنطقة الدماغية (أ) تنشط فقط عندما تحدث المهمة‬
‫العقلية (ب)" وبذلك أنه " إذا ما تنشطت المنطقة الدماغية (أ) فإن من المؤكد أن تكون‬
‫ُ‬
‫تحدث في الدماغ"‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬هنالك القليل من الحاالت التي تعم ُل فيها‬ ‫المهمة العقلية (ب)‬
‫أمر واح ٍد وربما ال تكون هذه الحاالتُ موجودة ً أصالً‪ .‬فعلى سبيل‬
‫منطقة دماغية ما ألداء ٍ‬
‫المثال‪ ،‬تنشط ما يُسمى بالقشرة الجزيرية في الدماغ عندما نُفكر بالحب الرومانسي وهي‬
‫تنشط أيضا ً عند تفكيرك بهاتفك (اآليفون)‪ ،‬إال أن هذا ال يعني أنك واق ٌع في حبّ ِّ هاتفك؛‬
‫وذلك ألن بالقشرة الجزيرية تنشط كجزءٍ من الكثير من األفكار األخرى أيضاً‪.‬‬
‫‪ ‬إن معرفة مكان حدوث شيءٍ ما في الدماغ ال يعطيك السبب لالكتراث بذلك‪ .‬وهذا أكثر‬
‫تحديات التفسيرية أهميةً في دراسات الرنين المغناطيسي‪ .‬فعندما اكتشف باحثو تقنية الرنين‬

‫‪291‬‬
‫المغناطيسي األكاديميون أن جزءا ً ما في دماغنا قد "أش َّع" في الصورة الدماغية عند تجربة‬
‫ت التجارية المفضلة‪ ،‬فقد يش ِّ ّكل هذا جزءا ً مفقودا ً في أحجية كيفية‬
‫ور للعالما ٍ‬
‫النظر إلى ص ٍ‬
‫عمل الدماغ‪ ،‬إال أنه ال يُت َرجم تلقائيا ً على أنه استنتاجٍ مفي ٍد لمسوقي العالمات التجارية‪.‬‬
‫ب‬
‫يتو ّج ُ‬ ‫عندها‬ ‫االستنتاج؟"‪،‬‬ ‫هذا‬ ‫جدوى‬ ‫"ما‬ ‫اختبار‬ ‫والجتياز‬
‫ربط النتائج بالقرارات واألفعال الواقعية‪ ،‬وقد بدأ ذلك بالحدوث في القليل من دراسات‬
‫الرنين المغناطيسي (انظر الفصل (‪ )22‬للمزيد من األمثلة)‪ ،‬إال أن مثل هذا الربط ما يزال‬
‫نادراً‪.‬‬

‫التصوير المقطعي باإلشعاع البوزيتروني (‪)PTE‬‬

‫كمصدر لقياساتها‪ ،‬إال أن هذه التقنية تختلف‬


‫ٍ‬ ‫تعتمد تقنية (‪ )PET‬أيضا ً على مقدار تدفق الدم‬
‫عن تقنية الرنين المغناطيسي في أنها تتطلب من الشخص الذي تُجرى عليه التجربة أن يستنشق غاز‬
‫إشعاعيَّا ً أو الحقن بمحلول إشعاع ّ‬
‫ي وذلك قبل أن تتم عملية التصوير الدماغي‪ .‬فتُصنَّ ُ‬
‫ف تقنية (‪)PET‬‬
‫بسبب هذا المتطلب الذي تحتاجه قبل عملية التصوير المقطعي على أنها تقنية تصوير دماغي‬
‫توسعية؛ حيث أنه كلما زاد النشاط في منطقة دماغي ٍة ما‪ ،‬زاد النشاط اإلشعاعي ال ُمت َتبَّع في المناطق‬
‫الدماغية الحالية وتزداد قوة إشارة (‪ )PET‬في تلك المنطقة في الدماغ‪.‬‬

‫وبعيدا ً عن المحدودية المتأصلة في استخدام المواد إشعاعية النشاط (وهي أن التوجيهات‬


‫متطوع)‪ ،‬فإن ال ُمحدد‬
‫ّ ِّ‬ ‫الحكومية تحدُّ من الكمية ال ُمجملة من الجرعة اإلشعاعية في السنة الواحدة لكل‬
‫التقني الرئيس لتقنية (‪ )PET‬هو أنها حل مؤقت ضعيف نسبياً؛ و ذلك ألنها تتطلب وقتا ً قبل أن يتم‬
‫احتساب المؤشرات اإلشعاعية الكافية‪ .‬وكنتيج ٍة لذلك‪ ،‬يمكنك الحصول على صورةٍ واحدةٍ في كل‬
‫ُ‬
‫حيث يُنتج التصوير المقطعي (‪ )PET‬صورة لمعدل النشاط الدماغي‬ ‫دقيقة من النشاط الدماغي عادةً‪،‬‬
‫ضمن فترةٍ زمني ٍة معينة فقط‪ .‬ويُعتبر الحل الحيزي لتقنية (‪ّ )PET‬‬
‫حالً جيدٌ بالفعل ‪ -‬أي إلى أقل من‬
‫(‪ )1‬سنتيميتر مربع ‪ -‬والذي يُعتبر فعليا ً أفضل من تقنيتي (‪ )EEG‬أو (‪ ،)MEG‬ولكن ليست أفضل‬
‫من تقنية الرنين المغناطيسي (‪.)fMRI‬‬

‫بحقن‬
‫ٍ‬ ‫وبالنظر إلى المشاكل المحيطة بنظائر حقن المستهلكين المتطوعين في الدراسة‬
‫مناظرةس لتلك الحقن اإلشعاعية‪ ،‬فإن تقنية (‪ )PET‬ليست هي التقنية التي يُحتمل أن تُستخدم من قِّبل‬

‫‪292‬‬
‫ُ‬
‫فرق بحث متخصصة بتقنية (‪ )PET‬خارج نطاق المختبرات األكاديمية‬ ‫التسويق العصبي‪ .‬وهنالك‬
‫والطبية وهم مؤهلون إلدارة المسح الذي تجريه هذه التقنية‪ ،‬وهناك القليل من المتطوعين الذين‬
‫يقبلون بحقنهم بالمواد اإلشعاعية الختبار المنتجات التي يميل إليها المستهلكون‪.‬‬

‫الدخول إلى الدماغ الكهربائي‬


‫تشتمل المقاييس الكهربائية على تقنيات تُسجل النشاط الدماغي مباشرة ً وذلك من خالل‬
‫أجهزة رصد تُو ّ‬
‫ض ُع على فروة الرأس لرصد اإلشارات الكهربائية والمغناطيسية الذي يُرسلها‬
‫الدماغ‪ .‬إن اإلشارات الكهربائية هي اآللية الحرفية التي يقوم الدماغ من خاللها توصيل مزامنة‬
‫النشاط عبر أجزاءٍ مختلف ٍة فيه‪ .‬وتوفر تقنيات قياس الكهرباء في الدماغ قياسا ٍ‬
‫ت مباشرة للتفكير‬
‫غضون أجزاءٍ من‬
‫ِّ‬ ‫تقيس النشاط الكهربائي لسرعة المعالجة الذهنية والتفكير في‬
‫ُ‬ ‫اإلدراكي‪ ،‬وهي‬
‫الثانية بدالً من قياسها بالثواني‪.‬‬

‫إن أهم محددات تقنيات قياس الكهرباء في الدماغ مقارنةً مع تقنيات قياس تدفق الدم هي أنها‬
‫تفتقر كثيرا ً إلى تقديم حل حيزي ثالثي األبعاد‪ ،‬أي أنها ال تستطيع أن تُمركز النشاط داخل الدماغ‬
‫ُ‬
‫بنفس الدقة التي تنتجها تقنيتي (‪ )PET‬و (‪)fMRI‬؛ وهذا ألنها تقيس اإلشارات التي على سطح فروة‬
‫الرأس فقط حيث تكون حساسات الجهاز موضوعة‪ .‬ويُسمى العائق األساسي لهذه المقاييس بالمشكلة‬
‫االرتجاعية؛ وتعني الحاالت التي من المستحيل أن تجد مركزا ً أساسيا ً فريدا ً من نوعه رياضيا ً لنمط‬
‫النشاط الكهربائي الذي تم قياسه عن طريق فروة الرأس‪ .‬وكنتيج ٍة لذلك‪ ،‬يستطيع باحثو تقنيتي‬
‫(‪ )EEG‬و(‪ )MEG‬أن يخ ِّ ّمنوا (وغالبا ً يكونون على ثقة عالية من تخمينهم وذلك بنا ًء على مطابقة‬
‫النتائجها مع نتائج تقنية (‪ ،))fMRI‬المكان الذي تنشأ فيه اإلشارة في الدماغ‪ ،‬إال أنّهم ال يستطيعون‬
‫أن الجزم بذلك‪ .‬وكما تم اإلشارة في قسم تقنية (‪ )fMRI‬في هذا الفصل‪ ،‬تنشأ اإلشارات في عدَّة‬
‫مناطق في الدماغ والتي تعمل معا ً إلنتاج نشاطٍ ذهني أو باألحرى يُع ِّقّد من مشكلة إيجاد موقع مصدر‬
‫تلك اإلشارات‪.‬‬

‫وهناك تح ٍد آخر يواجه تقنيات قياس كهربية الدماغ وهي أن اإلشارات التي تقيسها قد تختلط‬
‫ت تُنتج إشارا ٍ‬
‫ت كهربائي ٍة بنفس نطاق تردد‬ ‫بإشارا ٍ‬
‫ت كهربائية أخرى يُنتجها الجسد‪ ،‬فحركة العضال ِّ‬

‫‪293‬‬
‫اإلشارات التي يُنتجها الدماغ‪ ،‬إال أن هذه اإلشارات أقوى بمئات المرات من اإلشارات التي ينتجها‬
‫الدماغ‪ ،‬وهذا يعني أن أقل حركة عضلية كحركة العين أو الرأس قد تطغى على اإلشارات الكهربائية‬
‫الدماغية وتجعل منها صعبة الرصد على نح ٍو فردي‪ .‬وبنا ًء على ذلك‪ ،‬يتوجب على الباحثين‬
‫صين بدراسة اإلشارات الكهربائية الدماغية أن يبذلوا جهدا ً أكبر في تصحيح النتائج (أي‬
‫المخت ّ‬
‫العمليات التلقائية أو غير التلقائية المحتملة لتمييز بين اإلشارات الدماغية عن اإلشارا ٍ‬
‫ت األخرى التي‬
‫قد تظهر في تسجيل اإلشارات الكهربائية)‪.‬‬

‫تقنية تخطيط كهربية الدماغ (‪)EEG‬‬

‫وهو النشاط المترابط آلالف الخاليا العصبية التي تُنتج االختالف المحتمل في اإلشارات‬
‫الكهربائية في فروة الرأس والذي يمكن أن تُرصد باستخدام قبعة ذات قط ٍ‬
‫ب كهربائي متصلة بمض ّخ ٍم‬
‫متوفر بسهول ٍة عند باعة المعدات المتعددة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫لتلك اإلشارات‪ .‬قد يكون الجهاز ذا تكلف ٍة معقول ٍة وهو‬
‫سعية‪ ،‬حيث أنها تتحسس نشاط الخاليا العصبية مباشرةً‪.‬‬
‫يعتبر جهاز (‪ )EEG‬تقنية هادئة وغير تو ُّ‬
‫وفي الوقت الذي تصبح فيه نتائج استخدام تقنية (‪ )EEG‬مقتصرة على الجهاز نفسه والذي في العادة‬
‫يستطيع تسجيل الجهد الكهربائي في كل واح ٍد من أصل ثالثة أجزاءٍ من ألف في الثانية‪.‬‬

‫هناك أربعة أنواعٍ للتحليل المستخدم في تقنية (‪ )EEG‬والتي يتم استخدامها بانتظام في‬
‫التسويق العصبي؛ أي في تحليل تردد الموجات الدماغية وتبايُن نصفي الدماغ األيمن واأليسر‬
‫واالحتماالت المتعلقة باألحداث (‪ )ERP‬ووصف تضاريس حاالت الثبات في الدماغ (‪ .)SST‬كل‬
‫ب مختلفٍ من اإلشارات التي تلتقطها تقنية (‪ ،)EEG‬كما أن‬
‫واحدة من تلك األنواع تركز على جان ٍ‬
‫قياس تُستخدم لإلجابة على األسئلة‬
‫ص ٍة بها على أنها تقنية ٍ‬ ‫ك َّل واحدةٍ منها تمتلك إيجابيا ٍ‬
‫ت وسلبيا ٍ‬
‫ت خا ّ‬
‫التي يطرحها التسويق العصبي‪.‬‬

‫تحليل تردد الموجات الدماغية‬

‫خصائص مميزة ً في‬


‫َ‬ ‫تمتلك إشارات الموجات الدماغية التي يُنتجها الدماغ على نح ٍو طبيعي‬
‫تردداتها‪ ،‬ويُقاس التردد الكهربائي من خالل عدد الحلقات الترددية في كل ثانية باستخدام وحدة قياس‬
‫هيرتز (‪ .)Hz‬إن أسهل ترد ٍد يُنتجه الدماغ في إمكانية رصده هو الذي يُقدَّر بـ‪ 10‬هيرتز‪ ،‬أو ما يقابل‬

‫‪294‬‬
‫‪ 10‬حلقات ترددية في الثانية الواحدة‪ .‬وتخلف الترددات كاستجاب ٍة للحاالت الذهنية المختلفة والتي‬
‫تتباين بمرور الوقت وعبر أجزاءٍ مختلفة من الدماغ؛ لذلك فهناك الكثير من المجال لتفسير وترجمة‬
‫اإلشارات الكهربائية وربطها بعمليا ٍ‬
‫ت ذهني ٍة مختلفة‪.‬‬

‫رف تصنيف‬
‫ع ُ‬‫لقد درس العلماء الموجات الدماغية لقرابة قرن من الزمان‪ ،‬وقد بزغ ُ‬
‫سميت على أسماء األحرف اليونانية هي‪:‬‬
‫الترددات الملحوظة إلى وحدات ترددية ُ‬

‫‪ ‬وحدة دلتا‪ :‬وهي التردد أقل من ‪ 4‬هيرتز ويكون هذا التردد المسيطر في النوم الذي ال‬
‫يتضمن أحالماً‪.‬‬
‫‪ ‬وحدة ثيتا‪ :‬والتي تقدر من ‪ 4‬إلى ‪ 8‬هيرتز‪ ،‬وترتبط بالعمليات الذهنية المركزة على العمليات‬
‫الداخلية مثل عملية تنشيط الذاكرة‪.‬‬
‫‪ ‬وحدة ألفا‪ :‬وهي من ‪ 8‬إلى ‪ 12‬هيرتز‪ ،‬وتُعبر عن التردد االفتراضي ويكون مسيطرا ً عندما‬
‫تكون العينين مغلقتين والدماغ في حالة استرخاء‪.‬‬
‫‪ ‬وحدة بيتا‪ :‬وهي من ‪ 13‬إلى ‪ 30‬هيرتز‪ ،‬وترتبط بالعملية التحذير وتنشيط االنتباه‪.‬‬
‫‪ ‬وحدة غاما‪ :‬وهي ما يزيد عن ‪ 30‬هيرتز وترتبط بعمليات معالجة المعلومات والتعلُّم‬
‫والعمليات معالجة العواطف‪.‬‬
‫سيْن في تقدير مقاييس ترددات الموجات الدماغية‪ ،‬أولهما يُسمى بالقوة‬ ‫يُشاع استخدام قيا َ‬
‫وهو يقيس درجة ِّك َب ِّر مقدار النشاط في وحدة ترددية معينة ضمن فترةٍ زمنية محددة (وغالبا ً ما تُقدَّر‬
‫ُ‬
‫حيث يقيس اتساق أو الترابط ترددات الموجات‬ ‫بثوان أو دقائق)‪ .‬أما المقياس الثاني فيُدعى بالتماسك‪،‬‬
‫ٍ‬
‫الدماغية عبر مناطق مختلفة في الدماغ‪ ،‬فكلما ازداد التماسك بين تلك المناطق فهذا غالبا ً ما يعني أن‬
‫هذه المناطق تتواصل فيما بينها كجزءٍ من عملية المعالجة الذهنية‪.‬‬

‫رف طويل األمد في بحوث التسويق عند تحليل الموجات الدماغية بواسطة تقنية‬
‫ع ٌ‬‫وهنالك ُ‬
‫(‪ )EEG‬بالعودة للدراسات األصيلة التي أجراها هيربيرت كروغمان (‪ )Herbert Krugman‬في‬
‫سبعينيات القرن الماضي‪ ،‬حيث حاولت جهودٌ سابقة رب َ‬
‫ط االستجابات لمحفزات التسويق العصبي‬
‫ط بسي ٌ‬
‫ط جدا ً بالنسبة‬ ‫بالقوة الكلية لوحدات التردد المختلفة‪ ،‬إال أنه قد ظهر بأن هذا الربط هو رب ٌ‬
‫التعرف على اختالفٍ ذا معنى‪ .‬وقد ُ‬
‫ط ِّبّقت مؤخرا ً تقنياتٌ إحصائية متطورة لتُجمل‬ ‫ُّ‬ ‫لمقياس يسعى إلى‬
‫ٍ‬

‫‪295‬‬
‫صل إلى تنبؤا ٍ‬
‫ت مثيرةٍ لالهتمام عن‬ ‫وتماسك األنماط في الدماغ كله‪ ،‬وقد بدأت هذه األساليب بالتو ُّ‬
‫ِّ‬ ‫قوة َ‬
‫سلوكيات المستهلكين على مستويي أدائهم الفردي وأدائهم في السوق‪.‬‬

‫تبايُن نصفي الدماغ‬

‫وهو إحدى تطبيقات تحليل الترددات الذي تقوم به تقنية (‪ )EEG‬والتي ترتبط باألخص‬
‫بالتسويق العصبي وهو مقياس لوحدات التبايُن (أي االختالف) الترددية بين المنطقتين الدماغيتين‬
‫واحدة ٌ في النصف األيمن من الدماغ وأخرى في النصف األيسر والموجودتين ناحية الجبة في الوجه‪.‬‬
‫وقد وجد العلماء أن هذه التبايُنات على صلة بمحفزات االقتراب والتجنُّب عند اإلنسان وفقا ً لألشياء‬
‫التعرض لمحفّز االقتراب‪ ،‬فهناك وحدة ُ قوة ألفا في القسم األيمن أكثر من‬
‫ُّ‬ ‫أو المواقف الخارجية‪ .‬فعند‬
‫القسم األيسر في الدماغ‪ ،‬والعكس صحيح عند التعرض إلى محفّز التجنُّب‪.‬‬

‫كمقياس الستجابات االقتراب‬


‫ٍ‬ ‫لقد بدأ باحثو التسويق العصبي باستخدام التبايُنات األمامية‬
‫والتجنُّب للمنتجات والعالمات التجارية وعمليات معالجة المعلومات واتخاذ القرارات الالحقة‪ .‬تو َّ‬
‫صل‬
‫نيكالس رافاج (‪ )Niklas Ravaja‬وزمال ٌء له في دراسة أُجريت عام ‪ 2012‬إلى أن تبايُن نصفي الدماغ‬
‫يتنبأ بقرارات الشراء لمجموعا ٍ‬
‫ت مختلفة من مدى ألفة العالمة التجارية والسعر‪.‬‬

‫االحتماالت المتعلقة باألحداث‬

‫هناك مجموعة ثانويه من مقاييس تقنية (‪ )EEG‬وهي تحليل االحتماالت المتعلقة باألحداث‬
‫صل اإلشارات الدماغية التي تحدث مباشرة ً‬
‫(‪ .)ERPs‬وكما يتضمن اسم هذا المقياس‪ ،‬فإنه يف ِّ ّ‬
‫كبير من هذه الحاالت من‬
‫ٍ‬ ‫ث ما‪ .‬فمن خالل معادلة االستجابات مع بعضها لعد ٍد‬ ‫كاستجابة لحد ٍ‬
‫التعرض لمحفّ ٍز ما (وغالبا ً ما تكون كلمةً أو صورة ً ثابتة)‪ ،‬يمكن لباحثي مقياس (‪ )ERP‬أن يعزلوا‬
‫ُّ‬
‫حفز ما‪ ،‬فمن خالل مقارنة احتماالت‬
‫سلسلة من مكونات الموجة الدماغية التي أثيرت من ِّقبل ُم ٍ‬
‫ت مختلفة‪ ،‬فيُمكن التوصل إلى استنتاجا ٍ‬
‫ت بشأن أنواعٍ مختلفة من‬ ‫المتعلقة باألحداث لمحفزا ٍ‬
‫االستجابات الواعية والالواعية مثل ‪:‬‬

‫‪ ‬إدراك الحداثة ومدى ألفة األشياء‬


‫‪ ‬توزيع االنتباه‬

‫‪296‬‬
‫‪ ‬المفاجأة (والتي سماها باحثو مقياس (‪ )ERP‬خر ٌ‬
‫ق في التوقعات)‬
‫‪ ‬التكافؤ واإلثارة العاطفية‬
‫‪ ‬وثاقة صلة المحفّزات الشخصية‬

‫ُ‬
‫حيث أنّه‬ ‫ي قد تم دراسته جيداً‪،‬‬
‫إن عنصر ‪ - P300‬على سبيل المثال ‪ -‬هو احتما ٌل إيجاب ٌّ‬
‫التعرض إلى مح ِّفّ ٍز ما‪ ،‬وهو مح ِّفّ ٌز‬
‫ُّ‬ ‫يحدث في حوالي ‪ 300‬جزءٍ من ألف من الثانية الواحدة بعد‬
‫حساس للتحوالت في االنتباه والحداثة‪ ،‬ويمكن استخدامها أيضا ً لقياس التحوالت في االنتباه على‬
‫ٌ‬
‫نح ٍو دقيق‪ ،‬والتي قد تحدث صراحةً (حين تصاحبها حركات جسدية أو في العين) أو ضمنا ً (حين‬
‫مقياس راس ٌخ لمعنى عدم التطابق وخرق التوقعات‬
‫ٌ‬ ‫تحدث في العقل فقط)‪ .‬وهناك عنصر ‪ N400‬وهو‬
‫(المفاجأة)‪ ،‬وهو احتما ٌل سلب ٌّ‬
‫ي يحدث بعد ‪ 400‬جزءٍ من ألفٍ من الثانية الواحدة‪ ،‬وذلك إذا ما كان‬
‫محفّزين اثنين غير متطابقين سواء أكان عدم التطابق هذا مع مغزاهما أو مع المعتقدات الشخصية أو‬
‫مع معرفة الشخص الذي تُجرى عليه التجربة‪ .‬يُمكن استخدام هذا العنصر الخاص بتقنية (‪ )ERP‬في‬
‫قياس االرتباطات الذهنية لعالم ٍة تجاري ٍة ما؛ أي على سبيل المثال‪ ،‬عندما تكون صفات عالم ٍة تجارية‬
‫عنصر ‪ N400‬بشك ٍل أكبر في‬
‫ِّ‬ ‫ما بالكا ِّد تتناسب مع اسم العالمة التجارية المعطى والذي يؤدي إلى‬
‫عنصر أخر من عناصر (‪ )ERP‬المعروفة وهو االحتمال اإليجابي الحديث (‪)LPP‬‬
‫ٌ‬ ‫الدماغ‪ .‬وهناك‬
‫والذي يحدث بعد ‪ 600‬جزءٍ من األلف في الثانية والذي يرتبط بالتكافؤ واألحكام العاطفية‪.‬‬

‫ين هما‪ :‬االتساع؛ وهو مقياس‬ ‫غالبا ً ما تُقاس االحتماالت المتعلقة باألحداث وفقا ً لمقيا ّ‬
‫س ِّ‬
‫لمغناطيسية تأثير االحتماالت المتعلقة باألحداث(‪ ،)ERP‬ومقياس الحداثة الذي يقيس الفترة الزمنية‬
‫قبل وبعد حدوث هذا التأثير‪ .‬وقد ت َّم دراسة (‪ )ERP‬لفترة طويلة من الزمن في بحوث اختصت‬
‫باالنتباه والعاطفة والذاكرة وعمليات معالجة اللغة وحقو ٍل أخرى‪ ،‬وهي مفيدة ٌ على نح ٍو خاص‬
‫لدراسة استجابات المستهلكين السلوكية للمنتجات والعالمات التجارية‪.‬‬

‫وصف الحالة الثابتة‬

‫إن مقياس تضاريس الحالة الثابتة في الدماغ (‪ )SST‬هو تنوع في تحليل الموجات الدماغية‬
‫المستخدمة في تقنية (‪ )EEG‬والتي قد وضَّحها عالم األعصاب ريتشارد سلبرستين ( ‪Richard‬‬

‫‪297‬‬
‫‪ )Silberstein‬في عام ‪ .1990‬أما اآلن‪ ،‬فإن هذه التقنية قد أُعطيت رخصة خا َّ‬
‫صةً لشركة التسويق‬
‫العصبي الخاصة بسلبرستين المسماة بشركة بنيرو إنسايت (‪ )Neuro Insight‬ذات الموقع‬
‫اإللكتروني التالي‪ .)www.neuroinsight.com( :‬تبدأ تقنية (‪ )SST‬بتقنية تخطيط كهربية الدماغ‬
‫ضيف عنصرا ً أخر عليها‪ ،‬فبينما يكون الشخص الذي يُجرى عليه‬
‫ُ‬ ‫(‪ )EEG‬المعيارية‪ ،‬ولكنها ت ُ‬
‫إعالن تجاري) ويتم تسجيل موجات دماغه بتقنية (‪ ،)EEG‬فتُبيَّن‬
‫ٍ‬ ‫التجربة يُشاهد محفزا ً ما (مثل‬
‫ومضة في نهاية حقل الشخص البصري‪ ،‬وتُثير هذه الومضة استجابةً لموجة‬
‫اإلشارة الباهتة ال ُم ِّ‬
‫دماغية تُسمى االحتمال ال ُمحفّز للحالة البصرية الثابتة (‪ )SSVEP‬والتي تُسبب في تولي ِّد دماغ‬
‫الشخص لموج ٍة دماغي ٍة مطابق ٍة على التردد نفسه‪ .‬وباستخدام الموجة الدماغية ال ُمحفّزةِّ هذه كنوعٍ من‬
‫خواص في إشارة (‪ )EEG‬من خالل مقارنة االختالفات‬
‫َّ‬ ‫أنواعِّ أسس التوقيت‪ ،‬فتد ُّل هذه الطريقة على‬
‫الزمنية بين اإلشارتين‪.‬‬

‫ووفقا ً لمعلومات شركة نيرو إنسايت (‪ ،)Neuro Insight‬يُمكن لتقنية (‪ )SST‬أن تُستخدم‬
‫في تحديد التغيُّرات اللحظية في عدد استجابات المستهلكين للمواد التسويقية بما في ذلك التغيُّرات في‬
‫تنشيط الذاكرة طويلة األمد (بكال جزئيها الضمني والواضح) واالنجذاب (أي الشعور باالرتباط‬
‫الشخصي بالمواد التسويقية) وحافزي االقتراب والتجنُّب ( سواء أكان المواد التسويقية التي تجذب أو‬
‫تُن ِّفّر الناظر إليها) باإلضافة إلى الحافز المثير للعاطفة واالنتباه البصري‪.‬‬

‫س ِّ ّجلت نقطةُ ضعفٍ في لتقنية (‪ )SST‬وهي أن بعض الناس يجدون الوميض مشتتا ً‬ ‫وقد ُ‬
‫لالنتباه‪ ،‬كما ويرون أن الخوذة المتط َلبة إلجراء االختبار غير مريح ٍة نوعا ً ما‪ .‬أما بالنسبة إلحدى‬
‫نقاط القوة الخاصة بهذه الطريقة بالمقارنة مع تقنية (‪ )EEG‬هو أن تمتلك مقاومة عالية لتدخالت‬
‫ص ِّل إلى نتائج ممتازة من حاالت التعرض لمحفزا ٍ‬
‫ت‬ ‫حركات العين والجسد وأن لديها القدرة على التو ُّ‬
‫ذهني ٍة في اختبار قياس اإلشارة الدماغية‪ ،‬كما وتُعدُّ تلك ميزة ً مهمةً عندما تتم محاولة التقاط اإلشارات‬
‫لمحفز يمتاز بالحداثة وعدم األلفة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الناتجة عن االستجابات لمحفّ ٍز مألوف مقابل االستجابات‬

‫‪298‬‬
‫تخطيط مغناطيسية الدماغ (‪)MEG‬‬

‫تعتبر تقنية تخطيط مغناطيسية الدماغ تقنيةً كهربائية أخرى تماثل تقنية تخطيط كهربية‬ ‫ُ‬
‫سعية‪ ،‬كما أنها توفّر حالً مؤقتا ً ممتازا ً (في نطاق أجزاءٍ من‬
‫الدماغ (‪ )EEG‬في أنها تقنية غير تو ُّ‬
‫الثواني)‪ ،‬ويُمكن استخدامها أيضا ً لقياس النشاط العصبي باستمرار‪.‬‬

‫تعتمد تقنية (‪ - )MGE‬كما هو األمر في تقنية (‪ - )EEG‬على النشاط المترابط لعدة خاليا‬
‫عصبية والتي تُنتج حقوالً مغناطيسيةً يُمكن رصدها خارج الرأس وذلك باإلضافةً إلى إنتاجها‬
‫لإلشارات الكهربائية‪ .‬وتُعد قوة الحقول المغناطيسية هذه ضئيلةٌ جداً؛ أي ما عادة ً ما تُقد ُّر بقرابة جزءا ً‬
‫بالمليار من الحقل المغناطيسي لكوكب األرض‪ .‬إن األداة الوحيدة التي تتطلب حساسيةً لقياس هذه‬
‫الحقول هو جهاز تداخل الكميات فائقة التوصيل المغناطيسي (‪ .)SQUID‬فمقارنةً مع تقنية‬
‫(‪ ،)EEG‬توفر تقنية (‪ )MEG‬كفاءة عالية لإلشارة الملتقطة وحالً زمنيا ً ممتازاً‪.‬‬

‫إال أن ال ُمحدد الرئيس لتقنية (‪ )MEG‬هو أنها أكثر تكلفة وذات معدات معقدة‪ ،‬فأجهزة تقنية‬
‫(‪ )MEG‬هي أعلى تكلفةً من ُمعدات تقنية (‪)EEG‬؛ وذلك ألنها تتطلب القيام بعمليا ٍ‬
‫ت ضمن درجات‬
‫ُ‬
‫حيث أنها تستخدم النيتروجين السائل لتحقيق هذه الدرجات‬ ‫حرارة قد تصل إلى الصفر األقصى‪،‬‬
‫جهاز فيها‪ .‬ونتيج ٍة لذلك‪ ،‬فلم‬
‫ٍ‬ ‫الحرارية المتدنية؛ لذلك فهي تتطلب بنية معقدة و باهضة الثمن لدعم ك ِّّل‬
‫يتم اختيار هذه التقنية من قِّبل أي شركة تسويق عصبي تجارية‪.‬‬

‫وضع التقنيات المناسبة في مكانها المناسب‬


‫تُعدُّ التقنيات الحديثة جزءا ً مهما ً في عالم التسويق العصبي الحديث‪ ،‬لكنها ليست أهم جزءٍ‬
‫فيه‪ .‬فقد تُسيء شركات التسويق العصبي لعمالئها إذا ما كانت ت ُ‬
‫صبُّ تركيزها على المسائل التقنية‬
‫على حساب المسائل التجارية في عالقاتها وتعامالتها التسويقية والخاصة بالمبيعات‪ .‬فعلى سبيل‬
‫أمر مشابهٌ‬
‫ضل الشركات المستخدِّمة لتقنية (‪ )fMRI‬القول أن استخدام تقنية (‪ )EEG‬هو ٌ‬
‫المثال‪ ،‬تف ِّ ّ‬
‫لمتابعة مباراة كرة قدم من خارج الملعب‪ ،‬فتجيب عليهم الشركات المستخدمة لتقنية (‪ )EEG‬بأن‬
‫اتباع تقنية (‪ )fMRI‬هو كالتقاط صورةٍ لملعب كرة القدم التي تجري فيه المباراة بعد انتهاءها‪ .‬إن‬
‫كال المقولتين تُعتبران صحيحتين (وذكيتين نوعا ً ما)‪ ،‬إال أنهما تبالغان في بيان محدودية هاتين‬
‫‪299‬‬
‫الن إلى نتائج ومنظورا ٍ‬
‫ت رائعة فيما يتعلق بالدماغ وتدعمان آالف الباحثين‬ ‫ص ِّ‬‫التقنيتين‪ ،‬وكالهما تتو ّ‬
‫النشطين عبر العالم‪.‬‬

‫المسوقون هذه االختالفات نقاطا ً مهمةً في المبيعات‪ ،‬فهم يرونها كالفتات‬


‫ّ‬ ‫عتبر‬
‫ال َي ُ‬
‫ت تجارية نفسها من‬‫"ممنوع التدخين" التي ال يُكترث لها أحياناً‪ .‬فهم يودُّون أن تميّز شركا ٍ‬
‫خالل ما االستفسارات التسويقية التي تستطيع اإلجابة عنها‪ ،‬وهل هي جديرة بأن يُدفع المال‬
‫تلقاء هذه اإلجابات‪.‬‬

‫أمور هي‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫تكمن القيمة األكثر أهمية في التسويق العصبي في طليعة الوظيفة التي تؤديها ثالثة‬

‫‪ ‬طر ُ‬
‫ح االستفسار التجاري الصحيح‪ :‬أي تحديد المخرجات التسويقية المراد قياسها‪.‬‬
‫التعرف على استجابة المستهلك الصحيحة لقياسها‪ :‬أي تلبية الحاجة إلى المعرفة باستخدام‬
‫ُّ‬ ‫‪‬‬
‫المقاييس الصحيحة لذلك‪.‬‬
‫‪ ‬تصميم النوع الصحيح من االختبارات لإلجابة على ذلك االستفسار‪ :‬أي تصميم الدراسة‬
‫الميدانية أو التجريبية المناسبة التي تقوم بالمقارنات الصحيحة والتي تستخدم التوجيهات‬
‫الصحيحة وتجمع البيانات الصحيحة وتطبّق االختبارات اإلحصائية الصحيحة لإلجابة على‬
‫بقدر عا ٍل من الثقة‪ ،‬والتي يُمكن أن تُستخدم التخاذ أفضل القرارات التجارية‬
‫هذا االستفسار ٍ‬
‫المبنية على ما تم تعلُّمه ومعرفته‪.‬‬
‫عتبرعمليات القياس المجراة على الدماغ التي تسعى ببساطة إلى قياس الدماغ كافيةً‬
‫ال ت ُ ُ‬
‫لتبرير استخدام طرق البحث الجديدة الخاصة بالتسويق العصبي‪ .‬يكمن العنصر المذهل في‬
‫تقنيات بحوث الدماغ التي انتهت منذ زمن طويل‪ ،‬فإن "ما يفعله دماغك" عند مشاهدتك أو‬
‫أمر عديم المعنى وذلك دون أن يكون هناك عالقة بالقرار أو السلوك أو‬
‫تجربتك لمنتجٍ ما هو ٌ‬
‫كليهما على وجه التفضيل‪.‬‬

‫صل إلى نهاي ٍة أو نتيج ٍة ما‪ ،‬حيث يمنحنا النموذج الجديد الخاص‬
‫إنما التقنيات هي وسائ َل للتو ُّ‬
‫بالمستهلك اإلدراكي الذي قدمناه في الفصل (‪ )2‬المزيد من األسئلة لنطرحها ونسعى لإلجاب ِّة عنها‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫ويعطينا التسويق العصبي الكثير من التقنيات الحديثة لإلجابة على هذه األسئلة واالستفسارات‪ ،‬فمن‬
‫خالل جمع االستفسارات واألسئلة مع هذه التقنيات فقط لتوفير إجابا ٍ‬
‫ت لها لتؤثر في السوق‪ ،‬عندها‬
‫سوف يقوم التسويق العصبي بتبرير وجودها في أدوات بحوث السوق‪.‬‬

‫وإذا ما استخدمتَ مبادئ ومنظورات التسويق العصبي لتطرح األسئلة الصحيحة وتُص ِّ ّم َم‬
‫االختبار الصحيح‪ ،‬عندها يُمكنك في بعض األحيان أن تجد اإلجابة التي تبحث عنها دون الحاجة إلى‬
‫تطبيق أكثر التقنيات تقدما ً (وتكلفةً) التي بيَّناها في هذا الفصل‪ .‬فيمكنك في أحيانا ً أن تالحظ سلوك‬
‫ت أقل تطورا ً لتقوم بتحديد ما يجري في ذهن المستهلكين‪ ،‬ولماذا‬
‫المستهلكين أو أن تستخدم اختبارا ٍ‬
‫يتصرفون على شاكل ٍة معينة‪ ،‬وما هي المضامين التي يتملكها هذا األمر فيما يخص عمليات تسويقك‬
‫وإعالناتك وتصاميم منتجاتك تنسيق متجرك وهل َّم جراً‪ .‬وسنغطي هذه التقنيات اإلضافية في الفصل‬
‫التالي‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫الفصل السابع عشر‬

‫التسويق العصبي والميزانية‪:‬‬

‫ق غير مكلفة ت ُ ِ ّ‬
‫عرفك‬ ‫طر ٌ‬
‫بمستهلكي منتجاتك‬

‫سنناقش في هذا الجزء ما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬كيفية تجهيز وإلجراء دراسات أزمنة االستجابات السلوكية‪.‬‬


‫‪ ‬استخدام الخدمات اإللكترونية و" التلعيب " الختبار المواد التسويقية دون التكبُّد بتكلفة زائدة‪.‬‬
‫تجارب سلوكي ٍة ذاتي ٍة يقوم بها الشخص نفسه‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ ‬إجراء‬
‫‪ ‬شرح كيفية مقايضة التكاليف والفوائد ألنواعٍ مختلف ٍة من دراسات التسويق العصبي‪.‬‬

‫تتطلب جميع دراسات التسويق العصبي أجهزة ً متقدمةً وحديثةً وال إلى فريق من حملة‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫صل إلى نظرةٍ عن كثب على ذهن المستهلك‪ .‬فإننا سنقوم في هذا الفصل بإلقاء‬
‫درجة الدكتوراه للتو ُّ‬
‫تفويض من الشريك الذي تتواصل‬
‫ٍ‬ ‫نظرة على خيارات ذات تكلفة أقل ويُمكنك تطبيقها بنفسك‪ ،‬أو على‬
‫معه على اإلنترنت‪ ،‬أو إجراء دراساتك بمساعدة خبير في التسويق العصبي‪.‬‬

‫سل‬
‫وسنبدأ حديثنا في هذا الجزء بدراسات أزمن ِّة االستجابات السلوكية‪ ،‬وهي طريقة بسيطة يَ ُ‬
‫صل إلى نتائج دقيقة فيما يتعلّق باالرتباطات الالواعية‬
‫تجهيزها والتسجيل فيها وتفسيرها‪ ،‬وتؤدي للتو ُّ‬
‫‪302‬‬
‫للمنتجات والعالمات التجارية‪ .‬ث ُّم سندرس بعض األدوات والطرق اإللكترونية التي تتَّبع الطرق‬
‫مقتصرة على وجودها في المختبر فقط أو التي ال تُعدُّ طرقا ً عملية‪ ،‬ثم تجعلها متوفرة كخدم ٍة مالئم ٍة‬
‫على اإلنترنت‪ ،‬متضمنةً تقني ِّة تتّبع العين وتحليل تعابير الوجه وتوقّعات السوق عندما يكون المستهلك‬
‫متصل باإلنترنت‪.‬‬

‫ق غير مكلفة تُمكنك من إجراء تجارب سلوكية في ك ٍّل من‬


‫بعدها سنقوم بإلقاء نظرةٍ على طر ٍ‬
‫المتجر أو على شبكة اإلنترنت‪ .‬واستخدام مبادئ االقتصاديات السلوكية‪ ،‬يُمكن للتجارب البسيط أن‬
‫تكتشف فرصا ً جديدةً‪ ،‬كما وتستطيع التنبؤ بتأثير المبيعات واستراتيجيات اختيار المنتجات‪ .‬وفي‬
‫سنتعرف على المشكلة العامة في موازنة التكاليف والفوائد العائدة وذلك عندما‬
‫ّ‬ ‫الخطوة األخير‪ ،‬فإننا‬
‫نُقارن طرق التسويق العصبي المختلفة‪ ،‬وسنقترح بعض التوجيهات التخاذ الخيار الصائب عندما‬
‫نقارن بين الخيارات األكثر واألقل تكلفة‪.‬‬

‫إجراء دراسات أزمنة االستجابة‬


‫ال تتطلب دراسات أزمنة االستجابات السلوكية أيّة أجهزة حساسة أو مختبرات متخصصة أو‬
‫أجهزةٍ لتحليل البيانات المعقدة‪ ،‬إال أنها تكشف عن القليل من المعلومات بشأن كيفية ارتباط المعرفة‬
‫والمفاهيم مع بعضها في عقل المستهلك‪.‬‬

‫رؤية المنطق في دراسات أزمنة االستجابة‬


‫‪،‬حيث أننا سنُناقشها مطوالً في هذا‬
‫ُ‬ ‫خواص الذهنية اآللية‬
‫َّ‬ ‫تُبنى دراسات أزمنة االستجابة على‬
‫الكتاب؛ أي االستحضار الذهني‪ .‬إن كل شيءٍ نخب ُُره ونتعرض له بما في ذلك أفكارنا الداخلية وما‬
‫يحدث في العالم الخارجي من حولنا يتم معالجته داخل عقولنا كنوعٍ من المتنبئات‪ .‬وكجزء من عملية‬
‫تفسير كل نتيجة من ال ُمخرجات‪ ،‬فإن الدماغ يطرح سؤال التالي‪ " :‬ماذا بعد؟ " من خالل عملية‬
‫تُسمى بالتنشيط االرتباطي والذي يعني األفكار والمفاهيم المرتبطة ذات قابلية أكثر للوصول إليها‪،‬‬
‫بتفكير واعٍ وبسرع ٍة أكبر إذا ما تطلب األمر ذلك‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫لكي يُمكن أن يُفكر فيها‬

‫‪303‬‬
‫تستفيد دراسات أزمنة االستجابة مما يمتلكه االستحضار الذهني فاألشياء التي ترتبط في‬
‫أمور أخرى قد َخبُرنها تصبح متاحة‪ ،‬لذا فإن قياس الفترة الزمنية المتطلَّبة للوصول إلى‬
‫ٍ‬ ‫الذاكرة مع‬
‫مؤشر على كيفية ارتباطها مع بعضها‪ .‬فإذا تم عرض عنصرين ( كالصور أو‬ ‫ٌ‬ ‫هذه الذكريات هو‬
‫لشخص ما أداء مه ّمة سلوكية وفقا ً للعنصر الثاني (مثل الضغط على‬
‫ٍ‬ ‫الكلمات) على التوالي وأُو ِّكل‬
‫زر ما)‪ ،‬فإنها ستؤدي تلك المهمة بشك ٍل أسرع وأدق‪ ،‬سيُصبح هذين العنصرين أكثر ارتباطا ً في عقل‬
‫ٍ‬
‫هذا الشخص‪ .‬ويُسمى العنصر األول بال ُمستحضر الذهني أما العنصر الثاني فيًسمى بالعنصر الهدف‪.‬‬

‫للمسوقين وهي ‪:‬‬


‫ّ ِّ‬ ‫توفر دراسات أزمنة االستجابة ثالثة منظورا ٍ‬
‫ت ق ِّيّمة‬

‫حيث أنه كان ما المعنى ال ُمستهدَف مرتبطا ً بمعنى‬


‫ُ‬ ‫‪ ‬دراسات االستحضار الذهني الداللي‪:‬‬
‫ال ُمستحضر الذهني‪ ،‬فإنه سيتم معالجته العنصر الهدف ذهنيا ً بشك ٍل أسرع وأدق‪ .‬وعلى سبيل‬
‫المثال‪ ،‬إذا ما ربطت عالمة أبل (‪ )Apple‬التجارية بفكرة اإلبداع أكثر من فكرة الموثوقية‪،‬‬
‫لعنصر ينتمي لشركة أبل‪ ،‬عندها سيتمكن عقلك من‬
‫ٍ‬ ‫فإنك وبعد رؤيتك المستحضر الذهني‬
‫معالجة الكلمة المستهدفة " اإلبداع " أسرع من كلمة " الموثوقية "‪( .‬يكون الفاصل بين‬
‫الكلمتين أقل من نصف ثانية عموما ً ‪ ،‬ويكون معدل الفرق بين أزمنة االستجابة بين الكلمتين‬
‫من ‪ 50‬إلى ‪ 150‬جزءا ً من ألف جزءٍ من الثانية‪.‬‬
‫‪ ‬دراسات االستحضار التأثيري‪ :‬فإذا كان التكافؤ العاطفي (سوا ًء أكان إيجابيا ً أو سلبياً)‬
‫للعنصر ال ُمستهدَف في االتجاه ذاته للمستحضر الذهني‪ ،‬عندها يُمكن معالجة العنصر الهدف‬
‫بشعور إيجابي بشأن عالمة أبل‬
‫ٍ‬ ‫بشك ٍل أسرع وأدق‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ْ ،‬‬
‫إن كنت تشعر‬
‫لعنصر ينتمي إلى شركة أبل‪ ،‬فستكون‬
‫ٍ‬ ‫(‪ )Apple‬التجارية‪ ،‬فعند رؤيتك المستحضر الذهني‬
‫قادرا ً على تصنيف كلمة شروق الشمس على أنها كلمة إيجابية وذلك بشك ٍل أسرع من‬
‫تصنيفك لكلمة الرعب على أنها كلمة سلبية‪.‬‬
‫‪ ‬اختبار االرتباط الذهني الضمني (‪َ :)IAT‬يستخدم هذا االختبار االستحضار الذهني التأثيري‬
‫بطريق ٍة أكثر تعقيداً‪ ،‬فبدالً من أن يُص ِّنّف العناصر المستهدفة المنفردة بعد رؤية‬
‫ال ُمستحضرات الذهنية على حدى‪ ،‬فهو يُصنفها كلها مع بعضها‪ ، .‬ففي اختبار الترابطات‬
‫الذهنية بين عالمتي كوكاكوال وبيبسي التجاريتين مثالً ‪ ،‬سيصنف العناصر ال ُمستهدَفة التي‬
‫إما أن تكون الصور المرتبطة بعالمتي الكوكاكوال والبيبسي أو الكلمات اإليجابية والسلبية‬
‫في فئتين الكوكاكوال والفكرة اإليجابية وفئة البيبسي والفكرة السلبية كجزءٍ من االختبار (مع‬

‫‪304‬‬
‫العلم أن هنالك عدة أجزاء فيه)‪ .‬فإذا كان لديك ارتباطا ً ذهنيا ً إيجابيا ً أقوى مع علمة‬
‫الكوكاكوال التجارية‪ ،‬عندها ستكون قادرا ً على نسب صور هذه العالمة التجارية مع الكلمات‬
‫اإليجابية لفئة الكوكاكوال والفكرة اإليجابية‪(.‬وهنالك المزيد من األمثلة على اختبار االرتباط‬
‫موقع‪:‬‬ ‫على‬ ‫باالطالع‬ ‫وننصحك‬ ‫(‪.)IAT‬‬ ‫الذهني‬
‫(‪ )http://implicit.harvard.edu/implicit‬للحصول على شرحٍ كام ٍل عن (‪)IAT‬‬
‫وتجربته بنفسك‪.‬‬
‫ك ُّل تلك االختبارات ُمصم ّمةٌ لقياس االرتباطات الذهنية الضمنية أو التلقائية‪ ،‬وليس خيارات‬
‫المأخوذة بعين االعتبار في الالوعي‪ ،‬لذا فهي مفيدة ً على نح ٍو أخص عندما نفترض بأن مسألة طرح‬
‫تشوه من النتائج‪.‬‬ ‫األسئلة مباشرة ً قد تكون مسألة ّ‬
‫معرضة النحرافات االستجابات السلوكية التي قد ّ‬

‫لقد ناقشنا في الفصلين (‪ )5‬و(‪ )7‬الفرق بين االستحضار الذهني االرتباطي واالستحضار‬
‫الذهني التحفيزي‪ ،‬فاالستحضار الذهني االرتباطي يُن ّ‬
‫شِّط االرتباطات الذهنية بينما يُنشِّط‬
‫االستحضار الذهني التحفيزي األهداف الذهنية الواعية والالواعية والتي تؤدي إلى السلوك‬
‫الساعي لتحقيق هذه األهداف وذلك كما ُ‬
‫ش ِّرح في الفصل (‪ .)7‬وعندما يتم استخدام االستحضار‬
‫الذهني الداللي واالستحضار الذهني التأثيري في دراسات أزمنة االستجابات السلوكية‪ ،‬فنحن نرفع‬
‫من خواصها المتعلقة باالستحضار الذهني االرتباطي‪ .‬وبالرغم من كون المسوقين بشك ٍل عا ٍ ّم مهتمين‬
‫أكثر بتفعيل االستحضار التحفيزي في عمليات التسويق الواقعية‪ ،‬فإن تأثيرات أزمنة االستجابة‬
‫لالستحضار الذهني االرتباطي هو ما يتم استخدامه في هذه األساليب‪.‬‬

‫قياس االنطباعات الضمنية تجاه عالمة تجاري ٍة‬

‫ما باستخدام دراسات أزمنة االستجابة‬


‫ق واسعٍ لدراسة االنطباعات الضمنية تجاه عالمة‬‫استُخدمت اختبارات (‪ )IAT‬على نطا ٍ‬
‫تجارية معينة وقد توصلت إلى أنها تؤدي لنتائج مشابهة الختبارات االنطباعات الظاهرة للمواضيع‬
‫التي ال تُثير الجدل‪ ،‬إال أن الموضوع األكثر أهمية هنا هو أنه يُمكن الختبارات (‪ )IAT‬أن توفر‬

‫‪305‬‬
‫للتصرفات التي قد يمانعون الكشف للمقابالت الشخصية واالستبيانات عن آرائهم‬
‫ُّ‬ ‫ت أكثر دقّةً‬
‫قراءا ٍ‬
‫ت تجاري ٍة معينة والتي ترتبط بإغراءاها لهم أو تُحفّزهم على االندفاع نحوها أو التساهل‬
‫بشأن عالما ٍ‬
‫عند شراءها‪.‬‬

‫إن اختبارات (‪ )IAT‬هي مفيدة خاصةً عند المقارنة بين عالمتين تجاريتين واللتان تكونان‬
‫التصرف أو السلوك في‬
‫ُّ‬ ‫في العادة بدائل أو مناظرة لبعضها البعض؛ وذلك ألنها تقيس مدى قوة‬
‫المعنى النسبي ال المطلق‪ .‬وهناك أيضا ً أنواع من اختبارات (‪ )IAT‬والتي تستطيع قياس االستجابات‬
‫السلوكية تجاه عالمة تجارية معينة فيما إذا لم يكن هنالك بديل أو عالمة تجارية مناظر ٍة لها‪.‬‬

‫ونستعرض هنا بعض اختبارات (‪ )IAT‬لدراسات سلوك المستهلك والعالمة التجارية التي‬
‫تؤدي إلى نتائج مثيرةٍ لالهتمام وهذه األمثلة كما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬توصلت دراسة للـ(‪ )IAT‬عن تفضيل واستهالك األطعمة ذات السعرات الحرارية المرتفعة‬
‫والمنخفضة إلى أن االنطباعات الظاهرة والضمنية قد تتطابقت فقط عند حالة األطعمة ذات‬
‫السعرات الحرارية المنخفضة‪ ،‬بينما في حالة األطعمة ذات السعرات الحرارية المرتفعة كان‬
‫ُ‬
‫حيث أنه تنبأ باالستهالك الفعلي لهذه األطعمة بشك ٍل أفضل‪.‬‬ ‫االنطباع الضمني أكثر إيجابيةً‪،‬‬
‫‪ ‬وقد وجدت دراسة خاصة بالـ(‪ )IAT‬عن االنطباعات تجاه متاجر األلبسة المشهورة بأن‬
‫االنطباعات الضمنية لم تتطابق مع االنطباعات الظاهرة‪ ،‬لكنها كانت قادرة على التنبؤ بنوايا‬
‫الشراء عند المستهلكين أكثر من االنطباعات المتضمنة‪.‬‬
‫‪ ‬وفي دراس ٍة أجريت على استخدام أصوات المشاهير في اإلعالنات التجارية‪،‬وجد الباحثون‬
‫أنه عندما يقوم المشاركون في الدراسة بتقييم –علنا ً‪ -‬اإلعالنات المفضلة لديهم والتي يتحدث‬
‫فيها المشاهير عن المنتج‪ ،‬فإنهم يقللون من تأثير الشخصية المشهورة في تقيمهم‪ ،‬لكن عندما‬
‫يتم قياس هذه الحالة باستخدام اختبار االرتباط الذهني الضمني (‪ ،)IAT‬فإن انطباعاتهم‬
‫الضمنية تجاه هذا اإلعالن التجاري قد أثر عليه وعلى نح ٍو كبير انطباعهم نحو هذه‬
‫الشخصية المشهورة‪.‬‬
‫‪ ‬عند المقارنة بين مستخدمي الحواسيب األخرى ومستخدمي حواسيب من عالمة (‪)MAC‬‬
‫التجارية‪ ،‬كانت نتائج اختبارات (‪ )IAT‬متناسقة مع نتائج االستبيانات التي تقيس االنطباعات‬
‫الظاهرة واالستخدام والملكية‪ ،‬إال أن نتائج اختبارات (‪ )IAT‬أظهرت اختالفا ٍ‬
‫ت أكبر في‬

‫‪306‬‬
‫أزمنة االستجابة السلوكية فيما يخص عالمة (‪ )MAC‬التجارية وهي نتيجة لم تظهر في‬
‫المقاييس العلنية‪.‬‬
‫يُعدُّ تجهيز وتوظيف اختبارات (‪ )IAT‬أمرا ً بسي ٌ‬
‫طا ً نسبياً‪ ،‬وذلك إذا ما كنت تستخدم شريكا ً‬
‫أو قالبا ً إلكترونيا ً عن طريق اإلنترنت للبدء بتلك االختبارات‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬هناك شركة تُسمى‬
‫بشركة ميليسكند (‪ )Millisecond‬للبرمجيات (‪ )www.millisecond.com‬لديها أداة خاصة‬
‫باإلنترنت تُسمى باإلنكويست (‪ )Inquisitors‬والذي يُمكن استخدامه لتصميم اختبارات (‪)IAT‬‬
‫وعدة أنواع من اختبارات أزمنة االستجابة السلوكية وتش ِّغّيلها عندما يكون المشاركين متصلين بشبكة‬
‫اإلنترنت‪ .‬وتوفر الشركة نصوصا ً يمكن تنزيلها من اإلنترنت وتعديلها وتخصيصها وفقا ً للمعلومات‬
‫الخاصة بعالم ٍة تجاري ٍة معين ٍة يُفضلها المستهلك المشارك بهذا االختبار‪ .‬كما وتوفر الشركة أيضا ً‬
‫توجيها ٍ‬
‫ت في كيفية تحليل البيانات ال ُمخرجة في برنامج المجدول بُغية التوصل إلى نتائج‪.‬‬

‫إن السبب الذي دفعنا إلى تأليف هذا الكتاب هو توفير مرجع عا ّم للتسويق العصبي‪،‬‬
‫ت معينة أو أن نوفر معلوما ٍ‬
‫ت للوصول‬ ‫وليس للمقارنة بين شركاته‪ .‬لذا فإننا نتجنب ذكر شركا ٍ‬
‫إليها على األغلب‪ .‬إال أنه سيكون هذا الجزء هناك استثناء يخرق هذا المبدأ؛ ألننا نريد عرض بعض‬
‫عليكم أمثلةً على الحلول التي نشرحها لكم‪ ،‬وألننا أيضا ً نريد إعطائكم نقطة بداية الستكشافا ٍ‬
‫ت‬
‫ت مستقبلية قد تقوموا بها الحقاً‪ .‬ولذلك وحيثما يكون األمر مناسباً‪ ،‬سنقوم بذكر أمثلة عن‬
‫ودراسا ٍ‬
‫ت معينة وفقا ً لمنهجية محددة تُستخدم في مثل هذه الدراسات؛ وهذا لدواعٍ توضيحية فقط‪ ،‬وليس‬
‫شركا ٍ‬
‫ألننا نؤيد أيّة شرك ٍة يتم ذكرها‪ ،‬أو أننا ننفي وجود شركا ٍ‬
‫ت مؤهلة أخرى يمكن أن توفر الخدمة ذاتها‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫قياس االرتباطات الذهنية العاطفية والداللية‬

‫باستخدام دراسات أزمنة االستجابة السلوكية‬


‫ت َستخدم الدراسات القائمة على االستحضار الذهني الداللي أزمنة االستجابة السلوكية لقياس‬
‫قوة االرتباطات الذهنية بين الكلمات والمفاهيم والصور‪ .‬ويُعدُّ إعداد دراسات االستحضار الذهني‬
‫حيث يعرض التصميم األساسي سلسلةً من أزواجٍ من‬
‫ُ‬ ‫الداللي أسهل من إعداد اختبارات (‪،)IAT‬‬
‫المستحضر الذهني والعنصر المستهدف) بفاصل زمني قصير بينها‪ ،‬وتوكل‬
‫ِّ‬ ‫الكلمات أو الصور (أي‬
‫المشارك في الدراسة مهمة سلوكية تتعلق باالنتباه ليقوم ببعض االستجابات‪َّ .‬‬
‫إن إحدى أكثر المهمات‬
‫السلوكية شيوعا ً هو الضغط على ٍ‬
‫زر واح ٍد إذا ما كان الكلمة المستهدفة هي كلمة واقعية (مثل طاولة‬
‫أو لحاف) أو أن يُعطى زرا ً آخر إذا ما كانت الكلمة زائفة (مثل طاولة أو لحاف)‪ .‬وهذا يجعل‬
‫منحاز لألزواج‬
‫ٍ‬ ‫المشارك يقرأ كل كلم ٍة ليقوم باالختيار فيما بينها‪ ،‬مما يمنحك زمنَ استجاب ٍة غير‬
‫الكلمات التي تهتم بشأنها‪.‬‬

‫وتحتوي دراسات االستحضار الذهني الداللي في العادة على ‪ 100‬إلى ‪ 200‬زوج من‬
‫ت زائفة مستهدفة تبقي المشارك منتبهاً‪ .‬أما لبقية أزواج الكلمات‪،‬‬
‫الكلمات‪ ،‬تتضمن ‪ %25‬منها كلما ٍ‬
‫فإن على المستهلك تزويد الباحث بالكلمات والصور التي تُم ِّث ّل االرتباطات الذهنية التي يهتم الباحث‬
‫بشأنها في االختبار‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬إذا أردت أن تختبر االرتباطات الذهنية بين خمسة منتجا ٍ‬
‫ت‬
‫منافسة لبعضها البعض مع خمس صفا ٍ‬
‫ت للمنتجات‪ ،‬عندها تستطيع أن تقوم بصنع نص مكون من كل‬
‫منتجٍ مع صفة معينةٍ‪ ،‬ث َّم يُقترنان مع بعضهما عدة مرات (وكقاعدةٍ عام ٍة تقوم عليها هذه التجارب‪ ،‬أن‬
‫ت وذلك لتسهيل بيان االختالفات في االستجابة السلوكية لك ٍّل منها)‪،‬‬
‫خطط لتكرار كل زوجٍ خمس مرا ٍ‬
‫ف زوجا ً ذا كلما ٍ‬
‫ت زائفة‪ ،‬ثم ق ْم ببعثرة ترتيب أزواج الكلمات والصور مع بعضها وح ِّ ّمل‬ ‫ض ْ‬
‫ثم ِّ‬
‫العنصر المح ِّفّز للسلوك في النص باستخدام أداة مثل أداة اإلنكويست (‪( )Inquisit‬اطلع على القسم‬
‫خاص بقياس أزمنة االستجابة‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫السابق) أو برنامجٍ آخر‬

‫هنالك عنصرين رئيسيين يضمنان الحصول على استجابة لعملية االستحضار الذهني ذات‬
‫معنى؛ وهما طول الفترة الزمنية لكل كلم ٍة تظهر على الشاشة وطول الفترة الفاصلة فيما بين ظهور‬
‫ً‬
‫ستحضر الذهني والعنصر المستهدف باالستحضار الذهني‪ .‬فلقياس زمن ال ُمتعارف عليه عند‬
‫ِّ‬ ‫ال ُم‬

‫‪308‬‬
‫عشرين إلى خمسة‬
‫التعرض لمثل تلك العناصر هو من ‪ 200‬إلى ‪ 500‬جزء من ألف من الثاني (أي ُ‬
‫لقياس أكثر صحةً لنقطة التوقف الطارئة هو ما بين ‪ 100‬إلى ‪ 200‬جزءا ً‬
‫ٍ‬ ‫أعشر الثانية)‪ .‬أما بالنسبة‬
‫باأللف من الثانية؛ فالتفعيالت المرتبطة فيها تكون أقوى في هذا اإلطار الزمني والتي بعدئ ٍذ تضمحل‬
‫بسرعة‪.‬‬

‫استُخدمت دراسات االستحضار الذهني الداللي الختبار االرتباطات الذهني الضمنية ألنواعٍ‬
‫مختلف ٍة من المنتجات‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ألقت إحدى الدراسات نظرة على كيفية ارتباط المفاهيم‬
‫المتعارف عليها عالميا ً مع كلمتي كوك (‪ )Coke‬وماء في عقل المستهلك‪ .‬وتو َّ‬
‫صل العلماء إلى أن‬
‫كلمتي الطبيعة والغموض تمتلكان اختالفا ٍ‬
‫ت أكبر في أزمنة االستجابة لها عندما يتم استحضارها‬
‫دالليا ً عن طريق كلمة كوك (‪ )Coke‬حيث أنها كلمة طبيعة ترتبط بشك ٍل أكبر بكلمة كوك عند الرجال‬
‫أما كلمة غموض ترتبط على نح ٍو كبير بكلمة كوك عند النساء‪.‬‬

‫يُمكنها القدرة على سبر وتف ُّحص االرتباطات الداللية الضمنية في عقول الناس المساعدة من‬
‫خالل طريقتين‪ :‬أولها أنها تُساعد في اكتشاف ارتباطا ٍ‬
‫ت ذهني ٍة جديدة ذات الصلة بمنتجاتهم‬
‫ُعرف بأنها موجودة ٌ في األصل‪ ،‬وثانياً؛ فهي تُساعد في مراقبة مدى‬
‫وعالماتهم التجارية التي قد ال ي ُ‬
‫كون االرتباطات التي يحاول الناس توصيلها مبنية ومدعومة جيدا ً في العقول المستهلكين‪.‬‬

‫أما في االستحضار الذهني التأثيري‪ ،‬تكون االستجابة العاطفية الالإرادية لل ُمستحضر الذهني‬
‫مستنتجة من خالل سرعة تصنيف الكلمة المستهدفة من االستحضار كنقطة إيجابية أو سلبية عاطفياً‪.‬‬
‫معنى إيجابي أو سلبي غير واضح (فعلى سبيل المثال‪ ،‬كلما ٍ‬
‫ت‬ ‫ً‬ ‫وتُختار الكلمات المستهدفة لتكون ذات‬
‫مثل الروعة أو االبتسامة أو الحزن أو الشقاء)‪ ،‬لذا تُعدُّ هذه المهمة سهلة وبسيطة‪ .‬إن الغاية وراء هذه‬
‫المهمة هي رؤية المدة التي تتطلبها قرارات التصنيف السهلة هذه بالنظر إلى ال ُمستحضر الذهني‬
‫شط ال ُمستحضر الذهني ارتباطا ً عاطفيا ً إيجابياً‪ ،‬فستُصنَّف الكلمات اإليجابية‬
‫الذي يسبقها‪ .‬فإذا نَ َّ‬
‫المستهدفة باالستحضار بشك ٍل أسرع من الكلمات السلبية المستهدفة والعكس صحيح إذا ما كان‬
‫شِّط ارتباطا ً عاطفيا ً سلبياً‪.‬‬
‫ال ُمستحضر الذهني يُن ّ‬

‫تُص ّمم دراسات االستحضار الذهني التأثيري على غرار دراسات االستحضار الذهني‬
‫ي‪ ،‬ويَتم معايرة مرات‬
‫عرض بشك ٍل عشوائ ّ‬
‫ُ‬ ‫الداللي‪ ،‬فيتم وضع الكلمات على شك ٍل زوجي ث ُ َّم ت ُ‬
‫ستحضرة والكلمة المستهدفة باالستحضار‬
‫ِّ‬ ‫التعرض إلى هذه الكلمات والفترات المتخللة بين الكلمة ال ُم‬
‫ُ‬

‫‪309‬‬
‫(حيث تُعدُّ فترة ‪ 100‬جزءٍ باأللفة في الثانية األفضل لعملية االستحضار الذهني العاطفي)‪ ،‬ثُم‬
‫ُ‬ ‫الذهني‬
‫يتم عرض من ‪ 100‬إلى ‪ 200‬تجربة في هذه العملية‪ .‬وبالنسبة لعملية االستحضار الذهني التأثيري‪،‬‬
‫عرض عشر‬
‫ُ‬ ‫تودُ التأ ّكد من أن ك َّل واحدةٍ منها ت ُ‬
‫ستحضرات الذهنية‪ ،‬وقد َّ‬
‫ِّ‬ ‫فإنك تمتلك العدد نفسه من ال ُم‬
‫ستحضرات‬
‫ِّ‬ ‫ت مستهدف ٍة إيجابي ٍة وسلبيةٍ‪ .‬إنها لفكرة ٌ جيدة ٌ بأن يتم تضمين ال ُم‬
‫ت على األقل مع كلما ٍ‬
‫مرا ٍ‬
‫تحضرات الذهنية‬
‫جراء تكرار ال ُم ِّ‬
‫ستحضرات المرادة لتفادي تأثيرات الرتابة ّ‬
‫ِّ‬ ‫الذهنية الحيادية بين ال ُم‬
‫وتخلق حالة من السيطرة على الوضع‪.‬‬

‫لقد استُخدِّم االستحضار الذهني في البحوث األكاديمية المنشورة لدراسة المواقف الضمنية‬
‫لدى الناس تجاه القطاع السياسي‪ ،‬بما في ذلك مواقفهم تجاه المرشحين والمسألة والجماعات السياسية‪.‬‬
‫وقد تبنت شركات متخصصة ببحوث السوق ( كشركة ساينس ديسيجن سينتانت ( ‪Sentient‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪[www.‬‬ ‫التالي‬ ‫اإللكتروني‬ ‫الموقع‬ ‫ذات‬ ‫‪)Decision‬‬ ‫‪Science‬‬
‫‪ )]Sentientdecisionscience.com‬لدراسة ال ُمح ِّفّزات التسويقية بما في ذلك من عالما ٍ‬
‫ت تجاري ٍة‬
‫ق ومنتجات‪.‬‬
‫ت تسوي ٍ‬
‫وعمليا ِّ‬

‫طرق سهلةُ التطبي ِّ‬


‫ق في‬ ‫ٌ‬ ‫وقد ثبتَ أن ّ‬
‫كالً من االستحضار الذهني التأثيري والداللي هي‬
‫ُ‬
‫ويتفق معظم‬ ‫قياس االرتباطات الذهنية الضمنية عند األشخاص مع المنتجات والعالمات التجارية‪.‬‬
‫الباحثين على أن االرتباطات الذهنية العاطفية تُعدُّمه ّمةً جدا ً لمراقبة تصرفات الناس عن قرب؛‬
‫وذلك ألنها ُمتنبِّّئاتٌ قويةٌ جدا ً بالمواقف واالنطباعات والخيارات والسلوكيات لدى الناس‪ .‬إن‬
‫أفضل الطرق فعاليةً من حيث التكلفة أن يتم استخدم االستحضار الذهني التأثيري للتحقق من أنك قد‬
‫وصلتَ إلى العواطف الصحيحة‪ ،‬ث َّم أن يتم استخدام االستحضار الذهني الداللي للتحقق من أنك قد‬
‫وصلتَ إلى ذلك االرتباط الذهني بفعالية‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫رفع قدرة الخدمات اإللكترونية‬

‫للوصول إلى معرفة الناس‬


‫بدأت الكثير من خدمات البحوث باالنتقال إلى عالم اإلنترنت لتكون جزءا ً منه خالل العقد‬
‫الماضي‪ ،‬فكانت أولى خطواتها أن تؤسس لمجموعا ٍ‬
‫ت من المستهلكين المستعدين لإلجابة على أسئلة‬
‫ي ِّ موضوعٍ يتم طرحه وذلك عن طريق اإلنترنت‪ .‬أما اليوم‪ ،‬فهناك اآلالف من‬ ‫االستبيانات عن أ ّ‬
‫المجموعات اإللكترونية المتوفرة للباحثين‪ ،‬مما يب ّ‬
‫ش ُِّر بتحقيق نتائج من أكثر المجموعات المختصة‬
‫ذات الفائدة المتدنية العائدة على هذه البحوث إلى أكثر مجموعات المستهلكين عموميةً والتي تُمثِّ ّ ُل‬
‫مجتمعا ٍ‬
‫ت بحثي ٍة إقليمية ومحلي ٍة وعالمي ٍة متنوعة‪.‬‬

‫بالظهور مؤخرا ً على اإلنترنت وعلى أجهزة الهواتف‬


‫ِّ‬ ‫وقد بدأت خدماتٌ بحثيةٌ جديدة ٌ‬
‫قياس إبداعية مشتقّة من المنهجيات الخاصة بالمقاييس الحيوية‬
‫ٍ‬ ‫حيث أنها توفّر حلوالً‬
‫ُ‬ ‫المحمولة‪،‬‬
‫التزود الجماعي التي تتجنب الوقوع في انحرافات استبانات‬ ‫ُّ‬ ‫وأزمنة االستجابة باإلضافة إلى حلول‬
‫اآلراء الفردية وذلك من خالل الطلب من المشاركين توقُّع النتائج التسويقية بدالً من سلوكياتهم‬
‫المستقبلية‪ .‬وتوفر هذه الخدمات بدائل بحثية فعالة جدا ً من حيث التكلفة‪ ،‬وذلك بالمقارنة مع مشاريع‬
‫صة‪ ،‬ومن الجدير أن توضع هذه‬ ‫ت ومنهجيا ٍ‬
‫ت خا ّ‬ ‫صصة باستخدام مختبرا ٍ‬
‫التسويق العصبي ال ُمخ ّ‬
‫شخص قد ينوي محاولة إدراج التسويق العصبي في ميزانيته‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫الخدمات بعين االعتبار لدى أ ُّ‬

‫‪311‬‬
‫تفعيل كاميرا الويب في االختبارات‪ :‬تقنية تتبع العين‬

‫وتحليل تعابير الوجه عبر شبكة اإلنترنت‬


‫عتبر كاميرات الويب خاصيًة أساسيةً في ما يقارب جميع أجهزة الحواسيب الشخصية‬
‫تُ ُ‬
‫ُ‬
‫حيث أدرك متعهدو التقنية التشاركية بأنه يمكن استخدام كاميرات الفيديو لتصوير‬ ‫والهواتف النقالة‪،‬‬
‫خواص دقيق ٍة‬
‫َّ‬ ‫تعابير الوجه وحركة العين وذلك لغايا ٍ‬
‫ت بحثية‪ .‬وبالرغم من أن هذه األنظمة ال توفر‬
‫ومتقدم ٍة كألجهزة والبرامج المخبرية‪ ،‬إال أنها تُمثل جزءا ً ٍ‬
‫نام من في حقل التسويق العصبي ويمكن‬
‫أن تكون خيارا ً جيدا ً وذلك إذا ما كانت حاجاتك تتوافق واإلمكانيات الحالية‪.‬‬

‫لقد كانت تقنية تتبع العين متوفرة منذ عام ‪ ،2010‬وكانت الخدمات حينها سهلة ويسيرة جداً‪.‬‬
‫وفي ما يلي هنا مثا ٌل على إحدى العمليات التي تقوم بها إحدى الشركات اإللكترونية تدعى آي تراك‬
‫شوب (‪:)www.eyetrackshop.com( )EyeTrackShop‬‬

‫‪ .1‬تقوم أنتَ أوالً بتقديم الموجا ٍ‬


‫ت الالزمة والتي تود دراستها للشركات الخاصة بالتسويق‬
‫حيث تتضمن هذه المواد في العادة صورا ً ثابتة أو صفحات إنترنت‪.‬‬
‫ُ‬ ‫العصبي‪،‬‬

‫‪ .2‬تقوم الشركة بتصميم نموذجٍ لالختبار‪ ،‬ثم تقوم بالموافقة والتصديق عليه‪.‬‬

‫‪ .3‬يتم إجراء االختبار على المشاركين بما يتوافق ومعايير التوظيف لديك‪.‬‬

‫‪ .4‬يتلقى المشاركون في الدراسة بريدا ً إلكترونيا ً يُعلَ ُن فيه عن بدء االختبار‪ ،‬حيث يوجههم‬
‫صتهم‪.‬‬
‫بإذن لالستخدام كاميرة الويب خا ّ‬
‫بالذهاب للموقع اإللكتروني ويزودهم ٍ‬

‫‪ .5‬يتم تف ّحص الشروط الالزمة في االختبار مثل اإلضاءة وتحديد موقع الرأس‪ ،‬ويتم معايرة‬
‫أنماط النظرات والتحديق‪ .‬وعندما يكون ك َّل شيءٍ يعم ُل على أكمل وجه‪ ،‬عندها يستطيع‬
‫المشاركين البدء في هذا االختبار‪.‬‬

‫‪312‬‬
‫‪ .6‬يتم تتبع أنماط نظرات المشاركين في الوقت الذي يتم فيه عرض العنصر المحفّز لالستجابة‬
‫السلوكية لديهم‪ .‬وقد يتم إضافة استبانة تقليدية في آخر هذا االختبار‪.‬‬

‫بصور وإحصائيا ٍ‬
‫ت عن النتائج‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫مزو ٍد‬
‫بتقرير ّ‬
‫ٍ‬ ‫‪ .7‬تقوم الشركة بتحليل البيانات ومن ث َّم توافيك‬
‫بما في ذلك صورا ً وخرائط حرارية للشخص وأزمنة التحديق لألماكن المرادة ومسارات‬
‫النظرة والتحديق باإلضافة إلى مقارنات بين إجابات االستبانة الموجودة في االختبار‪.‬‬
‫ُ‬
‫حيث تُعدُّ‬ ‫تتصف تقنية تتبع العين القائمة على استخدام كاميرة الويب ببعض المزايا المقنّعة‪،‬‬
‫ُ‬
‫أيام من العمل في الدراسة‬‫أزمنة المعالجة في االختبار سريعةٌ جداً‪ ،‬فهي تعادل خمسا ً إلى سبعِّ ٍ‬
‫العادية‪ ،‬وتوفر بعض الشركات معالجةً لالختبار في غضون ‪ 48‬ساعة في لدراسات السريعة‪ .‬وتٌقدَّر‬
‫التكاليف المتدنية هذه العملية بثُلث تكلفة دراس ٍة مخبري ٍة مماثلةٍ‪ ،‬وذلك وفقا ً لما صرحته إحدى‬
‫الشركات‪ .‬وقد تُعزى أكثر اإليجابيات بروزا ً لها‪ ،‬أنه يمكن إجراء الدراسات في أي بقع ٍة من هذا‬
‫العالم‪ ،‬حيث يمتلك ك َّل مشاركٍ في هذه االختبارات اإللكترونية جهاز حاسوب وكاميرة ويب ولديه‬
‫ب أو يستحيل‬
‫للمسوقين بالوصول إلى الجمهور الذي يصعُ ُ‬
‫ّ‬ ‫خدمة اتصال باإلنترنت‪ ،‬وهذا يسمح‬
‫إجراء االختبار عليهم بأي طريقة‪.‬‬

‫وهناك أيضا ً بعض نقاط الضعف الخاصة بتقنية تتبع العين عن طريق شبكة اإلنترنت‪ ،‬فالدقة‬
‫الحيزية لبرامج تتبع حركة العين عن طريق كاميرة الويب تقدَّر بقرابة نصف دقة معدات تتبع حركة‬
‫العين المتخصصة‪ ،‬ويكون معدل جمع البيانات فيها أبطأ من تلك المعدات؛ وذلك ألنها تعتمد على‬
‫سرعات اتصال اإلنترنت وقوة المعالجة التي يمتلكها الحاسوب المستخدم‪ ،‬حركات ارتعاش العين‬
‫السريعة التي تُسمى بسكيدز (‪ )Saccades‬ال يمكن التقاطها وتصويرها بهذه الطريقة‪ ،‬كما وتميل‬
‫الحلول المستخدمة عبر الشبكة إلى أن تكون أفضل في استخدام الصور الثابتة أكثر من تسجيالت‬
‫الفيديو‪ .‬إن كل هذه المحددات تتطور بسرعة في الوقت الذي تزداد فيها قوة أجهزة الحاسوب‬
‫وكاميرات تسجيل الفيديو وبازدياد سرعة االتصال باإلنترنت‪.‬‬

‫إن المسألة األكثر أهمية في تحليل تعابير الوجه عن طريق اإلنترنت (أو ما يُسمى أيضا ً بفك‬
‫شيفرة تعابير الوجه أو التصوير الوجهي) أنه مماث ٌل أيضا ً لتقنية تتبع العين عن طريق اإلنترنت‪.‬‬
‫فيَسهل على الشركات العمل بها ويمكن للمواد المراد اختبارها أن تُج ّهز وتُقدَّم من أجل إجراء‬
‫تنوعٍ في ك ِّّل‬
‫ت على ُّ‬ ‫الدراسة‪ ،‬ثم توظف وتُختبَر في غضون ٍ‬
‫أيام قليلة‪ .‬وتتضمن النتائج عادة ً عالما ٍ‬

‫‪313‬‬
‫عاطف ٍة على حدى‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬توفر شركات فك تشفير تعابير الوجه عن طريق اإلنترنت‬
‫كشركة إنفيزو (‪ )www.nviso.ch( )nViso‬وشركة ريآليز (‪www.realeyesit( )Realeyes‬‬
‫‪ ).com‬نتائج لحظية لحاال ٍ‬
‫ت عاطفي ٍة منفصلة والتي قد توافق أوال توافق األساسيات السبع للعواطف‬
‫التي وضعها خبير العواطف بول إكمان (‪ )Paul Ekman‬والذي تم توضيحها في الفصل (‪)16‬‬
‫وهي‪ :‬السعادة والمفاجأة والحزن والخوف والغضب واالشمئزاز واالزدراء باإلضافة إلى حالة‬
‫االستقرار التي تم ِّث ّل الحاالت العاطفية المحايدة‪ .‬فمثل تلك الدراسات فهي غير مكلفة ويمكن أن يُو َّ‬
‫سع‬
‫أيام‬ ‫نطاقها إلى عينا ٍ‬
‫ت أكبر من المشاركين في أماكن مختلفة‪ ،‬حيث تكون نتائجها متوفرة في غضون ٍ‬
‫معدودة بدالً من أسابيع‪.‬‬

‫وكما هو األمر بالنسبة لتقنية تت ِّبّع العين عن طريق اإلنترنت‪ ،‬فهنالك نقاط ضعفٍ لتقنية‬
‫تحليل تعابير الوجه عن طريق اإلنترنت مقارنةً بتقنيات فك تشفير تعابير الوجه المتخصصة‪ .‬فوفقا ً‬
‫لبول إكمان (‪ ،)Paul Ekman‬فمن ال ُمحت َّم أن تتخذ تقنيات فك تشفير تعابير الوجه التلقائية طرقا ً‬
‫مختصرة ً في عملها‪ ،‬وذلك بالمقارنة مع تصنيف نظام تشفير الوجه (‪ )FACS‬للتعابير الوجه‪ ،‬حيث‬
‫أن السابقة تحقق درجة دقة تُقدَّر بـ‪ %70‬في التعرف على العواطف مقارنة بدرجة دقة تقدر بـ‪%90‬‬
‫لمحللي تقنية (‪ )FACS‬ال ُمد َّربين‪ .‬وهنالك محددُ آخر لهذه التقنية أيضا ً قد ذُ َ‬
‫كر في الفصل (‪ )16‬وهو‬
‫أن تحليل تعابير الوجه ال يقيس حركات العضالت التي تحدث فيما وراء المالحظات البصرية‬
‫لتعابير الوجه‪ .‬وحتى يت َّم قياسها عند تلك الدرجة فإن األمر يتطلب وضع حساسات على الوجه األمر‬
‫الذي يجعل بعيدا ً عن نطاق تقنيات القائمة على استخدام شبكة اإلنترنت‪.‬‬

‫إن ما يبقى مفقودا ً في البحوث التي تستخدم حلوالً مثل كاميرة الويب هو تكام ٌل هاتين‬
‫ق واح ٍد ٍ‬
‫قائم‬ ‫اإلمكانيتين؛ ونعني بذلك تقنية تتبع العين وتحليل تعابير الوجه اللتان تندمجان في تطبي ٍ‬
‫على استخدام كاميرة الويب‪ .‬وبالرغم من الحل المتكامل تماما ً لم يظهر إلى اآلن (ونحن في‬
‫منتصف عام ‪ ،)2013‬إال أن الشركات التي تنحدر من كال الرباطين هي على وعي بالقيمة‬
‫المضافة في كل ح ّل من هذين الحلَّين‪ ،‬ويُشاع أن جهود التطوير عليها بأنها قيد التنفيذ في الوقت‬
‫الحالي‪ .‬أما في الوقت الحاضر‪ ،‬تعمل الشركات معا ً لتوفر حلوالً مؤقتة‪ ،‬فشركة آي تراك شوب‬
‫(‪ - )EyeTrackShop‬مثالً ‪ -‬توفر تكامالً من خالل الشراكة بين شركتين متخصصتين بفك تشفير‬
‫تعابير الوجه‪ ،‬مما يسمح لعمالئها باختيار ما الذي يريدون استخدامه من بينهما وذلك إذا ما كان لديهم‬
‫تفضيل معين‪.‬‬

‫‪314‬‬
‫استخدام "التلعيب" في البحوث اإللكترونية‬
‫ال يُعتبر التلعيب نوعا ً محددا ً من الدراسات‪ ،‬كدراسات تتبع العين أو أزمنة االستجابة‬
‫السلوكية‪ ،‬إنما هو طريقة تقديم دراس ٍة ما‪ .‬ظهر التلعيب أوالً في بحوث االستبانات على اإلنترنت‬
‫كح ٍّل لمشكلة جعل االستبانات أكثر متعة وتشويقاً‪ .‬فمن خالل تطبيق بعض المزايا الخاصة باأللعاب‬
‫ستخدِّم التلعيب لزيادة معدالت االستجابة السلوكية ومعدالت استكمال‬
‫على عملية جمع البيانات‪ ،‬فقد ا ُ‬
‫الدراسة باإلضافة إلى التشويق والدقة في االستبانات اإللكترونية الموجودة على اإلنترنت‪ .‬وأصبحت‬
‫ُ‬
‫حيث تتضمن ما يأتي‪:‬‬ ‫مزايا التلعيب شائعةً في االستبانات اإللكترونية‬

‫‪ ‬صياغة مهمات جمع البيانات وجعلها تشبه التحديات ليتم األمر على نح ٍو جيداً‪.‬‬
‫‪ ‬وضع شروطٍ للربح وعرض جوائز‪.‬‬
‫‪ ‬إظهار تقييم تنافسي على لوحات أبرز المشاركين‬
‫‪ ‬منح شارا ٍ‬
‫ت كرموز لإلنجازات والصيت‪.‬‬
‫‪ ‬إظهار الحالة والتقدم في التطبيق على مواقع التوا ُ‬
‫صل االجتماعي‪.‬‬
‫هناك خالف شديد في عالم البحوث اإللكترونية على ما إذا كانت الزيادة في متعة في‬
‫االستبانات "ال ُم ْ‬
‫ستلعَبة" يخلق انحرافات في االستجابة السلوكية‪ ،‬أمر الذي يحول نتائج االستبانة‬
‫لتكون غير معولمة‪ .‬وهناك بعض البراهين الجيدة يقدمها طرفي الخالف‪ ،‬لكنها جميعها تدور حول‬
‫سؤا ٍل واحدٍ‪ :‬وهو كيف تؤثر مزايا التلعيب على االستجابات الواعية والتي تعتبر معرضةً‬
‫لالنحرافات في االستجابة وذلك بالمقارنة مع االستجابات الالواعية والتي تعتبر أقل عرضة‬
‫لالنحراف من قِّبل مزايا التلعيب‪.‬‬

‫وبالنسبة للدراسات التي تقيس االستجابات السلوكية الالواعية مباشرة ً أو التي تحاول كبح‬
‫التصحيح الواعي لالستجابات الالواعية‪ ،‬فالتلعيب هو طريقة طبيعية للحفاظ على الفائدة والثبات‪،‬‬
‫وذلك عندما يتم تمويه الغاية الحقيقية وراء الدراسة‪ ،‬وهنا ال تصبح المتعة انحرافا ً في االستجابة‪ ،‬بل‬
‫أداة ملهيةً تسعى للتحسين من دقة ومصداقية االختبار‪ .‬وهنا نستعرض بعض األمثلة التلعيب التي‬
‫تطبق على مقاييس االستجابات الالواعية في االختبارات اإللكترونية‪:‬‬

‫‪315‬‬
‫‪ ‬دراسات أزمنة االستجابات السلوكية‪ :‬تتضمن السياقات اإلبداعية لمقاييس أزمنة االستجابة‬
‫"معرضا ً للرماية" و"تمرينا ً للرماية" في األلعاب التي تظهر فيها محفزات ال ُمستحضر‬
‫الذهني والعنصر المستهدف باالستحضار الذهني كعناصر في اللعبة وفي األهداف ال ُمختارة‬
‫عن طريق لوحة المفاتيح والفأرة (الماوس)‪ .‬يكمن االختالف والتنوع في اللعبة يكون في‬
‫مهمة " البحث البصري" حيث يختار المشاركون صورة ً من الصور المستهدفة في شبكة من‬
‫مباشر للدرجة التي يجذب بها‬
‫ٌ‬ ‫مقياس‬
‫ٌ‬ ‫الصور المشتتة لالنتباه‪ .‬إن أزمنة االستجابة هي‬
‫العنصر المستهدف االنتباه التلقائي األسفل علوي‪.‬‬
‫‪ ‬الدراسات ذات االختيار اإلجباري‪ :‬قد ُوجد أن إضافة حدود زمنية أو مشتتا ٍ‬
‫ت لالنتباه إلى‬
‫االختبارات ذات االختيارات اإلجبارية بأنها طريقةٌ جيدة لكبح التفكير الواعي عند االستجابة‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬توصلت دراساتٌ أجرتها شركة براين جويسر (‪)BrainJuicer‬‬
‫(‪ )www.brainjuicer.com‬إلى أن وضع حدو ٍد زمني ٍة ومهما ٍ‬
‫ت مشتتة لالنتباه ِّلمهمة‬
‫اختيار أغلفة المنتجات المفضلة يؤدي إلى مالحظة معدالت عالية في اختيار التصاميم‬
‫األبسط والذي ال يتطلب الكثير من التفكير‪.‬‬
‫‪ ‬الدراسات اإلدراكية‪ :‬هنالك طريقة إبداعية لقياس مميزا ٍ‬
‫ت مثل المعالجة الذهنية لسالسة فهم‬
‫الشيء أو مدى ألفته وهي مهمة إدراكية ينتقل فيها الشيء ببطء من حالة الضبابية الشديدة في‬
‫العقل إلى حالة التركيز الحاد‪ ،‬حيث يختار المشارك نقطة االنتقال التي يُصبح فيها الشيء‬
‫مدركا ً‪ .‬ويمكن استخدام هذا النوع من االختبارات لقياس البروز البصري للصور والتصاميم‬
‫وذلك ما تم توضيحه في الفصل (‪.)13‬‬
‫‪ ‬دراسات الخاصة بالقدرة على حفظ الذكريات‪ :‬وهي النسخة اإللكترونية للعبة التقليدية‬
‫الخاصة بالتركيز على البطاقات والتي يقوم فيها الالعب بقلب أزواجٍ من البطاقات لتُظهر‬
‫مواقع األشياء التي يتوجب على الالعب حفظها‪ ،‬كما ويمكن استخدامها لقياس االختالف في‬
‫قدرات حفظ الذاكرة لعدة المنتجات والعالمات التجارية‪.‬‬
‫وبالرغم من أن اختبارات االستجابات الالواعية غير متوفرة كإمكانية مدمجة في‬
‫االختبارات توفرها شركات االستبانات اإللكترونية‪ ،‬فإننا نعتقد بأنها ستكون كذلك قريباً‪ .‬إنه لمن‬
‫المستحيل صن ُع اختبار باستخدام برامج التطوير ومن ث َّم الدخول إلى االختبار عبر ارتباطٍ تشعُّبي‬
‫من استبانة إلكترونية تقليدية وذلك كح ٍل مؤقت فحسب‪ .‬هناك متطلَبٌ رئيسي لأللعاب التي تقيس‬
‫أزمنة االستجابة السلوكية وهو التأكد من القياس الدقيق للتوقيت لتسجيل االستجابة الحاصلة‪ .‬إن‬
‫‪316‬‬
‫الكثير من ساعات أجهزة الحاسوب الشخصية غير دقيقة على مستوى أزمنة االستجابة السلوكية‬
‫التي تُقدّر أجزاء من األلف في الثانية‪ ،‬لذا فإن البرامج المتخصص مثل برنامج إنكويست‬
‫(‪( )Inquisit‬انظر قسم " قياس االنطباعات الضمنية تجاه عالمة تجاري ٍة ما باستخدام دراسات‬
‫أزمنة االستجابة" سابقا ً في هذا الفصل) وهذه البرامج تحتاج إلى أن تتخصص لسد هذا النقص‪.‬‬

‫"التزود الجماعي" باستخدام األسواق التنبؤية‬


‫ُّ‬

‫التزود الجماعي هو مصطل ٌح قد صيغ مؤخرا ً ويدل على جمع اآلراء من عد ٍد‬‫ُّ‬ ‫إن مصطلح‬
‫بالتزود‬
‫ُّ‬ ‫كبير من الناس (الجمهور) الختيار األداء األكثر تفضيالً لديهم‪ .‬أحد أكثر األمثلة صلةً‬
‫ٍ‬
‫الجماعي للبحوث هو األسواق التنبؤية (وهي المتاجر اإللكترونية تختص بتنبؤا ٍ‬
‫ت قائمة على‬
‫معتقدات المستهلكين بشأن النتائج المستقبلية المحتملة)‪ .‬في هذه الطريقة‪ ،‬وال يقوم المستهلكين‬
‫بتسجيل آرائهم كما هو الحال باالستبانات التقليدية‪ ،‬بل يستخدمون طريقة الشراء والبيع (االفتراضي)‬
‫أناس آخرون حدوثه في المستقبل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫لالختيارات المتاحة أو أن يُشاركوها كوسيلة للتعبير ع ًما يتوقّع‬
‫وتستفيد هذه الطريقة من ميزة األحكام البشرية التي ناقشناها في الفصل (‪ )15‬وهي حقيقة أن الناس‬
‫يكونون دقيقين عندما يتوقعون ما سيفعله اآلخرون أكثر من توقعهم لما سيفعلونه هم أنفسهم‪.‬‬

‫تعمل األسواق التنبؤية بنفس المبدأ التي تعمل فيه أسواق األسهم أو البورصة‪ِّ .‬لنقُ ْل أن شركةً‬
‫أفكار لثالث منتجات جديدة‪ ،‬فيتم دعوة المستهلكين لـ"شراء" األسهم بفكرة‬
‫ٍ‬ ‫ما تريد أن تختبر مفاهيم‬
‫أنهم سيربحون (بينما يوضح السوق مفهوم الربح وكيفيته)‪ .‬وبعد كل جول ٍة من البيع والشراء‪ ،‬فيكون‬
‫"سعر" كل سهم هو مقياس لكيفية استثمار كل المشاركين في السوق من خالل الخيارات المتاحة‪.‬‬
‫يستطيع ك ُّل مشاركٍ التراجع عن استثماراته في ضوء ارتفاع وانخفاض ألسعار األسهم‪ .‬وفي آخر‬
‫المطاف‪ ،‬تظهر فكرة ٌ ما على أنها هي األكثر تفضيالً‪ ،‬مما يجذب الكثير من االستثمارات أكثر من‬
‫غيرها‪.‬‬

‫وقد أظهرت هذه الطريقة نتائج متفوقة في عد ٍد من التجارب التي تستجيب فيها مجموعة من‬
‫المستهلكين المشاركين عبر المتاجر التنبؤية اإللكترونية ومجموعة ٌ أخرى منهم لالستبانات التقليدية‬
‫التي تسألهم عن آرائهم‪ .‬ويعتقد الباحثون أن ازياد درجة دقة المتاجر التنبؤية هي وظيفة التغذية‬

‫‪317‬‬
‫الراجعة التي يوفرها سلوك الشراء والبيع الذي يقوم به اآلخرون والذي يُترجم إلى معلوما ٍ‬
‫ت إضافي ٍة‬
‫يستخدمها المشارك ليعدِّّل من استثماراته ويركز عليها‪ .‬وبينما يكون السوق هو عبارة عن اتحاد كامل‬
‫للخيار األكثر تفضيالً‪ ،‬فإنه غالبا ً ما يُظهر قدرة ً غريبة على التنبؤ بالنتيجة الواقعية التي تظهر الحقا ً‬
‫في المتاجر الحقيقية‪.‬‬

‫يُمكن أن تُؤ َّ‬


‫سس المتاجر التنبؤية وبكل سهولة باستخدام مزودات إلكترونية مثل المزود‬
‫اإللكتروني إنكلنغ (‪ )www.inklingmarkets.com( )Inkling‬وهو خاد ٌم إلكتروني يم ِّ ّكن من‬
‫صنع وإدارة ك ٍّل من األسواق اإللكترونية العامة والخاصة للعديد من الغايات‪ .‬وهنالك ّ ِّ‬
‫مزودٌ إلكتروني‬
‫المزود براين جونيور (‪)BrainJuicer‬‬
‫ّ‬ ‫بحثي قد قام بعم ٍل رائعٍ في اختبار أفكار المنتجات وهو‬
‫(‪.)www.brainjuicer.com‬‬

‫إجراء تجارب "افعلها بنفسك" السلوكية الذاتية‬


‫أحيانا ً ما تكون الطريقة األمثل في اختبار فرضيات التسويق العصبي هو إجراء تجربة‬
‫سلوكية بسيطة‪ .‬فبسبب كون السلوك هو النتيجة النهائية لنشاطٍ يحدث في الدماغ‪ ،‬عندها يُمكن‬
‫للتجارب السلوكية أن تو ِّفّر دليالً مباشرا ً على كيفية ترجمة االنطباعات والتقديرات واألهداف‬
‫والقرارات التي تحدث في الدماغ إلى سلوكيات واقعية في العالم الحقيقي‪.‬‬

‫ضحت في هذا الكتاب هي تلك ومشتقة من‬


‫إن من بين األنواع الكثيرة للتجارب التي ُو ِّ ّ‬
‫االقتصاديات السلوكية وهي األسهل في التصميم والتطبيق؛ وذلك ألنها تر ّكز على تأثير العوامل‬
‫الموقفية والتي َيس ُهل تأسيسها وقياسها والتحكم بها كنتائج عن سلوكيات المستهلكين (وعادة ما‬
‫تكون االختيارات أو قرارات الشراء)‪ ،‬والتي َيس ُهل مالحظتها وتعدادها ومقارنتها‪.‬‬

‫تأسيس التجارب السلوكية وإجرائها‬

‫‪318‬‬
‫هناك ِّسياقَين اثنين حيث يمكن أن تُفهم التجارب السلوكية البسيطة وتكون ذات معنى وهما‪:‬‬
‫في متاجر البيع بالتجزئة وعلى اإلنترنت‪ .‬فالتجارب التي تُجرى داخل المتاجر يقوم بها بائعو التجزئة‬
‫ومسوقو المنتجات طوال الوقت؛ فعلى سبيل المثال‪ ،‬يقومون في ك ِّّل وق ٍ‬
‫ت بتبديل أمكنة المنتجات على‬
‫الرفوف‪ ،‬لكن هذه التعديالت غالبا ً ما تكون مخصصة وغير رسمية‪ .‬ويُمكن للتجارب األكثر قوة‬
‫وتحكما ً أن تُطبّق باستخدام المبادئ األساسية للتصميم التجريبي (كما سيتم ذكره بإيجاز في الفصل‬
‫تسوقية‪.‬‬
‫ي ِّ بيئ ٍة ُّ‬
‫(‪ )19‬وذلك الختبار العنصر الرئيسي لمزيج التسويقي للمنتجات في أ ّ‬

‫نستعرض هنا أمثلة عن بعض التجارب (وقد ذُكرت بعضها في جزءٍ آخر في هذا الكتاب)‬
‫والتي يمكنها أن تخدم نموذج االختبارات الذاتية في بيئة متاجر التجزئة وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬اختبار تأثير موسيقى الخلفية في االختبار‪ :‬إن اختبار المشروب الذي تم شرحه في الفصل‬
‫اختبار وذلك اإلقصاء هو تأثير أحد العوامل‬
‫ٍ‬ ‫(‪ )12‬هو مثا ٌل جيدٌ على التحكم بالمح ِّفّزات في‬
‫المحيطية‪ ،‬حيث تكون في هذه الحالة تأثير الموسيقى الفرنسية مقابل الموسيقى األلمانية في‬
‫إعالنات المشروب‪.‬‬
‫ض َح اختبار تنوع منتجات ال ُمربَّى التي ذُ ِّكر في الفصل (‪)12‬‬
‫‪ ‬اختبار بداية عبء االختيار‪ :‬و َّ‬
‫كيفية اختبار تأثيرات التنوع في المنتجات على سلوك االختيار فيما بينها‪ .‬ويمكن تصميم‬
‫اختبارا ٍ‬
‫ت مماثلة الختبار تأثير فئات المنتجات على االختيار فيما بينها‪.‬‬
‫‪ ‬اختبار تأثير الرائحة العطرة في الهواء‪ :‬في تجرب ٍة سلوكي ٍة بيَّنتها من قِّبَل شركة البحوث‬
‫براين جويسر (‪ ،)BrainJuicer‬تم تثبيت أجهزة باعثة للروائح العطرية أو ما تُسمى‬
‫بملطفات الجو في متاجرين لألبسة الداخلية‪ .‬وعلى مدى سته أشهر‪ ،‬كانت العطور التي تُرش‬
‫في إحدى المتجرين ال تُرش في المتجر اآلخر لمدة أسبوع‪ ،‬ثم تم عكس العملية في األسبوع‬
‫التالي‪ ،‬وفي نهاية التجربة‪ ،‬تم مقارنة المبيعات في كال المتجرين‪ ،‬وظهر بأن التصميم األنيق‬
‫ق واسعٍ من العوامل الخارجية المختلفة والتي يُمكن أن تؤثر على‬
‫سيطر بفاعلية على نطا ٍ‬
‫َ‬ ‫قد‬
‫المبيعات باإلضافة إلى العطور التي تُرش في الهواء‪.‬‬
‫‪ ‬اختبار تجاور المنتجات في المتاجر‪ُ :‬‬
‫شرحت تجربة بأكثر من طريقة تقديمية تقليدية‪ ،‬حيث‬
‫قارنت شركة للوجبات الخفيفة الممرات بين رفوف المنتجات والمبيعات التي حققتها هذه‬
‫المنتجات في عد ٍد من متاجر البقالة‪ ،‬حيث ُوضعت رقائق البطاطس بجانب صلصة التغميس‬
‫في ممر واحد للرفوف‪ ،‬وفي حال ٍة أخرى تم الفصل بينهما في هذه التجربة‪ .‬وباستخدام‬

‫‪319‬‬
‫ي ٍ للموازنة بين العوامل األخرى التي قد تؤثر في المبيعات‪ ،‬توصلوا بأن وضع‬
‫تصميم تجريب ّ‬
‫ٍ‬
‫المنتجات ذات الصلة ببعضها البعض معا ً قد أدى إلى زيادةٍ في معدل المبيعات لصلصة‬
‫التغميس إلى ‪ %75‬كما زاد من المبيعات في نفس ممر الرفوف الذي يتواجد فيه هذين‬
‫المنتجين إلى ‪ ،%3‬مما أدى إلى خلق حالة مقنعة لوضع هذه المنتجات المعلقة ببعضها لك ٍّل‬
‫من متاجر التجزئة وشركات إنتاج الوجبات الخفيفة‪.‬‬
‫حزم شرائية واحدة‪ :‬شرح فيل باردين (‪)Barden Phil‬‬
‫‪ ‬اختبار تأثير تجميع المنتجات في ٍ‬
‫في كتبه "فك الشيفرة‪ :‬العلم الكامن وراء شراءنا لألشياء" (( ‪Decoded: TheScience‬‬
‫‪ )Behind Why We Buy (Wiley‬الكثير من التجارب السلوكية الذكية متضمنةً سلسلة‬
‫أجريت في مقاصف المدارس الختبار تأثير الطريق المختلفة لتقديم‬
‫من التجارب التي ِ‬
‫الطعام على سلوك األكل‪ .‬وكانت إحدى النتائج الملحوظة جم ُع الحلويات الصحية في حزمة‬
‫شرائية واحدة كجزءٍ من سعر الغداء ‪ ،‬واحتساب تكلفة الحلوى غير الصحية بشك ٍل‬
‫منفصل‪ ،‬وهذا ما تسبب بزيادة تُقدر بـ‪ %71‬في استهالك الحلوى الصحية باإلضافة إلى‬
‫انخفاض نسبته ‪ %55‬من استهالك الحلوى غير الصحية‪.‬‬
‫ٍ‬

‫إن العناصر الرئيسية للتجارب الجيدة التي تُجرى داخل المتاجر هي‪:‬‬

‫‪ ‬فرضياتٌ واضحةٌ‪.‬‬
‫‪ ‬تعريفات دقيقة للمزايا البيئية الخا ّ‬
‫صة بالمتاجر التي جري عليها المقارنات‪.‬‬
‫‪ ‬نتائج سلوكية واضحة‪.‬‬
‫‪ ‬أساليب تحكم جيدة للتقليل من تأثير العوامل الخارجية على نتائج تجربتك‪.‬‬

‫وبفضل توفُّر أدوات االختبار اآللية والمرونة الكامنة في تصميم صفحات اإلنترنت‪،‬‬
‫أصبحت التجارب اإللكترونية أكثر سهولةً في تأسيسها وإجرائها‪ .‬فعند استخدام أدوات االختبار مثل‬
‫مدير التجارب اإللكترونية والذي يُسمى باألوبتيمايزلي (‪ )Optimizely‬الموجود على الموقع‬
‫اإللكتروني‪ ،)www.optimizely.com(:‬حيث يمكنك أن تؤسس لمقترحات االختبار بسهولة‬
‫اشتر اآلن" في الموقع اإللكتروني ‪ -‬والسماح لبرامج‬
‫وسرعة ‪ -‬مثل تحريك مكان وضع زر " ِّ‬
‫االختبارية بالتكفل بالتفاصيل مثل تتبُّع العرض العشوائي لك ٍّل من التصاميم البديلة وإضافة نتائج‬

‫‪320‬‬
‫خيار منها باإلضافة إلى تجهيز إحصائيات مقارنة لكي تستطيع رؤية ما الذي يجدي نفعا ً‬
‫ٍ‬ ‫سلوكية لكل‬
‫أكثر من غيره‪.‬‬

‫اختبار مبادئ االقتصاديات السلوكية في بيئة واقعية‬


‫فهم واضحٍ لما تريد‬
‫لكي تحصل على الفائدة القصوى في التجارب الذاتية‪ ،‬فإنك تحتاج إلى ٍ‬
‫أن تختبره والكيفية التي ستتبعها في اختباره‪ .‬وحيثما توجد االقتصاديات السلوكية‪ ،‬تشديدها على‬
‫ُ‬
‫حيث أنها تستطيع‬ ‫االستدالالت (أي األحكام وطرق اتخاذ القرار المختصرة) واالنحرافات السلوكية‪،‬‬
‫توفير اإلرشاد الالزم للتعرف على السيناريوهات المرشحة لتكون في االختبار التجريبي‪.‬‬

‫لقد قمنا في الفصل (‪ )8‬بوضع إدراج ستة استدالالت بارزة قد عُّرفت من قِّبل االقتصاديات‬
‫السلوكية (وبالطبع هناك الكثير من االستدالالت‪ ،‬إال أن التي سنتحدث عنها هي أكثرها شهرة)‪.‬‬
‫ق نظرة ً‬‫ولنشرح كيف تستطيع مبادئ االقتصاديات السلوكية توجيه عملية تشكيل التجارب‪ ،‬دعنا نل ِّ‬
‫ت مفيدة في االختبار‬‫أخرى على ك ِّّل واحدة من هذه االستدالالت ونرى كيف تُساعد في توليد فرضيا ٍ‬
‫التجريبي‪ ،‬هذه االستدالالت هي كما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬فقدان النفور‪ :‬هذا المبدأ الذي ال يُقدِّّر الناس مكاسبه ومخاسره على نح ٍو مكافئ‪ .‬فعليك أن‬
‫ي ٍ ما وسيلةً لتحقيق مكس ٍ‬
‫ب أو تجنُّب‬ ‫عرض تجار ّ‬
‫ٍ‬ ‫تأخذ بعين االعتبار اختبار ما إذا كان تقديم‬
‫مخسر ما‪ ،‬مما يؤدي إلى اختالفٍ في نسب المبيعات‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ق‪ .‬فاالرتكاز ذو‬ ‫‪ ‬االرتكاز‪ :‬وفي هذا المبدأ‪ ،‬يميل الناس إلى مقارنة األشياء بشك ٍل نسب ّ‬
‫ي ٍ ال مطل ٍ‬
‫صل ٍة باستراتيجيات التسعير وبالترتيب الذي تُعرض فيه البدائل‪ .‬لذا فإنه يجب األخذ بعين‬
‫االعتبار اختبار ما إذا كان الطلب على المنتج الممتاز يزيد على في الوقت الذي يُعرض‬
‫رض على أنه أعلى المنتجات سعرا ً‪.‬‬
‫ع َ‬‫سعر عا ٍل أو إذا ُ‬
‫بجانب بدائل ذات ٍ‬
‫‪ ‬التأطير‪ :‬وفي هذا المبدأ تكون البيئة هي التي تهم في االختبار وحتى أكثر من المحتوى‬
‫أحيانا ً‪ .‬فإن الصياغة هو ٌ‬
‫أمر مبدئي عندما تكون المنتجات موضوعة في إطار مروجٍ للمنتج‬
‫أو معيق له‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬فضع في اعتبارك أن تختبر ما إذا يُحتمل أن يشتري‬
‫المستهلكون منتجا ً لديه " يعزز من الطاقة " مقابل منتج "يقلل من اإلجهاد"‪.‬‬
‫‪ ‬االنحراف المفترض‪ :‬يميل الناس في هذا المبدأ إلى اختيار االختيارات المفترضة بدالً من‬
‫ضع في اعتبارك االختبار وفقا ً لملحقات‬
‫ْ‬ ‫االختيارات الفعلية التي يقوم بها المستهلك‪ .‬وهنا‬
‫‪321‬‬
‫المنتج المعروضة ‪ -‬مثالً ‪ -‬بمقارنة مبيعات منتجٍ ما يتضمن كفالة متضمنه في ذاتها ومنتجٍ‬
‫قرار إضافي‪.‬‬
‫ب إضافتها باتخاذ ٍ‬ ‫آخر بكفالة يتو َّج ُ‬
‫‪ ‬االستدالالت الشعورية‪ :‬وفي هذا المبدأ غالبا ً ما يَستخدم المستهلك التأثير(المشاعر اإليجابية‬
‫ت منطقي ٍة ذات حاجة إدراكية‪ .‬وهنا يجب أن تف ِّ ّكر في‬
‫والسلبية) كبدي ٍل عن وضع حسابا ٍ‬
‫اختبار إذا ما كانت إضافة المالمح اإلعجابية مثل (الوجوه المبتسمة والجراء الصغيرة)‬
‫لعملية االختيار المعقّدة قد يُغير من سلوك االختيار‪.‬‬
‫‪ ‬تأثير الملكية‪ :‬وهنا يتعامل الناس مع األشياء التي يمتلكونها بأنها أكثر قيمة من األشياء التي‬
‫بحث حديث العهد على تأثير الملكية بأنها تزداد أيضا ً بمقدار ازدياد‬
‫ٌ‬ ‫ال يمتلكونها‪ .‬وقد توصل‬
‫أي قيم ٍة شخصية عند الشخص‪ ،‬وحتى إذا لم يكن يمتلكها‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫فهم وإدراك شيءٍ بامتالكه ُّ‬
‫ضع في اعتبارك تجربةً يكون فيها المنتج مرتب ٌ‬
‫ط "بقصة أساسية" في حالة معينة وليس‬
‫بأخرى‪ .‬والسؤال هنا‪ :‬هل تزيد القصة من السعر الذي ينوي المستهلك دفعه مقابل هذا‬
‫المنتج؟‬
‫وكما هو موضّح في هذه األمثلة الموجزة‪ ،‬فإن االقتصاديات السلوكية هي حق ٌل َخ ْ‬
‫صب‬
‫ص ٍة بالتجارب الذاتية‪ .‬فعلى عكس بدائل التسويق‬
‫ت خا ّ‬ ‫للمسوقين‪ ،‬يم ِّ ّكنهم باستنتاج منظورا ٍ‬
‫ت وفرضيا ٍ‬
‫العصبي األكثر تعقيداً‪ ،‬فيمكن أن تُدار هذه التجارب دون الحاجة إلى تدخالت أو تكاليف مضاف ٍة من‬
‫قِّبل شريك التسويق العصبي‪.‬‬

‫موازنة التكاليف والفوائد في دراسات التسويق العصبي‬


‫وبالنظر إلى المدى الواسع للحلول التي يقدمها التسويق العصبي والتي ُ‬
‫شرحت في هذا‬
‫ت كثير ٍة جدا ً واختيار الطريقة‬
‫الفصل والفصل (‪ ،)16‬فقد تتساءل عن كيفية التنقل فيما بين احتماال ٍ‬
‫الصحيحة التي تلبي كالً من حاجات بحثك وميزانيتك التي وضعتها إلجراء البحث‪.‬‬

‫نظر تشاركية في الفصل‬


‫وآخر من وجه ٍ‬
‫َ‬ ‫سنطرح في الفصل (‪ )18‬سؤاالً من وجه ٍ‬
‫نظر تقني ٍة‬
‫نظر الربح والتكلفة‪.‬‬
‫(‪ ،)21‬إال أنا نريد أن نطرح تعليقين هنا من وجه ِّ‬

‫‪322‬‬
‫إنه وفي أغلب الحقول القائمة على التكنولوجيا‪ ،‬كلما ز‪1‬شدتَ في تطبيق التكنولوجيا في حل‬
‫المشكلة التي تواجها‪ ،‬زادت دقة المعلومات التي تحصل عليها وأصبح لديك فهما ً أكبر بما يتعلق‬
‫ت جيدة جدا ً‬
‫بإجراءات التجربة‪ .‬أما بالنسبة لقطاع الطب مثالً‪ ،‬فيمكنك الحصول على معلوما ٍ‬
‫اختبار فيزيائي‪ ،‬ولكنك أنك تستطيع الحصول على معلوما ٍ‬
‫ت أكثر دقة‬ ‫ٍ‬ ‫ورخيصة نسبيا ً من خالل‬
‫وإجرائي ٍة عن طريق استخدام األشعة المقطعية‪.‬‬

‫أما في التسويق العصبي‪ ،‬فإن معادلة التكنولوجيا المتقدمة والتكلفة المرتفعة والفهم األفضل‬
‫لم تتحقق بعد إلى اآلن‪ .‬إنه لمن السخرية وتح ٍّد واضحٍ لهذا الحقل المسألة التي تنص على أنه كلما‬
‫قلَّت المنهجيات المتبعة للتكنولوجيا المتقدمة‪ ،‬كانت في األغلب أسهل في الفهم‪ .‬وفي الوقت الذي‬
‫يزداد فيه تعقيد التقنيات المستخدمة‪ ،‬يبدو أن المقاييس تزداد إبهاما ً ويصعُ ُ‬
‫ب تفسيرها‪ ،‬وليس العكس‪.‬‬

‫يجد الناس طريقة تصميم دراسات أزمنة االستجابة السلوكية سهلة في الفهم نسبياً‪ ،‬كما هو‬
‫األمر لما تعنيه النتائج‪ .‬وهم قادرون على فهم مبدأ عمل تقنية تتبع العين وسبب كونها مهمةً في‬
‫معرفة النقطة الذي ينظر إليها الناس والمدة التي ينظرون فيها إلى تلك النقطة‪ .‬وهم أيضا ً يعلمون أنه‬
‫من األفضل لإلعالن التجاري أن يسبب في ابتسام من يشاهده وليس عبوسه‪ .‬وعلى نح ٍو مماثل‪ ،‬فإنهم‬
‫يحصلون على أكثر المقاييس حيويةً؛ حيث يكون من المنطقي أن نفتح أعيننا باتساعٍ أكبر عندما نكون‬
‫مندهشين ومتفاجئين‪ ،‬كما ويزداد نبض قلوبنا وتتعرق أكفَّنا عندما نكون متحمسين‪ ،‬وتتسع حدقة‬
‫بأمر ما وإلى آخره من االستجابات الجسدية‪.‬‬
‫أعيننا عندما نكون مهتمين ٍ‬

‫وما تزال الكثير من األساليب المتقدمة في التسويق العصبي تصارع لجعل مقاييسها ذات‬
‫المسوقين إلى االستعانة بأخصائي تقنية الرنين المغناطيسي أو‬
‫ّ ِّ‬ ‫معنى وقابلةً للتنفيذ‪ .‬يتجه القليل من‬
‫ً‬
‫علم بأي شيءٍ‬
‫تقنية تخطيط كهربية الدماغ الخاصتين بالتسويق العصبي ألول مرةٍ‪ ،‬وهم ليسوا على ٍ‬
‫يخص الموجات الدماغية أو معدل تدفق الدم في مناطق في الدماغ التي قد ال يمكن لفظ أسمائها ‪ ،‬وقد‬
‫ُّ‬
‫يكون أغلبهم ال يعلمون سبب اهتمامهم بهذا األشياء حتى‪.‬‬

‫وبالنظر إلى أن القوة الحاسوبية الموجودة في عالمنا الحديث ستستمر في زيادة على مستوى‬
‫سي‪ ،‬فإن كل الحلول البسيطة وغير المكلفة التي ُ‬
‫شرحت في هذا الفصل ستستمر ال محالة‬ ‫المعدل األ ُ ِّ ّ‬
‫في أن تكون أذكى وأسرع وأرخص سعرا ً مع مرور الوقت‪ .‬فإذا كانت أكثر تقنيات التسويق العصبي‬
‫تقدما ً تتنافس فيما بينها‪ ،‬فإنه يتوجب عليها أن تترجم تفوقها التقني إلى مصطلحا ٍ‬
‫ت تجارية تتعلق‬

‫‪323‬‬
‫بمستوى الفائدة والتكلفة‪ ،‬حتى يتمكن لعمالئها من فهمها وتصبح لديهم النية في الدفع مقابل الحصول‬
‫عليها‪.‬‬

‫وهنا يأتي السؤال‪ :‬ما الذي يتوجب على المستعينين المحتملين لبحوث التسويق العصبي‬
‫فعله؟ وهنا نحن نقترح بض َع توجيها ٍ‬
‫ت أساسية وموضّحة كما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬تابع الخدمات اإللكترونية على اإلنترنت‪ :‬فقد يُحتمل زوال نقاط الضعف التي قد جعلت‬
‫أشهر الماضية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الخدمات غير تنافسية في الستة‬
‫‪ ‬ال تعتمد على الشركات اإللكترونية لتخبرك بأنك مخطئ في اعتمادك على شركا ٍ‬
‫ت إلكتروني ٍة‬
‫مستشار حيادي ليساعدك في ترتيب البدائل‬
‫ٍ‬ ‫أخرى‪ .‬اعتمد على بحثك الخاص أو قم بتوظيف‬
‫لديك‪.‬‬
‫اختيار منضبطة لتقرر أفضل طريق إجراء الدراسة‪ ،‬وأفضل مقايضة تقوم على‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬ات َّ ِبع عملية‬
‫أساس التكلفة والفائدة بالنسبة لك (انظر الفصل ‪.)21‬‬
‫‪ ‬ال تخشى من تجربة االختبارات والتجارب البسيطة بنفسك‪ .‬فأحيانا ً تكون التجارب ذات ا‬
‫التطبيق السها قد تؤدي إلى نتائج قيمة‪.‬‬
‫بأسعار أعلى‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ت تقنية لتطالب‬ ‫حذر من الشركات اإللكترونية التي تنوه إلى غايا ٍ‬
‫‪ ‬كن على ٍ‬
‫فيؤثر زيادة الطلب على لقطاع األعمال في غاياتها حتى تكون قادرا ً على موازنة التكاليف‬
‫مع الفوائد التجارية المحققة‪.‬‬

‫‪324‬‬
‫الفصل الثامن عشر‬

‫اختيار األسلوب المناسب لتلبية‬


‫الحاجات الخاصة ببحثك‬

‫سنناقش في هذا الفصل ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تلخيص نطاق االستجابات الدماغية لدى المستهلك التي يقيسها التسويق العصبي‪.‬‬
‫‪ ‬تصنيف أفضل التقنيات في قياس االستجابات السلوكية في نطاقات تسويقية رئيسية‪.‬‬
‫‪ ‬مالحظة كيفية قيام بعض الشركات بدمج التسويق العصبي مع أساليب بحثية أخرى‪.‬‬

‫وضّحنا في الجزء الثاني من هذا الكتاب النظرة الجديدة للمستهلك والتي تنشأ من علم الدماغ‪.‬‬
‫أما بالنسبة للجزء الثالث‪ ،‬فقد ألقينا نظرة ً على كيفية لعب التفكير الالوعي دورا ً في الحقول التسويقية‬
‫ق واسعٍ من أساليب وتقنيات التسويق‬ ‫الست‪ .‬وقمنا في الجزء الرابع من هذا الكتاب بعرض نطا ٍ‬
‫العصبي المتنوعة والتي يُمكن استخدامها لقياس استجابات المستهلك وسلوكياته‪ .‬ونحن في هذا الفصل‬
‫نربط هذه المواضيع معا ً لتُش ّكل وجهة نظر موحدة لتحدد ما الذي يتناسب مع بعضه في البحث‪ .‬إن‬
‫هدفنا هو أن نمنحك توجيها ً سريعا ً لتحديد أين يمكن للتسويق العصبي أن يساعدك في عرض حاجاتك‬
‫البحثية‪.‬‬

‫إننا نبدأ هنا بتصنيفٍ جدي ٍد ألنواعِّ العمليات الدماغية ونتائجها التي يمكن للتسويق العصبي‬
‫قياسها‪ .‬ثم سنلقي نظرة ً على نقطة التقاء نطاقات التكنولوجيا والتسويق‪ ،‬حيث أننا سنوفر في كل نقطة‬
‫التقاءٍ فيما بينهما قائمةً من النتائج والعمليات الدماغي ِّة هذه التي نعتقد بأنها أفضل المقاييس التي تؤديها‬
‫ي ٍ معين‪.‬‬
‫ق تسويق ّ‬
‫تقنية معينة في نطا ٍ‬
‫لتنافس عالي المستوى أن تؤخذ صورة ٌ واحدة في فترة زمنية معينة لحق ٍل يتطور بسرع ٍة‬ ‫ٌ‬ ‫إنه‬
‫يخص‬
‫ُّ‬ ‫قرار فيما‬
‫ٍ‬ ‫غمار حق ِّل التسويق العصبي واتخا ِّذ‬
‫ِّ‬ ‫كبيرة‪ .‬مع ذلك‪ ،‬فأنها نقطة بداية جيدة لدخول‬
‫ي ٍ مفي ٍد لك وأين يكون كذلك‪.‬‬ ‫كيفية كون التسويق العصبي أسلوب بح ٍ‬
‫ث تسويق ّ‬

‫‪325‬‬
‫ُ‬
‫يتحدث عن دمج التسويق العصبي في برامج بحثية كبيرة‪،‬‬ ‫قصير‬
‫ٍ‬ ‫بقسم‬
‫ٍ‬ ‫ثم سنختم هذا الفصل‬
‫وسنشرح كيف تتبنى الشركات الرائدة منظمات البحوث المستقبلية التي تدمج التسويق العصبي مع‬
‫لتكون صورة أشمل‬ ‫ّ ِّ‬ ‫أساليب بحثية أخرى ‪ -‬بعضها التقليدي وآخر جدي ٍد كالتسويق العصبي‪-‬‬
‫لمستهلكيهم ومنتجاتهم وعالماتهم التجارية‪.‬‬

‫تلخيص ما يمكنك قياسه باستخدام التسويق العصبي‬


‫‪ ‬االرتباطات الذهنية الضمنية‪( :‬والتي استعرضناها في الفصل ‪ )5‬هي عبارة عن ترابطات‬
‫عنصر رئيسي في فهم االنطباعات الناتجة عن‬
‫ٌ‬ ‫ذهنية في الذاكرة طويلة األمد‪ ،‬كما أنها‬
‫الحداثة واأللفة والمعالجة الذهنية لسالسة فهم األشياء‪.‬‬

‫‪ ‬االستحضار الذهني‪( :‬والذي استعرضناه في الفصل ‪ )5‬هي آلية أساسية يت ُّم من خاللها‬
‫التأثير على األشياء والمواقف المحيطة بنا عن طريق تصرفاتنا وأهدافنا وسلوكياتنا دون أن‬
‫نكون على وعي بذلك التأثير‪.‬‬

‫‪ ‬االنتباه‪( :‬والذي استُعرض في الفصل ‪ )6‬وهو آلية دماغية يتم من خاللها انتقال المدخالت‬
‫الذهنية من الالوعي إلى الوعي اإلدراكي‪ .‬وتؤثر درجات االنتباه على العواطف والذاكرة‬
‫والتوقعات‪.‬‬

‫‪ ‬العواطف المنفردة‪ ( :‬والتي استُعرضت في لفصل ‪ )6‬مثل السعادة والحزن والمفاجأة‬


‫واالشمئزاز والخوف والغضب ومشاعر االحتقار والتي تُعتبر ردود فعل عاطفية عا ًمة في‬
‫العالم من حولنا‪.‬‬

‫‪ ‬التكافؤ واإلثارة العاطفية‪( :‬وقد استعرضناها في الفصل ‪ )6‬وهي عبارة عن أبعاد عاطفية‬
‫(بعكس أنواع العواطف المنفردة)‪ .‬فاإلثارة أو المح ِّفّز العاطفي يعني درجة الحدة والتحفيز‬
‫والهيجان‪ ،‬أما التكافؤ فيعني اتجه التفضيل وعدمه سوا ًء أكان ردَّ فع ٍل إيجاب ّ‬
‫ي ٍ أو سلبي‪.‬‬

‫‪ ‬االقتراب والتجنب‪( :‬كما استعرضناه في الفصل ‪ )6‬هما بُعدي الدافع الالوعي الذي يحفز‬
‫أمر ما أو النفور منه‪ ،‬كما أنهما‬
‫القيام بفع ٍل ما‪ ،‬وهما مصدرين تحفيزيين لالنجذاب إلى ٍ‬
‫يتأثران بشدَّة بالمؤثرات العاطفية الالواعية (أي العالمات الجسدية)‬

‫‪ ‬تنشيط الذاكرة‪( :‬والتي استُعرض في الفصل ‪ )5‬هو مدى تحفيز عمليات تشفير الذكريات‬
‫واسترجاعها من خالل تجربة ما‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫ضحت في الفصل ‪ )8‬وهي عبارة عن عملية حسابية ذهنية للقيمة المتوقعة أو‬ ‫‪ ‬القيمة‪( :‬كما ُو ِّ ّ‬
‫جربة أو المستذكرة‪ .‬وتُشتق القيمة من عملية موازنة النفور ( مثالً النفور من التكاليف‬ ‫ُم ّ‬
‫واأللم واإلزعاج) مع السعي إلى الربح (مثل ربح الفائدة والسرور والمكافأة)‪.‬‬

‫عرضت في الفصل ‪ )13‬وهي الدرجة التي تُعتبر فيها المهمة‬ ‫‪ ‬سهولة االستخدام‪( :‬وقد است ُ ِّ‬
‫اإللكترونية ممتعة وسهلة في التنفيذ‪ ،‬وهي صفة تُعزى للصفحات والمواقع اإللكترونية‪.‬‬

‫‪ ‬التفضيل‪( :‬وقد تم استعراضه في الفصل ‪ )8‬وهو الحكم الذي يُطلق على قيمة كل خيار من‬
‫الخيارات البديلة‪.‬‬

‫متغير رئيسي للنتائج‬


‫ٍ‬ ‫‪ ‬االختيار‪( :‬والتي استعرضناها في الفصل ‪)8‬وهي عبارة عن‬
‫ُقاس مباشرة ً من خالل‬
‫التسويقية‪ ،‬ويمكن ان تنتج عن عملية اتخاذ قرار ضمنية أو ظاهرة وي ُ‬
‫التجارب الخاصة بعملية االختيار‪.‬‬

‫‪ ‬السلوك واالداء‪( :‬كما استُعرض في الفصل ‪ )2‬وهي متغيرات إضافية مهمة للنتائج‬
‫التسويقية‪ ،‬فالسلوك هو عبارة عن فع ٍل ظاهر‪ ،‬إنما السلوكيات هي نتائج للعمليات الذهنية‬
‫الواعية والالواعية وتشمل ما يقوله ويفعله الناس‪ .‬أما األداء فيُحدد من خالل قياس السلوك‬
‫حكم على النجاح أو الفشل النسبي للسلوك‪.‬‬
‫مقابل هدفٍ أو توقعٍ ما‪ ،‬مما يؤدي إلى ٍ‬

‫مطابقة أساليب التسويق العصبي مع االستفسارات واألسئلة البحثية‬


‫يمكن الستجابات المستهلكين التي سندرجها في قائم ٍة في القسم هذا مطابقتها مع أساليب‬
‫وتقنيات التسويق العصبي التي غطيناها في الفصلين (‪ ،)17( )16‬كما وسندرج مجاالت التطبيق في‬
‫العملية التسويقية التي استعرضناها في الجزء (‪ )3‬من هذا الكتاب‪ .‬وسنقوم بتوفير تقديرات لما‬
‫يتوافق مع بعضه بعضا ً في جدول(‪ .)18-1‬وكما سترى عندما تلقي نظرة ً على الجدول‪ ،‬فهناك بعض‬
‫خالياه قد بقيت فارغة؛ وذلك ألنه ال يمكن أن يُستخدم بعض األساليب والتقنيات فيها أو أنها ليست‬
‫األنسب في استخدامها لقياس االستجابات السلوكية للمستهلكين في بعض مجاالت التطبيق في العملية‬
‫التسويقية‪ .‬وتحتوي خاليا أخرى على استجابات المستهلكين التي يمكن قياسها بشك ٍل أفضل باستخدام‬
‫ب أو تقني ٍة معين ٍة في ك ٍّل من نطاقات التطبيق التسويقية‪.‬‬
‫أسلو ٍ‬
‫ولجعل مهمة مطابقة مقاييس االستجابة السلوكية للمستهلكين مع األساليب والتقنيات أكثر ليونة‬
‫وقابلة لإلدارة‪ ،‬فإننا سنجمع التقنيات التي شرحناها في الفصلين (‪ )17( )16‬في ستة فئات واضحة‬

‫‪327‬‬
‫وهي‪ :‬دراسات أزمنة االستجابة السلوكية وتقنية تتبع العين والتجارب السلوكية والمقاييس الحيوية‬
‫وتقنية تخطيط كهربية الدماغ (‪ )EEG‬وتقنية الرنين المغناطيسي (‪.)fMRI‬‬

‫‪328‬‬
‫قياس استجابات المستهلك للتسويق وقطاع الترفيه‬ ‫جدول ‪1-18‬‬
‫أزمنة‬ ‫دراسات‬
‫االستجابة‬
‫تقنية (‪)fMRI‬‬ ‫تقنية (‪)EEG‬‬ ‫المقاييس الحيوية‬ ‫التجارب السلوكية‬ ‫تقنية تتبع العين‬
‫السلوكية‬

‫االرتباطات‬ ‫االرتباطات‬ ‫العواطف‬ ‫االستحضار‬ ‫عالمة ارتباطات ذهنية‬ ‫تأسيس‬


‫المنفردة‪ ،‬التكافؤ الذهنية الضمنية‪ ،‬الذهنية الضمنية‪،‬‬ ‫الذهني‪،‬‬ ‫ضمنية‪،‬‬ ‫تجارية‬
‫واإلثارة العاطفية سلوك االقتراب القيمة‪ ،‬االختيار‬ ‫االختيار‪،‬‬ ‫االستحضار‬
‫التجنب‪،‬‬ ‫أو‬ ‫السلوك‬ ‫الذهني‪ ،‬االختيار‬
‫االنتباه‪ ،‬تنشيط‬
‫الذاكرة‬

‫التكافؤ واإلثارة سلوك االقتراب‬ ‫أفكار المنتجات التفضيل‪،‬‬


‫التجنب‪،‬‬ ‫أو‬ ‫العاطفي‪،‬‬ ‫االختيار‬ ‫الجديدة‬
‫تنشيط الذاكرة‬ ‫السلوك‬

‫التكافؤ واإلثارة االرتباطات‬ ‫االنتباه‪ ،‬االختيار االستحضار‬ ‫تصميم المنتجات التفضيل‪،‬‬


‫الذهنية الضمنية‪،‬‬ ‫العاطفية‬ ‫الذهني‪،‬‬ ‫االختيار‬ ‫وأغلفتها‬
‫سلوك االقتراب‬ ‫االختيار‪،‬‬
‫التجنب‪،‬‬ ‫أو‬ ‫السلوك‬
‫تنشيط الذاكرة‬

‫‪329‬‬
‫دراسات أزمنة‬
‫تقنية (‪)fMRI‬‬ ‫تقنية (‪)EEG‬‬ ‫المقاييس الحيوية‬ ‫التجارب السلوكية‬ ‫تقنية تتبع العين‬ ‫االستجابة‬
‫السلوكية‬
‫القيمة‪ ،‬السلوك‬ ‫االرتباطات‬ ‫العواطف‬ ‫االستحضار‬ ‫االنتباه‬ ‫االرتباطات‬ ‫الدعاية‬
‫المنفردة‪ ،‬التكافؤ الذهنية الضمنية‪،‬‬ ‫الذهني‪،‬‬ ‫الذهنية الضمنية‪،‬‬ ‫واإلعالن‬
‫واإلثارة العاطفية سلوك االقتراب‬ ‫االختيار‪،‬‬ ‫االستحضار‬
‫التجنب‪،‬‬ ‫أو‬ ‫السلوك‬ ‫الذهني‪ ،‬االختيار‬
‫االنتباه‪ ،‬تنشيط‬
‫الذاكرة‬
‫سلوك االقتراب القيمة‪ ،‬االختيار‬ ‫االنتباه‪ ،‬التفضيل االستحضار‬ ‫التسوق‬
‫ُّ‬
‫التجنب‪،‬‬ ‫أو‬ ‫الذهني‪،‬‬ ‫والتسويق داخل‬
‫االختيار‬ ‫االختيار‪،‬‬ ‫المتاجر‬
‫السلوك‬
‫االرتباطات‬ ‫سهولة‬ ‫االنتباه‪ ،‬سهولة االستحضار‬ ‫التجربة‬
‫الذهنية الضمنية‬ ‫االستخدام‪،‬‬ ‫الذهني‪،‬‬ ‫االستخدام‬ ‫اإللكترونية‬
‫العواطف‬ ‫االختيار‪،‬‬
‫المنفردة‪ ،‬التكافؤ‬ ‫السلوك‪ ،‬سهولة‬
‫واإلثارة العاطفية‬ ‫االستخدام‬
‫االنتباه‪ ،‬السلوك‬ ‫التكافؤ واإلثارة‬ ‫االختيار‪،‬‬ ‫االنتباه‬ ‫قطاع الترفيه‬
‫العاطفية‬ ‫السلوك‬

‫‪330‬‬
‫دراسات أزمنة االستجابة السلوكية‬
‫إن دراسات أزمنة االستجابة السلوكية (التي تحدثنا عنها في الفصل ‪ )17‬أدوات بسيطة وغير مكلفة‬
‫وقابلة للتوسع وسهلة التفسير‪ ،‬حيث تستخدم هذه األدوات لقياس االرتباطات الذهنية الضمنية واالستحضار‬
‫الذهني الداللي والتأثُّري والتفضيالت واالختيارات‪ .‬وبسبب اعتماد هذه األدوات على االستجابات السريعة‬
‫لعمليات االختيار أو التصنيف المنفصلة‪ ،‬فإنها تكون في أقصى فائدتها بتحليلها للكلمات والصور الثابتة التي‬
‫خيار أقل مالئمةً‬
‫ٌ‬ ‫تشكل مح ِّفّزات لالستجابة‪ .‬وتعتبر خيارا ً موفقا ً لدراسة العالمات التجارية والمنتجات‪ ،‬ولكنها‬
‫لدراسة الدعاية واإلعالن (ما عدا اإلعالنات التجارية المطبوعة أو أخرى تأتي بهيئة ثابتة) باإلضافة إال أنها‬
‫التسوق أو المهمات اإللكترونية أو قطاع الترفيه‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ال تتناسب ودراسة‬

‫يمكن أن تجهز دراسات أزمنة االستجابة السلوكية بسرعة وذلك باستخدام الخدمات‬
‫اإللكترونية عبر اإلنترنت والتي تهتم بعمليات الترميز الضمنية المطلوبة لضمان دقة التوقيت‬
‫المخصص لمهمات االختيار‪ .‬وهناك نماذج تجريبية متاحةٌ أيضا ً والتي تُعدُّ سهلة التخصيص للعمل‬
‫مع المح ِّفّزات التي تجري عليها الدراسة‪ .‬ويُمكن أن يتم إجراء تجارب باستخدام اللوائح المستهلكين‬
‫اإللكترونية الموجودة أصالً‪ ،‬مما يسمح لك بالحصول على مئات االختبارات المنجزة من قِّبل‬
‫مشاركين مؤهلين في غضون جداول زمنية قصيرة‪.‬‬

‫تقنية تتبع العين‬


‫تتضمن تقنية تتبع العين (التي استعرضناها في الفصل ‪ 16‬و‪ )17‬قياس حركات العين ولحظات ثباتها‪،‬‬
‫تر ُّمش العين وردود فعل االنبهار فيها باإلضافة إلى قياس توسع بؤبؤ العين‪ .‬وتُعدُّ هذه التقنية تقنيةً شائعةً‬
‫قائمةً بحد ذاتها في دراسات التسويق العصبي‪ ،‬وهي ترتبط بشك ٍل منتظم مع أساليب أخرى في الدراسة وذلك‬
‫حينما يتم دراسة المح ِّفّزات السلوكية على نح ٍو بصري‪ ،‬إال أن هذه الطرق تُعتبر أقل فائدة لدراسة تأسيس‬
‫اإلعالنات التجارية ومفاهيم المنتجات الجديدة وذلك ألن هذه الدراسات ال تتضمن في العادة محفزات بصرية‪.‬‬
‫إن توفّر المقاييس الثابتة التي غالبا ً ما تكون مبنية في برامج تتبع حركة العين‪ ،‬يجعل من تتبع العين حالً‬
‫ممتازا ً لقياس درجة االنتباه والعمليات اإلدراكية لما وراء عمليات االختيار (حيث تستخدم مصاحبةً الختبار‬
‫االختيار اإلجباري) والتفضيالت الضمنية لدى المشاركين وسهولة استخدامها عبر اإلنترنت‪ ،‬إال أن تقنية تتبع‬
‫حركة العين تترك بعض األسئلة دون أنت تجيب عنها ‪ -‬مثل ما إذا كان ثبات العين هو تأثير االهتمام أم‬
‫االرتباك‪ -‬لكن مقاييس تتبع حركة العين هي مقاييس بديهية ومباشرة للسلوك الذي يعتبره الناس سهل الفهم‬
‫والتفسير‪.‬‬

‫وتأتي تقنية تتبع العين على شاكلتين هما‪ :‬تقنية تتبع حركة العين عن طريق اإلنترنت باستخدام كاميرة‬
‫الويب‪ ،‬وتقنية تتبع العين المخبرية باستخدام أدوات متخصصة بذلك‪ .‬من المفترض أن تكون شركات التسويق‬

‫‪331‬‬
‫العصبي اإللكترونية قادرة على مساعدتك في اتخاذ قرار فيما يخص الطريق التي تعبر األفضل في موازنة‬
‫دقة وقابلية توسع حاجاتك عند الدراسة‪.‬‬

‫التجارب السلوكية‬

‫إن التجارب السلوكية (التي ناقشناها في الفصل ‪ )17‬هي تقنية أساسية في اختبار المبادئ والمنظورات‬
‫في االقتصاديات السلوكية وعلم النفس االجتماعي‪ .‬وتُعد األسلوب التجريبي (انظر الفصل ‪ 19‬لمراجعة‬
‫األساسيات فيه) مرنا ً وغير مكلفٍ نسبيا ً وسهل التجهيز وسهل الفهم والتفسير للنتائج‪ .‬فمع كون االستدالالت‬
‫(أي األحكام والطرق اتخاذ القرار المختصرة) دليالً توجيهياً‪ ،‬عندها يمكن أن تكون التجارب السلوكية أسلوبا ً‬
‫ممتازا ً الختبار الفرضيات التي تخص االستحضار الذهني واالختيار والسلوك في سيناريوهات مختلفة‬
‫للمستهلكين‪.‬‬

‫تكون التجارب السلوكية مفيدة وباألخص في دراسة تأثير االستحضار الذهني على االختيار والسلوك‬
‫التسوق‪ ،‬سواء أكان في المتاجر العادية أو اإللكترونية‪ .‬وقد‬
‫ُّ‬ ‫خالل المواقف التي يتعرض لها المستهلك عند‬
‫بدأت تُستخدم هذه التجارب أيضا ً بكثرة في اختبار تأثير العالمات التجارية والمنتجات واألغلفة والدعاية‬
‫ت ذهني ٍة لالختيار والسلوك‪ .‬كما ويمكن استخدام التجارب السلوكية في اختبار االختيارات‬ ‫ستحضرا ٍ‬
‫ِّ‬ ‫بكونها ُم‬
‫والسلوكيات التي ُح ِّفّزت من خالل التجربة الترفيهية‪ ،‬كاالستجابة للعروض الدعائية لألفالم الجديدة‪.‬‬

‫تكمن الفائدة القصوى للتجارب السلوكية في أنها تقيس السلوك مباشرةً‪ ،‬لذا فال يكون هناك خطوة‬
‫صف قياسات اإلشارات إلى مقاييس مؤولة ليسهل فهمها‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫وسطية لترجمة‬

‫القياسات الحيوية‬
‫يُقاس نطاق واس ٌع من االستجابات الفيزيائية (الجسدية) عن طريق القياسات الحيوية (التي نوقشت في‬
‫الفصل ‪ ،)16‬وتتضمن قياس تعابير الوجه وحركات عضالت الوجه (باستخدام تقنية تخطيط كهربية عضالت‬
‫الوجه ]‪ )[EMG‬والمواصلة الكهربائية للجلد الناتجة عن عملية التعرق (نشاط كهربية الجلد ]‪)[EDA‬‬
‫ومعدل نبض القلب وضغط الدم والتنفس‪ ،‬حيث أنه يمكن استخدام المقاييس الحيوية عبر أغلب حقول‬
‫التسوق والدراسات‬
‫ُّ‬ ‫التسويق‪ .‬إال أن الحقل الوحيد الذي ال تُستخدم فيه المقاييس الحيوية على بشك ٍل واسعٍ هو‬
‫التسوق والتي غالبا ً ما تتدخل في اإلشارات‬
‫ُّ‬ ‫المجراة داخل المتاجر؛ وذلك ألن الحركات الجسدية في بيئات‬
‫الجسدية‪.‬‬

‫إن أفضل ما تتناسب معه المقاييس الحيوية هو قياس االستجابات العاطفية الواعية والالواعية‬
‫للمحفّزات‪ .‬وتُعدُّ مقاييس الجهاز العصبي الالإرادي مثل تخطيط كهربية الجلد (‪ )EDA‬ومعدل نبض القلب‬
‫مقياس‬
‫ٌ‬ ‫مفيدة في قياس مدى اإلثارة والتحفيز العاطفي‪ ،‬فتقنية تخطيط كهربية عضالت الوجه (‪ )EMG‬هي‬

‫‪332‬‬
‫دقيق وموثوق للتكافؤ العاطفي‪ ،‬كما يُستخدم تحليل تعابير الوجه(سواء أكان تحليالً آليا ً أو عن طريق خبير)‬
‫بشك ٍل أساسي في قياس العواطف المنفردة (مثل الساعدة والمفاجأة وهل َّم جرا ً)‪ .‬وتعتبر مقاييس تعبيرات الوجه‬
‫وتقنية تخطيط كهربية عضالت الوجه والمحفزات العاطفية هي أيضا ً مفيدة ٌ في اختبار مدى سهولة استخدام‬
‫االختبارات اإللكترونية؛ وذلك ألن هذه المقاييس تنفع في معايرة االستجابات العاطفية طويلة األمد للمهام‬
‫اإللكترونية مثل االرتباك أو اإلحباط أو الملل‪.‬‬

‫وذُ ِّكر أن إحدى شركات التسويق العصبي اإللكترونية ( مثل شركة إينرسكوب‬
‫]‪ )[Innerscope‬نجحت في استخدام المقاييس الحيوية لتنبؤ السلوكيات في السوق الناتجة عن‬
‫تصاميم المنتجات الجديدة؛ لذا فإننا نُض ِّ ّمن السلوك على أنه استجابةٌ يُمكن قياسها باستخدام‬
‫المقاييس الحيوية للحقل التسويقي الذي يتم تطبيق هذه المقاييس عليه‪.‬‬

‫تُعدُّ طريقة المقاييس الحيوية أقل تعقيدا ً من الطرق التي تستخدم تقنيتي (‪ )EEG‬و(‪ ،)fMRI‬إال أنها‬
‫ما تزال تمثل مرتبة مهمة تجاه التعقيد وذلك بالمقارنة مع دراسات أزمنة االستجابة السلوكية وتقنية تتبع‬
‫حركة العين والتجارب السلوكية‪ .‬فعلى عكس هذه الطرق المستخدمة‪ ،‬فتتطلب دراسات المقاييس الحيوية‬
‫خبرة ومعرفة متخصصة وذلك لوضع حساسات األجهزة على الجسد بالطريقة الصحيحة‪ ،‬كما وتتطلب تحكما ً‬
‫بشروط جمع البيانات وتحويل صفوف نتائج اإلشارات المست َقبَلة إلى مقاييس قابلة للتفسير‪.‬‬

‫تخطيط كهربية الدماغ (‪)EEG‬‬


‫وكما ناقشنا في الفصل (‪ ،)16‬فإن تقنية (‪ )EEG‬تقيس كهربية الموجات الدماغية‪ .‬وتمثل دراسات‬
‫قياس كهربة الدماغ مرتبة أعلى في التعقيد بالمقارنة مع بالدراسات التي تعتمد على الدراسات الحيوية‬
‫فتتطلب تدريبا ً على مستوى عا ٍل لدرجة الحصول على شهادة الدكتوراه في علم األعصاب لإلشراف على‬
‫الدراسة من بدايتها إلى نهايتها؛ من مرحلة التصميم التجريبي في التجهيز للدراسة إلى مرحلة جمع‬
‫المعلومات وتحليلها‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬غالبا ً ما تُجرى الدراسات التي باستخدام تقنية (‪ )EEG‬باالشتراك مع‬
‫أخصائيين في تقنية (‪.)EEG‬‬

‫ت تجارية جديدة وأفكار المنتجات‬ ‫لقد أدى استخدام تقنية (‪ )EEG‬إلى نتائج جيدة في التأسيس لعالما ٍ‬
‫وتصاميم األغلفة والمنتجات باإلضافة إلى دراسات الدعاية واإلعالن‪ .‬إال أنها أقل استخداما ً في دراسات‬
‫التسوق وذلك بالرغم من أنه قد ذٌ ِّكر أن عن شركة للتسويق العصبي ( شركة ساندز ريسيرتش ( ‪Sands‬‬ ‫ُّ‬
‫‪ ()Research, Inc‬أنها قد حصلت على نتائج مثيرة لالهتمام وذلك باستخدام معدات تقنية (‪ )EEG‬متنقلة‬
‫للتسوق داخل المتاجر‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ونظارة تستخدم تقنية تتبع العين فيها وذلك لدراسة االختيار والسلوك في مواقف فعلية‬

‫كر أن عدد الدراسات القائمة على تقنية (‪ )EEG‬كان أقل في اختبار التجربة اإللكترونية؛ وقد‬ ‫وقد ذُ َ‬
‫ق ُحر عند أداء المهام عبر اإلنترنت والتي‬‫يكون ذلك بسبب طبيعة السعي وراء األهداف التي تُعتبر ذات نطا ٍ‬
‫يصعب التوفيق بينها وبين المستوى المرتفع للتحكم التجريبي المتطلَّب للمقاييس الدقيقة لإلشارات التي تنتج‬

‫‪333‬‬
‫عن تقنية (‪ )EEG‬والتي تحتاج ألن تكون متوسطة فيما بين أفرا ٍد عدة‪ .‬فعندما يخوض الناس تجربة المهام‬
‫ق مختلفة‪ ،‬مما يجعل دماغهم ينتج سلسلة من الحاالت‬ ‫اإللكترونية‪ ،‬فإنهم يسعَون إلى تحقيق أهدافهم بطر ٍ‬
‫الذهنية ومن ردود الفعل العاطفية التي يَصعب دمجها وتفسيرها باستخدام تقنية (‪.)EEG‬‬

‫تعتبر تقنية (‪ )EEG‬أكثر تأثيرا ً في قياس ردود الفعل الدافعة لالقتراب والتجنب التي تنتج في الالوعي‬
‫التعرض إلى ُمح ِّفّ ٍز لالستجابة وذلك باستخدام طريقة الالتناظر في جزئي الدماغ والذي شرحناه‬
‫ُّ‬ ‫عندما يتم‬
‫في الفصل (‪ .)16‬كما تُعد تقنية (‪ )EEG‬أيضا ً منهجية ثابتة لقياس التغيُّرات اللحظية في االنتباه عن طريق‬
‫استخدام الترددات في تغير وتقلب وضع الشريطة الخاصة بالقياس والموضوعة على الرأس‪ ،‬وهي تقنية‬
‫التعرف على عملية تنشيط الذاكرة الواقعية فقط‪ .‬وأخيراً‪ ،‬فقد استُخدمت طريقة االحتماالت‬
‫ُّ‬ ‫قياس قادرة على‬
‫المتعلقة باألحداث (‪ )ERPs‬بشك ٍل واسعٍ للكشف عن العديد من جوانب االرتباطات الذهنية الضمنية بما في‬
‫ذلك التكافؤ العاطفي والشخصي وما يخرق التوقعات‪.‬‬

‫تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ (‪)fMRI‬‬


‫تقيس تقنية (‪ - )fMRI‬التي ناقشناها في الفصل ‪ -16‬معدل تدفق الدم في مناطق مختلف ٍة في الدماغ ذات‬
‫الصلة بالمهام والحالت الذهنية التي تكون نشطة‪ ,‬وتُعدُّ تقنية الرنين المغناطسي (‪ )fMRI‬أكثر التقنيات الذي‬
‫يستخدمها التسويق العصبي تعقيداً‪ ،‬ويعتبرها علماء األعصاب األكاديميين معيارا ً ق ِّيّما ً للتصوير الدماغ‪ ،‬إال‬
‫أن الميزات التي تجعلها أكثر التقنيات دقةًّ تجعلها أيضا ً أقلها عمليةً‪ .‬ويعزا ذلك إلى أن آالت تقنية (‪)fMRI‬‬
‫ضخمةً وباهظة الثمن‪ ،‬وتوجد فقط في المستشفيات ومنشآت البحوث علم األعصاب الممولة جيدا ً‪ .‬مع ذلك‪،‬‬
‫ي ِّ نقط ٍة في الدماغ وذلك طالما كان النشاط فيه ثابتا ً لمدة‬
‫فإنها التقنية الوحيدة التي تستطيع تحديد النشاط في أ ّ‬
‫ثوان المطلوبة إلتمام المسح الكامل للدماغ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ثالث إلى خمس‬

‫وفي علم األعصاب المختص بالمستهلكين (وهو فرع أكاديمي للتسويق العصبي)‪ ،‬فقد استُخدمت تقنية‬
‫يختص بها‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫والتسوق وقطاع الترفيه الذي‬
‫ُّ‬ ‫(‪ )fMRI‬لدراسة عملية التأسيس لعالم ٍة تجارية جديدة والدعاية‬
‫ت ذهني ٍة ضمنية وردود أفعا ٍل تجاه‬‫وقد تعرفت دراساتٌ رائدة في تأسيس العالمات الجديدة إلى ارتباطا ٍ‬
‫العالمات التجارية والتي تؤثر في عملية تقدير قيمة منتجٍ أو نتيج ٍة ما‪ .‬وقد توصلت الدراسات إلى أن‬
‫سية األساسية مثل‬ ‫االرتباطات الذهنية القوية تجاه عالم ٍة تجاري ٍة ما لديها القدرة في التأثير في التجارب الح َ‬
‫والتذوق كما أنها تؤثر في اختيارات المنتجات‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫حاسة الشم‬

‫إن تقنية (‪ )fMRI‬هي التقنية الوحيدة القادرة على كشف ديناميكيات العمليات المهمة في الدماغ‬
‫البشري‪ ،‬سامحةً لعلماء األعصاب بالتعرف على كيفية تنشيط عمليات توقعات اكتساب الفائدة أو تبديد النفور‬
‫(مقاومة صرف المال عند الشراء) في مناطق مختلفة في الدماغ وتوفيقها في عملية اختيار وشراء منتجٍ أو‬
‫عالم ٍة تجاري ٍة ما‪ .‬وتُستخدم تقنية (‪ )fMRI‬لتنبّؤ النتائج السلوكية التي تكون على نحٍ فردي أو جمعي في‬
‫إعالن تلفزيوني‪( .‬وستناقش هذه الدراسات التي أجراها فولك (‪)Falk‬‬ ‫ٍ‬ ‫التعرض إلى‬
‫ُّ‬ ‫المتاجر وذلك بعد‬
‫وليبرمان (‪ )Lieberman‬وزمال ٌء لهم في الفصل ‪).22‬‬

‫‪334‬‬
‫دمج التسويق العصبي مع طرق البحث التقليدية‬
‫يكمن تركيزنا في هذا الكتاب على التسويق العصبي‪ ،‬ولكن في التجارة التي تستخدم خدمات البحوث‬
‫السوق بشك ٍل دوري فقد يتطلب األمر منظورا ً أوع من للحديث عنه‪ .‬فإن التسويق العصبي هو األداة الواحدة‬
‫فقط في مجموع ٍة أكبر من الطرق والمنهجيات التي تُستخدم في ك ٍّل من بحوث المستهلكين الكبيرة والصغيرة‪.‬‬
‫وقادر على إبراز نفسه أيضا ً من أجل أن يندمج‬
‫ً‬ ‫فيجب على التسويق العصبي أن يتناسب مع هذه المنهجيات‬
‫مع برامج البحوث األوسع بكفاءة عالية‪.‬‬

‫أخذ نظرة أوسع عن متطلبات بحوث السوق‬


‫ق أساسية يتفاعل فيها المستهلكون مع العالمات التجارية أو المنتج وهي‬ ‫ُصور الشكل ‪ 1-18‬ثالثة طر ٍ‬ ‫ي ّ ِّ‬
‫‪ :‬ان يكون معرضا ً للرساالت التسويقية الخاصة بها‪ ،‬والتس ُّوق وشراء العالمة التجارية أو المنتج‪ ،‬واستهالك‬
‫أو استخدام المنتج‪.‬‬

‫‪335‬‬
‫الشكل‪1-18 :‬‬

‫دائرة المستهلك‪:‬‬
‫التسويق‬
‫والتسوق‬
‫ُّ‬
‫واالستهالك‬

‫تُش ِّ ّكل أشكال التفاعل الثالثة هذه ثالثة مراحل في العالقة الدورية بين المستهلك والمنتج أو العالمة‬
‫التجارية‪ .‬وك ُّل مرحلة تنتج مخرجاتٍ؛ أي التوقعات أو االرتباطات الذهنية أو االختيارات‪ ،‬حيث أن تكون هذه‬
‫المخرجات مدخال ٍ‬
‫ت لمرحل ٍة الحقة‪:‬‬

‫‪ ‬لتسويق‪ :‬حيث تبدأ استجابات المستهلك للتسويق بتوقعا ٍ‬


‫ت قائم ٍة على خبرة سابقة في‬
‫المنتجات‪ .‬إن الغاية وراء التسويق هي تغيير أو تعزيز هذه التوقعات من خالل تقوية‬
‫االرتباطات الذهنية بالعالمة التجارية أو المنتج‪ ،‬حيث أن التوقعات ال ُمحدثة هي مخرجات‬
‫الرسائل التسويقية الناجحة‪.‬‬

‫تسوقية (أي داخل المتاجر أو عبر األسواق في‬‫التسوق‪ :‬فعندما يدخل المستهلك إلى في بيئة ُّ‬
‫ُّ‬ ‫‪‬‬
‫التسوق (أي‬
‫ُّ‬ ‫يتسوقون‪ .‬ففي أثناء عملية‬
‫َّ‬ ‫اإلنترنت) فإن ارتباطاتهم الذهنية تكون معهم عندما‬
‫شط‪ ،‬وتكون نتيجة‬‫البحث واالختيار والشراء)‪ ،‬تُنشط بعض االرتباطات الذهنية وأخرى ال تُن ّ‬
‫هذا التنشيط الوصول إلى اختيار الذي يؤدي إلى عملية الشراء‪.‬‬

‫التسوق هي نفسها مدخالتٌ لعملية االستهالك‪ .‬وهنا فإن‬


‫ُّ‬ ‫‪ ‬االستهالك‪ :‬وفيه تكون مخرجات‬
‫المنتجات المشتراة تُستهلك وينتج عنها خبرة في المنتج والتي بدورها تحدِّّث من االرتباطات‬
‫ت لعملية استجابة المستهلكين لرسائل‬‫الذهنية والتوقعات‪ ،‬وعندئذ تصبح هذ التوقعات مدخال ٍ‬
‫تسويقي ٍة الحقة‪.‬‬

‫‪336‬‬
‫ويولّد‬
‫ِّ‬ ‫إن البرنامج البحثي المثالي الخاص بالسوق هو ذلك الذي يغطي دورة المستهلك الكاملة هذه‬
‫بمعنى آخر‪ ،‬فهو سيربط بين التسويق‬
‫ً‬ ‫مؤشرات أداء رئيسية لك ِّّل مرحلة في هذه الدورة ولك ِّّل نقطة ُّ‬
‫تحول‪.‬‬
‫والتسوق واالستهالك‪ ،‬واالستهالك والتسويق‪ ،‬ويربطها كلها بمجموعة موحدة من المقاييس‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫والتسوق‪،‬‬
‫ُّ‬
‫بدأت بعض الشركات الرائدة بالتفكير بشأن برامج بحوث السوق بهذه الطريقة الشمولية‪ .‬فهم قد أحبطوا‬
‫جراء استخدام منهجيات البحث المنفصلة والتي لم تُضف شيئا ً يُذكر ( بما في ذلك التسويق العصبي)‪ ،‬وهم‬
‫ي ٍ يوفر نظرة شاملة لمستهلكيهم عند ك ِّّل‬
‫بإطار كل ّ‬
‫ٍ‬ ‫يريدون دمجا ً وتركيبا ً خاصا ً ببياناتهم البحثية بنتائج مربوطة‬
‫نقطة في دورة المستهلك‪.‬‬

‫التفكير بشأن القدرة واإلمكانيات المتاحة من أجل هذه الدراسات الموحدة‬


‫إن أو َل خطوةٍ في بناء برنامجٍ شام ٍل مختص ببحوث السوق هي تحديد المنهجيات والتقنيات التي يجب‬
‫تضمينها في هذا البرنامج‪ .‬ففي الشركات الكبيرة المختصة بالتسويق في يومنا هذا‪ ،‬هناك أربعة فروع بحثية‬
‫رئيسية يُحتمل بان تُفعّل في إحدى أجزاء المؤسسات التسويقية ال محالة‪:‬‬

‫‪ ‬بحوث المالحظة‪ :‬فهذه الدراسات تستخدم منهجيات خاصة بعلم اإلنسان أو علم األجناس‬
‫البشرية ‪ ،‬أو تستخدم المقابالت الشخصية التقليدية ومجموعات الدراسة؛ وذلك لمالحظة‬
‫قدر من التدخل‪ .‬وتُعتبر هذه الدراسات دراسات وصفية ال كمية‪ ،‬وتهدف إلى‬
‫المستهلكين بأقل ٍ‬
‫ت جديدة بشأن المستهلكين‪.‬‬‫اكتشاف حقائق ومنظورا ٍ‬

‫كرس هذه البحوث لدراسة مجموعات من‬ ‫‪ ‬البحوث اإللكترونية والهاتفية‪ :‬ففي أيامنا هذه‪ ،‬ت ُ ّ‬
‫الناس عن طريق اإلنترنت من خالل أنواعٍ مختلف ٍة من تحليل محتوى وسائل التواصل‬
‫االجتماعية (أو ما يُسمى بـ"بالمحادثات")‪ .‬فباستخدام التسويق العصبي‪ ،‬يُمكن أن تتوسع‬
‫لدراسات اإللكترونية والهاتفية للتضمن دراسات أزمنة االستجابة السلوكية و دراسات السريعة‬
‫لالختيار اإلجباري ودراسات االستجابات الضمنية القائمة على االستخدام كاميرة الويب‪.‬‬

‫‪ ‬بحوث المجراة داخل المتاجر وعلى نقاط البيع (‪ :)POS‬وتجرى هذه الدراسات في متاجر‬
‫حقيقية أو مزيفة لفحص سلوك التسوق والشراء‪ .‬إن األدوات المستخدمة في البحث هي اختبار‬
‫الالفتات والعرض الموضوعة في والدراسات التي تجرى على طريقة عرض الرفوف في‬
‫المتجر ودراسات أنماط االزدحام فيه‪ .‬ويضيف التسويق العصبي التجارب السلوكية داخل‬
‫المتجر واالستحضار الذهني الالوعي إلى هذا المزيج من المنهجيات والطرق‪.‬‬

‫‪ ‬بحوث األداء ومعدل عائدات االستثمار (‪ :)ROI‬وتستخدم هذه الدراسات مجموعات‬


‫المستهلكين المشاركة في االستبيانات وبيانات التعرض اإلعالمي وبيانات شراء نقاط البيع‬

‫‪337‬‬
‫(‪ )POS‬وذلك لتقييم االداء وعائدات االستثمار (‪ )ROI‬الناتجة عن نفقات التسويق‪ .‬وتتطلب‬
‫هذه الدراسات على األغلب كميات هائلة من البيانات التي يُمكن توفيرها من خالل شركات‬
‫ث كبرى‪ .‬وتعتبر بيانات األداء و(‪ )ROI‬مهمة جدا ً في تطوير قاعدة بيانات معيارية وهذا‬
‫بحو ٍ‬
‫الموضوع سيتم مناقشته بالتفصيل في الفصل ‪.19‬‬

‫ويُضيف التسويق العصبي على هذه القائمة فرعا ً بحثيا ً خامسا ً وهو‪:‬‬
‫‪ ‬الدراسات المخبرية‪ :‬وهي دراسات تجريبية تًجرى في شروطٍ مخبرية محكومة ويُستخدم في‬
‫إجرائها المقاييس الحيوية أو تقنية (‪ )EEG‬أو (‪ .)fMRI‬وتتضمن الدراسات المخبرية أيضا ً‬
‫تجارب محاكاة و تجارب افتراضية واقعية‪.‬‬
‫إن الخطوة الثانية التي يجب أن تتّخذ لدمج وتوحيد ذروع البيانات هذه مع بعضها هو لتطوير وتوظيف‬
‫ي ٍ شام ٍل للنتائج والدروس المستفادة من الفروع البحثية الخمس ِّة هذه‪ ،‬حيث ت ُ ّ‬
‫نظ ُم حول بنية كليّة‬ ‫مستودع معرف ّ‬
‫مماثلة لنموذج دورة المستهلك (انظر الشكل ‪ .)1-18‬ويُمكن استخدام هذا المستودع المعرفي لجمع النتائج‬
‫ي ٍ على األداء لحساب العائدات‬ ‫أساس مبن ّ‬
‫ٍ‬ ‫ت جديدة‪ ،‬واأله ُّم من ذلك‪ ،‬توفير‬ ‫والتعرف على منظورا ٍ‬
‫ُّ‬
‫تخص شركةً كثيرة االستثمارات في بحوث السوق والتسويق‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫االستثماراتية (‪ )ROI‬الجارية والتي‬

‫تشييد بنية تنظيمية للدراسات الموحدة‬


‫لقد بدأت مؤخرا ً شركاتً رائدة بالتفكير في جهودها البحثية في هذا الطريق الكلي للبحوث‪ ،‬وبعضها‬
‫ت كبرى في مجال بحوث السوق أن توكل إدارة ووظيفة مثل هذا التنظيم إلى مصادر‬ ‫يطلب من شركا ٍ‬
‫خارجية ‪ ،‬بينما تبني شركاتُ اخرى قدرتها الخاصة باستخدام مصادر داخلية واستشارة خارجية للمساعدة في‬
‫ذلك‪.‬‬

‫ع من "السيطرة الهائلة" في البحوث؛ أي جمع التقنيات الحديثة من‬ ‫إال أن النظرة المطلقة هنا هي نو ٌ‬
‫تنظيم واح ٍد‬
‫ٍ‬ ‫ث أخرى جديدة واألساليب التقليدية في البحث‪ ،‬حيث ت ُ َ‬
‫ض ُّم تحت‬ ‫التسويق العصبي ومنهجيات بح ٍ‬
‫مخصص للتخطيط واإلشراف على البرنامج البحثي الكامل الذي يخص هذه الشركة‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫الجزء الخامس‬

‫العيش متأثرا ً بالتسويق العصبي‪:‬‬


‫االعتبارات العملية‬
‫واألخالقية‬
‫بريشة ريتشارد تينانت‬ ‫الموجة الخامسة‬

‫‪339‬‬
‫في هذا الجزء ‪...‬‬
‫سنتأمل بعض االعتبارات العملية واألخالقية الستخدام التسويق‬
‫العصبي‪ ،‬وسنشرح عددا ً من أفضل الممارسات التي يمكن للشركات الكبيرة‬
‫والصغيرة أن توظفها لطرح األسئلة البحثية الصحيحة‪ ،‬ولتصميم أفضل‬
‫الدراسات‪ ،‬والختيار أفضل الشركاء المستخدمين للتسويق العصبي‪،‬‬
‫ولتحقيق أفضل النتائج صرفهم األموال على على بحوث السوق‪.‬‬
‫وسنلقي أيضا ً نظرة ً على األشكال المسؤولة عن التسويق العصبي‬
‫األخالقي وسنستعرض بعض االستفسارات الخاصة بالسياسة العامة التي‬
‫ظهرت لتحوم حول استخدام التسويق العصبي‪ .‬وسنناقش ما إذا يجب تحديد‬
‫التسويق العصبي‪ ،‬أو ما إذا كان قد أصبح في الواقع قوة ً تُستخدم في سبيل‬
‫فائدة المجتمع‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫الفصل التاسع عشر‬

‫خمسة أمور يتوجب عليك معرفتها‬


‫بخصوص دراسات التسويق العصبي‬
‫ومقاييسه‬
‫سنناقش في هذا الفصل ما يلي‪:‬‬

‫مالحظة المدى الذي تعمل فيه التجارب على نح ٍو جيد‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫فهم صحة وودقة مقاييس التسويق العصبي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫إلقا ُء نظرةٍ على ماهيّة التأثير العكسي ومدى أهميته‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫معرفة اإلحصائيات التي يجب توقعها في دراسات التسويق العصبي في الوقت الحاضر والمستقبل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تقدير كيفية ربط البيانات المعيارية للتسوق العصبي بالقرارات التجارية الواقعية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إذا ما كنتُ تخطط لدراسة خاص ٍة بك باستخدام التسويق العصبي‪ ،‬أو أن تُجري مقابلةً مع شركة‬
‫إلكترونية خاصة بالتسويق العصبي‪ ،‬أو أن تُناقش موضوع التسويق العصبي فقط عند جلوسك قرب مبرد‬
‫أمور يجب عليك معرفتها لتكون مستهلكا ً أكثر ذكا ًء بخصوص‬ ‫ٍ‬ ‫المياه‪ ،‬فإن هذا الفصل سيغطي خمسة‬
‫التسوق العصبي وحتى إذا تطلب األمر أن تكون ناقدا ً أكثر ذكا ًء أيضاً‪ ،‬وتلك األمور الخمسة هي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬يجب عليك أن تكون قادرا ً على الحكم على جودة التصاميم التجريبية‪.‬‬
‫‪ ‬وعليك أن تكون واضحا ً بخصوص المقاييس التي تجري عمليات القياس في الواقع‪ ،‬كما يتوجب‬
‫عليك أن تفهم مشكلة التأثير العكسي وكيف يتم استعراضها‪.‬‬

‫ى يجب عليك أن تثق بالنتائج‪ ،‬األمر الذي يعني أن عليك فهم‬ ‫‪ ‬كما وتحتاج إلى أن تعرف إلى أي مد ً‬
‫كيفية استخدام اإلحصائيات‪.‬‬
‫‪ ‬يجب عليك ان تعرف ما إذا كانت البيانات المعيارية تُستخدم وكيفية استخدامها‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫إال أن هذه مواضي ٌع كلها مواضي َع كبرى‪ ،‬ولسنا نهدف في هذا الفصل إلى نجعل منك خبيرا ً بها‪ ،‬بل‬
‫ت رئيسي ٍة على ك ِّّل موضوع ولنوفر التفاصيل الكافية لتستطيع فهم السبب الذي يقبع‬‫لنركز على بضعِّ مالحظا ٍ‬
‫وراء أهمية كل موضوع‪ ،‬وكيف يؤثر في جودة دراسات التسويق العصبي‪ ،‬وما هي أفضل الممارسات التي‬
‫ي ٍ إلكترونية أو لحق ِّل التسويق‬
‫يجب أن تكون على وعي ٍ بها؛ إما في دراسة فردي ِّة أو شركات التسويق عصب ّ‬
‫العصبي ككل‪.‬‬

‫التصاميم التجريبية‪ :‬معرفة مدى إمكانية عمل التجارب على نح ٍو جيد‬


‫إن موضوع التصاميم التجريبية ليست موضوعا ً مألوفا ً للكثير من عمالء الجدد لبحوث التسويق‬
‫العصبي؛ وذلك ألن أغلب باحثي السوق يمتلكون خلفية في البحوث ال َمسحية بدالً من البحوث التجريبية‪.‬‬
‫ولتقييم جودة مسحٍ ما‪ ،‬فإن معظم باحثي يعرفون النقطة التي ينظرون إليه بالتحديد؛ فهم ينظرون إلى كيفية‬
‫تمثيل العينة‪ ،‬وإلى صياغة أسئلة الدراسة وترتيب هذه األسئلة وما إلى ذلك‪ .‬فما هي النقاط الرئيسية المكافئة‬
‫لتقييم جودة التصميم التجريبي؟ فنستعرض فيما يلي بعض التوجيهات بهذا الخصوص‪.‬‬

‫األسئلة الثالثة التي تستطيع كل التجربة الجيدة اإلجابة عنها‬


‫يجب عليك في أيةّ تجرب ٍة للتسويق العصب ّ‬
‫ي أن تُجيب على ثالثة أسئل ٍة بشأن التصميم بك ِّل سرعة‬
‫وسهولة وهي كما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬ما هي االستجابة التي يجري قياسها؟ وتُسمى أيضا ً المتغير االعتمادي‪ ،‬حيث تكون االستجابة هي‬
‫النتيجة التي تُقاس من ِّقبل التجربة‪ .‬فقد ترغب بأن تكون االستجابة ذات ارتباطات ذهنية ضمنية في‬
‫تجربة التسويق العصبي حيث تتضمن هذه االرتباطات ما يلي‪ :‬ما الذي يختاره المستهلكون؟ وكيف‬
‫يتغير سلوكهم؟ وكيف تتغير تفضيالتهم؟‬
‫حذر في دراسات التسويق العصبي التي تمتلك متغيرا ً سلوكيا ً يحدث في عقول‬ ‫ٍ‬ ‫كن على‬
‫الناس فقط‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬افترض أن دراسةً ما تُقيس "االنتباه إلى الدعاية واإلعالن" بكونه‬
‫المتغير الخاص بها‪ .‬فما هي االرتباطات الذهنية التجارية لمستوى االنتباه المرتفع مقابل االنتباه‬
‫إلعالن تجاري ٍ معين؟ وكما استعرضنا في الفصل (‪ ،)11‬فإن االنتباه قد يكون إما‬ ‫ٍ‬ ‫المنخفض‬
‫مرغوبا ً بشك ٍل أكبر أو أقل وذلك باالعتماد على نمط وشكل اإلعالن التجاري‪ .‬إال أنه وفي الجهة‬
‫المقابلة لالستجابة في الحالة الذهنية الصافية‪ ،‬فإن استجابةً سلوكيةً مثل "احتمالية شراء المنتج المعلن‬
‫عنه بعد مشاهدة اإلعالن" تمتلك ارتباطا ٍ‬
‫ت ذهني ٍة تجاري ٍة أقوى وأفضل‪.‬‬
‫‪َ ‬من ُهم الذين ستُجرى عليهم الدراسة؟ إن المواضيع التي سيتم دراستها هي مصادر االستجابات‪.‬‬
‫فاألشخاص الذين تتم دراستهم ‪ -‬في التسويق العصبي ‪ -‬هم في العادة مستهلكين ذوي عالقة مع منتجٍ‬ ‫ُ‬
‫أو عالم ٍة تجاري ٍة ما‪ .‬وأهم ما في دراسات التسويق العصبي هو الكيفية يتم من خاللها تعريف‬

‫‪342‬‬
‫مجتمع الدراسة؟ وما إذا كان الخاضعون للدراسة يُنت َقون بكفاءة من مجتمع الدراسة ذاك باستخدام‬
‫ت عدةٍ‬ ‫طريق ٍة االنتقاء عشوائي‪ .‬وغالبا ً ما تكون الدراسة عن كيفية اختالف االستجابات بين مجموعا ٍ‬
‫في مجتمع الدراسة الواحد كاالختالف بين استجابات النساء والرجال عن بعضهم‪ ،‬أو كالمستخدمين‬
‫بشراء منتجٍ واح ٍد‬
‫ِّ‬ ‫معين فقط‪ ،‬أو من يغيرون ويبدلون منتجاتهم وال يلتزمون‬‫ٍ‬ ‫الملتزمون بشراءٍ لمنتجٍ‬
‫فقط‪ ،‬أو كاختالف سلوكيات المستهلكين الكبار في السن مقابل الصغار سنا ً‪ .‬فيجب تعريف هذه‬
‫توظيف العدد الصحيح لكل مجموع ٍة‬ ‫ُ‬ ‫المجموعات قبل اختيار من سيتم إجراء الدراسة عليه‪ ،‬لذا فيتم‬
‫فرعي ٍة ليتم مقارنتها في التجربة‪.‬‬
‫وفي تجربة التسويق العصبي‪ ،‬فإنه يجب أن يكون من الواضح كيفية توظيف من يتم‬
‫إجراء الدراسة عليهم ولماذا هم يمثلون عينة عشوائية جيدة لمجتمع الدراسة المراد‪ .‬فإذا كانت عملية‬
‫تعميم خاطىءٍ عندما يتم تطبيق‬ ‫ٍ‬ ‫أخذ العينات عملية منحازة‪ ،‬فإن نتائج التجربة يُمكن أن تؤدي إلى‬
‫التجربة مرة ً اخرى على مجتمع الدراسة مرة ً أخرى‪.‬‬
‫هنالك مشكلةً شائعة في دراسات التسويق العصبي وهي في انحراف االختيار الذاتي‪ .‬فبسبب‬
‫ميل الناس الذين ينوون أن يدخلوا جهاز الرنين المغناطيسي (‪ )fMRI‬أو وضع قبعة جهاز تخطيط‬
‫كهربية الدماغ (‪ )EEG‬على رؤوسهم إلى أن يكونوا مغامرين أكثر من األشخاص العاديين‪ ،‬فإن‬
‫هذا قد يتسبب في انحراف نتائج دراسة‪ ،‬حيث يكون فيها األشخاص أقل أو أكثر مغامرةً‪ ،‬وقد‬
‫يستجيبون بطريقة مختلفة‪ .‬احرص على أن تناقش معايير اختيار العينات مع شريكك في بحث‬
‫التسويق العصبي‪.‬‬
‫‪ ‬ما هي اإلجراءات التي يتم تطبيقها؟ وتُسمى بالمتغيرات المستقلة‪ ،‬حيث تكون اإلجراءات هي‬
‫ت مختلف ٍة‬‫التدخالت المختلفة التي تُطبّق على الشخص الذي تُجرى عليه الدراسة والتي تنت ُج استجابا ٍ‬
‫أو العكس‪ .‬ففي دراسات التسويق العصبي‪ ،‬تتعرض اإلجراءات عادة ً إلى محفزا ٍ‬
‫ت تسويقي ٍة مختلفةٍ‪،‬‬
‫مثل إصدارات مختلفة من اإلعالنات التجارية أو تصاميم األغلفة أو طرق عرض المنتجات داخل‬
‫المتاجر‪.‬‬

‫وفي إحدى تجارب التسويق العصبي‪ ،‬تحتاج اإلجراءاتُ إلى أن تُصمم بطريق ٍة تحافظ‬
‫ي ٍ بصو ٍ‬
‫ت عا ٍل‬ ‫إعالن تجار ّ‬
‫ٍ‬ ‫عرض‬
‫ُ‬ ‫على معادلة جوانب اإلجراءات التي ال يتم دراستها‪ .‬فإذا تم‬
‫منخفض مثالً‪ ،‬فيُع ُّد ذلك خرقا ً للمعادلة والموازنة فيما بينهما‪ ،‬مما يمكن أن يتسبب‬
‫ٍ‬ ‫وآخر بصو ٍ‬
‫ت‬
‫في انحرافٍ في نتائج التجربة‪ .‬وسنقوم في الفصل (‪ )20‬بشرح عدد من المشاكل المحتملة من‬
‫هذا النوع‪.‬‬
‫سن تصميمها‪ ،‬فمن المفترض أن يكون تعريف العناصر الثالثة هذه وكيفية‬ ‫وفي تجرب ٍة قد َح ُ‬
‫تفاعلها أمرا ً سهالً‪ ، .‬ابحث عن أي شيءٍ يمكن أن ينتج انحرافا ً في النتائج على وجه الخصوص‪.‬‬
‫ففي تجرب ٍة تتعلق باالستجابات الضعيفة والمشوشة‪ ،‬فإن عملية أخذ العينات المنحرفة أو‬

‫‪343‬‬
‫اإلجراءات التي قد ال تبقي التأثيرات األخرى ‪ -‬التي تؤثر في من تُجرى عليه الدراسة – ثابتة‪ ،‬ستؤدي إلى‬
‫نتائ َج مضلل ٍة مهما كان مستوى المهارة التي تُجرى فيها الدراسة‪.‬‬

‫معرفة األشياء التي نسمح لها بالتغير أو التي نبقيها ثابتة‬


‫يقوم المنطق في تجرب ٍة ما على تدوير فكرة التغيّر (أي كيفية اختالف االستجابات باختالف‬
‫مجموعات اإلجراءات واألشخاص الذين تُجرى عليهم الدراسة)‪ .‬وتُصمم التجارب للتقسيم ذلك التغيُّر إلى‬
‫صادر الخطأ (ويعني‬ ‫ُ‬ ‫ثالثة مصادر منفردة‪ :‬أولها مصدر التغيُّر الذي تريد قياسه‪ ،‬أما االثنين اآلخرين فهما م‬
‫التغيُّر الذي تريد التحكم به أو أن تقلل منه)‪ .‬إن طرح أسئل ٍة بشان الطريقة التي يتم فيها تولي التغيُّر في‬
‫تجرب ٍة ما هو طريقة جيدة لتقييم جودة التصميم التجريبي‪ .‬ونستعرض فيما يلي المصادر الثالثة للتغيُّر‪:‬‬
‫ت مختلف ٍة‪ :‬وهذا التغير الذي تريد رؤيته‪ ،‬فإذا كنت تُجري اختبارا ً‬ ‫جراء إجراءا ٍ‬‫‪ ‬التغيُّر في االستجابة ّ‬
‫يتعلّق بتنشيط الذكريات على نح ٍو مختلفٍ من قِّبل إعالنَين تجاريين على سبيل المثال‪ ،‬عندها ستود‬
‫رؤية إذا ما كان إحدى اإلعالنين قد فعّل الذكرى بوضوحٍ أكثر من اآلخر‪.‬‬
‫جراء كيفية قياس االستجابة‪ :‬وهذا ما يُسمى بخطأ القياس‪ ،‬ويكون مصدر تغيُّره هو ما تريد‬ ‫‪ ‬التغيُّر ّ‬
‫أن تقلل منه‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬إذا كان مقياس الذاكرة الخاص بك ليس دقيقاً‪ ،‬فإنك ستجد اختالفا ٍ‬
‫ت‬
‫في االستجابات التي ال تتعلق بخطأ في اإلجراءات‪ ،‬بل بخطأ في القياس‪.‬‬
‫مصدر آخر من مصادر التغيُّر الذي يجب عليك‬ ‫ٌ‬ ‫جراء العملية التي تتم فيها التجربة‪ :‬وهذا‬‫‪ ‬التغيُّر ّ‬
‫التقليل منه‪ ،‬ويَنتج عن كيفية إجراء التجربة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬افترض أنك تجري اختبارا ً في‬
‫حارة جداً‪ ،‬عندها قد تحصل على نتائج مختلفة بسبب الغرفة‬ ‫ّ‬ ‫غرفتين؛ غرفةٌ باردة ٌ جدا ً وأخرى‬
‫جراء العملية التجريبية‪.‬‬
‫المستخدمة في التجربة‪ ،‬وهذا التغيُّر ينتج ّ‬

‫إن مهارة مستخدمي التسويق العصبي في التحكم بالتغيُّر والناتج عن العملية التي تتم فيها‬
‫فلمقاييس مثل (‪ )EEG‬و(‪ )fMRI‬أو‬ ‫َ‬ ‫التجربة يمكن أن تكون نقطةً رئيسية في التفاضل والتمايُز‪.‬‬
‫المقاييس الحيوية على وجه الخصوص‪ ،‬فليس من السهل الحصول على نتائج قابلة للمقارنة في‬
‫ت مختلفة‪ .‬تستطيع‬ ‫االختبارات التي تُجرى بمواقع مختلفة من قِّبل فنيين مختلفين وباستخدام معدا ٍ‬
‫الشركات اإللكترونية الخاصة بهذه التجارب أن تقلل من نسبة التغيُّر ضمن هذه الحاالت من خالل‬
‫معايرة اإلجراءات والمنشآت وتدريب القائمين على التجارب بشك ٍل صارم‪ .‬فإذا أردت أن تجري اختبارا ً‬
‫عالميا ً أو في نطاقا ٍ‬
‫ت متعددة ُ الثقافات‪ ،‬فإن هذا قد يكون ذا أهمي ٍة كبيرةٍ عندما تقوم بمقارنة الشركاء في‬
‫التسويق العصبي‪.‬‬

‫وبالرغم من أنك دائما ً ما تريد التقليل من نسبة التغيُّر الناتجة عن عمليات القياس والعملية التي تتم من‬
‫خاللها التجارب‪ ،‬إال أنك لن تستطيع التخلص منه كليا ً‪ .‬فمهما كانت المشكلةُ كبيرة ً أو يُمكن السيطرة عليها‬

‫‪344‬‬
‫فهذا يعتمد على نوع التغيُّر الذي تواجهه‪ .‬يب ِّيّن الشكل (‪ )19-1‬نوعين من األخطاء التي تمتلك ارتباطا ٍ‬
‫ت‬
‫مختلفة لنتائج تجرب ٍة ما‪.‬‬

‫الشكل ‪:1-19‬‬

‫الخطأ بسبب‬
‫الصدفة مقارنة‬
‫بالخطأ الناتج‬
‫عن االنحراف‬

‫شكل توضيحي من صنع ويلي (‪ ،)Wiley‬شركة (‪)Composition Servers Graphics‬‬

‫إن الخطأ الناتج عن الصدفة هو خطأ ل ِّيّ ٌن قاب ٌل للحل‪ ،‬ألنه قد أ يزول بطريقة أو بأخرى‪ .‬فعلى المدى‬
‫البعيد‪ ،‬إذا كنت قد أخذت القياسات الكافية‪ ،‬فإن األخطاء ستلغي بعضها بعضا ً وستحصل على ‪ -‬في المتوسط ‪-‬‬
‫تقييم جي ٍد للقيمة الحقيقية الضمنية (أي تكون في مركز الهدف في لوحة الهدف على اليسار الشكل‬ ‫ٍ‬ ‫على‬
‫السابق)‪ .‬ال يمكن التخلص من الخطأ النتاج عن الصدفة‪ ،‬بل يمكن التحكم فيه عن طريق مهمة عشوائية‬
‫تتضمن مواضيع دراسة ليتم معالجتها كما تتضمن حجم عين ٍة كبير ٍة وكافية‪.‬‬

‫أما الخطأ الذي يسببه االنحراف فيشكل إشكاليةً أكبر من سابقه‪ ،‬فيمكن أن يكون ‪ -‬في الواقع ‪ -‬خطأ‬
‫مبين على لوحة الهدف اليمنى في الشكل أعاله‪ .‬ويعد‬‫ٌ‬ ‫ي وذلك ألنه يبعد التجربة عن محورها‪ ،‬فكما هو‬‫كارث ٌّ‬
‫االنحراف خطأ نظاميا ً (ال عشوائيا ً) ال يمكن التحكم به؛ ألنك ال تعلم بوجوده في األغلب‪ ،‬فهو يُعدُّ خطا ً‬
‫متسلالً يخدعك بأن يظهر لك بأن لديك إجابا ٍ‬
‫ت دقيقة حيث أنك في الواقع ال تمتلكها‪.‬‬

‫ت واضح ٍة ضد أي خطأ ناتجٍ عن االنحراف‪ .‬فبعيدا ً عن أ ّ‬


‫ي ِّ‬ ‫تمتلك التصاميم الجيدة ضمانا ٍ‬
‫تجرب ٍة فرديةٍ‪ ،‬تحتاج المقاييس ألن تُختبر ليتم تقييم مستوى خطأ القياس فيها‪ ،‬كما ويجب معايرة‬
‫اإلجراءات والممارسات في التجربة لتكون ثابتة بحيث تقلل من أخطاء العملية التي تتم من خاللها‬
‫التجربة‪.‬‬

‫وهذه ليست أنواعا ً للجهود التي تظهر في التقارير البحثية‪ ،‬وإنما هي أساسياتٌ للحرص على أنه يمكن‬
‫كأسس لعملية اتخاذ القرار‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ث آخر بخصوص هذا الشأن)‬ ‫ي ِّ نتائج لبح ٍ‬
‫الوثوق بنتائج التسويق العصبي (أو أ ّ‬

‫‪345‬‬
‫ثــــالث قواعـــــــــــد عا ّمــــــة لتصميـــــم التجــــارب الجيـــــــدة‬

‫هنالك ثالث قواعد عامة ليصنف التصميم بها‪ ،‬سواء أكانت في المقاييس أو العملية التي‬
‫تجري فيها التجربة‪.‬‬ ‫التجريبي على أنه تصمي ٌم جيدٌ وهي‪:‬‬
‫✓ أن يُفصل تأثير الفائدة فيه‪ .‬حيث يجب معرفة‬
‫االستجابات واإلجراءات ومواضيع الدراسة التي ✓ قم باختيار بقية المتغيرات عشوائيا ً‪ .‬فبالنسبة‬
‫تود قياسها بكل دق ٍة ممكنة‪ .‬فإذا تتضمنت التجربة للمصادر المحتملة لألخطاء التي ال يمكنك التحكم‬
‫ت عشوائي ٍة‬ ‫إجراءين اثنين‪ ،‬عندها احرص على أن تقيسهما بها‪ ،‬استخدم مهمات أو اختيارا ٍ‬
‫صي التأثيرات غير المرغوبة بها‪ .‬وقم‬ ‫كالهما على انفراد ومن ث ّم معا ً لتتمكن من فصل لتق ّ‬
‫بتخصيص إجراءات مواضيع الدراسة بشك ٍل‬ ‫تأثيرهما فيما بعد‪.‬‬
‫عشوائي‪ ،‬ث ّم اختر ترتيب عدد مرات التعرض‬
‫ق لإلجراءات عشوائياً‪ ،‬وخصص مواضيع الدراسة‬ ‫✓ تحكم فيما تستطيع السيطرة عليه‪ .‬أب ِّ‬
‫جرا ً‪.‬‬
‫َّ ّ‬‫م‬ ‫وهل‬ ‫االختبار‬ ‫ومعدات‬ ‫غرف‬ ‫في‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫عشوائي‬ ‫المتغيرات الغريبة ثابتةً متى ما يكون ذلك ممكنا ً‪.‬‬
‫واجعل اإلجراءات مماثلة لبعضها قدر اإلمكان سيسمح ذلك ألي أخطاءٍ عشوائي ٍة لست قادرا ً‬
‫بإلغاء بعضها بعضا ً فيما يتم جمع‬
‫ِّ‬ ‫ما عدا العناصر التي تريد مقارنتها مع بعضها‪ ،‬على التحكم بها‬
‫وعليك التقليل من المصادر التغير غير المرغوبة البيانات في الدراسة‪.‬‬

‫نظرية القياس‪ :‬فهم الصحة والدقّة‬


‫مفر منها في التسويق العصبي وهي أن مقاييسه أكثر غموضا ً من مقاييس التي‬ ‫هنالك حقيقة ال َّ‬
‫شخص يمتلك فكرة ممتازة عما يعنيه المقياس المسمى‬
‫ٍ‬ ‫يستخدمها المسوقون في طرق البحث التقليدية‪ ،‬فكل‬
‫إلعالن‬
‫ٍ‬ ‫يوم من رؤيتهم‬
‫بمقياس قدرة االستذكار بعد مضي يوم والذي يعني‪" :‬ما يتذكره الناس بعد مضي ٍ‬
‫معين"‪ .‬ولكن‪ ،‬ما الذي يعنيه تنشيط الذاكرة؟ فقد تجيب شركة إلكترونية للتسويق العصبي عن هذا‬ ‫ٍ‬ ‫يٍ‬
‫تجار ّ‬
‫السؤال "بأنه يعني التفعيل المتزايد لنشاط حلقة (الثيتا) في القشرة الدماغية األمامية المتوسطة وذلك عند‬
‫إعالن ما"‪ ،‬ولكن ما الذي يعنيه ذلك ؟‬
‫ٍ‬ ‫مشاهدة‬

‫ولحسن الحظ‪ ،‬هنالك فرع من فروع المنهجيات البحثية التي تولى أسئلةً كهذه وتُسمى بنظرية القياس‪.‬‬
‫فبالرغم من أن هذا قد يكون موضوعا ً عميقا ً للباحثين‪ ،‬إال ان المبادئ األساسية هي ميسورة جدا ً ويمكنها‬
‫مساعدتك في التفكير في المقاييس التي تصادفها في بحوث التسويق العصبي وطرحِّ أسئل ٍة ذكية بشأنها‪.‬‬

‫‪346‬‬
‫قياس الشيء الصحيح وقياسه على النحو الصائب‬
‫تنظر نظرية القياس إلى جودة المقاييس من خالل بُعدين اثنين هما‪:‬‬

‫‪ ‬الصحة‪ :‬وهي المدى التي تقيس فيه هذه المقاييس للشيء التي تعلن عن قياسه‪ .‬وهذا يجيب على‬
‫السؤال التالي‪" :‬هل تقيس الشيء الصحيح؟"‬
‫‪ ‬الدقّة‪ :‬وهو مدى عمل المقاييس بشك ٍل مماث ٍل في المواقف المماثلة‪ .‬والسؤال هنا‪ " :‬هل تقيس ذلك‬
‫الشيء على النحو الماثل؟"‬
‫تخص‬
‫ُّ‬ ‫ولفهم مدى صحة المقاييس‪ ،‬فإن عليك فهم فكرة البنية النظرية لها‪ .‬فالبنية النظرية هي فكرة ٌ‬
‫شيءٍ موجو ٍد في هذا العالم‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ففي هذا الكتاب تحدثنا عن االنتباه والعاطفة و فهم سالسة‬
‫بنى نظرية وال يمكن قياسها مباشرةً؛ لذلك فإننا نقيس األشياء التي‬ ‫الشيء والكثير من األفكار‪ ،‬وهي كلها ً‬
‫نستطيع قياسها‪ ،‬ثم نأمل في أنها تقيس فعالً البنى التي نحن مهتمون بدراستها‪ .‬فإذا تم قياسها فعالً‪ ،‬فإننا نقول‬
‫بأنها مقاييس صحيحة ( أو إذا ما أردنا أن نبدو أكثر علميةً‪ ،‬فإننا نقول أنها تمتلك صحة بنيوية)‪.‬‬

‫قد يبدو هذا لنا ‪ -‬وبشك ٍل ميؤوس منه ‪ -‬أمرا ً مجردا ً ال ملموساً‪ ،‬ولكن ليس من الصعب أن نقيّم صحة‬
‫مقاييس التسويق العصبي‪ .‬فخذ المقياس الذي يُسمى "باالنتباه" مثالً‪ ،‬فإذا كان مقياسا ً صحيحاً‪ ،‬عندها يجب أن‬
‫شخص ما يقوم بشيءٍ نعتقد بأنه يحتاج إلى الكثير من االنتباه (وذلك بنا ًء‬
‫ٌ‬ ‫ى عا ٍل فيه عندما يكون‬ ‫يُحقق مستو ً‬
‫فلم ما‪ .‬ويجب أن يحقق هذا المقياس‬ ‫على فهمنا للبنية النظرية)‪ ،‬مثل مشاهدة مشهد مطاردة بالسيارات في ٍ‬
‫ألمر ال يوجب الكثير من االنتباه مثل مشاهدة األبقار ترعى في المرج‪ .‬وتميُّز‬
‫مرتبة متدنية عند فعل الشخص ٍ‬
‫ت مختلف ٍة للبنية النظرية التي تُسمى بالصحة التمييزية‪.‬‬
‫هذه القدرة بين مستويا ٍ‬

‫يجب على مقياس االنتباه الصحيح أن يؤدي إلى نتائج مشابهة للمقاييس األخرى الخاصة باالنتباه مثل‬
‫مقياس تتبع العين أو مقايس معدل نبض القلب أو مقايس اإلبالغ الذاتي عن مدى االنتباه (وذلك ألن االنتباه هو‬
‫استجابة واعية)‪ .‬وحيثما يفعل هذا المقياس ذلك‪ ،‬فإننا نستطيع القول بأن المقياس ذا الصحة المتقاربة‪.‬‬

‫وبسبب غموض مقاييس التسويق العصبي بطبيعتها نوعا ً ما‪ ،‬فعلى الشركات ذات السمعة‬
‫الحسنة أن تمتلك مجموعات من األمثلة المتاحة لك ٍّل من الصحة التمييزية والصحة المتقاربة في‬
‫مقاييسها‪ .‬ونحن نوصي هنا باالطالع على هذه األمثلة بالتفصيل مع شركة التسويق العصبي التي‬
‫تعمل معها وذلك لتتأكد من أن مقاييسها وإجراءاتها يمكن أن تٌطبق على ما تريد قياسه في تجربتك‪.‬‬

‫إن أفضل طريقة لفهم الصحة هي وفقا ً إلمكانية التكرار‪ .‬فإذا كنت "تقيس على النحو الصحيح"‪ ،‬فإنه‬
‫من المفترض أن تحصل على اإلجابة ذاتها في ك ِّّل مر ٍة تقيس فيها الشيء نفسه‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬إذا ما تم‬
‫اختيار عينتين من مجتمع الدراسة ذاته ثم تم تعريضها إلى محفّ ٍز في ظروفٍ اختبارية مشابهة‪ ،‬فمن المفترض‬
‫ت تُعزى فقط لخطأ عشوائي)‪ .‬وهنا تكون إمكانية التكرار هي الميزات‬ ‫أن تكون النتائج متشابهة (مع اختالفا ٍ‬
‫لمقياس صحيح‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الرئيسية‬

‫‪347‬‬
‫وكما تمتلك شركات التسويق العصبي حسنة السمعة أمثلة على الصحة‪ ،‬فيجب أن تكون قادرة‬
‫على أن تُريك أمثلةً على دقة وموثوقية مقاييسها‪ .‬ونحن ننصحك بأن تراجع هذه األمثلة بالتفصيل قبل‬
‫أن تبدأ بعالق ٍة تجاري ٍة مع شركات التسويق العصبي؛ وذلك ألنها توفر لك مؤشرا ً ممتازا ً على الجودة‬
‫الكلّية إلمكانات الشركة وممارساتها‪.‬‬

‫ي ِّ حق ٍل آخر ‪ -‬في إمكانية التعميم‪.‬‬


‫جوهر نظرية القياس ‪ -‬في التسويق العصبي كما هي في أ ّ‬‫ُ‬ ‫ويكمن‬
‫فيمكن أن يُعتبر المقياس قابالً للتعميم فقط إذا ما كان لديك أسبابٌ مقنعة لتؤمن بأنه سيؤدي إلى اإلجابة ذاتها‬
‫ي ٍ مشابه‪ .‬فكما هو موض ٌح في الشكل (‪ ،)19-2‬تتطلب إمكانية‬ ‫وإلى اإلجابة الصحيحة في ظرفٍ مستقبل ّ‬
‫التعميم كالً من الصحة والدقة‪.‬‬

‫الشكل ‪:2-19‬‬

‫الصحة والدقة‬
‫وإمكانية‬
‫التعميم‪(Composition Servers‬‬
‫‪ ،‬شركة )‪Graphics‬‬
‫ت محتملة من الصحة والدقة‪.‬‬ ‫توضّح لوحات األهداف في الشكل (‪ )19-2‬أربع مجموعا ٍ‬
‫أشخاص يتم قياس استجاباتهم‪ ،‬حيث تكون االستجابة‬ ‫ٌ‬ ‫تخيل أن التشتت الذي بين الحلقات في الشكل هي‬
‫"الحقيقية" هي النقطة المركزية للوحة الهدف‪ .‬وفيما يلي نبين كيفية ارتباط األنماط األربعة بإمكانية التعميم‪:‬‬

‫‪ ‬المقياس الصحيح ولكن غير الدقيق‪ :‬حيث ال يمكن تعميم هذه المركب‪ ،‬وذلك ألنه يحتوي على‬
‫الكثير من األخطاء العشوائية‪ ،‬فمن المحتمل أن يُفسد اإلجابة الصحيحة في مرةٍ الحقة ألنه بمثابة‬
‫المشتت لهذا المقياس‪ .‬فبسبب عشوائية الخطأ هنا‪ ،‬يكون المقياس الصحيح غير الدقيق سهالً نسبيا ً في‬
‫معالجة أحجام كبيرة من العينات (عيناتٌ كبيرة بما يكفي لتسمح ألخطاءٍ عشوائي ٍة بأن تلغي بعضها‬
‫بعضا ً)‪.‬‬
‫‪ ‬المقياس الدقيق ولكن غير الصحيح‪ :‬وهذا المقياس أيضا ً ُ‬
‫غير قاب ٍل للتعميم ألنه ال يهدف إلى إيجاد‬
‫اإلجابة الصحيحة‪ ،‬فهو يحقق الدقة‪ ،‬غير أنها تعتبر دقةً خاطئة‪ .‬وقد يكون هذا المقياس مقياسا ً جيدا ً‬
‫وذلك إذا ما كانت صحة االختبار لم تُحقق بعد‪ ،‬مما يجعل استخدامه على وجه الخصوص ينضوي‬
‫على مخاطرة‪ .‬ليس من الممكن تصحيح المقياس الدقيق غير الصحيح إال في حال تعريف مصدر‬
‫االنحراف النظامي وتصحيحه‪.‬‬

‫‪348‬‬
‫‪ ‬المقياس غير الصحيح وغير الدقيق‪ :‬وهذا المركب غير قاب ٍل للتعميم ألنه يهدف إلى التوص ِّل إلى‬
‫اإلجابة الخاطئة والتي غالبا ً ما تفشل‪ ،‬فإذا ما تم المضي على النحو الخاطئ‪ ،‬عندها يُعدُّ هذا المركب‬
‫صعب الفحص والتصحيح‪.‬‬
‫‪ ‬المقياس الصحيح والدقيق‪ :‬وهذا المركب هو الوحيد الذي يحقق اإلجابة الصحيحة كما يحقق الدقة‪،‬‬
‫مما يعني أنه من المحتمل جدا ً أن يحقق اإلجابة الصحيحة في مرةٍ الحقة‪ .‬ويُعدّ المقياس الذي يجتاز‬
‫اختبار الصحة والدقة قابالً للتعميم؛ أي من العينة إلى مجتمع الدراسة ككل ومن الحاضر إلى‬
‫المستقبل‪.‬‬

‫تحسين صحة ودقة مقاييس التسويق العصبي‬


‫المقاييس يمكن أن يُعزى سبب الفشل في تحقيق الصحة والدقة إلى أحد مصدري التغيُّر "غير‬
‫المرغوب فيها" أو إلى كليهما في التجربة‪ ،‬وهما خطأ في القياس وخطأ في عملية سير التجربة‪ .‬إن كال من‬
‫هذين المصدرين ينقسمان بدورهما إلى نوعين‪ :‬الخطأ الناتج عن الصدفة (وهو التشتت العشوائي) أو الخطأ‬
‫الناتج عن االنحراف (خطأ منهجي)‪.‬لذا يكون لدينا هنا أربعة مسببات لضعف الصحة والدقة في المقياس‬
‫وهي‪ :‬التشتت في القياس والتشتت في سير التجربة واالنحراف في القياس واالنحراف في سير التجربة‪.‬‬

‫ق بسبب التشتت العشوائي بشك ٍل‬‫يمكن تحسين المقياس الصحيح في أساسه والذي قد يكون غير دقي ٍ‬
‫سه ٍل نسبيا ً وذلك من خالل زيادة حجم العينة‪ .‬فبسبب تشتت األخطاء فيه بشك ٍل عشوائي حول مركز صحة‬
‫المقياس‪ ،‬فإنها ستلغي بعضها في العينة الكبيرة‪ ،‬مظهرة ً القيمة الحقيقية للبنية النظرية المتضمنة‪ .‬وإذا كان‬
‫مصدر التشتت هو عملية سير التجربة‪ ،‬عندها يمكن تحسين درجة الدقة من خالل تضييق إجراءات التجربة‬
‫للتقليل من تشتت النتائج‪.‬‬

‫إن المقياس الذي يعاني من خطأ سببه االنحراف سيكون حتما ً مقياسا ً غير صحيحِّ وقد يكون غير دقي ٍ‬
‫ق‬
‫ت" عشوائي ال يمكن أن يتم التحكم به ومعالجته‬ ‫أيضا ً‪ .‬فإن االنحراف الذي ينتج خطأ منهجي بدالً من "تشت ٍ‬
‫من خالل زيادة حجم العينة‪.‬‬

‫نحراف في القياس‪ ،‬فقد يكون هناك عدم تطابق بين المقياس والبنية‬
‫ٌ‬ ‫وإذا كانت المشكلة المتضمنة هي ا‬
‫مؤشر على فرضية أن البنية موجودة في حالة عندما ال تكون كذلك أو‬‫ُ‬ ‫النظرية المراد قايسها؛ فالمقياس هو‬
‫أن أنها غير موجودة عندما تكون العكس‪ .‬وغالبا ً ما ويكون الحل في فصل المقياس مع المقاييس اإلضافية‬
‫تعرف البنية على نح ٍو أفضل في هذه الحاالت التي يفشل فيها المقياس األصلي عن القياس‪.‬‬
‫التي َّ‬
‫أما إذا كانت الفكرة المتضمنة هي انحرافا ً في عملية سير التجربة‪ ،‬فإن الحل الوحيد هو تعريف مصدر‬
‫(أو مصادر) االنحراف وإصالحه في عملية سير التجربة‪ .‬فإذا كانت العملية ذاتُ انحرافٍ في سيرها دقيقةً‬
‫في أساسها‪ ،‬فإن المقياس سيكون دقيقا ً ولكن غير صحيحٍ‪ .‬فكما ذُكر سابقاً‪ ،‬يُعد هذا المركب مركبا ً خطرا ً‬
‫وليس نافعا ً‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬افترض أنه قد ُوجد أن عملية سير التجربة عمليةٌ منهجية ولكنها دقيقة جدا ً وذاتُ‬
‫قدر مبالغٍ فيه من االنتباه المخصص لإلعالنات التجارية التلفزيونية‪ .‬فقد أظهرت العملية االختبارية أن ك َّل‬
‫إعالن تجاري يُتبع دائما ً بتوجي ٍه للمشاهد مثل "أرجو إعارة االنتباه إلى المشهد التالي"‪ ،‬فيؤثر هذا التوجيه‬
‫ٍ‬
‫على استجابات الناس كثيراً‪ ،‬مما يجعلهم يعيرون انتباها ً أكثر إلعالنات التجربة أكثر مما يفعلون عندما‬
‫يشاهدون اإلعالنات التجارية في منازلهم (حيث ال يكون هناك تنبيهٌ كهذا يُعرض عليهم)‪ .‬والحل هنا أن يتم‬
‫إزالة هذا التوجيه ومالحظة ما إذا كان مقياس االنتباه أكثر صحةً‪.‬‬

‫إذا ما كان االنحراف في التجربة يؤدي إلى مقاييس غير صحيح ٍة وال دقيقة‪ ،‬عندها ال يوجد الكثير مما‬
‫ي على نح ٍو كبير؛ ألنه من الصعب تخيُّل شركةً للتسويق‬ ‫يمكن عمله حيال ذلك‪ ،‬فهذا الموقف هو افتراض ُّ‬
‫العصبي تظل تستخدم المقاييس غير صحيحة وال دقيقة‪.‬‬

‫االستدالل العكسي‪ :‬ربط مقاييس الدماغ بحاالت العقل والذهن‬


‫لقد نوقش موضوع التحدي في االستدالل العكسي بين األكاديميين في سياق تقنية الرنين المغناطيسي‬
‫ي ِّ منهجي ٍة تصبو إلى ربط المقاييس بالحالة الجسدية‬
‫(‪ ،)fMRI‬لكن هذا التحدي يُطبَّق على نح ٍو متسا ٍو في أ ّ‬
‫والحالت الدماغية (مثل تعابير الوجه أو النشاط الكهربائي في الدماغ) بحاالت العقل (مثل االنتباه أو العاطفة‬
‫أو اتخذا قرار بشراء منتجٍ ما)‪.‬‬

‫إن النقطة التي يثرها النقّاد حول موضوع االستدالل العكسي هي أنها ليست نتيجة منطقية صحيحة‪،‬‬
‫وهذا يعني أنها ال تكون صحيحة منطقيا ً من خالل تعريفها‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬نستعرض هنا استنتاجا ً متقدما ً‬
‫ذا تعريفٍ صحيح‪:‬‬

‫كل الرجـــــال فانون‬

‫جـــو من الرجــــــال‬

‫فــــــان‬
‫ٍ‬ ‫إذن‪ ،‬جــــــو‬

‫ويكون االستدالل العكسي كالتالي‪:‬‬

‫جيـــــــن فــــــــانية‬

‫إذن‪ ،‬جين من الرجال‬

‫وال يُعدُّ هذا صحيحا ً منطقيا ً ألنه يفترض خاطئا ً أن‪:‬‬

‫‪350‬‬
‫كـــــــل الرجــــال فانـــــون‬

‫فان هم من الرجال‬
‫ولهذا فإن كل ما هو ٍ‬

‫إن عبارة التي تقول أن كل البشر فانون ال تعني منطقيا ً أن المخلوقات الوحيدة الفانية هي البشر‪ .‬ففي‬
‫الحقيقة‪ ،‬تمثل (جين) خطأ في االستنتاج‪ ،‬حيث أن بعض الفانين هم من النساء‪.‬‬

‫ع الذي تنشره عنه المجالت‬ ‫إذن‪ ،‬ما عالقة هذا بالتسويق العصبي؟ يعمل علم الدماغ األكاديمي (وهو نو ٌ‬
‫األكاديمية) بشك ٍل كبير على أساس االستدالل المتقدم؛ ويعني ذلك أن العلماء يستحدثون تجربة يُحفّز فيها حالةً‬
‫قاس حالةً دماغية أو جسدية معينة على أنها استجابة‪.‬‬
‫عقليةً معينة على أنها إجراء في التجربة‪ ،‬ثم من بعدها ت ُ ُ‬
‫ُعرض العلماء أشخاصا ً بشك ٍل عشوائي إلى‬ ‫وفي دراس ٍة باستخدام تقنية (‪ )fMRI‬على سبيل المثال‪ ،‬قد ي ِّ ّ‬
‫حزين أو مضحكٍ ‪ ،‬وذلك ليحفزوا الحاالت العاطفية الخاصة بالحزن أو الفرح‪ ،‬ثم‬ ‫ٍ‬ ‫فلم‬
‫إجراءٍ يتضمن مشاهدة ٍ‬
‫يقومون بمقارنة عمليات تنشيط لمناطق دماغية معينة في دماغ الشخص التي تجري عليه التجربة في كال‬
‫ط في منطقة معين ٍة في الدماغ (الحالة الدماغية) مرتب ٌ‬
‫طا ً‬ ‫اإلجراءين‪ ،‬ثم يتم االستدالل إلى ما إذا كان نشا ٌ‬
‫بالحزن أو الفرح (الحالة العقلية) وهذا ما هو باالستدالل المتقدم‪.‬‬

‫ويُذكر أن علما ً تطبيقيّا ً مثل التسويق العصبي يعمل في االتجاهين المعاكسين‪ ،‬حيث أن الباحثين ال‬
‫ق بالحالة العقلية التي قد يحفزها إجرا ٌء ما؛ وذلك ألن هذا السؤال هو ما يريدون اإلجابة‬ ‫علم مسب ٍ‬
‫ليسوا على ٍ‬
‫عنه‪ ،‬لذا فإنهم ينظرون إلى الحاالت العقلية أو الجسدية التي قد تم التوص ُل ‪ -‬في الدراسات األكاديمية أو في‬
‫بحوثهم الخاصة ‪ -‬مؤخرا ً أنها مرتبطةٌ بحال ٍة عقلي ٍة معين ٍة‪ .‬فإذا حضرت هذه الحاالت الجسدية أو الدماغية؛‬
‫فإن ذلكَ يد ُّل على أن الحالة العقلية قد تكون حاضرة ً هي األخرى‪ ،‬وهذا ما هو االستدالل العكسي‪ .‬وفي مثالنا‬
‫صلوا إلى أن‬‫هذا الذي يتعلق بالدراسة التي تستخدم (‪ ،)fMRI‬سيستخدم العلماء االستدالل العكسي إذا ما تو ّ‬
‫الفلم قد يحفّز السعادة عند الشخص‪ ،‬وهذا بنا ًء على نشاطٍ في منطق ٍة دماغي ٍة مرتبطة بمشاعر السعادة‪.‬‬

‫ولنكون واضحين في مسأل ِّة أن االستدالل العكسي قد يميل إلى السير في االتجاه الخاطئ على‬
‫نح ٍو كبير‪ .‬فدرجة الخطأ في سيره ترتبط مباشرة ً بعدد الحاالت العقلية األخرى التي قد ترتبط بالحالة‬
‫الدماغية أو الجسدية المعطاة‪ .‬فإذا لم تُبنَ هذه المعلومة الرئيسية نوعا ً ما على االستدالل العكسي ‪ ،‬فقد‬
‫يؤدي بك المطاف إلى نتائج سخيفة كالمثال الخاص بهاتف اآليفون (‪ )iPhone‬الذي ناقشناه في‬
‫ط عندما تفكر في الحب الرومانسي‪ ،‬وهي تنشط أيضا ً‬ ‫الفصل (‪ :)16‬حيث أن القشرة الدماغية المعزولة تنش ُ‬
‫عندما تفكر في هاتف اآليفون الخاص بك‪ ،‬وهذا ال يعني أنك واق ٌع في حب اآليفون خاصتك‪ .‬فمن غير‬
‫ث‬ ‫صل إلى أن القشرة الدماغية المعزولة تنش ُ‬
‫ط في قراب ِّة ثل ِّ‬ ‫المحتمل حقا ً أن يكون ذلك ما يعنيه؛ ألنه قد تم التو ُّ‬
‫الحاالت العقلية كلها التي تم عرضها في اختبارات الرنين المغناطيسي (‪.)fMRI‬‬

‫‪351‬‬
‫ظروف يكون فيها االستدالل العكسي ذا احتماليةً متدنيةً بأن يكون خاطئأ على‬
‫ٌ‬ ‫وعدا ذلك‪ ،‬هناك أيضا ً‬
‫نح ٍو كبير‪ ،‬ويُعدُّ ذلك مهما ً على صعيد مبدأ التسويق العصبي‪ .‬افترض فيما يلي أن النتائج اآلتية قد لوحظت‬
‫في علم األعصاب األكاديمي‪:‬‬

‫ففي ‪ 300‬تجربة‪ ، ،‬فإن قوة موجات (ألفا) لدى األشخاص في الفصوص الدماغية األمامية‬
‫لديهم أكبر مما هي الحال عندما ال يكونون منتبهين‪ ،‬وذلك في حالة اعارتهم االنتباه لشيءٍ ما‪ .‬أما‬
‫عشر فقط من التجارب التي تدرس االنتباه وقوة موجات (ألفا)‪ ،‬فهذه العالقة غير موجودة‪.‬‬‫ٍ‬ ‫في‬

‫ي افتراضية‪:‬‬
‫ق عصب ّ‬
‫واآلن ضع في اعتبارك النتائج اآلتية هذه واستخدم االستدالل العكسي في دراسة تسوي ٍ‬
‫لقد وجدنا في تجربتنا أن لدى األشخاص قوة في موجات (ألفا) في الفصوص الدماغية األمامية‬
‫عندما يشاهدون اإلعالن التجاري (أ) أقل من تلك التي تكون عندما يشاهدون اإلعالن التجاري‬
‫(ب)‪.‬‬

‫ولذلك‪ ،‬فنحن نستنتج أنهم قد أعاروا انتباها ً أكبر لإلعالن (أ) أكثر من اإلعالن (ب(‬

‫فليس بالضرور ِة أن يكون ذلك أمرا ً صحيحاً؛ ألنه قد يكون حال قوة موجات (ألفا) قد تسبب بها شي ٌء‬
‫آخر عدا االنتباه إلى اإلعالن‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬قد يكون األشخاص الذين شاهدوا اإلعالن (أ) يعيرون‬
‫ق بشعٍ على الحائط‪ ،‬أو قد يكونون ملتهين بقبعة تقنية (‪ )EEG‬الحساسة التي قد ال تكون‬ ‫االنتباه إلى ملص ٍ‬
‫موضوعةٌ بشك ٍل جي ٍد على رؤوسهم‪ .‬ففي كلتا الحالتين‪ ،‬سيكون االستدالل الخاطئ بسبب خطأ في عملية سير‬
‫السليم على رأس‬
‫ِّ‬ ‫التجربة وهو أنه ال يجب وضع الملصق في الغرفة وأن تكون القبعة موضوعةٌ بالشكل‬
‫الشخص‪.‬‬

‫وقد تكون القوة المتدنية لموجات (ألفا) عند مشاهدة اإلعالن (أ) قد تسببت بها حالة أخرى قليلة الحدوث‬
‫عدا االنتباه‪ .‬ففي هذه الحالة‪ ،‬يكون الخطأ في االستدالل قد تسبب به خطأ في القياس؛ أي أن مقياس االنتباه‬
‫المستخدم يقيس أمرا ً آخر‪ ،‬أي حال ٍة عقلي ٍة أخرى غير االنتباه‪.‬‬

‫أما لألشخاص الذين يُحبذون المنطق المحض‪ ،‬فحقيقة ميل االستدالل العكسي إلى كونه خاطئا ً هو ٌ‬
‫أمر‬
‫كافٍ لعدم استخدامه العتباره "غير علمي"‪ .‬إال أن األمر بالنسبة للعلماء الذين يعيشون في عالم العلوم‬
‫مختلف لديهم‪ ،‬حيث أنهم يعتبرون المنطق المحض رفاهية يصعب الوصول إليها‪ .‬فيكون هؤالء‬ ‫ٌ‬ ‫التطبيقية‬
‫أكثر اهتماما ً باالحتماالت وليس باألمور اليقينية‪ ،‬لذا فإن هذا النوع من االستدالالت التي قد يتم التو ُّ‬
‫صل إليها‬
‫من قِّبَل مستخدمي التسويق العصبي تكون كاآلتي‪:‬‬

‫إذا ما كانت عالقة االستدالل المتقدم بين قوة موجات (األلفا) واالنتباه عالقةً راسخة (وفي هذه‬
‫الحالة فهي كذلك ما يقارب ‪.)%97‬‬

‫‪352‬‬
‫وإذا كنا نعتقد بأن تجربة التسويق العصبي مصممة ومنفّذة على نح ٍو جيد وذلك لتكون احتمالية‬
‫حدوق خطأ في عملية سير التجربة قليلة‪.‬‬
‫ُ‬
‫ودقيق‪ ،‬عندها تكون احتمالية حدوث خطأ في القياس‬ ‫وإذا كنا نعتقد بأن مقياس االنتباه صحي ٌح‬
‫ضئيلة‪.‬‬

‫كبير إحصائيا ً في قوة موجات (ألفا) في الفصوص الدماغية‬


‫ٍ‬ ‫انخفاض‬
‫ٍ‬ ‫وإذا كانت التجربة ذات‬
‫األمامية في الوقت الذي يُقارن فيه مشاهدة اإلعالن (أ) باإلعالن (ب)‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬ستكون ثقتنا كبيرة بأن اإلعالن (أ) يجذب حقا ً االنتباه أكثر من اإلعالن (ب)‪.‬‬

‫وهنا نعرض عليك نقاطا ً مهمة بشأن االستالل العكسي من المهم تذكرها وهي‪:‬‬

‫‪ ‬تستخدم دراسات التسويق العصبي االستدالل العكسي طوال الوقت‪ ،‬حيث أن أي ٍ‬


‫علم‬
‫تطبيقي سيستحيل تطبيقه دون استخدام االستدالل العكسي‪.‬‬
‫ت إضافي ٍة بعين االعتبار في‬‫‪ ‬إن االستدالل العكسي ليس صحيحا ً منطقياً‪ ،‬لذا فهناك حاجة ألخذ معلوما ٍ‬
‫تحديد مدى ثقتنا به‪.‬‬
‫‪ ‬يجب عليك أن تكون واثقا ً ‪ -‬وعلى وجه الخصوص ‪ -‬بأن التغيّر الذي تالحظه ينحدر من اإلجراءات‬
‫في تجربتك‪ ،‬وليس من خطأ القياس أو خطأ في سير التجربة‪.‬‬
‫‪ ‬إذا ما كنت راضيا ً عن صحة التجربة والمقاييس‪ ،‬عندها يمكنك أن تكون متأكدا ً بأن االستدالل‬
‫يقين بنسبة ‪ %100‬من أنه صحيح أبدا ً ‪ ،‬بل ستكون أكثر تأكدا ً‬ ‫العكسي صحيح‪ .‬ولكنك لن تكون على ٍ‬
‫مما كنت عليه قبل إجراء التجربة‪.‬‬
‫وباستخدام نوع من أنواع األدوات اإلحصائية يُسمى تحليل النظرية االفتراضية‪ ،‬فإنه من الممكن‬
‫حساب الزيادة في درجة الثقة والتأكد التي توفرها نتائج التجربة‪ .‬وسنناقش هذا الموضوع في القسم‬
‫التالي‪.‬‬

‫األهمية اإلحصائية‪ :‬معرفة متى يمكنك الوثوق بالنتائج‬


‫كبير آخر‪ ،‬ولكننا لن نوفر دروسا ً‬ ‫ٌ‬ ‫ع‬
‫إن استخدام االدوات اإلحصائية في التسويق العصبي هو موضو ٌ‬
‫صص‬ ‫ب آخر للمبتدئين البسطاء‪ .‬وقد ُخ ِّ ّ‬
‫في المنهجيات اإلحصائية في هذا الكتاب‪ ،‬فهذا الموضوع خاص بكتا ٍ‬
‫هذا القسم لعرض بعض أفضل الممارسات في استخدام األدوات اإلحصائية في دراسات التسويق العصبي‪:‬‬
‫ى لالختبارات اإلحصائية التي قد تتوقعها إلى مقدم ٍة في بعض المنهجيات المتقدمة التي قد تبدأ‬ ‫من أقل مستو ً‬
‫في مالحظها قريبا ً‪.‬‬

‫‪353‬‬
‫االختبارات اإلحصائية التي يشيع استخدامها في دراسات التسويق العصبي‬
‫ي نتيج ٍة يتوصل‬ ‫تكمن أول نقط ٍة هنا في أن االختبارات اإلحصائية الموجودة في فرضية أن أ ّ‬
‫إليها التسويق العصبي وال يتم حسابها باستخدام االختبار اإلحصائي المناسب هي نتيجةٌ وصفيةٌ فقط‬
‫ويجب أن تُعامل على هذا األساس‪ .‬فهذه النتيجة غير معروفة الصحة والدقة ومدى قابليتها للتعميم‪.‬‬
‫اختبار إحصائي لتكون‬ ‫ٍ‬ ‫ونحن نعتقد بأنها أن استخدامك ألي نتيجة بحثية ال يتم حسابها عن طريق‬
‫مرشدة لعملية اتخاذ القرار هي فكرةٍ سيئة‪.‬‬

‫اختبار (‪ )T‬المتواضع‬

‫إن العمود الفقري لالختبارات اإلحصائية هو اختبار (‪ )T‬الذي يُستخدم في التجارب الختبار ما إذا كان‬
‫يتوجب عليك أن تؤمن به عندما يؤدي إجراءين اثنين إلى نتائج مختلفة وفقا ً لمقياس االستجابة‪.‬‬

‫ومن أجل استخدام اختبار (‪ ،)T‬فإنه يجب قياس االستجابات على أنها متغيرات مستمرة أو على‬
‫ى مرحلي ‪ ،‬لذا فإنك تستطيع حساب وسيلتها (أو معدلها) في مواضيع الدراسة جميعها وفي كل تجربة‪.‬‬ ‫مستو ً‬
‫ويأخذ اختبار (‪ )T‬في عين االعتبار تغير االستجابات؛ أي المدى التي تتسع فيه عند األشخاص الخاضعون‬
‫اختالف مهم احصائيا ً على ك ٍّل من الوسائل‬
‫ٌ‬ ‫لكل تجربة‪ .‬ويعتمد تحديد ما إذا كان االختالف في الوسائل هو‬
‫ذاتها وعلى التغير القابع في االستجابات الفردية‪.‬‬

‫إن اختبار (‪ )T‬هو أسهل وأكثر االختبارات اإلحصائية مباشرة ً مما يجعلك تتوقع وجوده واستخدامه في‬
‫تصر على مقارنة إجراءين اثنين فقط‪ ،‬لذلك إذا كانت الدراسة ذات ثالثة‬
‫دراسات التسويق العصبي‪ .‬وهو مق ٌ‬
‫إجراءات فأكثر‪ ،‬أو لديها تعقيدات أخرى‪ ،‬فإن اختبار (‪ )T‬لن يكون وسيلة مناسبة لمقارنتها‪.‬‬

‫المزيد من التحليل المعقد الختبارات التبايُن‬

‫إن التصاميم األكثر تجريبيةً هي تصاميم معقدة جدا ً ليتم قياسها باختبار (‪ .)T‬فإن االختبارات األكثر‬
‫مالئمةً لهذه التصاميم ستكون منحدرة ً من مجموعة األساليب اإلحصائية التي تُسمى بتحليل التبايُن‬
‫(‪ ،)ANOVA‬فهذه األساليب اإلحصائية هي تعميم لمبدأ المتضمن في اختبار (‪)T‬؛ فهي تحدد تغيُّر في‬
‫مقياس االستجابة إلى مصادر مختلفة بما في ذلك اإلجراءات والتفاعالت بين اإلجراءات وبقايا التغيُّر‬
‫الحاصل نتيجةً لخطأ ما‪.‬‬

‫خاص بهذا التحليل والتي يجب أن تظهر‬ ‫ٍّ‬ ‫تمثل نتائج تحليل التباين (‪ )ANOVA‬في جداول‬
‫في تقرير الدراسة‪ .‬فإذا لم تكن على معرف ٍة في كيفية قراءة جداول (‪ ،)ANOVA‬فإن على شريكك‬
‫في دراسة التسويق العصبي أن يطلعك عليها لتتمكن من رؤية المقارنات الموجودة في دراستك‬
‫بكل دقة وما هي المقارنات منها تعتبر مهمةً إحصائيا ً وما التي ال تعدُّ ذات أهمية‪ .‬فيُعتبر فهم‬
‫أمر مه ٌم جدا ً لفهمك الكلّي لألهمية التجارية الخاصة بدراستك‪.‬‬
‫اإلحصائيات هو ٌ‬

‫‪354‬‬
‫حذر من الشركات اإللكترونية التي تقوم ‪ -‬وبكل بساطة ‪ -‬بإدراج المستويات المهمة‬ ‫كن على ٍ‬
‫في قائمة وال ترشدك إلى كيفية إجراء اإلحصائيات‪ .‬وتعتبر األهمية اإلحصائية ذات صل ٍة وثيق ٍة‬
‫بالصحة والدقة وقابلية التعميم‪ ،‬كما وأنها أساسية في اتخاذ قرار بشأن مدى ثقتك بالنتائج‪ .‬إن اتخاذ‬
‫قرا ٍر تجاري بنا ًء على دراس ٍة ال تُعدُ ذات شفافية ووضوحٍ كاملين فيما يخص اختباراتها اإلحصائية‪،‬‬
‫أمرا ً ها ّما ً وجوهريا ً عند شروعك في تجارتك‪ ،‬لذا فنحن ال ننصح باتخاذه‪.‬‬

‫قدر أكبر من الفائدة من االختبارات اإلحصائية‬


‫الحصول على ٍ‬
‫تُعدُّ األهمية اإلحصائية أكثر أنواع االختبارات اإلحصائية شيوعا ً والتي قد تراها تُستخدم في دراسات‬
‫التسويق العصبي‪ ،‬إال أنها في الواقع قاعدة إحصائية ضعيفة نسبيا ً في عملية اتخاذ القرار التجاري‪.‬‬

‫وتشير األداة إحصائية‪ " :‬األهمية في ل (ح) = ‪( " 0.05‬حيث أن ل (ح) تعني االحتمالية) إلى أن‬
‫االختالف الذي تالحظه في تجربتك قد يحدث بنسبة ‪ %5‬فقط من عدد المرات‪ ،‬وذلك إذا لم يكن هناك ‪ -‬في‬
‫أي اختالفٍ حقيقي في مجتمع الدراسة الذي أخذت منه العينة (وهذا ما يُسمى في النصوص‬ ‫الواقع ‪ُّ -‬‬
‫اإلحصائية بالفرضية الباطلة)‪ ،‬إال أن هناك القليل من الدراسات التي قد أنجزت باستخدامها‪ ،‬لوجو ِّد شخص‬
‫يؤمن بأن الفرضية الباطلة صحيحة‪ .‬إن األمر الذي يتوجب عليك معرفته في دراسة التسويق العصبي هو أنه‬
‫إذا ما كانت النتائج التي حصلت عليها تُمثل عالقة قوية أو ضعيفة بين اإلجراء واالستجابة‪ ،‬وما إذا كان عليك‬
‫أن تدع هذه النتيجة تؤثر في عملية اتخاذك للقرارات التجارية بشك ٍل أساسي‪.‬‬

‫مقارنة حجم التأثيرات‬

‫وبالمقارنة مع اختبارات األهمية اإلحصائية‪ ،‬فإن مقاييس حجم التأثيرات تمنحك طريقة موضوعية‬
‫حجم صغير أو متوسط أو كبير‪ .‬ولمقارنة‬ ‫ٍ‬ ‫قابلة للمقارنة لتصنف أحجام التأثيرات الملحوظة بتأثيرات ذات‬
‫االختالف بين كال المعدلين‪ ،‬فإن أكثر العادالت إحصائية شيوعا ً في قياس حجم التأثير هي معادلة كوهينز د‬
‫حيث هذه المعادلة أداة إحصائية بديهيةً جداً‪ ،‬فهي ‪ -‬وبكل بساط ٍة – تُعبر عن االختالف في‬ ‫ُ‬ ‫(‪،)Cohen’s d‬‬
‫تعوض المعدالت‪.‬‬
‫معدل النتائج إلجراءين اثنين يقسم بينهما مقياس التغيُّر أو معدل انتشار النتائج الفردية التي ُّ‬
‫تأثير‬
‫إن ذكر أداةٍ إحصائي ٍة كمعادلة (‪ )Cohen’s d‬مع األهمية اإلحصائية ال يسمح لك بقياس حجم أي ٍ‬
‫تجده فحسب‪ ،‬بل يسمح لك بمقارنة أحجام التأثيرات في اإلجراءات وحتى في الدراسات التي تستخدم مقاييس‬
‫مختلفة‪ .‬وهذا يوفر معلوما ٍ‬
‫ت ذات صل ٍة أكبر بالقرارات من تلك التي تنحدر من نتيجة األهمية اإلحصائية‬
‫وحدها‪.‬‬

‫إن عليك تشجيع شركائك في بحوث التسويق العصبي على ذكر األدوات اإلحصائية الخاصة‬
‫معيار للتقارير التي تخص حقل‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫حيث أنه ذلك ستساعد في إنشاء‬ ‫بأحجام التأثيرات في كل تقاريرهم‪،‬‬
‫التسويق العصبي الذي تم تبنيه من قِّبل أغلب المجاالت المختصة بعلم النفس وعلم األعصاب شهرة ً‪.‬‬

‫‪355‬‬
‫استدالل النظرية االفتراضية وعملية اتخاذ القرار‬
‫(وللمزيد من المعلومات عن معايير التسويق العصبي‪ ،‬انظر الفصل ‪.)22‬‬

‫حساب االحتماالت باستخدام استدالل النظرية االفتراضية‬

‫متقدم جدا ً‪ .‬إن تحليل النظرية االفتراضية هو طريقة لوضع‬ ‫ٍ‬ ‫سنلقي نظرة ً موجزة في هذا القسم على موضوعٍ‬
‫األدوات اإلحصائية القائمة على العمل الذي قام به عالم الرياضيات توماس بايز (‪ )Thomas Bayes‬في‬
‫القرن الثامن عشر‪ ،‬حيث أن هذه المسألة هي على عالقة بالتسويق العصبي؛ ألنه يوفر طريقة لتحديد فكرة‬
‫الثقة في نتيج ٍة ما‪ .‬وهذا يعني أن استدالل النظرية االفتراضية يوفر بنية رياضية لتحديد مدى الثقة التي يجب‬
‫أن تتمتع بها بدقة‪ ،‬وذلك بدالً من أن نقول بأنه يجب عليك أن تكون أكثر أو أقل ثقة بنتيج ٍة ما‪.‬‬
‫إننا نعتقد بأن استدالل النظرية االفتراضية سيستمر ازدياد شهرته كمنهجية إحصائية؛ ألن متوافق جدا ً‬
‫ذا قابلية أكبر‬ ‫مع لغة ومنطق عملية اتخاذ القرار التجاري الواقعية‪ .‬ونحن نعتقد أيضا ً بأنه سيصبح‬
‫للتطبيق في التسويق العصبي؛ وذلك بسبب تزايد حجم البيانات المعيارية (التي سنناقشها في القسم التالي) في‬
‫بحوث التسويق العصبي‪.‬‬

‫تكمن النقطة األساسية في استدالل النظرية االفتراضية في أن تستطيع تجديد االحتمالية المتوقعة (أي‬
‫اإلمكانية أو ما يُسمى أو االحتمالية الالحقة) لحدوث نتيج ٍة ما من خالل األخذ بعين االعتبار لمعلومتين اثنتين‬
‫وهما‪:‬‬

‫‪ ‬المالحظات الجديدة والتي تكون في هذه الحالة نتيجة تجرب ٍة ما‪.‬‬


‫‪ ‬النتائج التي تسبق االحتماالت والتي تكون قائمةً على كل ما تعرفه وذلك قبل أن تُجري التجربة‪.‬‬

‫آخر‪ -‬هي أسلوبٌ لحساب مدى جدوى المعلومةٌ الجديدة بالنظر‬


‫بمعنى َ‬
‫ً‬ ‫فاستدالل النظرية االفتراضية ‪-‬‬
‫إلى كل ما أنت على معرف ٍة فيه مسبقا ً‪.‬‬

‫إن قابلية تطبيق استدالل النظرية االفتراضية في التسويق العصبي والبيانات المعيارية وعملية اتخاذ‬
‫القرار التجاري تكون فكرة صريحة وواضحة‪ ،‬وذلك إذا ما تم وضعه حيز التنفيذ‪ .‬ويكون مستخدمو التسويق‬
‫العصبي محاطون بمعرف ٍة سابق ٍة بها‪ ،‬إال أن بعضها قد احت ُ ْ‬
‫كرت ممن قِّبَل الدراسات األكاديمية والتي قد تكون‬
‫مباشر أو ال تكون كذلك‪ .‬إال مستخدمي التسويق العصبي قادرون على بناء قاعدة‬ ‫ٍ‬ ‫مفيدة في التجربة بشك ٍل‬
‫ت معيارية باستخدام مقاييسهم الخاصة ونتائج تجاربهم‪ ،‬وذلك لوضع حجر أساس للمعرفة األساسية التي‬ ‫بيانا ٍ‬
‫يمكن مقارنتها بنتائج جديدة تم تقييمها من أجل تأثيرها التجاري‪ .‬فبجمع البيانات المعيارية من النتائج السابقة‬
‫ت جديدة من النتائج الجديدة (المالحظات الجديدة)‪ ،‬يستطيع مستخدمو‬ ‫(أي االحتماالت السابقة) مع بيانا ٍ‬
‫ت متوقعة) يمكنها أن تؤثر مباشرة ً‬ ‫التسويق العصبي أن يزودوا المسوقين بنتائج بحثية أكثر دقةً (أي احتماال ٍ‬
‫في عملية اتخاذ القرار التجارية الحقيقية‪.‬‬

‫‪356‬‬
‫إنه إذا ما كنت ستمطر‪ ،‬فإن السحب ستبقى تملئ‬ ‫ونستعرض هنا مثاالً يدل على كيفية تأثير‬
‫السماء بنسبة ‪ %100‬من الوقت (وهذا بديهي!)‪.‬‬ ‫استدالل النظرية االفتراضية في القرار‪ .‬افرض أنك‬
‫وتظهر السحب بشك ٍل عام في سماء مدينتك‬ ‫قرار بأخذ مظلتك اليوم إلى العمل أم‬
‫ٍ‬ ‫تحاول اتخاذ‬
‫بنسبة ‪ %30‬من الوقت‪.‬‬ ‫تركها في المنزل‪ ،‬وفيما يأتي هي معرفتك السابقة‬
‫قبل اتخاذ هذا القرار وهي‪:‬‬
‫لذا‪ ،‬هل ينبغي على هذه المالحظة أن تغير من‬
‫قرارك؟ فإذا استخدمت صيغةً تسمى بقاعدة بايز‬ ‫يوم‬
‫أن احتمالية تساقط االمطار في مدينتك في ٍ‬
‫(‪ ،)Bayes’s rule‬فإنك تستطيع أن تحسب‬ ‫ما هي ‪.%20‬‬
‫ُ‬
‫حيث أنه بالنظر إلى‬ ‫االحتمالية المتوقعة للمطر‪،‬‬
‫السحب في السماء‪ ،‬فإن احتمالية تساقط األمطار هي‬ ‫فعند النظر إلى هذه المعرفة‪ ،‬فإنك قد تترك‬
‫‪.%6.6‬‬ ‫مظلتك في المنزل‪ .‬ولكنك في الوقت الحالي قد‬
‫اكتسبت مالحظة جديدة‪ ،‬وهي أنك قد نظرت إلى‬
‫عندها يتوجب عليك أن تأخذ مظلتك معك عند‬ ‫سحبا ً في السماء‪ ،‬وبذلك فقد اكتسبت‬
‫النافذة ورأيت ُ‬
‫الخروج‪.‬‬ ‫معرفةً إضافيةً على معرفتك السابقة بشأن هذه‬
‫السحب وهي‪:‬‬

‫البيانات المعيارية‪ :‬ربط النتائج بالعالم الواقعي‬


‫يعتبر استثمار شركة التسويق العصبي في البيانات المعيارية مؤشرا ً جيدا ً على اإلدراكها وفهمها الكلي‬
‫ي بح ِّدّ ذاته‪ ،‬وهذا يدل على درجة الجودة في االستثمار على المدى البعيد في العروض‬ ‫بأنها مشروع تجار ٌّ‬
‫ق عصبي معين مع‬ ‫البحثية‪ .‬تُعدُّ البيانات المعيارية هي البيانات التي تقارن المقاييس الداخلية لشركة تسوي ٍ‬
‫المقاييس الخارجية لألداء كالمبيعات واإليرادات‪ ،‬حيث يمكن أن تكون بيانات فيها دقيقة جدا ً أو عا ّمةً جدا ً‪.‬‬
‫وتُعدُّ البيانات المعيارية مهمةً لعدّة أسبا ٍ‬
‫ب‪:‬‬

‫فهي توفر سياقا ً واسعا ً لألداء الواقعي‪ ،‬حيث يمكن مقارنة نتائج الدراسات الفردية وتفسيرها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ت وارتباطا ٍ‬
‫ت‬ ‫وهي توفر حجر أساس لعملية االستكشاف والبحث عن البيانات للتعرف على منظورا ٍ‬ ‫‪‬‬
‫جديدة ‪ ،‬والتي ال يمكن مالحظتها إال في الدراسات التعددية‪.‬‬
‫ق العصبي مع النتائج السلوكية الواقعية‬
‫كما أنها الطريقة الوحيدة المؤكدة في ربط نتائج شركة التسوي ٍ‬ ‫‪‬‬
‫على صعيد المستهلك الفردي وصعيد السوق ككل‪.‬‬
‫وهي تعتبر اآللية الرئيسية التي يتم من خاللها صقل المقاييس ومعايرتها بمرور الوقت وذلك لتحسين‬ ‫‪‬‬
‫مدى صحتها ودقتها وقابليتها للتنبؤ‪.‬‬

‫إن األصدقاء فيما بينهم ال يسمحون لبعضهم بعضا ً باتخاذ قرارا ٍ‬


‫ت تسويقي ٍة‬
‫بدون استخدام البيانات المعيارية‬
‫‪357‬‬
‫هناك مستويين خاصين بالبيانات المعيارية ومتميزين عن بعضهما البعض‪ .‬فبعض شركات التسويق‬
‫العصبي اإللكترونية يشوشون أحيانا ً على هذا االختالف‪ ،‬لذا من المهم أن يكون لدينا فه ٌم واض ٌح ألي مستو ً‬
‫ى‬
‫يتم وصفه‪ ،‬ويكون المستويين كاآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬البيانات ال ُمعايَرة (أو ال ُمو َّحدة)‪ :‬حيث يتم معايرة النتائج مقابل البيانات الموجودة أصالً حتى يتم‬
‫مقارنتها‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬قد يُقال أن إعالنا ً تجاريّا ً ما قد حقق ما نسبته " ‪ 75‬بالمئة" مقارنة‬
‫تقرير ضعيف؛‬‫ٌ‬ ‫إعالن آخر‪ .‬وهنا يُعتبر ذلك نوعا ً من التقارير المعيارية‪ ،‬عدا أنه في الحقيقة‬
‫ٍ‬ ‫ب‪200‬‬
‫ألنه ال يربط النتيجة بأي ارتباطا ٍ‬
‫ت سلوكي ٍة أو نتائج ألداء السوق‪.‬‬
‫‪ ‬البيانات المعيارية‪ :‬وهنا تُربط النتائج بالسلوكيات أو مستويات األداء‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬قد يُقال عن‬
‫إعالن‬
‫ٍ‬ ‫ي ٍ ذا درج ٍة عالية أنه ‪ -‬وفي متوسطه ‪ -‬قد حقق مبيعات أكثر بما نسبته ‪ %20‬من‬ ‫إعالن تجار ّ‬
‫ٍ‬
‫تقرير معياري ذا قوة أكبر‪ ،‬ألنه يربط بين مقياس النتاج الواقعية‪.‬‬‫ٌ‬ ‫أقل منه مرتبة‪ .‬وهذا‬
‫وتوفر البيانات المعيارية الحقيقية عالمة قياسية على األداء بغية تقدير العالقة التجارية بنتيج ٍة أو‬
‫دراس ٍة ما‪ .‬ففي غياب البيانات المعيارية‪ ،‬قد تظهر نتائج منفصلة ومضللة‪ ،‬وقد يفقد متخذي القرار صبرهم‬
‫بسهولة مع المقاييس (والشركات اإللكترونية) التي ال تربط نتائج دراساتها بالنتائج الواقعية‪.‬‬

‫فهم كيفية وضع البيانات المعيارية للدراسة في سياقها المناسب‬


‫خاص به‬ ‫ٍ‬ ‫طاقم‬
‫ٍ‬ ‫ص برنامجا ً ذا‬
‫ص ُ‬‫ق عصبي جادة ٌ فيما يخص بياناتها المعيارية تُخ ِّ ّ‬
‫ي شركة تسوي ٍ‬ ‫إن أ َّ‬
‫للحفاظ على بيانات الدراسة ككل‪ ،‬وللعمل على الدراسات الداخلية من أجل تحسين البيانات المعيارية وتوسيع‬
‫أصولها وموجوداتها‪ .‬وتكمن النقطة األهم في أن هذه الشركات ستمتلك برنامجا ً لمعايرة مقاييسها القائمة على‬
‫بدوام كام ٍل‪ ،‬وإن‬
‫ٍ‬ ‫بياناتها المعيارية باإلضافة إلى تحسين تلك المقاييس‪ .‬وتُعدُّ إدارة البيانات المعيارية وظيفةٌ‬
‫الشركة التي تؤدي هذه الوظيفة على أكمل وجه ستكون مسرورة ً في الحديث عنها بالتفصيل الممل وبك ِّّل‬
‫االحتماالت‪.‬‬

‫ي شركة إلكترونية للتسويق‬ ‫كن على معرف ٍة بمستوى البيانات المعيارية التي تعرضها عليك أ ُّ‬
‫وج ْد الوقت والجهد الذي تخصصه هذه الشركة في الحفاظ على قاعدة البيانات المعيارية‪،‬‬ ‫عصبي‪ِّ ،‬‬
‫وكم هي الحاالت التي تحتويها قاعدة البيانات هذه‪ ،‬وكم مر ٍة يتم فيها تحديث قاعدة البيانات المعيارية‬
‫خاصتها‪ ،‬وكم مرةٍ تحدِّّث من مقاييسها القائمة على التغييرات الحاصلة على قاعدة البيانات المعيارية‪.‬‬
‫ت معياري ٍة جدية وحقيقية‪.‬‬‫حذر بشأن فكرة العمل مع شريكٍ ال يمتلك أيّة قاعدة بيانا ٍ‬
‫وكن على ٍ‬

‫‪358‬‬
‫الفصل العشرون‬

‫قائمة تدقيق لما قبل عملية إجراء‬


‫العصبي الناجحة‬
‫ّ‬ ‫دراسات التسويق‬

‫سنناقش في هذا الفصل ما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬إلقاء نظرة على المخاطر التي تؤدي انحراف مسار الدراسات البحثية‬
‫‪ ‬طرح كيفية تجنُّب هذه المخاطر‬
‫‪ ‬العمل مع شركاءٍ في البحث للوصول إلى النتائج التي تريدها‬

‫ليست كل دراسات التسويق العصبي تنجح وتؤول إلى مبتغاها وال كل بحوث السوق تتكلل بالنجاح في‬
‫الواقع‪ ،.‬وال تُعزى هذه النتيجة السيئة غالبا ً إلى المنهجيات المستخدمة‪ ،‬إال أنه يمكن تتبعها للوصول إلى‬
‫عرفها وأبرزها الفلم العظيم للمخرج بول نيومان (‪ )Paul Newman‬والذي يُسمى‬ ‫مشكلة األزلية التي قد ّ‬
‫(‪ ،)Cool Hand Luke: a failure to communicate‬أو كما ع ِّبّرت عنها برمجة الذكاء الحاسوبي الذي‬
‫يقوم على جمع ما هو تالف وغير صالح ثم التخلص منه‪ .‬يُمكن ألكثر نوايا البحث أفضليةً أن تُحبَط وأن يتم‬
‫إعاقتها من خالل سوء التواصل والتخطيط الجيد قبل المباشرة في إجراء دراس ٍة ما‪ .‬سنريك في هذا الفصل‬
‫صتك‪ .‬وسنستعرض كل واحدةٍ من‬ ‫مخاطر قد تتسبب بإفساد دراسة التسويق العصبي خا ّ‬
‫ٍ‬ ‫كيفية تجنُب خمسة‬
‫هذه المخاطر على شكل سؤا ٍل يتوجب عليك إجابته قبل أن تشرع بإجراء دراستك‪ ،‬وهذا ما نسميه بقائمة‬
‫ق‬
‫تدقيق ما قبل المباشرة بإجراء الدراسة‪ .‬فكما يقوم الطيار بالتجهيز لرحل ٍة في الطائرة بوضع قائمة تدقي ٍ‬
‫ق من أمور الطائرة‪ ،‬فإن عليك أن تجيب عن هذه األسئلة قبل أن تشرع أو "تقلع" في دراستك وليس قبل‬ ‫وتحق ٍ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫ما هي أهدافك التجارية وراء هذه الدراسة؟‬
‫المسوقون في شرك ٍة ما‬
‫ّ‬ ‫موقف ساخر قد يحدث في الكثير من األحيان في التسويق العصبي‪ :‬يصبح‬ ‫ٌ‬ ‫إليك‬
‫مفتونين بفكرة دراسة أدمغة المستهلكين‪ ،‬لذا فهم يقررون القيام بمشروعٍ تجريبي‪ ،‬فيختارون شركة تسويق‬
‫عصبي إلكترونية وتقوم بتوكيلها بمشروعٍ "الختبار إعالنين تجاريين" أو "لمعرفة طريقة تفكير الناس بتجاه‬
‫للمسوقين‪ ،‬عندها يكونون في حير ٍة من أمرهم؛ ألن‬ ‫ّ‬ ‫التصميم الجديد غالفٍ لمنتجٍ ما"‪ .‬فعندما تظهر النتائج‬
‫الدراسة ال تبدو بأنها تعطيهم الكثير من المعلومات عن أدمغة المستهلكين؛ فهناك الكثير من المقاييس‬
‫واإلجراءات التي تقتصر على فئ ٍة معين ٍة منهم‪ ،‬ويظهر بأنه لم تتم اإلجابة على األسئلة التجارية المهمة‪ .‬حينها‬
‫يشعر المسوقون بالخذالن ويستنجوا بأن التسويق العصبي ال يناسبهم‪ ،‬ثم تعود شركة التسويق العصبي‬
‫أدراجها‪ ،‬وتعاود الشركة استخدامها لالستبانات ومجموعات الدراسة‪.‬‬

‫المسوقين لديهم اهتما ٌم مبدئي سليم‬


‫ّ‬ ‫إذاً‪ ،‬ما هي النقطة الساخرة في هذا السيناريو؟ وهي أن مجموعة من‬
‫في التسويق العصبي قد انتهى بهم المطاف إلى فقدان ذلك االهتمام؛ وذلك ألنهم قد حاولوا اختبار منهجيتهم‬
‫دون تعريفٍ للهدف التجاري الذي يسعون وراءه‪.‬‬

‫إن المشاريع التجريبية المماثلة لهذا الذي قد ذكرناه ال تستطيع شركات التسويق العصبي مقاومته‪،‬‬
‫حيث أن خذالن عمي ٍل جديد يُعتبر أمرا ً صعباً‪ ،‬فأفضل طريق ٍة هي تشجيع العميل على إيجاد هدفٍ تجاري‬
‫حقيقي يدفعهم إلجراء دراسة باستخدام التسويق العصبي‪ .‬فإذا وجد العميل صعوبةً في تعريف هدفٍ ما‬
‫ومطابقته مع أساليب التسويق العصبي‪ ،‬فإن على الشركة أن تقترح جلسة تثقيفية معه لمنحه تصورا ً عن‬
‫ي مالئم‪ ،‬فقد‬
‫األسئلة التي يتقن التسويق العصبي معالجتها‪ .‬فإذا بقي العميل غير قادر على إيجاد هدفٍ تجار ّ‬
‫يكون األفضل هنا أن ترفض الشركة العمل معه بأدب‪ .‬من األفضل أن يتم توسيع المصادر والمدة المقررة‬
‫ي مكرر‪.‬‬‫عند كال الطرفين على مشروعٍ يحتمل أن يؤدي إلى مشروعٍ تجار ّ‬
‫وتكمن نصيحتنا للمسوقين وعمالء التسويق العصبي المحتملين هنا كاآلتي‪ :‬ال تبدأ أول‬
‫مشروعٍ لك لتختبر التسويق العصبي؛ وإال فسينتهي بك المطاف خائب الظن‪ .‬فإذا كنت جاد ّ‬
‫بموضوع التسويق العصبي وتريد أن يكون لديك فه ٌم أكبر عنه‪ ،‬عندها ُخ ْ‬
‫ض في جلس ٍة تثقيفي ٍة عنه‪،‬‬
‫حيث يوفر العديد من مستشاري التسويق العصبي ذوي السمعة الحسنة تدريبا ً مخصصا ً لهذه الغاية‪.‬‬
‫فال تدفع مقابل مشروعٍ بحثي كام ٍل حتى يكون لديك مشكلة تجارية حقيقية تود معالجتها؛ وأقصد‬
‫بذلك مشكلةٌ يشترك فريقك واإلدارة العليا في شركتك في محاولة حلها‪ ،‬واختر التسويق العصبي في حال‬
‫كونه الطريقة الصحيحة المالئمة لحل مشكلتك‪.‬‬

‫تُعد المشاكل التجارية مهمة ألنها تُشكل قرابة كل القرارات التالية‪ :‬قرار ماه َية الفرضية التي يُراد‬
‫اختبارها وماهية االختبارات التي سيتم إجراءاتها و المواد التي ستختبر والجمهور المستهدف في عملية أخذ‬
‫جراً‪ .‬وإضافةً إلى كل ذلك‪ ،‬على اإلدارة العليا أن تتوقع هدفا ً تجاريا ً منطقياً‪ .‬فككل ٍ‬
‫قسم في‬ ‫العينات وهل َّم ّ‬

‫‪360‬‬
‫شركات الوقت الحاضر‪ ،‬فعلى التسويق أن يبرر مساهمته للشركة؛ حيث يتوجب عليه أن يكون قادرا ً على‬
‫عرض عوائده االستثمار (‪ )ROI‬للمبادرة التي يقوم بتنفيذها‪.‬‬

‫ال يتم تمويل المبادرات التسويقية في أغلب األحيان وذلك إذا لم تكن قائمة على قضية تجارية سليمة‬
‫تدعم االستثمار المطلوب‪ .‬وتربط القضية التجارية هذه بين المبادرات التسويقية واألهداف المالية والتجارية‬
‫ى أعلى للغايات التجارية‪ .‬وإذا طرحت دراسةٌ بحثيةٌ‬ ‫الخاصة بالشركة‪ ،‬مما يجعل هذه المبادرة تضع في مستو ً‬
‫ما أسئلة ته ُّم الشركة بشك ٍل كبير‪ ،‬فإن عليها أن تُض ِّ ّمن مبادرة تسويقية نشطة ٍ‬
‫بفهم جي ٍد للغاية التجارية‪ .‬ويوفر‬
‫الهدف التجاري الخاص بالمشروع البحثي ارتباطا ً وثيقا ً باستراتيجية التسويقية وحدود الغايات التجارية‪ ،‬ثم‬
‫من بعد أن يتم إنشاء هذا االرتباط بينهما‪ ،‬يس ُهل تعريف وتصميم وتنفيذ وتفسير وربط الدراسة بشك ٍل أكبر‪.‬‬

‫غالبا ً ما تبدأ األهداف التجارية الخاصة بدراسات التسويق العصبي الناجحة بغاي ٍة تجاري ٍة رئيسي ٍة مثل‬
‫ت جديدة أو إنشاء حمالت دعائية جذابة أو تحسين حضور‬ ‫تحسين جودة العالمة التجارية أو التعريف بمنتجا ٍ‬
‫وبمعنى آخر‪ ،‬تكون األهداف التجارية على عالقة وثيقة في‬‫ً‬ ‫الشركة داخل المتاجر العادية أو اإللكترونية‪ ،‬أي‬
‫مجاالت التطبيق التي تم تفصيلها في الفصل ‪ 9‬وخالل الفصل (‪ .)14‬إذا كانت دراستك قادرة على بيان القيمة‬
‫في استعراض أحد المجاالت التجارية‪ ،‬فيحتمل أن تساهم بشكل كبير في البرنامج البحثي واألهداف الخاصة‬
‫بشركتك‪.‬‬

‫والفكرة هنا أنه كلما زادت عمومية الهدف‪ ،‬قلَّت الفائدة المرجاة منه‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬إذا الهدف هو‬
‫"اختبار بعض اإلعالنات" فهو ليس بالهدف الجيد‪ ،‬أما إذا كان الهدف المراد هو "تحديد ما إذا كانت الحمالت‬
‫هدف جيد‪ .‬وإذا كان الهدف ‪ -‬مثالً‪ -‬هو‬‫ٌ‬ ‫الدعائية الجديدة تبرز التأثير العاطفي للحملة الدعائية الحالية" فهو‬
‫"اختبار قوة االرتباطات الذهنية بالعالمة التجارية" فهوال يُعتبر هدفا ً جيداً‪ ،‬على عكس هدف "تصوير ما إذا‬
‫كانت حملة اإلعالن الجديد يصل وبكل كفاءة إلى أولى الصفات الثالثة الخاصة بالعالمة التجارية"‪.‬‬

‫فيما يلي بعض األسئلة التي قد تساعد في تعريف األهداف التجارية القوية لدراسة التسويق‬
‫العصبي الخاصة بك‪:‬‬

‫تحت أي مبادرة (أو قسم) للتسويق سيتم إجراء هذه الدراسة؟‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬ما هي الغايات التسويقية التي تدعمها المبادرة التسويقية؟‬

‫‪ ‬كيف ستساعد هذه الدراسة ‪ -‬وبشك ٍل عام‪ -‬المبادرة الراعية لها في تحقيق هذه الغايات التجارية؟‬

‫‪ ‬ما هي األسئلة المعينة التي تستطيع هذه الدراسة تجيب عليها والتي تعالج غايات المبادرة بشكل ٍ‬
‫مباشر؟‬
‫ٍ‬

‫علم به مسبقا ً في هذه الدراسة وما الذي يتوجب عليك معرفته؟‬


‫‪ ‬ما الذي تثق بأنك على ٍ‬

‫‪361‬‬
‫‪ ‬ما هي توقعاتك أو تفضيالتك بالنسبة لنتيجة هذه الدراسة؟‬
‫ما هي الفرضية التي ستختبرها وما هو االختبار األفضل ليتم استخدامه في‬
‫دراستك؟‬
‫إن من المفاجئ أال يمتلك تفويض الكثير من دراسات التسويق العصبي فرضية واضحة ليتم اختبارها‪،‬‬
‫فقد يكون غياب الفرضية في الدراسة هو المسبب الرئيسي الستياء العمالء من بحوث التسويق العصبي‪،‬‬
‫ستنزف للوقت في إنجازه إلى نتائج مبهمة ال يمكن‬
‫ٌ‬ ‫مكلف وم‬
‫ٌ‬ ‫ع‬
‫ظن الناس حين يؤدي مشرو ٌ‬ ‫حيث أنه فسيخيب ُّ‬
‫ي ٍ معين‪ ،‬إال أن هذا ما يحدث عندما تجري دراسة لمعرفة "ما يفكر فيه الناس" فقط‪.‬‬
‫ربطها بأي سؤا ٍل بحث ّ‬
‫قد تكون نتائج دراسة التسويق العصبي التي تغيب فيها الفرضية مثيرة ً لالهتمام بعض الشيء‪ ،‬إال أنه‬
‫ال صلة لها مع الحاجات التجارية‪ ،‬وقد تكون في بعض األحيان غير مثيرةٍ لالهتمام حتى‪ .‬إذاً‪ ،‬ما الذي يجب‬
‫على فريق التسويق فعله بمعرف ٍة تفيد بأن اإلعالن التجاري ينشط مقدارا ً معينا ً من عملية معالجة الذكريات؟‬
‫فهناك سؤالين رئيسيين يتبعان ذلك مباشرة ً وهما‪" :‬بالمقارن ِّة مع ماذا؟" و"ماذا في ذلك؟"‪ ،‬فالفرضية‬
‫معنى لهذه األسئلة المهمة التي تتلو السؤال الرئيسي‪.‬‬
‫ً‬ ‫الواضحة هي وحدها ما يعطي‬

‫إن أفضل طريقة في بدء تطوير فرضي ٍة مثيرةٍ لالهتمام هي القا ُء نظرةٍ عن كثب على األهداف‬
‫التجارية للدراسة‪ .‬فتميل الفرضية إلى أن تنشأ من التوقعات التي تنحدر من خالل االهداف التجارية‪.‬‬

‫دعنا نطرح عليك مثاالً لنوضح هذا الموقف‪ ،‬افترض أن مصممي األغلفة الخاصة بشرك ِّة بمنتجا ٍ‬
‫ت‬
‫غذائية قد طوروا تصميمين جديدين لألغلفة الخاصة بعالمة تجارية ثابتة خاصة بالبقالة‪ .‬عندها يكمن الهدف‬
‫التجاري هنا في اختيار التصميم الذي سيتم استخدامه‪ ،‬ثم يقررون اختبار خيارات التصميمين لمعرفة‬
‫التصميم األفضل أدا ًء بينهما‪ .‬وقد يكون لدى مصممي أغلفة المنتجات توقعاتٌ مبنيةٌ على خبرتهم بتصاميم‬
‫ق عصبي ٍ معين‪ ،‬مثل مقياس الحداثة أو المعالجة‬
‫تصميم سيتفوق على اآلخر في مقياس تسوي ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫األغلفة بشأن أ ُّ‬
‫الذهنية لسالسة فهم األشياء أو االندماج العاطفي أو مقياس االرتباطات الذهنية الخاصة بالعالمة التجارية‪،‬‬
‫فهذا يسمح لهم بتشكيل فرضيتهم المبدئية وهي أن التصميم (أ) سيتفوق على التصميم (ب) في مقاييس أداءٍ‬
‫معينة‪.‬‬

‫ولكن هل يتوجب اختبار التصاميم الجديدة لألغلفة مقابل األغلفة الموجودة أصالً‪ ،‬وذلك بالنظر إلى أن‬
‫تصميم يتوجب أن يكون ذا أداءٍ أفضل من التصميم الحالي؟ حيث ّ‬
‫أن هذه النقطة منطقية؛ ألن المشروع‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬‫أ َّ‬
‫التجاري لن يريد تح ُّمل تكلفة تحديث التصميم الحالي إذا كان ال يعتقد بأن هذا التحديث سيحسن من حضور‬
‫المنتج على رفوف المتاجر‪ ،‬وهذا يولد فرضية عكسية هي‪ :‬أن التصميم (أ) لن يتفوق على التصميم (ب)‬
‫فقط‪ ،‬بل يتفوق على التصميم الحالي أيضاً‪.‬‬

‫وهنا يدرك فريق التصميم أن اختبار التصميمين الجديدين للغالف ومقارنتهما مع بعضهما ومع‬
‫الغالف الحالي ما يزال غير كافٍ ليتوافق مع األهداف التجارية‪ .‬فعندما يكون الغالف المنتج جاهزا ً وعلى‬
‫رفوف المتاجر‪ ،‬فإن األغلفة الجديدة لن تتنافس مع بعضها بعضا ً مع التصميم الحالي‪ ،‬وعندما يتم اختيار‬

‫‪362‬‬
‫ت تجارية منافسة؛ وذلك لوجود حاجة‬ ‫ت لعالما ٍ‬
‫تصميم ما فسينافس في نيل انتباه المتسوقين مقابل أغلفة منتجا ٍ‬
‫ٍ‬
‫للمزيد من المراجعة في اختيار التصميم حيث ‪ :‬أن التصميم (أ) يجذب االنتباه عندما يكون على رفوف المتجر‬
‫أكثر من التصميم (ب) وأكثر من التصميم الحالي للمنتج ومن تصاميم األغلفة للمنتجات المنافسة من حوله‪.‬‬

‫تر كيف يتم تنقية تصميم الدراسة‬ ‫ففي هذ المثال والذي نعترف بأنه مثا ٌل قد تم تسهيله للفهم‪ ،‬يمكنك أن َ‬
‫من الهدف المبهم الخاص "باختبار بعض تصاميم األغلفة الجديدة" لتكوين فرضي ٍة أكثر تحديدا ً وأقل عمومية‪.‬‬
‫وفي مثا ٍل على أرض الواقع‪ ،‬فسيتم صقل هذه الفرضية أكثر من ذلك‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬إذا ما كان الهدف‬
‫تصميم جديد قد نشط العالمة التجارية لتجذب جمهور المستهلكين الصغير في السن‪ ،‬فإن على‬ ‫ٍ‬ ‫التجاري وراء‬
‫الفرضية أن تتضمن هذا العنصر التجزيئي‪ .‬وإذا كانت الغاية الرئيسية للتصميم الجديد أن ينعش صورة‬
‫العالمة التجارة للمشترين الحاليين المعتادين عليها‪ ،‬عندها سيتم صقل الفرضية على نح ٍو مختلف للتأكيد من‬
‫الحاجة للحفاظ على العناصر الرئيسية للتصميم والتي تساعد في التعرف عليه في حين يتم تجنب أي عرقلة‬
‫للعادات الشرائية الموجودة أصالً‪.‬‬

‫وعندما يتم اختيار الفرضية للدراسة‪ ،‬عندها يكمن السؤال التالي الذي يتوجب طرحه هو إذا ما قد تم‬
‫تمييز وتحديد االختبارات المناسبة لتقييم هذه الفرضية‪ .‬وستلعب شركة التسويق العصبي دورا ً مهما ً في هذه‬
‫المهمة؛ ألنها تتولى هذا المشروع و بحوزتها مجموعة البروتوكوالت االختبارية التي قد طورتها الختبار‬
‫ت كالتي لديك‪ .‬لكن يجب عليك أن تطرح أسئلة متعمقة في مرحل ٍة ما من الدراسة؛ ألن هناك الكثير من‬ ‫فرضيا ٍ‬
‫االختالفات في االختبار التي ‪ -‬في الواقع‪ -‬قد تكون أكثر أو أقل مالئمة للحاجاتك الخاصة‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬ما هو االختبار المناسب للفرضية الثالثة التي تنص على اختبار التصميم الجديد مع‬
‫تصاميم أغلفة المنتجات المنافسة؟ وهل يجب أن يتم اختبار تصاميم األغلفة البديلة على انفراد أم من خاال‬
‫نسق الرفوف في المتجر حيث تكون أغلفة المنتجات المنافسة معروضةً معه؟ هل يجب عليك استخدام‬
‫ق رفوفٍ واحدٍ)‬‫التصميم االختباري األحادي (حيث يرى كل مشاركٍ في الدراسة تصميم غالفٍ واح ٍد أو نس ِّ‬
‫أو التصميم األحادي التسلسلي (حيث يرى المشاركون سلسلة من األغلفة أو الرفوف وغالبا ً ما يكون ذلك‬
‫ب عشوائي) أو ربما تصميم االختيار اإلجباري (والذي يتم فيه عرض بدائل تصاميم األغلفة مع‬ ‫بترتي ٍ‬
‫ب في المختبر أم‬ ‫صور معروض ٍة على شاشة حاس ٍ‬‫ٍ‬ ‫بعضها)؟ هل يمكن أن يتم إجراء االختبار بكفاءة باستخدام‬
‫متجر حقيقية؟‬
‫ٍ‬ ‫هل عليك أن تختبر البدائل في بيئة‬

‫يمكن لتحديد االختبار الصحيح لتقييم فرضي ٍة معينة أن يتعمق بسرعة كبيرة في مسائل أكثر‬
‫تفصيالً‪ ،‬إال أننا سنستعرض هنا ثالثة اسئلة ذات مستو ً‬
‫ى عا ٍل حتى تستعد إلجراء الدراسة وهي‬
‫كاآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬ما هي الجوانب الخاصة المتعلقة بخبرة الزبائن ليتم اختبار هذه الفرضية‪ :‬هل هي االستجابة‬
‫التسوق أم سياقات شراءٍ أخرى أم استهالك المنتج؟‬
‫ُّ‬ ‫للرسائل التسويقية أم عملية االختيار أثناء‬

‫‪363‬‬
‫‪ ‬ما هي االستجابة العقلية األكثر صلة بخبرة المستهلكين التي يجري قياسها‪ :‬هل هي االنطباعات أم‬
‫ردود األفعال أم الدوافع أم التعلُّم؟‬

‫‪ ‬ما هي الصفات الخاصة واألكثر صلة بالمواد التي يتم قياسها هي‪ :‬هل هي الحداثة أم األلفة أم‬
‫التأثير العاطفي أم المعالجة لسالسة فهم األشياء أم تنشيط األهداف الذهنية أم البروز أم صفات‬
‫أخرى؟‬

‫هل تُجري االختبار على المواد الصحيحة؟‬


‫في الوقت الذي تكون فيه قد حددت فرضيتك التي تود اختبارها وعينت االختبارات الصحيحة التي‬
‫ستجريها‪ ،‬عندها يكون التحدي التالي هو التأكد من أن لديك المواد أو المحفزات الصحيحة لالختبار‪ .‬قد ال‬
‫تحتاج اإلجابة على هذا السؤال إلى التحليل‪ ،‬إال أن جمع وتجهيز المواد المناسبة لدراسة التسويق العصبي‬
‫يمكن أن يتضمن بعض الخيارات التي قد ينتهي بها المطاف إلى أن تتوصل إلى نتائج الدراسة أو أن تفسدها‪.‬‬

‫أوالً‪ ،‬إذا كنت تستخدم الصور المرئية أو تسجيالت الفيديو في اختباراتك‪ ،‬فيجب أن يوضع عدد من‬
‫العوامل التقنية بعين االعتبار‪ .‬فلكون أساليب التسويق العصبي حساسة جدا ً للخواص المرئية للمحفزات‪،‬‬
‫عندها عليك أن تكون حذرا ً بشأن المشاكل التي تخص دقة الصورة أو الفيديو ونسب أبعاد الفيديو وحتى بشأن‬
‫مواضيع ضمنية مثل صيغة ملف الفيديو (‪ )PAL‬مقابل صيغة (‪ .)NTSC‬كن متوقعا ً بأن تكون شركة‬
‫التسويق العصبي التي تشاركك الدراسة تمتلك معايير للمحفزات البصرية‪ ،‬وال تكون متفاجئا ً إذا ما أثبتت تلك‬
‫المعايير أنه من الصعب توافقها مع ما كنت تتوقعه‪.‬‬
‫فقد توصالً ‪ -‬مثالً ‪ -‬إلى أنه بالرغم من أن أقسام التسويق تميل إلى أن يكون في حوزتها صورا ً‬
‫وتسجيالت فيديو ذات دقة عالية لمنتجاتها وإعالناتها‪ ،‬فإنها ال تمتلك محفزا ٍ‬
‫ت ذات دقة مماثلة لتلك التي لديها‬
‫من لمنتجات أو اإلعالنات المنافسة‪ ،‬وغالبا ً ما يكون االتجاه األول هو "أن يتم تحميلها من اإلنترنت"‪ ،‬حيث‬
‫أن هذه المواد تميل إلى أن تكون ذات جودة ودقة منخفضة من المواد المطلوبة ذات درجة جودةٍ ودق ٍة‬
‫احترافيتين‪.‬‬

‫إن مقارنة المحفزات البصرية على صعيد درجات الدقة المختلفة قد يؤدي إلى اختالالت محتملة في‬
‫اختبار التسويق العصبي‪ .‬واستذكر أن الكثير من ردود الفعل الالواعية تنحدر من سهولة الفهم أو المعالجة‬
‫الذهنية سالسة فهم األشياء‪ .‬فإذا قارنت صورة ً ذات دقة عالية بأخرى ذات دقة متدنّية‪ ،‬فإن االختالف الناتج‬
‫صةً إذا ما كنت تستخدم تقنيات حساسة‬ ‫تحرف من نتائج الدراسة وخا ّ‬
‫ٌ‬ ‫في عملية معالجة سالسة الفهم ذهنيا ً قد‬
‫لقياس الدماغ مثل تقنية تخطيط كهربية الدماغ (‪ )EEG‬أو تقنية تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي‬
‫ي اختالفٍ في العقل الواعي للمشارك‪ ،‬إال أن االستجابات الالواعية قد تتأثر بتغيُّر‬ ‫(‪ .)fMRI‬وقد ال تسجل أ َّ‬
‫دقة الصورة‪.‬‬

‫‪364‬‬
‫وفيما يلي بعض المسائل التقنية التي تتعلق بالجودة التحفيزية التي يجب أخذها بعين االعتبار‪:‬‬

‫أن تكون المواد البصرية التي يتم مقارنتها بنفس مستوى الدقة والجودة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬أن تكون المواد التسويقية بمرحلة التطوير ذاتها؛ أي أنه ال يجب عليك أن تجري اختبارا ً على‬
‫إعالن قبل اإلنتاج‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫إعالن قد تم إنتاجه مقارنة مع‬

‫‪ ‬عندما تجري اختبارا ً في بيئة واقعية مثل المتجر أو حجرة العرض‪ ،‬فإن عليك أن تحرص على‬
‫التحكم بمقدار الضوضاء المحيطة والمحفزات الموجودة في البيئة المحيطة المنافسة لمحفزات‬
‫االستجابة التي تريدها دراستها‪.‬‬

‫‪ ‬أن تكون المواد الوصفية المكتوبة على نفس مستوى التعقيد الداللي وذلك ليتم التحكم‬
‫باالختالفات في معالجة سالسة فهم اللغة‪.‬‬

‫يكمن الجانب المهم الثاني في اختبار المواد الصحيحة في السؤال الذي يوازن األمور التي تختلف عن‬
‫المحفّز الذي يتم مقارنته وما يتم التحكم به أو إبقائه ثابتا ً (أي ال يُسمح له بأن يختلف عن المحفزات)‪ .‬إن‬
‫أفضل نقطة للبدء هنا أن تكون واضحا ً فيما إذا كانت فرضيتك تتطلب منك أن تجري اختبارا ً على عناصر‬
‫مختلفة للمحفّز ذاته‪ ،‬مثل اختالف الخط أو أسماء المنتجات على زجاجات الكاتشب ‪ -‬مثالً‪ -‬أو المحفزات‬
‫الكلية المختلفة مثل التصاميم واألشكال المختلفة لزجاجات الكاتشب‪ ،‬حيث تحتاج إلى أن تج ِّ ّهز موادَّ مختلفة‬
‫الختبار هذه الفرضيات المختلفة‪.‬‬

‫إن أحد األخطاء الشائعة في دراسات التسويق العصبي هو الفشل في نظم الفرضيات مع المواد‬
‫عنصر واح ٍد‬
‫ٍ‬ ‫االختبارية بصورة جيدة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬إذا كانت الفرضية تركز على التأثير الذي يغيّر من‬
‫في المحفز ما ولكن المحفزات المتوفرة تتضمن اختالفات أخرى فيها أيضاً‪ ،‬عندها يطلق المختبرون في‬
‫ت خاطئة بأن هذه المواد "نافعة بما فيه الكفاية" الختبار الفرضيات‪ ،‬بالرغم من أنها في‬ ‫الغالب افتراضا ٍ‬
‫الواقع ليست كذلك‪ .‬وفي الوقت الذي تظهر فيه النتائج‪ ،‬فمن المستحيل معرفة إذا ما كانت االختالفات التي تم‬
‫قياسها هي صفاتٌ للعنصر المراد في االختبار أو اختالفٍ معين بين المحفزات‪ ،‬وهذا وبالتحديد نوع من‬
‫التسوية التي تؤدي إلى نتائج ال ترضي الجميع‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ثالث لعملية اختيار المواد ليتم إجراء االختبار‪ ،‬ويتعلق هذا الجانب‬ ‫جانب‬
‫ُ‬ ‫ومن الواجب ذكر أن هناك‬
‫سنتطرق‬
‫َّ‬ ‫بالقوة االستداللية لالختبار أو بمدى ثقتك بالنتائج‪ .‬ويُعد ُّ هذا الموضوع موضوعا ً معقداً‪ ،‬لذا فنحن‬
‫إلى النقاط الرئيسي ِّة هنا؛ ونعني األنواع المختلفة للمقارنات وذلك باستخدام المواد االختبارية المختلفة والذي‬
‫ت مختلفة من القوة االستداللية وهي كما يأتي‪:‬‬‫تؤدي إلى مستويا ٍ‬

‫‪365‬‬
‫مقياس معياري (أي‬
‫ٍ‬ ‫محفز واح ٍد مقابل‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬تكمن أدنى مستويات القوة االستداللية المحققة في اختبار‬
‫مقياس الذي تم جدولته حسب البيانات المعيارية أو على نقط ٍة قياسي ٍة معينة)‪.‬‬
‫ٍ‬

‫‪ ‬وتتحقق قوة استداللية أشد عندما تقارن بين مح ِّفّزيْن أو أكثر ببعضها بعضا ً ومقارنتها بالمقياس‬
‫المعياري‪.‬‬

‫ت عديدة حيث يُحرص‬ ‫ى عا ٍل من القوة االستداللية عندما تقارن صفةً معينةً لمحفزا ٍ‬ ‫‪ ‬ويُحقق مستو ً‬
‫مقصور على الصفات التي‬
‫ٌ‬ ‫على إبقاء العناصر التفسيرية المحتملة ثابتة (إال أن مجال هذا االستدالل‬
‫اختُبِّرت‪ ،‬لذا فال وجود لمقايض ٍة هنا)‪.‬‬

‫منافس (أن يكون مثالُ إعالنا ٍ‬


‫ت تجارية لشرك ٍة منافسة هذا‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ‬إنه من المفضَّل دائما ً أن يتم تضمين محفّ ٍز‬
‫في حال كنت تجري اختبارك على اإلعالنات)في عملية المقارنة إذا أمكن؛ ألن تضمين المواد‬
‫ت منافس ٍة سيوفر نطاقا ً أوسع وصلةً أكبر بالمشاريع التجارية كما وتوفر أيضا ً قوة ً‬ ‫الخاصة بشركا ٍ‬
‫استداللية أكبر‪.‬‬

‫هل تأخذ عيناتك من مجتمع الدراسة الصحيح؟‬


‫وتطرح النقطة التالية فكرة أن دراسات التسويق العصبي الجيد غالبا ً ما ينتهي بها االمر بأن تحدد‬
‫العينة المراد اختبارها بشك ٍل سيء‪ .‬ق تميل مبدئيا ً إلى أن تجعل من االختبار قابالً للتعميم قدر اإلمكان من‬
‫خالل استخدام عينة من مجتمع الدراسة عام (وهي عينة ممثلة عن مجتمع دراسة عام في سوق منتجك)‪.‬‬
‫وغالبا ً ما تعد هذه الطريقة أفضل ح ٍّل مستخدمة عند إجراء دراسة مسحية؛ وذلك ألنه بعدما يتم جمع البيانات‬
‫ت فرعية ومقارنتها‪ ،‬كما ويمكن‬ ‫فتستطيع دائما ً استخدام أي سؤا ٍل في المسح الذي تجريه إلنشاء مجمعا ٍ‬
‫التخطيط للحصول على المزيد من المتجاوبين (أي المشاركين في الدراسة) في عينتك للتأكد من أن مقارنات‬
‫هذه المجموعات الفرعية هي منطقيةٌ إحصائياً‪.‬‬

‫ولك ن ولسوء الحظ‪ ،‬لن تنفع هذه الطريقة في تجربة التسويق العصبي والتي تختلف عن المسح في‬
‫ب مه ٍ ّم جداً‪ :‬وهو أنه في التجربة‪ ،‬عليك أن تحدد المجموعات الفرعية ذات الصلة وذلك قبل أن تجري‬ ‫جان ٍ‬
‫الدراسة؛ ألنه ال يمكنك إنشاء مقارنة بين مجموعة فرعية جديدة بعدما تم جمع البيانات‪ .‬لذا فإنه مهما كانت‬
‫المقارنات التي تنوي القيام بها (بنا ًء على الفرضية التي تود اختبارها)‪ ،‬فيجب أن تكون قائمة داخل مخطط‬
‫الدراسة منذ البداية وأن على عملية أخذ العينات أن تنعكس على المقارنات المرادة‪.‬‬

‫صةً تلك التي تستخدم تقنيات قياس أنشطة الدماغ‪ -‬بعينات‬ ‫يمكن إجراء دراسات التسويق العصبي ‪ -‬وخا ّ‬
‫صغير نسبياً؛ وذلك لوجود نسب تشتت عشوائي أقل ليتم معادلتها من خالل مقاييس الدماغ على‬ ‫ٍ‬ ‫ذات حجم‬
‫ص ِّ ّممت للتقليل‬
‫نح ٍو أفضل من استجابات الدراسة المسحية العادية‪ ،‬حيث أن أدوات السيطرة على التجربة قد ُ‬
‫افتراض ينص على‬ ‫ٍ‬ ‫من التشتت العشوائي في نتائج العينة‪ .‬عدا أن األحجام الصغيرة لهذه العينات قائمة على‬

‫‪366‬‬
‫المجموعة التي يتم قياسها متناسقة مما يعني أنها لن تُقسم مرة ً ثانية في مرحل ٍة الحقة عند تحليل النتائج‪ .‬فإذا‬
‫أردت أن تقارن بين مجموعتين‪ ،‬فإن عليك أن تحددهما على أنهما جز ٌء من مخططك وأن عليك مضاعفة‬
‫حجم العينة الستيعاب المقارنة بن تلك المجموعتين‪.‬‬

‫ولهذا السبب يُعد تخطيطك لعملية أخذ العينات أمرا ً مهماً‪ ،‬فإذا كان السوق المستهدف بدراستك يتكون‬
‫من ذكور بعمر يتراوح فيما بين ‪ 34-18‬وتود أن تقارن استجاباتهم السلوكية إلعالنين تجاريين‪ ،‬فإن عليك أن‬
‫ذكور أعمارهم تتراوح بين ‪ 34-18‬فقط‪ .‬وإذا كانت أهدافك التجارية أن تجذب إناثا ً أعمارهن‬
‫ٍ‬ ‫تأخذ عينة من‬
‫ما بين ‪ 34-18‬لمنتجك‪ ،‬وتود أن تالحظ كيف ستكون استجاباتهم إلعالنك التجاري مقارنةً بعينة الذكور‬
‫المأخوذة من المجموعة نفسها‪ ،‬إال أنه يتوجب عليك هنا أن تضاعف حجم العينة‪.‬‬

‫وفيما يلي بعض المقارنات المجراة على بعض المجموعات الفرعية التي يمكن أن تؤدي إلى‬
‫ت مثيرةٍ لالهتمام وذات صلة بموضوعك في دراسات التسويق العصبي‪ .‬فعند تخطيطك‬ ‫منظورا ٍ‬
‫ي هذه الفروقات يجب أن تُبنى في دراستك‪:‬‬
‫لمعايير أخذ العينات خاصتك‪ ،‬ضع في اعتبارك أ ُّ‬
‫‪ ‬الرجال مقابل النساء‪ :‬غالبا ً ما تظهر المقارنات بين الجنسين اختالفا ٍ‬
‫ت مثيرةٍ لالهتمام‬
‫صة في االستجابات الالواعية التي يمكن أن ترتفع عند التسويق‪.‬‬
‫وخا ّ‬

‫‪ ‬صغار السن مقابل كبار السن‪ :‬قد تؤدي االختالفات اإلدراكية في األدمغة النامية والبالغة والتقدمة في‬
‫ت في االستجابة للتسويق‪.‬‬‫السن إلى اختالفا ٍ‬

‫‪ ‬المنتمون مقابل غير المنتمين لعالمة تجارية معينة‪ :‬إن فهم أن من يلتزم باستخدام عالمة تجارية‬
‫معينة وآخر غير ملتزم بها يختلفون في االستجابة للتسويق الذي يمكنه المساعدة األهداف التجارية‬
‫في الدراسة في زيادة درجة انتمائها لعالمة تجارية معينة‪.‬‬

‫‪ ‬المستهلكين الحاليين مقابل المستهلكين المهملين في شراء عالمة تجارية معينة‪ :‬قد يوفر‬
‫المستهلكون المهملون في شراء عالم ٍة ما أدلةً من خالل استجاباتهم السلوكية حيث أنها تشير إلى‬
‫الطريقة التي يمكن جذبهم بها إلى الشراء من هذه العالمة التجارية مرة أخرى‪.‬‬

‫‪ ‬المستهلكين من أقاليم ومناطق جغرافية مختلفة‪ :‬قد تكون االختالفات اإلقليمية مهمة في االستجابات‬
‫المستهلكين للتسويق‪.‬‬

‫‪ ‬المستهلكين في مراحل مختلفة من االلتزام بشراء عالمة تجارية معينة‪ :‬أي مقارنة المستهلكين ‪-‬‬
‫من مراحل كونهم مشترين لعالم ٍة تجارية ألول مرة إلى مشترين معتادين عليها ث َّم إلى مؤيدين لهذه‬
‫العالمة التجارية‪ ،‬ففي المراحل المختلفة من االلتزام قد تؤدي إلى منظورات مفيدة ومثيرة لالهتمام‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫ممكن من الدقة في دراسات التسويق العصبي وذلك قبل إجراء‬ ‫ٍ‬ ‫قدر‬
‫إن تحديد عينتك بأكبر ٍ‬
‫الدراسة يُعدٌّ أمرا ً مثالياً‪ ،‬ويكون ذلك في األغلب أمرا ً غير متوقعٍ من المسوقين الذين اعتادوا على‬
‫بأحجام أكبر من العينات‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫قدر ممكن من التعميم‬
‫استخدام االستبانات والدراسات المسحية لتحقيق أكبر ٍ‬
‫وتتطلب التجارب تخطيطا ً مقدما ً وأقل مرونة وذلك الستكشاف االختالفات المثيرة لالهتمام وراء‬
‫كبير من األهمية لدراسات التسويق العصبي‬ ‫ٍ‬ ‫قدر‬
‫الحقائق‪ ،‬وهذا سببٌ آخر لكون الفرضيات القوية على ٍ‬
‫مشوهة ومصاحبة مع أهدافٍ تجاري ٍة مبهمة كما ال تحتوي على‬ ‫َّ‬ ‫الناجحة‪ .‬إن امتالكك عينة من مجتمعٍ عا ٍ ّم‬
‫فرضيات قد يُحتمل أن تؤدي إلى نتائج غامضة ذات قيمة ضئيلة عائدة على عملية اتخاذ القرار‪.‬‬

‫صلت إليها من أنشطتك التجارية؟‬


‫كيف ستغير النتائج التي تو ً‬
‫ويوصي غاري كلين (‪ )Gary Klein‬خبير في عملية اتخاذ القرار في كتابه القوة الحدسية ( ‪The‬‬
‫بتمرين يسميه تمرين ما قبل الحدث‪ ،‬فهو يقترح أنه في كل مرةٍ يكون فيها المدراء‬
‫ٍ‬ ‫‪)Power of Intuition‬‬
‫قرار استراتيجي‪ ،‬فهم يجلسون ويتخيلون نقطةً مستقبلية يكون فيها القرار الذين هم‬
‫ٍ‬ ‫التنفيذيين مستعدين التخا ِّذ‬
‫على وشك اتخاذه قد آ َل إلى فش ٍل ذريع‪ ،‬ثم عليهم أن يسألوا أنفسهم عن كيفيه حدوث هذا الفشل وما الذي يجب‬
‫عليهم فعله الحقاً‪ .‬تكمن قوة هذا التدريب في أنه يساعد في التغلُّب على قوة االنحراف التي تنص على متخذي‬
‫القرار اإليمان بأن قرارهم سيكون ناجحاً‪.‬‬

‫ونحن نقترح تدريبا ً مماثالً لفرق التسويق التي تجهز لدراس ٍة بحثي ٍة جديدة وهو‪:‬‬
‫أن يجلسوا ويفكروا بالخطوة التالية المبنية على نتائج هذه الدراسة‪ .‬فإذا تم تأكيد فرضيتك‪ ،‬عندها ما الذي‬
‫ستفعله الحقاً؟ وإذا لم تكن قد أ ُ ِّ ّكدت‪ ،‬فما الذي ستفعله على نح ٍو مختلف؟ إن التخمين الصادق للتأثيرات‬
‫المحتملة لدراستك التي تخطط لها هو طريقةٌ ممتازة ٌ لمواجهة االنحراف الذي يتسبب فيه تفاؤلك‪ ،‬ولرؤية ما‬
‫إذا كنت تشرع في مشروعٍ يمتلك تأثيرا ً تجاريا ً حقيقيا ً أم أنه تدريبٌ ممتع آخر في لعبة البحث هذه‪.‬‬

‫ت‬‫ولنكون منصفين‪ ،‬ال تؤدي ك ُّل دراس ٍة إلى مضامين تجارية قوية‪ ،‬ولن تتخذ معظم الشركات قرارا ٍ‬
‫صةً إذا ما كانت دراسةٌ واحدة ٌ تستخدم أساليب التسويق العصبي‬ ‫تجاري ٍة كبرى بنا ًء على أي دراسة مفردة وخا ّ‬
‫ألول مرة‪ .‬لذلك فلربما يكون ما ستفعله بنتائج الدراسة هو مقارنتها مع نتائج أخرى حصلت عليها من بح ٍ‬
‫ث‬
‫آخر مستخدما ً أساليب أخرى‪ ،‬فيعد ذلك أيضا ً استنتاجا ً مقبوالً جداً‪.‬‬

‫وهذا يعني أنك تود مراجعة كل ما تعلمته من هذه الدراسات السابقة وأن تتأكد بأن الدراسة الحالية‬
‫تؤدي إلى نتائج قابلةً للمقارن ِّة بشك ٍل مباش ٍر‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬فإنه البرنام ٌج البحثي األكبر ‪-‬وليس دراسةً‬
‫واحدة‪ -‬هو الذي يحمل عبء التأثير التجاري‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫إن النتيجة الوحيدة التي يتوجب عليك القلق بشأنها هي تلك التي تفشل في تحديد أيّة مضامين‬
‫تجارية منطقية ناتجة عن دراستك‪ .‬فإذا كانت تلك هي النتيجة‪ ،‬فإن عليك أن تراجع جميع األسئلة‬
‫السابقة التي تتعلق باألهداف التجارية والفرضيات واالختبارات والمواد االختبارية وتحديد العينات‪،‬‬
‫ي ٍ قد‬
‫ي نشاطٍ تجار ّ‬‫أمر مهم‪ .‬وإذا كنت ما تزال ال تجدُ أ َّ‬
‫وأن تسأل نفسك إذا ما كنت قد غفلت عن ٍ‬
‫يكون متأثرا ً بهذه الدراسة‪ ،‬فإن عليك أن تواجه االحتمالية الحقيقية بأن هذه الدراسة غير جديرة بإجرائها‪.‬‬

‫ال تدفع ثمن الفشل في التواصل‬


‫إن العمل من خالل قوائم التحقق هذه لما قبل المباشرة في الدراسة سيساعدك في تجنب أكثر الشراك‬
‫ٌ‬
‫مضمون في عالم البحوث‬ ‫خطورة ً في طريقك إلى دراسة تسويق عصب ّ‬
‫ي ٍ ناجحة‪ .‬فبالرغم من أنه ال شيء‬
‫ت دقيقة واختبارا ٍ‬
‫ت ومواد اختباري ٍة‬ ‫التسويقية القاسي‪ ،‬إال أننا نثق بأن امتالك أهدافٍ تجاري ٍة واضحة وفرضيا ٍ‬
‫ت صحيحة وعواقب تجارية واضحة سيجعل من المحتمل جدا ً أن تنجح دراستك أكثر مما يكون عليه‬ ‫وعينا ٍ‬
‫األمر عندما يكون أحد هذه العناصر مفقود‪.‬‬

‫ق عصبي‬ ‫أمر عليكَ أن تتساعد أنت وشريك تسوي ٍ‬ ‫إن إنهاء قوائم التحقق قبل المباشرة في دراس ٍة ما هو ٌ‬
‫فيه‪ .‬فإن الشريك ذو الخبرة والذي على معرفة عميقة بك ّل واح ٍد من هذه األسئلة سيكون مدركا ً ألهميتها‪ ،‬وأن‬
‫يكون لديه النيّة في استثمار الوقت والجهد لمساعدتك في اإلجابة عليها على النحو الذي يرضيك‪ .‬فإذا أعلمك‬
‫ي شيء" بدالً من أن تقضي وقتا ً في اإلجابة على هذه‬ ‫شريك التسويق العصبي بأنه من المهم أن "تنجز أ َّ‬
‫ش ٌر جيدٌ يدل على أنك تعمل مع شريك التسويق العصبي الخاطئ؛ وهذا ما سيكون‬ ‫األسئلة‪ ،‬فإن ذلك هو مؤ ّ‬
‫موضوع الفصل التالي تحت عنوان‪ :‬اختيار شريك التسويق العصبي الصحيح‪.‬‬

‫‪369‬‬
‫الفصل الحادي والعشرون‬

‫اختيار شريك التسويق العصبي الصحيح‬

‫سنناقش في هذا الفصل ما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬متى يتوجب عليك في أن تسعى إليجاد شريكٍ مناس ٍ‬


‫ب في دراسة التسويق العصبي‪.‬‬
‫‪ ‬فهم الفرق بين شركات التسويق العصبي ومستشاري التسويق العصبي‪.‬‬
‫‪ ‬استكشاف إيجابيات وسلبيات عموميات التسويق العصبي وخصوصياته‪.‬‬
‫‪ ‬طرح األسئلة الصحيحة الختيار أفضل شريك في تلبية حاجاتك البحثية‪.‬‬

‫لقد شرحنا عن العديد من أساليب التسويق العصبي في الفصل (‪ )17‬والتي قد تود أن تتطرق إليها‬
‫ق الختيار الشريك المناسب في دراسة التسويق‬ ‫بنفسك‪ ،‬إال أننا وفي هذا الجزء‪ ،‬سنوفر توجيها ٍ‬
‫ت وقوائم تحق ٍ‬
‫العصبي والعمل معه‪ .‬نحن نفترض بأنك ال تفكر في أول بح ٍ‬
‫ث في التسويق العصبي فقط‪ ،‬بل بأنك تفكر فيما‬
‫التزام طويل األمد في اعتبار التسويق العصبي جزءا ً دائما ً في‬
‫ٍ‬ ‫إذا كان هذا المشروع سيرتقي إلى أن يكون‬
‫استراتيجيتك في أبحاث التسويق أيضا ً ‪ .‬وسنركز على ثالثة أسئلة وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬متى يتوجب عليك أن تفكر في اللجوء إلى خدمات شركة التسويق العصبي؟‬
‫‪ ‬ما نوع الشريك (أي شركة التسويق العصبي) الذي تحتاجه؟‬
‫‪ ‬كيف تختار أفضل شريك ليلبي احتياجاتك؟‬
‫ق عصبي اختيارا ً مه ّما ً يؤدي مباشرة ً إلى التأثير بجودة وفعالية في التسويق‬ ‫يُعدُّ اختيار أ ُّ‬
‫ي شركة تسوي ٍ‬
‫قرار استراتيجي يحتاج إلى أن ينتج عائد استثمار قاب ٍل للقياس (‪.)ROI‬‬
‫ٌ‬ ‫واإلعالن الخاص بك‪ .‬وهو أيضا ً‬
‫وألن التسويق العصبي هو حق ٌل جديدٌ ومختلف بالمقارنة ببحوث التسويق التقليدية‪ ،‬إال أن هناك متطلبٌ‬
‫إضافي في هذا الحقل لمشاركة المعلومات والمعرفة بانفتاح‪ ،‬وقد يتضمن ذلك تثقيفا ً إضافيا ً من جهتك‪ ،‬واأله ُّم‬
‫‪370‬‬
‫من ذلك أن عليك أن تحدد شريكك (أو شركاءك) في دراسة التسويق العصبي يتمتّع بالقدرة وااللتزام الكفيين‬
‫لمساعدتك في تعلم واستخالص القيمة الحقيقية من األسلوب الجديد في بحوث التسويق‪ .‬وتكمن غاية هذا‬
‫الفصل في منحك أفضل الفرص لتحقيق ذلك الهدف‪.‬‬

‫معرفة ما تحتاجه من شريك التسويق العصبي‬


‫ق عصبي‪ ،‬فإننا ننصحك بأن تطرح أنت وفريق التسويق الخاص بك‬
‫عند البدء بالبحث عن شريك تسوي ٍ‬
‫بعض األسئلة التمهيدية‪ .‬إن أول قائمة نبدأ بها هي قائمةٌ تحتوي على أسئل ٍة للتقييم ذاتي تساعدك في تحديد‬
‫مدى تأهب مؤسستك للتفكير في حلو ٍل باستخدام التسويق العصبي‪ ،‬باإلضافة إلى مدى حاجتك للدعم من قِّبل‬
‫ق عصبي لتحقيق أهدافك البحثية الفورية وطويلة األمد‪.‬‬
‫شريك تسوي ٍ‬

‫ال يمكن التقليل من شأن أهمية االستعداد المؤسسي‪ ،‬حيث أنه في أغلب الحاالت يُقلل من شأنها‪.‬‬
‫إن النتائج التي توصل إليها علم الدماغ بشأن حقيقة أنه يقاوم كل ما هو جديد (انظر الفصل ‪ )5‬ينطبق‬
‫عليك وعلى مؤسستك كما ينطبق على المستهلكين‪ ،‬فكل البشر يشعرون بالفضول لكل ما هو جديد‪،‬‬
‫لنكهم يقاومونه‪ .‬وحتى كون مقاومتنا أقل‪ ،‬فإن علينا أن نعرف ونتعلم المزيد عن هذا الموضع الجديد‬
‫لنستطيع تخطي مرحلة المقاومة إلى مرحلة راحلة األلفة‪.‬‬

‫مفر منه‪ .‬فإذا لم تكن‬ ‫قد يخلق طرح فكرة التسويق العصبي على شركتك مقاومةً له‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫أمر ال َّ‬
‫مؤسستك مستعدة ً للتغلب على هذه المقاومة‪ ،‬فلن تنجح التجربة باستخدام التسويق العصبي فيها‪ .‬وهنالك‬
‫طريقة بسيطة لتحديد ما إذا كانت مؤسستك جاهزة ً للتسويق العصبي أم ال‪ ،‬وهي تتضمن استخدام أداة تقليدية‬
‫من استشارات التغييرات المؤسسية والتي تسمى المعادلة األساسية للتغيير الناجح وهي كاآلتي‪:‬‬

‫العناء × التصور × الخطوات األولى < المقاومة‬

‫فإذا ما كان تركيب العناء والتصور والخطوات األولى غير كافية ووافية للتغلب على المقاومة‪ ،‬فإن‬
‫جهودك للتغير سوف تبوء بالفشل‪ .‬وتذكر بأن العالقة بين العناء والتصور والخطوات األولى هي عالقة‬
‫مضاعفة؛ فإذا كانت إحداها غير موجودة‪ ،‬فإن الجانب األيمن من المعادلة سيكون صفراً‪ ،‬وسيكون دائما ً أقل‬
‫من الجانب األيسر من المعادلة؛ ألن قيمة المقاومة دائما ً ما تكون أكبر من صفر‪.‬‬

‫‪371‬‬
‫دعنا اآلن نقوم بتفسير المعادلة وترجمتها لمجموعة من األسئلة تتعلق بمدى جاهزية مؤسستك‪ ،‬وذلك‬
‫للتفكير وبك ِّّل بجدِّّية بشأن استخدام التسويق العصبي في الدراسة‪ .‬وتساعدك األسئلة التالية في قياس حجم‬
‫المساعدة التي تحتاج إليها من شريك التسويق العصبي‪ ،‬وما هي مجاالت الخبرة المهمة لك‪ .‬وتساعد هذه‬
‫األسئلة في معرفة مشكلة العناء‪ ،‬وتكون كاآلتي‪:‬‬

‫راض عن أساليب بحثك الحالية؟‬


‫ٍ‬ ‫‪ ‬هل أنت غير‬
‫‪ ‬إذا ما كان األمر كذلك‪ ،‬هل فشلت أساليبك البحثية الحالية بتحقيق توقعاتك؟ وهل تسببت بأذى لك‬
‫قرار أدى إلى خسارة المال) أم لم تساعدك فحسب (أي فشلت في التوصل إلى‬
‫(مثل التسبب باتخاذ ٍ‬
‫منظورات مفيدة أو قابلة للتحقيق)؟‬
‫‪ ‬أين يكمن أكبر ٍ‬
‫قدر من عدم الرضى في ملفك البحثي؟ أي قم بتقدير مستوى عدم الرضى في كل‬
‫مجال من مجاالت التسويق؛ بما في ذلك عملية إنشاء عالمة تجارية جديدة‪ ،‬وأفكار المنتجات‬
‫اإلبداعية‪ ،‬وتصميم المنتجات والتغليف‪ ،‬والدعاية والتسويق داخل المتاجر‪ ،‬والخبرة اإللكترونية‬
‫التسويقية‪ ،‬واإلعالم الترفيهي‪.‬‬

‫فإذا لم يكن لديك أيَّةُ شكا ٍو نابعة من أساليبك البحثية الحالية‪ ،‬فال تضيِّّع وقتك في محاولة استخدام‬
‫راض بشك ٍل كامل بتجارتك كما هي العادة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫التسويق العصبي‪ ،‬فإنك ال تحتاجه‪ .‬أما من جه ٍة أخرى‪ ،‬إذا لم تكن‬
‫تركيز متوسطا ً (مثل قلة‬
‫ٍ‬ ‫فإن عليك فهم ك ٍّل من مستوى العناء وتركيزه في المؤسسة التسويقية؛ أي إذا كان ذا‬
‫المنظورات الجديدة) أو شدي ٍد (مثل كارثة مهينة علنية لشكل أغلفة المنتجات)‪ ،‬كما وعليك أن تفهم في أي‬
‫نقط ٍة يكون عدم الرضى كبيرا ً في المؤسسة‪.‬‬

‫التصور‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫أما األسئلة التالية فتتعلق بمشكلة‬

‫‪ِّ ‬لم تهتم بالجانب البديهي للمستهلك؟‬


‫‪ ‬كيف تعتقد بأن التفكير الالواعي والعواطف والنظام (‪ )1‬الخاصين بعملية اتخاذ القرار على صل ٍة‬
‫بعالقتك مع مستهلكيك؟‬
‫‪ ‬هل تمتلك اإلدارة العليا في مؤسستك فهما ً أفضل أو التزاما ً أكبر لنموذج المستهلك البديهي الخاص‬
‫بسلوك المستهلك؟‬

‫‪372‬‬
‫متدن‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ت مدروس ٍة ألول سؤالين‪ ،‬عندها يُعدُّ مستوى تصورك‬
‫فإذا لم تمتلك مؤسستك إلى اآلن إجابا ٍ‬
‫وعلى شريك التسويق العصبي أن يساعدك في بناءها‪ ،‬ومن المفضل أن يكون ذلك قبل البدء بالمشروع‬
‫التجريبي للدراسة‪ .‬فإذا كانت مؤسستك تتبع طريقة اكتساب تصور مستهلكيها على أنهم مستهلكين بديهيين‬
‫دون أن تو ِّ ّجه هذا االكتساب‪ ،‬فإن هذه مشكلة عليك أن تتغلب عليها باالستعانة أيضا ً بشريك تسوي ٍ‬
‫ق عصبي‪.‬‬

‫ق عصبي‬
‫تساعدك اإلجابة عن هذه األسئلة في تحديد ما إذا كان يتوجب عليك البحث عن شريك تسوي ٍ‬
‫تصو ٍر عن التسويق العصبي وصقل توقعاتك عما تريد تعلمه عن مستهلكي منتجاتك‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫يساعدك في تطوير‬
‫ما إذا كنت ‪ -‬وبكل بساطة ‪ -‬تحتاج إلى شريكٍ يساعدك في تطبيق مشروعٍ تتوافر فيه قيادة ذات تصور‬
‫واضح‪.‬‬

‫في ما يلي أسئلة تبين مشكلة الخطوات األولى‪:‬‬

‫‪ ‬هل تحتاج إلى المزيد من التثقيف قبل البدء بالمشروع التجريبي؟‬


‫‪ ‬هل تستطيع تحديد أول مشروعٍ ذا احتمالية أكبر في أن يزيد من القيمة العائدة على مؤسستك؟‬
‫‪ ‬ما مدى جاهزيتك في استكمال قائمة التحقق (انظر الفصل ‪ (20‬لما قبل البدء بهذا المشروع؟‬

‫يختص بالتثقيف اإلضافي سؤاالً مهما ً‪ .‬فقد رأينا الكثير من دراسات التسويق‬
‫ُّ‬ ‫يعتبر السؤا ُل الذي‬
‫ُ‬
‫العصبي قد انتهى بها المطاف لتكون مخ ِّيّبة آلمال ألن العمالء المستخدَمين لخدمات شركات التسويق العصبي‬
‫لم يكن لديهم خلفية جيدة عن مبادئه؛ لذا لم يكن لديهم عل ٌم فيما يجب توقُّعه‪ .‬فإذا ربطتَ احتمالية سوء فهم‬
‫التسويق العصبي مع حتمية مقاومته‪ ،‬فإنك سوف تحصل على احتمالية كبيرة في فشل دراستك‪.‬‬

‫تفيدك اإلجابة على هذه األسئلة في تحديد ما الذي يتوجب عليك فعله الحقا ً عند التقدم في مراحل‬
‫مشروعك‪ ،‬كما وتساعدك في صقل أكبر لحاجاتك وفقا ً لشريك التسويق العصبي‪ .‬وأما هنا فإليك تنويه آخر‬
‫يجب عليك أخذه بعين االعتبار وهو‪ :‬إذا ما كنت غير متأك ٍد بكيفية إجابتك على السؤالين الثانيين‪ ،‬فإن إجابتك‬
‫للسؤال األول ستكون "نعم"‪.‬‬

‫أمر ثابتٌ ‪ ،‬ألن مؤسستك ستبدي قدرا ً معينا ً من المقاومة لألفكار‬


‫ال يمكن االعتقاد بأن المقاومة هو ٌ‬
‫الجديدة ‪ .‬فبدالً من تقييمها مباشرةً‪ ،‬الحظ فقط النتيجة التي ستخرج بها مؤسستك عند اإلجابة على األسئلة‬

‫‪373‬‬
‫والتصور والخطوات األولى‪ .‬فإذا كان إحدى هذه المكونات مفقودا ً‪ ،‬فإن عليك دعمها وسدُّها‬
‫ُّ‬ ‫المتعلقة بالعناء‬
‫قبل االنغماس في أول مشروعٍ يستخدم التسويق العصبي‪.‬‬

‫وإضافةً إلى ذلك‪ ،‬وقبل أن تبدأ في تقييم شركاء التسويق العصبي المحتملين‪ ،‬فإن عليك أن تطرح على‬
‫نفسك بعض األسئلة بشأن نطاق دعم شركتك المطلوب على المدى الطويل‪ .‬فإن هذه المشاكل تتخطى‬
‫متطلباتك للمشروع التجريبي والمراد به أن يجعلك تفكر فيما إذا كان شريك التسويق العصبي يتدرج معك‬
‫بينما تتطور وتزداد حاجاتك مع مرور الوقت‪.‬‬

‫‪ ‬ما مقدار اختبار التسويق العصبي الذي تحتاجه إذا ما تم استخدامه في جميع حاجات التسويق‬
‫واإلعالن خاصتك‪.‬‬
‫‪ ‬ما المدى الذي تنتشر فيه دراستك‪ ،‬وما هي النطاقات التي تحتاج إلى عمل شريك التسويق‬
‫ُّ‬
‫تحتك فيها تجارتك؟‬ ‫العصبي أن يعمل فيها؟ وما هي اللغات والثقافات التي‬
‫‪ ‬من ُهم شركاء البحوث التسويقية الذين تعمل معهم اآلن؟ وهل يوفرون خدما ٍ‬
‫ت تخص التسويق‬
‫العصبي‪ ،‬وهل يستطيعون دمج نتائج التسويق العصبي مع بيانات أخرى يوفرونها لك؟‬

‫ما يزال حقل التسويق العصبي صغيرا ً نسبياً‪ ،‬وتختلف شركات التسويق العصبي من ناحية طاقتها‬
‫اإلنتاجية ومدى نطاق وصولها العالمي‪ .‬فإن تقدير مدى الحجم الذي يمكن أن تصل إليه حاجاتك أوالً‪ ،‬فإنك‬
‫ستكون مستعدا ً أكثر لتقييم مدى حجم دعم شركة التسويق العصبي الذي تحتاجه لهذه المتطلبات‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أن نمنح سؤال عالقات البحوث التسويقية الحالية الخاصة بك مالحظة‬
‫موجزة عليه‪ .‬إن معظم أكبر مزودي خدمة البحوث إما أن يكونوا قد استثمروا في التسويق العصبي‬
‫ي إلكترونية‪ .‬وهنا عليك أن تعرف ما هي‬
‫ق عصب ّ‬
‫بأنفسهم أو أسسوا عالقات عمل مع شركات تسوي ٍ‬
‫هذه العالقات وكيف يمكنك أن ترفع منها لمصلحتك‪.‬‬

‫سن بشك ٍل أساسي‬


‫فكما ناقشنا في الفصل (‪ ،)18‬فإن استثمارك في التسويق العصبي سوف يتح ّ‬
‫وذلك إذا ما قمت بدمج البيانات التي حصلت عليها من خالل التسويق العصبي مع بيانا ٍ‬
‫ت أخرى قمت‬
‫بجمعها باستخدام وسائل أخرى‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬فهذا يتضمن كل بيانات المبيعات والتسويق في أداء‬
‫مؤسستك عند نقاط البيع وحجم المصاريف في وسائل اإلعالم وحمالت الترويجية التجارية وحمالت‬
‫للمستهلكين ونشاط وسائل اإلعالم االجتماعية واإللكترونية وهل َّم جرا ً‪ .‬إن دمج كميات الكبيرة من البيانات مع‬

‫‪374‬‬
‫نتائج تجارب التسويق العصبي وتدابيره هو مهمة كبيرة يتم دعمها بشك ٍل كبير وذلك إذا ما تستطيع االستفادة‬
‫من العالقات الموجودة أصالً بين شركات التسويق العصبي خاصتك وشركات البحوث التقليدية التي تعمل‬
‫معها‪.‬‬

‫ت لهذه األسئلة في متناول اليد‪ ،‬عندها يكون لديك حسا ً جيدا ً بك ٍّل من الحاجات المباشرة‬
‫فعد توفر إجابا ٍ‬
‫(والتي تكون وفقا ً للجاهزية المؤسسية) والمتطلبات على المدى الطويل (وفقا ً للنطاق وإمكانية الوصول) التي‬
‫يجب على شريك التسويق العصبي الخاص بك أن يدعمها‪.‬‬

‫النظر إلى الخياراتك‬


‫ق عصبي‪ ،‬فإن عليك أوالً ان تأخذ في اعتبارك أنواع‬
‫فعدما تفكر في خياراتك لالرتباط مع شريك تسوي ٍ‬
‫الشركاء الذين قد يكونوا األكثر مالئمة لك‪ .‬وهنالك احتمالين هما‪:‬‬

‫‪ ‬شركات التسويق العصبي اإللكترونية‪ :‬وهي الشركات التي تختص في تنفيذ دراسات التسويق‬
‫العصبي‪ ،‬وغالبا ً ما تتحمل مثل هذه الشركات المسؤولية عن التنفيذ الكامل للمشروع؛ من حيث‬
‫تصميم المشاريع وتوظيف المشاركين في الدراسات وجمع وتحليل البيانات وإعداد التقارير عن‬
‫النتائج‪ .‬وهم يوظفون فرق التنفيذ خاصتهم والتي تختص في األغلب بإحدى التقنيات أو مجموعة‬
‫فرعية صغيرةٍ منه‪ ،‬ويستخدمون منهاجياتهم ومعداتهم ومنشآتهم الخاصة لتنفيذ المشروع لك‪ .‬كما‬
‫تميل شركات التسويق العصبي إلى أن تكون مختصة بتقنية معينة وداعية إليها في استخدامها‬
‫للطريقة المختارة في الدراسة‪.‬‬

‫‪ ‬مستشارو التسويق العصبي‪ :‬وهم أفرادٌ أو شركات تعمل كمستشارين أو مفسرين أو وسطاء بينك‬
‫وبين شركات التسويق العصبي‪ .‬فال يقوم المستشارون بإجراء بحث التسويق العصبي مباشرةً‪ ،‬بل‬
‫هم يوفرون خدما ٍ‬
‫ت داعم ٍة متنوعة مثل التثقيف والتدريب‪ ،‬وإعطاء النصائح فيما يخص اختيار‬
‫شركات التسويق العصبي واإلشراف على مشاريع التسويق العصبي ودمج وتفسير نتائج مشاريع‬
‫متعددة لشركات التسويق العصبي‪ .‬وال يميل هؤالء االستشاريون إلى أن يختصوا في التقنيات؛‬

‫‪375‬‬
‫فهم أقل التزاما ً بتقنية واحدة فقط ولديهم نية أكبر للتفكير في أساليب مختلفة ومتنوعة في حل‬
‫مشاكل معينة في بحثك‪.‬‬

‫وتوفر شركات التسويق العصبي لك مجموعة متكاملة قائمة على تخميناتهم االحترافية للمطابقة بين‬
‫حاجاتك وإمكانيتها‪ .‬إن ارتباط األفراد بعالقة عمل مع شركات التسويق العصبي يمتلك بداية ونهاي ٍة ثابتتين‪.‬‬
‫فعندما يتم االنتهاء من المشروع‪ ،‬فإن ما يصلك منه غالبا ً ما يكون مستنداتٌ مكتوبةٌ تحتوي على تقارير لنتائج‬
‫تحليل البيانات والتفسيرات واالستنتاجات والتوصيات‪.‬‬

‫ويوفر مستشارو التسويق العصبي مجموعة متنوعة من الخدمات بنا ًء على التحديد المشترك لحاجاتك‬
‫البحثية‪ .‬فقد تشركهم في مشروعٍ واح ٍد أو في خدمة تقديم نصائحٍ مستمر ٍة على المدى الطويل أو في إدارة‬
‫المشروع‪ .‬ويمكنك أن تستعين بهم في مهما ٍ‬
‫ت قصيرة األمد مثل تقديم جلسات تثقيفية عن التسويق العصبي أو‬
‫المساعدة في تقييم شركات التسويق العصبي أو تقديم رأي ٍ آخر في نتائج الدراسة‪.‬‬

‫وأحيانا ً ولجعل األمور أكثر صعوبةً‪ ،‬قد تمتلك شركة التسويق العصبي مستشارين خاصين بها في‬
‫طاقم موظفيها حيث تقدم خدمة االستشارية‪ .‬كجزءٍ من خدماتنا‪ .‬إن الشركات التي تكافح لتكون أكثر شريكٍ‬
‫ي ٍ استراتيجي ٍ غالبا ً ما تمتلك مجموعة من االستشاريين لتوفر الكثير من الخدمات التي قمنا بذكرها سابقا ً‪.‬‬
‫بحث ّ‬
‫كبير من النزاهة‪ ،‬بل هم خبراء‬
‫قدر ٍ‬‫وهؤالء المستشارون هم بالطبع يروجون لحلول شركتهم‪ ،‬فهم ليسوا على ٍ‬
‫عموميون يمتلكون منظورا ٍ‬
‫ت أوسع والكثير من الخبرات التي يودون مشاركتها‪ .‬وهناك شركات تسويق‬
‫ي ٍ بأقل الزخارف‪ .‬ومن جه ٍة‬
‫عصبي أخرى هي مزودات لخدمات أكثر تعاملية وتركز على صنع منتجٍ معيار ّ‬
‫أخرى‪ ،‬فبعض شركات التسويق العصبي يميلون إلى كونهم مثل شركة نوردستورم (‪ ،)Nordstrom‬وأخرى‬
‫هي أكثر ميالً لتتشابه مع شركة كاستاكو (‪.)Costco‬‬

‫الكبير على مدى‬


‫ٍ‬ ‫إذا ما كانت شركة أو مستشار التسويق العصبي هو الخيار الصحيح لك باالعتماد‬
‫جاهزية مؤسستك وعلى طموحاتك طويلة األمد‪ ،‬فإن هناك أربعة اتجاهات أساسية عليك حذوها هي‪:‬‬

‫‪ ‬إذا ما كانت مؤسستك مبينة على أسس متينة في مفاهيم التسويق العصبي ومبادئه‪ ،‬فإن‬
‫مستوى عدم الرضى من األساليب البحثية التقليدية سيكون عا ٍل وسيكون لديك فكرة واضحة‬
‫ومحددة بشأن ما تريد أن تحققه باستخدام التسويق العصبي‪ ،‬فإن عليك إيجاد الشركة التي تمتلك‬
‫توجها ٍ‬
‫ت تكنولوجي ٍة تطابق وتفضيالتك‪ ،‬ث َّم المضي معها في الدراسة‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫‪ ‬إذا كانت مؤسستك ال تمتلك فهما ً جيدا ً لألسس العلمية الخاصة بالتسويق العصبي أو لنموذج‬
‫المستهلك البديهي أو للعوائد المحتملة للتسويق العصبي‪ ،‬فإن عليك تضع في اعتبارك العمل مع‬
‫ق عصبي لتحسين جاهزية مؤسستك قبل المباشرة بأول دراس ٍة لك‪.‬‬
‫مستشار تسوي ٍ‬

‫‪ ‬وإذا كانت مؤسستك على مشارف البحوث التسويقية الحديثة وكنت تمتلك الميزانية والطموح‬
‫الستخدام البحث لفائدة تنافسيةٍ‪ ،‬عندها يتوجب عليك أن تفكر في إدراج ك ٍّل من الشركات‬
‫ومستشاري التسويق العصبي في بحث عن قيادة مستمرة في تجارتك‪.‬‬

‫‪ ‬وإذا ما كنت سعيدا ً جدا ً بنتائج بحثك التسويقي الحالي وتوجيهه‪ ،‬فال يتوجب عليك في الواقع أن‬
‫تستخدم التسويق العصبي حاليا ً على األقل‪.‬‬
‫وفي األقسام التالية في هذا الجزء‪ ،‬سنلقي نظرة ً على هذه الخيارات بتفصي ٍل أكثر‪.‬‬

‫تسويق عصبي ٍ معينة في قائمتك‬


‫ٍ‬ ‫متى ت ُ ِ‬
‫درج شركة‬
‫ق عصبي لتعتبر اختيارا ً جيدا ً لك وهي‪:‬‬ ‫فيما يلي خمس مؤشرا ٍ‬
‫ت الختيار شركة تسوي ٍ‬

‫‪ ‬أن تكون جاهزية مؤسستك على مستو ً‬


‫ى عا ٍل‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون لديك خبرة مسبقة بنوع الدراسة التي تجريها‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون دراسة معرفةً ومحددة جيدا ً وفقا ً لألهداف والفرضيات والمواد االختبارية ومجتمع‬
‫الدراسة المستهدف ومضامين اإلجراءات‪.‬‬
‫ق واح ٍد (مثل التغليف) بدالً من مخططٍ أكثر تعقيدا ً (كقياس‬ ‫‪ ‬أن تتضمن الدراسة جانب تطبي ٍ‬
‫االرتباطات الذهنية بالعالمة التجاري ِّة أوالً‪ ،‬ث َّم قياس ما هي االرتباطات الذهنية األقوى ألغلف ٍة‬
‫مختلفة)‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون لديك عالقة راسخة مع شركة تسوي ٍ‬
‫ق عصبي تفهم حاجاتك التسويقية وقد اكتسبت ثقتك‬
‫وأعطتك نصائح ونتائج جيدةٍ في الماضي‪.‬‬

‫‪377‬‬
‫تميل شركات التسويق العصبي إلى أن تكون من أقوى المروجين لمنهجياتها واختصاصاتها‬
‫في تقنية معينة‪ .‬وكما شددنا في الفصل (‪ )16‬و(‪ ،)17‬فإن كل تقنية لديها من يؤيدها ويعارضها‪،‬‬
‫وإن عليك أن تجعل الشركة تركز على كيفية تحسين النتائج التجارية الخاصة بك بدالً من َّ‬
‫تتفوق‬
‫ق عصبي ما تختص بتقنية‬ ‫في المناقشات التقنية المجردة ال الملموسة‪ .‬وتكمن الفائدة التنافسية لشركة تسوي ٍ‬
‫تخطيط كهربية الدماغ (‪ - )EEG‬مثالً‪ -‬في أن تصبح وظيفتها القدرة على التوصل إلى نتائج متسقة وذات‬
‫جودة عالية وذات صلة تجارية في الوقت المناسب‪ ،‬وليس فقط مناقشة حقيقةَ أن تقنية (‪ )EEG‬توفر "حالً‬
‫ممتازا ً مؤقتا ً" وأن تقنية (‪ )fMRI‬ال يمكنها ذلك‪.‬‬

‫متى ت ُ ِ‬
‫درج مستشار تسوق عصبي معين في قائمتك‬
‫ي‬
‫ق عصب ّ‬
‫لقرار بإدراج مستشار تسوي ٍ‬
‫ٍ‬ ‫إليك خمس مؤشرا ٍ‬
‫ت يمكنك أن تستدل فيها على كيفية اتخاذك‬
‫معين‪:‬‬
‫ٍ‬

‫‪ ‬الحكم على جاهزية مؤسستك بأنها تحتاج إلى تحسين قبل الشروع في مشروع تسوي ٍ‬
‫ق عصبي‬
‫تجريبي‪.‬‬
‫‪ّ ‬أال يكون لديك خبرة سابقة بنوع الدراسة التي ستجريها‪ ،‬وأن تحتاج إلى نصيح ِّة طرفٍ ثال ٍ‬
‫ث في‬
‫كيفية متابعتك لعملك بأفضل الطرق‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون لديك أسئلة عالقة لم يتم اإلجابة عنها تتعلق باألهداف أوالتفاصيل أو المضامين التجارية‬
‫للدراسة التي تفكر في المضي بها‪.‬‬
‫‪ ‬أن تجمع دراسةً أو برنامجا ً متعدد الدراسات مع بعضها والتي يمكن أن تتطلب دمج عدة تقنيات أو‬
‫ق عصبي مختلفة‪.‬‬
‫شركات تسوي ٍ‬
‫‪ّ ‬أال يكون لديك عالقة راسخة مع أي شركة تسويق عصبي‪ ،‬وأن تحتاج إلى نصيح ٍة في كيفية‬
‫اختيار الشركة الصحيحة لدعم حاجاتك‪.‬‬

‫‪378‬‬
‫ومما هو مه ٌم أكثر مما سبق أن تتفحص مؤهالت مستشار التسويق العصبي بعناية أكثر من شركة‬
‫شخص يرتدي ساعة رولكس وبذلةً فاخرة يمكنه االدّعاء بأنه‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫التسويق العصبي‪ ,‬ففي نهاية المطاف‪ ،‬أ ُّ‬
‫ق عصبي أن يكون لديك خبرات في أربع‬
‫ق عصبي‪ .‬فما تحتاجه في بحثك عن مستشار تسوي ٍ‬
‫مستشار تسوي ٍ‬
‫مجاالت وهي‪:‬‬
‫‪ ‬المنهجيات والتقنيات‪ :‬هو الفهم السليم لإلحصائيات ولنطا ٍ‬
‫ق واسعٍ من منهجيات البحث التي‬
‫توفرها شركات التسويق العصبي‪.‬‬

‫‪ ‬شركات التسويق العصبي والمشاريع الصناعية والتجارية‪ :‬وهي الخبرة الواسعة في قطاع‬
‫الصناعة والتجارة والمعرفة العميقة لنقاط القوة والضعف النسبية لشركات التسويق العصبي والتي‬
‫تُكتسب من خالل العمل معها أو لديها في عدة مشاريع‪.‬‬
‫‪ ‬علم الدماغ‪ :‬وهي المعرفة الحديثة آلخر التطورات في علم الدماغ‪ ،‬باإلضافة إلى وجهة نظر‬
‫المنهجيات الرائدة التي تمتلك أكبر إمكانية للتطبيق على قطاع التسويق‪.‬‬

‫‪ ‬التسويق‪ :‬أي الفهم الراسخ لمشاكل التسويق وتحدياته‪ ،‬لذا يستطيع مستشار التسويق العصبي أن‬
‫المسوقين وأن يترجم العلم والمشاكل التقنية إلى لغة تجارية بكفاءة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يخلق عالقة مع حاجات‬
‫ع واحدٌ من دراسات التسويق العصبي التي ينفذها مستشارو التسويق العصبي على نح ٍو منتظم‬
‫هناك نو ٌ‬
‫ي ٍ باستخدام مفاهيم التسويق العصبي ومنظوراته ‪ -‬وغالبا ً ما‬
‫ويسمى بالبحث المكتبي‪ ،‬وهو تقيي ٌم لتح ٍّد تسويق ّ‬
‫تُسمى بأفضل الممارسات ‪ -‬المتوفرة في القطاع العام أو أن ينحدر من الخبرة الشخصية للمستشار‪ .‬وأحيانا ً‬
‫تكون المنظورات التي يوفرها البحث المكتبي كافيةً لإلجابة عن السؤال الموجود دون الحاجة إلى جمع بيانا ٍ‬
‫ت‬
‫ق عصبي كاملة‪ ،‬مما يوفر الوقت والجهد‪.‬‬
‫جديدةٍ في دراسة تسوي ٍ‬

‫تو ُّجهات التسويق العصبي واختصاصاته‬


‫علم‬
‫اختالف آخر تحتاج إلى أن تكون على ٍ‬
‫ٌ‬ ‫عندما تفكر مليا ً باختيار شريك تسوي ٍ‬
‫ق عصبي‪ ،‬فإن هنالك‬
‫خبير عمومي في دمج الحلول؟ وهذا السؤال قد صيغ بمفردا ٍ‬
‫ت‬ ‫ٍ‬ ‫به وهو‪ :‬هل تحتاج إلى خبير تقني أم إلى‬
‫أمر ما بكفاءةٍ عالية أم أنك تحتاج إلى شريكٍ يعرف‬
‫أداء ٍ‬
‫بسيطة كالتالي‪ :‬هل تحتاج إلى شريك يعرف كيفية ِّ‬

‫‪379‬‬
‫ي واحدةٍ منها بكفاءة المختص بها؟ ففي هذا القسم سنسلط الضوء‬
‫أمور كثيرة ولكن قد ال تؤدى أ ُّ‬
‫ٍ‬ ‫كيفية أداء‬
‫على كل واحدةٍ من هذه التو ُّجهات‪.‬‬

‫أخصائيو التقنية‬

‫طور أخصائيو التقنية خبرة ً في نطا ٍ‬


‫ق تقني ٍ معين (أو عدد ضئيل من النطاقات ذات الصلة بها) وبنوا‬ ‫َّ‬
‫عروض منتجاتهم وخدماتهم على استخدام التقنية لإلجابة على أسئلة بحوث السوق‪ .‬وقد ناقشنا عددا ً من هذه‬
‫التقنيات في الفصلين (‪ )16‬و(‪ .)17‬وفيما يلي طريقة جمعها في شركا ٍ‬
‫ت متخصصة بالتقنية‪:‬‬

‫‪ ‬أخصائيو تقنية (‪ :)fMRI‬فتقنية الرنين المغناطيسي (‪ )fMRI‬هي أكثر التقنيات االختصاصية‬


‫تطورا ً في التسويق العصبي‪ ،‬فإن إجراء اختبا ٍر باستخدام هذه التقنية هو في األساس عملية طبّية‪،‬‬
‫مستو عا ٍل‪ .‬إن أغلب‬
‫ً‬ ‫طاقم من الموظفين المؤهلين الذين تلقوا تدريبا ً على‬
‫ٍ‬ ‫ويتطلب استخدام‬
‫يروجوا‬ ‫الشركات المختصة يترأسها أطباء وباحثين عالميين من جامعا ٍ‬
‫ت عظمى‪ ،‬فمن النادر أن ّ ِّ‬
‫أو يوظفوا تقنيا ٍ‬
‫ت أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬أخصائيو تقنية (‪ :)EEG‬إن جمع البيانات باستخدام تقنية تخطيط كهربية الدماغ (‪ )EEG‬هي‬
‫أقل صعوبة من جمع البيانات باستخدام تقنية (‪ ،)fMRI‬إال أن عمليات معالجة وتحليل البيانات‬
‫قدر عا ٍل من‬
‫التي تجريها الشركات المختصة بتقنية (‪ )EEG‬يمكن أن تكون عمليات على ٍ‬
‫التطور‪ ،‬مما تتطلب خبرة على مستوى شهادة الدكتوراه في مجال معالجة اإلشارة واإلحصاءات‬
‫التي تترجم إشارات الموجات الدماغية الخام إلى مقاييس منطقة ذات معنى‪ .‬وغالبا ً ما توظف‬
‫الشركات المختصة بتقنية (‪ )EEG‬تقنية تتبع العين وبعض المقاييس الحيوية باإلضافة إلى عملية‬
‫جمع البيانات باستخدام (‪ ،)EEG‬إال أن قيمتها المفترضة تكون في العادة مرتكزة وبالدرجة‬
‫األولى على خبراتهم في تقنية (‪.)EEG‬‬
‫‪ ‬أخصائيو المقاييس الحيوية‪ :‬وتختص هذه الشركات بمقاييس الجهاز العصبي المحيطي بدالً من‬
‫مقاييس الدماغ‪ ،‬وتجمع في الغالب مقاييس الجهاز العصبي الالإرادي والجسدي مثل مقاييس نشاط‬
‫كهربية الجلد ومعدل نبض القلب وحركة عضالت الوجه (تخطيط كهربية العضالت ]‪)[EMG‬‬
‫وتقنية تتبع العين والحركات الجسدية‪ .‬وهناك تقليدٌ منفردٌ بذاته والذي يركز بالتحديد على‬
‫االختصاص وتحليل تعابير الوجه الالإرادية‪ .‬وغالبا ً ما يكون رؤساء الشركات المختصة‬
‫‪380‬‬
‫بالمقاييس الحيوية خبراء نفسيين من حملة درجة الدكتوراه في علم النفس (وبعضهم من حملة‬
‫درجة الماجستير) ولديهم في العادة اختصاصات في قياس وتقدير العواطف البشرية‪.‬‬
‫‪ ‬أخصائيو االقتصاديات السلوكية‪ :‬تعتبر الشركات المتخصصة باالقتصاديات السلوكية جديدة ٌ نسبيا ً‬
‫على التسويق العصبي‪ .‬وهذه الشركات تقترب من علم النفس واالقتصاد وغالبا ً ما تطرح حلوالً‬
‫باستخدام التجارب السلوكية لدراسة المشاكل التسويقية‪ .‬فعلى عكس الشركات المختصة بتقنيا ٍ‬
‫ت‬
‫أخرى تسعى إلى التركيز على المصادر الداخلية الدافعة لسلوك المستهلك‪ ،‬فهذه تركز على فهم‬
‫السياقات أو المواقف الخارجية والتالعب بها من أجل التأثير على نتائج التسويق‪ ،‬كما أنها تُر ّكز‬
‫أيضا ً على االختيار أكثر من الشركات التي تركز على العوامل الجسمانية الداخلية‪.‬‬
‫‪ ‬أخصائيو تقنية تتبع العين‪ :‬تر ّكز العديد من الشركات على تقنية تتبع العين تحديداً‪ ،‬إما أن يكون‬
‫ت مخبرية أو من خالل طرح تحليال ٍ‬
‫ت للتبع العين عن طريق اإلنترنت‪ .‬وتستفيد‬ ‫ذلك بتوفير دراسا ٍ‬
‫الشركات المختصة بتتبع العين من المقاييس المعيارية نسبيا ً (وذلك بالمقارنة مع اختصاصا ٍ‬
‫ت‬
‫أخرى) ومن دعم البحث العميق‪ .‬وتُعد تقنية تتبع العين أكثر رواجا ً بوجود شركا ٍ‬
‫ت تحبذ التنافس‬
‫على خبرا ٍ‬
‫ت نادرة وأكثر على السعر وعلى الوقت ككل وعلى الفوائد التقنية الثانوية‪.‬‬
‫‪ ‬أخصائيو الخدمات اإللكترونية‪ :‬وكما شرحنا في الفصل (‪ ،)17‬فقد بدأ عدد من الشركات بطرح‬
‫عروض على الخدمات البحثية اإللكترونية والتي ترفع من نطاق ووصول اإلنترنت الختبار أكبر‬
‫ٍ‬
‫وبأسعار معقول ٍة جدا ً‪ .‬إن إحدى التطبيقات‬
‫ٍ‬ ‫ت زمنية قصيرة‬ ‫ممكن من الناس بفترا ٍ‬
‫ٍ‬ ‫عدد‬
‫االختصاصية التي تصبح اآلن شائعةً مثل الخدمات اإللكترونية هي التحليل اآللي لتعابير الوجه‬
‫والذي يعمل من خالل كاميرة ويب حاسوبية عادية‪ .‬وهناك تطبيقات أخرى تستخدم أساليب‬
‫احتساب أزمنة االستجابة السلوكية ‪ -‬مثل اختبار االرتباطات الذهنية الضمنية (‪ )IAT‬ونماذج‬
‫صل إلى‬ ‫االستحضار الذهني الداللي والتأثيري التي سبق و ُ‬
‫شرحت في الفصل (‪ -)17‬لتو ّ‬
‫استنتاجات بشأن العمليات العقلية الداخلية واالرتباطات الذهنية في الذاكرة لدى المستهلكين‪.‬‬

‫كبير وفقا ً لدرجة تعقيد العلم الذي تُبنى عليه‬


‫تختلف الخدمات التي يطرحها أخصائيو التقنيات بشك ٍل ٍ‬
‫وعلى الوقت الكلي العادي التي تؤدي فيه مهمتها وعلى معدل تكلفتها‪ .‬فبالرغم من أن النتائج الفردية قد‬
‫تختلف عن بعضها‪ ،‬فالجدول (‪ )21-1‬يعطي مؤشرا ً عاما ً على كيفية مقارنة أخصائيي التقنية بهذه األبعاد‬
‫الثالثة‪.‬‬

‫‪381‬‬
‫فكما هو مبين في الجدول ‪ ،1-21‬تترتب اختصاصيات التسويق العصبي في تسلس ٍل هرمي يدل على‬
‫مدى التعقيد‪ .‬فتكون الخبرات العلمية المتعمقة – عموما ً‪ -‬ضمن تركيز االختصاصيات‪ ،‬فكلما كانت عملية‬
‫جمع البيانات في بيئة مقيدة‪ ،‬تتطلب هذا األمر استعدادا ً أكبر (مثل وضع الحساسات األجهزة على المنطقة‬
‫المراد فحصها) وسيزداد الوقت الكلي للتجربة وستزداد التكلفة‪ .‬وبالرغم من أن هذه العوامل تلعب دورا ً في‬
‫عملية اتخاذ القرار خاصتك‪ ،‬إال أنها تحتاج إلى يتم تقييمها في ضوء األهداف التجارية التي تريد تحقيقها من‬
‫ب هنا هو إيجاد التوازن الصحيح بين المالئمة والتكلفة من جهة والقيمة التجارية من‬
‫دراستك‪ .‬إن أفضل أسلو ٍ‬
‫جه ٍة أخرى‪.‬‬

‫مقارنة أخصائيي التقنية من ناحية التعقيد والوقت الكلي والتكلفة‬ ‫جدول ‪1-21‬‬

‫التكلفة لكل مشارك‬ ‫الوقت الكلي‬ ‫التعقيد‬ ‫االختصاص‬


‫عالية جدا ً‬ ‫بطيء‬ ‫عالية جدا ً‬ ‫تقنية (‪)EEG‬‬
‫عالية‬ ‫متوسط‬ ‫عالية‬ ‫تقنية (‪)fMRI‬‬
‫متوسطة‬ ‫متوسط إلى سريع‬ ‫متوسطة‬ ‫المقاييس الحيوية‬
‫متوسطة‬ ‫بعض متوسط إلى سريع‬ ‫في‬ ‫تتباين‬ ‫االقتصاديات السلوكية‬
‫األحيان؛ لكنها عموما ً‬
‫تكون منخفضة (بدون‬
‫حساسات)‬
‫منخفضة‬ ‫سريع‬ ‫منخفضة‬ ‫تقنية تتبع العين‬
‫منخفضة‬ ‫سريع‬ ‫منخفضة‬ ‫الخدمات اإللكترونية‬

‫الخبراء العموميون للحلول الموحدة‬


‫تعتبر شركات ومستشارو التسويق العصبي خبراء عموميون بدالً من كونهم أخصائيون‪ ،‬حيث أنهم‬
‫يمتلكون خبرة واسعة في مخططات الدراسة المعقدة ويعرفون كيف يجمعون فيما بين االختصاصات في‬
‫تقنيات معينة وبين أساليب البحث من أجل اإلجابة على األسئلة البحثية الصعبة والمحددة‪ .‬إن عليك أن تضع‬
‫‪382‬‬
‫في اعتبارك استخدام الخبراء العموميون في الحلول الموحدة عندما تريد اختبار مبادرة تسويقية معقدة أو‬
‫والتسوق والجهود البحثية‬
‫ُّ‬ ‫عندما تود مقارنة المنظورات البحثية البديلة بين الجوانب المتعددة للتسويق‬
‫للمنتجات الخاصة بك ككل‪.‬‬

‫وقد شرحنا عن فكرة البرنامج البحثي الموحد في الفصل (‪ ،)18‬فهذا المفهوم يتضمن تطوير بيئة‬
‫اختبار متعددة المنهجيات وتطبيقها والتي تتشمل على المراحل الثالث جميعها لدورة المستهلك الخاصة‬
‫ٍ‬
‫بتجربة عالمتك التجارية ومنهجياتك والتي تتكون من ثالث مراحل من التفاعل والسلوك وهي‪:‬‬

‫‪ ‬التسويق‪ :‬أي قياس تأثير رسائلك التسويقية على ردود فعل الناس تجاه العالمة التجارية والمنتج‬
‫واالرتباطات الذهنية التي تخصها‪.‬‬
‫التسوق‬
‫ُّ‬ ‫التسوق‪ :‬قياس مدى تأثير االستجابات السلوكية للتسويق على سلوك المستهلك في بيئة‬
‫ُّ‬ ‫‪‬‬
‫عند البحث عن المنتجات واختيارها وشراؤها‪.‬‬
‫‪ ‬االستهالك‪ :‬قياس كيفية استهالك المواد المشتراة كيفية تأثير االستهالك على المعتقدات‬
‫والسلوكيات والتوقعات عند المستهلكين التي تصبح عندئ ٍذ مدخال ٍ‬
‫ت على استجابات المستهلكين‬
‫للتسويق‪.‬‬
‫ي ٍ موح ٍد لتتبع استجابات المستهلكين في المراحل الثالثة هذه هو تح ٍد مه ٍ ّم في مجال‬
‫إن بناء برنامجٍ بحث ّ‬
‫يطور أخصائيو الحلول الموحدة خبرة ً أو أن يوسعوا في خبرتهم وذلك للمساعدة في‬
‫بحوث السوق‪ .‬وإما أن ّ ِّ‬
‫التغلب على هذا التحدي‪ .‬وكما ناقشنا في الفصل (‪ ،)18‬فإن الطريقة التي يُمكن فيها أن تُجمع مع بعضها في‬
‫ي ٍ موح ٍد في اتجاه أخصائيي الحلول الموحدة‪ ،‬تتضمن ما يلي‪:‬‬
‫برنامجٍ بحث ّ‬

‫‪ ‬الدراسات التي تعتمد على المالحظة‪ :‬وهي دراسات علم اإلنسان واألجناس البشرية التي تركز‬
‫على المستهلكين وعاداتهم الطبيعية‪.‬‬
‫‪ ‬الدراسات المخبرية‪ :‬وتتضمن المقاييس الحيوية والعصبية وعمليات المحاكاة‪.‬‬
‫‪ ‬البحوث الشبكة اإللكترونية‪ :‬وهي دراسات أزمنة االستجابة واختبار االختيار المنفصل ودراسات‬
‫االستجابة الضمنية القائمة على استخدام كاميرة الويب وتحليل محتوى وسائل التواصل‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫‪ ‬البحوث المجراة داخل المتاجر وعلى نقاط البيع‪ :‬مثل تجارب سلوك الشراء والسلوكيات داخل‬
‫المتاجر واالختبارات المجراة على الالفتات وطريقة العرض في المتجر ودراسات طرق عرض‬
‫المنتجات على الرفوف ودراسات أنماط ازدحام المستهلكين في المتجر‪.‬‬
‫‪ ‬دراسات األداء وعائد االستثمار (‪ :)ROI‬إن تصميم نموذج السوق المزجي الذي يطابق اختبار‬
‫العينة عبر وسائل اإلعالم باستخدام بيانات مجموعات المستهلكين فإن بعض مجاالت االختبار‬
‫هذه تقع تحت التسويق العصبي بالتحديد‪.‬‬

‫إن بعض هذه الحلول الموحدة يقع تحت بحوث السوق التقليدية وبعضها اآلخر يتضمن مزيجا ً من‬
‫األساليب‪ .‬ويمتلك الخبراء العموميون في الحلول الموحدةِّ معا ً اتساعا ً في منظورهم لرؤية مجاالت االختبار‬
‫ي ٍ أكبر وأوسع‪.‬‬
‫لعالم البحث ّ‬
‫جميعها كأجزاء مك ّملة ٍ‬

‫األسئلةٌ التي يجب طرحها على شريك التسويق العصبي المحتمل‬


‫وفي هذا القسم‪ ،‬سنوفر قائمة من أسئلة ليتم طرحها على شريك التسويق العصبي المحتمل‪ .‬وتفترض‬
‫هذه القائمة أنك قد أنهيت االستعداد المؤسسي لديك ونطاق دعم التقييم الذاتي مسبقا ً والذي تم شرحه في هذا‬
‫الفصل‪ .‬فقد حصرت خياراتك في مجموعة صغيرة من شركات أو مستشاري التسويق العصبي‪ ،‬إما ان‬
‫يكونوا خبراء أخصائيين أو عموميون‪ .‬واآلن فلتكن مهمتك "غربلة الخيارات" واختيار أفضل شريكٍ يلبي‬
‫احتياجاتك‪ ،‬وهذا يتطلب ثالث خطوا ٍ‬
‫ت‪:‬‬

‫‪ .1‬قم بغربلة الشركاء المحتملين الذين ال يتوافقوا والمعايير األساسية‪.‬‬


‫‪ .2‬قم بصنع قائم ٍة صغير ٍة من الشركاء المحتملين ذوي الكفاءات والخبرات التي تسعى إليها‪.‬‬
‫‪ .3‬اختر شريكا ً واحدا ً والذي تشعر حياله بأنه يلبي احتياجاتك وأنه األفضل توافقا ً مع أسلوب عملك‪.‬‬

‫‪384‬‬
‫تصفية الخيارات‬
‫يٍ‪ ،‬سواء أكان‬
‫إن أول مجموع ٍة من األسئلة هي تلك التي يجب عليك أن تطرحها على أي شريكٍ بحث ّ‬
‫شركةً بحثية تقليدية أو خاصة بالتسويق العصبي‪ .‬وتساعدك هذه األسئلة في إقصاء الشركاء المحتملين الذين‬
‫ال يتوافقون والمتطلبات األساسية‪ .‬وهناك أربعة أنواعٍ من األسئلة التي يجب أن تضعها في حسبانك وهي‪:‬‬

‫‪ ‬االستقرار المالي‪ :‬فقد ال ترغب في أن تفترض وجود مخاطر ٍة في العمل مع شرك ٍة ال تمتلك أساسا ً‬
‫متقطعٍ‪ ،‬أو أن تختفي في منتصف المشروع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ماليا ً سليماً‪ ،‬فمثل هذه الشركات قد تؤدي عملها بشك ٍل‬
‫أما من جه ٍة أخرى‪ ،‬إذا ما كنت مستخدما ً سابقا ً لها وعلى استعدا ٍد بأن تضع هذه المخاطر في‬
‫الحسبان‪ ،‬فإن هذه لن ترقى إلى مستوى مشكل ٍة بالنسبة لك‪.‬‬
‫ونحن نقترح مهمتين اجتهاديتين لتقييم مدى االستقرار المالي للشركة‪:‬‬
‫‪ ‬تحقق من المراجع التجارية للشركة‪ .‬فستوفر الكثير من البنوك وأصحاب االئتمان مراجع‬
‫لكيفية دفع الشركات فواتيرها‪ ،‬األمر الذي يجعلها ممثالً جيدا ً عن كيفية تولي هذه الشركات‬
‫ألمورها المالية بشك ٍل أعم‪.‬‬
‫‪ ‬اسأل عن الحاالت المالية‪ :‬حيث يسهل معرفة هذه المعلومات بنفسك وذلك إذا ما تعاملت‬
‫مع شرك ٍة حكومية‪ ،‬ولكن إذا ما كانت الشركة التي تتعامل معها من القطاع الخاص‪ ،‬فقد‬
‫تحتاج إلى أن تسأل عن حساباتها المدققة وعن الحالة المالية الخاصة بها‪ ،‬فالشركات ذات‬
‫ملخص عن حالتها المالية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫السمعة الحسنة ستقوم على األقل بعرض‬
‫‪ ‬الخبرة‪ :‬وهنا عليك أن تسأل كل من الشركة وموظفيها الذين سيعملون معك عن أعما ٍل سابقة قاموا‬
‫بها و عن السنوات التي عملت فيها وعن خبرتها في مجال البحوث‪ .‬أما بالنسبة ألخصائيي التقنية‪،‬‬
‫معين يشير إلى أهليتهم وكفاءتهم في مجال التقنية بما في ذلك خلفيا ٍ‬
‫ت عن علماء‬ ‫ٍ‬ ‫فاسأل عن دلي ٍل‬
‫وقادة الشركة الرئيسيين‪ .‬احرص على معرفة الموظفين سيعملون معك وتأكد من خبرتهم ومستوى‬
‫اطالعهم ودرايتهم‪.‬‬
‫إن جودة األفراد الذين ستعمل معهم ‪ -‬وال أقصد مدى مصداقية وكفاءة الشركة ككل ‪-‬‬
‫كبير في نجاح مشروعك‪.‬‬
‫تأثير ٌ‬
‫ٌ‬ ‫سيكون لها‬
‫الشهادات والوثائق‪ :‬حيث أنك ستقصي الشركات التي ال تمتلك عضوية في‬ ‫‪‬‬
‫جمعيات المهنية ذات الصلة بعملها أو التي ليست مشتركة بقوانين أخالقية تجارية (مثل تلك التي‬

‫‪385‬‬
‫تمتلكها مؤسسة بحوث اإلعالن ]‪ [ARF‬أو جمعية التجارة وعلم التسويق العصبي‬
‫]‪.)[NMSBA‬فهذا وبك ِّّل بساطة إجرا ٌء احتراز ٌّ‬
‫ي وهو يشجع الشركات على المشاركة في عملية‬
‫التقنين المتنامية لتجارة التسويق العصبي‪.‬‬
‫‪ ‬القدرة‪ :‬فعليك أن تؤسس نفسك مبكرا ً على معرفة ما إذا كانت شركةٌ ما تخطط لتنفيذ مشروعك‬
‫على نح ٍو مستقل أو إذا ما كانت تخطط الستخدام مقاولين ثانويين ألداء بعض األجزاء من‬
‫المشروع‪ .‬وقد يكون هؤالء المقاولون مناسبين ألداء أجزاء التنفيذية في المشروع؛ مثل تعيين‬
‫المشاركين في الدراسة‪ ،‬إال أن الشركة ستقوم باالستعانة بمصادر خارجية لألداء عناصر أساسية‬
‫في المشروع وقد يكون ذلك خطا ً أحمر‪ .‬وعليك أيضا ً أن تسأل كل شريكٍ محتمل عن قدرته التي‬
‫تتوافق ونطاق متطلبات الدعم التي تم تحديدها من قِّبَل التقييم الذاتي لمؤسستك‪.‬‬

‫استخدم هذه األسئلة لتتخذ قرارا ً بشأن الشركاء المحتملين الذين ستحصرهم بقائمة صغيرة‪ ،‬وعندما يتم‬
‫وضع قائمة محصورة بهم‪ ،‬ج ِّ ّهز لجول ٍة ثاني ٍة من االستفسارات الختيار الشريك النهائي من مجموعة الشركاء‬
‫المؤهلين لذلك‪.‬‬

‫اختيار الشريك النهائي‬


‫وفي هذه المرحلة من عملية االختيار‪ ،‬ستكون مهتما ً بالصفات األكثر دقة في الشركاء المحتملين مثل‬
‫التوافق األسلوبي والشفافية العلمية وعمق الخبرة المتعلقة بالمجال المطلوب ومواقفها تجاه السرية في العمل‪.‬‬
‫ونحن ننصحك هنا بالتع ُّمق في أربعة مجاالت هي‪ :‬أسلوب العمل والخبرة المباشرة المتعلقة بالمجال المطلوب‬
‫والسرية وااللتزام التنظيمي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واالنفتاح العلمي‬

‫وكإضاف ٍة قائمة التحقق هذه التي تتعلق بتقييم شركاء التسويق العصبي المحتملين‪ ،‬فإننا‬
‫ننصحك باستخدام التوجيهات التي توفرها جمعية تجارة بحوث السوق (‪ )ESOMAR‬وهي‬
‫توجيهات تحت عنوان "‪ 36‬سؤاالً للمساعدة في تفويض بحوث علم األعصاب" المتوفرة على‬
‫الموقع اإللكتروني التالي‪:‬‬
‫‪386‬‬
‫‪www.esomar.org/uploads/public/knowledgeand- standards/codes-and-‬‬
‫‪guidelines/ESOMAR_36-Questions-tohelp- commission-neuroscience-‬‬
‫‪research.pdf‬‬

‫أسلوب العمل‬

‫إنما تود تعلمه هنا هو عن مدى توافق أسلوب عمل الشريك المحتمل مع أسلوبك الخاص‪ .‬فسواء أكنت‬
‫ٌ‬
‫تعاون كبير مع شريكك أم كنت تريد أن يكون لك شريك يؤدي العمل بنفسه فقط ‪ ،‬فعليك‬ ‫تريد أن يكون لديك‬
‫أن تعرف إذا ما كان هذا الشريك يعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها‪ .‬وفيما يلي بعض األسئلة الرئيسية‬
‫لطرحها في هذا السياق وهي‪:‬‬

‫‪ ‬هل سيعمل مدراء الشركة معك؟ وإذا كانت اإلجابة "نعم"‪ ،‬فمن سيعمل معك؟ وإذا كانت اإلجابة‬
‫"ال"‪ ،‬فما نوع المشاركة التي سيعملون عليها؟‬
‫‪ ‬من في فريقك هو المسؤول األساسي على نجاح مشروعك؟ وكيف يمكنك الوصول إليهم ومتى؟‬
‫‪ ‬هل ستوفر خطة أداء مفصلة وهل ستجدول المشروع؟ ما مستوى التعاون الذي تحتاج إليه من‬
‫وم َّمن سيكون متى ولمن وإلى متى؟‬
‫فريقك ِّ‬
‫‪ ‬إذا ما كنتَ ال أفهم ما سأقوم به وكيف‪ ،‬فكيف سأحصل على األجوبة المطلوبة؟‬

‫الخبرة المباشرة المتعلقة بالمجال المطلوب‬

‫وال نعني هنا أنها خبرة األكثر عمومية والذي يعني أنه يجب تقييمها في الجولة األولى من األسئلة‪ ،‬بل‬
‫في خبرةٍ محددةٍ في إجراء الشركة لدراسا ٍ‬
‫ت تشبه دراستك‪ .‬وتحتاج إلى معرفة إذا ما كان الشريك المحتمل قد‬
‫أجراها عدة مرات سابقا ً أو أنه يتعلم عن أدائها في األساس‪ .‬لذا قم بطرح األسئلة التالية‪:‬‬

‫‪ ‬كم مرةٍ أجريت مشاري َع مشابه ٍة لهذا المشروع سابقاً؟‬


‫‪ ‬ما هي الخبرات التي ستكون معك عند إجرائك لهذا المشروع والتي ال يستطيع منافسوك أن‬
‫يمتلكوا ما يماثلها؟‬
‫‪ ‬كم من الخبرة التي يمتلكها كل عض ٍو من أعضاء فريقك مع هذا النوع من المشاريع‪ .‬و َم ْن من‬
‫هؤالء األعضاء ستعتبر أنه من سيكون القائد المفترض لمشروعك؟‬

‫‪387‬‬
‫ْ‬
‫أجرت لهم شركتكم دراسا ٍ‬
‫ت‬ ‫‪ ‬هل ستكون قادرا ً على الرجوع مباشرة أل ّ‬
‫ي ٍ من الزبائن الذين قد‬
‫مشابه ٍة لهذه الدراسة؟‬
‫االنفتاح العلمي‬

‫إنه كلما زاد تعقيد وتطور المنهجيات البحثية التي يستخدمها شريك التسويق العصبي خاصتك‪ ،‬زاد‬
‫حجم المساعدة التي تحتاجها في فهم ما تفعله وكيف تفعله بدقة‪ .‬إن لدى بعض الشركات انفتاحا ً كبيرا ً بشأن‬
‫األساليب التي تستخدمها‪ ،‬بينما تفضل شركاتٌ أخرى أن تحافظ على سرية وغموض األساليب التي تمتلكها‪،‬‬
‫ي طريق ٍة سننتفع معك ‪ .‬إليك بعض األسئلة التي يمكنك أن تطرحها في هذا الموضوع‪:‬‬
‫لذا فعليك أن تحدد أ َّ‬

‫‪ ‬كيف أعرف أن المنهجيات التي تتبعها سليمةٌ علمياً؟‬


‫‪ ‬هل تستطيع أن تريني كيف ترتبط أساليبك بالدراسات النتاجات العلمية الراسخة؟‬
‫أشخاص أكاديميين (ليس لديهم مصالح تجارية)وليسوا تابعين لشركتك‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬هل أستطيع الرجوع إلى‬
‫يمكنهم أن يكفلوا أساليبك وتقنياتك؟‬
‫‪ ‬ما هي الجوانب الخاصة بأساليبك ومنهجياتك التي ال تستطيع اإلفصاح عنها لي العتبارها‬
‫ممتلكات وأسرار تخص شركتك؟‬

‫السرية وااللتزام التنظيمي‬


‫ّ‬

‫يُعد الحفاظ على السرية الخاصة بالمشاركين في دراستك أمرا ً مهما ً جدا ً وذلك للحرص على االلتزام‬
‫بالمبادئ البحثية التي تتعلق بأشخاص الذين تُجرى عليهم التجارب (انظر الفصل ‪ 22‬للمزيد من التفاصيل)‪.‬‬
‫وإضافةً إلى ذلك‪ ،‬عليك أن تتأكد من أن شريكك المحتمل سيفهم ويحترم متطلبات سرية البحث خاصتك‪ .‬فيما‬
‫يلي بعض األسئلة التي يمكنك طرحها على هذا الشريك المحتمل‪:‬‬

‫‪ ‬هل تم التصديق على أساليبك في إجراء التجارب من ِّقبل هيئة المراجعة المؤسسة (أو المستقلة)‬
‫(‪)IRB‬لكونها مناسبةً لتستخدم على األشخاص التي تُجرى عليهم التجربة؟‬
‫‪ ‬كيف ستحافظ على سرية المشاركين في مشروعي؟‬
‫‪388‬‬
‫‪ ‬كيف ستحافظ على سرية نتائج مشروعي؟‬
‫‪ ‬من هم العمالء الذين عملت معهم على مشاريع مشابهة وما مدى رضاهم عن النتائج؟ (وهذا سؤا ٌل‬
‫خادع‪ ،‬حيث إنه إذا ما تحدثت الشركة بانفتاح عن العمالء اآلخرين أمامك‪ ،‬فقد يتحدثون عنك‬
‫بانفتاحٍ لعمالءٍ آخرين‪).‬‬

‫‪389‬‬
‫الفصل الثاني والعشرون‬

‫أخالقيات التسويق العصبي ومعاييره‬


‫ومضامين سياسته العامة‬

‫سنناقش في هذا الفصل ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬الحرص على أداء التسويق العصبي بطريقة أخالقية‪.‬‬


‫‪ ‬مالحظة كيفية تطوير مجال التسويق العصبي لمعاييره وممارساته‪.‬‬
‫‪ ‬فهم بعض األسئلة القانونية التي تتعلق بالتسويق العصبي‪.‬‬
‫‪ ‬أخذ بعين االعتبار فكرة أن التسويق العصبي قد يكون نافعا ً لك بالفعل‪.‬‬

‫سنلقي في هذا الفصل نظرة ً على بعض المواضيع المهمة التي تحوم حول التسويق العصبي؛ أي‬
‫القواعد ومبادئ التنفيذ األخالقية والمعايير والممارسات الخاصة بالشفافية والقبول باإلضافة إلى مضامين‬
‫السياسة العامة لالتجاهات التنفيذية المستقبلية للتسويق العصبي‪.‬‬

‫يُعدُّ التسويق العصبي حقالً فتيا ً بدأ بالنشوء مما نسميه حقبة "الغرب المتوحش" بمعنى أنه ما زال‬
‫مطور‪ .‬ففي باكورة تلك األيام‪ ،‬كان هناك الكثير من الدعاية والبساطة في عرض المنتجات من قبل‬
‫ّ‬ ‫بدائيا ً غير‬
‫ك ٍّل من أصحاب المهن ومدراء الشؤون التجارية المتحمسين األوائل‪ .‬وهذا ليس غريبا ً لمثل هذا الحقل الجديد‪،‬‬
‫إال أنه قد خلّف ٍ‬
‫آثار لم ُ‬
‫تزل بعد‪ .‬أما اآلن‪ ،‬فإن هذا الحقل يتنامى وبدأ بتطوير الكثير من الزخارف والزيادات‬
‫الخاصة بمجتمع البحث القائم مثل "المسارات" المخصصة لمؤتمرات االتجاه البحثي العام ومجموعاته‬

‫‪390‬‬
‫التجارية الخاصة وتطوير المعايير والتوجيهات ومظهر البحوث التي يراجعها الطرفين واالنغماس البطيء‬
‫الثابت بمنهجيات التسويق العصبي في للعروض البحثية الخاصة لمزودي االتجاه البحثي العام الكبير‪.‬‬

‫ونبدأ هنا بتسليط الضوء على الممارسات األخالقية للتسويق العصبي في ثالثة مجاال ٍ‬
‫ت رئيسية وهي‪:‬‬
‫حماية المشاركين في تجارب البحوث وتقديم التسويق العصبي عبر وسائل اإلعالم وتوفير إثباتا ٍ‬
‫ت على صحة‬
‫إجراءاته للمشترين المحتملين‪ .‬ثم سنبحث في سير عملية تطوير المعايير والتفويضات الخاصة بشركات‬
‫التسويق العصبي‪ ،‬بعدها سنغطي بعض األسئلة القانونية التي تتعلق بقوانين استخدام التسويق العصبي‪.‬‬
‫وأخيراً‪ ،‬سننهي هذا الفصل باستعراضنا لثالثة مجاالت للسياسة العامة حيث نعتقد بأن التسويق العصبي ٌ‬
‫قادر‬
‫ي ٍ في إعالنات الخدمات العامة وتصميم السياسة العامة وفي مجال التعليم‪.‬‬
‫دور إيجاب ّ‬
‫على لعب ٍ‬

‫تنفيذ التسويق العصبي على نح ٍو أخالقي‬


‫نحن ال نذكر الكثير من المقاالت في هذا الكتاب‪ ،‬إال أن هناك واحدة ً قد رجعانا إليها هنا وهي تحت‬
‫عنوان " األخالقيات العصبية في التسويق العصبي" بقلم إميلي ميرفي وجودي إليز وبيتر رينر ( ‪Emily R.‬‬
‫‪ )Murphy, Judy Illes, Peter B. Reiner‬وهم باحثون في أخالقيات التسويق العصبي التابعين للمركز‬
‫القومي لألخالقيات العصبية في جامعة كولومبيا البريطانية وكلية ستانفورد للقانون‪ ،‬والتي نُشرت في مجلة‬
‫سلوك المستهلك (‪ )Journal of Consumer Behaviour‬في عام ‪ .2008‬وقد كانت هذه المقالة أول‬
‫المقاالت المنشورة التي تضع توجيهات أخالقية للتسويق العصبي وقد أصبحت معيارا ً في هذا الحقل‪.‬‬

‫وكان كاتبوا هذه المقالة قد اقترحوا مدونة أخالقية تمهيدية لمستخدمي التسويق العصبي والتي‬
‫سنلخصها في هذا القسم تحت ثالثة مواضيع رئيسية وهي‪ :‬حماية حقوق المشاركين في البحث واستخدام‬
‫وسائل اإلعالم على نح ٍو مسؤول في ما يخص التسويق العصبي والصدق مع العمالء والزبائن‪.‬‬

‫حماية حقوق المشاركين في البحث‬


‫وتحدد المقالة المذكورة آنفا ً ثالثة جوان ٍ‬
‫ب في حماية حقوق المشاركين في البحوث وهي‪:‬‬

‫‪391‬‬
‫‪ ‬حماية حقوق األشخاص الذين يُجرى عليهم البحث‪ :‬حيث أن القانون في أغلب الدول يكلف بحماية‬
‫حقوق من تُجرى عليه األبحاث التي تشرف عليها الحكومة فقط‪ .‬أما في الواليات المتحدة‪ ،‬فتُحدد‬
‫سياسات مواضيع البحث الممولة فدراليا ً من قِّبَل قسم الخدمات الصحية واإلنسانية‪ .‬وتتطلب هذه‬
‫السياسات من جميع البحوث التي تتضمن األشخاصا ً يُجرى عليهم البحث أن تكون مصدَّقة من هيئة‬
‫المراجعة المؤسسية (المستقلة) (‪ .)IRB‬وتتضمن السياسات التي يجب تصديقها (وإعادة تصديقها‬
‫سنويا ً) من هيئة (‪ )IRB‬ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬إجراءات للحصول على موافقة يتم تبليغها للمشاركين في البحث‪.‬‬

‫‪ ‬تدابير للتأكد من سرية معلومات المشاركين في الدراسة‪.‬‬

‫‪ ‬بروتوكوالت واضحة للتعامل مع النتائج ال َع َرضية (الحاالت الطبية التي يتم اكتشافها في‬
‫الشخص الذي يُجرى عليه البحث كنتائج جانبية لعملية جمع البيانات‪.‬‬

‫فبالرغم من امتالك العلماء الذين يتم تمويلهم فدراليا ً والذين يعملون في الحقل األكاديمي‬
‫ولدى الحكومة أو في بيئ ٍة تجارية مسؤوليةً قانونية في الحصول على موافقة مبلَّغة‪ ،‬وأنهم يحمون‬
‫خصوصية األشخاص الذين تجرى عليهم الدراسة‪ ،‬إال أن هذه المتطلبات القانونية قد ال يتم تطبيقها‬
‫في شركات التسويق العصبي في القطاع الخاص والتي ال ِّ ّ‬
‫توظف طاقم موظفين مموالً فدرالياً‪ ،‬وال‬
‫تشارك في البحوث الممولة من الجهة ذاتها‪ .‬ففي مثل هذه الحاالت‪ ،‬فنحن نعتقد بأن لدى شركات‬
‫التسويق العصبي التزاما ً أخالقيا ً في توفير مستويا ٍ‬
‫ت مماثلة من الحماية للمشاركين‪ .‬إن أفضل طريق ٍة‬
‫للحصول على موافقة هيئة (‪ )IRB‬هذه لإلجراءات البحثية و سياسات حماية البيانات (ويمكن‬
‫تفويض الكثير من هيئات (‪ )IRB‬لتوفير المستوى المناسب من مراجعة الكيانات التجارية والبحوث‬
‫الربحية)‪.‬‬

‫متطلبات هيئة (‪ )IRB‬مفصلة جداً‪ ،‬ويمكن للمقاالت أن تنشر مئات الصفحات من‬ ‫وتُع ُّد‬

‫الوثائق التي تشرحها‪ ،‬إال أن ذلك يجب أن يُعتبر تكلفة مدفوعة للعالقة مع شركات التسويق العصبي‪.‬‬
‫إن فشل شركة التسويق العصبي في أخذ موافقة من هيئة (‪ )IRB‬قد يكون إشارة ً على أنها قد ال تكون‬
‫جدّيةً بشأن التزامها بأعلى مستو ً‬
‫ى من معايير وأخالقيات البحث‪.‬‬

‫‪392‬‬
‫وتتضمن االعتبارات اإلضافية لحماية مواضيع الدراسة البشرية الحرص على أن منافسة‬
‫ت عالية لتكون نوعا ً من اإلكراه غير المباشر‪.‬‬
‫المشاركين ال تتسبب بحوافز مالية على مستويا ٍ‬
‫وكجزءٍ من الموفقة المبلّغة أيضاً‪ ،‬يجب نًصح المشاركين وتذكيرهم بحقهم في االنسحاب من أ َّ‬
‫ي‬
‫ي ِّ سبب بما في ذلك عدم االرتياح البسيط من الدارسة‪ .‬وبالرغم من أن معظم تقنيات‬
‫دارسة وأل ّ‬
‫التسويق العصبي ال تمتلك إال قدر بسيط من الخطورة‪ ،‬إال أنه يجب ذكر هذه المخاطر بالتفصيل‬
‫للمشاركين قبل أن تُطلب الموافقة المبلَّغة‪.‬‬

‫‪ ‬حماية قطاعات مجتمع البحث الضعيفة من استغالل التسويق لها‪ :‬يجب أن تتضمن سياسات حماية‬
‫مواضيع البحث البشرية أو يحتمل أن يكونوا من إحدى قطاعات مجتمع الدراسة الضعيفة‪ .‬وإضافةً‬
‫إلى ذلك‪ ،‬يجب على عمليات الدعاية واإلعالن المتأثرة بالتسويق العصبي التي تستهدف مجموعات‬
‫من المستهلكين المحميين أن تركز‪ -‬وبشك ٍل إيجابي‪ -‬على ما يخدم الحاجات الخاصة لمجتمع الدراسة‬
‫ى سواء أكان ذا طبيع ٍة مالية أو نفسية‪.‬‬
‫دون تهميش أو إهانة أو كل ما يتسبب بأذ ً‬

‫تتضمن مجتمعات الدراسة المحمية والضعيفة أشخاصا ً مثل األطفال والنساء الحوامل‬
‫بأمراض عقلي ٍة او جسدية‪ .‬وهذا التوجيه يصعب‬
‫ٍ‬ ‫وأمهات األطفال الصغار والطالب والمصابين‬
‫تطبيقه؛ وذلك ألن التسويق العصبي ال يتحكم بعملية التسويق وهذه نقطةٌ قد شرحناها في الفصل (‪.)1‬‬
‫ى" أمرا ً سهالً كما يبدو‪ ،‬ولهذه األسباب‬
‫باإلضاف ِّة إلى ذلك‪ ،‬فقد ال يكون تحديد ما يتسبب في "أذ ً‬
‫ب أخرى‪ ،‬فقد تبنت الكثير شركات التسويق العصبي سياسة رفض أي بح ٍ‬
‫ث يتضمن أن يُجرى‬ ‫وأسبا ٍ‬
‫معين‪ ،‬أما السياسات التي‬
‫ٍ‬ ‫على األطفال ككل وذلك لتجنُّب أ ّ‬
‫ي احتمالية أو إدراكٍ لوجود استغال ٍل‬
‫تتضمن المجموعات األخرى الضعيفة فليست واضحة‪.‬‬

‫‪ ‬اإليضاح الكامل الألهداف والفوائد والمخاطر‪ :‬يمكن تحقيق هذا اإليضاح من خالل نشر مبادئ شركة‬
‫التسويق العصبي األخالقية وفقا ً لمدى حفظها لخصوصية مواضيع البحث البشرية والمستهلكين‬
‫وحقوقهم‪.‬‬

‫تنشر العديد من شركات التسويق العصبي بيانا ٍ‬


‫ت علن مبادئها األخالقية على مواقعها اإللكترونية‪.‬‬
‫واألهم من هذا‪ ،‬فقد بدأت الجمعيات التجارية والصناعية بصنع قائمة بالمبادئ العامة لبحوث التسويق‬

‫‪393‬‬
‫العصبي التي يشترك فيها أعضاء هذه الجمعيات حيث تشابه تلك المبادئ األخالقية التي تناقش أشكاالً أخرى‬
‫من البحوث‪ .‬ومن بين هذه الجهود هناك ثالثة مبادئ عامة من الجدير ذكرها باالسم وهي‪:‬‬

‫‪ ‬مؤسسة بحوث الدعاية واإلعالن (‪ ،(ARF‬وموقعها اإللكتروني‪ )www.thearf.org) :‬فت ُ ّ ِّ‬


‫طور‬
‫مجموعة من "المعايير العصبية" الستخدام التسويق العصبي على نح ٍو األخالقي والعلمي السليم‬
‫في بحوث الدعاية واإلعالن‪.‬‬

‫‪ ‬منظمة (‪ )ESOMAR‬ذات الموقع اإللكتروني‪ )www.esomar.org( :‬والتي نشرت توجيها ٍ‬


‫ت‬
‫ألعضائها تحت مسمى "‪ 36‬سؤاالً للمساعدة في تفويض بحوث علم األعصاب" والتي تتضمن‬
‫أسئلةً تتعلق بالسياسات والمبادئ االخالقية لالستخدام التسويق العصبي‪.‬‬

‫‪www.‬‬ ‫‪ ‬جمعية تجارة وعلوم التسويق العصبي (‪ ،NMSBA‬وموقعها اإللكتروني‪:‬‬


‫‪ )neuromarketing-association.com‬وهي مجموعة تجارية عالمية مختصصة بالتسويق‬
‫العصبي تحديداً‪ ،‬واوقدلتي نشرت مقالة بعنوان " المدونة االخالقية لتطبيق علم األعصاب في‬
‫الحقل التجاري" ( ‪Code of Ethics for the Application of Neuroscience in‬‬
‫‪ )Business‬والتي ناقشت مواضيع مثل الشفافية والموافقة والخصوصية‪.‬‬

‫تقديم البحث بدقة في وسائل اإلعالم والتسويق‬


‫وقد كان هذا من المجالت التي تشير إلى بعض الجدل في حقل التسويق العصبي‪ ،‬وذلك بالرغم من‬
‫سن كثيرا ً كمجا ٍل تجار ّ‬
‫ي ٍ نشأ من حقبته القديمة‪ .‬وفي الفترات األولى للتسويق العصبي‪ ،‬بالغت‬ ‫أن موقفه قد تح َّ‬
‫بعض الشركات وبوضوح في ادعائها بشأن ما يستطيع التسويق العصبي فعله‪ ،‬وكان من بين تلك االدعاءات‬
‫إعالن تجاري‬
‫ٍ‬ ‫تصريحات ٌ بإمكانية استخدام التسويق العصبي للضغط على "زر الشراء" في الدماغ لصنع‬
‫ال يمكن للمستهلكين مقاومته‪ .‬وقد ادعت شركاتٌ أخرى بأنها قادرة على التنبؤ بسلوك "الميل إلى الشراء"‬
‫إلعالن ما‪ .‬وليس من المفاجئ أن‬
‫ٍ‬ ‫عند المستهلك من خالل قراءة موجات دماغه في جلس ٍة واحدةٍ عند مشاهدته‬
‫تدق مثل هذه االدعاءات نواقيس الخطر في الدوائر األكاديمية ودوائر حماية المستهلك؛ ويعزى السبب في‬

‫‪394‬‬
‫علم بأن هذه االدعاءات مبال ٌغ فيها جداً‪ ،‬وفي المجموعة الثانية‪،‬‬
‫المجموعة األولى‪ ،‬إلى أن األكاديميين على ٍ‬
‫إلى أن دعاة حماية المستهلك يخشون من أن تكون هذه االدعاءات صحيحة‪.‬‬

‫تدرس التفسيرات المبالغ فيها للنتائج عملية تصوير نشاط األعصاب باستخدام تقنية الرنين‬
‫ساخر‪-‬‬
‫ٍ‬ ‫المغناطيسي الوظيفي (‪ )fMRI‬منطقة معينة في الدماغ؛ وذلك ألن بحوث (التي تًصنّفُت ‪ -‬وعلى نح ٍو‬
‫يٍ) قد أظهرت بأنه تفسيرات علم األعصاب تصاحب الصور ذات الترميزات الملونة‬
‫ق عصب ّ‬
‫كبحث تسوي ٍ‬
‫الخاصة بعمليات مسح الدماغ‪ ،‬وذلك حتى ولو كانت الصور غير متصلة بالتفسيرات‪ ،‬فإن المجتمع العام‬
‫يجدها أكثر إقناعا ً من الوقت الذي تكون فيه الصور غير موجودة‪.‬‬

‫يُعدُّ علم ألعصاب األكاديمي مهما ً على وجه التحديد في بحوث تقنية (‪ )fMRI‬في التسويق‬
‫والدعاية واإلعالن التي تدعي أنها تحدد "النقاط الحساسة" في الدماغ حيث يحدث النشاط الدماغي‬
‫خالل العديد من المهام أو الحاالت الذهنية‪ .‬وقد وصلت هذه المسألة إلى أوجها في عام ‪ 2007‬حين‬
‫نظر معينة في جريدة نيويورك تايمز األمريكية ( ‪The New York‬‬
‫ظهرت مقالة تعبر عن وجهة ٍ‬
‫‪ )Times‬والتي قدمت فيها مزاعم في تحديد مواقف الناس تجاه المرشحين السياسيين بنا ًء على عمليات مسحٍ‬
‫بارز على هذه‬
‫ٍ‬ ‫ب‬
‫للدماغ باستخدام تقنية (‪ .)fMRI‬وقد أجابت المجموعة (أ) المكونة من ‪ 17‬عا ِّلم أعصا ٍ‬
‫المقالة برسالة أرسلوها إلى محرر الصحيفة‪ ،‬يعترضون فيها وبشدة على النتائج المذكورة‪ ،‬مفسرين ذلك‬
‫أمر كتعقيد المواقف السياسية بشك ٍل قاطعٍ من خالل‬
‫االعتراض بأنه وببساطة من غير الممكن أن تحكم على ٍ‬
‫مالحظة النشاط في منطقة دماغية معينة‪.‬‬

‫وقد اقترح ميرفي وإليز ورينير التوجيهات التالية للمناقشة كيفية تقديم التسويق العصبي في وسائل‬
‫اإلعالم والتسويق للناس وهي كاآلتي‪:‬‬

‫العرض في وسائل اإلعالم والتسويق الصحيح للتسويق العصبي‪ :‬تتحمل شركات التسويق‬
‫العصبي عبء صحة عرض خدماتها على وسائل اإلعالم وفي المواد التسويقية‪ .‬وعليها ‪-‬‬
‫على األقل ‪ -‬أن تبيِّّن منهجيات ومقاييس الصحة العلمية الخاصة بها في كل عروض ووسائل‬
‫اإلعالم مثل تقارير األخبار وجلسات طرح وجهات النظر واالفتتاحيات‪.‬‬

‫فهم يعتقدون ‪ -‬ونحن نتفق معهم ‪ -‬أن االلتزام بقانون عملية نقل المعلومات المسؤولة والحقيقة الكامنة‬
‫في الدعاية واإلعالن ضروري لتعزيز اإلدراك العام اإليجابي واليقيني لبحوث علم الدماغ‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫لتطوير إضافي في فاعلية تقنيات التسويق العصبي‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الترويج‬
‫‪395‬‬
‫ونحن نؤمن بأن لدى مستخدمي التسويق العصبي التزا ٌم بالحفاظ على الشفافية العلمية في‬
‫وسائل اإلعالم والتواصالت التسويقية التي تتعدى ما يتطلبه مزودو بحوث السوق التقليديين؛ وذلك‬
‫ألن أساليبهم ومنهجياتهم جديدة ومختلفة وأن الكثير من المبادئ العلمية الكامنة في أساليبهم ليست‬
‫حدسية‪ .‬وهذا كان بالفعل تفسيرا ً للعلم القابع وراء التسويق العصبي والذي يمكن الوصول إليه من قبل‬
‫أخصائيي التسويق والمجتمع العام‪.‬‬

‫توفير أدلة على صحة ودقة األساليب للزبائن المحتملين‬


‫لقد ناقشنا مسألة الصحة والدقة في الفصل (‪ ،)19‬حيث تكمن الصحة في قياس الشيء الصحيح‪،‬‬
‫بينما الدقة هي قياس هذا الشيء بالطريقة الصحيحة‪ ،‬وكالهما عنصرين مهمين في إتقان أي شك ٍل من أشكال‬
‫البحوث الكمية وقابليتها للتعميم‪.‬‬

‫تلخيص جزئي لنصائحهم‬


‫ٌ‬ ‫وقد غطى ميرفي وإليز ورينير هذا الموضوع بالتفصيل‪ .‬ففيما يلي‬
‫(ومصطلحهم الصحة الخارجية الذي يُعدُّ مكافئا ً لمصطلحنا الدقة الذي ذكرناه في هذا الكتاب)‪:‬‬

‫الصحة الداخلية والخارجية‪ :‬حيث يجب على ضوابط الصحة الداخلية أن تكون قائمة على‬
‫قاعدة بيانات شاملة ووافية على األقل؛ لتوفير نتائج منطقية وفعّالة لمستهلكي التسويق العصبي‪ .‬إن‬
‫ضمان الصحة الخارجية الثابتة يتطلب من التسويق العصبي أن ينظم منتجات ومقاييس لزبائن‬
‫التسويق العصبي مع اللتقنيات الصعبة والمعرفة واسعة بالتسويق العصبي‪ ،‬فالمحافظة على سالمة‬
‫أمر مطلوبٌ جداً‪.‬‬
‫وكفاءة اإلثباتات في بحوث وتطوير ونشر التسويق العصبي هي ٌ‬

‫إن توفُّر قاعدة بيانات معيارية (وهي مجموعة من النتاجات التي تقارن مقاييس شركة التسويق‬
‫متعلق جدا ً بمسألة تأسيس الصحة‬
‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫العصبي مع مستوى األداء الفعلي للسوق؛ انظر الفصل ‪ )19‬هو ٌ‬
‫وتوصيلها‪ .‬إال أن مثل قاعدة البيانات هذه قد تتطلب سنوا ٍ‬
‫ت من البناء‪ ،‬مما يجعل األمر ال يستحق العناء‪.‬‬
‫تمتلك شركات البحوث التقليدية أفضلية كبيرة هنا؛ وذلك ألن الكثير منها يمتلك قاعدة بيانا ٍ‬
‫ت معياري ٍة تحتوي‬
‫ت قد تعود إلى عقو ٍد مضت‪ .‬ولم تنشر أيّة شرك ٍة مختص ٍة بالتسويق‬
‫على أسئلة الدراسات المسحية وإجابا ٍ‬
‫نظير لها بنا ًء على بيانا ٍ‬
‫ت معيارية‪ ،‬وذلك بالرغم من‬ ‫ٍ‬ ‫العصبي إثباتا ً عن مقاييسها التي قد تم مراجعته من قِّب ِّل‬

‫‪396‬‬
‫أن العديد من الشركات قد ادعت بأنها كانت تعمل على هذه المسألة‪ .‬فكيف يمكن لشركات التسويق العصبي‬
‫في الوقت الحالي أن توفر دليالً على صحة ودقة مقاييسها؟‬

‫وهنا نقترح طريقتين مؤقتتين لذلك‪:‬‬

‫‪ ‬يمكن لشركات التسويق العصبي أن تظهر التزامها في مواكبة التقنيات والمعرفة المتبدّلة من خالل‬
‫العمل كقنوا ٍ‬
‫ت بين علم الدماغ والمجتمع التسويقي‪ .‬فمن خالل تحديد التطورات التكنولوجية‬
‫المسوقين وتفسيرها‪ ،‬فإنها توفر معا ً دليالً على االنغماس المستمر‬
‫ّ ِّ‬ ‫والنتاجات العلمية في العالقة مع‬
‫في العلم الواقعي وفي التزامهم بجعل ذلك العلم يسيرا ً لقاعدة عمالئهم المس ِّوقين و الدعائيين‪.‬‬

‫‪ ‬يمكن لشركات التسويق العصبي أن تبذل جهدا ً أكبر في ربط منهجياتهم مع البنية المتنامية‬
‫للنتاجات والتي تظهر اآلن في مجال البحث األكاديمي مصادقةً على الكثير من االفتراضات‬
‫الجوهرية التي تكمن في التسويق العصبي‪ .‬إليك أربعة أمثلة حديثة تختص بهذا الشأن‪:‬‬

‫‪ ‬ففي سلسلة من المقاالت التي نُشرت بين عامي ‪ 2008‬و‪ ،2011‬تمكنت مجموعة من علماء‬
‫األعصاب اإليطاليين بقيادة الورا أستولفي (‪ )Laura Astolfi‬وجيوفاني فيكياتو‬
‫(‪ )Giovanni Vecchiato‬من تنبؤ عملية تنشيط ذاكرة وتفضي ٍل لإلعالن القائم على‬
‫الجمع بين أنماط موجا ٍ‬
‫ت دماغية معينة باستخدام تقنية تخطيط كهربية الدماغ (‪)EEG‬‬
‫والنشاط الكهربي في الجلد ومعدل نبض القلب‪.‬‬

‫‪ ‬وفي عام ‪ ،2012‬أظهر الباحثون الفنلنديون وهم نيكالس رافاجا (‪)Niklas Ravaja‬‬
‫وزمال ٌء له بأنه يمكن تنبؤ بقرارات الشراء المتعلقة بالعالمة التجارية وذلك من خالل نتائج‬
‫عمليات المسح باستخدام تقنية (‪ )EEG‬والتي تُظهر عدم التناسق في بين النصف األيمن‬
‫واأليسر للفصوص األمامية للدماغ‪ ،‬مثبتةً مقياس الدافع العاطفي الذي يستخدمه الكثير من‬
‫مستخدمي التسويق العصبي المختصون بتقنية (‪.)EEG‬‬

‫‪ ‬وفي دراس ٍة أخرى نُشرت في عام ‪ ،2012‬استخدم عال َمي األعصاب غريغوري بيرنز‬
‫(‪ )Gregory Berns‬وسارا موور (‪ )Sara Moore‬تقنية (‪ )fMRI‬للتنبؤ بمدى شعبية‬
‫األغاني‪ ،‬ففي تجربتهما‪ ،‬يستمع المراهقون إلى سلسلة من األغاني لمغنيين المعروفين نسبيا ً‬
‫بينما تتم عملية مسح أدمغتهم لتسجيل النشاط الدماغي لديهم‪ .‬وبعد ثالث سنوات من هذه‬

‫‪397‬‬
‫التجربة‪ ،‬ربط الباحثون نتائج المسح بمدى شعبية هذه االغاني التي تم قياسها من خالل حجم‬
‫مبيعات هذه األغاني خالل السنوات الثالث المتخللة بين الفترتين‪ ،‬وقد وجدوا أن المبيعات‬
‫مرتبطة مع النشاط في مراكز الحس بالمكافأة في أدمغة المجموعة الصغيرة التي أ ُ ِّ‬
‫جري‬
‫عليها البحث‪ ،‬بينما لم تكن تفضيالت األغاني المعبر عنها متن ِّبّئة للمبيعات الفعلية‪.‬‬

‫‪ ‬وفي مقالتين نُشرتا في عامي ‪ 2011‬و‪ ،2012‬أعد ك ٌّل من إيملي فولكس (‪)Emily Falk‬‬
‫وماثيو ليبرمان (‪ )Matthew Lieberman‬وزمال ٌء لهما حمالت دعائية لوقف التدخين‬
‫ْ‬
‫شرت لهم‪ ،‬أن استجابات‬‫مستخدمين في ذلك تقنية (‪ .)fMRI‬ففي الدراسة األولى التي نُ‬
‫الشخص الدماغية لإلعالن كانت متنبئا ٍ‬
‫ت لوقف التدخين لديهم وذلك أفضل من اآلراء‬
‫الواضحة عن مدى إقناع اإلعالن لهم‪ .‬أما في الدراسة الثانية‪ ،‬قام المدخنون والخبراء‬
‫ت لثالثة حمالت دعائية ضد التدخين بينما كانت تُجرى عملية المسح عليهم‪،‬‬
‫بمشاهدة إعالنا ٍ‬
‫تأثير إقناعي على المدخنين‪ .‬وعندما تم‬
‫ٍ‬ ‫ث َّم قاموا بتقييم هذه الحمالت وفقا ً الحتمالية وجود‬
‫عرض الحمالت الدعائية في السوق الواقعي‪ ،‬فقد تم تقييم مدى فاعليتهم عن طريق مقارنة‬
‫رقم مجاني‪ .‬ففي جميع الحاالت تنبأ النشاط الدماغي بالنجاح‬
‫تقييماتهم عبر مكالمة على ٍ‬
‫النسبي للحمالت بشك ٍل أفضل من آراء ك ٍّل من المدخنين والخبراء‪ ،‬مظهرة ً أن االستجابات‬
‫كبير من مجتمعات‬
‫ٍ‬ ‫ق‬
‫العصبية لمجموعة صغيرة من األفراد يمكن أن تتنبأ بسلوك نطا ٍ‬
‫البحث‪ ،‬كما أنها تتنبأ بشك ٍل أفضل من األحكام ال ُمعبر عنها وحتى أحكام هؤالء الخبراء في‬
‫هذا المجال‪.‬‬

‫ومن أجل أن تتمتع شركات التسويق العصبي بالفاعلية "المتوهجة" في هذه الدراسات‬
‫أساس منتظم)‪ ،‬فما تحتاج إليه هذه الشركات هي أن تشارك الطريقة التي‬
‫ٍ‬ ‫(وأخرى بدأت تظهر على‬
‫تستخدم فيها األساليب ذاتها أو المشابهة لها بشك ٍل كبير‪.‬‬

‫ولكن ولسوء الحظ‪ ،‬فهذا يخلق مشكلةً لبعض الشركات التي تُصر على عرض منهجياتها‬
‫ق أسود" يضم أساليبها التي تتفوق في أدائها على المنهجيات الموضّحة وبكل شفافية في‬
‫في "صندو ٍ‬
‫ق بحثي ٍة يراجعها شركاتٌ نظيرةٌ‪ .‬وفي غياب البيانات المعيارية القنعة‪ ،‬فإن هذا يصادق على‬
‫أورا ٍ‬
‫هذا االفتراض‪ ،‬مما يجعل هذه الشركات تقع في ورطة‪ .‬لذا فإننا ننصح بأن يتعامل مشترو خدمات‬
‫التسويق العصبي مع الشركات المتكتمة على منهجياتها ببعض من الحذر والريبة‪ .‬ويتطور‬

‫‪398‬‬
‫التسويق العصبي ليصبح حقالً يرفع من علم الدماغ الثابت ليكون أساسا ً له‪ .‬تبهت ادعاءات بعض‬
‫شركات التسويق العصبي بأدائها المتفوق مع إبقاء األساليب التي تمتلكها سرا ً بكون هذا ذوا‬
‫أفضلية تنافسية‪ .‬ويتطلب األمر شفافيةً أكبر ليقوم التسويق العصبي بتبني معايير ذات معنى‪.‬‬

‫المضي بالتجارة نحو "معايير عصبية"‬


‫ي ٍ في نزوحه وابتعاده عن االدعاءات المطلقة والمثيرة‬
‫ي ِّ حق ٍل علم ّ‬
‫يكمن الدليل على نضوج أ ّ‬
‫و"النادرة" ليقترب أكثر من المعايير والممارسات الواضحة وتفويضه بين مزودي الخدمات‪ ،‬فمن الواضح أن‬
‫التسويق العصبي يتطور في هذا االتجاه ولكن لديه وسائله في ذلك‪.‬‬

‫تخطي المرحلة البدائية للتسويق العصبي‬

‫ففي بداية أيام نشوء التسويق العصبي كما ذكرنا سابقاً‪ ،‬فقد تخلل ٌّ‬
‫جو من ال ِّقدم في هذا الحقل الحديث‪.‬‬
‫كانت المقاالت الصحفية بعناوين مثل " البحث عن زر الشراء في الدماغ" و"اإلقناع الخفي أم العلم التافه؟" و‬
‫"هل اإلعالن التجاري هو النجاح؟ ستخبرنا الموجات الدماغية بذلك كلّه" شائعة في تلك األيام‪ ،‬فقد كان‬
‫التواقين‬ ‫المتحدثون باسم التسويق العصبي سعيدين بتوفير تسجيال ٍ‬
‫ت صوتية تحريضي ٍة ال أساس لها للمراسلين ّ‬
‫لهذه المواضيع‪ .‬وقد كانت المجموعات المناصرة للمجتمع غاضبةً جدا ً بشأن هذا التهديد الجديد الظاهر‬
‫الستقاللية المستهلك وإرادته الذاتية‪.‬‬

‫هناك عدد قليل من الشركات المشترية والتي تمتلك ميزانية تقديرية كانت تنوي تجربة هذه التقنية‬
‫الجديدة‪ ،‬فهؤالء المستخدمين األوائل كانوا نوعا ً من القائدين في أ ّ‬
‫ي ِّ حقل‪ ،‬والذين سيقومون بتجربة أشياءٍ‬
‫مصدر جدي ٍد يعطيهم أفضلية تنافسية‪ ،‬ولكنهم يدركون تماما ً أن معظم هذه التجارب تبوء‬
‫ٍ‬ ‫جديدة على أمل إيجاد‬
‫تناقض حاد‪ ،‬حيث يتبعون االتجاه السائد في يميل المشترين إلى تجنب‬
‫ٍ‬ ‫بالفشل‪ .‬إن هؤالء المشترون يقفون في‬
‫التقنيات الجديدة حتى يتم إثباتها واستخدامها من قِّبل معظم نظرائهم‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫مغالى فيها‪ ،‬فهم‬
‫ً‬ ‫ت جامحةً‬
‫لم يتفاجئ المستخدمون األوائل للتقنيات الحديثة بسماعهم ادعاءا ٍ‬
‫يتوقعونها؛ ألنهم يعلمون بأن الشركات الجديدة تتنافس في اكتساب انتباههم وسيقولون أي شيءٍ يلفت االنتباه‬
‫إليهم‪ .‬لذلك فهم يتناسون هذه االدعاءات ويشترونها بأيّة حال‪ ،‬ألنهم ينوون تجربة وفهم هذه التقنية الجديدة‪ .‬إال‬
‫أن االدعاءات المبالغ فيها ال تنفع مع المشترين الذين يتبعون االتجاه السائد بتحكمهم في أغلبية الميزانية في‬
‫ي تجارة‪ ،‬فهؤالء المشترون ال يريدون التجربة‪ ،‬بل يريدون استخدام حلول مثبتة في تنفع إجراءاتهم‬ ‫أ َّ‬
‫بمعنى آخر‪ ،‬فهم يريدون حلوالً معيارية وقابلة للتنبؤ‪.‬‬
‫ً‬ ‫وممارساتهم الموجودة أصالً‪ .‬أي‬

‫االشتمال على معايير جديدة للتسويق العصبي‬


‫ت مختلفة بأن تكون قابلة للتبديل‬ ‫ٌ‬
‫متفق عليه‪ ،‬يسمح لمنتجات شركا ٍ‬ ‫إن المعيار هو مخطط أو تصميم‬
‫بطريق ٍة ما‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يمكنك أن تكون واثقا ً في أ ّ‬
‫ي ِّ شرك ٍة تبيعك مصباح إضاءةٍ‪ ،‬ذلك المصبا ٌح الذي‬
‫يمكنك أن تضعه في جيبك؛ وذلك بسبب وجود معايير إضاء ٍة ثابتة لذلك‪ .‬وال يعني أن جميع مصابيح اإلضاءة‬
‫تتشابه فيما بينها‪ ،‬فهي تبقى تك ّم ُل بعضها بعضاً‪ .‬ولكن هناك مزايا أخرى غير ميزة "اتساع المصباح في‬
‫الجيب"‪ ،‬مثل السعر أو مدة عمرها أو مدى كفاءة الطاقة فيها‪.‬‬

‫ويمكن للمعيار أن يكون معيارا ً لألداء مثل معيار فاعلية استهالك الوقود والذي ينص على أن‬
‫السيارات الجديدة في الواليات المتحدة يجب أن تحقق مسافة معدلها ‪ 87.7‬كيلو متر في الغالون الواحد بحلول‬
‫عام ‪.2025‬‬

‫يكمن الشرط األساسي للمعايير التجارية في دعم بنية المعايير التجارية‪ .‬ففي التجارة اإللكترونية‪،‬‬
‫تقوم شركةٌ تسمى مختبرات التأمين (‪ )UL‬باختبار المعدات اإللكترونية‪ ،‬لذا تتم معايرة المصابيح الكهربائية‬
‫على أنها "مصدقة من قِّبل )‪ )UL‬عندما توافق معاير هذه الشركة‪.‬‬

‫تطور مدونا ٍ‬
‫ت أخالقي ٍة ومعايير يتوجب‬ ‫إن معظم المشاريع التجارية قائمة على معايير تجارية والتي ّ‬
‫على أعضائها االلتزام بها حيث يكون ذلك جزءا ً من تمثيل هذه المعايير للقطاع التجاري ككل‪ .‬فكتجارة‬
‫استطالع الرأي – فمثالً ‪ -‬التي تمتلكها الجمعية األمريكية لبحوث الرأي العام ( ‪American Association‬‬
‫‪ )for Public Opinion Research‬وتجارة بحوث السوق الخاصة جمعية بحوث السوق ( ‪Marketing‬‬
‫‪ )Research Association‬وتجارة الدعاية واإلعالن التي تمتلكها منظمة بحوث الدعاية واإلعالن‬
‫(‪ .)Advertising Research Foundation‬وقد أُسست في عام ‪ 2012‬أول جمعي ٍة تجاري ٍة مخصصة‬

‫‪400‬‬
‫للتسويق العصبي بالتحديد وهي جمعية تجارة وعلم التسويق العصبي ( & ‪Neuromarketing Science‬‬
‫‪.)Business Association‬‬

‫أُط ِّلقت أول جهو ٍد معياري ٍة رائدة ومو َّجهة نحو التسويق العصبي في عام ‪ 2010‬من قِّبل منظمة‬
‫بحوث الدعاية واإلعالن (‪ .)ARF‬وقد قامت ك ُّل واحدةٍ من تسع شركا ٍ‬
‫ت للتسويق العصبي تستخدم تقنيا ٍ‬
‫ت‬
‫مختلفة ‪ -‬مثل تقنية (‪ )fMRI‬والمقاييس الحيوية وتقنية فك تشفير تعابير الوجه وتقنية تخطيط مغناطسية‬
‫عرضت النتائج‬ ‫العضالت (‪ - )EMG‬بتحليل إعالنا ٍ‬
‫ت تلفزيونية وفرتها ‪ 12‬شرك ٍة راعي ٍة لهذه اإلعالنات‪ .‬و ُ‬
‫على مجموعة من خبراء العلوم والتسويق الذين ألقوا نظرة على اتساقات هذه النتاج حيث يمكن تحديد‬
‫المنهجيات‪.‬‬ ‫على‬ ‫تطبيقها‬ ‫أو‬ ‫المعايير‬
‫حدد الخبراء عدة قطاعات اعتقدوا بأنه يمكن تطبيق المعايير فيها؛ أولها‪ ،‬وفقا ً لمدى مالئمتها لألساليب‬
‫ت مختلفة لإلعالن‪ .‬وثانيها‪ ،‬وفقا ً لمدى وضوح التواصل بخصوص جوانب‬
‫المختلفة في قياس استجابا ٍ‬
‫ق عصبي وباستخدام أيّة منهجية‪َّ .‬‬
‫إن المعايير الموصى بها لقياس‬ ‫التصميم والتنفيذ المتعددة ألي دراس ِّة تسوي ٍ‬
‫المتغيرات المختلفة الستجابات لإلعالن تتضمن ما يأتي‪:‬‬

‫‪ ‬إدراك وفهم الرسائل التسويقية‪ :‬تقيُّم الطرق التقليدية اإلدراك الواعي بشك ٍل جيد‪ ،‬أما علم األعصاب‬
‫فهو يقيس إمكانية تطبيق هذه الطرق التقليدية عن طريق تحديد مواقع اإلشكالية في الرواية أو‬
‫الرسالة التسويقية‪.‬‬

‫‪ ‬النية في الشراء‪ :‬يمكن للمقاييس التقليدية أن تكون كافية وذلك إذا ما كانت معدّة ومثبَتة على نح ٍو‬
‫جيدٍ‪ .‬وقد توفر تقنية (‪ )fMRI‬مقاييس تكميلية لالستجابات العاطفية‪.‬‬

‫مقياس‬
‫ٍ‬ ‫‪ ‬تركيز االنتباه البصري‪ :‬وتظهر تقنية تتبع العين بأنها أفضل‬

‫‪ ‬الذاكرة‪ :‬وتنفع الطرق التقليدية في قياس عملية االستذكار الواعي‪ ،‬بينما تستطيع طرقة علم‬
‫األعصاب أن تقيم ذكرى الضمنية طويلة األمد كما وتوفر تفاصي َل عن ذلك مثل اللحظات التي لم‬
‫تعالج فيها هذه الذكرى على نح ٍو بيِّّ ٍن‪.‬‬

‫‪ ‬اإلثارة العاطفية وقوة االستجابات العاطفية‪ :‬حيث أن المقاييس الحيوية والمنهجيات العصبية تمتلك‬
‫بشك ٍل عام أفضليةً هنا على الطريقة والمنهجيات التقليدية‪.‬‬

‫‪401‬‬
‫‪ ‬االتجاه العاطفية (التفضيل أو عدمه)‪ :‬فقد تكون المنهجيات العصبية وعملية فك تشفير إيماءات‬
‫صةً لتقييم "فترات عرض العالمة التجارية"‪ ،‬ولكن مع‬
‫الوجه هنا أكثر دقةً من الطرق التقليدية وخا ًّ ّ‬
‫ذكر محدودية هذه المنهجيات‪.‬‬

‫‪ ‬االندماج واألهمية الشخصية واالندماج العاطفي‪ :‬فيجب هنا أن تُحدد المفاهيم بطريق ٍة أوضح‪ ،‬فحين‬
‫تكون المنهجيات الخاصة بعلم األعصاب قد ُحددت على النحو المناسب‪ ،‬عندها يحتمل أن يكون لها‬
‫األفضلية على المنهجيات التقليدية‪.‬‬

‫‪ ‬الرغبة المجتمعية‪ :‬حيث تتجنب منهجيات علم األعصاب بشك ٍل عام االنحرافات اإلدراكية مثل‬
‫الرغبة المجتمعية التي تعتبر صبة التقييم في الطرق التقليدية‪.‬‬

‫وقد اتفق الخبراء على أن دراسات التسويق العصبي ستستفيد من عملية المعايرة والتقييس في العديد‬
‫من المجاالت وفقا ً لتصميم وتنفيذ البحث‪ ،‬وهذه المجالت هي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬تفسير حجم العينة وتشكيلها‪ ،‬ووجود معايير توظيفٍ لمواضيع البحث البشرية فيها‪.‬‬

‫‪ ‬استعراض كيفية دعم التصميم التجريبي لألهداف البحثية‪.‬‬

‫‪ ‬توثيق عملية جمع البيانات وتحليلها واإلجراءات التفسيرية لها‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد صحة ودقة المقاييس المستخدمة في الدراسة‪.‬‬

‫‪ ‬تحديد االختبارات اإلحصائية ومستويات األهمية لجميع عمليات المقارنة‪.‬‬

‫‪ ‬الفصل وبكل وضوح بين نتاجات عمليات تفسير البيانات في تقارير عن النتائج البحث‪.‬‬

‫توفر معايير التسويق العصبي هذه بدايةً ممتازة‪ ،‬فقد ساهمنا في وضع بعض األفكار في‬
‫معايير المماثلة‬
‫ٍ‬ ‫مجموعة من معايير التصميم والتنفيذ في الفصلين (‪ )19‬و(‪ .)20‬فقد يتم تناول جهود‬
‫والتسوق‬
‫ُّ‬ ‫لتطبيقها في مجاال ٍ‬
‫ت أخرى مثل التأسيس لعالمة تجارية وتصميم المنتج وتصميم األغلفة‬

‫‪402‬‬
‫والتجربة اإللكترونية والترفيه؛ وذلك ألن يمكن تطبيق توصيات منظمة بحوث اإلعالن (‪ )ARF‬وبالتحديد‬
‫على اختبار عملية الدعاية وإلعالن‪ .‬ويكن لهذه الجهود أن تتزعمها مؤسسات في كل هذه المجالت التطبيقية‬
‫ق عصبي مخصصة مثل جمعية )‪.(NMSBA‬‬
‫أو أن يتم شراؤها تحت مؤسسة تسوي ٍ‬

‫وتعتبر المعايير ذات أهمية كبيرة للنمو والتقبُّل التجاري؛ ألنها ت ُ ّ‬


‫نظم ما يتوقعه المشترون‪ .‬فالمدى‬
‫الذي تظه ر فيه شركات التسويق العصبي نية في االمتثال للمعايير‪ ،‬يبين يمكن أن تجرى المشاريع التجارية‬
‫بفاعلية وثقة أكبر من ِّقبل المشترين والباعة‪ .‬بينما الشركات التي تقاوم المعايير من خالل ادعائها أن هذه‬
‫المعايير تتعارض مع المنهجيات التي تمتلكها ال تفهم الهدف من هذه المعايير‪ .‬ال استبدال المعايير من‬
‫المفاضلة التنافسية؛ إنما هي تسهل على المشترين عملية الشراء‪ ،‬والشركات التي تتجاهل المعايير تعرض‬
‫نفسها للخطر‪.‬‬

‫إن إحدى المواضيع التي لم تتطرق إليها تجارة التسويق العصبي بعد (حتى النصف عام ‪ )2013‬هو‬
‫تفويض الشركات (وهي عملية التصديق على مؤسس ٍة ما بأنها مؤسسة مؤهلة للعمل في مجا ٍل معين)‪ .‬إن‬
‫المؤسسات التجارية الناضجة غالبا ً ما تشترك في عضوية للمطابقة المعايير التفويض‪ .‬ويعزز التفويض من‬
‫مؤشر على الكفاءة والذي يسمح للمشترين بأن‬
‫ٍ‬ ‫صورة تجارةٍ ما إلزالة المنافسين غير المؤهلين وتوفير‬
‫يربطوا هذه التجارة بموثوقي ٍة وإمكانية اكبر على تنبؤها‪ .‬وقد ال يكون التسويق العصبي جاهزا ً للتفويض في‬
‫الوقت الحالي‪ ،‬ولكن في الوقت الذي تُصبح فيه المعايير أكثر رسوخا ً وثابتاً‪ ،‬فقد يكون ذلك وظيفة قد تفكر‬
‫جمعية (‪ )NMSBA‬في تبنيها‪.‬‬

‫فهم المشاكل القانونية التي تتعلق بالتسويق العصبي‬


‫فعند التماشي مع المرحلة القديمة للتسويق العصبي في سنواته األولى‪ ،‬فقد اكتسب التسويق العصبي‬
‫بعض اإلشكاليات مع القانون‪ .‬ففي الحين الذي بدء فيه الصحفيين ومعلقون آخرون بالتفكير أو بكتابة التقرير‬
‫عن القدرة الممكنة لألساليب التسويق العصبي في إجبار المستهلكين على الشراء من خالل الضغط على ما‬
‫يُسمى "زر الشراء" في أدمغتهم‪ ،‬وبدأ بعض المراقبون بالتساؤل عن المضامين القانونية التالية‪ :‬إذا ما كان‬
‫التسويق العصبي يتضمن تهديدا ً الستقاللية وحرية المستهلكين‪ ،‬هل يتوجب فرض القوانين عليه أو أن يتم‬
‫حظر بشك ٍل تام؟‬

‫‪403‬‬
‫هل يجب حظر التسويق العصبي؟‬
‫قد يبدو هذا السؤال عنيفا ً بعض الشيء‪ ،‬حتى تعرف أنه ‪ -‬في الواقع ‪ -‬قد تم حظر استخدام التسويق‬
‫العصبي في فرنسا‪ ،‬حيث أنه في عام ‪ ،2011‬حظر البرلمان الفرنسي جميع استخدامات تقنيات التصوير‬
‫العصبي لغير غايات البحث الطبي أو العلمي أو حاالت اإلدالء بشهادة في القضايا المعروضة على المحاكم‪،‬‬
‫حيث كان األثر الكامل لهذا الحظر هو لجعل التسويق العصبي غير قانوني في فرنسا‪.‬‬

‫شرعون الفرنسيين لم يكونوا قلقين قلقا ً شديدا ً‬


‫فإذا أردنا تعليقا ً على هذا القرار‪ ،‬فمن الواضح أن ُم ِّ ّ‬
‫بشأن احتمالية استخدام التسويق العصبي في إتالف استقاللية وإرادة المستهلكين الذاتية بالقدر الذي كانوا فيه‬
‫مقتنعين بأن مستخدمو التسويق العصبي هم انتهازيون عديمي الضمير‪ ،‬يكذبون بشأن اإلمكانيات التي تمتلكها‬
‫منتجاتهم وخدماتهم‪.‬‬

‫ب وكما أنه ساب ٌق ألوانه‪ .‬فسبب‬ ‫ومن وجهة نظرنا‪ ،‬إن مثل هذا النشاط التشريعي هو نشت ٌ‬
‫ط غير مناس ٍ‬
‫سابق ألوانه هو ألنه يتضمن تسرعا ً في إطالق الحكم المناسب قبل األخذ بكل‬
‫ٌ‬ ‫كون هذا النشاط التشريعي‬
‫األدلة ذات الصلة بالموضوع‪ .‬فإذا تم حضر كل تقني ٍة جديدةٍ بسبب تصريحا ٍ‬
‫ت طائشة للدعاة األوائل لهذه‬
‫التقنية‪ ،‬فإن الكثير من األفكار التقنية اإلبداعية ستتوقف في سيرها‪ .‬يدرك أول المستخدمين للتقنية الجديدة‬
‫الميل نحو المبالغة في الحقول التقنية الجديدة‪ ،‬فهم يستثمرون في التقنية الجديدة بالرغم من المزاعم‬
‫تأثير من تلك االدعاءات‪ ،‬وهم ‪ -‬وكل تأكيد ‪ -‬ال يحتاجون إلى‬
‫ٍ‬ ‫واالدعاءات التي تحوم حولها وليس بسبب‬
‫مشرعين حكوميين يشككون في كيفية تطور التقنيات بمرور الوقت‪.‬‬
‫ِّ ّ‬

‫واألهم من ذلك كله‪ ،‬إن مثل ردّ الفعل التشريعي هذا غير مناس ٍ‬
‫ب؛ ألنه يستبدل عملية صنع‬
‫القرار التجاري إلى عملية صنع القرار التشريعي‪ .‬فإن مشترين هم من يحددوا ما يصدقونه وذلك‬
‫ت غير مالئمة‪ ،‬فلن‬‫بنا ًء على األداء وليس النوع‪ .‬فإذا أطلق مستخدمي التسويق العصبي ادعاءا ٍ‬
‫تستغرق الساحة التجارية طويالً حتى تكتشف سوء ادعاءاتهم وتنقل بحوثها إلى حق ٍل آخر‪ .‬ومثال‬
‫ذلك أن الكثير من الشركات واألفراد الذين كانوا على عالقة مع "الدعاية للتقنيات العصبي" في بدايات‬
‫التسويق العصبي لم يعودوا نشطين في هذا الحقل اآلن‪.‬‬

‫‪404‬‬
‫موازنة المسائلة القانونية وحرية التعبير في ساحة السوق‬
‫مثير لالهتمام أثاره التسويق العصبي في األوساط القانونية هو ما إذا كانت الرسائل‬
‫إن أكثر سؤا ٍل ٍ‬
‫واإلشارات التي نتلقاها عبر وسائل اإلعالم في العقل الالواعي تتضمن "الكالم" الذي يجب أن يندرج تحت‬
‫حماية قوانين حرية التعبير(ففي الواليات المتحدة‪ ،‬تندرج هذه القوانين صالحية التعديل األول للدستور‬
‫األمريكي) أو إذا ما كانت عرضةً لفصلها عن هذه القوانين لتندرج تحت قوانين أكثر تقييداً‪ .‬وتكمن الفكرة‬
‫صا ً من‬
‫ال ُمتضمنة في أن التأثيرات الالواعية في المستهلكين (مثل االستحضار الذهني) تتضمن نوعا ً خا ّ‬
‫الضغط واإلجبار الذي يضعف من استقاللية اتخاذ القرار عند األفراد من خالل تعريضهم إلى تأثيرات على‬
‫اختياراتهم وأفعالهم التي ال يدركونها وبالتالي ال يمكنهم التحكم بها‪.‬‬

‫إقرار لنا وهو‪:‬‬


‫ٍ‬ ‫نزود بالكثير من األدلة التي تدعم أول‬
‫ونناقش هذه الفكرة في كتابنا من زوايا كثيرة‪ ،‬و ّ ِّ‬
‫أن التأثيرات الالواعية موجودة ٌ بالفعل وهي تؤثر على المستهلك عبر طر ٍ‬
‫ق عديدة ال يُدركها المستهلك‪ .‬إال أن‬
‫ما أضيف في الشكل القانوني لهذا السؤال هو التفكير العقالني‪ ،‬حيث يعبّر عن مبدأ اتخاذ المستهلك للقرارات‪،‬‬
‫وإنما االستثناء في ذلك هي التأثيرات الالواعية‪ .‬ولكن العقل الحديث يقول العكس‪ :‬أي أن االستثناء يكمن في‬
‫التأثيرات الالواعية التي تُعد ّ المبدأ والتفكير العقالني‪.‬‬

‫وبالنظر إلى أن االستجابة الالواعية للتأثيرات الالواعية هو ما تقضي فيه أدمغتنا معظم الوقت للقيام‬
‫به‪ ،‬فيبدو أن تسمية ذلك "بالقسر" معضلة‪ .‬فكيف لنا أن نفصل بين التأثيرات القسرية وغير القسرية؟ وهنا‬
‫نستخدم اإلشارات الالواعية عند تمتعانا بالفن وحكمنا على الناس واختيارنا للمشروبات الخفيفة‪ .‬فتساعدنا‬
‫حيان أخرى تضللنا‪ .‬وقد تساعدنا العمليات الذهنية‬ ‫التأثيرات الالواعية أحيانا ً في اتخاذ قرارا ٍ‬
‫ت أفضل‪ ،‬وفي أ ٍ‬
‫الالواعية على مقاومة التأثيرات الالواعية على شكل أهداف التصحيح اإلقناعية ( انظر الفصل ‪ .)8‬وعلى‬
‫ب مع عقولنا الواعية‪ ،‬وأنها تحاول باستمرار‬
‫النقيض من فكرة القسر‪ ،‬فإن عقولنا الالواعية ليست في حر ٍ‬
‫بأفكار سيئة وإغراءات ال يمكن مقاومتها‪ .‬فإن هذين النظامين يعمالن معا ً دائماً‪ ،‬وهما يبرعان‬
‫ٍ‬ ‫تقويضها‬
‫عموما ً في إبقاءنا آمنين وراضينفي نفس الوقت‪.‬‬

‫إن الحقيقة التي ال مهرب منها هنا أننا نستوعب الرسائل واإلشارات األخرى القادمة من بيئتنا من‬

‫‪405‬‬
‫ت ذهنية واعي ٍة والالواعية‪ .‬وهذا بتأكيد يخلق تحديا ٍ‬
‫ت مثيرةٍ لالهتمام لتعريف مفهوم "الكالم" في‬ ‫خالل قنوا ٍ‬
‫السياق القانوني‪ ،‬إال أنه ال يمنح الحكومات الحرية في بدء تصنيف بعض الرسائل واإلشارات على أنها قسرية‬
‫وأن غيرها العكس‪.‬‬

‫ووجدت هذه الفكرة قبل اكتشاف وجود العقل‬


‫ِّ‬ ‫إنسان مسؤو ٌل عن أفعاله‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وفي يومنا هذا‪ ،‬فإن كل‬
‫التسوق‬
‫ّ‬ ‫الالواعي‪ .‬حيث أن عقيدة حرية التعبير تدعم المسؤولية‪ ،‬مما يسمح للناس بالتجول بحرية في ساحة‬
‫وأن يقوموا باختياراتهم على أساس ما يؤثر عليهم في ذات الوقت‪ .‬ويخبرنا علم الدماغ بأننا جميعنا ندرك‬
‫ق لسنا ُمدركين لها‪ ،‬وبلكننا جميعنا‬
‫التأثيرات الالواعية طوال الوقت‪ ،‬وأننا نستخدم هذه التأثيرات بطر ٍ‬
‫نتعرض إلى عواقب اختياراتنا‪ ،‬ونحن نتعلم من هذه العواقب ثم نتمكن من تغيير اختياراتنا وأفعالنا الالحقة‪.‬‬
‫خبو بريقها‪،‬‬
‫وهكذا تكون كيفية ممارسة المستهلكين الستقالليتهم‪ ،‬وكيفية بروز المنتجات في ساحة السوق أو ُّ‬
‫ومهما كانت الرسائل واإلشارات التي ترسلها المنتجات لنا بالخفية‪.‬‬

‫استخدام التسويق العصبي لجعلنا أكثر صحة وحكمة‬


‫وبما أنا وضحنا اآلن أن التسويق العصبي ليس هو مصدر السوء الذي يتوجب حظره أو تقنينه‪ ،‬دعنا‬
‫اآلن نتأمل السؤال المعاكس وهو‪ :‬هل يمكن للتسويق العصبي أن يكون مصدرا ً للخير في المجتمع؟ وينقلنا‬
‫هذا السؤال إلى حيز السياسة العامة حيث أننا نرى ثالث نطاقات على األقل حيث يمكن االستفادة من‬
‫منظورات التسويق العصبي وأساليبه فيها وهي‪ :‬إعالن الخدمات العامة ومخطط السياسة العامة والتعليم‪.‬‬

‫التسويق العصبي وإعالن الخدمات العامة‬


‫فمع استثمار العديد من الشركات في التسويق العصبي لتحسين عملية الدعاية واإلعالن التقليدية‪ ،‬يبدو‬
‫االمتداد الطبيعي للتسويق العصبي يتم تطبيقه لتحسين إعالن الخدمات العامة (‪ .)PSA‬فما يمكن إلعالن‬
‫الخدمات العامة االستفادة من التسويق العصبي هو أن استجابات الناس للدعاية واإلعالن تستخدم الدوائر‬
‫الدماغية سوا ًء أكان يُطلب منها أن تتصرف بذكاءٍ أكثر أو أن تشتري عالمة تجارية جديدة لمعجون أسنان‪.‬‬
‫ويمكن تطبيق المقاييس ذاتها أيضاً‪ ،‬إال أن تحديد ما يتضمن الهدف "الجيد" قد يختلف فيما بينها‪.‬‬

‫‪406‬‬
‫وكما ناقشنا في الفصل (‪ ،)11‬يمكن إلحدى أشكال عملية إعالن الخدمات العامة ‪ -‬أي االستجابة‬
‫المباشرة التي تتطلب فعالً فوريا ً مثل المساهمة في مؤسسة خيرية ‪ -‬أن يتم تقيمها وفقا ً للمسار المباشر لفعالية‬
‫الدعاية واإلعالن‪ .‬وفهو يحتاج إلى أن يلفت االنتباه وأن يولد االهتمام وأن يوصل رسالة مقنعة وجذابة ث َّم‬
‫لتحفز فعالً مباشراً‪.‬‬

‫وتُعدُّ االستجابة العاطفية عنصرا ً مه ّما جدا ً لمثل هذه اإلعالنات‪ ،‬ويمكن لمقاييس التسويق العصبي‬
‫المباشر للعواطف أن تساعد في التغلب على االنحراف الشديد الذي تتسبب به الرغبة المجتمعية التي غالبا ً ما‬
‫تشوه من اإلبالغ الذاتي عن المسببات والسلوكيات المؤثرة‪.‬‬

‫وقد تكون العواطف أكثر أهميةً لإلعالنات الخدمات العامة التي يُرادُ منها تغيير سلوكٍ ذا مد ً‬
‫ى أطول‪:‬‬
‫مثل الترويج لوقف التدخين وحمالت تحصين المناعة وللفحوصات الطبية وهل َّم جراً‪ .‬وهنا نالحظ بعض‬
‫االختالف المثير لالهتمام في إعالنات الخدمات العامة عن اإلعالنات التجارية‪ .‬فعلى النقيض من اإلعالنات‬
‫التقليدية التي تثير الجانب اإليجابي فقط من السلسلة العاطفية‪ ،‬تميل إعالنات (‪ )PSA‬إلى استخدام نطاق‬
‫أوسع من العواطف في التواصل مع المشاهدين‪ .‬وهنا يُقدم التسويق العصبي إسهامات مفيدة ‪ -‬نظريا ً وعمليا ً ‪-‬‬
‫فهم أكثر لكيفية تأثير هذه العواطف بفعالية فيها‪.‬‬
‫من خالل مساعدة مستخدمي إعالنات (‪ )PSA‬في ٍ‬

‫ولقد كانت بعض أعمال التسويق العصبي األولية في هذا المجال مثيرة ً لالهتمام‪ ،‬فقد كانت شركة‬
‫البحوث البريطانية برايان جويسر (‪ - )BrainJuicer‬على سبيل المثال ‪ -‬قد اكتشفت استخدام إعالنات‬
‫(‪ )PSA‬للعواطف السلبية‪ ،‬كما وجدت بأن للعواطف السلبية تأثيراتٌ مختلفة وذلك وفقا ً لكيفية توجيهها‪ .‬ووفقا ً‬
‫للدراسة‪ ،‬يمكن لعاطفة الحزن أن تُحفّز الفعل وذلك إذا ما كان اإلعالن يُشجع المشاهدين على الشعور بحزن‬
‫اآلخرين‪ ،‬ولكن ليس إذا ما كان يجعل المشاهدين يشعرون بالحزن في أنفسهم ببساطة‪ .‬وعلى غرار ذلك‪،‬‬
‫يمكن لتحفيز العواطف السلبية ‪ -‬كاالشمئزاز أو الغضب أو حتى الخوف ‪ -‬مع وجود رسال ٍة تأكيدية بشأن‬
‫كيفية التغلب على هذه العواطف‪ ،‬أن يكون محفزا ً قويا ً للتغيير في الفعل أو السلوك‪.‬‬

‫منشور مثل دراسات فولك (‪ )Falk‬لوقف التدخين (والتي ذكرناها سابقا ً في‬‫ٍ‬ ‫وقد اطلعنا على بح ٍ‬
‫ث‬
‫ق قد ال تكون‬ ‫هذا الفصل) أن إعالنات (‪ )PSA‬هي في الواقع تجدي نفعاً‪ ،‬كما وتبدو أنها تعمل بطر ٍ‬
‫يسيرة ً كثيرا ً للعقل الواعي‪ .‬وهذا ما يخلق فرصا ً طبيعيةً لمستخدمي التسويق العصبي ليساهموا في‬
‫بحث فعّا ٍل إلعالنات (‪ ،)PSA‬ويحتمل أن يكون ذلك بالشراكة مع جمعية تجارية راعيةً لهذا البحث‪.‬‬

‫‪407‬‬
‫وستكون النتائج مفيدة ً لصانعي إعالنات (‪ ،)PSA‬كما ستصقل سمعة التسويق العصبي أيضاً‪.‬‬

‫التسويق العصبي وتصميم السياسة العامة وتطبيقها‬


‫يمكن أن تكون الفكرة َ التي تنص على أن مبادئ التسويق العصبي وأساليبه متعلقة بالسياسة العامة‬
‫وهي أول ما شاع من خالل كتاب الوكزة‪ :‬تحسين القرارات المتعلقة بالصحة والغنى والسعادة ( ‪Nudge:‬‬
‫)‪ )Improving Decisions About Health, Wealth, and Happiness (Penguin‬والذي ألّفه‬
‫ريتشارد ثالر (‪ )Richard Thaler‬وكاس سانستين (‪ )Cass Sunstein‬الذي نٌشر عام ‪ 2008‬وحقق‬
‫ت كبيرة‪ .‬فقد أخذ ثالر وسانستين مفهوم بنية ال َخيار من حقل االقتصاديات السلوكية (والذي يعني بناء‬
‫مبيعا ٍ‬
‫خيار ما على آخر) ووضعاه في حيز السياسة العامة‪ ،‬موضحين إمكانية تحقيق نتائج‬ ‫ٍ‬ ‫حالة الخَيار لتفضيل‬
‫مختلفة جدا ً لهذه السياسة من خالل إحداث تغييرا ٍ‬
‫ت بسيطة في البيئة أو كيفية عرض هذه االختيارات‪.‬‬

‫ويكمن هنا مثا ٌل عاد ٌ‬


‫ي آخر للوكزة في قضية التبرع في باألعضاء‪ ،‬ففي بعض البلدان حيث يجب‬
‫على الناس هناك أن يوافقوا على استمارة معينة ليصبحوا متبرعين باألعضاء‪ ،‬ولكن األشخاص الذين يقومون‬
‫بلدان تفرض على الناس أن يوافقوا على أال يصبحوا متبرعين باألعضاء‪ ،‬فإن ما‬
‫ٍ‬ ‫بذلك ‪ %5‬فقط‪ .‬أما في‬
‫يزيد عن ‪ %80‬يصبحوا كذلك‪.‬‬

‫فتستفيد هذه "الوكزة" من االنحراف الموجه األساسي (أي الطرق المختصرة التخاذ القرار) الذي‬
‫استعرضناه في الفصل (‪ .)8‬فإن أدمغتنا البخيلة إدراكيا ً ستفضل قبول ما هو أساسي أيا ً يكن بدالً من بذل‬
‫قرار واضح وصريح‪.‬‬
‫الجهد التخاذ ٍ‬

‫وتتضمن أمثلتنا التي تتحدث عن الوكزات الناجحة الخاصة بالسياسة العامة صنع أساسيات إلدراج‬
‫‪ 401‬من خطط التقاعد وتشجيع صيانات الطاقة من خالل تعليم الناس عن كمية الطاقة التي يوفرها جيرانهم‪.‬‬
‫مدهش مع مبدأ استراتيجيات التسويق الخاصة‬‫ٍ‬ ‫إن مبدأ وكزات السياسة العامة هذه تتشابه وعلى نح ٍو‬
‫بالمتسوق والتي نوقشت في الفصل (‪ ،)12‬حيث يمكن تطبيق هذه المبادئ أيضاً‪.‬‬
‫ّ ِّ‬

‫ووفقا ً لمعرفتنا‪ ،‬فلم تذكر أ ُّ‬


‫ي شرك ٍة للتسويق العصبي أنها شاركت في تصميم أو اختبار بنية الخيار‬
‫الخاصة بالسياسة العامة‪ ،‬إال أن هذا يُع ُّد نطاقا ً يستطيع االستفادة بوضوحٍ من خالل مهارات وخبرات‬
‫مستخدمي التسويق العصبي بينما تقوم في نفس الوقت بتحقيق اسهاما ٍ‬
‫ت هادفة للصالح العام‪.‬‬

‫‪408‬‬
‫التسويق العصبي والتعليم‬
‫والسؤال الذي يُطر ُح هنا هو‪ :‬هل يمكن استخدام التسويق العصبي لتحسين التعليم؟ ونحن نعتقد بأنه‬
‫صة بالتسويق العصبي متعلقةٌ أيضا ً بالتعليم‪ ،‬وأحيانا ً‬
‫يمكنه ذلك‪ .‬فقد كانت الكثير من نتاجات علم الدماغ الخا ّ‬
‫نحو عكسي‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬لقد شرحنا في الفصل (‪ )5‬بأن المعالجة الذهنية للسالسة تُثبط من‬
‫على ْ‬
‫االستقراء الواعي في العقل‪ ،‬كما تنتج عملية معالجة عدم السالسة استقرا ًء أكبر في العقل الواعي‪ ،‬وتزيد من‬
‫درس سه ٍل في العملية التعليمية‬
‫ٍ‬ ‫االنتباه إلى التفاصيل باإلضافة إلى حفظٍ أكبر للذكرى‪ .‬لذا فإننا نحصل على‬
‫وهو‪ :‬استخدام الخطوط صعبة القراءة في تدريس المواد التعليمية‪.‬‬

‫ففي بعض الحاالت‪ ،‬فما ينفع مع المواد التسويقية قد ال يكون ذا نفعٍ مع المواد التعليمية بالتحديد‪ ،‬إال‬
‫المسوقين ومستخدمي التسويق العصبي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ت أخرى‪ ،‬قد يتوجب على المعلّمين أن يتعلموا من‬
‫أنه وفي حاال ٍ‬
‫فكيف يمكن لمبادئ المعالجة الذهنية التي تتطلب انتباها ً أقل أن تُطبق على قطاع التعليم؟ وهل من الممكن‬
‫االستفادة من القدرة الكبيرة للذاكرة الضمنية بشك ٍل أكبر وأن يتم التعلم في السياقات التعليمية؟ وهنا يمكن‬
‫ساس للتعاون فيما بين المعلمين ومستخدمي التسويق العصبي‪.‬‬
‫لهذه األسئلة أن تزودنا بأ ٍ‬

‫يمكن اختبار بعض المواد التعليمية على نح ٍو مفي ٍد من قِبَل أساليب التسويق العصبي‪ .‬فيمكن‬
‫للمقاييس التي تُستخدم في اختبار فاعلية اإلعالنات التجارية أن تُستخدم هي نفسها في اختبار فعالية المواد‬
‫التعليمية‪ .‬والسؤال الذي يُطر ُح هنا هو‪ :‬لماذا يُفترض أن العروض التقديمية والتوضيحية والمواد الدراسية‬
‫غرفنا الصفّية أقل متعةً وجاذبيةً من اإلعالنات التجارية التي نُشاهدها على‬
‫التي نستخدمها في ُ‬
‫التلفاز؟‬

‫إن الفكرة األخيرة التي نريد طرحها هي أنه لربما يجب تدريس التسويق العصبي نفسه أو‬
‫على األقل مفاهيم علم األعصاب الرئيسية التي يُنبى عليها التسويق العصبي (انظر الفصل ‪ )24‬في‬
‫المدارس‪ .‬فمن خالل هذا الكتاب‪ ،‬نحن ننوه إلى أن أفضل دفاعٍ للمستهلك ضد التأثيرات العقالنية‬
‫والالواعية الخاصة بالنظام (‪ )1‬هو أن يمتلك فهما ً أساسيا ً لديناميكيات الدماغ ال ُمتضمنة ولكيفية عملها خارج‬
‫ت ال تُع ُّد وال تحصى أنه عندما يتم جعل الناس مدركين‬
‫إدراكنا الواعي‪ .‬ونحن نعلم من خالل دراسا ٍ‬
‫َحضرات الذهنية واإلشارات غير المدركة التي تؤثر على سلوكياتهم‪ ،‬فإن هذا التأثير يكون ظاهرا ً‪.‬‬
‫لل ُمست ِ‬
‫وإننا لنعتقد أنه ليس من المبكر جدا ً أن يتم البدء بتعليم األطفال عن كيفية عمل أدمغتهم‪ ،‬وكيفية عمل‬

‫‪409‬‬
‫التسويق العصبي‪ ،‬وكيف يتخذون القرارات‪ ،‬وكيف يمكنهم أن يجهزوا أنفسهم ليكونوا مستهلكين أفضل‬
‫وأذكى‪.‬‬

‫‪410‬‬
‫الجزء السادس‬
‫المالحظات المكونة من عشرة نقاط‬

‫بريشة ريك تينانت‬ ‫الموجة الخامسة‬

‫أُجريب بحوث علم الدماغ الحديثة في شركة ‪Bell Telephone‬‬

‫ال أزال أحصل على‬


‫إشارة مشغول‬

‫ال‬

‫‪411‬‬
‫في هذا الجزء‪...‬‬
‫قمنا بالتركيز على بعض النقاط ال ُمهمة من الكتاب في قائمتي "أفضل ‪ ،"10‬أوالً ‪:‬بدّنا (أزلنا اللبس عن)‬
‫ي‪ ،‬وبعد ذلك قمنا بشرح عشر مبادئ علمية تدعم التسويق العصبي‬ ‫عشرة أساطير تتعلق بالتسويق العصب ّ‬
‫وتُلخص سبب تغيرها لنمط أبحاث السوق التقليدي‪.‬‬

‫مع األخذ بعين اإلعتبار جزء "الحقائق ال ُممتعة" من هذا الكتاب والمليء بالحكايات ال ُممتعة والتي تُمكنك من‬
‫الخوض بالمناقشات المسلية في رحلة التنزه العائلية ال ُمقبلة ‪.‬‬
‫ِ‬

‫‪412‬‬
‫الفصل الثالث العشرون‬

‫عشر ُمعتقدات مغلوطة عن التسويق العصبي‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫✓ فصل الحقائق عن األوهام ال ُمتعلقة بالتسويق العصبي‬

‫✓ وضع أخبار وخيارات التسويق العصبي داخل إطار‬

‫✓ تجنب الضجة حول التسويق العصبي‬

‫سيوافق الجمهور على إضافة علم الدماغ لبحث السوق برحابة صدر وأذرع مفتوحة‪ ,‬هذا ما إعتقده‬
‫ُمستخدمو التسويق العصبي عندما برز المجال ألول مرة فقد بالغ بعض الرواد األوائل في قُدرات التسويق‬
‫العصبي مما خلق قدرا ً كبيرا ً من ردود الفعل السلبية بين ُمزودي األبحاث التقليدية والعُلماء والصحفيين ‪,‬‬
‫بعض من ذلك اإلنتقاد كان ُمبررا ً ولكن البعض اآلخر كان مبنيا ً على فرضيات خاطئة من ال ُممكن أن‬
‫نسمعها إلى اآلن في العديد من نقاشات التسويق العصبي سواء المؤيدة أو ال ُمعارضة منها‪ ,‬ستناول عشرة‬
‫من تلك اإلفتراضات الخاطئة في هذا الفصل‪.‬‬

‫لدماغك "زر شراء"‬

‫ُربما يُمكنك إستذكار أكثر من فيلم يُسيطر فيه الشرير على عقل الشخص ويجعله يفعل أشياء ‪-‬عادة ً‪ -‬ال يقوم‬
‫بها‪ ,‬في األفالم يكون ذلك "زر قتل" يتحكم به الشخص السيء ولكن في نقاشات التسويق العصبي يُسمى ب‬
‫"زر الشراء"الذي يُقلك الناس فما مدى حقيقة هذا اإلهتمام؟ هل يُمكن أن يحدث حقا ً أم أنه جهاز مؤامرة‬
‫ي جيد؟‬‫هوليوود ّ‬
‫لقد تم التعبير عن هذا اإلهتمام من قبل جماعلت حماية ال ُمستهلك والتي تخشى أن يُقدم التسويق العصبي‬
‫بعض أنواع التقنيات الجديدة والخارقة التي ل يستطيع ال ُمستهلك ُمقاومتها نعتقد أنه من الجيد دائما ً أن تُبقي‬
‫العين ساهرة ً على التسويق ألنه التجاوز واإلحتيال العني ال بُد أن يكون موجودا ً ولكن في هذه الحالة نعتقد‬
‫بأن الفرضية األساسية ليست صحيحة‪.‬‬

‫أوالً‪ ,‬ال يوجد دليل علمي على وجود نظام أو موقع في الدماغ يعمل بمثابة زر شراء أما في أحسن األحوال‬
‫يُعد ذلك تطبيق زائف لفكرة اإلنعكاس‪ ,‬وهي عملية ُمعقدة و ُمختلفة تماما ً عن إستغالل شخص وضربه على‬
‫يديه التي تؤلمه‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ ,‬وعلى الرغم من عدم إنكار حقيقة إستخدام الناس للعمليات غير ال ُمدركة عندما يتصرفون ك ُمستهلكين‬
‫ال يُمكن أن تكون العمليات إنتقائية من قبل ال ُمسوقين وفقد رأينا أدلة على أن بعض تلك العمليات التصحيحية‬
‫والتي يُمكنها حماية الناس من إقناع التسويق ال ُمبالغ لهم أي إن أصر الناس على إستخدام زر الشراء نحن‬

‫‪413‬‬
‫نعتقد بأن عليهم التحدث عن زر " ال تشتري" حيث تقود العمليات غير ال ُمدركة نظام اإلقتراب والتجنب‬
‫وليس فقط نظام اإلقتراب‪.‬‬

‫غالبا ً ما تُثار قصة اإلعالن ال ُمدرك كدليل على أن اإلنجذاب للعقل الالواعي قد يتحكم بالسلوك ولكننا اليوم‬
‫نعلم بأن التجربة ال ُمفترضة أثبتت هذا المبدأ والتي أجراها ‪ James Vicary‬في دار السنيما عام ‪1957‬‬
‫حيث إدعى أنه سيزيد المبيعات على الوجبات الخفيفية من خالل رسائل مموهة (رسائل تُضيء على الشاشة‬
‫بسرعة لرؤية الناس) ُربما هذا المثال هو األول الذي سجله التسويق العصبي!‬

‫هنالك العديد من الدراسات الحقيقية على تأثير الرسائل الوهمية تم إجراؤها منذ ذلك الحين وقد أثبتت تلك‬
‫الدراسات دون إستثناء أن الناس ينظرون إلى هذه الرسائل الإراديا ً وهذا يُمكن أن يؤثر على السلوك الحقا ً‬
‫ولكن تأثيره صغير وال يبقى طويالً وال يُمكنه إنتاج مثل تلك النتائج‪.‬‬

‫في الواقع إن حقيقة ال ُمستهلكين األموات على هيئة أحياء فقط خيال علمي ووهم على الرغم من أنه يوجد‬
‫الكثير لنتعلمه عن الدماغ البشري ولكن ال يوجد دليل على وجود شيء كـ" زر الشراء"‬ ‫تذكَّر‬
‫يُمكن للتسويق السيطرة عليك‬

‫وباإلعتماد على تعريفك للسيطرة فمن ال ُممكن أن تكون قد وقعت تحت سيطرة سلسة ُكتب للبُسطاء عندما‬
‫إشتريت هذا الكتاب بالغالف األبيض واألسود المألوف والعنوان الخاطف وواجهة المتجر ال ُمريحة والعالمة‬
‫التجارية المألوفة جميع تلك العوامل ساهمت في إتخاذ قرارك ولكن هل جعلتك تلك العوامل أن تشتري‬
‫الكتاب ُرغما ً عنك؟ ال نعتقد ذلك ‪.‬‬

‫نعتقد بأن ‪:‬التحكم" يختلف تماما ً عن "التأثير" فالتحكم بالنسبة لنا عدم وجود مسار بديل أي أن تفعل ما يُريده‬
‫منك الشخص ال ُمتحكم فعله ولكن هذا السيناريو ببساطة ليس واقعيا ً في عالم إختيار ال ُمستهلك الذي نعيش فيه‬
‫اليوم وبفضل ال ُمنافسة ُهنالك دائما ً طريق و ُمنتج وخيار بديل‪.‬‬

‫أما التأثير فيتمحور حول اإلحتماالت وليس الحقائق المؤكدة ‪ ,‬إن رأيت إعالنا ً فإن إحتمالية شراء ال ُمنتج‬
‫ستزيد بنسبة ‪ %5‬ولكن إن إستخدمت ذلك ال ُمنتج أيام الطفولة فإن إحتمالية شراء ذلك ال ُمنتج يُمكن أن تكون‬
‫بنسبة ‪ %95‬سواء أشاهد اإلعالن أم ال‪.‬‬

‫أيضا ً يتمحور التأثير حول الظروف والشروط وإن تغريت ظروفك فقط سيتغير سلوكك حتى إتجاه ال ُمنتج‬
‫الذي ُكنت تستخدمه منذ الطفولة إن لم يكن ُمتوفرا ً في المتجر أو إن لم يكن معك المال الكافي لشرائه أو إن‬
‫توقفت الشركة ال ُمصنعة عن إنتاج ال ُمنتج حينها ستقوم بشيء ُمختلف ُهنالك دوما ً فُرصة بنسبة ‪ %5‬تتتمحور‬
‫حول إختيارك لبديل ‪.‬‬

‫ضعفاء عندما يتعلق األمر ب ُمقاومة الرسائل التسويقية وكما عرضنا في الفصل السابع‬ ‫إن ال ُمستهلكين ليسوا ُ‬
‫أن اإلقناع صعب فبعض األحيان يُنشط الناس أهدافهم غير ال ُمدركة ل ُمقاومة الرسائل ال ُمقنعة وإحباط أهداف‬
‫ال ُمسوقين وبالنظر إلى هذا اإلستنتاج فال ُمستهلك البديهي الذي يستجيب لإلعالنات والتسويق برود أفعال ال‬
‫إدراكية وتلقائية ففي الحقيقة ليس من السهل على ال ُمسوقين أن يكون البيع أكثر صرامة وتشددا ً‪.‬‬
‫‪414‬‬
‫ما رأيك بالحجة القائلة بأن اإلعالنات أمر أساسي تُحفز األفكار واألفعال بشكل تلقائي وخارج الوعي‬
‫اإلدراكي فب ُمجرد ُمشاهدة اإلعالن أو سماع رسالة ما نكون ُمبرمجين لشراء ذلك ال ُمنتج دون ُمقاومة؟ نحن‬
‫نعتقد بأن اإلعالنات أمر رئيسي ويُمكن أن يُحفز السلوك ولكن من الضروري أن تتذكر القيدان الرئيسيان‬
‫لإلستحضار الذهني‪:‬‬

‫✓ ال يُمكن لألشخاص أن تُستحضر ذهنيا ً إتجاه شيء ال يشعرون بشيء إيجاب ّ‬


‫ي إتجاهه‪.‬‬

‫✓ تُقاوم الناس إستحضار الهدف إن لم يشعروا بفجوة بين الهدف وحالتهم الحالية‪.‬‬

‫يُمكن اإلنتقال إلى الفصل الخامس لمعرفة المزيد عن اإلستحضار الذهني وعن هاتان النقطتان‪ ,‬إن‬
‫المخاوف كاألمور التي ناقشناها في هذا القسم والتي قد تأتي بسبب إعتقادات خاطئة ومغلوطة أال وهي أن‬ ‫تذكَّر‬
‫العمليات ال ُمدركة وغير ال ُمدركة في الدماغ في حالة حرب مع بعضهما البعض نوعا ً ما‪ ,‬لقد أثبتت‬
‫تفسيرات علم الدماغ أنه بدالً من العمل ضد بعضهما البعض يستطيع أن يعمل ُك ٌل من هما كفريق فيضعونا‬
‫على المسار الصحيح إلتخاذ القرارات الصائبة في حياتنا اليومية‪.‬‬

‫يُمكن للتسويق العصبي زراعة األفكار في رأسك!‬

‫يُمكن أن تعتبر ما قُلناه طريقة ُمتطرفة ولكننا سنقوله على أي حال فهو الهدف من التسويق ليس من التسويق‬
‫العصبي فقد أصبح زرع األفكار في الرأس حقيقة وواقع منذ أن تسلمت أول رسالة تسويقية ُربما منذ‬
‫إختراع ساكن الكهف لفكرة الترويج لنقل مخزونه من الرماح‪.‬‬

‫نحن نستوعب األفكار من خالل التجارب والتعلم الشخصي والتعلم من اآلخرين سواء بشكل طوعي أو‬
‫إجباري‪ ,‬حيث تقوم أعضاء الحواس خاصتنا بتدفيق اإلنطباعات الحسية إلى أدمغتنا ب ُمعدل ُمذهل‪ ,‬يبغ ُمعدل‬
‫اإلدخال ب‪ 11‬مليون بت من المعلومات في الثانية حيث يُمكننا العمل فقط تحت هذا التدفق من المعلومات‬
‫بإستخدام عمليات فلترة وتحديد لألولويات بشكل ُمتطور جدا ً داخل أدمغتنا ومعظمها الواعية وتعمل خارج‬
‫وعينا اإلدراكي والخالصة فوضع األفكار داخل رؤوسنا عمليةٌ ُمعقدة ٌ جدا ً ال يُمكن القيام بها فقط من خالل‬
‫التسويق العصبي أو من خالل الوسائل الخارجية األخرى‪.‬‬

‫واألهم من ذلك أن الدماغ ليس وعاء يُمكن أن يكون ُممتأل بأي مواد توضع فيه‪ ,‬فنحن نبني التجارب ونُشكل‬
‫التصورات عبر الوقت ودائما ً لدينا القُدرة على موازنة الخيارات فبعض أساليب اإلقناع على سبيل المثال‬
‫النداءات العاطفية قد تجعلك أكثر تقبُالً للنظر في األفكار الجديدة أكثر من غيرها ولكننا ال نأخذ بال ُمراسالت‬
‫والتصرفات التلقائية بدون كمية ضخمة من أعمال الدماغ ال ُمتداخلة‪.‬‬

‫يُمكن لعقلك الالواعي أن يُبطل عمل عقلك الواعي!‬

‫في الواقع العكس هو الصحيح يُمكن لعقلك الواعي دائما ً إبطال عمل عقلك الالواعي ال العكس وقد تم تأكيد‬
‫وربما اآلالف من الدراسات التي تُعنى بتأثيرات العقل الواعي على سلوكيات الشخص‬ ‫ذلك في المئات ُ‬
‫(ال ُمستهلك) وفي كل حالة‪ ,‬عندما كان ال ُمشاركين يُدركون أساليب التأثير غير ال ُمدركة التي أستخدمت في‬

‫‪415‬‬
‫التجارب كان التأثير يزول‪ ,‬فبالتأكيد يعمل العقل الالواعي كشريك للعقل الواعي المليء بالكثير من األمور‬
‫التي نراها في العالم ويُهيئنا لإلستجابة‪ ,‬أما العقل الالواعي فينخز بلطف شيء دون اآلخر ليحمله إلنتباها‬
‫الواعي وال ُمدرك حيث يتشارك العقل الالواعي عميقا ً في عمليات ُ‬
‫صنع القرار التي عادة ما نُخفق في في‬
‫تقديم المزيد من المصادر ال ُمدركة لإلختيار‪.‬‬

‫فإن كان ُهنالك ُمشكلة في تقسيم العمل ال يعني أن عقنا الواعي ال يُمكنه إبطال عمل العقل الالواعي ولكن‬
‫يُعزى ذلك إلى رغبتنا في ذلك على الرغم من قُدرتنا على القيام بذلك على أكمل وجه‪.‬‬

‫سيقضي التسويق العصبي على اإلبداع في التسويق‬

‫إن اإلبداع على قيد الحياة في التسويق يل وبصح ٍة جيدة! فالتسويق العصبي ليس عدوا ً لإلبداع حيث تواصل‬
‫الوكاالت ال ُمبدعة تقديم اإلعالنات ال ُمميزة وتخلق شركات التسويق التي تجذب إنتباه ال ُمستهلك بُرهة‬
‫صغيرة من الفرح حيث تُحسن في بعض األحيان المبيعات واألرباح وحصة السوق بشكل جذي لل ُمنتجات‬
‫والعالمات التجارية المحظوظة‪.‬‬

‫ونحن نؤمن بأن التسويق العصبي هو نوع من أنواع البحوث التي تدعم عملية اإلبداع أكثر من األبحاث‬
‫التقليدية وألن أدمغتنا تنساق بشكل طيعي نحو الحداثة نحن على إطالع دائم إلى األشياء البارزة كاألشياء‬
‫الجديدة وال ُمختلفة حيث أن اإلبداع في اإلعالنات هو الطريق الوحيد الذي يُمكن ال ُمسوقين اإلستفادة من دمج‬
‫الفضول لجذب إنتباهنا لل ُمنتجات واألفكار الجديدة والتي يُمكن أن تكون جيدة لنا‪.‬‬

‫وآلثار الحداثة تحدياتها ألن الناس ال تُعجب باألشياء الجديدة بسهولة فال تزال ألدمغتنا ُمنحازة للراحة‬
‫واأللفة وسالسة ال ُمعالجة (أنظر إلى الفصل الخامس)‪,‬و نحن نؤمن بأن أفضل العقول ال ُمبدعة في التسويق‬
‫طرق‬ ‫يُمكن أن تتبنى هذا التحديد وأن تستخدم مواهبها ل ُمساعدة ال ُمستهلكين على تقبّل األفكار الجديدة ب ُ‬
‫إبداعية وبذلك تتخطي إنحيازهم الطبيعي نحو ُمقاومة األشياء الجديدة والمألوفة‪.‬‬

‫لم تعد اإلستبيانات ومجموعات الحوار موجودة!‬

‫بالرغم من أن بعض ُمستخدمو التسويق العصبي قد توقعوا نهاية اإلستبيانات ومجموعات الحوار ولكن توقع‬
‫تالشيهم في أي وقت أمر غير واقعي فنحن نعتقد بأن ال ُمسوقين بدأوا برؤية هذه األساليب ولكن بطريقة‬
‫ُمختلفة نوعا ً ما حيث أننا ال نتوقع لهم أن يتالشوا‪ ,‬فهم يُقدمون نوعا ً ُمفيدا ً من القيمة لباحثي السوق‪.‬‬

‫بالنسبة لإلستبيانات فسيكون ُهنالك بعض األسئلة المعقولة والمنطقية لطرح األسئلة على الناس بحيث تحصل‬
‫على إستجابات دقيقة وكما شرحنا في الفصل الخامس عشر أن الناس عموما ً أفضل بكثير في وصف ما‬
‫يفعلون ُمقارنة بما يُفكرون أو يشعرون به‪ ,‬وإن الطلب من الناس إعطاء خيارات سريعة وثُنائية أيضا ً تقنية‬
‫إستبيان جيدة ألنها تُقلل التحيز في اإلستجابات فأنت ستدخل في مشاكل إن سألت الناس عن سبب إختيارهم‬
‫ٍ‬
‫للخيار (أ) دون الخيار (ب) ألن األغلب سيقول بأنه ال يعلم سبب ذلك‪.‬‬

‫إن مجموعات الحوار ليست جيدة في التحقق من أي شيء حيث يحب أن تُستخدم منهجيات علمية لمثل هذا‬
‫عمالئهم عن قُرب في وضع طبيعي‬ ‫الغرض فالقيمة من مجموعات الحوار هو أنها تسمح لل ُمسوقين بتجريبة ُ‬
‫‪416‬‬
‫نسبيا ً فهم يُحققون الحاجة إلى اإلتصال البشري والتي ال يُمكن تكرارها في األوضاع العلمية وأن أفضل‬
‫طريقة لنقل المعلومات هي مجموعة الحوار ولكن ليس نقل ما يقوله الناس بقدر طريقة تصرفهم حيث يُمكن‬
‫لل ُمسوقين البديهيين إلتقاط تلك الفروقات ودمجها كأفكار‪.‬‬

‫سخرية‪ ,‬تماما ً كال ُمستهلكين البديهيين ال يستطيع ال ُمسوقون البديهيون عادة ً توضيح آلية العمل أو‬
‫ال ُمثير لل ُ‬
‫السبب الذي تعمل من أجله ومتى تعمل‪.‬‬

‫التسويق العصبي شرير بطبيعته‬

‫من ال ُمضحك نوعا ً ما أن التسويق العصبي يستطيع تفسير سبب مواجعنا لألشياء الجديدة وال ُمختلفة ‪-‬‬
‫كالتسويق العصبي – أال وهو إستقبال تلك األشياء بال ُمقاومة والرفض‪ ,‬وردة الفعل األولى إتجاه شيء جديد‬
‫و ُمختلف هي كما وصفناها في الفصل الخامس عادة ً ما تكون الحذر واليقظة أكثر من عدم تفضيلها‪.‬‬

‫وهكذا مع العديد من ردود األفعال األولية للتسويق العصبي وأن اإليحاء بأن التسويق العصبي سيحل محل‬
‫ال ُ‬
‫طرق التقليدية أيضا ً زاد من قلق الناس و كأنها قوة غريبة يجب رفضها‪.‬‬

‫لقد أشرنا في الفصل األول إلى أن ردة الفعل تخلط كل من التسويق والتسويق العصبي حيث يُمكن بالتأكيد‬
‫إستخدام التسويق ألغراض شريرة كإستخدامه في توصيل اإلدعاءات اإلحتيالية ولكن عموما ً ينظر ال ُمجتمع‬
‫إلى التسويق على أنه شيء جيد و ُمفيد ولديه دور إيجابي أكثر أهمية أال وهو جلب المعلومات إلى الجمهور‬
‫ال ُمستهلك والذي يُساعهم على مالئمة إحتياجاتهم ومطالبهم مع ال ُمنتجات والخدمات التي تُلبي تلك المطالب‬
‫واإلحتياجات‪.‬‬

‫إن التسويق العصبي مجموعة من التقنيات واألفكار الجديدة ال ُمتعلقة بأبحاث السوق المبنية على علوم الدماغ‬
‫طرق الجديدة لقياس التسويق‬‫خيرة في مضمونها حيث توفر تلك التقنيات بعض ال ُ‬ ‫التي تكون إما شريرة أو ّ‬
‫وآليه عمله خالل ال ُممارسة‪ ,‬من خالل إستناد القرارات التسويقية إلى الفهم الواقعي إلستجابة عقل ال ُمسهلك‬
‫للعالمات التجارية وال ُمنتجات والتي ستُسفر عن نتائج أفضل من النتائج التي تعتمد على المعرفة الشعبية أو‬
‫التفكير الخيالي‪.‬‬

‫نحن نؤمن بأن التسويق العصبي يُمكن أن يكون قوة للخير إن إختار الناس إستخدامه بتلك الطريقة على‬
‫سبيل المثال‪ ,‬ال يوجد أدنى سبب يمنع إستخدام التسويق العصبي لتطوير ُمراسالت الخدمات العامة‬
‫وال ُمصممة لتشجيع الناس على اإلهتمام بأنفسهم وال ُمحيطين بهم بشكل أفصل وقد فتحت األمور ال ُمهمة‬
‫للدماغ آفاق وإحتماالت جديدة لمثل هذا النوع من ال ُمراسالت والتي لم يتم النظر فيها من قبل‪.‬‬

‫و ُكلما أصبحت أبحاث التسويق العصبي أكثر إنتشارا ً ستُكثف صناعة أبحاث السوق جهودها لوضع معايير‬
‫و مبادئ توجيهية لل ُممارسات األخالقية ال ُمرتبطة بالتسويق العصبي على غرار المبادئ والتوجيهات التي تم‬
‫وضعها لتقنيات األبحاث حيث ناقشنا تلك الجهود بالتفصيل في الفصل الواحد والعشرين و الثاني والعشرين‪.‬‬

‫ال يقوم التسويق العصبي على أبحاث حقيقية‬

‫‪417‬‬
‫إمتألت األيام األولى للتسويق العصبي بالكثير من القصص واإلدعاءات ال ُمبالغ بها ولكن لألسف كان‬
‫األساس العلمي لهذه التداعيات محدود في أفضل األحوال‪ ,‬اليوم ومع دخول الكثير من ال ُمشاركين إلى هذا‬
‫المجال ومع تزايد إعتماد التسويق العصبي من قبل الشركات الرئيسية أصبح ُهنالك طلب كبير على‬
‫ال ُمساءلة والكشف عن المعلومات ال ُمتعلقة بالعلم الذي يكمن وراء التسويق العصبي ولقد رأينا هذا اإلتجاه‬
‫عمق العلم الذي‬‫على أنه إيجابي جدا ً ألن ما يجعل التسويق العصبي ُمقنعا ً ليس اإلدعاءات ال ُمبالغ بها ولكن ُ‬
‫يكمن وراءه‪.‬‬

‫تطرقنا إلى قدر ال بأس به من التفاصيل حول ذلك ال ِعلم الحقيقي‪ ,‬ألنه عل ٌم رائع ب ُمحتواه وألن ُمزودو‬
‫التسويق العصبي قاموا بإخفاءه نوعا ً ما لرغبتهم بسرد قصة بسيطة لبيع بضاعتهم‪ ,‬نحن بطبيعتنا نُحب‬
‫البساطة ولكن ال نُحب البساطة الكثيرة‪ ,‬سنُبين في هذه الصفحات أبحاث تتعلق بالتخصصات التي يعتمد‬
‫عليها التسويق العصبي‪ :‬علم األعصاب و علم النفس اإلجتماعي واإلقتصاد السلوكي‪ ,‬حيث يوفر كل‬
‫تخصص من تلك التخصصات أساسا ً قويا ً للتسويق العصبي حيث نعتقد بأن المجال يُمكن أن يُصبح أكثر‬
‫مصداقية من خالل إعترافه باإلعتماد على تلك المصادر العلمية الحقيقية‪.‬‬

‫يدور التسويق العصبي عن اإلعالنات فقط‬

‫يُمكن تطبيق العلوم األساسية التي تكمن وراء التسويق العصبي على أغلب ال ُمحاوالت البشرية‪ ,‬حيث أن‬
‫ت في العديد من المجاالت‬ ‫تطوير وإختبار اإلعالنات والتسويق اُمور ُمهمة ورئيسة حاليا ً ومع وجود تطبيقا ٍ‬
‫األخرى‪ ,‬وقد قُمنا هذا الكتاب بذكر المدى الذي يُستخدم فيه التسويق العصبي بشكل واسع في الشركات في‬
‫جميع أنحاء العالم‪ ,‬وتقنياته التي أصبحت تُستخدم حاليا ً في تطبيقات ُمتنوعة إلختبار أسهم العالمة التجارية‬
‫وتطور ال ُمنتج وتصميم األغلفة والتسويق داخل المتجر والتسويق عبر اإلنترنت والترفية باإلضافة إلى‬
‫العديد من التطبيقات األخرى التي تلوح في األُفق ولكننا لم نُغطيها في هذا الكتاب وذلك ألنه لم يكن لدينا‬
‫ُمتسع‪ ,‬بما في ذلك التطبيقات القانونية والسياسية واإلقتصادية والتعليمية للتسويق العصبي‪.‬‬

‫إن الميل إلى ُمساواة التسويق العصبي حصرا ً مع اإلعالن على األرجح نتيجة لل ُمعتقدات الخاطئة التي‬
‫ناقشناها سابقا ً عن قوة التسويق العصبي في السيطرة على عقولنا بالكبس على "زر الشراء" داخل عقولنا‪,‬‬
‫تلك المخاوف جعلت التسويق العصبي يظهر على أنه نذير شؤوم عند تطبيقه على اإلعالنات ولكن كما رأينا‬
‫في الفصل الحادي عشر لدى مجال أبحاث اإلعالنات الكثير ليتعلمه من علم الدماغ والتسويق العصبي ولكن‬
‫كيفية تحفيز زر الشراء في أدمغة ال ُمستهلكين ليس أحد تلك الدروس‪.‬‬

‫جميع ُمستخدمي التسويق العصبي يقولون الحقيقة‬

‫طوال هذا الفصل قُمنا بدراسة عدد من المواقف التشكيكية إتجاه التسويق العصبي بالرغم من أنها تزيد من‬
‫مخاوفنا‪ ,‬يوجد أيضا ً إستجابة ُمعاكسة يُمكن تسميتها بـ "الوثنية العصبية" وهي تقنية للوثوق بأي شيء ُكتب‬
‫أو قيل عن التسويق والمصحوب بصورة للدماغ هل سمعت بمقولة " ثق بي أنا طبيب" ؟ حسنا ً لقد تم تطبيق‬
‫نفس المنطق أكثر من مرة في التسويق العصبي ولألسف يبدوأن لبعض إدعاءات علم الدماغ قُدرة سحرية‬
‫في بعض األحيان على إيقاف الدماغ‪.‬‬

‫‪418‬‬
‫بصور بصور دماغية رائعة فقط لنكتشف بأن له عالقة بالمبادئ أو‬
‫ٍ‬ ‫من غير المألوف أن نرى مقاالً‬
‫اإلجراءات العلمية‪ ,‬في األيام األولى للتسويق العصبي الواسع في الغرب كان ُهنالك بالتأكيد فُرصة لمدنوبي‬
‫مبيعات زيت األفعى لإلستفادة من جهل وفضول ال ُمشترين بإدعاءات و ُمطالبات عديمي الضمير‪.‬‬

‫وكما هو الحال مع أي منهجي ٍة بحثي ٍة أخرى‪ ,‬من ال ُمهم دائما ً أن تطرح السؤال ال ُمناسب ال أن تأخذ إدعادات‬
‫الباعة بشكلها الظاهري‪ ,‬في الجزء الخامس قدمنا الكثير من األمور لمزودي التسويق العصبي حتى يتمكنوا‬
‫من طرح األسئلة واإلستفسارعن أساليبهم وأُسسهم العلمية كما هو الحال مع األبحاث األخرى فالتعمق في‬
‫أمر ُمهم‪.‬‬
‫كفية قيام الباحثون بتلخيص ومواءمة اإلثباتات في البحوث العلمية ٌ‬
‫توفر العديد من ال ُمنظمات وال ُمؤسسات اليوم مصادر لطرف ثالث لل ُمساعدة في تقييم صالحية وفعالية‬
‫التسويق العصبي‪ ,‬وقد بدأت ُمنظمات صناعية مثل )‪ ESOMAR (www.esomar.org‬و مؤسسة‬ ‫تذكَّر‬
‫أبحاث اإلعالنات )‪ (www.thearf.org‬بوضع مبادئ توجيهية ألبحاث التسويق العصبي و قواعد السلوك‬
‫لتغطية أخالقيات البحث في هذا المجال‪.‬‬

‫‪419‬‬
‫الفصل الرابع والعشرون‬

‫الركائز العلمية العشر التي تكمن وراء التسويق العصبي‬

‫في هذا الفصل‪:‬‬

‫✓ تحديد أهم األسس العلمية الخاصة بالتسويق العصبي‬

‫✓ النظر في كيفية تغير العمليات غير ال ُمدركة لفهم سلوك ال ُمستهلك‬

‫✓ التذكير بسبب الذي ال يجعل ال ُمستهلكين عقالنيين دوما ً‬

‫لقد خصصنا الكثير من هذا الكتاب لتسليط الضوء على األسس العلمية الخاصة بالتسويق العصبي حيث‬
‫سنستعرض ُهنا عشرة من أكثر الجوانت العلمية أهميةً والتي تكمن وراء هذا المجال‪ ,‬إن كل فكرة من تلك‬
‫األفكار تستعرض إكتشافا ً ُمهما ً وبارزا ً في أحد علوم الدماغ‪ :‬علم األعصاب وعلم النفس اإلجتماعي أو‬
‫كبير على فهمنا لسبب وكيفية تصرف ال ُمستهلكين بالطريقة التي‬
‫ٌ‬ ‫تأثير‬
‫ٌ‬ ‫اإلقتصاد السلوكي وكل منهم له‬
‫يتصرفون بها بما في ذلك األمور التي يُفضلونها وكيف يختارون األشياء وسبب شرائهم لتلك األشياء‪.‬‬

‫النظام‪ 1‬والنظام‪2‬‬

‫لم يخترع ‪ Daniel Kahneman‬نماذج النظام ‪ 1‬والنظام‪ 2‬الخاصة بعمليات الدماغ ولكن أعمله على مدى‬
‫تلك العقود العديدة الماضية والتي قد شاع ذكرها بإعتبارها واحدة من أكثر األطر الشاملة فائدة ً لفهم كيفية‬
‫عمل الدماغ البشري وبشكل أدق كيف تعمل أجزاء التفكير ال ُمدرك والغير ُمدرك مع بعضها البعض‪ ,‬حيث‬
‫ناقشنا أهمية هذا النموذج في الفصلين الثاني والثامن‪.‬‬

‫إن النظام‪ 1‬والنظام‪ُ 2‬محايدان حيث يصفان نظامان من ال ُمعالجة الحسية ال ُمتميزة وأنظمة إتخاذ القرار في‬
‫الدماغ فالنظام‪ 1‬سريع والنظام‪ 2‬بطيء‪ ,‬النظام‪ 1‬تلقائي وخارج نطاق سيطرتنا أما النظام‪ 2‬طوعي وتحت‬
‫سيطرتنا وأيضا النظام‪ 1‬يقوم بإتخاذ األحكام البديهية المبنية على اإلرتباطات الذهنية البسيطة ال ُمنحازة نحو‬
‫اإلعتقاد والعمل أما النظام‪ 2‬فهو أكثر حذرا ً ويقوم بإتخاذ األحكام المبنية على المنطق والبُرهان‪.‬‬

‫إن وجود النظام‪ 1‬كان مخفيا ً حتى عقود قليلة ماضية ألن النظام‪ 2‬هو النظام الوحيد الذي نألفه ونُدركه‬
‫ويعمل النظامان مع بعضهما البعض وليس بشكل ُمضاد‪ ,‬وعادة ما يعمل النظام‪ 2‬ك ُمراقب للنظام‪ 1‬ولكنه‬
‫ُمراقب كسول لذلك أغلب إنطباعاتنا اليومية و ردود أفعالنا وقراراتنا تقودها عمليات النظام‪.1‬‬

‫إن هذا النموذج هو ال ُمفتاح لفهم سبب كون المنهجيات التقليدية إزاء أبحاث السوق في خطر ولما ظهر‬
‫التسويق العصبي كبديل ودليل؟ كانت أبحاث السوق مبنية على نظرة النظام‪ 2‬للدماغ قبل ظهور التسويق‬
‫العصبي وقد تم ُمناقشة جميع حقول السوق تلك في الفصل الخامس عشر وهم ال ُمقابالت ومجموعات النقاش‬

‫‪420‬‬
‫واإلستبيانات‪ ,‬إفرض أن ال ُمستهلكين قد قاموا بالوصول إلى حاالتهم الذهنية وأصبح بإمكانهم وصف ما‬
‫يُعجبهم وسبب إختيارهم لل ُمنتج بدقة!‬

‫ولكن قام علم الدماغ بجمع كميات هائلة من األدلة التي تُثبت بأن هذا اإلفتراض غير صحيح وبأن ال ُمستهلين‬
‫يستخدمون عمليات النظام‪ 1‬بشكل ُمنتظم وتلك العمليات تنحاز لسلوك ال ُمستهلك ب ُ‬
‫طرق يُمكن التنبؤ بها والتي‬
‫ال تتوافق مع توقعات المنطق‪.‬‬
‫وقد ظهر التسويق العصبي ألنه يوفر ُ‬
‫طرق بحثية جديدة يُمكنها قياس عمليات النظام‪ 1‬وأيضا ً توفير رؤى‬
‫جديدة حول كيفية إستجابة ال ُمستهلك للتسويق وكيف يتصرف في السوق‪.‬‬

‫اإلستحضار الذهني‬

‫إن اإلستحضار الذهني هو العملية التي يقوم من خاللها النظام‪ 1‬بالتأثير على ما نُفكر وما نقوم به كبشر‬
‫وبالطبع ك ُمستهلكين وقد تم شرح ذلك بالتفصيل في الفصل الخامس حيث يُمكن أن يكون اإلستحضار الذهني‬
‫بديالً للنظام‪ 1‬في ُمراسالت اإلقناع حيث يتطلب اإلقناع إنتباه الناس للرسالة واإلعتراف بصحتها وتذكرها‬
‫أما اإلستحضار الذهني فال يتطلب أي من تلك األمور‪.‬‬

‫إن اإلستحضار الذهني مبني على عمليات ذهنية تتتعلق بالتنشيط الترابطي وهو قُدرة الدماغ على تحيز‬
‫األفكار والجوانب ال ُمرتبطة بأمر ما بشكل تلقائي وسريع فعندما تخطر فكرة ما إلى الدماغ ُمجرد أن يخطر‬
‫"كلب" ما إلى ذهنك يقوم الدماغ ُمباشرة بتنشيط شبكات ضخمة من اإلرتباطات الذهنية ال ُمتعلقة بالكالب وال‬
‫تدفق تلك اإلرتباطات الذهنية إلى عقلك الواعي وعندما يخطر إلى ذهنك فكرة فطائر ال‪ pancakes‬سيتم‬
‫تنشيط شبكة من اإلرتباطات الذهنية ال ُمختلفة وذلك بسبب استباق عقلنا للعالم من حولنا حتى أنه يُهيئنا‬
‫للحدث في أي ظرف من الظروف‪.‬‬

‫إن اإلستحضار الذهني هو أحد اآلليات الرئيسية التي يعمل من خاللها التسويق حيث يؤثر بشكل واضح‬
‫وكبير على القرارات التي نقوم بإتخاذها ك ُمستهلكين ويُعد كل من اإلعالنات ووضع ُمنتج ما في فيلم‬
‫وعرض صورة ما في متجر ما استحضارا ً ذهنيا ً‪ ,‬فاإلستحضار الذهني عملية غير ُمدركة وال إرادية لذلك‬
‫ال يُمكنك تعلم آلية عملها من خالل طرح األسئلة على الناس فقط‪.‬‬

‫ُهنالك أمر رئيسي عليك تذكره عن اإلستحضار الذهني أال وهو أنه ال يتبع قواعد المنطق التي تحكم عمليات‬
‫النظام‪ ,2‬إن اإلستحضار الذهني ببساطة يقوم ببعض األمور األكثر قابلية للوصول إلى أساس العمليات‬
‫الذهنية‪ ,‬حيث أن األفكار التي تكمن وراء اإلستحضار الذهني ال يجب أن تكون موصولة بأي طريقة‬
‫عقالنية فعلى سبيل المثال وكما شرحنا في الفصل الثامن إن إعطاء الناس قلم حبر بحبر أخضر يزيد من‬
‫تفضيلهم لل ُمنتجات ذات اللون األخضر‪.‬‬

‫العالمات العاطفية الجسمية‬

‫‪421‬‬
‫تعمل العواطف والمشاعر على مستويين في حياتنا الذهنية أحدها المستوى اإلدراكي واآلخر المستوى غير‬
‫اإلدراكي‪ ,‬إن المشاعر ال ُمدركة هي التي عادة ً ما نُطلق عليها األحاسيس أما المشاعر الغير ُمدركة هي التي‬
‫علماء النفس "الحاالت العاطفية " حيث تتضمن العالمات العاطفية الجسمية والتي إكتشفها ألول‬ ‫يُطلق عليها ُ‬
‫مرة عالم األعصاب ‪ Antonio Damasio‬وتلك العالمات العاطفية الجسمية وال ُمسماة بالعالمات العاطفية‬
‫في الفصل السادس تؤدي دورا ً حاسما ً في قرارات ال ُمستهلك وإستجاباته إزاء التسويق‪.‬‬

‫تُعد العالمات العاطفية ذكريات اإلستجابات الجسمية للتجارب التي حدثت في الماضي حيث أن ال ُمحتويات‬
‫العاطفية لتلك التجارب ُمصنفة بالذاكرة و يتم الوصول إليها من خالل اإلستجابات العاطفية الروتينية التي‬
‫التمر من خالل التداول ال ُمدرك بمعنى آخر أنهم يظهرون خارج وعينا ويُمكن تحفيز العالمات العاطفية من‬
‫خالل إستحضار الذهني والتأثير على إمكانية الوصول لألفكار األخرى عندما يتم التعرض لإلستحضار‪.‬‬

‫بالنسبة لل ُمستهلكين‪ ,‬تؤدي العالمات العاطفية دورا ً كبيرا ً في اصدار األحكام واإلختيار وتُبسط كيفية تفاعلنا‬
‫مع عالم التسويق من حولنا وبالرغم من ذلك قد نكون غير ُمدركين لدرجة اإلنجذاب أو النفور التي حددناها‬
‫ل ُمنتج أو عالمة تجارية ُمعطاه وقد تُزودنا تلك العالمات بإختصارات غير ُمدركة إلستجابة سريعة و بديهية‬
‫من شأنها أن تُبسط لنا عملية إتخاذ القرار (راجع الفصل الثامن)‪.‬‬

‫وبالرضوخ إلى فرضيات ‪ Damasio‬و ال ُمتعلقة بالعالمات العاطفية التي تنص على أن العالمات العاطفية‬
‫تنشأ وتتحدث مع كل تجربة نتعرض لها في حياتنا وهذا يعني أن في كل مرة يتعرض ال ُمستهلك ل ُمنتج أو‬
‫عالمة تجارية ما سواء بشكل ُمباشر أو غير ُمباشر تتكون فرصة لتغير بسيط في العالمات العاطفية‬
‫الخاصة بال ُمستهلك إما بإتجاه إيجابي أو سلبي أو تأثير على السلوك الالحق لل ُمستهلك و بنا ًء على ذلك فإن‬
‫فهم وقياس اإلتجاه وقوة العالمات العاطفية في الجمهور ال ُمستهدف بشكل أساسي يجب أن تكون ُمهمة‬
‫ُمدراء ال ُمنتجات والعالمات التجارية في الشركات على إختالف حجمها‪.‬‬

‫سالسة ال ُمعالجة‬

‫إن سالسة ال ُمعالجة هي خاصية من خصائص التحفيز وهو شيء يُمكن ُمالحظته في العالم الحقيقي من‬
‫حولنا ‪ ,‬تستجيب له أدمغتنا فهو ليس شيئا ً نولده داخل أذهاننا كعالمة عاطفية ‪,‬فعندما نقول شيئا ً سلس في‬
‫علماء النفس اإلجتماعي أن‬ ‫ال ُمعالجة فنحن نقصد بكل بساطة أنه من السهل على أدمغتنا ُمعالجته وقد إكتشف ُ‬
‫العديد من خصائص التحفيز يُمكنها تكوين سالسة ال ُمعالجة بما في ذلك التكرار والتماثل والتباين وأيضا ً‬
‫التعرض ال ُمسبق للشيء يُمكن أن يزيد من معرفته وأُلفته (راجع الفصل العاشر)‪.‬‬

‫يرتبط كل من اإلستحضار الذهني وسالسة ال ُمعالجة ببعضهم البعض فقد إكتشف الباحثون أن األشياء‬
‫المسبوقة باإلدراك الحسي أو اإلستحضار المفاهيمي يسهل ُمعالجها ُمقارنة باألشياء الغير ُمستحضرة ذهنيا ً‬
‫باإلضافة إلى أن األشياء ال ُمستحضرة ذهنيا ً ُمفضلة أكثر من األشياء الغير ُمستحضرة ذهنيا ً ويُمكن أن‬
‫يظنوا أنها مالوفة عليهم أكثر‪.‬‬

‫إن سالسة ال ُمعالجة ُمهمة جدا ً للتسويق ألن أدمغتنا بخيلة معرفيا ً ال تُحب أن تعمل أو تُفكر كثيرا ً فعندما‬
‫يطرأ أمر ما يسهل ُمعالجته نميل إلى إعطاءه عالجا ً خاصا ً وكما شرحنا في الفصل الخامس‪ ,‬لسالسة‬
‫‪422‬‬
‫ال ُمعالجة تأثير غير ُمتناسب على العديد من أحكامنا وقراراتنا ك ُمستهلكين حيث أن ال ُمنتج والغالف أو‬
‫أمر مألوف وموثوق وأكثر جماالً وأقل خطرا ً‬ ‫اإلعالن سهل ال ُمعالجة من ال ُمرجح أن يُنظر إليه على أنه ٌ‬
‫وجدير بالثقة أكثر ‪.‬‬

‫التصنيف‬

‫أحد األمور التي تعلمها العُلماء من دراسة عمليات النظام‪ 1‬والنظام‪ 2‬بشكل ُمنفصل أال وهي أن النظام‪1‬‬
‫غامض فهو يجعل اإلرتباطات الذهنية والسلوك مبنية على إرتباطات بسيطة وليس على المنطق فعندما‬
‫يصنع النظام‪ 1‬إرتباطات ذهنية فمن ال ُمفترض أن تكون تلك اإلرتباطات صحيحة وحقيقية وتبدأ بتحفيز‬
‫سلسلة من اإلرتباطات الذهنية التي تتبعها إال أن ُخطوات النظام‪ 2‬هي لتخطي هذه العملية ب ُمداوالت ُمدركة‬
‫وعلى األرجح سنستجيب ونتصرف كأن جميع هذه اإلرتباطات الذهنية صحيحة وحقيقية‪.‬‬

‫وكما شاهدنا في المثال الخاص بسالسة ال ُمعالجة كما هو الحال في العديد من األمثلة األخرى التي تم‬
‫عرضها خالل هذا الكتاب‪ ,‬إن العديد من اإلختصارات واألحكام وعمليات إتخاذ القرار التي يستخدمها‬
‫النظام‪ 1‬مبنية على التصنيف فعند تخطيك لسالسة ال ُمعالجة للحقيقة والجمال وجدارة الثقة أو األلفة فأنت في‬
‫هذه الحالة تقوم بعملية التصنيف وعندما ال تتمكن من إدرك أن إضافة ُمنتجات باهضة وخادعة على واجهة‬
‫المتجر قد تؤثر على قرار الشراء الخاص بك وبدالً من ذلك يعود إختيارك لتفضيل قديم ُهنا أنت تقوم بعملية‬
‫التصنيف‪.‬‬

‫عادة ً ال تكون عملية التصنيف ُمشكلةً كبيرة وغالبا ً ما تُعطينا النتائج المرجوة وحتى إن جعلتنا في المسار‬
‫الخاطئ فال ُمنتج الذي يُظهرنفسه بسالسة ووضوح وبساطة على األرجح هو ُمنتج جيد يفي بوعوده أما إن‬
‫كان العكس فتجربة اإلستخدام السلبي ستضبت تجاربنا بسرعة وبذلك ال نعد ُمنخدعين بسحر سالسة‬
‫ال ُمعالجة الخاصة به وقد تكون عملية التصنيف ُمشكلة أكبر لعمليات الشراء الكبيرة وغير ال ُمتكررة ولكن‬
‫في مثل تلك الحاالت نكون أقل عرضة لتجاوز النظام‪ 2‬كجزء من عملية القرار الخاص بنا وبذلك فإن عملية‬
‫عرضة في أن تكون حاسمة وحازمة في مثل هذه الحاالت والظروف‪.‬‬ ‫التصنيف في النظام‪ 1‬أقل ُ‬

‫أما بالنسبة لل ُمسوقين وباحثي السوق فقد يكون التصنيف خطرا ً كبير عندما تُستمد اإلستنتاجات من خالل‬
‫طرح أسئلة على ال ُمستهلكين وتصديق إجاباتهم حتى وإن كان ال ُمستهلكون غاية في الصدق واإلخالص فإن‬
‫لم يعرفوا مصادر األحكام والقرارات الخاصة بهم واإلبالغ الذاتي الخاص بهم وبالتالي سيُضللوا الباحثين‬
‫وكما شرحنا في الفصل الثاني يُعد ذلك أحد ال ُمبررات الرئيسية لزيادة ُ‬
‫شهرة تقنيات القياس الخاصة‬
‫بالتسويق العصبي والتي ال تكمن وراء اإلبالغ الذاتي‪.‬‬

‫السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة‬

‫إن أحد النتائج البارزة و ال ُمناقضة في علم النفس اإلجتماعي هو إكتشاف السعي وراء األهداف الغير ُمدركة‬
‫في إختيار سلوك اإلنسان وال ُمستهلك خصوصا ً وقد تم تغطية األهداف الغير ُمدركة بالتفصيل في الفصل‬
‫السابع ألنهم قدموا أليات ُمهمة تربط اإلستحضار الذهني بأفعال ال ُمستهلك حيث يُمكن تنشيط األهداف غير‬

‫‪423‬‬
‫ال ُمدركة من خالل العديد من اإلستحضارات التحفيزية ال ُمتنوعة بما في ذلك الحاالت اإلجتماعية والناس‬
‫والعالمات التجارية واإلعالنات واألعراف‪.‬‬

‫وب ُمجرد تنشيطهم يتم تحفيز األهداف غير ال ُمدركة تماما ً كاألهداف ال ُمدركة ولكن دون وعي إدراكي‪:‬‬

‫✓ يتم ُمتابعتها على مدى فترات طويلة من الزمن‬

‫✓ تستمر في مواجهة العقبات‬

‫✓ إذا توقفت نستأنف السعي وراء السهدف في أول فُرصة حتى وإن كان كانت أكثر األنشطة ال ُمتاحة لنا‬
‫جاذبية‪.‬‬

‫✓ تزيد قوة تحفيز الهددف عبر الوقت حتى يتم إنجازه‬

‫✓ عندما يتم تحقيق حافز الهدف يختفي بسرعة‬

‫✓ يُمكن ل ُمخرجات السعي وراء الهدف أن تُغير الحالة المزاجية والسلوك لدى الشخص سواء أكانت النتيجة‬
‫هي النجاح أو الفشل في البحث عن الهدف‪.‬‬

‫إن األهداف غير ال ُمدركة ُمهمة جدا ً للتسويق ألنها يُمكن أن تؤثر على تفضيل ال ُمنتج والخيارات وسلوك‬
‫التسوق‪ ,‬هنالك درس ُمهم لل ُمسوقين أال وهو أن العالقة ما بين اإلستحضارات الذهنية واألهداف يجب‬
‫إختبارها ولكن ال يُمكن إفتراضها‪ ,‬وقد ال تُحفز اإلستحضارات األهداف التي نتوقعها فعلى سبيل المثال لقد‬
‫قُمنا بتوثيق وجود أهداف تصحيح اإلقناع في الفصل السابع والتي يُمكن أن يتم تحفيزها عندما يشعر‬
‫ال ُمستهلكون أنهم يتعرضون لضغط اإلقناع‪ ,‬أما اإلستحضار الذهني والذي يبدو أنه إيجابي للتسويق ولكن في‬
‫الحقيقة يُوليد ال ُمقامة الالإرادية بدالً من قبول رسائل التسويق ‪ ,‬إن تعقيد ودقة عملية السعي وراء األهداف‬
‫الغير ُمدركة ال تُس ّهل ُمهمة ال ُمسوقين أبدا ً ألن ال ُمستهلكين ال يُمكنهم الوصول إلى أهدافهم غير ال ُمدركة‬
‫وبذلك كان من الضروري دراسة عملية السعي وراء األهداف غير ال ُمدركة بشكل غير ُمباشر واستنباط‬
‫طريقة لتفعيل األهداف والسعي خالل خيارات وسلوكيات ال ُمستهلك في مجاالت وسياقات التجارب‬
‫طرق التسويق العصبي ُمالحظة وقياس قوة األهداف غير ال ُمدركة أثناء العمل‪.‬‬ ‫المحكومة حيث تتطلب ُ‬

‫ُمعالجة اإلنتباه القليل‬

‫إستنتاج آخر غير ُمتوقع في غاية األهمية للتسويق العصبي أال وهو اإلكتشاف الذي يقول أن اإلنتباه قد ال‬
‫يكون جيدا ً لفاعلية اإلعالنات حيث يبدو أنه شرط ُمهم لفاعلية اإلعالنات ولكن أبحاث علم الدماغ أثبتت أن‬
‫الحقيقة الظاهرة والتي قد تكون على خالف واقع ُمعالجة النظام‪ 1‬واإلستجابات العاطفية والتكيف الذاكرة‬
‫الضمنية حيث تعتمد اإلعالنات على اإلرتباطات الذهنية العاطفية والتكيّف التكراري لتعزيز اإلرتباطات‬
‫الذهنية ال ُمتعلقة بالعالمة التجارية وقد يكون لتلك ال ُمفارقات تأثير كبير علينا عندما ال ننتبه لهم بشكل أكبر‬
‫ُمقارنةً بإنتباهنا لهم‪.‬‬

‫‪424‬‬
‫وكما شرحنا في الفصل الحادي عشر تعمل ُمعالجة اإلنتباه القليل كجزء من المسار الغير ُمباشر لفاعلية‬
‫ُكون ذكريات وبالنقيض من ذلك‬ ‫اإلعالنات على عكس اإلقناع المنطقي فإن التكيّف ال يحتاج إلى إنتباه حتى ي ّ‬
‫فقد أثبتت الدراسات أن اإلنتباه قد يحول دون التكيّف الفعال فعليا ً ألنه قد يُحفز أشيا ًء ُمضادة في ذهن‬
‫ال ُمشاهد فال شيء يقتل تأثير إعالن ُمسلي أكثر من التوقف عن إدراك مدى أهمية ال ُمحفزات الغير منطقية‬
‫ال ُمنبثقة عن الواقع‪.‬‬

‫إن اإلستفادة من اإلنتباه القليل ال معنى له عند اإلعالن عن ُمنتج جديد أو عندما تُحاول إقناع الناس بإتخاذ‬
‫إجراءات ُمباشرة كالتبرع أو اإلتصال على الرقم المجاني ولكن يبدو أن الحمالت الدعائية ما زالت تتبنى‬
‫نموذج ُمعالجة اإلنتباه القليل أكثر وأكثر لبناء المزيد من اإلرتباطات الذهنية اإليجاية دون اإلتصال بأي نوع‬
‫من أنواع الرسائل الصريحة ال ُمقنعة‪ ,‬سيقدم التسويق ال ُمستفيد من مبادئ ُمعالجة اإلنتباه القليل طريقة بديلة‬
‫لل ُمسوقين لبناء عالقات بين ال ُمنتج والعالمة التجارية وال ُمستهلكين ‪.‬‬

‫الذاكرة الضمنية‬

‫هي عملية ال إرادية أُخرى ُمذهلة تكمن وراء العديد من مبادئ و تقنيات القياس الخاصة بالتسويق العصبي‬
‫وألننا نُفكر بشكل طبيعي في عملية التحفظ بعتقد بأنها ال تحتاج إلى مجهود وأن أدمغتنا تستطيع باستمرار‬
‫تسجيل كميات ال حصر لها من المعلومات دون أي مجهود ُمدرك وهو ما يصعب علينا تقبله ولكن يبدو أنه‬
‫ال مفر منه وإال كيف يُمكننا تذكرالمكان الذي وضعنا فيه المفاتيح وكيف نركب الدراجة أو كيف نجد طريق‬
‫العودة لمقهى ‪ Starbucks‬الذي إكتشفناه أمس؟‬

‫وكما بينا في الفصل الحادي عشر‪ ,‬للذاكرة الضمنية بعض الخصائص اإلستثنائية‪:‬‬

‫✓ تتطلب الذاكرة الضمنية الجهد ولكنه يتالشى بسرعة نسبيا ً وال بد من تعزيزها بإنتظام حيث يتم تحفيز‬
‫الذاكرة الضمنية بال مجهود ويبدو أنه يستمر إلى مدى الحياة ‪.‬‬

‫✓ تعمل الذاكرة الضمنية تلقائيا ً وخارح وعينا اإلدراكي وبذلك ال نملك أي سيطرة ُمباشرة عليها‪.‬‬

‫✓ ال تعتمد الذاكرة الضمنية على اإلنتباه ‪.‬‬

‫✓ للذاكرة الضمنية قُدرة هائلة ُمقارنة مع الذاكرة الصريحة‪.‬‬


‫خاصية أخيرة ُمهمة خاصة بالذاكرة الضمنية أال وهي أنه من غير ال ُممكن إستذكار المعلومات منها إراديا ً‬
‫ولذلك فهو أمر خفي على جميع المنهجيات التي تعتمد على استذكار اإلبالغ الذاتي فالطريقة الوحيدة التي‬
‫يُمكن أن نقيس فيها الذاكرة الضمنية هي إستخدام تقنيات التسويق العصبي غير ال ُمباشرة كمهمة إكمال‬
‫الكلمات والتي شرحناها في الفصل الثالث عشر‪.‬‬

‫القرارات الضمنية‬

‫‪425‬‬
‫وكما وضحنا في الفصل األول ووضحنا في هذا الكتاب أن عقول البشر بخيلة معرفيا ً أي أن التفكير ٌ‬
‫أمر‬
‫صعب وأننا نُحاول تجنبه إن إستطعنا ذلك وال ُمهمة الصعبة جدا ً بنسبة لنا هي إتخاذ القرارات‪ ,‬فمن غير‬
‫ال ُمفاجئ إعتمادنا على اإلشارات العاطفية و ال ُمحفزات كعناصر ُمساعدة لصنع القرار إلعطاء عقولنا البخيلة‬
‫معرفيا ً إختصارات سهلة إلتخاذ القرار بسرعة دون ُجه ٍد معرفي‪.‬‬

‫تظهر القرارات الضمنية عندما نتجاوز التداوالت ال ُمدركة ونقوم بعمل قفزات ذهنية من اإلنطباعات غير‬
‫ال ُمدركة وردود األفعال إلى السلوك اإلختياري وكما شرحنا في الفصل الثامن‪ ,‬أن القرارات الضمنية تنقاد‬
‫من خالل عمليات النظام‪ 1‬التلقائية والتي ال تحتاج إلى مجهود بحيث ال تبدو أنها قرارات أبدا ً‪ ,‬ألنهم‬
‫وزن للحجج وبذلك فهم مأوى‬ ‫ٍ‬ ‫تجاوزت التداوالت ال ُمدركة وال تقوم بأي نوع من اإلستجوابات الداخلية أو‬
‫ومالذ ال ُمراسالت التقليدية ال ُمقنعة وهذا بالطبع يخلق بعض المشاكل لل ُمعلنين الذين يعتقدون بأن عليهم‬
‫اإلعتماد على ال ُمراسالت ال ُمقنعة للتأثير على السلوك‪.‬‬

‫يخلق واقع القرارات الضمنية الكثير من المخاطر األساسية ألساليب البحث التقليدية فعندما يتخذ الناس‬
‫القرارات الضمنية ال يكون بمقدورهم الوصول لمصادر قراراتهم وهذا بحد ذاته تحديا ً كبيرا ً ولكن ال ُمشكلة‬
‫األكبر أن الناس ال يعلمون بأهم ال يُمكنهم إتخاذ القرارات الضمنية لذلك يستعلمون ويتوصلون إلى تفسيرات‬
‫معقولة وهذا ما قدمه الباحثون ولسوء الحظ أن تلك القصص تميل إلى أن تكون تبريرات وليست تفسيرات‬
‫وغالبا ً ما تُنتج نتبؤات سلبية للسلوك ال ُمستقبلي‪.‬‬

‫اإلستدالل العكسي‬

‫أساسنا العلمي العاشر الخاص بالتسويق العصبي هو المنطق الخاص باإلستدالل العكسي والذي شرحناه في‬
‫الفصل التاسع عشر حيث يبدو كلغز منطقي بسيط ولكنه أساسي لمحتوى المنطق الخاص بالتسويق العصبي‬
‫فهو يوفر الجسر ما بين األبحاث العلمية في علوم الدماغ والتطبيق العملي لتلك البحوث في التسويق‬
‫العصبي‪.‬‬

‫يُخبرنا اإلستدالل العكسي عن مدى الثقة التي يجب أن تكون لدينا إتجاه إكتشافات التسويق العصبي‬
‫وال ُمعرب عنا في هذا النموذج " لقد ظهرت استجابة العقل والجسم" وبالتالي إحتلت الحالة الذهنية مكانا ً‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ,‬إذا الحظنا بإستخدام برمجيات تحليل تعابير الوجه أن شخصا ً ما إبتسم أثناء ُمشاهدة‬
‫إعالن (استجابة جسمية ) فما هو إحتمالية أن يجعل ذلك اإلعالن هذا الشخص سعيداً؟ (الحالة النفسية)‬

‫يقول منطق اإلستدالل العكسي أن هذه اإلحتمالية ال يُمكن أن تكون ُمطابقة بنسية ‪ %100‬قم بإفتراض أمر‬
‫تم التحقق منه من خالل ‪ 1000‬دراسة‪:‬‬

‫✓ جميع اشخاص الذين يشعرون بالسعادة أثناء ُمشاهدة إعالن يُظهرون إبتسامة‪.‬‬

‫وبالرغم من أن جميع هذه األدلة لم تُبرر اإلستدالل العكسي بشكل منطقي‪:‬‬

‫✓ هذا الشخص إبتسم أثناء ُمشاهدة إعال ما بالتالي هذا اإلعالن جعله سعيدا ً‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫أخبرنا اإلستدالل العكسي بأن أي إستنتاج من التسويق العصبي هو إستنتاج إحتمالي( يعتمد جزء منه على‬
‫الحظ) و غير مؤكد أبدا ً‪ ,‬فالدرجة التي يُمكنك من خاللها تصديق إستنتاج ما من التسويق العصبي يعتمد‬
‫صممت‬‫على موازنة األدلة الموجودة والتي تدعم اإلستدالل باإلضافة إلى ثقتك في أن التجربة قد أجريت و ُ‬
‫بشكل صحيح وسليم وبذلك تكون البدائل قد تسببت في النتائج الملحوظة والخاضعة للرقابة‪.‬‬

‫راض عن أن التجربة سليمة عليك زيادة الثقة في كون اإلستدالل العكسي صحيحا ً ولكنك لن تكون‬
‫ٍ‬ ‫إن ُكنت‬
‫متأكد بنسبة ‪ %100‬من ذلك‪ ,‬وقد تكون ُمتأكد قبل القيام بالتجربة بشكل أكثر‪.‬‬

‫‪427‬‬

You might also like