You are on page 1of 6

‫الغلو في الدين ‪.

‬‬
‫ـ الغلو لغة‪:‬‬
‫بالرجوع إلى المصادر والمعاجم اللغوية يتبين أن معنى الغلوو ووو‪ :‬م واوزة‬
‫الحد وتعديه‪.‬‬
‫قال ال ووري في الصحاح‪:‬‬
‫( غال في األمر يغلو غلوا‪ ،‬أي جاوز فيه الحد )‪.‬‬
‫وقال الفيروزآبادري في القاموس‪:‬‬
‫ي ضد الرخص‪ ...‬وغال في األمر غلوا جاوز‬
‫( غال غالء فهو غا ٍل و َغ ِل ّ‬
‫حدّه)‪.‬‬
‫وعرفه شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬كما وو في كتاب (اقتضاء‬
‫الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب ال حيم) ([‪ )]2‬بأنه‪( :‬م اوزة الحد‬
‫بأن يزاد في الشيء في مدحه وذمه على ما يستحق)‬
‫وعليه فحقيقة الغلو‪:‬‬
‫وو‪ :‬الزيادة وم اوزة الحد الشرعي الواجب‪.‬‬
‫قال تعالىكذلك قال ‪ -‬تعالى ‪( :-‬يأول الكتاب ال تغلوا في دينكم وال تقولوا‬
‫على هللا إال الحق) ‪.‬‬
‫أنواع الغلو‪ :‬الغلو على ضربين‪ :‬ـ وكالوما خطير ومذموم ـ‬
‫‪ ) 1‬أحدوما‪ :‬اعتقادي ووو أشدوا كما وو الحال في منهج الفرق المخالفة من‬
‫المبتدعة وأول الزيغ والضاللة التي انشقت وابتعدت عن منهج أول السنة‬
‫وال ماعة‪ ،‬وجاءت بطامات في باب ما يلزم من األمور العقدية كالكالم في‬
‫باب األسماء والصفات‪ ،‬وتوحيد هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬في عبادته‪ ،‬وما‬
‫يتعلق ببعض فرق الغلو في الصحابة وآل البيت‪ ،‬وكذلك من القول واالعتقاد‬
‫بالعصمة ألئمتهم ومشايخهم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ ) 1‬ثانيها‪ :‬ووو الغلو العملي ويتمثل في أن ي عل اإلنسان النوافل على نفسه‬
‫واجبات‪ ،‬وأن يترك ألئمتهم المباحات على نفسه كالزواج والبيع والشراء‪،‬‬
‫والطعام والشراب‪ ،‬بمعنى أن يلزم نفسه بالصوم مطلقا ً في النهار ويلزم‬
‫نفسه بالقيام في الليل مطلقاً‪ ،‬ويترك زواج النساء وال يأكل اللحم‪ ،‬ووذه‬
‫صورة من صور الغلو العملي‪ ،‬وقد أنكروا النبي صلى هللا عليه وسلم ونهى‬
‫أصحابه عن فعل ذلك كما جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك‪:‬‬
‫((أما أنا فأصوم وأفطر‪ ،‬وأصلي وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي‬
‫فليس مني)) ([‪ ،)] 4‬وترجع كل مظاور الغلو إلى وذا التقسيم‪ ،‬وتدخل تحته‬
‫ووو أقرب تقسيم للغلو‪.‬‬
‫أسباب الغلو‪:‬‬
‫الغلو له أسباب ودوافع كلها ترجع إلى المخالفة للشرع الحنيف‪.‬‬
‫فمن أسباب الغلو‪:‬‬
‫‪ )1‬ال هل‪ :‬ووو رأس كل بلية‪ ،‬وال هل كما يقول الدكتور اللويحق‪:‬‬
‫( يدخل تحته ال هل بالكتاب وال هل بالسنة وال هل بمنهج السلف‬
‫الصا لح و بمقاصد الشريعة ورعايتها ورعاية رتب المصالح‬
‫والمفاسد إذن الناس فيهم الكافر والمنافق والفاسق والمبتدع والمسلم‪،‬‬
‫وألجل ذلك فالخوارج يكفرون صاحب الذنب والمعصية )‪.‬‬
‫ومن الناس اليوم من اتخذ رؤسواء جهواالً‪ ،‬فضولوا وأضولواه ألنهوم لوم‬
‫يتلقوا العلم من أوله وشيوخه وخاصته‪ ،‬فعلم الشريعة ال بد أن يرجوع‬
‫فيووه إلووى أولووه الثقووات‪ .‬فقوود أحوودب و و الء ف وووة بيوونهم وبووين العلموواء‪،‬‬
‫المشهود لهم بالخير والصالح‪ ،‬ممن يوثق بعلمهم‪.‬‬
‫‪ )2‬اإلعراض عن العلماء والبعد عنهم‪ ،‬وعدم التلقي منهم وإقصاءوم‪،‬‬
‫ووذا السبب تابع لما قبله ‪.‬‬
‫عظوم شووأن العلمواء‪ ،‬فكيوف ال يعظمهووم البشور ف كيووف ال‬ ‫وهللا سوبحانه ّ‬
‫يعظ مهووم موون وووو دونهووم ف قووال صوولى هللا عليووه وسوولم‪َ « :‬وإِ َّن ْالعلَ َمووا َء‬ ‫ّ‬
‫اء‪َ ،‬و ِإ َّن ْاأل َ ْن ِبيَا َء لَ ْم ي َو ِ ّرثوا ِدين ً‬
‫َارا َو َال د ِْر َو ًما‪َ ،‬و ِإنَّ َموا َو َّرثووا‬ ‫َو َرثَة ْاأل َ ْن ِبيَ ِ‬
‫ْال ِع ْل َم‪ ،‬فَ َم ْن أَ َخذَه أَ َخذَ ِب َحظٍ ّ َوافِ ٍر»‪.‬‬
‫واتخوواذ مصووادر أخوورة مو ثرة وجاذبووة ‪ ،‬كوسووائل اإلعووالم ‪ ،‬ومواقووع‬
‫التواصل االجتماعي ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ ) 3‬التحريف للمعاني وإتباع المتشابه وعدم ال مع بين األدلة‪ ،‬وذلك بأخذ‬
‫دليل واحد وترك بقية األدلة كما وو الحال عند الغالة من الخوارج‬
‫والمعتزلة عندما أخذوا بأدلة الوعيد ولم يأخذوا بأدلة الوعد والرجاء‪.‬‬
‫‪ ) 4‬التعامل المباشر مع ظواور النصوص من القاصرين في الفهم‪ ،‬من غير‬
‫الرجوع إلى العلماء‪ ،‬ومثال وذا ما قاله النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪:-‬‬
‫((اثنتان في الناس وما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت))‬
‫([‪ ،)]12‬فمثالً ال يفهم من وذه الحديث إال أنه الكفر المخرج من الملة‪ ،‬وال‬
‫يفهم على أنه كفر دون كفر أو كفر النعمة‪.‬‬
‫‪ ) 5‬االجتهاد من غير أوله والكالم في األمور الخالفية واالنشغال بأحاديث‬
‫الفتن‪ ،‬وقرب ظهور المهدي‪ ،‬واستع ال النصر والتفاؤل بتحقيقه‪ :‬إذ البعض‬
‫يحسب لذلك حسابا ً بشريا ً على أنه قد آن أوانه‪ ،‬وح ّل زمانه فيتصرف‬
‫تصرفات ت دي إلى الغلو وإحداب الفتن التي تعود على المسلمين بالهالك‬
‫والويل‪.‬‬
‫‪ )6‬الطبيعة الشخصية أو العوامل النفسية والفتوة الموجودة عند الشباب‪ :‬إذ‬
‫الشباب شعلة من النشاط فهو جاوز للتصرف والعمل ‪.‬‬
‫‪ )7‬اتباع الهوة وال دل بالباطل‪.‬‬
‫اآلثار المترتبة على الغلو‪:‬‬
‫ظاورة الغلو من الظواور المردودة وغير المقبولة مقبولة‪ ،‬وقد جاءت‬
‫الشريعة اإلسالمية في النهي عنها والتحذير منها وذلك لما يترتب عليها من‬
‫اآلثار واألضرار ومنها‪:‬‬
‫‪ ) 1‬الضاللة بعد الهدةه ألن الغلو ضاللة وزيغ‪ ،‬والغالي يحرم على الناس‬
‫ما أحل هللا‪ ،‬ويشرع لهم خالف ما أنزل هللا وبذلك يصرفهم عن هللا‪ ،‬واتباع‬
‫مرضاته ووذا أثر خطير‪.‬‬
‫‪ ) 2‬االستدراك على الشريعة وتنحيتها عن الحكم‪ :‬ولذلك فالغالة والمبتدعة‬
‫والعلمانيون لسان حالهم تقول‪ :‬أن الشريعة ناقصة وأنهم سدوا الفراغ الذي‬
‫تركه النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم – لهم‪ ،‬وأن الشريعة مرنة وتتغير وتتقلب‬
‫بتقلب األحوال واألزمان بما يناسب شهواتهم‪ ،‬وأن فيها نقصان عن حاجة‬
‫الناس فال بد من تكميلها‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ ) 3‬تشويه صورة اإلسالم عند غير المسلمين عندما يفهمون على أن اإلسالم‬
‫يمثله م موعة من الغالة المعينين‪.‬‬
‫‪ )4‬الوقوع في شر المعاصي والبدع والفسق‪ ،‬أو في تغيير المنكرات بمنكر‬
‫أكبر منه ذلك من البعد عن هللا ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬ألن صاحب البدعة‪،‬‬
‫والغلو بعيد عن هللا‪ -‬تبارك وتعالى ‪ ،-‬وعن مرضاته‪.‬‬
‫أمثلة وصور من الغلو‪:‬‬
‫وناك من األمثلة الكثير والكثير من صور للغلو وسوف نذكر طرفا ً منها‬
‫والتي أول السنة وال ماعة فيها وسط بين الغالة وال فاة‪.‬‬
‫‪ )1‬فمثالً غلو النصارة في الصالحين واألنبياء‪ ،‬وعبادتهم لهم ورفعهم إلى‬
‫مصاف التوحيد واأللووية‪ ،‬وكذلك اليهود في قتلهم لألنبياء والذين يأمرون‬
‫بالقسط من الناس وإيذائهم لهم وعدوانهم على هللا وت رؤوم عليه‪ ،‬فكالوما‬
‫ت اوز الحد ووقع في الغلو ولذلك فقد قال هللا ‪ -‬تعالى ‪-‬عنهم‪َ ( :‬يا أَ ْو َل‬
‫ب الَ تَ ْغلوا فِي دِينِك ْم َوالَ تَقولوا َعلَى هللاِ إِالَّ ْال َح َّق‪ ..‬اآلية) ([‪،)]13‬‬ ‫ْال ِكتَا ِ‬
‫ق‬ ‫وقال ‪ -‬تعالى ‪ِ ( :-‬إ َّن الَّذِينَ يَ ْكفرونَ ِبآيَا ِ‬
‫ت هللاِ َويَ ْقتلونَ النَّ ِب ِيّينَ ِبغَي ِْر َح ّ ٍ‬
‫ب أ َ ِل ٍيم) ([‪.)]14‬‬ ‫ش ِْروم ِب َعذَا ٍ‬ ‫َو َي ْقتلونَ الَّذِينَ َيأْمرونَ ِب ْال ِقس ِ‬
‫ْط ِمنَ النَّ ِ‬
‫اس فَ َب ّ‬
‫‪ ) 2‬ومن ذلك غلو الرافضة في أئمتهم وتقديسهم لهم ‪ ،‬وقد ذكر صاحب‬
‫الكافي وقاله في بحار األنوار الم لسي (من األئمة اثنا عشر واإلمامة‬
‫مقتصر عليهم ومن اعتقد أن إمام غيروم فقد كفر‪ ،‬ومن اعتقد من الرعايا‬
‫أن إماما ً واحداً غير االثني عشر عبر التاريخ يحق له أن يطاع فقد كفر‪،) ..‬‬
‫فانظر وذا معتقدوم فقد كفرو جميع المسلمين ومن حكمهم ووذا مذوبهم‬
‫ومنصوص عليه في كتبهم‪ ،‬وإن استخدموا التقية والكذب ووو أعظم صور‬
‫الغلو وت اوز الحد‪.‬‬
‫‪ ) 3‬ومن أمثلة الغلو ما وو موجود عند بعض الصوفية من الشركيات والبدع‬
‫من إحياء للخرافات وإقامة للمزارات التي ما أنزل هللا بها من سلطان‬
‫وتتنافى مع حقيقة التوحيد والعبودية هلل ‪ -‬تعالى ‪ -‬يقول بعضهم على لسان‬
‫ال يالني‪:‬‬
‫كل قطب يطوف بالبيت سبعا ً *** وأنا البيت طائف في الخيام‬

‫‪4‬‬
‫‪ )5‬ومن الغلو أيضا ً في واقعنا من التكفير التبديع التفسيق على غير ودة‬
‫من هللا أو بروان‪ ،‬فمثالً ت د البعض إذا خالفته في جزئية أو مسألة اجتهادية‬
‫من المسائل التي يصوغ فيها الخالف‪ ،‬ووي قابلة للنقاش أو األخذ أو الرد‬
‫يحكم عليك بالبدعة والضالل‪ ،‬أو االنحراف والعدول عن الصراط المستقيم‪.‬‬
‫ومما ابتلينا به في وذا الزمان الوقوع في تكفير الحكومات و العلماء‬
‫و األشخاص ‪ ،‬من بعض من انحرف فكريا ووقع في الغلو وشابه الخوارج ‪،‬‬
‫وأدة وذا إلى وقوع كثير من المفاسد من إزواق األرواح ‪ ،‬وإتالف‬
‫الممتلكات ‪ ،‬كما وو مشاود في كثير من البالد ‪.‬‬
‫([‪ )] 1‬اقتضاء الصراط المستقيم‪.289 / 1 :‬‬
‫([‪ )]2‬سورة األعراف ‪157‬‬
‫([‪ )]3‬البخاري ‪ 5063‬في النكاح باب‪ :‬الترغيب في النكاح‪ ،‬ومسلم ‪1401‬‬
‫في النكاح‪.‬‬
‫([‪ )]4‬أخرجه البخاري (رقم ‪ )3269‬ومسلم (رقم ‪2669‬‬
‫([‪ )]5‬سورة النساء ‪171‬‬
‫([‪ )]6‬المائدة ‪77‬‬
‫([‪ )]7‬سورة التوبة ‪30‬‬
‫([‪ )]8‬البقرة (‪)185‬‬
‫([‪ )] 9‬رواه اإلمام أخمد في المسند ج‪ 266 / 5‬عن أبي أمامة بلفظ‪ :‬إني لم‬
‫أبعث باليهودية وال بالنصرانية ولكني بعثت بالحنيفية السمحة والذي نفس‬
‫محمد بيده لغدوة في سبيل هللا خير من الدنيا وما فيها‪) ..‬‬
‫([‪ )]10‬صحيح البخاري رقم ‪.38‬‬
‫([‪ )]11‬صحيح اإلمام مسلم رقم (‪ )67‬من حديث أبي وريرة ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه ‪.-‬‬
‫([‪ )]12‬سورة النساء أية ‪171‬‬
‫‪5‬‬
‫([‪ )]13‬سورة آل عمران آية ‪21‬‬

‫‪6‬‬

You might also like