You are on page 1of 4

‫حكاية وفاء عن أبوينكريمين ‪ ..‬تملؤها عظة بين خفايا األسطر‪..

‬‬

‫أكـرمـنـا ال تـعـالـى بـوالـديـن خـلـوقـي حـنـونـي مـتـواضـعـي بـحـق مـن غـيـر تـكـلـف لـذلـك‪ ,‬مـحـبـوبـي‬
‫لـكـل مـن يـعـرفـهـمـا‪ ,‬بـاذلـي لـلـمـعـروف ألقـاربـهـمـا‪ ,‬عـلـى مـا حـبـاهـمـا ال تـعـالـى مـن صـبـرِ عـلـى بـالء‬
‫الـدنـيـا‪ ,‬نـزيـهـي جـداً ف األمـوال وحـفـظ احلـقـوق‪ ,‬وهـذا مـا نـراه ونـسـمـعـه عـنـهـمـا‪ ,‬ونـشـهـد بـه أيـضـاً ‪-‬‬
‫ونحن شهداء ال ف أرضه‪ ,-‬ونحسبهما كذلك بحق وال نزكي على ال أحدا‪.‬‬

‫ودﱠع ـنــا والــدي ال ـغــالــي عـبـد الـعـزيـز بـن حـمّـاد الـعـمـر ف ش ـهــر ص ـفــر مــن عــام ‪ ١٤٣٠‬ل ـل ـه ـجــرة‬
‫بـعــدمــا نــزل بــه املــريــض اخلـطـيــر مـظـهــراً لـلــرضــى مـطـمـئـنـاً ذويــه بــي فـيـنــة وأخــرى بــأنــه بـخـيــر‪ ,‬وال‬
‫يوجد ما يقلق‪ ,‬حتى قبل وفاته بيوم! وقد كان املرض متكّن منه وانتشر‪ ,‬وانتقل إلى جوار ربه‪..‬‬

‫ثـم بـقـيـت لـنـا أم حـنـون‪ ,‬كـرميـة‪ ,‬خـفـيـفـة الـظـل‪ ,‬سـمـحـة‪ ,‬ال تـرى لـنـفـسـهـا حـقـاً‪ ,‬مـقـدّرة ومـحـتـفـيـة‬
‫بـالـصـغـيـر والـكـبـيـر‪ ,‬وحـريـصـة عـلـى الـوصـل‪ ,‬صـوّامـة ال تـدع صـيـام اإلثـنـي واخلـمـيـس والـبـيـض مـن كـل‬
‫ش ـهــر‪ ,‬وتــزيــد ع ـل ـي ـهــا ص ـيــام املــواســم ك ـعــاشــوراء وع ـشــر ذي احل ـجــة‪ ,‬وعــرفــة‪ ,‬بــل إذا رأت فــرصــة‬
‫ل ـل ـص ـيــام وأن ـهــا م ـت ـفــرغــة ذات يــوم صــامــت واح ـت ـس ـب ـتــه ف س ـب ـيــل ال ت ـعــالــى‪ ,‬كــانــت حــري ـصــة ع ـلــى‬
‫اخلـشـوع ف الـصـالة وحـريـصـة عـلـى الـبـكـاء بـي يـدي ال تـعـالـى‪ ,‬ويـحـزنـهـا بـشـدة لـو فـاتـهـا مـع جـمـوع‬
‫املصليات ف رمضان‪..‬‬

‫وفِ عــام ـنــا هــذا ‪ ١٤٤١‬ل ـل ـه ـجــرة ف ش ـهــر ج ـمــادى ال ـثــانــي م ـنــه بــدأ ال ـض ـعــف يــدب ف ج ـســدهــا‬
‫ال ـن ـح ـيــل‪ ,‬وع ـلــى ق ـلــة أك ـل ـهــا ومــا ي ـعــاودهــا مــن ألــم ف م ـعــدت ـهــا زاد األمــر ح ـتــى أص ـبــح اجلــوع واأللــم‬
‫مالزمي لها‪ ,‬نفرح بلقمة تدخل جوفها دون آالم‪ ,‬وما أندر هذا!‬
‫حـتـى ف شـهـر رمـضـان مـن هـذا الـعـام وصـوم الـنـافـلـة ف شـعـبـان كـان الـعـنـاء والـوصـب مـالزمـي لـهـا‪,‬‬
‫ومـع ذلـك لـم تـفـطـر يـومـاً مـن رمـضـان عـلـى الـرغـم مـن أنـه قـد صـاحـبـه شـيء مـن انـخـفـاض الـسـكـر‬
‫ورج ـفــاتــه‪ ,‬فــإذا أذّن امل ـغــرب وقــد أمتــت ص ـيــام ـهــا كــانــت س ـعــادة ع ـظ ـي ـمــة ت ـغ ـمــرهــا‪ ..‬وح ـمــداً ك ـث ـيــراً‬
‫لـلـمـولـى عـلـى نـعـمـتـه عـلـيـهـا بـإمتـام صـومـهـا يـقـشـعـر مـعـهـا الـبـدن‪..‬وكـم أحـزنـهـا اضـطـرارهـا لـلـفـطـر مـن‬
‫صــوم نــاف ـلــة ذات يــوم ف ش ـع ـبــان ب ـس ـبــب شــدة اجلــوع واأللــم! ال حــرم ـهــا ربــي ال ـكــري أجــر حــزن ـهــا‬
‫وأملها وصبرها على اجلوع وما ينالها من هموم الدنيا وغمومها‪.‬‬

‫أمتـت والـدتـي مـوضـي بـنـت عـثـمـان الـعـمـر صـوم شـهـرهـا كـامـالً ‪-‬ول احلـمـد والـفـضـل‪ ,-‬وقـامـت‬
‫لـيــالـيــه كـلـهــا‪ ,‬وكــانــت الـفــرحــة بــالـصــالة والــوتــر والـقـنــوت واخلـشــوع فـيـهــا تـغـمــرهــا‪ ,‬حـتــى كــانــت فــور‬
‫سـالمـهـا مـن الـصـالة تـنـهـال عـلـى مـن صـلّـى بـهـا بـالـدعـاء والـتـقـبـيـل عـلـى كـتـفـيـه ورأسـه ومـا تـسـتـطـيـع أن‬
‫تصل إليه وال تنتظر إلى أن يقوم إليها!‬

‫وقـضـى قـضـاء احلـكـيـم الـرحـيـم أن تـودّعـنـا وتـودع هـذه احلـيـاة مـسـاء يـوم الـسـبـت الـسـابـع من‬
‫شـهـر شـوال مـن عـامـنـا هـذا عـام ‪ ١٤٤١‬لـلـهـجـرة‪ ,‬وكـانـت الـصـالة عـلـيـهـا عـصـر الـيـوم الـثـامـن ف جـامـع‬
‫الـراجـحـي بـشـرق الـريـاض‪ ,‬وكـانـت أمـنـيـتـهـا ووصـيـتـهـا أن تـغـسـل ويـصـلّـى عـلـيـهـا فـيـه مـنـذ سـنـي طـوال‬
‫وهـي ف متـام عـافـيـتـهـا‪ ,‬ونـرجـو أنـهـا صـدقـت ال وصـدقـهـا‪ ,‬فـقـد كـانـت وفـاتـهـا لـيـلـة فـتـح املـسـاجـد‬
‫واإلذن بـإقـامـة اجلـمـع واجلـمـاعـات بـعـد املـنـع والـتـعـلـيـق الـذي أُمـر بـه ألجـل وبـاء كـورونـا‪ ,‬وقـبـل الـتـنـبـيـه‬
‫عـلـى اسـتـمـرار تـعـلـيـق الـصـالة عـلـى اجلـنـائـز ف املـسـاجـد وحـصـرهـا عـلـى املـقـابـر‪ ,‬والـذي صـدر مـسـاء‬
‫يوم اإلثني التاسع من شهر شوال‪.‬‬

‫رح ـلــت وقــد أمتــت صــوم ش ـهــر رم ـضــان وق ـيــامــه كــام ـلــي‪ ,‬وشــرعــت ف صــوم ال ـســت ف ـصــامــت‬
‫يـومـي وشـرعـت ف صـيـام بـعـض األيـام ثـم أفـطـرت لـشـدة مـا جتـد‪ ,‬رحـلـت وإدراكـهـا مـعـهـا‪ ,‬وقـد كـان‬
‫آخــر فــرضــي ص ـل ـت ـه ـمــا تــامّــي يــوم وفــات ـهــا فــرضــي ال ـظ ـهــر وال ـع ـصــر بــاس ـت ـح ـضــارٍ تــام‪ ,‬بــل أبــت أن‬
‫تـصـلـيـهـمـا بـال تـيـمـم‪ ,‬وانـتـظـرت حـتـى يُـحـضـر الـصـعـيـد ‪-‬حـيـث مُـنـع تـداولـه ف املـسـتـشـفـيـات; خـشـيـة‬
‫الـعــدوى بــوبــاء كــورونــا‪ ,-‬وكــانــت وقــت الـظـهــر ف شــيء مــن غـيــاب الــوعــي‪ ,‬فـلـمــا أدركــت ســألــت فــور‬
‫ان ـت ـب ــاه ـه ــا ه ــل أَذﱠن ال ـع ـص ــر? وذل ــك ل ـت ـص ـل ـي ـه ـم ــا‪ ,‬ع ـل ــى ال ــرغ ــم م ــن أن ـه ــا ف آخ ــر ي ــوم ــي ب ــدأ امل ــوت‬
‫يداخلها‪ ,‬وتذهب دقائق عن الوعي ثم تعود!‬
‫أمـا املـغـرب والـعـشـاء فـقـد وقـع لـهـا كـمـا وقـع ألبـي ‪-‬رحـمـه ال‪ ,-‬فـقـد كـبّـرت عـدة مـرات‪ ,‬وف‬
‫كــل مــرة يــذهــب إدراك ـهــا كــأمنــا ت ـغ ـفــو‪ ,‬ثــم ت ـعــود ل ـلــوعــي ف ـت ـك ـبــر ثــان ـيــة ‪ ..‬وه ـكــذا‪ , ..‬وفِ كــل مــرة ال‬
‫تـسـتـطـيــع إمتــامـهــا‪ ,‬ومــع ذلــك فـقــد أكــرمـهــا الـكــري قـبـيــل تــوقــف قـلـبـهــا ووفــاتـهــا بــأن صـلّــت ركـعـتــي‬
‫تـامـتـي‪ ,‬فـقـد عـادت لـلـوعـي ‪-‬حـيـث كـانـت تـكـون كـالـنـائـمـة ثـم تـنـتـبـه‪ ,-‬فـنـظـرتْ إلـيـنـا نـظـرة الـواعـي‬
‫املـدرك وكـنّـا عـن يـسـارهـا والـقـبـلـة أمـامـهـا ثـم وجـهـت وجـهـهـا لـلـقـبـلـة فـكـبـرت‪ ,‬وصـلـت الـركـعـتـي‪ ,‬ثـم‬
‫سلّمت وعادت إلى حال الغفوة‪.‬‬

‫وال عـجـب‪ ..‬فـقـد كـانـت أمـي مـنـذ سـنـي طـوال ممـن يـؤدي الـصـلـوات ف أول وقـتـهـا‪ ,‬وحـريـصـة‬
‫عـلـى ذلـك‪ ,‬وعـلـى األمـر بـاحملـافـظـة عـلـيـهـا ف وقـتـهـا‪ ,‬بـل كـانـت أحـيـانـا حتـتـاج إلعـادة الـوضـوء عـدة‬
‫مــرات عـلــى مـشـقــة ذلــك عـلـيـهــا‪ ,‬ومــع ذلــك تـصـبــر وتـعـيــد الــوضــوء لـتــأتــي بـهــا ف أول وقـتـهــا‪ ,‬وال‬
‫تعالى هو الشكور الذي يجازي باحلسنات إحساناً‪..‬‬

‫كانت املبشرات ‪-‬ول احلمد‪ -‬عند وفاتها ‪-‬رحمها ال ‪ -‬كثيرة ‪ ,‬فمنها‪:‬‬


‫▪عـنــد تـلـقـيـنـهــا الـشـهــادة غـمــر وجـهـهــا ســرور وفــرح وكــأمنــا تُـبـشــر بـخـبـرٍ يـســرهــا‪ ,‬حـتــى صــوتـهــا‬
‫اخلــافــت الــذي الحـظــه كــل مــن اتـصــل ملـعــايــدتـهــا أصـبــح مـسـمــوعـاً‪ ,‬ونـطـقــت الـشـهــادة وكــررتـهــا أربــع‬
‫مرات بيسر ونشاط وسرعة‪.‬‬
‫▪ختمت حياتها قبيل دقائق من توقف قلبها ووفاتها بركعتي‪ ,‬صلتهما تامتي‪.‬‬
‫▪تـواطـأت ألـسـنـة املـعـزيـن واملـعـزيـات مـن املـعـارف واألقـارب مـن جـهـتـهـا ومـن جـهـة أبـي عـلـى ذكـر‬
‫مـحـبـتـهـا‪ ,‬والـثـنـاء عـلـى خـلـقـهـا وتـواضـعـهـا‪ ,‬وأنـهـا ال تـرى لـنـفـسـهـا قـدراً‪ ,‬مـحـبـوبـة مـن الـصـغـيـر والـكـبـيـر‪,‬‬
‫سـمـحـة‪ ,‬كـافّـة عـن اخلـلـق ف حـيـاتـهـا‪ ,‬وال يُـعـرف عـنـهـا شـيء مـن األذى لـعـبـاده; حـتـى بـكـتـهـا زوجـة أبـي‬
‫وأخواتي وإخواني من أبي‪ ,‬وكلهم يردد‪ :‬إنها أُمنا جميعاً ‪..‬‬
‫◾كـان قـلـبـهـا وحـنـانـهـا يـسـع اجلـمـيـع ويـبـلـغـهـم ‪ ..‬فـهـي أم ملـن فـقـد أمـه مـن أقـاربـهـا مـن بـنـات أخـيـهـا‬
‫وأبـنـاء وبـنـات بـنـت أخـيـهـا مـن أبـيـهـا‪ ,‬وقـد كـانـت حـنـونـة قـبـل فـقـد األمـهـات فـكـيـف بـعـده! ‪ ..‬وحـسـبـي‬
‫وصفاً بليغاً قول إحداهن‪ :‬قد ذقنا فقد األم مرتي!‬
‫نـحـمــد ال تـعــالــى أن ذقـنــا جـمـيـعـاً حــالوة حـنــانـهــا‪ ,‬وحـتــى آخــر ســاعـتـنــا مـعـهــا أكــرمـنــا الـكــري‬
‫سـبـحـانـه بـضـمّـات حـانـيـة مـنـهـا وقُـبـالت وسـرور بـرؤيـتـنـا عـلـى الـرغـم مـن أنـهـا لـم تـفـارق بـعـضـنـا إال‬
‫بضع ساعات!‬

‫لَــم مت ـكــث أمــي ف امل ـس ـت ـش ـفــى إال قــرابــة ع ـشــر ســاعــات ف ـقــط‪ ,‬دخ ـل ـتــه ب ـعــد ال ـظ ـهــر مــن يــوم‬
‫السبت‪ ,‬ثم كان توقف قلبها قبيل الساعة احلادية عشرة ليالً من ذلك اليوم‪.‬‬
‫كـانـت حلـظـات ال تُـنـسـى ‪ ..‬اسـتُـنـفـر الـقـسـم الـذي هـي فـيـه وامـتـألت الـغـرفـة بـاألطـبـاء واملـمـرضـي ‪..‬‬
‫أُخـرجـنـا جـمـيـعـاً مـن عـنـدهـا‪ ,‬بـدأوا بـاإلنـعـاش بـالـيـد ثـم بـاجلـهـاز‪ ,‬مـضـت نـصـف سـاعـة دون اسـتـجـابـة‬
‫فأخبرنا الطبيب باحلكم بوفاتها‪.‬‬
‫نـحـمـد ال عـلـى سـكـيـنـة وطـمـأنـيـنـة نـزلـت عـلـيـنـا‪ ,‬ولـذة حـنـان ذقـنـاهـا إلـى آخـر الـلـحـظـات‪ ..‬ال نـزال‬
‫جند طعمها‪ ,‬وبشارات تترى نرجو لها بها الفوز بأعلى اجلنان‪.‬‬

‫وقد كانت قصة مليئة بالدروس والعبر ‪..‬‬


‫سطّرتُ بعضها لعلها ‪..‬‬
‫حتيي قلوباً قست‪ ,‬وتعظ قلباً غافالً غارقاً فيما ال يرضي ال‪..‬‬
‫سطّرتها‪ ..‬لتذكّر شاباً غافال معرِضاً عن احملافظة على الصالة والصيام‪..‬‬
‫س ـطّــرتُ ـهــا‪ ..‬ل ـع ـل ـهــا أن ي ـلــي ب ـس ـب ـب ـهــا ف ـظﱠ ـاً جــاف ـي ـاً مــع مــن حــولــه مــن األب ـنــاء واألرحــام‪ ..‬ال مي ـن ـح ـهــم‬
‫فرصة يبروه ويصلوه بشوق وقرب‪..‬‬
‫سطّرتها‪ ..‬لتنبه من يرى نفسه فوق غيره ‪..‬‬
‫سـطّـرتـهـا‪ ..‬لـيـعـرف اجلـمـيـع مـاذا يـكـون ابـتـالء ال لـبـعـض عـبـاده‪ ,‬ومـاذا يـنـبـغـي أن يـكـون مـنـهـم‪ ,‬ثـم‬
‫ماذا تكون البشرى العاجلة فكيف باآلجلة!‬
‫س ـطّــرت ـهــا‪ ..‬ل ـي ـع ـلــم مــن ال ي ـكــف أذاه أو يُ ـح ـجّــر ح ـبــه وح ـنــانــه أن ف ال ـق ـلــب س ـع ـةً وع ـطــاءً‪ ,‬وبــدل أن‬
‫يبكيك بيت ويدعو ستبكيك بيوت وتدعو!‬

‫رب ـنــا كــري‪ ,‬وال ي ـض ـيــع ع ـنــده شــيء‪ ,‬وهــو ال ـش ـكــور س ـب ـحــانــه ي ـجــازي احمل ـســن بــإح ـســان واملــوحّــد‬
‫املقصر بعفو ورحمة وإكرام‪..‬‬

‫أحـبـبـت أنـضُـمُ عـقـداً صـغـيـراً ف حـق مـن أوصـى ال تـعـالـى بـحـقـهـمـا مـع الـوصـيـة بـحـقـه‪ ,‬لـعـلـه‬
‫أن ي ـكــون ع ـي ـن ـاً جــاريــة مــن احل ـس ـنــات ف ص ـحــائ ـف ـه ـمــا‪ ,‬وي ـكــون س ـب ـب ـاً ل ـهــدايــة عــدد مــن ع ـبــاد ال‬
‫وإمائه‪..‬‬

‫الـلـهـمﱠ اغـفــر لــي ولــوالــديﱠ وذريــاتـهــم ووالــديـهــم وذريــاتـهــم وأرحــامـهــم ومــن أحـبـهــم ووصـلـهــم بــالــدعــاء‬
‫واج ـم ـع ـنــا ب ـهــم ف أع ـلــى اجل ـنــات مــع ال ـن ـب ـيــي وال ـصــدي ـقــي وال ـش ـهــداء وال ـصــاحلــي وح ـســن أول ـئــك‬
‫رفيقاً‪ ..‬وال حترمنا أجرهم‪ ..‬وال تفتنا بعدهم‪ ..‬اللهم توفنا مسلمي وأحلقنا بالصاحلي ‪..‬‬

‫هـي كـلـمـات أحـبـبـت أن تـكـون عـظـة‪ ,‬وأن تـكـون ثـوابـاً لـوالـدتـي ووالـدي ‪ ..‬فـاض بـهـا خـاطـري‪..‬‬
‫راجـيـة مـن الـكـري أن يـهـدي بـهـا قـلـوبـاً‪ ,‬ويـصـلـح بـهـا أحـواالً; لـتـكـون ف مـوازيـن والـديﱠ‪ ..‬وقـد تـركـت‬
‫من خيرِ ما عندهما الكثير ‪ ..‬لكنه غيض من فيض‪ ..‬وطرف من عقد‪..‬‬
‫ال حرم ال والديﱠ أجر تربيتنا واإلحسان إلينا ‪..‬‬
‫وال حرمهما أجر ما أصابهما ‪..‬‬
‫وإنـي الـيـوم ألدعـو ربـي بـشـعـور عـمـيـق جـدا أن يـجـزيـهـمـا خـيـر اجلـزاء عـلـى تـربـيـتـهـمـا وقـيـامـهـمـا بـنـا‪,‬‬
‫بـل إنـي ألدعـو ملـن ورﱠثـنـا أمـي‪ ,‬وكـان سـبـبـاً ف وجـودهـا ف هـذه الـدنـيـا‪ -‬بـكـرم ربـنـا ومـشـيـئـتـه ‪ ;-‬إذ‬
‫ذقنا حالوتها وطعم محبتها وحنانها‪.‬‬

‫وأشـكـر الـكـري سـبـحـانـه الـذي أحـيـاهـا حـتـى زوّجـت جـمـيـع أوالدهـا‪ ..‬ونـعـمـت بـفـرحـة زواج آخـر‬
‫العقد منذ عامي‪..‬‬
‫ويقي حبيب لقلبها‪ ..‬رعـتـه بـحـنـانـهـا بـعـد وفـاة أبـيـه ‪-‬وهـو ابـن سـنـتـي وثـمـانـيـة أشـهـر )ابـن أخـي األكـبـر‬
‫رحـمــه ال(‪ -‬ذرفــت دمــوعـهــا حــي رأتــه ف آخــر ســاعــاتـهــا‪ ..‬متـنــت أن لــو رأتــه ف بـيـتــه وبــي أوالده‬
‫وزوجــه ‪ ..‬ول ـكــن امل ـن ـيــة كــانــت أس ـبــق‪ ..‬ب ـلﱠ ـغ ـنــا ال ف ـيــه متــام ال ـن ـع ـمــة‪ ,‬وب ـلﱠ ـغــه س ـعــادة الــداريــن ون ـع ـيــم‬
‫اجلنتي بفضله ومنته‪.‬‬

‫وإنـي بـعـد هـذا ألسـتـحـي مـن املـولـى مـن جـمـيـل لـطـفـه‪ ..‬وتـتـابـع نـعـمـه‪ ..‬وال أَجِـد الئـقـاً بـنـعـمـه وأفـضـالـه‬
‫بـعـد فـقـدهـا إال الـشـكـر عـلـى مـا حـبـانـا مـن حـنـانـهـا‪ ,‬والـتـنـعـم بـالـعـيـش بـكـنـفـهـا ‪ ..‬فـلـه احملـامـد كـلـهـا‪..‬‬
‫وله الشكر كله ‪ ..‬ال نحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه‪..‬‬

‫أســأل ال تـعــالــى أن يـعــم الـنـفــع بـهــذه اخلــواطــر والـكـلـمــات‪ ..‬ويـجـعـلـهــا ف مــوازيــن مــن كـتـبـهــا‬
‫وقرأها ونشرها وأمّن على ما فيها من الدعاء وانتفع منها‪.‬‬

‫وصلى ال الكري بفضله على النبي اجملتبى وصحبه ‪..‬‬

‫قد خطته يدٌ من عطاء الكري سبحانه من أمةٍ فقيرة لربها قد أسماها أبواها‪ /‬البندري‬
‫وذلـك مـسـاء يـوم الـسـبـت الـثـالـث عـشـر مـن شـهـر ذي الـقـعـدة مـن عـام ألـف وأربـعـمـائـة وواحـد وأربـعـي‬
‫لـلـهـجـرة لـسـت وثـالثـي يـومـاً مـضـت عـلـى وفـاة أمـهـا ‪-‬رحـمـهـا ال‪ -‬ووالـدهـا وأخـيـهـا وأجـدادهـا‬
‫وأرحـامـهـا ومـن مـات مـن طـالـبـاتـهـا وأحـبـتـهـا وعـبـاد ال املـسـلـمـي‪ ,,‬وجـمـعـنـا ال بـهـم جـمـيـعـاً ف‬
‫الفردوس األعلى من اجلنة بعد عمر طويل على طاعته ‪,,‬‬
‫اللهم آمي ‪ ..‬اللهم آمي‬

You might also like