You are on page 1of 52

‫فلينظر اإلنسان ِم َّم ُخِلق ‪...

‬‬
‫رحلة إيمانية في مراحل خلق اإلنسان‬

‫عبد الدائم الكحيل‬


‫‪www.kaheel7.com‬‬
‫ض‬ ‫يروا ِفي األ َْر ِ‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫ُق ْل ِ‬
‫ق‬‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫د‬ ‫ب‬
‫ْ ََ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ر‬‫ُ‬ ‫ظ‬
‫ُ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ا‬‫ف‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫شأَةَ اآْل َخ َر َة‬ ‫َّ‬
‫الن‬ ‫ئ‬ ‫ش‬‫ِ‬
‫ثَُّم الل ُ ُ ْ ُ ْ‬‫ن‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ير‬ ‫د‬‫شي ٍء قَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ِّ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ى‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫ِ‬
‫إ‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫[العنكبوت‪]20 :‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على‬
‫سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‬

‫أحبتي في اهلل! هذا البحث ليس لمجرد االطالع أو المعرفة‪ ،‬بل‬


‫هو عبادة هلل تعالى‪ ،‬واستجابة لألمر اإللهي لنا‪َ ( :‬ف ْل َي ْنظُ ِر‬
‫ق) لندرك بعد هذا النظر قدرة اهلل على إعادة‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫خ‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ان‬
‫س ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫اإْل َ‬
‫ن‬
‫ْ‬
‫خلقه بعد الموت‪( :‬إِ َّن ُه َعلَى َر ْج ِع ِه لَقَ ِادٌر)‪ .‬فالتفكر في خلق اهلل‬
‫هو عبادة عظمى ال تقل أهمية عن الصالة والصوم والزكاة‪،‬‬
‫يهذب النفس ويجعل اإلنسان أكثر تواضعاً أمام‬ ‫ألن هذا التفكر ِّ‬
‫عظمة الخلق‪ ،‬بل ويزيد المؤمن إيماناً وتسليماً هلل عز وجل‪.‬‬
‫مم ُخلق‪...‬‬
‫فلينظر اإلنسان َّ‬
‫َ‬

‫في هذه الرحلة اإليمانية‪ ،‬سوف‬


‫ننظر إلى مراحل خلق اإلنسان‬
‫صورتها أجهزة العلماء في‬
‫كما َّ‬
‫القرن الحادي والعشرين‪ ،‬ونتأمل‬
‫هذه المراحل كما صورها لنا‬
‫القرآن قبل أربعة عشر قرناً‪.‬‬
‫التراب‬
‫أول مراحل الخلق‬

‫يؤكد العلماء اليوم بأن جميع العناصر التي يتركب منها‬


‫جسم اإلنسان موجودة في التراب‪ ،‬وهذا ما حدثنا عنه‬
‫َن َخلَقَ ُكم ِم ْن تُر ٍ‬
‫اب ثَُّم‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات‬‫ي‬‫َ‬ ‫آ‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫القرآن‪ ،‬يقول تعالى‪َ :‬و‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ون [الروم‪]20 :‬‬ ‫ِ‬ ‫إِ َذا أَ ْنتُ ْم َب َ‬
‫شٌر تَ ْنتَ ُ َ‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫الماء‬

‫لقد خلق اهلل كل شيء حي من الماء‪ ،‬وقد‬


‫وجد العلماء أن نسبة الماء في تركيب‬
‫المخلوقات الحية تصل ألكثر من ‪70‬‬
‫بالمئة‪ ،‬ولذلك قال تبارك وتعالى‪:‬‬
‫[األنبياء‪]30 :‬‬‫حي‬ ‫شيء‬ ‫وجعلنا من الماء َّ‬
‫كل‬
‫ّ‬
‫دابة من ماء [النور‪]45 :‬‬ ‫واهلل خلق َّ‬
‫كل َّ‬
‫أيها اإلنسان ‪...‬‬
‫اعرف أصلك ‪...‬‬
‫نطفة منوية‬

‫عندما يدرك اإلنسان أصله وهو الطين‪ ،‬ثم النطفة التي ال تكاد‬
‫تُرى‪ ،‬يزداد تواضعاً ويتخلص من غروره وتكبره‪ ،‬يقول تعالى‪:‬‬
‫ان َما َغَّر َك ِب َر ِّب َك ا ْل َك ِر ِيم * الَِّذي َخلَقَ َك‬
‫س ُ‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫إْل‬ ‫ا‬ ‫ا‬‫ه‬ ‫َي‬
‫ُّ‬
‫َ َ‬ ‫أ‬ ‫ا‬‫(ي‬
‫اء َر َّك َب َ‬
‫ك ) [االنفطار‪.]8-6 :‬‬ ‫ش‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ٍ‬
‫ة‬ ‫ور‬ ‫ص‬ ‫َي‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ف‬‫اك فَع َدلَ َك * ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫س َّو َ َ‬ ‫فَ َ‬
‫بعد تسعة أشهر‬
‫‪100000000000000‬‬
‫مئة تريليون خلية‬ ‫خلية ملقحة ال ُترى إال بالمجهر‬

‫من أكثر الظواهر غرابة في الطبيعة ظاهرة خلق اإلنسان!‬


‫فخلية واحدة تنمو وتصبح أكثر من ‪ 100‬تريليون خلية‪،‬‬
‫كيف تحدث هذه العملية‪ ،‬ومن الذي يتحكم بهذا البرنامج‬
‫الدقيق‪ ،‬هل هي الطبيعة‪ ،‬أم خالق الطبيعة عز وجل؟‬
‫برنامج الحياة‬
‫صنعه؟‬
‫َ‬ ‫الذي‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬

‫إن أغرب ما في األمر أن الخلية األم تبدأ باالنقسام ولكن ال تُنتج نفس‬
‫الخاليا‪ ،‬بل تنتج خاليا منوعة منها ما يشكل الجلد‪ ،‬وأخرى للعظام‪،‬‬
‫وأخرى للدماغ‪ ،‬وخاليا للعين وخاليا للقلب‪َ ...‬من الذي يخبر هذه‬
‫الخاليا بعملها وبمهمتها وبهذا التطور؟ أليس هو اهلل القائل‪:‬‬

‫يرا)‬ ‫شي ٍء فَقَ َّدره تَ ْق ِ‬


‫د‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫(‬
‫[الفرقان‪.]2 :‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مراحل‬
‫خلق‬
‫الجنين‬
‫في القرآن‬
‫يقول تعالى في سورة [المؤمنون‪:]14-12 :‬‬

‫ين‪ *1‬ثُ َّم‬ ‫ساَل لَ ٍة ِم ْن ِط ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ِ‬


‫م‬ ‫ان‬
‫َ‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬‫إْل‬‫ا‬ ‫ا‬‫ن‬‫َ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫ين * ثُ َّم َخلَ ْق َنا ُّ‬
‫الن ْطفَ َة‬ ‫َج َع ْل َناهُ ُن ْطفَ ًة ِفي قََر ٍار َم ِك ٍ‬
‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬
‫اما‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫غ‬‫َ‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫غ‬
‫َ‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ق‬‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫‪6‬‬
‫شأْ َناهُ َخ ْلقًا َآ َخَر ‪7‬‬ ‫أ‬ ‫م‬‫ث‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫م‬‫ح‬‫ل‬ ‫ام‬ ‫ظ‬‫ع‬‫ِ‬
‫س ْو َنا ا ْل َ َ َ ْ ً َّ ْ َ‬
‫ن‬‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ين‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َّ‬
‫فَتََب َار َك الل ُ ْ َ ُ‬
‫س‬ ‫َح‬
‫أ‬ ‫ه‬

‫لنتأمل اآلن هذه المراحل السبعة بالصور‪:‬‬


‫الن ْطفَ َة َعلَقَ ًة‬ ‫ين ثَُّم َج َع ْل َناهُ ُن ْطفَ ًة ِفي قََر ٍار َم ِك ٍ‬
‫ين ثَُّم َخلَ ْق َنا ُّ‬ ‫ساَل لَ ٍة ِم ْن ِط ٍ‬ ‫ولَقَ ْد َخلَ ْق َنا اإْلِ ْنس َ ِ‬
‫ان م ْن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬


‫شأْ َناهُ َخ ْلقًا َآ َخ َر‬
‫ام لَ ْح ًما ثَُّم أَ ْن َ‬
‫ظَ‬ ‫س ْو َنا ا ْل ِع َ‬
‫اما فَ َك َ‬
‫ظً‬ ‫ض َغ َة ِع َ‬
‫ض َغ ًة فَ َخلَ ْق َنا ا ْل ُم ْ‬
‫فَ َخلَ ْق َنا ا ْل َعلَقَ َة ُم ْ‬

‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬


‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫س ُن ا ْل َخ َ‬
‫ق‬ ‫ال‬ ‫َح‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫فَتََب َار َك الل‬
‫َ‬
‫الطين‬

‫خلق اهلل اإلنسان من ماء وتراب‪ ،‬وبالتالي نجد أن الماء‬


‫يشكل ثلثي اإلنسان‪ ،‬وهكذا عندما يختلط الماء بالتراب‬
‫يشكالن الطين‪ ،‬وهو أصل اإلنسان‪ ،‬يقول تعالى‪:‬‬
‫ساَل لَ ٍة ِم ْن ِط ٍ‬
‫ين ) [المؤمنون‪.]12 :‬‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ان ِ‬
‫م‬ ‫س َ‬‫( َولَقَ ْد َخلَ ْق َنا اإْلِ ْن َ‬
‫اكتشف العلماء أن جسم اإلنسان يتألف من العناصر‬
‫ذاتها الموجودة في التراب‪ ،‬بل في كل يوم يكشف‬
‫العلماء أسراراً جديدة لتراب األرض‪ ،‬وآخر هذه‬
‫االكتشافات أن بعض أنواع الطين تحوي مضادات‬
‫حيوية تستطيع قتل أعند أنواع الجراثيم‪ ،‬ولذلك‬
‫يفكرون اليوم باستخدام التراب لتعقيم المشافي!!‬

‫ولذلك أيها اإلنسان لقد أكرمك هللا عندما خلقك من تراب!‬


‫النطفة‬
‫وهي الحيوانات المنوية التي ينتجها الرجل‬

‫‪sperm‬‬

‫النطفة التي ُخلق منها اإلنسان ال تُرى بالعين المجردة لصغر حجمها‪،‬‬
‫ولكن األبحاث الطبية تُظهر أن سر الحياة أصغر من ذلك وهو موجود‬
‫في أعماق هذه النطفة‪ ،‬في الشريط الوراثي المسمى ‪ DNA‬حيث‬
‫يحوي كل المعلومات الالزمة لخلق إنسان عاقل‪ .‬يقول تعالى‪( :‬ثَُّم‬
‫َج َع ْل َناهُ ُن ْط َف ًة ِفي قَ َر ٍار َم ِك ٍ‬
‫ين) [المؤمنون‪ ،]13 :‬والقرار المكين هو الرحم‪،‬‬
‫يقول العلماء إن الرحم يصبح أكبر بألف مرة بعد الحمل مباشرة!!‬
‫بويضة‬
‫‪oocyte‬‬ ‫تتسابق النطاف وتقترب‬
‫نحو البويضة محاولة‬
‫اختراقها‪ ،‬والسؤال المهم‪:‬‬
‫َمن الذي علَّم النطفة أن‬
‫تسلك هذا الطريق في هذا‬
‫الظالم؟ ومن الذي يسوقها‬
‫باتجاه البويضة؟‬
‫يقول تعالى‪ :‬أَفَ َم ْن َي ْخلُ ُ‬
‫ق َك َم ْن‬
‫النحل‪17 :‬‬ ‫ق أَفَال تَ َذ َّك ُر َ‬
‫ون‬ ‫ال َي ْخلُ ُ‬
‫‪spermatozoon‬‬ ‫نطفة‬
‫مجموعة كبيرة من النطاف‬
‫تحيط بالبويضة ولكن واحدة‬
‫فقط تخترق البويضة وتشكل‬
‫األمشاج‪ ،‬حيث تختلط النطفة‬
‫بالبويضة‪ ،‬و“تذوب“ فيها‪.‬‬
‫اآلن لو تأملنا التركيب‬
‫الكيميائي للنطفة أوللبويضة‬
‫نالحظ أنها في معظمها تتألف‬
‫من الماء‪ ،‬ولذلك قال تعالى‪:‬‬
‫ان ِم َّم ُخِل َ‬
‫ق‬ ‫س ُ‬‫َف ْل َي ْنظُ ِر اإْلِ ْن َ‬
‫البويضة التي تنتجها المرأة كل شهر‬
‫اء َد ِاف ٍ‬
‫ق‬ ‫ق ِم ْن م ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُخِ‬
‫ل‬
‫يبلغ طول النطفة أقل من جزء من مئة جزء من الميليمتر‬
‫يقذف الرجل في كل مرة أكثر من ‪ 300‬مليون نطفة!‬

‫النطفة مزودة بذيل طويل يساعدها على السباحة للوصول إلى الهدف‪ ،‬حيث‬
‫ينفصل هذا الذيل عن النطفة ويدخل الرأس فقط في البويضة‪.‬‬

‫يحوي رأس النطفة كل المعلومات والبرامج الالزمة إلنتاج الجنين‪ ،‬أي‬


‫أنه مسؤول عن تحديد نوع المولود ذكراً أم أنثى‪ ،‬وقد أشار القرآن‬
‫إلى دور النطفة في تحديد جنس الجنين‪ ،‬يقول تعالى‪َ ( :‬وأ ََّن ُه َخلَ َ‬
‫ق‬
‫الزوج ْي ِن َّ‬
‫الذ َك َر َواأْل ُ ْنثَى * ِم ْن ُن ْطفَ ٍة إِ َذا تُ ْم َنى ) [النجم‪.]45-44 :‬‬ ‫َّ ْ َ‬
‫نطفة‬ ‫ان أ ََّنا‬
‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫اإل‬ ‫أ ََولَ ْم َيَر‬
‫َخلَ ْق َناهُ ِم ْن ُن ْطفَ ٍة فَِإ َذا‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫ُه َو َخ ٌ ُ ٌ‬
‫ب‬ ‫م‬ ‫يم‬ ‫ِ‬
‫ص‬
‫[يس‪]77 :‬‬

‫بويضة‬
‫بعد دخول أول حيوان منوي إلى البويضة تفرز هذه البويضة على‬
‫الفور مادة تؤدي إلى انغالق غالف البويضة أمام بقية النطاف‪ ،‬وبعد‬
‫التزاوج تفرز الخلية الملقحة هرمون ‪ hCG‬وهو ما يتحسسه كاشف‬
‫الحمل‪ ،‬هذا الهرمون يعطي تعليمة للجسم ليوقف الدورة الشهرية‬
‫ويعطي مؤشرات للمرأة على بداية الحمل‪.‬‬
‫النطفة األمشاج‬
‫‪zygote‬‬

‫بعد ‪ 30‬ساعة من دخول الحيوان المنوي إلى البويضة يحدث أول‬


‫انقسام وتبدأ الخلية بالتكاثر مشكلة النطفة األمشاج وذلك بعد أربعة‬
‫أيام تقريباً‪ .‬إن حجم هذه الخلية أقل بكثير من رأس الدبوس فال تكاد‬
‫تُرى أو تُذكر‪ ،‬ولذلك يقول تعالى‪:‬‬
‫ورا * إِ َّنا َخلَ ْق َنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬
‫ُ‬
‫ْ َ ً‬‫ذ‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ئ‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫ْ َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫َّه‬
‫ْ‬ ‫الد‬ ‫ن‬‫ان ٌ َ‬
‫م‬ ‫ين‬ ‫ح‬ ‫سِ‬ ‫( َه ْل أَتَى َعلَى اإْلِ ْن َ‬
‫يه فَجع ْل َناهُ س ِميعا ب ِ‬‫اج َن ْب َتِل ِ‬ ‫ان ِم ْن ُن ْطفَ ٍ‬
‫صيرا) [اإلنسان‪]2 :‬‬
‫َ ً َ ً‬ ‫ََ‬ ‫ٍ‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫َم‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ة‬ ‫اإْلِ ْن َ‬
‫س َ‬
‫س َنى‬ ‫ح‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫اء‬ ‫م‬ ‫َس‬ ‫أْل‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫و‬
‫ِّ‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ئ‬ ‫ِ‬
‫ار‬ ‫ب‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ال‬‫خ‬‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬
‫َْ ُ ُ ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يم‬ ‫يز ا ْلح ِ‬
‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ز‬ ‫ع‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫َر‬ ‫أْل‬‫ا‬‫و‬ ‫ات‬‫ِ‬ ‫او‬ ‫م‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ب‬
‫ِّ‬ ‫س‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫َمن الذي يخبر هذه الخلية بأنها يجب‬


‫أن تنقسم وتتكاثر وتشكل إنساناً؟‬

‫صورة بالمجهر اإللكتروني لجنين عمره‬


‫ثالثة أيام!! وهو عبارة عن خلية انقسمت‬
‫إلى ‪ 8‬خاليا‪ ،‬هذه المجموعة لديها القدرة‬
‫على االنقسام لتشكل أكثر من ‪100‬‬
‫تريليون خلية!‬
‫الجنين وهو يبحث في‬
‫الظالم عن مكان يتعلق به‬

‫اسِم َر ِّب َك‬


‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ْ‬
‫أ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ا‬
‫مكان تعلق‬
‫الجنين بالرحم‬ ‫ق‬ ‫ل‬
‫ََ َ‬ ‫خ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ذ‬ ‫َّ‬
‫ال‬
‫ان‬
‫َ َ‬‫س‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ِ‬‫إْل‬ ‫ا‬ ‫ق‬‫َ‬‫ل‬
‫َ َ‬ ‫خ‬
‫ِم ْن َعلَ ٍ‬
‫ق‬
‫الجدار الداخلي للرحم‬
‫العلقة‬

‫العلقة‬
‫الجدار الداخلي للرحم‬

‫بعد اندماج النطفة مع البويضة المؤنثة تبدأ االنقسامات‬


‫مباشرة‪ ،‬ثم تذهب البويضة الملقَّحة لتلتصق وتتعلَّق بجدار‬
‫اب ثَُّم ِم ْن‬
‫الرحم‪ ،‬لذلك يقول تعالى‪ُ ( :‬ه َو الَّ ِذي َخلَقَ ُكم ِم ْن تُر ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ُن ْطفَ ٍة ثَُّم ِم ْن علَقَ ٍ‬
‫ة) [غافر‪.]67 :‬‬ ‫َ‬
‫تتحول الخلية الملقحة إلى شكل آخر مختلف تماما ً هو‬
‫العلقة‪ ،‬وهي مجموعة من الخاليا التي تسعى لتتع َّلق ببطانة‬
‫الرحم خالل ‪ 12-6‬يوما ً تقريبا ً وتختار أفضل مكان فيه!‬

‫العلقة‬

‫يحتار العلماء‪ :‬ما الذي يدفع‬


‫هذه الكتلة من الخاليا للتعلُّق‬
‫بطانة الرحم‬ ‫ببطانة الرحم لتتغذى منه؟!‬
‫المضغة‬
‫ُ‬

‫بعد ذلك يتحول الجنين إلى ما يشبه قطعة اللحم التي عليها‬
‫آثار‪ o‬المضغ‪ ،‬ولذلك فقد تحدث القرآن عن هذه المرحلة بقوله‬
‫ض َغ ٍة ُم َخلَّ َق ٍة َو َغ ْي ِر ُم َخلَّ َق ٍة لِ ُن َب ِّينَ لَ ُك ْم َو ُنقِ ُّر‪ o‬فِي‬
‫تعالى‪ُ ( :‬ث َّم ِمنْ ُم ْ‬
‫س ًّمى ) [الحج‪.]5 :‬‬ ‫شا ُء إِلَى أَ َج ٍل ُم َ‬ ‫اأْل َ ْر َح ِام َما َن َ‬
‫ض َغ ٍة ُم َخلَّقَ ٍة َو َغ ْي ِر ُم َخلَّقَ ٍة‬
‫ثُ َّم ِم ْن ُم ْ‬

‫ماذا يحدث في هذه المرحلة؟‬

‫طول الجنين اآلن أقل من ‪ 4‬ملم‬

‫في هذه المرحلة تبدأ األجهزة المهمة بالتخلُّق مثل الجهاز العصبي‬
‫والقلب والدماغ‪ ،‬وتبدأ بعض المالمح بالظهور‪ ،‬يبدأ القلب ينبض‪ ،‬وتبدأ‬
‫كثير من األجهزة مثل الجهاز التنفسي والكليتين والكبد بالنمو السريع!‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫صورة للجنين وهو في مرحلة المضغة‪ ،‬هكذا يبدو وكأن عليه آثار أسنان‪،‬‬
‫في هذه المرحلة يصعب تمييزه بالعين‪ ،‬ويحتاج إلى مكبرات‪ ،‬ولكن اهلل تعالى‬
‫وصورها لنا وكأننا نراها!!‬
‫َّ‬ ‫أخبرنا بصفة هذه المرحلة (المضغة)‬
‫جنين عمره ‪ 7‬أسابيع هل تعلمون كم طول هذا الجنين؟ إنه يبلغ أقل‬
‫من ‪ 2‬سم‪ ،‬حيث يبدأ تشكل العظام في هذه المرحلة‪.‬‬
‫تشكل عظم الترقوة‬ ‫مرحلة العظام‬
‫الذي يحير العلماء‪ :‬كيف تعلم هذه الخاليا أنها‬
‫يجب أن تتحول إلى عظام بهذا التوقيت بالذات؟‬

‫‪Bone formation‬‬

‫في هذه المرحلة يبدأ تشكل العظام‪ ،‬وذلك خالل األسبوع‬


‫السادس حتى الثامن ويستمر تشكل العظام ونموها حتى ما‬
‫اما)‪.‬‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫ض َغ َة ِ‬
‫ع‬ ‫بعد الوالدة‪ ،‬يقول تعالى‪( :‬فَ َخلَ ْق َنا ا ْل ُم ْ‬
‫ً‬
‫الجنين في هذا العمر يبدأ قلبه‬
‫يدق‪ ،‬يبدأ دماغه بإصدار‬
‫الموجات الكهرطيسية‪ ،‬ويبدأ‬
‫بالتأثر بصوت أمه ويتفاعل مع‬
‫ما تقوله أو تشعر به‪ ،‬ولذلك‬
‫فإن األم ينبغي عليها أن تكثر‬
‫من قراءة القرآن‪ ،‬ألن القلب‬
‫والدماغ لدى الجنين يتأثران‬
‫بصوت القرآن!!‬
‫مرحلة اللحم‬

‫طول الجنين اآلن أقل من ‪ 3‬سم‬

‫في هذه المرحلة تبدأ العضالت بالتشكل‪ ،‬وتبدأ هذه العضالت‬


‫بتغليف العظام‪ ،‬وتستمر هذه المرحلة طويالً وتتداخل مع‬
‫المرحلة التي تليها‪ ،‬أي مرحلة العظام‪ .‬يقول تعالى‪:‬‬
‫ام لَ ْح ًما )‪.‬‬ ‫ظ‬
‫َ‬ ‫(فَ َكسو َنا ا ْل ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫وفي‬
‫أنفسكم‬
‫أفال‬
‫ُتبصرون‬
‫جنين عمره ‪ 8-7‬أسابيع وتظهر عليه بدايات مرحلة اللحم حيث تُكسى العظام بالعضالت‪ ،‬في بداية‬
‫األسبوع الثامن تبدأ العضالت بالحركة‪ .‬كما يبدأ تشكل طبقات الجلد الذي يغلف الجسم‪ ،‬وانظروا‬
‫وها لَ ْح ًما) [البقرة‪.]259 :‬‬
‫س َ‬ ‫ظ ِام َك ْي َ ِ‬
‫(وا ْنظُ ْر إِلَى ا ْل ِع َ‬
‫ف ُن ْنش ُز َها ثَُّم َن ْك ُ‬ ‫معي إلى قوله تعالى‪َ :‬‬
‫عظام الفك السفلي وهي تُكسى باللحم!‬ ‫‪weeks 12‬‬

‫صورة لرأس الجنين تظهر عليها عظام الفك السفلي!!‬


‫الخلق اآلخر‬
‫طول الجنين اآلن أقل من ‪ 4‬سم‬

‫في هذه المرحلة يأخذ الجنين مالمحه النهائية‪ ،‬فتظهر األطراف‬


‫والعيون واألذنين وبقية أعضاء الجسد وتبدأ الحركة ويبدأ النشاط‬
‫الكهربائي للقلب‪ ،‬الدماغ معقد جداً ويشغل نصف وزن الجسم‪ ،‬وتصبح‬
‫العمليات بعد ذلك عبارة عن نمو هذه األجزاء واكتمال خلقها‪ ،‬وتستمر‬
‫هذه المرحلة لنهاية الحمل ‪ ،‬لذلك يقول تعالى‪:‬‬
‫شأْ َناهُ َخ ْلقًا َآ َ َ‬
‫خر) [المؤمنون‪.]14 :‬‬ ‫(ثُ َّم أَ ْن َ‬
‫األسابيع الثمانية األولى من عمر‬
‫الجنين يتطور فيها على مراحل‬
‫ويأخذ أشكاالً مختلفة تماماً عن‬
‫بعضها‪ ،‬وبعد ذلك يبقى شكله ثابتاً‬
‫تقريباً حتى الوالدة‪ .‬ولذلك فإن‬
‫المراحل التي حدثنا عنها القرآن‬
‫تقع ضمن األسابيع الثمانية األولى‬
‫والمرحلة األخيرة تستمر من‬
‫الشهر الثامن حتى الوالدة وهي ما‬
‫اآلن عمر الجنين ‪ 8‬أسابيع ويمتلك تسعين بالمئة‬
‫من األجهزة التي يتمتع بها جسد الكبير‪ .‬ويبلغ‬ ‫سماه القرآن بالخلق اآلخر‪:‬‬
‫عدد خاليا هذا الجنين أكثر من ألف مليون خلية‪،‬‬
‫من الذي خلق هذه الخاليا؟‬ ‫شأْ َناهُ َخ ْلقًا َآ َخ َر‬
‫ثُ َّم أَ ْن َ‬
‫فتبارك اهلل أحسن الخالقين‪...‬‬

‫يدق قلب الجنين‬


‫‪ 54‬مليون مرة خالل فترة الحمل‬
‫ين‬
‫َ‬ ‫ق‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬‫خ‬‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫َح‬
‫أ‬ ‫ه‬‫َّ‬
‫شأْ َناهُ َخ ْلقًا َآ َخ َر فتََب َار َك الل ُ ْ َ ُ‬
‫ثُ َّم أَ ْن َ‬
‫األسبوع التاسع‪ :‬يبدأ الجنين يمص أصابعه ويحرك لسانه ويبدأ يشعر‬
‫بمالمسته لجسد أمه‪ ،‬وتبدأ األعضاء التناسلية للذكر واألنثى بالتميز‪.‬‬

‫األسبوع العاشر‪ :‬يبدأ تخلق بصمات األصابع واألظافر‪ ،‬ويبدأ الجنين‬


‫بالتثاؤب‪.‬‬

‫األسبوع ‪ :11‬تبدأ األعضاء التناسلية بالبروز‪ ،‬تبدأ األمعاء بالحركة‪.‬‬

‫األسابيع التالية حتى الوالدة‪ :‬يبدأ الجنين بالتطور وتبدأ أعضاؤه بالنمو‬
‫يمرن‬
‫السريع‪ ،‬ويبدأ باإلحساس وبالضحك والبكاء ويشعر بأمه‪ ،‬ويبدأ ِّ‬
‫نفسه على الرضاعة فيمص أصابعه باستمرار ويفتح ويغلق فمه‬
‫استعداداً للخروج ليجد حليب أمه!‬
‫تساؤالت كثيرة تحير العلماء‪:‬‬
‫‪ -‬كيف يمكن لخلية واحدة أن‬
‫تتطور بهذا الشكل العجيب‬
‫لتُنتج مخلوقاً شديد التعقيد‬
‫هو اإلنسان؟‬
‫‪ -‬من الذي ُيخبر هذه الخاليا‬
‫بما يجب عليها القيام به؟‬
‫جنين عمره أربعة أشهر‬ ‫نسق عملها فال‬
‫‪ -‬من الذي ُي ِّ‬
‫اآلن يبدأ الجنين يسمع ما يجري حوله‪.‬‬
‫يحدث أي خطأ؟‬
‫طول الجنين اآلن ‪ 12‬سم‪ ،‬وزنه ‪ 140‬غرام تقريباً!‬
‫في نهاية الشهر‪ o‬السادس‬
‫يكتمل بناء الجنين‪ ،‬وهذه أقل‬
‫مدة للحمل‪ ،‬لذلك قال تعالى‪:‬‬
‫ش ْه ًرا‬
‫ون َ‬
‫صالُ ُه ثَاَل ثُ َ‬ ‫ِ‬
‫َو َح ْملُ ُه َو َ‬
‫ف‬
‫وبما أن فترة الرضاع ‪24‬‬
‫شهراً فتكون أقل مدة للحمل‬
‫‪ 6 = 24 - 30‬أشهر‬
‫وهذه معجزة للقرآن في‬
‫جنين عمره ستة أشهر‬ ‫تحديد أقل مدة للحمل!‬
‫تأملوا معي حجم الجنين‬
‫عندما يكون عمره‬
‫شهراً واحداً حيث يبلغ‬
‫طوله أقل من ‪ 4‬مليمتر‪،‬‬
‫وعندما يوشك على‬
‫شهر واحد‬ ‫‪ 9‬أشهر‬
‫الوالدة يتضاعف طوله‬
‫أكثر من مئة مرة!‬

‫من الذي يهدي هذا الجنين في رحلته نحو الحياة؟ إنه هللا‬
‫تعالى القائل‪ :‬ا َّلذِي أَ ْع َطى ُكل َّ َ‬
‫ش ْي ٍء َخ ْل َق ُه ُث َّ‬
‫م هَدَى [طه‪]50 :‬‬
‫بعد تسعة أشهر يخرج الجنين‬
‫ليكون طفالً سميعا ً بصيراً‬
‫يحوي دماغه فقط أكثر من‬
‫‪ 1000000000000‬خلية‬
‫كيف يعلم هذا الطفل أن عليه‬
‫الخروج في هذا التوقيت‬
‫بالذات؟؟! إنه هللا تعالى القائل‪:‬‬

‫ُث َّم ُي ْخ ِر ُج ُك ْم طِ ْفالً‬


‫[غافر‪.]67 :‬‬
‫والناس حولك يضحكون سروراً‬ ‫ولدتك أمك يا ابن آدم باكياً‬
‫فاعمد إلى عمل تكون إذا َب َكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً‬
‫من دعاء األنبياء لمن ُحرم نعمة الزوجة أو الولد‬

‫الدع ِ‬
‫اء‬ ‫ُّ‬ ‫يع‬ ‫ط ِّيب ًة إِ َّن َك س ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫ر‬
‫ِّ‬ ‫ذ‬
‫ُ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫د‬‫َ‬‫ل‬
‫ْ ُ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫* َر ِّب َه ْب‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬

‫* َر ِّب اَل تَ َذ ْر ِني فَ ْر ًدا َوأَ ْن َت َخ ْي ُر ا ْل َو ِار ِث َ‬


‫ين‬

‫ير‬ ‫* ر ِّب إِ ِّني ِلما أَ ْن َز ْل َت إِلَ َّي ِم ْن َخ ْي ٍر فَ ِ‬


‫ق‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫اما‬ ‫م‬‫ين إِ‬


‫َ‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫َّ‬
‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ا‬‫ن‬‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ع‬ ‫اج‬
‫ْ‬ ‫و‬ ‫ٍ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫َع‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫َّ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ا‬‫ن‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫ر‬
‫ِّ‬ ‫ذ‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫ا‬‫ن‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫اج‬‫و‬ ‫َز‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫َّ‬ ‫ر‬ ‫*‬
‫َ ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫المشيمة ‪placenta‬‬ ‫المشيمة تقوم بتغذية الجنين‬
‫بالهواء والطعام والشراب‪ ،‬وال‬
‫تسمح بمرور المواد المؤذية‪،‬‬
‫وتنتج الهرمونات التي تنظم درجة‬
‫حرارة الجنين‪ ،‬ويقول العلماء إن‬
‫المشيمة تعمل على العناية بالجنين‬
‫بشكل أفضل من أي غرف عناية‬
‫مشددة‪ ،‬فسبحان هللا!‬

‫كنت معلقاً في بطن أمك‪ ،‬يأتيك الرزق والغذاء ويأتيك كل‬


‫أخي القارئ! ذات يوم َ‬
‫شيء من دون أن تقوم بأي جهد‪ ،‬أال يستحق هذا اإلله العظيم أن تسجد له‬
‫وتشكره على ذلك؟! بل إذا دعوت هذا اإلله‪ ،‬هل يعجز عن رزقك اآلن؟‬
‫جنين يضحك!‬
‫إن الجنين يبدأ بالضحك وهو في‬
‫بطن أمه‪ ،‬ثم يبدأ بالبكاء منذ‬
‫اللحظة األولى لخروجه للدنيا‪،‬‬
‫ولذلك فإن اهلل تعالى حدثنا عن‬
‫تسلسل هاتين العمليتين بأنه عز‬
‫وجل هو من أضحك وهو من‬
‫أبكى‪ ،‬يقول تعالى ‪:‬‬

‫النجم‪43 :‬‬ ‫َوأ ََّن ُه ُه َو أ ْ‬


‫َض َح َك َوأ َْب َكى‬
‫ق‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫اب‬
‫َ ََ‬‫ش‬
‫َ‬ ‫ت‬‫ف‬
‫َ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫ا‬‫و‬‫ق‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫اء‬‫ك‬‫َ‬ ‫ر‬ ‫ش‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫أ َْم َج َعلُوا‬
‫َ َ‬
‫شي ٍء و ُهو ا ْلو ِ‬
‫اح ُد ا ْلقَ َّه ُار‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫ل‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ق‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫الرعد‪16 :‬‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬

‫جنين قطة‬ ‫جنين إنسان‬

‫هناك تشابه كبير بين أجنة الكثير من الكائنات الحية في مراحل‬


‫تشكلها األولى‪ ،‬وبما يشهد على أن الخالق واحد تعالى!‬
‫هناك تشابه أيضا ً بين تصميم المجرات في بداية تشكلها‪ ،‬وبين تصميم‬
‫الجنين في مراحله األولى بما يشهد على أن الخالق واحد تبارك‬
‫وتعالى‪ ،‬وهو القائل‪( :‬هللا خالق كل شيء)‪ ،‬فسبحان هللا!‬

‫صورة لجنين في مراحله األولى‬ ‫صورة لمجرة بعيدة في مراحلها األولى‬


‫كذلك هناك تشابه مذهل بين النسيج الدماغي للجنين وبين النسيج‬
‫الكوني للمجرات!! ويصعب على اإلنسان التمييز بين المشهدين‪ ،‬وهذا‬
‫يدل على أن خالق الكون هو نفسه خالق اإلنسان!!‬

‫نسيج دماغي‬ ‫نسيج كوني‬


‫هذه الحقائق‬
‫تشهد على وحدانية الخالق‪ o‬تعالى‬

‫وأخيراً البد أن نطرح سؤاالً ألولئك الذين ي ّدعون أن القرآن كتاب أساطير‪:‬‬
‫أمي اسمه محمد ”صلى هللا عليه وسلم“ بهذه التفاصيل‬
‫نبي ّ‬
‫من أين جاء ّ‬
‫الدقيقة لمراحل خلق الجنين في القرن السابع؟ وكيف استطاع تحديد كل‬
‫مرحلة ووصفها بأفضل تعبير يطابق الحقائق العلمية؟ بينما نجد أطباء‬
‫أوربا حتى القرن السابع عشر يتخبطون في هذا العلم ويظنون بأن داخل‬
‫النطفة هناك إنسان كامل‪ ،‬ولم يخطر ببالهم أن يتحدثوا عن مراحل للخلق‬
‫كما فعل القرآن! إنه إثبات مادي على صدق رسالة اإلسالم!‬
‫ون لَ ُه َولَ ٌد‬ ‫َُ ُ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫َّ‬
‫َن‬ ‫أ‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫َر‬ ‫أْل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ات‬ ‫ِ‬ ‫او‬ ‫م‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫يع‬ ‫ِ‬
‫د‬ ‫ب‬
‫ََ َ ْ‬ ‫َ ُ‬
‫ش ْي ٍء َو ُه َو‬ ‫َّ‬
‫ص َ َ ََ َ ُ َ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫اح‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫َ‬‫ت‬ ‫م‬‫َ ْ‬‫ل‬
‫َ‬ ‫و‬
‫شي ٍء َع ِليم * َذِل ُكم اللَّ ُه ر ُّب ُكم اَل إِلَ َه إِاَّل‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ِّ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ب‬‫ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫اع ُب ُدوهُ َو ُه َو َعلَى ُك ِّل‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ء‬ ‫ي‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ل‬‫ِّ‬ ‫ك‬
‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬
‫ص ُار َو ُه َو ُي ْد ِر ُك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ش ْي َ ٌ اَل ُ ْ ُ ُ أْل ْ َ‬
‫َب‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ت‬ ‫*‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ء‬ ‫َ‬
‫خ ِبير [األنعام‪]103-101 :‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ا‬ ‫يف‬
‫ُ‬ ‫ط‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫ار‬ ‫ص‬ ‫َب‬
‫ْ‬ ‫أْل‬ ‫ا‬
‫ُ‬ ‫ََ َ َ‬
‫بعض المراجع‬
1- Carlson, Bruce M. Human Embryology and Developmental Biology, 2nd
ed. New York: Mosby, 1999.
2- Gilbert, Scott F. Developmental Biology, 3rd ed. Sunderland, MA: Sinauer
Associates, Inc., 1991.
3- Moore, Keith L., and T. V. N. Persaud. Before We Are Born: Essentials of
Embryology and Birth Defects, 5th ed. Philadelphia, PA: W. B. Saunders,
Co., 1998.
4- Embryo, Wikipedia.
5- The Biology of Prenatal Development, www.ehd.org.
6- Vaughn, C.  How Life Begins: the science of life in the womb.  New York:
Times Books, 1996.
7- The Visible Embryo,  www.visembryo.com
8- Larsen, W. Human Embryology.  New York: Churchill Livingston Co.
1993.
9- Horder, T.J. and others. A History of Embryology, Cambridge University,
Press, 1986.
10- Balinsky, B.I. An Introduction to Embryology, SCP, 1981.
11- Moore, P.D. Embryology, Mosby, 1986.
12- Gilbert, Stephen. Pictorial Anatomy of the Human Embryo, University, of
Wash. Press, 1988.
‫وأمام هذه الحقائق المذهلة ال نملك إال أن نقول‪:‬‬

‫ِ‬
‫َر َّب َنا َما َخلَ ْق َت َه َذا َباطالً‬
‫اب َّ‬
‫النارِ‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫ق‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ا‬‫ح‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫ُْ َ َ َ َ َ َ‬
‫الموقع اإللكتروني للمؤلف‬

‫‪www.kaheel7.com‬‬

You might also like