You are on page 1of 14

‫المصحف‬

‫العثماني‬
‫توصيفه ‪-‬تاريخه ‪-‬هل كتبه عثمان‬
‫بيده؟‪ -‬هل هو موجود الن؟‬

‫عوض احمد الناشري الشهري‬


‫المعيد بكلية الشريعة وأصول الدين ‪ -‬جامعة الملك‬
‫خالد بأبها‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل نبي بعده وبعد ‪:‬‬
‫فهذا بحث مختصر حول )المصحف العثماني( أو )المصحف المام (‬
‫الذي كتبه الخليفة الراشد عثمان بن عفان ‪ -‬رضي الله عنه – وهذا‬
‫البحث ُمقسم لعدة مباحث قصيرة أرجو أن يكون فيها النفع والفائدة‬
‫وأن يكون العمل خالصا ً متقبلً عنده سبحانه ‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫تعريف المصحف العثماني والمنهج في‬
‫كتابته‬

‫* التعريف ‪ -:‬يقول الكردي في )تاريخ القرآن( ‪ :‬والمراد بالمصحف‬


‫العثماني مصحف عثمان بن عفان – رضي الله عنه – الذي أمر‬
‫بكتابته وجمعه وكانوا يسمونه "المصحف المام" ‪ ،‬وسبب هذه‬
‫التسمية "المام" هي مقولة عثمان )‪ .....‬يا أصحاب محمد اجتمعوا‬
‫)‪(1‬‬
‫فاكتبوا للناس إماما ً( ‪.‬‬
‫ولعل كلمة المصحف المام كانت تشمل جميع المصاحف التي كتبت‬
‫بأمر عثمان – رضي الله عنه – في أي مصر من المصار ‪ ،‬وليس‬
‫)‪(2‬‬
‫مصحف المدينة أو المصحف الخاص بالخليفة فحسب‪.‬‬

‫* الطريقة والمنهج الذي كتب به ‪-:‬‬

‫)‪ (1‬تاريخ القرآن الكريم – للكردي ‪ ،‬ص ‪) 3‬مطبعة الفتح – جدة ‪ .‬ط ‪1365.1‬هـ(‬
‫)‪ (2‬رسم المصحف – لغانم قدوري ‪ ،‬ص ‪)190 -189‬اللجنة الوطنية – بغداد ‪.‬ط ‪1402.1‬هـ(‬
‫وحدد عثمان – رضي الله عنه ‪ -‬مع الك ُّتاب – رضي الله عنهم –‬
‫السس والمنهج الذي يعتمدون عليه في نسخ المصاحف العثمانية‬
‫وهي ‪-:‬‬
‫‪- 1‬ل يكتب شيء إل بعد التحقق من أنه قرآن ‪.‬‬
‫‪- 2‬ل يكتب شيء إل بعد العلم بأنه استقر في العرضة الخيرة ‪.‬‬
‫‪- 3‬ل يكتب شيء إل بعد التأكد أنه لم ينسخ ‪.‬‬
‫‪- 4‬ل يكتب شيء إل بعد عرضه على جمع من الصحابة ‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا اختلفوا في شيء من القرآن كتبوه بلغة قريش ‪.‬‬
‫‪ -6‬يحافظ على القراءات المتواترة ول تكتب قراءة غير متواترة ‪.‬‬
‫‪ -7‬اللفظ الذي ل تختلف فيه وجوه القراءات يرسم بصورة واحدة ‪.‬‬
‫‪ -8‬اللفظ الذي تختلف فيه وجوه القراءات ويمكن رسمه في الخط‬
‫محتملً لها كلها يكتب برسم واحد مثل ‪) :‬إن جاءكم فاسق بنبأ‬
‫فتبينوا(‪ ،‬فإنها تصح أن تقرأ بالقراءة الخرى )فتثبتوا( لن الكتابة‬
‫كانت خالية من النقط والشكل ‪.‬‬
‫‪ -9‬اللفظ الذي تختلف فيه وجوه القراءات ول يمكن رسمه في‬
‫الخط محتملً لها يكتب في نسخة برسم يوافق بعض الوجوه وفي‬
‫نسخة أخرى برسم يوافق الوجه الخر ‪ .‬مثل )ووصى بها إبراهيم بنيه‬
‫)‪(3‬‬
‫ويعقوب ( ‪ ،‬فإنها تكتب في نسخة أخرى )وأوصى(‪.‬‬
‫وبهذا المنهج الدقيق والسس السلمية كتب المصحف العثماني‬
‫فكان في غاية الدقة والضبط والتحري ‪ .‬ولله الحمد والمنة ‪.‬‬

‫)‪ (3‬أنظر كتاب دراسات في علوم القرآن – للدكتور‪/‬محمد بكر إسماعيل ص ‪)129-128‬دار المنار – القاهرة ط‪.‬‬
‫‪1411.1‬هـ( وكتاب القرآن ونصوصه للدكتور عدنان زرزور ص ‪)86 -85‬مطبعة خالد بن الوليد – دمشق ‪1399‬هـ(‬
‫ومناهل العرفان للزرقاني)‪) (211 /1‬الكتاب العربي – بيروت ط ‪ 1419.3‬هـ(‬
‫المبحث الثاني‬
‫وصفه ومزاياه‬

‫* وصفه‪ -:‬ل نستطيع فيما يتعلق بوصف المصحف المام العثماني‬


‫أن نقف على وصف دقيق في الوقت الحاضر وذلك بسبب تعدد‬
‫الروايات واختلفها حول مصير المصحف العثماني أو المصاحف‬
‫العثمانية الصلية وهل من المحتمل أن يكون قد بقي منها شيء ؟!!‬
‫وهذه مسألة تاريخية كبيرة سوف أشير لها في البحث الخاص بها ‪.‬‬
‫ولكن سوف أكتفي بذكر بعض الروايات التي ذكرها المعاصرون عن‬
‫القدمين الذين رأوا المصحف المام في تلك العصور وهذه قد تعتبر‬
‫صح ما يمكن أن نستقي منه وصف المصحف المام مع إحتمال‬
‫من أ ّ‬
‫أنه قد يوجد ورقات منه الن ‪.‬‬
‫تذكر الدكتورة ‪ /‬سحر السيد رواية عن السهودي أن القاسم بن‬
‫سلّم ‪ ،‬ت ‪223‬هـ ‪ ،‬رأي مصحف عثمان المنقوط بدمه وشاهد آثار‬
‫الدماء بصفحات منه ‪.‬‬
‫وتذكر رواية أخرى ُتجّلي لنا صفة ذلك المصحف فيقول صاحب‬
‫الرواية بعد أن ذكرت الكاتبة سند الرواية كاملً ومصدرها يقول ‪:‬‬
‫)حدثني أبي ‪ :‬رأيت المام مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه‬
‫ت طول المصحف‬
‫وأرضاه في شهر ربيع الول سنة ‪223‬هـ فشبر ُ‬
‫فإذا في الورقة ثمانية وعشرون سطرا ً ‪ ،‬ورأيت أثر دم فيه كثيرا ً في‬
‫أوراق من المصحف كثيرة ‪ ،‬بعض الورق قدر نصف الورقة وبعضه‬
‫قدر الثلث وفي بعض الورق أقل وأكثر ورأيت عظم الدم نفسه في‬
‫)‪(4‬‬
‫سورة النجم ‪ ....‬إلى آخر ما جاء في الرواية ‪.‬‬

‫)‪ (4‬أضواء على مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه للدكتورة ‪ /‬سحر السيد ‪ ،‬ص ‪) 39-38‬مؤسسة شباب‬
‫الجامعة – السكندرية (‬
‫وكذلك هذه المصاحف غير منقوطة ول معجمه ول مزينة وليست‬
‫هناك علمات بين اليات والخط طبعا ً مدني بدائي غير كوفي أو ثلث‬
‫)‪(5‬‬
‫أو ما أشبه‪.‬‬
‫ويقول صاحب كتاب )سمير الطالبين( كتبت المصاحف العثمانية‬
‫على الترتيب المكتوب في اللوح المحفوظ بتوقيف جبريل عليه‬
‫السلم للنبي – صلي الله عليه وسلم – على ذلك وإعلمه عند نزول‬
‫كل أية بموضعها ‪ ،‬مجردة من النقط والشكل ‪ ،‬والذي عليه الجماهير‬
‫من السلف والخلف أنها مشتملة على ما يحتمله رسمها من الحرف‬
‫السبعة جامعة للعرضية الخيرة التي عرضها الرسول صلى الله‬
‫)‪(6‬‬
‫عليه وسلم على جبريل عليه والسلم ولم تترك حرفا ً منها ‪.‬‬

‫* مزايا المصحف العثماني ‪-:‬‬


‫يقول الزرقاني – رحمه الله ‪ : -‬إن المصاحف العثمانية قد توافر فيها‬
‫من المزايا مالم يتوافر في غيرها ومن هذه المزايا ‪:‬‬
‫‪ -1‬القتصار على ما ثبت بالتواتر دون ما كانت روايته آحادا ً ‪.‬‬
‫‪ -2‬إهمال ما نسخت تلوته ولم يستقّر في العرضة الخيرة ‪.‬‬
‫‪ -3‬ترتيب السور واليات على الوجه المعروف الن ‪.‬‬
‫‪ -4‬كتابتها – أي المصاحف العثمانية – كانت تجمع وجوه القراءات‬
‫المختلفة والحرف التي نزل عليها القرآن ‪.‬‬
‫‪ -5‬تجريدها من كل ما ليس قرآنا ً كالذي كان يكتبه بعض الصحابة في‬
‫مصاحفهم الخاصة شرحا ً المعنى أو بيانا ً لناسخ أو منسوخ أو نحو‬
‫)‪(7‬‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫)‪ (5‬المدخل إلى علوم القرآن للدكتور ‪ /‬محمد أمين فرشوخ ‪ ،‬ص ‪)145‬دار الفكر – بيروت ط ‪1990.1‬م(‬
‫)‪ (6‬سمير الطالبين في رسم وضبط الكتاب المبين ‪ :‬على محمد الضباع ص ‪)15‬طبع عبد الحميد حنفي ط ‪(1‬‬
‫وللستزاده ينظر )مباحث في علوم القرآن( د‪ /‬صبحي الصالح ص ‪ 85-84‬و )لمحات في علوم القرآن( د‪/‬‬
‫محمد بن لطفي الصباغ ص ‪ .125‬و)التبيان في علوم القرآن( د‪ /‬كامل موسى ص ‪43‬‬
‫)‪ (7‬مناهل العرفان – للزرقاني ص ‪214-213‬ج ‪،1‬للستزادة ينظر)المدخل لدراسة القرآن الكريم(د‪/‬محمد أبو‬
‫شهبه ص ‪) ، 215‬مفتاح الراغبين في معرفة القرآن الكريم ( أحمد إسماعيل يحيى ص ‪88‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫تاريخه وأعضاء اللجنة التي كتبته وهل كتبه‬
‫عثمان بيده ؟‬

‫* تاريخ كتابة المصحف العثماني‪-:‬‬


‫كان ذلك في أو واخر سنة ‪24‬هـ وأوائل سنة ‪25‬هـ ‪ ،‬كما قال أبن حجر‬
‫العسقلني – رحمه الله – وقال أيضا ً ‪" :‬وغفل بعض من أدركناه‬
‫)‪(8‬‬
‫فزعم أنه كان في حدود سنة ثلثين ولم يذكر له مستندا ً"‪.‬‬
‫وليس هناك من حدد المدة التي استغرقتها اللجنة في كتابه‬
‫ت عليه من مراجع والله‬
‫المصحف ‪ ،‬وهذا الكلم من خلل ما وقف ُ‬
‫أعلم ‪.‬‬

‫* أعضاء اللجنة التي كتبت المصحف العثماني‪-:‬‬


‫يقول الشيخ أبو زهرة ‪ :‬وجمع – أي عثمان – من الصحابة الحافظين‬
‫الكرام بضعة على رأسهم زيد ابن ثابت الجامع الول والثقة الثبت‬
‫الذي كان له فضل التثبت في كل كلمة وآية وكان جملة من ضمهم‬
‫إلى زيد ثلثة هم ‪ :‬عبد الله بن الزبير ‪ ،‬وسعيد بن العاص ‪ ،‬وعبد‬
‫الرحمن بن الحارث وقال لهذا الرهط من قريش ‪ :‬ما اختلفتم فيه‬
‫)‪(9‬‬
‫أنتم وزيد ‪ ،‬فاكتبوه بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم ‪.‬‬
‫ويقول أحمد إسماعيل في كتابه )مفتاح الراغبين ( وقدوردت بعض‬
‫)‪(10‬‬
‫الروايات أن الذين ندبوا لنسخ المصاحف كانوا أثني عشر رجلً ‪.‬‬
‫ت من أن أعضاء اللجنة هم‬
‫ول تعارض بين هذه الروايات وما هو ثاب ٌ‬
‫الربعة الذين سبق ذكرهم لنه وكما يقول الشيخ أبوزهرة ‪ :‬ويظهر‬

‫)‪ (8‬جمع لقرآن الكريم في عهد الخلفاء الراشدين ‪ ،‬أ‪.‬د‪ .‬فهد الرومي ص ‪)19‬ندوة عناية المملكة بالقرآن‬
‫وعلومه – المدينة المنورة ‪ .‬رجب – ‪1421‬هـ(‬
‫)‪ (9‬المعجزة الكبرى القرآن محمد أبو زهرة ص ‪)29‬دار الفكر العربي – القاهرة ‪1418‬هـ(‬
‫)‪ (10‬مفتاح الراغبين أحمد إسماعيل يحيى ص ‪)87‬الدار المصرية و اللبنانية – القاهرة ‪ ،‬ط ‪1420.1‬هـ(‬
‫أن سيدنا عثمان لم يكتف بهولء الربعة بل كان يضم إلى معاونتهم‬
‫من يكون عنده علم بالقرآن يعاونهم في كتابته ‪.‬‬
‫* هل كتب عثمان – رضي الله عنه – المصحف بيده ؟‪-:‬‬
‫كما هو معروف أن عثمان بن عفان لم يكتب المصحف بيده وهذا‬
‫الذي عليه المحققون‬
‫تقول الدكتورة سحر السيد ‪ :‬فالخليفة عثمان كما سبق أن ذكرنا في‬
‫الصفحات السابقة قد عهد إلى عدد من الصحابة بنسخ المصحف‬
‫)‪(11‬‬
‫على قراءة واحدة بلسان قريش ولم يكتب بنفسه أي نسخة‪.‬‬
‫وكذلك من الذين ينفون أن يكون عثمان – رضي الله عنه – قد كتب‬
‫شيء من المصحف صاحب كتاب )تاريخ القرآن( الكردي حيث‬
‫)‪(12‬‬
‫يقول ‪ :‬ولم ينقل أنه كتب بيده مصحفا ً وإنما أمر بجمعه وكتابته‪.‬‬
‫وكذلك الدكتور ‪ :‬محمد أمين فرشوخ في كتابه وصاحب كتاب )سمير‬
‫الطالبين ( علي محمد الضباع ‪ .‬وغيرهم ممن ينفون كتابة عثمان‬
‫للمصحف بيده‪.‬‬

‫أضواء على مصحف عثمان بن عفان د‪ /‬سحر السيد ص ‪47‬‬ ‫) ‪(11‬‬

‫تاريخ القرآن محمد طاهر الكردي ص ‪32‬‬ ‫) ‪(12‬‬


‫المبحث الرابع‬
‫عدد المصاحف العثمانية وكيفية إنتشارها‬

‫* عددها ‪-:‬‬
‫قال الزركشي – رحمه الله – )قال أبو عمرو الداني في المقنع ‪ :‬أكثر‬
‫العلماء على أن عثمان لما كتب المصاحف جعله على أربع نسخ‬
‫وبعث إلى كل ناحية واحدا ً ‪ ،‬الكوفة والبصرة والشام وترك واحدا ً‬
‫عنده ‪ ،‬وقد قيل ‪ :‬أنه جعله سبع نسخ وزاد إلى مكة وإلى اليمن وإلى‬
‫البحرين ‪ ،‬قال ‪ :‬والول أصح وعليه الئمة(‪.‬‬
‫)‪(13‬‬

‫ويقول المام السيوطي – رحمه الله – ُأخُتلف في عدة المصاحف‬


‫التي َأرس َ‬
‫ل بها عثمان إلى الفاق ‪ ،‬المشهور أنها خمسة وأخرج ابن‬
‫أبي داود من طريق حمزة الزيات قال ‪ :‬أرس َ‬
‫ل عثمان أربعة مصاحف‬
‫‪ ،‬قال ابو داود ‪ :‬وسمعت أبا حاتم السجستاني يقول ‪ :‬كتب سبعة‬
‫مصاحف فأرسل إلى مكة ‪ ،‬والشام ‪ ،‬وإلى اليمن ‪ ،‬وإلى البحرين ‪،‬‬
‫)‪(14‬‬
‫وإلى البصرة ‪ ،‬وإلى الكوفة ‪ ،‬وحبس بالمدنية واحدا ً ‪.‬‬
‫وكانت كلها مكتوبة على الورق )الكاغد( إل المصحف الذي خص به‬
‫)‪(15‬‬
‫نفسه فقد قيل ‪ :‬إنه على رق الغزال ‪.‬‬
‫والمصاحف المدنية والمكية تسمي بالمصاحف الحجازية عند أهل‬
‫الرسم ‪ ،‬والكوفي والبصري هما المرادان بالمصاحف العراقية عند‬
‫)‪(16‬‬
‫أهل الرسم أيضا ً والسادس هو المصحف الشامي‪.‬‬
‫وإذا كان هو أص َُ‬
‫ل لكل هذه المصاحف – أي المام – فيجب القول‬
‫بأنه ل اختلف بينها لنه الحكم وأنها صورة لنسخة واحدة ‪ ،‬ويكون‬

‫)‪ (13‬البرهان في علوم القرآن بدرالدين محمد بن عبد الله الزركشي ت ‪794‬هـ ‪)1/334،‬دار المعرفة‪،‬بيروت‪،‬ط‬
‫‪1415-3‬هـ(‬
‫)‪ (14‬التقان جلل الدين السيوطي ت ‪911‬هـ )‪)(1/132‬الكتب العلمية – بيروت ط ‪1415.3‬هـ(‬
‫)‪ (15‬سمير الطالبين على محمد الضباع ص ‪16‬‬
‫)‪ (16‬جامع البيان في معرفة رسم القرآن على إسماعيل السيد هنداوي ص ‪)21‬دار الفرقان –الرياض ‪1410 ،‬هـ(‬
‫"المام" هو المرجع الول في الدولة ‪ ،‬ترجع إليه كل المصاحف وهو‬
‫)‪(17‬‬
‫الحاكم عليها‪.‬‬

‫المعجزة الكبرى محمد أبوزهرة ص ‪30‬‬ ‫) ‪(17‬‬


‫* كيفية انتشارها ‪-:‬‬
‫ولم يكتف سيدنا عثمان – رضي الله عنه‪ -‬بإرسال المصاحف إلى‬
‫المصار ‪ ،‬وإنما بعث مع كل مصحف واحدا ً من الصحابة يقرئ من‬
‫أرسل إليهم المصحف ‪،‬وغالبا ً ما كانت قراءة هذا الصحابي توافق ما‬
‫كتب به المصحف ‪ ،‬فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمدني ‪ ،‬وبعث عبد‬
‫الله بن السائب مع المكي ‪ ،‬والمغيرة بن شهاب مع الشامي ‪ ،‬وأبا‬
‫عبد الرحمن السلمي مع الكوفي ‪ ،‬وعامر بن عبد القيس مع‬
‫البصري وهذا يرجح الرواية التي تنص على أن النسخ كانت خمسة ل‬
‫)‪(18‬‬
‫سبعة ‪.‬‬
‫وبهذا ُيعرف كيفية إنتشار هذه المصاحف لن العتماد في نقل‬
‫ة عن ثقةٍ وإماما ً عن إمام‬
‫القرآن على التلقي من صدور الرجال ثق ً‬
‫إلى النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬لذلك اختار عثمان حفاظا ً يثق بهم‬
‫وانفذهم إلى القطار السلمية واعتبر هذه المصاحف أصولً ثواني ‪-‬‬
‫ثانوي‪ -‬مبالغة في المر ‪ ،‬وتوثيقا ً للقرآن ولجمع كلمة المسلمين‬
‫فكان يرسل إلى كل إقليم مصحفه مع من يوافق قراءته في الكثر‬
‫)‪(19‬‬
‫الغلب ‪.‬‬

‫رسم المصحف وضبطه الدكتور شعبان محمد إسماعيل ص ‪)19‬دار الثقافة – قطر ‪ ،‬ط ‪1412.1‬هـ(‬ ‫) ‪(18‬‬

‫مناهل العرفان للزرقاني)‪( 330 /1‬‬ ‫) ‪(19‬‬


‫المبحث الخامس‬
‫هل المصحف العثماني )المام( إو أحد‬
‫المصاحف العثمانية الولى موجود الن!!!؟؟‬

‫في الحقيقة أن هذه المسألة وهي هل المصحف المام أو أحد‬


‫المصاحف العثمانية موجود الن أم ل ؟!! مسألة طويلة ومتفرعة‬
‫وتحتوي على إدعاءات ومزاعم وردود عليها ولكني لن أتعرض هنا‬
‫لطولها الشديد ولكني سُأحيل إلى كتاب الدكتورة سحر السيد فقد‬
‫وفت الموضوع وأعطته حقه في بسط علمي رائع وتأصيل تاريخي‬
‫جميل‪.‬‬
‫وسأكتفي هنا بالخلصة فقط وبالله التوفيق ‪.‬‬
‫تقول الدكتورة ‪ :‬سحر السيد ‪ /‬ويقترن مصير هذا المصحف المام‬
‫بآراء وادعاءات مختلفة حول مكانة لقد ظل هذا المصحف‬
‫المصطبغة صفحات منه بدماء الخليفة الشهيد في المدنية فترة من‬
‫الزمن بعد إستشهاده ثم اختفي منها ومنذ ذلك الحين بدأت بعض‬
‫المساجد الجامعة تزعم حيازتها له ومن هنا تبدأ مشكلة مصير هذا‬
‫المصحف ‪.‬‬
‫ثم ذكرت الدكتورة ‪ .‬سحر خمس ادعاءات وفندتها ثم ردت عليها‬
‫ومن هذه الدعاءات‪-:‬‬
‫‪ -1‬أن المصحف المام كان محفوظا ً في القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن المصحف المام كان محفوظا ً في البصرة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن المصحف المام كان محفوظا ً في طقشند‪.‬‬
‫‪ -4‬أن المصحف المام كان محفوظا ً في حمص‪.‬‬
‫‪ -5‬أن المصحف المام كان محفوظا ً في متحف طوب قابوسراي‬
‫في اسطنبول‪.‬‬
‫وبعد أن أسهبت الدكتورة سحر في الرد على هذه المزاعم‬
‫والدعاءات تقول ‪ :‬وأعتقد لكشف الغموض الذي يكتنف مصحف‬
‫عثمان المام أن المصحف الذي كان محفوظا ً بجامع قرطبة لم يكن‬
‫كله مصحف عثمان الذي كان يقرأ فيه يوم إستشهاده ‪ ،‬وإنما كان‬
‫يشتمل على أربع ورقات فقط منه أما بقية أوراقه فقد تكون قد‬
‫نسخت على نفس نظام المصحف العثماني ‪ ،‬ثم بعد ذلك انتقل من‬
‫دولة إلى دولة إلى أن استقر في دولة الموحدين ومن بعدهم عند‬
‫المرينيون الذين هزموا على يد البرتغاليين وغنموا المصحف إلى أن‬
‫استرده السلطان المريني بآلف الدنانير سنة ‪745‬هـ ‪.‬‬
‫وهكذا أعيد المصحف المام إلى فاس بعد أن جرد البرتغاليون‬
‫أغشيته ومزقوا ما كان على دفتيه من أحجار كريمة وغيرها واستمر‬
‫المصحف محفوظا ً في خزائن المرينيين وكان ذلك آخر العهد به إذا‬
‫)‪(20‬‬
‫انقطعت أخباره منذ ذلك التاريخ ‪.‬‬
‫والذي يلحظ على الدكتورة‪ /‬سحر أنها قطعت أخبار المصحف‬
‫العثماني منذ تاريخ بعيد أي في القرن الثامن الهجري تقريبا ً ولكننا‬
‫نجد في المقابل مجموعة من المهتمين بالقرآن وعلومه يوضحون‬
‫ل محفوظا ً في الجامع‬
‫بالشواهد أن أحد هذه المصاحف العثمانية ظ ّ‬
‫الموي إلى أوائل القرن الرابع عشر الهجري حيث قيل إنه احترق‬
‫ب في الجامع الموي سنة ‪1310‬هـ ‪ .‬وقيل نقل‬
‫في الحريق الذي ش ّ‬
‫إلى استانبول وبعضهم يرى أنه موجود في مكتبة من مكتباتها وهذا‬
‫نق ٌ‬
‫ل عن الدكتور ‪ /‬محمد الصباغ في كتابه وكذلك الدكتور ‪ /‬صبحي‬
‫الصاع في كتابه أيضا ً ‪ .‬والدكتور ‪ /‬فهد الرومي كذلك ‪ .‬ويروي هذا‬
‫أيضا ً الشيخ مناع القطان – رحمه الله – في كتابه ولكنه مع هذا‬
‫ستبعد وجود أي مصحف من المصاحف العثمانية ‪.‬‬
‫جح في هذه القضية ما قاله الدكتور ‪ /‬غانم قدوري حيث‬
‫والذي ُير ّ‬
‫قال ‪ :‬أن أغلب الباحثين أميل إلى استبعاد ذلك ؛ إذ من المتعذر –‬
‫أضواء على مصحف عثمان بن عفان د‪/‬سحر السيد ص ‪ ،135-124‬بتصرف واختصار‬ ‫)‪(20‬‬
‫اليوم – العثور على مصحف كامل كتب في القرن الهجري الول أو‬
‫الثاني وذلك يحتاج إلى أدلة تاريخية ومادية واضحة وقوية ودراسة‬
‫متعددة الوجوه‪.‬‬
‫)‪(21‬‬

‫ثم إن عدم بقاء المصاحف العثمانية قاطبة ل يضرنا شيئا ً مادام‬


‫المعول عليه هو النقل والتلقي ثقة عن ثقة وإماما ً عن إمام إلى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وذلك متواتر مستفيض على أكمل وجه‬
‫)‪(22‬‬
‫في القرآن حتى الن ‪.‬‬
‫ومن عنده أي ملحوظة علمية أو زيادة حول الموضوع فل يبخل علينا‬
‫بها وله جزيل الشكر ‪...‬وخالص الدعاء‪.‬‬
‫هذا والحمد لله رب العالمين‬

‫رسم المصحف دراسة لغوية وتاريخية د‪ /‬غانم قدوري ص ‪ 190‬بتصرف‬ ‫)‪(21‬‬

‫مناهل العرفان للزرقاني) ‪(1/331‬‬ ‫)‪(22‬‬

You might also like