Professional Documents
Culture Documents
Maany Azkar Munajjid
Maany Azkar Munajjid
CM
MY
CY
CMY
K
ساهم يف إعداد هذا الكتاب
الفريق العلمي يف جمموعة زاد
بإرشاف الشيخ حممد صالح املنجد
ح جمموعة زاد للن�شر1435 ،هـ
فهر�شة مكتبة امللك فهد الوطنية اأثناء الن�شر
املنجد ،حممد �صالح
معاين الأذكار / .حممد �صالح املنجد - .الريا�ض1435 ،هـ
�24ض�21×14 ،صم
ردمك978-603-8047-44-6 :
اأ .العنوان .2ال�صالة .1الأدعية والأذكار
1435/6624 ديوي212.93 :
الطبعة الأوىل
1435هـ2014/م
املقدمة 7 ............................................................................
أمهية الذكر ومنزلته9 ...........................................................
ِذكر اهلل ليس له حدٌ حمدود 12...............................................
متى يكون العبد من الذاكرين اهلل كثري ًا؟ 14............................
أهل الذكر أسبق 15............................................................
أهل الذكر أرفع 16.............................................................
صلة الذكر بالعبادات أوثق 17..............................................
الذكر طمأنينة وسكينة 19....................................................
الذكر بركة ونعمة21...........................................................
إنه وصية رسول اهلل ﷺ ملن كثرت عليه رشائع اإلسالم 22.......
الذكر حياة القلب23...........................................................
الذكر أجور بال حدود25.....................................................
الذكر سالمة وحفظ 27.......................................................
عالمة حب اهلل كثرة ذكره 29................................................
الذكر عبودية وإعانة 30.......................................................
5
معاين األذكار
6
معاين األذكار
احلمد هلل ،والصالة والسالم عىل رسول اهلل ،وعىل آله وصحبه
ومن وااله .أما بعد:
7
معاين األذكار
ف�إذا َذك�ر العب�دُ رب� ُه بلس�انه ،و َع َقل قل ُب�ه عن اهلل ورس�وله،
البدن ك ُّله
ُ ِ
الصالح -صار ِ
العمل رشع هلا من اجلوارح ملِا ُ ِ
ُ ونَشطت
ج َع ب�ني ذلك و َث َب َت
ذاك�ر ًا هلل ،بالقول واالعتق�اد والعمل ،و َمن َ َ
هل ِذ ِ
كر اهلل َح ّق ًا. َعليه فهو ِمن َأ ِ
8
معاين األذكار
ِِ ِ
العيل إن م�ن أعظ�م ما َتيا ب�ه الروح وتس�عدُ :ذ َ
ك�ر خالقه�ا ِّ ّ
عراجها ال�ذي فيه تَرت ّقىِ ،
وزينتُه�ا التي هبا ّ
تتحىل، ِ َ
األع�ىل ،فهو م ُ
وعُدّ ُتا التي هبا تتقوى.
إن ذك�ر اهلل عز وج�ل هو الدواء الذي ُيطه�ر القلب ،والنعم ُة
العظم�ى ،والمنح� ُة الك�رى ،به تُس�تدفع النقمُ ،
وتل�ب النعم،
وتُنال أع�ىل الدرجات ،إنه ُق�وت القلوب ،و ُق�رة العيون ،وحيا ُة
الروح ،وروح احلياة.
متى فارق القلوب صارت األجس�اد هلا قبور ًا ،وهو السالح
ال�ذي يقاتَ�ل به ق ّط�اع الطري�ق ،والماء ال�ذي ُيطفأ ب�ه التهاب
احلري�ق ،وال ُق�وت الذي َتيا به القلوب ،والس�بب الواصل بني
المؤمنني وعال ِم الغيوب ،به َيس�تدفعون اآلفات ،ويستكشفون
9
معاين األذكار
« :لكل يشء َج�الء ،وإن جالء القلوب وق�ال أب�و الدرداء
ذكر اهلل عز وجل».
10
معاين األذكار
وملا شكا رجل إىل احلسن البري قسو ًة يف قلبه ،قال له« :أذبه
بذكر اهلل»).(1
وربام يأيت العبد يوم القيامة بسيئات أمثال اجلبال ،فيجد لسانه
قد هدمها من كثرة ذكر اهلل تعاىل وما اتصل به).(2
«الذكر للقلب ُ
مثل ُ وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية -رمحه اهلل:-
الماء للسمك ،فكيف يكون ُ
حال السمك إذا فارق الماء؟»).(3 ِ
11
معاين األذكار
« :إن اهلل تع�اىل مل يف�رض ع�ىل عب�اده يق�ول اب�ن عب�اس
فريض� ًة إال جع�ل هلا حدّ ًا معلوم� ًا ثم عذر أهله�ا يف حال العذر
غ�ري الذكر ،ف�إن اهلل تعاىل مل جيعل ل�ه حد ًا ينتهي إلي�ه ،ومل يعذر
أح�د ًا يف ترك�ه إال مغلوب ًا عىل تركه فق�ال( :ﮗ ﮘ ﮙ
ﮚ ﮛ ﮜ) [النس�اء ،[103 :باللي�ل والنه�ار ،يف ال�ر
والبحر ،ويف الس�فر واحلرض ،والغنى والفقر ،والسقم والصحة،
والرس والعالنية ،وعىل كل حال»).(1
12
معاين األذكار
13
معاين األذكار
) (1رواه أب�و داود ( )1309وابن ماجة ( )1335وصححه األلباين يف صحيح أيب
داود وغريه.
) (2األذكار للنووي (ص.)11
14
معاين األذكار
15
معاين األذكار
إن أه�ل الذك�ر ليس�وا س�ابقني للب�رش فحس�ب ،ب�ل ه�م يف
مق�ام المباه�اة والمضاهاة للمالئكة الكرام؛ ف�إن أهل الذكر من
المؤمن�ني يف مكانة رفيعة عالي�ة ،حتى لقد باهى اهلل هبم مالئكته،
أن اهللَ يباهي الذ ِ
كرَّ : ِ
رشف ّ قال ابن القيم -رمحه اهلل« :-ويكفي يف
َ
رسول أنصحيح مسل ٍم) (1عن معاوي َة َّ : ِ ِ
بأهله؛ كام يف مالئكت ُه
أصحابه فقال« :ما أجلسكم؟» قالوا: ِ ٍ
حلقة من خرج عىل ِ
اهلل ﷺ َ
نذك�ر اهللَ ونحمد ُه عىل ما هدانا لإلس�ال ِم وم� َّن ِبه علينا.
ُ جلس�نا
ذلك؟» قالوا :آهللِ ما أجلس�نا ّإال َ
ذلك. قال« :آهللِ ما أجلس�كم ىّإل َ
جربيل فأخربين: ُ قال« :أما ىّإين مل أستحلفكم هتم ًة لكم ،ولكن أتاين
بكم المالئك َة»).(2
أن اهللَ يباهي ُ
َّ
16
معاين األذكار
17
معاين األذكار
18
معاين األذكار
19
معاين األذكار
ّبي ﷺ ٍ
اخلدري ّأهنام ش�هدا عىل الن ِّ
ِّ س�عيد وعن أيب هرير َة وأيب
وجل ىّإل ح ىّفتهم المالئك ُة
يذك�رون اهللَ ع َّز َّ
َ أنّ� ُه قال« :ل يقعدُ قو ٌم
الس�كين ُة وذكره�م اهلل فيم�ن
الرمح� ُة ونزل�ت عليه�م ىّ
وغش�يتهم ىّ
عند ُه»).(1
20
معاين األذكار
21
معاين األذكار
22
معاين األذكار
وق�ال ابن القي�م -رمحه اهلل« :-وال ري�ب أن القلب يصدأ كام
23
معاين األذكار
24
معاين األذكار
عن رسول اهلل ﷺ قال« :من سبح اهلل يف دبر عن أيب هريرة
كل ص�الة ثالث� ًا وثالثني ،ومح�د اهلل ثالث ًا وثالثني ،وك�رب اهلل ثالث ًا
وثالثني ،فتلك تس�ع وتس�عون ،وق�ال يف متام املائ�ة :ل إله إل اهلل
وح�ده ل رشيك له ،له امللك ول�ه احلمد وهو عل كل يشء قدير،
غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»).(1
وه�ذا يعن�ي أن الذك�ر يمح�و اهلل ب�ه الذن�وب و ُيذهبه�ا عن
صاحبها وإن كانت مثل زبد البحر.
هيجانه ومتو ِ
جه).(2 ِ ِ
وجهه عندَ هو ما يعلو عىل ِ
ّ البحرَ : وزبدُ
ق�ال :ق�ال رس�ول اهلل ﷺ« :ألن أقول: وع�ن أيب هري�رة
س�بحان اهلل واحلم�د هلل وال إل�ه إال اهلل واهلل أك�ر ،أح�ب إيل مم�ا
طلعت عليه الشمس»).(3
أحب إ َّيل من أن ِ يكون المراد َّ ِ
َ ُ َ
أن هذه الكلامت ُّ ُ حيتمل أن قيل:
25
معاين األذكار
ّب عىل
واب المرتت َ أن ال ّث َ ُ
واحلاص�ل َّ يك�ون يل الدّ نيا فأتصدّ َق هبا،
َ
ِ
ثواب من تصدّ َق بجمي ِع الدّ نيا).(1 ِ
قول هذا الكال ِم ُ
أكثر من
26
معاين األذكار
ٍ
شديدة ٍ
وظلمة مطر قال :خرجنا يف ِ
ليلة ٍ ٍ
خبيب بن عن ِ
عبد اهللِ ِ
ليصيل لن�ا فأدركنا ُه فقال :أص ّليت�م؟ فلم أقل َ ِ
رس�ول اهلل ﷺ ّ َ نطل�ب
ُ
ثم قال قل. ثم قال قل .فلم أقل شيئ ًاَّ ،
شيئ ًا ،فقال قل .فلم أقل شيئ ًاَّ ،
والمعو ِ
ذتني ّ هو اهلل أحدٌ
أقول؟ قال «ق�ل :قل َ رس�ول اهللِ ما ُ
َ فقلت يا
ُ
كل ٍ تكفيك من ِّ ثالث مر ٍ
يشء»).(1 َ ات تصبح َ ّ ُ وحني
َ حني متس َ
َ ُ ٍ عن�ك َّ
يك�ون وحيتم�ل أن س�وء. كل َ تدف�ع
ُ ق�ال ال ّط ُّ
يب�ي :أي
عام سواها).(2 َ
تغنيك ّ المعنى:
رسول اهللِ ﷺ« :ما من ٍ
عبد ُ ان قال :قال عثامن بن ع ّف َ
َ وعن
ِ ِ
ومساء ِّ ٍ
مع كل ليلة :بس ِم اهلل ا ّلذي ال ُّ
يرض َ صباح ِّ
كل يو ٍم ِ ُ
يقول يف
َ
ثالث العليم �ميع ِ ِ ِ
ُ الس ُ وهو ّ الس�امء َاألرض وال يف ّ اس�مه يش ٌء يف
يرض ُه يش ٌء»).(3 ٍ
مرات مل ّ ّ
) (1رواه أب�و داود ( )5082والرتم�ذي ( )3575والنس�ائي ( )5428وحس�نه
األلباين.
) (2مرقاة المفاتيح (.)29/7
) (3رواه أب�و داود ( )5088والرتم�ذي ( )3388وصححه ،وابن ماجة ()3869
وصححه األلباين.
27
معاين األذكار
28
معاين األذكار
o
p Io Ìc ˆG ÖM áeÓY
:√ôcP
29
معاين األذكار
ق�ال ابن القيم -رمحه اهلل« :-الذكر يعطي الذاكر قوة ،حتى
إن�ه ليفع�ل مع الذكر ما مل يظ�ن فعله بدونه ،وقد ش�اهدت من
قوة ش�يخ اإلس�الم ابن تيمية يف َس�نَنه وكالم�ه وإقدامه وكتابه
أمر ًا عجيب ًا ،فكان يكتب يف اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ
يف جع�ة وأكثر ،وقد ش�اهد العس�كر م�ن قوته يف احل�رب أمر ًا
أن يس�بحا كل عظي ًام ،وقد ع ّلم النبي ﷺ ابنته فاطمة وعلي ًا
ليل�ة إذا أخذا مضاجعه�ام ثالث ًا وثالثني وحيم�دا ثالث ًا وثالثني
ويك�را أربع ًا وثالثني ملا س�ألته اخلادم وش�كت إليه ما تقاس�يه
من الطحن والسعي واخلدمة ،فع ّلمها ذلك وقال :إنه خري لكام
30
معاين األذكار
م�ن خادم .فقيل إن من داوم عىل ذل�ك وجد قوة يف يومه تغنيه
عن خادم»).(1
31
معاين األذكار
ِ
َفذ ُ
كر اهلل أك ُر من كل يشء ،ومن كل عمل ،وأجره فوق كل أجر،
فهو ليس كبري ًا فحسب ،بل هو أكر.
وق�د ذكر العل�امء والمفرسون عدة ٍ
معان جدي�رة بالهتامم توضح
كون الذكر أكرب ،فمن ذلك:
•أن ِذكر اهلل أكر من كل يشء ،فهو أفضل العبادات.
•أن المعنى أنكم إذا ذكرمتوه َذكَركم ،فكان ذكره لكم أكر
من ذكركم له.
•أن ذكر اهلل أكر من أن يبقى معه فاحشة ومنكر ،بل إذا تم
الذكر حمق كل خطيئة ومعصية.
شيخ اإلسال ِم اب َن تيم ّي َة «وسمعت َ
ُ وقال ابن القيم -رمحه اهلل:-
اآلي�ة (ﯣﯤﯥﯦﯧ ِ رمح� ُه اهلل ُ
يقول :معنى
عظيمتني إحدامها: ِ ِ
فائدتني أن يف الص ِ
الة ﯨﯩﯪﯫﯬ) َّ
ّ
وتضمنها ذكر اهللِ
والمنكر ،وال ّثاني ُة :اش�تامهلا عىل ِ
ِ ِ
الفحش�اء هنيها ِ
عن
ّ
الفحشاء والمنكر»).(1 ِ أعظم من هنيها ِ
عن ذكر اهللِ
تضمنت ُه من ِ
ُ ل ُه ،وملا ّ
) (1مدارج السالكني (.)398/2
32
معاين األذكار
33
معاين األذكار
•إشكال وح ىّله:
كيف يكون الذكر أفضل من اجلهاد؟!
مع ما قال احلافظ« :وقد أرشت ِ
إليه مستش�ك ً
ال يف أوائل اجلهاد َ
كالصائ ِم ال يفطر وكالقائ ِم ال يفرت وغري
ور َد يف فض�ل المجاهد أ ّن ُه ّ
الصاحلة ،وطريق ي�دل عىل أفضل ّيته عىل غريه من األع�امل ّذل�ك ممّا ّ
َ
ِ
بذك�ر اهلل يف حدي�ث أيب الدّ رداء: اجلم�ع -واهللّ أعل�مَّ -
أن الم�راد
الذك�ر الكامل وهو م�ا جيتمع ِ
فيه ذكر ال ّلس�ان والقل�ب بالتّفك ِّر يف ّ
َ
ذلك يكون وأن ا ّلذي حيصل ل ُه َ
المعنى واستحضار عظمة اهلل تعاىل َّ
ال من غري استحضار َ
لذلك. أفضل ممّن يقاتل الك ّفار مث ً
34
معاين األذكار
بن ٍ
مالك أنس ِ
روى أمح�د ) (12114والرتمذي ) (3510عن ِ
برياض اجلن ِ
ىّ�ة فارتعوا» .قالوا ِ رس�ول اهللِ ﷺ ق�ال «إذا مررت�م
َ َّ
أن
الذ ِ
كر»).(1 «حلق ىّ
ُ رياض اجلن ِّة؟ قال:
وما ُ
قال: وعند الرتمذي ) (3509بس�ند فيه ضعف عن أيب هرير َة
ىّ�ة فارتع�وا» ُ
قلت :يا برياض اجلن ِ
ِ رس�ول اهللِ ﷺ« :إذا مررت�م
ُ ق�ال
تع يا
الر ُ
قلت :وما ّرياض اجلن ِّة؟ قال« :المس�اجدُ » ُ رس�ول اهللِ وما ُ
َ
ِ َ ِ
«سبحان اهلل واحلمدُ اهلل ول إل َه ىّإل اهلل واهلل ُ
أكرب». رسول اهللِ؟ قال:
َ
أرض خمرض ٌة بأنوا ِع الن ِ
ّبات. وهي ٌ ِ
ّ الروضة َ
جع ّياض ُ
الر ُ
ّ
والمس�تلذات ،كام هو
والرتع هو التوس�ع يف األكل والرشب ُ
عادة الناس إذا خرجوا إىل الرياض.
الذ ِ
كر) وبني قوله (المس�اجدُ ) -لو (حلق ّ
ُ بني قوله
وال تن�ايف َ
أعم، ِ ُ الذ ِ
حل�ق ّ ص�ح-؛ َّ
فهي ُّتصدق بالمس�اجد وغريه�ا َ كر َ ألن
ُ
أفضل ،وألهنا بيوت الذكر أصالً. ألهنا
وخصت المساجدُ هنا ّ
ّ
35
معاين األذكار
(ﯩ ﯪ):
وأعظم ِمن كل ما ُذكر ما جاء يف قوله تعاىل( :ﯩ ﯪ
ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) [البقرة.[152 :
فأم�ر تعاىل المؤمن�ني بذكره ،ووعد عليه أفض�ل اجلزاء ،وهو
وأي فخر
ف�أي رشف أعظمّ ،
الثن�اء يف المأل األعىل عىل َمن ذكره ّ
أك�ر م�ن أن يذك�رك رب العالمني؟ ويف احلدي�ث اإلهلي عن أيب
ظن ّبي ﷺُ :
يقول اهلل تع�اىل« :أنا عندَ ِّ هري�ر َة أن�ه قال :ق�ال الن ُّ
ِ
نفس�ه ذكرت ُه يف نفيس عب�دي يب وأن�ا مع ُه إذا ذكرين ،فإن ذكرين يف
ٍ
بش�رب إيل إل ٍ إل ذكرت ُه يف م ٍ
وإن ذك�رين يف م� ٍ
تقر َب َّ
خ�ري منهم ،وإن ىّ
بت ِ
إليه باع ًا ،وإن أتاين تقر ُ ِ
إيل ذراع ًا ىّ
تقر ُ تقر َب َّ بت إليه ذراع ًا ،وإن ىّ ىّ
يميش أتيت ُه هرول ًة» (متفق عليه).
ِ
لذك�ر اهلل تع�اىل إال ه�ذا الفض�ل لك َفى ب�ه رشف ًا فل�و مل يك�ن
وفضالً.
ولي�س الش�أن أن يذكر الفق�ري الغني ،وال الضعي�ف القوي،
وإنام الشأن أن يذكر الغني الفقري ،والقوي الضعيف.
الفق�ري كان ِذك�ره ل�ه
َ الكري�م العب�دَ
ُ الغن�ي
ُّ ال�رب
ُّ وإذا ذك�ر
عالم� ًة عىل َوصل�ه ب ّ
ره وكرمه ،فام ظنُّك بأك�رم األكرمني وأجود
ِ
األجودين إذا ذكر عبده الذاكر وريض عنه؟
َ
ش�يخ اإلس�ال ِم اب َن «وس�ألت
ُ وق�ال ابن القي�م -رمحه اهلل:-
الر ُّب س�بحان ُه يرىض فقلت ل� ُه :إذا َ
كان ّ ُ تيم ّي� َة -رمح� ُه اهلل -يوم ًا
36
معاين األذكار
37
معاين األذكار
k
!äÓبdG πgCG ≈∏Y Iô°ùM Éj
38
معاين األذكار
39
معاين األذكار
:ôcòdG óFGƒa
40
معاين األذكار
41
معاين األذكار
42
معاين األذكار
بينام النسيان ليس كذلك لعدم صدوره عن قصد ،ومن هنا جاء
التوجي�ه القرآين العظي�م (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [الكه�ف،[24 :
أن الغفل َة ِ
ّس�يانَّ : ِ
الغفلة والن بني ُ
«الفرق َ قال ابن القيم -رمحه اهلل:-
ِ
اختياره ،وهلذا قال تعاىل: ترك ِ
بغري ّس�يان ٌ
َ ِ
الغافل ،والن ِ
باختيار ٌ
ترك
(ﯮﯯﯰﯱ) [األع�راف ،[205 :ومل يق�ل« :وال تك�ن م� َن
ِ
ّكليف فال ينهى عن ُه»).(1
تت الت ُ
يدخل َ فإن الن َ
ّسيان ال ّاسني»؛ َّ
الن َ
43
معاين األذكار
44
معاين األذكار
45
معاين األذكار
الشارع بلفظه
ُ قال ابن عالن« :أصل وضع الذكر هو ما تع َّبدَ نا
مما يتعلق بتعظيم احلق والثناء عليه»).(1
والم�راد م�ن الذك�ر :حض�ور القل�ب ،فينبغي أن يك�ون هو
مقص�و َد الذاك�ر فيحرص عىل تصيل�ه ويتد ّبر ما يذك�ر ،ويتع َّقل
معناه).(2
46
معاين األذكار
:ôcòdG ÖJGôe
ك�ر اهلل ع�ز وج�ل يك�ون بالقلب ويك�ون باللس�ان ويكون ِ
ذ ُ
باجل�وارح ،فالقل�ب :بالتفك�ر ،واللس�ان :بالنط�ق ،واجل�وارح:
بالعمل.
فالذك�ر يك�ون بالقل�ب ،ويك�ون باللس�ان ،ويك�ون بالقلب
واللسان مع ًا.
أم�ا ِذك�ر القل�ب فمعن�اه :التفك�ر والتدبر يف عظم�ة اهلل تعاىل
وجالله وآياته الرشعية ،والقرآن وأحكامه ،وآيات اهلل يف خملوقاته
كالسامء واألرض والشمس والقمر ..الخ.
كر اهلل تعاىل بالقلب :أن َيذكره المسلم بقلبه عند أوامرهومن ِذ ِ
ِ
ونواهيه ،فيأيت بام ُأمر وينتهي عام ُ ِهني عنه .قاله القايض عياض).(1
كر اهلل باللسان يكون بالتسبيح والتهليل واالستغفار وقراءة ِ
وذ ُ
القرآن وكل قول يقرب إىل اهلل تعاىل.
وأكمل المراتب :أن جيمع الذاكر بني ذكر القلب وذكر اللسان.
47
معاين األذكار
48
معاين األذكار
ون�رة المظلوم من ذك�ر اهلل ،وتع ّلم العلم وتعليمه من ذكر اهلل،
واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر من ذكر اهلل.
نفسه وأن ُي َ
رك لسانه؟ هل يشرتط يف الذكر أن ي ِ
الذاكر َ
ُ سمع ُ ُ
األذكار التي تقال باللسان كقراءة القرآن والتسبيح والتحميد
والتهليل ،وأذكار الصباح والمساء والنوم ودخول اخلالء وغريها
ال بد فيها من تريك اللسان ،وال ُي َعدّ اإلنسان ذاكر ًا إال إذا حرك
هبا لسانه.
والفضائ�ل ال�واردة يف ال�رشعَ ( :م�ن قال ك�ذا وكذا فل�ه كذا) ال
حيصل هذا الثواب الموعود به إال بالتلفظ باللس�ان ،وأما جمرد التفكر
بالقل�ب فال حيص�ل به هذا الثواب اخل�اص باتفاق العل�امء -نقله ابن
حجر اهليتمي -وإن كان يثاب من جهة أخرى وهي التفكر والتدبر).(1
س�ئل اإلمام مال�ك -رمحه اهلل -عن الذي يق�رأ يف الصالة ،ال
نفس�ه ،وال حيرك به لس�ان ًا .فقال« :ليس�ت هذه ِ
ُيس�م ُع أحد ًا وال َ
قراءة ،وإنام القراءة ما حرك له اللسان»).(2
49
معاين األذكار
وي�دل ع�ىل ذل�ك أيض� ًا :أن العل�امء منع�وا اجلنب م�ن قراءة
يمسه،
القرآن باللسان ،وأجازوا له أن ينظر يف المصحف دون أن ّ
ويق�رأ القرآن بالقلب دون حركة اللس�ان .مما يدل عىل الفرق بني
األمرين ،وأن عدم تريك اللسان ال ُي َعدّ قراءة).(1
وس�ئل الش�يخ اب�ن عثيم�ني -رمح�ه اهلل :-هل جي�ب تريك
اللسان بالقرآن يف الصالة؟ أو يكفي بالقلب؟
فأج�اب« :الق�راءة البد أن تكون باللس�ان ،فإذا قرأ اإلنس�ان
بقلب�ه يف الصالة فإن ذلك ال جيزئه ،وكذلك أيض ًا س�ائر األذكار،
ال ت�زئ بالقلب ،بل البد أن حيرك اإلنس�ان هبا لس�انه وش�فتيه؛
ألهنا أقوال ،وال تتحقق إال بتحريك اللسان والشفتني»).(2
نفسه :فقد قال بذلك كثري من العلامء، ِ
وأما اش�رتاط أن ُيسمع َ
والصواب أنه ال ُيش�رتط ذلك ،بل يكفي أن حيرك لس�انه ،فبذلك
يتحقق الكالم.
وه�و ال�ذي اختاره ش�يخ اإلس�الم اب�ن تيمية ،ورجح�ه ابن
عثيمني.
50
معاين األذكار
51
معاين األذكار
وقال اخلطايب« :إن الداعي يفتح دعاءه بالثناء عىل اهلل سبحانه
فس ِّمي الثناء دعاء ،إذ كان مقدم ًة له وذريعة
ويقدمه أمام مس�ألتهُ ،
إليه؛ عىل مذهبهم يف تسمية اليشء باسم سببه»).(2
«إن َّ
كل واحد من الدعاء والذكر يتضمن وقال شيخ اإلسالمَّ :
اآلخر ويدخل فيه»).(3
فعل ما تقدم:
•إذا ُأريد بالدعاء دعاء العبادة فهو حينئذ مرادف للذكر.
أخص مطلقا
•وإذا أريد بالدعاء دعاء المس�ألة فيك�ون حينئذ َّ
من الذكر ،ويكون الذكر أعم مطلقا منه؛ ألن الدعاء ال ينفك
عن كونه ذكر ًا ،وأما الذكر فيكون سؤاال ويكون غري سؤال.
52
معاين األذكار
53
معاين األذكار
54
معاين األذكار
55
معاين األذكار
حض�ور القلب،
ُ ق�ال الن�ووي يف األذكار« :الم�را ُد من الذكر
فينبغي أن يكون هو مقصو َد الذاكر فيحرص عىل تصيله ،ويتدبر
مطلوب
ٌ مطلوب كام هو
ٌ ما يذكر ،ويتعقل معناه .فالتد ُبر يف الذكر
يف القراءة الشرتاكهام يف المعنى المقصود»).(1
فحض�ور القل�ب س�اع َة الذك�ر ي�ورث القلب تعظي�م الرب
ُ
وإجالل�ه ،ويس�تدعي تدب�ر الذك�ر وتعق�ل معن�اه ،وإذا كان اهلل
ع�ز وجل قال ع�ن الق�رآن( :ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ
ﭸ ﭹ ﭺ) [ص ،[29 :فالذك�ر كالق�رآن ،فليح�رص
الذاكر عىل تدبره والعمل به.
56
معاين األذكار
57
معاين األذكار
58
معاين األذكار
:º¡e ¬«ÑæJ
جيب تعظيم اس�م اهلل تع�اىل ،فال ُيذكر يف مق�ام اللهو واللعب
والمعصي�ة ،وبعضهم يبدأ حفالت الرق�ص والمجون واخلالعة
بقراءة يشء من القرآن الكريم ،أو أسامء اهلل احلسنى.
وهذا حمرم ملا فيه من امتهان اسم اهلل تعاىل ،وعدم تعظيم آياته.
ف�� «كل حم�رم أو مكروه ،من ق�ول أو عمل ،ال جي�وز افتتاحه
ب�يشء من ذك�ر اهلل تعاىل ،ملا في�ه من االمتهان ،وافتت�اح المعصية
بالطاعة.
59
معاين األذكار
تع�اىل( :ﯩ ﯪ) ق�ال :إن ذك�ر اهلل هذا ذك�ره اهلل بلعنته
حتى يسكت).(1
وع َّل�ق ع�ىل ه�ذا األثر الش�يخ أمحد ش�اكر -رمح�ه اهلل -تعاىل
يف كتاب�ه عم�دة التفس�ري قائالً« :وه�ذا الذي قال اب�ن عمر حق،
ينطب�ق متام� ًا عىل م�ا يصنع أه�ل الفس�ق والمجن�ون يف عرنا،
م�ن ذكر اهلل س�بحانه وتع�اىل يف مواطن فس�قهم وفجورهم ،ويف
األغ�اين الداع�رة ،والتمثيل الفاجر الذي يزعمون�ه تربية وتعلي ًام،
ويف قصصه�م المف�رتى ،ال�ذي جيعلونه أنه ه�و األدب وحده أو
ي�كادون ،ويف تالعبه�م بالدي�ن ،بام يس�مونه (القصائ�د الدينية)
و(االبته�االت) ،التي يتالعب هب�ا اجلاهلون من ال ُق ّ�راء ،يتغنون
هب�ا يف مواطن اخلش�وع وأوقات التخيل للعبادة ،حتى ل ّبس�وا عىل
ش�عائر اإلس�الم ،فكل أولئك يذكرون اهلل فيذكرهم
َ عامة الناس
اهلل بلعنته حتى يسكتوا»).(2
60
معاين األذكار
61
معاين األذكار
62
معاين األذكار
63
معاين األذكار
وال َح�رج يف ذك�ر اهلل تع�اىل قائ� ًام أو قاع�د ًا أو مضطجع ًا ،أو
ماش�ي ًا يف الطري�ق ،وال يوص�ف يشء م�ن ذلك بالكراه�ة؛ لقول
(ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [آل اهلل تع�اىل:
ّكئ يف حجري ّبي ﷺ َ
كان يت ُ عمران (1)[191:وحلديث عائش َة َّ
«أن الن َّ
َ
القرآن»).(2 ثم يقر ُأ
حائض َّ
ٌ وأنا
) (1تنبيه :اس�تدل جهل�ة الصوفية هبذه اآلية عىل ما يفعلون�ه أثناء الذكر من التاميل
والرقص وغري ذلك من جهاالتم وال خيفى أن اآلية الكريمة ال تدل عىل هذا.
) (2متفق عليه.
64
معاين األذكار
ِ
أحيانه»).(1 يذكر اهللَ عىل ِّ
كل َ : وقالت عائش ُة
ّبي ﷺ ُ
«كان الن ُّ
«إين ألق�ر ُأ ح�زيب ،أو عا ّم َة ح�زيب ،وأنا
ّ : وقال�ت عائش�ة
مضطجع ٌة عىل فرايش»).(2
وأم�ا الث�اين :فه�و المقيد ،وه�و ثالثة أن�واع :مقي�د باألزمان
واألماكن واألحوال.
65
معاين األذكار
66
معاين األذكار
67
معاين األذكار
فذكر المش� ّبه وأرا َد المش� ّبه ِبه ،وأ ّما ال ّثقل فعىل حقيقته َّ
ألن ِ
عليهَ ،
تتجسم عند الميزان ،واخل ّفة ّ
والسهولة من األمور النّسب ّية. ّ األعامل
***
سيد الستغفار:
ِ
الستغفار أن ّبي ﷺ قال« :س ىّيدُ
أوس عن الن ِّ ٍ عن شدّ ا ُد ب ُن
َ
عبدك وأنا عل ريب ل إل َه ىّإل َ
أن�ت خلقتني وأنا أنت ىّ
اللهم َ َّ َ
تق�ول:
أبوء
صنعتُ ، ُ رش م�ابك من ِّ اس�تطعت ،أعو ُذ َ
ُ َ
ووعدك ما َ
عه�دك
نوب
الذ َيغفر ىّ
لك بذنبي فاغفر يل؛ فإ ىّن ُه ل ُ وأبوء َ
ُ عيل َ
بنعمتك َّ َ
ل�ك
فامت من ِ
يومه َ
قبل ىّه�ار موقن ًا هبا َ أن�ت» قال« :ومن قاهلا من الن ِ ىّإل َ
موقن هبا وهو ىّ�ة ،ومن قاهلا من ال ىّل ِأهل اجلن ِفه�و من ِ
ٌ ي�ل َ يم�يس َ
َ أن
أهل اجلن ِىّة»).(2
فهو من ِ يصبح َ
َ فامت َ
قبل أن َ
68
معاين األذكار
69
معاين األذكار
فه�و حقيق ب�أن يتوىل متام اإلحس�ان إليه بمغفرة ذنوب�ه ،كام ابتدأ
اإلحسان إليه بخلقه.
ثم قال« :وأنا عبدك» اعرتف له بالعبودية.
ثم قال« :وأنا عىل عهدك ووعدك ما اس�تطعت» فاهلل سبحانه
وتع�اىل عه�د إىل عب�اده عهدا أمره�م فيه وهناه�م ،ووعدهم عىل
وفائهم بعهده أن يثيبهم بأعىل المثوبات.
وقوله« :ما استطعت» أي إنام أقوم بذلك بحسب استطاعتي،
عيل.
ال بحسب ما ينبغي لك وتستحقه ّ
ثم قال« :أعوذ بك من رش ما صنعت» فاستعاذته باهلل االلتجاء
والتحص�ن به واهلروب إليه من المس�تعاذ من�ه ،كام يتحصن
ّ إلي�ه
اهلارب من العدو باحلصن الذي ينجيه منه.
عيل،
عيل» أي أعرتف لك بإنعامك ّ
ثم قال« :أبوء لك بنعمتك ّ
وأين أنا المذنب ،فمنك اإلحس�ان ومني اإلساءة .فأنا أمحدك عىل
نعمتك ،وأنت أهل ألن ُتمد وأستغفرك لذنويب.
أنفاس�ه كلها
ولذا قال بعض الصاحلني :ينبغي للعبد أن تكون ُ
َن َف َسني :نَفسا َحيمد فيه ربه ،ونَفسا َيستغفره من َذنبِه.
ومتى ش�هد العبدُ هذين األمرين اس�تقامت ل�ه العبودي ُة ،وتَر ّقى
نفس�ه ،وتواضع لربه،
يف درج�ات المعرفة واإليامن ،وتَصاغرت إليه ُ
وهذا هو كامل العبودية ،وبه يرأ من العجب ِ
والكر وزينة العمل»).(1 ُ َ
70
معاين األذكار
قراءة املعوذات:
هو اهلل أحدٌ ٍ عن ِ
عبد اهللِ ِ
خبيب أن رسول اهلل ﷺ قال له« :قل َ بن
كل ٍ تكفيك من ِّ ثالث مر ٍ والمعو ِ
يشء»).(1 َ ات وتصبح َ ىّ
ُ حني متيس
ذتني َ ىّ
وكأن قراءة سورة اإلخالص بمنزلة الثناء قبل الدعاء).(2
فه�و يثن�ي أوال ع�ىل اهلل تع�اىل ب�ام هو أهل�ه م�ن التوحيد ،ثم
ورش.
يستعيذ به؛ فيكفيه اهلل كل سوء ّ
عنك َّ
كل تدف�ع َ
ُ ق�ال القاري -رمح�ه اهلل« :-ق�ال ال ّط ُّ
يبي :أي
ِ
الغاية، ِ
البتداء َ
تكون ويصح أن ِ
اإلثبات، ٍ
س�وء ،ف� «من» زائد ٌة يف
ُّ
مراتب الس ِ عنك من ّأو ِل
وء إىل آخرها. ِ ّ تدفع َ
أي ُ
كل نو ٍع من أنوا ِع الس ِ
وء. أو تبعيض ّي ًة ،أي بعض ِّ
ّ
وينر المعنى
ُ عام س�واها. َ
تغنيك ّ َ
يكون المعنى: ُ
وحيتمل أن
ِ ِ
تعو َذ
حدي�ث عقب َة؛ لقول�ه «فام ّ
ُ األو ِل َ
وهو ال ّث�اين م�ا يف احلدي�ث ّ
متعو ٌذ بمثلهام»).(3
ّ
رس�ول اهللِ ﷺ« :أمل ت�ر ٍ
آيات ُ بن ٍ
عامر ق�ال :قال وع�ن عقب� َة ِ
َ
مثلهن ُّ
قط( :ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) و(ﮀ ﮁ َّ أنزل�ت ال ىّليل َة مل َير
ﮂ ﮃ)«).(4
71
معاين األذكار
72
معاين األذكار
ِ
اسمه» أي ال يرض مع ذكر اسمه يشء من طعام أو مع
يرض َ
«ال ُّ
عدو أو حيوان أو غريه من العالم السفيل المشار إليه باألرض ،أو
ّ
العالم العلوي المشار إليه بقوله« :وال يف السامء».
ويف رواية أيب داود« :مل تصبه فجأ ُة ٍ
بالء» وصححه األلباين).(1 ُ
أي :البالء الذي يأيت مفاجأة من غري تقدّ م س�بب ،ألن ما يأيت
بالتدرج ،وهو من ذكر اخلاص الموافق
ّ فجأة أعظم من الذي يأيت
للعام يف احلكم ،فال يقتيض التخصيص.
َ
فجعل طرف ٍ
فالج)،(2 ُ «كان ُ
أبان قد أصاب ُه ويف رواية احلديثَ :
َ
احلديث كام تنظ�ر؟ أم�ا َّ
إن ج�ل ينظ�ر ِ
إلي�ه ،فق�ال ل ُه ُ
أب�ان :ما الر ُ
ُ ُ ّ
عيل قدر ُه». ٍ حدّ َ
ليميض اهلل َّ
َ يومئذ ثتك ولكنّي مل أقل ُه
73
معاين األذكار
وثالثني
َ خري ًا ممىّا س�ألتام؟ إذا أخذمتا مضاجعكام أن ىّ
تكربا اهللَ أربع ًا
خري لكام منفهو ٌ
وثالث�نيَ ،
َ وثالثني وحتمدا ُه ثالث ًا
َ وتس� ىّبحا ُه ثالث ًا
ّبي ﷺَ .
قيل ل ُه وال عيل :ما تركت ُه ُ
منذ س�معت ُه م�ن الن ِّ خادمٍ» ،قال ٌّ
ني؟ قال :وال ليل َة ص ّف َ
ني).(1 ليل َة ص ّف َ
***
ما معنى أمسى الملك هلل ،والملك هلل أبد ًا ،وكذلك احلمد هلل؟
اجلواب :هو بيان حال القائل ،أي عرفنا أن الملك هلل واحلمد
له ال لغريه ،فالتجأنا إليه واس�تعنا ب�ه ،وخصصناه بالعبادة والثناء
عليه والشكر له.
74
معاين األذكار
هذه ال ّل ِ
يلة» أي خ�ري ما أردت وقوعه يف وقول�ه« :خ�ري ما يف ِ
َ
ه�ذه الليلة ،خل�واص خلقك من الك�امالت الظاه�رة والباطنة،
ويدخ�ل يف ذل�ك أيض ًا خري م�ا يف هذه الليلة م�ن العبادات التي
ُأمرن�ا هبا فيه�ا ،أو المراد خري الموجودات الت�ي قارن وجودها
هذه الليلة.
ِ ِ
«رش ما يف هذه ال ّليلة» أي من َ ٍّ
رش أردت وقوعه فيها. وقولهِّ :
رش).(1
رش كل موجود اآلن مما فيه ّ
أو المرادّ :
الصدّ َيق
بك�ر ّأن أبا ٍ ِ
الع�اص ّ بن وع�ن عب�د اهللِ بن عم�رو ِ
أمس�يت.
ُ أصبحت وإذا
ُ ُ
أق�ول إذا رس�ول اهللِ ع ّلمن�ي ما
َ ق�ال :يا
ِ
الغيب عالم ِ ِ فقال« :يا أبا ٍ
واألرض َ موات الس
فاطر ّ اللهم َ
َّ بكر قل:
كل ٍ ِ
رش
بك من ِّ يشء ومليك ُه أعو ُذ َ رب ِّ �هادة ال إل� َه ّإال َ
أن�ت َّ ّ
والش
أقرتف عىل نفس س�وء ًا أو ِ
ورشكه ،وأن ِ
�يطان رش ّ
الش
َ نفس ومن ِّ
أجر ُه إىل مسل ٍم»).(2
ّ
ِ ِ
رش هواها المخالف للهدى قولهَ « :أ ُعو ُذ بِ َك من َ ِّ
رش نَفس» أي ّ
(ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸِ) [القصص.[50:
75
معاين األذكار
الش ِ
يطان :وسوسته وإغواؤه وإضالله ورصعه ،والمراد ورش َّ
َّ
جنس الشياطني.
«و ِرش ِك ِ
�ه» ختصي�ص بع�د تعمي�م ،وه�ي بك�رس الش�ني :من َ
اإلرشاك باهلل أي يوقع اإلنسان يف الرشك والكفر.
وبفتح الش�ني :أي حبائله ،واحلبائل هي ما يمس�ك به الصيد إذا
غفل عنها ،أو اغرت بام فيها مما تشتهيه نفسه ،والمراد بحبائل الشيطان:
تسويالته وتزييناته التي ُيري هبا الباطل حقا والقبيح حسن ًا.
ُ
وأرشاك الش�يطان وحبائل�ه كثرية ،ينصبها الب�ن آدم وقد قعد
بأطر ِق�ه ليض ّله ،فت�ارة يضله بالش�هوة ،وتارة بالش�بهة ،وتارة
ل�ه ُ
الرش علي�ه ،وأقل ذل�ك أن يش�غله بالمفضول عن بتس�ليط أه�ل ّ
الفاضل ،فهو يروم غايته فيه بكل وسيلة متكنه.
ورب�ام بادأه بالفكرة واخلطرة ،فإن اسرتس�ل معه وجاراه طمع
فيه؛ حتى تصري الفكرة ش�هوة ،ثم ال يزال به حتى تصري الش�هوة
عادة ،فتضعف حينئذ نفسه عن طلب السالمة ،وقد تلطخ قلبه بام
تلطخ به مما كان بمنأى من قبل عنه.
صارتق�ال ابن القيم -رمحه اهلل« :-دافع اخلطرة َفإِن مل تفعل َ
�هوة ،فحارهبا َفإِن مل
صارت َش َ فك�رة ،فدافع الفكرة ف�إن مل تفعل َ
ص�ارت فعالَ ،فإِن مل ِ
ومهةَ ،ف�إِن مل تدافعها
َ يمة َّص�ارت َع ِز َ
َ تفع�ل
االنتِقال َعنها»).(1
تتداركه بضدّ ه صار عادة؛ فيصعب َع َليك ِ
َ
76
معاين األذكار
***
حنيَ
)(1
خرج من عنده�ا بكر ًة
ّب�ي ﷺ َ َّ
أن الن َّ ع�ن جويري َة
وهي
َ
)(2
رجع بع�دَ أن أضحى
ثم َ وهي يف مس�جدها َّ بح َ الص َ ّ
ص�ىل ّ
ِ
فارقتك عليها؟» ،قالت: ِ
احلال ا ىّلت�ي زلت عل جالس� ٌة فقال« :ما ِ
ثالث مر ٍ ٍ ِ
ات لو أربع كلامت َ ىّ قلت بعدك َ ّبي ﷺ« :لقد ُ نعم .قال الن ُّ
ِ
خلقه ِ
وبحمده عد َد سبحان اهللِ
َ لوزنتهن: قلت ُ
منذ اليو ِم وزنت بام ِ
َّ
ِ
كلامته»).(3 ِ
عرشه ومدا َد ِ
نفسه وزن َة ورضا
77
معاين األذكار
78
معاين األذكار
«اللهم َ
بك َّ ىّش�ور» ،وإذا أمس�ى ق�ال: َ
وإليك الن ُ نموت،
ُ نحي�اَ ،
وبك
المصري»
ُ َ
وإليك نم�وت،
ُ وب�ك نحياَ ،
وبك وبك أصبحناَ ،
أمس�يناَ ،
رواه البخاري يف األدب املفرد ) (1199هبذا اللفظ ،وصححه النووي
وابن حجر ،وصححه األلباين يف السلسلة الصحيحة ).(263
«وهي
َ ق�ال ابن القيم عن رواي�ة البخ�اري يف األدب المفرد:
الصباح واالنتباه من النّوم: َّ
-ألن ّ الروايات أن تكون حمفوظة
أوىل ّ
والصريورة إىل ِ
وهو احلياة بعد الموت .والمس�اء ّبمنزلة النّش�ور َ
جعل اهلل س�بحانه ِ
بمنزل�ة الم�وت والمص�ري إىل اهلل وهلذا َ النّ�وم
ال عىل البعث والنّش�ورَّ -
ألن يف النّ�وم الموت واالنتب�اه بعده دلي ً
النّ�وم أخ�و الم�وت واالنتباه نش�ور وحي�اة ،قال تع�اىل( :ﮮ
ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
البخاري يف ويدل ِ
عليه أيض ًا ما روا ُه ﯛﯜﯝ)ّ .
ّ
استيقظ قال :احلمد هللِ
َ ّبي ﷺ َ
كان إذا صحيحه عن حذيفة َّ
«أن الن ّ
ِ
وإليه النّشور»).(1 ا ّلذي أحيانا بعدما أماتنا
وم�ؤ ّدى المصري والنش�ور واحد ،وهو الرج�وع إىل اهلل تعاىل
بعد الموت).(2
79
معاين األذكار
80
معاين األذكار
) (1فعىل من خياف عىل نفس�ه من نكبات الدنيا وفجآت البالء أن يلتزم العمل هبذا
احلدي�ث ويواظب عليه ،وخاصة أولئ�ك التجار الذين يصيبهم ما يصيبهم من
ذلك يف أس�واق األس�هم وكثري من المعامالت التجارية ،والذكر والدعاء إما
أن يمنعا وقوع البالء أو خيففاه أو حيمال صاحبه عىل الصر واالحتس�اب ،ويف
ٍّ
كل خري.
81
معاين األذكار
الدنيا وال يف اآلخرة ،وال ينزله منازل اخلزي والفضح فيهام ،وإنام
يسرت عليه عيوبه ويغفر له ذنوبه ويسدل عليه سرته وجيعله يف َكن َِفه
وحفظه.
ِ
وع�ايت» أي فزع�ايت التي ختيفن�ي ،أي ارفع عني كل «و ِآم�ن َر
َ
خوف.
***
82
معاين األذكار
حني
قلت َعقرب لدغتني البارح َة؟) (1قال« :أما لو َ ٍ اهللِ ما ُ
لقيت من
ترض َك»).(2 ِ ِ ِ
خلق مل ىّ
رش ما َأمسيت أعو ُذ بكلامت اهلل الت ىّىّامات من ِّ
َ
صال�ح عن ِ
أبيه ٍ س�هيل ِ
ب�ن أيب ِ وروى الرتم�ذي ) (3529ع�ن
ح�ني يميس َ
ثالث َ ّب�ي ﷺ قال« :م�ن قال ع�ن أيب هري�ر َة ع�ن الن ِّ
ِ ِ ِ ٍ
يرض ُه مح ٌة َ
تلك خلق مل ىّ
رش ما َم�رات أعو ُذ بكلامت اهلل الت ىّىّامات من ِّ ىّ
ال ىّليل َة»).(3
كل ٍ
ليلة، ف�كان أهلنا تع ّلموه�ا فكانوا يقولوهن�ا َّ
َ ٌ
س�هيل: قال
فلدغت جاري ٌة منهم فلم تد هلا وجع ًا.
ِ
بكلامت اهللِ» :هي القرآن. «أعو ُذ
«التّام ِ
�ات» أي التي ال يطرقها عي�ب وال نقص بخالف كالم ّ
الناس.
83
معاين األذكار
***
صباح مساء:
َ اإلقرار بالنعمة هلل وشكره عليها
رس�ول اهللِ ﷺ قال« :من
َ َّ
أن البيايض بن غنّا ٍم عن ِ
عبد اهللِ ِ
ِّ
َ
وحدك ل َ
فمن�ك ق�ال ح�ني يصب�ح :اللهم ما أصب�ح يب من ٍ
نعمة َ َّ ُ َ
الش�كر فقد أدى ش�كر ِ فلك احلمدُ َ ل�ك َرشي�ك َ
َ
يومه ،ومن َ ىّ ولك ىّ ُ
ذلك حني يميس فقد أدى شكر ِ
ليلته»).(2 مثل َقال َ
َ ىّ َ
يف ه�ذا احلديث اإلق�رار بأن جيع النعم م�ن اهلل تعاىل :الدينية
والدنيوية.
84
معاين األذكار
َ
وحدك» ليس هو جواب الرشط؛ ألن جواب َ
«فمنك وقول�ه:
الرشط يشرتط فيه أن يكون مس ّبب ًا عن الرشط ،وعىل هذا فهو دال
عىل اجلواب وليس ه�و اجلواب ،وجواب الرشط :فمنك وحدك
فأوزعني أن أقوم بشكرها).(1
***
صباح مساء:
َ اإلقرار بالتوحيد واإلشهاد عليه
بن ٍ
رس�ول اهللِ ﷺ قال« :من قال َ
حني َ َّ
أن مالك أن�س ِ
ِ ع�ن
َ
عرشك َ
أشهدك وأشهدُ محل َة أصبحت
ُ اللهم ىّإين
َّ يصبح أو يميس:
ُ
حممد ًا
وأن ىّ
أنت َّ أنت اهلل ل إل� َه ىّإل َ ىّك َخلقك أن َ
َ ومجيع
َ َ
ومالئكت�ك
أعتق
تني َمر ِ أعتق اهلل ربع ُه من الن ِ
ىّ�ار ،فمن قاهلا ىّ َ
ورس�ولكَ : َ
عبدك
ِ
أرباعه ،ف�إن قاهلا أربع ًا أعتق اهلل ثالث َة
اهلل نصف� ُه ،ومن قاهلا ثالث� ًا َ
أعتق ُه اهلل من النىّار»).(2
َ
«أش�هدك» أي أجعل�ك ش�اهد ًا ع�ىل إق�راري بوحدانيتك يف
األلوهي�ة والربوبي�ة ،وهو تأكيد للش�هادة يف كل صباح ومس�اء،
وغرضه :أنه ليس من الغافلني عنها.
َ
ومالئكتك» تعميم بعد ختصيص. َ
عرشك «محل َة
َ
خلقك» تعميم آخر. «وجيع
َ
85
معاين األذكار
رقبة» بفتح الع�ني وكرسها ،أي كان ذلك القول «عدل ٍ َ قول�ه:
ملن قاله مثل عتق رقبة يف األجر.
َ
إسامعيل» التخصيص هبم ألهنم أرشف من سبي. «من ِ
ولد
) (1صحح�ه احلاكم ووافقه الذهبي ،وصححه األلباين أيضا يف الصحيحة ()267
وق�ال« :وله ش�اهد م�ن حديث أن�س مرفوعا نح�وه مقيدا بالصباح واملس�اء،
وسنده ضعيف كام بينته يف «سلسلة األحاديث الضعيفة) رقم (.»)1041
) (2رواه أبو داود (.)5077
86
معاين األذكار
الش ِ
يطان» أي يف حفظ من وسوسة الشيطان «وكان يف ٍ
حرز من ّ َ
وإغوائه).(1
***
87
معاين األذكار
ِ ِ ِ
رش ما َبعدَ ُه» أي ما بعده من األيام، «و َأ ُعو ُذ بِ َك من َ ِّ
رش ما فيه َو َ ِّ َ
وكأنه استعاذ من رش ما بعده ،ومل يسأل خري ما بعده؛ ألن االعتناء
بدفع المفاس�د أهم من جلب المصال�ح ،ومن القواعد« :أن درء
المفاسد مقدم عىل جلب المصالح).(1
***
صباح مساء:
َ سؤال اهلل العافية يف البدن والسمع والبرص
ألبيه :ي�ا ِ
أبت ّإين ِ ب�ن أيب بكر َة أنه ق�ال الر ِ
محن ُ ع�ن عب�دُ ّ
اللهم عافني «اللهم عافني يف بدين ٍ
غداة: أس�معك تدعو َّ
كل َ
َّ َّ
أنت» تعيدها ثالث ًااللهم عافني يف برصي ل إل َه ىّإل َ
َّ يف سمعي
بك «اللهم ىّإين أعو ُذ َ
َّ ُ
وتق�ول: حني متس، تصبح وثالث ًا َ
ُ ح�ني
َ
ع�ذاب ِ
القرب ل إل َه ِ بك من اللهم ىّإين أعو ُذ َ
َّ ِ
والفق�ر ِ
الكفر م�ن
ح�ني متس قال:
َ تصب�ح ثالث ًا وثالث ًا
ُ ىّإل أن�ت» تعيده�ا َ
حني
أس�تن
َّ فأحب أن
ُّ هبن
ّبي ﷺ يدعو َّ
س�معت الن َّ
ُ بني ّإين
نعم يا َّ
بسن ِ
ّته).(2
88
معاين األذكار
العموم ألمهيتهام:
وتقدي�م الس�مع عىل البر يدل ع�ىل أنه أفض�ل ،وبيان ذلك
أن فق�د الب�ر ال يمنع من معرفة احلق واتباع�ه ،بخالف َمن َف َقدَ
َسم َعه ،إال أن يعطيه اهلل ذلك هبة منه).(2
89
معاين األذكار
***
واختار هذا القول ش�يخ اإلسالم ابن تيمية ،وابن القيم حيث
ك�ر َط َريف النهار ،ومها ما ِ
ق�ال يف كتابه الوابل الصيب (ص« :(93ذ ُ
بني الصبح وطلوع الشمس ،وما بني العر والغروب.
90
معاين األذكار
.[130
91
معاين األذكار
أذكار مضافة
ٌ وق�ال ابن عثيمني -رمح�ه اهلل« :-أذكار الصباح
إىل الصب�اح وهذه إضاف ٌة بمعن�ى (يف) فإذا قلنا أذكار الصباح فهو
(أذكار يف الصب�اح)؛ فيكون حملها م�ن حني طلوع
ٌ بمنزل�ة قولن�ا
الفجر إىل أن ترشق الش�مس ،ف�إذا كان الضحى انتهى اإلصباح،
أذكار تكون يف المس�اء،
ٌ وكذل�ك يف المس�اء أذكار المس�اء يعني
والمس�اء من صالة العر إىل هزي ٍع من الليل) (3كل ذلك يس�مى
مس�ا ًء ،لك�ن م�ا ُق ِّي�د يف الليل فه�و يف اللي�ل كآية الك�ريس مثالً،
وكذلك اآليتان آخر سورة البقرة.
ف�ام قي�د يف الليل فهو يف الليل ،وما قيد يف المس�اء فهو أوس�ع
وأشمل ،يكون من صالة العر إىل هزيع من الليل»).(4
92
معاين األذكار
93
معاين األذكار
94
معاين األذكار
95
معاين األذكار
إس�ناده أبو خالد الداالين يزيد ب�ن عبد الرمحن ،قال احلافظ:
«ص�دوق خيطئ كث�ري ًا ،وكان يدل�س») .(1ورواه اإلمام أمحد
) )18631واحلمي�دي ( (734م�ن طريق�ه فاقت�ر ع�ىل قوله «ال
ح�ول وال قوة إال باهلل» .وقد رواه حج�اج بن أرطاة عند ابن
أيب ش�يبة ) (100/6ومعم�ر بن راش�د عند اب�ن خزيمة )(544
96
معاين األذكار
يس�مع
ُ حني َ
األذان ،والمرا ُد َ يس�مع النّ�دا َء» أي
ُ «حني
َ قول�ه:
ِ
األذان. ذلك ُ
يقال عندَ فرا ِغ أن َ ِ
بتاممه ،ففي هذا َّ النّدا َء
ُ
ألفاظ عوة التّام ِة» الم�راد بالدّ ِ
عوة هاهنا ه�ذه الدّ ِ
ِ رب
ُ ّ «اللهم َّ
َّ
ِ
عبادة اهللِ تعاىل).(3 خص إىل ِ
األذان ا ّلتي يدعى هبا ّ
الش ُ
وس ّمى األذان دعوةً؛ ألنه يدعو إىل الصالة والذكر.
َ
وو َص َفها بالتّامة؛ الشتامهلا عىل تعظيم اهلل وتوحيده ،والشهادة
َ
بالرسالة ،والدعوة إىل اخلري.
97
معاين األذكار
رس�ول اهللِ ﷺ أ ّن ُه قال« :من قال ِ اص عن بن أيب و ّق ٍ ِ
س�عد ِ عن
َ
رشيك يس�مع المؤ ىّذ َن :وأنا أش�هدُ أن ل إل َه ىّإل اهلل وحد ُه ل ُ حني
َ
وبمحم ٍد رس�ولً
ىّ رضيت ب�اهللِ ر ىّب ًا
ُ حمم�د ًا عبد ُه ورس�ول ُه وأن ىّ
ل� ُه َّ
وباإلسال ِم دين ًا َ
غفر ل ُه ذنب ُه»).(4
يس�مع الم�ؤ ّذ َن :وأنا
ُ وعن�د ابن ماج�ه )« :(721من قال َ
حني
98
معاين األذكار
صحح�ه األلباين وقال« :وفيه هذه الزيادة التي تعني متى يقال
99
معاين األذكار
ه�ذا الدع�اء ،وهو حني يتش�هد الم�ؤذن .وهي زي�ادة عزيزة قلام
توجد يف كتاب فتشبث هبا»).(1
وقال ابن عثيمني -رمحه اهلل« :-ويف قوله« :وأنا أش�هد» ٌ
دليل
ع�ىل أنه يقوهلا عقب قول المؤ ِّذن« :أش�هد أن ال إله إال اهلل»؛ َّ
ألن
ال�واو حرف عطف ،فيعطف قو َله ع�ىل ِ
قول المؤ ِّذن .فإذ ًا :يوجد
كر مرشوع أثناء األذان» ).(2 ِ
ذ ٌ
ه�ل يقوله بعد قول المؤذن« :أش�هد أن ل إل�ه إل اهلل» أم بعد
قوله« :أشهد أن حممد ًا رسول اهلل»؟
الراجح :الثاين.
س�ئل الش�يخ ابن عثيم�ني :ورد يف احلديث أن اإلنس�ان يقول
عند متابعته للمؤذن «رضيت باهلل ربا ،وباإلس�الم دينا ،وبمحمد
رسوالً» فمتى يقول هذا؟
فأج�اب بقوله« :ظاه�ر احلديث أن المؤذن إذا قال أش�هد أن
ال إله إال اهلل وأش�هد أن حممدا رسول اهلل وأجبته تقول بعد ذلك:
«رضيت باهلل رب ًا ،وباإلسالم دين ًا ،وبمحمد رسوالً»).(3
•دعاء اخلروج إىل الصالة:
يف قصة وصفه لتهجد الرسول ﷺ ملا بن ع ّب ٍ
اس عن ِ
عبد اهللِ ِ
100
معاين األذكار
بات عند خالته ميمونة قال ... :فأ ّذ َن المؤ ّذ ُن -أي لصالة الصبح-
«اللهم اجعل يف قلبي نور ًا ،ويف لساين وهو ُ
يقول: ِ
َّ الصالة َ فخرج إىل ّ
َ
نور ًا ،واجعل يف س�معي نور ًا ،واجعل يف ب�رصي نور ًا ،واجعل من
خلف�ي ن�ور ًا ،ومن أمامي ن�ور ًا ،واجعل من فوقي ن�ور ًا ،ومن حتتي
اللهم أعطني نور ًا»).(1
َّ نور ًا،
101
معاين األذكار
قال ابن القيمّ « :ملا كان المصيل قد َخت ّىل عن الشواغل و َق َطع جيع
وتطهر وأخذ زينته وتيأ للدخول عىل اهلل تعاىل ومناجاته،
ّ العالئق،
َ
دخول العبيد عىل الملوك ،فيدخل بالتعظيم ُرشع له أن يدخل عليه
فرشع له ُ
أبلغ لفظ يدل عىل هذا المعنى ،وهو قول «اهلل واإلجاللُ ،
أك�ر» ،ف�إن يف اللفظ م�ن التعظي�م والتخصيص واإلط�الق ما ال
يوجد يف غريه ،وهلذا كان الصواب أن غري هذا اللفظ ال يقوم مقامه
وال يؤدي معناه وال تنعقد الصالة إال به ...فإنه إذا استشعر بقلبه أن
اهلل أكر من كل ما خيطر بالبال اس�تحيا منه أن يشغل قلبه يف الصالة
بغ�ريه ،فال يكون موفي ًا ملعنى اهلل أكر وال مؤدي ًا حلق هذا اللفظ وال
أتى البيت من بابه ،بل الباب عنه مسدود.
102
معاين األذكار
103
معاين األذكار
104
معاين األذكار
خطاياي
َ اللهم اغسل
َّ األبيض من الدىّ ِ
نس، ُ اخلطايا كام ين ىّقى ال ىّث ُ
وب
ِ
والربد»).(1 ِ
بالماء وال ىّثلجِ
قوله« :اللهم ِ
باعد بيني وبني َخطاياي كام باعدت بني المرشق َّ
والمغ�رب» :المباعدة بني المرشق والمغرب هو غاية ما يبالغ به
ّاس يبالغون يف الش�يئني المتباعدين إ ّما بام بني الس�امء ّاس ،فالن ُ
الن ُ
والمغرب ،ومعن�ى ِ
«باعد بيني ِ ِ
الم�رشق واألرض ،وإم�ا ب�ام بني
باع�د بيني وب�ني فِ ِ
عله�ا بحي�ث ال َأف َع ُلها، وب�ني َخطاي�اي» أيِ :
ِ
وباعد بيني وبني عقوبِتها إذا فعلتُها.
األبيض ِمن
ُ الث�وب
ُ «اللهم ن ِّقني ِم�ن خطاياي كام ُين َّقى
َّ وقول�ه:
األبيض؛ ألن األبيض هو أشدُّ ما يؤ ِّثر فيه الوسخ.
َ الدَّ نس» وإنام َذك ََر
والر ِد، فس�أل إزال َة آثار خطاياه بزي�ادة التطهري بالم�اء وال َّث ِ
لج َ َ
الذنوبأن ُّ
والر ُد مناسبته هنا َّ
لج َ َمطه ٌر ،لكن ال َّث ُ
فالماء ال َش َّك أنه ِّ
حارة ،واحلرار ُة يناسبها يف التنقية منهاالعذاب بالن ِّار ،والن ُّار َّ
ُ آثارها
والر ُد فيهام التريدُ ).(2 اليشء البارد ،فالماء فيه التنظيف ،وال َّث ُ
لج َ َ
***
105
معاين األذكار
بن ٍ
عامر قالّ :ملا نزلت (ﯶﯷﯸﯹ) داود عن عقب َة ِ
رسول اهللِ ﷺ« :اجعلوها يف ركوعكم»).(1
ُ قال
وبالرك�وع تعظيم
والتَّنزي�ه والتَّعظي�م باللس�ان تعظيم ق�و ٌّيلُّ ،
والفعيل.
ّ فعيل ،فيكون الراكع جامع ًا بني التعظيمني :القو ّيل
ٌّ
وإين ُنيت أن أق�رأ القرآن راكع ًا أو
النبي ﷺ« :أل ِّ
وهل�ذا ق�ال ُّ
ساجد ًا ،ىّأما الركوع فع ِّظموا فيه َّ
الرب»).(3
اإل ُ
نسان وهو الذ ِ
كر؛ مل ُيناسب أن يقرأه ِ أرشف ِّ
َ ُ
القرآن و َّملا كان
يف هذا االنحناء ،إنام ُيقرأ يف حال القيام.
106
معاين األذكار
صف
الم�دحَ :و ُ فإن �رق بني احل ِ
م�د والمدح؛ َّ وهب�ذا ُيعرف ال َف ُ
َ َ
بالصفات احلميدة ،لكن ال يلزم منه أن يكون الممدوح بالكامل ،أو ِّ
يمدحه
ُ يمدحه ِمن أجل أن َ
ين�ال َغ َرض ًا له ،وقد ُ حمبوب� ًا مع َّظ ًام ،فقد
رشه ،لكن احلمد ال يكون إال مع حم َّب ٍة وتعظي ٍم.
من أجل أن يتَّقي َ َّ
ِ
107
معاين األذكار
شئت ِ
واألرض وملء ما َ ِ
اموات الس قوله« :ر ّبنا َ
لك احلمد ملء ّ
م�ن ٍ
يشء بعدُ » :فه�و حيمد اهلل محد ًا يمأل العالم العلوي والس�فيل
والفضاء الذي بينهام ،فهذا احلمد يمأل جيع اخللق الموجود.
وقول�هَ « :أ َ
ه�ل ال َّثن�اء وا َ
حلم�دُ » أيَ :ر َّبن�ا أنت أه�ل أن ُيثنَى
عليك ُ
ومت ّجد لعظمة صفاتك وكامل نعوتك وتَوايل نعمك وكثرة
آالئك.
«أحق ما قال العبد وك ّلنا لك عبدُ » :يف هذا الكالم دليل
ُّ قوله:
أحق ماأن هذا ُّ ّبي ﷺ َّ ظاه�ر عىل فضيلة هذا ال ّلف�ظ؛ فقد أخ َ
ر الن ّ
قاله العبد ،فينبغي أن حيافظ ِ
عليه. ُ
فيه من التّفويض إىل اهلل تعاىل،أحق م�ا قاله العبد ملا ِ وإنّ�ام َ
كان َّ
ُ
ت�ه ،والتّريح بأ ّن ُه ال حول والواإلذع�ان له واالعرتاف بوحداني ِ
ّ ُ
الزه�ادة يف الدّ نيا ّ
واحل�ث عىل ّ وال�رش من ُه وأن اخل�ري ق�وة ّإال ِ
ب�هَّ ،
ّّ ّ
الصاحلة).(1
واإلقبال عىل األعامل ّ
منعت» :فيه االعرتاف بتفرد
َُ معطي ملا
َ أعطيت وال
َ مانع ملا
«ال َ
اهلل بالعطاء والمنع والقبض والبس�ط واخلفض والرفع ،فام يكتبه
لعب�ده من خري ونعمة فال راد له وال مانع لوقوعه ،وما يمنعه عن
عبده من اخلري والنعمة فال سبيل لوقوعه.
هو ّ
احلظ والغنى والعظمة ينفع ذا اجلدِّ َ
منك اجلدُّ » :اجلدّ َ «وال ُ
ِ
بالم�ال والولد والعظمة والس�لطان أي ال ينف�ع ذا ّ
احلظ يف الدّ نيا ّ
) (1رشح النووي عىل مسلم (.)196/4
108
معاين األذكار
والسلطان منك ح ّظه ،أي ال ينجيه ح ّظه منك ،وإنّام ينفع ُه وينجيه
ّ
الصالح).(1
العمل ّ
ويقول حال الس ِ
جود« :سبحان ريب األعل»: ُّ
علو اهلل هنا ِ
ك�ر ِّ
يب العظيم»؛ ألن ذ َ
دون أن يق�ول« :س�بحان َر ِّ َ
أنسب من ذكر العظمة ،ألن اإلنسان اآلن أنزل ما يكون ،لذا كان
من المناسب أن ُيثني عىل اهلل بالعلو.
الصحاب ُة
فانظر إىل احلكمة والمناسبة يف مثل ذلك ،وكيف أن َّ
َ�روا ،وإذا هبطوا وادي ًا َس� َّبحوا؛
كانوا يف الس�فر إذا علوا ش�يئ ًا ك َّ
ويتكر ويعلو،
َّ ألن اإلنس�ان إذا ع�ال وارتفع قد يتعاظم يف نفس�ه
عز َّ
وجل. نفسه بكرياء اهلل َّ ِ
فناسب أن يقول« :اهلل أكر» ل ُيذك َِّر َ
َ
كر التس�بيح َأوىل؛ لتنزيه ِ
أما إذا نزل فإن النزول نقص ،فكان ذ ُ
عز َّ
وجل عن النقص الذي كان فيه اآلن ،فكان من المناس�ب اهلل َّ
نفسه بِ َمن هو أعىل منها. ُ
اإلنسان َ أن ُي َذك َِّر
رب
وس ُّ
وح ق�دىّ ٌ
وكان ﷺ يق�ول يف ركوعه وس�جوده« :س� ىّب ٌ
والروحِ »).(2 ِ
المالئكة ىّ
وح» :أي م�رأ م�ن النقائ�ص والرشيك وكل م�ا ال يليق
«س� ُّب ٌ
ُ
باإلهلية.
109
معاين األذكار
« ُقدُّ ٌ
وس» :أي مطهر من كل ما ال يليق باخلالق).(1
والر ِ
وح» :والروح هو جريل -عليه السالم،- ِ
«رب المالئكة ّ
ُّ
ُخ ّ
ص بالذكر تفضيال له عىل سائر المالئكة.
تشم ُل األخرى.
فإن ك َُّل واحدة منهام َ
أما إذا افرتقا؛ َّ
مفرط
وكل إنس�ان ناقص ِّ ر يكون من الن ِ
َّقصُّ ، جل ُ
«واجرين» ا َ
ُم ِرس ٌ
ف عىل نفسه بتجاوز احلدِّ أو بالتقصري ،فهو حيتاج مع المغفرة
والرمحة جر ًا جير به نقصه.
110
معاين األذكار
ٍ
م�رض ديني أو بدين، «وعافن�ي» أي :أعطن�ي العافية ِمن ِّ
كل
فع ِ
�ه ،وإن كان غري ث�م إن كان متَّصف� ًا هبذا الم�رض؛ فهو دعاء بر ِ
َ
يتعرض له يف المستقبل. ِِ
متَّصف فهو دعاء بدَ فعه ،بحيث ال َّ
فينبغي لإلنس�ان إذا س�أل العافي�ة يف هذا الم�كان أو غريه أن
يستحرض أن يسأل اهلل عافية البدن ،وعافية الدِّ ين.
وأم�ا قول�ه« :وارزقن�ي» فه�و طلب ال�رزق ،وهو م�ا يقوم به
البدن ،وما يقوم به الدِّ ين:
وسك ٍ
َن. ما يقوم به البدن من طعام ورشاب ولباس َ
ٍ
وإيامن و َع َم ٍل صالح. وما يقوم به الدِّ ين من ِعل ٍم
نفس�ه اس�تحضار ه�ذه المعاين
يعود َ
واإلنس�ان ينبغ�ي له أن ِّ
العظيمة حتى حيصل له النفع وزيادة اإليامن.
فهذا الدعاء اشتمل عىل:
•سؤال المغفرة التي يكون هبا الوقاية من رش الذنوب.
•وسؤال الرمحة وفيه تصيل اخلري والر واإلحسان.
•وس�ؤال اهلل أن جيره بسدّ حاجته وجر كرسه ونقصه ،وأن
يعوضه ما فاته من اخلري.
•وسؤال الرفعة يف الدارين.
•وس�ؤال اهلداي�ة بالتوص�ل إىل أبواب الس�عادة والفالح يف
الدنيا واآلخرة.
111
معاين األذكار
112
معاين األذكار
تفوي�ض العب�د أم�وره إىل خالق�ه ،فهو يتوس�ل إلي�ه بعلمه الذي
أح�اط ب�كل يشء وقدرته النافذة عىل كل اخلل�ق أن خيتار له اخلري
حيث كان.
ِ
�هادة» :أي أن أخشاك يف ِ
الغيب ّ
والش َ
خش�يتك يف َ
«وأس�ألك
الرس والعالنية والظاهر والباطن.
ِ
والغضب» :وق�ول احلق يف الرض�ا «وأس�ألك كلم� َة ِّ
احلق يف ّ َ
ح�ال الغضب من األم�ور العزيزة يف الن�اس؛ ألن الغضب حيمل
صاحبه عىل أن يقول خالف احلق.
ِ
الفق�ر والغن�ى» :القص�د هو التوس�ط َ
«وأس�ألك القص�دَ يف
واالعت�دال ،فإن كان فق�ري ًا مل يقرت خوف ًا من نفاد الرزق ،وإن كان
غنيا مل يرسف ومل يبذر.
«وأس�ألك نعي� ًام ال ينف�دُ » :والنعي�م ال�ذي ال ينف�د ه�و نعيم
َ
اآلخرة.
تنقطع» :والمؤمن ال تقر عينه يف الدنيا
ُ «وأس�ألك ّقر َة ٍ
عني ال َ
إال بمحب�ة اهلل وذك�ره والمحافظة عىل طاعته «وجعلت قرة عيني
يف الصالة».
ِ
القضاء» :والرضا ال يتحقق إال إذا وقع الرضا َء بعدَ َ
«وأسألك ّ
القضاء ،وأما قبل وقوعه فهو جمرد عزم من العبد عىل الرضا.
ي�ش بعدَ الم ِ «و َأ َ
�وت» :فالعيش قب�ل الموت َ س�أ ُل َك َب�ر َد ال َع ِ َ َ
ِ
من ّغص ،وطيب العيش ال يكون إال بعد الموت.
113
معاين األذكار
لقائك يف ِ
غري َ والش َ
�وق إىل َ
وجه�ك ّ ل�ذ َة الن ِ
ّظر إىل «وأس�ألك ّ
َ
فتنة مض ّل ٍة» :جع يف هذا الدعاء بني أطيب يشء
رضاء م�رض ٍة وال ٍ
ّ ّ َ
يف الدني�ا وهو الش�وق إىل لقاء اهلل ،وأطي�ب يشء يف اآلخرة وهو
النظ�ر إىل وجهه الكريم ،ولكن متام ه�ذا النعيم متوقف عىل عدم
وج�ود م�ا يرضه يف دني�اه أو يفتن�ه يف دينه؛ ولذلك ق�ال« :يف ِ
غري
فتنة مض ّل ٍة».
رضاء مرض ٍة وال ٍ
ّ َ ّ
ِ
اإلي�امن» :زين�ة اإليامن تش�مل زينة القلب «الله�م زينّ�ا ِ
بزينة َّ ّ
باالعتقاد السليم ،واللس�ان بالذكر والتالوة ،واجلوارح باألعامل
الصاحلة.
ِ
واه�د بنا ،وه�ذا أفضل «واجعلن�ا ه�دا ًة مهتدي� َن» :فاهدن�ا،
الدرجات.
فكام افتتح صالته باس�م اهلل «اهلل أكر» كذلك خيتمها باسم اهلل
«السالم عليكم»؛ فإن السالم من أسامء اهلل.
114
معاين األذكار
115
معاين األذكار
«أس�تغفر ِ
صالته قال: ان�رصف م�ن
َ رس�ول اهللِ ﷺ إذا
ُ وكان
َ
ُ
السال ُم، َ
ومنك ىّ السال ُم،
أنت ىّ
اللهم َ
َّ أس�تغفر اهللَ،
ُ أس�تغفر اهللَ،
ُ اهللَ،
ِ
اجلالل واإلكرامِ»((). تباركت ذا
َ
وق�د ذكر ابن اجلوزي -رمحه اهلل -أن رجال جا َء إىل أيب حنيفة
116
معاين األذكار
فش�كا ل� ُه أنه دفن ماال يف موضع وال يذك�ر الموضع ،فقال له أبو
فصل ال ّليلة إىل الغداة فإنّك س�تذكره إن ش�ا َء اهلل
حنيف�ة :اذه�ب ِّ
تع�اىل .ففعل الرج�ل ذلك ،فلم يمض ّإال أقل من ربع ال ّليل حتّى
ذك�ر الموضع ،فج�اء إىل أيب حنيفة فأخر ُه ،فق�ال :قد علمت أن
الش�يطان ال يدعك تصيل حتّى تذكرهّ ،
فهال أمتمت ليلتك ش�كرا ّ
هلل عز وجل!).(1
الس�ال ُم،
الس�الم ومنك َّ
«اللهم أنت َّ
َّ ثم يقول بعد الس�تغفار:
تباركت يا ذا اجلالل واإلكرام».
الس�الم،
اللهم أنت َّ
َّ والمناس�بة يف هذا ظاه�رة ،كأنك تقول:
ال�ر ِّد والن ِ ِ
الص�ال َة قد تُقبل وقد ال
َّقص؛ ألن َّ فس� ِّلم يل صاليت من َّ
تُقبل ،وقد ُيكتب له بعضها و ُي َر ّد عليه بعضها.
قال: ٍ
ي�ارس ع�امر بن
ك�ام روى اإلم�ام أمح�د ) (18415عن ّ
يكتب
ُ الصال َة ما ّ
ليصيل ّ «إن العبدَ رس�ول اهللِ ﷺ ُ
يقولَّ : َ س�معت
ُ
ل ُه منها ّإال عرشها تس�عها ثمنها سبعها سدسها مخسها ربعها ثلثها
نصفها»).(2
117
معاين األذكار
الستخارة:
رس�ول اهللِ ﷺ يع ّلمنا
ُ عب�د اهللِ ق�الَ :
كان ب�ن ِ ِ
جاب�ر ِ ع�ن
القرآنُ ، ِ ِ
يقول: األمور ك ّلها كام يع ّلمنا ّ
الس�ور َة من االس�تخار َة يف
ثم ليقل: ِ ِ
ركعتني من ِ ِ
غري الفريضة َّ باألمر فلريكع هم أحدكم «إذا َّ
َ
وأسألك من َ
بقدرتك، َ
وأس�تقدرك َ
بعلمك، َ
أس�تخريك اللهم ىّإين
َّ
وأنت
أعلمَ ، وتعل�م ول ُ
ُ أقدر،
تق�در ول ُُ فضل�ك العظي�مِ ،فإن َ
ىّك َ
خري يل يف ديني
األمر ٌ
أن ه�ذا َ تعلم َّ
كنت ُاللهم إن َ
َّ ِ
الغي�وب، ىّ
ع�ال ُم
ِ
وآجل�ه -فاقدر ُه يل ِ
عاجل أمري ِ
وعاقبة أم�ري -أو قال ومع�ايش
118
معاين األذكار
119
معاين األذكار
واإلق�رار ِ
بوج�وده س�بحان ُه، اإلق�رار فتضم� َن ه�ذا الدّ ع�ا ُء
َ َ ّ
واإلرادة ،واإلقرار بربوبيتهِ،
ِ كامل العل ِم والقدرةِ بصفات كامله من ِِ ِ
ّ َ
واخلروج من إليه ،واالس�تعان َة ِبه ،والتّوك َّل ِ
عليه، األمر ِ وتفويض ِ َ
َ
واع�رتاف ِ
العبد والقو ِة ّإال ِبه، ِ
احل�ول ري م َن ِ ِ
َ ّ عه�دة نفس�ه ،وال ّت ّ
ِ
وإرادته هلاَّ ،
وأن وقدرته عليها،ِ ِ
نفس�ه ِ
بمصلحة ِ
علمه بعجزه عن ِ
وفاطره ِ ِ بيد ول ّي ِهذلك ك ّله ِ
احلق»).(1
وإهله ِّ َ ُ
***
صالة اجلنازة:
رشعت صالة اجلنازة للدعاء للميت والش�فاعة فيه ،وقد روى
رسول اهللِ ﷺ
َ سمعت
ُ اس قال: مسلم ) (948عن ِ
عبد اهللِ ِ
بن ع ّب ٍ
120
معاين األذكار
أربعون رج ً
ال َ ِ
جنازته يموت فيقو ُم عل
ُ رجل مس�ل ٍمٍ ُ
يقول« :ما من
يرشكون باهللِ شيئ ًا ىّإل ش ىّفعهم اهلل ِ
فيه». َ ل
وق�ال ابن حج�ر :هذا اإلش�كال يف غري حمله ،ألن�ه مبني عىل
مقدمة ُمت َّ َ
َومهة وهي أن طلب المغفرة تستدعي سبق ذنب ،وليس
«ليغفر َ
ل�ك اهلل ما تقدّ َم من َ كذل�ك ،ف�إن اهلل تعاىل قال لنبي�ه ﷺ:
ذنبك وما ّ
تأخ َر» مع أنه ﷺ معصوم. َ
121
معاين األذكار
(اللهم ال َت ِرمنا َأ َ
جر ُه) أي ال ترمنا أجر الصالة عليه، َّ قول�ه:
أو أج�ر المصيبة به ،فإن المس�لمني يف المصيبة كاليشء الواحد،
ؤمن َف َموته ُم ِصي َبة َع َل ِيه َيط ُلب فِيها األَجر.
ؤمن َأ ُخو الم ِ
ُ
والم ِ
ُ
(وال تض ّلنا بعد ُه) أي ال تعلنا ضا ّل َ
ني بعدَ اإليامن.
122
معاين األذكار
123
معاين األذكار
فمن ذلك:
124
معاين األذكار
فقلت ل ُه:
ُ لقيت عقب َة ب َن مس�ل ٍم
رشيح ق�الُ : ٍ وع�ن حي�و َة ِ
بن
ّبي ﷺ ِ بن عمرو ِ ثت عن ِ
عبد اهللِ ِ بلغني أن َ
العاص عن الن ِّ بن ّك حدّ َ
ِ
وبوجهه الكري ِم دخل المسجدَ قال« :أعو ُذ باهللِ العظي ِم كان إذا َ أ ّن ُه َ
الرجيمِ» قال :أقط؟)ُ (1 ِ ِ
وس�لطانه القدي ِم من ىّ
قلت :نعم. �يطان ىّ الش
سائر اليو ِم).(2 َ
حفظ منّي َ الش ُ
يطان: قال :فإذا قال َ
ذلك قال ّ
125
معاين األذكار
***
وقال ابن عثيمني -رمحه اهلل« :-يف هذا :حث عىل أن اإلنسان
) (1رشح سنن أيب داود -عبد املحسن العباد ( - )255256/3ترقيم الشاملة.
) (2رشح النووي عىل مسلم (.)190/13
126
معاين األذكار
ينبغ�ي له إذا دخل بيته أن يذكر اس�م اهلل ،والذكر الوارد يف ذلك:
«بس�م اهلل وجلنا وبس�م اهلل خرجنا وعىل اهلل ربنا توكلنا ،اللهم إين
أس�ألك خري المولج وخري المخرج») (1ثم يستاك؛ ألن النبي ﷺ
إذا دخل بيته فأول ما يبدأ به السواك) .(2ثم يسلم عىل أهله.
أما عند العش�اء فيقول« :بسم اهلل» وبذلك حيرتز من الشيطان
الرجيم مبيت ًا وعشاء.
فإن ذكر اس�م اهلل عند الدخول دون العش�اء ش�اركه الشيطان
يف عشائه.
وإن ذكر اسم اهلل عند العشاء دون الدخول شاركه الشيطان يف
المبيت دون العشاء .وإن ذكر اسم اهلل عند الدخول وعند العشاء
فإن الشيطان ال يكون له مبيت وال عشاء»).(3
***
127
معاين األذكار
قوله« :إذا َ
دخل» يعني :إذا أرا َد الدّ خول.
«إِ ِّين َأ ُعو ُذ بِك» َأيَ :أ ُلو ُذ َو َألت ِ
َج ُئ.
«اخلب�ث» َجع َخبِيث «واخل ِ
بائث» َجع َخبِي َثة ،والمرادُ :ذكرانَ ُ
الشياطِني َوإِناثهم.
َّ
ّبي ﷺ
أرقم عن الن ّ
ّعوذ ما رواه زيد بن َ
وور َد يف س�بب هذا الت ّ
هذه احلش�وش حمترضة ،فإذا َ
دخل أحدكم اخلالء فليقل «إن ِ قالَّ :
اللهم ّإين أعوذ بك من اخلبث واخلبائث»).(2
َّ
***
ِ
اخل�روج م�ن عق�ب
َ ّ�ووي« :وج�ا َء يف ا ّل�ذي ُ
يق�ال ُّ ق�ال الن
128
معاين األذكار
129
معاين األذكار
130
معاين األذكار
ومن ذلك:
أذكار النوم:
أموت
ُ الله�م
َّ َ
«باس�مك ّب�ي ﷺ إذا أرا َد أن ين�ا َم ق�ال: َ
كان الن ُّ
ِ
منامه قال« :احلمدُ هللِ ا ىّلذي أحيانا بعدَ ما َ
اس�تيقظ من وأحيا» وإذا
ىّشور»).(1 ِ
أماتنا وإليه الن ُ
واحلكم�ة من الذك�ر والدعاء عند النوم وبعد االس�تيقاظ :أن
يك�ون خامتة عمل�ه يف اليوم وأوله بعد االس�تيقاظ ذك�ر التوحيد
والكلم الطيب ،كام قيل:
ٍ
جع�ة وآخ�ر يشء أن�ت يف ِّ
كل َه ُ
وأول يشء أن�ت ِعن�د ُه ُب�ويب
ُ
ف�إذا ابتدأ العبد يوم�ه بذكر اهلل ،وختمه بذك�ر اهللُ ،فريجى أن
ُيغفر له ما بني أول اليوم وهنايته من الذنوب.
131
معاين األذكار
الر ُ
جل بيت ُه َ
دخ�ل ىّ وع�ن جابر أن رس�ول اهلل ﷺ قال« :إذا
ُ
الملك :اختم وش�يطان ،فق�ال
ٌ ملك ِ
فراش�ه ابت�در ُه(() ٌ أو أوى إىل
برش؛ فإن مح�دَ اهللَ وذكر ُه ،أطرد ُه، ٍ
بخري(() ،وقال ىّ
�يطان :اختم ٍّ
ُ الش
وبات يكلؤ ُه(()«).(4
َ
132
معاين األذكار
133
معاين األذكار
قراءة ( ﭑ ﭒ ﭓ):
ّبي ﷺ نوفل عن ِ
أبيه َّ بن ٍ روى أبو داود ) (5055عن فرو َة ِ
أن الن َّ
فإنا براء ٌة
ثم نم عل خامتتها ىّ
الكافرون َّ
َ ٍ
لنوفل« :اقرأ قل يا ىّأيا قال
الرش ِك»).(4
من ىّ
134
معاين األذكار
135
معاين األذكار
ففيه إش�ارة إىل أنه ينبغي لإلنس�ان أن يت�وب إىل اهلل تعاىل قبل
النوم لينام مطيع ًا.
َ
إلي�ك» والم�راد بالوجه الذات، «أس�لمت وجهي
ُ ويف لف�ظ:
فهو بمعنى «أسلمت نفس إليك».
ضت أمري َ
إليك» أي :توكلت عليك يف جيع شأين. «وفو ُ
ّ
«وأجلأت ظهري َ
إليك» أي أس�ندته إىل حفظك ويف التعبري ب� ُ
«أجلأت» إش�ارة إىل أنه مضطر إىل حفظ اهلل حيث ال حافظ له إال
هو وال ُيتقوى بأحد سواه.
منك ّإال َ
إليك» أي:ال مهرب وال َ
ملج�أ وال منجا َ وقول�ه« :ال
خم ّل�ص من عقوبتك إال بالفرار إليك ،ففيه إش�ارة إىل قوله تعاىل:
(ﰃ ﰄ ﰅ) [الذاريات.[50 :
136
معاين األذكار
تبني أ ّن ُه
وهي ّ ُ الكشميهني« :من ِ ِ
آخر» َ ِّ رواية وقال احلافظ« :يف
الذ ِ
كر عندَ النّو ِم»).(2 رشع م َن ّ يمتنع أن َ
يقول بعده َّن شيئ ًا ممّا َ ُ ال
أرسلت»،
َ «وبرسولك ا ّلذي
َ فرددها الراء ليس�تذكرها فقال:
أرسلت».
َ ك ا ىّلذي
فقال له النبي ﷺ« :ل ،وبنب ىّي َ
أن هذا ذكر ودعاء، أن س�بب اإلنكار َّالمازري وغريه َّ
ُّ واختار
َ
ِ
بحروفه ،وقد يتع ّلق اجلزاء فينبغي ِ
فيه االقتصار عىل ال ّلفظ الوارد
فيتعني ِ ِ بتل�ك احل�روف ،ولع ّل� ُه
َ
أوحي إلي�ه ﷺ هب�ذه الكل�امتّ ،َ
ألن قوله« :ونب ّيك َ
وقي�لَّ : أداؤها بحروفها ،وهذا القول حس�ن.
حيث صنعة الكالمِ ،
وفيه جع الن ّّبوة فيه جزالة من ُ ا ّلذي أرسلت» ِ
مع
فإن هذا األمر َ والرس�الة ،فإذا قال :رس�ولك ا ّلذي أرس�لتَّ ،ّ
فيه من تكرير لفظ «رس�ول» َو«أرسلت» أهل البالغة يعيبون ُه، ما ِ
137
معاين األذكار
138
معاين األذكار
اهلل رش األرشار حتى غلب عليهم أعداؤهم ،وال هييئ هلم مأوى،
بل تركهم هييمون يف البوادي ويتأذون باحلر والرد.
ومناس�بة ذلك للنوم :أن اإلنسان إذا ُدفع عنه اجلوع والعطش
ب�األكل وال�رشب ،وأمن م�ن ال�رشور والمكاره طاب ل�ه نومه،
َفت ََذك َ
َّ�ر ه�ذه النعم التي هي س�بب لطيب الن�وم ،فحمد اهلل تعاىل
عليها.
***
الكريس:
ىّ قراءة آية
بحف�ظ ِ
زكاة ِ رس�ول اهللِ ﷺ
ُ ق�ال :وكّلني ع�ن أيب هري�ر َة
فقلت:
ُ َ
فجع�ل حيث�و م�ن ال ّطع�ا ِم ،فأخذت� ُه رمض�ان ،فأت�اين ٍ
آت َ
َ
احلدي�ث ،إىل أن ق�ال :إذا رس�ول اهللِ ﷺ ...فذك�ر
ِ ألرفعن َ
ّ�ك إىل
ٌ
حافظ معك من اهللِ الكريس ل�ن َ
يزال َ فراش�ك فاقرأ آي َة
َ أويت إىل
َ
ِّ
وهو َ
«صدقك َ ّب�ي ﷺ:
تصبح .فقال الن ُّ
َ ٌ
ش�يطان حتّى َ
يقربك وال
شيطان»).(1
ٌ كذوبَ ،
ذاك ٌ
ٌ
حافظ» :الم�راد بذلك اجلنس، معك من اهللِ قول�ه« :لن َ
ي�زال َ
فيحتمل أن يكون مل�ك ًا واحد ًا أو أكثر ،حيفظك يف بدنك ومالك
ودينك وسائر ما يتعلق بك.
139
معاين األذكار
ٌ
ش�يطان» :ه�و تأكي�د للحف�ظ ،فإن�ه إذا حفظ�ه َ
يقرب�ك «وال
الملك ،فال يقربه الشيطان ،وال يؤذيه يف دينه وال دنياه.
كان إذا َ
أخذ رس�ول اهللِ ﷺ َ
َ َّ
أن األنامري
ِّ ِ
األزهر وع�ن أيب
اللهم اغفر يل وضع�ت جنبي،
ُ يل قال« :بس� ِم اهللِ
مضجع� ُه من ال ّل ِ
َّ
ىّدي األعل»).(2 ذنبي وأخسئ شيطاين َّ
وفك رهاين واجعلني يف الن ِّ
«وأخسئ شيطاين» أي اطرده عني.
َّ
«وف�ك رهاين» الرهان هو ما يوضع لتوثيق الدين ،أراد بذلك
نفس�ه ألهنا مرهونة بعملها ،قال تعاىل( :ﮔﮕﮖﮗﮘ)
َفس بِام ك ََس َبت َر ِهينَ ٌة) [املدثر.[38 :
[الطور ،[21:وقال تعاىل( :ك ُُّل ن ٍ
140
معاين األذكار
ومناس�بة ه�ذا الدع�اء للن�وم :أنه مل�ا كان الن�وم وإراح�ة البدن
ُيس�تعان ب�ه عىل طاع�ة اهلل ،واالبتعاد عن معاصيه ،س�أله عند النوم
أن يعينه عىل طاعته وذلك بفك رهانه ،وأن يبعده عن معصيته بطرد
شيطانه ،ثم سأل القرب من اهلل تعاىل بأن جيعله مع المأل األعىل.
***
أذكار الستيقاظ:
َ
استيقظ أحدكم رسول اهللِ ﷺ قال« :إذا
َ َّ
أن عن أيب هرير َة
ِ
وأذن يل فليقل :احلمدُ هلل ا ىّلذي عافاين يف جس�دي ور َّد َّ
عيل روحي َ
ِ
بذكره»).(1
قوله« :عافاين يف جسدي» أي جعل جسدي ذا عافية.
ِ
العافية، ِ
بس�ؤال ِ
األمر ُ
األحاديث يف ِ
كثرت قال النووي« :وقد
ِ
المكروهات يف ِ
المتناول�ة لدف ِع جي� ِع األلفاظ العام ِ
�ة ِ وه�ي م� َن
ّ َ
ِ )(2 والباطن يف الدّ ِ
ِ ِ
ين والدّ نيا واآلخرة» . البدن
ع�يل روحي»؛ ألن الروح تفي�ض يف النوم ،قال
وقول�ه« :ور َّد َّ
تع�اىل( :ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ
ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ
ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ) [الزمر.[42 :
***
141
معاين األذكار
دعاء السفر:
للر ِ
جل كان ُ عم�ر َ عمر َّ ب�ن ِ
عبد اهللِ ِ عن س�ال ِم ِ
يقول ّ َ أن اب َن بن َ
رس�ول اهللِ ﷺ يو ّدعنا،
ُ عك كام َ
كان إذا أرا َد س�فر ًاُ :
ادن منّ�ي أو ّد َ
َ
عملك»).(1 وخواتيم
َ َ
وأمانتك «أستودع اهللَ َ
دينك ُ ُ
فيقول:
َ
حف�ظ الدين ع�ىل حفظ األمان�ة اهتامما به ،وألن الس�فر ق�دّ م
موض�ع خ�وف أو خطر وق�د يص�اب ،وتصل له مش�قة وتعب
إلمهال�ه بع�ض األم�ور المتعلقة بالدي�ن من إخ�راج الصالة عن
وقتها ونحوه كام هو ُمشاهد).(2
رس�ول اهللِ
َ ّبي ﷺ فقال :يا ٌ وع�ن ٍ
رج�ل إىل الن ِّ أنس قال :جا َء
«زو َ
دك اهلل التّقوى» قال :زدين ،قال: ّإين أريدُ سفر ًا ّ
فزودين ،قالّ :
اخلري
لك َ «ويرس َ
أنت وأ ّم�ي ،قالَ ّ : «وغف�ر َ
ذنبك» قال :زدين بأيب َ َ
كنت»).(3
حيثام َ
«زو َ
دك اهلل التّق�وى» أي جعله�ا زادك ،فإن خري الزاد فقول�هّ :
التقوى ،ألهنا زاد المعاد.
َ
ذنب�ك» :أي جي�ع ذنوبك ،وخاصة الذن�وب التي قد «وغف�ر
َ
تقع يف سفرك.
142
معاين األذكار
143
معاين األذكار
والمع�ني،
ُ ُ
احلاف�ظ �فر» ِ
أي الس ِ
اح�ب يف ّ
ُ الصأن�ت ّ «الله�م َ
َّ
األصل المالزم ،والمراد :مصاحب ُة اهللِ إياه بالعنايةِ ِ احب يف
ّ ُ ُ ُ والص ُ ّ
ِ
واالكتفاء ِبه االعتامد ِ
عليه ِ ِ
القول عىل واحلفظ والر ِ
عاي�ة ،فن ّب َه هبذا ِ
ّ
ٍ
مصاحب سوا ُه. كلعن ِّ
أحد يف إصالحِ ِ
أمره. األهل» :اخلليف ُة من يقوم مقام ٍ
ِ «واخلليف ُة يف
ُ َ
أن�ت ا ّلذي أرجوه وأعتم�دُ ِ
عليه يف ّوربش�تي :المعنى َ
ق�ال الت
ُ ُّ
تلم َ
يكون معين�ي وحافظي ،ويف غيبتي ع�ن أهيل أن َّ س�فري ب�أن
َ
وتفظ عليهم دينهم وأمانتهم»).(1 وتداوي سقمهم
َ شعثهم
ِ
المنظر»: ِ
وكآبة الس ِ
فر ِ «اللهم ّإين أعو ُذ َ
بك من وعثاء ّ َّ
ب وال ّت َعب. الس ِ ِ
فر» ُه َو الن ََّص ُ «وعثاء ّ
ينقلب إىل ما يقتيض كآب ًة: ِ
المنظر» :يعني أعو ُذ َ
بك ممّا ِ
«وكآب�ة
َ
ِ
احلزن).(2 ظهور أحذر ،والكآب ُة ِ
فوات ما أريدُ أو وقو ِع ما من
ُ ُ
الرجو ِع بأن يصيبنا ِ ِ
المنقلب» أي :أعو ُذ َ ِ
بك من سوء ّ «وس�وء
مرض.حزن أو ٌ ٌ
144
معاين األذكار
ٍ
لنائبة ِ
احلاجة أو مق�يض غري ِ
واألهل» َ ِ
ِّ مثل أن يعو َد َ الم�ال «يف
ُ
واألهل ِ
بعضه، كرسقة ك ّل ِه أو
ِ ِ
المال كمرضِ ،
أو ٍ أصابت ُه يف الن ِ
ّفس
كمرض أحدهم أو ِ
فقده. ِ واألقارب الزوج ُة واخلد ُم
أيّ : ِ
ُ
يكتئب وطنه فيلقى ماِ ينقلب إىل ِ
المنقلب أن ِ
الفائق :كآب ُة ويف
ُ َ
سفره أو فيام يقدم ِ
عليه).(1 ِ من ُه من ٍ
أمر أصاب ُه يف
ُ
***
145
معاين األذكار
ُش ُ
كر اهلل تعاىل عل نعمه:
ق�ال ابن عبد ال�ر -رمح�ه اهلل« : -وليس يف ه�ذا احلديث إال
احلض عىل شكر اهلل للمسافر عىل أوبته ورجعته ،وشكر اهلل تعاىل
والثن�اء علي�ه ب�ام هو أهل�ه واجب ع�ىل كل مؤمن الزم ل�ه بدليل
قوله تع�اىل( :ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ) ،ومن
الشكر االعرتاف بالنعمة ،فنعمة اهلل عظيمة.
***
146
معاين األذكار
َ
عندك :أن ِ
الغيب استأثرت ِبه يف عل ِم
َ َ
كتابك أو َ
خلقك أو أنزلت ُه يف
مهي، وذهاب ىّ
َ وجالء حزين
َ ونور صدري ربيع قلبي َ القرآن َ
َ َ
جتع�ل
رس�ول اهللِ
َ مه ُه وحزن ُه وأبدل ُه مكان ُه فرج ًا» َ
فقيل :يا ىّإل
أذهب اهلل ىّ
َ
أل نتع ىّلمها؟ فقال« :بل ينبغي ملن سمعها أن يتع ىّلمها»).(1
وه�ذا احلديث يتضم�ن أربعة أصول ،ال س�بيل للعبد إىل نيل
السعادة وزوال اهلم والغم إال باإلتيان هبا وتقيقها:
( .األصل األول :هو تقيق العبادة هلل ومتام االنكسار بني يديه،
واع�رتاف العبد بأنه خملوق هلل ممل�وك له هو وآباؤه وأمهاتُه،
َ
عبدك واب ُن َ
أمتك» َ
عبدك واب ُن «اللهم ّإين
َّ وذلك يف قوله:
يكتف بقوله« :إين عب�دك» بل زاد «وابن عبدك وابنِ فل�م
أمت�ك» إلظهار التذلل واخلضوع ،واالعرتاف بالعبودية،
فهذا أبلغ وآكد يف إظهار التذلل والعبودية ،ألن َمن َملك
رجال ليس مثل من ملكه مع أبويه.
( .األص�ل الث�اين :أن يؤمن العبد بقض�اء اهلل و َقدَ ره ،وأن ما
شاء كان وما مل يشأ مل يكن ،وأنه ال معقب حلكمه ،وال را ّد
كم َكماض ِ َّيف ُح ُ
ٍ «ناص َيتِي بِ َي ِد َك
لقضائه ،وذلك يف قولهِ :
دل ِ َّيف َق ُ
ضاؤ َك». َع ٌ
( .األصل الثالث :أن يؤمن العبد بأسامء اهلل احلسنى وصفاته
العظيم�ة الواردة يف الكتاب والس�نة ،ويتوس�ل هبا إىل اهلل
147
معاين األذكار
يت
سم َ هو َ
لك ّ بكل اس ٍم َ «أس�ألك ِّ
َ تعاىل ،وذلك يف قوله:
َ
كتابك أو َ
خلقك أو أنزلت ُه يف نفسك أو ع ّلمت ُه أحد ًا من
َ ِبه
َ
عندك». ِ
الغيب استأثرت ِبه يف عل ِم
َ
.األص�ل الرابع :ه�و العناية بالقرآن الكري�م ،كالم اهلل عز
وجل ،المش�تمل عىل اهلداية والش�فاء والكفاية والعافية،
والعب�د كل�ام كان عظيم العناي�ة بالقرآن نال من الس�عادة
والطمأنين�ة وراح�ة الص�در وزوال اهل�م والغم بحس�ب
ربيع قلبي َ
الق�رآن َ ذل�ك ،وهلذا ق�ال يف الدعاء« :أن َ
تعل
مهي».
وذهاب ّ
َ ونور صدري وجال َء حزين
َ
فهذه أربع ُة أصول عظيمة مس�تفادة من ه�ذا الدعاء المبارك،
ينبغ�ي علين�ا أن نتأ َّم َلها ونَس� َعى يف تقيقها؛ َ
لننال ه�ذا الموعو َد
مه ُه
أذه�ب اهلل ىّ
َ والفض�ل العظي�م ،وه�و قول�ه ﷺ :ىّ
«إل َ الكري�م
َ
وحزن ُه وأبدل ُه مكان ُه فرج ًا»).(1
رس�ول اهللِ ﷺ كثري ًا ُ
يقول: َ أس�مع
ُ أنس قالُ :
كنت وع�ن ِ
ِ
والبخل ِ
والكس�ل، ِ
والعجز ِ
واحلزن، اهلم «اللهم ىّإين أعو ُذ َ
بك من ِّ َّ
جال»).(2 ِ
وغلبة الر ِ واجلبن ،وضل ِع الدىّ ِ
ين ِ
ىّ
اهلم يف المتو ّقع ،واحلزن اهلم واحلزن» قال ال ّط ُّ
يبيّ : قوله« :من ّ
فات.
فيام َ
148
معاين األذكار
***
149
معاين األذكار
دعاء الكرب:
ِ
الكرب ّب�ي ﷺ يدعو عن�دَ اس ق�الَ :
كان الن ُّ اب�ن ع ّب ٍ ع�ن ِ
ِ
العرش رباحللي�م ،ل إل� َه ىّإل اهلل ُّ
ُ العظي�م
ُ يق�ول« :ل إل� َه ىّإل اهلل
ُ
ِ ِ ِ
العرش ورب األرض ُّ ورب
الس�موات ُّ العظيمِ ،ل إل َه ىّإل اهلل ُّ
رب ىّ
الكريمِ»).(1
قال ابن بطال -رمحه اهلل« :-حدثني أبو بكر الرازي قال :كنت
بأصبه�ان عند الش�يخ أبى نعي�م أكتب عنه احلدي�ث ،وكان هناك
شيخ آخر ُيعرف بأيب بكر بن عيل ،وكان عليه مدار الفتيا ،فحسده
بعض أهل البلد فب ّغاه عند الس�لطان ،فأمر َ
بسجنه ،وكان ذلك يف
ش�هر رمضان ،ق�ال أبو بكر :فرأيت النب�ي ﷺ يف المنام وجريل
150
معاين األذكار
فأصبح�ت فأتي�ت إليه وأخرت�ه بالرؤيا ،فدعا ب�ه فام بقي إال
ال حتى ُأخرج من السجن.
قلي ً
151
معاين األذكار
«دع�وات
ُ رس�ول اهللِ ﷺ:
ُ وع�ن أيب بك�رة ق�ال :ق�ال
رمحتك أرجو فال تكلن�ي إىل نفس طرف َة ٍ
عني، َ اللهم
َّ ِ
المك�روب:
وأصلح يل شأين ك ّل ُه ،ال إل َه ّإال َ
أنت»).(1
َ�ك َأ ُ
رج�و» :ق�دم الرمحة ع�ىل الطل�ب والرجاء، محت َ
«ر َ
قول�هَ :
والتقديم يفيد القر ،أي ال أرجو سوى رمحتك.
َكلنِي إِ َىل ن ِ
َفس» فض ً
ال عن غريها. « َفال ت ِ
152
معاين األذكار
رسه أو يكرهه؟
أمر َي ُ ّ
ماذا يقول َمن أتاه ٌ
حيب ُ ِ ع�ن عائش� َة قال�تَ :
رس�ول اهلل ﷺ إذا رأى م�ا ُّ كان
ِ
احل�ات ،وإذا رأى ما يكر ُه
ُ الص ق�ال :احلمدُ هللِ ا ّل�ذي بنعمته ُّ
تت�م ّ
كل ٍ
حال).(1 قال :احلمدُ هللِ عىل ِّ
***
153
معاين األذكار
العظيمُ ،فأمروا فيها بذكر اهلل تعاىل الذي ُيفزع إليه عند الش�دائد،
ففيه تنبيه للعبد أال يشغله عن ذكر اهلل تعاىل يشء ،وأنه يلتجئ إليه
عند الشدائد ،واثق ًا بأن لطفه ال ّ
ينفك عنه يف حال من األحوال).(1
«ثنتان ل تر ىّد ِ
ان ِ رسول اهللِ ﷺ:
ُ بن ٍ
سعد قال :قال س�هل ِ
ِ وعن
يلحم حني ِ ان : -الدىّ ع�اء عندَ الن ِ
-أو ق ىّل�ام ت�ر ىّد ِ
ُ الب�أس َ ىّ�داء ،وعندَ ُ
بعضهم بعض ًا»).(2
***
ينخدع
ُ ِ
اإلنس ر ّبام َ
شيطان قال ابن كثري -رمحه اهلل« :-أيَّ :
إن
وسوس ّإال شيطان اجلن فإ ّنه ال حيل َة ِ
فيه إذا ُ باإلحس�ان ِ
إليه ،فأ ّما ِ
َ ِّ ُ
وجلأت
َ استعذت باهللِ
َ َ
عليك ،فإذا ِ
بخالقه ا ّلذي س ّلط ُه االس�تعاذ َة
ِ
إليه ك ّف ُه َ
عنك ور َّد كيد ُه»).(3
154
معاين األذكار
يل بن أيب صالح قال« :أرس�لني أيب إىل بني حارث َة، �ه ٍو َعن ُس َ
وأرشف ا ّلذي معيَ ِ
باسمه، ٍ
حائط ومعي غالم لنا ،فناداه ٍ
مناد من ُ ٌ
ش�عرت
ُ ذلك أليب ،فقال :لو فذك�رت َ
ُ ِ
احلائط فلم َير ش�يئ ًا، ع�ىل
فناد بالص ِ
الة؛ س�معت صوت ًا ِ َ أرس�لك ،ولكن إذاَ تلق هذا مل أن َّك َ
ّ
الش َ
يطان رسول اهللِ أ ّن ُه قالَّ :
«إن ّ ِ سمعت أبا هرير َة حيدّ ُ
ث عن ُ فإين
ّ
حصاص»).(1 وىل ول ُه إذا نودي بالص ِ
الة ّ
ٌ َ ّ
ي�ل:خ�رىَ .و ِق َ الروا َي�ة األُ َ«الحص�اص» َأي ُرضاط كَ�ام ِيف ِّ ُ
«احلُصاص» ِشدَّ ة ال َعدو.
فيضطر
ّ الش�يطان عن�د األذان ّ
لئ�ال يس�مع ُه؛ أدب�ر ّ
قي�ل :إنّ�ام َ
ّبي ﷺ: ِ
للش�هادة ل ُه بام س�مع إذا استش�هد ي�وم القيامة؛ لق�ول الن ّ
جن ول إنس ول يشء ىّإل ش�هدَ ل ُه يوم
«ل يس�مع صوت المؤ ىّذن ىّ
القيامة»).(2
ِ
علي�ه من قواعد َ
اش�تمل َ
وقي�ل :إنّ�ام يدبر لعظ ِم أمر األذان ملا
التّوحيد ،وإظهار شعائر اإلسالم.
ِ
ّوحيد).(3 ِ
ليأسه من وسوسة اإلنسان عند اإلعالن بالت َ
وقيل:
155
معاين األذكار
***
تلقني المحترض:
آخر رسول اهللِ ﷺ« :من َ
ُ بن ٍ معاذ ِعن ِ
كان ُ جبل قال :قال
ِ
كالمه :ل إل َه ىّإل اهلل َ
دخل اجلنىّ َة»).(2
ق�ال الكرم�اين -رمح�ه اهلل« :-قوله« :ال إل�ه إال اهلل» أي :هذه
الكلمة ،والمراد هي وضميمتها «حممد رسول اهلل)»).(3
ِ
بقوله «ال إل َه ّإال اهلل» كلمتا وقال احلافظ -رمحه اهلل« :-المرا ُد
ِ ذكر الر ِ ِ ِ
المنري: الزي ُن ب ُن
سالة .قال ّ إشكال ترك ِ ُّ �هادة ،فال ير ُد ّ
الش
ِ
هادتني رشع ًا»).(4 لقب جرى عىل الن ِ
ّطق ّ
بالش قول ال إل َه ّإال اهلل ٌ
ُ
156
معاين األذكار
والمنذر ب ُن
ُ وحممدُ ب ُن مس�ل ِم ِ
ب�ن وارةَ، الموت -وعند ُه أبو حات ٍمّ ،
ّبي ﷺ« :ل ىّقنوا موتاكم ِ
العلامء ،فذكروا َ ش�اذان ،وجاع ٌة م َن
َ
قول الن ِّ
َ
احلديث، ل إل َه ىّإل اهلل» ،فاستحيوا من أيب زرع َة ،وقالوا :تعالوا ُ
نذكر
اك بن ٍ عبد اهللِ ب ُن وارةَ :حدّ ثنا ّ فق�ال أبو ِ
خملد أبو عاص ٍم قال: الض ّح ُ ُ
َ
والباقون س�كتوا، جعفر ،عن صالحٍ ..ومل جياوز، ٍ ِ
احلميد ب ُن ثنا عبدُ
بندار ،قال :ثنا أبو عاص ٍم ،قال: ِ فقال أبو زرع َة َ
الس�وق :ثنا ٌ وهو يف ّ
مر َة عريب ،عن ِ
كثري ِ ٍ جعفر ،عن صالحِ ِ ٍ ِ
بن ّ بن أيب احلميد ب ُن ثنا عبدُ
رس�ول اهللِ ﷺ« :من َ
كان ُ جبل ،قال :قال بن ٍ معاذ ِاحلرضم�ي ،ع�ن ِ
ِّ
ومات رمح ُه اهلل»).(1
َ دخل اجلنىّ َة» ِ
آخر كالمه ل إل َه ىّإل اهلل َ ُ
***
157
معاين األذكار
تشميت العاطس:
عط�س أحدكم
َ ّب�ي ﷺ ق�ال« :إذا
ع�ن الن ِّ ع�ن أيب هري�ر َة
َ
يرمحك اهلل ،فإذا قال فليق�ل احلمدُ هللِ ،وليقل ل ُه أخ�و ُه أو صاحب ُه:
ويصلح بالكم»).(2
ُ يديكم اهلل
ُ َ
يرمحك اهلل فليقل: ل ُه
العاط�س قد حصلت ل ُهُ ق�ال ابن القيم -رمح�ه اهللّ « :-ملا َ
كان
ِ
دماغه ا ّلتي ِ
المحتقنة يف ِ
األبخرة ِ
بخ�روج ِ
بالعطاس نعم ٌة ومنفع ٌة
في�ه أحدثت له أدواء ع�رسةً ،رشع له مح�دُ اهللِ عىل ِ
هذه ل�و بقيت ِ
َ ُ ً ُ
الز ِ
لزلة ا ّلتي أعضائه عىل التئامها وهيئتها بعدَ ِ
ِ ّعم�ة مع ِ الن ِ
هذه ّ بقاء َ
ِ
األعضاء ُ
حيدث يف العطاس فإن ِ
األرض هلاَّ ... ِ
كزلزلة ِ
للبدن ه�ي
َ َ
حرك ًة وانزعاج ًا»).(3
العطاس ال
ُ ازي):(4
ال�ر ّ
وق�ال اب� ُن هبري َة -رمح�ه اهلل« :-ق�ال ّ
تكون ل ُه زكم ٌة.
َ ٍ
مرض أبد ًاّ ،إال أن يكون ّأو َل
ُ
158
معاين األذكار
ِ
نفس�ه بذلك من َّ
اس�تدل َ ُ
اإلنس�ان عطس ق�ال ابن هبريةَ :فإذا
َ
قو ِته؛ فينبغي ل ُه أن حيمدَ ِ ِ ِ ِ ِ
صحة بدنه وجودة هضمه واستقامة ّ عىل ّ
اهللَ»).(1
***
159
معاين األذكار
ِ
بصوت�ه حقيق�ة ص ّل�وا أو حان�ت ّ
الصالة ،ب�ل معن�ا ُه َّ
أن العادة
ال�زوال فطر ًة فطر ُه
ج�رت بأنّ� ُه يرخ عند طل�وع الفجر وعند ّ
اهلل عليها».
الش ِ
يطان». فتعوذوا باهللِ من ّ
قول ُه« :وإذا سمعتم هناق احلمري ّ
رش ّ
الش�يطان قال عياض« :وفائدة األمر بالت ِ
ّعوذ ملا خيش�ى من ّ
ّ
ورش وسوسته ،فيلجأ إىل اهلل يف دفع َ
ذلك»).(1 ّ
فائدة :هذا احلديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والرتمذي
والنسائي يف الكرى كلهم عن شيخ واحد وهو قتيبة بن سعيد.
ق�ال احلافظ ابن رجب -رمحه اهلل« :-يس�تعاذ باهلل عند س�امع
صوت احلامر بالليل ،ألنه يرى الشيطان»).(3
160
معاين األذكار
الش�ياطني في�ه أكثر ،فيكون هني�ق احلمري فيه أكثر ،فل�و وقع هنار ًا
كان ذلك.
***
161
معاين األذكار
162
معاين األذكار
ّايس ِ
ل�ألكل َّ ِ دليل عىل مرشوع ّي ِة الت ِ
احلديث ٌ
وأن الن َ ّس�مية ويف
ِ
ّس�مية ّارك للت ِ
وآخ�ره ،وكذا الت ُ أثنائ�ه :بس� ِم اهللِ يف أو ِ
له ِ ُ
يق�ول يف
ّ
ِ
أثنائه. يرشع ل ُه الت ُ
ّدارك يف عمد ًا
ُ
وهو ِ ِ ِ
األكل َ ّس�مية عن�دَ
وجوب الت
ُ حيح
والص ُ
اهلديّ : ق�ال يف
ِ
األمر هب�ا صحيح ٌة ُ
وأحادي�ث ِ
ألصحاب أمح�دَ ، ِ
الوجه�ني أح�دُ
وخي�رج عن
ُ يس�و ُغ خمالفته�ا
إج�اع ّ
َ مع�ارض هل�ا وال
َ رصحي� ٌة ال
ظاهرها»).(1
***
163
معاين األذكار
وأتوب َ
إليك، ُ َ
أس�تغفرك وبحمدك أش�هدُ أن ل إل َه ىّإل َ
أنت َ اللهم
َّ
ِ
جملسه َ
ذلك»).(1 كان يف ىّإل َ
غفر ل ُه ما َ
رس�ول اهللِ ﷺ
َ ورواه يف الصغ�رى ) (1344ولفظ�ه :عن عائش� َة َّ
أن
بكلامت ،فس�ألت ُه عائش� ُة عن ٍ صىل تك ّل َم
جلس جملس� ًا أو ّ َ
كان إذا َ
ِ
القيامة، عليهن إىل يو ِم كان طابع ًا
بخري َ ِ
الكل�امت فقال« :إن تك ىّل َم ٍ
َّ
َ
وبحمدك الله�م
َّ َ
س�بحانك كان ك ىّفار ًة ل ُه:
ذل�ك َ ِ
بغ�ري َ وإن تك ىّل َ
�م
َ
«سبحانك وأتوب َ
إليك» .ورواه أمحد ) (23965ولفظه: ُ َ
أستغفرك
أنت أستغفر اهللَ وأتوب ِ
إليه»).(2 وبحمدك ل إل َه ىّإل َ
َ
ُ ُ
فكثر في�ه لغطه :قال يف النهاية :اللغط صوت وضجة ال ُيفهم
معناها).(3
164
معاين األذكار
والمراد ما يش�ابه اهلذيان مما ال طائل تته ،وأشد منه ما يقع يف
المجلس من غيبة ونميمة.
تنبيه مهم:
***
165
معاين األذكار
ِ
اجل�زاء ،أو أعطاك خري ًا من خريي «ج�زاك اهلل خري ًا» أي َ
خري
ِ
واآلخرة. الدّ نيا
اعرتف
َ َ
وذلك أ ّن ُه ِ
ش�كره؛ بالغ يف ِ
أداء أبلغ يف ال ّث ِ
ناء» أي َ «فقد َ
وثنائه فف�و َض جزاءه إىل اهللِ ِ ِ
جزائه عجز ع�ن ِ
ّقص�ري وأ ّن ُه ممّن َ
بالت
ُ ّ
ليجزي ُه اجلزا َء األوىف.
ِ
بالمكاف�أة ،فليطل لس�انك ق�ال بعضه�م :إذا ق�رت ي�داك
كر والدّ ِ
عاء).(1 بالش ِ
ّ
***
166
معاين األذكار
167
معاين األذكار
168
معاين األذكار
يتحقق إال بااللتجاء إىل اهلل ،واالعتامد عليه ،وسؤاله وحده العون
والتوفيق والصالح.
الذكر عند إتيان األهل (اجلامع):
أن أحدهم إذا أرا َد
ّبي ﷺ« :لو َّ اس قال :قال الن ُّ عن ِ
ابن ع ّب ٍ
يطان
الش َ �يطان وجنىّب ىّ
َ اللهم جنىّبنا ىّ
الش أن يأيت أهله قال :باس� ِم اهللِ
َّ َ ُ
شيطان أبد ًا»).(1
ٌ يرض ُه ما رزقتنا ،فإ ىّن ُه إن يقدىّ ر بينهام ولدٌ يف َ
ذلك مل ىّ
واحلكمة يف ذلك أن الشيطان له مشاركة يف األموال واألوالد،
ك�ام يف قول�ه تع�اىل( :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ
ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) [اإلرساء.[64 :
ووقي ِ
فإذا دعا المس�لم هبذه الدعوة َس�لم من هذه المشاركة ُ
من رشه.
ي�رض ُه» :ق�ال النووي« :ق�ال القايضَ :
قيل الم�راد بأ ّن ُه ال ّ «ال
الش�يطان عند وقي�ل ال يطعن ِ
فيه ّ َ ي�رض ُه أنّ� ُه ال يرع ُه ش�يطان،
ّ
ِ
والدت�ه بخ�الف غريه .ق�ال :ومل حيمل ُه أحد ع�ىل العموم يف جيع
الرضر والوسوسة واإلغواء ،هذا كالم القايض»).(2 ّ
وقيل :مل َيتسلط عليه بحيث يمنعه العمل الصالح.
وقال ابن اجلزري :مل ُيس� َّلط عليه يف دينه ،ومل تظهر َ َّ
مرضتُه يف
حقه بنسبة غريه).(3
169
معاين األذكار
رس�ول اهللِ ﷺ
َ أبيه عن جدّ ِه َّ
أن بن عمر عن ِ عن س�ال ِم ِ ِ ِ
بن عبد اهلل ِ َ
َ
رشي�ك ل ُه ل ُه الس ِ
�وق :ل إل� َه ىّإل اهلل وح�د ُه ل ق�ال« :م�ن ق�ال يف ىّ
وهو ِ ُ
اخلري َ
يموت بيده ُُ حي ل
وهو ٌّ
ويميت َُ الملك ول ُه احلمدُ ييي
ألف ٍ
حس�نة وحما عن ُه َ ألف ِ
ألف كت�ب اهلل ل ُه َ قدي�ر، كل ٍ
يشء ع�ل ِّ
َ ٌ
ألف س ىّي ٍئة»).(1
ِ
) (1رواه الرتمذي ( )3429وحسنه األلباين ،وضعفه غريه ،والراجح ضعفه ،واهلل
أعلم.
) (2تفة األحوذي (.)272/9
) (3رواه النسائي ( )2357وحسنه األلباين.
170
معاين األذكار
ق�ال ابن اجل�وزي -رمح�ه اهلل« :-ك ُُّل وقت يغف�ل الناس عنه
يكون فاضال لقلة القائمني باخلدمة ،وكام بني العش�اءين ،ونصف
الليل وأشباه ذلك»).(1
***
الدعاء عل العدو:
بعض أي ِ رس�ول اهللِ ﷺ يف عن عبدُ اهللِ ب ُن أيب أوىف قالَّ :
امه ِ ّ َ إن
ثم قا َم يف الن ِ
ّاس �مس َّ
الش ُ انتظر حتّى مالت ّ
العدو َ
َّ لقي فيه�اا ّلت�ي َ
ِ
األحزاب ِ
�حاب وه�از َم الس
وجمري ىّ
َ ِ
الكتاب َ
من�زل «اللهم
َّ فق�ال:
اهزمهم وانرصنا عليهم»).(2
171
معاين األذكار
الس�حاب ِ
وه�ي اإلس�الم ،وبإجراء ّ َ حصل�ت النّعم�ة األخرو ّية
َ
حصل ِ
وهبزيمة األحزاب ال�رزق، وهي ّحصل�ت النّعمة الدّ نيو ّية َ
ِ
ّعمتني اللهم ك�ام أنعمت بعظي� ِم الن
َّ ِ
ّعمت�ني ،وكأنّ� ُه قال: حف�ظ الن
األخرو ّية والدّ نيو ّية وحفظتهام فأبقهام).(1
***
172
معاين األذكار
«إن هللِ ما َ
أخذ ول ُه ما ُ
ويقولَّ : السال َم
يقرئ ُّ َ
فأرسل قبض فأتنا،
يل َ
مسمى فلتصرب ولتحتسب»).(1 ٍ
بأجل ًّ أعطى ٌّ
وكل عند ُه
حجر فيه،
َ ق�ال النووي -رمحه اهلل« :-وأما لفظ� ُة التعزية ،فال
عزاه حصلت»).(3
فبأي لفظ ّ
ّ
وروى البيهقي عن اإلمام الشافعي أنه بلغه أن عبد الرمحن بن
َ
فبعث إليه الشافعي: زع عليه جزع ًا شديد ًا،
فج َ
مهدي مات له ابن َ
غريك ،واس�تقبح من فعلك ما
عز نفس�ك بام َت َع َّزى به ُ
يا أخي ِّ
ٍ
رسور أم�ض المصائب فقدُ
تس�تقبحه م�ن فعل غريك .واعلم أن َّ ُ
ِ
وحرمان أجر ،فكيف إذا اجتمعا مع اكتساب وزر؟ ُ
فتن�اول ح َّظ َك يا أخ�ي إذا قرب منك قب�ل أن تطل َبه وقد نأى
وأح�رز لنا ولك بالصر
َ عن�ك ،أهلم�ك اهلل عند المصائب صر ًا،
أجر ًا ،وكتب إليه:
173
معاين األذكار
ٍ
ثق�ة ىّإين معز َ
ىّي�ك ل أين ع�ل
ين ِ
اخللود ولك�ن س���نىّ ُة الدىّ ِ م�ن
َ
بب�اق بع�دَ مي ِ
ت�ه ٍ ف�ام المع�زىّى
ىّ
(() ول المعزىّي ولو عاشا إىل ِ
حني
يعزيه بابنه« :أما بعدَّ ،
فإن الولدَ وكتب ٌ
رجل إىل بعض إخوانه ُّ َ
عىل والده ما عاش ُح ٌ
زن وفتنة ،فإذا قدّ مه فصالة ورمحة ،فال تزع
عز ّ
وجل عوضك اهلل ّ ِ
عىل ما فاتك من حزنه وفتنته ،وال تض ّيع ما ّ
من صالته ورمحته».
***
174
معاين األذكار
***
175
معاين األذكار
***
الثانية :أن يزورها ليدعو لنفس�ه ومل�ن أحب عندها معتقد ًا أن
ُ
أفضل وأحرى بالقبول الدع�اء يف المقابر أو عند قب�ور الصاحلني
واإلجابة ،وهذه بدعة منكرة.
176
معاين األذكار
177
من مؤلفات الشيخ
توزيع نرش
CM
MY
CY
CMY