‫المحاضرة األولى‪:‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫تمثل المفاهيم أهم المداخل التي يعتمد عليها األستاذ للتعامل مع معطيات ومضامين المادة المدروسة‬
‫لذا حاولنا في هذا المحور الوقوف على المفاهيم اللغوية والمعرفية والمنهجية لبعض المفاهيم القاعدية‬
‫لمقي اس م دخل لمقارب ات الوس ائط الجدي دة وه و م ا س يتيح للط الب إمكاني ة اس تجالء األولي ات الفكري ة‬
‫والمعرفية للمفاهيم محل الدراسة وبالتالي اكتشاف العمق المعرفي المتضمن في المفهوم على أساسأن‬
‫لكل مفهوم خصوصية وعوائد معرفية ومنهجية وتاريخية يتفرد بها على المفاهيم األخرى ذات العالقة‪.‬‬

‫ومن أهم التع اريف النظري ة المرتبط ة بالم داخل والمقارب ات النظري ة وال تي على الط الب معرفته ا‬
‫وتحديد نقاط التقاطع واالختالف بينها ما يلي ‪:‬‬

‫‪-1‬مفهوم المقاربة ‪Approche :‬‬

‫لغة ‪:‬عرف قاموس اللغة العربية المعاصرة المقاربة ‪ :‬من قارب\ في قارب \ قارب مصدر‬

‫أي عالج المشكلة كيفية معالجة الموضوع بمقاربة منطقية‪.1‬‬

‫أم ا معجم المع اني الج امع فع رف المقارب ة على أنه ا ‪:‬اس م مقارب ة نص أي النظ ر في ه وتحليل ه لمعرف ة‬
‫أوجهه‪.‬‬

‫اصطالحا ‪:‬من بين المصطلحات القريبة من مصطلح المنهج أو التي تتقاطع جزئيا معه فهي عبارة عن‬
‫إستراتيجية عامة أو أسلوب تحليلي يؤخذ كأساس في الدراسة وتحليل الظواهر السياسية أو اإلعالمية‬
‫أو االجتماعية وغالبا ما يستخدم في تحديد نقاط التركيز في الدراسة وفي كيفية معالجة الموضوعات أو‬
‫االقتراب منها وتحديد وحدات التحليل يؤثر بشكل مباشر في اختيار المفاهيم واالستنتاجات التي يسعى‬
‫الباحثون إلى التوصل اليها‪.2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫يع رف ال دكتور محم د الش لبي المقارب ة أو االق تراب بأن ه"يستخدم لإلش ارة إلى المع ايير المس تخدمة في‬
‫انتقاء األسئلة التي تطرح أو الضوابط التي تضم اختيار موضوعات ومعلومات معينة أواستبعادها من‬
‫نطاق البحث" ‪.‬‬

‫إذن ه و "اتج اه أو مي ل الب احث إلى اختي ار مف اهيمي معين واالهتم ام بدراس ة مجموع ة مح ددة من‬
‫الفرض يات من اج ل الوص ول إلى ص ياغة نظري ة معين ة كم ا ان ه يح دد نوعي ة المف اهيم االستفس ار أو‬
‫‪3‬‬
‫الطرق التي يستعملها الباحث في الدراسة"‪.‬‬

‫وتنقسم المقاربات إلى عامة وخاصة ‪:‬‬

‫المقاربة أو االقتراب العام‪ :‬ويتناول عددا كبيرا من الظواهر مثل االقتراب السلوكي البنائي الوظيفي‬

‫ومقاربة تحليل النظم ‪.‬‬

‫المقاربة الخاصة ‪:‬تتعلق بظواهر خاصة مثل ظاهرة القوة حيث يمكن تناول ثالث مقاربات‬

‫وهي مقاربة المناصب ومقاربة السمعة ومقاربة صنع القرار‪.‬‬

‫أم ا ال دكتور ع امر مص باح فيع رف المقارب ة بأنه ا "اإلط ار النظ ري ال ذي ي ؤطر البحث ويعم ل بمثاب ة‬
‫المنظار أو المبصار الذي ينظر بواس طته الب احث إلى الظ اهرة المبحوث ة واألهمي ة المنهجي ة للمقارن ة‬
‫النظرية هي المساعدة على تاطير جهد الباحث وتفكيره وحمايته من التش تت وفق دان التحكم في أبع اد‬
‫البحث أو متغيرات الدراسة باعتماده على مقارنة القيادة في تحليل ه لخص ائص القي ادة كم ا أن القي ادة‬
‫‪4‬‬
‫تساعد الباحث في تزويده بأدوات البحث التي تستخدم في تحليل الظاهرة المبحوثة"‪.‬‬

‫أنواع المقاربات النظرية األساسية ‪" :‬أمثلة "‬

‫‌أ‪ .‬المقاربة البنائية – الوظيفية ‪:‬‬

‫تعتبر هذه المقاربة أن المجتمع هو نظام مركب ‪ ،‬تعمل أنساقه مع اً لتعزيز التماسك واإلستقرار ‪ .‬وهي‬
‫تش ّدد النظ ر إلى البني ة اإلجتماعي ة (النم ط المس تقر نس بياً من الس لوك اإلجتم اعي) ‪ ،‬ال تي تعطي حياتن ا‬

‫‪-3‬‬
‫‪-4‬‬
‫شكالً ‪ .‬كما تنظر إلى وظائف هذه البنية (تَبِعات أي نمط إجتماعي على عمل المجتمع ككل) ‪ .‬تؤدي‬
‫الب نى اإلجتماعي ة وظيف ة الحف اظ على س يرورة المجتم ع في ش كله الح الي ‪ ،‬والمقارب ة في ه ذا م ع‬
‫المحافظة على الوضع القائم كما هو ‪.‬‬
‫أس لوب التحلي ل المعتم د ض من ه ذه المقارب ة ه و التحلي ل الكلّي (م اكرو) ‪ ،‬وأش هر منظّريه ا ‪ :‬أوغس ت‬
‫كومت (‪ ، )Auguste Comte‬إميل دوركهايم ( ‪ ، )Émile Durkheim‬وهربرت سبنسر (‪Herbert‬‬
‫‪ . )Spencer‬وأسئلتها األساسية هي ‪:‬‬
‫–‪  ‬كيف يبقى المجتمع متماسكاً ؟‬
‫–‪  ‬ما هي أنساق المجتمع األساسية ؟‬
‫–‪  ‬كيف ترتبط هذه األنساق معاً ؟‬
‫–‪  ‬ما هي وظيفة ودور كل من هذه األنساق في المحافظة على تماسك المجتمع وإ ستقراره ؟‬
‫‪ ‬‬

‫‪‌ ‬ج‪ .‬المقاربة التفاعلية – الرمزية ‪:‬‬

‫تعتبر هذه المقاربة أن المجتمع هو نتاج التفاعل اليومي بين األفراد‪ .‬فالمجتمع (تبع اً لهذه المقاربة) ليس‬
‫إال الواقع المشترك الذي يبنيه الناس بأنفسهم عندما يتفاعلون مع بعضهم البعض ‪.‬فالبشر يعيشون ضمن‬
‫عالم من الرموز‪ ،‬ويعطون معنى لكل شيء‪ :‬من كلمات هذا النص وحتى طرفة العين ! نحن نخلق هذا‬
‫“الواق ع الحقيقي” بش كل ي ومي ‪ ،‬عن دما نع ّرف ونتع رف على محيطن ا‪ ،‬نق ّرر كيفي ة رؤيتن ا ونظرتن ا‬
‫لآلخرين‪ ،‬وعندما نش ّكل هويتنا!‬
‫البؤري‪/‬المصغر (ميكرو) ‪ ،‬وأشهر منظّريها ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أسلوب التحليل المعتمد ضمن هذه المقاربة هو التحليل‬
‫ماكس فيبر (‪ ، )Max Weber‬جورج هربرت ميد (‪ ، )George Herbert Mead‬تشارلز كولي (‬
‫‪ ، )Charles Cooley‬وإ رفينغ غوفمان (‪ . )Erving Goffman‬وأسئلتها األساسية هي ‪:‬‬
‫–‪  ‬كيف يختبر الناس المجتمع ؟‬
‫–‪  ‬كيف ُيش ّكل الناس الواقع الذي يختبرونه ؟‬
‫يتبدل السلوك والمعنى من فرد إلى فرد ومن حالة إلى حالة ؟‬
‫–‪ ‬كيف ّ‬