You are on page 1of 3

‫الخطبة الثالثة في حكم المحافظة على الصالة وعقوبة من‬

‫أضاعها‬
‫الحمد هلل الذي فرض الصلوات على عباده رحمة بهم ‪،‬‬
‫وإحسانا ‪ ،‬وجعلها أعظم صلة بينه وبين عباده ‪ ،‬فأقرب ما‬
‫يكون العبد من ربه وهو ساجد ‪ ،‬فأنعم بقرب موالنا ‪ ،‬والحمد‬
‫هلل الذي رتب على إقامتها سعادة وبرا واحسانا ‪ ،‬وتوعد من‬
‫أضاعها ‪ ،‬أن يلقى غيا وشقاء ‪ ،‬وهوانا ‪ ،‬وذلك ليحرص العباد‬
‫على فعلها ‪ ،‬ويحذروا من التهاون بها ‪ ،‬فما أجدرنا بالشكر ‪،‬‬
‫وأوالنا ‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له الملك‬
‫الجواد العظيم ‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي الكريم‬
‫صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى‬
‫يوم الدين ‪ ،‬وسلم تسليما ‪.‬‬
‫أما بعد أيها الناس ‪ :‬اتقوا هللا تعالى ‪ ،‬وأقيموا الصالة إن‬
‫الصالة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا عظموها ‪ ،‬فقد عظمها‬
‫هللا إذ فرضها على نبيه صلى هللا عليه وسلم من غير واسطة‬
‫من فوق سبع سموات ‪ ،‬هي عمود الدين ‪ ،‬وآخر ما تفقدون من‬
‫دينكم ‪ ،‬فهل يستقيم الدين بال عماد ‪ ،‬وهل يبقى في الدين شيء‬
‫إذا ذهب آخره ‪ ،‬ألم تعلموا أن الصلوات الخمس مكفرات لما‬
‫بينهن من صغائر الذنوب ؟ ألم تعلموا أن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم شبهها بنهر يغتسل منه اإلنسان كل يوم خمس مرات‬
‫فهل يبقى بعد ذلك في جسده شيء من األوساخ والعيوب ؟ ألم‬
‫تعلموا أن من حافظ عليهن كانت له نورا في قلبه وقبره ‪ ،‬ويوم‬
‫القيامة ‪ ،‬وكانت له حجة ‪ ،‬وبرهانا ‪ ،‬ونجاة من العذاب لقد‬
‫امتدح هللا أباكم اسماعيل بأنه كان يأمر أهله بالصالة والزكاة ‪،‬‬
‫وقال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ « :‬من حافظ على الصلوات‬
‫الخمس ركوعهن وسجودهن ومواقيتهن ‪ ،‬وعلم أنهن حق من‬
‫عند هللا دخل الجنة ‪ ،‬أو قال ‪ :‬وجبت له الجنة » عباد هللا إن‬
‫لكم الخير الكثير في المحافظة على الصلوات وإقامتهن فهن‬
‫ستَ ِعينُوا بِال َّ‬
‫ص ْب ِر‬ ‫عون لكم على أمور دينكم ودنياكم ‪َ { :‬وا ْ‬
‫صاَل ِة } ‪ .‬أيها المسلمون ‪ :‬لقد حذركم هللا من إضاعة الصالة‬ ‫َوال َّ‬
‫ف ِمنْ بَ ْع ِد ِه ْم َخ ْلفٌ‬ ‫‪ ،‬واالستخفاف بها ‪ ،‬فقال تعالى ‪ { :‬فَ َخلَ َ‬
‫ف يَ ْلقَ ْو َن َغيًّا }{ إِاَّل َمنْ‬ ‫س ْو َ‬‫ت فَ َ‬ ‫صاَل ةَ َواتَّبَ ُعوا ال َّ‬
‫ش َه َوا ِ‬ ‫ضاعُوا ال َّ‬ ‫أَ َ‬
‫َاب } ‪ .‬وقال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ « :‬بين الرجل وبين‬ ‫ت َ‬
‫الكفر ترك الصالة » ‪ ،‬وقال ‪ « :‬من حافظ عليها يعني الصلوات‬
‫كانت له نورا ‪ ،‬وبرهانا ‪ ،‬ونجاة يوم القيامة ‪ ،‬ومن لم يحافظ‬
‫عيها لم يكن له نور ‪ ،‬وال برهان ‪ ،‬وال نجاة ‪ ،‬وكان يوم القيامة‬
‫مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف » ‪ ،‬وقال ‪ « :‬أول‬
‫ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صالته ‪ ،‬فإن صلحت‬
‫فقد أفلح ‪ ،‬وأنجح ‪ ،‬وإن فسدت ‪ ،‬فقد خاب ‪ ،‬وخسر » أال وإن‬
‫من أعظم صالحها أن يخشع فيها قلبك ‪ ،‬وتخشع فيها جوارحك‬
‫‪ ،‬فأما خشوع القلب ‪ ،‬فحضوره ‪ ،‬واستحضاره بأن يحرص‬
‫المصلي غاية ما يقدر عليه على إحضار قلبه ‪ ،‬واستحضاره‬
‫لمعاني ما يقول ‪ ،‬ويفعل فإن الخشوع روح الصالة ولبها‬
‫ومعناها ‪ ،‬وإن صالة بال خشوع كجسد بال روح ‪ ،‬وكالم بال‬
‫معنى ‪ ،‬وفي الحديث عن النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ « :‬إن‬
‫الرجل لينصرف ‪ ،‬وما كتب له إال عشر صالته تسعها ثمنها‬
‫سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها » ‪ .‬يعني وهللا أعلم‬
‫أن ذلك على حسب حضور قلبه فيها وإحسانها وأما خشوع‬
‫الجوارح فمعناه أن يحرص غاية الحرص على إتباع هدي‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم في حركاته وسكناته في ركوعه‬
‫وفي سجوده في قيامه وفي قعوده ‪ ،‬وأن يحرص على أن ال‬
‫يتحرك إال لحاجة ‪ ،‬أال وأن من صالح الصالة أن تطمئن في‬
‫القيام والقعود‪ x‬والركوع والسجود ‪ ،‬فمن نقر صالته ‪ ،‬ولم‬
‫يطمئن فيها فال صالة له ولو صلى مئة مرة حتى يطمئن فيها ‪،‬‬
‫أال وإن من صالح الصالة أن يؤديها جماعة في المساجد ‪ ،‬فإن‬
‫ذلك من واجبات الصالة التي دل على مشروعيتها الكتاب‬
‫والسنة ‪.‬‬
‫لقد خاب قوم تهاونوا بصالتهم حتى ثقلت عليهم فأشبهوا بذلك‬
‫المنافقين تجد أحدهم تحبسه الحاجة الدنيوية ساعة أو ساعتين‬
‫أو أكثر من ذلك ‪ ،‬ولو كانت قليلة وزهيدة ‪ ،‬وال يستطيع أن‬
‫يصبر عشر هذا الزمن للصالة المكتوبة الصالة عنده أثقل من‬
‫الجبال وتنعيم بدنه ‪ ،‬واتباع لذاته عنده هو رأس المال ‪ ،‬فما‬
‫أعظم خسارته ‪ ،‬وما أطول ندمه عند أخذ الكتب باليمين‬
‫وبالشمال ‪ .‬أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم ‪َ { :‬حافِظُوا َعلَى‬
‫ين } ‪ .‬بارك هللا لي‬ ‫سطَى َوقُو ُموا هَّلِل ِ قَانِتِ َ‬
‫صاَل ِة ا ْل ُو ْ‬ ‫صلَ َوا ِ‬
‫ت َوال َّ‬ ‫ال َّ‬
‫ولكم في القرآن العظيم ‪ . . .‬الخ ‪.‬‬

You might also like