Professional Documents
Culture Documents
الحمد هلل الذي بدأ الخلق ثم يعيده وهو على كل شيء قدير
والحمد هلل الذي خلق الخلق ليعبدوه فيجازيهم بعملهم وهللا بما
يعملون بصير فسبحانه من رب عظيم وإله غفور رحيم وأشهد
أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له في الخلق والملك والتدبير
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير
أرسله هللا بين يدي الساعة فختم به الرسالة وأكمل له الدين
صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين وسلم تسليما .
أما بعد أيها الناس :اتقوا ربكم واخشوا يوما ال يجزي والد
عن ولده وال مولود هو جاز عن والده شيئا اتقوا يوما يفر
المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امريء منهم
يومئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة
ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة
.اتقوا يوما ترجعون فيه إلى هللا ثم توفى كل نفس ما كسبت
وهم ال يظلمون يوما يجمع هللا فيه الخالئق األولين منهم
واآلخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ،
أجسامهم عارية وأقدامهم حافية وقلوبهم وجلة خائفة مهطعين
اس اتَّقُوا إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر { : .يَاأَيُّ َها النَّ ُ
َي ٌء َع ِظي ٌم }{ يَ ْو َم تَ َر ْونَ َها ت َْذ َه ُل ُك ُّل سا َع ِة ش ْ َربَّ ُك ْم إِنَّ َز ْل َزلَةَ ال َّ
ت َح ْم ٍل َح ْملَ َها َوتَ َرى النَّ َ
اس ض ُع ُك ُّل َذا ِ ض َعتْ َوتَ َ ض َع ٍة َع َّما أَ ْر َ
ُم ْر ِ
ش ِدي ٌد } ال تغرنكم س َكا َرى َولَ ِكنَّ َع َذ َ
اب هَّللا ِ َ س َكا َرى َو َما ُه ْم بِ ُ ُ
الحياة الدنيا بزخارفها ولذاتها فإنها فيء زائل عن قريب ثم
تنقلون إلى الدار اآلخرة لتجزوا بما كنتم تعملون فحققوا
رحمكم هللا عبادة ربكم واتقوه لعلكم تفلحون ومن عذاب اآلخرة
تسلمون فال سالمة من عذاب هللا إال بتقوى هللا كونوا من الذين
قالوا سمعنا وأطعنا فالقرآن يتلى عليكم وأنتم تتلونه بأنفسكم
وفيه موعظة وشفاء لما في الصدور فاتعظوا بما فيه وال
تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم ال يسمعون قالوا علمنا وهم ال
يعلمون ألم تعلموا أن أمامكم يوما تشيب فيه الولدان وتندك
صم الجبال ويذهل فيه المرء عن القريب والصديق والخالن ألم
يبلغكم أن هللا يطوي السماوات بيمينه ثم يقول أنا الملك أين
الجبارون أين المتكبرون ،وأن األرضين بيده األخرى ثم يقول
أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ألم يبلغكم ما ثبت عن
النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال « يقول هللا تعالى يا آدم
فيقول لبيك وسعديك والخير كله في يديك فيقول هللا له أخرج
بعث النار من ذريتك قال آدم وما بعث النار قال من كل ألف
تسعمائة وتسعة وتسعون فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات
حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب
هللا شديد » ولما حدث النبي صلى هللا عليه وسلم أصحابه بهذا
الحديث فتح هللا عليهم أن يسألوا نبيهم يا رسول هللا وأينا ذلك
الواحد فقال أبشروا فإن منكم رجال ومن يأجوج ومأجوج ألفا
ثم قال والذي نفسي بيده إني ألرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة
فكبروا وحمدوا هللا فقال أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبروا
وحمدوا هللا فقال أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا
وحمدوا هللا ثم قال ما أنتم في الناس إال كالشعرة السوداء في
جلد ثور أبيض أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود أيها
المسلمون ألم تعلموا أن األرض يومئذ تحدث أخبارها فتشهد
على كل أحد بما عمل عليها من خير أو شر ألم تعلموا أن
الرجل يختم على فمه ويقال ألركانه انطقي فتنطق بما عملت :
سنَتُ ُه ْم َوأَ ْي ِدي ِه ْم َوأَ ْر ُجلُ ُه ْم بِ َما َكانُوا يَ ْع َملُ َ
ون ش َه ُد َعلَ ْي ِه ْم أَ ْل ِ
{ يَ ْو َم تَ ْ
قون أَنَّ هَّللا َ ُه َو ا ْل َح ُّ
ق َويَ ْعلَ ُم َ }{ يَ ْو َمئِ ٍذ يُ َوفِّي ِه ُم هَّللا ُ ِدينَ ُه ُم ا ْل َح َّ
ا ْل ُمبِينُ } وفي الكتاب والسنة من تفاصيل أحوال ذلك اليوم ما
هو عبرة للمعتبرين وموعظة للمتقين اقرؤوا قوله تعالى أعوذ
ان َونَ ْعلَ ُم َما
س َ باهلل من الشيطان الرجيم َ { :ولَقَ ْد َخلَ ْقنَا اإْل ِ ْن َ
ون فِي َها َولَ َد ْينَاسهُ } إلى قوله { لَ ُه ْم َما يَشَا ُء َ س بِ ِه نَ ْف ُ س ِو ُ تُ َو ْ
َم ِزي ٌد } فإن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع
وهو شهيد .
بارك هللا لي ولكم في القرآن العظيم . .الخ .