Professional Documents
Culture Documents
Sociologie de La Famile2020.2021-Converti
Sociologie de La Famile2020.2021-Converti
الفصل الخامس
شعبة علم االجتماع
املوسم الدراس ي
سوسيولوجية األسرة
الفصل اخلامس
علم االجتماع :األسرة ،النوع والعوملة
1
ملخص
بعد االهتمام املتزايد بدراسة األسرة ،بدأت تتشكل مالمح فرع من فروع علم االجتماع ،أال وهو
علم االجتماع األسري /سوسيولوجيا األسرة ،خاصة في منتصف القرن التاسع عشر مع فرديرك لوبالي
وريتشل هذا األخير طرح مسألة األسرة والدولة .لقد ذهب إلى القول باستقاللية األسرة عن الدولة،
بحيث أن أساس الدولة هو الحق والقانون ،بينما القاعدة األساسية لألسرة هي العادات والتقاليد .كما
لتطوراألسرة ،كانتقال املجتمع من الحالة الريفية اإلقطاعية ،إلى مجتمع املدينة الرأسمالي الصناعي،
لقد كان من الصعب تحديد موضوع علم االجتماع األسري .كما أن اإلحاطة بهذا املوضوع ،لم
تكن من السهل بمكان ،باعتباره مجاال للتفكير والتحليل الالمتناهي ملؤسسة األسرة ،التي تتعدد أحداثها
من والدات وزواج وطالق .أيضا ،الحضانة وتعقد الشبكات القرابية ،ثم تكون األسر وإعادة تكونها .إنه
من الصعب وضع الحدود الفاصلة بين موضوع علم االجتماع األسري واألحداث االجتماعية
واالقتصادية ،التي تعيشها األسرة .إن الباحث في علم االجتماع األسري ،يجد نفسه محاطا بكل مكونات
األسرة ،سواء منها الثقافية أوالتاريخية أوالقانونية وكذلك ،الدينية والفقهية والصحية .مما يجعله
يتقاسم هذا املوضوع مع علماء النفس االجتماعي ومع الباحثين في التاريخ واالنثروبولوجيا واالقتصاد
والفقهاء .لقد أدت التغيرات التي عرفها املجتمع ،بفعل التصنيع إلى النيل من بنية ووعي العائلة ،حيث
أخذت معظم الوحدات العائلية تتخلى عن فكرة العائلة الكبيرة ،التي تجسدت فيها الوحدة االقتصادية
واالجتماعية .إن التغيرات ،التي بدأت تعرفها األسرة ،دفعت فرديرك لوبالي سنة 1855م ،إلى دراسة
السمات االقتصادية واالجتماعية لألسرة عن طريق تفحص مخصصاتها املادية ،حيث وسع من ميدان
دراساته وأبحاثه ،إذ تمكن من خالل هذه الدراسات واألبحاث ،من االضطالع على ميزانيات بعض
2
العائالت في كل من أوربا وآسيا .كما مكنه هذا الفحص لهذه امليزانيات من رسم صورة لطريقة حياة
هذه األسر ،بإدخاله واستعماله لهذه األساليب يكون فريدرك لوبالي ،قد ساعد على نشوء علم
االجتماع األسري التطبيقي .إن الحديث عن علم االجتماع األسري ،يدفعنا إلى الحديث عن موضوعه.
البد هنا من استحضار مربع إميل دوركهايم ،حيث ينطلق في تحديد موضوع علم االجتماع األسري ،من
التساؤل حول طبيعة الرو ابط ،التي تجمع بين الناس ،بمعنى؛ أنه بقدر ما هناك ،أنواع كثيرة ومتعددة
من املجتمعات اإلنسانية ،بقدر ما هناك ،أنواع من التضامن والتالحم االجتماعي .إن ما يهتم به علم
االجتماع األسري داخل املجموعة العائلية ،هو معرفة وفهم الوضع الحالي لألسرة ،كذلك ،البحث في
الصورة التي تقدم بها اليوم هذه املؤسسة داخل املجتمعات اإلنسانية.من أجل االحاطة باألسرة
.1تقدمي
.9األسرة :أزواج الراهن ،دراسة إحصائية للزاج والطالق ابملغرب مث املغرب الكبري فالعامل اإلسالمي والغرب
3
.13طرق التعامل مع حل املشاكل األسرية :من "أمجاعة" إىل مؤسسات الدولة "احملاكم"
4
تقـديم
لقد تعددت الدراسات واألبحاث حول األسرة ،منطلقة في معظمها من وصف حياتها وتحديد
مفاهيمها ووظائفها داخل املجتمع وأجمعت مختلف هذه الدراسات ،على كون األسرة تنظيما اجتماعيا،
لها سلطة على أفرادها ،إذ تتحكم في سلوكهم اليومي وفي رو ابطهم االجتماعية .كما توجه كل اختياراتهم،
بل تحكم وتحدد مصيرهم االقتصادي .إلى جانب ذلك ،اهتمت دراسات أخرى باألسرة كخلية اجتماعية،
تقوم باإلنجاب وتزويد املجتمع باألفراد .لهذا يعترض تحليل ودراسة املؤسسة األسرية ،باملنطقة العربية
واملغاربية؛ صعوبات عدة ،تتمثل أساسا في عدم القدرة على تناول التحول الذي تعرفه األسرة اليوم.
فالباحث مدعو للوقوف على صور سوسيولوجيا األسرة املعاصرة .قبل هذا الوقوف ال بد من وضع إطار
نظري يهيكل كل املعرفة ،التي تم تجميعها من خالل األبحاث والدراسات ،التي بالرغم من جودتها ،إال أنها
تفتقد أحيانا إلطار وهو أمر شائع .إن مبادئ التنظيم التي يمكن إختيارها من أجل تسليط الضوء على
هذه األعمال مستوحاة من أفكار طرحها إميل دوركهايم للنقاش من خالل محاضراته سنة .1 1892
بمعنى وعلى عكس الكتابات والنقاشات ،التي تريد أن تجعلنا نعتقد؛ كون األسرة تعرف «ثورة» كل شهر
وكل سنة أو كل عقد من الزمن .إن الخطوط التي ميزتها خالل نهاية القرن 19سوف توجد خالل املائة
سنة القادمة .إنها حركية ثنائية :هناك خصخصة لألسرة ،بسبب تزايد االهتمام بجودة ونوعية
العالقات الشخصية ثم «التنشئة االجتماعية» للجماعة .أيضا ،بسبب تزايد تدخل الدولة.
لقد س ــاعد ظهور علم االجتماع األسري ،على جعل األسرة موضوعا خاصا ،موضحا كل وظائفها
وأدوارها .كما ساهمت النظريات االجتماعية ،التي تناولت املوضوع في تحليل وإغناء موضوع األسرة .كما
أنني ال أهتم في هذه الدراسة باألسرة كخلية أساسية في املجتمع فحسب ،بل كمجال للتفاعل االجتماعي
فيما بين أعضائها من جهة ،و بين أعضائها و بين معظم تيارات التغيرالتي يعرفها املجتمع من جهة ثانية.
Emile, Durkheim. « la famille conjugale » ; cours de 1892, Revue philosophique en 1921 , reproduit in E. Durkheim, Texte III , Minuit, Paris, 1975, 1
pp.35-49.
5
كما ساعد ظهور علم االجتماع األسري ،على تحول اهتمام الباحثين من القضايا التاريخية
لألسرة ،إلى تناول مجاالت قوتها ،وأسباب وعوامل تفككها وعالقاتها بنظام القرابة .فبروز علم االجتماع
األسري ،الذي ال أعتبره تفككا لعلم االجتماع العام وإنـما هو تـطور فرضه تشعب الحياة االجتماعية .كما
فرضه تعدد وتنوع القضايا املعاصرة لألسرة؛ أدى إلى فهم األحداث والوقائع األسرية في إطار هذا
التخصص .وقد ساهم هذا التنوع والتباين في مقاربة األسرة وفي تشخيص أوضاعها .كما أعطى دفعة في
تنوع نظريات علم االجتماع األسري ،إذ لم تعد النظرية أواملقاربة الوظيفية وحدها املسيطرة واملفسرة
لقضايا األسرة ،بل ظهرت إلى جانب ذلك البنيوية ،والتفاعلية الرمزية واملقاربة التنموية.
لـم تعد األسرة الـمـمتدة والنووية هـما السائدتان واملفسرتان ألشكال وحجم األسرة ،بل ظهرت
أشكال جديدة لـم تكن معروفة من قبل .2لقد سـاعد علم االجتماع األسرى إلى جانب ذلك ،على إبراز
الـمو اقف الجديدة واملتبناة من طرف أعضاء األسرة ،كالعزوبية التي كانت إلى وقت قريب ،تفسر بكونها
ظاهرة اجتماعية لها انعكاسات سلبية على الـمجتمع واألسرة .غير انه ،مع علم االجتماع األسري صار
تفسيرها ،كـموقف يعبر عن االستقالل الفردي ،الذي بات ظاهرة اجتماعية تسود املجتمعات املعاصرة،
بسبب تكاثرالـمشاكل االجتماعية واالقتصادية الـمستعصية ،التي افرزها تعقد هياكل املجتمع.
لـم يقف علم االجتماع األسري عند حدود مقاربة األسرة ومقاربة تأثيرات مؤسسات وهياكل
املجتمع عليها فحسب ،بل يمتد إلى مقاربة تأثيراتها هي على كيانات الهيكل االجتماعي واالقتصادي .إن
خضوع عملية الخصوبة و الزواج ،مثال ،إلى تدبير صارم ،سواء من طرف األسرة أو من طرف مؤسسات
الصحة ،جعل األسرة نفسها تؤثر على مؤسسات أخرى وعلى املجال ،حيث خضعت الهندسة املعمارية
ملتطلباتها ،سواء من حيث عدد الغرف واملر افق الحيوية ،أو من حيث احتياجاتها حسب قدراتها
الـمادية.
2بينت معطيات البحث الوطني حول األسرة وجود 282نوعا من األسر ذات البنيات املركبة من بينها 183تتميز بتساكن ثالثة أجيال على األقل .تعتبر األسر املركبة أكثر
عددا بالوسط القروي املغربي .أنظر املغرب املمكن :إسهام في النقاش العام من أجل طموح مشترك ،تقرير الخمسينية ،مطبعة دار النشر املغربية /الدار البيضاء 2006
ص 36
6
لقد مست تأثيرات األسرة املجال الطبي ،باعتبارها مستهلكة للمواد الطبية ولألدوية .وامتدت
تأثيراتها ،أيضا ،إلى املجال الصناعي ،حيث شراء األثاث املنزلي والـمعدات الكهربائية بهدف مساعدة
الزوجة في األشغال الـمنزلية وبهدف توفير الراحة لكل أعضاء األسرة .فكيف تطورت إذن عالقة علم
االجتماع باألسرة ؟ وما هي أهم األسس النظرية ملقاربة األسرة التي تبلورت لدى علماء االجتماع؟
بعد االهتمام املتزايد بدراسة األسرة ،بدأت تتشكل مالمح فرع من فروع علم االجتماع ،أال وهو
علم االجتماع األسري ،خاصة في منتصف القرن التاسع عشرمع فرديرك لوبالي وريتشل هذا األخيرطرح
مسألة األسرة والدولة .3لقد ذهب إلى القول باستقاللية األسرة عن الدولة ،بحيث أن أساس الدولة هو
الحق والقانون ،بينما القاعدة األساسية لألسرة هي العادات والتقاليد .كما أن األسرة تبقى القناة
اهتم مؤسسوا علم االجتماع العائلي باملظاهرالتاريخية املعاصرة لتطوراألسرة ،كانتقال املجتمع
من الحالة الريفية اإلقطاعية ،إلى مجتمع املدينة الرأسمالي الصناعي ،وما ترتب عن ذلك االنتقال من
لقد كان من الصعب تحديد موضوع علم االجتماع األسري .كما أن االحاطة بهذا املوضوع ،لم
تكن من السهل بمكان ،باعتباره مجاال للتفكير والتحليل الال متناهي ملؤسسة األسرة ،التي تتعدد أحداثها
من والدات وزواج وطالق .أيضا ،الحضانة وتعقد الشبكات القرابية ،ثم تكون األسر وإعادة تكونها .6إنه
من الصعب وضع الحدود الفاصلة بين موضوع علم االجتماع األسري واألحداث االجتماعية
واالقتصادية ،التي تعيشها األسرة .7إن الباحث في علم االجتماع األسري ،يجد نفسه محاطا بكل مكونات
3Anne , Queniert . Roch , Hurtubise . «Nouvelles Familles, nouveaux défis pour la sociologie de la famille» . Sociologie et société , vol . XXX , n° I ,
printemps , 1998. P.3.
4محمد عبد أسعد ،فايز .مدخل إلى علم االجتماع ،دراسة نظرية في فهم املجتمع ،منشورات دار الفيصل الثقافية 1984 ،ص.76 ،
5نفس املرجع السابق ذكره ،ص .76
6Anne , Queniert . Roch , Hurtubise . Nouvelles Familles, nouveaux défis pour la sociologie de la famille, Op. Cit ., P. 3.
7
األسرة ،سواء منها الثقافية أوالتاريخية أوالقانونية وكذلك ،الدينية والفقهية والصحية .8مما يجعله
يتقاسم هذا املوضوع مع علماء النفس االجتماعي ومع الباحثين في التاريخ واالنثروبولوجيا واالقتصاد
والفقهاء .لقد أدت التغيرات التي عرفها املجتمع ،بفعل التصنيع إلى النيل من بنية ووعي العائلة ،حيث
أخذت معظم الوحدات العائلية تتخلى عن فكرة العائلة الكبيرة ،التي تجسدت فيها الوحدة االقتصادية
واالجتماعية .إن التغيرات ،التي بدأت تعرفها األسرة ،دفعت فرديرك لوبالي سنة 1855م ،إلى دراسة
السمات االقتصادية واالجتماعية لألسرة عن طريق تفحص مخصصاتها املادية ،حيث وسع من ميدان
دراساته وأبحاثه ،إذ تمكن من خالل هذه الدراسات واألبحاث ،من االضطالع على ميزانيات بعض
العائالت في كل من أوربا وآسيا .كما مكنه هذا الفحص لهذه امليزانيات من رسم صورة لطريقة حياة
هذه األسر ،بإدخاله واستعماله لهذه األساليب يكون فريدرك لوبالي ،قد ساعد على نشوء علم
االجتماع األسري التطبيقي .9إن الحديث عن علم االجتماع األسري ،يدفعنا إلى الحديث عن موضوعه.
البد هنا من استحضار مربع إميل دوركهايم ،حيث ينطلق في تحديد موضوع علم االجتماع األسري ،من
التساؤل حول طبيعة الرو ابط ،التي تجمع بين الناس ،بمعنى؛ أنه بقدر ما هناك ،أنواع كثيرة ومتعددة
من املجتمعات االنسانية ،بقدر ما هناك ،أنواع من التضامن والتالحم االجتماعي .10إن ما يهتم به علم
االجتماع األسري داخل املجموعة العائلية ،هو معرفة وفهم الوضع الحالي لألسرة ،كذلك ،البحث في
الصورة التي تقدم بها اليوم هذه املؤسسة داخل املجتمعات االنسانية .11هذا املطلب ،يستدعي من
الباحث وضع تشخيص دقيق لوضع األسرة وللعالقات التي تربط بين أعضائها .لكي يتحقق هذا ،فإنه
البد من اتباع الخطوات ،التي وضعها إميل دوركهايم .12يتكون مربع دوركهايم من أربعة أضالع ،يرى أنها
8Anne , Queniert . Roch , Hurtubise . Nouvelles Familles, nouveaux défis pour la sociologie de la famille, Op. Cit ., P. 3.
9للمزيد من التفاصيل يرجى العودة إلى Mogey, J.M. «The contribution of Fredric Le play to family research ». In : Marriage and family living. Vol.XVII, :
1957, P. 310-315.
10Emile, Durkheim . Introduction à la sociologie de la famille , Edition Electronique , Chicoutimi , Québec , 2002 , P. 6.
11 Ibid ., P. 6.
12 Ibid ., P.7.
8
.1دراسة العالقات القرابية :13يتم االهتمام في هذا املحور بعالقات الزوج بوالديه وبوالدي
الزوجة ،ثم دراسة عالقات الزوجة بوالديها وعالقاتها بوالدي زوجها .يشير دوركهايم ،أنه ينبغي االهتمام
بدراسة هذه العالقات ،سواء فيما يخص العالقات بين األفراد أو طبيعة املبادالت ،التي تتم بينهم .البد
كذلك ،من توضيح طبيعة العالقات الزوجية ،أي هل تسير نحو التحرر أم أنها الزالت خاضعة للقوانين
العرفية؟ أيضا ،يتم االهتمام بدراسة طبيعة املصاهرة ،هل تتم في إطار القرابة أم تتم مع دوائر خارج
الشبكة القرابية؟ كما يتم االهتمام بطرق الزواج ونتائجها على األسرة وعلى املجتمع .إن الباحث في علم
االجتماع األسري ،عليه أن يدرس عالقات األطفال مع األقارب ،سواء من جهة األب أو من جهة األم.
وينصب االهتمام في هذا االتجاه على طبيعة السلطة والتوجيهات والنصائح ،التي يقدمها األقارب
.2الزواج :14ينبغي االهتمام في هذا املبحث بالعالقات ،التي تؤدي إلى الزواج وهنا على الباحث
أن يستحضر ،األهلية للزواج وكيفية املو افقة ،ثم دراسة طبيعة الزواج هل هو داخلي أم خارجي؟
واالهتمام بدراسة تعدد الزوجات .ينبغي ،كذلك ،دراسة عالقات األزواج كأفراد ،أي دراسة طبيعة
القوانين والواجبات ،التي يحترمها الطرفين في الزواج .ينبغي كذلك ،دراسة طبيعة الرو ابط الزوجية،
هل هي قابلة لإلنحالل أم غيرقابلة؟ كما ينبغي دراسة املبادالت ،التي تتم بين الزوجين.
.3األطفال :15حسب دوركهايم ،فإن الباحث في علم االجتماع األسري ،عليه االهتمام بدراسة
عالقات األطفال مع الوالدين ،ثم دراسة املبادالت ،التي تتم بينهم .ينبغيأيضا ،دراسة طريقة انتقال
امليراث واالهتمام بقانون الحماية وطبيعة السلطة ،ثم انتقال خيرات األبناء إلى اآلباء .بعد ذلك ،ينبغي
9
.4الدولة :16يهتم علم االجتماع األسري ،في هذا االطار بتدخل الدولة بشكل عام في فضاء
األسرة ،باعتبارها هي املسؤولة عن إقرار القوانين الخاصة باألحوال الشخصية وقوانين الضمان
في هذا االطار ،فإن الدولة كمؤسسة تعد هي املسؤولة عن إقرار العالقات الزوجية أو إنهائها.
كما تتدخل في تحديد عالقة األبناء باآلباء .كما ،تتدخل في تحديد العالقات بين األقارب.
شكلت األسرة منذ القدم موضوعا للبحث والدراسة ،أي قبل ظهور علم االجتماع ،ويظهر ذلك،
من خالل التراث الفلسفي والديني ،منذ عصر الفراعنة في مصر واإلغريق .17غير أن االهتمام باألسرة ما
لبث أن اكتسب مكانة مهمة داخل حقل علم االجتماع خالل القرن التاسع عشر .كانت البداية مع علماء
االنثروبولوجيا وعلماء اآلثار ،بحيث اهتموا بدراسة األسرة في الثقافات البدائية والقديمة .منذ ذلك
الوقت ،بدأ موضوع األسرة يحظى باهتمام الباحثين في علم االجتماع واالنتروبولوجيا ،خاصة مع لويس
مورجان وسبنسر وغيرهم ممن حاولوا دراسة األسرة ودراسة مراحل تطورها ،18تحت تأثير النظرية
الداروينية ،هذه األخيرة كانت قد فتحت باب النقاش حول نشأة األسرة وأشكالها في مختلف أنحاء
العالم.
ظهرت عدة محاوالت نظرية في إطار فلسفة التاريخ ،محاولة فهم األشكال األسرية في املجتمعات
البدائية على وجه الخصوص ،وبرزت في هذا االتجاه األبحاث والدراسات التي أجراها باخوفين
˝ .˝ Bachofenيرى باخوفين في دراساته أن املجتمع قد تطور من مرحلة اإلباحية الجنسية إلى مرحلة
سيطرة األم ثم مرحلة سيطرة األب .19تأتي بعد ذلك ،محاوالت هنري مين ˝ ˝ Maineو إدوار تايلور ولويس
17السيد ،الحسيني .مفاهيم علم االجتماع ،الطبعة الثانية ،دار قطري بن فجاءة للنشر والتوزيع 1987ص.70
18وسام ،العثماني» .العائلة العربية« ،دراسات في املجتمع العربي املعاصر ،الطبعة األولى األهالي للطباعة والنشر ،1999 ،ص.177 ،
19السيد ،الحسيني .مرجع سبق ذكره ، 1987،ص. 70 ،
10
مورجان ˝ ،˝ Morganثم فريديريك إنكلز ووستر مارك .لقد أثارت هذه األبحاث جدال واسعا بخصوص
إن دراسة األسرة دراسة سوسيولوجية بعيدة عن التأمل الفلسفي وبمعزل عن البحث في جذور
تطورها التاريخي ،دراسة تسمح للباحث ،بالنظر في و اقع األسرة القروية .كما تسمح له بالنظر في بنائها و
نظامها ووظائفها .تسمح ،أيضا ،بـمعالجة إشكالية التغير األسري بالبحث اإلمبريقي .كما ،تجعل من
مسألة املقاربة النظرية أمرا ضروريا ،بهدف تدقيق املفاهيم العلمية ،التي ستعتمد في مقاربة هذا
املوضوع.
أعتقد أن طرح املقاربة النظرية* ،يعد ضرورة منهجية ،لتنظيم البحثالسوسيولوجي ولتقنين
إن املقاربة النظرية تساعد الباحث على تنظيم الو اقع املدروس ،الذي يتميز في الغالب بالتشتت
وباللبس .غير أن إسقاط مجموعة من املفاهيم املجردة عليه ،تساهم في ترتيبه وتنظيمه ،لكي يتمكن
* النظرية هي مجموعة من القواعد واملبادئ اإلجرائية التي تحدد توجه الباحث في علم االجتماع ،وتمكنه من دراسة الظواهر دراسة علمية ،فهي إذن اإلطار املرجعي
الذي يعود إليه الباحث لدراسة الظواهر االجتماعية .ويقصد بالنظرية كذلك أحد املعنيين التاليين" نسق فكري استنباطي منسق حول ظاهرة أو مجموعة من الظواهر
ً ً
املتجانسة ويحوي إطارا تصوريا ومفاهيم وقضايا نظرية توضح العالقات بين الوقائع وتنظمها بطريقة دالة وذات معنى ،كما أنها ذات بعد إبريقي” ،“ Empiricalبمعنى
اعتمادها على الواقع ومعطياته ،وذات توجه تنبئي يس اعد على فهم مستقبل الظاهرة ولو من خالل تعميمات احتمالية( .عبد املعطي عبد الباسط :اتجاهات نظرية في
ً
علم االجتماع (الكويت :املجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،أغسطس ،)1981ص " )13تطوير منظم ملبادئ وتعميمات ومفاهيم يشكل إطارا في مجال معرفي حيوي
ذي أهمية "Stephen R. Beiley, “Objectives of the theory of Public Administration” In Theory & Practices of Public Administration: Scope, Objectives, & .
Methods. Edited by James C. Charlesworth, Monograph 8, (Philadelphia: American Academy of Political & Social Science, 1968), pp. 128-
ً ً
139.وأستخدم النظرية هنا كما تستخدم في العلوم االجتماعية ؛ أي إما بمعنى محدد ذات بعد إبريقي وتنبئي ،أو بمعنى عام باعتبارها إطارا فكريا يضم مبادئ وتعميمات
ومفاهيم ويفسر هذا اإلطار ظاهرة اجتماعية أو مجموعة من الظواهر.
11
.3تطور مراحل دراسة األسرة **
الو اقع ،أنه ال يمكن الحديث عن دراسة األسرة وتطور االتجاهات النظرية ،دون اإلشارة إلى
املراحل ،التي مرت بها الدراسات السابقة ،يمكن توزيع تلك الدراسات واألبحاث على أربعة مراحل
أساسية:
.1املرحلة األولى :من أهم مميزات هذه املرحلة سيطرت الفكر الخرافي والتأمل الفلسفي مما
.2املرحلة الثانية :تمتد هذه املرحلة من منتصف القرن التاسع عشر حتى أوائل القرن
العشرين .من أهم مميزات هذه املرحلة تأثرها بالنظرية التطورية وبالدراسات ،التي أنجزها داروين حول
أصل األنواع .لقد وجدت هذه النظرية إقباال كبيرا لدى علماء االجتماع ،وتم تطبيقها في دراسة األسرة
والزواج.
.3املرحلة الثالثة :تمتد املرحلة من 1900م إلى 1950م؛ من أهم مميزاتها تراجع النظرية
الداروينية ،20لتطبيق املنهج العلمي ،الذي يؤكد على الدراسات امليدانية ،تميزت هذه املرحلة ،كذلك،
بظهور عدة موضوعات جديدة ،من قبيل ،العالقات بين أعضاء األسرة .كما أنه لم يعد االهتمام
4.املرحلة الرابعة :اصطلح عليها بمرحلة بناء النظرية الحديثة ،من أهم مميزاتها االهتمام
** إلنجاز هذه ال فقرة تم الرجوع إلى :عبد القادر ،القصير .األسرة املتغيرة في مجتمع املدينة ،مرجع سبق ذكره ،ص 31و ،33فهد عبد الرحمن ،الناصر .دراسات في علم
االجتماع العائلي ،األسرة ،كلية اآلداب ،جامعة الكويت ،ط األولى .1997 ،ص.23-14 .
20يذهب بعض الباحثين إلى كون النظرية التطورية أو الداروينية نسبة إلى داروين قد تراجعت نظرا لسيطرة املناهج العلمية ،أنظر :فهد عبد الرحمن ،الناصر .دراسات
في علم االجتماع العائلي ،األسرة كلية اآلداب .جامعة الكويت ،ط األولى 1997ص ،23 -14ولعمري هذا ضرب من التضليل العلمي ،إذ أن النظرية ال تبنى من الفراغ ،بل
تتأسس انطالقا من التراث العلمي ،وتراكم األبحاث والتجارب ،و أعتقد أن نظرية مثل التطورية ،فتحت نقاشا دار في مختلف الجامعات العاملية ،قد ال تتراجع أو
تضمحل بهذه السهولة -كما يعبر عن ذلك بعض الباحثين العرب أنظر نفس املرجع السابق -إن ما يحصل هو عدم فهم التطورية في بعدها التاريخي ،وقراءتها مجردة عن
اإلطار العلمي الذي اعتبرته قانونا للتطور أال وهو حاجة البشرية لالستهالك يجعلها تفكر في
هو انتقال من أشكال التطور األسرة .كما أن تتطور اجتماعي ،وبالتالي تطور تطوير أساليب ووسائل اإلنتاج ،وكلما حدث تطور بها ـ أساليب ووسائل اإلنتاج ـ حدث
اجتماعية إلى أخرى.
12
.4النظريات األساسية في دراسة األسرة
لم يكن من السهولة دراسة التغيرات األسرية التي حدثت في كل من أوربا وأمريكا في غضون
الثورة الصناعية 21وذلك لكون األسرة تتفاعل بوتيرة سريعة مع مختلف مؤسسات املجتمع ،هذه
التفاعالت تجعلها عرضة الحتماالت ال محدودة للفهم والتفسير والتأويل .مما دفع بالباحثين في هذا
املجال ،إلى البحث في عالقة التغير األسري بتطور التكنولوجيا واالقتصاد وهو ما شكل خروجا عن
الدراسات املألوفة ،التي كانت تهتم في الغالب بدراسة أنماط األسرة ووظائفها والزواج ،من هنا بدأت
لقد اختلف املهتمون في مجال علم االجتماع األسري ،في تحديد األطر النظرية األساسية في
دراسة األسرة ،ففي سنة 1960م ،تم تحديد خمسة مداخل نظرية أساسية لدراسة األسرة من طرف كل
من هيل وهانسن .أما املداخل النظرية الخمسة؛ فهي البنيوية الوظيفية والتفاعلية واملدخل املوقفي
واملدخل النظامي ثم النظرية التطورية .23يعتبر تعدد النظريات االجتماعية انعكاس حقيقي للتطور
العلمي ،إذ كلما تطورت العلوم والتكنولوجيا ،إال وتظهر عدة قضايا تستدعي التفكير النظري .وللحديث
عن املداخل النظرية في مقاربة األسرة ،البد من استحضار البعد التاريخي؛ أي استحضار التعاقب
التاريخي لظهور النظريات ،على اعتبار أن املداخل النظرية املعاصرة قد نشأت في كنف تيارات نظرية
قديمة ،منها من ما تم تجاوزه ومنها من تطورت في ارتباطها الوثيق بالتطور العلمي .24فحاجة عالم
االجتماع ضرورية للنظرية لبناء موضوعه ولبناء معطياته ،بحيث ال يمكن قراءة الوقائع امليدانية بمعزل
عن البناء النظري .فاملعطيات امليدانية ،واألرقام اإلحصائية ،في حاجة دائمة إلى تفسيرها وربطها بقضايا
نظرية ،بحيث ال يمكنها أن تتكلم عن نفسها .25فبالنظرية إذن ،نستنطق الو اقع والظاهرة املدروسة.
21عفاف ،عبد العليم إبراهيم ناصر .التنمية الثقافية والتغير النظامي لألسرة ،دار املعرفة الجامعية،1995 ،ص.92 ،
22Jean, Bethke Elshtain . The family in political thought , The Harvester Press, London,1982. P. 28.
23J, Ross Eshleman . The family, an introduction, 3rd, Ed., Anyn and A Bacon, Inc. Boston,1978. P. 4.
24Ibid,. P.4.
25عبد هللا ،إبراهيم .علم االجتماع ،السوسيولوجيا ،املركز الثقافي العربي ،الطبعة األولى .2001 ،ص.47،
13
إن موضوع علم االجتماع؛ هو تركيب وصياغة؛ لذا ،البد من أسس نظرية تساعد على هذه
العملية.
إذا كان علم االجتماع يبدأ في تناوله للظواهر بامللموس والجزئي ،فألنه يسعى إلى استخالص
الكلي والنموذجي ،وطبعا هذا لن يحصل إال بإعادة بناء املعطيات نظريا ،بحيث تمثل تركيبا ذهنيا ،يملك
فرديته الخاصة في الوقت نفسه الذي يكون فيه نموذجا .26هكذا ،فبواسطة التصورات النظرية
األساسية ،التي يمتلكها الباحث في علم االجتماع األسري ،يتفحص الحياة األسرية اليومية فيختار منها
معطيات دقيقة وملموسة دون غيرها ،ليدمج فيما بينها ناظرا إليها من خالل النظرية التي تساعده على
إن ما أثبتته الدراسات االجتماعية ،في مجال علم االجتماع األسري ،هو لجوءها إلى النظرية
لفهم مظاهر التغير األسري ولصياغة الخصائص العامة للتغيرات األسرية .سوف أقوم بعرض أهم
إن الباحث في علم االجتماع األسري ،ليقف عند كثير من اآلراء بخصوص نشأة األسرة ،التي الزال
يشوبها غموض إلى اليوم .فكثيرة هي تلك اآلراء املتناقضة واملتضاربة فيما بينها ،بخصوص تاريخ وجذور
األسرة ،بل األدهى من ذلك ،أن بعض هذه التفسيرات تميل ،إلى االستناد على الخيال واألساطير ،مع قلة
التفسيرات التي تعتمتد املنطق واألدلة والشواهد العلمية .ال يمكن للباحث في مجال األسرة ،إنكار
املجهودات التي قام بها األنثروبولوجي األمريكي لويس موركن ˝ ،˝Morganالذي يعد من أهم الباحثين
الذين ينتمون إلى االتجاه التطوري في دراسة تاريخ األسرة ،27إذ يرى أن األسرة نشأت عن طريق تطورها،
من مراحل بسيطة ال تحكمها أية قواعد إلى مراحل أكثر رقيا تحكمها القيم والقوانين .بهذا يكون
14
التطوريون قد انشغلوا بالبحث إذن ،عن أصل األسرة .كما انشغلوا بتحديد املراحل ،التي تطور عبرها
النظام األسري.
لقد ذهب معظمهم ،إلى املقابلة بين األشكال البسيطة للحياة األسرية واألشكال املعقدة لها ،وفي
سياق هذا التقابل خلصوا إلى كون النظام األسري يسير في خط تطوري ،بحيث يتطور من األشكال
البدائية البسيطة ،إلى األشكال الحديثة واملعقدة .على الرغم من اتفاقهم هذا على مبدأ التطور ،فإنهم
اختلفوا من حيث املعيار ،الذي أسسوا عليه نموذجهم التطوري .كما اختلفوا من حيث عدد املراحل
التي يمر بها التطور،28انطلقت املخططات التطورية ،من تحديد الشكل األصلي أو النمط األصلي ،الذي
تطورت عنه األسرة ،مما أثارعدة خالفات بين رواد االتجاه التطوري.
لقد أكد باخوفين ،على كون األنماط األولى لألسرة ،تتمثل في األسرة األمومية ـ التي ينتسب فيها
النسل إلى األم ـ ثم ظهرت بعدها ،كذلك ،املرحلة األبوية ،التي ينتسب فيها النسل لألب .يتفق هنري
لقد اعتمد هنري مورجان على نتائج أبحاثه ،التي شملت قبائل األركوا وبعض الجماعات من
الهنود الحمر ،بهدف صياغة مخطط تطوري ،ينبني على ثالثة مراحل أساسية من تاريخ البشرية .تبدأ
هذه املراحل بمرحلة التوحش ˝ ˝ état sauvagثم مرحلة البربرية " "barbarielaلتصل البشرية إلى
مرحلة التحضر .خلصت هذه الدراسات إلى كون تطور أساليب ووسائل اإلنتاج ،قد تحكم في التطور،
الذي عرفته األسرة عبر التاريخ ،ذلك ،أن البشرية سعت عبر تاريخها الطويل ،تحت الضغط الديموغرافي
ومواجهة تحديات الطبيعة ،إلى تحقيق حاجيات االستهالك اليومي ،الش يء الذي أدى ،إلى تطور وسائل
وأساليب اإلنتاج .29في سياق هذه االنتقاالت ،عرفت األسرة عدة تطورات ،تؤطرها قيم وتصورات
28للمزيد من االطالع أنظر سناء ،الخولي .األسرة والحياة العائلية ،دار النهضة العربية ،بيروت .1984 ،الفصل السادس ،أشير إلى كون الباحثة استبدلت مفهوم
التطوري باالتجاه التنموي.
29Fridrich, Engels. Op. Cit., P . 31-36.
15
يؤكد مورجان ،على أن كل مرحلة من هذه املراحل ،تميزت بأشكال خاصة من الحكومات
وبأنماط محددة من األسر .كما اعتقد أن األسرة والزواج ونظم القرابة تتطور تبعا لتطور أساليب
اإلنتاج ،وباالنتقال من مرحلة ألخرى .يعتقد مورجان ،كذلك ،أن أول األشكال األسرية تمثلت في النمط
األمومي ،الذي يقوم على الزواج الجماعي ،الذي تطور بدوره إلى نظام تعدد الزوجات ثم الزواج
األحادي.30
أما هنري مين ـ 1822م ـ 1888م ـ ،فإنه يرفض فكرة األصل األمومي لألسرة ،معتبرا أن األسرة
كانت دائما أبوية ،حيث يسيطر فيها األب ثم االبن األكبر وأنه الوجود لألسرة األمومية .أما عن النمط
األسري ،الذي عرف عبر التاريخ ،فإنه لم يكن أسرة أمومية ،بقدرما كانت األسرة تلتف حول املرأة أو
حول األنثى.31
لقد لقيت النظرية التطورية انتقادات عدة ،تذهب في معظمها إلى وهمية املراحل التطورية التي
أعتقد أن الخطأ في فهم النظرية التطورية ،يعود باألساس إلى قراءتها من جانب واحد،واملتمثل
في االنتقال باملمارسة الجنسية من اإلباحية إلى الزواج الجمعي ،ثم تعدد الزوجات ،فاألسرة النووية.33
إن ما يحكم الفعل التطوري في جميع أنحاء الكون ،هو التطور في وسائل اإلنتاج وفي أشكالها.
كما أنها ظلت تتحكم في تحديد شكل وحجم األسرة وتتحكم في تحديد شكل العالقات بين أعضائها
وتحديد أشكال الزواج .ففي العصور ،التي كان يعيش فيها اإلنسان حياة بدائية تختلط فيها األسرة مع
القبيلة ،ال يمكن أن نتصور غير العالقات اإلباحية .لكن مع اكتشاف النار ودخول مرحلة الصيد ،فإن
32أنظر :في هذا االتجاه Lowie Robert. H. Primitive society . New York, 1920.
33لقد تبنت عدة أبحاث عربية نفس األطروحة ،مما جعلها تتشابه فيما بينها .أنظر في هذا الصدد عبد القادر ،القصير .األسرة املتغيرة في مجتمع املدينة ،دراسة ميدانية
في علم االجتماع الحضري واألسري ،دار النهضة العربية ،بيروت ، 1999 ،ص .45 – 41 ،ثم صالح علي صالح ،الزين» .األسرة و أبعادها في النظريات االجتماعية
املعاصرة « ،مجلة الوحدة ،العدد ،50نوفمبر 1988م.
16
البشرية سوف تعمل على تطوير نظمها االجتماعية ،مما أدى إلى الدخول في مرحلة الزواج الجماعي .لقد
ساعد اكتشاف الزراعة وتطور أساليب اإلنتاج الزراعي على تطور األسرة .مما أدى إلى تعدد الزوجات
والتفاف األبناء حول األم ،ثم االلتفاف حول األب ،لتتطور في نهاية األمرإلى األسرة الزواجية.34
أعتقد أن االتهامات التي وجهت للنظرية التطورية والتشكيك في علميتها ،كونها لم تقم باألبحاث
امليدانية ،يعود باألساس إلى عدم إدراك الحمولة التاريخية ،التي تحتوي عليها األدبيات التي تم
اعتمادها ،من طرف رواد االتجاه التطوري ،التي تؤكد في معظمها على ارتباط التغير االجتماعي بالتغير
الذي يحدث في أساليب ووسائل اإلنتاج .لعل هذا ما حدث مع الثورة الصناعية ،إذ أن الثورة كانت قد
مست باألساس وسائل وأساليب اإلنتاج ،مما أحدث عدة تغيرات اجتماعية ،جعلت االتجاه التطوري
ينادي بدراستها.
.2.4النظرية اإلمبريقية
ظهرت النظرية اإلمبيريقية مع مطلع القرن التاسع عشر ،حيث عاشت أوروبا تغيرات متالحقة،
شملت معظم قطاعات اإلنتاج ،نتيجة التطور الصناعي الذي عاشته القارة العجوز في تلك الفترات.
لقد أفرز هذا التطور عدة ظواهر اجتماعية مست األسرة ،من قبيل ،عمل املرأة واألطفال
ومشكالت الفقر ،مما ساهم في طرح قضايا وإشكاليات أخرى ،تختلف كليا عن تلك التي شغلت بال
التطوريين .هكذا ،أضحى اهتمام الباحثين ينصب باألساس على األشكال واألنماط املعاصرة لألسرة
وعلى البحث ،كذلك ،في أشكال التغير الذي لحقهاـ األسرة ـ جراء التحوالت االقتصادية التي عاشتها
أوربا.35
لقد بدأ االبتعاد شيئا فشيئا ،عن االفتراضات التطورية في دراسة األسرة ،حيث أصبح األمر
يحتاج إلى دراسة وفهم األسرة في سياق التحوالت والظروف ،التي يعيشها كل مجتمع على حدة ،لهذا
17
انطلق البحث في قضايا األسرة من مرجعيات نظرية وعلمية أخرى .36كانت أولى هذه الدراسات ،هي تلك
التي أجراها املهندس الفرنس ي فردريك لوبالي ـ 1806م ـ1882م ـ حول العمال األوربيين .نشرت هذه
الدراسة سنة 1855م واعتمد في إنجازها على معطيات و اقعية تهم حوالي 300أسرة من أسر العمال في
مناطق مختلفة من أوربا وآسيا .37اتخذت هذه الدراسة منحى إبريقيا تجريبيا ،إذ اعتمدت على مالحظات
ومقابالت وتاريخ الحياة لألسرة املبحوثة ،إضافة إلى بيانات إحصائية تهم ميزانية األسر املعنية
بالدراسة.38
على الرغم من كون هذه الدراسة اهتمت بالعمال وبأحوالهم وظروف عيشهم .إال أنها اتخذت
من األسرة وحدة أساسية للدراسة ،منطلقة في ذلك من فرضية أساسية مفادها ،أن سمات أي مجتمع
تتحدد من خالل نمط األسرة الذي يسود فيه ومن خالل درجة استقرار ،كذلك ،من خالل تماسك
األسرة.39
ميز فريدريك لوبالي في دراسته هذه بين ثالثة أنماط من األسر؛ أول هذه األنماط تمثل في األسرة
األبوية أو املمتدة ،وهي أسرة تعتمد على سلطة األب وتسود باملجتمع ،الذي تنتمي له .كما أنها تنتشر بين
العمال في قطاع الفالحة ،املنتمين في الغالب إلى الروس والسالفيين من وسط أوربا .أما النمط الثاني
فتجسد في األسرة الغير املستقرة ،وينتشر هذا النمط بين العمال املرتبطين بالقطاع الصناعي ،إذ تتحلل
الرو ابط التقليدية وتسود الفردية .أما النمط الثالث فتجسده أسرة النسب ،فهي ال تخضع ،فحسب،
لسلطة األب ،بل تتمسك بالتقاليد ،الش يء الذي جعل منها أسرة مستقرة ،ومتماسكة ومحافظة على
18
عالقات النسب .لقد وجد فريدريك لوبالي هذا النمط من األسر ،أكثر انتشارا بين عمال دوالسكندنافيا
ذهب لوبالي ،في تفسيره لهذا التباين بين مختلف هذه األنماط األسرية الثالثة ،إلى االختالف
القائم في طبيعة النظم االجتماعية واالقتصادية املكونة للبيئة املحيطة .شكل هذا التحليل نقطة تحول
من جهة أخرى اتجهت مدرسة شيكاغو في أمريكا بالبحوث االجتماعية نحو اإلمبيريقية ،خدمة
منها لألغراض اإلصالحية والتخطيطية ،مما جعلها تراكم عدة قضايا نظرية ،شكلت أساسا قامت عليه
بعض النظريات في مجال دراسة األسرة فيما بعد الخمسينيات من القرن العشرين.41
شكل كتاب ،إرنست بيرجس ،الذي نشره باالشتراك مع هارفي لوك سنة 1945م بعنوان «األسرة
من النظام إلى الصداقة » ثورة في علم االجتماع األسري وذلك بإعطائه تعريفا جديدا ملفهوم األسرة ،إذ
تم اعتبارها «وحدة تتكون من أشخاص متفاعلين فيما بينهم»وهو التعريف ،الذي تأسست عليه نظريتي
النسق والتفاعلية .يبقى مفهوم األسرة من منظور مدرسة شيكاغو متكامال ،من حيث العناصر املكونة
له ،واألدوار التي يؤديها ،بحيث تذهب إلى اعتبار التفاعل هو الذي يعبرعن هذا التكامل ،ليس هذا فقط،
ترى مدرسة شيكاغو ،أن األسرة تخضع ملا حولها من تفاعالت ومن ثم ،فإن املتغيرات البنيوية
العامة ،تنعكس على نمط األسرة وعلى طبيعة التفاعل داخلها .من هذا املنطلق ،اعتقد بيرجس وزميله،
أن التغيرات التي حدثت في املحيط االجتماعي ،قد أدت إلى تحلل األسرة كمؤسسة اجتماعية ،تؤدي
19
.3.4نظرية النسق
إذا كانت النظريات السابقة ،خاصة التطورية ،ارتبطت أساسا في تحليلها لألسرة بالتطور
التاريخي ،في محاولة لبنائها تصور نظري ملقاربة األسرة ،فإن نظرية النسق انطلقت في قراءتها لألسرة ،من
رؤية منبثقة أساسا من أعمال تالكوت بارسونز ،التي قامت بدورها على تطوير الرؤية النسقية الكلية
وجدت نظرية النسق اهتماما كبيرا ،في أوساط الباحثين واملهتمين باألسرة ،الذين تأسس
تصورهم لألسرة ،على أنها مؤسسة اجتماعية متكاملة األدوار ،لها عالقات ممتدة في املجتمع العام.
إن املجتمع يتكون من مجموعة أنساق ،44متفاعلة في ما بينها .كما أنها تتفاعل مع البيئة
املحيطة بها .تكون كثافة هذا التفاعل داخل الوحدات املكونة للنسق ،أكبر من كثافة التفاعل مع
املحيط.
من هذا املنطلق ،كانت الخطوة األولى للتعرف على النسق وعلى طبيعته ،هي رسم الحدود
فالنسق إذن ،له بناء ووظائف ،وتتمثل وظائفه في ما تسديه من متطلبات .أما وظائفه األساسية
.1التكيف :بمعنى القدرة على التكيف مع البيئة الخارجية ،وذلك من خالل تلبية الحاجات
البيولوجية ألعضائه.
.3التكامل :بمعنى دعم وتقوية الرو ابط االجتماعية بين أعضاء النسق.
43من أهم األعمال التي أحاطت بأعمال تالكوت بارسونز ،والتي بسطت كذلك رؤيته السوسيولوجية لألسرة نجد أعمال جي روشيه ،في مؤلفه ،علم االجتماع األمريكي،
ترجمه إلى اللغة العربية ،محمد ،الجوهري و أحمد ،زايد .دار املعا ريف ،القاهرة1981 ،م.
من أجزاء أومظاهر مرتبة بشكل منظم .يقال مكون 44النسق هو مجموعة من العناصر املتصلة مع بعضها البعض واملتفاعلة في ما بينه،ويفترض في ذلك وجود نظام
النسق الفوقي supersystemلداللة على النسق الثقافي الكلي للسكان ،والذي يتصف بالتكامل إلى حد ما ،واملتكون من اللغة والدين والفنون واألخالق والعلم…أنظر زكي
أحمد بدوي ،معجم مصطلحات العلوم االجتماعية ،مكتبة لبنان ،بيروت ،الطبعة الثانية ،1993 ،ص.419 ،
45أحمد ،زايد وآخرون ،مرجع سبق ذكره .ص.22 ،
20
.4املحافظة على نمط وهوية وحدود النسق.
تختلف األنساق االجتماعية فيما بينها ،تبعا لعدة معايير ،فمن حيث الحجم ،هناك األنساق
الكبيرة والصغيرة .أما من حيث كثافة االتصال باملحيط الخارجي ،فهناك األنساق املفتوحة واألنساق
املغلقة .كما أن هناك األنساق املرنة والصلبة من حيث درجات املقاومة .46أما عالقة النسق بالبيئة
املحيطة به ،فتتحدد من خالل نظام املدخالت واملخرجات ،47فالنسق إذن ،يتفاعل مع املحيط العام.
تتحدد استجابة النسق أثناء التفاعل من خالل قواعد التحويل « Les Règles de
»transformationأي مجموعة القواعد ،التي تحكم فعل النسق تجاه ما يستقبله من مؤثرات .كما
تتفاعل األنساق في سياق القواعد االجتماعية واالقتصادية العامة .إال أنها تختلف في قدرتها على تطوير
بما أن النسق يعيش حالة توازن ،فإن التغير يحدث فيه بشكل تدريجي .كما أنه يحدث في الغالب
من خالل استجابة املو افقة للتغيرات الخارجية ،التي تتمثل في انتشاراملعرفة العلمية والتكنولوجية .أما
التغيرات الخارجية ،فإنها تحدث توترات في داخل النسق ،قد تحدث خلخلة وتفاعالت ،من شأنها أن
تؤدي إلى تغيير أدواره ووظائفه .إال أنه قد يتكيف معها ويبقى يؤدي نفس األدوار والوظائف ،التي كان
عليها .مما يؤهله لكي يكون نسقا متصال بالجماعة ،وذا أهمية في أداء وظائفه وأدواره .أما إذا فشل في
التكيف مع هذه املتغيرات ،فإنه يصبح نسقا هامشيا ،ومعزوال ،وقد يتم نفيه أحيانا.49
46للتعمق أكثر في وظائف النسق كما صاغها تالكوت بارسونز ،أنظر :جي روشيه ،في مؤلفه ،علم االجتماع األمريكي ،ترجمه إلى اللغة العربية ،الجوهري محمد و زايد
أحمد ،مرجع سبق ذكره.
47املقصود باملدخالت كل املؤثرات الخارجية على النسق ،أما املخرجات فمعناها االستجابات التي يرد بها النسق أثناء تفاعله مع املؤثرات الخارجية .أنظر :أحمد ،زايد.
وآخرون ،الكتاب العلمي السنوي األول ،األسرة في الجزيرة العربية ،مرجع ذكر سابقا ،ص.23 ،
48يرجى العودة إلى :سامية ،الخشاب .النظرية االجتماعية ودراسة األسرة ،دار املعارف ،القاهرة ،1982 ،ص.32-13 ،
49محمد ،الجوهري و آخرون ،التغير االجتماعي ،دار قطري بن الفجاءة ،الدوحة ،1984 ،ص ص.132-128 ،
21
تعتبراألسرة ،تبعا لهذا التصور ،نسقا متكونا من عدة وحدات متفاعلة في ما بينها .كما أنه ينتمي
إلى محيط أوسع .تندرج الوحدات االجتماعية في مستوياته ،حيث تبدأ بالدوائر القرابية ،ثم الدوائر
اختلف الدارسون لألسرة ،على مستوى تحديد الوحدة األساسية لنسقها ،يمكن التمييز بين
اتجاهين أساسيين :أولهما يذهب إلى كون كل عضو في األسرة هو وحدة للتحليل النسقي ،مع األخذ بعين
االعتبار التغير املستمر لهذه الوحدة /العضو /بسبب خروج األعضاء من األسرة ،إما للزواج أو الهجرة أو
السفر أو الطالق أوالوفاة وإما بدخول أعضاء جدد ،عن طريق الوالدة أو الزواج أوالزيارات .أما االتجاه
الثاني؛ فيذهب إلى تحديد استاتيكي لألسرة ،إذ يعتبر النسق األسري ،يتكون أساسا من مجموعة من
األدواراملحددة معياريا ،مع األخذ باالعتبارإمكانية التداخل أوالتبادل بين هذه األدوار.
أما تحديد األدوار ،فإنه يختلف تبعا الختالف نقطة الدراسة ،ففي دراسة الزواج ،يتم الحديث
عن دور الزوج والزوجة ثم األوالد .أما في دراسة التنشئة االجتماعية ،فإنه يتم الحديث عن دور القائد
والتابع .بينما يتم الحديث عن دور الجد ودور األب واألم واألحفاد أثناء دراسة عالقات األجيال .على
يؤدي النسق األسري عدة وظائف ،سواء تعلق األمر بأعضائه أو بمحيطه العام ،حيث يساهم في
تنشئة أعضائه ويقدم لهم الحماية ،والدفء العاطفي .أما بخصوص محيطه العام ،فإنه يغرس في
تسعى األسرة في الغالب ،إلى إقامة حدود بينها وبين البيئة املحيطة بها ،أي أنها تر اقب الحدود،
مما يؤكد على أن األسرة تقوم بعملية تصنيف املؤثرات القادمة إليها من الخارج إلى :مؤثرات تو افق
محمد ،الجوهري و آخرون ،التغير االجتماعي ، ،ص. 132 -128 . 50
أنظر :سامية ،الخشاب .مرجع سبق ذكره ،ص. 32-13 ، 51
22
هذا التصنيف ،الذي تقوم به األسرة ،يجعلها تبعد وتقص ي مؤثرات النوع األول ،بينما تبقي
مؤثراتالنوع الثاني هي السائدة لكونها تنسجم مع رغباتها ورغبات أعضائها ،من خالل عملية التصنيف
ليس هناك أي اتفاق على مستوى درجات اتساع هذه الحدود ،إذ هناك من الدارسين من
يحصرها في املستوى القرابي املرتبط بوحدة املعيشة ،في حين يوسعها البعض اآلخر لتشمل دائرة
األصدقاء.52
لم يقف اختالف الدارسين لألسرة ،عند درجات اتساع حدود النسق األسري فقط ،بل اختلفوا
كذلك ،حول درجات اتساع بيئة النسق األسري ،أي مجموع األنساق ،التي يتفاعل معها.
يذهب البعض من الدارسين وخاصة املتأثرون باالتجاه الوظيفي ،إلى تضييق األنساق ،لتشمل
فقط عمل الزوج والزوجة واملدرسة في عالقتها باألوالد ،ثم األوساط االقتصادية واالجتماعية
والسياسية ،التي لها صالت باألسرة .بينما نجد املتأثرين باالتجاهات األخرى (البنيوي /املاركس ي)...
يسعون إلى تحليل وحدة املعيشة كوحدة منتجة ،ومستهلكة في سياق عالقاتها باألنساق الكبرى ،كنظام
.4.4نظرية التبادل
انتهى هومانز وبيتر بالو في الستينيات من القرن املاض ي ،من أعمالهما التي همت الجماعات
الصغيرة،بنظرية مفادها أن السلوك اإلنساني قائم على عالقات التبادل .خالل السبعينيات ،تطورت
النظرية التبادلية نتيجة تراكم األعمال ،التي استفادت من فرضيات كليهما .54على الرغم من كونهما
23
انطلق هومانز ،باعتباره باحثا في علم النفس السلوكي ،من فرضية أساسية مفادها أن السلوك
البشري يتحدد انطالقا من الحاجة .أما بيتر بالو فقد اعتبر ،بأن التبادل عملية تتم بين فاعلين ذوي قيم
ومعايير وليس مجرد أفراد تتحكم فيهم الغرائز والرغبات .يشكل هذا املنطلق تقاربا بين بيتر بالو
والتفاعلية الرمزية .إذا كان االنطالق من مسلمات متباينة بين الباحثين ،فإنهما خلصا إلى كون التفاعل،
سواء تعلق األمر بتفاعل ضيق بين أفراد أوتعلق األمر بتفاعل واسع بين مؤسسات ،فإنه يقوم دائما على
تبادل أشياء بأشياء .55أما مسلمات نظرية التبادل فيمكن إجمالها في التالي:56
.1يسعى البشر في معظم سلوكياتهم ،إلى تجنب السلوك املكلف وإلى إعطاء أهمية كبرى للفائدة
املترتبة على هذا السلوك .كما أنهم يميلون إلى تطبيق نفس املبدأ في العالقات االجتماعية .وألن العالقة ال
تخلو من تكلفة ،فإن أهمية الفائدة تتضمن قدرا من التكلفة ،فالسلوك إذن ،يتأسس انطالقا من
.2السلوك البشري :هو حصيلة لعمليات املقارنة واملوازنة بين البدائل املختلفة وفقا ملبدأ
التكلفة والعائد ،هذه العمليات تنتهي إلى اختيار؛ لذا فالحياة هي سلسلة من االختيارات ،تنبني في
إن التفاعل بين الناس يتحول إلى نوع من التبادل ،الذي يتميز بالوضوح والصراحة في نوعية من
العالقات وبالغموض في نوعية أخرى من العالقات ،مثلما ،توجد عليه عالقات التجارة وعالقات
الصداقة.
.3التبادل ال يكون دائما ماديا ،بل يشمل حتى ما هو معنوي ،من قبيل البحث عن األمن
24
فاألسرة من املنظور التبادلي هي:مجموعة من الفاعلين الذين يعيشون حياة مشتركة ،يحققون
تقوم التبادلية في األسرة على جوانب معنوية أكثر منها مادية ،حيث تخضع في الغالب ،إلى
التبادلية العامة في املجتمع .على الرغم من كون األطراف املختلفة في األسرة ،تدرك تماما أن العالقات
تنبني على املنفعة وتسعى إليها .إال أن كل طرف يدرك أهمية وجود الطرف اآلخر ،ويتصرف تجاهه في
يكون التفاعل األسري من هذا املنظور ،تفاعال ال يخلوا من تبادل للمنافع ،وحساب للتكلفة
والعائد ومقارنة بين البدائل املتاحة التي تدفع كل طرف في التفاعل إلى اختيار نمط السلوك ،الذي
يتو افق معه .57يتم التركيز في دراسة األسرة من املنظور التبادلي على :دراسة مستويات التبادل عن طريق
التمييز بين التبادل بين الزوجين ،وهو املستوى األول .يكون التبادل في هذا املستوى يوازي نمط التبادل
بين األصدقاء .كما أنه ،يختلف عن التبادل املادي ،ألنه ال يخضع ملنطق املساومة وال يقابل كل إثابة
بمثلها أو كل عقاب بمثله .58تمنح اإلثابة من أجل تقوية العالقات وليس من أجل ش ئ آخر ،لهذا يتحول
التبادل في هذه الحالة إلى إشباع في حد ذاته ،كالتبادل في الزواج حيث يزيد من اإلحساس بالسعادة
واألمن .أما املستوى الثاني ،فهو تبادل بين اآلباء واألبناء ،ويختلف عن املستوى األول ،لكونه يقوم على
عدم التكافؤ ،إذ يعطي اآلباء أكثر من املقابل الذي يأخذونه من أبنائهم .يتميز هذا النوع من التبادل،
موضوع خروج املرأة إلى العمل وما يترتب عليه من حساب للتكلفة والعائد. •
25
التبادل األسري في أنماط ثقافية مختلفة ،و في أنماط الزواج املختلفة. •
26
.5.4التفاعلية الرمزية
تطورت التفاعلية الرمزية في قسم علم االجتماع بجامعة شيكاغو بأمريكا في العشرينيات من
القرن املاض ي ،معتمدة على املدرسة الفلسفية النفعية ،التي كانت تهتم بدراسة العالقة بين الكائن
والبيئة .من أبرز مؤسسيها ،نجد كل من توماس كولي وجورج هربرت ميد .60أما اهتمامنا في هذا البحث
بالنظرية التفاعلية الرمزية فسينحصر في عالقتها باألسرة .إن التفاعلية الرمزية مثلها مثل البنائية ـ
الوظيفية ،بحيث كانت خالل الستينيات والسبعينيات من القرن املاض ي قوة فكرية سائدة في النظرية
السوسيولوجية ،خاصة بالواليات املتحدة األمريكية .61على الرغم من تراجع أهميتها في الفترة األخيرة،
فإنها ما تزال تمثل اتجاها فكريا هاما في السوسيولوجيا .62تعود جذور التفاعلية الرمزية إلى الفلسفة
البراكماتية؛ بمعنى أنها تعتمد على ما هو نفعي .مثلما تعتمد على السلوكية النفسية .بعد ذلك أخذت
منحى آخرا ،حيث مالت إلى تفسير البيئة سوسيولوجيا ،إنطالقا من تفسير العالقة بين الكائن الحي
ومحيطه .63لقد تطورت هذه النظرية بجامعة شيكاكو بالواليات املتحدة األمريكية في مرحلة العشرينيات
من القرن املاض ي .من أهم مؤسس ي هذه النظرية؛ نجد كل من تشارلزكولي وروبرت بارك
تنظر املدرسة التفاعلية الرمزية إلى األسرة ،كونها وحدة من الشخصيات املتفاعلة فيما بينها
واملحكومة بأنماط من العالقات والسلوك ،وفي كنفها تتم التنشئة االجتماعية ،التي تركز على كيفية
اكتساب اإلنسان ألنماط السلوك والقيم وطرق التفكير ،ثم املشاعر التي تميز املجتمع .64كما يرى
أصحاب هذه املدرسة على أن :الفرد يفعل وينفعل ويتفاعل ،فهو مثير ومستجيب وقائم بالفعل
االجتماعي .تقوم الحياة االجتماعية في األسرة على تبادل الفعل واالنفعال وتداخل السلوك .فاألسرة عند
60إيان ،كريب .النظرية االجتماعية من بارسونز إلى هابرماز ،ترجمة ،محمد حسين غليوم ،سلسلة عالم املعرفة ،املجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت ،
،1999ص129 ،ـ.130
61أحمد سالم ،األحمر .علم االجتماع األسرة :بين التنظير والواقع املتغير ،الطبعة األولى ،دار الكتب الوطنية ،بنغازي 2004 ،ص 67
62
63
علياء ،شكري .وآخرون .قراءات في األسرة ومشكالتها في املجتمع املعاصرة ،دار الثقافة للطباعة والنشر ،القاهرة .1974 ،ص.108 . 64
27
ّ
التغير داخلها فهو نتيجة التفاعل بين رواد هذا االتجاه هي مجال لحدوث الفعل االجتماعي .أما
أفرادها.65
يقوم التفاعل على عملية تمثيل الدور˝ ˝ Roletakingحيث يتم بطريقة ديناميكية مستمرة،
بحيث كل عضو في األسرة يقوم بتمثيله لدور يتقاطع ويتداخل مع األدوار األخرى .كما ،تتحدد مساحته
بباقي األدوار .يقوم التفاعل أيضا ،من خالل التوقعات املتبادلة ،التي تضبط السلوك وتتحكم في
التنشئة االجتماعية .66كما أن تمثيل األدوار في األسرة مرتبط بعالقات املكانة ˝ ˝Statusوبمراكز صنع
القرار و تقليد الدور والجماعة املرجعية .يرتبط كذلك ،بمشكالت االتصال وبعمليات التنشئة
االجتماعية .فالتركيز هنا يكون على األسرة كعملية وليس كوحدة استاتيكية ،67وبالتالي ،فإن الباحثين في
ّ
التغير .تبقى هذا االتجاه ،لم يتعاملوا مع دراسة األسرة في شموليتها إلبراز معظم املؤثرات وديناميات
اإلشارة إلى كون رواد هذا االتجاه لم يهتموا باألسرة ،كوحدة من األشخاص في مجتمع كلي ،تميزه إطارات
اقتصادية واجتماعية وسياسية ،متنوعة ومـختلفة ،مشكلة لعناصر ّ
التغير االجتماعي ،بل كوحدة من
الفاعلين الذين يعيشون في بيئة رمزية خاصة ،هي األسرةوفي بيئة أخرى عامة ،هي املجتمع املحيط بهم.
إن العالم الرمزي والثقافي ،يختلف باختالف البيئة اللغوية أو العرقية أواالختالفات الطبقية
لألفراد ،بناء على هذه الفرضية؛ فإن التفاعلية الرمزية تهتم بدراسة طبيعة االختالفات بين العالم
الرمزي للزوج والزوجة وتأثيرهذه االختالفات على تحديد أدوارهما وعلى طبيعة وحجم التفاعل بينهما.68
لقد أكدت معظم الدراسات في هذا االتجاه ،أنه كلما كان العالم الرمزي مختلفا ومتباينا؛ مثل ما
يحدث في العالقات الزواجية ،التي تتم بين أفراد ينتمون إلى بيئات لغوية وثقافية مختلفة ،كلما تبلورت
توقعات األدوار بينهما بشكل بطيء وعرف التفاعل بينهما درجات من التوتر والصراع ،وأنه كلما كان
الطرفان ينتميان إلى نفس العالم الرمزي ،كلما كان التفاعل بينهما إيجابيا .69في إعتقادي أن هذا االتجاه
فهد عبد الرحمان ،الناصر .دراسات في علم االجتماع العائلي .كلية اآلداب جامعة الكويت .الطبعة األولى .1997 .ص.62 . 65
68 T, Parsons. And F, Bales. Family socialization and interactions process, N. J., Free Press, 1955.P. 208.
28
يمكن توظيفه اليوم في فهم الصراعات األسرية وارتفاع نسبة الطالق في العديد من املجتمعات ،خاصة
على الرغم من أن التفاعل بين اآلباء واألبناء ،يوجه من طرف اآلباء ،بحيث يعتبرون مسؤولين
عن تنشئة أبنائهم .إال أن اختالف الظروف االجتماعية ،التي أثرت على كل من اآلباء واألبناء ،جعلت
امكانية هذا التفاعل محدودة نسبيا ،نظرا لبروز مجموعة من الحقول االعالمية واملعرفية ،التي أصبح
إن اختالف املؤثرات الخارجية ،التي يتعرض لها كل منهما ،ترفع من احتمال اختالف العالم
الرمزي لكل من الجيلين .من هذا املنطلق ،تكون أشكال التوتر والصراع بين األجيال املختلفة في األسر
أوأشكال الصراع داخل النطاق القرابي ،تعود باألساس إلى تعدد العقليات واملرجعيات ،التي تؤسس
فالتفاعل إذن ،داخل األسرة ،يعكس البيئة الرمزية والثقافية،التي يستوعبها أفرادها في ذواتهم،
بل إن األسرة ،نفسها تلعب دورا محوريا في نقل البيئة الرمزية إلى أفرادها وذلك من خالل عملية
التنشئة االجتماعية.70
التنافس بين أعضاء األسرة وعالقة هذا التنافس بالتمكن من العالم الرمزي والقدرة •
29
مستوى اإلشباع في األسرة ونوعية الحياة الزوجية. •
ما يترتب على أداء مختلف األدوارمن ضغوط وتوترات وصراعات. •
إن تركيز النظرية التفاعلية الرمزية على هذه املواضيع ،جعلها تلتقي مع املقاربة السلوكية
االجتماعية من حيث نظرتها إلى األسرة ،فكال االتجاهين يعرف األسرة على أنها وحدة من الشخصيات
املتفاعلة فيما بينها ،وتمارس عالقات تتسم باالستمرارية .تركز النظرية التفاعلية الرمزيةكذلك ،على
دراسة الجوانب السلوكية ،التي تتجلى بوصفها استجابة للمو اقف االجتماعية .انطالقا من هذا
التصور ،تكون األسرة موقفا اجتماعيا 71في سلوك اإلنسان ،أي أنها بالنسبة ألعضائها ،تعتبر مجموعة
يركزأصحاب هذا االتجاه ،على عدد من املوضوعات املهمة من قبيل ،أهمية الوحدات الصغرى
في التحليل ،من أهمها نمو الطفل والعمليات الداخلية في األسرة واألزمات األسرية .كما يركزون
اهتمامهم ،أيضا ،على املفاهيم ذات الصلة األساسية باملوقف االجتماعي؛ مثل مفاهيم الدور ˝˝ Role
.6.4البنيوية الوظيفية *
إن دراسة البنيوية الوظيفية ،تستدعي الحديث عن النظرية الوظيفية ،التي تعد من أكثر
النظريات انتشارا في دراسة األسرة ،حيث ركزت أساسا ،على معرفة كيف ترتبط األسرة بباقي املؤسسات
األخرى املوجودة في املجتمع ،من جهة ،من جهة أخرى تركز على األجزاء ،التي يتكون منها النسق األسري
وعلى ارتباط أعضائها بعضهم ببعض عن طريق التفاعل والتساند الوظيفي .كما تركز االهتمام على كل
30
جزء وعنصر في النسق ،باعتباره مؤديا لوظيفة معينة 74داخل النسق العام .تأتي مقاربة األسرة في إطار
النظرية الوظيفية انطالقا من التعريف اإلجرائي ،الذي يعطيه دوركايم لألسرة ،فهذه األخيرة في نظره
ليست مجرد تجمع طبيعي لألبوين وما ينجبانه من أطفال ،مثلما يعتقد ،بل هي مؤسسة اجتماعية
وجدت ألسباب اجتماعية ،إذ يرتبط أعضاؤها ببعضهم البعض حقوقيا وخلقيا .75إن النظرية
الوظيفية ،تسعى في تناولها لألسرة ،إلى توضيح وجود األسرة عن طريق إبراز وظائفها االجتماعية .فالقول
بكون األسرة مؤسسة تنجز وظائف عديدة ،يعني أن لها تأثيرات عدة على باقي املؤسسات ،76التي ترتبط
معها في إطارعالقات تحدد طبيعتها ونوع الوظيفة ،التي تسديها لألسرة .تذهب الوظيفية كذلك ،إلى كون
األنشطة ،التي تقوم بها مؤسسة األسرة ،يكون لها تأثير على املؤسسات االجتماعية األخرى ،وتؤثر،
لدراسة األسرة ،تركزالنظرية الوظيفية على ثالثة أنواع من الوظائف األساسية وهي*:
.2وظائف األنساق الفرعية داخل األسرة ،سواء بالنسبة لألسرة ككل أو بالنسبة لبعضها
البعض.
يمكن القول إذن ،بأن النظرية الوظيفية ،تركزأثناء دراستها لألسرة على:
75 Emile, Durkheim. «La famille conjugale», Revue philosophique. Janvier- Fevrier, 1921. Paris. P.6.
31
.3العالقة بين األسرة والشخصية.
بهذا املعنى يكون مفهوم األسرة ،بنية أو نسقا ،مكونا من عدة أعضاء تتفاعل فيما بينها ،وتعتمد
على بعضها البعض .78كما أنها تعتبر أصغر نسق اجتماعي ˝ ˝ SocialMicro-systemيدخل في تشكيل
املجتمع ،الذي هو نسق أكبر˝ ،˝ Macro-systemوتلبي حاجياته ومتطلباته .كما تقوم بوظائفها
يبدو هذا التمييز الدقيق ،بين وحدات املجتمع واضحا لدى البنيوية الوظيفية وذلك من خالل
رؤيتها لألسرة كنسق اجتماعي ،ذات أجزاء مكونة له ،يربط بينها التفاعل واالعتماد املتبادل .80يركز رواد
هذه املقاربة على العالقات الداخلية للنسق العائلي وعلى العالقات بين األسرة واألنساق االجتماعية81؛
أي أنها تنظر إلى األسرة على أساس ،أنها نسق اجتماعي ،ذا أجزاء مكونة ،يربط بينها التفاعل واالعتماد
تركز البنيوية الوظيفية ،على الترابط املنطقي بين األدواراالجتماعية األساسية ،التي تتكون منها
األسرة ،مثل دور األب و دور األم ثم دور االبن واالبنة .كما أنها تؤكد أنه على إثرهذه األدوار ،تتطور األسرة
والجماعة واملجتمع الكبير83؛ أي أنها تهتم بدراسة أثر وظائف األسرة على املجتمع .تهدف من وراء ذلك،
توضيح الترابط الوظيفي بين النسق األسري وبقية أنساق املجتمع األخرى.
.7.4املقاربة التنموية
» approachمن أهم املقاربات الحديثة .لقد ظهرت سنة 841930؛ تتميز باختالفها عن املقاربات
السابقة ،في كونها تحاول التوفيق بين مختلف املقاربات ،مما يجعل منها مقاربة شمولية .تشتركمع
32
التفاعلية والسلوكية االجتماعية في كونها تنظر ،إلى األسرة كوحدة مكونة من "شخصيات " متفاعلة
فيما بينها .غير أنها ال تنطلق من التفاعل في حد ذاته وال من السلوك املتأثر باملوقف وإنما تنطلق من
مراحل تطور األسرة .85كما أنها تلتقيمع البنيوية الوظيفية في استعمالها ملفهوم النسق.
تلتقي النظرية التنموية في بعض العناصر األساسية مع النظريات السابقة .غيرأنها تختلف معها
في كونها تدرس التغير األسري ،الذي يحدث بمرور الزمن داخل نسق األسرة .تدرس ،أيضا ،التغير في
مختلف أنماط التفاعل ،التي تحدث داخلها ،مستخدمة في ذلك عامل الزمن كأداة تصورية أساسية؛
وذلك من خالل استعمالها ملفهوم دورة حياة األسرة»Family life cycle « *86التي تعد أداة وصفية
ملقارنة بناءات ووظائف التفاعل الزواجي واألسري في مراحل مختلفة من النمو .87فاألسرة تسعى؛ إلى
تحقيق متطلبات اقتصادية واجتماعية وسياسية ،الش يء الذي يزيد من حدة التوتر داخلها ،مما يؤثر
33
إن السعي لتحقيق هذه املطامح ،يؤدي إلى تفاعل عناصر النسق القرابي واألسري ،لكون
تحقيقها ،يكون مصحوبا باحتمال وقوع مجموعة من الصعوبات االقتصادية والسياسية واالجتماعية
والبيئية أمام األسرة ،مما يحول دون تحقيق واجباتها أو مهامها التنموية.
تركز النظرية التنموية على دراسة ديناميات التغير األسري ،عكس الدراسات التاريخية
أواألنثروبولوجية ،التي كانت موجهة إلى قضايا ديموغر افية و ثقافية .88مما جعل نتائجها تركز على
جانب االستمرارية.89
تؤكد املقاربة التنموية على التغير في الحياة األسرية ،وذلك لكونها تسعى إلى تحقيق متطلبات
اقتصادية ،بيولوجية وثقافية وكل املطامح الشخصية ،فتحقيق هذا اإلشباع؛ يؤدي إلى إحداث تغيرات
داخل األسرة .كما أن عدم تحقيقه يؤدي ،كذلك ،إلى إحداث تغيرات داخلها .تكون األوضاع التي تؤول
إليها ،و اقعة في إطار دورة حياة األسرة .لذلك ،فهي تركز على دراسة التغير األسري في كل مراحله .إن في
مرحلة ثراء األسرة أو فقرها يقع التغير ،أيضا ،عند نقل أب األسرة إلى منصب آخر ،أو مروره إلى شغل
آخر ،يقع تغير في الجماعة األسرية ،بحيث لن تعود نفس األسرة .كما أنه ،لن تعود نفس الذاكرة
الجماعية .أما الوضع االقتصادي فلن يبقى هو نفسه ،90ألن التغيرات ،التي تحدث في املجتمع العام،
من هنا كان االنتباه إلى كون األسرة تتأثر بالزواج والوالدات والوفيات ،91ثم هناك عوامل أخرى
تساهم في ّ
تغير شكلها ووظائفها .لقد ذهبت دراسات عديدة ،إلى كون األسرة تتأثر بالوسط االجتماعي
الذي توجد فيه ،وكذا بالنشاط الداخلي لها وبالتفاعل فيما بين أعضائها ،تتأثرأيضا ،بالتفاعل فيما بين
91 Centre Français sur La Population et le Développement. Ménages et familles en Afrique , Approches des dynamiques contemporaines. E H E S S
34
باإلضافة،92 كما أنها تتأثر بعالقاتها بالدولة وبالحقل السياس ي وبالعوامل التاريخية.أسر النسق القرابي
بهذا تكون،إنها مجموعة صيرورات جعلت لكل فترة زمنية شكلها األسري واملجتمعي الخاص بها
والثقافية للمجتمع؛ وبناء عليه يمكن توقع، واالقتصادية والسياسية،األسرة هي نتاج القوة االجتماعية
الذي، يبقى هذا هواإلطار الكامل، سواء فيما يتعلق بامتدادها أوتقلصها،ورسم مختلف تشكيالتها
املراجع
Ouvrages
• (en) J. Aldous, Family Careers, Thousand Oaks, Sage, 1996
• Philippe Ariès, L'enfant et la vie familiale sous l'ancien Régime, Paris, Seuil,
1973
• Claudine Attias-Donfut et Martine Segalen, Grands-parents, la famille à travers les
générations, Paris, Odile Jacob, 1998
• Claudine Attias-Donfut et al., Le nouvel esprit de famille, Paris, Odile Jacob, 2002
92 Segalen Martine. Sociologie de la famille. Armand Colin - Masson, Paris. 4eme Edition, 1996 .P. 8.
93 C E RE D. Famille à Fès, changement ou continuité, Les réseaux de solidarite familiale, 1991. P. 13.
35
• Sylvie Cadolle, Être parent, être beau-parent : La recomposition de la famille,
Paris, Odile Jacob, 2000
• (en) Andrew Cherlin, Marriage, Divorce, Remarriage, Revised and Enlarged
Edition : Social Trends in the United States, Cambridge, MA, É.-U., Harvard University
Press, 1992, 244 p. (ISBN 9780674550827)
• (en) Andrew Cherlin, Public and Private Families, Boston, McGraw Hill, 1999
• Catherine Cicchelli-Pugeault et Vincenzo Cicchelli, Les théories sociologiques de la
famille, Paris, La Découverte, 1999
• Josette Coenen-Huther, La mémoire familiale, Paris, L’Harmattan, 1994
• Josette Coenen-Huther, J. Kellerhals et M. von Allmen, Les réseaux de solidarité dans la
famille, Lausanne, Réalités sociales, 1994
• Jacques Commaille, Misères de la famille, question d’État, Paris, Presses de
Sciences Po, 1996
• Jacques Commaille et François de Singly (dir.), La question familiale en
Europe, Paris, L’Harmattan, 1997
• Jacques Commaille et Claude Martin, Les enjeux politiques de la famille, Paris,
Bayard, 1998
• Jacques Commaille, Pierre Strobel et Michel Villac, La politique de la famille, La
Découverte, 2002
• (en) J. R. Eshleman, The Family : An Introduction, Boston, Allyn and Bacon, 1997
36
• Serge Guérin (dir.), De la Famille aux familles, Paris, La Documentation Française,
2007
• Martine Segalen (dir.), La famille en Europe, parenté et
Marianne Gullestad et
perpétuation familiale, Paris, La Découverte, 1995
37
• Martin, P. Des familles et des enfants : analyse bibliographique et approche
méthodologique, 1988
• Agnès Martial, S’apparenter, ethnologie des liens de familles recomposées,
MSH, 2003
• Georges Menahem, "Les rapports domestiques entre femmes et hommes
s'enracinent dans le passé familial des conjoints" , Population, no 3, INED,
Paris, 1989
• Georges Menahem, "Activité féminine ou inactivité : la marque de la famille
du conjoint", Économie et Statistique, no 211, INSEE, Paris, 1988
• Georges Menahem, "L'activité professionnelle des mères a augmenté les
chances de réussite de leurs enfants", Économie et Statistique, no 211,
INSEE, Paris, 1988
• Georges Menahem, "Trois modes d'organisation domestique selon deux
normes familiales font six types de famille", Population, no 6, INED, Paris,
1988
• Andrée Michel, Sociologie de la famille et du mariage, PUF, 1972
• Murdock G.P, La structure sociale, Paris, Plon, 1949
• (en) D.H. Olson et J. DeFrain, Marriage and the Family : Diversity and Strengths,
Mountain View (CA, É.-U.), Mayfield Publishing Company, 1997
• (en) D.H. Olson, Hamilton I. McCubbin, Howard Barnes, Andrea Larsen, Marla Muxen et Marc
Wilson, Families : What Make them Work, Beverly Hills - Londres, Sage, 1983
38
• François de Singly et Sylvie Mesure (dir.), « Le lien familial », Comprendre, Paris, PUF,
no 2, 2001
• François de Singly, Fortune et infortune de la femme mariée, Paris, PUF, 1987
• François de Singly (dir.), La famille, l’état des savoirs, Paris, La Découverte, 1991
• François de Singly, Sociologie de la famille, Paris, Nathan, 1993
• François de Singly, Le soi, le couple et la famille, Paris, Nathan, 1996
• François de Singly, Libres ensemble : L’individualisme dans la vie commune,
Paris, Nathan, 2000
• François de Singly, Famille et individualisation, Paris, L’Harmattan, 2001, 2 tomes
• François de Singly, Les uns avec les autres, Paris, Armand Colin, 2003
• François de Singly (dir.), Enfants, adultes : Vers une égalité de statuts ?, Paris,
Universalis, 2004
• Évelyne Sullerot, La crise de la famille, Paris, Hachette, 2000
• (en) M.B. Sussman, S.K. Steinmetz, G.W. Peterson et al., Handbook of Marriage and the
Family, New York, Plenum, 1999
39
• « Le lien familial », Comprendre, PUF, no 2, 2001
• « De l’intimité », Sociologie et sociétés, vol. XXXV, no 2, 2003
• « L’internet en famille », Réseaux, no 123, 2004
• « Familles et politiques familiales », Cahiers français, La Documentation Française, no 322, sept.-
oct. 2004
40